P
تمَّ تنزيل هذا الكتاب من موقع الورَّاق – جزاهم اللَّه خيراً
المَعَارِف
ابنُ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيّ
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة المؤلف
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الكاتب الدينوري.
هذا كتاب: جمعت فيه من المعارف ما يحق على من أنعم عليه بشرف المنزلة، وأخرج بالتأدب عن طبقة الحشوة وفضل بالعلم والبيان على العامة، أن يأخذ نفسه بتعليمه، ويروضها على تحفظه. إذا كان لا يستغني عنه في مجالس الملوك إن جالسهم، ومحافل الأشراف إن عاشرهم، وحلق أهل العلم إن ذاكرهم. فإنه قل مجلس عقد على خير، أو أسس لرشد، أو سلك فيه سبيل المروءة إلا وقد يجري فيه سبب من أسباب المعارف.
إما في ذكر نبي أو ذكر ملك أو عالم أو نسب أو سلف أو زمان أو يوم من أيام العرب، فيحتاج من حضر إلى أن يعرف عين القصة، ومحل القبيلة وزمان الملك، وحال الرجل المذكور، وسبب المثل المشهور.
فإني رأيت من الأشراف من يجهل نسبه، ومن ذوي الأحساب من لا يعرف سلفه، ومن قريش من لا يعلم من أين تمسه القربى برسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الرحم بالأعلام من صحابته، ورأيت من أبناء ملوك العجم من لا يعرف حال أبيه وزمانه، ورأيت من ينتمي إلى الفصيلة وهو لا يدري من أي العمائر هي، وإلى البطن وهو لا يدري من أي القبائل هو. ورأيت من رغب بنفسه عن نسب دق فانتهى إلى رجل لم يعقب، كرجل رأيته ينتسب إلى أبي ذر ولا عقب لأبي ذر! وآخر ينتمي إلى حسان بن ثابت، وقد انقرض عقب حسان! وكآخر دخل على المأمون فكلمه بكلام أعجبه، فسأله عن نسبه، فقال: من طيء من ولد عدي بن حاتم! فقال له المأمون: لصلبه? فقال نعم. فقال المأمون: هيهات أضللت! إن أبا طريف لم يعقب! فكان سقوطه بجهله حال الرجل الذي اختاره لدعوته أقبح من سقوطه بالنسب الذي رغب فيه. وقد يكون الرجل متبوعاً في الأدب قد سمق فيه وأخذ بالحظ الأوفى منه، إلا أنه أغفل شيئاً من الجليل كان أولى به من بعض ما حفظ فيلحقه فيه النقيصة ويرجع عليه منه الهجنة كطالب غوامض الفقه، وقد أغفل أبواب الصلاة والفرائض. وطالب طرق الحديث، وقد أغفل متونها ومعانيها. وطالب علل النحو وتصاريفه وهو يلحن في رقعة إن كتبها وبيت شعر ينشده.
وكتابي هذا: يشتمل على فنون كثيرة من المعارف أولها مبتدأ الخلق وقصص الأنبياء وأزمانهم وحلاهم وأعمارهم وأعقابهم وافتراق ذراريهم ونزولهم بمشارق الأرض ومغاربها، وأسياف البحار والفلوات والرمال، إلى أن بلغت زمن المسيح والفترة بعده، ووصلت ذلك بذكر أنساب العرب مختصراً ذلك، ومقتصراً على العمائر ومشهور البطون.
ثم أتبعته أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسبه وذكر عمومته وعماته وجداته لأبيه وأمه وأظآره وأزواجه وأولاده ومواليه وأحواله في مولده ومبعثه ومغازيه إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم.
وأخبار العشرة من المهاجرين رحمهم الله تعالى. ثم الصحابة المشهورين، ثم الخلفاء من لدن معاوية بن أبي سفيان إلى أحمد بن محمد بن المعتصم المستعين بالله والمشهور من صحابة السلطان والخارجين عليهم من الخوارج، ثم التابعين ومن بعدهم من حملة الحديث وأصحاب الرأي، ومن عرف منهم بالترفض والتشيع والأرجاء والقدر وأصحاب الأخبار ورواة الشعر والغريب، وأصحاب النحو والمعلمين والمتهاجرين من الصحابة والتابعين، وأول من أحدث شيئاً بقي على مرور الأيام.
وذكرت المساجد المشهورة كالكعبة وبيت المقدس، ومسجد المدينة ومسجد البصرة ومسجد الكوفة ومسجد دمشق، ومتى ابتنيت، وعلى يد من أسست. ودللت على جزيرة العرب وحدود السواد والجزيرة بين دجلة والفرات وحدود نجد والحجاز وتهامة.
وأخبرت عن الفتوح وما كان منها عنوة وما كان عن صلح، وعمن جمع له العراقان عن فرق ما بين المهاجرين الأولين والمهاجرين الآخرين وعن المخضرمين، وعن سبب أضعاف الصدقة عن نصارى بني تغلب، وعن أديان العرب في الجاهلية؛ وعن صناعات الأشراف في الجاهلية، وعن أهل العاهات الذين كثرت فيهم، وعن البرص والعرج والصم والجدع والجذمى والحول والزرق والفقم والكواسج والصلع والبخر والعور والمكافيف.
وعن أشياء تتابعت في نسق ليس لها مثل، وعن المنسوبين إلى غير عشائرهم وآبائهم، وعن المسمين بكناهم، وعن ذكر الطواعين وأوقاتها، وعن الأيام المشهورة مثل يوم ذي قار، والفجارين وحلف الفضول، وحلف المطيبين وحرب بكر وتغلب وحرب داحس والغبراء، وعن قصص قوم جرى المثل بأسمائهم مثل قوس حاجب وباقل وقرطا مارية وخريم الناعم وحجام ساباط وشقائق النعمان وحديث خرافة وبرجان اللص وسحبان وائل الخطيب وطفيل الذي ينسب إليه الطفيليون وكنز النطف وندامة الكسعى. ومواعيد عرقوب وخفي حنين وعطر منشم. وأشباه ذلك.
وأخبرت عن ملوك الحيرة والردافة وعن ملوك فارس ملكاً ملكاً، ومددهم وجمل من سيرهم، وكان غرضي في جميع ما اقتصصت الإيجاز والتخفيف والقصد المشهور من الأنباء دون الغمور ولما يجري له سبب على ألسنة الناس دون ما لا يجري له سبب، ولو قصدت الاستقصاء لطال الكتاب، حتى يعجز عن نسخه فضلاً عن حفظه، ولاختلط الخفي بالجلي فمجته الآذان، وملته النفوس. والنفس إلى ما تعلم منه سبباً أكثر تطلعاً وأشد استشرافاً وهو بها ألصق ولها ألزم، وقد شرطت عليك تعلم ما في هذا الكتاب وتعرفه، ولو أطلته وذكرت ما بك عنه الغناء أكثر دهرك أتعبتك وكديتك وأحوجتك إلى أن تتلفظ منه شيئاً للمعرفة والحفظ وتنبذ منه شيئاً فكفيتك ذلك، واحتطت لك فيه بأبلغ الاحتياط، وعايرت على نظري بنظر للحفاظ من إخواننا والنساب. وأرجو أن أكون قد بلغت لك فيه همة النفس، وثلج الفؤاد ولنفسي ما أملت في تبصيرك وإرشادك من توفيق الله وحسن الثواب.
مبتدأ الخلق
قال أبو محمد رحمه الله: قرأت في أول سفر من أسفار التوراة أن أول ما خلق الله تعالى من خليقته السماء والأرض، وكانت الأرض خربة خاوية وكانت الظلمة على الغمرة وكانت ريح الله تبارك وتعالى ترف على وجه الماء.
فقال الله عز وجل ليكن النور، فكان نوراً فرآه الله حسناً فميزه من الظلمة وسماه نهاراً وسمى الظلمة ليلاً فكان مساء وكان إصباح يوم الأحد.
وقال الله تعالى ليكن سقف وسط الماء فليحل بين الماء والماء فكان سقفه، وميز بين الماء الذي هو أسفل وبين الماء الذي هو أعلى فسمى الله السقف سماء، وكان مساء وكان إصباح يوم الاثنين.
قال أو محمد: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا مالك بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قول الله عز وجل: "والبحر المسجور" الطور6 " قال: كان علي رضي الله عنه يقول: هو بحر تحت العرش وهذا شبيه بما ذكر في التوراة من أن السماء بين ماءين.
وعاد الخبر إلى التوراة: وقال الله عز وجل: ليجتمع الماء كله الذي تحت السماء إلى مكان واحد فليرَ اليبس، وكان كذلك فدعا الله عز وجل اليبس أرضاً، وسمى ما اجتمع من المياه البحور.
ثم قال الله تبارك وتعالى لتخرج الأرض زهرة العشب والشجر ذا الحمل كلاً لسوسه، فأخرجت الأرض ذلك فرآه الله حسناً، وكان مساء وكان إصباح يوم الثلاثاء.
وقال الله ليكن نوران في سقف السماء ليميزا بين الليل والنهار وليكونا آيات للأيام والسنين، فكان نوران الأكبر لسلطان النهار والأصغر والنجوم لسلطان الليل، فرآه الله حسناً وكان مساء وكان إصباح يوم الأربعاء.
وقال الله: ليحرك الماء كل نفس حية وليطر الطير على وجه الأرض في جو السقف، وخلق الله تنانين عظاماً، وحرك الماء كل نفس حية لجنسها وكل طائر لجنسه، فرأى الله ذلك حسناً فبركهن وقال: أثمروا وأكثروا، وكان مساء وكان إصباح يوم الخميس.
ثم قال الله تعالى: نخلق بشراً بصورتنا فخلق آدم من أدمة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة وقال: إن آدم لا يصلح أن يكون وحده ولكن أصنع له عيناً مثله، فألقى عليه السبات، فأخذ إحدى أضلاعه فلامها وسمي الضلع الذي أخذ امرأة لأنها من المرء أخذت، فقربها إلى آدم فقال آدم: عظم من عظامي ولحم من لحمي. ومن أجل ذلك يترك الرجل أباه وأمه ويتبع امرأته، ويكونان كلاهما جسماً واحداً وبركهما الله وقال: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وتسلطوا على أنوان البحور وطير السماء والأنعام والدواب وعشب الأرض وشجرها وثمرها ورأى كل ما خلق فإذا هو حسن جداً، وكان مساء وكان إصباح يوم السادس. فكمل كل أعمال الله التي عمل ثم استراح في اليوم السابع من خليقته فبركه وطهره.
ونصب ربنا الفردوس في عدن، وبها نهر يسقي الفردوس فانقسم على أربعة رؤوس: فجيحون وهو محيط بأرض خويلا كلها، وثم يكون أجود الذهب وحجارة البللور والفيروزج. واسم النهر الثاني: سيحون وهو محيط بأرض كوش والحبش. واسم النهر الثالث: دجلة وهو الذي يذهب قبل أثور. والنهر الرابع: الفرات. ونصف شجرة الحياة وسط الفردوس وشجرة علم الخير والشر. وقال لآدم كل ما شئت من شجر الفردوس، ولا تأكل من شجرة علم الخير والشر، فإنك يوم تأكل منها تموت.
وقال أبو محمد: يريد أنك تتحول إلى حال من يموت، وكانت الحية أمكر دواب البر، فقالت للمرأة إنكما لا تموتان إن أكلتما منها ولكن أعينكما تنفتح وتكونان كالآلهة، تعلمان الخير والشر.
فأخذت المرأة من ثمرها فأكلت وأطعمت بعلها فانفتحت أبصارهما وعلما أنهما عريانان فوصلا من ورق التين واصطنعاه أزراً، ثم سمعا صوت الله في الجنة حين بورك النهار فاختبأ آدم وامرأته في شجر الجنة فدعاهما. فقال آدم: سمعت صوتك في الفردوس، ورأيتني عرياناً فاختبأت منك. فقال: ومن أراك أنك عريان? ها! لقد أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها، فقالت: إن المرأة أطعمتني. وقالت المرأة: إن الحية أطعمتني! قال الله تعالى للحية: من أجل فعلك هذا فأنت ملعونة وعلى بطنك تمشين، وتأكلين التراب وسأغري بينك وبين المرأة وولدها فيكون يطأ رأسك، وتكونين أنت تلدغينه بعقبه.
وقال للمرأة: وأنت فأكثر أوجاعك وأحبالك وتلدين الأولاد بالألم، وتردين إلى بعلك فيكون مسلطاً عليك.
وقال لآدم ملعونة الأرض من أجلك وتنبت الحاج والشوك، وتأكل منها بالشقاء ورشح وجهك حتى تعود إلى التراب من أجل إنك تراب. وسمى الله امرأته حواء لأنها أم كل حي، وألبسها وإياه سرابيل من جلود، وقال إن آدم قد علم الخير والشر فلعله يقدم يده ويأخذ من شجرة الحياة فيأكل منها فيعيش الدهر، فأخرجه من مشرق جنة عدن إلى الأرض التي منها أخذ فهذا ما في التوراة!.
وأما وهب بن منبه: فذكر أن الجن كانت سكان الأرض قبل آدم فكفرت طائفة منهم فسفكوا الدماء، فأمر الله جنداً من الملائكة من أهل سماء الدنيا، منهم إبليس وكان رئيسهم فهبطوا إلى الأرض فاجلوا عنها الجان واستشهد على ذلك: بقول الله عز وجل: "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" الحجر:27 أي من قبل أن نخلق آدم فألحقوهم بأطراف التخوم وجزائر البحر، وسكن إبليس والجند الذي معه عمران الأرض وأريافها.
وكان اسم إبليس عزازيل، ثم ذكر خلق الله آدم وقال: ثم كساه لباساً من ظفر يزداد جلده في كل يوم حسناً، فلما أكلا من الشجرة انكشط عنهما اللباس، وكان له مثل شعاع الشمس حتى صار في أطراف أصابعهما من أيديهما وأرجلهما.
قال وخلقه يوم الجمعة ومكنه في الجنة ستة أيام.
وكان أول شيء أكلا في الجنة العنب وكانت الشجرة التي نهيا عنها شجرة البر.
وكان الله أخدم آدم الحية في الجنة، وكانت أحسن خلق الله، لها قوائم كقوائم البعير، فعرض إبليس نفسه على دواب الأرض كلها أنها تدخله الجنة فكلها أبى ذلك عليه إلا الحية فإنها حملته بين نابين من أنيابها ثم أدخلته الجنة.
قال: ولما تاب الله على آدم أمره أن يسير إلى مكة فطوى له الأرض وقبض عنه المفاوز فلم يضع قدمه إلى شيء من الأرض إلا صار عمراناً حتى انتهى إلى مكة، وكان مهبطه حين أهبط من جنة عدن في شرقي أرض الهند وأهبط الله حواء بجدة والحية بالبرية وإبليس على ساحل بحر الإبلة.
وقال ابن إسحاق: يذكر أهل العلم أن مهبط آدم وحواء على جبل يقال له واسم، من أرض الهند وهو جبل بين قرى الهند واليوم به الدهنج والمندل.
قال أبو محمد: والعرب تنسب الطيب واليلنجوج إلى المندل. قال الشاعر يذكر امرأة:
إذا برزت نادى بها في ثيابها * ذكي الشذا والمندلي المطير
والمندلي العود والمطير المشقق. قال: وكان آدم صلى الله عليه وسلم أمرد وإنما نبتت اللحا لولده بعده، وكان طويلاً كثير الشعر جعداً. آدم أجمل البرية، ولما هبط إلى الأرض حرث وغزلت حواء الشعر وحاكته بيدها.
وقال أبو محمد: وقرأت في التوراة أن آدم عليه السلام جامع امرأته حواء فولدت له قابيل فقالت: استفدت لله رجلاً ثم ولدت هابيل أخاه فكان قابيل حراثاً وكان هابيل راعي غنم، فقربا قرباناً فتقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل فقتل أخاه هابيل.
وقال وهب: إن آدم كان يولد له من كل بطن ذكر وأنثى وكان الرجل منهم يتزوج أي أخواته شاء إلا توأمته فأبى قابيل أن يزوج أخته التي هي توأمته هابيل فقال أنا أحق بها، فغضب آدم عليه السلام وقال اذهبا فتحاكما إلى الله تعالى بالقربان فأيكما قبل قربانه فهو أحق بها، فقربا القربان بمنى فمن ثم صار مذبح الناس إلى اليوم فنزلت نار فقبلت قربان هابيل فقتل قابيل هابيل ورضخ رأسه بحجر، واحتمل أخته حتى أتى وادياً من أودية اليمن في شرقي عدن فكمن فيه، فبلغ آدم ما صنع فوجد هابيل قتيلاً، وقد نشفت الأرض دمه فلعن الأرض فمن أجل لعنة آدم لا تنشف الأرض دماً وأنبتت الشوك.
قال أبو محمد: وفي التوراة أن آدم طاف على امرأته حواء فولدت له غلاماً سماء شيئاً من أجل أنه خلف من عند الله مكان هابيل، وولد لآدم أربعون ولداً في عشرين بطناً، وأنزل عليه تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وحروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة، وهو أول كتاب كان في الدنيا حد الله عليه الألسنة كلها.
قال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم قال: حدثني يحيى بن كثير قال: حدثنا عثمان بن سعد الكاتب عن الحسن عن عتي عن أبي أن آدم لما احتضر اشتهى قطفاً من قطف الجنة، فانطلق بنوه ليطلبوه له فلقيتهم الملائكة، فقالوا أين تريدون يا بني آدم? قالوا: إن أبانا اشتهى قطفاً من قطف الجنة. فقالوا: ارجعوا فقد كفيتموه، فانتهوا إليه فقبضوا روحه وغسلوه وحنطوه وكفنوه وصلى عليه جبريل والملائكة صلى الله وسلم عليهم خلفه وبنوه خلف الملائكة، ودفنوه وقالوا هذه سنتكم في موتاكم يا بني آدم.
قال وهب: وحفر له في موضع من أبي قبيس يقال له غار الكنز، فلم يزل آدم في ذلك الغار حتى كان زمان الغرق فاستخرجه نوح وجعله في تابوت معه في السفينة، فلما نصب الماء وبدت الأرض لأهل السفينة رده نوح إلى مكانه.
قال أبو محمد: ووجدت في التوراة أن جميع ما عاش آدم تسعمائة سنة وثلاثون سنة. قال وهب: وعاش آدم ألف سنة.
شيث بن آدم
صلى الله وسلم عليهما:
قال وهب: كان شيث بن آدم أجل ولد آدم وأفضلهم وأشبههم بآدم وأحبهم إليه، وكان وصي أبيه وولي عهده، وهو الذي ولد البشر كلهم، إليه انتهى أنساب الناس، وهو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة، وكانت هناك خيمة لآدم وضعها الله له من الجنة وأنزل الله على شيث بن آدم خمسين صحيفة، وعاش شيث تسعمائة سنة واثنتي عشرة سنة وولد لشيث أنوش وبنون وبنات، وولد لأنوش قينان وولد لقينان مهلائيل وولد لمهلائيل اليارد وولد لليارد أخنوخ وهو إدريس.
إدريس
صلى الله عليه وسلم قال وهب: إن إدريس النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً طويلاً ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد، كثير شعر الرأس وكانت إحدى أذنيه أعظم من الأخرى، وكانت في جسده نكتة بيضاء من غير برص، وكان دقيق الصوت دقيق المنطق قريب الخطى إذا مشى، وإنما سمي إدريس لكثرة ما كان يدرس في كتب الله تعالى وسنن الإسلام، وأنزل عليه ثلاثون صحيفة، وهو أول من خط بالقلم، وأول من خاط الثياب ولبسها، وكانوا من قبله يلبسون الجلود، واستجاب له ألف إنسان ممن كان يدعوه، فلما رفعه الله اختلفوا بعده وأحدثوا الأحداث إلى زمن نوح. وهو أبو جد نوح ورفع وهو ابن ثلاثمائة وخمس وستين سنة، وفي التوراة أن أخنوخ أحسن قدام الله تعالى فرفعه إليه. وولد لإدريس متوشالخ على ثلثمائة سنة من عمره، وولد لمتوشالخ لمك وولك لمك غلام فسماه نوح.
نوح
النبي صلى الله عليه وسلم:
قال وهب: كان نوح أول نبي نبأه الله بعد إدريس، وكان نجاراً إلى الأدمة ما هو دقيق الوجه في رأسه طول، عظيم العينين غليظ الفصوص دقيق الساقين كثير لحم الفخذين دقيق الساعدين، ضخم السرة طويل اللحية عريضها طويلاً جسيماً وكان في غضبه وانتهاره شدة، فبعثه الله إلى قومه وهو ابن خمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، ثلاثة قرون في قومه عايشهم وعمر فيهم فلا يجيبونه ولا يتبعه منه إلا قليل، كما قال الله عز وجل في التوراة! وأوحى الله إليه أن اصنع الفلك وليكن طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعاً وارتفاعها ثلاثين ذراعاً وليكن بابها في عرضها، وادخل الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك ومن كل شيء من اللحم اثنين ذكوراً وإناثاً، فإني منزل المطر على الأرض أربعين يوماً وأربعين ليلة فأتلف كل شيء خلقته على الأرض، وأن تعمل تابوتاً تحمل جسد آدم فيه وتجعل التابوت من خشب الشمشار الساسم وتحمل معك زاد سنة.
ففعل نوح وأرسل الله تعالى ماء الطوفان على الأرض في سنة ستمائة من عمر نوح في سبعة عشر يوماً من الشهر الثاني ولبثت في الماء مائة وخمسين يوماً.
ثم أرسل الله ريحاً فغشيت الأرض فسكن الماء وانسدت ينابيع الغوط الأكبر وميازيب السماء، واستقرت في الشهر السادس على جبل قردى. وفي الشهر العاشر بانت رؤوس الجبال فلما كان في سنة ستمائة سنة وستة في أول يوم من الشهر الأول نضب الماء على الأرض، فكشف نوح غطاء الفكل فرأى وجه الأرض. وفي سبعة عشر يوماً من الشهر الثاني جفت الأرض. هذا ما في التوراة.
قال وهب: ذكر لنا أن السفينة استقلت في عشر خلون من رجب، وكانت في الماء مائة وخمسين يوماً، ثم استقرت على الجودى، وهو جبل بأرض الجزيرة شهراً، وخرج إلى الأرض في عشر خلون من المحرم.
وفي التوراة أن الله أمر نوحاً أن يخرج من الفلك ومن معه، فخرجوا وابتنى نوح مذبحاً لله وقدم قرباناً على المذبح، فأنشأ الله على القربان ريح الراحة وبرك نوحاً وبنيه وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض ولتكن هيبتكم على دواب الأرض وكل طير السماء وأنوان البحور، ولكن لا تأكلوا لحماً فيه نفسه، ومن يهريق دم البشر ففي البشر يهراق دمه من أجل آدم صلى الله عليه وسلم خلق على صورة الله عز وجل.
وقال لنوح: إن آية ميثاقي الذي أواثقكم به أن لا أفسد في الأرض بالطوفان قوسي الذي جعلت في الغمام فإذا رأيتم ذلك فاذكروا ميثاقي.
وذكر وهب أن نوحاً دخل الفلك وولده الثلاثة سام وحام ويافث ونساؤهم وأربعون رجلاً وأربعون امرأة، ولما خرجوا بنوا قرية بقردى سموها ثمانين لأنه كان فيها ثمانون بيتاً، لكل إنسان ممن آمن معه بيت، فهي إلى اليوم تسمى سوق ثمانين، وقرب قرباناً وصام شهر رمضان وهو أول من صامه. قال: وإنما سمي الماء طوفاناً لأنه طفا فوق كل شيء. قال: وكان بين موت آدم إلى غرق الأرض ألفا سنة ومائتا سنة واثنتان وأربعون سنة.
وفي التوراة أن نوحاً عاش بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة، فكان عمر نوح تسعمائة سنة وخمسين سنة.
وقال وهب: كان عمره ألف سنة لأنه بعث إلى قومه وهو ابن خمسين سنة، ولبث يدعوهم إلى أن مات تسعمائة وخمسين سنة.
ولد نوح
صلى الله عليه وسلم:
قال أبو محمد: وفي التوراة: أنه ولد لنوح سام وحام ويافث بعد خمسمائة سنة من عمره. وأما المختلف عنه الذي قال له يا بني اركب معنا فهو يام ولم أرَ له في التوراة ذكراً، فالناس جميعاً من هؤلاء الثلاثة. قال: حدثني سهل بن محمد، حدثنا الأصمعي عن مسلمة بن علقمة المازني، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب: لأي ابني آدم كان النسل فقال ليس لواحد منهما نسل، أما المقتول فدرج، وأما القاتل فهلك نسله في الطوفان فالناس من بني نوح ونوح من بني شيث وشيث ابن آدم.
وفي التوراة أن نوحاً لما خرج من السفينة غرس كرماً، ثم عصر من خمره فشرب وانتشى، فتعرى في جوف قبته، فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه فأطلع على ذلك أخويه، فأخذ سام ويافث رداء فألقياه على عواتقهما ومشيا على أعقابهما يواريان عورة أبيهما وهما مدبران، فاستيقظ نوح من نشوته وعلم ما فعل به ابنه الأصغر فقال: ملعون أبو كنعان عبد عبيد يكون لأخويه، وقال مبارك سام، ويكثر الله يافث ويحل في مسكن سام ويكون أبو كنعان عبداً لهما.
حام بن نوح عليه السلام: قال وهب بن منبه: إن حام بن نوح كان رجلاً أبيض حسن الوجه والصورة، فغير الله عز وجل لونه وألوان ذريته من أجل دعوة أبيه، وإنه انطلق وتبعه ولده فنزلوا على ساحل البحر فكثرهم الله وأنماهم فهم السودان، وكان طعامهم السمك فحددوا أسنانهم حتى تركوها مثل الأبر لأن السمك كان يلصق بها، ونزل بعض ولده المغرب فولد حام كوش بن حام وكنعان بن حام وفوط ابن حام. فأما فوط فسار فنزل أرض الهند والسند، فأهلها من ولده. وأما كوش وكنعان فأجناس السودان النوبة والزنج والقران والزغاوة والحبشة والقبط وبربر من أولادهما.
يافث بن نوح وأما يافث فمن ولده الصقالب وبرجان والأسبان، وكانت منازلهم أرض الروم، ومن ولده الترك والخزر ويأجوج ومأجوج.
سام بن نوح عليه السلام وأما سام بن نوح فسكن وسط الأرض الحرم وما حوله واليمن إلى حضرموت إلى عمان إلى البحرين إلى عالج ويبرين ووبار والدو والدهناء، فمن ولده أرم بن سام وأرفخشد بن سام فمن ولد أرفخشد قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وابنه يعرب بن قحطان أول من تكلم بالعربية ونزل أرض اليمن، فهو أبو اليمن كلهم وهو أول من حياة ولده بتحية الملك أنعم صباحاً، وأبيت اللعن.
ومن ولد أرفخشد يقطن بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويقطن هو أبو جرهم بن يقطن، وجرهم هو ابن عم يعرب، وكانت جرهم ممن سكن اليمن وتكلم بالعربية، ثم نزلوا بمكة فكانوا بها وقطورا بنو عم لهم، ثم أسكنها الله عز وجل إسماعيل عليه السلام فنكح في جرهم فهم أخوال ولده.
ومن ولد إرم بن سام بن نوح عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح وكانوا ينزلون الأحقاف من الرمل فأرسل الله إليهم أخاهم هود ومن ولد إرم بن سام بن نوح ثمود بن عابر ويقال ثمود بن جائر بن إرم بن سام بن نوح وهو ابن عم عاد وكانوا ينزلون الحجر فأرسل الله إليهم أخاهم صالحاً عليه السلام.
ومن ولد إرم بن سام بن نوح: طسم وجديس ابنا لاود بن إرم بن سام بن نوح، ونزلوا اليمامة وأخوهما عمليق بن لاود ابن إرم بن سام بن نوح نزل بعضهم بالحرم وبعضهم الشام، فمنهم العماليق أمم تفرقوا في البلاد، ومنهم فراعنة مصر والجبابرة، ومنهم ملوك فارس وأهل خراسان، وأخوهم أميم بن لاود بن إرم بن سام بن نوح نزل أرض فارس، فأجناس الفرس كلهم من ولده.
ومن ولد سام ماش بن رام بن سام بن نوح، نزل بابل فولد نمروذ بن حام سبعة عشر لساناً وفي ولد يافث ستة وثلاثين لساناً ويقال إن النبط من ولد ماش، وهو الذي بنى الصرح ببابل وملك خمسمائة سنة، وفي زمانه فرق الله عز وجل الألسنة فجعل في ولد سام تسعة عشر لساناً، وفي ولد ماش سموا نبطاً لإنباطهم المياه، ويقال أيضاً النبط من ولد شاروغ بن أرعو بن فالغ بن سالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وإن النمروذ هو أخو شاروغ بن أرعو والأنبياء عليهم السلام كلها عجميها وعربيها، والعرب كلها يمينها ونزاريها من ولد سام بن نوح.
هود
صلى الله عليه وسلم
قال وهب: هو هود بن عبد الله بن رباح بن جاوب بن عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح. وكان أشبه ولد آدم بآدم عليه السلام خلا يوسف عليه السلام، وكان رجلاً آدم كثير الشعر حسن الوجه. وكانت عاد ثلاث عشرة قبيلة ينزلون الرمل وبلادهم أخصب بلاد الله، وكثرتهم وديارهم بالدو والدهناء وعالج ويبرين ووبار إلى عمان إلى حضرموت إلى اليمن، فلما سخط الله عز وجل عليهم جعلها مفاوز وغيطاناً، فلما أهلك الله قومه لحق هود ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا وكان هود رجلاً تاجراً.
صالح
صلى الله عليه وسلم
قال وهب: إن الله عز وجل بعث صالحاً عليه السلام إلى قومه حين راهق الحلم، وكان رجلاً أحمر إلى البياض سناط الشعر، وكان يمشي حافياً ولا يتخذ حذاء كما يمشي المسيح، ولا يتخذ مسكناً ولا بيتاً، ولا يزال مع ناقة ربه حيث توجهت، وهو صالح بن عبيد بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وكانت منازل قومه بالحجر، وبين الحجر وبين قرح ثمانية عشر ميلاً، وقرح هي وادي القرى. ولما قال له قومه ائتنا بآية أتى بهم هضبة فلما رأته تمخصت كما تمخض الحامل وانشقت عن الناقة، وعاقر الناقة هو أحمر ثمود الذي يضرب به المثل في الشؤم، واسمه قدار بن سالف، وكان أحمر أشقر أزرق سناطاً قصيراً، والعاقر الآخر مصدع بن مهرج وكان رجلاً نحيفاً طويلاً أهوج مضطرباً، ولما عقرت الناقة صعد فصيلها جبلاً، ثم رغا فأتاهم العذاب.
وقال غير وهب: فلذلك تقول العرب رغا فوقهم سقب السماء إذا هلكوا.
قال وهب: فلما أهلكهم الله قال صالح لمن معه: يا قوم! إن هذه دار قد سخط الله على أهلها، فاظعنوا عنها والحقوا بحرم الله وأمنه فأهلوا من ساعتهم بالحج وأحرموا في العباء وارتحلوا قلائص حمراً مخطمة بحبال من ليف، ثم انطلقوا يلبون حتى وردوا مكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا، فقبورهم في غربي الكعبة بين دار الندوة والحجر، وكان صالح عليه السلام رجلاً تاجراً.
قصة إبراهيم
صلى الله عليه وسلم
هو إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن أشرع بن أرعو بن فالغ بن عابر بن شالخ ابن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. هكذا قال وهب.
قال أبو محمد: وقابلت بهذه النسبة ما في التوراة، فوجدتها موافقة إلا أني وجدت مكان أشرغ شاروغ. قال وهب: كان إبراهيم عليه السلام أول من أضاف الضيف وأول من ثرد الثريد وأطعمه المساكين، وهو أول من قص شاربه واستحد واختتن وقلم أظفاره واستاك وفرق شعره وتمضمض واستنثر واستنجى بالماء. قال: وهو أول من شاب وهو ابن مائة وخمسين سنة، وذلك لأن سارة لما ولدت إسحاق قال الكنعانيون: أما تعجبون لهذا الشيخ والعجوز وجدا غلاماً لقيطاً فتبنياه، فصور الله عز وجل إسحاق على صورة إبراهيم، فلم يكن يفصل بينهما فوسم الله إبراهيم بالمشيب.
قال أبو محمد: ووجدت في التوراة أنه ولد لتارخ أبي إبراهيم: إبراهيم وناحور وهارون، فولد لهرون لوط وسارة وملكي، ومات هرون في حياة أبيه تارخ في أرضه التي ولد فيها فنكح إبراهيم سارة ابنة هارون ونكح ابنة هارون ملكي، وكانت سارة عاقراً لم تلد، فساق تارخ في أرض حران، قال وهب أن أول من نبى حران أخوان لإبراهيم يقال لهما هاران وبه سميت حران وناهر وهو أبو رفقا امرأة إسحاق.
قال وهب: بين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، والذي حاج إبراهيم في ربه هو نمروذ بن كنعان وهو أول من تجبر وقهر وغصب وسن سنن السوء، وأول من لبس التاج ووضع أمر النجوم ونظر فيه وعمل به، وأهلكه الله ببعوضة دخلت في خياشيمه فعذب بها أربعين سنة ثم مات.
قال وهب: ملك الأرض مؤمنان وكافران، فأما المؤمنان: فسليمان بن داود وذو القرنين عليهما السلام، وأما الكافران: فنمروذ وبختنصر. وسيملكها في هذه الأمة خامس، ولما نجى الله عز وجل إبراهيم من النار خرج من أرض بابل إلى الأرض المقدسة وسارة وابن أخيه لوط، وكان آمن له في رهطه معه من قومه واتبعوه حتى وردوا حران فأقاموا بها زماناً ثم خرجوا إلى الأردن، فدفعوا إلى مدينة فيها جبار من الجبابرة من القبط يقال له صادوف، وهو الذي عرض له في سارة حتى منعها الله عز وجل منه، ومتع سارة بهاجر أم إسماعيل وكانت قبطية.
قال وهب: وخرج ذلك الجبار من تلك المدينة، فورثها الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فأثرى بها وأنمى الله ماله فقاسم لوطاً عليه السلام فأعطاه نصفها وأنزل الله على إبراهيم عشرين صحيفة.
قال أبو محمد: وفي التوراة: إن سارة زوجت إبراهيم هاجر، وقالت: إن الله عز وجل قد حرمني الولد فأدخل بأمتي لعلنا نتعزى منها.
وقال وهب: وهبتها له.
وفي التوراة أن هاجر ولدت إسماعيل وإبراهيم ابن ست وثمانين سنة، وولدت سارة إسحاق وإبراهيم ابن مائة سنة، وأن إبراهيم اختتن وهو ابن تسع وتسعين سنة، وختن إسماعيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وختن معه من أولاد الغرباء، وأن سارة عاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة ثم ماتت في حبرون قرية الجبابرة في أرض كنعان.
قال وهب: وتزوج إبراهيم امرأة من الكنعانيين يقال لها قطوراً، فولدت له أربعة نفر، وتزوج أخرى يقال لها حجوراً فولدت له سبعة نفر، فكان جميع ولد إبراهيم ثلاثة عشر رجلاً، وعاش إبراهيم مائة وخمساً وسبعين سنة.
قال وهب: عاش مائتي سنة وقبر في مزرعة حبرون وكان اشتراها وفيها قبر سارة.
قصة إسماعيل
صلى الله عليه وسلم
وأمر الله إبراهيم بالمسير إلى مكة بإسماعيل وأمه، وأعلمه أنه قد بوأه البيت الحرام، وأنه يقضي على يديه عمارته، وينبط لإسماعيل سقايته، فسار به وبأمه وتركهما هناك، وجاءت رفقة من جرهم فنزلوا شعاب مكة وأعطوا إسماعيل سبع أعنز فكانت أصل ماله، فنشأ إسماعيل مع أولادهم وتعلم الرمي ونطق بلسانهم ثم خطب إليهم فزوجوه امرأة منهم.
قال ابن إسحاق: هي بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، فولد لإسماعيل اثنا عشر عظيماً قيدار ونبت. والنساب يختلفون في نسب معد بن عدنان فبعضهم يقول: هو من ولد قيدار، وبعضهم يقول هو من ولد نبت. وكانت نبت بكر إسماعيل وهو ولي البيت بعده، ثم وليه نبت بعد مضاض بن عمرو والجرهمي، جد نبت لأمه، فلما كثر ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم ضاقت عليهم مكة فانتشروا في البلاد، فكانوا لا يدخلون بلداً إلا أظهرهم الله على أهلها، وهم نفوا العماليق. وعاش إسماعيل مائة وسبعاً وثلاثين سنة ودفن في الحجر وفيه دفنت أمه هاجر.
قصة إسحاق بن إبراهيم
صلى الله عليهم وسلم
قال: وإسحاق هو الذبيح على ذلك أكثر أهل العلم ووجدته في التوراة الذبيح.
قال: حدثني محمد بن خالد، قال: حدثنا مسلم بن قتيبة، قال: حدثنا مبارك، قال: حدثنا الحسن بن الأحنف عن العباس بن عبد المطلب، قال: الذبيح إسحاق. قال: حدثنا أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله، قال: الذبيح إسحاق. قال: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود عن يزيد بن عطاء عن سماك بن حرب عن محمد ابن المنتشر عن مسروق، قال: الذبيح إسحاق.
وروى عمرو بن حماد عن السباط عن السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قصة إبراهيم بطولها وتمامها: إن الذبيح إسحاق.
وروى عبد الله بن المبارك عن يونس عن الزهري وعن عمرو بن أبي سفيان، قال: سمعت كعباً يحدث أبا هريرة، قال: إن الذبيح إسحاق، وقال: ويقول قوم: إن الذبيح إسماعيل. قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثني يحيى بن اليمان عن إسرائيل عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر، قال: الذبيح إسماعيل. قال: حدثني محمد بن عبيد، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم عن الحجاج عن الفرزدق الشاعر، قال: سمعت أبا هريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذبيح إسماعيل.
قال أبو محمد: وفي التوراة مكتوب أن إسحاق تزوج رفقا بنت ناحور بن تارخ وهي بنت عمه.
قال وهب: هي رفقا بنت ناهر بن آزر بنت عمه فولدت له عيصو ويعقوف توأمين في بطن واحد، خرج عيصو ثم خرج بعد يعقوف ويده عالقة بعقبه فسمي يعقوب. وعاش إسحاق مائة وثمانين سنة، ولما مات قبره ابناه في المزرعة التي اشتراها إبراهيم عند قبر إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
???قصة عيصو بن إسحاق
قال: وكان عيصو بن إسحاق أحمر أشعر الجلد كأن عليه خواتيم من شعر، صاحب صيد، وهو أبو الروم، وكان الروم رجلاً أصفر في بياض شديد الصفرة، ومن أجل ذلك سميت الروم بني الأصفر. وتزوج عيصو بنت عمه إسماعيل بن إبراهيم فولدت له الروم بن عيصو وخمسة آخرين، فكل من بأرض الروم اليوم فهم من نسل هؤلاء الرهط، وبعض الناس يزعمون أن الا....ن من ولده. وعمر عيصو مائة وسبعاً وأربعين سنة وكذلك عمر يعقوب ودفنا في المزرعة عند قبر إبراهيم عليهم السلام.
قصة يعقوب بن إسحاق
بن إبراهيم عليه السلام
قال: ويعقوب هو إسرائيل الذي ولد الأسباط كلهم وكان رجلاً أزعر نحيفاً رزيناً لا يكاد يبرح القبة، وكذلك قيل في التوراة: وكان إسحاق أمره أن لا ينكح امرأة من الكنعانين وأن ينكح امرأة من بنات خاله لابان ابن ناهر بن آزر، وكان مسكنه الفدان، فتوجه إليه يعقوب فأدركه الليل في بعض الطريق فبات متوسداً حجراً فرأى فيما يرى النائم أن سلماً منصوباً إلى باب من أبواب السماء عند رأسه والملائكة تنزل منه وتعرج فيه، وأوحى الله عز وجل إليه: إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك، وقد ورثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك وباركت فيك وفيهم، وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوة، ثم أنا معك وأحفظك حتى أردك إلى هذا المكان وأجعله بيتاً تعبدني فيه وذريتك فهو بيت المقدس.
فصار إلى خاله فخطب إليه ابنته راحيل وكانت له ابنتان لايا وهي الكبرى وراحيل وهي الصغرى. فقال: ألك مال أزوجك عليه? قال يعقوب: لا، إلا أني أخدمك أجيراً حتى تستوفي صداق ابنتك. قال: صداقها أن تخدمني سبع حجج.
قال يعقوب: تزوجني راحيل وهو شرطي ولها أخدمك. قال له خاله ذلك بيني وبينك. فرعى له يعقوب سبع سنين، فلما وفاه شرطه دفع إليه ابنته الكبرى لايا وأدخلها عليه ليلاً، فلما أصبح وجد غير ما شرط فجاءه وهو في نادي قومه، فقال غررتني وخدعتني واستحللت عملي سبع سنين ودلست علي غير امرأتي. فقال له خاله: يا بن أختي أردت أن تدخل على خالك العار والسبة وهو خالك ووالدك، ومتى رأيت الناس يزوجون الصغرى قبل الكبرى! فهلم فاخدمني سبع حجج أخرى وأزوجك أختها.
وكان الناس يجمعون بين الأختين - إلى أن بعث الله موسى وأنزل عليه التوراة - فرعى له سبع سنين فدفع إليه راحيل، فولدت له لايا أربعة من الأسباط روبيل ويهوذا وسمعان ولاوى، وولدت له راحيل يوسف وأخاه بنيامين وأخوات لهما، وكان لابان دفع إلى ابنتيه حين جهزهما إلى يعقوب أمتين فوهبتا الأمتين ليعقوب، فولدت كل واحدة منهما ثلاثة رهط من الأسباط، ثم فارق يعقوب خاله وعاد حتى نازل أخاه عيصو وعاش يعقوب في أرض مصر سبع عشرة سنة وكان عمره مائة وسبعاً وأربعين سنة، ودفن عند قبر إبراهيم عليهما السلام.
يوسف بن يعقوب
عليهما السلام: وكان بين دخول يوسف مصر إلى أن دخلها موسى بن عمران أربعمائة عام وعاش يوسف عليه السلام بعد موت أبيه ثلاثاً وعشرين سنة.
وفي التوراة: إنه عاش مائة وعشر سنين، وولد ليوسف ابنان أفرائم وهو جد يوشع بن نون بن أفرائم والآخر منشا فولد منشا ابناً يقال له موسى، فنبئ قبل موسى بن عمران، ويزعم أهل التوراة أنه هو الذي طلب للخضر شعيباً وبلعم والخضر عليهم السلام. ذكر وهب أن شعيباً وبلعم كانا من ولد رهط، آمنوا لإبراهيم صلى الله عليه وسلم يوم أحرق وهاجروا معه إلى الشام فزوجهم بنات لوط فكل نبي كان قبل بني إسرائيل، وبعد إبراهيم من أولئك الرهط، وجدة شعيب هي بنت لوط.
قال وهب: ولم تكن مدين قبيلة شعيب، ولكنها أمة أمة بعث إليهم، ولما أصاب قوم شعيب ما أصابهم لحق شعيب والذين آمنوا معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا.
قال: واسم الخضر بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد ابن سام بن نوح وكان أبوه ملكاً.
قصة أيوب
عليه السلام
قال وهب: هو أيوب بن صوص بن رعويل وكان أبوه ممن آمن لإبراهيم يوم أحرق، وكان أيوب في زمن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وكان صهره وكانت تحته بنت ليعقوب يقال لها اليا وهي التي ضربها بالضغث، وكانت أم أيوب بنت لوط صلى الله عليه وسلم وكانت لها البتنية وهي مدينة بالشام.
قصة موسى وهارون
عليهما السلام
قال وهب: هو عيسى بن عمران بن قاهث بن لاوى بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم، ولم يكن بين آل يعقوب وأيوب نبي حتى كان موسى، وكان موسى عليه السلام جعداً آدم طوالا كأنه من رجال شنوءة، وكان هارون عليه السلام أطول من موسى وأكثر لحماً وأبيض جسماً وأغلظ ألواحاً وأسن من موسى بثلاث سنين، وكانت في جبهة هارون عليه السلام شامة وفي أرنبة أنف موسى شامة وعلى طرف لسانه شامة، ولا يعرف أحد قبله ولا بعده كانت على طرف لسانه شامة وهي العقدة التي ذكرها الله عز وجل، وكانت أختهما مريم أسنّ منهما، وكانت تحب كالب بن يوفنا بن فارض بن يهوذا بن يعقوب، واسم أم موسى أبا حثة.
وفي التوراة: اسمها يوخابث بنت لاوى بن يعقوب. قال: وفرعون موسى هو فرعون يوسف، عمره أكثر من أربعمائة سنة واسمه الوليد بن مصعب، وغيره ينكر هذا ويزعم أن ذلك غيره، واسم امرأة فرعون آسية بنت مزاحم، وقارون هو ابن صاقر بن قاهث بن لاوى ابن عم موسى بن عمران عليه السلام، والسامري هو موسى بن ظفر ويقال إنه من أهل باجرمى، وكان من بني إسرائيل من بني عم موسى. قال: وقبض هارون وهو ابن مائة وسبع عشرة سنة وعمر موسى من بعده ثلاث سنين ومات وهو في سنة يوم مات، وخلفه يوشع بن نون، وهو يوشع بن نون بن أفرائم بن يوسف بن يعقوب عليهم السلام.
أشماويل بن هلقانا
عليه السلام
وهو إسماعيل بالعربية، واسم أمه حنة، وهو من بني إسرائيل ولم يكن بينه وبين يوشع بن نون نبي، وهو الذي ذكره الله جل ذكره في القرآن حين قال: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً" البقرة: 247
قصة طالوت
عليه السلام
قال وهب: هو من سبط بنيامين بن يعقوب، وكان مسكيناً راعي حمير، وخرج من قريته يطلب حمارين له فنزل بأشماويل فأعلمهم أنه ملكهم وأنه من سبط بنيامين، فقالوا: قد علمت أنه لم يكن من هذا السبط ملك ولا فيه نبوة، فقال لهم أشماويل: أعلم أنتم لذلك أم الله? ألم تعلموا أن الله عز وجل حين بعثه عليكم قد عرف نسبه.
قصة داود وسليمان وولده
صلى الله على داود وسليمان
قال وهب: ثم استخلف الله عز وجل بعد أشماويل داود بن إيشا وكان سابع سبعة إخوة له وهو أصغرهم، وكان يرعى على أبيه وكان فيه قصر وزرق وقرع في ناحية من رأسه، وكان تزوج بنت طالوت، وكان شرط ذلك على طالوت إن قتل جالوت، فولدت له أبشالوم وهو بكره وهو الذي خرج على أبيه وأراد نزعه من الملك، ثم تزوج امرأة أوريا بعد أن قتل، فولدت له سليمان بن داود، ولم يزل الملك والنبوة بعد سليمان في ولده وأولادهم إلى الأعرج من ولد ولده وكان عرجه من عرق النساء فطمعت الملوك في بيت المقدس لزمانته وضعفه وأنه لم يكن نبياً فسار إليه ملك الجزيرة وكان يقال له لنقر ويسكن برية الثرثار وهي برية سنجار في مدينة يقال لها الحضر مبنية بالحجارة، وكان لنقر يعبد الزهرة فنذر لئن ظفرت ببيت المقدس ليذبحن ابنه للزهرة، وكان بختنصر يومئذ كاتبه، فأرسل الله عز وجل ريحاً فأهلكت جيشه وأفلت هو وكاتبه حتى ورد الحضر فقتله ابنه وغضب له بختنصر فاغتره حتى قتله وملك بعده، فكان ذلك أول ملك بختنصر. وسار إليهم ملك الهند فأهلكه الله وانقرض ولد سليمان ونظراؤهم، وسار سنجاريب ملك الموصل وكان يسكن نيبوى وملك آذربيجان إليهم وكان اسمه سلما عاشر وهو بالعربية سليمان الأعشر فاختلفا ووقع الحرب بينهما حتى تفاؤوا، وغنم بنو إسرائيل ما كان معهما، وسار إليهم ملك الروم ومعه الأسبان والصقالب وملك الأندلس، وتشاجروا أيضاً واقتتلوا فأهلك الله بعضهم ببعض ثم أحدثوا وغيروا فرغب بعضهم عن بيت المقدس وضارعه بمسجد ضرار فزلزل بهم ذلك المسجد وشدخوا بخشبة، ثم غزاهم بعد ذلك بختنصر فرغبوا إلى الله عز وجل وتابوا، فرده الله عنهم بعد أن فتحوا المدينة وجالوا في أسواقها، فهذه المرة الأولى التي ذكرها الله عز وجل فقال: "فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً، ثم رددنا لكم الكرة عليهم" الإسراء:5،6 ثم أحدثوا بعد ذلك أيضاً، فبعث الله أرمياء النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرهم بغضب الله عليهم فقام فيهم بوحي الله فضربوه وقيدوه وسجنوه فابتعث الله عليهم عند ذلك بختنصر وهي الكرة الآخرة التي ذكرها الله عز وجل فقال: "فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً" الإسراء:7 فقتل منهم وصلب وأحرق وجدع وباع ذراريهم ونساءهم ومثل بهم كل مثلة، وسارت طائفة منهم إلى مصر ولجأوا إلى ملكها، فسار بختنصر إلى ملك مصر فاقتتلوا فظفر به بختنصر فأسره وأسر بني إسرائيل وقتل جنوده، ولحق بأرض بابل وأقام أرميا بأرض مصر واتخذ جنينة يزرع فيها بقلاً يعيش منه، فأوحى الله عز وجل إليه أن لك هماً وشغلاً من الزرع والمقام بأرض الكفر، وكيف تسعك أرض أو تحملك مع ما تعلم من سخطي على بني إسرائيل، فليحزنك هذا القضاء الذي قضيته على ايليا وأهلها وأنه ليس زمن العمران ولكنه زمن الخراب فاعمد إلى جنينتك هذه فاهدم جدرها وانتف بقلها وغوّر نهرها والحق بايليا فلتكن بلادك حتى يبلغ كتابي أجله. فخرج أرميا مذعوراً خائفاً وذلك في زمن الثمار فركب أتاناً له وتزود سلة فيها عنب وتين واتخذ سقاء جديداً فملأه ماء، وفتل حبلاً جديداً فرسن به أتانه، ثم انطلق حتى إذا رفع له شخص بيت المقدس رأى خراباً عظيماً لا يوصف فقال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام. ثم ابتعث ملكاً من ملوك فارس يقال له كورش فعمرها وأحياه الله وقيل له انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه.
?عزير ودانيال عليهما السلام: قال: وكان في الأسارى الذين في يد بختنصر دانيال وعزير، فأما دانيال فهو الذي عبر رؤياه فنزل منه بأفضل المنازل وكان قبره بناحية السوس ووجده أبو موسى الأشعري فأخرجه وكفنه وصلى عليه ثم قبره.
وأما عزير فأقام لبني إسرائيل التوراة بعد أن أحرقت يعرفونها حين عاد إلى الشام فقالت طائفة من اليهود هو ابن الله وهو الذي أكثر المناجاة في القدر فمحا الله اسمه من الأنبياء فلا يذكر فيهم وهو رسول.
?شعيا النبي عليه السلام:
قال: ومكثت بنو إسرائيل يطيعون الله زماناً وابتعث الله شعيا بن أموص نبياً، ثم كثرت فيهم الأحداث والبدع، فابتعث الله سنجاريب ملك بابل، فأقبل إليهم حتى نزل بساحتهم فتابوا إلى الله وأنابوا فقبل الله عز وجل منهم، وسلط على عدوهم الطاعون، فأصبحوا موتى وغنمهم عسكرهم بجميع ما فيه ولم يفلت منهم إلا سنجاريب ملكهم وخمسة نفر معه. ثم أحدثوا بعد ذلك أحداثاً ونبذوا كتاب الله وتنافسوا الملك فأمر الله عز وجل شعيا أن يقوم فيهم مقاماً بوحيه، فلما فعله قتلوه، فسلط الله عز وجل عليه عدوهم فشرد بهم وأفناهم، فضربت عليهم الذلة والمسكنة ونزع منهم الملك والنبوة، فليسوا في أمة من الأمم إلا وعليهم ذل وصغار إلى يوم القيامة. وشعيا هو الذي بشر بالنبي صلى الله عليه وسلم ووصفه وبشر بعيسى عليه السلام.
قصة حزقيل
النبي عليه السلام:
هو حزقيل بن بوذى وهو الذي أصاب قومه الطاعون فخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فأماتهم الله ثم أحياهم.
قصة إلياس
عليه السلام
وهو من سبط يوشع بن نون بعثه الله في أهل بعلبك وكانوا يعبدون صنماً يقال له بعل وملكهم اسمه أحب وامرأته إزبيل وكان يستخلفها على ملكه إذ غاب فتحكم بين الناس، وكانت قتالة الأنبياء قد قتلت منهم بشراً، وهي بنت ملك صيدا وعمرت عمراً طويلاً وتزوجها سبعة من ملوك بني إسرائيل وما ملك إلا وتقتله، وهي التي قتلت يحيى بن زكريا. وقال الله عز وجل لإلياس سلني أعطك! فقال: ترفعني إليك وتؤخر عني مذاقة الموت، فرفعه الله إليه بعد أن كساه الريش وجعله أرضياً سمائياً ملكياً يطير مع الملائكة صلى الله عليهم.
قصة اليسع
عليه السلام
وكان اليسع تلميذ إلياس فدعا له إلياس فنبأه الله عز وجل بعده وأيده بمثل روح إلياس وبعث الله تبارك وتعالى من بعد إلياس يونس بن متى عليه السلام إلى أهل نينوى.
قصة زكريا
عليه السلام
قال وهو زكريا بن أزم وكان زكريا بن أزن وعمران بن ماتان بن يعاقيم من ولد داود النبي عليه السلام من سبط يهوذا بن يعقوب، وكانا في زمان واحد، فتزوج زكريا إيساع ابنة عمران،اختا لمريم ابنة عمران واسم أم مريم حنة وكان يحيى وعيسى ابني خالة. وكان زكريا نجاراً، وأشاعت اليهود أنه ركب من مريم الفاحشة وقتلوه في جرف شجرة قطعوها وقطعوه معها.
قصة عيسى
عليه السلام
قال: فأما يحيى فإن أحب قتله بحيلة امرأته أزبيل في قتله، وأما عيسى فإن أمه لما ولدته هربت به من أحب صاحب ازبيل إلى مصر، وحمله وأمه إلى هناك يوسف النجار، وكان يوسف النجار هذا خطب مريم وتزوجها فيما يذكر في الإنجيل فلما صارت إليه وجدها حبلى قبل أن يباشرها وكان رجلاً صالحاً فكره أن يفشي عليها وائتمر أن يسرحها خفية فتراءى له ملك في النوم فقال يا يوسف بن داود إن امرأتك مريم سوف تلد ابناً يسمى عيسى وهو ينجي أمته من خطاياهم، وفي الإنجيل إن الملك الذي خافته مريم على عيسى هرادس وكان عيسى ولد في بيت لحم يهوذا وهو بيت بالشام، فلما مات هرادس رأى يوسف في النوم أن يذهب به وبأمه إلى أرض الخليل وهو موضع بالشام، فانطلق فسكن في قرية تدعى ناصرة فلذلك قيل نصارى.
قصة أصحاب الكهف
قال وهم فتية من الروم دخلوا الكهف قبل المسيح فضرب الله على آذانهم فيه، فلما بعث المسيح عليه السلام أخبر بخبرهم. ثم بعثهم الله بعد المسيح في الفترة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
قصة ذي القرنين
ولم يكن نبياً
قال وهو رجل من الإسكندرية اسمه اسكندروس ودخوله في الظلمة غير صحيح. كذا قال ابن كثير وكان حلم حلماً فرأى أنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها وغربها فقص رؤياه على قومه فسموه ذا القرنين وكان في الفترة بعد عيسى عليه السلام.
قصة جرجيس
عليه السلام
قال وجرجيس من أهل فلسطين وكان قد أدرك بعض الحواريين فبعث إلى ملك الموصل وهو بعد المسيح.
قصة لقمان
ولم يكن نبياً قال: وكان لقمان عبداً حبشياً لرجل من بني إسرائيل فأعتقه وأعطاه مالاً فكان في زمن داود النبي عليه السلام واسم ابنه ثاران ولم يكن نبياً في قول أكثر الناس وروى يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان لقمان النبي خياطاً.
قال وهب: قرأت في حكمته نحواً من عشرة آلاف باب ولم يسمع الناس كلاماً أحسن منه: ثم نظرت فرأيت الناس قد أدخلوه في كلامهم واستعانوا به في خطبهم ورسائلهم ووصلوا به بلاغاتهم.
قصة ذي الكفل
عليه السلام
قال: وأما ذو الكفل فلم أجد له فيما نقله وهب ذكراً. وقال غيره هو من بني إسرائيل بعث إلى ملك كان فيهم يقال له كنعان، فدعاه إلى الإيمان وكفل له الجنة. وكتب له كتاباً ذكر حق على الله فآمن ذلك الملك فسمي ذا الكفل بالكفالة.
عدد الأنبياء والرسل
منهم صلى الله عليهم
قال: وذكر وهب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول المرسلين آدم وآخرهم محمد صلى الله عليهما، وكانت الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي، الرسل منهم ثلاثمائة نبي وخمسة عشر نبياً، منهم سريانيون خمسة وهم آدم وشيث وإدريس ونوح وإبراهيم صلى الله عليهم، وخمسة من العرب هود وصالح وإسماعيل وشعيب ومحمد صلوات الله عليهم، وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى صلى الله عليهما.
الكتب
قال: والكتب التي أنزلت على الأنبياء مائة كتاب وأربعة، كتب على شيث خمسون صحيفة، وعلى إدريس ثلاثون صحيفة، وعلى إبراهيم عشرون صحيفة وعلى موسى التوراة، وعلى داود الزبور، وعلى عيسى الإنجيل، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم الفرقان.
التاريخ
قال: وعاش آدم صلى الله عليه وسلم ألف سنة، وفي التوراة ألف سنة إلا سبعين سنة، وكان بين آدم والطوفان ألفا سنة واثنتان وأربعون سنة، وبين الطوفان وبين موت نوح ثلاثمائة وخمسون سنة، وبين نوح وإبراهيم ألفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة، وبين إبراهيم وموسى سبعمائة عام، وبين موسى وداود خمسمائة عام، وبين داود وعيسى ألف ومائتا عام، وبين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ستمائة عام، وعشرون عاماً، فهذا تاريخ على رواية وهب ابن منبه، قال: وكان بين نوح وآدم عشرة آباء. وقال عكرمة: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام.
قال أبو محمد: وقرأت في الإنجيل أن عدد القرون من إبراهيم إلى داود أربعة عشر قرناً، ومن داود إلى جالية بابل أربعة عشر قرناً، ومن جالية بابل إلى المسيح أربعة عشر قرناً.
قال أبو محمد: ووجدت في كتب سير العجم أن بين الأسكندروس وبين أردشير مدة ملوك الطائف وهي أربعمائة وخمس وستون سنة، ثم ملك أردشير ومن بعده من ملوكهم إلى يزدجرد المقتول في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت مدتهم أربعمائة سنة ونيفاً وثلاثين سنة، وكان بين الأسكندروس وبين نبينا صلى الله عليه وسلم نحو من تسعمائة سنة والأسكندروس بعد المسيح فيما ذكر وهب وفي هذا مخالفة لقوله أن بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما ستمائة سنة وعشرين عاماً، وغيره يذكر أن الإسكندر قبل المسيح، والخبر في الإنجيل عن جالية بابل أنها كانت بعد داود بأربعة عشر قرناً وقبل المسيح بأربعة عشر قرناً، والنساب يذكرون أنها كانت قبل إبراهيم وفي هذا من الاختلاف والتفاوت ما قد ترى والله أعلم.
من كان على دين قبل مبعث النبي
صلى الله عليه وسلم
أرباب بن رئاب
هو من عبد القيس من شن وكان على دين عيسى وسمعوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي خير أهل الأرض ثلاثة رئاب الشنى وبحيرا الراهب وآخر لم يأتِ بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يموت أحد من ولد أو باب فيدفن إلا رأوا طشاً على قبره.
العزىّ
ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزىّ
هو ابن عم خديجة رضي الله عنهما، وكان رغب عن عبادة الأوثان وطلب الدين فتنصر وذكرت له خديجة شيئاً من أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى.
زيد بن عمرو بن نفيل
هو أبو سعيد بن زيد أحد العشرة المسمين للجنة، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وكان رغب عن عبادة الأوثان وطلب الدين فأولع به عمر بن الخطاب وسلط عليه سفهاء مكة فآذوه فقتله النصارى بالشام وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنه يبعث أمة وحده وهو القائل شعراً:
أسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذباً زلالا
وله يقول ورقة بن نوفل شعراً:
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنوراً من النار حاميا
أمية بن أبي الصلت
قال: وكان أمية قد قرأ الكتب ورغب عن عبادة الأوثان، وكان يخبر بأن نبياً يبعث قد أظل زمانه، فلما سمع بخروج النبي صلى الله عليه وسلم كفر حسداً له، ولما أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره قال: آمن لسانه وكفر قلبه.
أسعد أبو كرب الحميري
قال: وكان أسعد آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة وقال:
شهدت على أحمد أنه * رسول من الله باري النسم
فلو مد عمري إلى عصره * لكنت وزيراً له وابن عم
وألزم طاعته كل من * على الأرض من عرب أو عجم
وهو أول من كسا البيت الأنطاع والبرد.
قس بن ساعدة الأيادي
قال: وقس هو حكيم العرب وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رآه يخطب بعكاظ على جمل أحمر، واقتص أبو بكر قصته وأنشد شعره.
أبو قيس صرمة بن أبي أنس
قال: وهو من بني النجار، وكان ترهب ولبس المسوح وفارق الأوثان وهمّ بالنصرانية ثم أمسك عنها، ودخل بيتاً له فاتخذه مسجداً لا يدخله طامث ولا جنب، وقال: أعبد رب إبراهيم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم وحسن إسلامه وهو القائل في رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة * بمكة لا يلقى صديقاً مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه * فلم يرَ من يوفي ولم يرَ داعيا
فلما أتانا أظهر الله دينه * وأصبح مسروراً بطيبة راضيا
وأصبح لا يخشى من الناس واحداً * بعيداً ولا يخشى من الناس دانيا
بذلنا له الأموال في كل ملكنا * وأنفسنا عند الوغى والتأسيا
ونعلم أن الله لا ربّ غيره * وأن رسول الله للحق رائيا
نعادي الذي عادى من الناس كلهم * جميعاً وإن كان الحبيب المصافيا
وهو القائل في الجاهلية:
سبحوا الله شرق كل صباح * طلعت شمسه وكل هلال
يا بني الأرحام لا تقطعوها * وصلوها قصيرة من طوال
يا بني النجوم لا تظلموها * إن ظلم النجوم داء عضال
خالد بن سنان بن غيث
هو من بني عبس بن يغيض، وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ذلك نبي أضاعه قومه ولما حضرته الوفاة قال لقومه إذا دفنت فإنه سيجيء عانة من حمير يقدمها عير أقمر فيضرب قبري بحافره فإذا رأيتم ذلك فانبشوا عني فإني سأخرج فأخبركم بجميع ما هو كائن بعد الموت وأحوال البرزخ والقبر. فلما مات رأوا ما قال وأرادوا أن يخرجوه فكره ذلك بعضهم، وقالوا نخاف أن نسب بأنّا نبشنا عن ميت لنا، وأتت ابنته رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ: قل هو الله أحد، فقالت كان أبي يقول ذا.
أنساب العرب
نسب عدنان
اختلف الناس في نسب عدنان فقال بعضهم هو عدنان بن أدد بن بحثوم بن مقوم بن ناحور بن تارخ بن يعرب بن يشجب بن نابت ابن إسماعيل بن إبراهيم.
وقال بعضهم: هو عدنان بن أدد بن أشجب بن أيوب بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم.
وقال بعضهم: ابن ميدع بن متيع بن أدد بن كعب بن يشجب بن يعرب ابن الهميسع بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم فولد عدنان عك بن عدنان ومعد بن عدنان وولد معد بن عدنان ثمانية يذكر منهم أربعة تعرف أعقابهم قضاعة بن معد وقنص بن معد وأياد بن معد ونزار بن معد.
فأما قضاعة فصارت إلى حمير وهي تعد من اليمن.
وأما قنص فيزعم قوم أن آل المنذر ملك الحيرة منهم.
وأما أياد فينسبون إلى القبيل الأكبر، ليست لهم قبائل مشهورة، ويذكر قوم أن ثقيفاً منهم ويذكر قوم أن ثقيفاً من قيس عيلان.
وأما نزار فولدت مضر وربيعة وأنمار، فأما أنمار فولد خثعم وبجيلة وصاروا باليمن.
وأما مضر وربيعة فإليهما ينسب ولد نزار وهم الصريح من ولد إسماعيل صلى الله عليه وسلم فولد مضر بن نزار إلياس بن مضر.
وأما إلياس بن مضر فيقال لولده خندف لأن امرأة إلياس كان يقال لها خندف،فنسب ولد إلياس إليها وهي أمهم وولده مدركة بن إلياس وطانجة بن إلياس وقمعة بن إلياس، فأما قمعة فيذكر بعض النساب أن خزاعة من ولده، ويزعم قوم أنهم من اليمن من ولد عمر بن عامر ورجعت خندف كلها إلى مدركة وطانجة، وأما قمعة بن إلياس بن مضر فهو قيس عيلان فمضر كلها ترجع إلى هذين الحيين خندف وقيس.
مدركة بن إلياس:فأما بنو مدركة بن إلياس فهم هذيل وأسد وكنانة وقريش، فأما هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر وولده ثلاثة: سعد ولحيان وعمير. والعدد في سعد بن هذيل تميم بن سعد وحريث بن سعد ومنعة بن سعد وخزاعة بن سعد وجهامة بن سعد وغنم بن سعد والعدد في تميم فولد تميم معاوية بن تميم والحارث بن تميم والعدد في معاوية وأما الحارث فهو رهط عبد الله بن مسعود مضت هذيل.
وأما أسد: فهو أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وله أخوان: كنانة بن خزيمة بن مدركة، والهون بن خزيمة بن مدركة، فولد أسد ودودان بن أسد وكاهل بن أسد وعمرو بن أسد وحملة بن أسد فهؤلاء بنو أسد بن خزيمة ومنهم تفرقت أسد كلها، ومن بطونهم المشهورة بنو فقعس وبنو الصيد أو بنو نصر بن قعين وبنو الزنية وبنو غاضرة وبنو نعامة وولد الهون بن خزيمة ابن مدركة القارة بن الهون فمن القارة عضل والديش وهما قبيلا الهون بن خزيمة، والقارة قوم رماة ولذلك قيل فيه: قد أنصف القارة من رماها
وأما كنانة: فهو كنانة بن خزيمة وكان خلف على امرأة أبيه بعده وهي برة بنت مر أخت تميم ابن مر فولد كنانة النضر وأمه برة ومالك بن كنانة وملكان وعبد مناة وهو علي، وربما قالوا مسعود، فإما بنو ملكان فلهم بقية وليس فيهم شرف بارع.
وأما بنو مالك فمن قبائلهم بنو فقيم وبنو فراس، فأما بنو فقيم فهم نسأة الشهور، وأما بنو فراس فمنهم القعقاع بن حكيم الذين يكونون بالبصرة ومنهم بنو يجر الأطباء بالكوفة.
وأما عبد مناة فمنهم بنو مدلج القافة ومنهم بنو جذيمة الذين قتلهم خالد ابن الوليد بالغميصاء فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم بنو ليث رهط عبيد بن عمير الليثي وعبد الله بن شداد ومنهم الدئل رهط أبي الأسود الدئلي.
قال أبو محمد: ليس في كلام العرب اسم على فعل الدئل إنما هذه بنية الأفعال مثل شتم وضرب وأنشدني أبو حاتم، قال: أنشدني الأخفش:
جاءوا بجيش لو قيس معرسه * ما كان إلا كمعرس الدئل
قال والدئل دابة تشبه ابن عرس، ومنهم بنو ضمرة رهط عمرو بن أمية الضمري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ضمرة غفار رهط أبي ذر ومنهم بنو عريج وهم قليل، وأبو نوفل بن أبي عقرب العريجي منهم.
قريش: وأما النضر ابن كنانة فهو أبو قريش وولده مالك والصلت فأما الصلت فصاروا في اليمن، ويقول قوم إنه أبو خزاعة ورجعت قريش إلى مالك بن النضر فهو أبوها كلها، وولد مالك بن النضر فهراً والحرث أمهما جرهمية.
فأما الحرث بن مالك فهو من المطيبين منهم أبو عبيدة بن الجراح ويقال إن الخلج منهم ويقال كانوا من عدوان فألحقهم عمر بن الخطاب بالحارث وسموا خلجاً لأنهم اختلجوا من عدوان وهم بالمدينة كثير.
وأما فهر بن مالك فمنه تفرقت قبائل قريش فقيل لهم بنو فهر وولده غالب بن فهر ومحارب بن فهر.
فأما محارب فمنهم ضرار بن الخطاب شاعر قريش في الجاهلية، ومنهم الضحاك بن قيس الفهري الذي قتله مروان يوم مرج راهط.
وأما غالب بن فهر فولده لؤي وتيم فأما تيم فهم بنو الأدرم من أعراب قريش ليس منهم بمكة أحد وفيهم يقول الشاعر:
إن بني الأدرم ليسوا من أحد * ليسوا إلى قيس وليسوا من أسد
ولا توفاهم قريش في العدد
وأما لؤي: فإليه ينتهي عدد قريش وشرفها وولده كعب بن لؤي وعامر بن لؤي وسامة بن لؤي وسعد بن لؤي وخزيمة بن لؤي والحارث بن لؤي وعوف بن لؤي.
فأما عامر فولده حسل ومعيص، فمن معيص ابن أم مكتوم وابن قيس الرقيات وأم خديجة ابنة خويلد، ومن حسل سهل وسهيل والسكران بنو عمرو.
وأما سامة بن لؤي فوقع بعمان وهلك بها فولده هناك.
وأما سعد بن لؤي فهو أبو بنانة رهط ثابت البناني وهي أمهم ونسب ولده إليها وكانت تحته.
وأما خزيمة بن لؤي فمنهم عائذة وهم في بني شيبان ومقاس العائذي الشاعر منهم.
وأما الحرث بن لؤي وأما عوف بن لؤي وأما كعب بن لؤي فولده مرة وهصيص وعدي.
فأما هصيص فمنهم بنو سهم وبنو جمع.
وأما عدي فمنهم عمر بن الخطاب وزيد بن عمرو بن نفيل.
وأما مرة فمنهم تيم بن مرة رهط أبي بكر الصديق، وطلحة بن عبيد الله وعبيد الله بن معمر وآل المكندر ومنهم مخزوم بن يقظة بن مرة ومن بني مخزوم أبو جهل بن هشام بن المغيرة وآل المغيرة وكان هشام بن المغيرة سيداً في قومه وفيه يقول الشاعر:
وأصبح بطن مكة مقشعراً * كأن الأرض ليس بها هشام
ومنهم كلاب بن مرة وولده زهرة بن كلاب وقصي بن كلاب وزهرة امرأة نسب ولدها إليها دون الأب وهم أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما قصي بن كلاب: فاسمه زيد وكان يسمى مجمعاً وذلك أنه جمع قبائل قريش من خزاعة وأنزلها بمكة وبنى دار الندوة وأخذ المفتاح من خزاعة. وولد قصي بن كلاب عبد مناف وعبد الدار وعبد العزّى وعبد.
فأما عبد فبادوا.
وأما عبد العزّى فمنهم خويلد بن أسد بن عبد العزّى جد الزبير بن العوام وهو أبو خديجة بنت خويلد وأبو حزام بن خويلد.
وأما عبد الدار فمنهم آل أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار فقتلوا جميعاً يوم أحد إلا عثمان بن طلحة، فإنه أسلم ودفع إليه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، وابنه شيبة بن عثمان وفي ولده المفتاح إلى يومنا هذا. وأما عبد مناف بن قصي فاسمه المغيرة وولده هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل وأبو عمرو. فأما أبو عمرو فلا عقب له. وأما نوفل فمنهم جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل. وأما المطلب بن عبد مناف فولده عشرة منهم عبد الحارث وعباد ومخرمة وهشام.
نسب بني هشام
فأما هاشم بن عبد مناف فاسمه عمرو ومات بغزة من أرض الشام وخلف عبد المطلب وأسداً وغيرهما ممن لم يعقب.
فأما أسد فولد حنينا ولم يعقب وهو خال علي بن أبي طالب وفاطمة وهي أم علي بن أبي طالب وليس في الأرض هاشمي إلا من ولد عبد المطلب بن هاشم لأنه كان لهاشم ذكور لم يعقبوا.
وأما عبد المطلب فإنه سمّي عبد المطلب لأنه كان بالمدينة عند أخواله فقدم به المطلب بن عبد مناف عمه فدخل مكة وهو خلفه فقالوا هذا عبد المطلب فلزمه الاسم وغلب عليه واسمه عامر وبقي حتى كبر وعمي ومات بمكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن ثماني سنين وشهرين، وولد له عشرة بنين وست بنات قد ذكرتهم عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
نسب بني أمية
وأما عبد شمس بن عبد مناف فولد أمية الأكبر وحبيبا وعبد العزى وسفيان وربيعة وثلاثة أولاد يسمون العبلات لأن أمهم عبلة وهم أمية الأصغر وعبد أمية مات وهو ابن ثماني سنين ونوفل.
فأما سفيان فلا عقب له.
وأما ربيعة فهو أبو عتبة وشيبة ابني ربيعة، وقال غيره أبو سفيان بن أمية لم يعقب وسفيان أعقب وهند أم معاوية بنت عتبة.
وأما عبد العزى فولده ربيع وربيعة جرو البطحاء.
وأما الربيع فهو ابن أبي العاص بن الربيع زوج زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عقب له من الذكور.
وأما أمية الأصغر فمنهم الثريا التي يشبب بها عمرو بن أبي ربيعة.
وأما حبيب بن عبد شمس فولده ربيعة وهو جد عامر بن كريز بن ربيعة وسمرة بن حبيب وكانت أمه سوداء تسمى زبيبة وأخوه لأمه أبو جمعة جد كثير بن عبد الرحمن بن أبي جمعة الشاعر.
وأما أمية بن عبد شمس الأكبر فولده حرب وأبو حرب وسفيان وعمرو وأبو عمرو وهؤلاء العنابس شبهوا بالأسد. والعاص وأبو العاص والعيص وأبو العيص، وهؤلاء الأعياص.
فأما حرب بن أمية فهو أبو أبي سفيان بن حرب وأم جميل ابنة حرب حمالة الحطب.
وأما أبو العيص بن أمية فولده أسيد أبو عتاب بن أسيد وكان عتاب عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة.
وأما العاص بن أمية فولد أبا أحيحة واسمه سعيد.
وأما أبو العاص فمن فولده عفان بن أبي العاص أبو عثمان والحكم بن أبي العاص أبو مروان بن الحكم.
وأما أبو عمرو بن أمية فمن ولده أبو معيط أبو عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو ولم يعقب عمرو بن أمية وأبو سفيان بن أمية وأبو حرب بن أمية والعيص بن أمية هؤلاء ولد مدركة بن إلياس.
ثم ولد طابخة: فولد طابخة بن إلياس أد بن طابخة فولد أد مر بن أد وعبد مناة وضبة ومزينة وحميسا.
فأما عبد مناة بن أد فمنهم تيم بن عبد مناة وبطونها وعدي بن عبد مناة منهم ذو الرمة الشاعر، وعكل وبطونها وهؤلاء الثلاثة من الرباب وثور بن عبد مناة وهم رهط سفيان الثوري والربيع بن خثيم.
ضبة بن أد: وأما ضبة بن أد فولده سعد وسعيد وباسل.
فأما باسل فهو أبو الديلم وقتل سعيد ولا عقب له، وضبة كلها ترجع إلى سعد بن ضبة وهي جمرة من جمرات العرب، وهي من الرباب وولد سعد الذين تنسب إليهم ضبة بكر وثعلبة وصريم، ومن بطونهم نصر ومازن والسيل وذهل وعائذة وتيم اللات واسمه جارم وزبان وعوف وشييم ومن ذهل بجالة وتيم وصبيح وضبيعة وكعب، وهؤلاء بنو بجالة. ومن كعب ضرار بن عمرو وهو بيت ضبة وهو القائل: "من سره بنوه ساءته نفسه" وولد له ثلاثة عشر ذكراً. وبنو صباح وهم معروفون بالصيد وشقرة وهلال.
مزينة بن أد: وأما مزينة بن أد فهم مزينة مضر منهم النعمان بن مقرن ومعقل بن يسار وبكر بن عبد الله المزني وزهير الشاعر.
حميس بن أد: وأما حميس بن أد فهم قليل يكونون في البصرة في بني عبد الله بن دارم وبالكوفة في بني مجاشع.
مر بن أد: قال: وأما مر بن أد فولده ثعلبة بن مر وهم بنو ظاعنة نسبوا إلى أمهم، وبكر بن مر وهم الشعيراء وأرأشة بن مر ولحقوا باليمن فصاروا في جذام ويقال لهم جديس والغوث بن مر وصاروا باليمن ويقال لهم بنو صوفة وكانوا يفيضون بالناس قبل صفوان وتميم بن مر.
قصة تميم بن مر: وأما تميم بن مر فقبره بمران وولده زيد مناة بن تميم وعمرو بن تميم والحارث بن تميم أمهم العوراء بنت ضبة.
فأما الحرث بن تميم فمنهم شقرة.
وأما عمر بن تميم فولده العنبر بن عمرو والهجيم بن عمرو وأسيد بن عمرو رهط أبي حاضر الأسيدي، وأكثم بن صيفي وأبي هالة زوج خديجة والقليب بن عمرو والحارث بن عمر والحبط ويقال لولده الحبطات ومالك بن عمرو ومنهم المازني والحرماز وأبو عمرو بن العلاء من مازن.
وأما زيد مناة بن تميم فولد سعد بن زيد مناة وفيهم العدد، وعامر بن زيد مناة، وانتسب ولده إلى عامر بن مجاشع، والحارث بن زيد مناة وهم قليل، وامرؤ القيس بن زيد مناة منهم عدي بن زيد الشاعر وقبائلهم بنو عصية. ومالك بن زيد مناة ومنهم ربيعة الجوع رهط علقمة بن عبدة وعلقمة الخصي، ومنهم: البراجم وهم عمرو وقيس وكلفة وظليم وغالب بنو حنظلة بن مالك، ومنهم يربوع بن حنظلة، وكانت بنو كليب بن يربوع رهط جرير، ورياح بن يربوع رهط الأحوص الشاعر، وقعنب الرياحي وسحيم بن وثيل الرياحي، وثعلبة بن يربوع رهط عتيبة بن الحارث بن شهاب، وغدانة بن يربوع رهط وكيع بن أبي سود قاتل قتيبة بن مسلم الباهلي وحزام بن يربوع رهط سجاح التي تنبأت، ومنهم بنو دارم بن مالك بن حنظلة ومجاشع بن دارم ونهشل بن دارم ومنهم: بنو العدوية نسبوا إلى أمهم وهم زيد بن مالك بن حنظلة وصدي بن مالك بن حنظلة ويربوع بن مالك بن حنظلة، ومنهم بنو طهية نسبوا إلى أمهم وهم بنو سود بن مالك بن حنظلة وعوف بن مالك بن حنظلة وجشيش بن مالك بن حنظلة منهم أبو البلاد الطهوي.
وأما سعد بن زيد مناة بن تميم فهو الفزر وفيه المثل المضروب "كما تفرقت معزى الفزز" وولده كعب بن سعد وعمرو بن سعد والحارث بن سعد، وهم عوافة وعبشمس بن سعد واسمه مقروع، وجشم بن سعد ومالك بن سعد وعوف بن سعد وهبيرة بن سعد.
فأما كعب بن سعد ففيهم العدد منهم مقاعس وهو الحارث بن عمرو بن كعب، ومنهم بنو حمان بن كعب بن سعد، ومنهم بنو منقر بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب، ومنهم بنو مرة بن عبيد رهط الأحنف بن قيس، وعكراش بن ذؤيب، ومنهم ربيعة بن كعب وهو أبو المستوغر بن ربيعة، وعاش ثلاثمائة وعشرين سنة، ومن عوف بن كعب بهدلة رهط الزبرقان بن بدر وقريع رهط بني أنف الناقة وهو أبو الأضبط بن قريع المتنقل في القبائل، فلما لم يجدهم رجع إلى قومه، فقال: بكل واد بنو سعد. ومنهم آل عطارد رهط أبي رجاء العطاردي وآل صفوان بن شجنة الذين كانت فيهم الإفاضة بالناس من عرفة ومن عطارد بنو عوف. انقضى ولد طابخة بن إلياس بن مضر.
وأما قيس بن عيلان: وهو قمعة بن إلياس بن مضر، فولد سعد وعكرمة وأعصر وعمرو وخصفة، وبعض النساب يزعم أن عكرمة هو ابن خصفة، وأعصر هو ابن سعد.
نسب بني عمرو بن قيس عيلان
فأما عمرو بن قيس فولده فهم وعدوان فمن فهم تأبط شراً ولا أعرف أفخاذهم.
وأما عدوان فمن بطونهم: بنو خارجة وبنو وابش وبنو يشكر وبنو عوف والفرعا وبنو رهم وبنو رباح ومنهم الخلج، فيما يقال، ومن عدوان: عامر بن الظرب حاكم العرب، وأبو سارة الذي كان يفيض بالناس، وعدوان أنزلوا ثقيفاً الطائف وكانت كثيرة السادة فتفرقوا ببغي بعضهم على بعض.
نسب بني سعد بن قيس عيلان
وأما سعد بن قيس فولده غطفان وأمه تكمة بنت مر، وأخوه لأمه سليم بن منصور، وأعصر بن سعد فولد أعصر غنى بن أعصر ومعن بن أعصر وهو أبو باهلة، وباهلة امرأة من همدان، نسب بنو معن إليها، ومنبه بن أعصر وهم الطفاوة، فأما غنى، فمنهم: بنو ضبينة وبنو بهثة وبنو عبيد وهم خلفاء في بني كلاب.
وأما الطفاوة: فمنهم: بنو حسر وبنو سنان وكانوا في بني شيبان حلفاء، ومن الطفاوة الحبال وكانوا في الهجيم.
وأما معن بن أعصر: فولده قتيبة ووائل وأمهما من فزارة وأود وجأوة أمهما باهلة امرأة من همدان وفراص وأبو عليم.
وأما قتيبة بن معن: فمن ولده: غنم بن قتيبة، وولد غنم سهم بن غنم، منهم: بكر بن حبيب السهمي وعبد الله بن بكر السهمي، ومنهم أبو أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بني قتيبة صحب وهو ينزلون اليمامة، ومنهم عمرو بن عبد وأعبد وقعنب وسعد بن عبد وعامر بن عبد، ومن بني سعد بنو أصمع رهط الأصمعي.
وأما وائل بن معن: فمنهم بنو سلمة وبنو هلال بن عمرو وبنو زيد وبنو عامر بن عوف وبنو عصية، فمن بني هلال قتيبة بن مسلم الباهلي ومن بني عامر بن عوف سلمان بن ربيعة الباهلي، ومن بني وائل سحبان وائل الخطيب.
وأما أود بن معن: فمنهم أم الأحنف بن قيس، ومنهم المأذونون في المسجد الجامع بالبصرة. وأما فراص بن معن فمنهم: ابن أحمر الشاعر، وجاوة لهم بقية يعني من ولده، وأما أبو عليم فلهم عدد بالجزيرة منهم بكر بن معاوية صاحب ديوان الجند وكان من قواد أبي جعفر.
وأما غطفان بن سعد: فولده ريث وعبد الله، فولد ريث بغيضاً وأشجع فولد بغيض ذبيان وعبساً وأنمار، وأما عبد الله بن غطفان فهم في بني عبس.
وأما أشجع بن ريث بن غطفان فمنهم بنو دهمان وكانت أشجع ممن أعان على عثمان يوم الدار، وأما أنمار بن بغيض فهم قليل منهم فاطمة بنت الخرشب أم الربيع بن زياد وإخوته الكملة.
وأما عبس بن بغيض فولده قطيعة وورقة ومعتم والشرف، والعدد في قطيعة منهم: الربيع بن زياد وإخوته الكملة، ومنهم زهير بن جذيمة وإخوته وولده قيس بن زهير وورقاء وغيرهم، وقيس بن زهير هو صاحب حرب داحس وغبراء، وأما ورقة ومعتم ابنا عبس فلا يعرف منهما أحد.
وأما ذبيان بن بغيض: فولده فزارة وسعد وهاربة البقعاء، وقد بادت هاربة إلا بقية يسيرة في بني ثعلبة بن سعد.
وأما فزارة بن ذبيان فولده عدي وظالم ومازن وشمخ أمهم منولة.
فأما ظالم بن فزارة فولده لاي وهلال، فمن بني لاي: سمرة بن جندب. وأما مازن بن فزارة، فمنهم بنو العشراء، ومن بني العشراء: هرم بن قطبة بن سيار الذي تحاكم إليه عامر وعلقمة.
وأما عدي بن فزارة فولده ثعلبة وسعد. فمن سعد: عمرو بن هبيرة الفزاري، ومن ثعلبة: عدي بن أرطأة، ومنهم: حذيفة بن بدر وحمل بن بدر وابنه حصن بن حذيفة أبو عيينة بن حصن، ومن بني بدر بنو أم قرفة، ومن بني فزارة بنو خالدة.
وأما سعد بن ذبيان فولده ثعلبة وعوف، فمن ثعلبة: بنو جحاش وبنو سبيع وبنو حشور، وفي بني سبيع البيت والشرف. ومن ثعلبة: شماخ ومزرد ابنا ضرار الشاعران وولد عوف بن سعد مرة وعيدا.
فأما عيد فقليل منهم الرجل الذي قتله محلم بن جنامة الليثي وهو يقول لا إله إلا الله، وفي مرة بن عوف الشرف والسؤدد فولد غيظ بن مرة ومالك بن مرة وصرحة وسهما وبني صادر وغيرهم فولد غيظ بن مرة.نشبة ويربوعا، فمن يربوع الحارث بن ظالم، ومنهم: النابغة الذبياني ومنهم عقيل بن علقمة.
وأما نشبة بن غيظ فمن ولده هرم بن سنان الجواد الذي كان يقدمه بمدحه زهير، وأخوه خارجة بقير غطفان استخرج من بطن أمه بعد أن هلكت، وأخوه عوف بن سنان، وابنه الحارث بن عوف صاحب الحمالة بين عبس وذبيان.
نسب بني خصفة بن قيس عيلان
وأما خصفة بن قيس عيلان فولده: عكرمة ومحارب، وبعضهم ذكر أن عكرمة هو ابن قيس.
فأما محارب بن خصفة فمنهم: جسر والخضر وبنو جسر حلفاء بني عامر بن صعصعة.
وأما عكرمة بن خصفة فولده عامر ومنصور وأبو مالك.
فأما بنو أبي مالك بن عكرمة بن خصفة فهم في بني تيم الله أربعمائة بيت.
وأما عامر بن عكرمة بن خصفة فهو حشو في بني سليم بالبصرة ولهم بقية بالبادية.
وأما منصور بن عكرمة فولده: سليم وسلامان وهوازن ومازن، فأما مازن فمنهم عتبة بن غزوان الذي اختط البصرة.
وأما سليم بن منصور فولده بهثة امرأ القيس وعوفاً، ومن قبائل سليم بنو حرام وبنو خفاف وسماك ورعل وذكوان ومطرود وبهز وقنفذ ورفاعة وعصية وظفر وبجلة وحبيب بن مالك وبنو الشريد وبنو قتيبة.
فأما بجلة فخرجت من بني سليم وصارت في بني عقيل وبنو الشريد بيت سليم منهم خنساء وإخوتها صخر بن عمرو ومعاوية بن عمرو.
وأما هوازن بن منصور: فولده بكر وسبيع وحرب ومنبه، ولا عقب لسبيع وحرب ابني هوازن.
وأما منبه فهو أبو ثقيف في قول بعضهم وولد بكر بن هوازن سعد بن بكر ومعاوية بن بكر وزيد بن بكر.
فأما زيد بن بكر فقتله أخوه معاوية وهو أول من فدى بالإبل.
وأما سعد بكر فهم: آظار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبيت هوازن فجاءته أخته من الرضاعة فأعتقهم أجمعين.
وأما معاوية بن بكر فولده جشم ونصر وصعصعة والسباق وجسر وجحش وجحاش وعوف ودحوة ودحية.
فأما دحوة ودحية وجحش وجحاش فلا نعلم لهم عقباً.
وأما عوف فيقال لهم الواقعة. قال الشاعر:
يا أخت دحوة بل يا أخت أخوتهم * من عامر أو سلول أو من الوقعة
وأما جشم ففيهم يقول الأخطل:
ولا جشم شر القبائل إنهم * كبيض القطا ليسوا بسود ولا حمر
ومنهم غزية رهط دريد بن الصمة.
وأما بنو نصر فمنهم: مالك بن عوف النصري وكان على هوازن يوم حنين.
وأما صعصعة بن معاوية فولده: عامر ومرة وغاضرة ومازن ووائلة.
فأما بنو مرة فيعرفون ببني سلول وهي أمهم. منهم: أبو مريم السلولي ومنهم: العجير السلولي الشاعر وعبد الله بن همام الشاعر السلولي.
وأما عامر بن صعصعة فولده هلال بن عامر رهط زينب ابنة خزيمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وميمونة بنت الحارث وسواءة بن عامر ونمير بن عامر، وهي جمرة من جمرات العرب منهم: أبو حية النميري، ومنهم: الراعي الشاعر، وربيعة بن عامر وولده بنو مجد وينسبون إلى أمهم، قال لبيد:
سقى قومي بني مجد وأسقى * نميراً والقبائل من هلال
وهم عامر بن ربيعة وكلاب بن ربيعة وكعب بن ربيعة.
فأما عامر بن ربيعة فمن ولده: عمرو بن عامر فارس الضحياء، ومن ولد عمرو: خداش بن زهير الشاعر، ومن ولده: بنو اليكا بن عامر، ومن بني اليكا: خرقاء صاحبة ذي الرمة.
وأما كلاب بن ربيعة فكان فيه نوك وولده جعفر ومعاوية وربيعة وأبو بكر وعمرو والوحيد ورواس والأضبط وعبد الله، فمن بني رواس: وكيع المحدث: ومن بني الوحيد: أم البنين كانت عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولدت له العباس وجعفراً وعبد الله.
وأما معاوية بن كلاب فمنهم: الضباب، وهم: حسل وحسيل وضب بنو معاوية.
وأما عمرو بن كلاب فلهم عدد كثير وفيهم قوم يقال لهم بنو دودان، ومن عمرو يزيد بن الصعق.
وأما جعفر بن كلاب فولده الأحوص وخالد ومالك وعتبة بنو جعفر بن كلاب، وكان الأحوص يكنى أبا شريح، وكان علي بن عامر يوم جبلة ومن ولده: علقمة بن علاثة الذي نافر عامر بن الطفيل إلى هرم بن قطبة الفزاري.
وأما خالد بن جعفر فهو الذي قتل زهير بن جذيمة العبسي وقتله الحرث بن ظالم المري.
وأما مالك بن جعفر، فولده: عامر وطفيل وربيعة وعبيدة ومعاوية أمهم أم البنين قال لبيد: نحن بنو أم البنين الأربعة
جعلهم أربعة وهم خمسة للقافية.
وأما معاوية فهو معوذ الحكماء.
وأما ربيعة فهو أبو لبيد الشاعر.
وأما الطفيل فهو أبو عامر بن الطفيل.
وأما أبو بكر بن كلاب فمن ولده: القرطات قرط وقريط ومقرط ومنهم: الضحاك بن سفيان استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني سليم، ومنهم المحلق بن حنتم الذي قال فيه الأعشى: وبات على النار الندى والمحلق * مضت كلاب
وأما كعب بن ربيعة: فولده عقيل وقشير والحريش وجعدة وعبد الله وحبيب.
فأما عبد الله بن كعب فمن ولده: بنو العجلان بن عبد الله بن كعب رهط بن مقبل الشاعر.
وأما جعدة بن كعب فمنهم: النابغة الجعدي.
وأما الحريش بن كعب فمنهم: مطرف بن عبد الله بن الشخير وزرارة بن أوفى وعبد الله بن سبرة الحرشي الذي قطع يده أطريانوس الرومي.
وأما قشير بن كعب فمنهم: غطيف وغطفان، ومنهم: مالك ذو الرقيبة، ومنهم: بنو ضمرة ولهم عدد بالبصرة.
وأما عقيل بن كعب، فمنهم: خفاجة وفيهم أشراف ومنهم: الحلفاء ومنهم: الأخيل ورهط ليلى الأخيلية، ومنهم: المجنون الشاعر، ومنهم: توبة بن الحميري صاحب ليلى الأخيلية.
قصة ثقيف: وأما منبه بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان فولده: قسي وهو ثقيف، وثقيف قاتل أبي رغال وكان مصدقاً، فمر به ثقيف فقتله فقيل قسا عليه فسمي قيساً قال شاعرهم: نحن قسى قسا أبونا
فولد ثقيف جشم وعوفاً والمسك فتزوجها قاسط فولدت وائلا أبا بكر بن وائل.
وأما جشم فولد حطيطا فولد حطيط مالكا وغاضرة.
وأما عوف فهم الأحلاف، وذلك أنهم تحالفوا على بني مالك وصارت غاضرة مع الأحلاف، فثقيف فرقتان بنو مالك والأحلاف. ومن بني مالك: السائب بن الأقرع، ومنهم: بنو الحارث بن مالك، ويقال لهم الأثرون، ومن الأحلاف: المختار بن أبي عبيدة، والحجاج بن يوسف، وأمية بن أبي الصلت، وأبو محجن الشاعر، والحارث بن كلدة، ومعتب، وعتاب، وأبو عتبة، وعتبان. وهذه ربيعة فولد: ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان أسد بن ربيعة وضبيلة بن ربيعة وأكلب بن ربيعة، فأما أكل بن ربيعة فهم في خثعم، منهم: أنس بن مدرك الخثعمي قاتل سليك بن السلكة، وهم قبائل وبطون كثيرة تنسب إلى خثعم.
وأما ضبيعة بن ربيعة فولد أحمس والحارث والقلادة، فمن أحمس جماعة رهط المسيب بن علس الشاعر، ومنهم: بهثة ودوفن رهط المتلمس الشاعر والحارث بن عبد الله بن دوفن الأضجم، وكان سيد ضبيعة في الجاهلية، ومنهم: أبو الكلبة ولهم عدد وجلد، ومنهم: بنو شحنة.
وأما أسد بن ربيعة فولد جديلة بن أسد، أمه إيادية وعنزة بن أسد وعميرة بن أسد أمهما برة ابنة قيس عيلان.
فأما عميرة بن أسد فهم في عبد القيس وولده مبشر ومنصور ومالك بنو عميرة.
وأما عنزة بن أسد فاسمه عامر وسمي عنزة لأنه قتل رجلاً بعنزة ويقال: إن عنزة هو ابن أسد ابن خزيمة فولد عنزة يذكر بن عنزة ويقدم بن عنزة، وأما جديلة بن أسد فولد دعمى بن جديلة، وولد دعمى أفصى بن دعمى، فولد أفصى هنب بن أفصى، وعبد القيس بن أفصى فولد عبد القيس اللبو بن عبد القيس أمه هند بنت تميم بن مر وأخوه لأمه تغلب وبكر وأفصى بن عبد القيس.
فأما اللبو فهم بالموصل وبتوج كثير.
وأما أفصى بن عبد القيس فولد شنا ولكيزا، فمن شن الديل بن شن وولده سعد وجذيمة وعامر وحبيب. ومنهم: بنو بهثة بن جديمة بن الدبل بن شن وأما لكيز فولد نكرة وصباحاً ووديعة.
فأما نكرة فهم حلفاء جذيمة، ومنهم: منبه بن نكرة، وهم أهل البحرين. وفيهم العدد والشرف، ومنهم: المثقب العبدي الشاعر والممزق الشاعر والمفضل بن عامر الشاعر صاحب القصيدة المنصفة. وبعمان قوم من نكرة، وباليمن قوم منهم.
وأما وديعة فولده عمرو بن وديعة وغنم بن وديعة ودهن بن وديعة.
فأما دهن بن وديعة، فهم: واثلة نسبوا إلى أمهم.
وأما غنم بن وديعة فولد عمرو بن غنم وعوف بن غنم.
وأما عمرو بن وديعة فولده أنمار وعجل ومحارب والديل والعوق وامرؤ القيس، فمن ولد الديل أهل عمان منهم بنو صوحان ومصقلة بن رقبة الخطيب، ومنهم: آل المعذل بن عيلان بالبصرة.
وأما العوق فمنهم: العوقة وهم عمانيون قليل.
وأما أنمار فمنهم: عصر رهط الأشج العبدي، ومنهم ظفر رهط صحار العبدي، ومن أنمار بنو جذيمة، ومن جذيمة مهو الذي اشترى الفسو ببردى حبرة.
وأما محارب بن عمرو فولد حطمة وظفر ابني محارب.
وأما هنب بن أفصى فولد قاسط بن هنب وعمرو بن هنب وخندق بن هندب.
وأما عمرو، فمنهم: عتيب بن عمر وهم بني شيبان، ولعتيب عدد بالبصرة وعتيب في بني شيبان أيضاً.
وأما قاسط بن هنب فولد عمرو بن قاسط والنمر بن قاسط ووائل بن قاسط أمهم المسك بنت ثقيف.
فأما عمرو بن قاسط فمنهم: غفيلة ولهم عدد بالجزيرة في بني تغلب.
وأما النمر بن قاسط فولد تميم الله وأوس الله عز وجل وعائذ الله جل ثناؤه وأمهم هند بنت تميم بن مر وأخوتهم لأمهم بكر وتغلب وأخوهم لأمهم أيضاً اللبو بن عبد القيس.
فأما تيم الله جل ثناؤه فولد الخزرج والحريث وولد الخزرج سعداً وولد سعد عامر بن سعد الضحيان وسمي الضحيان لأنه كان يقعد لقومه في الضحى يقضي بينهم وكان صاحب مرباع، وولد عامر ربيعة، ومن ولده: هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر، منهم: أبو حوط الحظائر سمي الحظائر لأن المنذر بن امرئ القيس كان جمع أسارى بكر في الحظائر ليحرقهم فكلمه فيهم فشفعه وهو كعب، ومنهم: كعب بن الحارث، ومنهم: الكيس النمري، ومنهم: ابن القرية والقرية الحوصلة.
وأما وائل بن قاسط فولد بكر بن وائل وتغلب بن وائل وعنز بن وائل أمهم هند بنت تميم بن مر.
فأما عنز بن وائل فولد أراشة ورفيدة، فمن أراشة أشجع وغضاضة.
وأما تغلب بن وائل فولد غنم بن تغلب، والأوس بن تغلب، وعمران بن تغلب.
فأما غنم بن تغلب، فمنهم: معاوية بن عمر بن غنم وفيهم يقول الأخطل:
إذا حلت معاوية بن عمر * على الأطواء خنقت الكلابا
ومنهم الأراقم، وهم جشم ومالك وعمرو وثعلبة والحث ومعاوية بنو بكر بن حبيب بن عمرو، ومن بني تغلب عكب، ومنهم: بنو عدي بن أسامة، ومنهم: بنو كنانة يقال لهم قريش تغلب وهم بنو عكب، ومنهم: جشم بن بكر، ومن بني جشم بنو الحارث بن زهير رهط كليب بن ربيعة الذي يقال فيه "أعز من كليب وائل" وأخوه المهلهل وهو هيج الحرب بين بكر وتغلب أربعين سنة. ومن بني زهير بنو عتاب، منهم: عمر بن كلثوم، ومن بني جشم فدوكس رهط الأخطل الشاعر.
ثم بكر بن وائل: قال: وولد بكر بن وائل علي بن بكر ويشكر بن بكر وبدن بن بكر أمهم هند بنت تميم بن مر، ويقال لها أم القبائل.
فأما يشكر فولد كعب بن يشكر وكنانة بن يشكر وحرب بن يشكر، وفي كعب العدد والشرف، فمن ولد كعب بن يشكر حبيب والعتيك، ومنهم: بنو غنم بن حبيب وثعلبة وجشم وعدي بن جشم، فهذه يشكر.
وأما علي بن بكر بن وائل فولده صعب وولد صعب لجيم بن صعب وعكابة بن صعب ومالك ابن صعب.
فأما مالك بن صعب فمنهم بنو زمان منهم الفند الزماني وعددهم في بني حنيفة.
وأما لجيم بن صعب فولد عجل بن لجيم وحنيفة بن لجيم وأخوين لم يقلبا.
فأما عجل فولده ربيعة وضبيعة وسعد وكعب.
فأما كعب وضبيعة فقليل.
وأما ربيعة فمنهم أبو النجم الراجز والعديل بن الفرخ الشاعر.
ومنهم دغة الحمقاء وكانت عند جندب بن العنبر فولدت له عدي بن جندب.
وأما سعد بن عجل فالعدد في ولده، منهم: الأغلب الراجز، ومنهم: الفرات بن حيان وكانت له صحبة، ومنهم: أبو دلف النازل في حد أصبهان، مضت عجل.
وأما حنيفة بن لجيم: فولده الدول بن حنيفة وعدي بن حنيفة وعامر بن حنيفة وعبد مناة بن حنيفة.
فأما عبد مناة فهم قليل.
وأما عدي بن حنيفة فمنهم مسيلمة الكذاب.
وأما الدول فمنهم: بنو هفان، ومنهم: هوذة بن علي الحنفي ذو التاج مضت حنيفة.
قال: وولد عكابة بن صعب قيساً وثعلبة.
فأما قيس بن عكابة فهم قليل وعددهم في بني ذهل.
وأما ثعلبة بن عكابة فيقال له الحصن، قال الأعشى:
فما ضرها إذ خالطت في بيوتهم * بني الحصن ما كان اختلاف القبائل
وولد ثعلبة ذهل بن ثعلبة وشيبان بن ثعلبة وقيس وتيم الله بن ثعلبة وأتيد بن ثعلبة وضنة بن ثعلبة.
فأما ضنة فلحقت باليمن فصارت في بني عذرة.
وأما أتيد فهي من بني شيبان.
وأما تيم الله بن ثعلبة فهم اللهازم، وهم حلفاء بني عجل فولد تيم الله مالكاً والحارث وعامراً وهلالاً وذهلاً وزماناً وحاطمة فهؤلاء يقال لهم الأحلاف إلا الحارث وعامراً ومالكاً وسمي أولئك أحلافاً لأنهم تحالفوا على هؤلاء.
وأما قيس بن ثعلبة فولد ضبيعة وتيماً وسعداً، وفي ضبيعة العدد، ومنهم: الأعشى الشاعر ميمون بن قيس، ومنهم: ربيعة الجحدر "الجحدري" وكان فارس بكر بن وائل يوم تحلاق اللمم، ومنهم: مرة بن عباد والحارث بن عباد وجرير بن عباد الذي ينسب إليه الجريري المحدث.
وأما تيم بن قيس وسعد بن قيس فهما الحرقتان.
وأما ذهل بن ثعلبة بن عكابة فولد شيبان وعامراً، فأما عامر فيقال لهم الوخم.
وأما شيبان بن ذهل فولده سدوس بن شيبان وفيه العدد وعمرو ومازن وعلباء ومالك وعامر وزيد مناة.
فأما علباء بن شيبان فهم قليل ومن عمرو بن شيبان القعقاع بن شور الذي يقول فيه الشاعر:
وكنت جليس قعقاع بن شور * ولا يشقى بقعقاع جليس
ومنهم دغفل بن حنظلة النسابة.
وأما سدوس بن شيبان فكانت له ردافة آكل المرار، وكان له عشرة من الولد، منهم: الحارث بن سدوس وكان له واحد وعشرون ذكراً وقال فيه الشاعر:
فلو شاء ربي كان أير أبيكم * طويلاً كأير الحارث بن سدوس
وأما شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب فولده ذهل وتيم وثعلبة وعوف.
فأما عوف فلا عقب له.
وأما ثعلبة فمنهم مصقلة بن هبيرة الشيباني.
وأما تيم بن شيبان ففيهم سخاء وسؤدد ومن بني تيم الأصمعان يقال يوم الأصمعين في الجاهلية.
وأما ذهل بن شيبان فولد مرة بن ذهل، وفيه العدد والبيت، وربيعة بن ذهل ومحلم بن ذهل والحارث بن ذهل أمهم رقاش وعبد غنم وعوفاً وصبحاً وشيبان، وأمهم الورثة من بني يشكر وهم ينسبون إليها، يقال بنو الورثة وعمر وأمه جذرة سبية من اليمن، وهم يدعون بني الجذرة وهم قليل، ومن الأشراف من بني شيبان المشهورين عوف بن محلم بن ذهل الذي قيل فيه لا حرّ بوادي عوف، ومنهم: الضحاك بن قيس الشاري والبطين بن زيد الشاري وشييب وقعنب الخارجيان، ومنهم: هانئ بن مسعود صاحب ذي قار وأخوه قيس بن مسعود، ومنهم: جساس قاتل كليب، ومنهم: سويد بن سليم الشاري والمثنى بن حارثة الذي افتتح السواد وهلك المثنى، فتزوج سعد بن أبي وقاص امرأته سلمى فنظرت إلى أهل القادسية فقالت: القوم أقران ولا مثنى لهم فلطم سعد عينها، ومنهم: الحوفزان بن شريك ومطر بن شريك، ومن ولد مطر معن ابن زائدة ويزيد بن مزيد، ومنهم: قيس بن مسعود سيد بكر بن وائل وابنه بسطام بن قيس، ومنهم: بنو الشقيقة نسبوا إلى أمهم وهم من يشكر هؤلاء يرجعون إلى ذهل شيبان مضت نزار كلها.
نسب اليمن
قال: وأجمع النساب على أن اليمن من ولد قحطان، وقد ثبت نسبه فيما تقدم من الكتاب، قالوا: ولد قحطان يعرب بن قحطان، فولد يعرب، فولد يشجب بن يعرب، فولد يشجب سبأ بن يشجب. وقال بعضهم: واسم سبأ عامر، فولد سبأ حمير بن سبأ، وكهلان بن سبأ، وعمرو بن سبأ، والأشعر بن سبأ، وأنمار بن سبأ، وعاملة بن سبأ، ومر بن سبأ.
فأما عمرو بن سبأ فولد عدي بن عمرو، وولد عدي لخماً وجذاماً، فمن لخم حدس بن لخم وهم قبائل كثيرة، ويقول قوم: إنهم من ولد أراشة بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس، وذلك أن أراشة لحق باليمن وصار في جذام، ومن لخم غنم بن لخم وهم قبائل كثيرة. ويقول قوم: إنهم من مضر ومن لخم بنو الدار بن هانئ، وهم: الداريون، وكان منهم: تميم الداري، ومن جذام حرام بن جذام وحشم بن جذام، فولد حرام غطفان بن حرام ومالك بن حرام، فمن غطفان نضلة وبنو الأحنف وبنو الضبيب وبنو هدالة وبنو نفاثة وبنو ضليع وبنو عايذة وبنو شبرة وبنو عبد الله وبنو الخضراء وبنو سليم وبنو بجالة وبنو غنم وبنو الفالة، ويزعم قوم أن غطفان بن حرام من قيس عيلان وقعوا إلى اليمن، وولد مالك بن حرام بن جذام سعد بن مالك ووائل بن مالك، وبنو سعد بن مالك بطون كثيرة منهم: بنو عوف وبنو عائذة وبنو فهيرة وبنو صبحة وبنو الأخنس وينوحي وغيرهم. وبنو وائل بن مالك بطون كثيرة. وولد حشم بن جذام خمسة أبطن، منهم: حطمة ونساب مضر تزعم أنهم من بني أسد بن خزيمة وولد الأشعر بن سبأ الأشعريين رهط أبي موسى الأشعري، وولد أنمار بن سبأ ولداً فحالفوا خثعما وبجيلة، ونساب مضر تزعم أن خثعماً وبجيلة أبناء أنمار بن نزار فجرّ أنمار بن سبأ نسبهم إلى سبأ باسم أبيهم. وقال آخرون: خثعم وبجيلة هما أبناء عمرو بن الغوث أخي الأزد بن الغوث وبجيلة امرأة، ومن بطون بجيلة قسر رهط خالد القسري، وبنو أحمس رهط شبل بن معبد وبطونهم ليست بالمشهورة.
عاملة بن سبأ: وولد عاملة قبائل اليمن وهم قليل، وزعم نساب مضر أنهم من ولد قاسط بن وائل، قال الأعشى:
أعامل حتى متى تذهبي * ن إلى غير والدك الأكرم
ووالدكم قاسط فارجعوا * إلى النسب الأتلد الأقدم
حمير بن سبأ: وولد حمير بن سبأ مالك بن حمير وعامر بن حمير وعمر بن حمير وسعد بن حمير ووائلة بن حمير، فولد عامر بن حمير دهمان بن عامر، فولد دهمان يحصب كلها، وولد سعد بن حمير السلف وأسلم، وولد عمرو بن حمير الحارث بن عمرو، وولد الحارث آل ذي رعين، وولد مالك بن حمير قضاعة بن مالك، ومن قبائل قضاعة كلب بن وبرة، ومن بطونهم بنو عدي بن جناب وبنو عليم بن جناب وغيرهم ذكرهم زهير، ومنهم: بنو العبيد. قال الأعشى:
بنو الشهر الحرام فلست منهم * ولست من الكرام بني العبيد
ومنهم رفيدة ومصاد وبنو القين وسليح وتنوخ وجرم بن ربان وراسب بن جرم وبهراء وبلى ومهرة وعذرة وسعد هذيم، وكان هذيم عبداً حبشياً حضن سعداً فنسبت إليه وضنة بن سعد وسلامان بن سعد وجهينة ونهد. ومن قضاعة التبابعة، منهم، ذو الكلاع وذو نواس وذو أصبح تنسب إليه السياط الأصبحية وذو جدن وذو فايش وذو يزن وجوش والشحول وبطون كثيرة، وولد وائلة بن حمير السكاسك بن وائلة والعدد من حمير في السكاسك.
كهلان بن سبأ: وولد كهلان بن سبأ زيد بن كهلان، فولد زيد مالك بن زيد وأدد بن زيد، فولد أدد طيء بن أدد والغوث بن أدد، فمن طيء بنو نبهان بن عمرو وبنو ثعل بن عمرو وحاتم الطائي، ومنهم: جرم بن عمرو وبنو السنبس - قال الشاعر: فصبحها القانص السنبسي
وبنو تيم بن ثعلبة يقول فيهم امرؤ القيس: بنو تميم مصابيح الظلام
وأفخاذ طيء كثيرة غير أن جمهور النسب إلى طيء الأب الأكبر، وولد مالك بن زيد بن كهلان يحابر بن مالك وهو مراد ومرتع بن مالك وقرن بن مالك وخيار بن مالك، فولد مرتع ابن مالك ثور بن مرتع، فولد ثور كندة بن ثور ويزيد بن ثور، فولد يزيد صداء بن يزيد، وولد كندة تجيب والسكون، وولد خيار بن مالك ربيعة بن خيار، وولد ربيعة أوسلة بن ربيعة وهم همدان، ومن همدان السبيع رهط أبي إسحاق السبيعي ووداعة رهط مسروق بن الأجدع، وولد يحابر بن مالك مذحجاً وولد مذحج مراداً وسعد العشيرة وخالد وعنساً.
فأما عنس فهم رهط عمار بن ياسر والأسود العنسي الذي تنبأ باليمن، وولد سعد العشيرة بن مدحج جعفي بن سعد وجنب بن سعد والحكم بن سعد وعائذ الله بن سعد وعبد الله بن سعد واللبو بن سعد وخارجة بن سعد وأسد بن سعد وعمر بن سعد والصعب بن سعد وجمل بن سعد.
وأما جعفي فمنهم مران وحريم ابنا جعفي - قال لبيد:
ولقد نأت يوم النخيل وقبله * مران من أيامنا وحريم
وأما الصعب فمنهم: زبيد بن الصعب رهط عمرو بن معد يكرب الزبيدي وأود بن الصعب.
وأما خارجة فمنهم جديلة بن خارجة وهي من طيء.
وأما عمرو بن سعد فهو أبو خولان بن عمرو.
وأما حكم فهم الذين قيل فيهم جاؤوا حكم.
وأما جنب ففيهم يقول المهلهل:
أنكحها فقدها الأرامل في * جنب وكان الحباء من أدم
وأما جمل فمنهم هند بن عمرو الجملي، وكان مع علي بن أبي طالب فقتل فقال قاتله: قاتل علباء وهند الجملي
وولد مراد بن مذحج أنعم بن مراد ويحابر بن مراد، وكان لهم يغوث بجرش ولد خالد بن مذحج علة بن خالد، فولد علة عمرا فولد عمرو جسرا وكعبا فأما جسر فهو أبو النخع بن جسر رهط إبراهيم النخعي.
وأما كعب فمنهم: بنو النار وبنو الحماص رهط النجاشي الشاعر وبنو قنان، وولد قرن بن مالك بن زيد بن كهلان واسمه نبت الغوث، فولد الغوث الأزد، فولد الأزد مازناً وعمراً ودوساً ونصراً ومالكاً وقداراً والهنو وميدعان وزهران وعامراً وعبد الله.
فأما مازن فهم غسان وغسان ماء نسبوا إليه، ومنهم: بنو جفنة رهط الملوك وآل العنقاء وآل المحرق وتنوخ، وكعب رهط جبلة بن الأيهم، وكان يقال: مازن غسان أرباب الملوك، وحمير أرباب العرب، وكندة كندة الملوك، ومذحج مذحج الطعان، وهمدان أحلاس الخيل، والأزد أشد الناس.
وأما ميدعان: فمنهم سلامان.
وأما زهران: فمنهم دوس بن عدثان رهط أبي هريرة، ومنهم: جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس صاحب الزباء وهو جذيمة الأبرش وجهضم بن مالك رهط الجهاضم، منهم جرير بن حازم الفقيه وسليمة بن مالك رهط أبي حمزة الخارجي وبنو هناءة بن مالك رهط عقبة بن سلم ومعن بن مالك رهط مسعود بن عمرو، ومنهم بطن يقال لهم يحمد منهم الخليل بن أحمد صاحب العروض من فخذ يقال لهم الفراهيد يقال فلان الفرهودي ومن زهران الغطاريف بنو يشكر والجدرة.
وأما عامر بن الأزد: فمنهم بنو لهب بن عامر القافة ومنهم غامد.
وأما عبد الله بن الأزد: فولده كثير منهم القسامل، ومنهم: أزد العتيك رهط المهلب بن أبي صفرة، ومنهم، بارق بن عوف وشهران بن بارق وطاحية بن سود وهداد، ومنهم: عمرو بن عامر مزيقياء والأنصار من ولده وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة العنقاء بن عمرو بن عامر، ومنهم: عمران بن عامر وخزاعة من ولد عمرو بن عامر ومن خزاعة بطن يقال لهم بنو قمير رهط قبيصة بن ذؤيب ورهط عبد الله بن مالك، ومنهم: بنو حليل رهط بنو كرز القافة ومنهم بنو المصطلق وكعب ومليح وعدي وسعد وأسلم وجشم انتهى.
نسب الأوس والخزرج
وهما الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهما ابنا قيلة نسبا إلى أمهما، وهما الأنصار، فولد الخزرج بن حارثة خمسة نفر: جشم بن الخزرج، وعوف بن الخزرج، وهما الخرطومان وكان يقال: إن سرك الغز فحجحج بجشم
والحارث بن الخزرج وعمرو بن الخزرج وكعب بن الخزرج.
فأما جشم بن الخزرج فمنهم: بنو تزيد ومن بني تزرد بن جشم سلمة وبطونها، ومن بني جشم بنو بياضة.
وأما عوف بن الخزرج فمنهم بنو الحبلى رهط عبد الله بن أبي سلول، ومنهم: القواقل كان يقال في الجاهلية للرجل إذا استجار بيثرب قوقل في هذا الجبل ثم قد أمنت. ومنهم: بنو سالم.
وأما عمرو بن الخزرج فمنهم بنو النجار واسم النجار تيم اللات بن ثعلبة سمي بذلك لأنه نجر رأس رجل بقدوم، ويقال لأنه اختتن بقدوم.
وأما كعب بن الخزرج فمنهم بطون بني ساعدة رهط سعد بن عبادة "نسب الأوس بن حارثة" قال: وولد الأوس مالك بن الأوس فمن مالك تفرقت قبائل الأوس وبطونها كلها، فولد مالك بن الأوس عمرو بن مالك وهم النبيت وعبد الأشهل وبنو ظفر، واسم ظفر كعب بن الخزرج وهؤلاء خزرج في الأوس وبنو حارثة ابن الحارث بن الخزرج فهذه النبيت من الأوس وعوف بن مالك، ومنهم: بنو عمرو بن عوف أهل قباء ومنهم جحجبي ومرة بن مالك وهم الجعادرة ويقال لهم أوس الله، وسالم بن مالك وهو بنو واقف والسلم بن مالك وهو رهط سعد بن خثيمة وعبد الله بن مالك وهو بنو خطمة "انقضت الأنساب".
تسمية من خلف على امرأة أبيه بعده
برة: كانت برة ابنة مر أخت تميم بن مر تحت خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر فخلف عليها ابنه كنانة بن خزيمة فولدت له النضر بن كنانة وغيره من ولده إلا عبد مناة بن كنانة.
ناجية ابنة جرم: وكانت ناجية ابنة جرم بن زبان من قضاعة تحت سامة بن لؤي، فولدت له غالب بن سامة، ثم هلك عنها فخلف عليها ابنه الحارث بن سامة.
واقدة: وكانت واقدة من بني مازن بن صعصعة عند عبد مناف فولدت له نوفلاً وأبا عمرو فهلك عنها وخلف عليها هاشم بن عبد مناف فولدت له خالدة وضعيفة.
آمنة: كانت آمنة ابنة ابان بن كليب عند أمية بن عبد شمس فولدت له الأعياص ثم هلك عنها فخلف عليها ابنه أبو عمرو بن أمية وولدت له أبا معيط.
مليكة: كانت مليكة بنت سنان بن أبي حارثة المري أخت هرم بن سنان تحت زبان بن سيار بن عمرو الفزاري فتزوجها بعده ابنه منظور بن زبان وولدت له خولة بنت منظور وهاشم بن منظور فتزوج بها الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فولدت له الحسن بن الحسن ثم خلف عليها بعده محمد بن طلحة بن عبيد الله فجاءت بإبراهيم بن محمد وهو الأعرج.
امرأة من الأنصار: وهي امرأة أساف بن زير بن أساف فخلف عليها أساف بعد أبيه.
امرأة من فهم: كانت تحت نفيل بن عبد العزّى جد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فتزوجها عمرو بن نفيل بعد أبيه فولدت له زيداً فأمه أم الخطاب وزيد هذا هو أبو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.
نسب سيدنا محمد بن عبد الله
المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو محمد: هو سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. واختلف النساب فيما بعد عدنان، وقد بينت ذلك في كتاب النسب، واسم عبد المطلب عامر واسم أبيه هاشم عمر وسمي هاشماً لهشم الثريد وإطعامه، واسم عبد مناف المغيرة، واسم قصي زيد ويدعى مجمعاً لأنه جمع قبائل قريش وأنزلها مكة "أبو النبي صلى الله عليه وسلم وعمومته وعماته".
قال أبو محمد: كان لعبد المطلب بن هاشم من الولد لصلبه عشرة من الذكور ومن الإناث ست بنات أسماؤهم عبد الله بن عبد المطلب وهو أبو النبي صلى الله عليه وسلم والزبير بن عبد المطلب، وأبو طالب بن عبد المطلب واسمه عبد مناف والعباس بن عبد المطلب، وضرار بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد المطلب والمقوم بن المطلب وأبو لهب بن عبد المطلب واسمه عبد العزّى والحارث بن عبد المطلب والغيداق بن عبد المطلب واسمه حجل.
????أسماء عماته
صلى الله عليه وسلم:
عاتكة ابنة عبد المطلب وأميمة بنت عبد المطلب والبيضاء ابنة عبد المطلب وهي أم حكيم وبرة بنت عبد المطلب وصفية بنت عبد المطلب وأروى بنت عبد المطلب وهؤلاء الذكور والإناث لأمهات شتى، أسماؤهن فاطمة ابنة عمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم وولدها منهم عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طالب وعاتكة وأميمة والبيضاء وبرة - سبعة، والنمرية امرأة من النمر بن قاسط واسمها نتيلة بنت كليب بن مالك بن جناب وولدها منهم العباس وضرار - اثنان، وهالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وولدها منهم حمزة والمقوم وصفية - ثلاثة، ولبنى امرأة من خزاعة وولدها منهم أبو لهب واحد. وصفية بنت جندب امرأة من بني عامر بن صعصعة وولدها الحارث وأروى اثنان. وأخرى خزاعية لم يحفظ اسمها - وبلغني أن اسمها ممنعة بنت عمرو - وولدها منهم الغيداو واحد.
أخوال عمومته وأبيه
صلى الله عليه وسلم:
أما عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن له ولد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ولا أنثى وكان أخواله بالمدينة فأتاهم فهلك بها وهو شاب.
وأما الزبير بن عبد المطلب فكان من رجالات قريش في الجاهلية وكان يقول الشعر، وهو القائل:
ولولا الحمس لم تلبس رجال * ثياب أعزة حتى يموتوا
قال أبو محمد: والحمس كنانة وقريش وكان يكنى أبا طاهر ومن ولده عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب أدرك الإسلام وأسلم ولم يعقب، وضباعة بنت الزبير وهي التي كانت تحت المقداد، وأم الحكم وكانت تحت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ولا عقب للزبير بن عبد المطلب من ذكور ولده.
وأما أبو طالب بن عبد المطلب: فولد له علي وجعفر وعقيل وطالب وأم هانئ واسمها فاختة وجمانة، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من علي بعشر سنين، وأعقبوا إلا طالباً فإنه لم يعقب، وأسلمت أمهم فاطمة بنت أسد وهي أول هاشمية ولدت لهاشمية، وتوفي أبو طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين وأربعة أشهر.
وأما العباس بن عبد المطلب: فكان يكنى أبا الفضل وكانت له السقاية وزمزم دفعهما إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وكان يوم العقبة مع النبي صلى الله عليه وسلم فعقد له على الأنصار وقام بذلك الأمر وبقي إلى خلافة عثمان، فمات بالمدينة وقد كف بصره وهو ابن تسع وثمانين سنة، وكان ولد قبل الفيل بثلاث سنين، فكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم فمات بها وصلى عليه عثمان ودخل قبره عبد الله ابنه، وكان له من الولد عبد الله والفضل وعبيد الله وقثم ومعبد وعبد الرحمن وأم حبيب وأمهم أم الفضل، بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أم الفضل لبابة. وتمام وكثير والحارث وآمنة وصفية لأمهات أولاد.
فأما الفضل فكان يكنى أبا محمد وكان أكبر ولده وبه يكنى، ومات بالشام في طاعون عمواس ولا عقب له إلا بنت يقال لها أم كلثوم وكانت عند أبي موسى الأشعري.
وأما عبيد الله بن العباس فكان سمحاً جواداً وكان عاملاً على اليمن وعمي في آخر عمره فولد عبيد الله عبد الله والعباس وجعفراً.
فأما عبد الله فولد الحسن والحسين وأمهما أسماء بنت عبد الله بن العباس وكانت عند عبيد الله بن العباس عائشة الحارثية فولدت له غلامين باليمن فوجه معاوية بسر بن أرطأة مكانه فهرب عبيد الله وأخذ بسر ابنيه فقتلهما وأمهما التي تقول:
يا من أحس بابنيّ اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف
وأما معبد بن العباس: فخرج في خلافة عثمان غازياً إلى أفريقية فقتل بها وأخذت سريته وهي حبلى فولدت جارية، فاستفدت الجارية وزوجت يريم الحميري، وولد معبد عبد الله بن معبد، وولد عبد الله العباس والعباس سود أحدهم بالمدينة أيام قام أبو العباس فأخذها ولا عقب له.
وأما الحارث بن العباس فله عقب منهم السري بن عبد الله والي اليمامة.
وأما قثم بن العباس فقتل بسمرقند.
قال أبو صالح صاحب التفسير: ما رأينا بني أم قط أبعد قبوراً من بني العباس لأم الفضل، مات الفضل بالشام ومات عبد الله بالطائف ومات عبيد الله بالمدينة ومات قثم بسمرقند وقتل معبد بأفريقية.
وأما عبد الله بن العباس فكان يكنى أبا العباس وبلغ سبعين سنة وهلك بالطائف في فتنة ابن الزبير، وقد كف بصره وصلى عليه محمد بن الحنفية وكبر عليه أربعاً وضرب على قبره فسطاطاً.
قال الواقدي: مات ابن عباس سنة ثمان وستين بالطائف وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وكان يصفر لحيته فولد عبد الله علي بن عبد الله، وعباساً ومحمداً والفضل وعبد الرحمن وعبيد الله ولبابة وأمهم زرعة بنت مشرح الكندية، وأسماء لأم ولد.
فأما عبيد الله والفضل ومحمد فلا عقب لهم.
وأما علي بن عبد الله فكان من أعبد الناس وأحلمهم وأكثرهم صلاة، كان يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة، ويكنى أبا محمد ومات بالشراة سنة سبع عشرة ومائة وهو ابن ثمانين سنة.
قال الواقدي: ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب وتوفي سنة ثماني عشرة ومائة.
قال الكلبي: كان الوليد ضرب علي بن عبد الله سبعمائة سوط بسبب سليط وذكر قصته، فولد علي بن عبد الله محمد بن علي أمه العالية بنت عبيد الله بن العباس، وأمها عائشة بنت عبد المدان الحارثي، وداود وعيسى لأم ولد وسليمان، وصالح لأم ولد تسمى سعدى، وإسماعيل وعبد الصمد لأم ولد، ويعقوب لأم ولد، وعبد الله وعبيد الله أمهما أم أبيها ابنة عبد الله بن جعفر، وأمها ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي وأمينة وأم عيسى ولبابة لأمهات أولاد شتى.
وأما محمد بن علي فكان من أجمل الناس وأعظمهم قدراً وكان بينه وبين أبيه أربع عشرة سنة، وكان علي يخضب بالسواد ومحمد بالحمرة فيظن من لا يعرفهما أن محمداً هو علي، ومات سنة اثنتين وعشرين ومائة وفيها ولد المهدي، ويقال: مات سنة خمس وعشرين ومائة بالشراة من أرض الشام وهو ابن ستين سنة، وخلفاء ولد العباس من ولده، وسنذكرهم ونذكر أخوته عند افتتاحنا ذكرهم بعد خلفاء بني أمية إن شاء الله تعالى.
وأما ضرار بن عبد المطلب: فمات قبل الإسلام ولا عقب له وكان يقول الشعر.
وأما حمزة بن عبد المطلب: فكان يكنى أبا عمارة وهو أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم وقتل يوم بدر شبية بن ربيعة وطعينة بن عدي وسباعاً الخزاعي، وقتل يوم أحد زرقة وحشى غلام طعينة فمات وكان رضيع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي أرضعتهم امرأة من أهل مكة يقال لها ثويبة، وولد لحمزة ابن يقال له عمارة من امرأة من بني النجار، ولم يعقب، وبنت يقال لها أم أبيها، أمها زينب بنت عميس الخثعمية وكانت تحت عمر بن أبي سلمة المخزومي.
وأما المقوم بن عبد المطلب: فلم يدرك الإسلام ولا عقب له وكانت له بنت تسمى هند تحت عبد الله بن مسروح أخي بني سعد بن بكر بن هوازن.
وأما أبو لهب بن عبد المطلب: فاسمه عبد العزّى ويكنى أبا عتبة وكان أحول، وقيل له أبو لهب لجماله وأصابته العدسة، فمات بمكة وهو سارق غزال الكعبة وكان من ذهب، وولد له عتبة وعتيبة ومعتب وبنات أمهم أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب، وهي أخت أبي سفيان بن حرب وعمة معاوية.
وأما عتبة: فكان النبي صلى الله عليه وسلم زوجه رقية بنته فأمره أبو لهب أن يطلقها ففعل ودعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم سلط عليه كلباً من كلابك، فأكله الأسد في بعض أسفاره وكان يكنى أبا واسع وله عقب كثير من بنين وبنات منهم: إبراهيم بن أبي خداش بن عتبة والي مكة ومنهم الفضل بن عباس بن عتبة الشاعر وهو القائل:
وأنا الأخضر من يعرفني * أخضر الجلدة في بيت العرب
قال أبو محمد: الخضرة السواد أراد الأدمة وكان الفضل مغنياً وله قصة في مداينة الناس قد ذكرناها في كتاب عيون الأخبار.
وأما معتب فأسلم وشهد حنيناً مع النبي صلى الله عليه وسلم وله عقب كثير.
وأما عتيبة فتزوج أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم وفارقها قبل أن يدخل بها.
وأما الحارث بن عبد المطلب: فهو أكبر ولد عبد المطلب وشهد معه حفر بئر زمزم وبه كان يكنى، ولد له أبو سفيان بن الحارث والمغيرة بن الحارث ونوفل بن الحارث وأروى وربيعة وعبد شمس.
فأما أبو سفيان بن الحارث: فكان أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أرضعته حليمة أياماً وكان يألف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بعث عاده وهجاه ثم أسلم عام الفتح وشهد يوم حنين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم أرجو أن يكون خلفاً من حمزة. وقال فيه أيضاً: أبو سفيان سيد فتيان أهل الجنة، ومات بالمدينة وكان سبب ذلك ثؤلولاً كان في رأسه فحلقه الحلاق بمنى فقطعه، فقال لأهله لا تبكوا علي فإني لم أنتظف بخطيئة منذ أسلمت، وكانت وفاته سنة عشرين ودفن بالبقيع ولم يبقَ له عقب.
وأما نوفل بن الحارث:فكان أسن من أسلم من بني هاشم، كان أسن من حمزة والعباس وجميع أخوته، وأسر يوم بدر ففداه العباس، وأسلم وهاجر أيام الخندق، وله عقب كثير منهم عبد الله بن الحارث ولقبه ببة، وكان أصم وخرج مع ابن الأشعث فلما هزم هرب إلى عمان فمات بها.
وأما عبد شمس بن الحارث: فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، ومات بالصفراء بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفنه النبي صلى الله عليه وسلم في قميصه وعقبه بالشام يقال لهم الموزة لقلتهم، ولأنهم لا يكادون يزيدون على ثلاثة.
ومن ولد نوفل بن الحارث: المغيرة، كان قاضياً بالمدينة في خلافة عثمان وشهد مع علي صفين، وأوصاه علي أن يتزوج أمامة بنت أبي العاص بعده، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: إني أخاف أن يتزوجها معاوية، فتزوجها المغيرة فولدت له يحيى وكان به يكنى، وولد له من غيرها عبد الملك وعبد الواحد وسعيد وعبد الرحمن وفلان وفلان كل هؤلاء من غير أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب: فكانت له صحبة وقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل ربيعة لو قصر من شعره وشمر من ثوبه، وكان شريك عثمان في التجارة ولربيعة بنون وبنات منهم العباس بن ربيعة، وكان له قدر، وأقطعه عثمان داراً بالبصرة، وأعطاه مائة ألف درهم، وشهد صفين مع علي فقتل وهو المذكور في حديث أبي الأغر التميمي، وكانت تحته أم فراس بنت حسان بن ثابت فولدت له أولاداً وعقبه كثير. انقضى ذكر عمومة النبي صلى الله عليه وسلم.
??ذكر عماته
صلى الله عليه وسلم:
أما عاتكة بنت عبد المطلب فكانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي. وكانت أميمة بنت عبد المطلب عند جحش بن رئاب الأسدي، وكانت البيضاء بنت عبد المطلب عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وكانت برة بنت عبد المطلب عند عبد الأسد بن هلال المخزومي فولدت له أبا سلمة بن عبد الأسد الذي كانت أم سلمة عنده قبل أن تكون عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خلف عليها أبو رهم بن عبد العزّى من عامر بن لؤي فولدت له أبا سبرة بن أبي رهم، وكانت صفية ابنة عبد المطلب عند الحارث بن حرب بن أمية ثم خلف عليها العوام بن خويلد وهي أم الزبير، وكانت أروى بنت عبد المطلب عند عمير بن عبد بن قصي بن كلاب ولم تسلم من عماته صلى الله عليه وسلم إلا صفية أم الزبير واختلف في أروى فذكر بعضهم أنها أسلمت أيضاً، وتوفيت صفية في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه.
آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم:
قال أبو محمد: وأما أم النبي صلى الله عليه وسلم فهي آمنة ابنة وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ولا يعلم أنه كان لآمنة أخ فيكون خال النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن بنو زهرة يقولون نحن أخوال النبي صلى الله عليه وسلم لأن آمنة منهم رضي الله تعالى عنهم.
ذكر جدات النبي
صلى الله عليه وسلم: قال أبو محمد: أما جدة النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه فهي فاطمة بنت عمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم، هذه أم عبد الله أبي النبي صلى الله عليه وسلم. وأم عبد المطلب بن هاشم سلمى ابنة عمرو من بني النجار، وأمها منهم أيضاً وكذلك أم أمها، وكانت سلمى قبل أن يتزوجها هاشم بن عبد مناف تحت أحيحة بن الجلاح فولدت له عمرو بن أحيحة فهو أخو عبد المطلب لأمه. وأم هاشم بن عبد مناف عاتكة ابنة مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان من بني سليم.
قال أبو محمد: وذكر أبو اليقظان أن أم عبد مناف حي ابنة حليل الخزاعية، وكان مفتاح البيت في يد حليل الخزاعي فأخذه منه قصي بن كلاب، وأم قصي بن كلاب فاطمة بنت سعيد من أزد السراة. وأم كلاب نعيم ابنة سرير بن ثعلبة بن مالك بن كنانة. وأم مرة وحشية ابنة شيبان بن محارب بن فهر. وأم كعب سلمى ابنة محارب بن فهر وأم لؤي وحشية ابنة مدلج بن مرة بن عبد مناة بن كنانة. وأم غالب سلمى ابنة سعد بن هذيل بن مدركة، وأم فهر جندلة ابنة الحارث الجرهمي، وأم مالك هند ابنة عدوان بن عمرو من قيس عيلان، وأم النضر برة بنت مر وهي أخت تميم بن مرة، وكانت تحت أبيه كنانة، فخلف عليها بعد أبيه فتميم أخوال قريش كأن قريشاً من النضر تقرشت.
جدات النبي لأمه صلى الله عليه وسلم لأمه: قال أبو محمد: أم آمنة بنت وهب برة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وأم برة أم حبيب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة، وأم أم حبيب برة ابنة عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي، وأم برة بنت عوف قلابة بنت الحارث بن لحيان بن هذيل، وأم قلابة هند بنت يربوع من ثقيف.
وأما أم وهب: جد النبي صلى الله عليه وسلم لأمه فهي عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال ابن فالج بن ذكوان بن سليم، وعبد مناف أبو وهب أمه زهرة، وإليها ينسب ولدها دون الأب، ولا أعرف اسم الأب، وقد أقيمت في التذكير مقام الأب، وزهرة بن كلاب أخو قصي بن كلاب، وأمهما فاطمة ابنة سعد ابن أزد السراة.
آظار النبي
صلى الله عليه وسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسترضعاً في بني سعد بن بكر بن هوازن، وكان اسم ظئرة حليمة بنت أبي ذؤيب، واسم أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث بن سعد بن بكر، واسم ابنه الذي أرضعته بلبانه الحارث بن عبد العزّى من سعد بن بكر، وأخوته من الرضاعة: عبد الله بن الحارث، وأنيسه ابنة الحارث وجدامة بنت الحارث، وهي الشيماء لقب غلب على اسمها، ولبث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس سنين ثم رد على أمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أفصح العرب مبدأي من قريش ونشأت في بني سعد بن بكر".
أزواج النبي
صلى الله عليه وسلم:
أول أزواجه خديجة ابنة خويلد
بن أسد بن عبد العزّى بن قصي، وأمها فاطمة ابنة زائدة بن الأصم من بني عامر بن لؤي، وأمها هالة بنت عبد مناف من بني الحارث بن معيص، وخديجة أم أولاد النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وكانت خديجة عند عتيق بن عائذ المخزومي فولدت له جارية وتزوجها بعده أبو هالة نباش بن زرارة الأسيدي، تميمي بن بني حبيب بن جروة، ومات بمكة في الجاهلية، وكانت ولدت له هند ابن أبي هالة فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده، ولم ينكح عليها امرأة حتى ماتت وربي ابنها هنداً فكان ربيبه، وكان يقول هند أنا أكرم الناس أباً وأماً وأخاً وأختاً أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمي خديجة وأختي فاطمة وأخي القاسم، وولد هند ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ابن سماه هنداً أيضاً وهلك في الطاعون الجارف، وكان تزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة ولم تزل معه إلى أن قبضت أربعاً وعشرين سنة وشهوراً، وكانت وفاتها بعد وفاة عمه أبي طالب بثلاث أيام.
سودة ابنة زمعة:
قال أبو محمد: وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة بنت زمعة وكانت تحت السكران بن عمرو، وهو من مهاجرة الحبشة فمات ولم يعقب، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده.
عائشة رضي الله عنها: قال أبو محمد: ثم تزوج عائشة ابنة أبي بكر الصديق بكراً ولم يتزوج بكراً غيرها، وكان تزويجه بها بمكة وهي بنت ست سنين، ودخل بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين بعد سبعة أشهر من مقدمه المدينة، وقبض وهي بنت ثماني عشرة سنة وتكنى أم عبد الله. قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا مالك بن سعير، قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها، قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت تسع سنين تريد دخل بي وكنت عنده تسعاً وبقيت إلى خلافة معاوية، وتوفيت سنة ثمان وخمسين وقد قاربت السبعين، فقيل لها: ندفنك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقالت إني قد أحدثت بعده، فادفنوني مع أخواني، فدفنت بالبقيع وأوصت إلى عبد الله بن الزبير.
فمن موالي عائشة رضي الله عنها: علقمة بن أبي علقمة كان يروي عنه مالك بن أنس، وكان علقمة معلماً يعلم العربية والنحو والعروض ومات في أول خلافة المنصور.
ومن مواليها أبو السائب وقد روي عنه اسمه عثمان.
حفصة رضي الله عنها: وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة ابنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكانت تحت خنيس بن عبد الله بن حذافة السهمي، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان خنيس رسول النبي إلى كسرى ولا عقب له، وحفصة أخت عبد الله بن عمر لأمه وأبيه، وأمهما زينب بنت مظعون وماتت بالمدينة في خلافة عثمان.
زينب ابنة خزيمة رضي الله عنها: وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب ابنة خزيمة من بني عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة وكانت تحت عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وكان يقال لها أم المساكين، وماتت قبله.
زينب ابنة جحش رضي الله عنها: وتزوج زينب ابنة جحش الأسدية من بني غنم دودان بن أسد بن خزيمة، وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم، أمها أمية بنت عبد المطلب، وهي أول من مات من أزواجه بعد وفاته في خلافة عمر رضي الله عنه، وهي أول من حمل في نعش، وكانت خليقة، فلما رأى عمر النعش قال: نعمَ خباء الظعينة، وكانت عند زيد بن حارثة وفيها نزلت "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك".
أم حبيبة واسمها رملة رضي الله عنها: وتزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت تحت عبيد الله بن جحش الأسدي، فتنصر وهلك بأرض الحبشة فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده، وكان السرير الذي حمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها، فهو باق بالمدينة عند مولى لها، وبقيت إلى خلافة معاوية.
أم سلمة رضي الله عنها: وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وكانت قبله تحت أبي سلمة بن عبد الأسد، وكان لها منه زينب بنت أبي سلمة وعمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمر مع علي يوم الجمل وولاه البحرين، وله عقب بالمدينة، وأم سلمة بنت عم أبي جهل وأخوها عبد الله بن أبي أمية كان من أشد قريش عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم واستشهد يوم الطائف. وتوفيت أم سلمة سنة تسع وخمسين بعد عائشة بسنة وأيام، وكانت خيرة أم الحسن البصري مولاة أم سلمة، وكان شيبة بن نصاح بن سرحس بن يعقوب مولى أم سلمة، وكان إمام أهل المدينة في القراءة في دهره، ومن مواليها أبو ميمونة وكان نافع بن أبي نعيم قرأ عليه.
ميمونة رضي الله عنها:
وتزوج صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث وهي من ولد عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، فتزوجها وبنى بها بسرف، وسرف على عشرة أميال من مكة، وتوفيت أيضاً بسرف سنة ثمان وثلاثين ودفنت هناك، وكانت قبل أن يتزوجها تحت أبي سبرة بن أبي رهم العامري، وكانت أم ميمونة امرأة من جرش يقال لها هند ابنة عمرو، وولدت بنات من رجلين منهن: ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهن: أم الفضل لبابة بنت الحارث بن جزء بن بجير بن هرم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، وكانت عند العباس بن عبد المطلب، ومنهن: زينب ابنة عميس الخثعمية، وكانت عند حمزة. وسلمى بنت عميس، وكانت تحت شداد بن الهاد. وأسماء ابنة عميس الخثعمية، وكانت عند جعفر بن أبي طالب، وخلف عليها أبو بكر، ثم خلف عليها علي وقد ولدت لهم جميعاً، وكان يقال لأمهم: الجرشية أكرم عجوز في الأرض آصهاراً، وكان يسار مولى ميمونة وولده عطاء وسليمان ومسلم وعبد الملك، كلهم فقهاء.
صفية رضي الله عنها: وتزوج صلى الله عليه وسلم صفية ابنة حيي بن أخطب النضيري، وكانت تحت رجل من يهود خيبر يقال له: كنانة، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنقه بأمر أحل دمه وسبى أهله وتزوجها، وتوفيت سنة ست وثلاثين.
جويرية رضي الله عنها: وتزوج صلى الله عليه وسلم جويرية بن الحارث، وكان أغار على بني المصطلق وهم غادون ونعمهم تسقى على الماء، فكانت جويرية بنت الحارث مما أصاب وتزوجها، وتوفيت سنة ست وخمسين.
امرأة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها ثم طلقها، ولم يبن بها.
قال أبو محمد اليقظان: وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة وهي من بني القرطات وهم من بني أبي بكر بن كلاب فوصفها أبوها، ثم قال: وأزيدك أنها لم تمرض قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لهذه عند الله من خير وطلقها ولم يبن بها.
امرأة تزوج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بها ثم طلقها ولم يطأها.
قال أبو اليقظان: وتزوج أميمة بنت النعمان بن شراحيل الجونية، فلما دخل عليها قال لها: هبي لي نفسك فقالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة? فأهوى بيده يضعها عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: قد عذت بمعاذ، ثم سرحها ومتعها. وقال قوم: إن التي قالت أعوذ بالله منك هي مليكة الليثية وقال آخرون: هي فاطمة بنت الضحاك وكان تزوجها بعد وفاة زينب ابنته.
امرأة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عنها.
قال أبو اليقظان: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان إلى أبيها، فقال: إن بها برصاً وهو كاذب، فرجع فوجدها برصاء، ويقال إن ابنها شبيب بن البرصاء بن الحارث بن عوف المري والحارث بن عوف هو صاحب الحمالة بين عبس وذبيان. "التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم" قال أبو اليقظان: هي خولة بنت حكم السلمي وقال غيره هي أم شريك الأزدية.
أولاد النبي
صلى الله عليه وسلم: وولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة القاسم، وبه كان يكنى، والطاهر والطيب وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم، ومن مارية القبطية إبراهيم.
فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين، قال مجاهد: مكث القاسم سبع ليال ثم مات.
زينب فكانت عند أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، واسم أبي العاص القاسم، ويقال: مقسم، وأمه هالة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى أخت خديجة ابنة خويلد، فأبو العاص بن الربيع ابن خالة زينب وهو زوجها، وكان تزوجها وهو مشرك، فقالت له قريش: طلقها ونزوجك بنت سعيد بن العاص فأبى، وكان أبو العاص أسر يوم بدر فمنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلقه بغير فداء، فأتت زينب الطائف ثم أتت النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقدم أبو العاص المدينة فأسلم وحسن إسلامه، وماتت زينب بالمدينة بعد مصير النبي صلى الله عليه وسلم إليها بسبع سنين وشهرين، وتزوج أبو العاص بنت سعيد بن العاص وهلك بالمدينة وأوصى إلى الزبير بن العوام، وكان له من زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة يقال لها أمامة تزوجها المغيرة بن نوفل، فولدت له يحيى ولم يعقب.
رقية
فتزوجها عتبة بن أبي لهب، فأمره أبوه أن يطلقها فطلقها قبل أن يدخل بها، وتزوجها عثمان بن عفان بالمدينة وماتت بها بعد مقدمه يعني النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بسنة وعشرة أشهر وعشرين يوماً، وولدت لعثمان عبد الله وهلك صبياً لم يجاوز ست سنين، وكان نقره ديك على عينه فمرض فمات.
أم كلثوم فتزوجها عتيبة بن أبي لهب وفارقها قبل أن يدخل بها، ثم تزوجها عثمان رضي الله عنه بعد رقية، وتوفيت لثماني سنين وشهر وعشرة أيام بعد مقدمه المدينة.
فاطمة فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمدينة بعد سنة من مقدمه المدينة، وابتنى بها بعد ذلك بنحو من سنة، وماتت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بمائة يوم، وولدت لعلي الحسن والحسين ومحسناً وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى، وسنذكرهم عند ذكرهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع سائر ولده.
إبراهيم بن مارية القبطية فإنه ولد بالمدينة بعد ثماني سنين من مقدمه وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، وكانت أمه مارية هدية المقوقس ملك الإسكندرية إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو محمد: حدثني محمد بن زياد الزيادي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن بشر بن المهاجر الغنوي، عن عبد بن بريدة بن الخضيب، عن أبيه قال: أهدى أمير القبط إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين أختين وبغلة، فكان يركب البغلة بالمدينة، واتخذ إحدى الجاريتين فولدت له إبراهيم ووهب الأخرى لحسان بن ثابت، وقال غيره: كان اسم الجارية سيرين، وهي أم عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، ويقال: إن مارية أم ولده ماتت بعده بخمس سنين.
موالي رسول
الله صلى الله عليه وسلم: زيد بن حارثة وأم أيمن امرأته.
قال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم الطائي، قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: أم أيمن مما ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمه، وكان اسمها بركة فأعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها عبيد الخزرجي بمكة، فولدت أيمن، ثم إن خديجة ملكت زيد بن حارثة اشتراه لها حكيم بن حزام بسوق عكاظ بأربعمائة درهم: فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تهب له زيداً وذلك بعد أن تزوجها فوهبته له، فأعتقه وزوجه أم أيمن فولدت له أسامة بن زيد، فأسامة وأيمن أخوان لأم، فكان لأيمن ابن يقال له جبير، وقال بعض أصحاب الأخبار: هو زيد بن حارثة بن شراحيل من كلب أدركه سباء فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبناه، فكان يقال له زيد بن محمد حتى نزلت: "ادعوهم لآبائهم" الأحزاب:5 وكان ممن أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجيش يوم مؤته فاستشهد، وكان يوم مؤته في سنة ثمان، وكانت أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم امرأته، وقتل وهو ابن خمس وخمسين سنة، وكان قصيراً آدم شديد الأدمة في أنفه فطس ويكنى أبا أسامة، وكان لأسامة ابنان يروي عنهما محمد بن أسامة والحسن بن أسامة. وأبو غزية محمد بن موسى من بني مازن بن النجار قد ولده أسامة بن زيد بن حارثة من قبل أمهاته.
أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: واسمه أسلم أجمعوا على ذلك واختلف في قصته فقال بعضهم: كان للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم العباس بشر أبو رافع، فلم يزل كاتباً لعلي بن أبي طالب خلافته كلها. وقال آخرون: كان لسعيد بن العاص إلا سهماً من سهام، فأعتقه سعيد واشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك السهم فأعتقه، وكان له ابنان: عبيد الله وكان يكتب لعلي وقد روى عنه الحديث، وعبد الله وكان شريفاً فلما ولي سعيد بن العاص المدينة أرسل إلى عبيد الله فقال له: مولى من أنت? فقال له: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه لسعيد بن العاص فورثه ولده، فأعتق بعضهم في الإسلام، وتمسك ببعض، فجاء أبو رافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه على من لم يعتق فكلمهم فيه، فوهبوه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه.
سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كان أسود من مولدي الأعراب، واختلفوا في اسمه، فقال بعضهم: كان اسمه مهران ويكنى أبا عبد الرحمن، وقال بعضهم: كان اسمه ريا فسماه رسول الله سفينة، وذلك أنه كان في سفر، فكان كل من أعيا وكل ألقى عليه بعض متاعه ترساً سيفاً حتى حمل من ذلك شيئاً كثيراً، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت سفينة. واختلفوا أيضاً في قصته، فقال بعضهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراه فأعتقه، وقال آخرون: اشترته له أم سلمة وأعتقته، وشرطت عليه أن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش.
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان يكنى أبا عبد الله، وهو من أهل السراة وذكروا: أنه من حمير أصابه سباء فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقه ولم يزل - قال - معه حتى قبض، ثم تحول إلى الشام فنزل حمص وله بها دار صدقة ومات سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية.
بشار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان بشار نوبياً أصابه في غزاة بني عبد بن ثعلبة فأعتقه، وهو الذي قتله العرنيون الذين أغاروا على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم وقطعوا يده ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات، فانطلقوا بالسرح وأدخل المدينة ميتاً.
شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمه صالح ويقال إن أباه كان يقال له عدي: واختلفوا في قصته، فقال بعضهم: كان لعبد الرحمن بن عوف وابتاعه منه وأعتقه.
قال أبو محمد: حدثني زيد بن أخزم قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: شقران مما ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه.
أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسم أبي كبشة سليم من مولدي أرض دوس، ويقال من مولدي مكة، ابتاعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقه، وتوفي أول يوم استخلف فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أبو ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان مما أفاء الله على رسوله، وكان من العرب وأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب له كتاباً هو في يد ولده بالإيصاء به وبأهل بيته ومن ولده: حسين بن عبد الله بن ضميرة وفد على المهدي ومعه الكتاب فوضعه على عينيه ووصله بثلاثمائة دينار.
مدعم مولى النبي صلى الله عليه وسلم: كان مدعم عبداً لرفاعة بن زيد الجذامي فوهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال: هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم حين قتل: إن الشملة التي غلها يوم حنين تحرق عليه في النار.
أبو مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان أبو مويهبة مولداً من مولدي مزينة فاشتراه فأعتقه وهو الذي انطلق به إلى البقيع وقال: إني أمرت أن استغفر لهم.
النبيه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان النبيه من مولدي السراة فاشتراه صلى الله عليه وسلم وأعتقه.
فضالة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان فضالة هذا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بالشام.
خيل رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومراكبه كان فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد السكب وفرس أبي بردة بن نيار يومئذ يقال له: ملاوح والمرتجز فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اشتراه من الأعرابي وشهد له خزيمة بن ثابت، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرس يقال له لزاز وفرس يقال له الضرب وفرس يقال له: اللحيف وفرس يقال له: الورد. وكانت البغلة التي أهداها إليه المقوقس يقال لها: دلدل، وبقيت إلى زمن معاوية وكان له حمار يقال له يعفور، وكان له من النوق القصواء والجدعاء والعضباء، وكانت لقاحه صلى الله عليه وسلم التي أغار عليها عيينة بن حصن بالغابة عشرين لقحة.
أحوال النبي ومغازيه
صلى الله عليه وسلم في مولده ومبعثه ومغازيه إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم
قال: وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، وبين عام الفيل وعام الفجار عشرون سنة، ودفعته أمه إلى آظاره من بني سعد بن بكر، فلم يزل عندهم خمس سنين ثم ردوه عليها فأخرجته أمه إلى أخواله إلى المدينة بعد سنة وتوفيت بالأبواء، وردته أم أيمن حاضنته إلى مكة بعد موت أمه، وتوفي عبد المطلب وهو ابن ثماني سنين وشهرين وخرج مع أبي طالب عمه إلى الشام في تجارة وهو ابن اثنتي عشرة، وشهد الفجار وهو ابن عشرين سنة، وخرج إلى الشام لخديجة ابنة خويلد وهو ابن خمس وعشرين سنة وتزوجها بعد ذلك بشهرين وأيام، وبنيت الكعبة ورضيت قريش بحكمه فيها وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وبعث وهو ابن أربعين سنة بعد بنيان الكعبة بخمس سنين. ورأت قريش النجوم يرمي بها بعد عشرين يوماً من مبعثه، وتوفي عمه أبو طالب وهو ابن تسع وأربعين سنة وثمانية أشهر وأيام، وتوفيت خديجة بعد أبي طالب بثلاثة أيام وخرج إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة بعد ثلاثة أشهر من موت خديجة فأقام بها شهراً ثم رجع إلى مكة في جواره مطعم بن عدي، وأسرى به إلى بيت المقدس من بعد سنة ونصف من وقت رجوعه إلى مكة، ثم أمره الله عز وجل بالهجرة وافترض عليه الجهاد فأمر أصحابه بالهجرة فخرجوا أرسالاً وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر وعبد الله بن أرقم ويقال أرقط الديلي، وخلف علياً على ودائع كانت عنده للناس حتى أداها ثم لحق به مهاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فقال في ذلك حسان بن ثابت: هكذا قال أبو اليقظان:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة * يذكر لو يلقى حبيباً مواتيا
ويعرض في أهل المواسم نفسه * فلم يرَ من يؤوي ولم يرَ داعيا
فلما أتانا واطمأنت به النوى * فأصبح مسروراً بطيبة راضيا
وأما محمد بن إسحاق فذكر أن البيت الأول لصرمة بن أبي أنس الأنصاري، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأولى فكان التاريخ من شهر ربيع الأول فرد إلى المحرم لأنه أول شهور السنة ونزل بقباء على كلثوم بن الهدم من بني عمرو بن عوف الأوسي، ثم مات كلثوم فتحول إلى سعد بن خثيمة الأوسي فأقام شهراً وأربعة أيام إلى أن تمت صلاة المقيم ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بعد خمسة أشهر من وقت إتمام الصلاة، ثم غزا غزاة ودان بعد ستة أشهر، ثم غزا عيراً لقريش بعد شهر وثلاثة أيام ثم غزا في طلب كرز حتى بلغ بدراً بعد عشرين يوماً ووجهت من غفار رهط أبي ذر من بطن يقال لهم بنو النار نسب الماء إليه. وقال الشعبي: بدر بئر كانت لرجل يدعى بدراً ولم ينسبه، وكان المشركون تسعمائة وخمسين رجلاً، وكان المسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً يعتقب النفر البعير الواحد، عدة لأنصاريين منهم مائتان وسبعون رجلاً والباقون من سائر الناس، وكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض ورايته سوداء من مرط لعائشة مرحل وكانت رايته يومئذ مع علي ولواؤه مع مصعب بن عمير ولم يبق من قريش بطن إلا نفر منهم ناس من المشركين إلا بني عدي بن كعب فإنه لم يخرج منهم رجل واحد، وكان قوم من زهرة قد خرجوا، فقام الأخنس بن شريق الثقفي فيهم وكان حليفاً له، فأشار عليهم بالرجوع فرجعوا، فلم يشاهد منهم بدراً أحد، وإنما سمي الأخنس. قال أبو اليقظان: عثمان البتي الفقيه بالبصرة من مواليه صلى الله عليه وسلم.
أسماء المتخلفين عن بدر
من المهاجرين والأنصار المشهورين بالعذر أسماؤهم: عثمان بن عفان تخلف عن بدر على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه فقال عثمان: وأجري برسول الله! قال: وأجرك.
وطلحة بن عبيد الله كان بالشام فتخلف عن بدر وقدم بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه فضرب له بسهمه فقال: وأجري برسول الله? قال: وأجرك.
وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كان أيضاً بالشام فقدم بعدما رجع رسول الله من بدر فضرب له بسهمه فقال: وأجري برسول الله? قال: وأجرك.
وأبو لبابة والحارث بن حاطب الأنصاريان خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فردهما وأمر أبا لبابة على المدينة وضرب لهما بسهمين مع أصحاب بدر.
أسماء المطعمين من قريش
في غزاة بدر:
كان المطعمون من قريش، العباس بن عبد المطلب وعتبة بن ربيعة والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي.
وأما النجاري بن هشام وحكيم بن حزام والنضر بن الحارث بن كلدة وأبا جهل بن هشام وأمية بن خلف ومنبهاً ونبيهاً ابني الحجاج وسهل بن عمرو.
عدة من قتل ومن أسر يوم بدر
وعدة من قتل من المشركين: قتل يوم بدر خمسون رجلاً، وأسر أربعة وأربعون رجلاً، وكان فيمن أسر العباس بن عبد المطلب أسره أبو اليسر كعب بن عمرو، وعقيل بن أبي طالب وكانا خرجا مكرهين، ونوفل بن الحارث بن كلدة فقتلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء.
وروى ابن المبارك عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أنه قال: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبراً ثلاثة يوم بدر: عقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي والنضر بن الحارث.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس أفد نفسك وابني أخويك عقيلاً ونوفلاً وحليفك فإنك ذو مال. فقال: يا رسول الله إني كنت مسلماً. ولكن القوم استكرهوني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أعلم بإسلامك إن يكن ما تقول حقاً فالله يجزيك به، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا قال: فإنه ليس لي مال. قال: فأين المال الذي وضعته عند أم الفضل بمكة حين خرجت وليس معكما أحد ثم قلت: إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا ولعبد الله كذا? قال: والذي بعثك بالحق نبياً ما علم بهذا أحد غيرها، وإني لأعلم إنك رسول الله ففدّى نفسه بمائة أوقية وكل واحد بأربعين أوقية. هكذا قال ابن إسحاق. وقال: تركتني أسأل الناس في كفي فأسلم العباس وأمر عقيلاً فأسلم ولم يسلم من الأسارى غيرهما وقتل علي بن أبي طالب يومئذ العاص بن سعيد بن العاص والوليد بن عتبة بن ربيعة وعامر بن عبد الله حليفاً لهم من بني أنمار بن بغيض. وقتل علي أيضاً نوفل بن خويلد أخا العوام بن خويلد، واختلف في طعيمة بن عدي فقال بعضهم: قتله علي. وقال بعضهم: قتله حمزة وقال بعضهم: قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم صبراً وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة، وقتل حمزة بن عبد المطلب شيبة بن ربيعة والأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي، وقتل عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب عتبة بن ربيعة، وقتل الزبير بن العوام عبيدة بن سعيد بن العاص، وقتل عمرو بم الجموح الأنصاري أبا جهل بن هشام ضربه بالسيف على رجله فقطعها وذفف عليه عبد الله بن مسعود، وقتل عمار بن ياسر علي بن أمية بن خلف، وسائر من قتل لا يعرف قاتلهم من الأنصار. واستشهد من المسلمين يوم بدر أربعة عشر رجلاً منهم عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب قاتل عتبة ومهجع مولى عمرو ذو الشمالين وعمير بن أبي وقاص أخو سعد، وغافل بن البكير يقال له غافل، وعاقل وصفوان بن البيضاء، والباقون من الأنصار. وكانت بدر في شهر رمضان سنة اثنتين لسبع عشرة ليلة خلت منه، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وتوفيت رقية ابنته، وابتنى علي بفاطمة بعد وفاة رقية بستة عشر يوماً، وتزوج عثمان ابنته أم كلثوم وابتنى بها بعد ابتناء علي بفاطمة بخمسة اشهر ونصف، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بعد ذلك بشهرين، وتزوج زينب ابنة خزيمة بعدها بعشرين يوماً، وولد الحسن بن علي بعد ذلك بخمسة أيام. هذا في بعض الروايات وإن كان صحيحاً فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض والحسن ابن سبع سنين. وفي رواية ابن إسحاق فيما أحسب أنها ولدت الحسن سنة ست بعد خيبر.
فأما الحسين فإنه ولد بعد الحسن بعشرة أشهر واثنين وعشرين يوماً، وأرضعته وهي حامل ثم أرضعتهما جميعاً.
قال ابن إسحاق: وكانت غزاة أحد سنة ثلاث. قال: ولما سارت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، حتى نزل بيوت بني حارثة فأقاموا بقية يومهم وليلتهم ثم خرج من غد في ألف رجل من أصحابه، فلما كانوا ببعض الطريق انخذل عنهم عبد الله بن أبي سلول بثلث الناس، وقالوا: والله ما ندري علام نقتل أنفسنا! وهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع؛ ثم عصمهم الله عز وجل، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذب فرس بذنبه فأصاب ذؤاب سيف فاستله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب السيف، وكان يحب الفأل ولا يعلف: شم سيفك، فإني أرى السيوف ستسل اليوم.وكانت قريش يومئذ ثلاثة آلاف، وث3 صلى الله عليه وسلم في سبعمائة، فظاهر يومئذ بين درعين وأخذ سيفاً فهزه وقال: من يأخذ بحقه? فقال عمر: أنا فأعرض عنه، وقال الزبير أنا فأعرض عنه، فوجدا في أنفسهما. فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فأعطاه إياه وكان على الرماة يومئذ عبد الله بن جبير أخو خوات بن جبير صاحب ذات النحيين وكانت الدائرة على المشركين حتى خالفت الرماة ما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثبوت بموضعها ومالت إلى الغنائم فأصيب المسلمون وانهزم منهم من انهزم.
عدة من استشهد من المسلمين يوم أحد
استشهد من المهاجرين يوم أحد أربعة نفر: حمزة بن عبد المطلب وعبد الله بن جحش ومصعب بن عمير وشماس بن عثمان بن الشريد، واستشهد من الأنصار أحد وسبعون رجلاً.
عدة من قتل من المشركين يوم أحد
قتل علي بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار مبارزة، وكان صاحب لواء المشركين، وأبا حكم بن الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، وأبا أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة. وقتل حمزة عثمان بن أبي طلحة وسباع بن عبد العزّى. وقتل سعد بن أبي وقاص أبا سعد بن أبي طلحة. وقتل عاصم بن ثابت مسافع بن طلحة وكلاب بن طلحة والجلاس بن طلحة والحارث بن طلحة، هذا قول بعضهم.
وأما قول ابن إسحاق فإنه ذكر أن الجلاس والحارث قتلهما قزمان حليف بني ظفر. قال: وقتل قزمان يومئذ أرطأة بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وغلاماً له حبشياً يقال له صوات، والقاسط بن شريح بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وهشام بن أبي أمية بن المغيرة، والوليد بن العاص بن هشام وخالد بن الأعلم، وعبيدة بن جابر، وشيبة بن مالك بن المضرب. وكان قزمان هذا منافقاً وهو القائل: "والله إني قاتلت الأحدبا على قومي" وجرح، فاشتد به جراحه فقتل نفسه وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر. وقتل عبد الرحمن بن عوف أسيد بن أبي طلحة فكان من قتل في هذا اليوم من بني عبد الدار عشرة نفر ومولى لهم، ولم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم من بني الدار بن قصي إلا مصعب بن عمير، واستشهد في هذا اليوم، وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقال أن هذه الآية نزلت في عبد الدار: "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون" الأنفال: 22.
وكان يوم الخندق سنة أربع، ويم بني المصطلق ويوم بني لحيان في شعبان سنة خمس، ويوم خيبر في سنة ست، وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة، وفيه قدم عليه جعفر بن أبي طالب من عند النجاشي، وفيها صالحه أهل فدك على النصف من ثمارهم فكانت له، خاصة لأنه لم يوجف عليها المسلمون، وفيها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمراً فصده المشركون، وكان ساق معه من الهدي سبعين بدنة، فعكفوه عن أن يبلغ محله فبايع المسلمون تحت الشجرة بيعة الرضوان، وكان الناس سبعمائة.
قال: حدثنا زيد بن أخرم، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا قرة بن خالد عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كانوا في بيعة الرضوان? قال: خمس عشرة مائة، قال: قلت فإن جابر بن عبد الله هو الذي حدثني أنهم كانوا أربعة عشرة مائة. قال: أوهم رحمه الله هو الذي حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة.
وكان أول من بايع عبد الله بن عمر، وكانت البيعة بسبب عثمان رضي الله عنه، وذلك أنه بعثه إلى مكة ليخبر قريشاً أنه لم يأت لحرب، فاحتبسته قريش عندها، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قتل، فدعا الناس إلى البيعة على مناجزة القوم. ثم بلغه أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة إلى مؤتة في سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة. وقال: إن أصيب زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب على الناس. فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس. وكانوا ثلاثة آلاف، فقتل زيد بن حارثة وجعفر وعبيد الله بن رواحة وقام بأمر الناس خالد بن الوليد فحاشى بهم يعني: اتقى بهم.
وفي سنة ثمان ولد له صلى الله عليه وسلم إبراهيم ومات النجاشي وماتت أم كلثوم بنته. وفي سنة ثمان فتح الله عليه مكة في شهر رمضان فأقام بها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة ثم سار إلى حنين في سنة ثمان في شوال واستخلف على مكة عتاب بن أسيد وحج بالناس على منازلهم ومن الشرك. ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع هوازن بحنين للنصف من شوال فهزمهم الله عز وجل ونفله أموالهم ونساءهم، وكان الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعد هزيمة الناس علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، أخذ بحكمة بغلته، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابنه والفضل بن العباس بن عبد المطلب وأيمن بن عبيد، وهو ابن أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته وقتل يومئذ، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وأسامة بن زيد بن حارثة. وقال العباس بن عبد المطلب:
نصرنا رسول الله في الحرب سبعة * وقد فر من فر منهم فأقشعوا
وثامننا لاقى الحمام بسيفه * بما مسه في الله لا يتوجع
يعني أيمن بن عبيدة. ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حنين إلى الطائف فحاصرهم شهراً ثم انصرف ولم يفتحها، فاعتمر في الجعرانة في ذي القعدة ثم انصرف راجعاً إلى المدينة فدخلها وأقام بها إلى رجب سنة تسع، ثم سار إلى أرض الروم فكان أقصى أثره تبوك فأقام بها وبنى مسجداً، وهو بها إلى اليوم، وفتح الله عليه في سفره ذلك دومة الجندل بعث إليها خالد بن الوليد فأتاه باكيدر صاحبه فصالحه على الجزية، ثم قدم المدينة فأقام إلى حضور الموسم سنة تسع، فبعث أبا بكر أميراً على الحاج فأقام للناس حجهم وهي أول حجة كانت في الإسلام، وأنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم براءة بعد أن سار أبو بكر فبعث بها مع علي بن أبي طالب وأمره أن يقوم بها في الناس إذ فرغ أبو بكر من الحج، ثم صدر علي وأبو بكر رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ودخل سنة عشر فأقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وجاءته وفود العرب من كل وجه، وبعث رسله إلى ملوك الأرض ودخل الناس في الإسلام أفواجاً وأنزلت عليه: "إذا جاء نصر الله والفتح" النصر: 1 " فعلم أنه قد نعى إليه نفسه، فلما حضر الموسم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس ليال بقين من ذي الحجة فأقام للناس حجهم ثم صدر إلى المدينة فأقام بها بقية ذي الحجة من سنة عشر والمحرم وصفر واثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة، ثم قبضه الله عز وجل صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وكان مقامه إلى أن قبض عشر سنين كوامل وقد بلغ من السنين ثلاثاً وستين سنة.
ويقال إنه ولد يوم الاثنين وبعث يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وقبض صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، ودفن ليلة الأربعاء في حجرة عائشة وفيها قبض، ودخل العباس بن عبد المطلب القبر وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس بن عبد المطلب، ويقال أيضاً: دخل معه قثم بن العباس. وقالت بنو زهرة: نحن أخواله فأدخلوا منا رجلاً، فأدخلوا عبد الرحمن بن عوف. ويقال: دخل معهم أسامة بن زيد. وقال المغيرة بن سعيد: أنا أقربكم عهداً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه ألقى خاتمه في القبر فاستخرجه.
قال: حدثني زيد بن أخرم. قال: حدثنا عثمان بن فرقد قال: سمعت جعفر بن محمد يحدث عن أبيه. قال: الذي لحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة، والذي ألقى القطيفة تحته شقران.
قال: وقال جعفر: أخبرني ابن أبي رافع، قال: سمعت شقران يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر.
أخبار الصحابة
أخبار أبو بكر الصديق
رضي الله تعالى عنه
قال أبو محمد: اسم أبي بكر عبد الله واسم أبي قحافة أبيه عثمان، وكان اسم أبي بكر في الجاهلية عبد الكعبة فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ولقبه عتيقاً لجمال وجهه. ويقال: سمي عتيقاً لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أنت عتيق من النار. وسمي صديقاً لتصديقه خبر الإسراء، فهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وينسب أبو بكر إلى تيم قريش فيقال: التيمي وهو في التعدد مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يلتقي هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند مرة بن كعب، وبين كل واحد منهما وبين مرة ستة آباء.
أبو أبي بكر وأمه: قالوا: أسلم أبو قحافة يوم فتح مكة وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمه ثغامة، فأمرهم أن يغيروه وبايعه وأتى المدينة وبقي حتى أدرك خلافة أبي بكر، ومات أبو بكر قبله وورثه أبو قحافة السدس، فرده على ولد أبي بكر. وكانت وفاته سنة أربع عشرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وله يوم قبض سبع وتسعون سنة. وأم أبي بكر سلمى ابنة صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، وهي بنت عم أبي قحافة وتكنى أم الخير، وولد أبو قحافة أبا بكر وأم فروة وقريبة، فأما أم فروة فتزوجها رجل من الأزد فولدت له جارية ثم تزوجها تميم الداري ثم تزوجها الأشعث بن قيس، وأما قريبة فكانت عند سعد بن عبادة.
إسلام أبي بكر رضي الله تعالى عنه والاختلاف في ذلك: قال ابن إسحاق: كان أول من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به من أصحابه علي بن أبي طالب وهو ابن تسع سنين، ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر بن أبي قحافة، ثم أسلم رهط من المسلمين منهم: عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله.
قال: حدثني أبو الخطاب، قال: حدثني نوح بن قيس، قال: حدثنا سليمان أبو فاطمة عن معاذة بنت عبد الله العدوية، قالت: سمعت علي بن أبي طالب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم أبو بكر.
قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت حية العرني يقول: سمعت علياً يقول: أنا أول من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وحدثني أبو الخطاب قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا الجريري، قال: سمعت أبا نضرة يقول: قال أبو بكر في الخلافة: ومن أحق بها مني ألست أول من أسلم? حلية أبي بكر: وصفته عائشة رضي الله عنها، قالت: كان أبيض نحيفاً خفيف العارضين أجنأ لا يستمسك إزاره يسترخي عن حقويه معروق الوجه غائر العينين ناتئ الجبهة عاري الأشاجع يعني الأصابع، وقالت أيضاً: كان يصبغ بالحناء والكتم.
بيعة أبي بكر وخلافته ووفاته
وبويع أبو بكر في اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة بن كعب بن الخزرج، ثم بويع بيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم، وارتدّت العرب إلا القليل منهم بمنع الزكاة فجاهدهم حتى استقاموا، وبعث عمر بن الخطاب فحج بالناس سنة إحدى عشرة وفتح اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب والأسود بن كعب العنسي بصنعاء، وحج أبو بكر بالناس سنة اثنتي عشرة ثم صدر إلى المدينة فبعث الجيوش إلى الشام فكانت أجنادين سنة ثلاث عشرة في جمادى الأولى.
واختلفوا في مرضه الذي مات فيه، وفي اليوم الذي مات فيه. قال أبو اليقظان عن سلام بن أبي مطيع: إنه سُمَّ فمات يوم الاثنين في آخره.
وقال غيره: كان سبب موته أنه اغتسل في يوم بارد فحُمَّ ومرض خمسة عشر يوماً وكان عمر يصلي بالناس حين ثقل.
وقال ابن إسحاق: توفي يوم الجمعة لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة فكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وتسع ليال، وكان أوصى أن تغسله أسماء بنت عميس امرأته، فلما مات حمل على السرير الذي كان ينام عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو سرير عائشة رضي الله تعالى عنها، وهو من خشبتي ساج منسوج بالليف، وبيع في ميراث عائشة، فاشتراه رجل من موالي معاوية بأربعة آلاف درهم فجعله للناس.
قال أبو محمد: وهو بالمدينة وصلى عليه عمر بن الخطاب ونزل في حفرته عمر وطلحة وعثمان وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم، ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة، وكان قال لعائشة: انظري يا بنية ما زاد في مال أبي بكر منذ ولينا هذا الأمر، فرديه على المسلمين فوالله ما نلنا من أموالهم إلا ما أكلنا من جريش طعامهم ولبسنا على ظهورنا من خشن ثيابهم، فنظرت فإذا بكر وجرد قطيفة لا يساوي خمسة دراهم وخشية، فلما جاء به الرسول إلى عمر قال له عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين! أتسلب هذه ولد أبي بكر? فقال: كلا ورب الكعبة ر يتأثم بها أبو بكر في حياته وأتحملها من بعد موته، رحم الله أبا بكر لقد كلف من بعده تعبا!
سن أبي بكر
رضي الله عنه اتفقوا على أن عمره ثلاث وستون سنة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسن من أبي بكر بمقدار سني خلافته.
قال: حدثني محمد بن زياد، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك، قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مردفاً أبا بكر شيخاً يعرف، ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر من هذا الذي بين يديك? فيقول: يهديني السبيل فيحسب الحاسب أن يهديه الطريق وإنما يعني سبيل الخير. وهذا الحديث يدل على أن أبا بكر كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدة طويلة، والمعروف عند أهل الأخبار ما حكيناه أولاً.
ولد أبي بكر لصلبه وأعقابهم رضي الله تعالى عنهم:
ولد أبي بكر
عبد الله بن أبي بكر وأسماء أمهما قتيلة من بني عامر بن لؤي وعبد الرحمن وعائشة أمهما أم رومان بنت الحارث بن سخبرة فولدت له الطفيل بن الحارث، فقدم أبو الطفيل من السراة فحالف أبا بكر ومعه امرأته أم رومان، ثم مات فتزوجها أبو بكر فكان الطفيل أخا عائشة لأمها، ومحمد أمه أسماء بنت عميس، وئام كلثوم أمها بنت زيد بن خارجة من الأنصار.
فأما عبد الله بن أبي بكر: فإنه شهد يوم الطائف مع النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج وبقي إلى خلافة أبيه وهلك في خلافته وترك سبعة دنانير فاستكثرها أبو بكر، وولد عبد الله إسماعيل فهلك ولا عقب لعبد الله.
وأما أسماء: فهي ذات النطاقين وتزوجها الزبير بمكة فولدت له عدة فطلقها، فكانت مع عبد الله ابنها بمكة حتى قتل وبقيت مائة سنة حتى عميت وماتت بمكة. وأما عائشة: فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا قصتها في قصص أزواجه.
وأما عبد الرحمن بن أبي بكر: فشهد يوم بدر مع المشركين ثم أسلم وحسن إسلامه ومات فجأة سنة ثلاث وخمسين بحبل يقرب من مكة فأدخلته عائشة الحرم ودفنته وأعتقت عنه، وكان شهد الجمل معها ويكنى أبا عبد الله، فولد عبد الرحمن محمداً وعبد الله وحفصة.
فأما عبد الله بن عبد الرحمن فولد طلحة أمه عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر، وكان طلحة جواداً فولد طلحة محمداً وكان عاملاً على مكة، ولطلحة عقب كثير وهم ينزلون بالقرب من المدينة فكانت عائشة بنت محمد بن طلحة عند سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس.
وأما محمد بن عبد الرحمن: فولد عبد الله بن محمد وله عقب يقال لهم آل أبي عتيق من بين ولد أبي بكر، وذلك أن عدة من ولد أبي بكر تفاضلوا، فقال أحدهم: أنا ابن الصديق، وقال آخر: أنا ابن صاحب الغار، وقال محمد بن عبد الرحمن: أنا ابن أبي عتيق. فنسب إلى ذلك هو وولده إلى اليوم.
وأما محمد بن أبي بكر: فكان يكنى أبا القاسم، وكان من نساك قريش، وكان فيمن أعان على قتل عثمان، ثم ولاه علي بن أبي طالب مصر فقاتله صاحب معاوية هناك وظفر به فقتله، فولد محمد بن أبي بكر القاسم بن محمد لأم ولد وكان فقيهاً بالحجاز فاضلاً، وتوفي بقديد سنة ثمان ومائة فولد القاسم بن محمد عبد الرحمن بن القاسم وأم فروة.
فأما أم فروة فتزوجها محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
وأما عبد الرحمن فكان من أفضل قريش ويكنى أبا محمد وله عقب بالمدينة وليسوا بالكثير.
وأما أم كلثوم بنت أبي بكر: فخطبها عمر بن الخطاب إلى عائشة فأنعمت له وكرهت أم كلثوم فاحتالت له حتى أمسك عنها وتزوجها طلحة بن عبيد الله فولدت له زكريا وعائشة، ثم قتل عنها فتزوجها عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.
موالي أبي بكر وولده بلال
وهو بلال بن رباح وأمه حمامة، وكان من مولدي مكة لرجل من بني جمح فأسر فاشتراه أبو بكر بخمس أواق فأعتقه، وكان يعذب في الله وشهد بلال بدراً والمشاهد كلها وهو أول من أذّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى أبا بكر فاستأذنه إلى الشام فأذن له، فلم يزل مقيماً بها ولم يؤذن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عمر إلى الشام لقيه فأمره فأذن فبكى عمر والمسلمون، فكان ديوانه في خثعم، فليس بالشام حبشي إلا وديوانه في خثعم وهلك هناك. قال الواقدي: كان بلال من مولدي السراة فيما بين اليمن والطائف ويكنى أبا عبد الله، وكان رجلاً شديد الأدمة نحيفاً طوالاً أحنى، له شعر كثير خفيف العارضين به شمط كثير، وكان لا يغير شيبه، فمات بدمشق سنة عشرين وهو ابن بضع وستين سنة.
عامر بن فهيرة: قال: ومن موالي أبي بكر عامر بن فهيرة، وكان للطفيل بن الحارث أخي عائشة لأمها أم رومان، وأسلم عامر فاشتراه أبو بكر فأعتقه، وكان ممن يعذب في الله.
قال أبو محمد: حدثنا غير واحد، منهم الرياشي، أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في الله بلال وعامر بن فهيرة وزبير وأم عنبس وجارية من بني عمر بن مؤمل والنهدية وابنتها، وكان عامر بن فهيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة يخدمه وشهد يوم بدر وبئر معونة فاستشهد يومئذ.
صفية: ومن موالي أبي بكر صفية وهي أم محمد بن سيرين.
أبو نافع: ومن موالي أبي بكر أبو نافع مولى عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان مكثراً من المال وإياه يعني بهذا القول "بخت أبي نافع" وكان ينزل البصرة وله بها دار مشهورة وفيه يقول ابن مفرغ الحميري:
سقى الله أرضاً لي وداراً تركتها * إلى جنب داري معقل بن يسار
أبو نافع جار لها وابن برثن * فيالك جاري ذلة وصغار
قال أبو محمد: وابن برثن مولى لبنى ضبيعة، فقتل لأبي نافع: إنه هجاك. قال: فإذا هجاني أموت أو يموت ابني طلحة. قالوا: لا. قال: فلا أبالي.
مرة بن أبي عثمان: قال: ومن موالي أبي بكر: مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر، وكانت عائشة رضي الله عنها كتبت إلى زياد بن أبي سفيان بالوصاة فسر بكتابها وأكرمه وأقطعه نهر مرة بالبصرة، وإليه ينسب ذلك النهر، وله عقب بالبصرة.
سليمان بن بلال: ومن موالي القاسم بن محمد سليمان بن بلال وكان بربرياً جميلاً وولي خراج المدينة وحمل عنه الحديث، وتوفي بالمدينة سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة مروان.
أخبار عمر بن الخطاب
رضي الله تعالى عنه هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن قرط بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وينسب عمر إلى عدي فيقال العدوي.
أبو عمر وأمه وأخوه زيد وأمه: كان الخطاب بن نفيل من رجال قريش وأمه امرأة من فهم، وكانت تحت نفيل فتزوجها عمرو بن نفيل بعد أبيه فولدت له زيداً وأمه أم الخطاب، وزيد هو أبو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فولد الخطاب زيد بن الخطاب وعمر بن الخطاب.
فأما زيد بن الخطاب: فأمه أسماء من بني أسد بن خزيمة فكان إسلامه قبل إسلام عمر وشهد بدراً، وكان بينه وبين عمر درع فجعل كل واحد منهما يقول: والله لا يلبسها غيرك. ثم شهد يوم أحد فصبر في أربعة أنفس ولم يهرب فيمن هرب، وشهد يوم مسيلمة سنة اثنتي عشرة فقتل، ويقال إن قاتله أبو مريم الحنفي ويقال بل قتله سلمة أخو أبي مريم، وكان زيد يكنى أبا عبد الرحمن فولد زيد عبد الرحمن وأمه بنت أبي لبابة الأنصاري وأسماء.
فأما أسماء فتزوجها عبيد الله بن عمر فقتل عنها.
وأما عبد الرحمن فولد عبد الحميد بن عبد الرحمن وكان أعرج. وعبد الله وأمه فاطمة ابنة عمر بن الخطاب. وكان عبد الحميد عاملاً لعمر بن عبد العزيز وولده إبراهيم وعبد الملك وعبد الكبير وعمر وزيد وعبد العزيز ومحمد.
فأما إبراهيم فولد إسحاق الذي يعرف بالخطابي وولده بالبصرة لهم أقدار وعدد، وكان الباقون من ولد عبد الحميد يلون الولايات.
وأما عمر بن الخطاب: فيكنى أبا حفص وأمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومي. وكان يدعى الفاروق لأنه أعلن بالإسلام ونادى به والناس يخفونه، ففرق بين الحق والباطل. وكان المسلمون يوم أسلم تسعة وثلاثون رجلاً وامرأة بمكة فكلمهم عمر أربعين. وقال ابن مسعود ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
حلية عمر
رضي الله عنه: قال أبو محمد اختلفوا في لونه، فروى بعض الحجازيين أنه كان أبيض أمهق طوالاً أصلع تعلوه حمرة. وروى الكوفيون أنه كان آدم شديد الأدمة وإنه كان يصفر لحيته بالحناء، وروى من غير وجه أنه كان أعسر يسراً، وهو الذي يعتمل بيديه جميعاً وهو الأضبط. قال: حدثني سهل بن محمد، قال: حدثني الأصمعي، قال: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب أن عمر كان أروح كأنه راكب والناس يمشون وكأنه من رجال بني سدوس والأرواح الذي يتدانى عقباه إذا مشى.
خلافة عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: قال أبو محمد: وعهد أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستخلفه بعده، ففتح الله عليه في سني ولايته بيت المقدس ودمشق صلحاً على يد خالد بن الوليد وميسان ودست ميسان وأبو قباذ واليرموك، ثم كانت وقعة جلولاء سنة تسع عشرة وأميرها سعد بن أبي وقاص، وفيها كانت قيسارية وأميرها معاوية بن أبي سفيان. ثم كانت وقعة باب اليون سنة عشرين وأميرها عمرو بن العاص، وكانت وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين وأميرها النعمان بن مقرن المزني، وكانت أرجان من الأهواز سنة اثنتين وعشرين وأميرها المغيرة بن شعبة وكانت اصطخر الأولى وهمذان سنة ثلاث وعشرين.
فأما الرمادة من طاعون عمواس فكان سنة ثماني عشرة، وحج عمر بالناس عشر سنين متواليه ثم صدر إلى المدينة فقتله فيروز أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة يوم الاثنين لأربع ليال بقين من ذي الحجة تتمة سنة ثلاثة وعشرين سنة. قال الواقدي: طعن يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي الحجة ومكث ثلاثاً ثم توفي لأربع بقين وصلى عليه صهيب وقبر في حجرة عائشة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنهما. قال ابن إسحاق: كانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال.
سن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه: واختلفوا في سنه، فقال ابن إسحاق: قبض وهو ابن خمس وخمسين سنة وهو قول أبي اليقظان، وذكر الواقدي عن قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن عامر بن سعد: توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين سنة، ولا أرى هذا إلا غلطاً، والقول هو الأول. وحدثني زيد بن أخرم، قال: حدثنا أبو قتيبة عن جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قتل عمر بن الخطاب وهو ابن خمس وخمسين سنة.
ولد عمر بن الخطاب
لصلبه وأعقابهم: وولد عمر بن الخطاب عبد الله وحفصة أمهما زينب بنت مظعون، وعبيد الله وأمه مليكة بنت جرول الخزاعية، وعاصماً وأمه جميلة بنت عاصم بن ثابت حمى الدبر، وفاطمة وزيداً وأمهما أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال إن اسم بنت أم كلثوم من عمر رقية، وإن عمر زوّجها إبراهيم بن نعيم النجام فماتت عنده ولم تترك ولداً، ومجبراً واسمه عبد الرحمن، وأبا شحمة واسمه أيضاً عبد الرحمن وفاطمة وبنات أخر.
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فأما عبد الله بن عمر فكان يكنى أبا عبد الرحمن وأسلم مع إسلامه أبيه بمكة وهو صغير، وشهد المشاهد بعد يوم بدر وأحد، وبقي إلى زمن عبد الملك. قال أبو اليقظان: فيزعمون أن الحجاج دس له رجلاً فسمّ، زج رمحه فرجمه في الطريق وطعنه في ظهر قدمه، فدخل الحجاج عليه فقال: يا أبا عبد الرحمن! من أصابك? قال: أنت أصبتني. قال: لمَ تقول هذا رحمك الله? قال: حملت السلاح في بلد لم يكن يحمل فيه السلاح فمات. فصلى عليه عند الردم ودفن في حائط حرماز وقال غير أبي اليقظان: مات بمكة ودفن بفخ وهو ابن أربع وثمانين سنة، وكان يصفر لحيته، وهو آخر من مات بمكة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
ولد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: فولد عبد الله بن عمر عبد الله وأمه صفية بنت أبي عبيد أخت المختار وسالماً وأمه أم ولد وعاصماً وحمزة وبلالاً وواقداً وبنات كانت واحدة منهن عند عمرو بن عثمان بن عفان وأخرى منهن عند عروة بن الزبير.
فأما عبد الله بن عبد الله بن عمر فكان من رجالات قريش، وكان وصي أبيه وله عقب بالمدينة منهم: عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر كان على كرمان للمهدي، ثم استعمله موسى على المدينة. ومنهم: عبد الله بن عبد العزيز وكان من أزهد الناس وأعبدهم وأفضلهم وهلك في بادية بقرب المدينة.
وأما سالم بن عبد الله فكان يكنى أبا عمر وكان من خيار الناس وفقهائهم وكان أبوه يلام في حبه فيقول:
يلومونني في سالم وألومهم * وجلدة بين العين والأنف سالم
قال الواقدي: كان سالم يكنى أبا المنذر وهلك بالمدينة سنة ست ومائة وصلى عليه هشام بن عبد الملك.
وأما عاصم بن عبد الله بن عمر فولد محمداً وله عقب بالكوفة.
وأما واقد بن عبد الله بن عمر فوقع من بعير وهو محرم فهلك، فولد واقد عبد الله بن واقد، وكان من رجال قريش وفيه يقول الشاعر:
أحب من النسوان كل خريدة * لها حسن عباد وجسم ابن واقد
يعني عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير.
وأما بلال بن عبد الله بن عمر فكان أشج وكان عبد الله بن عمر يقول له يا بلال! أترجو أن تكون أشج بني عمر? فهلك وهو صغير لا عقب له.
عبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما عبيد الله بن عمر بن الخطاب فكان شديد البطش، فلما قتل عمر جرد سيفه فقتل بنت أبي لؤلؤة وقتل الهرمزان وجفينة رجلاً أعجمياً. وقال: لا أدع أعجمياً إلا قتلته. فأراد علي قتله بمن قتل فهرب إلى معاوية، وشهد معه صفين فقتل. وولد عبيد الله بن عمر أبا بكر وعثمان وأم عيسى وغيرهم فولد أبو بكر أم سلمة وكانت تحت الحجاج وولد عثمان أم عثمان وكانت تحت عمر بن عبد العزيز.
عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما عاصم بن عمر بن الخطاب فكان فاضلاً خيراً وتوفي سنة سبعين قبل قتل عبد الله بن الزبير ورثاه أخوه عبد الله فقال شعراً فيه:
فليت المنايا كن خلّفن عاصماً * فعشنا جميعاً أو ذهبن بنا معا
وولد عاصم حفصا وعمر وحفصة وأم عاصم وأم مسكين.
فأما أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز وماتت عنده فتزوج أختها حفصة فلها يقال ليست حفصة من رجال أم عاصم.
وأما أم مسكين فتزوجها يزيد بن معاوية وطلقها فخلف عليها عبيد الله بن زياد.
وأما حفص بن عاصم فولد عمر وأم عاصم، وولد عمر بن حفص. عبيد الله بن عمر العمري الذي يروي عنه الحديث.
أبو شحمة بن عمر بن الخطاب: وأما أبو شحمة بن عمر بن الخطاب فضربه عمر الحد في الشراب وفي أمر آخر فمات ولا عقب له.
زيد بن عمر بن الخطاب: وأما زيد بن عمر بن الخطاب فرمي بحجر في حرب كانت بين بني عويج وبين بني رزاح فمات ولا عقب له، ويقال إنه مات وأمه أم كلثوم في ساعة واحدة فلم يرث واحد منهما من صاحبه، وصلى عليهما عبد الله بن عمر فقدم زيداً وأخّر أم كلثوم فجرت السنة بتقديم الرجال.
مجير بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: وأما مجير بن عمر بن الخطاب فكان له ولد ثم بادوا ولم يبق منهم أحد.
موالي عمر بن الخطاب
ومن موالي عمر بن الخطاب مالك الدار، وكان عمر ولاه داراً وكان يقسم بين الناس فيها شيئاً وأم ولده حبي، وكانت قد أرضعت عثمان بن عفان وكانت مليحة فقال لها عثمان إني أريد أن أقطعك، فأيما أحب إليك خمس من خمسة أخماس أو سدس من ستة أسداس? فقالت: سدس فأقطعها فانتمى مالك الدار إلى اليمن.
ومن موالي مالك الدار ذكوان عظيم القدر قد ولي بعض الأعمال وهو الذي سار من مكة إلى المدينة في يوم وليلة.
ومن موالي عمر بن الخطاب رضي الله عنه مهجع مولى عمر قتل يوم بدر.
ومن مواليه: أسلم مولى عمر بن الخطاب: قال سعيد بن المسيب أسلم حبشي بجاوي وكان يكنى أبا زيد واشتراه عمر بن الخطاب سنة اثنتي عشرة، وفي تلك السنة قدم بالأشعث بن قيس على أبي بكر في الحديد قال أسلم فسمعته يكلم أبا بكر وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان وهو كثير الرواية عن عمر وابنه زيد بن أسلم كثير الرواية عن أبيه.
نافع مولى عبد الله بن عمر: كان نافع يكنى أبا عبد الله وكان من أهل آبر شهر أصابه عبد الله بن عمر في غزاته وكان له من الولد أبو بكر وعبد الله وعمر وقد روى عنهم.
هنى مولى عمر بن الخطاب: وكان هنى مولى لعمر وهو الذي روى أن أبا بكر لم يحم شيئاً من الأرض إلا البقيع وهو مرج حماه للخيل التي يغزى عليها.
ومن موالي عمر: المبارك بن فضالة بن أبي أمية كان جده أبو أمية مكاتبا لعمر واسمه عبد الرحمن وحمل عن المبارك حديثاً كثيراً. وتوفي سنة خمس وستين ومائة وللمبارك أخوان روى عنهما المفضل بن فضالة وعبد الرحمن بن فضالة.
أخبار عثمان بن عفان
رضي الله عنه
نسب عثمان
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ويكنى أبا عمرو وأبا عبد الله وأبا ليلى.
أبو عثمان وأمه
وكان عفان خرج إلى الشام في تجارة فمات هناك ويقال: إنه قتل بالغميصاء مع الفاكه بن المغيرة، وولد عفان عثمان وآمنة وأرنب، أمهم أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب فأم عثمان بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حلية عثمان وأخباره رضي الله عنه: قال الواقدي: كان عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل بل حسن الوجه رقيق البشرة كثير اللحية عظيمها أسمر اللون كثير الرأس، وكان يشد أسنانه بالذهب، وزاد غيره: كان أصلع أقنى له جمة أسفل من أذنيه، ولكثرة شعر رأسه ولحيته كان أعداؤه يسمونه عثولا وزوّجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم وكان محبباً في قريش قال قائلهم: أحبك والرحمن
حب قريش عثمان
إذ دعا بالميزان"
وهو من المهاجرين الأولين: وكان تزوج رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فهاجر بها إلى أرض الحبشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنهما لأول من هاجر إلى الله عز وجل بعد إبراهيم ولوط عليهما السلام ثم هاجر إلى المدينة فله هجرتان واشترى بئر رومة وكانت ركية ليهودي يبيع ماءها للمسلمين يضرب بدلوه في دلائهم وله بها مشرب في الجنة. فأتى عثمان اليهودي فساومه بها فأبى أن يبيعها كلها فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم فجعله للمسلمين، فقال عثمان: إن شئت فلي يوم ولك يوم، وإن شئت جعلت على نصيبي قربتين، قال بل يوم لي ولك يوم، فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين، فلما رأى ذلك اليهودي قال لعثمان: أفسدت على ركيتي فاشتر النصف الآخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يزيدنا في مسجدنا? فاشترى عثمان موضع خمس سوار فزاده في المسجد وجهز عثمان جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيراً وأتمها ألفاً بخمسين فرساً، ولم يشهد يوم بدر لأن النبي صلى الله عليه وسلم خلفه على رقية ابنته، وكانت ابنته وكانت تقيلة فماتت ودفنها وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، ولم يشهد بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث به إلى مكة يخبرهم أنه لم يأت لقتال، فبايع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، شهد يوم أحد فانهزم ومضى إلى الغابة مسيرة ثلاثة أيام، ففيه وفي أصحابه نزلت: "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم" آل عمران: 155 ".
خلافة عثمان بن عفان
رضي الله عنه: وبويع عثمان غرة المحرم سنة أربع وعشرين وهو يومئذ ابن تسع وستين سنة، فكانت أول غزاة غزيت الري في خلافته وأمير الجيوش أبو موسى الأشعري، ثم الإسكندرية، ثم سابور، ثم أفريقية، ثم قبرس، ثم سواحل بحر الروم واصطخر الآخرة، وفارس الأولى، ثم جور وفارس الآخرة، ثم طبرستان ودار بجرد وكرمان وسجستان، ثم الأساورة في البحر، ثم أفريقية ثم حصون قبرس، ثم ساحل الأردن، ثم كانت مرو على يد عبد الله بن عامر سنة أربع وثلاثين، ثم حصر عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكان مما نقموا على عثمان أنه آوى الحكم بن أبي العاص وأعطاه مائة ألف درهم، وقد سيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤوه أبو بكر ولا عمر. قالوا: وتصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بمهزور موضع سوق المدينة على المسلمين فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان، وأقع فدك مروان، وهي صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتتح أفريقية فأخذ الخمس فوهبه كله لمروان، فقال عبد الرحمن بن حنبل الجمحي وكان عثمان سيره:
أحلف بالله رب الأنام * ما ترك الله شيئاً سدى
ولكن خلقت لنا فتنة * لكي نبتلى بك أو تبتلى
فإن الأمينين قد بينا * منا الطريق عليه الهدى
فما أخذا درهما غيلة * وما جعلا درهماً في الهوى
وأعطيت مروان خمس العبا * د فهيهات شأوك ممن سعى
وطلب إليه عبد بن خالد بن أسد صلة فأعطاه أربعمائة ألف درهم، وسير أبا ذر إلى الربذة، وسير عامر بن عبد القيس من البصرة إلى الشام، فسار إليه قوم من أهل مصر فيهم محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة في جند، وكنانة بن بشر التجيبي في جند، وابن عديس البلوي في جند، ومن أهل البصرة حكيم بن جبلة العبدي وسدوس بن عبيس الشني ونفر من أهل الكوفة منهم الأشتر بن الحارث النخعي فاستعتبوه فأعتبهم وأرضاهم، ثم وجدا بعد أن انصرفوا يريدون مصر كتاباً من عثمان عليه خاتمه إلى أمير مصر إذا أتاك القوم فاضرب رقابهم فعادوا به إلى عثمان فحلف لهم أنه لم يأمر ولم يعلم. قالوا: إن هذا عليك شديد يؤخذ خاتمك بغير علمك وداخلتك فإن كنت قد غلبت على أمرك فاعتزل، فأبى أن يعتزل وأن يقاتلهم ونهى عن ذلك وأغلق بابه فحوصر أكثر من عشرين يوماً وهو في الدار في ستمائة رجل، ثم دخلوا عليه من دار بني حزم الأنصاري فضربه نيار بن عياض الأسلمي بمشقص في وجهه فسال الدم على المصحف في حجره ثم أخذ محمد بن أبي بكر بلحيته فقال: دع لحيتي، وكان قتله في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وأقام للناس الحج تلك السنة عبد الله بن العباس وصلى بالناس علي بن أبي طالب بالمدينة وخطبهم، وكان عثمان حج بالناس عشر سنين متوالية واختلفوا في يوم قتله. قال ابن إسحاق: يوم الأربعاء بعد العصر، ودفن يوم السبت قبل الظهر. وقال الواقدي: قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو يومئذ ابن اثنتين وثمانين سنة، وقال: هذا ما لا اختلاف فيه، ودفن بالبقيع ليلاً وصلى عليه جبير بن مطعم وأخفوا قبره، قال أبو اليقظان قتل يوم الجمعة سنة خمس وثلاثين ودفن بأرض يقال لها حش كوكب رجل من الأنصار.
وجدت الشعراء يذكرون أنه قتل يوم الأضحى قال الفرزدق:
عثمان إذ قتلوه وانتهكوا * دمه صبيحة ليلة النحر
وقال آخر:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به * يقطّع الليل تسبيحاً وقرآنا
وقال أيمن بن خريم:
تعاقدوا يذبحوا عثمان ضاحية * فأي ذبح حرام ويحهم ذبحوا
ضحوا بعثمان في الشهر الحرام ولم * يخشوا على مطمح الكفر الذي طمحوا
فأي سنة كفر سن أولهم * وباب كفر على سلطانهم فتحوا
فاستوردتهم سيوف المسلمين على * تمام ظمءٍ كما يستورد النصح
ماذا أراداو أسيوف الله سعيهم * بسفك ذاك الدم الذاكي الذي سفحوا
قال ابن إسحاق: كانت ولايته اثنتي عشرة سنة إلا اثنتي عشرة ليلة.
ولد عثمان بن عفان: فولد عثمان بن عفان عبد الله الأكبر أمه فاختة بنت غزوان، وعبد الله الأصغر أمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرا وأبان وخالدا وعمر وسعيد أو الوليد وأم سعيد والمغيرة وعبد الملك وأم أبان وأم عمرو وعائشة.
عمرو بن عثمان: فأما عمرو بن عثمان فكان أسنّ أولاده وأشرفهم عقبا وهلك بمنى، وولده عثمان الأكبر وخالد وعبد الله الأكبر، أمه حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب وعثمان الأصغر وبكير والمغيرة وعنبسة وعمر والوليد.
فأما عبد الله الأكبر فكان من أجمل الناس ولقب المطرف لجماله وفيه يقول مدرك بن حصن:
كأني إذ دخلت على ابن عمرو * دخلت على مخبأة كعوب
فولد عبد الله بن عمر الأكبر خالداً وعائشة وعبد العزيز وآمنة وأم عبد الله وولد له من فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب محمد الأصغر والقاسم ورقية، ومن غيرها محمد الأكبر وعمر وسعدة. وكان محمد بن عبد الله بن عمرو الأصغر من أجمل الناس وكان يلقب بالديباج لجماله وكان له قدر ونبل، وكان يقال فيه سمي النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذريته، وزرع الخليفة المظلوم. وكان كثير التزويج كثير الطلاق، فقالت امرأة من نسائه إنما مثله مثل الدنيا لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجائعها، وأخذه أبو جعفر مع الفاطميين ثم أمر به فضربت عنقه صبراً وبعث برأسه إلى الهند، وأظهر أنه رأس محمد بن عبد الله بن الحسن وله عقب. ومن ولده امرأة ولدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وهي بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وأمها خديجة بنت عثمان بن عروة بن الزبير، وأم عروة وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وأم محمد فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، وأم الحسين فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم فاطمة ابنة الحسين بن علي أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، وأم عبد الله بن عمرو وحفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وأما القاسم بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فلا عقب له.
وأما عمر بن عبد الله فولد عبد الله بن عمر وهو العرجي الشاعر، وكان ينزل العرج وهو موضع قبل الطائف، وكان يهجو إبراهيم بن هشام المخزومي فأخذه فحبسه فهلك في السجن وهو القائل في السجن:
كأني لم أكن فيهم وسيطاً * ولم تك نسبتي في آل عمرو
أضاعوني وأي فتى أضاعوا * ليوم كريهةٍ وسداد ثغر
أبان بن عثمان: فأما أبان بن عثمان فشهد الجمل مع عائشة فكان الثاني من المنهزمين، وكانت أمه بنت جندب بن عمرو بن حممة الدوسي، وكانت حمقاء تجعل الخنفساء في فمها وتقول: حاحيتك ما في فمي? وهي أم عمرو بن عثمان أيضاً، وكان أبان أبرص أحول يلقب بقيعاً وكانت عنده أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر خلف عليها بعده الحجاج وعقبه كثير، منهم: عبد الرحمن بن أبان وكان عابداً مجتهداً يحمل عنه الحديث.
خالد بن عثمان: وأما خالد بن عثمان فكان عنده مصحف عثمان الذي كان في حجره حين قتل، ثم صار في أيدي ولده وقد درجوا.
عمر بن عثمان: وأما عمر بن عثمان فولد زيداً وعاصماً وأم أيوب، وكانت أم أيوب عند عبد الملك بن مروان، وأما زيد بن عمر بن عثمان فكان تزوج سكينة بنت الحسين، وأما عاصم بن عمر أبخل الناس، فهو الذي قيل فيه:
سيرا فقد جن الظلام عليكم * فلست الذي يرجو القرى عند عاصم
فما كان لي ذنب إليه علمته * سوى أنني قد زرته غير صائم
سعيد بن عثمان: وأما سعيد بن عثمان فكان أعور بخيلاً وقتل، وكان سبب قتله أنه كان عاملاً لمعاوية على خراسان فعزله معاوية فأقبل معه برهن كانوا في يديه من أولاد الصغد إلى المدينة وألقاهم في أرض يعملون له فيها بالمساحي فأغلقوا يوماً باب الحائط ووثبوا عليه فقتلوه فطلبوا فقتلوا أنفسهم.
الوليد بن عثمان: وأما الوليد بن عثمان فكان صاحب شراب وفتوة وقتل أبوه عثمان وهو مخلق في حجلته.
عبد الله بن عثمان: وأما عبد الله بن عثمان وهو من رقية بنت رسول النبي صلى الله عليه وسلم فهلك صبياً، وذكروا أنه بلغ ست سنين فنقره ديك على عينيه فمرض فمات.
عبد الملك بن عثمان: وأما عبد الملك بن عثمان فهلك وهو غلام أيضاً.
موالي عثمان: ومن موالي عثمان أيضاً كيسان أبو فروة وابنه عبد الله بن أبي فروة، كان عظيم القدر وكان صاحب أمر مصعب بن الزبير، فلما قتل مصعب حمل مما كان معه من المال عشرة آلاف درهم فذهب بها إلى المدينة، وعددهم بالمدينة كثير وقدرهم عظيم. ومن موالي عثمان خدان بن أبان وولده وأبو الزناد وولده.
أخبار علي بن أبي طالب
رضي الله تعالى عنه
نسب علي
بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه: هو علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ويكنى أبا محسن.
أبوه وإخوته وأخواته
وولد أبو طالب عقيلاً وجعفراً وعلياً وطالباً وأم هانئ واسمها فاختة وجمانة وأمهم فاطمة بنت أسد بن هشام بن عبد مناف وأمها حبي بنت حرم بن رواحة من قريش من بني عامر بن لؤي، وأسلمت أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي.
عقيل بن أبي طالب: فأما عقيل بن أبي طالب فكان يكنى أبا يزيد وأسر يوم بدر ففداه العباس بأربعة آلاف درهم فيما يذكر أبو اليقظان، وورث عقيل وطالب أبا طالب ولم يرثه علي ولا جعفر ولأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسن من علي بعشر سنين، وأسلم عقيل ولحق بمعاوية وترك أخاه علياً ومات بعدما عمي في خلافة معاوية، وله دار بالبقيع واسعة كثيرة الأهل، وكان عقيل قذف رجلاً من قريش، فحده عمر بن الخطاب وولد عقيل مسلماً وعبد الله ومحمداً ورملة وعبيد الله لأم ولد، وقال بعضهم كانت أم مسلم بن عقيل نبطية من آل فرزندا وعبد الرحمن وحمزة وعلياً وجعفر وعثمان وزينب وأسماء وأم هانئ لأمهات وأولاد شتى، وزيد وسعداً وجعفراً الأكبر وأبا سعيد فأما أسماء فتزوجها عمر بن علي بن أبي طالب وخرج ولد عقيل مع الحسين بن علي بن أبي طالب فقتل منهم تسعة نفر، وكان مسلم بن عقيل أشجعهم وكان على مقدمة الحسين فقتله ابن زياد سراً، قال الشاعر:
يا عين جودي بعبرة وعويل * واندبي إن ندبت آل الرسول
سبعة كلهم لصلب علي * قد أصيبوا وتسعة لعقيل
فولد مسلم بن عقيل عبد الله بن مسلم وعلي بن مسلم أمهما رقية بنت علي بن أبي طالب ومسلم بن مسلم، وعبد العزيز ولد محمد بن عقيل القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد وعبد الرحمن بن محمد أمهم زينب الصغرى بنت علي بن أبي طالب.
فأما عبد الله بن محمد بن عقيل فكان فقيهاً تروى عنه الأخبار وكان أحول.
وأما عبد الله بن عقيل فولد محمداً ورقية وأم كلثوم أمهم ميمونة ابنة علي بن أبي طالب.
وأما أبو سعيد بن عقيل فولد محمداً.
وأما عبد الرحمن بن عقيل فولد سعيداً أمه خديجة ابنة علي بن أبي طالب.
جعفر بن أبي طالب: وأما جعفر بن أبي طالب فهو ذو الهجرتين وذو الجناحين وكان استشهد يوم مؤتة فقطعت يداه فأبداله الله عز وجل بهما جناحين يطير بهما في الجنة ووجدوا يومئذ في مقدمة أربعاً وخمسين ضربة بسيف، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحبشة يوم فتح خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أدري بأي الأمرين أنا أسر، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر? واختط له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى جنب المسجد.
وقال أبو هريرة: ما ركب الكور ولا احتذى النعال ولا وطئ التراب أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر، وكان يكنى أبا عبد الله، فولد جعفر عبد الله بن جعفر وعوف بن جعفر ومحمد بن جعفر، وأمهم أسماء بنت عميس الخثعمية.
محمد بن جعفر بن أبي طالب: فأما محمد بن جعفر فولد وطلحة، وولد طلحة فاطمة، أمها أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر، وأمها زينب بنت علي، وأمها فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوج فاطمة حمزة بن عبد الله بن الزبير، ثم تزوجها طلحة بن عمر بن عبيد الله ولا عقب له. واستشهد محمد بن جعفر بشتر.
عون بن جعفر بن أبي طالب: وأما عون بن جعفر فقتل بشتر أيضاً ولا عقب له، إلا أن رجلاً كان يقال له: المارد أتى عبد الله بن جعفر فقال: أنا ابن عون! فأقر به عبد الله بن جعفر وأعطاه عشرة آلاف درهم، وذكر أنه زوجه بنتاً له كانت عمياء فلم تلد له ثم نفاه بنو عبد الله وهم اليوم بالمدائن لا يزوجهم شريف ولا يتزوج إليهم ولا يقال أنتم من قريش.
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: وأما عبد الله بن جعفر فكان يكنى أبا جعفر، وولد بالحبشة وكان أجود العرب، وتوفي بالمدينة وقد كبر، هذا قول أبي اليقظان. وقال غيره: توفي ودفن بالأبواء سنة تسعين. ويقال: إنه كان ابن عشر سنين حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ولد عام الهجرة ومات وهو ابن تسعين سنة، وصلى عليه سليمان بن عبد الملك. فولد عبد الله بن جعفر جعفراً الأكبر وعلياً وعوناً الأكبر وعباساً وأم كلثوم وأمهم زينب بنت علي وأمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحمداً وعبيد الله وأبا بكر، أمهم الحوصاء بنت حفصة أحد بني تيم الله بن ثعلبة، وصالحاً وموسى وهارون ويحيى وأم أبيها أمهم ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، خلف عليها بعد علي بن أبي طالب ومعاوية وإسحاق وإسماعيل والقاسم لأمهات أولاد شتى، والحسن وعوناً الأصغر أمهما جمانة بنت المسيب الفزارية وجعفرا.
فأما أم كلثوم فكانت عند القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجها الحجاج بن يوسف، ثم تزوجها أبان بن عثمان بن عفان، وأما أم أبيها فكانت عند عبد الملك بن مروان فطلقها ثم تزوجها علي بن عبد الله بن العباس فهلكت عنده. وكان سبب طلاقها أنه عض على تفاحة ثم رمى بها إليها وكان بعبد الملك بخر فدعت بمدية فقال ما تصنعين? قالت أميط عنها الأذى! ففارقها والعقب من ولد عبد الله بن جعفر لعلي ومعاوية وإسحاق وإسماعيل.
وأما معاوية فكان بنحل وولد عبد الله بن معاوية ومحمد بن معاوية وأمهما أم عون من ولد الحارث بن عبد المطلب ويزيد والحسن وصالحاً، أمهم فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي وعلياً لأم ولد.
فأما عبد الله بن معاوية فطلب الخلافة وظهر بأصبهان وبعض فارس فقتله أبو مسلم ولا عقب له.
وأما إسحاق بن عبد الله بن جعفر فكان عمر بن عبد العزيز جلده الحد وهو أول وال على المدائن فقال بودك: أنه ليس في الأرض قرشي إلا محدود وذلك أن أباه عبد العزيز كان حد فولد إسحاق القاسم، أمه أم حكيم بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه.
خلافة علي بن أبي طالب
رضي الله عنه
قال ابن إسحاق إن عثمان لما قتل بويع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بيعة العامة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبايع له أهل البصرة، وبايع له بالمدينة طلحة والزبير وكانت عائشة خرجت من المدينة حاجة وعثمان محصور، ثم صدرت عن الحج فلما كانت بسرف لقيها الخبر بقتل عثمان وبيعة علي، فانصرفت راجعة إلى مكة ولحق بها طلحة والزبير ومروان بن الحكم وعبد الله بن عامر ويعلى بن منبه عامل اليمن، فلما استقاموا بمكة تشاورا فيما يريدون عن الطلب بدم عون وهموا بالشام لمكان معاوية بها، فصرفهم عبد الله ابن عامر عن ذلك إلى البصرة فتوجهوا إليها وأخذوا عثمان بن حنيف عامل علي بها فحسبوه وقتلوا خمسين رجلاً كانوا معه على بيت المال وغير ذلك من أعماله، واحدثوا أحداثاً، فلما بلغ علياً مسيرهم خرج مبادراً إليهم واستنجد الكوفة ثم سار بهم إلى البصرة وهم أربعة عشر ألفاً فخرج إليه طلحة والزبير وعائشة بأهل البصرة فاقتتلوا قتالاً شديداً فقتل طلحة وهزم من كان معهم ورجع الزبير فقتل بوادي السباع، قتله عمير بن جرموز وأحيط بعائشة فأخذت ودخل على البصرة بمن معه فبايعه أهلها وأطلق عثمان بن حنيف، ولم يكن له بها كثير مقام حتى انصرف إلى الكوفة واستعمل على البصرة عبد الله بن عباس وتهيأ لحرب معاوية، فسار بأهل العراق ومن معه من سائر الناس وأقبل معاوية في أهل الشام ومن أتبعه فكانت وقعة صفين ثم الحكمان، ولم يزل في حرب إلى أن قتل رحمة الله عليه، ولم يحج في شيء من سنيه لشغله بالحروب وقتل ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة أربعين، وكانت ولايته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر وقاتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي، قال الواقدي: دفن ليلاً وغبى قبره. قال أبو اليقظان: صلى عليه الحسن ودفن بالكوفة عند مسجد الجماعة في قصر الإمارة.
حلية علي بن أبي طالب وسنه
واختلفوا في سنه، فقال ابن إسحاق: قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقال غيره: قتل وهو ابن ثمان وخمسين سنة. واختلفوا في حليته فقال الواقدي: كان آدم شديد الأدمة عظيم البطن عظيم العينين أصلع إلى القصر هاهو. وروى قيس بن الربيع، عن ابن إسحاق قال: كان علي قصيراً أصلع حادراً ضخم البطن أفطس الأنف دقيق الذراعين لم يصارع قط أحداً إلا صرعه. قال غيره: ورأته امرأة فقالت من هذا الذي كأنه كسر ثم جبر.
ولد علي بن أبي طالب
فولد علي الحسن والحسين ومحسناً وأم كلثوم الكبرى وزينب الصغرى وأمهم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحمداً أمه خولة بنت أياس بن جعفر جار الصفا وهي الحنفية، ويقال: بل هي خولة بنت جعفر بن قيس، ويقال: بل كانت أمة من سبى اليمامة، فصارت إلى علي، وأنها كانت أمة لبني حنيفة سندية سوداء، ولم تكن من أنفسهم، وإنما صالحهم خالد بن الوليد على الرقيق ولم يصالحهم على أنفسهم، وعبيد الله وأبا بكر أمهما ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، وعمر ورقية أمهما تغلبية، وكان خالد بن الوليد سباها في الردة، فاشتراها علي ويحيى أمه أسماء بنت عميس وجعفراً والعباس وعبد الله أمهم أم البنين بنت حرام الوحيدية، ورملة وأم الحسن أمهما أم سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفي وأم كلثوم الصغرى وزينب الصغرى وجمانة وميمونة وخديجة وفاطمة وأم الكرام ونفيسة وأم سلمة وأمامة وأم أبيها لأمهات أولاد شتى.
بنات علي بن أبي طالب
فأما زينب الكبرى بنت فاطمة فكانت عند عبد الله بن جعفر، فولدت له أولاداً قد ذكرناهم.
وأما أم كلثوم الكبرى وهي بنت فاطمة فكانت عند عمر بن الخطاب وولدت له ولداً قد ذكرناهم، فلما قتل عمر تزوجها محمد بن جعفر بن أبي طالب، فمات عنها ثم تزوجها عون بن جعفر بن أبي طالب، فماتت عنده، وكان سائر بنات علي عند ولد عقيل، وولد العباس خلا أم الحسن فإنها كانت عند جعدة بن هبيرة المخزومي وخلا فاطمة، فإنها كانت عند سعيد بن الأسود من بني الحارث بن أسد.
محسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما:وأما محسن بن علي فهلك وهو صغير.
الحسن بن علي:
وأما الحسن بن علي رضي الله عنهما فكان يكنى أبا محمد ولما قتل علي بويع له بالكوفة وبويع لمعاوية بالشام وبيت المقدس، فسار معاوية يريد الكوفة وسار الحسن يريده فالتقوا بمسكن من أرض الكوفة فصالح الحسن معاوية وبايع له ودخل معه الكوفة، ثم انصرف معاوية عن الكوفة إلى الشام، واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة عبد الله بن عامر، ثم جمعهما لزياد. وانصرف الحسن إلى المدينة فمات بها. ويقال إن امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس سمّته، وكانت وفاته في شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وهو يومئذ ابن سبع وأربعين سنة، وصلى عليه سعيد بن العاص وهو أمير المدينة فولد الحسن حسناً أمه خولة بنت منظور بن زبان الفزارية وزيداً، وأم الحسن أمهما بنت عقبة بن مسعود البدري وعمر وأمه ثقيفة، والحسين الأثرم لأم ولد وطلحة وأمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وأم عبد الله لأم ولد.
فأما الحسن بن الحسن بن علي فولد عبد الله والحسن وإبراهيم ومحمداً وجعفراً وداود ومحمداً، وكان عبد الله بن الحسن بن الحسن يكنى أبا محمد وكان خيراً ورؤي يوماً يمسح على خفيه فقيل له، تمسح! فقال: نعم. قد مسح عمر بن الخطاب ومن جعل عمر بينه وبين الله فقد استوثق، وكان مع أبي العباس، وكان له مكرماً وبه آنساً وأخرج يوماً سفط جوهر فقاسمه إياه وأراه بناء قد بناه، وقال له: كيف ترى هذا? فقال:
ألم تر حوشباً أمي ويبني * قصوراً نفعها لبني نفيلة
يؤمل أن يعمر عمر نوح * وأمر الله يحدث كل ليلة
فقال له: أتمثل بهذا وقد رأيت صنيعي بك? فقال: والله ما أردت بها سوءاً، ولكنها أبيات حضرت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يحتمل ما كان مني، قال: قد فعلت ثم رده إلى المدينة فلما ولي أبو جعفر ألحج في طلب ابنيه محمد وإبراهيم بني عبد الله وتغيبا بالبادية فأمر أبو جعفر أن يؤخذ أبوهما عبد الله وإخوته حسن وداود وإبراهيم ويشدوا وثاقاً ويبعثوا بهم إليه فوافوه في طريق مكة بالربذة مكتفين، فسأله عبد الله أن يأذن له عليه فأبى أبو جعفر فلم يره حتى فارق الدنيا فمات في الحبس، وماتوا وخرج أبناء إبراهيم ومحمد على أبي جعفر وغلبا على المدينة ومكة والبصرة فبعث إليهما فقتل محمداً بالمدينة وقتل إبراهيم بباب خمرا على سنة عشر فرسخا من الكوفة، وإدريس بن عبد الله بن الحسن أخوهما هو الذي صار إلى الأندلس والبربر وغلب عليهما.
الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما: وأما الحسين بن علي بن أبي طالب فكان يكنى أبا عبد الله وخرج يريد الكوفة فوجه إليه عبيد الله بن زياد عمر بن سعد بن أبي وقاص فقتله سنان بن أبي أنس النخعي سنة إحدى وستين يوم عاشوراء، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ويقال ابن ست وخمسين سنة، وكان يخضب بالسواد.
وولد الحسين علياً وأمه بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي وعلياً الأصغر لأم ولد وفاطمة أمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله وسكينة أمها الرباب بنت امرئ القيس الكلبية، وفيها يقول:
لعمرك إنني لأحب داراً * تحل بها سكينة والرباب
فأما فاطمة فإنها كانت عند الحسن بن الحسن بن علي، ثم خلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان.
وأما سكينة فتزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها فتزوجها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام، فولدت له قرينا وله عقب، ثم تزوجها الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان وفارقها قبل أن يدخل بها، ثم تزوجها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان فأمره سليمان بن عبد الملك بطلاقها ففعل وماتت بالمدينة في خلافة هشام. هذا قول أبي اليقظان. وقال الهيثم بن عدي: حدثني صالح بن حسان وغيره قال: كانت سكينة عند عمرو بن حكيم بن حزام ثم تزوجها بعده عمرو بن عثمان بن عفان، ثم تزوجها بعده مصعب بن الزبير.
وقال ابن الكلبي: أول أزواج سكينة الأصبغ بن عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز، ثم مات عنها بمصر ولم يرها، ثم خلف عليها زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان، ثم خلف عليها مصعب بن الزبير، ثم خلف عليها عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام، فولدت له عثمان الذي يقال له قرين، وكانت قد ولدت من مصعب جارية، ثم خلف عليها إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف جد إبراهيم بن سعد الفقيه.
وأما علي بن الحسين الأصغر: فليس للحسين عقب إلا منه، ويقال إن أمه سندية يقال لها سلافة ويقال غزالة، خلف عليها بعد الحسين زبيد مولى الحسين بن علي فولدت له عبد الله بن زبيد فهو أخو علي بن الحسين لأمه.
وروى علي بن محمد بن عثمان بن عثمان، قال: زوّج علي بن الحسين أمه من مولاه وأعتق جارية له وتزوجها له وتزوجها، فكتب إليه عبد الملك يعيره بذلك، فكتب إليه علي: قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، قد أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي وتزوجها، وأعتق زيد بن حارثة وزوجه ابنة عمته زينب بنت جحش، وتوفي علي بن الحسين بالمدينة سنة أربع وتسعين ويكنى أبا الحسن، وتوفي بالبقيع وكان خيراً فاضلاً فولد علي بن الحسين الحسن بن علي، ومحمد بن علي، وعلي بن علي، وعبد الله بن علي أمهم أم عبد الله بنت الحسن بن علي، وعمر وزيداً لآم ولد تسمى حيدان، وخديجة لأم ولد وأم موسى وأم حسن وأم كلثوم لأمهات أولاد.
فأما محمد بن علي فكان يكنى أبا جعفر، وكان له فقه ومات بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة. فولد محمد جعفر بن محمد وعبد الله بن محمد، أمهما فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. فأما جعفر بن محمد فيكنى أبا عبد الله وإليه تنسب الجعفرية، ومات بالمدينة سنة ست وأربعين ومائة وله عقب.
وأما عبد الله بن محمد فهو الملقب بدقدق، ومات بالمدينة وله عقب.
وأما عبد الله بن علي بن الحسين بن علي فله عقب.
وأما زيد بن علي بن الحسين فكان يكنى أبا الحسن وأمه سندية، وخرج في خلافة هشام سنة اثنتين وعشرين ومائة، فبعث إليه يوسف بن عمر العباس المري فرماه رجل منهم بسهم فمات وصلب، فولد زيد يحيى أمه ريطة بنت أبي هاشم بن عبد الله بن محمد الحنفية، وعيسى وحسينا ومحمد لأمهات أولاد.
فأما يحيى فقتل زمن نصر بن سيار بالجوزجان ولا عقب له.
وأما عيسى بن زيد فمات بالكوفة وله عقب منهم: أحمد بن عيسى.
وأما حسين بن زيد فعمي وكانت بنته ميمونة عند المهدي وله ولد.
وأما علي بن علي بن حسين فكان يلقب الأفطن وله عقب.
وأما أم موسى بنت علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فتزوجها داود بن علي بن عبد بن عباس، وتزوج أم حسن أختها بعدها، وتزوج أختها خديجة محمد بن عمر علي بن أبي طالب.
محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية رحمة الله تعالى عليه: وأما محمد بن علي بن أبي طالب بن الحنفية فكان يكنى أبا القاسم، وتحول إلى الطائف هارباً من عبد بن الزبير، ومات بها سنة إحدى وثمانين وهو يومئذ ابن خمس وستين سنة، فولد محمد بن علي بن أبي طالب الحسن وعبد الله وأبا هاشم وجعفر الأكبر وحمزة وعلياً لأم ولد، وجعفراً الأصغر وعوناً أمهما أم جعفر والقاسم وإبراهيم.
فأما أبو هاشم فكان عظيم القدر، وكانت الشيعة تتولاه فحضرته الوفاة بالشام فأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وقال له: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في ولدك ودفع إليه كتبه وصرف الشيعة إليه وليس لأبي هاشم عقب.
وأما علي وحمزة فلا عقب لهما، وإبراهيم هو الملقب بثعرة.
وأما القاسم فكان مؤخراً عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقدر أن يدخله.
عمر بن علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى: وأما عمر بن علي بن أبي طالب فقد حمل عنه الحديث، وكان يروي عن عمر بن الخطاب، وولد محمداً وأم موسى أمهما أسماء بنت عقيل بن أبي طالب.
فأما محمد فولد عمراً، وعبيد الله وعبد الله أمهم خديجة ابنة علي بن الحسين بن علي وجعفراً أمه أم هاشم بنت جعفر بن جعدة بن هبيرة المخزومي ولعمر عقب بالمدينة.
العباس بن علي بن أبي طالب رحمه الله تعالى: وأما العباس بن علي بن أبي طالب فقتل مع الحسين بن علي بن أبي طالب، فولد العباس عبيد الله أمه لبابة بنت عبيد الله بن عباس وحسناً لأم ولد وله عقب.
عبيد الله بن علي بن أبي طالب: وأما عبيد الله فقتله المختار ولا عقب له.
جعفر بن علي بن أبي طالب: أما جعفر بن علي بن أبي طالب فلا عقب له.
موالي علي بن أبي طالب:
قال أبو محمد: منهم يحيى بن أبي كثير الذي يروي عنه الأوزاعي، وكان مولى علي بن أبي طالب. وقال أيوب السختياني: ما بقي على الأرض مثل يحيى بن أبي كثير، وكان ابنه عبد الله بن يحيى يروي عن أبيه. ومنهم أبو أسامة حماد بن أسامة مولى الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب فهو مولى مولى توفي بالكوفة سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين سنة.
أخبار الزبير بن العوام
رضي الله عنه
نسب الزبير
هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكنى أبا عبيد الله، وكان خويلد قتل في الجاهلية، فولد خويلد: خديجة وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وعمة الزبير بن العوام بن خويلد، أمه من بني مازن بن منصور، وقتل العوام يوم الفجار وولد نوفل بن خويلد وكان يقال له أسد قريش وقتله علي بن أبي طالب يوم بشر ولا عقب له، وولد حزام بن خويلد وهو أبو حكيم بن حزام، وكان حكيم يكنى أبا خالد وشهد بدراً مع المشركين فلم يقتل ولم يؤسر أسلم وحسن إسلامه، وكان إذا حلف وشدد في اليمين قال: والذي نجاني يوم بدر، وولد عبد الله بن حكيم وهشام بن حكيم وكانت لهشام صحبة ولا عقب له.
وأما عبد الله، فقتل يوم الجمل مع عائشة فولد عثمان بن عبد الله، وولد لعثمان عبد الله بن عثمان زوج سكينة بنت الحسين، وولدت له ولداً يسمى قريناً وله عقب. وولد العوام بن خويلد الزبير والسائب، وأم السائب أيضاً صفية بنت عبد المطلب، وكان السائب شهد أحداً والخندق وقتل يوم اليمامة وعبد الرحمن وأسود وأصرم ويعلى ولم يعقب أحد منهم غير الزبير، وكان الزبير حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة الذين سموا للجنة وأحد أصحاب الشورى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه حضر فرسه فركض حتى أعيا فرسه فرمى بالسوط وقتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين وهو يومئذ ابن أربع وستين سنة، هذا قول الواقدي. وقال أبو اليقظان: قتل وهو ابن ستين سنة فقتله ابن جرموذ بوادي السباع وقبر هناك.
حلية الزبير بن العوام
رضي الله عنه قال الواقدي: كان الزبير رجلاً ليس بالطويل ولا بالقصير إلى الخفة ما هو خفيف اللحية أسمر اللون أشعر، وكان لا يغير شيبه، وروى ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير كان طويلاً تخط رجلاه الأرض إذا ركب دابة، أزرق أشعر ربما أخذت وأنا غلام بشعر كتفه حتى أقوم.
ولد الزبير
فولد الزبير عبد الله وعاصماً وعروة والمنذر وأم الحسن، وأمهم أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، ومصعباً وحمزة ورملة وخالداً وعمراً وعبيدة وجعفراً وخديجة وعائشة وغيرهما تتمة تسع بنات.
فأما رملة فكانت عند خالد بن يزيد بن معاوية وفيها يقول:
تجول خلاخيل النساء ولا أرى * لرملة خلخالاً يجول ولا قلبا
أحب بني العوام طراً لحبها * ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
وأما جعفر بن الزبير فكان من فتيان قريش وكان ذا غزل وهو القائل:
ولمجلس القرشي حق واجب * فانظرن في شأن الكريم الأروع
ما تأمرين بجعفر وبحاجة * يستامها في خلوة وتضرع
وله عقب بالمدينة.
وأما حمزة بن الزبير فقتل مع عبد الله بن الزبير بمكة ولا عقب له. وأما عمرو بن الزبير فكان يكنى أبا الزبير، وكان له قدر وكبر وخالف أخاه عبد الله فقاتله ثم أتاه في جوار عبيدة أخيه فقتله وله عقب، وابنه عمرو بن عمر الذي يقول فيه الحزين الدئلي:
لو أن اللؤم كان مع الثريا * تناول رأسه عمرو بن عمرو
وأما عبيدة بن الزبير فهو الذي قال لعمرو بن الزبير حين قاتل عبد الله: امض معي إليه وأنت في جواري، فإن أمّنك وإلا رددتك إلى مأمنك، فذهب معه فلم يجز عبد الله أمانه واقتص منه حتى مات ولعبيدة عقب.
وأما خالد بن الزبير فاستعمله عبد الله على اليمن وله عقب منهم خالد بن عثمان بن خالد بن الزبير كان خرج مع محمد الحسني وأخذه أبو حفص فصلبه.
وأما عاصم بن الزبير فمات وهو غلام ولا عقب له.
عروة بن الزبير: وأما عروة بن الزبير فكان فقيهاً فاضلاً ويكنى أبا عبد الله وأصابته الأكلة في رجله بالشام وهو عند الوليد بن عبد الملك فقطعت رجله والوليد حاضر فلم يتحرك، ولم يشعر الوليد أنها تقطع حتى كويت فوجد رائحة الكي وبقي بعد ذلك ثماني سنين واحتفر بالمدينة بئراً يقال لها بئر عروة ليس بالمدينة بئر أعذب منها، وهلك في ضيعة له بالقرب المدينة سنة ثلاث وتسعين ويقال مات سنة أربع وتسعين، وكانت تلك السنة تدعى سنة الفقهاء لكثرة من مات منهم فيها. فولد عروة محمداً ويحيى وعثمان وعمراً وعبد الله ومصعباً وعبيد الله وهشاماً وكانت أم هشام بن عروة أمه تسمى سارة.
فأما عبد الله بن عروة فكان من أخطب الناس وأبلغهم وكان يشبه بخالد بن صفوان في البلاغة وقيل له: تركت المدينة دار الهجرة فلو رجعت لقيت الناس ولقيك الناس، فقال: وأين الناس إنما الناس شامت بنكبة أو حاسد لنعمة. وعمي قبل موته وله عقب بالمدينة.
وأما محمد بن عروة فكان من أجلّ الناس ولا عقب له من الرجال.
وأما عثمان فكان خطيباً جلداً وله عقب بالمدينة.
وأما يحيى بن عروة فكان له علم بالنسب، وأيام الناس فذكر إبراهيم بن هشام عامل هشام بن عبد الملك على المدينة، فأمر به هشام فضرب فمات بعد الضرب وله عقب بالمدينة.
وأما عمرو بن عروة فقتل مع ابن الزبير ولا عقب له.
وأما عبيدة بن عروة فله عقب بالمدينة.
وأما هشام بن عروة فكان فقيهاً وقدم الكوفة أيام أبي جعفر فسمع منه الكوفيون ومات بها سنة ست وأربعين ومائة وله عقب بالمدينة وبالبصرة وكان يكنى أبا المنذر.
المنذر بن الزبير: وأما المنذر بن الزبير فكان يكنى أبا عثمان، وكان سيداً حليماً وقتل مع ابن الزبير، ومن ولده: محمد بن المنذر وكان يقال له سيد قريش ويكنى أبا زيد، وكان إذا مر في الطريق أطفئت النيران تعظيماً له وانقطع يوماً قبال نعله فقال برجله هكذا فنزع الأخرى ومضى وتركهما لم يعرج عليهما وهو القائل: ما قل سفهاء قوم قط إلا ذلوا. وله عقب.
مصعب بن الزبير: أما مصعب بن الزبير فكان يكنى أبا عبد الله، ويقال: إنه كان يكنى أبا عيسى، وكان أجود العرب، وولاه أخوه عبد الله العراقين فسار إليه عبد الملك بن مروان ووجه أخاه محمد بن مروان على مقدمته، فلقيه مصعب فقاتله فقتل مصعب، فولد مصعب عيسى وعكاشة وعمر وجعفراً وحمزة وسعداً ومصعباً ولقبه حصين ومحمد.
فأما عيسى فقتل مع أبيه ولا عقب له.
وأما عكاشة فله عقب بالمدينة وابنه مصعب بن عكاشة قتل يوم قديد.
وأما جعفر فتزوج مليكة بنت الحسن بن الحسن بن علي فولدت له نساء وله عقب من غيرها.
وأما حمزة فقتل هو وابنه عمارة يوم قديد وله بالمدينة عقب، وكان شرب فأخذه بعض أمراء المدينة فجلده الحد وأقامه للناس، ويوم قديد يوم قتل فيه أبو حمزة الخارجي وكان خرج من اليمن فغلب على مكة والمدينة ثم توجه إلى الشام فقتل.
عبد الله بن الزبير: وأما عبد الله بن الزبير فكان يكنى أبا بكر وأبا حبيب وولد بعد الهجرة بعشرين شهرين شهرين شهراً هذا قول الواقدي. وقال أبو اليقظان: هو أول مولود ولد بالمدينة في الإسلام وبنى الكعبة فجعل لها بابين، وطلب الخلافة فظفر بالحجاز والعراق واليمن ومصر، فمكث بعد ذلك تسع سنين فسار إليه الحجاج فحاصره بمكة ثم أصابته رمية فمات بها وكان بخيلاً. فقال الشاعر فيه:
رأيت أبا بكر وربك غالب * على أمره يبغي الخلافة بالتمر
وقتل وهو ابن ثلاث وسبعين سنة وصلب حيث أصيب، فولد عبد الله حمزة وخبيباً وثابتاً وموسى وعباداً وقيساً وعامراً وعبد الله وبنات.
فأما حمزة فكان أجود العرب، وكان عامل أبيه على البصرة وله عقب بالمدينة.
وأما خبيب فكان عقيماً.
وأما ثابت فكان بذيئاً لسناً بئيساً وله عقب، ومن ولده الزبير بن عبد الله بن مصعب بن ثابت عامل هارون على المدينة واليمن.
وأما موسى فله عقب بالمدينة منهم: صديق بن موسى بن عبد الله بن الزبير، وكان من سروات قريش.
وأما عباد فله ولد بالمدينة وقيس ولا عقب له.
وأما عامر بن عبد الله فكان من أعبد أهل زمانه، وكان لا يزوج بناته وهو الذي سرقت نعله فحلف أن لا يشتري نعلاً مخافة أن يسرقها مسلم فيأثم في سرقته.
وأما عبد الله بن عبد الله فكان أشبه القوم بأبيه، وزوّج عبد الله بن الزبير بناته من بني أخيه.
موالي الزبير وآله: البهي الذي يروي عن عائشة هو مولى الزبير واسمه عبد الله بن يسار ويكنى أبا محمد، ونزل الكوفة فروى عنه الكوفيون ومنهم حميد الأعرج القارئ، وهو حميد بن قيس مولى آل الزبير، وكان قارئ أهل الكوفة كثير الحديث فارضاً حاسباً، وقرأ على مجاهد. وأخوه عمر بن قيس يضعف في الحديث.
وكان مرة عبث بمالك بن أنس فقال مرة يخطئ ومرة يصيب وذلك عند والي مكة فقال له مالك: هكذا الناس، ولم يفهمها وإنما تغفله ثم نبه مالك على ذلك فقال: لا أكلمه أبداً.
وأما أبو الزبير الذي يروي عن جابر واسمه محمد بن مسلم فإنه مولى حكيم بن حزام بن خويلد ابن عم الزبير.
أخبار طلحة بن عبيد الله
رضي الله تعالى عنه
نسب طلحة
هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، ويكنى أبا محمد وكان يقال له طلحة الخير وطلحة الفياض وطلحة الطلحات وليس هو طلحة الطلحات الذي يقال فيه:
رحم الله أعظما دفنوها * بسجستان طلحة الطلحات
بل ذلك من خزاعة، وكان طلحة من المهاجرين الأولين ومن العشرة المسمّين للجنة وأحد أصحاب الشورى، ولم يحضر يوم التشاور وكان غائباً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ووقاه يومئذ من ضربة قصد بها إليه فشلت يده وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجب طلحة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن أبي وقاص وكان شديداً على عثمان وأمه الصعبة بنت الحضرمي، وكانت قبل أن تكون عند عبيد الله تحت أبي سفيان بن حرب، فطلقها ثم تبعتها نفسه فقال:
إني وصعبة فيما يرى * بعيدان والود دان قريب
فإن لم يكن نسب ثاقب * فعند الفتاة جمال وطيب
فيا آل قصي ألا فاعجبوا * هزبر يصيد الغزال الربيب
فلما قدم البصرة لقتال علي وشهد يوم الجمل فنظر إليه مروان بن الحكم وكان يحقد عليه ما كان منه من أمر عثمان فرماه بسهم فأصاب ساقه فشكها بجنب الفرس، فاعتنق هاديه يعني عنق الفرس وقال: تالله ما رأيت مصرع أشياخ أضيع، ومات فدفن بقنيطرة قرة. ثم رأت عائشة بنته بعد موته بثلاثين سنة في المنام أنه يشكو إليها الندى، فأمرت به فاستخرج طرياً وتولى إخراجه عبد الرحمن بن سلامة التيمي فدفن في داره في الهجريين بالبصرة فقبره هناك مشهور.
وكان لطلحة أخوان عثمان بن عبيد الله ومالك بن عبيد الله، فأما عثمان فكان له قدر في الجاهلية وأدرك الإسلام فأخذ طلحة وأبا بكر فقرنهما بحبل فلذلك سميا القرينين وقال بعض آل الزبير في رجل من ولد طلحة ولده أبو بكر:
يا طلحة يا بن القرينين اللذين هما * مع النبي أذلا كل جبار
هذا المسمى بفعل الخير نافلة * دون الأنام وهذا صاحب الغار
ولعثمان عقب، ولمالك أيضاً عقب بمكة.
سن طلحة وحليته
واختلفوا في سن طلحة وحليته؛ قال أبو اليقظان: قتل وهو ابن ستين سنة. قال الواقدي: قتل وهو ابن أربع وستين سنة في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. وروى عن بعض ولده أنه قال: قتل وهو ابن اثنتين وستين سنة. واختلفوا في حليته، فقال بعضهم: كان آدم كثير الشعر ليس بالسبط ولا بالجعد القطط، حسن الوجه دقيق العرنين إذا مشى أسرع، وكان لا يغير شعره، وقال موسى بن طلحة: كان أبيض الوجه يضرب إلى الحمرة مربوعاً هو إلى القصر أقرب، رحب الصدر عريض المنكبين إذا التفت جميعاً، ضخم القدمين لا أخمص لهما، وإذا كان الرجل لا أخمص لقدميه فهو أدج. وروى الفضل بن دكين، عن قيس بن الربيع، عن عمران بن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: كان في يد طلحة خاتم من ذهب فيه ياقوتة حمراء، وكانت غلته كل يوم ألف درهم واف.
ولد طلحة بن عبيد الله
فولد طلحة عشرة بنين وأربع لأمهات مختلفات منهم: محمد بن طلحة وأمه حمنة بنت جحش وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عابداً يقال له السجاد، ويكنى أبا القاسم وشهد يوم الجمل ونهى عنه علي وقال: إياكم وصاحب البرنس، فقتله رجل وأنشأ يقول شعراً:
وأشعث قوام بآيات ربه * قليل الأذى فيما ترى العين مسلما
أمكنه بالرمح حضني قميصه * فخر قتيلاً لليدين وللفم
على غير شيء غير أن ليس تابعاً * علياً ومن لا يتبع الحق يظلم
يناشدني حاميم والرمح شاجر * فهلا تلا حاميم قبل التقدم
فولد محمد بن طلحة إبراهيم وكان أصلع أعرج سيداً يسمى أسد الحجاز واستعمله عبد الله بن الزبير على أخراج الكوفة ومات بمكة وهو محرم، فمن ولد إبراهيم عمران ويعقوب ابنا إبراهيم وأمهما بنت إسماعيل بن طلحة وأمها لبابة بنت عبد الله بن العباس، فولد عمران، محمد بن عمران قاضي المدينة لأبي جعفر، وكان بخيلاً وهو القائل حين عوتب في البخل إني لا أجمد عن الحق ولا أذوب في الباطل.
ومنهم عمران بن طلحة وأمه حمنة، وكانت عنده أم كلثوم بنت الفضل بن العباس ولا عقب له، ومنهم: عيسى بن طلحة وكان ناسكاً بخيلاً ووفد إلى عبد الملك بن مروان فكلمه في عزل الحجاج مع عمر بن عبد الرحمن بن عوف حتى عزله عن الحجاز وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز وله عقب، ومنهم: يحيى بن طلحة وكان من خيار ولد طلحة وكان ابنه إسحاق بن يحيى بن طلحة يروي عنه الفقه، وأم إسحاق أم أياس بنت أبي موسى الأشعري.
ومنهم إسماعيل بن طلحة وكان سرياً وكان عنده لبابة بنت عبد الله بن العباس.
ومنهم إسحاق بن طلحة وكان معاوية استعمله على خراسان شريكاً لسعيد بن عثمان بن عفان، ومات بالري ولولده عقب وعدد.
ومنهم يعقوب بن طلحة قتل يوم الحرة وله عقب منهم: أبو يعرة عامل أبي جعفر على البحرين.
ومنهم موسى بن طلحة وكان من خيار ولده وله قدر ونبل مات بالكوفة سنة أربع ومائة، وكان يكنى أبا عيسى ويشد أسنانه بالذهب ويخضب بالسواد، وابنه محمد بن موسى كانت أمه بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ووجهه عبد الملك بن مروان إلى شبيب فقتله شبيب. وعمران بن موسى أمه أم ولد وكان سخياً وله عقب.
ومنهم زكريا بن طلحة أمه أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وأخته لأمه وأبيه عائشة بنت طلحة وكان سخياً وله عقب.
ومنهم صالح بن طلحة أمه تغلبية. ومن بناته أم إسحاق بنت طلحة وكانت تحت الحسن بن علي، فولدت له طلحة بن الحسن وهلك وهو صغير، ثم تزوجها الحسين بن علي فولدت له فاطمة بنت الحسين وهي أم عبد الله بن الحسين، ثم تزوجها عبد الله بن محمد بن أبي عتيق فولدت أمية. ومن بناته عائشة بنت طلحة تزوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ثم تزوجها مصعب بن الزبير فأعطاها ألف ألف درهم، فقال أنس بن زنيم الديلمي لأخيه:
أبلغ أمير المؤمنين رسالة * من ناصح لك لا يريد خداعا
بضع الفتاة بألف ألف كامل * وتبيت سادات الجيوش جياعا
لولا أبو حفص أقول مقالتي * وأقص شأن حديثهم لأرتاعا
يعني عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلما قتل مصعب تزوجها عصر بن عبيد الله بن معمر التيمي ولم تلد إلا لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر. ومن بناته الصعبة لأمة ومريم لأمة.
موالي طلحة
رضي الله عنه من مواليه مسلم بن يسار وكان لا يفضل عليه أحد في زمانه، وكان إذا غضب فاشتد غضبه قال: فرق بيني وبينك! فإذا قالها علموا أنه لم يبق بعد ذلك شيء. وكان يقول: إني لأكره أن أمر فرجي بيميني، وأنا أرجو أن آخذ بها كتابي، ومر بمسجد فأذن المؤذن فرجع، فقال له المؤذن: ما ردك? قال: أنت رددتني. وكان لا يلعن شيئاً، فإذا غضب على البهية قال: أكلت سماً قاضياً، وتوفي سنة مائة أو إحدى ومائة وابنه عبد الله بن مسلم بن يسار وقد روى عنه. ومن موالي طلحة أبو نعيم الفضل بن دكين بن حماد المحدث، كان يروي عن الأعمش والثوري وتوفي بالكوفة سنة تسع عشرة ومائتين. وأما حميد الطويل فهو مولى طلحة الطلحات الخزاعي لا طلحة بن عبيد الله التيمي.
أخبار عبد الرحمن بن عوف
رضي الله تعالى عنه
نسب عبد الرحمن
رضي الله تعالى عنه:
قال أبو محمد: هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان اسمه في الجاهلية عبد الحارث وقيل: عبد عمرو، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن، وقتل أبوه عوف في الجاهلية بالغميصاء قتله بنو جذيمة، وكانت أمه تسمى الشفاء وهي زهرية أيضاً، وكان لعبد الرحمن إخوة أحدهم: عبد الله بن عوف من سرات وقريش، وابنه طلحة بن عبد الله بن عوف له عقب بالمدينة، والآخر الأسود بن عوف كانت له صحبة ووجده عمر بن الخطاب بمكة شارباً فأمر به فجلده الحد، وشهد يوم الجمل مع عائشة فقتل وله عقب.
وكان عبد الرحمن يكنى أبا محمد وهو أحد العشرة الذين سموا للجنة وأحد الستة الذين ذكروا للشورى وكان به برص.
قال الواقدي: ولد عبد الرحمن بن عوف بعد الفيل بعشر سنين، ومات سنة اثنتين وثلاثين وهو يومئذ عن خمس وسبعين سنة. قال أبو اليقظان: توفي في خلافة عثمان وقسم ميراثه على ستة عشر سهماً، فبلغ نصيب كل امرأة له ثمانين ألف درهم، وأعتق في يوم واحد ثلاثين عبداً وأوصى أن يصلي عليه عثمان بن عفان.
حلية عبد الرحمن بن عوف
قال الواقدي: كان رجلاً طوالاً حسن الوجه رقيق البشرة فيه جناً أبيض مشرب حمرة لا يغير رأسه ولا لحيته، وقالت سهلة بنت عاصم بن عدي: كان أعين أقنى طويل الثنيتين العليتين ربما أدمى بهما شفته جداً، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق تنظر إلى صورة وجهه كأن فيه حباب الماء، ضخم الكفين غليظ الأصابع.
ولد عبد الرحمن بن عوف
فولد عبد الرحمن محمداً وإبراهيم وحميداً وزيداً، أمهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وأبا سلمة الفقيه أمه تماضر بنت الأصبغ الكلبية، ومصعباً أمه يمانية، وعثمان والمسور وعمر وغيرهم وبنات.
محمد بن عبد الرحمن: فأما محمد بن عبد الرحمن فكان شديد الغيرة وولد عبد الواحد وله عقب.
إبراهيم: وأما إبراهيم فكان سيد القوم وكان قصيراً وتزوج سكينة بنت الحسين فلم يرض بذلك بنو هاشم فخلعت منه وكان يكنى أبا إسحاق، ومات سنة ست وسبعين وهو ابن خمس وسبعين سنة، فولد إبراهيم سعد بن إبراهيم، أمه بنت سعد بن أبي وقاص، وكان قاضي المدينة زمن هشام، وله عقب، وقال فيه موسى شهوات:
يتقي الناس فحشه وأذاه * مثل ما يتقون بول الحمار
لا يغرنك سجدة بين عينيه * حذاري منها ومنها فراري
وذكر أنه جلد رجلاً دخل عليه، فقال له: في أي شيء جلدتني? قال: في السماجة. فقال قائل بالمدينة:
جلد الحاكم سعد اب * ن سليم في السماجة
فقضى الله لسعد * من أمير كل حاجة
وتوفي سعد بالمدينة سنة سبع وعشرين ومائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وابنه إبراهيم بن سعد أبو إسحاق كان ببغداد على بيت المال، وكان عسراً في الحديث، ومات ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة.
حميد بن عبد الرحمن: وأما حميد بن عبد الرحمن فكان له مال وجاه وحمل عنه الحديث وكان يكنى أبا عبد الرحمن، ومن ولده عبد الرحمن بن حميد كان من سروات قريش بالمدينة، ومات بالمدينة سنة خمس وتسعين، ويقال إنه مات سنة أربع ومائة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقال بعضهم: مات سنة خمس ومائة.
أبو سلمة بن عبد الرحمن: وأما أبو سلمة بن عبد الرحمن فكان فقيهاً يحمل عنه الحديث واسمه عبد الله وابنه عمر بن أبي سلمة قتله أبو جعفر بالشام، وكان عمر مع بني أخت له من بني أمية فقتله معهم، ومات أبو سلمة سنة أربع وتسعين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. ويقال إنه مات سنة أربع ومائة.
مصعب بن عبد الرحمن: وأما مصعب بن عبد الرحمن فكان شجاعاً، وقال عبد الملك لرجل من أهل الشام أي فارس لقيته قط أشد? قال: مصعب. فقتل مع ابن عم الزبير، وكان قبل ذلك مع مروان على شرطته بالمدينة، وفيه يقول ابن قيس الرقيات:
حال دون الهوى ودو * ن سرى الليل مصعب
وسياط على أك * ف رجال تقلب
وقال الواقدي: قتل مصعب بن عبد الرحمن من أصحاب الحصين بن نمير بيد خمسة، ثم رجع وسيفه منحنٍ فجعل يقول:
إنا لنوردها بيضاً ونصدرها * حمراً وفيها انحناء بعد تقويم
وكان الواقدي ينكر أنه توفي ولم يقتل.
سهيل بن عبد الرحمن: وأما سهيل بن عبد الرحمن فكان تزوج الثريا امرأة من بني أمية الصغدي، وهي التي كان يشبب بها عمر بن أبي ربيعة، فقال:
أيها المنكح الثريا سهيلاً * عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت * وسهيل إذا استقل يماني
ولسهيل عقب بالمدينة منهم: عتير بن سهيل وكان صاحب شراب، وفيه يقول الشاعر:
إذا أنت نادمت العتير وذا الندى * جبيراً وعاطيت الزجاجة خالدا
وجبير هو ابن أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالد هو ابن أبي أيوب الأنصاري.
عمر بن عبد الرحمن: وأما عمر بن عبد الرحمن فكان من جلداء قريش، وهو أحد من عمل في أمر الحجاج حتى عزله عبد الملك عن المدينة، ومن ولده: محمد بن عبد العزيز قاضي أبي جعفر على المدينة، وله عقب.
وأما المسور بن عبد الرحمن فقتل يوم الحرة.
وأما عثمان بن عبد الرحمن فله عقب بالبصرة.
أخبار سعد بن أبي وقاص
رضي الله تعالى عنه
نسب سعد
قال أبو محمد: هو سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، يكنى أبا إسحاق وأمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس، وله أخوان: عتبة وعمير. فأما عتبة: فمن ولده هاشم بن عتبة المرقال وكان أعور، وكان مع علي يوم صفين، وكان من أشجع الناس وهو القائل:
أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا
لا بد أن يغل أو يغلا"
وأما عمير بن أبي وقاص فاستشهد يوم بدر، وكان سعد أحد العشرة الذين سموا للجنة، وأحد أصحاب الشورى، وكان أرمى الناس، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم استجب دعوته وسدد رميته." وجمع له النبي صلى الله عليه وسلم أبويه، فقال: أرم فداك أبي وأمي. وقال: هذا خالي فليأت كل رجل بخاله، وولاه عمر بن الخطاب الكوفة. وكان على الناس يوم القادسية، وكان به جراح فلم يشهد الحرب واستخلف خليفة، ففتح الله على المسلمين. فقال رجل من بجيلة:
ألم تر أن الله أظهر دينه * وسعد بباب القادسية معصم
فأبنا وقد أيمت نساء كثيرة * ونسوة سعد ليس منهن أيم
فقال سعد: اللهم أكفنا يده ولسانه! فأصابته رمية رمية فخرس ويبست يده، ثم شكا أهل الكوفة سعداً فعزله عمر، ثم ولاه عثمان بعده الكوفة ثم عزله، واستعمل الوليد بن عقبة، فلما قدم عليه قال سعد للوليد: يا أبا وهب أكست بعدنا أم حمقنا بعدك? فقال: ما كسنا ولا حمقت ولكن القوم استأثروا! ثم ذكر شيئاً ومات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، فحمل إلى المدينة على رقاب الناس وكان وفاته سنة خمس وخمسين وهو آخر العشرة موتاً، وصلى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة لمعاوية، وبلغ من السن بضعاً وثمانين سنة أو بضعاً وسبعين سنة، وكان يقول: أسلمت وأنا ابن تسعة عشرة سنة.
حلية سعد رضي الله عنه: قال الواقدي: قالت عائشة بنت سعد: كان أبي رجلاً قصيراً دحداحاً غليظاً ذا هامة، ششن الأصابع. وقال عامر بن سعد: كان سعد جعد الشعر أشعر الجسد آدم طويلاً، وذهب بصره في آخر عمره.
ولد سعد
فولد سعد عمر بن سعد ومحمد بن سعد وعامر بن سعد وموسى بن سعد ومصعب بن سعد وعائشة بنت سعد وغيرهم.
فأما عمر بن سعد: فهو قاتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، وكان عبيد الله بن رياد وجهه لقتاله، فلما كان أيام المختار بعث إلى عمر بن سعد أبا عمرة مولى بجيلة فقتله وحمل رأسه إليه وعنده حفص بن عمر بن سعد، فقال له المختار: أتعرف هذا الرأس? قال: نعم هذا رأس أبي حفص. قال: فألحقوا حفصاً بأبي حفص فقتل ولعمر عقب بالكوفة.
وأما محمد بن سعد فخرج مع ابن الأشعث فقتله الحجاج صبراً، وكان ابنه إسماعيل بن محمد بن سعد من فقهاء قريش وذوي النبل منهم.
وأما عامر بن سعد فذكروا أنه بكى عند موت أبيه، فقال له: ما يبكيك يا بني إني أقسم على ربي أنه لا يعذبني ، ومات مصعب سنة ثلاث ومائة وقد روي عنه الحديث.
وأما موسى بن سعد فله عقب منهم نجاد بن موسى.
أخبار سعيد بن زيد
رضي الله تعالى عنه
نسب سعد
قال أبو محمد هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن قرط بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وعمر بن الخطاب ابن عم أبيه وكان نفيل ولد عمر بن نفيل والخطاب بن نفيل، وأم الخطاب امرأة من فهم، فتزوج عمرو بن نفيل امرأة أبيه بعد أبيه فولد عمرو زيد بن عمرو وأمه أم الخطاب.
وكان زيد رغب عن عبادة الأوثان وطلب الدين حتى وقع على رجل بالجزيرة فوصف له دين إبراهيم وقال: ارجع إلى بلادك فقد دنا خروج نبي فإذا خرج فاتبعه، فبقي زيد حتى لقي النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه حديثه وقال: قد رجعت فما أرى شيئاً، وذلك قبل أن يوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى الشام فقتله النصارى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه يبعث أمة وحده. وله يقول ورقة بن نوفل:
رشدت وأنعمت بن عمرو وإنما * تجنبت تنوراً من النار حاميا
وزيد بن عمرو القائل:
أسلمت وجهي لمن أسلمت * له المزن تحمل عذباً زلالا
فولد زيد بن سعيد بن زيد وعاتكة بنت زيد.
فأما عاتكة فكانت عند عبد الله بن أبي بكر، ثم خلف عليها عمر بن الخطاب ثم خلف عليها الزبير.
وأما سعيد بن زيد فكان يكنى أبا الأعور، وكان من المهاجرين الأولين. وأسلم قبل عمرو وهو أحد العشرة الذين سموا للجنة، وبقي إلى خلافة معاوية، وعقبه بالكوفة كثيرة، وكانت له بنت عند الحسن بن الحسن بن علي، وبنت عند المنذر بن الزبير بن العوام، وبنت عند عاصم بن المنذر. ومن ولد محمد بن عبد الله بن سعيد كان يقول الشعر، وهو القائل ليزيد بن معاوية يوم الحرة:
لست فينا وليس خالك منا * يا مضيع الصلاة للشهوات
قال الواقدي: كان سعيد رجلاً آدم طوالاً أشعر، وتوفي سنة إحدى وخمسين وهو يومئذ ابن بضع وسبعين سنة، وقبره بالمدينة ونزل في قبره سعد بن أبي وقاص وابن عمر، وقال غيره: كان ممن سكن الكوفة وقبر بها.
أبو عبيدة بن الجراح
رضي الله عنه
نسبه
قال أبو اليقظان: هو أبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح، ونسب إلى جده واسمه عامر، وهو من بني الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. وبنو فهر وهو قريش، ومن فهر تفرقت قبائلها، وأمه من بني الحارث بن فهر، وقد أسلمت وزوجها أبو عبيدة في الإسلام، والحارث بن فهر من المطيبين، وأبو عبيدة من عظماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة". وقال أبو بكر يوم سقيفة بني ساعدة: رضيت لكم أحد صاحبي أبا عبيدة أو عمر. أما أبو عبيدة فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لكل أمة أمين وأبو عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة".
وأما عمر فسمعته يقول: اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل. ومات أبو عبيدة بالشام في طاعون عمراس ولا عقب له. قال جهل. قال الواقدي: وكان رجلاً نحيفاً معروق الوجه خفيف اللحية طوالاً أجنأ أثرم الثنيتين، وكان يخضب بالحناء والكتم. قال غيره: سبب ثرمه أنه كان انتزع نصالاً من جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بثنيته فسقطتا، فما رؤي أهتم كان أحسن من أبي عبيدة. والأهم هو الأثرم، وحكى الواقدي عن رجل من قومه: أنه شهد بدراً وهو ابن إحدى وأربعين سنة، ومات سنة ثماني عشرة وهو ابن ثمان وخمسين.
?عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه
نسبه
كان عبد الله بن مسعود من هذيل، ورهطه منهم: بنو عمر بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، وكان من خلفاء بني زهرة ويكنى أبا عبد الرحمن، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً وبيعة الرضوان وجميع المشاهد، وكان على قضاء الكوفة وبيت مالها لعمر وصدراً من خلافة عثمان، ثم صار إلى المدينة قتوفي بها سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن بضع وستين سنة ودفن بالبقيع، وكان رجلاً نحيفاً قصيراً يكاد الجلوس توازيه من قصره، وكان شديد الأدمة وله شعر يبلغ ترقوته يجعلها وراء أذنيه، وكان لا يغير شيبه، وكان يتختم بالحديد.
ولد عبد الله بن مسعود
ومن ولد عبد الله بن مسعود عبد الرحمن بن عبد الله وعتبة بن عبد الله وأبو عبيدة بن عبد الله.
فأما عبد الرحمن فولد القاسم بن عبد الرحمن وكان على قضاء الكوفة، ومعن بن عبد الرحمن وولد معن القاسم بن معن وكان على قضاء الكوفة ولم يرتزق شيئاً حتى مات، وكان عالماً بالفقه والحديث والشعر وأيام الناس والنسب وكان يقال له شعبي زمانه.
وأما عتبة بن عبد الله فله عقب منهم: أبو عميس عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، مات ببغداد وأخوه عبد الرحمن المسعودي واختلط في آخر عمره ومات ببغداد وهو المسعودي الأكبر.
وأما الأصغر فهو عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة.
??عتبة بن مسعود
أخو عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: وكان لعبد الله أخ يقال له عتبة بن مسعود لأبويه، وكان قديم الإسلام ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، ومات في خلافة عمر، وكان له ابن يقال له عبد الله ويكنى أبا عبد الرحمن منزله بالكوفة، ومات بها في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان كثير الحديث والفتيا فقيهاً. ومن ولده: عبيد الله بن عبيد الله بن عتبة كان عالماً وهو الذي يروي عنه الزهري، وكان الزهري يقوم له إذا خرج، فلما ظن أنه قد استنفد ما عنده لم يقم، فقال له: إنك في العزاز، فقم العزاز ما غلظ من الأرض يقول إنك بعد في الأطراف، ومات سنة ثمان وتسعين. ومن ولده عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كان زاهداً عالماً وكان في أول عمره يقول بالإرجاء ثم رجع عن ذلك وقال:
وأول ما نفارق غير شك * نفارق ما يقول المرجئونا
وقالوا مؤمن دمه حلال * وقد حرمت دماء المؤمنينا
وقالوا مؤمن من أهل جود * وليس المؤمنون يحاربونا
وكان ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز له، ويقول جرير:
يا أيها القارئ المرخي عمامته * هذا زمانك إني قد خلا زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه * إني لدى الباب كالمشدود في قرن
ولعون كلام كثير بليغ حسن، وأوصى ابنه بوصية طويلة أولها: يا بني كن ممن نأيه نز عمن نأى عنه تقى وتراهة. وعوتب أخوه عبيد الله في قول الشعر، فقال: لا بد للمصدر من أن ينفث
أبو ذر الغفاري
رضي الله عنه
نسبه
قال أبو اليقظان: اسمه جندب بن السكن. ولقبه برير، قال: وحدثني أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد، قال: حدثنا عمر بن ثابت عن ابن إسحاق عن حفص بن المعتمر، قال: جئت وأبو ذر آخذ بحلقة باب الكعبة وهو يقول أنا أبو ذر الغفاري من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا "، وهو من غفار، وغفار قبيلة من كنانة، وهو غفار بن مليك بن ضمرة بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة، وأسلم رجع إلى بلاد قومه فأقام حت مضت هذه المشاهد، ثم قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عثمان شيره إلى الربذة فمات بها سنة اثنتين وثلاثين وليس له عقب. وعبد الله الصامت بن أخي ذر ويكنى أبا نصر.
معاذ بن جبل معاذ
رضي الله عنه
نسبه
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي، وهو من الخزرج ويكنى أبا عبد الرحمن وأمه هند بنت سهل بن جهينة وأخوه لأمه عبد الله بن جرير بن قيس بدوي. وقال بعضهم: لم يولد له قط. وقال آخرون: كان له من الولد أم عبد الله وهي من المبايعات، وابنان أحدهما عبد الرحمن ولم يسم الآخر. فهلك هو وابناه في طاعون عمواس بعد أبي عبيدة، ولا عقب له وكانت وفاته بناحية الأردن.
واختلفوا في سنه فروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: مات معاذ وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. وقال الواقدي: شهد معاذ بدراً وهو ابن عشرين سنة أو إحدى وعشرين سنة. ومات سنة ثماني عشرة وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. واختلفوا في لونه، فقال الواقدي: كان أبيض طوالاً حسن الثغر عظيم العينين جعداً قططاً من أجمل الرجال، وقال غيره: كان آدم جميلاً براق الثنايا.
عبادة بن الصامت
رضي الله عنه
نسبه
هو عبادة بن الصامت بن قيس من الخزرج ويكنى أبا الوليد وأمه قرة العين بنت عبادة بن فضلة خزرجية، وكان عبادة أحد النقباء الاثني عشر وشهد بدراً والمشاهد كلها، وشهد العقبة مع السبعين وأخوه أوس بن الصامت شهد بدراً وهو أول من ظاهر في الإسلام وكان به لمم فلاحى امرأته خولة في بعض صحواته، فقال: أنت علي كظهر أمي ثم ندم، القصة. وكان عبادة جميلاً جسيماً توفي بالرملة من الشام سنة أربع وثلاثين وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة، وابنه الوليد بن عبادة ولد في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان بالشام، وكان ثقة قليل الحديث وله عقب.
عمار بن ياسر
رضي الله عنه هو عمار بن ياسر بن عامر بن مالك من عنس، وعنس من مذحج من اليمن رهط العنسي الكذاب المتنبي وهم أخوة مراد من مذحج وسعد العشيرة من مذحج، وكان ياسر قدم من اليمن مكة وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومي وزوّجه أبو حذيفة أمة له يقال لها سمية فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة. ولم يزل ياسر وعمار ابنه مع أبي حذيفة إلى أن مات، وجاء الله بالإسلام فأسلم ياسر وعمار وسمية وأخوه عبد الله بن ياسر وخلف على سمية بعد ياسر الأزرق، وكان غلاماً رومياً للحارث بن كلدة وهو ممن خرج يوم الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع عبيد أهل الطائف، ومنهم: أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولدت سمية للأزرق سلمة بن الأزرق وهو أخو عمار بن ياسر لأمه ثم ادعى ولد سلمة أنهم من غسان وأنهم حلفاء لبني أمية وشرفوا بمكة، وتزوج الأزرق وولده في بني أمية، وكان لهم منهم أولاد. وسمية أم عمار أول شهيدة استشهدت في الإسلام وجأها أبو جهل بحربة فماتت، وشهد عمار صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقتل ودفن هناك وصلى عليه علي ولم يغسله، وعمار ممن شهد بدراً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: حدثني الزيادي، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا زمعة بن كلثوم بن جبير، قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو العامرية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإن الحق يومئذ لمع عمار". قال أبو العامرية: وسمعت عماراً يذكر عثمان في المسجد، قال: يدعى فينا جباناً ويقول إن نعثلا هذا يفعل ويفعل يعيبه، فلو وجدت ثلاثة أعوان يومئذ لوطئته حتى أقتله، فبينما أنا بصفين إذ أنا به أول الكتيبة، فطعنه رجل في كتفه فانكشف المغفر عن رأسه فضرب رأسه فإذا رأس عمار قد نذر، قال أبي، فما رأيت شيخاً أضل منه يروي إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما قال، ثم ضرب عنق عمار.
قال الواقدي: كان عمار رجل آدم طويلاً مضطرباً أشهل العينين بعيد ما بين المنكبين يكنى أبا اليقظان. وقال غيره: وقطعت أذن عمار يوم اليمامة، وقتل سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة، وكان لعمار ابن يقال له محمد بن عمار قد روى عنه.
وسعد القرظ مولى عمار كان يؤذن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر بقباء، فلما ولي عمر أنزله المدينة فكان يؤذن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولده إلى اليوم يؤذنون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سعد بن عبادة
رضي الله عنه هو سعد بن عبادة بن دليم من بني ساعدة من الخزرج ويكنى أبا ثابت، وكان يكتب في الجاهلية ويحسن العوم والرمي، وكان يسمى الكامل، ولم يشهد بدراً لأنه كان نهش، ثم شهد المشاهد كلها وخرج إلى الشام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بحوران لسنتين ونصف من خلافة عمر، وكان سبب موته أنه جلس يبول في نفق فاقتتل فمات من ساعته واخضر جلده، وقال رجل من ولده: ما علمنا بموته بالمدينة حتى بلغنا أن غلماناً سمعوا قائلاً في بئر يقول:
قد قتلنا سيد الخز * رج سعد بن عباده
ورميناه بسهمي * ن فلم نخط فؤاده
ويقال: إنه نهش وهو الصحيح. ومن ولده: قيس بن سعد يكنى أبا عبد الملك وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث، وتوفي بالمدينة في آخر خلافة معاوية، وسعيد بن سعد كانت تحته بنت أبي الدرداء وله منها أولاد.
زيد بن ثابت
رضي الله عنه
هو زيد بن ثابت بن الضحاك من الأنصار أحد بني غنم بن مالك بن النجار ويكنى أبا سعيد ويقال يكنى أبا عبد الرحمن، قتل أبوه في وقعة بعاث وهو ابن ست سنين، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهو ابن إحدى عشرة سنة، وكان آخر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن على مصحفه وهو أقرب المصاحف من مصحفنا، وقد كتب زيد لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ومات سنة خمس وأربعين وصلى عليه مروان، وكان له أخ يقال له يزيد بن ثابت، وابنه خارجة بن زيد يكنى أبا زيد قال: رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه السنة لي سبعون سنة قد أكملتها فمات فيها وهي سنة مائة بالمدينة، وقتل لزيد بن ثابت يوم الحرة سبعة أولاد لصلبه وله عقب بالمدينة.
أبي بن كعب
رضي الله تعالى عنه هو من الأنصار ويكنى أبا المنذر وكان يكتب في الجاهلية، وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي وكان دحداحاً أبيض الرأس واللحية لا يغير شيبه، واختلف في وقت موته، فقال قوم: مات في خلافة عمر سنة اثنتين وعشرين، فقال عمر: اليوم مات سيد المسلمين. وقال آخرون: مات سنة ثلاثين في خلافة عثمان وكان له أولاد منهم الطفيل ابن أبي ومحمد بن أبي.
المقداد بن الأسود
رضي الله عنه قال أبو اليقظان: هو المقداد بن عمرو بن ثعلبة من اليمن، وكان الأسود بن عبد مناف بن زهرة ادعاه لأنه كان حليفاً له فنسب إليه ثم رجع إلى نسبه وكان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وكانت تحته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رجلاً طوالاً آدم ذا بطن كثير شعر الرأس يصفر لحيته أعين مقروناً أقنى ويكنى أبا معبد ومات بالجرف فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين وهو ابن سبعين سنة أو نحوها.
حذيفة بن اليمان
رضي الله عنه قال أبو اليقظان: هو حذيفة بن حشد بن جابر وكان حشد يلقب اليمان ويكنى أبا عبد الله، قال: وهو من بني عبس وعداده في بني عبد الأشهل، وأسلم من بني عبس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، وشعارهم عشرة وأسلم اليمان وأخطأ به المسلمون يوم أحد فقتلوه، وحذيفة يقول أبي أبي. وقال غيره: حذيفة بن حشد بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة، وجروة هو اليمان وكان أصاب دماً في قومه فهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لأنه حالف اليمانية.
وروى الأشعث عن الحسن إنه قال: كان حذيفة رجلاً من عبس فخيره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن شئت كنت من المهاجرين، وإن شئت كنت من الأنصار. قال: من الأنصار. قال: فأنت منهم. ولحذيفة عقب في الأنصار، ولم يشهد حذيفة بدراً وأخوه صفوان بن اليمان شهد أحد ولم يشهد بدراً، وهلك حذيفة بالكوفة بعد مقتل عثمان. وقال الواقدي: مات بالمدائن سنة ست وثلاثين وجاءه نعي عثمان ولم يدرك الجمل، وكان الجمل لعشر ليال خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين، وأخته ليلى بنت اليمان أم سلمة بنت ثابت بن وقش، وأخته فاطمة بنت اليمان.
صهيب بن سنان
رضي الله عنه هو صهيب بن سنان بن مالك بدري، وجميع المدنيين يثبتون نسبه في النمر بن قاسط وأمه سلمى من مازن تميم. وقال بعضهم: كان أبوه سنان بن مالك عاملاً لكسرى على الأبلة، وكذلك كان عمه، وكانت منازلهم بأرض الموصل وما يليها من الجزيرة، فأغارت الروم على تلك الناحية فسبوا صهيباً وهو غلام صغير فنشأ بالروم فابتاعته كلب منهم ثم قدمت به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان، ويقال: إن ابن جدعان أعتقه وبعث به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول ولده إنه هرب من الروم فقدم مكة فخالف عبد الله بن جدعان.
قال: وحدثني زياد بن يحيى، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا يوسف عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق فارس وبلال سابق الحبش.
قال الواقدي: كان صهيب رجلاً أحمر شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير وهو إلى القصر أقرب، كثير شعر الرأس يخضب بالحناء والكتم وكان مزاحاً، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتأكل تمراً وبك رمد? فقال: يا رسول الله! إنما أمضغ بالناحية الأخرى، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم منه، وتوفي بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في شوال وهو ابن سبعين سنة فدفن بالبقيع، وأولاده: حمزة وصيفي وعمارة بنو صهيب.
أبو موسى الأشعري
رضي الله عنه هو عبد الله بن قيس من الأشعريين من اليمن وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأشعريين فأسلموا. وأول مشاهده خيبر وكان يقال لأمه طغية.
قال أبو محمد: الطغية: خوصة المقل وهي من عك. وأسلمت أمه طغية وماتت بالمدينة وكان لبني موسى أخوة أسلموا، منهم: أبو عامر بن قيس قتل يوم أوطاس، وأبو بردة بن قيس، وأبو رهم بن قيس، ولم يروِ أبو رهم عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.
وكان أبو موسى خفيف الجسم قصيراً ثطاً، والثط: السناط،، حسن الصوت بالقرآن. وتوفي سنة اثنتين وخمسين، ويقال سنة اثنتين وأربعين وكان له أولاد. منهم: أبو بردة بن أبي موسى كان قاضياً وابنه بلال بن أبي بردة كان قاضياً، واسم أبي بردة عامر بن عبد الله، وتوفي أبو بردة سنة ثلاثة ومائة. ومنهم: موسى بن أبي موسى أمه أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب. ومنهم أبو بكر بن أبي موسى واسمه وكنيته وكان أسن من أبي بردة.
خالد بن الوليد
رضي الله عنه وهو خالد بن الوليد بن المغيرة من بني مخزوم، وأمه لبابة الصغرى بنت الحرث الهلالية أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأخت لبابة الكبرى وهي أم الفضل امرأة العباس بن عبد المطلب، وأم عبد الله بن العباس والفضل وعبيد الله وغيرهم من ولده. ويكنى خالد أبا سليمان ولم يشهد بدراً ولا أحداً ولا الخندق: وكان في ذلك كله مع المشركين وأسلم سنة ثمان هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة. وخالد قتل مسيلمة ومالك بن نويرة وهزم طليحة الكذاب وقتل بني جذيمة وهم من بني كنانة بالغميصاء فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وافتتح عين التمر وعامة الشام وحمى المسلمين يوم مؤته ومات بحمص سنة إحدى وعشرين، وكان له بالشام من الولد عدد كثير فقتل الطاعون منهم أربعون رجلاً فبادوا، وكان خالد يقول: لقد لقيت كذا وكذا زحفاً فما في جسدي موضع إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء.
أبو سعيد الخدري
رضي الله تعالى عنه هو سعد بن مالك منسوب إلى الخدرة وهم من اليمن، وأخوه لأمه قتادة بن النعمان، وكان قتادة من الرماة المذكورين في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات أبو سعيد سنة أربع وسبعين وفيها مات سلمة بن الأكوع وكان له من الولد عبد الرحمن وسعيد وبشير.
فأما عبد الرحمن فكان يكنى أبا محمد ومات سنة اثنتي عشرة ومائة بالمدينة وولد لعبد الرحمن عبد الله وربيح واسمه سعيد وهو ضعيف عند أصحاب الحديث ليس بثبت وحديثه كثير.
أبو الدرداء
رضي الله تعالى عنه
هو عويمر بن مالك، ويقال عويمر بن زيد، ويقال عويمر بن عامر بن الحرث بن الخزرج، وكان آخر أهل داره إسلاماً، وكان قبل إسلامه تاجراً ومات بالشام سنة اثنتين وثلاثين وعقبه بالشام.
عثمان بن أبي العاص الثقفي
رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عبد الله واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الطائف فلم يزل عليها إلى أن مضت سنون من خلافة عمر، واستعمله عمر على عمان والبحرين وصار إلى توج فقاتل شهرك الأذري فقتل شهرك، ونزل عثمان بالبصرة فأقطعه عثمان بن عفان اثني عشر ألف جريب ومات في خلافة معاوية وله عقب أشراف.
محمد بن مسلمة
رضي الله عنه
هو محمد بن مسلمة بن سلمة من بني حارثة بن الحرث بن الخزرج حليف لبني عبد الأشهل، وكان يقال له فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستخلفه في غزاة قرقرة الكدر على المدينة، وكان أسود طويلاً عظيماً أصلع، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً، والمشاهد كلها، واتخذ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفاً من خشب وجعله في جفن ولم يشهد الجمل. ولا صفين ولا حارب في فتنة، وكان يكنى أبا عبد الرحمن ونزل بالمدينة ومات بها في صفر سنة ست وأربعين أو ثلاث وأربعين وصلى عليه مروان بن الحكم وكان له من الولد عشرة ذكور وست بنات.
أبو الهيثم بن التيهان
هو مالك بن التيهان بن بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة حليف لبني عبد الأشهل، وقال بعضهم: هو من الأوس وكان يخرص لرسول الله صلى الله عليه وسلم النخل، وذكر قوم أنه شهد صفين مع علي بن أبي طالب، رواه جرير عن عمر بن ثابت وليس يعرف ذلك أهل العلم ولا يثبتونه، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة سنة عشرين وليس له عقب باق، وأخوه عبيد بن التيهان يختلف في اسمه فيقول قوم عبيد ويقول قوم عتيك.
سلمان الفارسي
رضي الله تعالى عنه كان يكنى أبا عبد الله، ويقول قوم إنه من أهل أصبهان، ويقول قوم إنه من فارس من رامهرمز، وأصبهان تحاذي فارس، ولم يشهد بدراً ولا أحداً لأنه كان في أوقاتهما عبداً وأول غزاة غزاها الخندق سنة خمس من الهجرة وعمر طويلاً ومات في أول خلافة عثمان.
وفي بعض الروايات: أنه مات في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه بالمدائن.
أبو طلحة الأنصاري
رضي الله عنه هو زيد بن سهل وهو القائل:
أنا أبو طلحة واسمي زيد * وكل يوم في سلاحي صيد
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل"، وكان من الرماة وقتل يوم حنين عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم، وكان آدم مربوعاً لا يغير شيبه، ومات بالمدينة سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان، وأهل البصرة يروون أنه ركب البحر فمات فيه ودفنوه في جزيرة، وكانت أم سليم بنت ملحان تحت أبي طلحة وهي أم أنس بن مالك وأخوها حرام بن ملحان.
أبو دجانة الأنصاري
رضي الله عنه هو سماك بن خرشة وكان شهد يوم مسيلمة وشارك في قتل مسيلمة ثم قتل في ذلك اليوم، وله عقب بالمدينة والعراق.
أبو أسيد الساعدي
رضي الله عنه هو مالك بن ربيعة، وكان قصيراً دحداحاً كثير شعر الرأس أبيض الرأس واللحية، وذهب بصره ومات وهو ابن ثمان وسبعين وذلك سنة ستين وله عقب بالمدينة ومدينة السلام.
أبو حذيفة بن عتبة
رضي الله عنه هو هشيم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان من مهاجرة الحبشة في الهجرتين جميعاً، وولد له هناك محمد بن أبي حذيفة، وكان أبو حذيفة طوالاً حسن الوجه أثعل أحول وقتل يوم اليمامة، وكفل عثمان بن عفان ابن أبي حذيفة ولم يزل في نفقته، فلما حصر عثمان وكان محمد بن أبي حذيفة أحد من وثب به وأعان عليه وحرض أهل مصر حتى ساروا إليه، فلما قتل عثمان هرب محمد بن أبي حذيفة إلى الشام فوجده رشدين مولى معاوية فقتله، وقد انقرض ولد أبي حذيفة فلم يبق منهم أحد، وانقرض ولد أبيه عتبة بن ربيعة إلا ولد المغيرة بن عمران بن عاصم بن الوليد بن عتبة بن ربيعة فإنهم بالشام.
سالم مولى أبي حذيفة
بن عتبة رضي الله عنه كان سالم يكنى أبا عبد الله وهو بدري وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي بكر، وكان ولاء سالم لامرأة أبي حذيفة وكانت أنصارية، فجعلت ولاءه لأبي حذيفة. وقال بعضهم هو سالم بن معقل من أهل اصطخر وكان مولى لبثينة الأنصارية، فهو يذكر في الأنصار لعتقها إياه ويذكر في المهاجرين لموالاته لأبي حذيفة، وكانت بثينة تحت أبي حذيفة فأعتقته سائبة. قال: والسائبة الذي لا يرجع إليه من أسبابه شيء، فتولى أبا حذيفة وتبناه وزوّجه أبو حذيفة بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة. ويقول قوم: إن المعتقة له امرأة أبي حذيفة كان اسمها سلمى من خطمة، واستشهد يوم اليمامة ولا عقب له.
عكاشة بن محصن
هو عكاشة بن محصن بن حرثان من أسد خزيمة بدري يكنى أبا محصن، وأخته أم قيس بنت محصن التي دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها قد أعلقت عليه من العذرة والعذرة وجع الحلق، وكان عكاشة من أجمل الرجال وبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة بغير حساب، وقتل ببزاخة في خلافة أبي بكر وأخوه أبو سنان بن محصن شهد بدراً وأحداً والخندق وسائر المشاهد، وهو أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان في قول بعضهم.
وقال الواقدي: أول من بايعه بيعة الرضوان ابنه سنان بن أبي سنان الأسدي، ويقال عبد الله ابن عمر.
أبو أيوب الأنصاري
رضي الله تعالى عنه هو خالد بن زيد بن كليب شهد مع علي حروراء وغزا مع يزيد بن معاوية ومات بالقسطنطينية وقبر بأصل سور المدينة وغبى قبره.
قال مجاهد: أمر يزيد بالخيل فجعلت تقبل عليه وتدبر حتى غبى، فأشرف أهل القسطنطينية فقالوا: لقد كان لكم الليلة شأن قالوا: هذا رجل من أكابر صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاماً وقد دفناه حيث رأيتم والله لئن نبش لأضرب بناقوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة.
قال مجاهد: فكانوا إذا محلوا كشفوا عن قبره فمطروا، وله عقب بالمدينة.
?عتبة بن غزوان رضي الله تعالى عنه هو عتبة بن غزوان بن الحرث بن جابر من بني مازن أخي سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان، وهو من المهاجرين الأولين، وهو ممن شهد بدراً، وكان من الرماة المذكورين وهو الذي افتتح الأبلة واختط البصرة وأمر محجن بن الأزرع فاختط مسجد البصرة، وكان رجلاً طوالاً قدم المدينة في الهجرة وهو ابن أربعين سنة وتوفي وهو ابن سبع وخمسين سنة في طريق مكة بمعدن بني سليم في خلافة عمر سنة سبع عشرة ومولاه خباب، شهد بدراً.
يعلى ابن منية
رضي الله تعالى عنه هو يعلى ابن منية من المهاجرين وأمه منية نسب إليها، وهي منية بنت الحرث بن جابر من بني مازن بن منصور، ومنية عمقة عتبة بن غزوان، وكان اسم أبيه أمية بن أبي عبيدة من بني زيد بن مالك بن حنظلة، وجاء يعلى بابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله???! بايعه على الهجرة. فقال: لا هجرة بعد الفتح. وولى أبو بكر رضي الله تعالى عنه يعلى اليمن وتزوج بنت الزبير بن العوام وبنت أبي لهب، وقدم يعلى في خلافة عثمان وأتاه أبو سفيان بن حرب فأعطاه عشرة آلاف درهم، فلما كان يوم الجمل حمل يعلى عائشة على جمل يقال له عسكر فهو جمل عائشة وجهز تسعين رجلاً من ماله فقال علي حين بلغه قدومهم البصرة: بليت بأشجع الناس يعني الزبير بن العوام، وأجبن الناس يعني طلحة، وأطوع الناس في الناس يعني عائشة، وأنض الناس أي أكثر الناس مالاً يعني يعلى ابن منية. وكان له ابن يقال له عبد الله بن يعلى وكان ينزل عليثبالقرب من مكة، وكان شاعراً وهو القائل في زينب امرأته يرثيها:
بوجهك عن مس التراب مضنة * فلا تبعديني كل حي سيذهب
تنكرت الأبواب لما دخلتها * وقالوا ألا بانت اليوم زينب
أأذهب قد خليت زينب طائعاً * ونفسي معي لم ألقها حيث أذهب
ومن موالي يعلى قوم باليمن يدعون بنو هشاب لهم خطر وقدر، وكانوا عرباً من خولان فسباهم يعلى فانتموا إلى اليمن، وفي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلى بن مرة من ثقيف وهو الذي أمره بقطع شجر الطائف.
أبو هريرة
رضي الله تعالى عنه اختلفوا في اسمه واكثروا، فقال الواقدي: هو عبد الله بن عمرو وقال غيره: هو عبد الرحمن، وقال غيره: عبد عمرو بن عبد غنم، ويقال عبد شمس، ويقال: عمير بن عامر: ويقال: سكين. وهو من قبيلة من اليمن يقال لها دوس، وهو دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران من الأزد، وأمه أمية بنت صفيح بن الحرث من دوس، وقد أسلمت أمه وخاله سعد بن صفيح من أشد أهل زمانه.
وقال أبو هريرة: نشأت يتيماً وهاجرت مسكيناً وكنت أجيراً لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي، فكنت أخدم إذا نزلوا وأحدو إذا ركبوا فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قواماً، وجعل أبا هريرة إماماً، وكنيت بأبي هريرة بهرة صغيرة كنت ألعب بها. فكان قدومه المدينة سنة سبع والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر فسار إلى خيبر حتى قدم مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان أبو هريرة آدم بعيد ما بين المنكبين ذا ضفيرتين، أفرق الثنيتين، يصفر لحيته ويعفيها ويحفي شاربه وكان مزّاحاً.
وروى عثمان عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع، قال: كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب حماراً قد شد عليه برذعة وفي رأسه خلبة من ليف فيسير فيلقى الرجل فيقول: الطريق قد جاء الأمير. ورربما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الغراب فلا يشعرون بشيء حتى يلقي نفسه بينهم ويضرب برجليه فينفر الصبيان فيفرون، وربما دعاني إلى عشائه بالليل فيقول دع العراق للأمير فانظر فإذا هو ثريد بزيت. وتوفي سنة تسع وخمسين ويقال: سنة سبع وخمسين.
عقبة بن عامر الجهني
رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عمرو ويقال كنيته أبو حماد وأسلم بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان يكثر الرمي لشيء سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات وترك سبعين قوساً بجعابها ونبالها، وشهد صفين مع معاوية وتحول إلى مصر فنزل بها وبنى داراً له بها وكان يصبغ بالسواد ويقول: نغير أعلاها وتأبى أصولها. وتوفي في آخر خلافة معاوية.
زيد بن خالد الجهني
رضي الله تعالى عنه يكنى أبا عبد الرحمن، ويقال يكنى أبا طلحة، واختلفوا في الموضع الذي مات فيه، فقال بعضهم: مات بالمدينة سنة ثمان وسبعين وهو ابن خمس وثمانين. وقال آخرون: توفي بالكوفة في آخر خلافة معاوية.
عبد الله بن أنيس الأنصاري
رضي الله عنه كان يكنى أبا يحيى ويعرف بالجهني وليس بجهني، ولكنه من وبرة من قضاعة حليف لبني سلمة، وجهينة أيضاً من قضاعة، شهد العقبة وأحداً واختلف في بدر أشهدها أم لم يشهدها، وكان منزله بإعراف على بريد من المدينة، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عصا وقال: "هي آية بيني وبينك إن أقل الناس المتحضرون يومئذ، وهو الذي يقال فيه ليلة الأعرابي وليلة الجهني" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن ينزل من باديته إلى مسجده فيصلي فيه ليلة ثلاث وعشرين، فكان يدخل المسجد مساء ليلة ثلاث وعشرين إذا صلى العصر، ثم لا يخرج عنه إلا لحاجة حتى يصلي الصبح، ثم يخرج إلى أهله فقيل: ليلة الجهني وهو الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنه قال: "التمسوها الليلة" وكانت ليلة ثلاث وعشرين ومات بالمدينة في خلافة معاوية.
الحرث بن هشام
هو أخو أبي جهل بن هشام بن المغيرة وشهد بدراً مع المشركين، فانهزم، ففيه يقول حسان ابن ثابت:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني * فنجوت منجى الحرث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم * ونجا برأس طمرة ولجام
فاعتذر الحرث من فراره فقال:
الله يعلم ما تركت قتالهم * حتى علوا فرسي بأشقر مزبد
وعلمت أني إن أقاتل واحداً * أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي
فصددت عنهم والأحبة فيهم * طمعاً لهم بعقاب يوم سرمد
وأسلم يوم فتح مكة وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه وخرج في زمن عمر إلى الشام بأهله وماله فاتبعه أهل مكة يبكون فرق وبكى، ثم قال: أما لو أنا نستبدل داراً بدارنا أو جاراً بجارنا ما أردنا بكم بدلاً، ولكنما النقلة إلى الله. فلم يزل مجاهداً هناك حتى مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة. وابنه عبد الرحمن بن الحرث كان يكنى أبا محمد، وكان اسمه إبراهيم فدخل على عمر بن الخطاب في ولايته حين أراد أن يغير أسماء المسمين بأسماء الأنبياء فسماه عبد الرحمن وثبت اسمه إلى اليوم، وقالت عائشة رضي الله عنها: لأن أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة أحب إليّ من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أولاد كلهم مثل عبد الرحمن بن الحرث، وكان شهد معها الجمل وكان شريفاً سخياً. وتوفي في خلافة معاوية بالمدينة وابنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام اسمه كنيته، وكان يقال له راهب قريش لفضله وكثرة صلاته، واستصغر يوم الجمل فرد هو وعروة بن الزبير وذهب بصره بعد. ودخل مغتسله فمات فيه فجأة سنة أربع وتسعين بالمدينة وهي سنة الفقهاء.
شداد بن الهادي
رضي الله تعالى عنه
هو شداد بن أسامة، سمي الهادي لأنه كان يوقد النار ليلاً لمن يسلك الطريق، وكانت عنده سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس فولدت له عبد الله بن شداد، وكان فيها محدثاً وهو ابن خالة عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد لأن أم عبد الله وأم خالد أختان لأسماء، وسلمى ابنة عميس.
عتاب بن أسيد
رضي الله تعالى عنه هو عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، أسلم يوم فتح مكة، ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين استعمله على مكة فلم يزل عليها حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر، ومات هو وأبو بكر في وقت واحد، لم يعلم أحد منهما بموت الآخر. وأخوه خالد بن أسيد لأبويه أسلم يوم فتح مكة وكان فيه تيه شديد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم زده تيهاً"، فكان ذلك في ولده إلى اليوم وله عقب وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد هو يعسوب قريش شبه بيعسوب النحل وهو أميرها، وشهد الجمل مع عائشة فقتل فاحتملت عقاب كفه وأصيبت ذلك اليوم باليمامة فعرفت بخاتمه.
العلاء بن الحضرمي
رضي الله عنه واسم أبيه الحضرمي عبد الله بن ضماد من حضرموت، وكان حليفاً لبني أمية، وأخوه ميمون بن الحضرمي صاحب بئر ميمون التي بأبطح مكة، وكان حفرها في الجاهلية والعلاء هو الذي عبر إلى أهل دارين البحر على فرسه فقاتلهم فقتلهم وسبى الذراري وافتتح أسافاً من فارس وتوفي في خلافة عمر بتياس من أرض تميم، ويقال: إنه كان مستجاب الدعوة.
سهيل بن عمرو
رضي الله عنه يكنى أبا زيد وهو من بني حسل بن عامر بن لؤي من قريش، خرج إلى حنين مه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على شركه وأسلم بالجعرانة وكان من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامه وخرج إلى الشام في خلافة عمر بن الخطاب مجاهداً فمات بها في طاعون عمواس، وكان أعلم الشفة، ولا عقب له من الرجال. والأعلم المشقوق الشفة، وكذا الأفلح. وكان أخوه السكران بن عمرو من مهاجرة الحبشة، وكانت سودة تحته فلما مات تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وليس للسكران عقب أيضاً إنما العقب لأخيهما سهل بن عمرو بالمدينة، وكان سهل بن عمرو أسلم يوم فتح مكة وتوفي بالمدينة.
جبير بن مطعم
رضي الله تعالى عنه هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي، أسلم عام الفتح بالمدينة ويكنى أبا محمد، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه، وكان من سادة مسلمي الفتح بالمدينة ومات سنة تسع وخمسين وفيها مات أبو هريرة في قول بعضهم، وابنه نافع بن جبير بن مطعم كان ذا كبر وجلس في حلقة العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو يقرئ الناس فلما فرغ قال: أتدرون لم جلست إليكم. قالوا: جلست لتسمع. قال: لا، ولكني أردت التواضع لله بالجلوس إليكم.
عمرو بن العاص
رضي الله تعالى عنه هو عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سهم بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان العاص أبوه من المستهزئين، فيه نزلت: "إن شانئك هو الأبتر" الكوثر: 3 ". والأبتر الذي ليس له ولد فأراد أنه ينقطع ذكره وأمه النابغة من عنزة وهو العاصي فحذفت الياء، فولد العاص عمرو بن العاص وهشام بن العاص، وكان هشام من خيار المسلمين وقتل في يوم من أيام اليرموك ولا عقب له، وقيل لعمرو بن العاص: أأنت أفضل أم هشام? فقال: أقول فاحكموا: أمه أم حرملة بنت هشام بن المغيرة وهي خالة عمر بن الخطاب وأمي عنزة وكان أحب إلى أبي مني وبصر الوالد بولده ما قد علمتم، وأسلم قبلي واستبقنا إلى فاستشهد يوم اليرموك وبقيت بعده.
وأما عمرو فكان يكنى أبا عبد الله وأسلم سنة ثمان مع خالد بن الوليد، وولاه معاوية مصر ثلاث سنين ثم حضرته الوفاة قبل الفطر بيوم، وقال: اللهم لا براءة لي فأعتذر ولا لجاء لي فأنتصر، أمرتنا فعصينا ونهيتنا فركبنا، اللهم هذه يدي إلى ذقني، ثم أوصى فقال: خدوا لي الأرض خداً وسفوا عليّ التراب سفا، ثم وضع أصبعه في فمه حتى مات. وقبض وهو ابن ثلاث وسبعين سنة فدفن يوم الفطر بحبل المقطم في ناحية الفخ، وكان طريق الناس إلى الحجاز وقد اختلف في وقت موته، فقيل سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وقيل: سنة إحدى وخمسين وصلى عليه ابنه عبد الله ثم صلى بالناس صلاة العيد.
عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله تعالى عنه كان يكنى أبا محمد وأسلم قبل أبيه وشهد مع أبيه صفين وكان يضرب بسيفين، وكان مسكنه مكة ثم دخل الشام فأقام بها حتى توفي يزيد بن معاوية ثم توفي بمكة سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، ويقال: توفي بمصر ودفن في داره الصغيرة، وكان بين عبد الله بن عمرو وبين أبيه اثنتا عشرة سنة في السن.
قال أبو محمد: ولا نعرف أحداً بينه وبين أبيه في السن هذا غيره. قال: حدثنا إسحاق بن راهويه، قال: حدثنايحيى بن آدم، قال: حدثنا الحسن بن صالح، قال: كانت لنا جارية بنت إحدى وعشرين سنة وهي جدة، وكانت تحته عمرة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب فولدت له محمداً، فولد محمداً شعيباً فولد شعيب عمرو بن شعيب وكان سرياً ربما قسم في المجلس الواحد من صدقة جده خمسين ألفاً، وشعيب بن شعيب وكان سرياً، وكان يقرأ بالسريانية، وكان لعمرو ابن آخر يقال له محمد. ومن موالي عمرو وردان كان ذا رأي وفكر وله بمصر ولد وسوق يعرف بسوق وردان.
أبو بكرة
رضي الله تعالى عنه
هو نفيع بن الحرث بن كلدة منسوب إليه وكان الحرث بن كلدة طبيب العرب وكان عقيماً لا يولد له. وأسلم ومات في خلافة عمر. وأم أبي بكرة سمية من أهل زندرود، وكان كسرى وهبها لأبي الخير ملك من ملوك اليمن، فلما رجع إلى اليمن مرض بالطائف فداواه الحرث فوهبها له، فلما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف قال: "أيما عبد نزل إلي فهو حر" فتدلى أبو بكرة واسمه نفيع وأراد أخوه نافع أن يدلي نفسه فقال له الحرث: أنت ابني فأقم فأقام فنسبا جميعاً إليه، وأمهما سمية هي أم زياد بن أبي سفيان ونسبت أردة بنت الحرث إلى الحرث، وكانت تحت عتبة بن غزوان، فلما ولي عتبة البصرة حملها فخرج معها أخوتها نافع ونفيع وزياد، فلما أسلم أبو بكرة وحسن إسلامه ترك الانتساب إلى الحرث، وكان يقول أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهلك الحرث فلم يقبض أبو بكرة ميراثه، وكان زوج سمية يسمى مسروحا. وتوفي أبو بكرة عن أربعين ولداً من بين ذكر وأنثى وأعقب فيهم سبعة: عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن وعبد العزيز وملم ورواد وعتبة.
فأما عبد الرحمن بن أبي بكرة فهو أول مولود ولد بالبصرة. وأول مولود ولد بالكوفة، معاوية ابن ثور من بني البكاء من بني عامر بن ربيعة.
وأما عبيد الله فكان من أجمل الناس وأشجعهم وكان شديد السواد وأقطع عبيد الله عمر بن عبد الله بن معمر سبعمائة جريت في دفعة فخلف عمر أن لا يراه أبداً إلا أخذ بركابه، ولا يزوج ولداً حتى يكون عبيد الله يزوجه، وكان عبد الملك بن مروان يقول: الأرغم سيد أهل الشرق يعني عبيد الله. ويقال: الأرغم الدابة الديزج شبهه به وولاه الحجاج سجستان سنة ثمان وسبعين فغزا بلاد العدو فأصاب أصحابه جوع شديد وأخذ عليهم الشعب فبلغ الرغيف سبعين درهماً فمات هناك عبيد الله وهلك معه بشر كثير ولقوا ما لم يلقه جيش قط، فقال أعشى همدان:
أسمعت بالجيش الذين تمزقوا * وأصابهم ريب الزمان الأعوج
لبثوا بكابل يأكلون خيارهم * في شر منزلة وشر معرج
لم يلق جيش في البلاد كما لقوا * فلمثلهم قل للنوائح تنشج
عمرو بن عبسة
رضي الله تعالى عنه هو من بني سليم ويكنى أبا نجيح وكان يقال له ربع الإسلام لإنه حين أسلم قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: من اتبعك على هذا الأمر? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حر عبد" فالحر أبو بكر والعبد بلال، فكان عمرو بن عبسة يقول: لقد رأيتني وإني لربع الإسلام فلما أسلم عمرو رجع إلى بلاده أرض بني سليم، فلم يزل هناك حتى مضت بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم سكن الشام بعده.
ابن أم مكتوم الأعمى
رضي الله تعالى عنه يقول قوم اسمه عبد الله ويقول آخرون عمرو وهو ابن قيس من بني عامر بن لؤي، وأمه أم مكتوم واسمها عاتكة مخزومية قدم المدينة يصلي بالناس في عامة غزواته، وشهد القادسية ومعه راية سوداء وعليه درع ثم رجع إلى المدينة فمات بها.
سهيل بن حنيف
رضي الله تعالى عنه
هو من الأنصار من بني عمرو بن عوف ويكنى أبا سعد وشهد مع علي بن أبي طالب صفين، وكان يسكن الكوفة ومات بها سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي بن أبي طالب وكبر عليه ستاً، وقال قوم: كبر عليه خمساً، وقال: إنه بدري وابنه أبو إمامة بن سهيل كثير الحديث واسمه أسعد سمي باسم جده أمية، وكان اسمه أسعد بن زرارة، ولسهيل بنون غيره وعقب بالمدينة وبغداد.
تميم الداري
رضي الله تعالى عنه
هو تميم بن أوس من بني الدار بن هانئ من لخم من اليمن ويكنى أبو رقية، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه نعيم بن أوس مع عدة من بني الدار يقال: كانوا عشرة سنة تسع فأسلموا.
عمران الحق
رضي الله تعالى عنه هو من خزاعة بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وصحبه بعد ذلك وروى عنه حديثاُ، وكان من ساكني الكوفة ومن شيعة علي بن أبي طالب، وكان ممن سار إلى عثمان وشهد مع علي ابن أبي طالب مشاهده وأعان حجر بن عدي ثم هرب إلى الموصل ودخل غاراً فنهشته حية فقتلته وبعث إلى الغار في طلبه فوجدوه ميتاً فأخذ عامل الموصل رأسه وحمله إلى زياد وبعث به زياد إلى معاوية وهو أول رأس حمل في الإسلام من بلد إلى بلد.
جرير بن عبد الله البجلي
رضي الله تعالى عنه هو من بجيلة ويكنى أبا عمرو وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر في شهر رمضان وبايعه وأسلم، وكان عمر يقول: جرير يوسف هذه الأمة لحسنه. وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "على وجهه مسحة ملك"، وكان طويلاً يقل في ذروة البعير من طوله وكانت نعله ذراعاً ويخضب لحيته بزعفران من الليل ويغسلها إذا أصبح فتخرج مثل لون التبر، واعتزل علياً ومعاوية وأقام بالجزيرة ونواحيها حتى توفي بالشراة سنة أربع وخمسين في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة، وكان لجرير ابنان يروي عنهما إبراهيم وأبان جرير وعمر إبراهيم حتى لقيه شريك وأبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي، روى عن جده وعن أبي هريرة وله ابن يقال له عمرو ولا يروى عنه.
عمرو بن حريث
رضي الله تعالى عنه هو من بني مخزوم وتزوج بنت عدي بن حاتم على حكم عدي فحكم عدي بأربعمائة درهم وتزوج بنت جرير بن عبد الله البجلي وله عقب بالكوفة وذكر عظيم، ومن مواليه: عمرو بن العلاء وكان جواداً شجاعاً وولاه المهدي طبرستان وفيه يقول بشار:
إذا أرقتك جسام الأمو * ر فنبه لها عمراً ثم نم
دعاني إلى عمر جوده * وقول العشيرة بحر خضم
ولولا الذي زعموا لم أكن * لأمدح ريحانة قبل شم
وكانت أم عمرو بن حريث بنت هشام بن خلف الكناني، وكان هشام شريفاً في الجاهلية وهو الذي بال على رأس النعمان بن المنذر، وذلك أن النعمان كان على دين العرب فحج، فلما صار بمكة رآه هشام فقال: أهذا ملك العرب? قالوا: نعم، فبال على رأسه ليذل، فتحول عن دين العرب وتنصر وكان لعمرو بن حريث أخ يقال له سعيد بن حريث.
النعمان بن بشير
رضي الله تعالى عنه ويكنى أبا عبد الله وأمه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة، وفيها يقول الشاعر:
وعمرة من سروات النسا * ء وتنقع بالمسك أردانها
وسمع قائلاً يقول هذا فأسكتوه. فقال النعمان: ما قال إلا حقاً ولم يقل سوءاً وقتل غيلة بالشام فيما بين سلمية وحمص.
المغيرة بن شعبة
رضي الله تعالى عنه
هو من ثقيف ويكنى أبا عبد الله وعمه عروة بن مسعود الثقفي، وكان عروة أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا قومه إلى الإسلام فقتلوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هو شبيه بمؤمن آل ياسين"، وكان المغيرة صاحب قوماً من المشركين إلى مصر فقتلهم غيلة وأخذ ما معهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وشهد بيعة الرضوان وشهد اليمامة وفتوح الشام واليرموك والقادسية وولاه عمر بالبصرة فافتتح عيسان. وأبو الحسن البصري وأبو محمد بن سيرين من بني عيسان، وافتتح دست عيسان وابرقبان وسوق الأهواز وهمذان وشهد نهاوند، وكان على ميسرة النعمان بن مقرن وهو أول من وضع ديوان البصرة، ويقال إنه أحصن ثمانين امرأة، وقيل لامرأة من نسائه إنه أعور دميم، فقالت: هو والله عسلة يمانية في ظرف سوء. ومات بالكوفة وهو أميرها بالطاعون سنة خمسين، وقال حين حضرته الوفاة: اللهم هذه يميني بايعت بها نبيك وجاهدت بها في سبيلك. وولد له عروة بن المغيرة ويكنى أبا يعقوب وكان أميراً بالكوفة وكان خيراً والعفار ويعفور وحمزة وقد روى عنهم جميعاً.
خالد بن سعيد بن العاص
بن أمية رضي الله تعالى عنه
ذكر أبو اليقظان شخيم بن حفص بن قادم العجيفي وغيره أنه أسلم قبل إسلام أبي بكر وذلك لرؤيا رآها، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني زبيد فصارت إليه الصمصامة سيف عمرو بن معد يكرب، فلم يزل عند آل سعيد بن العاص حتى اشتراه المهدي منهم بعشرين ألف درهم، وقتل خالد يوم اليرموك وأخوه العاص بن سعيد قتل مشركاً يوم بدر، والقاتل له علي رضي الله عنه، وكان ابنه غلاماً فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة فبها سميت الثياب السعدية. وكان سعيد أول من خش الإبل في العظم وولد له نحواً من عشرين ابناً وعشرين بنتاً، ومن ولده عمرو بن سعيد الأشدق الذي قتله عبد الملك بن مروان. ومات سعيد بن العاص سنة تسع وخمسين. وقال معاوية لابنه عمرو الأشدق وهو صغير: إلى من أوصى بك أبوك? قال: أوصى إلي ولم يوص بي. ومن ولد عمرو إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد كان يروى عنه الحديث ومات سنة أربعين ومائة.
عبد الله بن مغفل
رضي الله تعالى عنه
هو من مزينة مضر ويقال لهم بنو عثمان وألفت مزينة، يعني صارت ألفاً يوم فتح مكة، وألفت سليم أيضاً ويكنى أبا عبد الرحمن ومات بالبصرة في آخر خلافة معاوية في ولاية عبيد الله بن زياد، وأوصى أن لا يصلي عليه ابن زياد وأن يصلي عليه أبو برزة الأسلمي. وكان له من الولد عشرة منهم: سعيد وحسان الأكبر وحسان الأصغر وزياد وطارق والمغيرة، وروى محمد بن عبد الله بن خزاعي بن زياد بن عبد الله بن مغفل أن كنيته أبو سعيد عبد الله بن مغفل بن عبد نهم، وولد عبد نهم المغفل وخزاعياً وعبد الله ذا البجادين لأم واسمها عبلة بنت معاوية بن معاوية المزني.
معقل بن يسار
رضي الله عنه
هو من مزينة مضر أيضاً ويكنى أبا عبد الله وهو الذي فجر فوهة نهر معقل، وكان زياد حفره فتيمن به لصحبته فأمره ففجره فنسب إليه، وإليه ينسب الرطب المعقلي وتوفي في آخر خلافة معاوية وله عقب بالبصرة، ومن مواليه حبيب المعلم وهو حبيب بن زيد مولى معقل بن يسار.
معقل بن سنان
رضي الله تعالى عنه هو من أشجع، وشهد الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم وبقي إلى يوم الحرة فقتله مسلم بن عقبة يومئذ وتولى قاله نوفل بن مساحق لأنه سمعه قديماً يذكر يزيد بن معاوية بشرب الخمر ويطعن عليه، فحقد ذلك عليه.
عائذ بن عمرو
رضي الله تعالى عنه
هو من مزينة مضر أيضاً وهو الذي قال له عبيد الله بن زياد: إنك لمن حثالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عائذ: وهل في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من حثالة? وله دار بالبصرة في مزينة.
بلال بن الحرث
رضي الله تعالى عنه
هو من مزينة مضر ويكنى أبا عبد الرحمن وهو الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم معادن القبيلة. ومات سنة ستين وسنة ثمانون. وابنه حسان بن بلال أول من أحدث الأرجاء بالبصرة.
النعمان بن مقرن
رضي الله تعالى عنه
هو من أوس من مزينة إلا أنهم ليسوا من ولد عثمان وعددهم قليل، وفتح نهاوند لعمر وقتل يومئذ وقبره هناك بموضع يقال له الاسفيذهان، وقبر طلحة بن خويلد وقبر عمرو بن معد يكرب وقبور جماعة من المسلمين وله أخوان: سويد بن مقرن ومعقل بن مقرن وكلهم يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسكنهم الكوفة، ومعقل بن مقرن هو أبو عمرة المزني.
حنظلة الكاتب
رضي الله تعالى عنه
هو حنظلة بن ربيعة بن صيفي بن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب من بني تميم من بطن يقال لهم بنو شريف، وكان أكثم أدرك مبعث النبي صلى الله عليه وسلم يوصي قومي بإتيانه والسبق إليه، ولم يسلم وبلغ مائة وتسعين سنة، فقال:
وإن امرأ قد عاش تسعين حجة * إلى مائة لم يسأم العيش جاهل
ولأكثم عقب بالكوفة ومات أكثم بالبادية.
وأما حنظلة فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي إلى زمن معاوية ومات ولا عقب له. وقال بعضهم: هو حنظلة بن الربيع وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم مرة كتاباً فسمي بذلك الكاتب، وكانت الكتابة في العرب قليلاً وله صحبة وأخوه رياح بن ربيعة بن صيفي كانت له صحبة، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم لليهود يوم وللنصارى يوم، فلو كان لنا يوم فنزلت سورة الجمعة.
بريدة الأسلمي
رضي الله تعالى عنه هو بريدة بن الخصيب، وكان رئيس أسلم ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بكراع الغميم وبريدة بها فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلموا، ثم قدم بريدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة هو يبني المسجد ومات بريدة في خلافة يزيد بن معاوية بمرو.
عبد الله بن سعيد
بن أبي سرح رضي الله عنه
اسم أبي سرح الحسام، وهو الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيملي عليه النبي صلى الله عليه وسلم: عزيز حكيم، فيكتب غفور رحيم، وفيه نزلت: "ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله" الأنعام: 93 " فنذر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم فتح مكة، وكان أخا عثمان من الرضاعة فجاء به عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل به حتى أمنه، واستعمله عثمان على مصر، وهو الذي افتتح أفريقية وأبوه سعد من المنافقين.
قيس بن عاصم
هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر ويكنى أبا علي، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيد أهل الوبر. وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد تميم بعد الفتح فأسلم وكان شريفاً سيداً، وفيه يقول الشاعر:
فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما
وكان له من الولد طلبة والقعقاع وشماخ وغيرهم، يقال إنهم كانوا ثلاثة وثلاثين ابناً، ومية صاحبة ذي الرمة من ولد طلبة.
الزبرقان بن بدر
رضي الله تعالى عنه كان اسمه حصين بن بدر بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب بن سعد وسمي الزبرقان لجماله، وكان يقال له قمر نجد وولده عباس، وكان يكنى به وعياش وأبو شذرة وبنات وعقبه بالبادية كثير. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل الزبرقان على صدقات قومه فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم فذهب بالصدقة إلى أبي بكر وهي سبعمائة بعير.
عيينة بن حصن
رضي الله تعالى عنه
هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، وكان اسمه حذيفة فأصابته لقوة فجحظت عيناه فسمي عيينة ويكنى أبا مالك، وجده حذيفة بن بدر سيد غطفان وكان يقال له رب معد، وكذلك ابنه حصن قاد أسداً وغطفان وقتل بنو عبس حذيفة، وقتل بنو عقيل حصناً وخارجة بن حصن ابنه سيد أهل الكوفة. قال الواقدي: أجدبت بلاد بدر بن عمرو حتى ما أبقت لهم من مالهم إلا الشريد، وذكرت لهم سحابة وقعت بتغلمين إلى بطن نخل فسار عيينة في آل بدر حتى أشرف على بطن نخل ثم هاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فورد المدينة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه إلى الإسلام فلم يبعد ولم يدخل فيه، وقال: إني أريد أن أدنو من جوارك فوادعني فوادعه ثلاثة أشهر، فلما انقضت المدة انصرف عيينة وقومه إلى بلادهم وقد أسمنوا وألبنوا وسمن الحافر على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت بالغابة، فقال له الجارود بن عوف: ما جزيت محمداً سمنت في بلاده ثم غزوته، قال: هو ما ترى. وقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأحمق المطاع. فأسلم وكان من المؤلفة قلوبهم وارتد حين ارتدت العرب ولحق بطلحة بن خويلد حين تنبأ وآمن به، فلما هزم طليحة وهرب أخذ خالد بن الوليد عيينة بن حصن فبعث به إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه في وثاق فقدم به المدينة فجعل غلمان المدينة ينخسونه بالجريد ويضربونه ويقولون: أي عدو الله لقد كفرت بالله بعد إيمانك، فيقول: والله ما كنت آمنت. فلما كلمه أبو بكر رجع إلى الإسلام فقبل منه وكتب له أماناً ودخل على عثمان في خلافته فقال له: يا بن عفان سر فينا بسيرة عمر بن الخطاب فإنه أعطانا فاغنانا وأخشانا فأتقانا. فقال له عثمان: أما والله على ذلك ما كنت بالراضي بسيرة عمر، هل لك إلى العشاء? قال: أنا صائم. قال: أمواصل أنت? قال: وما الوصال? قال: تصوم يومك وليلتك ويومك حتى تمسك. قال: لا، ولكني وجدت صيام الليل أيسر علي من صيام النهار. وعيينة هو الذي أغار على سوق عكاظ فهو الفجار الثاني، وله عقب، وعمي في خلافة عثمان.
عبد الرحمن بن سمرة
رضي الله عنه
هو عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس، وكان سمي عبد كلال، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن وقال له: لا تطلب الإمارة فإنك أن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وولاه عبد الله بن عامر سجستان فافتتحها وهو افتتح كابل، وكان له أخ يقال له عمر بن سمرة قطعه النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة ولهما عقب، ومنصور بن زادان مولاه.
سمرة بن جندب
رضي الله تعالى عنه هو من بني لؤي بن شمح بن فزارة ويكنى أبا سليمان وشهد أحداً وهو صغير، ويقال إنه من العشرة الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم آخركم موتاً في النار، وكان أحول وأمه سوداء واستعمله زياد على البصرة ومات بالكوفة سنة بضع وستين وعقبه بها.
سمرة بن جنادة بن جندب رضي الله تعالى عنه وفي الصحابة سمرة بن جنادة بن جندب فظن قوم أنه سمرة الأول وليس كذلك وهو أبو جابر بن سمرة ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومات بالكوفة في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان سعد وهب له يوم المدائن غلامين من أبناء الأكاسرة أحدهما بذيمة وهو أبو علي بن بذيمة الذي يروي عنه، والآخر هو أبو زهير وهو جد المطلب بن زياد بن أبي زهير فأعتقهما جابر.
أبو محذورة
رضي الله تعالى عنه
هو سليمان بن سمرة، ويقال: سمرة بن معير بن لوذان بن عريج بن سعد بن جمح وأمه من خزاعة، وكان سمرة هذا مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال له عمر حين أذن: أما خشيت أن ينشق مريطاؤك، وكان له أخ يقال له أنيس بن معير قتل يوم بدر كافراً، والمريطاء أسفل البطن ما بين السرة إلى العانة، وأسلم أبو محذورة بعد حنين وأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان بمكة فالأذان في ولده إلى اليوم في المسجد الحرام وتوفي سنة تسع وخمسين.
رافع بن خديج
بن رافع رضي الله عنه
هو من الأنصار من الأوس ويكنى أبا عبد الله وشهد أحداص والخندق، وكان يحفي شاربه جداً كأنه الحلق ويعفي لحيته ويصفرها، ومات من جراح كان به في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتقض عليه سنة ثلاث وسبعين وهو ابن ست وثمانين سنة وأخوه رفاعة بن خديج قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وعمه ظهير بن رافع وابنه أسيد بن ظهير قد رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جابر بن عبد الله الأنصاري
رضي الله تعالى عنه
هو جابر بن عبد الله بن عمرو وقتل أبوه يوم أحد وكان جابر يكنى أبا عبد الله وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار وكان أصغرهم يومئذ ولم يشهد بدراً ولا أحداً وشهد ما بعد ذلك. روي في بعض الحديث عنه أنه قال: كنت منيح أصحابي يوم بدر، وهذا غلط لأن أهل السيرة مجمعون على أنه لم يشهد بدراً ومات بالمدينة سنة ثمان وسبعين وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة، وقد كان ذهب بصره وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة، وهو ممن تأخر موته من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان له ابنان يروي عنهما الحديث عبد الرحمن بن جابر وكلاهما يضعفه أهل الحديث.
جابر بن عبد الله بن رباب
رضي الله تعالى عنه
وفي الصحابة رجل آخر يقال له جابر بن عبد الله بن رباب روى أحاديث يسيرة.
أنس بن مالك
رضي الله عنه
هو من الأنصار، وأمه أم سليم بنت ملحان امرأة أبي طلحة، وأخوه البراء بن مالك، قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أم أنس قد أتت به للنبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وهو ابن ثماني سنين فخدمه إلى أن قبض عليه الصلاة والسلام، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم ارزقه مالاً وولداً وبارك"، قال أنس: فإني لمن أكثر الأنصار مالاً وولداً. وخبرت أنه قدم من صلبه إلى مقدم الحجاج البصرة ببضعة وعشرين ومائة ولد، وقال الحرمازي: ثلاثة من أهل البصرة لم يموتوا حتى رأى كل منهم من صلبه مائة، ذكر: خليفة بن يدر، وأبو بكرة، وأنس بن مالك. وعمّر أنس عمراً طويلاً وهو آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين ويقال سنة ثلاث وتسعين قبل موت الحجاج بسنتين، وروى الحديث من ولد أنس النضر بن أنس وعبد الله وموسى ومالك بنو أنس، وكان محمد بن سيرين مولى أنس كاتب أباه سيرين، وفيه يقول الشاعر:
يأبى الجواب فما يراجع هيبة * فالسائلون نواكس الأذقان
هدى التقي وعز سلطان التقى * فهو المطاع وليس ذا سلطان
عمران بن حصين الخزاعي
رضي الله تعالى عنه
يكنى أبا نجيد وأسلم قديماً وتوفي في خلافة معاوية بالبصرة سنة اثنتين وخمسين.
أبو أمامة الباهلي
رضي الله تعالى عنه
هو صدى بن عجلان وكان ممن شهد صفين مع علي رضي الله عنه، ونزل الشام وهو ممن يعدّ فيمن تأخر موته من الصحابة، وتوفي سنة ست وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة، وكان يصفر لحيته. وفي الأنصار: أبو أمامة أسعد بن زرارة، وأبو أمامة الحارثي ثعلبة بن سهل.
عكراش بن ذؤيب
رضي الله تعالى عنه
هو من تميم من بني النزال بن مرة بن عبيد، بعث به بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد الجمل مع عائشة، فقال الأحنف: وهو من رهطه كأنكم وقد جيء به قتيلاً أو به جراحة لا تفارقه حتى يموت، فضرب ضربة على أنفه فعاش بعدها مائة سنة، والضربة به، وكان يكنى أبا الصهباء، فولد: عبد الله وعبيد الله وعبد السلام. وعبيد الله هو الذي يروي الحديث عن أبيه في قدومه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبل كأنها عروق الأرط، وأنه أكل معه، وعبيد الله هو الذي يقول فيه أبو النضر مولى عبد الأعلى:
قل لسوار إذا ما * جئته وابن علاثه
زاد في الصبح عبيد الل * ه أوتاداً ثلاثه
ولعبيد الله عقب بالبصرة، وهو القائل: زمن خؤون ووارث شفون، فلا تأمن الخؤون وكن وارث الشفون.
حكيم بن حزام
رضي الله تعالى عنه
هو حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد ابن عم الزبير بن العوام وابن أخي خديجة بنت خويلد بن أسد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال حكيم: ولدت قبل الفيل بثلاث عشرة سنة وأنا أعقل حين أراد عبد المطلب أن يذبح ابنه عبد الله حين وقع نذره عليه وذلك قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وشهد حكيم مع ابنه الفجار وقتل أبوه حزام في الفجار، وكان حكيم يكنى أبا خالد، وأسلم يوم الفتح وأسلم أولاده يومئذ وهم: هشام بن حكيم وخالد بن حكيم وعبد الله بن حكيم، وكلهم قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه الحديث، وعاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين وباع داراً له من معاوية بستين ألف دينار، فقيل له: غبنك معاوية! فقال: والله ما أخذتها في الجاهلية إلا بزق خمر أشهدكم أنها في سبيل الله انظروا أيّنا المغبون?
حويطب بن عبد العزّى
رضي الله تعالى عنه
هو من بني عامر بن لؤي، وعاش أيضاً مائة سنة وعشرين سنة، في الإسلام ستين وفي الجاهلية ستين، ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية وله عقب، وكان حويطب باع داراً له من معاوية بأربعين ألف دينار، فقيل له: يا أبا محمد أربعون ألف دينار!? قال: وما أربعون ألف دينار لرجل عنده خمسة من العيال، وكان من المؤلفة قلوبهم ثم حسن إسلامه.
حسان بن ثابت بن المنذر
رضي الله تعالى عنه
هو من الأنصار ويكنى أبا الوليد وأمه الفريعة خزرجية وهو متقدم الإسلام إلا أنه لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهداً لأنه كان جباناً، وكانت له ناصية يسدلها بين عينيه، وكان يضرب بلسانه روثة أنفه من طوله، وعاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، وولد له: عبد الرحمن بن حسان من أخت مارية القبطية أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تسمى شيرين، وكان عبد الرحمن شاعراً وابنه سعيد بن عبد الرحمن، وانقرض ولده فلم منهم أحد، وكان لحسان أخوان يقال لهما: أوس بن ثابت وأبي بن ثابت.
فأما أوس فهو شداد بن أوس الذي يروي عنه العلم، ومات شداد بفلسطين سنة خمسين وعقبه ببيت المقدس منهم: يعلى بن شداد ثقة يروى عنه.
وأما أبي بن ثابت فكان يعرف بأبي شيخ. وقتل يوم بئر معونة ولا عقب له.
قال الواقدي: ومن هذه الطبقة ممن مات سنة أربع وخمسين من المعمرين سعيد بن يربوع أبو هود بلغ مائة وعشرين سنة، ومخرمة بن نوفل بلغ مائة وخمس عشرة سنة.
عدي بن حاتم الطائي
رضي الله تعالى عنه
كان يكنى أبا طريف وكان طويلاً إذا ركب الفرس كادت رجله تخط في الأرض وقدم على عمر بن الخطاب فكأنه رأى منه جفاء، فقال له: أما تعرفني? قال: بلى والله أعرفك أكرمك الله بأحسن المعرفة أسلمت إذ كفروا وعرفت إذ أنكروا ووفيت إذ غدروا وأقبلت إذ أدبروا. فقال: حسبي يا أمير المؤمنين حسبي. وشهد مع علي رضي الله عنه يوم الجمل ففقئت عينه وقتل ابنه محمد يومئذ وقتل ابنه الآخر مع الخوارج. وشهد مع علي يوم صفين ومات في زمن المختار وله مائة وعشرين سنة وأوصى أن لا يصلي المختار عليه، ولم يبق له عقب إلا من قبل ابنتيه أسدة وعمرة وإنما عقب حاتم الطائي من ولد عبد الله بن حاتم وهم ينزلون بنهر كربلا.
عمرو بن المسيح الطائي
رضي الله تعالى عنه
وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان أرمى العرب كلها وهو الذي يقول فيه امرؤ القيس:
رب رام من بني ثعل * مخرج كفيه من ستره
وعاش مائة وخمسين سنة، ولست أدري أقبض قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أم بعده.
نوفل بن معاوية
رضي الله عنه
هو نوفل بن معاوية بن عمرو الديلي، وكان أبوه معاوية على بني الديل يوم الفجار الأول وله يقول تأبط شراً. ولا عامر ولا النفاثي نوفل. وكان ابنه أسلم بن نوفل أجود العرب، وعمر نوفل في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، وأسلم بعد الخندق وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، ومات بالمدينة في خلافة يزيد بن معاوية.
عوف بن مالك الأشجعي
رضي الله تعالى عنه
هو عوف بن مالك أسلم وشهد يوم حنين وكانت معه راية أشجع يوم فتح مكة، وتحول إلى الشام في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه فنزل حمص وبقي إلى أول خلافة عبد الملك ومات سنة ثلاث وسبعين وكان يكنى أبا عمرو.
مالك بن عوف النصري
هو من نصر بن معاوية بن بكر هوازن، وكان رئيس المشركين يوم حنين ثم أسلم واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وأعطاه مائة من الإبل، وكان من المؤلفة قلوبهم، وله عقب.
الحرث بن عوف
رضي الله تعالى عنه
هو من بني مرة بن نشبة ويكنى أبا أسماء وهو صاحب الحمالة في حرب داحس، وكان أحد رؤساء المشركين يوم الأحزاب ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار في جواره يدعو قومه إلى الإسلام فقتلوا الأنصاري، فبعث بديّة الأنصاري سبعين بعيراً فدفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ورثته، وله عقب.
معيقيب
رضي الله تعالى عنه
هو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي من الأزد، وكان ممن أسلم قديماً بمكة ثم هاجر إلى أرض الحبشة، ويقال: بل رجع إلى بلده ثم قدم مع أبي موسى الأشعري والأشعريين على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، وشهد خيبر وبقي إلى خلافة عثمان، وكان على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان من أمنائه على بيت المال وأصابه الجذام. قال خارجة بن زيد: قال عمر بن الخطاب لمعيقيب وهو يأكل معه: كل مما يليك فإن الذي بك لو كان بغيرك لم أكلمه إلا وبيني وبينه قيد رمح.
خباب بن الأرت
رضي الله عنه
هو من بني سعد بن زيد مناة بن تميم ويكنى أبا عبد الله. وكان أصابه سباء فبيع بمكة فاشترته أم أنمار وهي أم سباع الخزاعية من حلفاء بني زهرة فأعتقته. ويقال: بل أم خباب وأم سباع بن عبد العزّى الخزاعي واحدة، وكانت ختانة بمكة، وقال حمزة بن عبد المطلب لسباع بن عبد العزى وأمه أم أنمار: هلم إلي يا بن مقطعة البظور، فانضم خباب إلى آل السباع وادعى حلف بني زهرة بهذا السبب، وكان خباب رجلاً فتياً وكان بظهره برص وابنه عبد الله بن خباب هو الذي قتله الخوارج فسال دمه كأنه شراك نعل ما امذقر وبقروا بطن أم ولده وكان نازلاً في قرية فبهذا السبب استحل علي قتالهم.
قال الواقدي: وكان خباب يكنى أبا عبد الله ومات بالكوفة سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وستين سنة أو ثلاث وسبعين، وهو أول من قبره علي بالكوفة وصلى عليه من منصرفه من صفين وله عقب.
حاطب بن أبي بلتعة
رضي الله تعالى عنه
قال أبو اليقظان: هو مولى لعبيد الله بن حميد بن زهير بن الحرث بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، ابن قصي كاتبه فأدى مكاتبته يوم الفتح، وأصله من حي من الأزد يقال لهم النمر، وقتل عبيد الله بن حميد يوم بدر كافراً، قتله علي بن أبي طالب.
وقال الواقدي: هو من لخم لبني أسد بن عبد العزى ويكنى أبا محمد، ومات بالمدينة سنة ثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يومئذ ابن خمس وستين سنة، وكان خفيف اللحية أجنأ حسن الجسم.
وقال غيره: كان حاطب تاجراً يبيع الطعام وغيره، وترك يوم مات أربعة آلاف دينار ودراهم وغير ذلك، ومولاه سعد بن خولي مولى نعمة، شهد بدراً وأحداً وقتل يوم أحد وكان له ابن يقال له عبد الرحمن بن حاطب يحمل عنه الحديث، ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر، ومات بالمدينة سنة ثمان وستين وكان ثقة قليل الحديث، ولحاطب عقب بالمدينة.
الوليد بن عقبة
رضي الله تعالى عنه
قال أبو اليقظان: هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، وكان أبو عمرو عبداً يسمى ذكوان فاستلحقه أمية وكناه أبا عمرو فخلف على امرأة أمية وهي آمنة بنت أبان أم الأعياص، وكان الوليد يكنى أبا وهب وهو أخو عثمان لأمه أروى بنت كريز، أسلم يوم فتح مكة وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً إلى بني المصطلق فأتاه، فقال: منعوني الصدقة. وكان كاذباً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح إليهم فأنزل الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" الحجرات: 6 " ووقع بينه وبين علي بن أبي طالب كلام، فقال: لأنا أرد للكتبية وأضرب لهامة البطل المشيخ منك، فأنزل الله عز وجل: "أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون" السجدة: 18 " وقال ابن الكلبي: كان أمية بن عبد شمس خرج إلى الشام فأقام بها عشر سنين فوقع على أمة للخم يهودية يقال لها ترناء، وكان لها زوج من أهل صفورية يهودي فولدت له ذكوان فادعاه أمية واستلحقه وكناه أبا عمرو ثم قدم به مكة، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة يوم أمر بقتله: إنما أنت يهودي من أهل صفورية. وولاه عمر على صدقات بني تغلب، وولاه عثمان الكوفة بعد سعد بن أبي وقاص، فصلى بأهلها وهو سكران، وقال: أزيدكم. فشهدوا عليه بشرب الخمر عند عثمان فعزله وحدّه، ولم يزل بالمدينة حتى بويع علي، وخرج إلى الرقة فنزلها واعتزل علياً ومعاوية ومات بناحية الرقة وقبره على البليخ. وولده بالرقة وبالكوفة منهم: محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة وكان يقال له ذو الشامة ويرمى بالزندقة، وأخوه عمارة بن عقبة وأسلم يوم فتح مكة، ومن ولده مدرك بن عمارة الذي روى عنه إسماعيل بن أبي خالد، وأخوه خالد بن عقبة كان من سرواتهم وأسلم يوم فتح مكة وشهد جنازة الحسن بن علي من بين بني أمية.
عبد الله بن عامر
رضي الله تعالى عنه
قال أبو يقظان: هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وكان أبوه عامر بن كريز أسلم يوم فتح مكة وبقي إلى خلافة عثمان، وقدم على ابنه عبد الله بن عامر البصرة وهو واليها لعثمان، وكانت أم عامر البيضاء بنت عبد المطلب وكان مضعوفاً، فأتى ابن عبد المطلب فمسه، فقال: وعظام هاشم ما في بني عبد مناف مولود أحمق منه.
وأما عبد الله بن عامر فإن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحنكه فتثاءب فتفل في فمه فازدرد ريقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو أن يكون متقياً"، وكان يكنى أبا عبد الرحمن وهو افتتح عامة فارس وخراسان وسجستان وكابل واتخذ النباج وغرس فيها فهي تدعى نباج ابن عامر، واتخذ القريتين وغرس بها نخلاً وأنبط عيوناً تعرف بعيون ابن عامر بينها وبين النباج ليلة على طريق المدينة، وحفر الحفير ثم حفر السمينة واتخذ بقرب قباء قصراً وجعل فيه زنجاً ليعملوا فيه فماتوا فتركه واتخذ بعرفات حياضاً ونخلاً واحتفر بالبصرة نهرين: أحدهما في السوق، والآخر الذي يعرف بأم عبد الله، وأم عبد الله أمه واسمها دجاجة بنت أسماء بن الصلت السليمي، وحوض أم عبد الله بالبصرة منسوب إليها وماتت بالبصرة وعبد الله بن عامر حفر نهر الإبلة وكان يقول: لو تركت لخرجت المرأة في حداجتها على دابتها ترد كل يوم على ماء وسوق حتى توافي مكة، ومات بمكة ودفن بعرفات وعقبه كثير. وكانت وفاته سنة تسع وخمسين قبل وفاة معاوية بسنة. وبلغني أنه لم يروِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً: "من قتل دون ماله فهو شهيد" وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، وحضره ابن عمر عند وفاته فأثنى عليه قوم بما اتخذ من الحياض بعرفات وبآثاره في الأرض فنظر إليهم فقال ابن عمر: إذا طابت المكسبة زكت النفقة وسترد فتعلم. ومن موالي آل كريز طويس مولى أروى بنت كريز أم عثمان بن عفان واسمه عبد الملك، وكان يكنى أبا عبد النعيم ورئي طويس يرمي الجمار بسكر مزعفر، فقيل له: ما هذا? فقال: كانت للشيطان عندي يد فأحببت أن أكافئه عليها.
ذو اليدين
رضي الله تعالى عنه
هو عمير بن عبد عمرو من خزاعة ويكنى أبا محمد وكان يعمل بيديه جميعاً فقيل له ذو اليدين. ويقال له: ذو الشمالين أيضاً، وقد يقال إن اسمه الخرباق وإنه كان طويل اليدين، وهذا هو الذي ذكر الحديث الذي ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بعد الصلاة ثم قضى ما فاته، وليس هو ذو الشمالين الذي استشهد يوم بدر.
ذو البجادين
رضي الله تعالى عنه
هو عبد الله بن عبد نهم سمي ذا البجادين لأنه حين أراد المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعت أمه بجاداً لها وهو كساء باثنين، فاتزر بواحد وارتدى بآخر ومات في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.
عمير مولى أبي اللحم الغفاري
رضي الله عنه
كان عمير مولى آبي اللحم يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان آبي اللحم أبى أن يأكل ما ذبح على الأنصاب فسمي آبي اللحم. وقال عمير: شهدت حنيناً وأنا عبد فأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم سيفاً ومن خرثى المتاع ولم يضرب لي بسهم.
جهجاه الغفاري
رضي الله تعالى عنه
هو جهجاه بن سعيد الغفاري وكان من فقراء المهاجرين وأجيراً لعمر بن الخطاب، وتناول عصا عثمان وهو على المنبر فكسرها على ركبته فوقعت الأكلة في ركبتيه، وكان أكل مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو كافر فأكثر ثم أكل معه وقد أسلم فأقل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يأكل في معيّ واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء".
سلمة بن الأكوع
رضي الله تعالى عنه
كان يكنى أبا أياس، وكان من الرماة المذكورين، ومات سنة أربع وسبعين وهو ابن ثمانين سنة وأخوه أهبان بن الأكوع مكلم الذئب.
قال الواقدي: مكلم الذئب أهبان بن أوس الأسلمي، وأسلم أهبان وصحب النبي صلى الله عليه وسلم ونزل الكوفة وتوفي في خلافة معاوية بن أبي سفيان وابنه أياس بن سلمة بن الأكوع يكنى أبا بكر، وتوفي في سنة تسع عشرة ومائة بالمدينة وهو ابن سبع وسبعين سنة.
شرحبيل بن حسنة
رضي الله تعالى عنه
هو منسوب إلى أمه وأبوه عبيد الله بن المطاع بن عمرو من اليمن حليف لبني زهرة، وكان يكنى أبا عبد الله ومات بالشام في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة وهو ابن أربع وستين سنة.
عبد الله بن بحينة
رضي الله تعالى عنه
هو منسوب إلى أمه بحينة بنت الحرث بن المطلب وأبوه مالك من الأزد.
خفاف بن ندبة
رضي الله تعالى عنه
هو منسوب إلى أمه وكانت سوداء، وخفاف أحد أغربة العرب لسواده، وأبوه عمير بن الحرث ابن الشريد السلمي وكان شاعراً، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة ومعه لواء بني سليم وبقي إلى زمان عمر.
أبو لبابة الأنصاري
رضي الله عنه
وهو مكنى ببنت له يقال لها لبابة كانت تحت زيد بن الخطاب، وقد ولدت له واسمه بشير بن عبد المنذر ويقال رفاعة بن المنذر، وتوفي أبو لبابة بعد قتل عثمان. وقيل: قبل علي، وله عقب من السائب ابنه.
البراء بن عازب الأنصاري
رضي الله تعالى عنه
كان البراء ابن أخت أبي بردة بن نيار، واسم أبي بردة هانئ من قضاعة ولأبي بردة عقب، وكان للبراء ابنان قد روى عنهما يزيد بن البراء وسويد بن البراء، وكان سويد على عمان فكان كخير الأمراء.
عاصم بن عدي
رضي الله عنه
هو من العجلان من بني قضاعة، ومات وهو ابن مائة وخمس عشرة سنة في خلافة معاوية، وأخوه معن بن عدي له عقب وقتل باليمامة، ومن ولد عاصم: أبو البداح بن عاصم بن عدي العجلاني لقب علبة ويكنى أبا عمرو، وحمل عنه الحديث وتوفي سنة سبع عشرة ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة.
أبو عبس بن جبر
رضي الله عنه
اسمه عبد الرحمن من الخزرج وكان أبو عبس يكتب بالعربية قبل الإسلام، ومات سنة أربع وثلاثين ودفن بالبقيع وكان يخضب بالحناء، وعقبه بالمدينة كثير وببغداد.
خوات بن جبير بن النعمان
رضي الله عنه
هو من الخزرج ويكنى أبا صالح، ويقال: يكنى أبا عبد الله وهو صاحب ذات النحيين في الجاهلية ومات بالمدينة سنة أربعين وله عقب وأخوه عبد الله بن جبير أمير الرماة يوم أحد، وقتل عبد الله يومئذ ولا عقب له.
أبو اليسر
رضي الله عنه
هو كعب بن عمرو بن عمرو من الأنصار، وكان قصيراً ذا بطن، وأسر العباس بن عبد المطلب يوم بدر فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وتوفي سنة خمس وخمسين في خلافة معاوية، وله عقب بالمدينة.
أبو مرثد الغنوي
رضي الله عنه
هو كناز بن حصين من غنى، وكان ترباً لحمزة بن عبد المطلب وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبادة بن الصامت، وآخى بين ابنه مرثد وبين ابن الصامت أخي عبادة، وكان أبو مرثد طوالاً كثير شعر الرأس ومات في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة وهو يومئذ ابن ست وستين سنة، وقتل ابنه مرثد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرجيع شهيد وكان أمير السرية.
مسطح بن أثاثة
رضي الله تعالى عنه
هو مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف ويكنى أبا عباد، وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها، وكان أبو بكر يجري عليه وهو الذي قذف عائشة رضي الله عنها، والذي قذفت به صفوان بن المعطل.
سويبط
رضي الله عنه
هو سويبط بن سعد بن حرملة بن عبد الدار بن قصي كان من مهاجرة الحبشة وشهد بدراً وأحداً وكان مزاحاً وهو الذي ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قصته حولاً. وذلك أنه خرج مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه في تجارة إلى بصرى ومعهم نعيمان، وكان نعيمان ممن شهد بدراً وكان على الزاد، فقال له سويبط: أطعمني. فقال: حتى يجيء أبو بكر. فقال: أما والله لأغيظنك، فمروا بقوم فقال لهم سويبط: تشترون مني عبداً لي? فقالوا: نعم. فقال: إنه عبد له كلام وهو قائل لكم إني حر فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا عليّ عبدي. قالوا: بل نشتريه منك. قال: فاشتروه بعشرة قلائص ثم جاؤوا فوضعوا في عنقه حبلاً فقال نعيمان: إن هذا يستهزئ بكم وإني حر. فقالوا: قد عرفنا خبرك وانطلقوا به، فلما جاء أبو بكر أخبروه فاتبعهم فرد عليهم القلائص وأخذه فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه فضحك هو وأصحابه من ذلك حولاً. وكان نعيمان أيضاً مزاحاً وجلده النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر أربع مرات، ومر بمخرمة بن نوفل وقد كف بصره فقال: ألا رجل يقودني حتى أبول، فأخذ بيده نعيمان فلما بلغ مؤخر المسجد قال: ههنا فبل، فبال، فصيح به فقال: من قادني? قيل: نعيمان. فقال: لله عليّ أن أضربه بعصاي هذه، فبلغت نعيمان فأتاه فقال له: هل لك في نعيمان. قال: نعم. قال: قم، فقام معه فأتى به عثمان بن عفان وهو يصلي فقال: دونك الرجل فجمع يده بالعصا ثم ضربه، فقال الناس أمير المؤمنين. فقال: من قادني? قالوا: نعيمان. قال: لا أعود إلى نعيمان أبداً.
دحية الكلبي
رضي الله تعالى عنه هو دحية بن خليفة بن عامر بن الخزرج، وأسلم قديماً ولم يشهد بدراً وكان يشبه بجبريل عليه السلام لجماله وحسنه، وكان إذا قدم المدينة لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه وبقي إلى زمان معاوية.
عرابة الأوسي
رضي الله تعالى عنه
هو عرابة بن أوس بن قيطي الذي مدحه الشماخ فقال:
رأيت عرابة الأوسيّ يسمو * إلى الغايات منقطع القرين
وشهد عرابة يوم أحد فاستصغر فرد.
وحشي قاتل حمزة
هو وحشي بن حرب ويكنى أبا دسمة، وكان من سودان مكة عبداً لجبير بن مطعم قتل حمزة وأتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً، فقال له: النبي صلى الله عليه وسلم غيب وجهك عني. قال: فكنت إذا رأيته في الطريق تقصيتها، وخرج إلى الشام فنزل حمص وكان يشرب الخمر ويلبس المعصفر وهو أول من حد بالشام في الخمر وله عقب بالشام.
حمل بن مالك بن النابغة
هو من هذيل، أسلم ثم رجع إلى بلاد قومه ثم تحول إلى البصرة وابتنى بها داراً في هذيل، ثم صارت داره بعد لعمر بن مهران الكاتب.
مجالد ومجاشع ابنا مسعود
رضي الله تعالى عنهما
هما من سليم، وكان بمجالد عرج شديد وأخوه مجاشع بن مسعود من المهاجرين، وجاء مجاشع بأخيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه بعد فتح مكة فقال: لا هجرة بعد الفتح، وكان لمجاشع فرس يقال لها الدبساء سابق عليها، ويقال إنه أخذ في غاية واحدة خمسين ألف درهم وشهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها فقتل، وله عقب بالبصرة.
علقمة بن علاثة
رضي الله تعالى عنه
هو الذي نافر عامر بن الطفيل فقال الأعشى: علقم ما أنت إلى عامر
وكان وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ثم ارتد ولحق بقيصر ثم انصرف وأسلم واستعمله عمر على حوران فمات بها.
لبيد بن ربيعة الشاعر
رضي الله تعالى عنه
هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب قدم لبيد في وفد بني كلاب على النبي صلى الله عليه وسلم وأسلموا ورجعوا إلى بلادهم ولم يقل بعد الإسلام شعراً، ثم قدم الكوفة وبنوه، فرجع بنوه إلى البادية أعراباً وأقام لبيد إلى أن مات بها فدفن في صحراء بني جعفر بن كلاب وكانت وفاته ليلة نزل معاوية النخيلة لمصالحة الحسن بن علي رضي الله عنهما، ويقال: بل كانت بعد ذلك ومات وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة.
وافد بن المنتفق
يقال هو لقيط بن صبرة، ويقال: هو لقيط بن عامر بن المنتفق من عقيل ويكنى أبا رزين وهم مجمعون على أنه عقيلي.
مكنف بن زيد الخيل الطائي
رضي الله عنه
كان مكنف أكبر ولد أبيه وبه كان يكنى، أسلم وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وشهد قتال الردة مع خالد بن الوليد، وكذلك حريث بن زيد الخيل صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وشهد الردة.
فأما زيد الخيل فإنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسماه زيد الخير وقطع له أرضين وكانت المدينة وبيئة، فلما خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لن ينجو زيد من أم ملدم"، فلما بلغ بلده مات، وحماد الراوية مولى مكنف.
الأشعث بن قيس
رضي الله تعالى عنه
اسمه معد يكرب بن قيس وسمي أشعث لشعث رأسه وهو من كندة، وكانت مراد قتلت أباه فخرج ثائراً بأبيه فأسر ففدى نفسه بثلاثة آلاف بعير، ووفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين رجلاً من كندة فأسلم ويكنى أبا محمد، ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أن يبايع أبا بكر رضي الله عنه، فحاربه عامل أبي بكر حتى استأمنه على حكم أبي بكر وبعث به إليه، فسأل أبا بكر أن يستبقيه لجزية ويزوجه أخته أم فروة ففعل ذلك أبو بكر، ومات سنة أربعين وابنه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الذي خرج على الحجاج وخرج معه القراء والعلماء.
عكرمة بن أبي جهل
رضي الله تعالى عنه
أسلم بعد الفتح وقتل يوم اليرموك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه مجاهداً ولا عقب له.
حجر بن عدي
رضي الله تعالى عنه
هو الذي قتله معاوية ويكنى أبا عبد الرحمن وكان وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم وشهد القادسية وشهد الجمل وصفين مع علي، فقتله معاوية بمرج غدراء مع عدة، وكان له ابنان يتشيعان يقال لهما عبد الله وعبد الرحمن قتلهما مصعب بن الزبير صبراً، وقتل حجر سنة ثلاث وخمسين.
عبد الله بن عوسجة البجلي
كان عبد الله بن عوسجة البجلي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني حارثة بن عمرو بن قريط، وكان كتب معه إليهم يدعوهم إلى الإسلام فأخذوا الصحيفة فغسلوها ورقعوا بها أسفل دلوهم وأبوا أن يجيبوه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالهم أذهب الله عقولهم فهم أهل رعدة وسفه وكلام مختلط.
فيروز الديلمي
هو من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن فنفوا الحبشة عنها وغلبوا عليها، فيروز هو الذي قتل الأسود بن كعب العنسي المتنبي باليمن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قتله الرجل الصالح فيروز الديلمي" وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه أحاديث يذكر فيها فيقال الديلمي الحميري، وإنما قال حميري لنزوله في حمير، ومات فيروز في خلافة عثمان.
العجلاني
الذي لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته: هو عويمر بن الحرث، وقال عكرمة: رأيت ابن الملاعنة أميراً على مصر، وما يدعى لأب.
العباس بن مرداس السلمي
أسلم قبل فتح مكة وحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة في تسعمائة ونيف بالقنا والدروع على الخيل، وكان يرجع إلى بلاد قومه ولا يسكن مكة ولا المدينة، وابنه جلهمة قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث.
أبو برزة الأسلمي
رضي الله تعالى عنه هو عبد الله بن نضلة، ويقال نضلة بن عبد الله مات بخراسان غازياً.
الفرات بن حيان
هو من عجل من بني سعد رهط حنظلة بن ثعلبة بن سيار وكان أهدى الناس بالطريق وأعرفهم بها، وكان يخرج مع عيران قريش إلى الشام وله يقول حسان:
فإن نلقَ في تطرافنا وانبعاثنا * فرات بن حيان نقظ دون هالك
وأسلم الفرات فحسن إسلامه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم خيبر حين أعطى المؤلفة قلوبهم: إن من الناس ناساً نكلهم إلى إيمانهم، منهم: فرات بن حيان.
الخشخاش
هو الخشخاش بن خلف، وكان أبوه يعرف بالمجفر من بني العنبر، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجني شمالك على يمينك". وكان له ابنان: مالك وعبيد يليان الولايات، ولمالك ابن يقال له حصين ولي لزياد ميان وبقي عليها أربعين سنة، وابن آخر يقال له الحر ومن ولده معاذ بن العنبري، ولي قضاء البصرة للرشيد. ومن موالي آل الخشخاش فيروز أعظم مولى بالعراق قدراً، وقد ولي الولايات وخرج مع ابن الأشعث، فقال الحجاج: من جاءني برأس فيروز له عشرة آلاف درهم، فقال فيروز: من جاءني برأس الحجاج فله مائة ألف درهم، فلما هزم ابن الأشعث هرب إلى خراسان فأخذه يزيد بن المهلب فبعث به إلى الحجاج فقال له: أظهرني على أموالك. قال: على أن تأمنني. قال: لا. فنادى: ألا من كان لفيروز عنده مال فهو في حل منه، فأمر به فشق له قصب ثم شد عليه وجعل يسله قصبة قصبة حتى قطع جسده ثم صب عليه الخل والملح حتى مات.
عياض بن حماد
هو عياض بن حماد بن أبي حماد بن ناجية بن عقال الدارمي، وأبو حماد بن ناجية بن عقال الدارمي هو أخو صعصعة بن ناجية جد الفرزدق الشاعر، وعياض هو الذي أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شركه، فقال لا أقبل زاد المشركين، ولا نعلم له عقباً.
الأشج العبدي
هو منذر بن عائذ من عصر، وكان عمرو بن قيس ابن أخته وهو أول من أسلم من ربيعة، وذلك أن الأشج بعثه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم علمه، فلما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأتى الأشج فأخبره بأخباره فأسلم الأشج وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إن فيك خليقين يحبهما الله: الحلم والحياء.
الجارود العبدي
هو بشر بن عمرو بن حنش بن المعلى من عبد القيس، ويكنى أبا غياث، وسمي الجارود لأنه فر بإبله إلى أخواله بني شيبان وبإبله داء، ففشا ذلك الداء في إبل أخواله فأهلكها، فلذلك قال الشاعر: كما جرد الجارود بكر بن وائل
وأسلم الجارود في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولقي العدو بعقبة الطين فقتل بها فسميت عقبة الجارود، وابنه عبد الله بن الجارود، وكان يلقب بطير العناق لقصره، وكان رأس عبد القيس واجتمعت عليه القبائل من أهل البصرة وأهل الكوفة فولوه أمرهم برستقابان فقاتلوا الحجاج فظفر بهم فأخذه الحجاج فصلبه، وابنه المنذر بن الجارود والي اصطخر لعلي بن أبي طالب وابنه الحكم بن المنذر سيد عبد القيس وفيه يقول الكذاب الحرمازي:
يا حكم بن المنذر بن الجارود * سرادق المجد عليك ممدود
أنت الجواد ابن الجواد المحمود * نبت في الجود وفي بيت الجود
والعود قد ينبت في أصل العود
ويكنى أبا غيلان، ومات في حبس الحجاج الذي يعرف بالديماس.
صحار بن العباس العبدي
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وكان من أخطب الناس وأبينهم، وكان أحمر أزرق، قال له معاوية: يا أزرق? قال: البازي أزرق. قال: يا أحمر. قال: الذهب أحمر. وكان عثمانياً، وكانت عبد القيس تتشيع فحالفها، وهو جد جعفر بن زيد وكان فاضلاً خيراً عابداً وقد روى صحار عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين أو ثلاثة.
خريم بن فاتك
هو من بني أسد صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وابنه أيمن بن خريم الشاعر، وكان أبرص وكان مع بني مروان يسامرهم ويواكلهم.
قال: وحدثني سهل بن محمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثنا أبو زكريا الحبطي عن أبيه، قال: قال عبد الملك بن مروان لأيمن بن خريم الأسدي: إن أباك كانت له صحبة ولعمك، فخذ هذا المال وانطلق فقاتل ابن الزبير، فأبى وقال:
ولست بقاتل رجلاً يصلي * على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعليّ وزري * معاذ الله من سفه وطيش
أأقتل مؤمناً وأعيش حياً * ولست بنافع ما عشت عيشي
من تأخر من الصحابة
رضي الله تعالى عنه
قال أبو محمد: قال الواقدي: آخر من مات بالكوفة من الصحابة عبد الله بن أبي توفي في سنة ست وثمانين، وآخر من مات بالمدينة من الصحابة سهل بن سعد الساعدي سنة إحدى وتسعين ويقال هو ابن مائة. وآخر من مات بالبصرة من الصحابة أنس بن مالك سنة إحدى وتسعين ويقال سنة ثلاث وتسعين. وآخر من مات بالشام عبد الله بن بسر سنة ثمان وثمانين. وممن تأخر موته واثلة بن الأسقع هلك بالشام سنة خمس وثمانين وهو ابن ثمان وتسعين سنة وهو من بني ليث بن كنانة.
أبو الطفيل
رضي الله تعالى عنه
هو أبو الطفيل عامر بن واثلة رأى النبي صلى الله عليه وسلم وكان آخر من رآه موتاً ومات بعد سنة مائة وشهد مع علي المشاهد كلها وكان مع المختار صاحب رايته، وكان يؤمن بالرجعة وهو القائل:
وبقيت سهماً في الكنانة واحداً * سيرمى به أو يكسر السهم كاسره
وهو القائل:
أيدعونني شيخاً وقد عشت حقبة * وهن من الأزواج نحوي نزائع
وما شاب رأسي من سنين تتابعت * علي ولكن شيبتني الوقائع
أسماء المؤلفة قلوبهم
أبو سفيان بن حرب ومعاوية ابنه وحسن إسلامه، وحكيم بن حزام ثم حسن إسلامه، والحرث بن هشام أخو أبي جهل بن هشام ثم حسن إسلامه، وسهيل بن عمرو ثم حسن إسلامه، والعلاء بن حارثة الثقفي، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، والأقرع بن حابس، ومالك بن عوف النصري، والعباس بن مرداس السلمي ثم حسن إسلامه، وقيس بن مخرمة ثم حسن إسلامه، وجبير بن مطعم ثم حسن إسلامه.
أسماء المنافقين
الذين أرادوا أن يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثنية في غزوة تبوك:
عبد الله بن أبي سلول، سعد بن أبي سرح وهو أبو الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مكان غفور، رحيم عزيز حكيم. وأبو حاضر الأعرابي والحلاس بن سويد بن صامت، ومجمع بن حارثة، ومليح التيمي وهو الذي سرق طيب الكعبة وارتد عن الإسلام وانطلق فلا يدري أين ذهب، وحصين بن نمير وهو الذي أغار على تمر الصدقة فسرقه، وطعيمة بن أبيرق، ومرة بن ربيع وكان أبو عامر رأسهم وله بنوا مسجد الضرار وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة.
أسماء الثلاثة الذين خلفوا
ونزل فيهم القرآن
كعب بن مالك، ومروان بن الربيع، وهلال بن أمية.
أسماء الخلفاء
أبو سفيان
واسم أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان أبو سفيان أسلم قبيل فتح مكة وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات الطائف، وذهبت عينه مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المغازي، ثم بقي إلى خلافة عثمان رضي الله عنه فعمي قبل أن يموت، ومات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وأم أبي سفيان صفية بنت حزن من قيس عيلان، وأم معاوية هند بنت عتبة بن ربيعة، ويقال: إن إحدى عينيه ذهبت يوم الطائف والأخرى يوم اليرموك، وكان لأبي سفيان من الولد أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم واسمها رملة، وآمنة وعمرو وهند وصخرة ومعاوية وعتبة وجويرية وأم الحكم، وهؤلاء الأربعة من هند بنت عتبة، وحنظلة وعنبسة ومحمد وزياد ويزيد وملة الصغرى وميمونة.
عمرو بن أبي سفيان
فأما عمرو بن أبي سفيان فأسر يوم بدر فلم يفده أبو سفيان، وأسر رجلاً من المسلمين فأطلق النبي صلى الله عليه وسلم عمرواً، وأطلق أبو سفيان المسلم، ولا عقب لعمرو بن أبي سفيان.
حنظلة بن أبي سفيان
وأما حنظلة بن أبي سفيان فقتله علي يوم بدر ولا عقب له.
يزيد بن أبي سفيان
وأما يزيد بن أبي سفيان فكان يقال له يزيد الخير واستعمله أبو بكر على الشام سفيان فكان يضعف، وشهد الجمل مع عائشة وولاه معاوية مصر وكان له أولاد منهم: معاوية بن عتبة ولاه معاوية المدينة، ومنهم عمرو بن عتبة وكان خرج مع ابن الأشعث فقتل وعقب عتبة كثير.
زياد بن أبي سفيان
رحمه الله تعالى
وأما زياد بن أبي سفيان فكان يكنى أبا المغيرة وأمه أسماء بنت الأعور من بني عبشمي بن سعد، هذا قول أبي اليقظان. وقال غيره: أمه سمية بنت أبي بكرة، وقد ذكرنا قصتها عند ذكر أبي بكرة، وولد زياد عام الفتح بالطائف وهو كاتب المغيرة بن شعبة، ثم كتب لأبي موسى، ثم كتب لابن عامر، ثم كتب لابن عباس، وكان زياد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولاه فارس فكتب إليه معاوية يتهدده فكتب إليه: أتوعدني وبيني وبينك ابن أبي طالب أما والله لئن وصلت إليّ لتجدني أحمر ضراباً بالسيف، ثم ولاه معاوية البصرة وأعمالها، فلما مات المغيرة ابن شعبة جمع له العراقين فكان أول من جمعا له فولي ثماني سنين، خمساً منها على البصرة وأعمالها. مات بالكوفة في سنة ثلاث وخمسين.
قال: حدثني سهل بن محمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثنا جرير بن حازم عن الزبير بن الحريث عن أبي لبيد، قال: مر بنا زياد وهو أمير البصرة ومعه رجل أو رجلان على بغلته قد طوى الحبل على عنقها تحت اللجام. فولد زياد عبد الرحمن والمغيرة ومحمداً وأبا سفيان وعبيد الله وعبد الله أمهما مرجانة وسلماً وعثمان وعباداً والربيع وأبا عبيدة ويزيد وعنبسة وأم معاوية وعمراً والغصن وعتبة وأباناً وجعفراً وإبراهيم وسعيداً وعشرين بنتاً.
فأما عبيد الله بن زياد: فكان يكنى أبا حفص، وكان أرقط جميلاً وكان زياد زوج أمه مرجانة من شيرويه الأسواري ودفع إليها عبيد الله ونشأ بالأساورة، وكانت فيه لكنه فولي لمعاوية خراسان ثم ولي العراقين بعد أبيه ثماني سنين، خمساً منها على البصرة وحدها وثلاثاً على العراقين، فلما مات يزيد خرج عليه من أهل البصرة وأخرجوه عن داره فاستجار بمسعود بن عمر والأزدي، فلما قتل مسعود سار إلى الشام فكان مع مروان بن الحكم وكان يوم المرج على إحدى مجنبتيه فلما ظفر مروان رده على العراق، فلما قرب من الكوفة وجه إليه المختار إبراهيم بن الشتر النخعي فاتقوا بقرب الزاب، فقتل عبيد الله ولا عقب له. وكان قتله يوم عاشوراء سنة سبع وستين.
وأما عبد الرحمن بن زياد: فكان يكنى أبا خالد وولاه معاوية خراسان وله عقب بالبصرة، والمغيرة بن زياد لا عقب له، ومحمد بن زياد لا عقب له، وأبو سفيان بن زياد هرب من الطاعون الجارف إلى البادية فطعن بالبادية فمات وله عقب بالبصرة.
وأما سلم بن زياد: فكنيته أبو حرب وكان أجود بني زياد، ولي خراسان ليزيد، وفيه يقول ابن عرادة:
عتبت على سلم فلما هجرته * وخالطت أقواماً بكيت على سلم
ومات بالبصرة وله عقب.
وأما عباد بن زياد: فكنيته أبو حرب وولي لمعاوية سجستان سبع سنين وفيه يقول ابن مفرغ: سبق عباد وصلت لحيته
وله عقب بالشام والبصرة.
وأما الربيع بن زياد: فكان أعرج وله عقب بالبصرة قليل.
وأما أبو عبيدة بن زياد: فولاه سلم بن زياد كابل وأسر ففداه بسبعمائة ألف درهم وله عقب.
ويزيد بن زياد: ولاه أيضاً سلم بن زياد سجستان فقتله العدو ولا عقب له.
وعنبسة بن زياد: مات في طريق مكة في الجارف ولا عقب له.
وعتبة بن زياد: له عقب كثير بالبصرة، ولم يعقب عمرو والغصن وأبان وجعفر وإبراهيم وسعيد.
معاوية بن أبي سفيان
رضي الله عنه: وأما معاوية بن أبي سفيان فكان يكنى أبا عبد الرحمن وأسلم عام الفتح وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وولي الشام لعمر وعثمان عشرين سنة، وولي الخلافة سنة أربعين وهو ابن اثنتين وستين سنة وبلغه أن أهل الكوفة قد بايعوا للحسن بن علي، فسار يريد الكوفة، وسار الحسن يريده، فالتقوا بمسكن من أرض الكوفة فصالح الحسن معاوية وبايع له ودخل معه الكوفة، ثم انصرف معاوية إلى الشام واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة وعلى البصرة عبد الله بن عامر ثم جمعهما لزياد وهو أول من جمعا له.
وولي معاوية الخلافة عشرين سنة إلا شهراً وتوفي سنة ستين وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. وقال ابن إسحاق: مات وله ثمان وسبعون سنة وكانت علته النقابات وهي الدبيلة ولم يولد له في خلافته ولد، وذلك أن البريك الصريمي ضربه على إليته فانقطع عنه الولد، فولد معاوية عبد الرحمن بن معاوية لأم ولد ويزيد بن معاوية وأمه ميسون بنت مجدل الكلبية وعبد الله وهنداً ورملة وصفية.
فأما عبد الرحمن فلا عقب له.
وأما عبد الله فكان ضعيفاً ولقبه منقب ولا عقب له من الذكور، وكان له بنت يقال لها عاتكة تزوجها يزيد بن عبد الملك وفيها قيل:
يا بنت عاتكة الذي أتغزل * حذر العدى وبه الفؤاد موكل
يزيد بن معاوية
وأما يزيد بن معاوية فيكنى أبا خالد وولي الخلافة، وأقبل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما يريد الكوفة وعليها عبيد الله بن زياد من قبل يزيد فوجه إليه عبيد الله عمر بن سعد بن أبي وقاص فقاتله، فقتل الحسين رحمة الله تعالى عليه ورضوانه، وهاجت فتنة ابن الزبير فأخرج من كان بالمدينة من بني أمية، فوجه يزيد مسلم بن عقبة المري في جيش عظيم لقتال ابن الزبير فسار بهم حتى نزل المدينة فقاتل أهلها وهزمهم وأباحها ثلاثة أيام فهي وقعة الحرة. ثم سار مسلم بن عقبة إلى مكة فتوفي بالطريق ولم يصل فدفن بقديد، وولي الجيش الحصين بن نمير السكوني فمضى بالجيش وحاصروا عبد الله بن الزبير وأحرقت الكعبة حتى انهدم جدارها وسقط سقفها، وأتاهم الخبر بموت يزيد فانكفوا راجعين إلى الشام فكانت ولاية يزيد ثلاث سنين وشهوراً وهلك بجوارين من عمل دمشق سنة أربع وستين وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. فولد يزيد بن معاوية خالداً وعبد الله الأكبر وأبا سفيان وعبد الله الأصغر وعمر وعاتكة وعبد الرحمن وعبد الله الذي يلقب أصغر الأصاغر، وعثمان وعتبة الأعور ويزيد ومحمداً وأبا بكر وأم مزيد وأم عبد الرحمن ورملة.
فأما خالد بن يزيد فكان يكنى أبا هاشم وكان من أعلم قريش بفنون العلم، وكان يقول الشعر وعقبه كثير بالشام.
وأما عبد الله بن يزيد فكان أفضل أهل زمانه وأعبدهم.
معاوية بن يزيد
وأما معاوية بن يزيد فولي الخلافة بعد يزيد وهو ابن سبع عشرة سنة أربعين يوماً، وقال ابن إسحاق: عشرين يوماً ويكنى أبا ليلى، وفيه يقول الشاعر:
إني أرى فتناً تغلي مراجلها * فالملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
ولا عقب لمعاوية بن يزيد وعقب يزيد من غيره من ولده كثير.
مروان بن الحكم
فلما مات معاوية بن يزيد بايع أهل الشام مروان بن الحكم بالجابية وهو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وكان مروان يكنى أبا عبد الملك وأبوه الحكم ابن أبي العاص كان طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم يوم فتح مكة ومات في خلافة عثمان، وكان سبب طرد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه أنه كان يفشي سره فلعنه وسيره إلى بطن وج فلم يزل طريداً حياة النبي صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر وعمر، ثم أدخله عثمان وأعطاه مائة ألف درهم وكان للحكم من الولد أحد وعشرون ذكراً وثماني بنات، وكان مروان ولد لسنتين خلتا من الهجرة وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني سنين وولي لعبد الله بن عامر رستاقاً من ازدشيرجوه، ثم ولي البحرين لمعاوية ثم ولي له المدينة مرتين ثم بويع له بالخلافة، وكان معاوية استعمل على الكوفة بعد زياد الضحاك ابن قيس الفهري من كنانة فلما ولي مروان صار الضحاك مع ابن الزبير فقاتل مروان يوم مرج راهط فقتله مروان وكانت ولاية مروان عشرة أشهر ومات بالشام سنة خمس وستين وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقيل: إنه قال لخالد بن يزيد يا بن الرطبة، وكانت أمه تحته وبلغها فقعدت على وجهه فقتلته فهو يعد فيمن قتلته النساء، فولد مروان عبد الملك ومعاوية وأم عمر وعبيد الله وعبد الله وأبانا وداود وعبد العزيز وعبد الرحمن وأم عثمان وعمراً وأم عمر وبشراً ومحمداً.
فأما معاوية بن مروان فكان مضعوفاً ويكنى أبا المغيرة وولد عبد الملك والمغيرة وبشراً، ومعاوية القائل لأبي امرأته: لقد نكحت ابنتك بعصبة ما رأيت مثلها قط، فقال له: لو كنت خصياً ما زوجناك. ووقف على طحان وفي عنق حماره جلجل، فقال له: لم جعلت في عنقه جلجلاً? فقال: ربما نعست فيقف فإذا لم أسمع صوت الجلجل صحت به فقال: أرأيت إن قام وحرك رأسه ما علمك، قال الطحان: ومن له بمثل عقل الأمير.
وأما أبان بن مروان فكان على فلسطين لعبد الملك أخيه، وكان الحجاج على شرطة فولد أبان عبد العزيز بن أبان وأما عمرو بن مروان فلا أعلم له عقباً. وأما محمد بن مروان بن الحكم فكان أشد بني مروان وهو قتل إبراهيم بن الأشتر ومصعب بن الزبير بدير الجاثليق بين الشام والكوفة وكان على الجزيرة، وابنه مروان بن محمد آخر من ولي الخلافة من بني أمية.
وأما داود بن مروان فكان يكنى أبا سليمان، وكان أعور وفيه قيل: بدل أعور من ذات الدعج.
وأما بشر بن مروان فكان يكنى أبا مروان، وكان على الكوفة، ثم ضمت إليه البصرة فشخص إليها وشرب الأذريطوس ومات بها وهو أول أمير مات بالبصرة وله عقب.
وأما عبد العزيز بن مروان فيكنى أبا الأصبغ وولي العهد بعد عبد الملك ولكثير فيه مدائح وابنه عمر وسنذكره مع أخوته في موضع خلافته إن شاء الله تعالى.
عبد الملك بن مروان
قال عبد الله بن مسلم: وأما عبد الملك بن مروان فكان يكنى أبا الوليد ويلقب رشح الحجر لبخله، وكان يكنى أبا ذبان لبخله، وكان معاوية جعله مكان زيد بن ثابت على ديوان المدينة وهو ابن ست عشرة سنة، وولاه أبوه مروان هجر ثم جعله الخليفة بعده، وكانت خلافته بعد أبيه سنة خمس وستين وبويع ابن الزبير على الخلافة سنة خمس وستين وبنى الكعبة وبايعه أهل البصرة والكوفة، ووثب المختار بن عبيد بالكوفة سنة ست وستين في سلطان ابن الزبير وأخرج من الكوفة عبد الله بن مطيع عامل ابن الزبير، ثم أن أهل الكوفة ثاروا بالمختار واقتتلوا في جبانة السبيع فظفر بهم، وكان المختار أيضاً وجه إلى البصرة الأحمر بن سميط لقتال مصعب بن الزبير فقتله المصعب بالمدار وأقبل حتى حصر المختار في قصره بالكوفة ثم قتله سنة سبع وستين، وسار عبد الملك لقتال مصعب فالتقوا بأرض مسكن فقتل مصعب ودخل عبد الملك الكوفة وبايع له أهلها، وبعث الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير فقتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين وقد بلغ من السن ثلاثاً وسبعين سنة، فكانت فتنته منذ مات يزيد بن معاوية إلى أن قتل تسع سنين وثلاثة أشهر وأياماً، وحج الحجاج بالناس تلك السنة ونقض بنيان ابن الزبير في الكعبة وبناه على تأسيسه الأول، ثم رجع إلى المدينة لما فرغ من بناء الكعبة. ثم كتب عبد الملك إلى الحجاج بعهده إلى العراق فسار إليها سنة خمس وسبعين وضربت له الدنانير والدراهم بالعربية سنة ست وسبعين، وكان سيل الجحاف الذي ذهب بالحجاج بمكة سنة ثمانين، ويقال: إن الجحفة سميت الجحفة تلك السنة لأن السيل ذهب بكثير من الحاج وأمتعتهم ورحالهم وكان اسمها مهيعة، وكان ذلك يوم الاثنين قال أبو السنابل:
لم ترَ عيني مثل يوم الاثنين * أكثر محزوناً وأبكى للعين
وخرج المخبآت يسعين * ظواهر في جبلين يرقين
وذهب السيل بأهل المصرين
وهاجت فتنة عبد الرحمن بن الأشعث سنة اثنتين وثمانين، وكانت وقعة الزاوية بالبصرة سنة ثلاث وثمانين، ووقعة دير الجماجم فيها أيضاً. وحدثني سهل بن محمد عن الأصمعي، قال: كان لابن الأشعث أربع وقعات: وقعة بالأهواز ووقعة بالزاوية ووقعة بدير الجماجم ووقعة بدجيل.
قال: وقال أبو عبيدة: إنما قيل دير الجماجم لأنه كان يعمل فيه الأقداح من خشب، وبنى الحجاج واسطاً سنة ثلاث وثمانين، وتوفي عبد الملك بدمشق سنة ست وثمانين وله اثنتان وستون سنة وقد شد أسنانه بالذهب. فولد عبد الملك بن مروان: مروان الأكبر والوليد وسليمان وعائشة ويزيد ومروان الأصغر وهشاماً وأبا بكر وفاطمة ومسلمة وعبد الله وسعيد والحجاج ومحمد والمنذر وعنبسة وقبيصة، ولم يعقب المنذر ولا قبيصة ولم يكن لعنبسة ولد غير الفيض.
فأما الحجاج بن عبد الملك فولد عبد العزيز وهو ولي، قتل الوليد بن يزيد وحصره بالبحراء.
وأما سعيد بن عبد الملك فكان يلقب سعيد الخير، وكان مقيماً بمكان يقال له نهر سعيد، وله عقب وإليه ينسب ذلك النهر، وكان غيض فيها سباع فأقطعها وعمرها.
وأما عائشة فكانت عند خالد بن يزيد بن معاوية وكانت فاطمة عند عمر بن عبد العزيز. وأما مسلمة فكان يكنى أبا سعيد ويلقب الجرادة الصفراء لصفرة كانت تعلوه، وكان شجاعاً وافتتح فتوحاً كثيرة في الروم منها طوانة وولي العراق أشهراً وله عقب كثير.
وأما أبو بكر بن عبد الملك فكان اسمه بكاراً وكان يحمق وهو القائل في بازي كان له فطار، أغلقوا أبواب المدينة لئلا يخرج البازي، وله عقب.
الوليد بن عبد الملك
وأما الوليد بن عبد الملك فكان يكنى أبا العباس وولي الخلافة بعد أبيه وكان خبيث الولاية، وولي سنة ست وثمانين وفي سنة ثمان وثمانين كان فتح الطوانة من أرض الروم فتحها أخوه مسلمة، وفيها بنى مسجد دمشق واستعمل الوليد عمر بن عبد العزيز على المدينة سبع سنين وخمسة أشهر، وتوفي الحجاج في خلافته بواسط في شهر رمضان سنة خمس وتسعين، وقيل: بلغ من السن ثلاثاً وخمسين سنة. واستخلف ابنه عبد الملك بن الحجاج على الصلاة، ويزيد بن أبي مسلم على الخراج، فلما انتهى موت الحجاج إلى الوليد بعث يزيد بن أبي كبشة على الصلاة، وتوفي الوليد بن عبد الملك بدمشق سنة ست وتسعين وقد بلغ من العمر ثمانياً وأربعين سنة، وكانت ولايته تسع سنين وثمانية أشهر، فولد الوليد أربعة عشر ذكراً منهم يزيد بن الوليد ولي الخلافة وسنذكره في موضعه، ومنهم عمر بن الوليد وكان يقال له فحل بني مروان وكان يركب معه سبعون رجلاً لصلبه، وعقبه كثير ومنهم بشر بن الوليد عالم بني الوليد ومنهم: إبراهيم بن الوليد كان أخوه يزيد بن الوليد استخلفه فلما سار مروان بن محمد إليه خلع نفسه وسلمها إلى مروان ومنهم: العباس بن الوليد فارس بني مروان وكانت أمه نصرانية.
سليمان بن عبد الملك
ثم بويع بعد الوليد بن عبد الملك لأخيه سليمان بن عبد الملك ويكنى أبا أيوب، وكان أبيض جعداً فصيحاً نشأ بالبادية عند أخواله بني عبس، وكانت ولايته سنة ست وتسعين فافتتح بخير وختم بخير لأنه رد المظالم ورد المسيرين وأخرج المسجنين الذين كانوا بالبصرة، واستخلف عمر بن عبد العزيز وأغزا مسلمة الصائفة حتى بلغ القسطنطينة فأقام بها حتى مات سليمان وفيه قال الشاعر:
يا أيها الخليفة المهدي * خليفة يدعونه السني
ليأخذ الولي بالولي * وهدم الديماس والمنسي
وأمن الشرقي والغربي
وفيه قال الفرزدق:
إنا لنرجو أن يقيم لنا * سنن الخلائف من بني فهر
وكان حين ولي بايع لابنه أيوب وعزل يزيد بن أبي كبشة ويزيد بن سلم واستعمل يزيد بن المهلب على حرب العراق وصالح بن عبد الرحمن التميمي على خراجها، وتوفي سليمان بدابق سنة ثمان وتسعين وهو ابن خمس وأربعين سنة، فولد سليمان أربعة عشر ذكراً منهم: أيوب، وكان عفيفاً أديباً وكان أبوه بايع له وجعله ولي عهده فهلك في حياة أبيه بالشام.
عمر بن عبد العزيز
رحمه الله تعالى: كان لعبد العزيز من الولد عشرة: عمر وأبو بكر ومحمد وعاصم أمهم أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، والأصبغ وسهيل وسهل وأم الحكم وزبان وأم البنين.
فأما عاصم فولد سفيان، وتزوج سفيان آمنة ابنة عمر بن عبد العزيز فولدت له الأصبغ وكان مخنثاً.
وأما الأصبغ بن عبد العزيز فكان عالماً بخبر ما يكون، وهلك بمصر قبل أبيه وله عقب، ومن ولده دحية بنت مصعب بن الأصبغ كانت عالمة بما يكون.
وأما عمر بن عبد العزيز فكان يكنى أبا حفص وهو أشج بني أمية، ضربته دابة في وجهه، فلما رأى الأصبغ أخوه الأثر قال: الله أكبر هذا أشج بني مروان الذي يملك، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: إن من ولدي رجلاً بوجهه أثر يملأ الأرض عدلاً.
حدثني عبد الرحمن عن الأصمعي، قال: هو في كتاب دانيال الدردوق الأشج فولي بعد سليمان ابن عبد الملك بعهده إليه فعزل يزيد بن المهلب وصالح بن عبد الرحمن عن العراق، واستعمل على الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وعلى البصرة عدي بن أرطاة الفزاري وتوفي بدير سمعان من أرض حمص سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وثلاثين سنة، فولد عمر بن عبد العزيز أربعة عشر ذكراً منهم: عبد الملك. وكان من أنسك الناس، وهلك قبل أبيه وهو ابن تسع عشرة سنة ونصف. ومنهم: عبد الله بن عمر كان شجاعاً جواداً ولي العراق ليزيد بن الوليد بن عبد الملك ستة أشهر، فلما مات يزيد أراد أهل العراق أن يبايعوا له بالخلافة، وهو احتفر نهر ابن عمر بالبصرة، وله عقب.
يزيد بن عبد الملك
وبويع بعد عمر بن عبد العزيز يزيد بن عبد الملك ويكنى أبا خالد، وكان صاحب لهو ولذات، وكان صاحب حبابة وسلامة، وفي ولايته خرج يزيد بن المهلب بالبصرة فأخذ ابن أرطأة فأوثقه ثم خرج من البصرة يريد الكوفة فوجه إليه يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة وابن أخيه العباس بن الوليد فالتقوا بالعقر من أرض بابل فقتل يزيد بن المهلب سنة اثنتين ومائة ثم رجع مسلمة إلى الشام، واستعمل يزيد بن عبد الملك عمر بن هبيرة على العراقين، وتوفي يزيد بأرض حوران في شعبان سنة خمس ومائة وكانت ولايته أربع سنين وشهراً، وبلغ من السن تسعاً وعشرين سنة. وولد يزيد بن عبد الملك ثمانية ذكور منهم: عبد الله ولده سبعة خلفاء أبوه يزيد وأبو يزيد عبد الملك وأبو عبد الملك مروان وأم أبيه عاتكة بنت يزيد بن معاوية وأم عبد الله بن يزيد سعدة ابنة عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان وأم عبد الله بن عمر بن عثمان ابنة عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ومن ولده الوليد بن يزيد كان يكنى أبا العباس وكان ماجناً سفيهاً وولي الخلافة فقتل.
هشام بن عبد الملك
وبويع بعد يزيد بن عبد الملك هشام بن عبد الملك ويكنى أبا الوليد وكان أحول وكان أحزمهم، فعزل عمر بن هبيرة واستعمل على العراق خالد بن عبد الله القسري سنة ست ومائة ثم ولي يوسف بن عمر العراق سنة عشرين ومائة، وفي ولايته قتل زيد بن علي رحمة الله عليه وعلى آبائه الطاهرين قتله يوسف بن عمر سنة إحدى وعشرين ومائة بالكوفة وفي ولايته واقع مسلمة بن عبد الملك وخاقان ملك الترك وبنى الباب سنة ثلاث عشرة ومائة، وتوفي هشام بالرصافة من أرض قنسرين في شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة، وقد بلغ من السن ستاً وخمسين سنة وكانت ولايته عشرين سنة إلا أشهراً. وولد هشام عشرة ذكور، منهم: معاوية غلب ابنه عبد الرحمن على الأندلس ومات بها وولده هناك كثير. ومنهم: سليمان بن هشام أدرك أبا العباس فأمنه وأبقاه وأقعده إلى جنبه. فقال سديف شاعر أبي العباس ومولاه:
لا يغرنك ما ترى من رجال * إن تحت الضلوع داء دويا
فضع السيف وارفع السوط حتى * لا ترى فوق ظهرها أمويا
فقتله أبو العباس. ومنهم: سعيد بن هشام وكانت أمه نصرانية.
الوليد بن يزيد
وبويع بعد هشام الوليد بن يزيد بن عبد الملك ويكنى أبا العباس وكان ماجناً سفيهاً يشرب الخمر ويقطع دهره باللهو والغزل ويقول أشعار المغنين يعمل فيها الألحان فسار إليه يزيد بن الوليد بن عبد الملك فقتله، وكان المتولي لذلك عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك وكان قتله بالبحر، وكانت ولايته سنة وشهرين ونيفاً وعشرين ليلة، وقد بلغ من السن اثنتين وأربعين سنة فولد الوليد الحكم وعثمان ويقال لهما الحمالان وكان بايع لهما فقتلا مع أبيهما.
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ودخل يزيد بن الوليد بن عبد الملك دمشق سنة ست وعشرين ومائة وبويع له، وكان لقبه الناقص لأنه نقص الجند من أرزاقهم، وكان محمود السيرة مرضياً ويكنى أبا خالد واستعمل منصور بن جمهور الكلبي على العراق، فلما بلغ ذلك يوسف بن عمر هرب إلى الشام وتوفي يزيد بن الوليد في ذي الحجة سنة ست وعشرين ومائة وقد بلغ من السن اثنتين وأربعين سنة، وكانت ولايته من مقتل الوليد خمسة أشهر وله عقب كثير. ولما ولي مروان نبش قبره واستخرجه وصلبه.
ويقال: إنه مذكور في الكتب المتقدمة بحسن السيرة والعدل. وفي بعضها: يا مبذر الكنوز يا سجاداً بالأسحار كانت ولايتك رحمة ووفاتك فتنة أخذوك فصلبوك.
إبراهيم بن الوليد
وبويع إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك وعبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بعده فلم يبايعه مروان بن محمد بن مروان بن الحكم وطلب الخلافة لنفسه.
وكان سبب ذلك أن الحكم بن الوليد بن يزيد ولي عهد أبيه، قال وهو محبوس في حبس يزيد ابن الوليد قبل أن يقتل:
ألا ليت كلباً لم تلدنا * فكنا من ولاة آخرينا
أيذهب عامر بدمي وملكي * فلا غثاً أصبت ولا سمينا
فإن أهلك أنا وولي عهدي * فمروان أمير المؤمنينا
وكان أخوه ولي عهده فمن أجل هذا طلب الخلافة وأقبل بأهل الجزيرة وأهل قنسرين وأهل حمص، وبعث إبراهيم بن الوليد سليمان بن هشام في أهل الشام فالتقوا بأرض الغوطة وبويع له بها، وخلع إبراهيم نفسه ودخل في طاعة مروان وبايع له وكان ذلك كله في شهر ونصف، ولما رأى عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك تفرق الناس عنهم، بعث يزيد بن خالد بن عبد الله القسري إلى السجن فقتل يوسف بن عمر وكان يوسف عذب أباه حتى قتله وقتل يزيد أيضاً عثمان والحكم ابني الوليد بن يزيد.
مروان بن محمد بن مروان بن الحكم
وولي مروان سنة سبع وعشرين ومائة وكان يكنى أبا عبد الملك، وخرج عليه الضحاك بن قيس الشاري من شهرزور فيمن بايعه من الخوارج وتوجه إليه، وأقبل مروان يريده فالتقوا بكفر توثا سنة ثمان وعشرين ومائة في صفر فقتل الضحاك وقام مقام الخيبري فاقتتلوا، فهزم مروان، ثم رجع وولى الخوارج شيبان فرجع بأصحابه إلى الموصل وأتبعه مروان ينزل حيث نزل فقاتله شهراً ثم انهزم شيبان، ووجه مروان خلفه عامر بن ضبارة المري واستعمل يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري على العراق فأقبل حتى قدم واسطاً وبها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز مخالفاً لمروان فأخذه وأوثقه وبعث به إلى مروان فلم يزل في حبسه مع ابن له حتى مات في الحبس، ولم يزل مروان في تشتت من أمره واضطراب من النواحي عليه وهو مع ذلك يقيم للناس الحج إلى سنة ثلاثين ومائة فكان ذلك آخر ما أقام بنو أمية للناس حجهم. وظهر أبو مسلم عبد الرحمن بخراسان يدعو إلى بني هاشم وبها نصر بن سيار عامل لبني أمية فواقعه أبو مسلم بجموعه وأقبل نصر هارباً حتى توفي بأرض ساوه من همذان، ولما ضبط أبو مسلم خراسان بعث قحطبة بن شبيب الطائي في جمع كثير قبل أهل العراق وجماعة بها من أصحاب مروان مع يزيد بن عمر بن هبيرة، فكان أول من لقي من جموعهم لبانة بن حنظلة الكلابي فقتله قحطبة وقتل ابنه وفض جمعهم ودخل جرجان وأصاب من أصاب من أهلها في ذي الحجة من سنة ثلاثين ومائة، ثم سار بعد قتل نباته حتى لقي عامر بن ضبارة بجابلتي من أرض أصبهان، فالتقيا في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائة، فقتله قحطبة وفض جمعه، ثم سار قحطبة حتى نزل نهاوند وبها جمع مروان من أهل الشام وأهل خراسان الذين كانوا خرجوا عن خراسان حين ظهر أبو مسلم وغيرهم من أهل العراق، فحاصرهم شهرين ثم افتتحها في هلال ذي الحجة على أن يؤمن من بها من أهل الشام والعراق إلا رهطاً يعدون، ويخلوا بينه وبين أهل خراسان فقتل من بها من أهل خراسان ثم أقبل حتى لقي يزيد بن عمر بفم الزاب من أرض الفلوجة العليا في المحرم سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فالتقوا ساعة ثم انهزم يزيد بن عمر فأقبل حتى دخل واسطاً فتحصنوا بها وقتل تلك الليلة قحطبة، وقيل: إنه غرق ولم يعلم بقتله، ثم ولي الناس بعده الحسن بن قحطبة فسار بهم حتى دخل الكوفة فسلم الأمر إلى أبي سلمة حفص بن سليمان مولى السبيع حي من همذان فولي أبو سلمة أمر الناس ووجه الجيوش إلى ابن هبيرة بواسط وعليهم الحسن بن قحطبة ومعه حازم بن خزيمة ومقاتل بن حكيم في قواد كثير، فحاصروه بها وبعث بسام بن إبراهيم إلى عبد الواحد بن عمر بن هبيرة وكان عامل أخيه على الأهواز، فقاتل حتى فض جمعه ولحق عبد الواحد بمسلم بن قتيبة وهو يومئذ عامل أخيه يزيد بن عمر على البصرة.
أبو العباس السفاح
وبويع أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وأتاه أبو سلمة وبايعه وحمله حتى صلى بالناس الجمعة في مسجد الكوفة الأعظم وأمه ريطة حارثية.
ولما ولي أبو العباس استعمل على الكوفة عمه داود بن علي وبعث جماعة من أهل بيته إلى القواد من أهل خراسان ببيعته واستعمل أخاه أبا جعفر على من بواسط من الناس مع الحسن بن قحطبة، فلم يزل محاصراً ليزيد بن عمر حتى افتتحها صلحاً في شوال سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وكان حصاره تسعة أشهر، ثم قتل أبو جعفر يزيد بن عمر وابنه داود بن يزيد، وكتب أبو العباس إلى عبد الله بن علي يأمره بالمسير إلى مروان، فزحف إليه مروان بمن معه فاقتتلوا، فهزم مروان وفض جمعه واتبعه عبد الله بن علي حتى نزل بنهر أبي فطرس من أرض فلسطين، واجتمعت إليه بنو أمية حين نزل النهر فقتل منهم بضعة وثمانين رجلاً وخرج صالح بن علي بن عبد الله بعد مقتلهم في طلب مروان حتى لحقه في قرية من قرى الفيوم من أرض مصر يقال لها بوصير، فقتله وكان الذي تولى قتله عامر بن إسماعيل من أهل خراسان وكان على مقدمة صالح وذلك في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وكان مروان قد بلغ من السن تسعاً وخمسين سنة وكان له ابنان عبد الله وعبيد الله.
فأما عبيد الله فلا عقب له.
وأما عبد الله فكان أبوه جعله ولي عهده وأخذه أبو جعفر فمات ببغداد وله عقب، ثم تحول أبو العباس من الحيرة إلى الأنبار سنة أربع وثلاثين ومائة وتوفي بها في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، ويقال: إنه ولي الخلافة وهو ابن أربع وعشرين سنة، ويقال: ابن ثمان وعشرين سنة وكانت ولايته أربع سنين وثمانية أشهر منذ بويع، وكان له ابن يقال له محمد مات ببغداد ولم يعقب، وبنت يقال لها ريطة كانت عند المهدي.
عمومة أبي العباس
داود وعيسى وسليمان وصالح وإسماعيل وعبد الصمد ويعقوب وعبد الله هؤلاء جميعاً بنو علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب.
فأما داود فكان خطيباً جميلاً يكنى أبا سليمان وولي مكة والمدينة لأبي العباس وأدرك من دولتهم ثمانية أشهر ومات سنة ثلاث وثلاثين ومائة وله عقب.
وأما عيسى: فكنيته أبو العباس وابنه إسحاق بن عيسى يكنى أبا الحسن ولي المدينة والبصرة ومات عيسى في خلافة المهدي.
وأما إسماعيل: فولي لأبي جعفر فارس والبصرة وابنه أحمد بن إسماعيل ولي فارس والمدينة ومكة ومصر لهارون وله عقب.
وأما عبد الصمد: فيكنى أبا محمد وولي الجزيرة لأبي جعفر وفلسطين ومكة والمدينة والبصرة، وكان أقعد بني هاشم في عصره وهو القعدد بمنزلة عبد الله بن عمرو بن يزيد بن معاوية ومات ببغداد وله عقب.
وأما عبد الله بن علي: فولي الشام لأبي العباس ثم خالف فبعث إليه أبو جعفر أبا مسلم فهزمه ثم حبسه أبو جعفر ومات ببغداد وله عقب، وأمه يزيدية يقال لها هنادة.
وأما يعقوب بن علي: فلا عقب له.
وأما صالح بن علي: فولي الشام لأبي جعفر ومات هناك، ومن ولده عبد الملك بن صالح والفضل وعبد الله وإبراهيم وصالح بن علي هو ترب أبي جعفر ولدا جميعاً في عام واحد.
وأما سليمان بن علي فولي البصرة وعمان والبحرين لأبي جعفر وتوفي بالبصرة سنة اثنتين وأربعين، فولد سليمان جعفراً ومحمداً وعائشة وزينب وأسماء وفاطمة وأم علي وأم الحسن، أمهم أم الحسن بنت جعفر بن حسن بن حسين بن علي بن أبي طالب، وإبراهيم لأم ولد وهارون وموسى لأم ولد وعلياً وعبد الرحمن وريطة وعبد الرحيم أمهم عائشة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما.
وأما سليمان وعبد الله وعبد السلام لأم ولده وعلياً أمه من ولد عامر ملاعب الأسنة، وهو أبو البراء وسعدى ولبابة والعالية لأمهات أولاد.
فأما جعفر بن سليمان فكان يكنى أبا عبد الله ومات بالبصرة وترك من ولده لصلبه ثلاثة وأربعين ابناً وخمساً وثلاثين بنتاً منهم إسحاق بن سليمان ولي الولايات وكان فيه ضعف ومر بقاص وهو يقول: يتجرعه ولا يكاد يسيغه، فقال: اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه. وكل ولد سليمان أعقب إلا علي بن سليمان وعبد الرحمن بن سليمان ومحمد بن سليمان ولي البصرة والكوفة.
أخوة أبي العباس
أبو جعفر المنصور عبد الله وإبراهيم وموسى لأمهات أولاد، ويحيى أمه بنت عبد الله بن الحرث بن نوفل بن عبد المطلب والعباس لأم ولد.
فأما إبراهيم بن محمد بن علي فمات بالشام وولد إبراهيم عبد الوهاب ومحمداً، فولي عبد الوهاب الشام ومات بها وله عقب، وولي محمد مكة والمدينة واليمن والجزيرة ومات ببغداد وله عقب.
وأما موسى بن محمد بن علي فولد عيسى وولي عيسى الأهواز والكوفة ويكنى أبا موسى ومات بالكوفة، وولد عيسى وموسى العباس وإسماعيل وعبيد الله وغيرهم وقد ولوا الولايات.
وأما يحيى بن محمد بن علي فولي الموصل وفارس لأبي جعفر وولد يحيى إبراهيم وهو حج بالناس عام هلك أبو جعفر ولا عقب له وذكر بعض بني هاشم أن يحيى له عقب.
وأما العباس بن محمد فولي الجزيرة لأبي جعفر ويكنى أبا الفضل ومات ببغداد وولد له عبد الله والفضل وغيرهما.
المنصور
وأما عبد الله بن محمد بن علي فهو أبو جعفر المنصور ولي الخلافة وهو ابن اثنتين وأربعين سنة وأمه بربرية اسمها سلامة ومولده بالشراة في ذي الحجة سنة خمس وتسعين، وكان سليمان بن حبيب ضربه بالسياط لسبب وبويع بالأنبار يوم مات أبو العباس، وولي ذلك والإرسال به في الوجوه عيسى بن علي عمه فلقيت أبا جعفر بيعته في الطريق ومضى حتى قدم الأنبار وقدم أبو مسلم عليه فقتله في شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة برومية المدائن وخرج أبو جعفر حاجاً سنة أربعين ومائة وكان أحرم من الحيرة وقد كان قبل خروجه أمر بمسجد الكعبة أن يوسع في سنة تسع وثلاثين، وكانت تلك السنة تدعى عام الخصب، ثم وسعه ووسع مسجد المدينة المهدي سنة ستين ومائة ولما قضى أبو جعفر حجة صدر إلى المدينة فأقام بها ما شاء الله ثم توجه إلى الشام حتى صلى ببيت المقدس ثم انصرف إلى الرقة ثم سلك الفرات حتى نزل المدينة الهاشمية بالكوفة، ثم شخص عنها إلى نهاوند ثم انصرف منها فحضر الموسم سنة أربع وأربعين ومائة، ثم تحول إلى بغداد سنة خمس وأربعين ومائة ولم يلبث إلا يسيراً حتى خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة، فلما بلغه خروجه انحدر مسرعاً إلى الكوفة فوجه الجيوش إلى المدينة مع عيسى بن موسى وعلى مقدمته حميد بن قحطبة فقتل محمد بن عبد الله في شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة، وأخوه إبراهيم بن عبد الله خرج إلى البصرة في أول يوم من شهر رمضان، فلما انتهى إليه قتل أخيه خرج متوجهاً إلى الكوفة وأقبل عيسى بن موسى نحوه فالتقوا بباجمرى من أرض الكوفة، فقتل إبراهيم وأصحابه في سنة خمس وأربعين، ثم خرج أبو جعفر إلى الزوراء وهي بغداد وأتم بناءها واتخذها منزلاً سنة ست وأربعين، وخرج يريد الحج بالناس سنة ثمان وخمسين ومائة فمات لست خلون من ذي الحجة على بئر ميمون وقد بلغ من السن ثلاثاً وستين سنة وشهوراً وكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة وصلى عليه إبراهيم بن يحيى بن علي، وقال الهيثم صلى عليه عيسى بن موسى بن محمد بن علي. وولد أبو جعفر المهدي واسمه محمد وجعفراً أمهما أم موسى بنت منصور الحميرية وصالحاً أمه يقال إنها بنت ملك الصغد وسليمان وعيسى ويعقوب أمهم فاطمة بنت محمد من ولد طلحة بن عبيد الله والعالية أمها من ولد خالد بن أسيد وجعفراً والقاسم وعبد العزيز والعباس.
فأما جعفر فولى الموصل لأبيه ومات ببغداد فولد جعفر إبراهيم وزبيدة وتكنى أم جعفر أمهما سلسبيل أم ولد وجعفر بن جعفر وعيسى بن جعفر وعبيد الله وصالحاً ولبابة.
فأما إبراهيم فلا عقب له.
وأما زبيدة فتزوجها هارون الرشيد.
وأما لبابة فكانت عند موسى الهادي.
وأما عيسى فولي البصرة وكورها وفارس والأهواز واليمامة والسند، ومات بدير بين بغداد وحلوان وكان يكنى أبا موسى وله عقب باق، وأعقب الباقون من ولد أبي جعفر وولوا الولايات وصلوا أيام الموسم بالناس.
المهدي
ولما مات أبو جعفر بايع الناس ابنه المهدي واسمه محمد بمكة وأتاه ببيعته منارة البربري مولاه، وكان المهدي يكنى أبا عبد الله وأمه أم موسى بنت منصور الحميري، واستخلف وهو ابن ثمان وثلاثين سنة وولي عشر سنين وشهراً ومات بقرية يقال لها ألوذ من ماسبنذان في المحرم سنة تسع وستين ومائة وقد بلغ من السن ثمانياً وأربعين سنة وقبر هناك. وولد المهدي موسى وهارون والبانوقة وأمهم الخيزران أم ولد، وعلياً وعبيد الله وأمهما ريطة بنت أبي العباس والعباسة لأم ولد، والعالية ومنصوراً وسليمة أمهم البحترية بنت الأصبهند، ويعقوب وإسحاق لأم ولد وإبراهيم لأم ولد.
فأما البانوقة فماتت صغيرة.
وأما العباسة فزوّجها هارون من محمد بن سليما فمات عنها، فزوجها من إبراهيم بن صالح بن علي.
وأما علي بن المهدي فحج بالناس غير مرة ومات ببغداد وله ولد.
وأما عبيد الله بن المهدي فولي الجزيرة.
وأما منصور بن المهدي فولي فلسطين وغيرها والبصرة وحج بالناس.
موسى الهادي
هو موسى بن المهدي تولى البيعة له أخوه هارون ببغداد وكان بجرجان، وقدم عليه ببيعته نصر مولى المهدي، ثم خرج بالمدينة الحسين بن علي الحسيني فغلب عليها ثم شخص يريد مكة فقتل بفخ على رأس فرسخ من مكة يوم التروية، وكان الذي تولى قتله محمد بن سليمان وموسى بن عيسى والعباس بن محمد، وكانت ولاية موسى سنة وشهراً، ويكنى أبا محمد وأمه الخيزران، وتوفي ببغداد يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة وقد بلغ من السن خمساً وعشرين سنة وولده كثير.
هارون الرشيد
رحمه الله تعالى: هو هارون بن المهدي، بويع له في اليوم الذي توفي فيه موسى ببغداد، وولد له ابنه عبد المأمون في هذا اليوم وكان يكنى أبا جعفر وأمه الخيزران، وكان ينزل الخلد من بغداد في الجانب الغربي، وكان يحيى بن خالد وزيره وابناه الفضل وجعفر ينزلان في رحبة الخلد، ثم ابتنى جعفر قصره بالدور ولم ينزله حتى قتل، وحج هارون بالناس ست حجج آخرها في سنة ست وثمانين ومائة، وحج معه في هذه السنة أبناه ووليا عهده محمد الأمين وعبد الله المأمون، وكتب لكل واحد منهما كتاباً على صاحبه وعلقه في الكعبة، فلما انصرف نزل بالأنبار ثم حج بالناس سنة ثمان وثمانين ومائة، وقتل جعفر بن يحيى بالغمر وهو موضع بقرب الأنبار سنة سبع وثمانين ومائة آخر يوم من المحرم، وبعث بجثته إلى بغداد ولم يزل يحيى وابنه الفضل محبوسين حتى ماتا بالرقة. وخرج في خلافته الوليد بن طريف الشاري وهزم غير عسكر، فوجه إليه يزيد بن مزيد فظفر به وقتله وخرج بعده حراشة الشاري أيضاً، وقتل هارون أنس بن أبي شيخ وهو ابن أخي خالد الحذاء المحدث. وكان أنس صديقاً لجعفر بن يحيى وصلبه بالرقة وكان يرمى بالزندقة وكذا البرامكة كان يرمون بالزندقة إلا أقلهم، وفيهم قال الأصمعي:
إذا ذكر الشرك في مجلس * أضاءت وجوه بني برمك
وإن تليت عندهم آية * أتوا بالأحاديث عن مزدك
وغزا هارون سنة تسعين ومائة الروم، وافتتح هرقلة فظفر ببنت بطريقها فاستخلصها لنفسه، فلما انصرف ظهر رافع بن ليث بن نصر بن سيار بطخارستان مبايناً لعلي بن عيسى، فوجه هرثمة لمحاربته وإشخاص علي بن عيسى إليه، فلما قدم عليه أمر بحبسه واستصفاء أمواله وأموال ولده، وتوجه هارون سنة اثنتين وتسعين ومائة ومعه المأمون نحو خراسان حتى قدم طوس فمرض بها ومات فقبره هناك. وكانت وفاته ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة وقد بلغ من السن سبعاً وأربعين سنة، وكانت ولايته ثلاثاً وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوماً، ومن ولده محمد أمه زبيدة بنت جعفر، والمأمون عبد الله أمه مراجل أمة، والقاسم المؤتمن وصالح وأبو عيسى وأبو إسحاق، والقاسم المعتصم وأبو يعقوب وحمدونة وغيرهم.
محمد الأمين
وبويع الأمين محمد بن هارون بطوس وولي أمر البيعة صالح بن هارون وقدم عليه بها رجاء الخادم للنصف من جمادى الآخرة، فخطب الناس وبويع ببغداد وأخرج من الحبس من كان أبوه حبسه فأخرج عبد الملك بن صالح والحسن بن علي بن عاصم وسلم بن سالم البجلي والهيثم بن عدي، ومات إسماعيل بن علية وكان على مظالم محمد في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة فولي مظالمه محمد بن عبد الأنصاري من ولد أنس بن مالك والقضاء ببغداد، وبعث إلى وكيع بن الجراح فأقدمه بغداد على أن يسند إليه أمراً من أموره فأبى وكيع أن يدخل في شيء وتوجه وكيع إلى مكة في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة ومات في طريقها، واتخذ الفضل بن الربيع وزيراً وإسماعيل بن صبيح كاتباً والعباس بن الفضل بن الربيع حاجباً وأغرى الفضل بينه وبين المأمون فنصب محمد ابنه موسى لولاية العهد بعهده وأخذ له البيعة ولقبه الناطق بالحق سنة أربع وتسعين ومائة، وجعله في حجر علي بن عيسى، وأمر علياً بالتوجه إلى خراسان لمحاربة المأمون في سنة خمس وتسعين ومائة، ووجه المأمون هرثمة من مرو وعلى مقدمته طاهر بن الحسين فالتقى علي بن عيسى وطاهر بالري فاقتتلوا، فقتل علي بن عيسى وجماعة من ولده في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة، فظفر طاهر بجميع ما كان معه من الأموال والعدة والكراع، فوجه محمد عبد الرحمن بن جبلة الأنباري فالتقى هو وطاهر بهمذان فقتله طاهر، ودخل همذان واجتمع هو وهرثمة فأخذ طاهر على الأهواز، وأخذ هرثمة على الجادة طريق حلوان، ووجه الفضل بن سهل زهير بن المسيب على طريق كرمان، فأخذ كرمان ثم دخل البصرة ولما أتى طاهر الأهواز وجد عليها والياً من المهالبة لمحمد فقتله واستولى على الأهواز ثم صار إلى واسط وصار هرثمة إلى حلوان، ووثب الحسين بن علي بن عيسى في جماعة ببغداد فدخل على محمد وهو في الخلد فحبسه في برج من أبراج مدينة أبي جعفر فتقرضت عساكر محمد من جميع الوجوه، وتغيب الفضل بن الربيع يومئذ فلم يرَ له أثر حتى دخل المأمون بغداد فأرسل الحسين بن علي إلى هرثمة وطاهر يحثهما على الدخول إلى بغداد، ووثب أسد الحربي وجماعة فاستخرجوا محمداً وولده واعتذروا إليه وأخذوا الحسين بن علي فأتوه به فعفا عنه بعد أن اعترف بذنبه وتاب منه وأقر أنه مخدوع مغرور وأطلقه، فلما خرج من عنده وعبر الجسر نادى يا مأمون يا منصور، وتوجه نحو هرثمة فتوجهوا في طلبه فأدركوه بقرب نهربين فقتلوه وأتوا محمداً برأسه، وصار هرثمة إلى النهروان ثم زحف إلى نهربين ونزل طاهر باب الأنبار وصار زهير بن المسيب بكلواذا ولم يزالوا في محاربة، وكاتب طاهر القاسم المؤتمن بن هارون، وكان نازلاً في قصر جعفر بن يحيى بالدور وسأله أن يخرج إليه ففعل وسلم القصر إليه ولم يزلا الأمر على محمد حتى لجأ إلى مدينة أبي جعفر وبعث إلى هرثمة إني أخرج إليك الليلة، فلما خرج صار في أيدي أصحاب طاهرفأتوا به طاهراً فقتله من ليلته، فلما أصبح نصب رأسه على باب الحديد، ثم أنزله وبعث به إلى خراسان مع ابن عمه محمد بن الحسن بن مصعب، ودفن جثته في بستان مؤنسة في سنة ثمان وتسعين ومائة.
?عبد الله المأمون
وخلص الأمر للمأمون سنة ثمان وتسعين ومائة، وأمه أمة تسمى مراجل، وكان أبوه حدّه في جارية من جواريه. قال الرقاشي يمدح محمداً ويعرض بالمأمون:
لم تلده أمة تع * رف في السوق التجارا
لا ولا حدّ ولا خا * ن ولا في الجري جارا
وكان أبو السرايا مع هرثمة من أصحابه فمنعوه أرزاقا، فغضب وخرج حتى أتى الأنبار فقتل العامري بها، ثم مضى لا يعرف أين يريد ولا يطلب، ثم قدم علي بن أبي سعيد من قبل الفضل بن سهل فعزل هرثمة وطاهراً وولوا طاهراً على الجزيرة لمحاربة نصر بن شبث، وأقبل الحسن بن سهل من خراسان على العراق ومعه حميد بن عبد الحميد وجمع كثير من القواد، فلما دنا من بغداد خرج طاهر إلى الرقة وتوجه هرثمة يريد خراسان، وقدم الحسن ونزل الشماسية، وظهر بن طباطبا العلوي بالكوفة وانظم إليه أبو السرايا فغلب على الكوفة ووثب العلويون بمكة والمدينة واليمن فغلبوا عليها، فوجه طاهر زهير بن المسيب إلى أهل الكوفة فقاتلهم فهزموه واستباحوا عساكره ورجع إلى بغداد.
وصار طاهر إلى الرقة فالتقى هو نصر بن شبث، فقاتله نصر وأثخن في أصحابه ولم يزل الحرب بينه وبينه حتى ورد المأمون بغداد فقدم عليه ووجه الحسن بن سهل عبدوس بن محمد بن أبي خالد إلى أبي السرايا فالتقوا، فقتل عبدوس أصحابه، وأقبل أهل الكوفة حتى صاروا إلى نهر صرصر وأخذوا واسطاً والبصرة، فبعث الحسن بن سهل السندي ابن شاهك إلى هرثمة وهو بحلوان فرده وبعث به فسار إلى نهر صرصر فكشقهم وأتبعهم فأدركهم بالقرب من قصر ابن هبيرة فواقعهم فقتل منهم خلقاً كثيراً وانهزموا حتى دخلوا الكوفة، ومات أبو طباطبا فنصب أبو السرايا مكانة فتى من العلويين يقال له محمد بن محمد، ولم يزل هرثمة يحاربهم وقد أثخنوا في أصحابه حتى ضعفوا وكاتبوه، وهرب أبو السرايا ومعه العلوي ودخلها هرثمة فأقام بها أياماً ثم استخلف علياً ثم رجع إلى بغداد ومضى إلى خراسان وحارب أهل بغداد الحسن بن سهل ورئيسهم محمد بن أبي خالد المروزي وبنوه عيسى وهارون وأبو زنبيل والحسن بالمدائن، وصار الناس فوضى لا أمير عليهم، فخرج سهل بن سلامة والمطوعة وبعث المأمون إلى علي بن موسى الذي يدعى الرضى فحمله إلى خراسان فبايع له بولاية العهد بعده وأمر الناس بلباس الخضرة، وصار أهل بغداد إلى إبراهيم بن المهدي فبايعوه بيعة الخلافة فخرج إلى الحسن بن سهل فألحقه بواسط وأقام إبراهيم بالمدائن، ثم وجه الحسن علي بن هشام وحميداً الطوسي فاقتتلوا فهزمهم حميد وجلس علي بن عيسى مكان سهل بن سلامة وأمره بالمعروف، فاحتال حتى خذل من معه وظفر به ودفعه إلى إبراهيم بن المهدي فغيبه عنده ولم يعرف خبره حتى قرب المأمون من بغداد.
ووجه الحسن بن سهل هارون بن المسيب إلى الحجاز لقتال العلوية فاقتتلوا فهزمهم هارون بن المسيب وظفر بمحمد بن جعفر فحماه إلى المأمون مع عدة من أهل بيته، فلم يرجع أحد منهم ومات الرضي بخراسان ولمل صار هرثمة إلى خراسان جرى بينه وبين الفضل بن سهل كلام بين يدي المأمون، فامر بسجنه فحبس في قبة في دار المأمون فمكث فيها أياماً ثم أخرج ميتاً فلف في خيشة ودفن في خندق كان لأهل السجن بمرو.
فلما بلغ حاتم بن هرثمة وهو على أرمينية ما صنع أبوه كاتب الأحرار هناك والملوك ودعاهم إلى الخلاف، فبينما هو على ذلك أتاه الموت.
فيقال: إن سبب خروج بابك كان ذاك، فمكث بابك نيفاً وعشرين سنة وكان أبو إسحاق المعتصم مع الحسن بن سهل فهرب إلى إبراهيم بن المهدي وكان يقاتل مع الحسن وأصحابه، ثم التقى هو ومهدي الشاري سنة ثلاث ومائتين فانهزم أبو إسحاق إلى بغداد، ولم تزل الحرب بين أهل بغداد وبين الحسن بن سهل حتى ظفر بهم الحسن وأسر منهم خلقاً وحملهم إلى خراسان مع أحمد بن أبي خالد فوافى خراسان وقد قتل الفضل بن سهل بسرخس في سنة ثلاث ومائتين، فاتخذه المأمون وزيراً مكان الفضل واستخلف على خراسان غسان بن عباد.
وأقبل المأمون إلى بغداد فلما قرب منها ظفر إبراهيم بن المهدي بسهل بن سلامة، وقال له: ادع الناس إلى محاربة المأمون ففعل ذلك ثم توارى إبراهيم ودخل المأمون بغداد يوم السبت لأربع ليال خلون من صفر سنة أربع ومائتين وعليه الخضرة، فأحسن السيرة وتفقد أمور الناس وقعد لهم ثم أصابت الناس المجاعة ووجه إلى بابك يحيى بن معاذ، وشبيباً البلخي إلى نصر بن شبث فهزم يحيى وشبيب، ووجه خالد بن يزيد بن مزيد إلى مصر لمحاربة عبيد بن السري فظفر به عبيد وأخذه أسيراً فعفا عنه وعمن أسره من أصحابه وأطلقه، ثم وجه المأمون عبد الله بن طاهر لمحاربة نصر بن شبث والزواقيل سنة سبع ومائتين، وفيها مات طاهر أبوه، واستأمن ابن السري فأمنه وأشخصه إلى بغداد وظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي سنة عشر ومائتين فأمنه ونادمه، وفي هذه السنة بنى ببوران وبعث المأمون إلى محمد بن علي بن موسى وهو ابن الرضي فأقدمه فزوجه ابنته وأذن له في حملها إلى المدينة، فحملها ووجه محمد بن حميد لقتال بابك فالتقوا، فقتل محمد بن حميد سنة أربع عشرة ومائتين وعقد لعبد الله بن طاهر وهو بالدينور من أرض الجبل أن يتوجه إلى خراسان، وبعث علي بن هشام لمحاربة بابك، ثم توجه المأمون إلى طرسوس في المحرم سنة خمس عشرة ومائتين فغزا الروم وافتتح حصن قرة وخرشنة وصملة، ثم انصرف إلى دمشق ثم مضى إلى مصر ثم عاد إلى دمشق ثم توجه إلى الروم سنة سبع عشرة ومائتين، وفي هذه السنة قدم عليه عجيف بعلي بن هشام فقتله وأخاه وفيها مات عمرو بن سعيد بأذنة، وفيها فتحت لؤلؤة وأمر ببناء طوانة، ثم عاد المأمون فصار إلى الرقة ثم عاد إلى بلاد الروم فمات على نهر البذندون لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين، فحمل إلى طرسوس ودفن بها وكانت خلافته منذ قتل محمد عشرين سنة وعقبه كثير.
محمد المعتصم
وهو محمد بن هارون كنيته أبو إسحاق وأمه ماردة أمة، وكان أبو إسحاق مع أخيه حين توفي في بلاد الروم، والعباس بن المأمون، فأراد الناس أن يبايعوا للعباس فأبى العباس وسلم إلى أبي إسحاق الأمر فتوجه أبو إسحاق نحو بغداد مسرعاً خوفاً على نفسه من جماعة من القواد كانوا هموا به فوردها مستهل شهر رمضان سنة ثماني عشرة ومائتين فأقام بها سنتين ثم مضى إلى سر من رأى سنة عشرين ومائتين بعد الفطر بأتراكه، فابتنى فيها واتخذها داراً ومعسكراً، ونزلت الروم زبطرة فتوجه أبو إسحاق غازياً في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ففتح عمورية في شهر رمضان من هذه السنة ثم أقبل منصرفاً وأوقع بالعباس بن المأمون وبعجيف في طريقه، ووافى سر من رأى في ذي الحجة من تلك السنة وتوفي إبراهيم بن المهدي بسر من رأى، وفي شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائتين وصلب الأفشين سنة ست وعشرين ومائتين وتوفي أبو إسحاق لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين وكانت خلافته ثماني سنين وثمانية أشهر، وفي هذا الشهر توفي بشر بن الحرث الزاهد.
هارون الواثق بالله
بن أبي إسحاق:
وبويع لهارون الواثق بالله يوم قبض أبوه، وأمه قراطيس أمة وماتت بالحيرة وهي تريد مكة، وقتل أحمد بن نصر بالمجنة لليلتين بقيتا من شعبان سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وتوفي هارون يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وأياماً.
جعفر المتوكل على الله
بن أبي إسحاق:
وبويع لجعفر يوم توفي الواثق وأمه شجاع أمة، وأخذ البيعة لولده الثلاثة محمد المنتصر وأبي عبد الله المعتز وإبراهيم المؤيد في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومائتين وقتل سنة سبع وأربعين ومائتين بعد الفطر بثلاثة أيام، وبويع للمنتصر ابنه محمد بن جعفر وتوفي بعد ستة أشهر.
أحمد المستعين بالله
ثم بويع أحمد بن محمد بن أبي إسحاق المعتصم بعده وخلع في آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين وقتل سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
المعتز بالله
وهو الزبير بن جعفر وجددت البيعة للمعتز سنة اثنتين وخمسين ومائتين وقتل في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين.
محمد المهدي
ثم استخلف محمد بن هارون الواثق المهتدي سنة خمس وخمسين ومائتين وقتل في رجب سنة ست وخمسين ومائتين.
المعتمد على الله
أحمد بن جعفر المتوكل:
ثم استخلف أحمد بن جعفر المعتمد على الله ويكنى أبا العباس وأمه أم ولد يقال لها فتيان، وبويع يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، ويقال: إنه ولي وله خمس وعشرون سنة.
الأشراف وأصحاب السلطان
والخارجين عليهم
عبد الله بن مطيع بن الأسود
من بني عويج بن عدي بن كعب رهط عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان أبوه مطيع يسمى العاصي فسماه النبي صلى الله عليه وسلم مطيعاً وكان عبد الله على قريش يوم الحرة ففر ثم سار مع ابن الزبير بمكة فقاتل وهو يقول:
أنا الذي فررت يوم الحرة * فاليوم أجزى كرة بفرة
وهل يفر الشيخ إلا مرة
فلم يزل يقاتل حتى قتل ابن الزبير وخرج هو فمات من جراحه بمكة فصلى عليه الحجاج، وقال: اللهم هذا عدو الله ابن مطيع كان موالياً لأعدائك معادياً لأوليائك فاملأ عليه قبره ناراً، وكان الشعبي كاتب عبد الله بن مطيع.
الحجاج بن يوسف الثقفي
هو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب من الأحلاف الثقفي، وكان الحكم جده وله يوسف ويحيى وأيوب ومحمداً وسليمان.
فأما يوسف فولي لعبد الملك بعض الولاية وكان معه بعض الألوية يوم قاتل الحتيف بن السجف جيش ابن دلجة فانهزم، فقال يوسف بن توسعة العبدي:
ونجى يوسف الثقفي ركض * دراك بعدما سقط اللواء
ولو أدركنه لقضين نحبا * به ولكل مخطاة وقاء
فمات يوسف والحجاج على المدينة فنعاه على المنبر. فولد يوسف الحجاج ومحمداً وزينب.
فأما محمد بن يوسف فولاه عبد الملك اليمن فلم يزل والياً حتى مات بها، فولد محمد بن يوسف: يوسف بن محمد ومصعب بن محمد وعمر بن محمد وأم الحجاج.
فأما يوسف بن محمد فولاه الوليد بن يزيد خلافته.
وأما عمر فكان تائهاً متكبراً، فقال الوليد لأشعب إن أضحكته فلك خلعتي، فلم يزل يحدثه حتى أضحكه فأخذ خلعة الوليد.
وأما أم الحجاج فهي أم الوليد بن يزيد بن عبد الملك وعقب محمد بن يوسف بالشام.
وأما الحجاج بن يوسف فكان يكنى أبا محمد، وكان أخفش دقيق الصوت، وأول ولاية وليها تبالة فلما رآها احتقرها وانصرف. فقيل في المثل: أهون من تبالة على الحجاج وولي شرط أبان بن مروان في بعض ولايات أبان، فلما خرج ابن الزبير وقوتل زماناً قال الحجاج لعبد الملك: إني رأيت في منامي كأني أسلخ عبد الله بن الزبير، فوجهني إليه فوجهه في ألف رجل وأمره أن ينزل الطائف حتى يأتيه رأيه،ثم كتب إليه لقتاله وأمره فحاصره حتى قتله ثم أخرجه فصلبه، وذلك في سنة ثلاث وسبعين، فولاه عبد الملك الحجاز ثلاث سنين فكان يصلي بالموسم كل سنة ثم ولاه العراق وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة فوليها عشرين سنة وأصلحها وذلل أهلها.
وروى: أبو اليمان عن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن سمرة عن أبي عذبة الحضرمي، قال: قدمت على عمر بن الخطاب رابع أربعة من أهل الشام ونحن حجاج، فينا نحن عنده أتاه خبر من العراق بأنهم قد حصبوا إمامهم، فخرج إلى الصلاة ثم قال: من ههنا من أهل الشام? فقمت أنا وأصحابي فقال: يا أهل الشام تجهزوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ، ثم قال: اللهم إنهم قد لبسوا علي فالبس عليهم، اللهم عجل لهم الغلام الثقفي الذي يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم، ولما حضرته الوفاة قال للمنجم، هل ترى ملكاً يموت? قال: نعم ولست به أرى ملكاً يموت يسمى كليباً. قال: أنا والله كليب بذلك كانت أمي سمتني، فاستخلف على الخراج يزيد بن أبي مسلم وعلى الحرب يزيد بن أبي كبشة، وأمر ابنه عبد الملك بن الحجاج أن يصلي بالناس، وهلك بواسط فدفن بها وعفي قبره وأجري عليه الماء، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين في شهر رمضان. فولد الحجاج محمداً وأباناً وعبد الملك والوليد وجارية، فمات محمد في حياة أبيه وعقبه بدمشق، وعقب عبد الملك بالبصرة، ولا عقب لأبان ولا للوليد.
يوسف بن عمر
هو يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود ابن عم الحجاج بن يوسف، يجمعه وإياه الحكم بن أبي عقيل وكان يكنى أبا عبد الله، ولي اليمن لهشام ثم ولاه العراق ومحاسبة خالد بن عبد الله القسري وعماله فعذبهم، فمات خالد في عذابه، ومات بلال بن أبي بردة في عذابه، فلما قتل الوليد هرب فلحق بالشام فأخذ بالشام وحبس، ثم قتل في الحبس، وكان يزيد بن خالد بن عبد الله فيمن قتله بأبيه وعقبه بالشام.
خالد بن عبد الله القسري
هو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثم القسري، وكان يزيد بن أسد جده وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ونزل بالشام ثم اشترى خالد بن عبد الله، لما ولي العراق خططا بالكوفة وابتنى بها وله بها عقب وعدد، وكانت أمه نصرانية وكان جده يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً رواه خالد.
ذكر هشيم عن سيار بن أبي الحكم. قال: سمعت خالد بن عبد الله القسري يقول: حدثني أبي عن جدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا يزيد بن أسد أحبب للناس الذي تحب لنفسك".
المهلب بن أبي صفرة
هو المهلب بن أبي صفرة، وأبو صفرة ظالم بن سراق من أزد دبا ودبا فيما بين عمان والبحرين.
قال الواقدي: كان أهل دبا أسلموا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتدوا بعده ومنعوا الصدقة، فوجه إليهم أبو بكر عكرمة بن أبي جهل فقاتلهم فهزمهم وأثخن فيهم القتل وتحصن فلهم في حصن لهم، وحصرهم المسلمون ثم نزلوا على حكم حذيفة فقتل مائة من أشرافهم وسبى ذراريهم وبعث بهم إلى أبي بكر وفيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ، فأعتقه عمر وقال: اذهبوا حيث شئتم فتفرقوا فكان أبو صفرة ممن نزل البصرة، وكان المهلب يكنى أبا سعيد وكان من أشجع الناس وحمى البصرة من الشراة بعد جلاء أهلها عنها، إلا من كانت به قوة فهي تسمى بصرة المهلب، ولم يكن يعاب إلا بالكذب، وفيه قيل: رائج يكذب.
وكان ولي خراسان فعمل عليها خمس سنين ومات بمرو الرود سنة ثلاث وثمانين واستخلف ابنه يزيد بن المهلب، ويزيد ابن ثلاثين سنة، فعزله عبد الملك بن مروان برأي الحجاج ومشورته وولي قتيبة بن مسلم وصار يزيد في يد الحجاج فعذبه، فهرب من حبسه إلى الشام يريد سليمان فأتاه فشفع له إلى الوليد بن عبد الملك فأمنه وكف عنه، ثم ولاه سليمان خراسان حين أفضت إليه الخلافة فافتتح جرجان ودهستان. وأقبل يريد العراق فتلقاه موت سليمان بن عبد الملك فصار إلى البصرة فأخذه عدي بن أرطاة فأوثقه وبعث به إلى عمر بن عبد العزيز فحبسه عمر، فهرب من حبسه وأتى البصرة، ومات عمر، فخالف يزيد بن عبد الملك فوجه إليه مسلمة فقتله ولحق فل آل المهلب بنواحي كرمان وقندابيل، وكان ابنه مخلد بن يزيد سيداً شريفاً على حداثته يقدم على أبيه ويقال: إنه وقع إلى الأرض، من صلب المهلب ثلثمائة ولد.
المختار بن أبي عبيدة
هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمر، والثقفي من الأحلاف، ويقال: إن مسعوداً جده هو عظيم القريتين فولد مسعود سعداً وأبا عبيد، فكان سعد عامل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه على المدائن، وله عقب بالكوفة.
وأما أبو عبيد فولاه عمر بن الخطاب جيشاً فيهم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقي خرزاد الحاجب بقس الناطف من الكوفة وهو على فيل، فضرب أبو عبيد الفيل فوقع عليه الفيل فمات فولد أبو عبي المختار وصفية وجبراً وأسيداً.
فأما جبر فقتل مع أبيه يوم الفيل ولا عقب له.
وأما صفية فكانت تحت عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وأما المختار فغلب على الكوفة زمن مصعب بن الزبير، وكان يزعم أن جبرائيل يأتيه، وتتبع قتلة الحسين رضي الله عنه وقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص وابنه حفص بن عمر، وقتل شمر بن ذي الجوشن الضبابي، ووجه إبراهيم بن الشتر فقتل عبيد الله بن زياد وغيره.
وخرج نفر من أهل الكوفة فقدموا البصرة يستغيثون بهم ويستنصرونهم على المختار، فخرج أهل البصرة مع مصعب فقاتلوه بالكوفة، فقتل المختار عبيد الله بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو لا يعرف في عسكر مصعب، ومحمد بن الأشعث بن قيس، ثم ظفر بالمختار فقتل، قتله صراف بن يزيد الحنفي وكانت ابنة سمرة بن جندب تحته وله منها ابنان إسحاق ومحمد، ومن غيرها بنون وعقبه بالكوفة كثير.
بنو صوحان
هم زيد بن صوحان، وصعصعة بن صوحان، وسيحان بن صوحان من بني عبد القيس.
فأما زيد فكان من خيار الناس وروي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: زيد الخير الأجذم وجندب ما جندب. فقيل: يا رسول الله! أتذكر رجلين? فقال: أما أحدهما فسبقته يده إلى الجنة بثلاثين عاماً، وأما الآخر فيضرب ضربة يفصل بها بين الحق والباطل. فكان أحد الرجلين زيد بن صوحان شهد يوم جلولاء فقطعت يده وشهد مع علي يوم الجم، فقال: يا أمير المؤمنين! ما أراني إلا مقتولاً. قال: وما علمك بذلك يا أبا سليمان? قال: رأيت يدي نزلت من السماء وهي تستشيلي، فقتله عمرو بن يثربي وقتل أخاه سيحان يوم الجمل.
وأما الآخر فهو جندب بن زهير الغاضري ضرب ساحراً كان يلعب بين يدي الوليد بن عقبة فقتله. وكان صعصعة بن صوحان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم الجمل، وكان من أخطب الناس.
مصقلة بن هبيرة
هو من بني شيبان، وكان مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ثم هرب إلى معاوية فهدم على داره، وقال مصقلة حين فارقه:
قضى وطراً منها عليّ فأصبحت * أمارته فينا أحاديث راكب
ثم بعث مصقلة رجلاً نصرانياً ليحمل عياله من الكوفة، فأخذه علي فقطع يده وولاه معاوية طبرستان فمات بها، فيقال في المثل حتى يرجع مصقلة من كبرستان، وله عقب بالكوفة ودار بالبصرة.
مصقلة بن رقبة
من عبد القيس أمه جرمقانية، وكان أخطب الناس زمن الحجاج وبعده، فولد مصقلة كرزاً ورقبة وكانا خاطبين، وكانت لكرز خطبة يقال لها العجوز.
خالد بن صفوان
هو خالد بن صفوان بن عبد الله بن الأهتم، واسمه سنان بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد بن تميم، وسمي سنان الأهتم لأن قيس بن عاصم المنقري ضربه بقوسه فهتم فمه، وكان صفوان أبو خالد ولي رياسة بني تميم أيام مسعود، وكان خطيباً وشهد لحسن وصيته فأوصى بمائة ألف درهم وعشرين ألفاً، وقال: أعددتها لعض الزمان وجفوة السلطان ومباهاة العشيرة، فقال الحسن: خلفتها لمن لا يحمدك، وتقدم على من لا يعذرك. ومات بالبصرة وعمر ابنه خالد إلى أن حادث أبا العباس، وكان لسناً بيناً خطيباً بخيلاً مطلاقاً وهو القائل: أربع لا يطمع فيهن عندي: القرض والفرض والهرس وأن أسعى مع أحد في حاجة. قيل له: وما يصنع بك بعد هذه يا أبا صفوان? فقال: الماء البارد. وحديث: لا ينادي وليده وكان يقول: ما من ليلة أحب إلي من ليلة قد طلقت فيها نسائي، فأرجع والستور قد قلعت ومتاع البيت قد نقل، فتبعث إلي بنتي بسليلة فيها طعامي وتبعث إلي الأخرى بفراشي أنام عليه. ومن رهطه شبيب بن شيبة الخطيب.
ابن القرية
هو أيوب بن زيد بن قيس، والقرية أمه وهو من بني هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عامر، وكان لسناً خطيباً، وكان مع الحجاج فقتله لسبب اتهمه فيه بميل إلى ابن الأشعث.
مسيلمة الكذاب
هو مسيلمة بن حبيب من حنيفة بن لجيم ويكنى أبا ثمامة، وكان صاحب نيرنجات، وهو أول من أدخل البيضة في قرورة، وأول من وصل جناح المقصوص من الطير، فاتبعه على ذلك خلق، وقال بعض شعراء بني حنيفة يرثيه:
لهفي عليك أبا ثمامة * لهفي على ركني شهامه
كم آية لك فيهم * كالشمس تطلع من غمامه
ولا عقب له.
سجاح التي تنبأت
هي من بن بني يربوع: وكان يقال لها صادر، وتزوجها مسيلمة واتبعها قوم من بني تميم، وقال عطارد بن حاجب بن زرارة:
أمست نبيتنا أنثى نطيف بها * وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
وكان مؤذنها زهير بن عمرو من بني سليط بن يربوع، ويقال: إن شبث بن ربعي أذن لها أيضاً.
قتيبة بن مسلم الباهلي
ويكنى أبا حفص
هو قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن أسيد بن زيد بن قضاعي من بني هلال بن عمرو من باهلة، وكان مسلم بن عمرو عظيم القدر عند يزيد بن معاوية ويكنى أبا صالح، وفيه يقول الشاعر:
إذا ما قريش خلا ملكها * فإن الخلافة في باهله
لرب الحرون أبي صالح * وما تلك بالسنة العادله
والحرون فرسه، فولد مسلم بشاراً وزياداً وعبد الكريم وقتيبة وعبد الله وصالحاً وعبد الرحمن وحماداً وزريقاً وضراراً وعمراً ومعبداً والحصين.
فأما بشار فكان أكبرهم وهو صاحب نهر بشار، وكان سيد ولد مسلم حتى سبق عليه قتيبة، ولبشار عقب.
وأما زياد بن مسلم فقتل مع قتيبة بخراسان وله عقب، ولعبد الكريم عقب بالبصرة.
وأما قتيبة بن مسلم فكان على خراسان عاملاً للحجاج ومن قبل ذلك على الري، ثم خلع فقتل بفرغانة سنة سبع وتسعين وهو ابن خمس وأربعين سنة، قتله وكيع وسمرقند وبخارى، وقد كانوا كفروا، فولد قتيبة مسلم بن قتيبة وقطن بن قتيبة وكثيراً والحجاج وعبد الرحمن وسلماً وصالحاً وعمراً ويوسف وغيرهم.
فأما سلم فولي البصرة مرتين: مرة لابن هبيرة، ومرة لأبي جعفر وكان سيد قومه، ومات بالري وكنيته أبو قتيبة، فولد سلم جماعة منهم: سعيد بن سلم ولي أرمينية والموصل والسند وطبرستان وسجستان والجزيرة وولده كثير.
وأما إبراهيم بن سلم فولي اليمن لموسى وولي عمر بن سلم الري وبلخ وولي كثير بن سلم سجستان.
وأما قطن بن قتيبة بن مسلم فكان على سمرقند وغيرها من كور خراسان وله هناك عقب، وجميع ولد قتيبة سراة لهم أعقاب.
وأما عبد الله بن مسلم بن عمرو فقتل مع أخيه قتيبة، ومن ولده المسور بن عبد الله وله عقب كثير، وقتل معبد بن مسلم أيضاً وله عقب، للحصين ابن مسلم عقب بالبصرة. وعمرو بن مسلم كان شجاعاً يلي الولايات لقتيبة وعدي بن أرطأة وعقبه كثير.
عمر بن هبيرة الفزاري
هو عمر بن هبيرة بن سعد بن عدي بن فزارة وجده من قبل أمه كعب بن حسان بن شهاب رأس بني عدي في زمانه، وفي منزله احتلفت الرباب، ولي العراقين ليزيد بن عبد الملك ست سنين وكان يكنى أبا المثنى، وفيه يقول الفرزدق ليزيد:
أوليت العراق ورافديه * فزارياً أحذيد القميص
تفتق بالعراق أبو المثنى * وعلم قومه أكل الخبيص
رافده دجلة والفرات، وقله: أحذيد القميص يريد أنه خفيف اليد نسبه إلى الخيانة، وكانت حبابة جارية يزيد بن عبد الملك سبيه في ولاية العراقين، وكانت تدعوه أبي ومات بالشام فولد عمر يزيد بن عمر وسفيان وعبد الواحد.
فأما يزيد فولى العراقين لمروان بن محمد خمس سنين، وكان شريفاً يقسم على زواره في كل شهر خمسمائة ألف ويعشي كل ليلة من شهر رمضان ثم يقضي للناس عشر حوائج لا يجلسون بها، وكان جميل المرآة عظيم الخطر وأمه سندية، فولد يزيد المثنى ومخلداً.
فأما المثنى فولي اليمامة لأبيه وقتله أبو حماد المروزي بالبادية.
وأما مخلد فكان شريف الولد، ولهم بالشام قدر وعدد، وكان ليزيد ابن يقال له داود وقتل مع يزيد أبيه، وكان أبو جعفر المنصور حصر يزيد بواسط شهوراً ثم أمنه وافتتح البلد صلحاً، وركب يزيد إليه في أهل بيته فكان يقول أبو جعفر: لا يعز ملك هذا فيه، ثم قتله.
نصر بن سيار
هو نصر بن سيار بن رافع من بني جندع بن ليث بن كنانة وهم راهط عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، وكان سيار بن رافع مع مصعب بن الزبير فسرق عيبة، فقطع عبد الرحمن بن سمرة يده، فكان يقال له: الأقطع، وكان ابنه نصر يكنى أبا الليث ولاه هشام بن عبد الملك خراسان فلم يزل والياً عليها عشر سنين حتى وقعت الفتنة فخرج يريد العراق فمات في الطريق بناحية ساوه، وله عقب ذو عدد.
مرداس وعروة ابنا أدية
هما مرداس وعروة ابنا عمر بن جدير من ربيعة بن حنظلة، وأدية جدة لهما من محارب نسبا إليها، ويقال: بل كانت ظئراً لهما، وكان مرداس أبا بلال وهو رأس كل حروري، وكان عبيد الله بن زياد وجه إليه عباد بن علقمة المازني فقتله بتوج فقال عمران بن حطان الخارجي يذكره:
أنكرت بعدك من قد كنت أعرفه * ما الناس بعدك يا مرداس بالناس
وأما عروة فهو أول من حكم بصفين، وأخذه عبيد الله بن زياد فقتله في مقبرة بن حصن بالبصرة، ولا عقب لمرداس إنما العقب لعروة.
شبيب الخارجي
هو شبيب بن يزيد بن نعيم من شيبان ويكنى أبا الصحارى، وكان مع صالح بن مسرح رأس الصفرية فمات بالموصل فأوصى إلى شبيب وقبر صالح هنالك لا يخرج أحد منهم إلا حلق رأسه عند قبره، فخرج شبيب بالموصل وبعث إليه الحجاج خمسة قواد فقتلهم واحداً بعد واحد منهم: موسى بن طلحة بن عبيد الله وخرج من الموصل يريد الكوفة، وخرج الحجاج من البصرة يريد الكوفة، وطمع شبيب أن يلقاه قبل أن يصل إلى الكوفة فأقحم الحجاج، خيله الكوفة فدخل قبله، ومر شبيب بعتاب بن ورقاء فقتله شبيب، ومر بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث فهرب منه وقدم الكوفة فلم يصل إلى الحجاج، ثم خرج يريد الأهواز فغرق في دجيل وهو يقول ذلك تقدير العزيز العليم. وغزالة التي طلبت الحجاج هي امرأته وهو منهزم، قال الشاعر في الحجاج:
أسد عليّ وفي الحروب نعامة * فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا كررت على غزالة في الوغى * بل كان قلبك في جناحي طائر
قال أبو محمد: حدثني سهل بن محمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثني العباس بن محمد الهاشمي، قال: حدثني من رأى شبيباً دخل مسجد وعليه جبة طيالسية عليها نقط من أثر مطر وهو طويل أشمط جعد آدم فجعل يرتج له.
قطري بن الفجاءة الخارجي
هو من كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وكان يكنى أبا نعامة، وخرج زمن مصعب بن الزبير فبقي عشرين سنة يقاتل ويسلم عليه بالخلافة، فوجه إليه الحجاج جيشاً بعد جيش وكان آخرهم سفيان بن الأبرد الكلبي فقتله، وكان المتولي لذلك سورة بن أبجر الدارمي، ولا عقب لقطري.
الضحاك بن قيس الفهري
هو الضحاك بن قيس بن ثعلبة بن محارب بن فهر، استعمله معاوية على الكوفة بعد زياد ثم صار بعد ذلك مع عبد الله بن الزبي، فقاتل مروان بن الحكم يوم المرج وهو على قيس كلها فقتله مروان، فهو يوم مرج راهط، وكان ابنة عبد الرحمن بن الضحاك عاملاً ليزيد بن عبد الملك على المدينة.
الضحاك بن سفيان الكلابي
وهذا آخر وهو رجل من بني أربي بكر بن كلاب، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على بني سليم.
الضحاك بن قيس الخارجي
الشيباني
وهو آخر من كان خرج من ناحية الجزيرة في جمع من الخوارج حتى أتى الكوفة وبها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز عاملاً عليها، فحاربه عنها فهزمه الضحاك وظفر بالكوفة ثم سار إلى مروان بن محمد وأقبل مروان إليه فالتقيا بكفر توفا سنة ثمان وعشرين ومائة في صفر، فقتل الضحاك وخلف مكانه الخيبري فاقتتلوا، فهزم مروان، ثم رجع مروان وولي الخوارج شيبان فرجع بأصحابه إلى الموصل واتبعه مروان فقاتله شهراً ثم انهزم شيبان ووجه مروان في طلبه عامر بن ضبارة المري.
المسيب بن زهير الضبي
هو من ولد ضرار بن عمرو، وبنو ضرار من سادة ضبة، وكان على شرط أبي جعفر، وولاه المهدي خراسان وولي شرطة موسى، وابنه عبد الله بن المسيب ولي مصر وفارس والجزيرة، ومحمد بن المسيب ولي شرطة محمد الأمين، والعباس بن المسيب ولي شرطة المأمون، وزهير بن المسيب ولي كرمان لهارون، وكان للمسيب بن زهير أخ يقال له عمرو بن زهير ولي لأبي جعفر الكوفة.
يزيد بن مزيد الشيباني
هو يزيد بن مزيد بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مطر بن شريك بن عمرو الشيباني، وكان زائدة أعرج والحوفزان بن شريك أعرج، ومعن بن زائدة هو عم يزيد بن مزيد، وكان معن أجود العرب، وكان يقال: حدث عن معن ولا حرج، وكان مزيد يكنى أبا داود وقال فيه أخوه معن بن زائدة:
لا تسألن أبا داود خلعته * عول على مزيد في الخبز واللبن
وبالنبيذ إذا ما بحته عزرت * فإنه بقرى الأضياف مرتهن
وكان سخياً على الطعام بخيلاً بغيره، وكان معن يكنى أبا الوليد ويزيد هو قتل خراشة الخارجي والوليد بن طريف الشاري وولي أرمينية وابنه محمد بن يزيد بعده، وهو ابن عشرين سنة، وشبيب الخارجي من رهطه.
عباد بن حصين الحنظلي
كان يكنى أبا جهضم وكان فارس بني تميم وولي شرطة البصرة أيام ابن الزبير، وكان مع مصعب أيام قتل المختار، وكان مع عمر بن عبد الله بن معمر على بني تميم أيام أبي فديك وأبلى يومئذ ما لم يبله أحد، وشهد فتح كابل مع عبد الله بن عامر فقال الحسن: ما كنت أرى أن أحداً يعدل بألف فارس حتى رأيت عباداً، وأدرك فتنة ابن الأشعث وهو شيخ مفلوج، فأشار عليه بأشياء، فخاف الحجاج فهرب نحو كابل فقتله العدو هناك، وكان ابنه جهضم مع ابن الأشعث فقتله الحجاج وابن ابنه المسور بن عمر بن عباد سيد بني تميم في زمانه ورأسهم في فتنة ابن سهيل، وفيه يقول الراجز:
أنت لها يا مسور بن عباد * إذا انتضين من جفون الأغماد
عتاب بن ورقاء الرياحي
كان يكنى أبا ورقاء، وكان من أجود العرب وكان الفرخان صاحب الري كفر فوجه إليه عتاب فقتله وفتح الري وولي أصبهان في فتنة ابن الزبير، ووجهه الحجاج على جيش أهل الكوفة في قتال الأزارقة، ووجهه المهلب على جيش أهل البصرة في قتالهم وولي المدائن وناحيتها وبيته شبيب، فتفرق عنه جيشه فقتل وكان ابنه خالد جواداً مر به طلحة الطلحات مقبلاً من سجستان وهو على الري، فأهدى إليه واستهداه شهداً فحمل إليه سبعمائة ألف درهم وكتب إليه: قد بعثت إليك ثمن الشهد، والشهد لم يكن في بيت المال أكثر منه. وكتب الحجاج: إنك هربت من أبيك ليلة شبيب فكتب إليه: قد علم من رأى أني لم أهرب، ولكنك وأباك هربتما يوم الربذة من الحتيف بن السجف وأنتما على بعير بقتب، فلله أبوك أيكما كان ردف صاحبه، ثم أتى عبد الملك بن مروان خوفاً من الحجاج فلم يزل مقيماً عنده حتى مات.
وكيع بن حسان بن قيس بن سود
وكان يكنى أبا مطرف، وكان سيد بن تميم وافترض مع سلم بن زياد فجعل مكتبه بسجستان، وولي عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن سجستان فغضب على وكيع في شيء فأخذه فحبسه، فمر بوكيع ابن لعبد العزيز مع ظئر له، فدعا به فأخذه ودعا بسكين فقال: والله لأذبحنه أو لتخلين عني فبلغ ذلك عبد العزيز فأتاه، فقال: خل عنه ونؤمنك. فقال: لا، والله حتى يجيء عشرة من بني تميم فتضمن لهم ثم يكونون هم الذين يطلقون عني. ففعل ذلك، ثم تحول وكيع إلى خراسان فكان رأساً، فكتب الحجاج إلى قتيبة يأمره بقتله، وكان وكيع قد أبلى بلاءً حسناً مع قتيبة في مغازيه ويوم الترك خاصة، فعزل قتيبة وكيعاً عن الرياسة، فلما ملك الوليد وخلع قتيبة وسار بالناس نحو فرغانة اجتمع الناس على خلعه وبايعوا وكيعاً، فقتل قتيبة وأخذ رأسه فبعث به إلى سليمان ومكث وكيع بخراسان غالباً عليها تسعة أشهر ولي يزيد بن المهلب خراسان.
الحتيف بن السجف
بن سعد بن عوف بن زهير بن مالك
كان يكنى أبا عبد الله وكان ديناً شريفاً وله منزلة من عبيد الله بن زياد، ولما وقعت فتنة ابن الزبير سار جيش دلجة القيني من قضاعة إلى المدينة يريد قتال ابن الزبير فعقد الحرث بن عبد الله المخزومي وهو أمير البصرة للحتيف لواء، فسار في سبعمائة وخرج إليه جيش من المدينة فلقيهم بالربذة فقتل الحتيف جيشاً، وعبيد الله بن الحكم أخا مروان بن الحكم، وانهزم الحجاج بن يوسف وأبوه يومئذ، ثم سار الحتيف نحو الشام حتى إذا كان بوادي القرى سمّ بطعامه فمات هناك رئيساً.
هريم بن أبي طحمة التيمي
واسم أبي طحمة: حارثة بن عدي، وكان هريم شجاعاً كيساً، وكان مع المهلب في قتال الأزارقة، ومع عدي بن أرطأة في قتال يزيد بن المهلب، ولما كان يوم سورا أخذ اللواء ثم أقحم في خمسة فوارس فانهزم زيد بن المهلب، ثم كبر هريم فحول اسمه في أعوانالديوان لترفع عنه الغزو، فقيل له: إنك لا تحسن أن تكتب فقال: إن لا أكتب فإني أمحو الصحف، وكان ابنه الترجمان على الأهواز وعلى بني حنظلة في فتنة ابن سهل.
خازم بن خزيمة النهشلي
هو من صخر بن نهشل، وكان لأم ولد ويكنى أبا خزيمة وولي خراسان وقتل العنزية، وولي عمان ومات ببغداد فعزى عنه أبو جعفر وابنه خزيمة بن خازم ويكنى أبا العباس، وولي الولايات، وابنه إبراهيم بن خازم قتله الوليد بن طريف الشاري.
عامر بن ضبارة
هو من بني مرة، وكان سيداً شريفاً، وبعثه يزيد بن عمر بن هبيرة إلى فارس ليقاتل عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، فهزم عبد الله بن معاوية ولم يزل مع مروان على جيوشه ومن عدده.
نباتة بن حنظلة
هم من بني أبي بكر بن كلاب، وكان فارس أهل الشام وكان على المنجنيق يوم الكعبة وولي جرجان والري لمروان، فقتله قحطبة بها وقتل معه ابنه حية بن نباتة، وكان يقال له ابن يقال له محمد قتله يزيد بن عمر بن هبيرة صبراً.
إسحاق بن مسلم
بن ربيعة العقيلي
كان أثيراً عند أبي جعفر جليلاً وعظيم القدر أيام مروان، سالم فسالمت العرب، وحارب فحاربت، وولي أرمينية وإخوته: بكار وعبد العزيز والحرث وعبد الله أشراف سادة، وأعقابهم بالجزيرة.
عبد الله بن خازم السلمي
يكنى أبا صالح وأمه سوداء يقال لها عجلى، وكان أشجع الناس وولي خراسان عشر سنين وافتتح الطبسين ثم ثار به أهل خراسان فقاتلوه، فقتله وكيع ابن الدورقية.
مالك بن مسمع
هو مالك بن مسمع بن سيار من بكر بن وائل من ولد جحدر الذي فدى شعره يوم تحلاق اللمم باكرة فارس يطلع وكان مسمع أبو مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقتل بالبحرين ويكنى أبا سيارة وهو أبو المسامعة، وكان مالك ابنه أنبه الناس، وقال رجل لعبد الملك: لو غضب مالك لغضب معه مائة ألف لا يسألونه فيم غضب. فقال عبد الملك: وهذا وأبيك السودد ولم يل شيئاً قط، وهلك في أول خلافة عبد الملك بن مروان بالبصرة وعقبه كثير وعقب إخوته.
طلحة الطلحات
هو طلحة بن عبد الله بن خلف من خزاعة، وكان أبوه عبد الله كاتباً لعمر بن الخطاب رضي الله عنه على ديوان الكوفة والبصرة، وكان طلحة على سجستان ومات بها، وحميد الطويل الذي يروي عن أنس مولاه وزريق جد طاهر بن الحسين ذي اليمينين مولى عبد الله بن خلف، والد طلحة.
أبو فديك الخارجي
هو عبد الله بن ثور بن سلمة من بني سعد بن قيس من بكر بن وائل.
أبو العاج السلمي
هو كثير بن عبد الله وقيل له أبو العاج لثناياه، وكان عامل يوسف بن عمر على البصرة.
أبو مسلم صاحب الدعوة
ذكروا أن مولده سنة مائة واختلفوا في نسبه اختلافاً كثيراً، فقال بعضهم: هو من أصبهان، وقال بعضهم: من خراسان، وقيل: من العرب، وادعى هو أنه من سليط بن علي بن عبد الله بن عباس ونسبه أبو دلامة إلى الأكراد، فقال:
أبا مجرم ما غير الله نعمة * على عبده حتى يغيرها العبد
أفي دولة المهدي حاولت غدره * ألا إن أهل الغدر آباؤك الكرد
أبا مجرم خوفتني القتل فانتحى * عليك بما خوفتني الأسد الورد
وكان منشؤه عند إدريس بن عيسى جد أبي دلف النازل في حد أصبهان. وقتله أبو جعفر برومية المدائن سنة سبع وثلاثين ومائة.
نوادر في المعارف
تفخر عبد القيس بأن من مواليها صالحاً المري وهو مولى بني مرة من عبد القيس، وكان من أهل الخير، ويذهب إلى شيء من القدر، ومات بالبصرة وعقبه بها.
وبأن من مواليها حسان بن أبي سنان القناد، وكان من أروع أهل البصرة.
وبأن من مواليها: أبان بن أبي عياش الفقيه ويكنى أبا إسماعيل.
ومن مواليها غالب القطان وكان ديناً فاضلاً، قال البجلي: هو مولى لآل عبد الله بن عامر بن كريز، وهو غالب بن خطاف.
ومن مواليهم: عبد الواحد بن زياد المعروف بالثقفي وليس بثقفي هو مولى لعبد القيس.
ومنهم رئاب بن البراء من أنفسهم كان على دين عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام في الجاهلية.
ومن أنفسهم هرام بن حيان لما أسلم الهرمزان سماء عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرفطة. ذو الثدية اسمه ثرملة. ذو الكلاع اسمه سميفع بن حوشب من التابعين. جيشان من قضاعة منهم أبو وهب الجيشاني واسمه: ديلم بن الهوشع. وصنابح من حمير منهم: عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي. غافق من حمير منهم: عبد الله بن زرير الغافقي. يزن من حمير من آل ذي يزن، منهم: أبو الخير. مرثد بن عبد الله اليزني. أبو عبد الرحمن الحبلي من حمير واسمه عبد الله بن يزيد. أبو عشانة المعافري من اليمن واسمه حي بن يؤمن. الفضل بن موسى الذي يروي عنه وكيع هو الشيباني قرية من قرى مرو. وممن كثر ولده جزء بن العلاء الذي يعرف بالمرقع وكان يقول لأمه:
لعلك أم جزء أن تريني * كثير الخير ذا أهل ومال
فأثرى وبلغ بنوه أربعين فماتوا كلهم في الجارف فقال في ذلك:
دفنت الدافعين الضيم عني * برابية مجاورة سناما
فلم أر مثلهم دفنوا جميعاً * ولم أر مثل هذا العام عاما
أقول إذا ذكرتهم جميعاً * بنفسي تلك أصداء وهاما
وهم من ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن قيس بن جحدر الطائي جد الطرماح الشاعر، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم والطرماح بن حكيم بن نفر بن قيس بن جحدر.
أول: راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم راية حمزة بن عبد المطلب، ويقال: بل راية عبيدة بن الحرث. أول من مات من المسلمين بالمدينة عثمان بن مظعون بعد بدر وقبل أحد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا سلفكم فادفنوا إليه موتاكم" فدفن في البقيع.
التابعون ومن بعدهم
الأحنف بن قيس
قال أبو اليقظان: هو صخر بن قيس بن معاوية بن حصن بن عباد بن مرة بن عبيد بن تميم ورهطه بنو مرة بن عبيد الذين بعثوا بصدقات أموالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع عكراش بن ذؤيب وقال غيره: اسمه الضحاك بن قيس، وكان الأحنف يكنى أبا مالك وقتله بنو مازن في الجاهلية، وكان الأحنف يكنى أبا بحر وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوا، فقال الأحنف: إنه ليدعوكم إلى الإسلام وإلى مكارم الأخلاق وينهاكم عن ملائمها، فأسلموا وأسلم الأحنف ولم يفد، فلما كان زمن عمر وفد إليه وشهد مع علي رضي الله عنه صفين ولم يشهد الجمل مع أحد من الفريقين، واسم أمه حبيّ بنت قرط وأخوها الأخطل بن قرط من الشجعان. وقال الأحنف يوم الجفرة ومن له خال مثل خالي. وولد الأحنف ملتزق الأليتين حتى شق ما بينهما، وكان الأحنف أعور. وقال غيره: أمه حبي بنت عمرو بن ثعلبة من بني أود من باهلة. قال أبو اليقظان: كان عم الأحنف يقال له المتشمس بن معاوية يفضل على الأحنف في حلمه وأتى هو والأحنف مسيلمة فسمعا منه، فلما خرجا قال للأحنف: كيف تراه قال: أراه كذاباً. قال: ما يؤمنك أن أرجع إليه أخبره بمقالتك? قال: إذاً أخبره أنك قلت وأحالفك يريد أحلف وتحلف. ثم أسلم المتشمس وحسن إسلامه.وعمه الأصغر صعصعة بن معاوية وكان سيد بني تميم في خلافة معاوية، وفرسه الطرة اشتراها بستين ألف درهم وبقي الأحنف إلى زمان مصعب بن الزبير فخرج معه إلى الكوفة فمات وقد كبر جداً. قال الأصمعي: دفن الأحنف بالكوفة بالقرب من قبر زياد بن أبي سفيان وقبر زياد عند الثوية. فولد الأحنف بحراً وكان مضعوفاً، وكان لا يرى جارية أبيه إلا قال: يا فاعلة! قالت: لو كنت كما تقول أتيت أباك بمثلك. وقيل له: ما يمنعك أن تجري في بعض أخلاق أبيك? فقال: الكسل. فولد بحر جارية فماتت ولا عقب للأحنف، وكان يقال: ليس لبني تميم حظ سيدهم بالكوفة محمد بن عمر بن عطارد بن حاجب بن زرارة، ولا عقب له، وسيدهم بالبصرة الأحنف ولا عقب له. وكان عمر وجهه إلى خراسان فبيتهم العدو ليلاً فكان أول من ركب الأحنف وهو يقول:
إن على كل رئيس حقاً * أن يخضب الصعدة أو تندقا
ثم حمل عليهم فقتل صاحب الطبل وانهزم القوم ومضوا في آثارهم حتى فتحوا مرو الروز في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه.
عبيدة السلماني
هو عبيدة بن قيس السلماني من مراد، قال ابن سيرين: قال عبيدة: أسلمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين فصليت، ولم ألق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات سنة اثنتين وسبعين وصلى عليه الأسود.
عمر بن ميمون
هو من أود وأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحج ستين من بين حجة وعمرة، ومات سنة أربع وسبعين.
أبو عثمان النهدي
هو عبد الرحمن بن مل من قضاعة وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وتوفي في أول ولاية الحجاج العراق بالبصرة، وكان من ساكني الكوفة، فلما قتل الحسين رضي الله عنه تحول إلى البصرة فنزلها، وقال: لا أسكن بلداً قتل فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو عثمان: صحبت سلمان اثنتي عشرة سنة، وقال أيضاً: أتت علي ثلاثون ومائة سنة وما بقي شيء إلا وقد أنكرته خلا أملي فإني أجده كما هو، وشهد فتح القادسية وجلولاء وتستر ونهاوند واليرموك وأذربيجان.
أبو عمرو الشيباني
هو سعد بن إياس، وكان يقول: أذكر أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى إبلاً لأهلي بكاظمة، وعاش مائة وعشرين سنة.
زر بن حبيش
ويكنى أبا مريم، وكان أعرب الناس، وكان عبد الله بن مسعود يسأله عن العربية، وكان أسنّ من أبي وائل، وعاش مائة وعشرين سنة.
المسور بن مخرمة
هو المسور بن مخرمة بن نوفل بن عبد مناف بن زهرة، أمه أخت عبد الرحمن بن عوف، وكان يعدل بالصحابة وليس منهم، وقد روى قوم عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن" وكان يقول: أنا لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولدت عام الفيل، وكان فال إن يزيد بن معاوية يشرب الخمر فبلغه ذلك فكتب إلى أمير المدينة فجلده الحد، فقال المسور:
أيشربها صرفاً يفك ختامها * أبو خالد ويجلد الحد مسور
قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني سنين ومات سنة أربع وستين، وكان مع ابن الزبير بمكة فأصابه حجر فمات، فولد المسور عبد الرحمن بن المسور أمه بنت شرحبيل بن حسنة من حي من اليمن تحولوا في الإسلام إلى زهرة، ويكنى أبا المسور، ومات سنة تسعين فولد عبد الرحمن أبا بكر بن عبد الرحمن، وكان شاعراً وهو القائل:
بينما نحن من بلاكث فالقا * ع سراعاً والعيش تهوي هويا
خطرت خطرة على القلب من ذك * راك وهنا فما استطعت مضيا
قلت لبيك إذ دعاني لك الشو * ق وللحاديين كرا المطيا
ومخرمة بن نوفل أبو المسور: وبلغ مائة وخمسة عشر سنة وكف بصره.
مالك بن أوس بن الحدثان
هو قديم ولكنه تأخر إسلامه ولم يبلغنا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولا روى عنه شيئاً وقد روى عن عمر وعثمان ومات بالمدينة سنة اثنتين وسبعين.
سويد بن غفلة المذحجي
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ووفد إليه فوجده قد قبض، فصحب أبا بكر ومن بعده، وشهد مع علي صفين ويكنى أبا أمية وتوفي بالكوفة سنة اثنتين وثمانين وقد بلغ مائة وسبعاً وعشرين سنة، وكان يقول: أنا لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدت عام الفيل.
أبو رجاء العطاردي
اسمه عمران بن تيم ويقال: عطارد بن برز، ويقال: عمران بن عبد الله ولد قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة وهو من عطارد ابن عوف بن كعب بن سعد بن زيد بن تميم، ويقال أيضاً: إنه مولى لهم، وقال أبو رجاء: لما بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ في القتل هربنا فأصبنا شلو أرنب دفيناً فاستثرناه وقصرنا عليه وألقينا عليه من بقول الأرض فلا أنسى تلك الأكلة.
حدثنا الرياشي عن الأصمعي عن أبي عمر بن العلاء قال: قلت لأبي رجاء ما تذكر? قال: أذكر قتل بسطام بن قيس على الحسن، والحسن جبل رمل، وأنشدني أبو محمد:
وخر على الالاءة لم يوسد * كأن جبينه سيف ثقيل
ومات سنة سبع عشرة ومائة وهو ابن مائة وثمان وعشرون سنة.
حدثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: حدثنا ذريك العطاردي قال: أتت أبا رجاء امرأة في جوف الليل فقالت: يا أبا رجاء إن لطارق الليل حقاً إن بني فلان خرجوا إلى سفوان وتركوا شيئاً من متاعهم، فانتعل وأخذ الكتب فأداها وصلى بنا الفجر وهي مسيرة ليلة للإبل.
كعب الأحبار
هو كعب بن مانع، ويكنى أبا إسحاق وهو من حمير من آل ذي رعين، وكان على دين يهود وينزل اليمن فأسلم هناك ثم قدمه المدينة في إمرة عمر، ثم خرج إلى الشام فسكن حمص حتى توفي بها سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان. ونوف البكالي ابن امرأة كعب وبثيع أيضاً ابن امرأته ويكنى أبا عتل، ويقال يكنى أبا عامر.
كعب بن سور
هو من الأزد بعثه عمر قاضياً لأهل البصرة حين استحسن حكمه بين المرأة وزوجها وحكم لها في كل أربع ليال بليلة، وخرج مع عائشة يوم الجمل ناشر المصحف يمشي بين الصفين، فجاءه سهم غرب فقتله، وكان معروفاً بالصلاح وليس له حديث.
عبد الرحمن بن الأسود
هو عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الذي نسب إليه المقداد بن الأسود بن عبد يغوث، وكان عبد الرحمن من خيار المسلمين يعدل بالصحابة وليس منهم، وكان أبوه الأسود من المستهزئين.
وروى الهيثم عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، أنه رفع إلى أبي بكر، عن الأسود شيء ذكره. فقال أبو بكر: أي مثلة كانت في العرب أشد. قال: الحرق بالنار. فقتله، ثم حرقه، فقال عبد الرحمن بن حسان لبعض ولده:
ما حرق الصديق جدي ولا أبي * إذا المرء ألهاه الخنا عن جلائله
الجشمي أبو الأحوص
صاحب عبد الله بن مسعود
هو عوف بن مالك بن نضلة من جشم بن معاوية وقتله الخوارج أصحاب قطري بن الفجاءة، وقد روى أبوه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
علقمة صاحب عبد الله
هو علقمة بن قيس من النخع رهط إبراهيم النخعي ويكنى أبا شبل، ولم يولد له قط وأخوه يزيد بن قيس أبو الأسود بن يزيد صاحب عبد الله، ومات علقمة سنة اثنتين وستين.
قال الشعبي: كان الأسود صواماً قواماً، وكان علقمة مع البطيء وهو يسبق السريع.
الأسود صاحب عبد الله
هو الأسود بن يزيد بن قيس من النخع ويكنى أبا عبد الرمن ومات سنة أربع وسبعين، ويقال: سنة خمس وسبعين وابنه عبد الرحمن بن الأسود من الخيار، وهو صلى على إبراهيم النخعي وهو القائل في تلبيته: لبيك أنا الحاج ابن الحاج، وكان أبوه حج ثمانين ما بين حجة وعمرة، وكان للأسود بن يزيد أخ يقال له عبد الرحمن بن يزيد من الخيار، وابنه محمد بن عبد الرحمن بن يزيد يكنى أبا جعفر ويقال له: الكيس لتلطفه في العبادة.
المعروف بن سويد
هو من بني أسد وبلغ مائة وعشرين سنة ولم يشب.
مسروق بن الأجدع
هو مسروق بن الأجدع من همدان ويكنى أبا عائشة ومات سنة ثلاث وستين، وقال أبو عمرو بن العلاء: كان أبوه الأجدع بن مالك شاعراً وهو القائل في وصف الخيل:
وكأن صرعاها كعاب مقامر * ضربت على شزن فهن شواعي
سلمان بن ربيعة الباهلي
هو أول قاض قضى لعمر بن الخطاب بالعراق وأول من ميز بين العتاق والهجن، شهد القادسية فقضى بها ثم قضى بالمدائن وقتل سلمان ببلنجر من أرض الترك في خلافة عثمان، ويقال: إن بلنجر من أرمينية، ويقال: إن عظامه عند أهل بلنجر في تابوت إذا احتبس عليهم المطر أخرجوه فاستسقوا به فسقوا، قال أبو جمانة الباهلي:
إن لنا قبرين قبر بلنجر * وقبراً بأعلى العين يا لك من قبر
فهذا الذي بالصين عمت فتوحه * وهذا الذي بالترك يسقى به القطر
وأراد بالقبر الذي بالصين قبر قتيبة بن مسلم، قال أبو اليقظان: قبر قتيبة بفرغانة فجعله الشاعر في الصين.
شريح القاضي
هو شريح بن الحرث الكندي استقضاه عمر على الكوفة ولم يزل بعد ذلك قاضياً خمساً وسبعين سنة لم يتعطل فيها إلا ثلاث سنين امتنع فيها من القضاء في فتنة ابن الزبير، فاستعفى شريح الحجاج من القضاء فأعفاه فلم يقض بين الناس حتى مات وكان شريح يكنى أبا أمية ومات سنة تسع وسبعين، ويقال: سنة ثمانين وهو ابن مائة وعشرين سنة، وكان مزاحاً تقدم إليه رجلان في شيء فأقر أحدهما بما ادعى عليه الآخر وهو لا يعلم فقضى شريح فقال له: أتقضي عليّ بغير بينة? فقال: قد شهد عندي ثقة، قال: من هو? قال: ابن أخت خالتك.
وقال له آخر: أين أنت أصلحك الله? قال: بينك وبين الحائط. قال: إني رجل من أهل الشام. قال: مكان سحيق. قال: وتزوجت امرأة. قال: بالرفاه والبنين. قال: وولدت غلاماً? قال: ليهنك الفارس. قال: وشرطت لها داراً? قال: الشرط أملك. قال أقض بينا. قال: قد فعلت. قال: ثم قال: حدث امرأة حديثين فإن أبت فأربع.
عبيد بن عمير الليثي
هو عبيد بن عمير بن قتادة من كنانة من بني جندع بن ليث، وكان قاضي أهل مكة، وكان موته قريباً من موت ابن عباس سنة ثمان وستين، ومات ابنه عبد الله بن عبيد بن عمير سنة ثلاث عشرة ومائة.
أبو الأسود الدئلي
هو ظالم بن عمرو بن جندل بن سفيان بن كنانة، وأمه من بني عبد الدار بن قصي، وكان عاقلاً حازم بخيلاً وهو أول من وضع العربية وكان شاعراً مجيداً وشهد صفين مع علي رضوان الله عليه، وولي البصرة لابن عباس وفتح البصرة ومات بها وقد أسن، فولد عطاء وأبا حرب، وكان عطاء ويحيى بن يعمر العدواني يعجا العربية بعد أبي الأسود، ولا عقب لعطاء.
وأما أبو حرب بن أبي الأسود فكان عاقلاً شاعراً وولاه الحجاج جوخى فلم يزل عليها حتى مات الحجاج.
وقد روي عن أبي حرب الحديث وله عقب بالبصرة وعدد، وهو القائل لولده: لا تجاودوا الله فإنه أجود وأمجد ولو شاء أو يوسع على الناس كلهم حتى لا يكون محتاج لفعل، ولا تجهدوا أنفسكم في التوسعة فتهلكوا هزلاً. وسمع رجلاً يقول: من يعشي الجائع فعشاه ثم ذهب القائل، ليخرج، فقال: هيهات على أن لا تؤذي المسلمين الليلة ووضع رجله في الأدهم.
هرم بن حيان
هو من عبد القيس وكان من خيار الناس وولي الولايات زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان علي عبد القيس يتوج يوم قتل شهرك زمن عمربن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
حمران مولى عثمان
هو حمران بن أبان بن عبد عمرو ويكنى أبا زيد، وكان سباه المسيب بن نجبة الفزاري زمن أبي بكر رضي الله عنه من عين التمر وأمير الجيش خالد بن الوليد فوجده مختوناً، وكان يهودياً اسمه طويد فاشترى لعثمان ثم اعتقه وصار يكتب بين يديه، ثم غضب عليه فأخرجه إلى البصرة فكان عاملة بها، وهو كتب إليه في عامر بن عبد القيس حين سيره.
ولما قتل مصعب وثب حمران فأخذ البصرة ولم يزل كذلك حتى قدم خالد بن عبد الله فعزله. فلما قدم الحجاج البصرة أذاه وأخذ منه مائة ألف درهم، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يشكوه، فكتب عبد الملك: إن حمران أخو من مضى وعم من بقي فأحسن مجاورته ورد عليه ماله، وتزوج حمران امرأة من بني سعد وتزوج ولده في العرب.
مطرف بن عبد الله
هو مطرف بن عبد الله بن الشخير من بني الحريش بن كعب بن ربيعة ويكنى أبا عبد الله، وكانت لأبيه صحبة، وكان ينزل ماء يقال له الشخير على ثلاث ليال من البصرة، ويأتي البصرة يوم الجمعة فيقال: إنه كان ينور له في سوطه، ومات عمر ومطرف ابن عشرين سنة كأنه كان ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله عقب بالبصرة وبرستاق من نيسابور يقال له: خواف. ومات في خلافة عبد الملك بن مروان بعد سنة سبع وثمانين، وأخوه يزيد بن عبد الله بن الشخير أبو العلاء مات سنة إحدى عشرة ومائة.
سعيد بن المسيب
هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب من بني عمران بن مخزوم وأمه سليمة ويكنى أبا محمد، وكان جده حزن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: أنت سهل? قال: بل أنا حزن ثلاثاً. قال: فأنت حزن. قال سعيد: فما زلنا نعرف تلك الحزونة فينا. وكان أبو المسيب يتجر بالزيت ولم يزل سعيد مهاجراً لأبيه ولم يكلمه حتى مات.
وكان سعيد أفقه أهل الحجاز وأعبر الناس للرؤيا، قال له رجل: رأيت كأن عبد الملك بن مروان يبول في قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات، فقال: إن صدقت رؤياك قام من صلبه أربعة خلفاء.
وقال له آخر: رأيت كأني أخذت عبد الملك بن مروان فأضجعته إلى الأرض ثم بطحته فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد، فقال: ما أنت رأيتها ولكن رآها ابن الزبير، ولئن صدقت رؤياه ليقتلنه عبد الملك بن مروان ويخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة.
وقال له آخر: رأيتني أبول في يدي، فقال: تحتك ذات محرم فنظر فإذا امرأته بينها وبين رضاع، وكانت ابنة أبي هريرة تحت سعيد بن المسيب، وكان جابر بن الأسود بالمدينة فدعاه إلى البيعة لابن الزبير فأبى فضربه ستين سوطاً، وضربه أيضاً هشام بن إسماعيل ستين سوطاً، وطاف به بالمدينة في تبان من شعر وذلك أنه دعاه إلى البيعة للوليد وسليمان بالعهد فلم يفعل، وكان مولد سعيد لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب ووفاته بالمدينة سنة أربع وتسعين فولد سعيد محمداً وكان نسابة فنفى قوماً من المخزوميين فرفع ذلك إلى الوليد فجلده الحد والذين نفاهم آل عنكشة، وكان لسعيد أيضاً غيره من الولد وله عقب باق بالمدينة. وبرد مولاه وقال له: يا برد إياك وإن تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس. فقال: كل حديث حدثكموه برد ليس معه غير مما تنكرون فهو كذب.
عامر بن عبد الله العنبري
هو عامر بن عبد الله بن عبد القيس من ولد كعب بن جندب من بني العنبر ويكنى أبا عبد الله، وكان خيراً فاضلاً ورآه عثمان يوماً في دهليزه فرأى شيخاً ثطاً أشعى في عباءة فأنكر مكانه ولم يعرفه، فقال: يا أعرابي! أين ربك? فقال: بالمرصاد. وسيره عبد الله بن عامر إلى الشام بأمر عثمان فمات هناك ولا عقب له، ورهطه أيضاً قليل، وكان سبب تسييره أن حمران بن أبان كتب فيه أنه لا يأكل اللحم ولا يغشى النساء ولا يقبل الأعمال، فعرض بأنه خارجي، فكتب عثمان إلى ابن عامر أن ادع عامراً فإن كانت فيه الخصال فسيره، فسأله فقال: أما اللحم فإني مررت بقصاب يذبح ولا يذكر اسم الله فإذا اشتهيت اللحم اشتريت شاة فذبحتها، وأما النساء فإن لي عنهن شغلاً، وأما الأعمال فما أكثر من تجدونه سواي. فقال له حمران: لا أكثر الله فينا أمثالك. فقال له عامر: بل أكثر الله فينا من أمثالك كساحين وحجامين.
أبو مسلمة الخولاني
من أهل الشام اسمه عبد الله بن ثوب، وهو الذي دخل على معاوية فقال له: السلام عليك أيها الأجير، وكلمه بكلام في الرعية وتوفي في خلافة يزيد بن معاوية.
حدثني: أبو حاتم السجستاني، قال: حدثني الأصمعي، قال: حدثني عمران بن جدير عن رجل من أهل الشام، قال: قال كعب الأحبار لقوم من أهل الشام كيف رأيكم في أبي مسلم؛ قالوا: ما أحسن رأينا فيه وأخذنا عنه. قال: إن أزهد الناس في العالم أهله، وإن مثل ذلك مثل الحمة تكون في القوم فترغب فيها الغرباء ويزهد فيها، فينا ذلك غار ماؤها فأصاب هؤلاء منفعتها وبقي هؤلاء يتفكنون أي يتندمون.
الحسن البصري
هو الحسن بن أبي الحسن واسم أبيه يسار مولى الأنصار، واسم أمه خيرة مولاة لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: كانت خيرة أمه ربما غابت فيبكي فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه فيدر ثديها فيشربه، فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك، ونشأ الحسن بوادي القرى.
وحدثني: عبد الرحمن والرياشي عن الأصمعي عن حماد بن زيد وحماد بن مسلمة عن علي بن زيد بن جدعان، قال: ولد الحسن على العبودية.
وحدثني عبد الرحمن عن الأصمعي عن جدعان عن قتادة أن أم الحسن كانت مولاة لأم سلمة، وقال أبو اليقظان: أبو الحسن البصري وأبو محمد بن سيرين من سبي ميسان، وكان المغيرة افتتحها زمن عمر بن الخطاب لما ولاه البصرة.
وقال آخرون: يسار من أهل نهر المرأة، وكان الحسن من أجمل أهل البصرة حتى سقط عن دابته فحدث بأنفه ما حدث.
وحدثني عبد الرحمن عن الأصمعي عن أبيه قال: ما رأيت أعرض زنداً من الحسن كان عرضه شبراً وكان تكلم في شيء من القدر ثم رجع عنه، وكان عطاء بن يسار قاصاً ويرى القدر، وكان لسانه يلحن فكان يأتي الحسن هو ومعبد الجهني فيسألانه ويقولان: يا أبا سعيد! إن هؤلاء الملوك يسفكون دماء المسلمين، ويأخذون الأموال ويفعلون، ويقولون: إنما تجري أعمالنا على قدر الله. فقال: كذب أعداء الله. فيتعلق عليه بهذا وأشباهه، وكان يشبه برؤبة بن العجاج في فصاحة لهجته وعربيته، وكان مولده لسنتين بقيتا من خلافة عمر، ومات سنة عشر ومائة وفيها مات محمد بن سيرين بعده بمائة يوم، ولم يشهد ابن سيرين جنازته لشيء كان بينهما، وكان الحسن كاتب الربيع بن زياد الحارثي بخراسان، وقيل ليونس بن عبيد: أتعرف أحداً يعمل بعمل الحسن? فقال: والله لا أعرف أحداً يقول بقوله فكيف يعمل بعمله، ثم وصفه فقال: إذا أقبل فكأنه أقبل من دفن حميمه، وإذا جلس فكأنه أمر بضرب عنقه، وإذا ذكرت النار فكأنها لم تخلق إلا له.
محمد بن سيرين
كان سيرين أبوه عبداً لأنس بن مالك كاتبه على عشرين ألفاً وأدى الكتابة، وكان من سبي ميسان، وكان المغيرة افتتحها ويقال: كان من سبي عين التمر، وكانت أمه صفية مولاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه طيبها ثلاث من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ودعون لها وحضر إملاكها ثمانية عشر بدرياً فيهم أبي بن كعب يدعو وهم مؤمنون، وكان سيرين يكنى أبا عمرة وولد ثلاثة وعشرون ولداً من أمهات أولاد شتى. وكانت لسيرين أرض بجرجرايا وصارت في يد محمد ويد أخ يقال له يحيى، ومن ولده: معبد بن سيرين وهو أسن من محمد، ويحيى ومات بجرجرايا، وأنس بن سيرين وكان له أخوات منهن عمرة وحفصة وسودة بنات سيرين، وكان محمد بزازاً ويكنى أبا بكر وحبس بدين كان عليه وكان أحتم، وولد له ثلاثون ولداً من امرأة واحدة كان تزوجها عربية ولم يبق منهم غير عبد الله بن محمد وولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، قال ذلك أنس بن سيرين، قال: وولدت أنا لسنة بقيت من خلافته وتوفي سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم وهو ابن سبع وسبعين سنة، وقضى عنه ابنه عبد الله ثلاثين ألف درهم، فما مات عبد الله حتى قوم ماله سبعين ألف درهم، وكان محمد بن سيرين كاتب أنس بن مالك بفارس.
حدثني: سهل بن محمد عن الأصمعي، قال: الحسن سيد سمح، وإذا حدثك الأصم يعني ابن سيرين بشيء فاشدد يدك به، وقتادة حاطب ليل.
أبو سعيد المقبري
اسمه كيسان، وكان مملوكاً لرجل من بني جندع وكاتبه على أربعين ألفاً وشاة لكل أضحى فأداها، وكان منزله عند المقابر، فقيل: المقبري.
وقد روى عن عمر وتوفي في سنة مائة في خلافة عمر بن عبد العزيز، ويقال: توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك.
عطاء بن يزيد الليثي
يكنى أبا محمد وهو من كنانة أنفسهم، روى عنه الزهري وتوفي سنة سبع ومائة، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة.
عطاء بن أبي رباح
هو عطاء بن أسلم من ولد الجند وأمه سوداء تسمى بركة، وكان نشأ بمكة وعلم الكتاب بها وكان مولى لبني فهر ويكنى أبا محمد، وكان أسود أعور أفطس أشل أعرج ثم عمي بعد ذلك ومات سنة خمس عشرة ومائة وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وابنه يعقوب بن عطاء.
مجاهد
هو مجاهد بن جبر، وكان مولى لقيس بن السائب المخزومي، وقال مجاهد: في مولاي قيس بن السائب نزلت: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" البقرة: 184" فافطر وأطعم كل يوم مسكيناً، وكان مجاهد يكنى أبا الحجاج، ومات بمكة وهو ساجد سنة ثلاث ومائة وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
سعيد بن جبير
قال أبو اليقظان: هو مولى لبني والبة من بني أسد ويكنى أبا عبد الله وكان أسود، وكتب لعبد الله بن عتبة بن مسعود، ثم كتب لأبي بردة وهو على القضاء وبيت المال، وخرج مع ابن الأشعث فلما انهزم أصحاب ابن الأشعث من دير الجماجم هرب سعيد بن جبير إلى مكة، فأخذه خالد بن عبد الله القسري وكان والي الوليد بن عبد الملك على مكة فبعث به إلى الحجاج فأمر الحجاج فضربت عنقه فسقط رأسه إلى الأرض يتدحرج وهو يقول: لا إله إلا الله فلم يزل كذلك حتى أمر الحجاج من وضع رجله فيه فسكت.
حدثني: أبو الخطاب، قال: حدثنا أبو داود عن عمارة بن زادان، قال: حدثنا أبو الصهباء قال: قال الحجاج لسعيد بن جبير اختر أي قتلة شئت? فقال له: بل اختر أنت لنفسك، فإن القصاص أمامك، قال له: يا شقي بن كسير، ألم أقدم الكوفة وليس يؤم بها إلا عربي فخعلتك إماماً. قال: بلى. قال: ألم أولك القضاء? فضج أهل الكوفة وقالوا: لا يصلح القضاء إلا لعربي فاستقضيت أبا بردة وأمرته أن لا يقطع أمراً دونك. قال: بلى. قال: أو ما جعلتك في سماري? قال: بلى. قال: أو ما أعطيتك كذا وكذا من المال تفرقه في ذي الحاجة، ثم لم أسألك عن شيء منه? قال: بلى. قال: فما أخرجك عليّ? قال: كانت بيعة لابن الأشعث في عنقي. فغضب الحجاج ثم قال: كانت بيعة أمير المؤمنين عبد الملك في عنقك قبل، والله لأقتلنك، وقتله الحجاج سنة أربع وتسعين وهو ابن تسع وأربعين سنة وله ابنان عبد الله بن سعيد وعبد الملك بن سعيد يروى عنهما.
أبو قلابة
هو عبد الله بن زيد الجرمي، وكان ديوانه بالشام، ومات بداريا سنة أربع ومائة أو خمس ومائة.
حدثني: أبو حاتم عن الأصمعي عن حماد بن زيد عن أيوب قال: أوصى أبو قلابة أن تدفع إلي كتبه فجيء بها من الشام فدفعت إليّ فخلطت عليّ بعض ما سمعته منه.
حدثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: حدثني أصحاب أيوب عن أيوب، قال: كان أبو قلابة يحثني على الاحتراف ويقول: إن الغنى من العافية.
بشر بن سعيد
هو مولى الحضرميين وكان عابداً متخلياً، وروى عن سعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وغيرهم، ورافق الفرزدق فركبا في محمل فعجب الناس، وكان يقول: ما رأيت رفيقاً خيراً من الفرزدق، ويقول الفرزدق مثل ذلك فيه، ومات في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مائة ولم يدع كفناً.
قبيصة بن ذؤيب
هو من خزاعة ويكنى أبا إسحاق، وكان على خاتم عبد الملك بن مروان، وكان الزهري يروي عنه، وهو أدخل الزهري على عبد الملك فوصله وفرض له، وتوفي قبيصة بالشام سنة ست وثمانين أو سبع وثمانين ولا أعلم له عقباً.
يزيد بن شجرة
هو يزيد بن شجرة الرهاوي وقتل هو وأصحابه في البحر سنة ثمان وخمسين.
شهر بن حوشب
هو من الأشعريين، وكان ضعيفاً في الحديث، حدثنا إسحاق بن راهويه عن النضر بن شميل قال: ذكر شهر عند ابن عون فقال: إن شهراً تركوه ومات سنة ثمان وتسعين، ويقال: سنة اثنتي عشرة ومائة ودخل بيت المال فأخذ خريطة، فقال قائل:
لقد باع شهر دينه بخريطة * فمن يأمن القراء بعدك يا شهر
العوام بن حوشب
فإنه من شيبان ويكنى أبا عيسى ومات سنة ثمان وأربعين ومائة.
ميمون بن مهران
كان ميموناً مكاتباً لبني نصر بن معاوية فعتق، وكان ابنة عمرو بن ميمون مملوكاً لامرأة من الأزد من ثمالة يقال لها أم نمر فأعتقته، فلم يزل بالكوفة حتى كان هيج الجماجم فتحول إلى الجزيرة، وكان ميمون والياً لعمر بن عبد العزيز على خراج الجزيرة، وابنه عمرو بن ميمون على الديوان، وكان ميمون بزازاً فكان يجلس في حانوته وهو يتولى الخراج، ومات سنة سبع عشرة ومائة، ومات عمرو ابنه سنة خمس وأربعين ومائة.
أبو وائل
هو شقيق بن سلمة الأسدي، وكانت أمه نصرانية، وكان له خص يكون فيه هو وفرسه، فكان إذا غزا نقضه وإذا رجع أعاده.
روى حماد بن زيد عن عاصم بن أبي النجود، قال: أدركت أقواماً يتخذون هذا الليل حملاً إن كانوا ليشربون الجر أي نبيذ الجر ويلبسون المعصفر لا يرون بذلك بأساً، منهم: أبو وائل وزر بن حبيش ومات أبو وائل في زمن الحجاج بعد الجماجم، قال أبو محمد: الجر النبيذ.
أبو نضرة
اسمه المنذر بن مالك من العوقة، وهم بطن من عبد القيس وتولى ولاية عمر بن هبيرة وصلى عليه الحسن البصري.
الشعبي
هو عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي، وهو من حمير وعداده في همدان، ونسب إلى جبل باليمن نزله حسان بن عمرو الحميري، هو وولده ودفن به، فمن كان بالكوفة منهم قيل لهم شعبيون، ومن كان منهم بمصر والمغرب قيل لهم الأشعوب، ومن كان منهم بالشام قيل شعبانيون، ومن كان منهم باليمن قيل لهم آل ذي شعبين، ويكنى الشعبي أبا عمرو وكان ضئيلاً نحيفاً. وقيل له: ما لنا نراك نحيفاً? قال: إني زوحمت في الرحم، وكان ولد هو وأخ له في بطن واحد، وقيل لأبي إسحاق? أنت أكبر أم الشعبي? فقال: هو أكبر مني بسنتين.
حدثنا: الرياشي عن الأصمعي أن أم الشعبي كانت من سبي جلولاء، قال: وهي قرية بناحية فارس، وكان مولده لست سنين مضت من خلافة عثمان، وكان كاتب عبد الله بن مطيع العدوي، وكاتب عبد الله بن يزد الخطمي عامل ابن الزبير على الكوفة وكان مزاحاً.
حدثني: أبو مرزوق عن زاجر بن الصلت الطاحي، عن سعيد بن عثمان، قال: قال الشعبي لخياط مر به: عندنا حب مكسور تخيطه. فقال الخياط: إن كانت عنك خيوط من ريح.
قال أبو محمد: وحدثني بهذا الإسناد أن رجلاً دخل عليه ومعه في البيت امرأة، فقال: أيكما الشعبي? فقال: هذه.
قال الواقدي: مات سنة خمس ومائة وهو ابن سبع وسبعين سنة، ويقال توفي سنة أربع ومائة، وقد روي عنه أيضاً أنه قال: ولدت سنة جلولاء، فإن كان هذا صحيحاً فإنه مات وهو ابن ست وثمانين سنة، لأن جلولاء كانت سنة تسع عشرة في خلافة عمر رضي الله عنه.
أبو إسحاق الشيباني
هو سليمان بن أبي سليمان مولى لهم، وتوفي سنة تسع وعشرين ومائة، وكان يقول: لو كان هذا الحديث من الخبز لنقص.
أبو إسحاق السبيعي
هو عمرو بن عبد الله من بطن من همدان يقال لهم السبيع، وقال شريك: ولد أبو إسحاق السبيعي في سلطان عثمان لثلاث سنين بقين منه، ومات سنة سبع وعشرين ومائة وله خمس وتسعون سنة.
حدثني: عبد الرحمن عن عمه عن إسرائيل عن أبي إسحاق قال: رفعني أبي حتى رأيت علي بن أبي طالب يخطب على المنبر، أبيض الرأس واللحية، وابنه يونس بن أبي إسحاق توفي سنة تسع وخمسين ومائة، وابنه عيسى بن يونس يكنى أبا عمرو، وتحول من الكوفة إلى الثغر فنزل بالحدث ومات بها سنة إحدى وتسعين ومائة.
سالم بن أبي الجعد
هو مولى لأشجع، وكان له أخوة قد روى عنهم الحديث: عبيد وعمران وزياد ومسلم بنو أبي الجعد. قالوا: كان لأبي الجعد ستة بنين، فكان منهم اثنان يتشيعان واثنان مرجئان واثنان يريان رأي الخوارج. أبوهم يقول لهم يا بني لقد خالف الله بينكم. وتوفي سالم سنة مائة أو إحدى ومائة، وكان مغيرة لا يعبأ بحديث سالم بن أبي الجعد ولا بحديث خلاص ولا بصحيفة عبد الله بن عمر. وقال: كانت له صحيفة يسميها الصادقة ما يسرني إنها لي بفلسين.
مكحول الشامي
قال الواقدي: هو من كابل مولى لامرأة من هذيل. وقال ابن عائشة: كان مكحول الشامي مولى لامرأة من قيس، وكان سندياً لا يفصح. قال نوح بن قيس: سأله بعض الأمراء عن القدر فقال: أساهر أنا يريد ساحراً. وكان يقول بالقدر. وقال معقل بن عبد الأعلى القرشي: سمعته يقول لرجل: ما فعلت تلك الهاجة. ومات سنة ثلاث عشرة ومائة.
مكحول الأزدي
حدثني سهل عن الأصمعي. قال مكحول وأبو العالية حميلان، وكان هذا فصيحاً يروي عن بن عمر.
جابر بن زيد
قال الواقدي: هو من الأزد ويكنى أبا الشعثاء، وحدثني سهل بن محمد عن الأصمعي قال: أبو الشعثاء جوفي من اليمن وكان أعور، ومات سنة ثلاث ومائة.
أبو بصير
قال أبو اليقظان: هو يشكر بن وائل من بني يشكر، وكانوا أتوا به مسيلمة وهو صبي، فمسح وجهه فعمي، فكني أبا بصير على القلب، كما قيل للغراب أعور لحدة بصره. وكان يروي عنه وعمّر، حتى بقي إلى زمن خالد بن عبد الله القسري.
أبو العالية
أخبرني أبو عبد الله البجلي أن أبا العالية كان مولى لبني رياح أعتقته امرأة منهم واسمه رفيع وابنه حرب بن أبي العالية حج ستاً وستين حجة، ومات أبو العالية سنة تسعين، وحدثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: أبو العالية ومكحول حميلان يعني مكحولاً الأزدي، وكان أبو العالية مزاحاً.
حدثني أحمد بن الخليل قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم عن أبي خالدة قال: سألت أبا العالية عن قتل الذر فجمع منهن شيئاً كثيراً. وقال: مساكين ما أكيسهن، ثم قتلهن وضحك.
طاوس
قال هو طاوس بن كيسان مولى بحير الحميري، وحدثني سهل عن الأصمعي، قال: طاوس مولى لأهل اليمن وأمه مولاة لحمير وكان يكنى أبا عبد الرحمن، وتوفي بمكة سنة ست ومائة قبل التروية بيوم وصلى عليه هشام بن عبد الملك وابنه عبد الله بن طاوس، كان يروي عنه، ومات في خلافة أبي العباس.
عكرمة مولى ابن عباس
كان عبداً لابن عباس ومات وعكرمة عبد، فباعه علي بن عبد الله بن عباس على خالد بن يزيد بن معاوية بأربعة آلاف دينار، فأتى عكرمة علياً فقال له: ما خير لك بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار، فاستقاله فأقاله وأعتقه، وكان يكنى أبا عبد الله.
وروى جرير عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحرث، قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة موثق على باب كنيف، فقلت: أتفعلون هذا بمولاكم? قال: إن هذا يكذب على أبي.
حدثني: ابن الحلال، قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: قدم عكرمة البصرة فأتاه أيوب وسليمان التيمي ويونس، فينا هو يحدثهم سمع صوت غناء فقال عكرمة: اسكتوا فنسمع. ثم قال: قاتله الله لقد أجاد، أو قال: ما أجود ما غنى.
فأما سليمان ويونس فلم يعودا إليه، وعاد أيوب، قال يزيد: وقد أحسن أيوب. حدثني الرياشي عن الأصمعي عن نافع المدني قال: مات كثير الشاعر وعكرمة في يوم واحد. قال الرياشي: فحدثني ابن سلام أن الناس ذهبوا في جنازة كثير، وكان عكرمة يرى رأي الخوارج وطلبه بعض الولاة فتغيب عند داود بن الحصين حتى مات عنده، ومات عكرمة سنة خمس ومائة وقد بلغ ثمانين سنة.
بكر بن عبد الله المزني
هو من مزينة مضر وكانت أم بكر بن عبد الله موسرة ولها زوج كثير المال وكان بكر حسن اللباس جداً، وروى عفان عن معتمر عن أبيه أن بكر بن عبد الله كانت قيمة كسوته أربعة آلاف درهم. وقال غيره: اشترى بكر طيلساناً بأربعمائة درهم فأراد الخياط أن يقطعه فذهب ليذر عليه تراباً علامة لموضع القطع، فقال له بكر: لا تعجل. وأمر بكافور فسحق ثم ذره عليه، ومات سنة ثمان ومائة وحضر الحسن جنازته وكان لجد بكر صحبة ولا عقب لبكر باق.
الضحاك بن مزاحم
هو من بني عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصة رهط زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ويكنى أبا القاسم، وولد لسنتين وقد أثغر وكان معلماً وأتى خراسان فأقام بها ومات سنة اثنتين ومائة.
صفوان بن محرز
هو صفوان بن محرز بن زياد من غسان تميم، وقد انقرضت غسان التي من تميم، وكان صفوان من أصحاب أبي موسى الأشعري ومات بالبصرة سنة أربع وسبعين في إمرة بشر من مروان ولا عقب له، وهو القائل: إذا دخلت بيتي فأكلت رغيفي وشربت عليه من الماء فعلى الدنيا العفاء.
محمد بن كعب
كان يكنى أبا حمزة، وروى عبد الله بن مغيث أو ابن معتب عن أبي بردة عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج من الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسها أحد من بعده، فكان يقال: إنه محمد بن كعب والكاهنان قريظة والنضير.
حدثني: أبو حاتم عن الأصمعي، قال: كتب محمد بن كعب فانتسب فقال القرظي: فقيل له أو الأنصاري? فقال: أكره أن أمنّ على الله بما لم أفعل. وكان يقص فسقط عليه وعلى أصحابه مسجده فقتلهم، ويقال: إنه مات سنة ثمان ومائة، ويقال سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة ومائة.
وهب بن منبه
هو من أبناء الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن ويكنى أبا عبد الله، وقال: قرأت من كتب الله اثنين وسبعين كتاباً، وكان له أخوة، منهم: همام بن منبه وكان أكبر من وهب وروى عن أبي هريرة ومات قبل وهب، ومنهم: معقل بن منبه وعمر بن منبه، وقد روى عنهما أيضاً، ومات وهب بصنعاء سنة عشر، ويقال سنة أربع عشرة ومائة.
عطاء بن يسار
قال أبو اليقظان: كان يسار مولى ميمونة الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وولد يسار: عطاء وسليمان ومسلم وعبد الملك بنو يسار وكلهم فقهاء. قال غيره: وكان عطاء قاصاً ويرى القدر ويكنى أبا محمد، ومات سنة ثلاث ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة، ومات سليمان سنة سبع ومائة وله ثلاث وسبعون سنة، وكان يكنى أبا أيوب، ومات عبد الملك سنة عشر ومائة.
مقسم مولى ابن عباس
وهو مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب، وإنما قيل له مولى ابن عباس للزومه إياه وانقطاعه إليه وروايته عنه، ويكنى أبا القاسم وقد روى عن أم سلمة سماعاً منها رضي الله تعالى عنها.
صالح مولى التؤمة
هو صالح بن أبي صالح مولى التؤمة، واسم أبي صالح نبهان والتؤمة هي ابنة أمية بن خلف الجمحي وولدت مع أخت لها في بطن فسميت تلك باسم، وسميت هذه التؤمة، وهي أعتقت أبا صالح وكان أبو صالح هذا قديماً. وروى عن أبي هريرة وبقي حتى توفي بالمدينة سنة خمس وعشرين ومائة، وله أحاديث يسيرة، وهو ضعيف في حديثه.
نافع مولى ابن عمر
يكنى أبا عبد الله، وكان من أهل أبر شهر أصابه عبد الله في غزاته وهلك سنة سبع عشرة ومائة، وكان له من الولد: عمر بن نافع وأبو بكر بن نافع وعبد الله بن نافع.
حدثني: سهل، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثنا العمري عن نافع، قال: دخلت مع عمر على عبد الله بن جعفر فأعطاه بي اثني عشر ألف درهم، فأبى أن يبيعني فأعتقني أعتقه الله تعالى.
محمد بن المنكدر
هو محمد بن المنكدر بن هدير من بني تيم قريش رهط أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وكان للمنكدر أخ يقال له ربيعة بن هدير من فقهاء الحجاز. وقيل له: أي الأعمال أفضل? قال: إدخال السرور على المؤمن. وقيل له: أي الدنيا أحب إليك? قال: الأفضال على الأخوان. ومات محمد بن المنكدر سنة ثلاثين ومائة أو إحدى وثلاثين ومائة وله عقب بالمدينة، وكان لمحمد أخوان فقيهان عابدان: أبو بكر بن المنكدر وعمر بن المنكدر، ومن موالي آل المنكدر الماجشون.
الماجشون مولى آل المنكدر
هو الماجشون بن أبي سلمة واسمه يعقوب ينسب إلى ذلك ولده وبنو عمه، فقيل لهم بنو الماجشون، وكان يعقوب الماجشون فقيهاً وابنه يوسف بن يعقوب، وكان للماجشون أخ يقال له عبد الله بن أبي سلمة وابنه عبد العزيز بن عبد الله يكنى أبا عبد الله توفي ببغداد في خلافة المهدي وصلى عليه المهدي ودفنه في مقابر قريش وذلك في سنة أربع وستين ومائة. ومن موالي آل المنكدر ربيعة الرأي، وهو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسنذكره مع أصحاب الرأي والفتوى.
قتادة
هو قتادة بن دعامة سدوسي وأبوه ولد بالدعامية إعرابياً وأمه سريرة من مولدات الأعراب، قال الشاعر:
أمست دعامية الأنقاء موحشة * وقد تكون عليها أم كلثوم
ويكنى قتادة أبا الخطاب، ومات سنة سبع عشرة ومائة.
حدثنا: أبو حاتم عن الأصمعي عن شعبة، قال: كان قتادة إذا حدث بالحديث الجيد ثم ذهب يجيء بالثاني عدوت وراءه لئلا ينسى الأول لأنه كان يحفظ ولا يكتب.
إبراهيم النخعي
هو إبراهيم بن يزيد من النخع من اليمن رهط علقمة والأسود. قال أبو سفيان بن العلاء: اختلفنا في إبراهيم النخعي عن محمد بن سليمان، فأرسل يسأل عنه فقالوا: هو مولى النخع. وقال أبو عبيدة عن يونس: وقد ولدته العرب وكان يكنى أبا عمران وحمل عنه العلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، ومات وهو ابن ست وأربعين، وكان مزاحاً. قيل له: إن سعيد بن جبير يقول: كذا. قال: قل له يسلك وادي النوكي، وقيل لسعيد إن إبراهيم يقول: كذا، قال: قل له يقعد في ماء بارد.
وقال الأعمش: عادني إبراهيم فرأى منزلي، فقال: إنك لتعرف في منزله أنه ليس بابن عظيم القريتين، ومات وهو ابن ست وأربعين سنة.
حدثني سهل عن الأصمعي إن إبراهيم مات سنة ست وتسعين في أشهر ابن أبي مسلم، قال: وقال أبو عون: كنت في جنازة إبراهيم فما كان فيه إلا سبعة أنفس، وصلى عليه عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد وهو ابن خاله.
الحكم بن عتبة
هو مولى لكندة، ويكنى: أبا عبد الله. ويقال: أبا محمد. وكان هو وإبراهيم النخعي لدة عام واحد، وتوفي بالكوفة سنة عشر ومائة قال ابن إدريس: ولدت سنة مات الحكم بن عتيبة، وكان له أخوه.
حدثنا سهل: قال: حدثنا الأصمعي عن ابن عون، قال: قال لي النخعي: لا تجالس بني عتيبة فإنهم كذابون. يعني أخوة الحكم.
أبو الزناد
هو عبد الله بن ذكوان مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة، وكانت رملة تحت عثمان بن عفان، وكان أبو الزناد يكنى أبا عبد الرحمن فغلب عليه أبو الزناد.
وحدثني سهل بن محمد عن الأصمعي عن أبي الزناد، قال: أصلنا من همدان وكان عمر بن عبد العزيز ولاه خراج العراق مع عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، ومات أبو الزناد فجأة في مغتسله في شهر رمضان سنة ثلاثين ومائة وهو ابن ست وستين سنة.
عبد الرحمن بن أبي الزناد
وابنه عبد الرحمن بن أبي الزناد يكنى أبا محمد ولي خراج المدينة وقدم بغداد ومات بها سنة أربع وسبعين ومائة وهو ابن أربع وسبعين سنة، وأخوه أبو القاسم بن أبي الزناد قد روى عنه، وابنه محمد بن عبد الرحمن كان بينه وبين أبيه في السن سبع عشرة سنة، وفي الوفاة إحدى وعشرون سنة، وكان لقي رجال أبيه ولم يحدث عنهم حتى مات أبوه، ومات ببغداد أيضاً ودفن هو وأبوه ببغداد في مقابر باب التين.
الأعرج صاحب أبي هريرة
هو عبد الرحمن بن هرمز، ويكنى أبا داود مولي محمد بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب، وخرج إلى الإسكندرية فأقام بها حتى توفي، وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة.
أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم
هو من الأنصار كنيته اسمه، وتوفي بالمدينة سنة عشرين ومائة وهو ابن أربع وثمانين سنة.
عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان
هو صاحب السير والمغازي توفي سنة عشرين ومائة وانقرض عقبه فلم يبق منهم أحد، وكان جده قتادة بن النعمان من الصحابة ومن الرماة المذكورين، وكان آخر من بقي من عقبه عاصم ويعقوب ابنا عمر بن قتادة ودرجوا فلم يبق لهم عقب.
أبو مجلز
هو لاحق بن حميد بن سدوس بن شيبان، وكان ينزل خراسان وعقب بها، وكان عمر بن عبد العزيز بعث إليه فأشخصه ليسأله عنها، وقال قرة بن خالد: كان أبو مجلز عاملاً على بيت المال، وعلى ضرب السكة، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز قبل وفاة الحسن البصري.
الربيع بن أنس
كان من أهل البصرة من بني بكر بن وائل، ولقي ابن عمر وجابر وأنس بن مالك، وهرب من الحجاج فأتى مرو فسكن قرية منها ثم طلب بخراسان حين ظهرت دعوة ولد العباس فتغيب فخلص إليه عبد الله بن المبارك وهو مستخف فسمع منه أربعين حديثاً، وكان عبد الله يقول: ما يسرني بها كذا وكذا لشيء سماه ومات في خلافة أبي جعفر.
أياس بن معاوية
هو أياس بن معاوية بن قرة من مزينة مضر رهط عبد الله بن مغفل، ويكنى أبا واثلة، وكان لأياس جد أبيه صحبة، وولاه عمر بن عبد العزيز قضاء البصرة، وكان صادق الظن لطيفاً في الأمور، وكان لأم ولد ومنزله عن السي ومات بها سنة اثنتين وعشرين ومائة وله عقب بالبصرة وغيرها، وسئل معاوية بن قرة: كيف ابنك لك? فقال: نعم، الابن كفاني أمر دنياي ففرغني لآخرتي.
أبو الأعور السلمي
هو عمر بن سفيان من ذكوان سليم وأمه قرشية من بني سهم.
أبو خيرة
هو شيخة بن عبد الله بن قيس من ضبيعة بن ربيعة بن نزار، وكان من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومات بالبصرة هرماً ولا عقب له.
أبو حمرة صاحب ابن عباس
هو نصر بن عمران بن واسع من ضبيعة بن ربيعة بن نزار ومات بالبصرة وله بها عقب.
أبو التياح
هو يزيد بن حميد من بني بهثة، وكان من فقهاء البصرة ومات بها ولا عقب له.
طلق بن حبيب
هو من عنزة، وكان في سجن الحجاج، ثم أخرج بعد موت الحجاج، وكان من رؤوس المرجئة ومات بواسط ولا عقب له.
خارجة بن مصعب
هو من بني شجنة من ضبيعة، وكان من أفقه أهل خراسان وأرضاهم عنده وعقبه بخراسان، وكان أبوه مصعب بن خارجة مع علي بن أبي طالب.
عمرو بن دينار
عمرو بن دينار هو مولى ابن باذان من فرس اليمن ويكنى أبا محمد، ومات سنة خمس وعشرون ومائة.
عبد الله بن أبي نجيح
هو مولى لبني مخزوم ويكنى أبا يسار، وكان يقول بالقدر. وحدثنا البجلي قال: اسم أبي نجيح يسار وهو مولى لثقيف، ومات أبو نجيح سنة تسع ومائة، ومات عبد الله ابنه سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
أبو المليح الهذلي
هو عامر بن أسامة روى عنه أيوب وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائة.
فأما أبو المليح الفزاري فهو الحسن بن عمر مولى لعمر بن هبيرة ومولده الرقة، ومات سنة إحدى وثمانين ومائة.
أبو الجوزاء الربيعي
هو أوس بن خالد وقال: جاورت ابن عباس في داره اثنتي عشرة سنة ما في القرآن آية إلا وقد سألته عنها، وخرج مع ابن الأشعث فقتل بدير الجماجم سنة ثلاث وثمانين.
مورق العجلي
هو مورق بن المشمرج ويكنى أبا المعتمر، وكان من العباد، وكان يفلي رأس أمه، وقال له رجل: أكلّ حالك صالح. فقال: وددت أن العشر منها كان صالحاً. وقال له رجل: أشكو إليك نفسي إني لا أستطيع أن أصلي ولا أصوم.فقال: بئس ما أثنيت على نفسك، أما إن ضعفت عن الخير فأضعف عن الشر فإني أفرح بالنومة أنامها، وكان ربما دخل على بعض إخوانه فيضع عندهم الدراهم فيقول: امسكوها حتى أعود إليكم، فإذا خرج قال: أنتم منها في حل، وتوفي مورق في ولاية عمر بن هبيرة على العراق.
مالك بن دينار
هو مولى لبني سامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك ويكنى أبا يحيى، وكان يكتب المصاحف بالأجرة، ومات قبل الطاعون بيسير، وكان الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة.
ابن شبرمة
هو عبد الله بن شبرمة من ضبة من ولد المنذر بن ضرار بن عمرو ويكنى أبا شرمة، كان قاضياً لأبي جعفر على سواد الكوفة، وكان شاعراً حسن الخلق جواداً ربما كسا حتى يبين من ثيابه، وله ابنا أخ يقال لهما عمارة ويزيد ابنا القعقاع بن شبرمة قد روى عنهما، وكان ابن شبرمة يقول لابنه، يا بني لا تمكن الناس من نفسك فإن أجراً الناس على السباع أكثرهم لها معاينة.
أيوب السختياني
هو أيوب بن أبي تميمة، واسم أبي تميمة كيسان وكان أيوب يكنى أبا بكر وهو مولى بني عمار بن شداد، وكان عمار مولى لعنزة فهو مولى مولى، وكان يحلق شعره في كل سنة مرة، فإذا طال فرقه، قال حماد بن زيد: وكان قميص أيوب يشم الأرض، هروي جيد وله شعر وارد وشارب واف وطيلسان كردي جيد وقلنسوة متركة لو استسقاكم على النسك شربة من ماء ما سقيتموه، وقد رأى أنس بن مالك ومات بالبصرة في الطاعون سنة إحدى وثلاثين ومائة، وله يوم مات ثلاث وستون سنة وله عقب.
عبد العزيز بن صهيب
كان عبد العزيز مملوكاً وأبواه مملوكين وأجاز إياس بن معاوية شهادة عبد العزيز وحده.
الزهري
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب بن عبيد الله بن الحرث بن زهرة بن كلاب، وكان أبو جده عبد الله بن شهاب شهد مع المشركين بدراً، وكان أحد النفر الذين تعاقدوا يوم أحد لئن رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلنه أو ليقتلن دونه، وهم: عبد الله بن شهاب وأبي بن خلف وابن قمئة وعتبة بن أبي وقاص، وكان أبو مسلم بن عبيد الله مع ابن الزبير، ولم يزل الزهري مع عبد الله بن مروان ثم مع هشام بن عبد الملك، وكان يزيد بن عبد الملك استقضاه، وتوفي في شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائة ودفن بماله على قارعة الطريق ليمر مار فيدعو له، والموضع الذي دفن به آخر عمل الحجاز وأول عمل فلسطين وبه وضيعته. وأخو الزهري مع عبد الله بن مسلم كان أسن من الزهري ويكنى أبا محمد، وقد لقي ابن عمر وروى عنه وعن غيره ومات قبل الزهري.
رجاء بن حيوة
هو من كندة ويكنى أبا المقدام ويقال يكنى أبا نصر، وقال جرير بن خازم: رأيت رجاء بن حيوة ورأيته أحمر ولحيته بيضاء ومات سنة اثنتين عشرة ومائة.
محمد بن يحيى بن حبان
كان كثير الحديث ثقة وتوفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين ومائة في خلافة هشام، وهو ابن أربع وسبعين سنة.
عبد الملك بن عمير
هو من لخم ويكنى أبا عمرو، وكان يلقب القبطي واستقصى على الكوفة الشعبي، وهو استعفى الحجاج بعد سنة فأعفاه واستقضى القاسم بن عبد الرحمن بعده، وعمر عبد الملك حتى بلغ مائة سنة وثلاث سنين وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة. وقال الهيثم بن عدي: أنا ردف في جنازته وكان قبيحاً جداً وله شعر فلقبه المخنثون منفر الغيلان.
حماد بن أبي سليمان
راوية إبراهيم النخعي:
يكنى أبا إسماعيل، وهو مولى إبراهيم بن أبي موسى الأشعري واسم أبيه مسلم، وكان ممن أرسل به معاوية إلى أبي موسى الأشعري وهو بدومة الجندل، وكان حماد مرجئاً وتوفي سنة عشرين ومائة.
المغيرة راوية إبراهيم
هو المغيرة بن مقسم، ويكنى أبا هشام وهو مولى لضبة، وكان أعمى وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة وفيها توفي عطاء بن السائب الثقفي أبو زيد، ولا عقب للمغيرة، وكان اختلط آخر عمره.
منصور بن المعتمر السلمي
يكنى أبا عتاب، قال ابن عيينة: كان قد عمش من البكاء وصام ستين سنة وقامها. ةقال غيره: كان من الحبشة وكان يزيد بن عمر ولاه القضاء فقعد للناس وتقدموا إليه فجعل يقول: لا أحسن إلى أن عزل، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
ابن أبي مليكة
هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان التيمي من قريش رهط أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، واسم أبي مليكة زهير، وذكر أبو اليقظان أن عبد الله بن جدعان كان عقيماً فادعى رجلاً فسماه زهيراً وكناه أبا مليكة، فولده كلهم ينسبون إلى أبي مليكة، وفقد أبو مليكة فلم يرجع وكان عمل عصيدة ثم خرج في حاجة فلم يرجع، فقيل في المثل: لا أفعل كذا حتى يرجع أبو مليكة إلى عصيدته. وله أخ يقال له أبو بكر بن عبيد الله قد روى عنه، وتوفي عبد الله بن أبي مليكة سنة سبع عشرة ومائة وابن عمه علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة من فقهاء أهل البصرة، ومات بموضع يقال له سيالة من بلاد ضبة ولا عقب له.
سليمان التيمي
هو سليمان بن طهمان من موالي عمرو بن مرة بن عباد بن ضبيعة ويكنى أبا المعتمر، ونسب إلى بني تيم لأن منزله ومسجده فيهم، وكانت بنت الفضل بن عيسى الرقاشي القاص تحته فولدت له المعتمر بن سليمان ويكنى أبا محمد، هذا قول أبي اليقظان، وأخبرني أنه سليمان بن طرخان، قال: وكان طرخان مكاتباً لبني مرة وكانت امرأة طرخان مكاتبة لبني سليم، وكانت عتقت قبل طرخان وولدت سليمان وهي حرة، فصار سليمان مولى لبني سليم، وتوفي سليمان بالبصرة سنة ثلاث وأربعين ومائة وولد المعتمر بن سليمان سنة ست ومائة وتوفي سنة سبع وثمانين ومائة بالبصرة.
حدثني سهل: قال: سمعت الأصمعي يقول: أعبد الأربعة سليمان وأفقههم أيوب وأشدهم في الدراهم يونس وأضبطهم للسانه ابن عون.
ثابت البناني
هو ثابت بن أسلم وبنانة من قريش وهم بنو سعد بن لؤي وكانت بنانة أمهم فنسبوا إليها، وكانت منهم من أنفسهم ويكنى أبا محمد وتوفي في ولاية خالد بن عبد الله على العراق.
محمد بن واسع بن جابر
هو من الأزد وكان مع قتيبة بن مسلم بخراسان في جنده، وكان لا يقدم عليه أحد في زمانه في زهده وعبادته، ومات سنة عشرين ومائة وآذى ابن له رجلاً فقال له أبوه: أتؤذيه وأنا أبوك، وإنما اشتريت أمك بمائة درهم. وقيل له: ألا تجلس متكئاً? فقال: تلك جلسة الآمنين. وقال جعفر: كنت إذا أحسست من قلبي قسوة أتيت محمد بن واسع فنظرت إليه، وكنت إذا رأيته حسبت وجهه وجه ثكلى. وقيل له: إنك لترضى بالدون? قال: إنما الراضي بالدون من رضي بالدنيا.
ليث بن أبي سليم
هو مولى عنبسة بن أبي سفيان بن حرب ويكنى أبا بكر، وكان أبوه سليم من المجتهدين في العبادة في المسجد الجامع بالكوفة، فلما دخل شبيب الخارجي الكوفة أتى المسجد فبيت من فيه فقتلهم وقتل أبا سليم، فترك الناس التهجد في المسجد منذ ذلك. وكان ليث رجلاً صالحاً عابداً غير أنه يضعف في حديثه. وتوفي في أول خلافة أبي جعفر، وذكر عبد الرزاق عن معمر، قال: قيل لأيوب: ما لك لم تكثر عن طاوس? قال: كان بين ثقيلين قد أكنفاه: عبد الكريم بن أبي أمية وليث بن أبي سليم فلم يخف عليّ أن أجلس إليه.
أبو الأشهب العطاردي
هو جعفر بن حيان، وحدثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: قال لي أبو الأشهب: ولدت عام الجفرة وذلك سنة سبعين. قال: وتوفي بالبصرة سنة خمس وستين ومائة.
أبو صالح السمان
اسمه ذكوان، ويقال أيضاً: الزيات وهو مولى جويرية امرأة من قيس، وكان له ابنان: عباد بن أبي صالح وسهيل بن أبي صالح، وقد روى عنهما، وكان عباد أسنهما، وقد روى سهيل عن أخيه عباد وتوفي سهيل في خلافة أبي جعفر.
أبو صالح صاحب التفسير
هو أبو صالح مولى أم هانئ بنت أبي طالب أخت علي بن أبي طالب واسمه باذام، ويقال: باذان، وكان لا يحسن أن يقرأ القرآن.
حدثنا: أبو حاتم عن الأصمعي عن أبيه، قال: كان الشعبي يراه فيقعد ويقول له تفسر القرآن ولا تحسن أن تقرأه نظراً.
أبو صالح الحنفي
اسمه ماهان الحنفي روى عنه إسماعيل بن أبي خالد.
أبو حازم المدني
هو سلمة بن دينار مولى لبني ليث بن بكر بن عبد مناة وكان أعرج، وكان يقص في مسجد المدينة وكان له حمار يركبه إلى المسجد، وتوفي في خلافة أبي جعفر بعد سنة أربعين ومائة وابنه عبد العزيز بن أبي حازم يكنى أبا تمام ومات بالمدينة فجأة سنة أربع وثمانين ومائة.
يحيى بن سعيد الأنصاري
يكنى أبا سعيد وقدم على أبي جعفر الكوفة وهو بالهاشمية فاستقضاه بالهاشمية ومات بها سنة ثلاث وأربعين ومائة، وأخوه عبد ربه بن سعيد توفي سنة تسع وثلاثين ومائة، وأخوه سعد بن سعيد توفي سنة إحدى وأربعين ومائة.
إسماعيل بن أبي خالد
هو مولى لبني أحمس بن بجيلة ويكنى أبا عبد الله، وكان أصغر من إبراهيم النخعي بسنتين ورأى ستة ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أنس بن مالك وعمرو بن حريث، وتوفي سنة ست وأربعين ومائة.
جابر الجعفي
هو جابر بن يزيد وكان ضعيفاً في حديثه ومن الرافضة الغالية الذين يؤمنون بالرجعة، وكان صاحب شبهة ونيرنجات، وقد روى عنه الثوري وشعبة وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائة.
يونس بن عبيد
هو من عبد القيس ويقال إنه مولى لهم ويكنى أبا عبد الله، ومات سنة ثمان وثلاثين ومائة ويقال سنة أربعين ومائة.
حدثني أبو حاتم عن الأصمعي، قال: أعطى أبو العباس ناساً من أهل البصرة فأصاب يونس من ذلك ألف درهم، فقال يونس: ما أرى من مالي شيئاً أحل منها.
حميد الطويل
هو حميد بن طرخان مولى طلحة الطلحات الخزاعي ويكنى أبا عبيدة، ومات سنة اثنتين وأربعين ومائة، وحدثني أبو حاتم عن الأصمعي، قال: كان أياس بن معاوية يقول: حميد الطويل تمر ينتفع به العامة، والحجاج الأسود زق من عسل.
مسعر بن كدام
هو من بني عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة ويكنى أبا سلمة، توفي بالكوفة سنة اثنتين وخمسين ومائة وكان يقول: من أبغضني فجعله الله محدثاً.
داود بن أبي هند
هو مولى لبني قشير ويكنى أبا بكر واسم أبي هند دينار، وكان من أهل سرخس وبها عقبه. ومات في طريق مكة سنة تسع وثلاثين ومائة.
الجريري
هو سعيد بن أياس من بني جرير ويكنى أبا مسعود واختلط في آخر عمره وتوفي سنة أربع وأربعين ومائة.
بهز بن حكيم
هو من قشير بن كعب وكان من خيار الناس.
عباد بن منصور الناجي
هو من بني سامة، وكان على قضاء البصرة زمن أبي جعفر وهو يضعف في حديثه.
عمرو بن عبيد
هو عمر بن عبيد بن باب مولى لأهل عرارة بن يربوع بن مالك ويكنى أبا عثمان، وكان عبيد أبوه يختلف إلى أصحاب الشر بالبصرة، فكان الناس إذا رأوا عمراً مع أبيه قالوا: خير الناس ابن شر الناس، فيقول عبيد: صدقتم هذا إبراهيم وأنا آزر وكان يرى رأي القدر ويدعو إليه واعتزل الحسن هو وأصحاب له فسموا المعتزلة.
حدثني: إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن عمرو بن النضر، قال: مررت بعمرو بن عبيد فذكر شيئاً من القدر فقلت: هكذا يقول أصحابنا، فقال: ومن أصحابك? قلت: أيوب وابن عوف ويونس والتيمي، فقال: أولئك أرجاس أنجاس أموات غير أحياء، ومات عمرو في طريق مكة ودفن بمران على ليلتين من مكة على طريق البصرة، وصلى عليه سليمان بن علي ورثاه أبو جعفر المنصور بأبيات فقال:
صلى الإله عليك من متوسد * قبراً مررت به على مران
قبراً تضمن مؤمناً متحققاً * صدق الإله ودان بالفرقان
فلو أن هذا الدهر أبقى صالحاً * أبقى لنا حقاً أبا عثمان
غيلان الدمشقي
كان قبطياً قدرياً لم يتكلم أحد قبله في القدر ودعا إليه إلا معبد الجهني، وكان غيلان يكنى أبا مروان وأخذه هشام بن عبد الملك فصلبه بباب دمشق وكانوا يرون أن ذلك بدعوة عمر بن عبد العزيز عليه.
حدثني: مهيار الرازي قال: سمعت عبد الله بن يزيد الدمشقي يقول: سمعت الأوزاعي يقول: أول من تكلم في القدر معبد الجهني ثم غيلان بعده.
عمارة بن عبد الله بن صياد
يكنى أبا أيوب، وكان أبوه حليفاً لبني النجار ولا يدرى ممن هو، وكان مالك بن أنس لا يقدم عليه أحداً في الفضل وروي عنه، وكان عمارة يروي عن سعيد بن المسيب، وأبو عبد الله بن صياد هو الذي قيل فيه إنه الدجال لأمور كان يفعلها، وأسلم عبد الله وحج وغزا مع المسلمين وأقام بالمدينة، ومات ابنه عمارة في خلافة مروان بن محمد.
مسلم الخياط
هو مسلم بن أبي مسلم روى عن ابن عمر وأبي هريرة وبقي حتى لقيه سفيان بن عيينة، وكان يسكن بالمدينة دار العطارين.
عيسى بن أبي عيسى الخياط
هو مولى لقريش ويكنى أبا محمد واسم أبيه ميسرة، وكان يقول: أنا حناط وخياط وخباط كلاً قد عالجت، وسمع من سعيد بن المسيب وقدم الكوفة في تجارة ولقي الشعبي فسمع منه وتوفي في خلافة المنصور.
ابن أبي ذئب
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب هشام بن شعبة، وكان أبو ذئب أتى قيصر فعسى به فحبسه حتى مات في حبسه وهو من بني عامر ابن لؤي من أنفسهم.
أشعث صاحب الحسن
هو أشعث بن عبد الملك مولي حمران بن أبان ويكنى أبا هانئ، وتوفي سنة ست وأربعين ومائة قبل عوف، وفي هذه السنة مات هشام بن حسان الفردوسي من الأزد.
أشعث بن سوار
وهو من ثقيف مولى لهم وكان يعالج الخشب وتوفي في أول خلافة أبي جعفر.
صالح بن كيسان
يكنى أبا محمد وولاؤه لامرأة مولاة لآل معيقب بن أبي فاطمة الدوسي، فهو مولى مولى، ومات بعد سنة أربعين ومائة.
صالح بن حسان
كان يحدث عن محمد بن كعب القرظي وغيره، وكان سرياً يملأ المجلس إذا تحدث، وكان عنده جوار مغنيات فهن وضعنه عند الناس، وقدم الكوفة فسمع منه الكوفيون وأدرك المهدي. قال الهيثم: وسمعته يقول: أفقه الناس وضاح اليمن في قوله:
إذا قلت هاتي نوليني تبسمت * وقالت معاذ الله من فعل ما حرم
فما نولي حتى تضرعت عندها * وأنبأتها ما رخص الله في اللمم
سليمان بن قتة
هو منسوب إلى أمه وهو مولى لتيم قريش، وكان مع روايته الحديث شاعراً، وهو القائل:
وقد يحرم الله الفتى وهو عاقل * ويعطي الفتى مالاً وليس له عقل
ابن عون
هو عبد الله بن عون بن أرطبان مولى لابن بزرة المزني، ويقال: مولى عبد الله بن مغفل المزني مزينة مضر، ويكنى عبد الله أبا عون ونكح عبد الله عربية فضربه بلال بن أبي بردة بالسياط. وعطاء بن فروخ هو ابن ابن أخي أرطبان، كان فروخ ابن أخيه وأم عون خراسانية.
حدثني سهل بن محمد، قال: حدثنا الأصمعي، قال: حدثني رجل كان يأتي ابن عون. أنه قال بشرّ بي أبي بهاصرى من المدائن حين خرج مصعب لقتال المختار، وكان مصعب بهاصرى سنة ست وستين، وقال حماد بن زيد: ولد ابن عون قبل الجارف بثلاث سنين ومات سنة إحدى وخمسين ومائة وقد رأى أنس بن مالك.
ابن جريح
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح ويكنى أبا الوليد، وكان جريح عبداً لأم حبيب بنت جبير وكانت تحت عبد العزيز بن خالد بن أسد فنسب إلى ولائه، ولد سنة ثمانين عام الجحاف وهو سيل كان بمكة ومات سنة خمسين ومائة.
حدثني أبو حاتم عن الأصمعي عن أبي هلال، قال: كان ابن جريح أحمر الخضاب.
وروى الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال: شهد ابن جريح جاء إلى هشام بن عروة، فقال: يا أبا منذر! الصحيفة التي أعطيتها فلاناً هي حديثك? قال: نعم. قال الواقدي: فسمعت ابن جريح بعد هذا يقول: حدثنا هشام بن عروة ما لا أحصي، قال: وسألته عن قراءة الحديث عن المحدث فقال: ومثلك يسأل عن هذا إنما اختلف الناس في الصحيفة يأخذها ويقول: أحدث بما فيها ولم يقرأها، فأما إذا قرأها فهو والسماع واحد.
أبو بكر بن عبد الله
بن محمد بن أبي سبرة:
كان يفتي بالمدينة، ثم كتب إليه فقدم بغداد فولي قضاء موسى الهادي بن المهدي وهو ولي عهد، ومات ببغداد سنة اثنتين وستين ومائة في خلافة المهدي، فلما مات استقصى أبو يوسف مكانه. قال الواقدي: قال أبو بكر: قال لي ابن جريج: أكتب لي أحاديث من أحاديثك جياداً فكتبت له ألف حديث ودفعتها إليه فما قرأها عليّ ولا قرأتها عليه. قال الواقدي: ثم رأيت ابن جريج قد أدخل في كتبه أحاديث كثيرة من حديثه، يقول: حدثني أبو بكر بن عبد الله يعني ابن أبي سبرة.
الأعمش
هو سليمان بن مهران ويكنى أبا محمد مولى لبني كاهل من بني أسد، وذكروا أن أباه شهد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما وأن الأعمش ولد يوم قتل الحسين بن علي، وذلك يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وكان أبوه حميلاً فمات أخوه فورثه مسروق منه ومات الأعمش سنة ثمان وأربعين ومائة. قال وكيع: راح الأعمش إلى الجمعة وقد قلب فروة جلده وصوفها إلى خارج وعلى كتفيه منديل الخوان مكان الرداء. قال أبو بكر بن عياش سمعت الأعمش يقول: والله لا يأتون أحداً إلا حملوه على الكذب، والله ما أعلم من الناس شراً منهم فأنكرت هذه، قال: إنهم لا يشبعون. وذكر أبو بكر التدليس.
محارب بن دثار
هو من بني سدوس بن شيبان ويكنى أبا مطرف، وولى قضاء الكوفة لخالد بن عبد الله القسري وتوفي في ولاية خالد الكوفة.
العلاء بن عبد الرحمن
هو مولى للحرقة من جهينة، وكانت له سن وبقي إلى أول خلافة أبي جعفر. قال مالك: كانت عند العلاء صحيفة يحدث بما فيها فربما أراد الرجل أن يكتب بعضها فيقول له: إما أن تأخذها جميعاً أو تدعها جميعاً، وصحيفته بالمدينة مشهورة.
أبو حزرة
هو يعقوب بن مجاهد ويكنى أبا يوسف أحسبه مولى لبني مخزوم، وكان قاصاً وتوفي بالإسكندرية سنة تسع وأربعين ومائة أو خمسين ومائة.
أبو وجزة السعدي
اسمه يزيد بن عبيد من بني سعد بن بكر بن هوزان أظآر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان شاعراً مجيداً كثير الشعر ولا يعلم فيمن حمل عنه الحديث مثله في الشعر، وتوفي بالمدينة سنة ثلاثين ومائة.
محمد بن إسحاق
هو محمد بن إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة بن عبد مناف، ويذكرون أن يساراً كان من سبي عين التمر الذين بعث بهم خالد بن الوليد إلى أبي بكر بالمدينة وله أخوان يروي عنهما موسى بن يسار وعبد الرحمن بن يسار، وكان محمد أتى أبا جعفر بالحيرة فكتب له المغازي، فسمع منه أهل الكوفة بذلك السبب وكان يروي عن فاطمة بن المنذر بن الزبير وهي امرأة هشام بن عروة، فبلغ ذلك هشام فأنكره وقال: أهو كان يدخل على امرأتي? وحدثنا أبو حاتم عن الأصمعي عن المعتمر، قال: قال أبي لا تأخذن من ابن إسحاق شيئاً فإنه كذاب. وكان محمد بن إسحاق يكنى أبا عبد الله.
عروة بن أذينة
كان مالك بن أنس يروي عنه الفقه، وحدثني أبو حاتم عن الأصمعي، قال: كان عروة بن أذينة ثقة ثبتاً وقال قلوض وعروة هو القائل:
يا ديار الحي بالأجمة * لم تبين دارها كلمه
الشعر له وهو وضع لحنه وهو القائل:
قالت وأبثثتها وجدي فبحت به * قد كنت عهدي تحب الستر فاستتر
ألست تبصر من حولي فقلت لها * غطى هواك وما ألقى على بصري
ووقفت عليه امرأة فقالت: أنت الذي يقال فيه الرجل الصالح وأنت تقول:
إذا وجدت أوار الحب في كبدي * عمدت نحو سقاء القوم أبترد
هذا بردت ببرد الماء ظاهرة * فمن لنار على الأحشاء تتقد
والله ما قال هذا رجل صالح قط.
أصحاب الرأي
ابن أبي ليلى
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وكان اسم أبي ليلى يسارا وهو من ولد أحيحة بن الجلاح، وكان ابن شبرمة القاضي وغيره يدفعونه عن هذا النسب، قال عبد الله بن شبرمة:
وكيف ترجى لفصل القضا * ء ولم تصب الحكم في نفسكا
وتزعم أنك لابن الجلا * ح وهيهات دعواك من أصلكا
وكان محمد بن عبد الرحمن ولي القضاء لبني أمية، ثم وليه لبني العباس، وكان فقيهاً مفتياً بالرأي، وكان أبو عبد الرحمن يروي عن عمر وعلي وعبد الله وأبي، وكان خرج مع ابن الأشعث وقتل بدجيل. وقال محمد بن عبد الرحمن: لا أعقل من شأن أبي شيئاً غير أني أعرف أن كانت له امرأتان وكان له حبان أخضران فينبذ عند هذه يوماً وعند هذه يوماً، ومات محمد ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى سنة ثمان وأربعين ومائة وهو على القضاء فجعل أبو جعفر المنصور ابن أخيه مكانه.
أبو حنيفة
صاحب الرأي
رضي الله تعالى عنه:
هو النعمان بن ثابت من موالي تيم الله بن ثعلبة وكان خزازاً بالكوفة، ودعاه ابن هبيرة للقضاء فأبى فضربه أياماً كل يوم عشرة أسواط، ويقال إن أبا حنيفة كان ربعياً مولى لبني قفل ومات ببغداد في رجب سنة خمسين ومائة وهو يومئذ ابن سبعين سنة، ودفن في مقابر الخيزران فولد أبو حنيفة حماد بن أبي حنيفة، وكان يكنى أبا إسماعيل وهلك بالكوفة فمن ولد حماد أبو حيان وإسماعيل وعثمان وعمر وولي إسماعيل بن حماد قضاء البصرة للمأمون ومدحه مساور فقال:
إذا ما الناس يوماً قايسونا * بآبدة من الفتيا طريفة
أتيناهم بمقياس صحيح * تلاد من طراز أبي حنيفة
إذا سمع الفقيه بها وعاها * وأثبتها بحبر في صحيفة
فأجابه مجيب من أصحاب الحديث:
إذا ذو الرأي خاصم عن قياس * وجاء ببدعة هنة سخيفة
أتيناهم بقول الله فيها * وآثار مبرزة شريفة
فكم من فرج محصنة عفيف * أحل حرامه بأبي حنيفة
ربيعة
صاحب الرأي
هو ربيعة بن أبي عبد الرحمن، واسم أبي عبد الرحمن فوخ مولى آل المنكدر التيميين ويكنى أبا عثمان وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة بالأنبار في مدينة أبي العباس، وكان أقدمه للقضاء وكان يكثر الكلام ويقول: الساكت بين النائم والأخرس. وتكلم يوماً وعنده أعرابي، فقال: ما العي? فقال له الأعرابي: ما أنت فيه منذ اليوم.
زفر
صاحب الرأي
هو زفر بن الهذيل بن قيس من بني العنبر ويكنى أبا الهذيل، وكان قد سمع الحديث وغلب عليه الرأي ومات بالبصرة وكان أبوه الهذيل على أصبهان.
الأوزاعي
حدثني البجلي أن اسمه عبد الرحمن بن عمرو من الأوزاع وهم بطن من همدان، وقال الواقدي: كان يسكن بيروت ومكتبه باليمامة فلذلك سمع من يحيى بن أبي كثير ومات ببيروت سنة سبع وخمسين ومائة، وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة.
سفيان الثوري
رضي الله تعالى عنه:
هو سفيان بن سعيد بن مسروق ويكنى أبا عبد الله، ونسب إلى ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر ويقال لثور ثور أطحل وهو جبل، ومن ثور الربيع بن خثيم يقال: إنه كان في بني ثور ثلاثون رجلاً ليس منهم رجل دون الربيع بن خثيم وهم بالكوفة، ليس بالبصرة منهم أحد. ومات سفيان بالبصرة متوارياً من السلطان ودفن عشاء فقال الشاعر:
تحرز سفيان وفر بدينه * وأمسى شريك مرصداً للدراهم
قال الواقدي: مات سنة إحدى وستين ومائة وهو ابن أربع وستين سنة وأخبرني أنه ولد سنة سبع وتسعين. قال وكيع: مات سفيان وله مائة وخمسون ديناراً بضاعة فأوصى إلى عمارة بن يوسف في كتبه فمحاها وأحرقها ولم يعقب. سفيان كان له ابن فمات قبله فجعل كل شيء له لأخته وولدها ولم يورث أخاه المبارك بن سعيد شيئاً، وتوفي أخوه المبارك بالكوفة سنة ثمانين ومائة.
مالك بن أنس
رضي الله تعالى عنه:
هو مالك بن أنس بن أبي عامر من حمير وعداده في بني مرة من قريش، وكان الربيع بن مالك عم مالك يروي الحديث وأبوه مالك بن أبي عامر يروي عن عمر وعثمان وطلحة وأبي هريرة وكان ثقة. وحمل بمالك ثلاث سنين، وكان شديد البياض إلى الشقرة طويلاً عظيم الهامة أصلع يلبس الثياب العدنية الجياد ويكره حلق الشارب، ويعيبه ويراه في المثلة ولا يغير شيبه.
قال الواقدي: كان مالك يأتي المسجد ويشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد ويجمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس في المسجد، وكان يصلي ثم ينصرف إلى منزله وترك حضور الجنائز، فكان يأتي أصحابها ويعزيهم ثم ترك ذلك كله، فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة ولا يأتي أحداً يعزيه ولا يقضي له حقاً، واحتمل الناس له ذلك حتى مات عليه وكان ربما كلم في ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره، وسعى به إلى جعفر بن سليمان، وقالوا: إنه لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء، فغضب جعفر ودعا به وجرده فضربه بالسياط ومدت يده حتى انخلعت كتفه وارتكب منه أمراً عظيماً فلم يزل بعد ذلك الضرب في علو ورفعة وكأنما كانت السياط حلياً حلى به، ومات سنة تسع وسبعين ومائة، وله يوم مات خمس وثمانون سنة ودفن بالبقيع.
أبو يوسف القاضي
هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة من بجيلة، وكان سعد بن حبتة استصغر يوم أحد ونزل الكوفة ومات بها وصلى عليه زيد بن أرقم وكبر عليه خمساً، وكان أبو يوسف يروي عن الأعمش وهشام بن عروة وغيرهما، وكان صاحب حديث حافظاً، ثم لزم أبا حنيفة فغلب عليه الرأي وولي قضاء بغداد فلم يزل قاضياً بها إلى أن مات سنة اثنتين وثمانين ومائة في خلافة هارون وابنه يوسف ولي أيضاً قضاء الجانب الغربي في حياة أبيه، ثم توفي سنة اثنتين وتسعين ومائة.
محمد بن الحسن
الفقيه
يكنى أبا عبد الله وهو مولى لشيبان وقدم أبوه واسطاً فولد له محمداً بها ونشأ بالكوفة وطلب الحديث وسمع من مسعر ومالك ابن مغول وعمر بن ذر والأوزاعي والثوري وأشباههم، وجالس أبا حنيفة وسمع منه ونظر في الرأي فغلب عليه وعرف به، وقدم بغداد فنزلها وسمع منه الحديث والرأي وخرج إلى الرقة فولاه هارون قضاء الرقة ثم عزله، فقدم بغداد فلما خرج هارون إلى الري الخرجة الأولى أمره فخرج معه فمات بالري سنة تسع وثمانين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
أصحاب الحديث
شعبة
وهو شعبة بن الحجاج بن الورد مولى الأشاقر عتاقة ويكنى أبا بسطام وكان أسن من الثوري بعشر سنين، وتوفي بالبصرة سنة ستين ومائة وهو ابن خمس وسبعين سنة، وكان يقول: والله لأنا في الشعر أسلم مني في الحديث ولو أردت الله ما خرجت إليكم ولو أردتم الله ما جئتموني ولكنا نحب المدح ونكره الذم، وكان ألثغ.
خالد الحذاء
هو خالد بن مهران، ويكنى أبا المبارك مولى لقريش لآل عبد الله بن عامر بن كريز، ولم يكن حذاء ولكنه يجلس إلى الحذائين، وقال فهد بن حيان: لم يحذ خالد قط وإنما يتكلم فيقول: أحذ على هذا الحديث فلقب الحذاء وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائة.
أبو المهزم
هو يزيد بن سفيان وكان شعبة يضعفه وروى مسلم بن إبراهيم عن شعبة أنه قال: رأيت أبا المهزم في مسجد ثابت البناني مطروحاً لو أعطاه رجل فلسين حدثه سبعين حديثاً.
جرير بن حازم
هو جرير بن حازم بن زيد الجهضمي من الأزد ويكنى أبا النضر، ولد سنة خمس وثمانين ومات سنة سبعين ومائة، وابنه وهب بن جرير يكنى أبا العباس، كان عفان يتكلم فيه، ومات سنة سبعين ومائة بالمنجشانية على ستة أميال من البصرة منصرفاً من الحج فحمل ودفن بالبصرة وأخوه يزيد بن حازم يكنى أبا بكر مات سنة سبع وأربعين ومائة. ومن مواليهم حماد بن زيد.
حماد بن زيد
هو حماد بن زيد بن درهم ويكنى أبا إسماعيل، وكان عثمانياً قال سليمان بن حرب: مات حازم أبو جرير بن حازم وزيد أبو حماد بن زيد مملوك له، فأعتقه يزيد وجرير ابنا حازم، وتوفي يوم الجمعة في شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة سنة، مات مالك وأبو الأحوص وصلى عليه إسحاق بن سليمان الهاشمي وهو يومئذ والي البصرة لهارون، وأخوه سعيد بن زيد قد روى عنه ومات قبل حماد بن زيد.
حماد بن سلمة
هو حماد بن سلمة بن دينار، من موالي ربيعة الجوع بن مالك بن زيد مناة بن تميم وهو ابن أخت حميد الطويل، وحميد الطويل هو مولى طلحة الطلحات الخزاعي، فأمه مولاة خزاعة ومات بالبصرة سنة أربع وستين ومائة، ويقال: إن حماد بن سلمة كان عالماً بالنحو والعربية وأن سيبويه النحوي استملى له.
أبو عوانة
اسمه الوضاح مولى يزيد بن عطاء البزار، وكان يزيد يضعف في حديثه. قال ابن عائشة: كان أبو عوانة لرجل من أهل واسط بزار يقال له يزيد بن عطاء، فجاء إليه يوماً سائل يسأله فأعطاه درهمين أو ثلاثة، فقال له: يا أبا عوانة لأنفعنك فلما كان يوم عرفة قام السائل في الناس فقال: ادعوا ليزيد بن عطاء البزار فإنه تقرب إلى الله في هذا اليوم بأبي عوانة وأعتقه، فلما انصرف الناس مروا على بابه فجعلوا يدعون له ويشكرون وأكثروا، فقال: من يقدر على رد هؤلاء هو حر لوجه الله: وكان أبو عوانة بواسط فانتقل إلى البصرة ومات بها سنة سبعين ومائة.
هشام بن سعد
ويكنى أبا عباد
هو مولى لآل أبي لهب، وكان صاحب محامل وكان شيعياً لآل أبي طالب، ومات بالمدينة في أول خلافة المهدي.
أبو معشر
هو نجيح وكان مكاتباً لامرأة من بني مخزوم فأدى وعتق، واشترت أم موسى بنت منصور الحميرية ولاءه، ومات ببغداد سنة سبعين ومائة.
أبو معشر زياد
هو زياد بن كليب من بني مالك بن زيد مناة بن تميم، وبعضهم يقول: زيد بن كليب، وتوفي في ولاية يوسف بن عمر على العراق.
ثور بن يزيد الكلاعي
يكنى أبا خالد من أهل حمص وكان قدرياً ثقة في حديثه، وكان جده شهد صفين مع معاوية وقتل، فكان ثور إذا ذكر علياً، قال: لا أحب رجلاً قتل جدي. ومات ببيت المقدس سنة ثلاث وخمسين ومائة.
ابن لهيعة
هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن لهيعة الحضرمي من أنفسهم، ويكنى أبا عبد الرحمن، وكان ضعيفاً في الحديث ومن سمع منه في أول أمره أحسن حالاً ممن سمع منه بآخره، وكان يقرأ عليه ما ليس من حديثه فيسكت، فقيل له في ذلك فقال: وما ذنبي إنما يجيئون بكتاب يقرؤنه ويقومون، ولو سألوني لأخبرتهم أنه ليس من حديثي، ومات بمصر سنة أربع وسبعين ومائة.
الليث بن سعد
رضي الله تعالى عنه:
هو مولى لقيس ويكنى أبا الحرث وكان ثقة سرياً سخياً يقال إن دخله كان في كل سنة خمس آلاف دينار، فكان يفرقها في الصلاة وغيرها. وقال منصور بن عمار: أتيت الليث فأعطاني ألف دينار، وقال: من بهذه الحكمة التي آتاك الله، ومات سنة خمس وستين ومائة.
معمر صاحب عبد الرزاق
هو معمر بن راشد مولى الأزد، وكان من أهل البصرة فانتقل عنه إلى اليمن وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائة ويكنى أبا عروة.
هشيم
هو هشيم بن بشير ويكنى أبا معاوية مولى لبني سليم، ولد سنة خمس ومائة ومات ببغداد سنة ثلاث وثمانين ومائة.
سفيان بن عيينة
هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران مولى لقوم من ولد عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة رهط ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ويكنى أبا محمد، وكان جده أبو عمران من عمال خالد بن عبد الله القسري، فلما عزل خالد عن العراق وولي يوسف بن عمر طلب عمال خالد فهرب منه إلى مكة فنزلها وولد سفيان سنة سبع ومائة ومات سنة ثمان وتسعين ومائة، وفيها مات عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد، وكان أشد الناس اختصاراً سئل عن قول طاوس في ذكاة السمك والجراد، فقال: ذكاته صيده.
إسماعيل بن علية
هو منسوب إلى أمه. وكان من خيار الناس، وأبوه إبراهيم، وكان على المظالم ببغداد ومات سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وكيع بن الجراح
هو من بني رواس بن كلاب بن ربيعة بن عامر ويكنى أبا سفيان، وكان الجراح أبوه على بيت مال المهدي شريك محمد بن علي بن مقدم، وتوفي في طريق مكة بفيد سنة سبع وتسعين ومائة.
سعيد بن أبي عروبة
اسم أبي عروبة مهران، وهو من موالي بني عدي بن يشكر ويكنى أبا النصر، وكان قدرياً، ومات سنة ست أو سبع وخمسين ومائة ولا عقب له، ويقال: إنه لم يمس امرأة قط واختلط في آخر عمره.
زيد بن زريع
هو زيد بن زريع بن يزيد بن التؤم ويكنى أبا معاوية، ومات بالبصرة سنة اثنتين وثمانين ومائة وكان زريع أبوه يلي خلافة صاحب الشرط بالبصرة، وله عقب.
عاصم الأحوال
هو عاصم بن سليمان ويكنى أبا عبد الله مولى لبني تميم، وكان على حسبة المكاييل والموازين بالكوفة، ثم استقضاه أبو جعفر على المدائن فمات سنة إحدى أو اثنتين وأربعين ومائة.
شريك
هو شريك بن عبد الله بن أبي شريك من النخع ويكنى أبا عبد الله، وولد ببخارى من أرض خراسان وكان جده قد شهد القادسية، توفي سنة سبع وسبعين ومائة وكان قاضياً على الكوفة، قال فيه العلاء بن المنهال:
فليت أبا شريك كان حياً * فيقضي حين يبصره شريك
ويدرك من بدرته علينا * إذا قلنا له هذا أبوك
الحسن بن صالح بن حي
يكنى أبا عبد الله وكان يتشيع، وزوج عيسى بن زيد على ابنته واستخفى معه في مكان واحد حتى مات عيسى بن زيد، وكان المهدي طلبهما فلم يقدر عليهما ومات الحسن بعد عيسى بستة أشهر.
أبو الأحوص
هو سلام بن سليم مولى لبني حنيفة، ومات بالكوفة سنة تسع وسبعين ومائة.
أبو بكر بن عياش
هو مولى واصل بن حيان الأحدب، وتوفي بالكوفة سنة ثلاث وتسعين ومائة في الشهر الذي توفي فيه هارون بطوس.
محمد بن فضيل
هو محمد بن فضيل بن غزوان ويكنى أبا عبد الرحمن، وكان جده غزوان عبداً رومياً لرجل من بني ضبة، وشهد القادسية مع مولاه فأعتقه وتوفي محمد بن فضيل بالكوفة سنة خمس وتسعين ومائة.
حفص بن غياث بن طلق
هو من النخع من مذحج ويكنى أبا عمرو، وولاه هارون القضاء ببغداد بالشرقية ثم ولاه قضاء الكوفة، فمات بها سنة أربع وتسعين ومائة، ومات ابنه عمر بن حفص بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
ابو معاوية الضرير
هو محمد بن حازم مولى لتميم، وتوفي بالكوفة سنة خمس وتسعين ومائة، وكان مرجئاً وخرج يوماً على أصحابه وهو يقول:
وإذا المعدة جاشت * فارمها بالمنجنيق
بثلاث من نبيذ * ليس بالحلو الرقيق
عبد الله بن إدريس بن يزيد
هو من مذحج ويكنى أبا محمد، وكان مريضاً وتوفي بالكوفة سنة اثنتين وتسعين ومائة.
الزنجي بن خالد
هو مسلم بن خالد من أهل الشام مولى لمخزوم، وكان أبيض مشرباً حمرة وإنما الزنجي لقب وكان عابداً مجتهداً وتوفي سنة ثمانين ومائة.
داود بن عبد الرحمن العطار
كان أبوه عبد الرحمن نصرانياً من أهل الشام يتطبب، فقدم مكة فنزلها، فولد له بها أولاد وأسلموا، وولد داود سنة مائة وهلك سنة أربع وتسعين ومائة.
الفضيل بن عياض
رضي الله تعالى عنه:
يكنى أبا علي من تميم ولد بآبيورد من خراسان وقدم الكوفة وهو كبير فسمع من منصور بن المعتمر وغيره، وتعبد وانتقل إلى مكة فنزلها إلى أن مات بها سنة سبع وثمانين ومائة.
عبد الله بن المبارك
رضي الله تعالى عنه:
يكنى أبا عبد الرحمن من أهل مرو، وولد سنة ثماني عشرة ومائة، ومات بهيت منصرفاً من الغزو سنة إحدى وثمانين ومائة.
أبو هلال الراسبي
هو محمد بن سليم وكان أعمى، وتوفي سنة خمس وستين ومائة.
هشام الدستوائي
هو هشام بن أبي عبد الله واسم أبي عبد الله سنبر مولى لبني سدوس ويرمى بالقدر، ومات بعد سنة ثلاث وخمسين ومائة.
عبد الوارث بن سعيد
يعرف بالتنوري
ويكنى أبا عبيدة مولى لبني العنبر من تميم، توفي بالبصرة في المحرم سنة ثمانين ومائة.
عباد بن عباد
بن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة:
يكنى أبا معاوية، وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة.
معاذ بن معاذ
يكنى أبا المثنى من بني العنبر، وولي قضاء البصرة لهارون ثم عزل وتوفي بالبصرة سنة ست وتسعين ومائة.
بشر بن المفضل
يكنى أبا إسماعيل وهو مولى لبني رقاش، وتوفي سنة ست وثمانين ومائة.
أزهر السمان
هو أزهر بن سعد مولى لباهلة ويكنى أبا بكر، وأوصى إليه ابن عون وتوفي بالبصرة وهو ابن أربع وتسعين سنة.
غندر صاحب شعبة
هو محمد بن جعفر مولى هذيل ويكنى أبا عبد الله، ومات بالبصرة سنة أربع وتسعين ومائة.
عبد الواحد بن زياد الثقفي
هو مولى لعبد القيس ويعرف بالثقفي ومات سنة سبع وتسعين ومائة.
عبد الرحمن بن مهدي
يكنى أبا سعيد وتوفي بالبصرة سنة ثمان وتسعين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة.
عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي
ويكنى أبا محمد ولد سنة ثمان ومائة وتوفي بالبصرة سنة أربع وتسعين ومائة.
يحيى بن سعيد القطان
يكنى أبا سعيد وتوفي بالبصرة سنة ثمان وتسعين ومائة.
يحيى بن سعيد بن أبان
بن سعيد بن العاص الأموي:
من أهل الكوفة قدم بغداد فنزلها، وكان يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري والأعمش وهشام ابن عروة، وتوفي ببغداد سنة أربع وتسعين ومائة وقد بلغ من السن ثمانين سنة.
أبو إسحاق الفزاري
صاحب السير
هو إبراهيم بن محمد بن الحرث بن أسماء بن خارجة، كان خيراً فاضلاً غير أنه كثير الغلط في حديثه ومات بالمصيصة سنة ثمان وثمانين ومائة.
داود الطائي
هو داود بن نصير ويكنى أبا سليمان من طيء أنفسهم، وكان قد سمع الحديث وتفقه وعرف النحو وأيام الناس، ثم تعبد فلم يتكلم في شيء من ذلك. وقال الفضل بن دكين: كنت إذا رأيت داود رأيت رجلاً لا يشبه القراء عليه قلنسوة سوداء طويلة مما يلبس التجار، وجلس في بيته عشرين سنة أو نحوها، ومات فحضرت جنازته فما رأيتها من كثرة الخلق، وكانت وفاته سنة خمس وستين ومائة.
الدراوردي
هو عبد العزيز بن محمد مولى قضاعة وأصله من دراورد قرية من خراسان. وقال بعضهم: هو منسوب إلى دراب جرد من فارس على غير قياس، والقياس دراب جردي ولكنه ولد بالمدينة ونشأ بها وتوفي سنة سبع وثمانين ومائة.
يزيد بن هارون
يكنى أبا خالد وهو مولى لبني سليم ولد سنة ثماني عشرة ومائة، ومات بواسط سنة ست ومائتين في خلافة المأمون.
علي بن عاصم
هو علي بن عاصم بن صهيب مولى لبني تميم ويكنى أبا الحسن، وكان يخطئ في حديثه فترك حديثه. وولد سنة تسع ومائة، وتوفي بواسط سنة إحدى ومائتين وابنه عاصم بن علي يروي عنه، وتوفي بواسط سنة إحدى وعشرين ومائتين.
عبد الله بن بكر السهمي
هو منسوب إلى بطن من باهلة يقال لهم بنو سهم، وهو من أهل البصرة، ومات ببغداد سنة ثمان ومائتين.
أبو البختري
هو وهب بن وهب بن وهب بن كثير بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، قدم بغداد فولاه هارون القضاء بعسكر المهدي ثم عزله فولاه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بكار بن عبد الله، وجعل إليه حربها مع القضاء، ثم عزل فقدم بغداد فتوفي سنة مائتين، وكان ضعيفاً في الحديث.
يحيى بن آدم بن سليمان
هو مولى خالد بن عمارة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وتوفي بفم الصلح وصلى عليه الحسن بن سهل سنة ثلاث ومائة.
أبو أسامة
هو حماد بن أسامة مولى الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، فهو مولى مولى توفي بالكوفة سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين سنة.
يعلى ومحمد ابنا عبيد
الطنافسيان
هو يعلى بن عبيد بن أمية ويكنى أبا يوسف مولى لإياد، وتوفي بالكوفة سنة تسع ومائتين، وتوفي محمد أخوه قبله بالكوفة سنة أربع ومائتين.
جعفر بن عون
ويكنى أبا عون وهو من مخزوم، وتوفي بالكوفة سنة سبع ومائتين.
زيد بن حباب العكلي
وهو يكنى أبا الخير وتوفي بالكوفة سنة ثلاث ومائتين.
أبو أحمد الزبير
هو محمد بن عبد الله بن الزبير مولى لبني أسد، توفي بالأهواز سنة ثلاث ومائتين.
الواقدي
هو محمد بن عمر بن واقد مولى لبني سهم من أسلم، ويكنى أبا عبد الله، وتحول من المدينة فنزل ببغداد وولي القضاء للمأمون بعسكر المهدي أربع سنين، وتوفي وهو على القضاء سنة سبع ومائتين، وصلى عليه محمد بن سماعة التميمي وهو يومئذ على القضاء ببغداد في الجانب الغربي، وولد الواقدي في أول سنة ثلاثين ومائة.
العوفي القاضي
هو الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد يكنى أبا عبد الله، ولي قضاء الشرقية بعد حفص بن غياث، ثم نقل إلى عسكر المهدي في خلافة هارون وتوفي سنة إحدى أو اثنتين ومائتين، وهو مولى لبني عوف بن سعد من قيس عيلان، وكان عطية بن سعد فقيهاً في زمن الحجاج، وكان يتشيع.
معاوية بن عمرو الأزدي
يكنى أبا عمرو وهو صاحب أبي إسحاق الفزاري وزائدة، توفي ببغداد سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين.
هوذة
هو هوذة بن خليفة بن عبد الله بن أبي بكرة، وأمه أيضاً من ولد أبي بكرة ويكنى أبا الأشهب، وولد سنة خمس وعشرين ومائة، وذهبت كتبه فلم يبق عنده إلا شيء يسير عن عوف وابن عون وابن جريج وأشعث والتيمي ومات ببغداد سنة عشر ومائتين.
عبيد الله بن موسى العبسي
يكنى أبا محمد وقرأ على عيسى بن عمر وعلى علي بن صالح بن حي، وكان يقرأ القرآن في مسجده ويتشيع، ويروي في ذلك أحاديث منكرة فضعف بذلك عند كثير من الناس، ومات سنة ثلاث عشرة ومائتين.
أبو عبد الرحمن المقري
هو عبد الله بن يزيد من أهل البصرة وانتقل إلى مكة ومات بها سنة ثلاث عشرة ومائتين.
عبد الرزاق
هو عبد الرزاق بن همام بن نافع مولى لحمير ويكنى أبا بكر، وكان أبوه همام يروي عن سالم بن عبد الله وغيره، ومات عبد الرزاق باليمن سنة إحدى عشرة ومائتين.
محمد بن عبد الله الأنصاري
هو من ولد أنس بن مالك وولي قضاء البصرة بعد معاذ بن معاذ، ثم نقل إلى بغداد فولي قضاء عسكر المهدي بعد العوفي في آخر خلافة هارون، فلما ولي محمد عزله عن القضاء وولى مكانه عون بن عبد الله المسعودي، وولي محمد بن عبد الله المظالم بعد إسماعيل بن علية ثم ولاه قضاء البصرة ثانية، ثم عزله وولى مكانه يحيى بن أكثم فلم يزل الأنصاري بالبصرة يحدث بها إلى أن مات سنة خمس عشرة ومائتين.
عبد الله بن داود الخريبي
هو من همدان أنفسهم، تحول من الكوفة إلى البصرة ونزل الخريبة، ومات سنة ثلاث عشرة ومائتين.
أبو عاصم النبيل
هو الضحاك بن مخلد من شيبان ومات سنة اثنتي عشرة ومائتين.
أبو داود الطيالسي
هو سليمان بن داود وتوفي بالبصرة سنة ثلاث ومائتين، وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة، وصلى عليه يحيى بن عبد الله ابن عم الحسن بن سهل، وهو يومئذ والي البصرة.
أبو عامر العقدي
هو عبد الملك بن عمرو مولى لبني قيس توفي بالبصرة سنة أربع ومائتين.
أبو الوليد الطيالسي
هو هشام بن عبد الملك وتوفي بالبصرة سنة سبع وعشرين ومائتين وهو يومئذ ابن أربع وتسعين سنة.
حبان بن هلال
يكنى أبا حبيب من باهلة، وكان قد امتنع من الحديث قبل موته، ومات بالبصرة سنة ست عشرة ومائتين.
بشر بن عمر الزهراني
يكنى أبا محمد وكان راوية لمالك بن أنس وتوفي بالبصرة سنة تسع ومائتين وصلى عليه يحيى بن أكثم.
مطرف بن مازن
راوية مالك: كان به صمم ومات بالمدينة سنة عشرين ومائتين.
الحجاج الأنماطي
هو الحجاج بن المنهال ويكنى أبا محمد وتوفي بالبصرة سنة تسع عشرة ومائتين.
مسلم بن إبراهيم
هو مسلم بن إبراهيم مولى الأزد ويعرف بالشحام، ويكنى أبا عمرو ومات بالبصرة سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
موسى بن مسعود النهدي
يكنى أبا حذيفة وذكروا أن سفيان الثوري تزوج أمه حين قدم البصرة، وتوفي سنة عشرين ومائتين.
عارم
هو عارم بن الفضل السدوسي ويكنى أبا النعمان واسمه محمد، وعارم لقب وتوفي بالبصرة سنة أربع وعشرين ومائتين، وفيها مات عمرو بن مروزق الباهلي.
أبو سلمة
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي مات بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
المعلى بن أسد العمي
يكنى أبا الهيثم، وكان معلماً ومات بالبصرة سنة ثماني عشرة ومائتين.
أبو عمرو الحوصي
هو حفص بن عمر مات بالبصرة سنة خمس وعشرين ومائتين.
ابن عائشة
هو عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي تيم قريش ويكنى أبا عبد الرحمن، ويقال لأبيه أيضاً ابن عائشة، وتوفي بالبصرة سنة ثمان وعشرين ومائتين.
القعنبي
هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي يكنى أبا عبد الرحمن، سمعت أبا موسى الليثي يقول: مات القعنبي بمكة يوم الخميس لست خلون من المحرم سنة إحدى وعشرين ومائتين.
آدم العسقلاني
هو آدم بن أبي أياس من أهل مرو الروذ طلب الحديث ببغداد وسمع من شعبة سماعاً كثيراً ثم انتقل فنزل عسقلان ومات بها سنة عشرين ومائتين، وكان وراقاً وكان قصيراً.
عبد الله بن صالح
كاتب الليث
هو من جهينة ومات بمصر سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
عفان بن مسلم الصفار
هو عفان بن مسلم بن عبد الله مولى عروة بن ثابت الأنصاري ويكنى أبا عثمان، وتوفي ببغداد سنة عشرين ومائتين وصلى عليه عاصم بن علي بن عاصم.
خالد بن خداش بن عجلان
يكنى أبا الهيثم مولى المهلب بن أبي صفرة وتوفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
بشر الحافي
يكنى أبا نصر من أبناء خراسان من أهل مرو، كان طلب الحديث وسمع من حماد بن زيد وشريك وعبد الله بن المبارك وهشيم وغيرهم سماعاً كثيراً ولم يحدث، ومات ببغداد سنة سبع وعشرين ومائتين.
علي بن الجعد
هو مولى أم سلمة المخزومية امرأة أبي العباس أمير المؤمنين، ولد سنة ست وثلاثين ومائة، ومات ببغداد سنة ثلاثين ومائتين وفيها مات عبد الله بن طاهر.
عبد المنعم
هو عبد المنعم بن إدريس بن سنان ابن ابنة وهب بن منبه، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين وقد بلغ مائة سنة أو قاربها وعمي.
أبو نعيم
هو الفضل بن دكين بن حماد مولى لآل طلحة بن عبيد الله التيمي وتوفي بالكوفة سنة تسع عشرة ومائتين.
قبيصة بن عقبة
يكنى أبا عامر من بني عامر بن صعصعة وتوفي بالكوفة سنة خمس عشرة ومائتين.
الحميدي صاحب ابن عيينة
هو عبد الله بن الزبير المكي مات بمكة سنة تسع عشرة ومائتين.
سليمان بن حرب المواشيحي
هو من الأزد أنفسهم ويكنى أبا أيوب وولي قضاء مكة ثم عزل فرجع إلى البصرة وتوفي بها سنة أربع وعشرين ومائتين وهو ابن أربع وثمانين سنة.
مسدد
هو مسدد بن مسرهد بن مسربل بن شريك الأسدي ويكنى أبا الحسن، وتوفي بالبصرة سنة ثمان وعشرين ومائتين، وفيها مات الحماني والعائشي.
أبو الربيع الزهراني
هو سليمان بن داود توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين وفيها توفي بالبصرة سليمان الشاذكوني، وفيها مات علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح المدني بسر من رأى.
شبابة بن سوار الفزاري
هو مولى لفزارة ويكنى أبا عمرو، وكان مرجئاً وهو من أهل بغداد من أبناء خراسان فتحول إلى المدائن فنزل بها واعتزل، ثم خرج إلى مكة فأقام بها حتى مات وكان شديداً على الرافضة كثير اللهج بذكرهم.
مرحوم العطار
حدثني عبد الرحمن عن عمه، قال: سألت مرحوماً العطار كيف وقع أبوك بالشام? فقال: أهداه مسلم بن عمرو في وصفاء إلى معاوية. قال: وحدثني عن أبيه عن سادن بيت المقدس عن عمر أنه قال للمؤذن: إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاهدر.
أصحاب القراءات
أبو جعفر المدني
هو يزيد بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي عتاقة، وروى عن أبي هريرة وابن عمر وغيرهما، وتوفي في خلافة مروان بن محمد.
أبو عبد الرحمن السلمي
الكوفي: هو عبد الله بن حبيب من أصحاب علي كان مقرئاً ويحمل عنه الفقه.
شيبة بن نصاح
هو شيبة بن نصاح المدني بن سرجس بن يعقوب مولى أم سلمة، ولا نعلم أحداً روى عن نصاح إلا ابنه شيبة، وكان شيبة إمام أهل المدينة في القراءة في دهره.
نافع المدني
هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، وكان قد قرأ على أبي ميمون مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. حدثني سهل عن الأصمعي عن نافع القارئ، أنه قال: أصلي من أصبهان.
طلحة بن مصرف
هو من همدان ويكنى أبا عبد الله، وكان قارئ أهل الكوفة، فلما رأى كثرة الناس عليه كره ذلك ومشى إلى الأعمش فقرأ عليه فمال الناس إلى الأعمش وتركوا طلحة ومات سنة اثنتي عشرة ومائة.
الأعمش
قد ذكرناه في أصحاب الحديث لأن الحديث كان أغلب عليه من القراءة ومات سنة ثمان وأربعين ومائة.
يحيى بن وثاب الكوفي
هو مولى لبني كاهل من بني أسد بن خزيمة وتوفي بالكوفة سنة ثلاث ومائة، وذكروا أنه قرأ على عبيد بن نضلة صاحب عبد الله.
حمزة الزيات
هو حمزة بن حبيب بن عمارة، ويكنى أبا عمارة مولى لآل عكرمة بن ربعي التيمي، وكان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة، ومات حمزة بحلوان سنة ست وخمسين ومائة في خلافة أبي جعفر.
عاصم بن أبي النجود
هو عاصم بن بهدلة مولى لبني جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين بن أسد ويكنى أبا بكر، وروى عنه القراءة أبو بكر بن عياش وأبو عمر البزار واختلفا اختلافاً شديداً في حروف كثيرة، وكان عاصم قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش.
حميد الأعرج
هو حميد بن قيس مولى آل الزبير، وكان قارئ أهل مكة، وكان كثير الحديث فارضاً حاسباً وقرأ على مجاهد وأخوه عمر بن قيس.
يحيى بن الحرث الذماري
هو منسوب إلى الذمار وذمار مخلاف من مخاليف اليمن، وكان يحيى عالماً بالقراءة يقرأ عليه، وكان قرأ على عبد الله بن عامر اليحصبي، وكان قليل الحديث، ومات سنة خمس وأربعين ومائة.
أبو عمرو بن العلاء
هو من أهل القراءة إلا أن الغريب والشعر أغلب عليه فذكرناه مع أصحاب الغريب.
عيسى بن عمر
هو من أهل القراءة إلا أن الغريب والشعر أغلب عليه فذكرناه معهم.
العلاء بن عبد الرحمن الحرقي
هو من الحرقة، وكان يقرئ الناس والأغلب عليه الحديث، فذكرناه مع أصحاب الحديث.
خلف بن هشام البزار
سمع من شريك وأبي عوانة وحماد بن زيد حديثاً كثيراً غير أنه كان في القراءة أشهر وقرأ على سليم صاحب حمزة، وخالف حمزة في أشياء كثيرة، ومات ببغداد سنة تسع وعشرين ومائتين وكان من أهل فم الصلح.
أبو عبد الرحمن المقرئ
هو عبد الله بن يزيد، وكان مشهوراً بالحديث والقراءة فذكرناه في الموضعين، وكان من أهل البصرة، فانتقل إلى مكة ومات بها سنة ثلاث عشرة ومائتين.
عبد الله بن موسى العبسي
قرأ على عيسى بن عمر وعلى علي بن صالح بن حي، وكان يقرأ القرآن في مسجده، والأغلب عليه الحديث فذكرناه مع أصحاب الحديث.
ابن أبي إسحاق المقرئ
هو عبد الله بن أبي إسحاق مولى الحضرميين، ومن ولده يعقوب الحضرمي المقري بالبصرة، وكان عبد الله أخذ قراءته عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم.
هارون الأعور
هو هارون بن موسى، وكان هارون يهودياً ثم أسلم، قال الأصمعي، قال هارون: كنت أقرأ ايذام بالعبرانية يعني آدم.
سلام القارئ
هو سلام بن سليمان ويكنى أبا المنذر.
قراءة الألحان
كان: أول من قرأ بالألحان
عبد الله بن أبي بكرة
وكانت قراءته حزناً ليست على شيء من ألحان الغناء ولا الحداء، فورث ذلك عنه ابن ابنه عبد الله بن عمر بن عبد الله فهو الذي يقال له قراءة ابن عمر، وأخذ ذلك عنه الأباضي، وأخذ
سعيد العلاف
وأخوه عن الأباضي قراءة ابن عمر، وكان هارون الرشيد معجباً بقراءة سعيد العلاف وكان يحظيه ويعطيه ويعرف بقارئ أمير المؤمنين، وكان القراء كلهم: الهيثم وأبان وابن أعين وغيرهم يدخلون في القراءة من ألحان الغناء والحداء والرهبانية: فمنهم من كان يدس الشيء من ذلك دساً رقيقاً، ومنهم من كان يجهر بذلك حتى يسلخه. فمن ذلك قراءة.
الهيثم
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر، سلخه من صوت الغناء كهيئة:
أم القطاة فإني سوف أنعتها * نعتاً يوافق نعتي بعض ما فيها
وكان
ابن أعين
يدخل الشيء ويخفيه حتى كان الترمذي محمد بن سعد فإنه قرأ على الأغاني المولدة المحدثة سلخها في القراءة بأعيانها.
النسابون وأصحاب الأخبار
دغفل النسابة
هو دغفل بن حنظلة السدوسي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً، ووفد على معاوية وأتاه قدامة بن جراد القريعي فنسبه دغفل حتى بلغ أباه الذي ولده، فقال: وولد جراد رجلين أما أحدهما فشاعر سفيه والآخر ناسك، فأيهما أنت? قال: أنا الشاعر السفيه وقد أصبت في نسبتي وكل أمري فأخبرني بأبي أنت متى أموت? قال: أما هذا فليس عندي وقتلته الأزارقة.
عبيد بن شرية الجرهمي
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً ووفد على معاوية فسأله عن الأخبار المتقدمة وملوك اليمن وسبب تبلبل الألسنة وافتراق الناس في البلاد، وعمر عمراً طويلاً.
ومن النسابين
البكري
وهو الذي روى عنه رؤبة بن العجاج أنه قال: إن للعلم هجنة ونكدا وآفة. قال الأصمعي: وكان نصرانياً.
ومن النسابين
ابن لسان الحمرة
الناسب وهو ورقاء بن الأشعر وكنيته أبو كلاب، وكان أنسب العرب وأعظمهم بصراً.
ومنهم: عمير بن ضمضم وصالح الحنفي وابن الكيس النمري.
ومنهم:
ابن الكواء الناسب
وهو عبد الله بن عمرو من بني يشكر وكان ناسباً عالماً كبيراً وفيه يقول مسكين الدارمي:
هلم إلى بني الكواء تقضوا * بحكم بأنساب الرجال
وقيل لأبيه الكواء لأنه كوي في الجاهلية.
ومنهم:
شبيل بن عروة الضبعي
كان راوية ناسباً عالماً بالغريب شاعراً وكان سبعين سنة رافضياً ثم صار بعد ذلك خارجياً ويكنى أبا عمرو ومات بالبصرة وله بها عقب.
ومنهم
الكلبي صاحب التفسير
وهو محمد بن السائب بن بشر الكلبي ويكنى أبا النضر، وكان جده بشر بن عمرو وبنوه السائب وعبيد وعبد الرحمن شهدوا الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وقتل السائب مع مصعب بن الزبير وشهد محمد بن السائب الكلبي الجماجم مع ابن الأشعث وكان نساباً عالماً بالتفسير وتوفي بالكوفة سنة ست وأربعين ومائة.
وابن الكلبي هشام بن محمد بن السائب كان أعلم الناس بالأنساب، قال ابن الكلبي عن أبيه قال: دخلت على ضرار بن عطارد من ولد حاجب بن زرارة بالكوفة، وإذا عنده رجل كأنه جرذ يتمرغ في الخز، فغمزني ضرار، فقال: سله ممن أنت. قال: فقلت: ممن أنت? قال: إن كنت نساباً فانسبني فإني من بني تميم، فابتدأت أنسب تميماً حتى بلغت إلى غالب أبيه فقلت: وولد غالب هماماً فاستوى جالساً فقال: والله ما سماني به أبواي إلا ساعة من نهار، فقلت: إني والله أعرف اليوم الذي سماك فيه أبوك الفرزدق، فقال: وأي يوم قلت بعثك في حاجة فخرجت تمشي وعليك مستقة لك. فقال: والله لكأنك فرزدق دهقان قرية قد سماها بالجبل، فقال: صدقت والله. ثم قال لي: أتروي شيئاً من شعري? فقلت: لا، ولكني أروي لجرير مائة قصيدة. فقال: تروي لابن المراغة، والله لأهجون كلباً سنة أو تروي لي كما رويت لجرير. فجعلت أختلف وأقرأ عليه النقائض خوفاً منه وما لي في شيء منها حاجة.
ومنهم:
مجالد بن سعيد بن عمير
من همدان: ويكنى أبا عمير كان الهيثم بن عدي يروي عنه ويكثر، ويروي مجالد عن الشعبي وعن مسروق وكان نساباً، والأغلب عليه رواية الأخبار وكان يضعف في حديثه، وتوفي سنة أربع وأربعين ومائة، وكان عمير جد مجالد هو الذي يقال له ذو مران الهمداني، كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وكان له ابن يقال له يزيد بن عمير قتله المختار يوم جبانة السبيع، وكان مجالد يقول كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جدي عندنا.
ومنهم
أبو مخنف الأزدي
وهو لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم، وكان صاحب أخبار وأنساب، والأخبار عليه أغلب، وجده مخنف بن سليم قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه.
ومنهم
ابن دأب
وهو عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب، وهو من كنانة من بني الشداخ، ويكنى أبا الوليد، وله عقب بالبصرة، وأخوه يحيى بن يزيد وكان أبوهما يزيد أيضاً عالماً بأخبار العرب وأشعارها، وكان شاعراً أيضاً والأغلب على آل دأب الأخبار.
ومنهم
العتبي
وهو محمد بن عبيد الله من ولد عتبة بن أبي سفيان بن حرب، والأغلب عليه الأخبار، وأكثر أخباره عن بني أمية وآبائه يروونها عن سعد القصير، وسعد القصير مولاهم، وكان ابن الزبير قتله بمكة، وكان العتبي شاعراً وأصيب ببنين له فكان يرثيهم، وكان مستهتراً بالشراب وهو يقول الشعر في عتبة، ومات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
ومنهم
المدايني
ويكنى أبا الحسن وهو علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف والأغلب عليه رواية الأخبار.
ومنهم الهيثم بن عدي من طيء: وكان يرى رأي الخوارج وله عقب ببغداد، وولد قبل سنة ثلاثين ومائة. قال: أنا ردف في جنازة عبد الملك بن عمير، ومات عبد الملك في سنة ست وثلاثين ومائة، ومات الهيثم سنة تسع ومائتين.
ومنهم
ابن عياش
الذي يروي عنه الهيثم وهو عبد الله بن عياش ويعرف بالمنتوف لأنه كان ينتف لحيته، وكان خاصاً بأبي جعفر المنصور.
ومنهم:
الشرقي بن قطامي
حدثني: سهل، قال: حدثني الأصمعي، قال: حدثني بعض الرواة قال: قلت للشرقي بن قطامي: ما كانت العرب تقول في صلاتها على موتاها? فقال: لا أدري فأكذب له فقلت كانوا يقولون:
ما كنت وكواكا ولا وانك * رويدك حتى تبعث الخلق باعثه
قال: فإذا أنا به يوم الجمعة يحدث به في المقصورة.
رواة الشعر وأصحاب الغريب والنحو
أبو عمرو بن العلاء
بن عمار بن العريان وأخوه أبو سفيان بن العلاء بن عمار: أسماؤهم كناهما وهما من خزاعي بن مازن بن ملك بن عمرو بن تميم، وفي أبي عمرو يقول الفرزدق:
ما زلت أفتح أبواباً وأغلقها * حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
ومات أبو عمرو بن العلاء سنة أربع وخمسين ومائة، وكانت وفاته في طريق الشام وذلك أنه خرج إليها يجتدي عبد الوهاب بن إبراهيم وله ولأخيه أبي سفيان عقب بالبصرة.
عيسى بن عمر
كان صاحب تقعير في كلامه واستعمال الغريب فيه، وفي قراءته وضربه عمر بن هبيرة بالسياط وهو يقول: والله إن كانت إلا أثياباً في أسيفاط قبضتها عشاروك، ومات سنة تسع وأربعين ومائة قبل أبي عمرو بخمس سنين أو ست.
يونس بن حبيب
هو يونس بن حبيب مولى بني ضبة، ويكنى أبا عبد الرحمن، وكان النحو أغلب عليه ومات سنة اثنتين وثمانين ومائة وهو ابن ثمان وثمانين سنة، ودخل المسجد يوماً وهو يهادى بين اثنين من الكبر فقال له رجل كان يتهمه على مودته: بلغت ما أرى. قال: هو الذي ترى فلا بلغته.
حماد الراوية
هو حماد بن هرمز، وكان هرمز من سبي مكنف بن زيد الخيل، وكان ديلمياً يكنى أبى ليلى.
حدثني: أبو حاتم عن الأصمعي، قال: جالست حماداً الراوية فلم أجد عنده ثلاثمائة حرف ولم يرض روايته وكان قديماً.
أبو البلاد الكوفي
كان من أروى أهل الكوفة وأعلمهم، وكان أعمى جيد اللسان، وهو مولى لعبد الله بن غطفان، وكان في زمن جرير والفرزدق.
عباد بن كسيب
هو من بني عمرو بن جندب من بني العنبر يكنى أبا الخنساء، وكان راوية للشعر عالماً بأخبار العرب وله عقب.
الخليل بن أحمد
هو صاحب العروض، وهو منسوب إلى اليحمد من الأزد من فخذ يقال لهم: الفراهيد، وكان ذكياً لطيفاً فطناً شاعراً وأنشدنا ابن هانئ صاحب الأخفش، قال: أنشدني الأخفش له:
واعمل بعلمي ولا تنظر إلى عملي * ينفعك علمي ولا يضررك تقصيري
وأنشد له أيضاً:
كفاه لم تخلقا للندى * ولم يك بخلهما بدعة
فكف عن الخير مقبوضة * كما نقصت ماية سبعة
وكف ثلاثة الافها * وتسع مليئها شرعة
النضر بن شميل المروزي
هو من بني مازن، وكان من أهل البصرة فانتقل إلى مرو وكان صاحب غريب وشعر ونحو وحديث ومعرفة بأيام الناس وفقه، وتوفي بخراسان سنة ثلاث ومائتين.
مؤرج
هو مؤرج بن عمرو سدوسي ويكنى أبا فيد ومات سنة خمس وتسعين ومائة.
ابن كنانة الكوفي
هو أبو يحيى محمد بن عبد الأعلى بن كنانة الأسدي من أنفسهم، وهو ابن أخت إبراهيم بن أدهم الزاهد رضي الله تعالى عنه، وهو صاحب شعر وغريب وحديث وعلم بالنجوم على مذهب العرب، قد ألف فيها كتاباً وعلم أيام الناس وتوفي بالكوفة سنة سبع ومائتين.
أبو عبيدة
هو معمر بن المثنى مولى لتيم قريش، وكان الغريب أغلب عليه وأخبار العرب وأيامهم، وكان مع معرفته ربما لم يقم البيت إذا أنشده حتى يكسره، ويخطئ إذا قرأ القرآن نظراً، وكان يبغض العرب وألف في مثالبها كتاباً، وكان يرى رأي الخوارج ومات سنة عشر ومائتين أو إحدى عشرة ومائتين وقد قارب المائتين.
الأصمعي
رحمة الله تعالى: هو عبد الملك بن قريب من باهلة من ولد الأصمع، وكان أبوه قد رأى الحسن وجالسه، وكانت الرواية والمعاني أغلب عليه، وكان شديد التوقي لتفسير القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم إنه كان يرفع إلا أحاديث يسيرة وصدوقاً في غير ذلك، من حديثه صاحب سنة ويكنى أبا سعيد وولد سنة ثلاث وعشرين ومائة وعمر نيفاً وتسعين سنة وله عقب.
خلف الأحمر
كان راوية عالماً بالغريب وشاعراً جيد الشعر كثيره لم يكن في نظرائه أحد يقول مثل شعره، وحدثني أبو حاتم عن الأصمعي قال: وكان خلف الأحمر مولى أبي بردة بن أبي موسى الأشعري أعتقه وأعتق أبويه وكانا فرغانيين.
اليزيدي
هو عبد الرحمن بن المبارك، وكان معلماً قبالة دار أبي عمرو بن العلاء دهراً وله عقب. وقيل: يزيدي لأنه كان يؤدب ولد يزيد بن منصور الحميري.
سيبويه
هو عمرو بن عثمان، وكان النحو أغلب عليه، وكان قدم بغداد فجمع بينه وبين أصحاب النحو فاستذل فرجع ومضى إلى بعض مدن فارس، فهلك هنالك وهو شاب.
وحدثني أبو حاتم، قال: حدثني أبو زيد، قال: كان سيبويه غلاماً يأتي مجلسي وله ذؤابتان، قال: وإذا سمعته يقول أخبرني من أثق بعربيته فإنما يريدني.
أبو زيد الأنصاري
هو سعيد بن أوس بن ثابت من الأنصار، وكانت اللغات والنوادر في الغريب أغلب عليه، ويرى رأي القدر وعمر عمراً طويلاً حتى قارب المائة.
المفضل الضبي الراوية
هو المفضل بن محمد بن ولد سالم بن أبي الضبي وكان كوفياً.
الكسائي
هو علي بن حمزة ويكنى أبا الحسن وكان شخص مع الرشيد إلى الري في خرجته الأولى فمات هناك في السنة التي مات فيها محمد بن الحسن الفقيه، وكان مات بالري سنة تسع وثمانين ومائة.
الفراء
هو يحيى بن زياد وكان يكنى أبا زكريا ومات سنة سبع ومائتين في طريق مكة.
أبو عمرو الشيباني
هو إسحاق بن مرار من الرمادة بالكوفة وجاور شيبانياً فنسب إلى شيبان.
الأخفش الأصغر النحوي
هو سعيد بن مسعدة والنحو أغلب عليه، وكان أجلع والأجلع الذي شفته العليا ناقصة لا يقدر أن يضمها، وحدثنا الرياشي قال: سمعت الأخفش يقول: كان سيبويه إذا وضع شيئاً من كتابه عرضه عليّ وهو يرى أني أعلم منه، وكان أعلم مني وأنا اليوم أعلم منه.
ابن الأعرابي
هو محمد بن زياد ويكنى أبا عبد الله وكان يذكر أنه ربيب المفضل الضبي كانت أمه تحته.
أبو مهدية
كان إعرابياً صاحب غريب يروي عنه البصريون، قال الأصمعي: هاجت به مرة فكنا نسقيه كل يوم قارورة خل، فجاء خلف الأحمر يوماً مع فتيان من قريش عليهم ثياب جياد، فقال: هات خلك يا أحمر، فشربه ثم أمسك في فيه آخر القارورة فمجه فملأ ثيابهم، وقال: اطلع النحويون في فمي فإذا له سعابيب واطلعت في النار فرأيت الشعراء لهم كصيص وإني لأرجو أن يغفر الله لجرير بما رفع عن نساب قيس إحسان عني كذا من أبيك يا سلطان.
أسماء المعلمين
أبو صالح صاحب الكلبي
كان يعلم الصبيان وأبو عبد الرحمن السلمي وكان مكفوفاً ومعبد الجهني القدري، قال سفيان بن عيينة: كان الضحاك بن مزاحم وعبد الله بن الحرث يعلمان ولا يأخذان أجراً.
ومنهم:
قيس بن سعد
وعطاء بن أبي رباح وعبد الكريم أبو أمية وحسين المعلم وهو حسين بن ذكوان والقاسم بن مخيمرة الهمداني.
ومنهم:
الكميت بن زيد
الشاعر.
حدثني أبو حاتم عن الأصمعي عن خلف الأحمر، قال: رأيت الكميت في مسجد الكوفة يعلم الصبيان.
ومنهم:
حبيب المعلم
مولى معقل بن يسار.
ومنهم:
عبد الحميد
كاتب بن أمية وأبو البيداء وأبو عبد الله كاتب الرسائل.
ومنهم:
الحجاج بن يوسف
كان يعلم بالطائف واسمه كليب وأبوه يوسف أيضاً كان معلماً، وقال: مالك بن الريب في الحجاج:
فماذا عسى الحجاج يبلغ جهده * إذا نحن جاوزنا حفير زياد
فلولا بنو مروان كان ابن يوسف * كما كان عبداً من عبيد أياد
زمان هو العبد المقر بذله * يراوح غلمان القرى ويغادي
وقال آخر فيه:
أينسى كليب زمان الهزال * وتعليمه سورة الكوثر
رغيف له فلكة ماترى * وآخر كالقمر الأزهر
يريد أن خبز المعلم مختلف.
ومن المعلمين
علقمة بن أبي علقمة
مولى عائشة كان يروي عنه مالك بن أنس، وكان له مكتب يعلم فيه العربية والنحو والعروض ومات في خلافة المنصور.
ومن المعلمين:
أبو معاوية النحوي
واسمه شيبان بن عبد الرحمن مولى لبني تميم، وكان يؤدب ولد داود بن علي، وكان محدثاً.
أبو سعيد المؤدب
واسمه محمد بن مسلم بن أبي الوضاح من قضاعة، ضمه المنصور إلى المهدي ثم ضم بعده إليه سفيان بن حسين، وكان أبو سعيد يروي عن سالم الأفطس وخصيف وعلي بن بذيمة وهشام بن عروة والأعمش.
ومن المعلمين:
أبو إسماعيل المؤدب
إبراهيم بن سليمان وكان محدثاً أيضاً.
ومنهم:
أبو عبيد القاسم بن سلام
مولى للأزد من أبناء أهل خراسان، كان مؤذناً وولي قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ولم يزل معه ومع ولده، وحج بعد قدومه بغداد وبعد أن صنف ما صنف من كتبه فتوفي بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين.
المتهاجرون
سعد بن أبي وقاص
عمار بن ياسر
كان مهاجراً لعمار بن ياسر حتى هلكا. وقال له سعد: إن كنا لنعدك من أفاضل أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى إذا لم يبق من عمرك إلا ظمء الحمار أخرجت ربقة الإسلام من عنقك. ثم قال له: أيما أحب إليك مودة على دخل أو مصارمة جميلة? قال: بل مصارمة جميلة. فقال: لله عليّ أن لا أكلمك أبداً. وعائشة كانت مهاجرة لحفصة حتى ماتتا. وكان.
عثمان بن عفان
عبد الرحمن بن عوف
مهاجراً لعبد الرحمن بن عوف حتى ماتا. وكان طاوس مهاجراً لوهب بن منبه إلى أن ماتا.
وهب بن منبه وطاوس
وجرى بين الحسن وابن سيرين شيء فمات الحسن ولم يشهد ابن سيرين جنازته.
سعيد بن المسيب
هجره أباه فلم يكلمه إلى أن مات وكان أبوه زياتاً وكان الثوري يتعلم من ابن أبي ليلى فمات ابن أبي ليلى فلم يشهد الثوري جنازته.
الأوائل
المغيرة بن شعبة
حدثني زيد بن أخزم ، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا المغيرة، قال: سمعت سماك بن سلمة يقول: أول من سلم عليه بالأمرة المغيرة بن شعبة.
الأشعث بن قيس
حدثنا زيد بن أخزم، قال: حدثنا كثير بن هشام عن فرات عن ميمون بن مهران، قال: أول من مشت معه الرجال وهو راكب الأشعث بن قيس.
أبو سيار العدواني
قال أبو اليقظان وغيره: أول من سن الدية مائة من الإبل أبو سيارة العدواني الذي كان يفيض بالناس من المزدلفة.
ويقال: إن أول من سن ذلك عبد المطلب فأخذ به قريش والعرب وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام.
قالوا:
الوليد بن المغيرة
أول من خلع نعليه لدخول الكعبة في الجاهلية. فخلع الناس نعالهم في الإسلام وأول من قضى بالقسامة في الجاهلية فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام وأول من حرم الخمر على نفسه في الجاهلية، وأول من قطع في السرقة في الجاهلية فقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام، وكانوا يقولون في الجاهلية لا وثوبي الوليد الخلق منهما والجديد.
النبي موسى
وقال وهب بن منبه: الحكم بالقسامة أوحاه الله إلى موسى في كل قتيل وجد بين قريتين أو محلتين فلم تزل بنو إسرائيل تحكم بها وقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
النبي إدريس
قال وهب: أول من خط بالقلم إدريس وهو أول من خاط الثياب ولبسها، وكان من قبله يلبسون الجلود.
مرامر بن مرة
وحدثني سهل بن محمد عن الأصمعي أو غيره، قال: أول من كتب بالعربية مرامر بن مرة من أهل الأنبار، ومن الأنبار انتشرت في الناس، قال: وقال الأصمعي: ذكروا أن قريشاً سئلوا: من أين لكم الكتاب? قالوا: من أهل الحيرة. وقيل لأهل الحيرة: من أين لكم الكتاب? قالوا: من الأنبار. وقال غيره: كان بشر بن عبد الله العبادي علم أبا سفيان بن أمية وأبا قيس بن عبد مناف بن زهرة الكتاب فعلما أهل مكة.
عامر بن الظرب
قالوا: وأول من حكم في الخنثى باتباع المبال عامر بن الظرب العدواني فجرى في الإسلام وهو الذي قال لابنته: إذا أنكرت من فهمي شيئاً عند الحكم فاقرعي لي المجن بالعصا، فقال المتلمس:
لذي الحكم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الإنسان إلا ليعلما
وقد يقال: إن ذا الحكم صيفي أبو أكثم. وقيل: عمرو بن حممة الدوسي وكان من المعمرين.
قالوا: وأول من خضب بالسواد من أهل مكة عبد المطلب بن هشام، وكان رجل من حمير خضبه بذلك باليمن وزوده بالوسمة وأول من عمل المحامل وحمل فيها الحجاج بن يوسف، وأول من اتخذ المقصورة في المسجد معاوية وذلك أنه أبصر على منبره كلباً وأول من نقش بالعربية على الدراهم عبد الملك بن مروان، وأول من أرخ الكتب وختم على الطين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وأول من لبس طيلساناً بالمدينة جبير بن مطعم، وأول من لبس الخفاف الساذجة بالبصرة وثياب الكتان زياد بن أبي سفيان، وأول من لبس الخز وقور الطاروني من العرب عبد الله بن عامر، وأول من لبس الدراريع السود المختار بن أبي عبيد، فقال الناس لبس الأمير جلد دب، وأول من عمل الصابون سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام، وأول من عمل القراطيس يوسف النبي عليه السلام، وأول من عمل الخبز الرقاق نمروذ، وأول من حذا النعال جذيمة الأبرش بن مالك، وهو أول من وضع المنجنيق وأدلج من الملوك ورفع له الشمع، وكان ينادم الفرقدين ذهاباً بنفسه، وكان يشرب قدحاً ويصب لكل نجم قدحاً في الأرض حتى نادمه مالك وعقيل، وأول رأس حمل من بلد إلى بلد رأس عمرو بن الحمق الخزاعي وقد ذكرنا قصته، وقال مجاهد: رأى النبي صلى الله عليه وسلم ركباً ولهم حاد يحدو بهم فقال: ممن القوم? فقالوا: من مضر. فقال: ما لحاديكم? فقال رجل منهم: إن أول من حدا لنحن. قال: وما ذاك? قال: كان رجل منا في إبلة أيام الربيع فأمر غلاماً له ببعض أمره فاستبطأه فضربه بالعصا فجعل ينشد في الإبل ويقول: يا يداه يا يداه. فقالوا له: الزم الزم فاستفتح الناس الحداء مذ ذاك، وأول من عمل له النعش زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت خليقة، فقالت أسماء بنت عميس: قد رأيت بالحبشة نعوشاً لموتاهم فعملت نعشاً لزينب. فقال عمر لما رآه: نعم خباء الظعينة. وكان الناس يهرولون في الجنائز فلما مات عثمان بن أبي العاص مشى في جنازته فهو أول من مشي في جنازته، وأول من قطع نهر بلخ من العرب سعيد بن عثمان بن عفان، وأكثر العرب فداء حاجب بن زرارة فدى نفسه بألف بعير، وكان مالك ذو الرقيبة القشيري أسره يوم جبلة، وقيل له ذو الرقيبة لأنه كان أوقص، ثم من بعده الربيع بن مسعود الكلبي فدى نفسه بخمسمائة بعير، وكان الحرث بن زهير بن جذيمة العبسي أسره، وقال: من يفتخر من أهل اليمن الأشعث بن قيس أكثر العرب كلها فداء، أسرته مذحج فافتدي بثلاثة آلاف بعير، وإنما كان فداء الملوك ألف ناقة ففدى نفسه بديات ثلاثة ملوك، قال عمرو بن معد يكرب:
فكان فداؤه ألفي قلوص * وألفا من طريفات وتلد
عبد الله بن عامر
وأول من ضرب بسيفه باب القسطنطينية وأذن في بلاد الروم عبد الله بن طيب من بني عامر بن صعصعة، وكان مع مسلمة فأراد قيصر قتله، فقال: والله لئن قتلتني لا تبق بيعة في بلاد الإسلام إلا هدمت. وأول امرأة قطعت يدها في السرقة ابنة سفيان بن عبد الأسد من بني مخزوم قطعها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "لو كانت فاطمة لقطعتها". ومن الرجال: الجبار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف سرق فقطعت يده، ولا أدري أهو أولهم أم لا.، وقطع النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً يد عمرو بن سمرة وهو أخو عبد الرحمن بن سمرة في سرقة، وأول من سمي يحيى: يحيى بن زكريا عليهما السلام، وأول من سمي في الإسلام عبد الملك: عبد الملك بن مروان، ولم يكن قبل النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية أحد اسمه محمد إلا محمد بن أحيحة بن الجلاح، وهو أخو عبد المطلب لأمه، ومحمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم، ومحمد بن سواة بن جشم بن سعد، ولم يكن في الجاهلية أحد يكنى أبا علي غير قيس بن عاصم وعامر بن الطفيل، قال أنس بن مالك: باع النبي صلى الله عليه وسلم حلساً وقدحاً فيمن يزيد، وأول من قص عبيد بن عمير بن قتادة الليثي بمكة، ويقال: إن أول من قص الأسود بن سريع التميمي، وكان من الصحابة وكان يقول في قصصه في الميت:
إن تنج منها تنج من ذي عظيمة * وإلا فإني لا أخالك ناجيا
فسرقه الفرزدق وأول من جمع في الإسلام يوم الجمعة مصعب بن عمير بن هاشم بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع المسلمين يوم الجمعة بالمدينة وكانوا اثني عشر رجلاً وذبح يومئذ شاة.
عبيد الله بن أبي بكرة
وروى أبو هلال عن أبي حمزة، قال: أول من رأيناه بالبصرة يتوضأ بالماء عبيد الله بن أبي بكرة، فقلنا: انظروا إلى هذا الحبشي يلوط استه، يعني يستنجي بالماء، وأول مولود ولد بالبصرة عبد الرحمن بن أبي بكرة فنحروا يومئذ جزوراً بالخريبة فأطعم أهل البصرة وكفتوا. وكانوا يومئذ قدر ثلاثمائة.
معاوية بن ثور
وأول مولود بالكوفة معاوية بن ثور من بني البكاء من بني عامر بن ربيعة، وأول من رشا في الإسلام المغيرة بن شعبة، وقال: ربما عرق الدرهم في يدي أرفعه ليرفا ليسهل أذني على عمر. وأول من اتخذ الجمارات وحملها على الحمر أم جعفر، وأول رامي في سبيل الله سعد بن أبي وقاص، وقال:
وما يعتد رام في عدو * بسهم يا رسول الله قبلي
عبد الله بن نوفل
وأول قاض بالمدينة عبد الله بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وكان يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو هريرة: هذا أول قاض رأيته في الإسلام،
سلمان بن ربيعة
وأول قاض بالعراق سلمان بن ربيعة بالمدائن، وأول قاض قضى بالكوفة أبو قرة الكندي واسمه كنيته، اختط الناس بالكوفة وأبو قرة قاضيهم، ثم استقضى عمر شريح بن الحرث الكندي بعده فقضى خمساً وسبعين سنة، وأول قاض قضى على البصرة كعب بن سوار الأزدي استقضاء عمر، وأول قرية بنيت على الأرض بعد الطوفان قرية بقردى تسمى سوق ثمانين ابتناها نوح عليه الصلاة والسلام وجعل لكل رجل آمن معه بيتاً وكانوا ثمانين فهي إلى الآن تسمى سوق ثمانين.
ذكر المساجد
الكعبة
ذكر وهب بن منبه أن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم إلى الأرض حزن واشتد بكاؤه على الجنة، فعزاه الله بخيمة من خيام الجنة فوضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة، وكانت الخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت الجنة، فيها قناديل من ذهب من تبر الجنة، ونزل معها لركن يومئذ وهو ياقوتة بيضاء، وكان كرسياً لآدم يجلس عليه، فلما كان الغرق زمن نوح عليه السلام رفع ومكثت الأرض خراباً ألفي سنة حتى أمر تبارك وتعالى إبراهيم أن يبني بيته، فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس يتكلم له وجه كوجه الإنسان، فقالت: يا إبراهيم خذ ظلي فابن عليه، فبنى هو وإسماعيل البيت ولم يجعل له سقفاً وحرس الله آدم والبيت بالملائكة، فالحرم مقام الملائكة يومئذ، ولم تزل خيمة آدم عليه السلام إلى أن قبض، ثم رفعها الله إليه وبنى بنو آدم من بعده في موضعها بيتاً من الطين والحجارة، ثم نسفه الغرق فعفى مكانه حتى ابتعث الله تعالى إبراهيم عليه السلام وحفر عن قواعده وبناه على ظل الغمامة فهو أول بيت وضع للناس وأول من كساه الأنطاع والبرود اليمانية أسعد أبو كرب الحميري، فقال:
وكسونا البيت الذي حرم الله * ملاء معضداً وبرودا
وبنته قريش قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وبناه عبد الله بن الزبير بعد ما بويع له بالخلافة، فلما قتل ابن الزبير نقض الحجاج بنيان ابن الزبير وبناه على الأساس الأول، ثم وسع مسجد الكعبة أبو جعفر المنصور سنة ولي الخلافة، ثم زاد فيه المهدي سنة ستين ومائة.
حدثني أبو حاتم عن الأصمعي عن عمر بن قيس، قال: في البيت من الحجر سبع أذرع وأصابع، أو قال: وإصبعان، قال: وقال الأصمعي، قال أبو غزارة: الحجر الأسود على قدر الجدر، يعني ركن الكعبة الذي عند الملتزم، وحدثني عنه، عن الأعمش عن مجاهد، قال: المسعى ما بين دار عباد إلى بئر ابن مطعم، ولكن الناس حفوه بالبناء، قال: غير واحد ذرع الكعبة أربعمائة وتسعون ذراعاً مكسورة، وذكر قوم أن أبي بن سالم الكلبي ورد مكة وقريش تبني البيت وتشاجروا في إخراج النفقة، فسألهم أن يولوه ركناً من أركانه فولوه الربع الذي فيه الركن اليماني فبناه، فسمي اليماني، وقال شاعرهم:
لنا أيمن البيت الذي تعبدونه * وراثة ما بقي أبي بن سالم
وأكثر الناس على أنه سمي يمانياً لأنه من شق اليمن والمؤذنون فيه ولد أبي محذورة.
البيت المقدس
ذكر وهب أن إسحاق بن إبراهيم النبي عليهما السلام أمر يعقوب ابنه أن ينكح امرأة من الكنعانيين، وأن ينكح من بنات خاله لأبان بن ناهر بن آزر، وكان مسكنه الفران، فتوجه إليه يعقوب فأدركه الليل في بعض الطريق فبات متوسداً حجراً فرأى فيما يرى النائم سلماً منصوباً إلى باب من أبواب السماء عند رأسه، والملائكة تنزل منه وتعرج فيه، وأوحى الله تبارك وتعالى إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وقد ورثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك وباركت فيك وفيهم، وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوة، ثم أنا معك حتى أردك إلى هذا المكان وأجعله بيتاً تعبدني فيه وذريتك فيقال: إنه بيت المقدس، وبناه داود وأتمه سليمان عليهما السلام، ثم خربه بختنصر، فمر به شعيب فرآه خراباً والقرية فقال: أنى يحيي الله هذه بعد موتها فأماته الله مائة عام وابتناه ملك من ملوك فارس يقال له كورش.
مسجد المدينة
روى إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن نافع، أن عبد الله بن علي أخبره أن المسجد يعني مسجد المدينة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنياً بلبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر، ثم غيره عثمان؛ فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة وبالفضة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج، ووسعه المهدي سنة ستين ومائة وزاد فيه المأمون زيادة كثيرة ووسعه، والمؤذنون فيه من ولد سعد القرظ مولى عمار بن ياسر، وقرأت على موضع زيادة المأمون أمر عبد الله عبد الله بعمارة مسجد رسول الله سنة اثنتين ومائتين طلب ثواب الله وطلب جزاء الله وطلب كرامة الله، فإن الله عنده ثواب الدنيا والآخرة، وكان الله سميعاً بصيراً، أمر عبد الله عبد الله بتقوى الله ومراقبته وبصلة الرحم والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتعظيم ما صغر الجبابرة من حقوق الله وإحياء ما أماتوا من العدل وتصغير ما عظموا من العدوان والجور، وأن يطاع الله ويطاع من أطاع الله ويعصى من عصى الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله والتسوية بينهم في فيئهم، ووضع الأخماس مواضعها.
البصرة ومسجدها وأنهارها
أول من مصر البصرة عتبة بن غزوان بن ياسر من الصحابة، اختطها سنة أربع عشرة ومر بموضع المربد فوجد فيه الكلدان الغليظ فقال: هذا هو البصرة انزلوها باسم الله، فبنى المسجد الجامع بقصب بأمر عمر بن الخطاب، ثم بناه ابن عامر باللبن لعثمان وبناه زياد بالآجر لمعاوية وبنى جنبتيه وأتمه عبيد الله بن زياد، والمؤذنون فيه ولد المنذر بن حسان العبدي، وكان مؤذن عبيد الله بن زياد فبقي ولده يؤذنون في المسجد. ونهر معقل منسوب إلى معقل بن يسار من الصحابة، وشاطئ عثمان هو إقطاع عثمان بن عفان بن أبي العاص الثقفي فأحياه واستخرجه، ونهر عدي منسوب إلى عدي بن أرطأة، ونهر ابن عمر منسوب إلى عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، وهو كان احتفره ونهر أم عبد الله منسوب إلى أم عبد الله بن عامر بن كرز، ونهر مرة منسوب إلى مرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر بن الصديق، وكانت عائشة كتبت إلى زياد بالوصاة به فأقطعه ذلك النهر، قال: فيزيد الرشك قست البصرة في ولاية خالد بن عبد الله القسري فوجدت طولها فرسخين وعرضها فرسخين غير دانق.
الكوفة ومسجدها
لما نزل المسلمون المدائن وطال بها مكثهم وآذاهم الغبار والذباب، كتب عمر إلى سعد في بعثه رواداً يرتادون منزلاً برياً بحرياً، فإن العرب لا يصلحها من البلدان إلا ما أصلح الشاة والبعير فسأل من قبله عن هذه الصفة فأشار عليه من رأى العراق من وجوه العرب باللسان وهو ظهر الكوفة، وكانت العرب تقول: أدلع البر لسانه في الريف، فما كان يلي الفرات منه فهو الملطاط، وما كان يلي الطين منه فهو النجاف، فكتب عمر إلى سعد يأمره به، وكان نزولهم الكوفة سنة سبع عشرة، فالبصرة أقدم منها بثلاث سنين. وزياد بن أبي سفيان هو باني مسجد الكوفة، وروي في بعض الحديث أن موضع مسجدها فار التنور.
مسجد دمشق
وبنى مسجد دمشق الوليد بن عبد الملك سنة ثمان وثمانين.
جزيرة العرب وفتوحها
قال الأصمعي: هي من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول. وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطرار الشام، هكذا ذكر أبو عبيدة عنه.
وحدثنا الرياشي عنه أنه قال: جزيرة العرب ما بين نجران والعذيب، وقال أبو عبيدة: جزيرة العرب ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول وفي العرض ما بين رمل سبرين إلى السماوة.
السواد
هما سوادان سواد البصرة وسواد الكوفة. فأما سواد البصرة فالأهواز ودست ميسان وفارس. وأما سواد الكوفة فكسكر إلى الزاب وحلوان إلى القادسية.
الجزيرة
ما بين دجلة والفرات والموصل من الجزيرة.
نجد وتهامة والحجاز
حدثنا الرياشي عن الأصمعي، قال: إذا خلفت الحجاز مصعداً فقد أنجدت، فلا تزال في نجد حتى تنحدر في ثنايا ذات عرق، فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر، وإذا عرضت لك الحرار وأنت تنحدر فتلك الحجاز، وإذا تصوبت من ثنايا العرج واستقبلك الأراك والمرخ فقد أتهمت وإنما سمي حجازاً لأنه يحجز بين نجد وتهامة، قال محمد بن عبد الملك الأسدي: حد الحجاز الأول بطن نخل وأعلى رمة وظهر حرة ليلى، والحد الثاني مما يلي الشام شغب وبداء، والحد الثالث مما يلي تهامة بدر والسقيا ورهاط وعكاظ، والحد الرابع ساية وودان، ثم ينحدر إلى الحد الأول بطن نخل.
الفتوح
خراسان
أما خراسان فافتتحت في خلافة عثمان بن عفان صلحاً على يدي عبد الله بن عامر بن كريز، وكان منتهى ما افتتح منها في خلافة عثمان مرو ومرو الروز.
وأما ما وراءهما فإنه افتتح بعد عثمان على يدي سعيد بن عثمان بن عفان لمعاوية صلحاً.
سمرقند
وكش ونسف وبخارى، وبعد ذلك على يدي المهلب بن أبي صفرة وقتيبة بن مسلم طبرستان وجرجان والري.
فأما الري فإن أبا موسى الأشعري افتتحها في خلافة عثمان بن عفان صلحاً.
وأما
طبرستان
ففتحها سعيد بن العاص في ولاية عثمان صلحاً ثم فتحها عمرو بن العلاء والطالقان ودنباوند سنة سبع وخمسين مائة.
وأما
جرجان
فافتتحها يزيد بن المهلب في خلافة سليمان بن عبد الملك سنة ثمان وتسعين.
كرمان وسجستان
وأما كرمان وسجستان ففتحهما عبد الله بن عامر بن كريز في خلافة عثمان صلحاً.
الجبل
وأما الجبل فإنه افتتح كله عنوة في وقعة جلولاء ونهاوند على يدي سعد والنعمان بن مقرن.
الأهواز وفارس وأصبهان: وأما الأهواز وفارس وأصبهان فافتتحت عنوة لعمر على يدي أبي موسى وعثمان بن أبي العاص وعتبة بن غزوان، وكان فتح أصبهان على يدي أبي موسى خاصة.
السواد
وأما السواد فإنه افتتح كله عنوة على يدي سعد في خلافة عمر.
الجزيرة
وأما الجزيرة فإنها فتحت صلحاً على يدي عياض بن غنم
الشام
وأما الشام فإن أجنادين منها افتتح صلحاً على خلافة أبي بكر، وافتتح عمر بن الخطاب بيت المقدس ومدن الشام كلها افتتحت صلحاً دون أراضيها لعمر.
وأما أرضوها فعنوة على يدي يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وأبي عبيدة وخالد بن الوليد.
مصر
وأما مصر ففتحت صلحاً على يدي عمرو بن العاص.
المغرب
من المغرب ما افتتحه عبد الله بن سعد بن أبي سرح لعثمان وهو أفريقية افتتحها عنوة والثغور، وقيسارية افتتحها معاوية عنوة لعمر.
الأندلس
افتتحها طارق بن زياد مولى موسى بن نصير اللخمي سنة اثنتين وتسعين.
هجر واليمامة والبحرين
أما هجر والبحرين فإنهم أدوا الجزية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك دومة الجندل وأذرح.
وأما اليمامة فافتتحها أبو بكر رضي الله تعالى عنه.
الهند
وأما أرض الهند فافتتحها القاسم بن محمد الثقفي في سنة ثلاث وتسعين.
تسمية من ولي العراق
وأول من جمع له المصران الكوفة والبصرة زياد ثم ابنه عبيد الله ومصعب بن الزبير وبشر بن مروان والحجاج بن يوسف ويزيد بن المهلب ومسلمة بن عبد الملك وعمر بن هبيرة الفزاري وخالد بن عبد الله القسري ويوسف بن عمر الثقفي وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عمر بن هبيرة ولم يجمع العراقان لأحد بعد هؤلاء.
فرق ما بين المهاجرين الأولين والآخرين
حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: المهاجرون الأولون من أدرك بيعة الرضوان. وسأل قتادة وأبو هلال سعيد بن المسيب عن فرق ما بين المهاجرين الأولين والآخرين فقال من صلى إلى القبلتين فهو من المهاجرين الأولين.
معرفة المخضرمين
حدثني عبد الرحمن عن الأصمعي قال: أسلم قوم على إبل فقطعوا آذانها فسمي كل من أدرك الإسلام والجاهلية مخضرماً، وإنما يكون مخضرماً إذا أدرك الإسلام وهو كبير فلم يسلم إلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إضعاف الصدقة على نصارى تغلب
قالوا إنما أضعفت الصدقة على نصارى بني تغلب، لأن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أراد أخذ الجزية منهم فانطلقوا هاربين، فقال له زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة التغلبي: أنشدك الله فيهم فإنهم قوم عرب يأنفون من الجزية، وهم قوم لهم نكاية فلا تعن عدوك عليك. فأضعف عليهم الصدقة وشرط عليهم أن لا ينصروا أولادهم.
صناعات الأشراف
كان أبو طالب يبيع العطر وربما باع البر وكان أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه بزازاً، وكان عثمان بزازاً، وكان طلحة بزازاً، وكان عبد الرحمن بن عوف بزازاً، وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل، وكان العوام أبو الزبير خياطاً، وكان ابن الزبير جزاراً، وكان عمرو بن العاص جزاراً، وكان العاص بن هشام أخو أبي جهل حداداً، وكان عامر بن كريز جزاراً، وكان الوليد بن المغيرة حداداً، وكان عقبة بن أبي معيط خماراً، وكان عثمان بن طلحة الذي دفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح البيت خياطاً، وكان قيس بن مخرمة خياطاً، وكان أبو سفيان بن حرب يبيع الزيت والأدم، وكان عتبة بن أبي وقاص نجاراً، وكان أمية بن خلف يبيع البرم، وكان عبد الله بن جدعان نخاساً له جوار يساعين ويبيع أولادهن، وكان العاص بن وائل أبو عمرو بن العاص يعالج الخيل والإبل، وكان النضر بن الحرث بن كلدة يغني بالعود، وكان الحكم بن أبي العاص أبو مروان بن الحكم كذلك، وكذلك حريث بن عمرو وأبو عمرو بن حريث، وكذلك قيس الفهري أبو الضحاك بن قيس، وكذلك معمر بن عثمان جد عمر بن عبيد الله بن معمر، وكذلك سيرين أبو محمد بن سيرين. قال ابن الحسن المدائني: كان يزيد بن المهلب اتخذ بستاناً في داره بخراسان، فلما ولي قتيبة بن مسلم جعله لإبله فقال له مرزبان مروان هذا كان بستاناً وقد جعلته لإبلك، فقال قتيبة: إن أبي كان أشتريان يعني جمالاً، وأبو يزيد كان بستانياً، وكان محمد بن سيرين بزازاً، وكان مجمع الزاهد حائكاً، وكان أيوب يبيع جلود السختيان فنسب إليها، وكان المسيب أبو سعيد بن المسيب زياتاً، وكان ميمون بن مهران بزازاً، وكان مالك بن دينار وراقاً يكتب المصاحف، وكان أبو حنيفة صاحب الرأي خزازاً.
أهل العاهات
عطاء بن أبي رباح: كان أسود أعور أشل أفطس أعرج ثم عمي بعد ذلك.
أبان بن عثمان بن عفان: كان أصم شديد الصمم وكان أبرص يخضب البرص من بدنه ولا يخضبه في وججه، وكان مفلوجاً ويقال في المدينة أصابك الله بفالج أبان، وذلك لشدته وكان أحول.
مسروق بن الأجدع: كان أحدب أشل من جراحة كانت أصابته يوم القادسية، وفلج أيضاً.
الأحنف بن قيس: كان أعور، يقال: ذهبت عينه بسمرقند، ويقال: بل ذهبت بالجدري، أحنف الرجل يطأ على وحشيها متراكب الأسنان صال الرأس مائل الذقن خفيف العارضين.
أبو الأسود الديلي: كان أعرج مفلوجاً أبخر.
عمرو بن عمرو بن عدس من بني دارم: كان فارسهم، وكان أبرص أبخر فيقال لولده، أفواه الكلاب.
الأقرع بن حابس: كان أعرج أقرع الرأس ولذلك سمي الأقرع.
عبيدة السلماني: كان أصم أعور.
البرص
أنس بن مالك: كان بوجهه برص، وذكر قوم أن علياً رضي الله عنه سأله عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" فقال: كبرت سني ونسيت. فقال علي: إن كنت كاذباً فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة. قال أبو محمد: ليس لهذا أصل.
بلعاء بن قيس: كان أبرص، وكان يقول سيف الله جلاه. جذيمة الأبرش وكنى عن الأبرص بالأبرش.
يربوع بن حنظلة بن مالك: كان أبرص ويقال لولده بنو الأبرص. قال الشاعر:
كان بنو الأبرص فرسانها * فأدركوا الأحدث والأقدما
السفاح التغلبي: كان أبرص وقام يخطب في حرب بكر وتغلب فضرط، فقال كل أبلق ضروط.
المغيرة بن حنبا الشاعر: كان أبرص وهو القائل:
إني امرؤ حنظلي حين تنسبني * لا، م العتيك ولا أخوالي العرق
لا تحسبن بياضاً في منقصة * إن اللهاميم في أقرابها بلق
الربيع بن زياد العبسي: كان أبرص، وله قال لبيد:
مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه * إن استه من برص ملمعه
قشير بن كعب: كان أبرص، ولذلك قيل له قشيرة.
سعد بن حارثة بن لام الطائي: كان أبرص.
ضمرة بن ضمرة بن جابر: كان أبرص، وكان يقال له شقة بن ضمرة، فسماه النعمان ضمرة.
الأبيض بن مجاشع بن دارم: كان أبرص.
الحرب بن حلزة الشاعر: كان أبرص.
شمر بن ذي الجوشن الضبابي: أحد قتلة الحسين بن علي رضي الله عنه، ولعن قاتله كان أبرص.
عبد الرحمن بن عبد الله القشيري: عامل عمر بن عبد العزيز على خراسان كان أبرص.
أيمن بن خريم: كان مع عبد العزيز بن مروان كان أبرص.
الحسن بن قحطبة: كان أبرص.
عبد الوارث بن سعيد المحدث: أبرص.
عبد الله بن داود المحدث: أبرص.
العرج
أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. معاذ بن جبل. الحوفزان بن شرك. عبد الله بن جدعان الليثي. عمرو بن الجموح. زياد بن خصفة. الربيع بن مسعود الكلبي. عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. علقمة بن قيس صاحب عبد الله بن مسعود. قال الشعبي: قاتل علقمة يوم صفين حتى عرج. رشيد الهجري. سعيد بن أبي عروبة. إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله. أبو حازم المدني. الغمر بن يزيد بن عبد الملك. عبد الله بن رجاء المحدث. وكان ينزل مكة. مجالد بن مسعود من الصحابة.
الصم
عبيدة السلماني. محمد بن سيرين. عبد الله بن يزيد بن هرمز مولى الدوسيين أصم شديد الصمم. الكميت الشاعر كان أصم أصلخ لا يسمع شيئاً.
الجدع
عمار بن ياسر قطعت يده يوم اليمامة. المرقش الأكبر أجدع الأنف أكل السبع أنفه.
الجذمى
أبو قلابة كان مجذوماً. ومعيقيب الذي كان على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مجذوماً.
الحول
أبو جهل بن هشام. أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم. أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة. سمرة بن جندب. عروة بن المغيرة بن سعبة. أبو بكر بن أبي موسى الأشعري. هشام بن عبد الملك. زياد بن أبي سفيان وتكسر إحدى عينيه. عدي بن زيد الشاعر. يحيى بن سعيد المحدث.
الزرق
الحسن البصري أزرق. عبد الرحمن بن عباس بن صحار أزرق أحمر. العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان. وفي بعض الروايات أن الزبير بين العوام كان أزرق.
الصلع
عتبة بن أبي سفيان. عمر بن الخطاب. علي بن أبي طالب. عثمان بن عفان رضي الله عنهم. مروان بن الحكم. ولم يكن بعده خليفة أصلع.
الكواسج
شريح القاضي. قيس بن سعيد بن عمارة.
الفقم
يزيد بن هشام بن عبد الملك.
البخر
عمرو بن عمرو بن عدس من بني دارم كان أبخر. عبد الملك بن مروان كان أبخر ويكنى أبا ذبان لشدة بخره. ويراد أن الذبان تسقط إذا قاربت فاه من شدة رائحة فمه. أبو الأسود الديلي.
العور
أبو سفيان بن حرب ذهبت عينه يوم الطائف. الأشعث بن قيس ذهبت عينه يوم اليرموك.
المغيرة بن شعبة ذهبت عينه يوم اليرموك. جرير بن عبد الله البجلي ذهبت عينه بهمذان وكان واليها لعثمان. عدي بن حاتم ذهبت عينه يوم الجمل. عتبة بن أبي سفيان ذهبت عينه يوم الجمل. قبيصة بن ذؤيب ذهبت عينه يوم الحرة. الأشتر النخعي ذهبت عينه يوم اليرموك. المختار بن أبي عبيد ضرب عبيد الله بن زياد وجهه بالسوط فذهبت عينه. مالك مسمع ذهب عينه بالجفرة. قيس بن مكسوح المرادي ذهبت عينه يوم اليرموك. إبراهيم النخعي. الحتيف ابن السجف. علي بن الهيثم السدوسي ابن أحمر الشاعر. ابن مقبل عبد الله بن عمير أخو عبيد الله ذهبت عينه يوم جور. وقطعت رجل أبيه يوم حنين، وكان يقال لعبد الله سيد القراء. الأسود بن يزيد ذهبت إحدى عينيه من الصوم. الحرث الأعور صاحب علي أبو مخلد السدوسي. حبيب بن أبي ثابت كان طوالاً أعور. جابر بن زيد أبو الشعثاء.
المكافيف
أبو قحافة أبو أبي بكر. أبو سفيان بن الحرث. البراء بن عازب. جابر بن عبد الله الأنصاري. كعب بن مالك الأنصاري. حسان بن ثابت. أبو سفيان بن حرب. عقيل بن أبي طالب. أبو أسيد الساعدي. قتادة بن النعمان. أبو عبد الرحمن السلمي. قتادة بن دعامة. المغيرة بن مقسم راوية إبراهيم. أبو بكر بن الحرث بن هشام. القاسم بن محمد بن أبي بكر ذهب بصره في آخر عمره. عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. أبو العبيدي من أصحاب ابن مسعود واسمه معاوية ابن سبرة. سعد بن أبي وقاص ذهب بصره في آخر عمره. عبد الله بن أبي أوفى ذهب بصره. علي بن زيد ولد عبد الله بن جدعان ولد وهو أعمى. أبو هلال الراسبي. محل بن محرز الضبي. أبو يحيى.
ثلاثة مكافيف في نسق
عبد الله بن العباس وأبوه العباس بن عبد المطلب وأبوه عبد المطلب بن هاشم قال. ولذلك قال معاوية لابن عباس: أنتم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم! فقال ابن عباس: وأنتم يا بني أمية تصابون في بصائركم.
معارف شتى
ستة مقتولون في نسق
لا نعلم في العرب ستة مقتولين في نسق إلا في آل الزبير، قتل عمارة يوم قديد وقتل أبو حمزة أيضاً يومئذ وقتل أبو مصعب في الحرب بينه وبين عبد الملك بن مروان وقتل أبوه الزبير بوادي السباع وقتل أبوه العوام يوم الفجار وقتل أبوه خويلد في الجاهلية.
ثلاثة قضاة في نسق
بلال بن أبي بردة كان قاضياً على البصرة وأبوه أبو بردة بن أبي موسى كان قاضياً على الكوفة وأبوه أبو موسى الأشعري كان قاضياً لعمر. وكذلك سوار بن عبد الله بن قدامة بن عنزة بن كعب من بني العنبر قضى لأبي جعفر على البصرة سبع عشرة سنة وولي صلاة البصر مرتين، ومات وهو أميرها، وابنه عبد الله بن سوار وابنه سوار بن عبد الله بن سوار.
ثلاثة أسماء في نسق
أبو البختري القاضي هو وهب بن وهب بن وهب. وفي ملوك فارس بهرام بن بهرام بن بهرام. وفي الطالبيين حسن بن حسن بن حسن. وفي الملوك غسان الحرث الأصغر بن الحرث الأعرج بن الحرث الأكبر.
خمسة موالي في نسق
داود بن خالد بن دينار وأخوه سهل ويحيى ابنا خالد وكلهم قد روي عنهم الحديث هم موالي آل حنين الذين منهم إبراهيم بن عبد الله بن حنين، وكان يروي عنه الزهري، وآل حنين موالي مثقب ومثقب مولى مسحل ومسحل مولى شماس وشماس مولى العباس بن عبد المطلب.
أربعة رأوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم في نسق أبو قحافة وابنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنه محمد بن عبد الرحمن.
أربعة أخوة شهدوا بدراً
هم عاقل وأياس وخالد وعامر بنو البكير الليثيون، وكان معاوية يفخر بهم على الأنصار ويقول: لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً أربعة أخوة غيرهم.
ثلاثة سادة في نسق
المهلب بن أبي صفرة وابنه يزيد بن المهلب وابنه مخلد بن يزيد ساد وهو صبي، وقال فيه حمزة بن بيض:
بلغت لست مضت من سني * ك ما يبلغ السيد الأشيب
فهمك فيها جسام الأمو * ر وهم لذاتك أن يلعبوا
وكان خارجة بن حصن ساد أهل الكوفة وأبوه حصن بن حذيفة ساد أسداً، وغطفان وأبوه حذيفة بن بدر كان يقال له رب معد. ومنهم الحكم بن المنذر بن الجارود من عبد القيس ساد وأبوه وجده إخوان تفاوت ما بينهما في السن. موسى بن عبيدة الذي يروي عنه الحديث كان أخوه عبد الله بن عبيدة أسن منه بستين سنة وكان موسى يروي عن أخيه.
أب وابن تقارب بينهما في السن
عمرو بن العاص كان بينه وبين عبد الله ابنه اثنتا عشرة سنة.
الطوال
كان حبيب بن مسلمة الفهري كالمشرف على دابة لطوله. وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كأنه راكب والناس يمشون لطوله. العباس بن عبد المطلب وكان يمشي في الطوائف كأنه عمارية على ناقة والناس كلهم دونه. وكان جرير بن عبد الله البجلي يتفل في ذروة البعير من طوله وكانت نعله ذراعاً. وكان عدي بن حاتم طويلاً إذا ركب الفرس كادت رجله تخط في الأرض. وكان قيس بن سعد طويلاً جسيماً وكتب ملك الروم إلى معاوية أرسل إلي سراويل أجسم أطول رجل عندك، فقال معاوية: ما أعلمه إلا قيس بن سعد، فقال لقيس: إذا انصرفت فابعث إلي سراويلك فخلعها ورمى بها إليه فقال: ألا بعثت بها من منزلك فقال:
أردت لكيلا يعلم الناس أنها * سراويل قيس والوفود شهود
وأن لا يقول الناس بالظن أنها * سروايل عادي نمته ثمود
وعبيد الله بن زياد كان طويلاً لا يرى ماشياً إلا ظنوه راكباً من طوله. وكان علي بن عبد الله بن العباس طويلاً جميلاً وعجب قوم من طوله، فقال رجل: يا سبحان الله! كيف نقص الناس، لقد أدركت العباس يطوف بهذا البيت وكأنه فسطاط أبيض، فحدث بذلك علي فقال: كنت إلى منكب أبي وكان أبي إلى منكب جدي. وكان جبلة بن الأيهم آخر ملوك غسان طوله اثنا عشر شبراً وإذا ركب مسحت قدمه الأرض وأسلم في خلافة عمر ثم تنصر بعد ذلك ولحق ببلاد الروم. وكان عمارة بن عقبة الحنفي الخارجي طويلاً، ولما مات لم يجدوا سريراً يحملونه عليه فزادوا في السرير ألواحاً وأمنه الحجاج فمات بالبصرة.
القصار
عبد الله بن مسعود كان شديد القصر يكاد الجلوس يوارونه من قصره. إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف كان قصيراً وتزوج سكينة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهما فلم ترض به فخلعت منه، وهو أبو سعد بن إبراهيم، وروى أبو زيد النحوي عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه قال: ما كان طول فرعون إلا ذراعاً.
من حمل به أكثر من وقت الحمل
يقال: إن الضحاك بن مزاحم ولد وهو ابن ستة عشر شهراً. شعبة بن الحجاج ولد لسنتين. محمد بن عجلان مولى فاطمة ابنة الوليد بن عتبة بن ربيعة حمل به أكثر من ثلاث سنين، فلما ولد كانت قد نبتت أسنانه. مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه حمل به أكثر من سنتين. قال الواقدي: سمعت نساء آل الحجاف من ولد زيد بن الخطاب يقلن ما حملت امرأة منا أقل من ثلاثين شهراً. وهرم بن حيان حمل به أربع سنين ولذلك سمي هرماً.
من قصر به عن وقت الحمل
المسيح عيسى عليه السلام ولد لثمانية أشهر، ولذلك لا يولد مولود لثمانية أشهر فيعيش. الشعبي ولد لسبعة أشهر. جرير الشاعر ولد لسبعة أشهر. عبد الله بن مروان ولد لستة أشهر.
المنسوبون إلى غير عشائرهم وآبائهم
الزنجي بن خالد كان أبيض مشرباً بالحمرة وإنما الزنجي لقب له كما قيل للأبيض أبو الجون وللحبشي أبو البيضاء. إبراهيم بن يزيد الخوزي ممن حمل عنه الحديث مولى عمر بن عبد العزيز، ولم يكن خوزياً وإنما لقب بذلك لأنه نزل شعب الخوز بمكة وكانت وفاته سنة إحدى وخمسين ومائة. مقسم مولى ابن عباس ليس هو مولى ابن عباس ولكنه مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب. وإنما نسب إلى ابن عباس للزومه إياه وانقطاعه إليه وروايته عنه. خالد الحذاء لم يكن حذاء وإنما كان يجالس الحذائين فنسب إليهم. سليمان التيمي لم يكن من تيم ولا مولى لهم ولكنه كان ينزل في تيم، وكان مسجده فيهم فنسب إليهم وهو مولى بني مرة بن عاد بن ضبيعة. أبو سعيد المقبري كان منزله عند المقابر فقيل المقبري. عثمان البتي هو عثمان بن سليمان بن جرموز، وكان من أهل الكوفة فانتقل إلى البصرة وهو مولى لبني زهرة وكان يبيع البتوت فنسب إليها. السدي كان يبيع الخمر في سدة المدينة فنسب إليها واسمه إسماعيل بن عبد الرحمن. إسماعيل بن مسلم المكي المحدث ليس من أهل مكة ولكنه نزل مكة حيناً وكان بصرياً فلما رجع إلى البصرة قيل له المكي. القاسم بن الفضل الحداني أبو المغيرة ولم يكن حدانياً ولكنه كان نازلاً في بني حدان فنسب إليهم وهو من الأزد. عبد الواحد بن زياد الثقفي ليس من ثقيف وهو مولى لعبد القيس ونسب إلى ثقيف. اليزيدي عبد الرحمن بن مبارك كان يؤدب ولد يزيد بن منصور الحميري فقيل: يزيدي. ابن أم مكتوم هو منسوب إلى أمه وأبوه قيس واسمه عبد الله ويقال عمرو. شرحبيل بن حسنة منسوب إلى أمه وأبوه عبد الله بن المطاع. عبد الله ابن بحينة منسوب إلى أمه وأبوه مالك. خفاف ابن ندبة منسوب إلى أمه وأبوه عمير بن الحرث السلمي. أبو لبابة هو مكنى ببنت له يقال لها لبابة واسمه بشير. معاذ ومعوذ ابنا عفراء منسوبان إلى أمهما وأبوهما الحرث بن رفاعة، ولمعاذ عقب ولا عقب لمعوذ. فيروز الحميري قاتل الأسود العنسي هو من العجم من الديلم، وقيل: حميري لنزوله في حمير. إسماعيل ابن علية منسوب إلى أمه وأبوه إبراهيم ابن عائشة منسوب إلى جدة له وكان أبوه أيضاً يعرف بابن عائشة وهو عبيد الله بن محمد بن حفص التيمي. مرداس ابن أدية منسوب إلى جدة له أو ظئر. ابن القرية منسوب إلى أمه وهو أيوب بن يزيد. ابن الاطانبة الشاعر منسوب إلى أمه وهو عمرو بن عامر. ابن الدمية وابن ميادة منسوبان إلى أمهما. سليمان بن قتة منسوب إلى أمه وكان شاعراً يحمل عنه الحديث، وهو مولى لتيم قريش. العماني الشاعر لم يكن من عمان ولكنه كان مصفر الوجه عظيم البطن فرآه دكين الراجز يمتح فقال من هذا العماني لأن أهل عمان صفر الوجوه عظام البطون.
المسمون بكناهم
أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم من الأنصار. أبو بكر بن عياش اسمه كنيته وقد قيل اسمه شعبة. أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة. أبو عمرو بن العلاء وأبو سفيان بن العلاء أسماؤهما كناهما. أبو قرة الكندي أول قاض قضى بالكوفة اسمه كنيته. أبو هبيرة بن الحرث من الأنصار اسمه كنيته. أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام المخزومي اسمه كنيته ويقال له راهب قريش. أبو بكر بن أبي موسى الأشعري اسمه كنيته. أبو أمية وأبو الحضرمي من تيم الرباب أسماؤهم كناهما.
المكنون بكنيتين وثلاث
عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه يكنى: أبا عبد الله وأبا عمرو وأبا ليلى. عبد الله بن الزبير يكنى: أبا بكر وأبا حبيب وأبا عبد الرحمن. قطري بن الفجاءة يكنى: أبا محمد وأبا نعامة وأبا حنظلة. عبد العزى بن عبد المطلب يكنى: أبا لهب وأبا عتبة. عامر بن الطفيل يكنى: أبا علي وأبا عقيل. قيس بن المسوح يكنى: ابا أسد وأبا حسان. حسان بن ثابت يكنى: أبا الوليد وأبا الحسام. حمزة بن عبد المطلب يكنى: أبا يعلى وأبا عمارة. صخر بن حرب يكنى: أبا سفيان وأبا حنظلة.
الطواعين وأوقاتها
قال أبو محمد: حدثني أبو حاتم عن الأصمعي. قال: أول طاعون في الإسلام طاعون عمواس بالشام، فيه مات معاذ بن جبل وامرأتاه وابنه وأبو عبيدة بن الجراح. وطاعون شيرويه ابن كسرى بالعراق في زمن واحد وكانا جميعاً في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وبين طاعون شيرويه وبين طاعون عمواس مدة طويلة. ثم الجارف في زمن ابن الزبير سنة تسع وستين وعلىالبصرة يومئذ عبيد الله بن عبد الله بن معمر. ثم طاعون الفتيات لأنه بدأ في العذارى والجواري بالبصرة وبواسط وبالشام وبالكوفة، والحجاج يومئذ بواسط في ولاية عبد الملك بن مروان، ومات فيه عبد الملك أو بعده بقليل، ومات فيه أمية بن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وعلي بن أصمع وصعصعة بن حصن وكان يقال له طاعون الأشراف. ثم طاعون عدي بن أرطأة سنة مائة. ثم طاعون غراب سنة سبع وعشرين ومائة، وغراب رجل من الرباب، وكان أول من مات فيه في ولاية الوليد بن يزيد بن عبد الملك. ثم طاعون سلم بن قتيبة وسلم قدم علينا سنة إحدى وثلاثين ومائة في شعبان وشهر رمضان وأقلع في شوال وفيه مات أيوب السختياني. قال: وقال الأصمعي مرة أخرى وقع طاعون سلم بالعراق يوم الخروج يعني يوم العيد سنة إحدى وثلاثين وبالشام سنة خمس وثلاثين، وكان إذا فتح فرق منه صاحبه وفي طاعون الأشراف يقول الشاعر:
وما ترك الطاعون من ذي قرابة * غليه إذا كان الإياب يؤوب
ولم يقع بالمدينة ولا مكة طاعون قط.
الأيام المشهورة في الجاهلية
يوم ذي قار
كان سببه أن النعمان بن المنذر حين هرب من أبرويز استودع هانئ بن مسعود بن عامر الشيباني عياله ومائة درع، فبعث إليه أبرويز في الدروع وفي ابنيه فأبى أن يسلم ذلك فأغزاه جيشاً فاقتتلوا بذي قار فظفرت بنو شيبان، فكان أول يوم انتصرت فيه العرب من العجم.
الفجار الأول
كان الفجار الأول بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان، وسبب ذلك أن رجلاً من بني كنانة كان عليه دين لرجل من بني نصر بن معاوية فأعدم به الكناني فوافى النصري سوق عكاظ بقرد فوقفه في السوق فقال من يبتغي هذا بمالي على فلان الكناني، فمر به رجل من كنانة فضرب بالسيف القرد فقتله فصرخ النصري في قيس وصرخ الكناني في كنانة فتجاوز الناس حتى كاد يكون بينهم حرب ثم اصطلحوا ولم يكن بينهم قتال، وإنما كان القتال الفجار الثاني
الفجار الثاني
كان حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو قاد أسداً وغطفان كلها، وابنه عيينة بن حصن من المؤلفة قلوبهم فأتى عيينة سوق عكاظ فرأى الناس يتبايعون فقال: أرى هؤلاء مجتمعين بلا عهد ولا عقد ولئن بقيت إلى قابل ليعلمن فغزاهم من قابل وأغار عليهم، فهذا سبب الفجار الثاني وكانت الحرب فيه بين كنانة وقيس والدائرة على قيس عيلان.
حلف الفضول
سببه أن قريشاً كانت تتظالم بالحرم، فقام عبد الله بن جدعان والزبير بن عبد المطلب فدعوا قومهم إلى التحالف على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فأجابوهما وتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان.
حلف المطيبين
والمطيبون عبد مناف وزهرة وأسد بن عبد العزى وتيم والحرث بن فهر وسببه أن بني قصي أرادوا أن ينتزعوا بعض ما كان بأيدي عبد الدار من الرفادة واللواء والندوة والحجابة، ولم يكن لهم إلا السقاية فتحالفوا على حربهم وأعدوا للقتال، ثم رجعوا عن ذلك وأقروا ما كان بأيديهم والرادة شيء كان فرضه قصي على قريش لطعام الحاج في كل سنة.
يوم الوقيط
هو يوم كان في الإسلام بين بني تميم وبكر بن وائل.
يوم شويحط
يوم كان بين اليمن ومضر في الجاهلية وكان على الناس يومئذ زرارة بن عدس.
حرب بكر وتغلب
ابني وائل بن ربيعة: سببها أن كليب بن ربيعة من تغلب وكان سيد ربيعة في دهره وهو الذي يقال له أعز من كليب وائل، مرت به إبل جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة فرمى ناقة منها فانتظم ضرعها وكانت الناقة للبسوس خالة جساس، فركب جساس ومعه عمرو بن الحرث بن ذهل إلى كليب فطعنا كليباً واحتزا رأسه فهاجت الحرب بينهم أربعين سنة، وكانت لهم ستة أيام مشهورة، ومهلهل أخو كليب القيم فيها.
يوم عنيزة
وهو يوم تكافئوا فيه.
يوم واردات
وكان لتغلب على بكر.
يوم الحنو
وكان لبكر على تغلب
يوم القصيبات
وكان لتغلب على بكر فقتلوا بكراً أثخن القتل وفيه قتل همام بن مرة أخو جساس.
يوم قضة
وهو يوم الفصيل.
يوم تحلاق اللمم
وفيه قتل جحدر، قتله النساء وذلك أنه لم يحلق شعره فلم يعرفنه ولم يكن بعد هذا اليوم يوم مذكور، وإنما كان بينهم تغاور وتطرف ولم يقتل جساس إلى أن انقضى ما بينهم.
حرب داحس والغبراء
وهذه كانت بين عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، وبين ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان. وسببها أن قيس بن زهير بن جذيمة العبسي وحذيفة بن بدر الذبياني تراهنا على خطر عشرين بعيراً أيهما سبقت خيله، أخذها من صاحبه وجعلا الغاية مائة غلوة والمضمار أربعين ليلة والمجرى من ذات الأصاد، فأجرى قيس داحساً والغبراء، وأجرى حذيفة قرزلاً، ويقال: الخطار والحنفاء، فوضعت بنو فزارة رهط حذيفة كميناً على الطريق فردوا الغبراء ولطموها، وكانت سابقة فقال قيس: سبقت ودفعوه عن ذلك فوقع بينهم الشر، فقال قيس: أعطونا بعيراً واحداً ننحره لأهل الماء فقال حذيفة: ما كنا لنقر لكم بالسبق، فلما رأى ذلك قيس رحل عنهم مفارقاً لهم ثم أن قيساً بعد ذلك بحين أغار عليهم فلقي عوف بن بدر أخا حذيفة فقتله ووداه مائة ناقة عشراء، وخرج مالك بن زهير يريد ناحية فلقيه حمل بن بدر فقتله فارسل قيس إلى حذيفة أن أردد علينا إبلنا فقد قتلت مالك بن زهير بعوف بن بدر، فكانت الإبل قد تناتجت عند حذيفة فدفعها دون أولادها وأبت بنو عبس إلا إبلهم وأولادها وهاجت الحرب بينهم إلى أن حمل الدماء بينهم الحرث بن عوف المري.
قصص قوم جرى المثل بأسمائهم
قوس حاجب
هو حاجب بن زرارة وكان أتى كسرى في جدب أصابهم بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فسأله أن يأذن له ولقومه أن يصيروا إلى ناحية من نواحي بلده حتى يحيوا فقال له كسرى: إنكم معشر العرب قوم غدر حرصاء فإن أذنت لكم أفسدتم البلاد وأغرتم على الرعية وآذيتموهم، قال حاجب: فإني ضامن للملك أن لا يفعلوا، قال: فمن لي بأن تفي أنت? قال أرهنك قوسي! فضحك من حوله، فقال كسرى: ما كان ليسلمها أبداً فقبلها منه وأذن لهم أن يدخلوا الريف، وأحيا الناس بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم وقد مات حاجب، فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه فردها عليه وكساه حلة، فلما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني تميم وأسلم أهدى الحلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها، فباعها بأربعة آلاف درهم من رجل من اليهود. وقال أبو اليقظان: القوس اليوم عند ولد جعفر بن عمير بن عطارد بن حاجب لأنهم أكبر ولده.
باقل
الذي يضرب به المثل بعينه: هو من بني قيس بن ثعلبة، وكان اشترى عنزاً بأحد عشر درهماً فقالوا له: بكم اشتريت العنز? ففتح كفيه وفرق أصابعه وأخرج لسانه يريد أحد عشر، فلما عيروه بذلك قال:
يلومون في حمقه باقلاً * كأن الحماقة لم تخلق
فلا تكثروا العذل في عيه * فللعي أجمل بالأموق
خروج اللسان وفتح البن * ان أحب إلينا من المنطق
قرط مارية
يقال: هي مارية بنت ظالم بن وهب بن الحرث بن معاوية الكندي، وأختها هند الهنود امرأة حجر آكل المرار الكندي، وابنها الحرث الأعرج الذي ذكره النابغة في قوله: والحرث الأعرج خير الأنام
وإياها عنى حسان بن ثابت بقوله:
أولاد جفنة عند قبر أبيهم * قبر ابن مارية الكريم المفضل
خريم الناعم
هو خريم بن عمرو من بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان وابنه عدي بن خريم، وابناه عثمان وأبو الهندام عمارة، وقيل له: الناعم لأنه كان يلبس الخلق في الصيف والجديد في الشتاء.
أسرع من نكاح أم خارجة
هي أم خارجة بنت قراد من بجيلة كانوا يقولون لها خطب فتقول نكح، وولدت لبكر بن عبد مناة الليث والدول وعريجاً وهي أم العنبر والهجيم وأسيد، وولدت أيضاً في بني القين من اليمن يقال لهم بنو لحوة، وولدت في بهراء وخارجة ابنها لا يعلم ممن هو.
حجام ساباط
قال الأصمعي: ساباط كسرى بالعجمية بلاس أباذ، وبلاس اسم رجل وإنما ضربوا به المثل في الفراغ، لأنه كان يمر به الجيوش فيجمعهم من الكساد بنسيئة حتى يرجعوا.
شقائق النعمان
قال أبو محمد: شقائق النعمان منسوبة إلى النعمان بن المنذر، وكان خرج إلى الظهر وقد اعتم نبته ما بين أحمر وأخضر وأصفر، وإذا فيه من هذه الشقائق شيء كثير، فقال: ما أحسنها احموها، فحموها فسميت: شقائق النعمان.
حديث خرافة
حدثني أبو سفيان الغنوي، قال: حدثنا سعيد بن عبد الله السلمي، قال: حدثنا علي بن ابي سارة عن ثابت عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: إن اصدق الأحاديث حديث خرافة، وكان رجلاً من بني عذرة سبته الجن فكان يكون معهم، فإذا استرقوا السمع أخبروه، فيخير به أهل الأرض فيجدونه كما قال.
برجان اللص
هو فضل بن برجان مولى لبني امرئ القيس، وكان له صاحبتان يقال لهما: سهم وسهام فقتلهما مالك بن المنذر فقال خلف بن خليفة:
إن كنت لم تسألي سهماً وصاحبه * عن مالك فاسألي فضل بن برجان
يخبرك عنه الذي أوفى على شرف * حتى أناف على دور وبنيان
سحبان وائل
هو منسوب إلى وائل باهلة، وهو وائل بن معن بن أعصر وكان خطيباً، فضرب به المثل، قال الشاعر في ضيف نزل به:
أتانا ولم نعد له سحبان وائل * بياناً وعلماً بالذي هو قائل
فما زال عنه اللقم حتى كأنه * من العي لما أن تكلم باقل
وابنه عجلان بن سحبان الذي يقول في طلحة الطلحات:
منك العطاء فاعطني * وعلى مدحك في المشاهد
طفيل
الذي ينسب إليه الطفيليون: هو طفيل من أهل الكوفة من ولد عبد الله بن غطفان بن سعد، وكان يقال له طفيل العرايس لدخوله الأعراس وتتبعه لها.
كنز النطف
تقول العرب: لو كان عند فلان كنز النطف ماعداً وهو رجل من بني يربوع، كان فقيراً يحمل الماء على ظهره فينظف، أي يقطر، وكان أغار على مال بعث به باذان من اليمن إلى كسرى فأعطى منه يوماً حتى غابت الشمس فضربته العرب مثلاً.
ندامة الكسعي
هو رجل رمى فأصاب فظن أنه أخطأ فكسر قوسه. فلما علم ندم على كسر القوس، فضرب به المثل في كل أمر كان فيه ندم.
مواعيد عرقوب
كان عرقوب رجلاً من العماليق، فأتاه أخ له يسأله شيئاً فقال له عرقوب: إذ أطلع نخلي، فلما أطلع نخله أتاه فقال: إذا أبلح، فلما أبلح أتاه فقال: إذا أزهى، فلما أزهى أتاه فقال: إذا أرطب، فلما أرطب أتاه فقال: إذا صار تمراً فلما صار تمراً أخذه من الليل ولم يعط أخاه شيئاً، فضربت به العرب المثل في الخلف، قال الشاعر:
وعدت وكان الخلف منك سجية * مواعيد عرقوب أخاه بيترب
هكذا قرأته في كتاب سيبويه بالتاء وفتح الراء.
خفا حنين
كان حنين إسكافياً من أهل الحيرة ساومه أعرابي بخفين فاختلفا حتى أغضبه، فأراد أن يغيظ الأعرابي، فلما ارتحل أخذ حنين أحد الخفين فألقاه ثم ألقى الآخر في موضع آخر من طريقه، فلما مر الأعرابي بأحدهما قال: ما أشبه هذا بخف حنين لو كان معه الآخر لأخذته ومضى، فلما انتهى إلى الآخر ندم على ترك الأول وأناخ راحلته فأخذه ورجع إلى الأول، وقد كمن حنين فعمد إلى راحلته فذهب بها وبما عليها، وأقبل الأعرابي ليس معه غير الخفين فقال له قومه: ما الذي أتيت به? قال: بخفي حنين. فضربته العرب مثلاً لمن جاء خائباً.
عطر منشم
قد اختلفوا في منشم، وأحسن ما سمعت فيه أنه امرأة كانت تبيع الحنوط في الجاهلية، فقيل للقوم: إذا تحاربوا دقوا بينهم عطر منشم، يراد طيب الموتى.
حمام منجاب
هو ينسب إلى منجاب بن راشد الضبي ولهج الناس بذكره لقول الشاعر:
يا رب قائلة يوماً وقد لغبت * كيف الطريق إلى الحمام منجاب
خليف
الذي ينسب إليه الفالوذج الخليفية: هو خليف بن عقبة من بني ربيع بن الحرث، وهو مقاعس من بني تميم ويكنى أبا بكر، كناه بذلك محمد بن سيرين وكان من أصحابه، وكان من أظرف أهل البصرة وله بها عقب.
سليم
الذي ينسب إليه اصفر سليم: كان لعبيد الله بن أبي بكرة ثلاثة وكلاء يقال لهم سليم الناصح وسليم الغاش وسليم الساحر، وهذا هو الذي عمل أصفر سليم.
سعيد
الذي تنسب إليه الثياب السعيدية: هو سعيد بن العاص بن سعيد كان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قتل أباه يوم بدر وابنه سعيد غلام، فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة فيها سميت الثياب السعيدية، وكان سعيد أول من خش الإبل في العظم وولد له نحواً من عشرين ابناً وعشرين بنتاً، ومن ولده عمرو بن سعيد الأشدق الذي قتله عبد الملك بن مروان.
ابن رغبان
الذي ينسب إليه المسجد ببغداد: هو مولى حبيب بن مسلمة من قريش من محارب بن فهر، وكان حبيب عظيم القدر يلي الولايات زمن عثمان ومعاوية، وهو ممن يعد في المشهورين بالطول.
أديان العرب في الجاهلية
كانت
النصرانية
في ربيعة وغسان وبعض قضاعة، وكانت
اليهودية
في حمير وبني كنانة وبني الحرث بن كعب وكندة.
وكانت
المجوسية
في تميم منهم: زرارة بن عدس التميمي وابنه حاجب بن زرارة، وكان تزوج ابنته ثم ندم، ومنهم: الأقرع بن حابس كان مجوسياً، وأبو سود جد وكيع بن حسان كان مجوسياً، وكانت.
الزندقة
في قريش أخذوها من الحيرة، وكان بنو حنيفة اتخذوا في الجاهلية إلها من حيس فعبدوه دهراً طويلاً ثم أصابهم مجاعة فأكلوه، فقال رجل من بني تميم:
أكلت ربها حنيفة من جو * ع قديم بها ومن إعواز
وقال آخر:
أكلت حنيفة ربها * زمن التقحم والمجاعة
لم يحذروا من ربهم * سوء العواقب والتباعة
الفرق
الأباضية
من الخوارج ينسبون إلى عبد الله بن أباض وهو من بني مرة، ابن عبيد من بني تميم.
الأزارقة
من الخوارج ينسبون إلى نافع بن الأزرق، وهو من الدول بن حنيفة ولا عقب له، وقام بعده من الخوارج عبيد الله بن المأخوذ فقتله المهلب بقرب الأهواز.
البيهسية
من الخوارج ينسبون إلى أبي بيهس من بني سعد بن ضبيعة بن قيس واسمه هيصم بن جابر، وكان عثمان بن جبان والي المدينة قطع يديه ورجليه.
الخشبية
من الرافضة كان إبراهيم بن الأشتر لقي عبيد الله بن زياد، وأكثر أصحاب إبراهيم معهم الخشب، فسموا الخشبية.
الكيسانية
من الرافضة، هم اصحاب المختار بن أبي عبيد، ويذكرون: أن لقبه كيسان.
السبائية
من الرافضة ينسبون إلى عبد الله بن سبأ، وكان أول من كفر من الرافضة، وقال: على رب العالمين، فأحرق علي أصحابه بالنار.
المغيرية
من الرافضة ينسبون إلى المغيرة بن سعيد مولى بجيلة، وكان سبائياً وكان يقول لوشاء علي لأحيا عاداً وثمود والقرون بينهما، وخرج على خالد بن عبد الله فقتله وصلبه بواسط عند قنطرة العاشر.
المنصورية
من الرافضة، هم منسوبون إلى أبي منصور الكسف، وسمي كسفاً لأنه قال لأصحابه في أنزل "إن يروا كسفاً من السماء ساقطاً" ومنهم الخناقون.
الخطابية
من الرافضة، هم ينسبون إلى أبي الخطاب، ولا أدري ممن هو غير أنه كان يأمر أصحابه أن يشهدوا على من خالفهم بالزور في الأموال والدماء والفروج، وقال: إن دماءهم ونساءهم لكم حلال.
الغرابية
من الرافضة، هؤلاء لم ينسبوا إلى رجل وإنما قيل لهم: غرابية لأنهم ذكروا أن علياً كان أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وغلط جبريل حين بعث إلى علي لشبه النبي صلى الله عليه وسلم به.
الزيدية
هم منتسبون إلى زيد بن علي المقتول، وهم أقل الرافضة غلواً، غير أنهم يرون الخروج مع كل من خرج.
أسماء الغالية من الرافضة
أبو الطفيل صاحب راية المختار، وكان آخر من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم موتاً. وأبو عبد الله الجدلي. وزرارة بن أعين. وجابر الجعفي.
الشيعة: الحرث الأعور. وصعصعة بن صوحان. والأصبغ بن نباتة. وعطية العوفي. وطاوس. والأعمش. وأبو إسحاق السبيعي. وأبو صادق. وسلمة بن كهيل. والحكم بن عتيبة. وسالم بن أبي الجعد. وإبراهيم النخعي. وحبة بن جوين. وحبيب بن أبي ثابت. ومنصور بن المعتمر. وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج. وقطر بن خليفة. والحسن بن صالح بن حي. وشريك. وأبو إسرائيل الملائي. ومحمد بن فضيل. ووكيع. وحميد الرواسي. وزيد بن الحباب. والفضل بن دكين. والمسعود الأصغر. وعبيد الله بن موسى. وجرير بن عبد الحميد. وعبد الله بن داود. وهشيم. وسليمان التيمي. وعوف الأعرابي. وجعفر الضبيعي. ويحيى بن سعيد القطان. وابن لهيعة. وهشام بن عمار. والمغيرة صاحب إبراهيم. ومعروف بن خربوذ. وعبد الرزاق. ومعمر. وعلي بن الجعد.
المرجئة: إبراهيم التيمي. عمرو بن مرة. در الهمداني. طلق بن حبيب. جماد بن سليمان. أبو حنيفة صاحب الرأي. عبد العزيز بن أبي داود. وابنه عبد الحميد. خارجة بن مصعب. عمرو بن قيس الماصر. أبو معاوية الضرير. ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة. أبو يوسف صاحب الرأي. محمد بن الحسن ومحمد بن السائب. مسعر.
القدرية: معبد الجهني. عطاء بن يسار. عمرو بن عبيد. غيلان القبطي. الفضل الرقاشي. عمرو بن فائد. وهب بن منبه ثم رجع. قتادة. هشام الدستوائي. سعيد بن أبي عروبة. عثمان الطويل. عوف بن أبي جميلة. إسماعيل بن مسلم المكي. عثمان بن مقسم البري. نصر بن عاصم بن أبي نجيح. خالد العبد. همام بن يحيى. مكحول الشامي. سعيد بن إبراهيم. نوح بن قيس الطاحي. وكان رافضياً أيضاً. غندر. ثور بن زيد. عباد بن منصور. عبد الوارث التنوري. صالح المري. كهمس. عباد بن صهيب. خالد بن معدان. محمد بن إحساق.
رماة الحدق
قد اختلفوا فيهم، فذكر بعضهم أنهم من طيء، وقال آخرون: هم النوبة وهم يرمون بالنبل من قسي عربية، فالعرب تسميهم رماة الحدق، وهم أصحاب إبل وغنم وبقر وخيل عتاق كالعرب.
الجوائز
أصل الجائزة والجوائز أن قطن بن عبد عوف بن اصرم من بني هلال بن عامر بن صعصعة، ولي فارس لعبد الله بن عامر فمر به الأحنف بن قيس في جيشه غازياً إلى خراسان، فوقف لهم على قنطرة الكر فجعل ينسب الرجل فيعطيه على قدر حسبه، وكان يعطيهم مائة مائة فلما كثروا عليه قال: أجيزوهم فأجيزوا، فهو أول من سن الجوائز. قال الشاعر:
فداء الأكرمين بني هلال * على إعلائهم عمي وخالي
همو سنوا الجوائز في معد * فصارت سنة أخرى الليالي
الأحابيش حلفاء قريش
هم بنو المصطلق والحيا بن سعد بن عمرو وبنو لهون بن خزيمة، اجتمعوا بذنب حبشي وهو جبل بأسفل مكة، وتحالفوا بالله إنا ليد على غيرنا ما سجى ليل ووضح نهار وما رسي حبشي مكانه، فسموا أحابيش باسم الجبل، وقال حماد الراوية سموا أحابيش لاجتماعهم والتجمع في كلام العرب وهو التحبش.
الحمس
هم قريش، ومن دان بدينهم من كنانة وإنما التحمس التشدد في الدين، وكانوا لا يستضيئون أيام منى، ولا يسلئون السمن، ولا يدخلون البيوت من أبوابها، ويقفون بالمشعر ولا يأتون عرفة، ولا يلتقون الجلة.
القارظان
تقول العرب: لا أفعل كذا حتى يؤوب القارظان. أما الأول فهو القارظ العنزي، وهو يذكر ابن عنزة، وكان خزيمة بن نهد بن زيد يهوى ابنته فاطمة، وهو القائل فيها:
إذا الجوزاء أردفت الثريا * ظننت بآل فاطمة الظنونا.
وإن أباها خرج يطلب القرظ فلقيه خزيمة، فلم يرجع ولم تعرف قصته حتى قال خزيمة:
فتاة كأن رضاب العبي * ر بفيها يعل به الزنجبيل.
قتلت أباها على حبها * فتبخل إن بخلت أو تنيل.
فلما قال هذين البيتين تحاربوا. والقارظ الآخر هو أبو رهم رجل من عنزة، وكان عشق ابنة عم له فالتقيا في أخذ القرظ فاحتملها على بعيره حتى وقع على بني صافي من همذان، وهم اليوم يدعون بني قارظ ولهما يقول أبو ذؤيب:
وحتى يؤوب القارظان كلاهما * وينشر في القتلى كليب لوائل.
عمرو
الذي يقال فيه شب عمرو عن الطوق:
هو عمرو بن عدي بن نصر ابن أخت جذيمة الأبرش، وهو الذي كان يقول: إذا جنى الكماة بين يدي خاله وهو صبي:
هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده إلى فيه.
فاستهوته الجن حيناً، ثم ظهر فوجده مالك وعقيل فانتسب لهما فأتيا به جذيمة فسر به سروراً شديداً فحكما منادمته ندماء جذيمة.
قال متمم بن نويرة التيمي يرثي أخاه:
وعشنا كندماني جذيمة حقبة * من الدهر حتى قيل لن نتصدعا.
وقال أبو خراش الهذلي:
ألم تعلمي أن قد تفرق قلبنا * خليلا صفاء مالك وعقيل.
وأن أمه نظفته وألبسته ثياب الملوك وطوقته بطوق وأمرته بزيارة خاله، فلما رأى خاله لحيته والطوق في عنقه، قال: شب عمرو عن الطوق، وكانت الزباء قتلت خاله فأدرك عمرو وقصير ثأره فقتلاها.
الأكراد
تذكر العجم أن الأكراد فضل طعم بيوراسف وذلك أنه كان يأمر أن يذبح له كل يوم إنسان ويتخذ طعاماً من لحومهما.
وكان له وزير يقال له أرمائيل، وكان يذبح واحداً ويستحيي واحداً ويبعث به إلى جبال فارس، فتوالدوا في الجبال وكثروا.
الخوز
ذكر الأصمعي، قال الخوز هم: الفعلة الذين بنوا الصرح لفرعون واسمهم مشتق من اسم الخنزير يقال لهم بالفارسية: خوك.
اليهود
إنما سموا يهوداً لأنهم انتسبوا لبعض الملوك إلى يهودا بن يعقوب لأمر خافوه.
النصارى
سموا نصارى باسم القرية التي نزل فيها المسيح وهي ناصرة من أرض الخليل.
خولهم على يدي عدل
هو عدل بن فلان من سعد العشيرة، وكان على شرطة تبع فإذا غضب على رجل دفعه إليه فقال الناس: لكل شيء يخاف هلاكه هو على يدي عدل، ويقال إن عدل هو العدل بين يدي المتراهنين في الرهن، وإذا كان الشيء على يديه كان صاحبه على شرف غرم أو غنم، ومثله قولهم هو على خطر، والخطر ما يجعله المتقامران بينهما للقامر.
أكفر من حمار
هو رجل من بقايا عاد، وكان حمى موضعاً من أرض عاد يقال له الجوف ونزله وكان فيه شجر وماء، وكان له بنون عشرة فماتوا كلهم فغضب وكفر كفراً عظيماً، وقتل كل من وجده من المسلمين، فأقبلت نار من أسفل الجوف بريح عاصف حتى أحرقت الجوف كله وأحرقته ومن كان معه، فأصبح الجوف كأنه الليل وغاض ماؤه وصار ملعباً للجن، وهابه كل من كان يسلكه فضربت العرب به المثل فقالوا: واد كجوف الحمار وواد كجوف العير. وقالوا: أكفر من حمار.
أحمق من دعة
قال اسمها مارية بنت ربيعة من عجل، وكانت عند جندب بن العنبر فولدت له عدي بن جندب وكانت حمقاء حسناء ولها في حمقها أخبار.
الطرة السكينية
هي تنسب إلى سكينة بنت علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما.
كتاب الملوك
ملوك اليمن
قال أبو محمد: كان يعرب بن قحطان صار إلى اليمن في ولده وأقام بها وهو أول من نطق بالعربية من ولد آدم وأول من حياه ولده بتحية الملوك: "أبيت اللعن وأنعم صباحاً"، واليمن كلها من ولده. وولد ليعرب يشجب بن يعرب وولد ليشجب سبأ بن يشجب، وكانت الملوك في ولده، ويقال: إنه سمي سبأ لأنه أول من سبى السبي من ولد قحطان، فأول الملوك من ولده حمير بن سبأ ملك حتى مات هرماً، ولم يزل الملك في ولد حمير لا يعد وملكهم اليمن ولا يغزو أحد منهم حتى مضت قرون وصار الملك إلى الحرث الرايش.
الحرث الرايش
وكان الحرث أول من غزا منهم وأصاب الغنائم وادخلها اليمن، وبين الرايش وبين حمير خمسة عشر أبا فيما يقال، وسمي الرايش لأنه أدخل اليمن الغنائم والأموال والسبى فراش الناس، وفي عصره مات لقمان صاحب النسور، ولقمان هو الذي بعثته عاد في وفدها إلى الحرم ليستسقي لها، فخير بقاء سبع بقرات سمر من أظب أو عفر في جبل وعر لا يحسها القطر، أو بقاء سبعة أنسر كلما هلك منها نسر خلف من بعده نسر، فاختار أعمار النسور، فكان آخر نسوره لبد وقد ذكرته الشعراء، قال النابغة:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا * أخنى عليها الذي أخنى على لبد.
وقال لبيد بن ربيعة العامري:
لما رأى لبد النسور تطايرت * رفع القوادم كالفقير الأعزل.
والشعراء تنسبه إلى عاد، ويقال إنه عمر ألفي سنة وأربعمائة ونيفاً وخمسين سنسة، وكان أقصى أثر الرايش في غزوته الأول الهند، ثم غزا بعد ذلك الترك بأذربيجان وما يليها وسبى الذرية، ثم أقبل وقد ذكر الرايش نبينا صلى الله عليه وسلم في شعر له ذكر فيه من يملك منهم ومن غيرهم، فقال:
ويملك بعدهم رجل عظيم * نبي لا يرخص في الحرام.
يسمى أحمداً يا ليت أني * أعمر بعد مخرجه بعام.
وكان ملكه مائة سنة وخمسا وعشرين سنة.
أبرهة بن الرايش
ثم ملك بعده ابنه أبرهة بن الرايش، وكان يقال له: ذو المنار لأنه أول من ضرب المنار على طريقه في مغازيه ليهتدي بها إذا رجع وكان ملكه مائة وثلاثاً وثمانين سنة.
أفريقيس بن أبرهة
ثم ملك بعده ابنه أفرقيس بن أبرهة بن الرايش، فغزا نحو المغرب في أرض بربر حتى انتهى إلى طنجة، ونقل البربر من أرض فلسطين ومصر والساحل إلى مساكنهم اليوم وكانت البربر بقية من قتل يوشع بن نون، وأفريقيس هو الذي بنى أفريقية وبه سميت، وكان ملكه مائة وأربعاً وستين سنة.
العبد بن أبرهة
ثم ملك بعده أخوه العبد بن أبرهة وهو ذو الأذعار سمي بذلك لأنه غزا بلاد النسناس، فقتل منهم مقتلة عظيمة ورجع إلى اليمن من سبيهم بقوم وجوههم في صدورهم، فذعر الناس منهم فسمي ذا الأذعار، وكان هذا في حياة أبيه، فلما ملك أصابه الفالج فذهب شقه قبل غزوه، وكان ملكه خمساً وعشرين سنة.
هداد بن شرحبيل
ثم ملك بعده هداد بن شرحبيل بن عمرو بن الرايش، وهو أبو بلقيس صاحبة سليمان عليه السلام، ويقال: إنه نكح امرأة من الجن فولدت له بلقيس، فلم يلبث إلا يسيراً حتى هلك، فلما حضرته الوفاة جعل الملك لها بعده.
بلقيس
فلما ملكت بلقيس وكانت من أجمل الناس في زمانها وأعقلهم وأحزمهم، فكان من أمرها وأمر سليمان عليه السلام ما قصه الله عز وجل في كتابه ويقال: إن سليمان تزوجها فولدت له داود بن سليمان ومات في حياة أبيه، ويقال: بل تزوجها رجل من المقاول وسرحها إلى ملكها، وكان يأتي بلدها في كل شهر، ويقال: إن مدة سليمان كانت في ملكه أربعين سنة، ويقال: أربعاً وعشرين سنة، وماتت بلقيس بعده بمدة يسيرة.
ياسر بن عمرو
ثم ملك بعدها ياسر بن عمرو بن يعفر بن عمرو بن شرحبيل، ويعرف بياسر النعم لإنعامه على الناس ورد الملك إليهم بعد سليمان عليه السلام، وكان شديد السلطان قوياً في أمره، وخرج غازياً نحو المغرب حتى أتى وادي الرمل الجاري، فوجه جيشاً في الرمل فهلكوا فيه ولم يعد منهم أحد فأمر بصنم نحاس فعمل وكتب عليه بالمسند: ليس ورائي مذهب ورجع، وكان ملكه خمساً وثمانين سنة.
شمر بن أفريقيس
ثم ملك بعده شمر بن أفريقيس بن أبرهة بن الرايش، وهو الذي يدعي شمر يرعش وذلك لارتعاش كان به، وخرج في جيش عظيم حتى دخل أرض العراق ثم توجه يريد الصين، فأخذ على طريق فارس وسجستان خراسان فافتتح المدائن والقلاع وقتل وسبى ودخل مدينة الصغد فهدمها فسميت شمركند أي شمر أخربها وأعربها الناس فقالوا: سمرقند، ثم عاد وكان ملكه مائة وسبعاً وثلاثين سنة.
الأقرن بن شمر
ثم ملك بعده ابنه الأقرن بن شمر يرعش فغزا بلاد الروم وكان أهلها يومئذ يعبدون الأوثان ووغل فيها حتى بلغ وادي الياقوت فمات قبل أن يدخله، ودفن هناك وكان ملكه ثلاثاً وخمسين سنة.
تبع بن الأقرن
ثم ملك بعده ابنه تبع بن الأقرن بن شمر يرعش وهو تبع الأكبر، وأول التبابعة، فأقام عشرين سنة لا يغزو، وأتاه عن الترك ما كرهه فسار إليهم على جبلي طيء ثم على الأنبار، وهو الطريق الذي سلكه الرايش فلقيهم في حد أذربيجان فهزمهم وسبى ورجع، ثم غزا الصين ثم رجع، وخلف بالتبت جيشاً عظيماً فأعقابهم بالتبت يعرفون ذلك، وتبع هذا هو القائل:
منع البقاء تقلب الشمس * وطلوعها من حيث لا تمسي.
وطلوعها بيضاء صافية * وغروبها صفراء كالورس.
تجري على كبد السماء كما * يجري حمام الموت في النفس.
اليوم نعلم ما يجيء به * ومضى بفصل قضائه أمس.
وبعض الرواة يذكرون أن هذا الشعر لأسقف نجران، وكان ملكه مائة وستين سنة.
كليكرب بن تبع الأكبر
ثم ملك بعده كليكرب بن تبع الأكبر، وكان ضعيفاً صغير الهمة لم يغز حتى مات، وكان ملكه خمساً وثلاثين سنة.
تبع بن كليكرب
ثم ملك بعده ولده تبع بن كليكرب وهو أسعد أبو كرب وهو تبع الأوسط، فأكثر الغزو ولم يدع سلكه آباؤه إلا سلكه، وكان يغزو بالنجوم ويسير بها ويمضي أموره بدلالتها، وطالت مدته واشتدت وطأته وملته حمير وثقل عليهم ما كان يأخذهم به من الغزو، فسألوا ابنه حسان بن تبع أن يمالئهم على قتله ويملكوه فأبى ذلك عليهم فقتلوه ثم ندموا على قتله، فاختلفوا فيمن يملكون بعده حتى اضطرتهم الأمور إلى أن يملكوا ابنه حساناً، فملكوه وأخذوا عليه موثقاً أن لا يؤاخذهم بما كان منهم في أبيه، ويقال: إن تبعاً هذا هو الذي آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:
شهدت على أحمد أنه * رسول من الله باري النسم.
فلو مد عمري إلى عمره * لكنت وزيراً له وابن عم.
وأنه هو كسا البيت ويقال بل تبع الآخر فعل ذلك، وكان ملك تبع الأوسط ثلاثمائة وعشرين سنة.
حسان بن تبع
ثم تبع ملك ابنه حستن بن تبع وهو الذي بعث إلى جديس باليمامة فأبادها، وكانت طسم وجديس تنزل اليمامة، وكان لها ملك من طسم قد ساءت سيرته وكانوا لا يزوجون امرأة من جديس إلا بعث بها إليه ليلة إهدائها، فافترعها قبل زوجها، فوثبت جديس على طسم وهي غارة، فقتلت منها مقتلة عظيمة وقتلت ذلك الملك، ومضى رجل من طمس إلى حسان بن تبع يستصرخه فوجه حسان جيشاً إلى اليمامة، واسم اليمامة يومئذ جو وبها امرأة قال لها اليمامة تبصر الركب من مسيرة ثلاثة أيام وباسمها سميت جو اليمامة، فلما خافوا أن تبصرهم قطعوا الشجر وجعل كل رجل منهم بين يديه شجرة، فنظرت اليمامة فقالت: يا معشر جديس، لقد سار إليكم الشجر ولقد أتتكم حمير! قالوا: ما ذاك? قالت: أرى في الشجر رجلاً معه كتف يأكلها أو نعل يخصمها فكذبوها فصبحتم حمير و أوقعت بهم وقعة أفنتهم. إلا يسيراً، وقد ذكرت الشعراء قصة المرأة، قال الأعشى:
ما نظرت ذات أسفار كما نظرت * يوماً ولا نظر الدبي إذ شجعا.
قالت أرى رجلاً في كفه كتف * أو يخصف النعل لهفي إنه صنعا.
فكذبوها بما قالت فصبحهم * ذو آل حسان يزجي السم والسلعا.
فاستنزلوا أهل جو من مساكنهم * وهدموا يافع البنيان فاتضعا.
ولم يزل حسان بن تبع يتجنى على قتلة أبيه فقتلهم واحداً واحداً وأخذهم بالغزو واشتد عليهم، فأتوا أخاه عمرو بن تبع فبايعهم وبايعوه على قتل أخيه وتمليكه بعده خلا رجلاً من أشرافهم يقال له ذو رعين فإنه نهاه عن ذلك وحذره سوء العاقبة. وأعلمه أنه إن فعل ذلك منع منه النوم، فلم يقبل منه، فقتل أخاه حساناً.
عمرو بن تبع
وملك عمرو بن تبع فمنع منه النوم فشكا ذلك فقيل له إن النوم لا يأتيك أو تقتل قتلة أخيك، فنادى في جميع أهل مملكته، إن الملك يريد أن يعهد عهداً غداً، فاجتمعوا وأقام لهم الرجال وقعد في مجلس الملك، ثم أمرهم أن يدخلوا خمسة خمسة وعشرة عشرة، فغذا دخلوا عدل بهم فقتلوا حتى أتى على عامة القوم، وأدخل ذو رعين فلما رآه أذكره ما كان قال له أنشد شعراً له يقول فيه:
ألا من يشتري سهراً بنوم * سعيد من يبيت قرير عين.
فإن تك حمير غدرت وخانت * فمعذرة الإله لذي رعين.
فأمر بتخليته وأكرمه وقربه واختصه، فاضطربت عليه أموره وترك الغزو فسمي موثبان لقعوده، والوثاب: الفراش، أرادوا به لزم الفراش. وفي ملكه تزوج عمرو بن حجر الكندي جد امرئ القيس الشاعر بنت حسان بن تبع فولدت له الحرث بن عمرو بن حجر، وكان عمرو بن حجر سيد كندة وكان يخدم أباها حسان بن تبع، وفي زمانه انتقل عمرو بن عامر مزيقياء وولده ومن اتبعه من أرض اليمن حين أحس بسيل العرم، وعمرو بن عامر أخو خزاعة وأبو الأوس والخزرج، وكان ملكه ثلاثاً وثلاثين سنة.
عبد كلال بن مثوب
ثم ملك بعده عبد كلال بن مثوب، وكان مؤمناً على دين عيسى عليه السلام، ويسر إيمانه، وكان ملكه أربعاً وسبعين سنة.
تبع بن حسان
ثم ملك بعده تبع بن حسان بن تبع بن كليكرب بن تبع بن الأقرن، وهو تبع الأصغر آخر التبابعة وكان مهيباً فبعث ابن أخته الحرث بن عمرو بن حجر الكندي وهو جد امرئ القيس الشاعر إلى معد وملكه عليهم، وسار إلى الشام وملوكها غسان فأعطته المقادة واعتذروا من دخولهم إلى النصرانية، وصاروا إلى ابن أخته الحرث بن عمرو وهو بالمشقر من ناحية هجر فأتاه قوم كانوا وقعوا إلى يثرب ممن خرج مع عمرو بن عامر مزيقياء، وخالفوا اليهود بيثرب فشكوا اليهود وذكروا سوء مجاورتهم لهم ونقضهم الشرط الذي شرطوه لهم عند نزولهم ومتوا إليه بالرحم، فأحفظه ذلك فسار إلى يثرب ونزل في سفح أحد وبعث إلى اليهود، فقتل منهم ثلاثمائة وخمسين رجلاً صبراً، وأراد إخرابها فقال إليه رجل من اليهود قد أتت له مائتان وخمسون سنة فقال له: أيها الملك لا تقبل على الغضب ولا تقبل قول الزور، وامرك أعظم من أن يطير برق أو تسرع بك لجاج، وإنك لا تستطيع أن تخرب هذه القرية، قال: ولم? قال: لأنها مهاجر نبي من ولد إسماعيل يخرج من عند هذه البنية يعني البيت الحرام فكف تبع عن ذلك ومضى يريد مكة ومعه هذا اليهودي ورجل آخر من اليهود عالم وهما: الحبران فأتى مكة وكسا البيت وأطعم الناس وهو القائل:
فكسونا البيت الذي حرم الله * ملاء معضدا وبرودا.
ويقول قوم: إن قائل هذا هو تبع الأوسط، ثم رجع إلى اليمن ومعه الحبران وقد دان بدينهما وآمن بموسى وما نزل في التوراة، وبلغ ذلك أهل اليمن فاختلفوا عيه وامتنعوا من متابعته على دينه فحاكمهم إلى النار بأن دخلها الحبران وقوم منهم فأحرقتهم، وسلم الحبران والتوراة فانقادوا له وتابعوه، فبذلك دخلت اليهودية اليمن. وتبع هذا هو الذي عقد الحلف بين اليمن وربيعة وكان ملكه ثمانياً وسبعين سنة.
مرئد بن عبد كلال
وهو أخو تبع لأمه وكان ذا رأي وبأس وجود، وبعد فرق ملك حمير فلم يعد ملكهم اليمن وأهلها وكان ملكه إحدى وأربعين سنة.
وليعة بن مرثد
ثم ملك بعده ولده وليعة بن مرثد، وكان عاقلاً حسن التدبير وكان ملكه سبعاً وثلاثين سنة.
أبرهة بن الصباح
ثم ملك أبرهة بن الصباح وكان عالماً جواداً، وكان يعلم أن الملك كائن في بني النضر بن كنانة، وكان يكرم معداً، وملك ثلاثاً وسبعين سنة.
حسان بن عمرو بن تبع
ثم ملك حسان بن عمرو، وهو الذي أتاه خالد بن جعفر بن كلاب العامري في أسارى قومه، فأطلقهم ومدحه خالد وكان ملكه سبعاً وخمسين سنة.
ذو شناتر
ثم ملك بعده رجل ليس من أهل بيت الملك، ولكنه من أبناء المقاول يقال له: ذو شناتر، وكان غليظاً فظاً قتالاً ولا يسمع بغلام قد نشأ من أبناء الملوك إلا بعث إليه فأفسده، وأنه بعث إلى غلام منهم يقال له: ذو نواس، وكانت له ذؤابتان تنوسان على عاتقه بها سمي ذا نواس فأدخل عليه ومعه سكين لطيفة فلما دنا منه يريده على الفاحشة شق بطنه واحتز رأسه، وكان ملك ذي شناتر سبعاً وعشرين سنة.
ذو نواس
ولما بلغ حمير ما فعل ذو نواس قالوا: ما نرى أحداً هو أحمق بهذا الأمر منه، إذ أراحنا منه، فملكوا ذا نواس وهو صاحب الأخدود الذي ذكره الله تعالى في كتابه، وكان على اليهودية، فبلغه عن أهل نجران أنهم قد دخلوا في النصرانية برجل أتاهم من قبل آل جفنة ملوك غسان، فعلمهم إياها فسار إليهم بنفسه حتى عرضهم على أخاديد احتفرها في الأرض وملأها جمراً فمن تابعه على دينه خلى عنه ومن أقام على النصرانية قذفه فيها، حتى أتى بامرأة معها صبي له سبعة أشهر فقال لها: يا أمت امضي علي دينك فلا نار بعدها فرمى بالمرأة وابنها في النار وكف.
ومضى رجل من اليمن يقال له ذو ثعلبان في البحر إلى ملك الحبشة وهو على النصرانية فخبره بما فعل ذو نواس بأهل دينه، فكتب ملك الحبشة إلى قيصر يعلمه ذلك ويستأذنه في التوجه إلى اليمن، فكتب إليه يأمره بأن يسير إليها وأعلمه أنه سيظهر عليها وأمره أن يولي ذا ثعلبان أمر قومه ويقيم له ذو نواس وحاربهم فهزموه وقتلوا بشراً كثيراً من أصحابه ومضى منهزماً وهو في أثره حتى أتى البحر فاقتحم فيه فغرق هو وبقية أصحابه، وكان آخر العهد ثم أقام مكانه ذو جدن الحميري فقاتلوه وهزموه أيضاً حتى ألجؤه إلى البحر فاقتحم فيه فغرق ومن تبعه من أصحابه وكان ملك ذي نواس ثمانياً وستين سنة.
ملك الحبشة باليمن
وأقامت الحبشة باليمن مع أبرهة الأشرم وهو الذي أراد هدم الكعبة، فسار إليها ومعه الفيل فأهلك الله جيشه بالطير الأبابيل، ووقعت في جسده الأكلة فحمل إلى اليمن فهلك بها، وفي ذلك العصر ولد النبي صلى الله عليه وسلم.
يكسوم بن أبرهة
وملك بعده يكسوم بن أبرهة، وساءت سيرة الحبشة في اليمن وركبوا منهم العظائم، فخرج سيف بن ذي يزن حتى أتى كسرى أنوشروان بن قباذ في آخر أيام ملكه، هكذا تقول الأعاجم في سيرها. وأنا أحسبه هرمز بن أنوشروان على ما وجدت في التاريخ. فشكا إليه ما هم فيه من الحبشة وسأله أن يبعث معه جنداً لمحاربتهم، فوجه معه قائداً يقال له وهرز في سبعة آلاف وخمسمائة رجل، فساروا نحوهم في البحر، وسمع أهل اليمن بمسيرتهم فأتاهم منهم خلق كثير فحاربوا الحبشة فهزموهم وقتلوهم ومزقوهم، ولم يرجع منهم أحد إلى أرضهم وسبوا نساءهم وذراريهم، واختلفوا في مكث الحبشة في اليمن اختلافاً متفاوتاً.
سيف بن ذي يزن
فأقام سيف ملكاً من قبل كسرى يكاتبه ويصدر في الأمور عن رأيه إلى أن قتل، وكان سبب قتله أنه كان اتخذ من أولئك الحبشة خدماً، فخلوا به يوماً وهو في متصيد له فزرقوه بحرابهم فقتلوه، وهربوا في رؤوس الجبال وطلبهم أصحابه فقتلوهم جميعاً، وانتشر الأمر باليمن ولم يملكوا أحداً، غير أن أهل كل ناحية ملكوا عليهم رجلاً من حمير فكانوا ملوك الطوائف حتى أتى الله بالإسلام، ويقال إنها لم تزل في أيدي ملوك فارس، وإن النبي صلى الله عليه وسلم بعث وباذان عامل أبرويز عليها ومعه قائدان من قواد أبرويز يقال لهما فيروز وذادويه فأسلموا.
ملوك الشام
قال أبو محمد: أول من دخل الشام من العرب سليح وهو من غسان، ويقال: من قضاعة، فدانت بالنصرانية وملك عليها ملك الروم رجلاً منهم يقال له: النعمان بن عمرو بن مالك، ثم ملك بعده ابنه مالك، ثم ابنه عمرو، ثم عمرو، ولم يملك غير هؤلاء الثلاثة.
فلما خرج عمرو بن عامر مزيقياء من اليمن في ولده وقاربته ومن تبعه من الأزد، أتوا بلاد عك وملكهم سلمقة وسألوهم أن يأذنوا لهم في المقام حتى يبعثوا من يرتاد لهم المنازل ويرجعوا إليهم، فأدنوا لهم، فوجه عمرو بن عامر ثلاثة من ولده الحرث بن عمرو، ومالك بن عمرو، وحارثة بن عمرو ووجه غيرهم رواداً، فمات عمرو بن عامر بأرض عك قبل أن يرجع إليه ولده ورواده، واستخلف ابنه ثعلبة بن عمرو، وأن رجلاً من الأزد يقال له: جذع بن سنان احتال في قتل سلمقة، ووقعت الحرب بينهم فقتلت عك أبرح، قتل وخرجوا هاربين، فعظم ذلك على ثعلبة بن عمرو فحلف أن لا يقيم، فسار ومن اتبعه حتى انتهوا إلى مكة، وأهلها يومئذ جرهم وهم ولاة البيت، فنزلوا بطن مر وسألوهم أن يأذنوا لهم في المقام معهم، فقاتلتهم جرهم فنصرت الأزد عليهم فأجلوهم عن مكة.
ووليت خزاعة البيت، فلم يزالوا ولاته، واشتدت شوكتهم وعظم سلطانهم حتى أحدثوا أحداثاً ونصبوا أصناماً، ثم صار قصي إلى مكة فحارب خزاعة بمن تبعه وأعانه قيصؤ عليها، وصارت ولاية البيت له ولولده، فجمع قريشاً وكانت في الأطراف والجوانب فسمي مجمعاً، وأقامت الأزد زماناً فلما رأوا ضيق العيش بمكة شخصوا وانخزعت عنها خزاعة لولاية البيت، فصار بعضهم إلى السواد فملكوا بها منهم جذيمة بن مالك الأبرش ومن تبعه، وصار قوم إلى عمان، وصار قوم إلى الشام فهم آل جفنة ملوك الشام، وصار جذع بن سنان قاتل سلمقة إلى الشام أيضاً وبها سليح، فكتب ملك سليح إلى قيصر يستأذنه في إنزالهم فأذن له على شرط شرطها لهم، وأن عامل قيصر قدم عليهم ليجبيهم فطالبهم وفيهم جذع، فقال له جذع: خذ هذا السيف رهناً أن نعطيك. فقال له العامل: أجعله في كذا وكذا من أمك. فاستل جذع السيف فضرب به عنقه، فقال بعض القوم: خذ من جذع ما أعطاك، فذهبت مثلاً.
فمضى كاتب العامل إلى قيصر فأعلمه، فوجه إليهم ألف رجل وجمع له جذع من الأزد من أطاعه فقاتلوهم فهزموا الروم وأخذوا سلاحهم وتقووا بذلك ثم انتقلوا إلى يثرب، وأقام بنو جفنة بالشام وتنصروا ولما صار جذع إلى يثرب وبها اليهود حالفوهم وأقاموا بينهم على شروط، فلما نقضت اليهود الشروط أتوا تبعاً الآخر فشكوا إليه ذلك فسار نحو اليهود حتى قتل منهم، وقد تقدم ذكر هذا وخرجت طيء من بلاد اليمن بعد عمرو بن عامر بمدة يسيرة فنزلت الجبلين أجأ وسلمى وحالفتها بنو أسد بعد إذلال من طيء لها وقهر.
فأول: من ملك الشام من آل جفنة الحرث بن عمرو محرق، وقد اختلف النساب فيما بعد عمرو من نسبه، وسمي محرقاً لأنه من حوق العرب في ديارهم، فهم يدعون آل محرق وهو الحرث الأكبر ويكنى أبا شمر.
الحرث بن أبي شمر
ثم ملك بعده الحرث بن أبي شمر وهو الحرث الأعرج بن الحرث الأكبر وأمه مارية ذات القرطين، وكان خير ملوكهم وأيمنهم طائراً وأبعدهم مغاراً وأشدهم مكيدة، وكان غزا خيبر فسبى من أهلها ثم أعتقهم بعدما قدم الشام. وكان سار غليه المنذر بن ماء السماء في مائة ألف فوجه إليهم مائة رجل فيهم لبيد الشاعر وهو غلام وأظهر أنه إنما بعث بهم لمصالحته فأحاطوا برواقه فقتلوه وقتلوا من معه في الرواق وركبوا خيلهم فنحجا بعضهم وقتل بعض. وحملت خيل الغسانين على عسكر المنذر فهزمرهم وكانت له بنت يقال لها حليمة كانت تطيب أولئك الفتيان يومئذ وتلبسهم الأكفان والدروع، وفيها جرى المثل: ما يوم حليمة بسر. وكان فيمن أسر يومئذ أسارى من بني أسد فأتاه النابغة الذبياني فسأله إطلاقهم فأطلقهم، وأتاه علقمة بن عبدة في أسارى من بني تميم وفي أخيه شاش بن عبدة فأطلقهم، وفيه يقول علقمة:
إلى الحرث الوهاب أعملت ناقتي * بكلكلها والقصريين وجيب.
وفي كل حي قد خبطت بنعمة * فحق لشاش من نداك ذنوب.
الحرث بن الحرث بن الحرث
ثم ملك بعده الحرث الأصغر بن الحرث الأعرج بن الحرث الأكبر، وكان له أخوة منهم النعمان بن الحرث وهو الذي قال فيه النابغة:
هذا غلام حسن وجهه * مستقبل الخير سريع التمام.
للحرث الأكبر والحرث الأص * غر والحرث الأعرج خير الأنام.
وله يقول النابغة أيضاً وكان خرج غازياً:
إن يرجع النعمان نفرح ونبتهج * ويأتي معداً ملكها وربيعها.
ويرجع إلى غسان ملك سؤدد * وتلك المنى لو أننا نستطيعها.
وكان للنعمان بن الحرث ثلاثة بنين: حجر بن النعمان وبه كان يكنى، والنعمان بن النعمان، وعمرو بن النعمان، وفيهم يقول حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
من يغر الدهر أو يأمنه * من قتيل بعد عمرو وحجر.
ملكاً من جبل الثلج إلى * جانبي أيله من عبد وحر.
ومن ولد الحرث الأعرج أيضاً عمرو بن الحرث الذي كان النابغة صار إليه حين فارق النعمان بن المنذر، وله يقول النابغة:
علي لعمرو نعمة بعد نعمة * لوالده ليست بذات العقارب.
وكان يقال لعمرو أبو شمر الأصغر. ومن ولده: المنذر بن الحرث والأيهم بن الحرث هذا أبو جبلة بن الأيهم، وجبلة آخر ملوك غسان وكان طوله اثني عشر شبراً، وكان إذا ركب مسحت قدمه الأرض، وأدرك الإسلام فأسلم في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم تنصر بعد ذلك ولحق بالروم وكان سبب تنصره أنه مر في سوق دمشق فأوطأ رجلاً فرسه فوثب الرجل فلطمه فأخذه الغسانيون فأدخلوه على أبي عبيدة بن الجراح، فقالوا: هذا لطم سيدنا، فقال أبو عبيدة بن الجراح، البينة أن هذا لطمك. قال: وما تصنع بالبينة? قال: إن كان لطمك لطمته بلطمتك. قال: ولا يقتل. قال: لا. قال: ولا تقطع يده. قال: لا، إنما أمر الله بالقصاص فهي لطمة بلطمة. فخرج جبلة ولحق بأرض الروم وتنصر، ولم يزل هناك إلى أن هلك.
ملوك الحيرة
أول ملوك الحيرة
مالك بن فهم
بن غنم بن دوس من الأزد: كان خرج من اليمن مع عمرو بن عامر مزيقياء حين أحسوا بسيل العرم، فلما صارت الأزد إلى مكة وغلبوا جرهم على ولاية البيت أقاموا زماناً ثم خرجوا إلى خزاعة، فإنها أقامت على ولاية البيت فصار مالك بن فهم إلى العراق، فأقام مالكاً على العراق عشرين سنة ثم هلك.
جذيمة بن مالك الأبرش
وملك بعده ابنه جذيمة، وكان يقال له: الأبرش والوضاح لبرص كان به، وكان ينزل الأنبار ويأتي الحيرة ثم يرجع، وكان لا ينادم أحداً ذهاباً بنفسه وينادم الفرقدين، فإذا شرب قدحاً صب لهذا قدحاً ولهذا قدحاً وهو أول من عمل المنجنيق وأول من حذيت له النعال، وأول من رفع له الشمع. وكانت له أخت يقال لها: أم عمرو، وكان أخص خدمه به وأقربهم منه فتى من لخم يقال له: عدي بن نصر بن ربيعة اللخمي، ويقال: إن نصراً أباه هو نصر بن الساطرون ملك السريانيين صاحب الحصن، وهو جرمقاني من أهل الموصل من رستاق يدعى باجرمي، وكان جبير بن مطعم يذكر أنه من بني قنص بن معد بن عدنان وأنه زوج عدي بن نصر أخته أم عمرو وهو سكران وأدخله عليها فوطئها، فلما صحا ندم على ذلك وأمر بعدي فضربت عنقه، وحملت أخته بعمرو بن عدي فأحبه وعطف عليه، وأن الجن قد استهوته فعظم فقده عليه وجعل لمن أتاه به حكمه، فرده إليه بعد زمان مالك وعقيل واحتكما منادمته، فيقال: إنهما نادماه أربعين سنة وحدثاه فما أعادا عليه، فلما رداه طوقته أمه بطوق، فلما رأى خاله الطوق واللحية قال: شب عمرو عن الطوق، فذهبت مثلاً. وخطب جذيمة الزباء وكانت بنت ملك الجزيرة وملكت بعد زوجها فأجابته، فأقبل إليها فلما دخل عليها قتلته فطلب عمرو ابن أخته وقصير غلامه بثأره فقتلاها وخلفا في بلدها رجلاً ورجعا بالغنائم، فذلك أول سبي قسم في العرب من غنائم الروم، وكان ملك جذيمة ستين سنة.
عمرو بن عدي
وملك بعده عمرو بن عدي ابن أخته فعظمته الملوك وهابته لما كان من حيلته في الطلب بثأر خاله، حتى أدركه وكان ملكه نيفاً وستين سنة.
امرؤ القيس
وملك امرؤ القيس بن عمرو بن عدي، ويقال: بل ملك الحرث بن عمرو بن عدي. ويقال: إنه هو الذي يدعى محرقاً، وفيهم يقول الشاعر الأسود ابن يعفر:
ماذا أؤمل بعد آل محرق * تركوا منازلهم وبعد أياد.
أرض الخورنق والسدير وبارق * والقصر ذي الشرفات من سنداد.
النعمان بن امرئ القيس
ثم ملك بعده النعمان بن امرئ القيس وكان أعور، هو الذي بني الخورنق وهو النعمان الأكبر. ويقال: أنوشروان بن قباذ هو الذي ملكه وأشرف يوماً على الخورنق فنظر إلى ما حوله فقال أكل ما أرى إلى فناه وزوال، قالوا: نعم. قال: فأي خير فيما يفنى لأطلبن عيشاً لا يزول، فانخلع من ملكه ولبس المسوح وساح في الأرض وهو الذي ذكره عدي بن زيد فقال:
وتدبر رب الخورنق إذ * أشرف يوماً وللهدى تفكير.
سره ماله وكثرة ما يمل * لك والبحر معرضاً والسدير.
فارعوى قلبه وقال فما غب * طة حي إلى الممات يصير.
المنذر بن امرئ القيس
وملك أنوشروان بعده المنذر بن امرئ القيس أخاه وكانت أم المنذر من النمر بن قاسط يقال لها ماء السماء لجمالها وحسنها وأبوها عوف بن جشم.
فأما ماء السماء من الأزد فهو عامر أبو عمرو بن عامر الخارج من المن وسمي عامر ماء السماء لأنه كان إذا قحط القطر أحتبى فأقام ماله مقام القطر فسمي ماء السماء إذ أقام ماله مقامه، وقيل لابنه عمرو مزيقياء لأنه كان يمزق كل يوم حليتن يلبسهما ويكره أن يعود فيهما ويأنف أن يلبسهما غيره. قال: وذكرت هذا في هذا الموضع ليفرق بين ماء السماء الذي هو امرأة وماء السماء الذي هو رجل، وكانت تحت المنذر بن امرئ القيس.
هند بنت الحرث
بن عمرو الكندي آكل المرار
وهي التي يقول فيها القائل: يا ليت هنداً ولدت ثلاثة. وولدت هند ثلاثة متتابعين: عمرو بن هند مضرط الحجارة، وقابوساً قينة العرس، وكان فيه لين، والمنذر بن المنذر. ولم يزل المنذر بن امرئ القيس على الحيرة إلى أن غزا الحرث بن أبي شمر الغساني وهو الحرث الأعرج فقتله الحرث الأعرج بالحيار.
المنذر بن المنذر
بن امرئ القيس
ثم ملك ابنه المنذر بعده وخرج يطلب دم أبيه فقتله الحرث أيضاً بعين أباغ، وقد سمعت أيضاً من يذكر أن قاتله مرة بن كلثوم التغلبي أخو عمرو بن كلثوم.
عمرو بن هند
ثم ملك عمرو بن هند مضرط الحجارة سمي بذلك لشدة وطأته وصرامته، وهو محرق أيضاً سمي بذلك لأنه أحرق ثمانية وتسعين رجلاً من بني دارم بالنار وكملهم مائة برجل من البراجم وبمرأة نهشلية ولهذا قيل. إن الشقي وافد البراجم. وكان رجلاً منهم قتل ابناً له خطأ وهو صاحب طرفة والمتلمس، وكان كتب لهما إلى عامله بالبحرين كتاباً أوهمهما أنه أمر لهما فيه بصلة، وكتب إليه يأمره بقتلهما.
فأما المتلمس فإنه دفع صحيفته إلى رجل من أهل الحيرة فقرأها فلما عرف ما فيها نبذها في نهر بقرب الحيرة ورجع فقيل: صحيفة المتلمس.
وأما طرفة فمضى بصحيفته حتى أوصلها إلى العامل فقتله، وقد ذكرت قصتهما في كتاب الشعراء بطولها وكمالها.
النعمان بن المنذر
ثم ملك بعده النعمان بن المنذر بن امرئ القيس، وكان يكنى أبا قابوس وهو صاحب النابغة الذبياني وصاحب الغرايين وهما طربالان يغريهما بدم من يقتله إذا ركب يوم بؤسه، وكان له يومان: يوم بؤس ويوم نعيم.
وقتل عبيد بن الأبرص الشاعر يوم بؤسه، وكان أتاه يمتدحه ولم يعلم أنه يوم بؤسه، وهو قاتل عدي بن زيد العبادي الشاعر، وكان عدي ترجمان أبرويز وكاتبه بالعربية، وهو وصف له النعمان وأشار عليه بتوليته واحتال في ذلك حتى ولاه من بين أخوته، وكان أذمهم وأقبحهم، ثم اتهمه النعمان فاحتال عليه حتى صار في يده فحبسه.
وكان عدي يقول الشعر في الحبس ثم قتله وتوصل ابنه زيد بن عدي إلى أبرويز بالجمال محل أبيه، فذكر زيد بن عدي لأبرويز نساء المنذر ووصفهن بالجمال والأدب، فكتب أبرويز يخطب إلى النعمان أخته أو ابنته، فلما قرأ النعمان الكتاب قال: وما يصنع الملك بنسائنا? وأين هو عن مهاء السواد. والمهاء البقر! يريد أين هو عن نساء السواد اللواتي كأنهن المهاء والعرب تشبه النساء بالمهاء? فحرف زيد القول عنده وقال: أين هو عن البقر لا ينكحهن? فطلب أبرويز النعمان فهرب النعمان منه حيناً، ثم بدا له أن يأتيه فأتاه بالمدائن فصف له أبرويز ثمانية آلاف جارية صفين، فلما صار بينهن قلن له: أما للملك فينا غناء عن بقر السواد? فعلم النعمان أنه غير ناج منه، فأمر به كسرى فحبسه بساباط ثم ألقي تحت أرجل الفيلة فوطأته حتى مات. قال الأعشى يذكر أبرويز:
هو المدخل النعمان بيتاً سماؤه * نحور الفيول بعد بيت مسردق.
إياس بن قبيصة
ثم خرج الملك عن آل المنذر وولى كسرى إياس بن قبيصة الطائي ثمانية أشهر، واضطرب أمر كسرى وشغلوا، وجاء الله بالإسلام، ومات إياس بن قبيصة بعين التمر، وفيه يقول زيد الخيل:
فإن يك رب العين خلى مكانه * فكل نعيم لا محالة زائل.
الردافة
قال: ولم يكن في العرب أكثر غارة على ملوك الحيرة من بني يربوع من تميم، فصالحوهم على أن يجعلوا لهم الردافة ويكفوا عن أهل العراق الغارة، وكانت الردافة أن يجلس الملك ويجلس الردف عن يمينه، فإذا شرب الملك شرب الردف قبل الناس وإذا غزا الملك جلس الردف في موضعه، وكان خليفته على الناس حتى ينصرف وإذا غارت كتيبة أخذ الردف المرباع وكان جرير يذكر ذلك وهو من بني يربوع ويقول:
ربعنا ورادفنا الملوك وظللوا * وطاب الأحاليب الثمام المنزعا.
وكان أول من ردف منهم عتاب بن هرمى بن رباح اليربوعي ثم ابنه عوف بن عتاب ثم ابنه يزيد بن عوف على عهد المنذر بن ماء السماء، فبعث المنذر بن ماء السماء جيشاً إلى بني يربوع عليه قابوس وحسان ابناه، ويقال: إن حساناً أخوه لانتزاع الردافة منهم فحاربتهم بنو يربوع وكان ملتقاهم بطخفة، فهزمت بنو يربوع جيش المنذر وأسروا ابنيه، فبعث المنذر إليهم بألفي بعير فداء ابنيه وأقر الردافة فيهم. قال جرير:
ويوم أبي قابوس لم نعطه المنى * ولكن صدعنا البيض حتى تهزما.
ملوك العجم
قرأت في كتب سير العجم أن الملوك الذين كانوا قبل ملوك الطوائف كان بعضهم ينزل بلخ من خراسان، وكان بعضهم ينزل بابل وكان بعضهم ينزل فارس.
فممن نزل فارس
جم
وكان ملكه تسعمائة وستين سنة، وهو عندهم سليمان النبي عليه السلام.
ومنهم
طهمورث
ملك ألف سنة.
ومنهم
بيوراسف
ملك ألف سنة، وقالوا: هو الضحاك الحميري.
وممن نزل خراسان
كشتاسف
هو الذي أتاه زرادشت بكتاب المجوس، وكان ملكه تسعين سنة.
ومنهم
بهمن بن أسفنديار
وهو الذي كان على عهد موسى عليه السلام، فلما بلغه أن بناحية المغرب في أرض أوراسلم قوماً أحدثوا ديناً، بعث إليهم قائداً من قواده يقال له: بختنرسى وهو عندهم بختنصر، وأمره بقتلهم وسبي ذراريهم، ففعل ذلك ونفاهم عن بيت المقدس وبددهم في البلاد.
حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي، قال: أهل مرو من أولاد الملوك الذين كانوا قبل الفرس بخراسان وقيل لكسرىك أما ترى جمالهم وهيئتهم نجهم عنك، فأنزلهم مرو. ولم يزل الأمر مستقيماً حتى انتهى إلى دارا بن دارا، وكان ينزل بابل فخرج الإسكندر الرومي عليه وغضب ملكه وقتله ثم دخل أرض فارس فأكثر من القتل والسبي والأخراب وأمر بإحراق كتب دينهم، وأمر بهدم بيوت نيرانهم وخلف على كل ناحية وطائفة ملكاً ممن كان أسر من أشراف أهل فارس، فامتنع كل امرئ منهم وحمى حوزته، فهم ملوك الطوائف ولم يزل الأمر كذلك أربعمائة وخمساً وستين سنة.
وكان أردشير بن بابك بن ساسان أحد ملوك الطوائف على أرض اصطخر وهم من أولاد الملوك المتقدمين قبل ملوك الطوائف، فرأى أنه وارث ملكهم، فكتب إلى من كان بقربه من ملوك فارس ومن نأى عنه من ملوك الطوائف يخبرهم بالذي أجمع عليه من الطلب بالملك، لما فيه من صلاح الرعية وأقامه الدين والسنة، وكتب كتاباً صدره بسم الله ولي الرحمة من أردشير بابكان المستأثر دونه بحقه المغلوب على تراث آبائه الداعي إلى قوام دين الله وسنته المستنصر بالله الذي وعد المحقين الفلح وجعل لهم العواقب إلى من بلغه كتابي هذا من أولاد الطوائف سم عليكم بقدر ما تستوجبون من معرفة الحق وإنكار الباطل والجور. فمنهم من أقر له بالطاعة ومنهم من تربص به حتى قدم عليه، ومنهم من عصاه فصار عاقبة أمره إلى القتل والهلاك حتى استوثق أمره، وهو الذي افتتح الحصن وهو بازاء مسكن، وكان ملك السواد متحصناً فيه والعرب تسميه الساطرون قال أبو داود:
وأرى الموت قد تدلى من الحص * ن على رب أهله الساطرون.
وكانت ابنته هويت أردشير فدلته على عورة في حصن المدينة، وبنى مدينة جور بفارس، ومدينة أردشير بفارس، وبهمن أردشير وهي فرات البصرة، واستاراباذ وهي كرخ ميسان وهي كورة دجلة، ومدينة سوق الأهواز ومدينة الأبلة وغير ذلك، وكانت مدة ملكه أربع عشرة سنة وستة أشهر.
سابور بن أردشير
ثم ملك بعده ابنه سابور بن أردشير فأخذ بسيرة أبيه وبمذهبه في الصرامة والحزم، وسار إلى نصيبين وفيها عدد كثير من جنود قيصر فحاصرهم حتى افتتحها، ثم وغل في أرض الروم فافتتح من الشام: مدائن. ثم انصرف إلى مملكته وفرق ما كان معه من السبي في ثلاث مدائن: جندي سابور، وسابور التي بفارس، وتستر التي بالأهواز، ولما حضرته الوفاة دعا ابنه هرمز فاستخلفه على ملكه وعهد إليه، وكان جميع ملكه ثلاثين سنة وشهراً واحداً.
هرمز بن سابور
وملك بعده هرمز ابنه وهو الذي يقال له هرمز البطل وكان شبيهاً بأردشير في صورته وجسمه، ومضى جنانه غير أنه لم يكن له من إصابة الرأي ما كان لآبائه، فسار بسيرة حسنة عادلة وبنى المدينة التي في دسكرة الملك وكان ملكه سنة وعشرة أشهر.
بهرام بن هرمز
ثم ملك بعده ابنه بهرام فقام في ملكه بأوفق سياسة واتبع آثار آبائه، وكان ملكه ثلاث سنين وثلاثة أشهر.
بهرام بن بهرام
ثم ملك بعده ابنه بهرام وهو الذي يقال له شاهان شاه، وكان ملكه أربعة أشهر.
نرسي بن بهرام
ثم ملك بعده نرسي أخو بهرام فأحسن السيرة، وكان من أحب ملوكهم إليهم، وكانت مدة ملكه تسع سنين.
هرمز بن نرسي
ثم ملك بعده هرمز بن نرسي ابنه، وكانت فيه غلطة وفظاعة قبل أن يملك، فلما ملك نزع عن ذلك، فلبث في ملكه سبع سنين وخمسة أشهر.
سابور بن هرمز
ذو الأكتاف
ولما هلك هرمز ولم يكن له ولد يجعلونه مكانه شق ذلك على الناس ثم سألوه عن نسائه فذكر لهم أن لبعضهن حملاً، فأرسلوا إليها أيتها المرأة، إن المرأة التي قد قاست الحمل وتدبرت أمور النساء قد تعرف علامات الذكران وعلامات الإناث، فاعلمينا التي يقع عليها ظنك فيما في بطنك. فأرسلت إليهم: إني أرى من نضارة لوني وتحرك الجنين في شقي الأيمن مع يسير الحمل وخفته، على ما أرجو أن يكون الجنين مع ذلك ذكراً. فاستبشروا بذلك، وعقدوا التاج على بطن تلك المرأة ولم يزالوا يتلومون حتى ولدت غلاماً، فسمي سابور وهو الملقب بذي الأكتاف، ولم يزل الوزراء يدبرون أمر المملكة وينفذون الكتب إلى العمال ويجبون الخراج ويمضون الأعمال على ما كانت تجري عليه وسابور طفل، وذاع الخبر في أطراف الأرض بذلك وطمع فيهم وأقبل من كان يليهم من العرب من نواحي عبد القيس وكاظمة والبحرين فتغلبوا على أرض أسياف فارس ونخلها وشجرها وأكثروا الفساد، وتواكل الفرس فيما بينهم فلم يوجهوا إليهم أحداً ولم يزل ملكهم يزداد ضياعاً حتى طمع فيهم جميع أعدائهم.
فبينما سابور ذات ليلة نائم وقد أثغر وأيفع، انتبه بأصوات الناس وضجتهم، فسأل خدمه عن ذلك فأعلموه ان تلك أصوات من على الجسر من الناس، وما يصرخ به المقبل منهم إلى المدبر ليتنحى له عن الطريق. فقال: وما دعاهم على احتمال هذه المشقة وهم يقدرون على حسم ذلك بأيسر المؤنة ألا يجعلون لهم جسرين فيكون أحدهما للمقبلين والآخر للمدبرين يعني الراجعين فلا يزحم الناس بعضهم بعضاً? فسر من حضر بمقالته ولطف فطنته على صغر سنه وعقدوا جسراً آخر.
فلما أتت له ست عشرة سنة أمرهم أن يختاروا له ألف رجل من أهل النجدة ففعلوا، فأعطاهم الأرزاق ثم سار بهم إلى نواحي العرب الذين كانوا يعيثون في أرضهم فقتل من قدؤ عليهم ونزع أكتافهم وغور مياههم ولم يأخذ منهم مالاً ولا سلباً، فلما فرغ من ذلك قال لمن معه من الجمود: إني أريد الدخول إلى أرض الروم سراً لأعرفها ولأعرف قدر قوتهم وعدتهم ومسالك بلادهم فإذا بلغت من ذلك حاجتي انصرفت إلى بلدي، فسرت إليهم بالجنود، فحذروه التغرير بنفسه فلم يقبل قولهم وردهم. وانطلق متنكراً حتى دخل أرضهم فلبث فيها حيناً، فبينما هو كذلك إذ بلغه أن ابن قيصر أولم وليمة وأمر بالمساكين أن يجمعوا ليطعموا فانطلق سابور فتزيا بزي السؤال ثم شهد المجمع وحضر الطعام فأتى قيصر بإناء من آنية سابور منقوش فيه تمثال سابور فجعل خدمه يسقون به، فلما انتهى الإناء إلى رجل من عظمائهم كان يعرف الفراسة نظر التمثال الذي فيه وقد كان قبل ذلك نظر إلى وجه سابور فأمسك الإناء وقال: إني لأرى معجباً? فقال قيصر: وما ذاك? قال: إني أرى الجلساء صاحب هذه الصورة، وأومأ إلى سابور، فأمر قيصر بإدناء سابور منه فسأله عن أمره فاعتل عليه بضروب من العلل، فقال لهم المتفرس: لا تقبلوا منه فلم يزالوا به حتى أقر بأنه سابور، فأمر به قيصر فجعل في تمثال بقرة أجوف من جلود البقر ثم أطبق عليه وسار بجنوده إلى أرض فارس وهو معهم فأكثر القتل فيهم والخراب حتى انتهى إلى جندي سابور فوضع المجانيق عليها وثلم سورها.
وغفل المتوكلون بحراسة سابور عنه ليلة فلم يغلقوا الباب الذي كان يلقى فيه طعامه فخرج في جوف الليل واحتال في حل وثاقة والخروج إلى باب المدينة فلما رآه الحرس صرخوا فأشار إليهم أن يصمتوا وأخبرهم باسمه ففتحوا له باب المدينة ودخلها فاشتد سرورهم وقويت ظهورهم وقال لهم سابور: استعدوا فإذا سمعتم صوت ناقوس الروم فاركبوا خيولكم، فإذا ضربوا الثانية فاحملوا عليهم ففعلوا ذلك فقتلوا الروم أبرح قتل وأخذ قيصر أسيراً واسباحوا عسكره وأمواله، فقال له سابور: إني مكافئك بما أوليتني ومستحييك بما استحييتني وآخذك بصلاح ما أفسدت فلم يفارقه حتى حمل التراب من أرض الشام فبنى به ما هدم فكان ما بني ما ثلم من سور جندي سابور فصار بعض السور بلبن وبعضه بآجر وجص وغرس مكان كل نخلة عقرها زيتونة ولم يكن في أرض فارس زيتون ثم أطلقه.
وسار سابور إلى أرض الروم فقتل وسبى ثم بنى بالسوس مدينة فسماها فيروز سابور وبنى نيسابور وبنى مدينة بالسند وأخرى بسجستان سوى أنهاراً حفرها، وعقد قناطر وأنشأ قرى وعجل عليه الهرم وكثرت به العلل فبعث إلى ملك الهند يسأله أن يبعث إليه طبيباً فعالجه حتى اشتد عصبه وجلده وقوي بصره وهش للنساء وأطاق فأحسن إلى ذلك الطبيب وأمره أن يتخير من بلاده بلداً ينزله، فاختار مدينة السوس حتى هلك فورث طبه أهل السوس فصاروا أطباء فارس، لذلك ولما ورثوا عمن سكنها من سبي الروم وكان جميع ما ملك سابور اثنتين وسبعين سنة وهو باني الإيوان بالمدائن.
أردشير بن هرمز
ثم ملك بعده أردشير بن هرمز أخوه وكان ابنه سابور بن سابور يومئذ صغيراً فلم يزل حسن السيرة مرضى الولاية، وكان ملكه أربع سنين.
سابور بن سابور
ثم ملك بعده سابور بن سابور بن هرمز وكان حسن السيرة عادلاً على رعيته، وكان ملكه خمس سنين وأربعة أشهر.
بهرام بن سابور
ثم ملك بعده بهرام بن سابور الذي يدعى كرمان شاه فقام في ملكه بسيرة قاصدة ونية حسنة، وبنى مدينة كرمان، وكان ملكه إحدى عشرة سنة.
يزدجرد بن بهرام
ثم ملك بعده يزدجرد بن بهرام وكان فظاً خشن الجانب شديد الكبر فعسف وخبط ولك يشاور في أموره، فاجتمعوا ودعوا الله عليه وشكوا إليه ما هم فيه من الجور والظلم وسألوه تعجيل الفرج لهم منه، فذكروا أنهم رأوا فرساً أقبل حتى وقف على بابه فأطاف الناس به متعجبين من حسن صورته وأخبره صاحبه بذلك فقام ينظر إليه فأعجب به وأمر بإسراجه، فلما أسرج مسح وجهه وناصيته واستدار حوله فرمحه رمحة أصاب بها فؤاده فقتله ثم ملأ الفرس فروجه فلم يدرك. وكان ملكه إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وثمانية عشر يوماً.
بهرام بن يزدجرد
ثم ملكوا ابنه بعده بهرام جور بعد كراهة له ومحن كثيرة امتحنوه بها، فأثر آثاراً حسنة نعش بها الضعيف وعم نفعها ودخل أرض الهند متنكراً فمكث حيناً لا يعرف حتى بلغه أن فيلاً هائجاً قد ظهر بها قد قطع السبيل وأهلك الناس فسألهم أن يدلوه عليه ليريحهم منه، فرفع أمره إلى الملك وأرسل معه رسولاً يدله عليه، فلما انتهى إليه أوفى الرسول على شجرة لينظر إلى ما يصنع بهرام فصرخ بالفيل فخرج إليه فرماه رمية ثبتت بين عينيه وتابع عليه بالسهام حتى أثبته، ثم دنا منه فأخذ بمشفره فاجتذبه حتى خر واحتز رأسه وأقبل به إلى الملك فحباه الملك وسأله عن خبره فأعلمه أنه من أهل فارس لجأ إليه لأمر أحدثه، فسخط عليه الملك.
وكان لذلك الملك عدو من حوله سار إليه فاشتد منه وجله. فقال بهرام: لا يهولنك أكره فإني كافيه بإذن الله تعالى. فركب بهرام في سلاحه وقال لأساورة الهند: احترسوا ظهري ثم انظروا إلى عملي فيما امامي، وكانوا قوماً لا يحسنون الرمي وأكثرهم رجالة، فحمل عليهم حملة هدهم، ثم جعل يأتي الرجل فيضربه على رأسه فيقطعه بنصفين، ويأتي الفيل ثم يذبحه على قربوس سرجه، ويتناول الإثنين فيضرب أحدهما بالآخر حتى يقتلهما، ويرمي فلا تسقط نشابه، فولوا منهزمين مرعوبين. وحمل أصحاب بهرام عليهم فأكثروا القتل فيهم وغنموا أموالهم، فانصرف ملك الهند فأنكحه ابنته ونحله الديبل ومكران وملكها وما يليه من أرض السند وأشهد له بذلك، ثم انصرف بهرام إلى مملكته ولم يزل تحمل إليه أموال تلك البلاد إلى فارس ثم لقي ملك الترك في عدد كثير فاستباح بهرام عسكره على قلة من جنوده وولى أخاه نرسي خراسان وملك ثلاثاً وعشرين سنة.
يزدجرد بن بهرام
ثم ملكوا بعده يزدجرد بن بهرام وكان محموداً، وملك ثماني عشرة سنة وخمسة أشهر غير أيام، فلما هلك يزدجرد تنازع الملك بعده ابناه فيروز وهرمز ونشب الحرب بينهما حتى قتل هرمز وثلاثة نفر من أهل بيته وغلب فيروز على الملك.
فيروز بن يزدجرد
وولي فيروز الأمر فأسنت الناس في أول ولايته سبع سنين وقحطوا حتى أشرفوا على الهلاك ثم انتاشهم الله برحمته، ولما استوثق له الامر بنى بكسكر مدينتين منسوبتين إليه، ثم سار بجنوده نحو خراسان لغزو اخشنوار ملك الهياطلة ببلخ، فاحتال له ملك الهياطلة بمكيدة حتى ظفر به على حال غرة وضعف منه ومن جنوده فسأله أن يطلقه على أن يعطيه موثقاً على أن لا يغزوه أبداً ولا يغزو بلاده أبداً، ففعل ذلك ملك الهياطلة فلما عاد إلى فارس أخذته الحمية فجمع له وغزاه غادراً به فظفر ملك الهياطلة بعسكره فاستباحه وقتل رجاله وأسر من أولاده وقرابته، وهلك فيروز فيمن هلك وكان على سجستان رجل من أردشير يقال له: شوخرا، فشخص فيمن معه من أساورته نحو الهياطلة وجمع إليه فلال جمود فيروز، ثم بعث إلى ملك الهياطلة يخيره بين الحرب وبين التخيلة عمن في يده من أسارى فارس، فخلاهم ملك الهياطلة فشرفت منزلة شوخرا وانصرف إلى المدائن وكان ملك فيروز سبعاً وعشرين سنة. ثم تنازع الملك ابنا فيروز قباذ وبلاش فغلب بلاش عليه ونفاه عنه فهرب قباذ إلى خراسان ليسأل خاقان ملك الترك أن يعينه ويمده.
بلاش بن فيروز
وملك بلاش ولم يزل حسن السيرة حريصاً على العمارة وكانت مدة ملكه إلى أن مات أربع سنين، وكان قباذ حين سار إلى خراسان نزل في طريقه على رجل من الأساورة وقد كانت نفسه تاقت إلى النساء فخطب بنت صاحب البيت فزوجه وهو لا يعرفه فبات بالمرأة فحملت منه. ثم سار قباذ إلى خاقان واستمده فدافعه بذلك أربع سنين، ثم وجه معه جيشاً فلما انصرف مر بالمنزل الذي كانت به المرأة فوجدها قد ولدت غلاماً فانطلق بها وبالغلام وهو ابن ثلاث سنين، فلما وصل المدائن لقي أخاه قد هلك.
قباذ بن فيروز
فملك قباذ وبنى فيما بين فارس والأهواز مدينة أرجان فأسكن فيها سبى همذان وبنى مدينة حلوان مما يلي الماهان وبنى مدينة يقال لها قباذخرد، وكان ضعيفاً في ولايته مهيناً فوثب مردق وأصحاب له فقالوا: إن الله تعالى جعل الأرض للعباد بالسوية، فتظالم الناس واستأثر بعضهم على بعض فنحن قاسمون بين الناس ورادون على الفقراء حقوقهم في أموال الأغنياء، فجعلوا يدخلون على الرجل فيغلبونه في منزله ونسائه وأمواله، وأراد بعضهم قباذ على نسائه وبعضهم على دمه ليظهره وحملوه على قتل شوخرا فوثب ابن شوخرا بمن تابعه من الأشراف فقتل مردق وخلقاً كثيراً من أصحابه وأعاد قباذ إلى ملكه ثم سعى به وعزمته حتى قتله قباذ فانتشر أمره وأدبر ولم تبق ناصية إلا خرج فيها خارج وهلك على ذلك، وكان ملكه ثلاثاً وأربعين سنة.
كسرى أنوشروان بن قباذ
ثم كلك بعده كسرى أنوشروان وهو ابن المرأة التي ولدت له في طريقه إلى خراسان، وكان رجلاً شديداً فأعاد الأمور إلى أحوالها ونفى رؤوس المرادقة وعمل بسيرة أردشير وافتتح أنطاكية وكان فيها عظم جنود قيصر، وبنى رومية بناحية المدائن على صورة أنطاكية وأنزل فيها السبي وافتتح مدينة هرقل والإسكندرية، وملك آل المنذر على العرب وسار نحو الهياطلة واستعان عليهم بخاقان وكان قد صاهره حتى أدرك بوتر فيروز، وانزل جنوده بفرغاته، فلما انصرف من خراسان قدم عليه ابن ذي يزن يستنصره على الحبشة، فبعث قائداً من قواده يقال له وهرز في جند من الديلم فافتتحوا اليمن ونفوا السودان وأقاموا هناك، وكان ملكه سبعاً وأربعين سنة وسبعة أشهر.
هرمز بن كسرى
ثم ملك ابنه هرمز فحاد وعسف فخرج عليه خاقان ملك الترك فبعث إليها بهرام شوبينة في اثني عشر ألف رجل فقتل خاقان واستباح عسكره ثم خالفه وخلع يده من طاعته لما يذكر من سوء مذهبه، فوثب من كان بالعراق من جنود بهرام فسملوا عينيه ثم قتل، وكانت مدة ملكه إحدى عشرة سنة وسبعة أشهر، وكان لهرمز ابن يقال له ابرويز بأدربيجان فلما بلغه خبر أبيه صار إلى الروم واستعان بقيصر فقبله وأنكحه ابنته، وبعث معه جنداً فأقبل وسار إليه بهرام شوبينة فاقتتلوا فهزم شوبينة فلحق بالترك فلم يزل يدس عليه ويحتال حتى قتل هناك.
ابرويز بن هرمز
يعرف بكسرى
ثم ملك أبرويز فأقبل على رعيته بالعسف والخبط وقتل قتلة أبيه وموبذ وأمسك عن الإنفاق وغزا الشام وبلغ مصر وحاصر ملك الروم بقسطنطينية، فحمل ذلك الملك خزائنه إلى البحر فعصفت الريح فألقاها بالإسكندرية فظفر بها أصحابه فسماها خزائن الريح، وطالت مدته به حتى ضجر الناس منه فخلعوه بعد ثمان وثلاثين سنة من ملكه.
شيرويه بن أبرويز
ثم جعلوا مكانه ابنه شيرويه وهو ابن بنت قيصر فأمر بأبيه فسلمت عيناه وقتل من أخوته ثمانية عشر رجلاً وهرب بقية أهل بيته وخفف المؤنة على الناس، ورفع الخراج، وظهر الطاعون فهلك فيمن هلك وكان ملك لخمس سنين وأشهر من مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكان ملكه سبعة أشهر.
أردشير بن شيرويه
ثم ملك ابنه أردشير بن شيرويه وكان ابن سبع سنين فقتل وكان ملكه خمسة شهور.
خرهان
ثم ملك بعده رجل لم يكن من أهل بيت الملك، فاحتالت له امرأة من أهل بيت الملك يقال لها بوران فقتلته، وكان ملكه اثنين وعشرين يوماً.
كسرى بن قباذ
ثم ملك بعده من ولد هرمز رجل يقال له كسرى بن قباذ، وكان ولد بأرض الترك، فقدم عندما بلغه من الاختلاف، فوثب عليه ملك خراسان فقتله وكان ملكه ثلاثة أشهر.
بوران
ثم ملكت بوران بنت كسرى سنة وستة أشهر فلم تجب الخراج وفرقت الأموال بين الجند والأشراف، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أمرها فقال: لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة.
ثم ملك بعدها رجل من بني عم كسرى شهرين ثم قتل.
ثم ملكت أرزميدخت بنت كسرى فسمت ثم ماتت، وكان ملكها أربعة أشهر. ثم ملك بعدها رجل آخر شهراً ثم قتل. فلما رأى أهل فارس ما هم فيه من الانتشار طلبوا ابن ابن كسرى يقال له يزدجرد بن شهريار فملكوه عليهم وهو ابن خمس عشرة سنة، فأقام بالمدائن على الانتشار ثماني سنين ووافى سعد بن أبي وقاص العذيب فأمر بأمواله وخزائنه أن تنقل إلى الصين، وأقام في عدة يسيرة من الجنود وقلة من الأموال بنهاوند وخلف بالمدائن أخاً لرستم وسرح رستم لقتال سعد فنزل القادسية وأقام بها حتى قتل، وبلغ ذلك يزدجرد وعلم أن مدتهم قد تصرمت فسار إلى فارس ثم هرب إلى مرو في طريق سجستان فقتل هناك، وكان جميع ملكه عشرين سنة.
تم الكتاب:
بحمد الله وفضله وعونه وحسن توفيقه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين آمين.
منسوخ من موقع الورَّاق - جزاهم اللَّه خيراً
قام بنسخه وتنسيقه ونشره أخوكم (خزانة الأدب)
وهو يُرجو ممن يستفيد منه أن يدعو له ولوالديه
وأن لا يحذف هذه السطور
والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق