الدعاء

اللهم فكما ألهمت بإنشائه وأعنت على إنهائه فاجعله نافعاً في الدنيا وذخيرة صالحة في الأخرى واختم بالسعادة آجالنا وحقق بالزيادة آمالنا واقرن بالعافية غدونا وآصالنا واجعل إلى حصنك مصيرنا ومآلنا وتقبل بفضلك أعمالنا إنك مجيب الدعوات ومفيض الخيرات والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين اللهم لنا جميعا يا رب العالمين .وسبحان الله وبحمده  عدد خلقه وزنة عرشه  ورضا نفسه ومداد كلماته  } أقولها ما حييت وبعد موتي  والي يوم الحساب وارحم  واغفر اللهم لوالديَّ ومن مات من اخوتي واهلي والمؤمنين منذ خَلَقْتَ الخلق الي يوم الحساب آمين وفرِّجِ كربي وردَّ اليَّ عافيتي وارضي عني في الدارين  واعِنِّي علي أن اُنْفِقها في سبيلك يا ربي اللهم فرِّج كربي واكفني همي واكشف البأساء والضراء عني وعنا.. وردَّ إليَّ عافيتي وثبتني علي دينك الحق ولا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتوفنا مع الأبرار وألِّفْ بين قلوبنا اجمعين.يا عزيز يا غفار ... اللهم واشفني شفاءاً لا يُغَادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني وفرج كربي واكفني همي واعتقني مما أصابني من مكروه أنت تعلمه واعتقني من النار وقني عذاب القبر وعذاب جهنم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال اللهم آمين /اللهم ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عُقَد لساني واغنني بك عمن سواك يارب . والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين آمين.

الأحد، 28 أغسطس 2022

عيون الاثر مجلد: 1 من ص 301 سطر 1 الى ص 310 سطر 23 ( غزوة بدر الاولى )+عيون الاثر مجلد: 2 من ص 101 سطر 1 الى ص 110 سطر 8 ـ سرية زيد بن حارثة إلى حسمى ـ

 

( غزوة بدر الاولى )

........

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 301 سطر 1 الى ص 310 سطر 23

( غزوة بدر الاولى )

قال ابن إسحق : فلم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين قدم من

غزوة العشيرة إلا ليالى قلائل لا تبلغ العشر حتى أغار كرز بن جابر الفهرى على

سرح ( 1 ) المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه حتى بلغ واديا يقال

له سفوان من ناحية بدر وفاته كرز بن جابر فلم يدركه واستعمل على المدينة فيما قال

ابن هشام زيد بن حارثة ، وذكر ابن سعد أنها في ربيع الاول على رأس ثلاثة

عشر شهرا من الهجرة وحمل اللواء فيها على بن أبى طالب قال والسرح ما رعوا من نعمهم .

* ( هامش ) * ( 1 ) السرح : الابل والمواشى التى تسرح للرعى . ( * )

ـ302ـ

( سرية عبدالله بن جحش )

وبعث عبدالله بن جحش في رجب مقفله من بدر الاولى ومعه ثمانية رهط

من المهاجرين ليس فيهم من الانصار أحد وكتب له كتابا وأمره ان لا ينظر فيه

حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضى لما أمره به ولا يستكره احدا من اصحابه

وكان اصحابه ابوحذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وعكاشة بن محصن

الاسدى وعتبة بن غزوان وسعد بن ابى وقاص وعامر بن ربيعة من عنز بن وائل

حليف بنى عدى وواقد بن عبدالله أحد بنى تميم حليف لهم وخالد بن البكير

وسهيل بن بيضاء فلما سار عبدالله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فاذا

فيه : اذا نظرت في كتابى هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من اخبارهم فلما نظر في الكتاب قال سمعا وطاعة ثم قال

ابن عمرو وبعثه في عشرين من المهاجرين .

ثم غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الابواء ، وهى غزوة ودان وكلاهما قد ورد وبينهما

ستة اميال وكانت على رأس اثنى عشر شهرا من الهجرة وحمل اللواء حمزة بن ع بدالمطلب

فكانت الموادعة على ان بنى ضمرة لا يغزونه ولا يكثرون عليه جمعا ولا يعينون

عليه عدوا ثم انصرف عليه السلام إلى المدينة ، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في الاصل " خمسة عشر " . ( * )

ـ303ـ

لا بأس عليكم منهم وتشاور القوم فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقال القوم

والله لئن تركتم القوم في هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به ولئن قتلتموهم

لنقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم وهابوا الاقدام عليهم ثم شجعوا انفسهم

عليهم واجمعوا قتل من قدروا عليه منهم واخذ ما معه فرمى واقد بن عبدالله التميمى

عمرو بن الحضرمى بسهم فقتله واستأسر ( 1 ) عثمان بن عبدالله والحكم بن كيسان

وأفنت القوم نوفل بن عبدالله فأعجزهم وأقبل عبدالله بن جحش واصحابه بالعير

والاسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة . وقد ذكر بعض آل عبدالله

ابن جحش ان عبدالله قال لاصحابه ان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمنا

الخمس وذلك قبل ان يفرض الله الخمس من المغانم فعزل لرسول الله صلى الله عليه

وسلم خمس العير وقسم سائرها بين اصحابه . قال ابن اسحق : فلما قدموا على

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما امرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف العير

والاسيرين وأبى ان يأخذ من ذلك شيئا فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط في

ايدى القوم وظنوا انهم قد هلكوا وعنفهم اخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت

قريش اذا استحل محمد واصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم واخذوا فيه

الاموال وأسروا فيه الرجال . فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة انما

اصابوا ما اصابوا في شعبان وقالت يهود تفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه

وسلم عمرو بن الحضرمى قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمى

حضرت الحرب وواقد بن عبدالله وقدت الحرب فجعل الله عليهم ذلك لا لهم

فلما اكثر الناس في ذلك انزل الله تعالى ( يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه

قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج اهله منه

اكبر عند الله والفتنة اكبر من القتل ) ففرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : كان اسيرا . ( * )

ـ304ـ

وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والاسيرين وبعث اليه قريش في فداء عثمان بن

عبدالله والحكم بن كيسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفديكما حتى

يقدم صاحبانا يعنى سعد بن ابى وقاص وعتبة بن غزوان فانا نخشاكم عليهما فان

تقتلوهما نقتل صاحبيكم فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم

منهم فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن اسلامه واقام عند رسول الله صلى الله

عليه وسلم ومات في بئر معونة شهيدا واما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات

بها كافرا . فلما تجلى عن عبدالله بن جحش واصحابه ما كانوا فيه حين نزل

القرآن طمعوا في الاجر فقالوا يا رسول الله أتطمع ان تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين فأنزل الله فيهم ( ان الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله

اولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم ) فوضعهم الله من ذلك على أعظم الرجاء .

والحديث في هذا عن الزهرى ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير ثم قسم الفئ

بعد كذلك . قال ابن هشام وهى اول غنيمة غنمها المسلمون وعمرو بن الحضرمى

اول من قتل المسلمون وعثمان والحكم اول من أسر المسلمون فقال في ذلك

ابوبكر الصديق ، ويقال هى لعبد الله بن جحش :

تعدون قتلا في الحرام عظيمة * وأعظم منه لو يرى الرشد راشد

صدودكم عما يقول محمد * وكفر به والله راء وشاهد

شفينا ( 1 ) من ابن الحضرمى رماحنا * بنخلة لما أوقد الحرب واقد

وذكر موسى بن عقبة ومحمد بن عائذ نحو ذلك غير انهما ذكرا ان صفوان بن

بيضاء بدل سهيل اخيه ولم يذكرا خالدا ولا عكاشة . وذكر ابن عقبة فيهم عامر

* ( هامش ) * ( 1 ) في الظاهرية " سقينا " مكان " شفينا " . ( * )

ـ305ـ

ابن اياس وقال ابن سعد كان الذى اسر الحكم بن كيسان المقداد بن عمرو

وذكر ان النبى صلى الله عليه وسلم بعث عبدالله بن جحش في اثنى عشر رجلا من المهاجرين

كل اثنين يعتقبان بعيرا إلى بطن نخلة وهو بستان ابن عامر وان سعد بن ابى

وقاص كان زميل عتبة بن غزوان فضل بهما بعيرهما فلم يشهدا الوقعة ، والذى

ذكره موسى بن عقبة ان ابن جحش لما قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم وخير اصحابه تخلف رجلان سعد وعتبة فقدما بحران ومضى سائرهم .

وقال ابن سعد ويقال ان عبدالله بن جحش لما رجع من نخلة خمس ما غنم وقسم

بين اصحابه سائر المغانم فكان اول خمس خمس في الاسلام ويقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف غنائم نخلة حتى رجع من بدر فقسمها مع غنائم بدر

وأعطى كل قوم حقهم ، وفى هذه السرية سمى عبدالله بم جحش امير المؤمنين ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) لكونه كان مؤمرا على جماعة من المؤمنين . ( * )

ـ306ـ

( تحويل القبلة )

قرئ على الشيخ ابى عبدالله محمد بن ابراهيم المقدسى وانا حاضر في الرابعة

اخبركم ابوالحسن على بن النفيس بن بورنداز قراءة عليه ببغداد وأقر به قال انا

ابوالوقت عبد الاول بن عيسى قال انا ابوعطاء بن ابى عاصم قال انا حاتم بن

محمد بن يعقوب ثنا ا بوالعباس محمد بن محمد بن الحسن الفريزنى ( 1 ) ثنا ابوجعفر

وجابر بن عبدالله بن فورجة ثنا مالك بن سليمان الهروى عن يزيد بن عطاء عن

ابى اسحق عن البراء بن عازب قال لقد صلينا بعد قدوم النبى صلى الله عليه وسلم نحو بيت

المقدس ستة عشر شهرا او سبعه عشر شهرا وكان الله يعلم انه يحب ان يوجه نحو

الكعبة فلما وجه النبى صلى الله عليه وسلم اليها صلى رجل معه ثم اتى قوما من

الانصار وهم ركوع نحو بيت المقدس فقال لهم وهم ركوع اشهد ان رسول الله صلى

الله عليه وسلم قد وجه نحو الكعبة فاستداروا وهم ركوع ف استقبلوها رواه البخارى

وغيره من حديث ابى اسحق عن البراء . ورويناه من طريق ابن سعد ثنا الحسن

ابن موسى ثنا زهير ثنا ابواسحق عن البراء الحديث وفيه وانه صلى اول صلاة

صلاها العصر وصلاها معه قوم فخرج رجل ممن صلاها معه فمر على اهل مسجد وهم

راكعون فقال اشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة

فداروا كما هم قبل البيت وكان يعجبه ان يحول قبل البيت وكانت اليهود قد اعجبهم

اذ كان يصلى قبل بيت المقدس واهل الكتاب فلما ولى وجهه قبل البيت انكروا

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الفاء والراى ( * )

ـ307ـ

ذلك وفيه انه مات على على القبلة قبل ان تحول قبل البيت رجال وقتلوا فلم ندر ما نقول

فيهم فأنزل الله تعالى ( وما كان الله ليضيع ايمانكم ان الله بالناس لرءوف رحيم )

وقد اتفق العلماء على ان صلاة النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة كانت إلى بيت المقدس وان

تحويل القبلة إلى الكعبة كان بها واختلفوا كم اقام النبى صلى الله عليه وسلم يصلى

إلى بيت المقدس بعد مقدمه المدينة وفى اى صلاة كان التحويل وفى صلاته عليه

السلام قبل ذلك بمكة كيف كانت . فأما مدة صلاة النبى صلى الله عليه وسلم إلى

بيت المقدس بالمدينة فقد رويناه انه كان ستة عشر شهرا او سبعة عشر شهرا او

ثمانية عشر شهرا وروينا بضعة عشر شهرا . ( 1 )

قال الحربى ثم قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة في ربيع الاول فصلى إلى

 

بيت المقدس تمام السنة وصلى من سنة اثنتين ستة اشهر ثم حولت القبلة في رجب .

وكذلك روينا عن ابن اسحق قال ولما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة

وصرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه

وسلم المدينة في خبر ذكره ، وسنذكره بعد تمام هذا الكلام ان شاء الله تعالى

وقال موسى بن عقبة وابراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبدالرحمن بن عبد

الله بن كعب بن مالك ان القبلة صرفت في جمادى . وقال الواقدى انما صرفت صلاة الظهر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان . كذا وجدته عن ابى عمر بن

عبدالبر . والذى رويناه عن الواقدى من طريق ابن سعد ثنا ابراهيم بن اسمعيل

ابن ابى حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس . قال ابن سعد

وانا عبدالله بن جعفر الزهرى عن عثمان بن محمد الاخنسى وعن غيرهما ان

رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر

شهرا وكان يحب ان يصرف إلى الكعبة فقال يا جبريل وددت ان الله صرف

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل " بلغ مقابلة لله الحمد " . ( * )

ـ308ـ

وجهى عن قبلة يهود فقال جبريل انما انا عبد فادع ربك وسله ، وجعل اذا صلى

إلى بيت المقدس يرفع رأسه إلى السماء فنزلت ( قد نرى تقلب وجهك في السماء

فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) فوجه إلى الكعبة إلى

الميزاب . ويقال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من الظهر في مسجده

بالمسلمين ثم امر ان يوجه إلى المسجد الحرام فاستدار اليه ودار معه المسلمون ويقال

بل زار رسول الله صلى الله عليه وسلم ام بشر بن البراء بن معرور في بنى سلمة فصنعت له طعاما

وحانت الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه ركعتين ثم امر ان يوجه

إلى الكعبة فاستقبل الميزاب فسمى المسجد مسجد القبلتين وذلك يوم الاثنين

النصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا . وفرض صوم شهر رمضان في شعبان

على رأس ثمانية عشر شهرا . قال محمد بن عمر وهذا الثبت عندنا . قال القرطبى

الصحيح سبعة عشر شهرا وهو قول مالك وابن المسيب وابن اسحق . وقد روى

ثمانيه عشر وروى بعد سنتين وروى بعد تسعة اشهر او عشرة اشهر والصحيح

ما ذكرناه اولا ، واما الصلاة التى وقع فيها تحويل القبلة ففى خبر الواقدى هذا انها

الظهر ، وقد ذكرنا في حديث البراء قبل هذا انها العصر . وقد روينا عن ابن

سعد قال انا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة قال انا ثابت عن انس بن مالك

ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى نحو بيت المقدس فنزل ( قد نرى تقلب وجهك

في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) فمر رجل بقوم

من بنى سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر فنادى ألا ان القبلة قد حولت إلى الكعبة

فمالوا إلى الكعبة . وروينا عن ابن سعد قال انا الفضل بن دكين ثنا قيس بن

الربيع ثنا زياد بن علاقة عن عمارة بن اوس الانصارى قال صلينا احدى صلاتى

العشى فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة فنادى ان الصلاة قد وجهت

نحو الكعبة تحول او تحرف امامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان ، وليس في هذين

ـ309ـ

الخبرين ما يعارض ما قبلهما لان بلوغ التحويل غير التحويل . وقرئ على ابى

عبدالله بن ابى الفتح بن وثاب الصورى وانا اسمع اخبركم الشيخان ابومسلم المؤيد

ابن عبدالرحيم بن احمد بن محمد بن الاخوة البغدادى نزيل اصبهان وابوالمجد

زاهر بن ابى طاهر الثقفى الاصبهانى اجازة قال الاول اخبرنا ابوالفرج سعيد

ابن اببى رجاء الصيرفى وقال الثانى انا ابوالوفاء منصور بن محمد بن سليم قالا انا

ابوالطيب عبدالرزاق بن عمر بن موسى بن شمة قال انا ابوبكر محمد بن ابراهيم

ابن على بن عاصم قال انا على بن العباس المقانعى عن محمد بن مروان عن ابراهيم

ابن الحكم بن ظهير قال وثنا سفيان عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر قال كانوا

يصلون الصبح فأنحرفوا وهم ركوع .

واما كيف كانت صلاته صلى الله عليه وسلم قبل تحويل القبلة فمن الناس

من قال كانت صلاته صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس من حين فرضت

الصلاة بمكة إلى ان قدم المدينة ثم بالمدينة إلى وقت التحويل :

روينا من طريق ابى بكر محمد بن ابراهيم بن المقرئ بالسند المذكور آنفا قال ثنا

على بن العباس المقانعى عن محمد بن مروان عن ابراهيم بن الحكم بن ظهير عن

ابيه عن السدى في كتاب الناسخ والمنسوخ له قال قوله تعالى ( سيقول السفهاء

من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها ) قال قال ابن عباس اول ما نسخ

الله تعالى من القرآن حديث القبلة . قال ابن عباس ان الله تبارك وتعالى فرض على

رسوله الصلاة ليلة اسرى به إلى بيت المقدس ركعتين ركعتين الظهر والعصر والعشاء

والغداة والمغرب ثلاثا فكان يصلى إلى الكعبة ووجهه إلى بيت المقدس قال ثم زيد في

الصلاة بالمدينة حين صرفه الله إلى الكعبة ركعتين رجعتين الا المغرب فتركت كما هى

ـ310ـ

قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه يصلون إلى بيت المقدس وفيه قال فصلاها

رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سنة حتى هاجر إلى المدينة قال وكان رسول الله

صلى الله عليه وسلم يعجبه ان يصلى قبل الكعبة لانها قبلة آبائه ابراهيم واسمعيل

قال وصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حتى هاجر إلى المدينة وبعد ما هاجر ستة عشر

شهرا إلى بيت المقدس قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلى رفع رأسه

إلى السماء ينتظر لعل الله ان يصرفه إلى الكعبة قال وقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم لجبريل عليهما السلام وددت انك سألت الله ان يصرفنى إلى الكعبة فقال

جبريل لست استطيع ان ابتدئ الله جل وعلا بالمسألة ولكن ان سألنى اخبرته

قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء ينتظر جبريل

ينزل عليه قال فنزل عليه جبريل وقد صلى الظهر ركعتين إلى بيت المقدس وهم

ركوع فصرف الله القبلة إلى الكعبة . الحديث ، وفيه فلما صرف الله القبلة اختلف

الناس في ذلك فقال المنافقون ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها وقال بعض

المؤمنين فكيف بصلاتنا التى صلينا نحو بيت المقدس فكيف بمن مات من اخواننا

وهم يصلون إلى بيت المقدس تقول قبل الله عزوجل منا ومنهم أم لا ، وقال ناس

من المؤمنين كان ذلك طاعة وهذا طاعة نفعل ما امرنا النبى صلى الله عليه وسلم وقالت اليهود

اشتاق إلى بلد ابيه وهو يريد ان يرضى قومه ولو ثبت على قبلتنا لرجونا ان يكون

هو النبى الذى كنا ننتظر ان يأتى ، وقال المشركون من قريش تحير على محمد دينه

فاستقبل قبلتكم وعلم انكم أهدى منه ويوشك ان يدخل في دينكم فأنزل

الله في جميع ذلك الفرق كلها فأنزل في المنافقين ( ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا

عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم - إلى دين الاسلام -

وكذلك جعلناكم امة وسطا ) إلى آخر الآية . وانزل في المؤمنين ( وما جعلنا

القبلة التى كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) يقول

ـ311ـ

الا لنبتلى بها وانما كان قبلتك التى تبعث بها إلى الكعبة ثم تلا ( وان كانت

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 311 سطر 1 الى ص 319 سطر 12

الا لنبتلى بها وانما كان قبلتك التى تبعث بها إلى الكعبة ثم تلا ( وان كانت

لكبيرة الا على الذين هدى الله ) قال من اليقين قال المؤمنون كانت القبلة الاولى

طاعة وهذه طاعة فقال الله عزوجل ( وما كان الله ليضيع ايمانكم ) قال صلاتكم

لانكم كنتم مطيعين في ذلك ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( قد نرى تقلب

وجهك في السماء - يقول تنتظر جبريل حتى ينزل عليك - فلنولينك قبلة ترضاها -

يقول تحبها - فول وجهك شطر المسجد الحرام - نحو الكعبة - وانه للحق من

ربك ) اى انك تبعث بالصلاة إلى الكعبة . وانزل الله في اليهود ( ولئن أتيت

الذين اوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك ) قال لئن جئتهم بكل آية انزلها الله في

التوراة في شأن القبلة انها إلى الكعبة ما تبعوا قبلتك ، قال وانزل الله في اهل الكتاب

( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم وان فريقا منهم ليكتمون

الحق وهم يعلمون ) قال يعرفون ان قبلة النبى الذى يبعث من ولد اسمعيل عليهما

السلام قبل الكعبة كذلك هو مكتوب عندهم في التوراة وهم يعرفونه بذلك كما

يعرفون ابناءهم وهم يكتمون ذلك وهم يعلمون ان ذلك هو الحق يقول الله تعالى

( الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ) يقول من الشاكين قال ثم انزل في

قريش وما قالوا فقال ( لئلا يكون للناس عليكم حجة - قال لكيلا يكون لاحد من

الناس حجة - الا الذين ظلموا منهم ) يعنى قريشا ، وذلك قول قريش قد عرف

محمد انكم اهدى منه فاستقبل قبلتكم ثم قال ( فلا تخشوهم ) قال فحين قالوا يوشك

ان يرجع إلى دينكم يقول ( لا تخشوا ان اردكم في دينهم ) قال ( ولاتم نعمتى عليكم )

اى أظهر دينكم على الاديان كلها . كل هذا عن السدى من كتابه في الناسخ

والمنسوخ وهو يروى لنا بالاسناد المذكور وهو يروى عن ابى مالك عن ابن عباس

ثم يتخلل سياق خبره فوائد عن بعض رواة الكتاب ثم يقول جامعه عند انقضائها

وعوده إلى الاول رجع إلى السدى ثم يقول عنه قال ابن عباس كذا قال ابن

ـ312ـ

عباس كذا في اخبار متعددة متغايرة فيحتمل ان يكون ذلك عنده عن ابى مالك

عن ابن عباس ويحتمل الانقطاع ولو كان ذلك في خبر واحد لكان اقرب إلى

الاتصال ، والسدى هذا هو الكبير اسمعيل بن عبدالرحمن يروى عن انس وعبد

خير روى عنه الثورى وشعبة وزائدة ، وكان يجلس بالمدينة في مكان يقال له السد

فنسب اليه ، احتج به مسلم ووثقه بعضهم وتكلم فيه آخرون . والسدى الصغير هو

محمد بن مروان المذكور في الاسناد اليه مضعف عندهم . وقال آخرون انه عليه

السلام صلى اول ما صلى إلى الكعبة ثم انه صرف إلى بيت المقدس .

قال ابوعمر : ذكر سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال صلى النبى صلى الله عليه وسلم

اول ما صلى إلى الكعبة ثم انه صرف الى بيت المقدس فصلت الانصار نحو بيت

المقدس قبل قدومه عليه السلام بثلاث وصلى النبى صلى الله عليه وسلم بعد قدومه

ستة عشر شهرا ثم وجهه الله تعالى إلى الكعبة . وقال ابن شهاب وزعم ناس والله

أعلم انه كان يسجد نحو بيت المقدس ويجعل وراء ظهره الكعبة وهو بمكة ويزعم

ناس انه لم يزل يستقبل الكعبة حتى خرج منها فلما قدم المدينة استقبل بيت

المقدس . قال ابوعمر وأحسن من ذلك قول من قال انه عليه السلام كان يصلى

بمكة مستقبل القبلتين يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس . وقد روينا ذلك

من طريق مجاهد عن ابن عباس . قرأت على الامام الزاهد ابى اسحق ابراهيم

ابن على بن احمد بن فضل بن الواسطى بسفح قاسيون اخبركم الشيخ اب والبركات

داود بن احمد بن محمد بن ملاعب البغدادى وابوالفضل عبدالسلام بن عبدالله

ابن احمد بن بكران بن الزاهرى سماعا عليهما الاول بالشام والثانى بالعراق لاقا

اخبرنا ابوبكر محمد بن عبيد الله بن زهير بن البسرى بن الزاغونى زاد ابن ملاعب

وابومنصور انوشتكين بن عبدالله الرضوانى قال انا ابوالقاسم على بن احمد بن

محمد بن البسرى وقال ابن الزاغونى انا الشريف ابونصر محمد بن محمد الزينبى

ـ313ـ

قالا انا ابوطاهر محمد بن عبدالرحمن ببت العباس المخلص ثنا يحيى ثنا الحسن بن

يحيى الارزى ابوعلى بالبصرة ثنا يحيى بن حماد ثنا ابوعوانة عن سليمان يعنى

الاعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى

وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعد ما هاجر إلى المدينة ستة عشر

شهرا ثم صرف إلى الكعبة . وروينا عن ابن سعد قال انا هاشم بن القاسم ثنا ابو

معشر عن محمد بن كعب القرظى قال ما خالف نبى نبيا قط في قبلة ولا في سنة

الا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس من حين قدم المدينة

ستة عشر شهرا ثم قرأ ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا ) . وقد ذكرنا فيما

سلف حديث البراء بن معرور وتوجهه إلى الكعبة وفيه دليل على ان الصلاة كانت

يومئذ إلى بيت المقدس ولما كان صلى الله عليه وسلم يتحرى القبلتين جميعا لم يتبين

توجهه إلى بيت المقدس للناس حتى خرج من مكة . قال السهيلى وكرر البارى

سبحانه وتعالى الامر بالتوجه إلى البيت الحرام في ثلاث آيات لان المنكرين لتحويل

القبلة كانوا ثلاثة اصناف اليهود لانهم لا يقولون بالنسخ في اصل مذهبهم واهل

الريب والنفاق اشتد انكارهم له لانه كان اول نسخ نزل وكفار قريش لانهم

قالوا ندم محمد على فراق ديننا وكانوا يحتجون عليه فيقولون يزعم محمد انه يدعونا

إلى ملة ابراهيم واسمعيل وقد فارق قبلة ابراهيم واسمعيل وآثر عليها قبلة اليهود

فقال الله له حين امره بالصلاة إلى الكعبة ( لئلا يكون للناس عليكم حجة الا الذين

ظلموا منهم ) على الاستثناء المنقطع اى لكن الذين ظلموا منهم لا يرجعون ولا

يهتدون وذكر الآيات إلى قوله ( ليكتمون الحق وهم يعلمون ) اى يكتمون

ما علموا من ان الكعبة هى قبلة الانبياء . وروينا من طريق ابى داود في كتاب

الناسخ والمنسوخ له قال حدثنا احمد بن صالح ثنا عنبسة عن يونس عن ابن شهاب

قال كان سليمان بن عبدالملك لا يعظم ايلياء ( 1 ) كما يعظمها اهل البيت قال فسرت معه

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : بيت المقدس . ( * )

ـ314ـ

وهو ولى عهد قال ومعه خالد بن يزيد بن معاوية قال سليمان وهو جالس فيها والله

ان في هذه القبلة التى صلى اليها المسلمون والنصارى لعجبا قال خالد بن يزيد اما

والله انى لاقرأ الكتاب الذى انزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وأقرأ التوراة فلم تجدها

اليهو في الكتاب الذى انزل الله عليهم ولكن تابوت السكينة على الصخرة

فلما غضب الله على بنى اسرائيل رفعه فكانت صلاتهم إلى الصخرة على مشاورة

منهم . وروى ابوداود ايضا ان يهوديا خاصم ابا العالية في القبلة فقال ا بوالعالية

ان موسى عليه السلام كان يصلى عند الصخرة ويستقبل البيت الحرام فكانت

الكعبة قبلته وكانت الصخرة بين يديه ، وقال اليهودى بينى وبينك مسجد صالح

النبى عليه السلام فقال ا بوالعالية فانى صليت في مسجد صالح وقبلته إلى الكعبة

واخبر ا بوالعالية انه صلى في مسجد ذى القرنين وقبلته إلى الكعبة .

قلت قد تقدم في حديث البراء ان رجلا صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم

يوم تحويل القبلة ثم أتى قوما من الانصار فأخبرهم وهم ركوع فاستداروا ، ولم يسم

المخبر في ذلك الخبر والرجل هو عباد بن نهيك بن اساف الشاعر بن عدى بن

زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو النبيت بن مالك بن

الاوس عمر في الجاهلية زمانا واسلم وهو شيخ كبير فوضع النبى صلى الله عليه

وسلم عنه الغزو وهو الذى صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم القبلتين في الظهر ركعتين إلى بيت

المقدس وركعتين إلى الكعبة يوم صرفت القبلة ثم أتى قومه بنى حارثة وهم ركوع

في صلاة العصر فأخبرهم بتحويل القبلة فاستداروا إلى الكعبة . وقد ذكر ابوعمر

هذا الرجل بذلك لكنه لم يرفع نسبه انما قال عباد بن نهيك فقط ونسبه الخطمى

فلم يصنع شيئا فخطمة هو عبد الله بن جشم بن مالك بن الاوس ليس هذا منه هذا

حارثى وبنو خطمة تأخر اسلامهم .

ـ315ـ

( ذكر فرض صيام شهر رمضان وزكاة الفطر )

وسنة الاضحية

روينا عن ابن سعد قال انا محمد بن عمر ثنا عبدالله بن عبدالرحمن الجمحى

عن الزهرى عن عروة عن عائشة . قال الواقدى وانا عبدالله بن عمر عن نافع

عن ابن عمر قال وانا عبدالعزيز بن محمد عن ربيح بن عبدالرحمن بن ابى سعيد

الخدرى عن ابيه عن جده قالوا نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى

الكعبة بشهر في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله

عليه وسلم وامر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السنة بزكاة الفطر وذلك

قبل ان تفرض الزكاة في الاموال وان تخرج عن الصغير والكبير والحر والعبد

والذكر والانثى صاع من تمر او صاع من شعير او صاع من زبيب او مدان من

بر وكان يخطب صلى الله عليه وسلم قبل الفطر بيومين فيأمر باخراجها قبل ان يغدو إلى المصلى

وقال اغنوهم يعنى المساكين عن طواف هذا اليوم وكان يقسمها اذا رجع ، وصلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العيد يوم الفطر بالمصلى قبل الخطبة ، وصلى

العيد يوم الاضحى وأمر بالاضحية واقام بالمدينة عشر سنين يضحى في كل عام

قالوا وكان يصلى العيدين قبل الخطبة بغير اذان ولا اقامة وكان يجعل العنزة ( 1 ) بين

يديه وكانت العنزة للزبير بن العوام قدم بها من ارض الحبشة فأخذها منه رسول

الله صلى الله عليه وسلم . قالوا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلى اشترى كبشين

* ( هامش ) * ( 1 ) العنزة مثل نصف الرمح او اكبر شيئا . ( * )

ـ316ـ

سمينين اقرنين املحين ( 1 ) فاذا صلى وخطب يؤتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فيذبحه

بيده بالمدية ثم يقول هذا عن امتى جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لى بالبلاغ

ثم يؤتى بالآخر فيذبحه هو عن نفسه ثم يقول هذا عن محمد وآل محمد فيأكل هو

واهله منه ويطعم المساكين فكان يذبح عند طرف الزقاق عند دار معاوية . قال

محمد بن عمر وكذلك تصنع الائمة عندنا بالمدينة .

* ( هامش ) * ( 1 ) الاملح هو الذى بياضه اكثر من سواده ، وقيل هو النقى البياض . ( * )

ـ317ـ

( ذكر المنبر وحنين الجذع )

قرأت على الشيخة الاصيلة ام محمد مؤنسة خاتون بنت السلطان الملك العادل

سيف الدين ابى بكر بن ايوب بالقاهرة قلت لها اخبرتك الشيخة ام هانئ عفيفة

بنت احمد بن عبدالله ا لفارقانية اجازة فأقرت به قالت انا ابوطاهر محمد بن

احمد بن عبدالواحد الصباغ قال انا ابونعيم احمد بن عبدالله الحافظ ثنا ابوعلى

ابن الصواف ثنا الحسين بن عمر ثنا ابى ثنا المعلى بن هلال عن عمار الدهنى ( 1 ) عن

ابى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن ام سلمة انها قالت قال لى رسول الله صلى

الله عليه وسلم ان قوائم منبرى هذا رواتب في الجنة قال وكانت اساطين المسجد

من دوم وظلاله من جريد النخل وكانت الاسطوانة تلى المنبر عن يسار المنبر اذا

استقبلته دومة ، قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسند ظهره اليها يوم الجمعة اذا خطب

الناس قبل ان يصنع منبر . فأول يوم وضع المنبر استوى عليه رسول الله صلى الله

عليه وسلم قاعدا في الساعة التى كان يستند فيها إلى الاسطوانة ففقدته الاسطوانة

فجارت جوار الثور او خارت خوار الثور والنبى صلى الله عليه وسلم على المنبر

فنزل النبى صلى الله عليه وسلم اليها فأتاها فوضع يده عليها وقال لها اسكنى او اسكتى

ثم رجع النبى صلى الله عليه وسلم إلى منبره . وقرأت على ابى الفتح يوسف بن يعقوب الشيبانى

بسفح قاسيون اخبركم ا بوالعباس الخضر بن كامل بن سالم بن سبيع قراءة عليه

وانتم تسمعون سنة ست او سبع وستمائة وابو اليمن زيد بن الحسن الكندى اجازة

ان لم يكن سماعا قال الاول انا ابوالدر ياقوت بن عبدالله الرومى وقال الثانى انا

* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الدال المهملة نسبة إلى دهن بن معاوية حى من بجيلة . ( * )

ـ318ـ

ابوالفتح محمد بن محمد بن البيضاوى قالا انا ابومحمد عبدالله بن محمد بن هزازمرد . " ح "

وقرأت على ابى النور اسمعيل بن نور بن قمر الهيتى اخبركم الشيخ ابونصر موسى

ابن الشيخ عبد القادر الجيلى قراءة عليه وانت تسمع فأقر به قال انا ابوالقاسم

سعيد بن احمد بن الحسن بن البناء قال انا ابوالقاسم على بن احمد بن محمد بن

البسرى قالا انا ابوطاهر محمد بن عبدالرحمن بن العباس المخلص ثنا عبدالله

يعنى البغوى ثنا شيبان بن فروخ ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن عن انس بن

مالك قال كان رسول الله صلى عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة مسندا ظهره

اليها فلما كثر الناس قال ابنوا لى منبرا قال فبنوا له عتبتان فلما قام على

المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انس وانا في

المسجد فسمعت الخشبة تحن حنين الواله فما زالت تحن حتى نزل اليها فاحتضنها

فسكنت فكان الحسن اذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال يا عباد الله الخشبة

تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا اليه لمكانه من الله عزوجل فأنتم احق ان تشتاقوا

إلى لقائه . قال القاضى عياض رواه من الصحابة بضعة عشر منهم ابى بن كعب

وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك و عبدالله بن عمر و عبدالله بن عباس وسهل

ابن سعد وابوسعيد الخدرى وبريدة وأم سلمة والمطلب بن ابى وداعة كلهم

يحدث بمعنى هذا الحديث ، قال الترمذى وحديث انس صحيح وفى حديث جابر

فلما صنع له المنبر سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار ، وفى رواية انس حتى

ارتج المسجد بخواره ، وفى رواية سهل وكثر بكاء الناس لما رأوا فيه ، وفى رواية

المطلب حتى تصدع وانشق حتى جاء النبى صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه

فسكت ، زاد غيره فقال النبى صلى الله عليه وسلم ان هذا بكى لما فقد من الذكر ،

وزاد غيره : والذى نفسى بيده لو لم التزمه لم يزل هكذا إلى يوم القيامة تحزنا

على النبى صلى الله عليه وسلم فأمر به فدفن تحت المنبر . وفى حديث ابى انه اخذه

ـ319ـ

ابى فكان عنده إلى ان اكلته الارض وعاد رفاتا ، وفى حديث بريدة فقال

يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ان شئت اردك إلى الحائط الذى كنت فيه تنبت لك عروقك

ويكمل خلقك ويجدد لك خوص وثمرة وان شئت اغرسك في الجنة فيأكل اولياء

الله من ثمرك ثم اصغى له عليه السلام يستمع ما يقول فقال بل تغرسنى في الجنة

فسمعه من يليه فقال عليه السلام قد فعلت واخبرنا عبدالرحيم بن يوسف

الموصلى بقراءة والدى عليه قال انا ابن طبرزذ قال انا ابن عبدالباقي قال انا

الجوهرى قال انا ابن الشخير ثنا العباس بن احمد ثنا محمد بن ابان ثنا ابوالقاسم

ابن ابى الزناد عن سلمة بن وردان قال سمعت ابا سعيد بن المعلى يقول سمعت عليا

يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين قبرى ومنبرى روضة من

رياض الجنة ورويناه من حديث جابر وفيه وان منبرى على ترعة من ترع الجنة . ( 1 )

* ( هامش ) * في حاشية الاصل " بلغ مقابلة لله الحمد " ( * )

ـ321ـ

( غزوة بدر الكبرى )

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 321 سطر 1 الى ص 330 سطر 23

( غزوة بدر الكبرى )

وكانت يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان

قال ابن اسحق : ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبى سفيان بن

حرب مقبلا من الشام في عير لقريش عظيمة فيها اموال لقريش وتجارة من تجارتهم

وفيها ثلاثون رجلا من قريش او اربعون منهم مخرمة بن نوفل وعمرو بن العاص

وقال ابن عقبة وابن عائذ في اصحاب ابى سفيان هم سبعون رجلا وكانت عيرهم

الف بعير ولم يكن لحويطب بن عبدالعزى فيها شئ فلذلك لم يخرج معهم ، وقال

ابن سعد هى العير التى خرج لها حتى بلغ ذا العسيرة تحين قفولها من الشام فبعث

طلحة بن عبيد الله التيمى وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يتجسسان خبر العير

قال ابن اسحق : فحدثنى محمد بن مسلم الزهرى وعاصم بن عمر بن قتادة و عبدالله

ابن ابى بكر ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن

عباس كل قد حدثنى بعض الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر

قالوا لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبى سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين اليهم

وقال هذه عير قريش فيها اموالهم فاخرجوا اليها لعل الله ينفلكموها فانتدب

الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك انهم لم يظنوا ان رسول الله صلى الله

عليه وسلم يلقى حربا . وكان ابوسفيان حين دنا من الحجاز يتجسس الاخبار

ويسأل من لقى من الركبان تخوفا من امر الناس حتى اصاب خبرا من بعض الركبان

ان محمدا قد استنفر اصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو

الغفارى فبعثه إلى مكة وأمره ان يأتى قريشا فيستنفرهم إلى اموالهم ويخبرهم ان

ـ322ـ

محمدا قد عرض لها في اصحابه فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة . وقال ابن

سعد فخرج المشركون من اهل مكة سراعا ومعهم القيان والدفوف واقبل ابو

سفيان بن حرب بالعير وقد خافوا خوفا شديدا حين دنوا من المدينة واستبطئوا

ضمضما والنفير حتى وردوا بدرا وهو خائف فقال لمجدى بن عمرو هل احسست

احدا من عيون محمد . قال ابن اسحق فأخبرنى من لا أتهم عن عكرمة عن ابن

عباس ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قالا وقد رأت عاتكة بنت عبد

المطلب فقالت له يا اخى والله لقد رأيت الليلة رؤيا لقد افظعتنى وتخوفت

ان يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم عنى ما احدثك فقال لها وما رأيت

قالت رأيت راكبا اقبل على بعير له حتى وقف بالابطح ثم صرخ بأعلى صوته ألا

انفروا يا آل غدر ( 1 ) لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا اليه ثم دخل المسجد

والناس يتبعونه فبينا هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها ألا

انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس ابى قبيس فصرخ

بمثلها ثم اخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى حتى اذا كانت بأسفل الجبل ارفضت

فما بقى بيت من بيوت مكة ولا دار الا دخلتها منه فلقة ، قال العباس والله ان

هذا لرؤيا وانت فاكتميها ولا تذكريها ثم خرج العباس فلقى الوليد بن عتبة

ابن ربيعة وكان صديقا له فذكرها له واستكتمه اياها فذكرها الوليد لابيه عتبة ففشا الحديث حتى تحدثت به قريش ، قال العباس فغدوت لاطوف بالبيت وابو

جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة فلما رآنى ابو

جهل قال يا ابا الفضل اذا فرغت من طوافك فأقبل الينا فلما فرغت اقبلت حتى

* ( هامش ) * ( 1 ) الغدر هو ترك الوفاء ، واكثر ما يستعمل هذا في النداء بالشتم يقال يا غدر

ويقال في الجمع يا آل غدر . ( * )

ـ323ـ

جلست معهم فقال لى ابوجهل يا بنى ع بدالمطلب متى حدثت فيكم هذه النبية

قال قلت وما ذاك قال ذاك الرؤيا التى رأت عاتكة قال فقلت وما رأت قال

يا بنى ع بدالمطلب اما رضيتم ان تتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم قد زعمت عاتكة

في رؤياها انه قال انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فان يك حقا ما تقول

فسيكون وان تقضى الثلاث ولم يكن من ذلك شئ نكتب عليكم كتابا انكم

اكذب اهل بيت في العرب ، قال العباس فوالله ما كان منى اليه كبير الا انى

جحدت ذلك وانكرت ان تكون رأت شيئا . وعند ابن عقبة في هذا الخبر ان

العباس قال لابى جهل هل انت منته فان الكذب فيك وفى اهل بيتك فقال

من حضرهما ما كنت يا ابا الفضل جهولا ولا خرفا . وكذلك قال ابن عائذ وزاد

فقال له العباس مهلا يا مصفر استه ، ولقى العباس من عاتكة اذى شديدا حين

افشى من حديثها .

رجع إلى خبر ابن اسحق : قال ثم تفرقنا فلما امسيت لم تبق امرأة من بنى

ع بدالمطلب الا اتتنى فقالت اقررتم لهذا الفاسق الخبيث ان يقع في رجالكم ثم

قد تناول النساء وانت تسمع ثم لم تكن عندك غير لشئ مما سمعت قال فقلت قد

والله فعلت ما كان منى اليه من كبير وايم الله لاتعرضن له فان عاد لاكفيكنه قال

فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وانا حديد مغضب أرى انى قد فاتنى

منه امر احب ان ادركه منه قال فدخلت المسجد فرأيته فوالله انى لامشى نحوه

أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأوقع به وكان رجلا خفيفا حديد الوجه حديد اللسان

حديد النظر قال اذ خرج نحو باب المسجد يشتد قال قلت في نفسى ماله لعنه الله

أ كل هذا فرق منى ان أشاتمه قال فاذا هو قد سمع ما لم اسمع صوت ضمضم بن

عمرو الغفارى وهو يصرخ ببطن الوادى واقفا على بعيره قد جدع بعيره وحول

رحله وشق قميصه وهو يقول يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة اموالكم مع ابى سفيان قد

ـ324ـ

عرض لها محمد في اصحابه لا أرى ان تدركوها الغوث الغوث قال فشغلنى عنه وشغله

عنى ما جاء من الامر فتجهز الناس سراعا وقالوا يظن محمد واصحابه ان تكون

كعير ابن الحضرمى كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين اما خارج واما

باعث مكانه رجلا وأوعبت قريش فلم يتخلف من اشرافها احد الا ان ابا لهب

ابن ع بدالمطلب قد تخلف وبعث مكانه العاصى بن هشام بن المغيرة وكان قد

لاط له بأربعة آلاف درهم كانت له عليه أفلس بها فاستأجره بها على ان يجزى

عنه بعثه فخرج عنه وتخلف ابولهب . قال ابن عقبة وابن عائذ خرجوا في خمسين

وتسعمائة مقاتل وساقوا مائة فرس . وروينا عن ابن سعد قال انا عبيد الله بن

موسى عن شيبان عن ابى اسحق عن ابى عبيدة بن عبدالله عن ابيه قال لما

أسرنا القوم في بدر قلنا كم كنتم قال كنا ألفا . قال ابن اسحق وحدثنى عبد

الله بن ابى نجيح ان امية بن خلف كان اجمع القعود وكان شيخا جليلا جسيما

ثقيلا فأتاه عقبة بن ابى معيط وهو جالس في المسجد بين ظهرانى قومه بمجمر

يحملها فيها نار ومجمر حتى وضعها بين يديه ثم قال يا ابا على استجمر فانما انت

من النساء قال قبحك الله وقبح ما جئت به قال ثم تجهز وخرج مع الناس ، قيل

وكان سبب تثبطه ما ذكره البخارى في الصحيح من حديثه مع سعيد بن معاذ

وابى جهل بمكة وقول سعد له انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انه قاتلك

قلت المشهور عند ارباب السير ان النبى صلى الله عليه وسلم انما قال ذلك

لاخيه ابى بن خلف بمكة قبل الهجرة وهو الذى قتله النبى صلى الله عليه وسلم

بعد ذلك يوم احد بحربته وهذا ايضا لا ينافى خبر سعد والله اعلم .

قال ابن اسحق : ولما فرغوا من جهازهم واجمعوا السير ذكروا ما بينهم وبين

بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب فقالوا انا نخشى ان يأتونا من خلفنا

ـ325ـ

فتبدى لهم ابليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكنانى المدلجى وكان من

اشراف بنى كنانة فقال انا جار لكم من ان تأتيكم كنانة من خلفكم بشئ

تكرهونه فخرجوا سراعا . وذكر ابن عقبة وابن عائذ في هذا الخبر واقبل

المشركون ومعهم ابليس لعنه الله في صورة سراقة يحدثهم ان بنى كنانة وراءه

وقد اقبلوا لنصرهم وان لا غالب لكم اليوم من الناس وانى جار لكم . قال ابن

اسحق وعمير بن وهب او الحرث بن هشام كان الذى رآه حين نكص

على عقبيه عند نزول الملائكة وقال انى أرى ما لا ترون فلم يزل حتى اوردهم

ثم اسلمهم ففى ذلك يقول حسان :

سرنا وساروا إلى بدر لحينهم * لو يعلمون يقين العلم ما ساروا

دلاهم بغرور ثم اسلمهم * ان الخبيث لمن والاه غرار

في ابيات ذكرها .

قال ابن اسحق : وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة في ليال

مضت من شهر رمضان في اصحابه ، قال ابن هشام لثمان ليال خلون منه ، وقال

ابن سعد يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت منه بعد ما وجه طلحة بن عبيد الله

وسعيد بن زيد بعشر ليال وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكره بئر ابى عنبة وهى

على ميل من المدينة فعرض اصحابه ورد من استصغر وخرج في ثلاثمائة رجل

وخمسة نفر كان المهاجرون منهم اربعة وستين رجلا وسائرهم من الانصار وثمانية

تخلفوا لعذر ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهامهم واجورهم ثلاثة من

المهاجرين عثمان بن عفان خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته رقية بنت

رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فأقام عليها حتى ماتت وطلحة وسعيد بن زيد

ـ326ـ

بعثهما يتجسسان خبر العير وخمسة من الانصار ابولبابة بن عبدالمنذر خلفه على

المدينة وعاصم بن عدى العجلانى خلفه على اهل العالية والحرث بن حاطب العمرى

رده من الروحاء إلى بنى عمرو بن عوف لشئ بلغه عنهم والحرث بن الصمة كسر

من الروحاء وخوات بن جبير كسر ايضا . قال ابن اسحق ودفع اللواء إلى مصعب

ابن عمير وكان ابيض وكان امام رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان

احداهما مع على بن ابى طالب والاخرى مع بعض الانصار ، وقال ابن سعد كان

لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر ولواء الاوس

مع سعد بن معاذ كذا قال ، والمعروف ان سعد بن معاذ كان يومئذ على حرس

رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش وان لواء المهاجرين كان بيد على . قرئ

على ابى حفص عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبدالله بن غدير بعربيل بغوطة

دمشق وانا اسمع اخبركم ابوالقاسم عبدالصمد بن محمد بن ابى الفضل بن الحرستانى

قراءة عليه وانت حاضر في الرابعة فأقر به انا ابوالحسن على بن المسلم بن محمد

السلمى سماعا قال انا ابو عبدالله الحسن بن احمد بن ابى الحديد قال انا ابوالحسن

على بن موسى بن الحسين السمسار قال انا ابوالقاسم المظفر بن حاجب بن مالك

ابن الركين الفرغانى انا ابوالحسن محمد بن يزيد بن عبدالصمد الدمشقى ثنا احمد

يعنى ابن ابى احمد الجرجانى ثنا شبابة بن سوار الفزارى ثنا قيس بن الربيع عن

الحجاج بن ارطاة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ان النبى صلى الله عليه

وسلم اعطى عليا الراية يوم بدر وهو ابن عشرين سنة . قال ابن اسحق وكانت

ابل اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعين بعيرا فاعتقبوها فكان رسول الله

صلى الله عليه وسلم وعلى بن ابى طالب ومرثد بن ابى مرثد يعتقبون بعيرا وكان

حمزة وزيد بن حارثة وابوكبشة وأنسة موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقبون

بعيرا وكان ابوبكر وعمر و عبدالرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا . وروينا عن ابن

ـ327ـ

سعد قال انا يونس بن محمد المؤدب ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن

مسعود قال كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير وكان ابولبابة وعلى زميلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فكان اذا كانت عقبة النبى صلى الله عليه وسلم قالا اركب حتى نمشى عنك

فيقول ما انتما بأقوى منى على المشى وما انا بأغنى عن الاجر منكما . انتهى ما رويناه

عن ابن سعد ، والمعروف ان ابا لبابة رجع من بئر ابى عنبة ولم يصحبهم إلى بدر

رده رسول الله صلى الله عليه وسلم واليا على المدينة وقد تقدم . قال ابن اسحق

وجعل على الساقة قيس بن ابى صعصعة أحد بنى مازن بن النجار فسلك طريقه

إلى المدينة حتى اذا كان بعرق الظبية لقوا رجلا من الاعراب فسألوه عن الناس

فلم يجدوا عنده خبرا ثم ارتحل حتى أتى على واد يقال له زفران وجذع فيه ثم نزل

فأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش

فقام ابوبكر الصديق فقال واحسن ثم قام عمر بن الخطاب فقال واحسن ثم قام

المقداد بن عمرو فقال يا رسول الله امض لما أمر الله فنحن معك والله لا نقول لك

كما قالت بنو اسرائيل لموسى اذهب انت ورببك فقاتلا انا ها هنا قاعدون ولكن

اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون فوالذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى

برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم

خيرا ودعا له بخير ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشيروا على ، فذكر ابن

عقبة وابن عائذ ان عمر قال يا رسول الله انها قريش وعزها والله ما ذلت منذ

عزت ولا آمنت منذ كفرت والله لنقاتلنك فاتهب لذلك أهبته وأعدد لذلك عدته .

رجع إلى خبر ابن اسحق : قال وانما يريد الانصار وذلك انهم عدد الناس

وذلك انهم حين بايعوه بالعقبة قالوا يا رسول الله انا برآء من ذمامك حتى تصل

إلى ديارنا فاذا وصلنا اليها فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه ابناءنا ونساءنا فكان

رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ان لا تكون الانصار ترى عليها نصره الا

ـ328ـ

ممن دعمه بالمدينة من عدوه وان ليس عليهم ان يسير بهم إلى عدو من بلادهم

فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ لعلك تريدنا

يا رسول الله فقال أجل قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به هو الحق

واعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما

اردت فنحن معك والذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه

معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره ان تلقى بنا عدونا غدا انا لنصبر في

الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله

تعالى . وقد روينا من طريق مسلم ان الذى قال ذلك سعد بن عبادة سيد الخزرج

وانما يعرف ذلك عن سعد بن معاذ . كذلك رواه ابن اسحق وابن عقبة وابن

سعد وابن عائذ وغيرهم . واختلف في شهود سعد بن عبادة بدرا لم يذكره ابن

عقبة ولا ابن اسحق في البدريين ، وذكره الواقدى والمدائنى وابن الكلبى فيهم .

وروينا عن ابن سعد انه كان يتهيأ للخروج إلى بدر ويأتى دور الانصار يحضهم

على الخزرج فنهش قبل ان يخرج فأقام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كان سعد لم يشهدها

لقد كان عليها حريصا . قال وروى بعضهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم

ضرب له بسهمه وأجره وليس ذلك بمجمع عليه ولا ثبت ولم يذكره احد ممن يروى

المغازى في تسمية من شهد بدرا ولكنه قد شهد احدا والخندق والمشاهد كلها مع

رسول الله صلى الله عليه وسلم .

رجع إلى الاول : قال فسر النبى صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم

قال سيروا وابشروا فان الله قد وعدنى احدى الطائفتين والله لكأنى الآن انظر

إلى مصارع القوم ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران ثم نزل قريبا

من بدر فركب هو ورجل من اصحابه ، قال ابن هشام هو وابوبكر الصديق -

ـ329ـ

قال ابن اسحق كما حدثنى محمد بن يحيى بن حبان - حتى وقف على شيخ من العرب

فسأله عن قريش وعن محمد واصحابه وما بلغه عنهم فقال الشيخ لا اخبركما حتى

تخبرانى من انتما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اخبرتنا اخبرناك فقال الشيخ ذاك

بذاك قال نعم قال الشيخ فانه قد بلغنى ان محمدا واصحابه خرجوا يوم كذا وكذا

فان كان صدق الذى اخبرنى فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذى به رسول

الله صلى الله عليه وسلم وبلغنى ان قريشا خرجوا يوم كذا وكذا فان كان الذى

اخبرنى صدق فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذى به قريش فلما فرغ من

خبره قال ممن انتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن من ماء ثم انصرف

عنه قال يقول الشيخ ما " من ماء " أمن العراق ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اصحابه

فلما امسى بعث على بن ابى طالب والزبير بن العوام وسعد بن ابى وقاص في نفر

من اصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له عليه فأصابوا راوية لقريش فيها اسلم

غلام بنى الحجاج وعريص ابويسار غلام بنى العاص بن سعيد فأتوهما فسألوهما

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلى فقالا نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء فكره

القوم خبرهما ورجوا ان يكونا لابى سفيان فضربوهما فلما أذلقوهما قالا نحن لابى

سفيان فتركوهما وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتيه ثم سلم وقال

اذا صدقا كم ضربتوهما واذا كذباكم تركتموهما صدقا والله انهما لقريش اخبرانى

عن قريش قالا هم وراء هذا الكثيب الذى ترى بالغدوة القصوى والكثيب

العقنقل ( 1 ) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم القوم قالا كثير قال ما عدتهم قالا

ما ندرى قال كم ينحرون كل يوم قالا يوما تسعا ويوما عشرا قال صلى الله عليه وسلم القوم

ما بين التسعمائة والالف ثم قال لهما فمن فيهم من اشراف قريش قالا عقبة بن ربيعة

* ( هامش ) * ( 1 ) العقنقل هو الكثيب العظيم المتداخل الرمل . ( * )

ـ330ـ

وشيبة بن ربيعة وا بوالبخترى بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحرث

ابن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدى بن نوفل والنضر بن الحرث وزمعة بن الاسود

وابوجهل بن هشام وامية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وسهيل بن عمرو

وعمرو بن عبد ود فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال هذه مكة قد القت

عليكم افلاذ كبدها .

قال ابن عقبة وزعموا ان اول من نحر لهم حين خرجوا من مكة ابوجهل بن

هشام جزائر ( 1 ) ثم نحر لهم صفوان بن امية بعسفان تسع جزائر ونحر لهم سهيل

ابن عمرو بقديد عشر جزائر ومالوا من قديد إلى مناة من نحو البحر فظلوا فيها

فأقاموا فيها يوما فنحر لهم شيبة بن ربيعة تسع جزائر ثم اصبحوا بالجحفة فنحر

لهم عتبة بن ربيعة عشر جزائر ثم اصبحوا بالابواء فنحر لهم مقيس بن عمرو

الجمحى تسع جزائر ونحر لهم العباس بن ع بدالمطلب عشر جزائر ونحر لهم الحارث

ابن عامر بن نوفل تسعا ونحر لهم ا بوالبخترى على ماء بدر عشر جزائر ونحر

لهم مقيس الجمحى على ماء بدر تسعا ثم شغلتهم الحرب فأكلوا من ازوادهم .

وقال ابن عائذ كان مسيرهم واقامتهم حتى بلغوا الجحفة عشر ليال . قال ابن

اسحق وكان بسبس بن عمرو وعدى بن ابى الزغباء قد مضيا حتى نزلا بدرا

فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم اخذ شنا ( 2 ) لهما يستسقيان فيه ومجدى بن عمرو الجهنى

على الماء فسمع عدى وبسبس جاريتين من جوارى الحاضر وهما تلازمان على الماء

والملزومة تقول لصاحبتها انما تأتى العير غدا او بعد غد فأعمل لهم ثم اقضيك الذى

لك فقال مجدى صدقت ثم خلص بينهما وسمع ذلك عدى وبسبس فجلسا على

بعيريهما ثم انطلقا حتى اتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بما سمعا ثم اقبل ابوسفيان

* ( هامش ) * ( 1 ) جمع جزور وهو البعير ذكرا كان او انثى .

( 2 ) اى : قربة . ( * )

ـ331ـ

حتى تقدم العير حذرا حتى ورد الماء فقال لمجدى بن عمرو هل أحسست احدا قال

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 331 سطر 1 الى ص 340 سطر 23

حتى تقدم العير حذرا حتى ورد الماء فقال لمجدى بن عمرو هل أحسست احدا قال

ما رأيت احدا انكره الا انى قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم استقيا

في شن لهما ثم انطلقا فأتى ابوسفيان مناخهما فأخذ من ابعار بعيريهما ففته ثم شمه

فاذا فيه النوى فقال هذه والله علائف يثرب فرجع إلى اصحابه سريعا فضرب

وجه عيره عن الطريق فساحل بها وترك بدرا بيسار وانطلق حتى اسرع وأقبلت

قريش فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم بن ابى الصلت بن مخرمة بن ع بدالمطلب بن

عبد مناف رؤيا فقال انى فيما يرى النائم وانى لبين النائم واليقظان اذ نظرت إلى

رجل اقبل على فرس حتى وقف ومعه بعير له ثم قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن

ربيعة وابوالحكم بن هشام وامية بن خلف وفلان وفلان فعدد رجالا ممن قتل

يوم بدر من اشراف قريش ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم ارسله في العسكر فما

بقى خباء من أخبية العسكر الا اصابه نضح ( 1 ) من دمه قال فبلغت ابا جهل فقال وهذا

ايضا نبى آخر من بنى المطلب سيعلم غدا من المقتول ان نحن التقينا .

قال ابن اسحق ولما رأى ابوسفيان بن حرب انه قد احرز عيره ارسل إلى

قريش انكم انما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم واموالكم وقد نجاها الله فارجعوا

فقال ابوجهل بن هشام والله لا نرجع حتى نرد بدرا وكان بدر موسما من مواسم

العرب يجتمع لهم به سوق كل عام فنقيم عليه ثلاثا فننحر الجزور ونطعم الطعام

ونسقى الخمر وتعزف علينا القيان ( 2 ) وتسمع بنا العرب وتحسيرنا وجمعنا فلا يزالون

يهابوننا اببدا بعدها ، وقال الاخنس بن شريق وكان حليفا لبنى زهرة يا بنى زهرة

قد نجى الله اموالكم وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل وانما نفرتم لتمنعوه وماله

فاجعلوا بى جبنها ( 3 ) وارجعوا فانه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة لا ما يقول

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : رشاش .

( 2 ) تعزف اى تضرب بالمعازف ، والقيان : المغنيات .

( 3 ) اى : جبن هذه الملاقاة او الخرجة التى خرجتم . ( * )

ـ332ـ

هذا فرجعوا فلم يشهدها زهرى ولا عدوى ايضا ومضى القوم وكان بين طالب بن

ابى طالب - وكان في القوم - وبين بعض قريش محاورة فقالوا والله لقد علمنا يا بنى

هاشم وان خرجتم معنا ان هواكم لمع محمد فرجع طالب إلى مكة مع من رجع

ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادى خلف العقنقل وبطن الوادى

وبعث الله السماء وكان الوادى دهسا ( 1 ) فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

واصحابه منها ما لبد لهم الارض ولم يمنعهم من المسير وأصاب قريشا منها ما لم يقدروا

على ان يرتحلوا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء حتى جاء

ادنى ماء من بدر فنزل به . قال ابن اسحق فحدثت عن رجال من بنى سلمة انهم

ذكروا ان الحباب بن المنذر بن الجموح قال يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزل

أنزلكه الله ليس لنا ان نتقدمه ولا ان نتأخر عنه أم هو الرأى والحرب والمكيدة

قال بل هو الرأى والحرب والمكيدة قال يا رسول الله ان هذا ليس بمنزل فانهض

بالناس حتى نأتى ادنى ماء من القوم فننزله ثم تغور ما وراءه من القلب ( 2 ) ثم تبنى عليه

حوضا فتملاه ماء فتشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أشرت

بالرأى فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس فسار حتى أتى

ادنى ماء من القوم فنزل عليه ثم أمر بالقلب فغورت وبنى حوضا على القليب الذى

نزل عليه فملئ ماء ثم قذفوا فيه الآنية . وروينا عن ابن سعد في هذا الخبر فنزل

جبريل عليه السلام على النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما اشار به الحباب .

قال ابن اسحق فحدثنى عبدالله بن ابى بكر انه حدث ان سعد بن معاذ قال يا نبى

الله ألا نبنى لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فان اعزنا

الله واظهرنا على عدونا كان ذلك ما احببنا وان كانت الاخرى جلست على ركائبك

* ( هامش ) * ( 1 ) اى لينا رخوا .

( 2 ) جمع قليب وهو البئر . ( * )

ـ333ـ

فلحقت بمن وراءنا فقد تخلف عنك اقوام يا نبى الله ما نحن بأشد لك حبا منهم

ولو ظنوا انك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون

معك فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير ثم بنى لرسول

الله صلى الله عليه وسلم عريشا فكان فيه .

قال ابن اسحق وقد ارتحلت قريش حين اصبحت فأقبلت فلما رآها رسول

الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل وهو الكثيب الذى جاءوا منه إلى الوادى قال اللهم

هذه قريش قد اقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك

الذى وعدتنى اللهم احنهم الغداة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى

عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له احمر ان يك في احد من القوم خير فعند صاحب

الجمل الاحمر ان يطيعوه يرشدوا وقد كان خفاف بن ايماء بن رحضة او ابوه ايماء

ابن رحضة الغفارى بعث إلى قريش حين مروا به ابنا له بجزائر اهداها لهم وقال

ان احببتم ان نمدكم بسلاح ورجال فعلنا قال فأرسلوا اليه مع ابنه ان وصلتك رحم

قد قضيت الذى عليك فلعمرى لئن كنا انما نقاتل الناس ما بنا ضعف ولئن

كنا انما نقاتل الله كما يزعم محمد ما لاحد بالله من طاقة فلما نزل الناس اقبل

نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم حكيم بن حزام فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فما شرب منه رجل يومئذ الا قتل الا ما كان

من حكيم بن حزام فانه لم يقتل ثم اسلم بعد ذلك فحسن اسلامه فكان اذا اجتهد

في يمينه قال لا والذى نجانى من يوم بدر . قال وحدثنى ابى رحمه الله اسحق بن

يسار وغيره من اهل العلم عن اشياخ من الانصار قال لما اطمأن القوم بعثوا عمير

ابن وهب الجمحى فقالوا احزر لنا اصحاب محمد فاستجال بفرسه حول العسكر ثم

رجع اليهم فقال ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا او ينقصون ولكن امهلونى حتى انظر

أللقوم كمين او مدد قال فضرب في بطن الوادى حتى ابعد فلم ير شيئا فرجع اليهم

ـ334ـ

فقال ما رأيت سيئا ولكنى قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا نواضح

يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ الا سيوفهم والله ما أرى ان

يقتل رجل منهم حتى يقتل رجل منكم فاذا اصابوا منكم عدادهم فما خير العيش

بعد ذلك فروا رأيكم . فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس فأتى عتبة بن

ربيعة فقال يا ابا الوليد انك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها هل لك إلى ان

لا تزال تذكر منها بخير إلى آخر الدهر قال وما ذلك يا حكيم قال ترجع بالناس وتحمل

امر حليفك عمرو بن الحضرمى قال قد فعلت انت على بذلك انما هو حليفى فعلى

عقله وما اصيب من ماله فائت ابن الحنطلية يعنى ابا جهل بن هشام . ثم قام عتبة

خطيبا فقال يا معشر قريش انكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا صلى الله عليه

وسلم واصحابه شيئا والله لئن اصبتموه لا يزال رجل ينظر في وجه رجل يكره النظر

اليه قتل ابن عمه وابن خاله ورجلا من عشيرته فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر

العرب فان اصابوه فذاك الذى اردتم وان كان غير ذلك الفاكم ولم تعرضوا منه

ما تريدون قال حكيم فانطلقت حتى جئت ابا جهل فوجدته قد نثل درعا له من

جرابها فقلت له يا ابا الحكم ان عتبة ارسلنى اليك بكذا وكذا للذى قال فقال

انتفخ والله سحره ( 1 ) حين رأى محمدا واصحابه كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا

وبين محمد وما بعتبة ما قال ولكنه قد رأى ان محمدا واصحابه اكلة جزور وفيهم

ابنه قد تخوف عليه ثم بعث إلى عامر الحضرمى فقال هذا حليفك يريد ان ترجع

بالناس وقد رأيت ثأرك بعينيك فقم فانشد خفرتك ومقتل اخيك فقام عامر بن

الحضرمى فاكتشف ثم صرخ واعمراه فحميت الحرب وحقب امر الناس واستوسقوا

على ما هم عليه من الشر وافسد على الناس الرأى الذى دعاهم اليه عتبة فلما بلغ

عتبة قول ابى جهل انتفخ والله سحره قال سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره

* ( هامش ) * ( 1 ) السحر هو الرئة ، يقال للجبان قد انتفخ سحره . ( * )

ـ335ـ

انا ام هو ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها في رأسه فما وجد في الجيش بيضة تسعه

من عظم هامته فلما رأى ذلك اعتجر على رأسه ببرد له ( 1 ) . وقال ابن عائذ وقال

رجال من المشركين لما رأوا قلة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غر هؤلاء دينهم منهم

ا بوالبخترى بن هشام وعتبة بن ربيعة وابوجهل بن هشام وذكر غيرهم لما تقالوا

رسول الله صلى الله عليه وسلم في اعينهم فأنزل الله تعالى ( اذ يقول المنافقون والذين

في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ) الآية حتى نزلوا وتعبؤا للقتال والشيطان معهم

لا يفاقهم . قال ابن اسحق وقد خرج الاسود بن عبدالاسد المخزومى وكان رجلا

شرسا سيئ الخلق فقال اعاهد الله لاشربن من حوضهم او لاهدمنه او لاموتن

دونه فلما خرج خرج اليه حمزة بن ع بدالمطلب فلما التقيا ضرببه حمزة فأطن ( 2 ) قدمه

بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو اصحابه ثم

حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد زعم ان تبر يمينه واتبعه حمزة فضربه حتى

قتله في الحوض ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين اخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد

ابن عتبة حتى نصل من الصف دعا إلى المبارزة فخرج اليه فتية من الانصار وهم

عوف ومعوذ ابنا الحرث وامهما عفراء ورجل آخر يقال له عبدالله بن رواحة

فقالوا من انتم قالوا رهط من الانصار قالوا ما لنا بكم من حاجة . وقال ابن عقبة

وابن عائذ حين ذكرا خروج الانصار قال فاستحيا النبى صلى الله عليه وسلم من

ذلك لانه كان اول قتال التقى فيه المسلمون والمشركون ورسول الله صلى الله

عليه وسلم شاهد معهم فأحب النبى صلى الله عليه وسلم ان تكون الشوكة لبنى عمه فناداهم

النبى صلى الله عليه وسلم ان ارجعوا إلى مصافكم وليقم اليهم بنو عمهم .

رجع إلى ابن اسحق ثم نادى مناديهم يا محمد اخرج الينا اكفاءنا من قومنا

فقال النبى صلى الله عليه وسلم قم يا عبيدة بن الحرث وقم يا حمزة وقم يا على فلما قاموا ودنوا منهم

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : اعتم على رأسه بثوب . ( 2 ) اى : قطع . ( * )

ـ336ـ

قالوا من انتم قال عبيدة عبيدة وقال حمزة حمزة وقال على على قالوا نعم اكفاء

كرام فبارز عبيدة وكان اسن القوم عتبة بن ربيعة وبارز حمزة شيبة بن ربيعة

وبارز على الوليد بن عتبة فأما حمزة فلم يمهل شيبة ان قتله واما على فلم يمهل

الوليد ان قتله واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما اثبت صاحبه وكر

حمزة وعلى بأسيافهما على عتبة فدففا ( 1 ) عليه واحتملا صاحبهما فحازاه إلى اصحابه .

قال وحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة ان عتبة بن ربيعة قال للفتية من الانصار حين

انتسبوا اكفاء كرام انما نريد قومنا قال ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض

وقد امر رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه ان لا يحملوا حتى يأمرهم وقال ان اكتنفكم

القوم فانضخوهم عنكم بالنبل ( 2 ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش معه

ابوبكر الصديق . قال وحدثنى حبان بن واسع بن حبان عن اشياخ من قومه

ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف اصحابه يوم بدر وفى يده قدح

يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بنى عدى بن النجار وهو مسند مستنتل ( 3 )

من الصف ، قال ابن هشام فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول

الله اوجعتنى وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدنى قال فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم

عن بطنه وقال حضر ما ترى فأردت ان يكون آخر العهد بك ان يمس جلدى جلدك

فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقاله له . قال ابن اسحق ثم عدل

رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ورجع إلى العريش فدخله ومعه ابوبكر ليس معه فيه

غيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده بالنصر ويقول فيما يقول

* ( هامش ) * ( 1 ) اى اجهزا .

( 2 ) اى ارموهم بالنشاب .

( 3 ) اى متقدم . ( * )

ـ337ـ

اللهم ان تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وابوبكر يقول يا رسول الله بعض مناشدتك

ربك فان الله منجز لك ما وعدك وقد خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة

وهو في العريش ثم انتبه فقال ابشر يا ابا بكر اتاك نصر الله هذا جبريل آخذ

بعنان فرسه يقوده على ثناياه - يريد الغبار . وقال ابن سعد في هذا الخبر

وجاءت ريح لم يروا مثلها شدة ثم ذهبت فجاءت ريح اخرى ثم ذهبت فجاءت

ريح اخرى فكانت الاولى جبريل في الف من الملائكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

والثانية ميكائيل في الف من الملائكة عن ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

والثالثة اسرافيل في الف من الملائكة عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروينا من طريق مسلم حدثنا هناد بن السرى ثنا ابن المبارك عن عكرمة بن

عمار قال حدثنى سماك الحنفى قال سمعت ابن عباس يقول حدثنى عمر بن الخطاب

رضى الله عنه قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم الف

واصحابه ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا فاستقبل نبى الله صلى الله عليه وسلم القبلة

ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم انجز لى ما وعدتنى ، وفيه فأنزل الله عزوجل

عند ذلك ( اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم انى ممدكم بألف من الملائكة

مردفين ) فأمده الله بالملائكة . قال ابوزميل فحدثنى ابن عباس قال بينما رجل

من المسلمين يومئذ يشتد في اثر رجل من المشركين امامه اذ سمع صربة بالسوط

فوقه وصوت الفارس يقول اقدم حيزوم ( 1 ) فنظر إلى المشرك امامه فخر مستلقيا فنظر اليه

فاذا هو قد خطم انفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك اجمع فجاء الانصارى

فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا

يومئذ سبعين وأسروا سبعين الحديث . وروينا من طريق البخارى حدثنى ابراهيم

ابن موسى قال انا ع بدالوهاب ثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس ان النبى

* ( هامش ) * ( 1 ) سيأتى تفسيره من كلام المؤلف . ( * )

ـ338ـ

صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب

وروينا عن ابن سعد قال انا سليمان بن حرب ثنا حماد بن بدر ثنا ايوب ويزيد

ابن حازم انهما سمعا عكرمة يقرؤها فثبتوا الذين آمنوا قال حماد وزاد ايوب قال

قال عكرمة فاضربوا فوق الاعناق قال كان يومئذ يندر رأس الرجل لا يدرى من

ضربه وتندر يد الرجل لا يدرى من ضربه . قال ابن اسحق وقد رمى مهجع مولى

عمر بن الخطاب بسهم فقتل فكان اول قتيل من المسلمين ثم رمى حارثة بن سراقة

 

احد بنى عدى بن النجار وهو يشرب من الحوض بسهم فأصاب نحره فقتل

ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم وقال والذى نفس محمد

بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر الا ادخله الله الجنة

فقال عمير بن الحمام اخو بنى سلمة وفى يده تمرات يأكلهن بخ بخ أفما بينى وبين

ان ادخل الجنة الا ان يقتلنى هؤلاء قال ثم قذف التمرات من يده واخذ سيفه

فقاتل القوم حتى قتل ، وقال ابن عقبة اول قتيل من المسلمين يومئذ عمير بن الحمام .

وقال ابن سعد فكان اول من خرج من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب

فقتله عامر بن الحضرمى ، وكان اول قتيل من الانصار حارثة بن سراقة ويقال

قتله حبان بن العرقة ( 1 ) ويقال عمير بن الحمام قتله خالد بن الاعلم العقيلى . قال ابن

اسحق وحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة ان عوف بن الحارث وهو ابن عفراء قال

يا رسول الله ما يضحك الربب من عبده قال غمسة يده في القوم حاسرا فنزع درعا

عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل . وحدثنى محمد بن مسلم عن عبد

الله بن ثعلبة بن صعير العذرى حليف بنى زهرة انه حدثه انه لما التقى الناس ودنا

بعضهم من بعض قال ابوجهل اللهم اقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فاحنه الغداة

فكان هو المستفتح على نفسه قال ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ حفنة من الحصباء

* ( هامش ) * ( 1 ) " حبان " بكسر الحاء وتشديد الباء . و " العرقة " بفتح العين المهملة وكسر الراء . ( * )

ـ339ـ

فاستقبل بها قريشا ثم قال شاهت الوجوه ثم نفخهم بها وامر اصحابه فقال شدوا

فكانت الهزيمة فقتل الله من قتل من صناديد قريش واسر من اسر من اشرافهم .

قال ابن عقبة وابن عائذ فكانت تلك الحصباء عظيما شأنها لم تترك من المشركين

رجلا الا ملات عينيه وجعل المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم وبادر النفر كل رجل

منهم منكبا على وجهه لا يدرى اين يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه .

رجع إلى خبر ابن اسحق : فلما وضع القوم ايديهم يأسرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم

في العريش وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذى فيه رسول الله صلى الله

عليه وسلم متوشح السيف في نفر من الانصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه

وسلم يخافون عليه كرة العدو ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لى في

وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم

فكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم قال أجل والله يا رسول الله كانت اول وقعة

اوقعها الله بأهل الشرك فكان الاثخان في القتل احب إلى من استبقاء الرجال

قال وجدثنى العباس بن عبدالله بن معبد عن بعض اهله عن ابن عباس رضى

الله عنهما ان النببى صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه يومئذ انى قد عرفت ان رجالا من بنى

هاشم وغيرهم قد اخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقى منكم احدا من بنى هاشم

فلا يقتله ومن لقى ابا البخترى بن هشام فلا يقتله ومن لقى العباس بن عبد المطلب

فلا يقتله فانا خرج مستكرها . وذكر ابن عقبة فيهم عقيلا ونوفلا قال فقال ابو

حذيفة أنقتل آباءنا واخواننا وعشيرتنا ونترك العباس والله لئن لقيته لالجمنه

السيف قال فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر بن الخطاب يا ابا حفص

فقال عمر والله انه لاول يوم كنانى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبى حفص

أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال عمر يا رسول الله دعنى

فلاضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق فكان ابوحذيفة يقول ما انا بآمن من

ـ340ـ

تلك الكلمة التى قلتها يومئذ ولا ازال منها خائفا الا ان تكفرها عنى الشهادة

فقتل يوم اليمامة شهيدا فلقى ابا البخترى المجذر بن ذياد البلوى فقال له ان رسول

الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك ، ومع ابى البخترى زميل له خرج معه من

مكة وهو جنادة بن مليحة قال وزميلى قال له المجذر لا ما نحن بتاركى زميلك

ما امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بك وحدك قال لا والله اذن لاموتن انا وهو جميعا

لا تحدث عنى نساء مكة انى تركت زميلى حرصا على الحياة فقتله المجذر ثم أتى رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقال والذى بعثك بالحق لقد جهدت عليه ان يستأسر

فآتيك به فأبى الا ان يقاتلنى فقاتلنى فقتلته . قال ابن عقبة ويزعم ناس ان ابا

اليسر قتل ابا البخترى بن هشام ويأبى عظم الناس الا ان المجذر هو الذى قتله

بل قتله غير شك ابوداود المازنى وسلبه سيفه فكان عند بنيه حتى باعه بعضهم

من بعض ولد ابى البخترى . قال ابن اسحق حدثنى يحيى بن عباد عن عبدالله

ابن الزبير عن ابيه قال وحدثنيه ايضا عبدالله بن ابى بكر وغيرهما ان عبدالرحمن

ابن عوف لقيه امية بن خلف ومعه ابنه على ومع عبدالرحمن ادراعا استلبها قال

هل لك في فأنا خير لك من هذه الادراع التى معك قال قلت نعم فطرحت الادراع

من يدى فأخذت بيده ويد ابنه وهو يقول ما رأيت كاليوم قط أما لكم حاجة في

اللبن ثم خرجت امشى بهما . قال حدثنى عبدالواحد بن ابى عون عن سعد بن

ابراهيم عن ابيه عن عبدالرحمن بن عوف ان امية بن خلف قال له من الرجل

منكم المعلم بريشة نعامة في صدره قال قلت ذاك حمزة بن ع بدالمطلب قال ذاك

الذى فعل بنا الافاعيل قال عبدالرحمن فوالله انى لاقودهما اذ رآه بلال معى وكان

هو الذى يعذب بلالا بمكة على ترك الاسلام فيخرجه إلى رمضاء مكة اذا حميت

فيضجعه على ظهره ثم يأمر بصخرة عظيمة فتوضع على صدره ثم يقول لا تزال هكذا

او تفارق دين محمد فيقول بلال أحد أحد قال فلما رآه قال رأس الكفر امية بن

ـ341ـ

خلف لا نجوت ان نجا قال ثم صرخ بأعلى صوته يا انصار الله رأس الكفر امية بن

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 341 سطر 1 الى ص 350 سطر 22

خلف لا نجوت ان نجا قال ثم صرخ بأعلى صوته يا انصار الله رأس الكفر امية بن

خلف لا نجوت ان نجا قال قلت اسمع يا ابن السوداء قال لا نجوت ان نجا قال ثم

صرخ بأعلى صوته يا انصار الله رأس الكفر امية بن خلف لا نجوت ان نجا قال

فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة ( 1 ) قال فأخلف رجل السيف فضرب رجل

ابنه فوقع وصاح امية بن خلف صيحة ما سمعت مثلها قط فقلت انج بنفسك

ولا نجا به فوالله ما أغنى عنك شيئا قال فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما قال

فكان عبدالرحمن يقول يرحم الله بلالا ذهبت ادراعى وفجعنى بأسيرى .

قال ابن اسحق وحدثنى عبدالله بن ابى بكر انه حدث عن ابن عباس قال

حدثنى رجل من بنى غفار قال أقبلت انا وابن عم لى حتى اصعدنا في جبل يشرف

بنا على بدر ونحن مشركان ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة ( 2 ) فننتهب مع من ينتهب

قال فبينا نحن في الجبل اذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل فسمعت

قائلا يقول اقدم حيزوم فأما ابن عمى فانكشف قناع قلبه فمات مكانه واما انا

فكدت اهلك ثم تماسكت . قال وحدثنى عبدالله بن ابى بكر عن بعض بنى

ساعدة عن ابى اسيد مالك بن ربيعة وكان قد شهد بدرا قال بعد ان ذهب بصره

لو كنت اليوم ببدر ومعى بصرى لاريتكم الشعب الذى منه خرجت الملائكة

لا اشك ولا اتمارى قال وحدثنى ابى اسحق بن يسار عن رجال من بنى مازن بن

النجار عن ابى داود المازنى وكان شهد بدرا قال انى لاتبع رجلا من المشركين

يوم بدر لاضربه اذ وقع رأسه قبل ان يصل اليه سيفى فعرفت انه قد قتله غيرى .

وحدثنى من لا اتهم عن مقسم مولى عبدالله بن الحارث عن عبدالله بن عباس

قال كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضاء قد ارسلوها في ظهورهم ويوم حنين

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : جعلونا في حلقة كالسوار واحاطوا بنا .

( 2 ) بفتح الدال وهى الهزيمة . ( * )

ـ342ـ

عمائم عمائم حمرا . وروينا هذا الخبر من طريق مالك بن سليمان الهروى عن الهياج

عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس بمعناه ولم تقاتل

الملائكة في يوم سوى يوم بدر وكانوا يكونون فيما سواه من الايام عددا ومددا

لا يضربون . وذكر ابن هشام عن بعض اهل العلم ان جبريل عليه السلام كانت

عليه يوم بدر عمامة صفراء وكان شعارهم يوم بدر أحد أحد .

قال ابن اسحق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه امر بأبى جهل

ان يلتمس في القتلى وكان اول ما لقى ابا جهل كما حدثنى ثور بن زيد عن عكرمة

عن ابن عباس و عبدالله بن ابى بكر ايضا قد حدثنى ذلك قال معاذ بن عمرو بن

الجموح اخو بنى سلمة سمعت القوم وابوجهل في مثل الحرجة ( 1 ) وهم يقولون ابوالحكم

لا يخلص اليه قال فلما سمعتها جعلته من شأنى فصمدت نحوه فلما أمكننى حملت

عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه فوالله ما شبهتها حين طاحت الا

بالنواة تطيح من تحت مرضخة ( 2 ) النوى حين يضرب بها قال وضربنى ابنه عكرمة

على عاتقى فطرح يدى فتعلقت بجلدة من جسمى وأجهضنى القتال عنه فلقد قاتلت

عامة يومى وانى لاسحبها خلفى فلما آذتنى وضعت عليها قدمى ثم تمطيت بها عليها

حتى طرحتها . قال القاضى ابوالفضل عياض بن موسى : وزاد ابن وهب في روايته

فجاء يحمل يده فبصق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلصقت . قال ابن

اسحق ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمن عثمان ثم مر بأبى جهل - وهو عقير -

معوذ بن عفراء فضربه حتى اثبته وبه رمق وقاتل معوذ حتى قتل فمر عبدالله بن

مسعود بأبى جهل حين امر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يلتمس في القتلى وقد

قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنى انظروا ان خفى عليكم في القتلى

* ( هامش ) * ( 1 ) الحرجة بالتحريك شجر ملتف .

( 2 ) سيأتى تفسير الغريب . ( * )

ـ343ـ

إلى اثر جرح في ركبته فانى ازدحمت يوما انا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان

ونحن غلامان وكنت اشف منه بيسير فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش ( 1 ) على احدهما

جحشا لم يزل اثره به قال عبدالله بن مسعود فوجدته بآخر رمق فعرفته فوضعت

رجلى على عنقه قال وقد كان ضبث بى ( 2 ) مرة بمكة فآذانى ولكزنى ثم قلت له هل

اخزاك الله يا عدو الله قال وبماذا اخزانى اعمد من رجل قتلتموه اخبرنى لمن الدبرة

قال قلت لله ولرسوله ( 3 ) . قال ابن هشام ويقال اعار على رجل قتلتموه اخبرنى لمن

الدائرة اليوم . قال ابن اسحق وزعم رجال من بنى مخزوم ان ابن مسعود كان

يقول قال لى لقد ارتقيت يا رويعى الغنم مرتقى صعبا قال ثم احتززت رأسه ثم جئت

به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا رأس عدو الله ابى جهل

قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله الذى لا اله غيره قال وكانت يمين

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت نعم والله الذى لا اله غيره ثم القيت رأسه

بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله تعالى . اخبرنا عبدالرحيم بن

يوسف الموصلى بقراءة والدى عليه قال انا ابوعلى حنبل ببن عبد الله الرصافى ان

ابا القاسم بن الحصين اخبره قال انا ابوعلى بن المذهب قال انا ابوبكر القطيعى

قال انا عبدالله بن احمد بن حنبل ثنا ابى ثنا يوسف بن الماجشون عن صالح بن

ابراهيم بن عبدالرحمن بن قوف عن ابيه عن عبدالرحمن بن عوف انه قال انى

لواقف يوم بدر في الصف نظرت عن يمينى وعن شمالى فاذا انا بين غلامين من

الانصار حديثة اسنانهما تمنيت لو كنت بين اضلع منهما فغمزنى احدهما فقال

يا عم هل تعرف ابا جهل بن هشام قال قلت نعم وما حاجتك يا ابن اخى قال بلغنى

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : خدش .

( 2 ) اى : قبض عليه .

( 3 ) في الهامش " بلغ مقابلة لله الحمد " . ( * )

ـ344ـ

انه كان بسبب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده لئن رأيته لا يفارق

سوادى سواده حتى يموت الاعجل منا قال فغمزنى الآخر فقال مثلها قال فعجبت

لذلك قال فلم انشب ان نظرت إلى ابى جهل يزول في الناس فقلت لهما ألا تريان

هذا صاحبكما الذى تسألان عنه فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال ايكما قتله فقال كل واحد منهما

انا قتلته قال هل مسحتما سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال كلا كما قتله وقضى

بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح وهما معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء .

رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن يوسف بن الماجشون فوقع لنا عاليا . وروينا عن

ابن عقبة ان عبدالله بن مسعود وجده مقنعا في الحديد وهو منكب لا يتحول فظن

انه قد أثبت فتناول قائم سيفه فاستله وهو منكب لا يتحرك فرفع سابغة البيضة

عن قفاه فضربه فوقع رأسه بين يديه ثم سلبه فلما نظر اليه اذا هو ليس به جراح

وابصر في عنقه خدرا وفى يديه وكتفيه كهيئة آثار السياط فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره

فقال ذاك ضرب الملائكة . وروينا عن ابن عائذ ثنا الوليد قال حدثنى خليد عن

قتادة انه سمعه يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان لكل امة فرعونا

وان فرعون هذه الامة ابوجهل قتله الله شر قتلة قتله ابنا عفراء وقتلته الملائكة

وتدافه ابن مسعود يعنى اجهز عليه . قال ابن اسحق وقاتل عكاشة بن محصن

الاسدى يوم بدر بسيفه حتى انقطع في يده فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه حذلا

من حطب فقال قاتل بهذا يا عكاشة فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم

هزه فعاد سيفا في يده طويل القامة شديد المتن ابيض الحديدة فقاتل به حتى فتح

الله على المسلمين وكان ذلك السيف يسمى العون ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل في الردة وهو عنده . وقال الواقدى وحدثنى اسامة

ابن زيد الليثى عن داود بن الحصين عن رجال من بنى عبد الاشهل قالوا انكسر

ـ345ـ

سيف سلمة بن اسلم بن الحريس يوم بدر فبقى اعزل لا سلاح معه فأعطاه رسول

الله صلى الله عليه وسلم قضيبا كان في يده من عراجين ابن طاب فقال اضرب

به فاذا سيف جيد فلم يزل عنده حتى قتل يوم جسر ابى عبيد . قال ابن اسحق

وحدثنى يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضى الله عنها قالت لما

امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى ان يطرحوا في القليب طرحوا فيه الا

ما كان من امية بن خلف فانه انتفخ في درعه فملاها فذهبوا ليحركوه فتزايل

فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة . وروينا عن الطبرى ثنا موسى

ابن الحسن الكسائى ثنا شيبان بن فروخ ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن انس

ابن مالك قال انشأ عمر بن الخطاب يحدثنا عن اهل بدر فقال ان رسول الله صلى

الله عليه وسلم كان يرينا مصارع اهل بدر بالامس من بدر يقول هذا مصرع فلان

غدا ان شاء الله قال عمر فو الذى بعثه بالحق ما اخطؤا الحدود التى حدها رسول الله

صلى الله عليه وسلم حتى انتهى اليهم فقال يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل

وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا فانى وجدت ما وعدنى الله حقا فقال عمر يا رسول

الله كيف تكلم اجسادا لا ارواح فيها فقال ما انتم بأسمع لما اقول منهم غير انهم

لا يستطيعون ان يردوا شيئا . وروينا عن ابن عائذ اخبرنى الوليد بن مسلم اخبرنى

سعيد بن بشير عن قتادة عن انس عن ابى طلحة ان رسول الله صلى الله عليه

وسلم كان اذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاثا فلما كان يوم بدر اقام ثلاثا والقى بضعة

وعشرين رجلا من صناديد قريش في طوى من اطواء بدر ثم امر براحلته فشد

عليها رحلها فقلنا انه منطلق لحاجة فانطلق حتى وقف على شفى الركى فجعل يقول

يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان الحديث . وروينا من طريق مالك بن سليمان

الهروى ثنا معمر عن حميد الطويل عن انس وفى آخره قال قتادة احياهم الله حتى

سمعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم توبيخا لهم . هذا حمل لهذا الخبر على

ـ346ـ

ظاهره . وقد روينا عن عائشة رضى الله عنها انها تأولت ذلك وقالت انما اراد

النبى صلى الله عليه وسلم انهم الآن ليعلمون ان الذى اقول لهم هو الحق ثم قرأت

( انك لا تسمع الموتى ) الآية .

رجع إلى الخبر عن ابن اسحق : قال وتغير وجه ابى حذيفة بن عتبة عند طرح

ابيه في القليب ففطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له لعلك دخلك في شأن ابيك شئ

فقال لا والله لكنى كنت اعرف من ابى رأيا وحلما وفضلا فكنت ارجو ان

يهديه الله للاسلام فلما رأيت ما مات عليه اخذنى ذلك قال فدعا له رسول الله

صلى الله عليه وسلم بخير . ومات يومئذ فتية من قريش على كفرهم

ممن كان فتن على الاسلام فافتتن بعد اسلامه منهم من بنى اسد الحرث بن زمعة بن الاسود

من بنى مخزوم ابوقيس بن الفاكه وابوقيس بن الوليد بن المغيرة . ومن بنى جمح على بن امية بن خلف . ومن بنى سهم العاصى بن منبه بن الحجاج فنزل

فيهم ( ان الذين توفاهم الملائكة ظالمى انفسهم ) ثم امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في

العسكر مما جمع الناس فجمع فاختلف المسلمون فيه فقال من جمعه هو لنا وقال الذين

كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه لولا نحن ما اصبتموه نحن شغلنا عنكم العدو فهو لنا

وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأينا ان نقتل العدو

حين منحنا الله اكنافهم ولقد رأينا ان نأخذ المتاع حين لم يكن له من يمنعه ولكنا

خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو فما انتم بأحق به منا فنزعه الله من ايديهم

فجعله إلى رسول الله فقسمه في المسلمين عن بواء يقول عن السواء . وروينا عن

ابن عائذ اخبرنى الوليد بن مسلم قال واخبرنى سعيد بن بشير عن محمد بن

السائب الكلبى عن ابى صالح عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما كان

يوم بدر قال من قتل قتيلا فله سلبه ومن جاء بأسير فجاء ابواليسر بأسيرين

فقال سعد اى رسول الله اما والله ما كان بنا جبن عن العدو ولا ضن بالحياة ان نصنع

ـ347ـ

ما صنع اخواننا ولكن رأيناك قد افردت فكرهنا ان تكون بمضيعة قال فأمرهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يوزعوا تلك الغنائم بينهم ، المشهور ان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتل قتيلا فله سلبه " انما كان يوم حنين واما قوله ذلك يوم بدر وأحد

فأكثر ما يوجد من رواية من لا يحتج به . وقد روى ارباب المغازى والسير ان

سعد بن ابى وقاص قتل يوم بدر سعيد بن العاص واخذ سيفه فنفله رسول الله

صلى الله عليه وسلم اياه حتى نزلت سورة الانفال وان الزبير بن العوام بارز يومئذ

رجلا فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه وان ابن مسعود نفله رسول الله

صلى الله عليه وسلم يومئذ سلب ابى جهل . واما ابن الكلبى فمضعف عندهم وروايته

عن ابى صالح عن ابن عباس مخصوصة بمزيد تضعيف .

رجع إلى خبر ابن اسحق : ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة بشيرا

إلى اهل العالية بما فتح الله على رسوله وعلى المسلمين ، وبعث زيد بن حارثة إلى

السافلة قال اسامة بن زيد فأتانا الخبر حين سوينا على رقية بنت رسول الله صلى الله

عليه وسلم ثم اقبل عليه السلام قافلا إلى المدينة ومعه الاسارى من المشركين

وفيهم عقببة بن ابى معيط والنضر بن الحرث واحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه النفل

الذى اصيب من المشركين وجعل عليه عبدالله بن كعب من بنى مازن بن النجار

ثم اقبل عليه السلام حتى اذا خرج من مضيق الصفراء فقسم النفل بين المسلمين

على السواء وبالصفراء امر عليا فقتل النضر بن الحرث ثم بعرق الظبية قتل عقبة

ابن ابى معيط فقال حين قتله من للصبية يا محمد قال النار والذى قتله عاصم بن ثابت

 

ابن ابى الافلح وقيل على والذى اسره عبدالله بن سلمة ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم

حتى قدم المدينة قبل الاسارى بيوم . قال ابن اسحق وحدثنى نبيه بن وهب

اخو بنى عبد الدار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اقبل بالاسارى فرقهم

بين اصحابه وقال استوصوا بهم خيرا قال فكان ابوعزيز بن عمير بن هاشم

ـ348ـ

اخو مصعب لابيه وامه في الاسارى فقال مر بى اخى مصعب ورجل من الانصار

يأسرنى فقال له شد يديك به فان امه ذات متاع لعلها تفديه منك فكنت في

رهط من الانصار حين اقبلوا بى من بدر فكانوا اذا قدموا غداءهم وعشاءهم

خصونى بالخبز واكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم اياهم بنا ثم فدى بأربعة آلاف

درهم وهى اعلى الفداء . وذكر قاسم بن ثابت في دلائله ان قريشا لما توجهت إلى

بدر مر هاتف من الجن على مكة في اليوم الذى وقع بهم المسلمون وهو ينشد بأبعد

صوت ولا يرى شخصه : ازار الحنيفيون بدرا وقيعة * سينقض منها ركن كسرى وقيصرا

ابادت رجالا من قريش وابرزت * خرائد يضربن الترائب حسرا

فيا ويح من امسى عدو محمد * لقد جار عن قصد الهوى وتحيرا

فقال قائلهم من الحنفيون فقالوا هو محمد واصحابه يزعمون انهم على دين ابراهيم

الحنيف ، ثم لم يلبث النفر ان جاءهم الخبر .

رجع إلى الاول : وكان اول من قدم بمصابهم الحيسمان ( 1 ) بن عبد الله الخزاعى

وكان يسمى ابن عبد عمرو واسلم بعد ذلك فقال قتل عتبة وشيبة وابوالحكم وامية

وفلان فقال صفوان بن امية وهو جالس في الحجر والله ان يعقل هذا فسلوه

عنى فسألوه فقال هو ذاك جالسا في الحجر وقد رأيت ابه واخاه حين قتلا .

* ( هامش ) * بفتح الحاء وسكون الباء وضم السين . ( * )

ـ349ـ

( ذكر الخبر عن مهلك ابى لهب )

قال ابن اسحق وحدثنى حسين بن عبدالله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة

مولى ابن عباس قال قال ابورافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت غلاما

للعباس بن ع بدالمطلب وكان الاسلام قد دخلنا اهل البيت فأسلم العباس

واسلمت ام الفضل واسلمت انا وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم فكان

يكتم اسلامه وكان ذا مال فلما جاء الخبر عن مصاب قريش ببدر وكنت رجلا

ضعيفا اعمل الاقداح انحتها في حجرة زمزم فوالله انى لجالس فيها انحت اقداحى

وعندى ام الفضل جالسة وقد سرنا ما جاءنا من الخبر اذ اقبل ابولهب يجر رجليه

بشر حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهرى فبينا هو جالس اذ

قدم ابوسفيان بن الحرث فقال ابولهب هلم إلى فعندك الخبر فقال والله ما هو الا ان

لقينا القوم فمنحناهم اكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا ويأسروننا كيف شاءوا وايم الله مع

ذلك ما لمت الناس لقينا رجال بيض على خيل بلق بين السماء والارض والله ما تليق

شيئا ولا يقوم لها شئ ، قال ابورافع فرفعت طنب الحجرة بيدى ثم قلت ذلك والله

الملائكة قال فرفع ابولهب يده فضرب وجهى ضربة شديدة قال وثاورته فاحتملنى

فضرب بى الارض ثم برك على يضربنى فقامت ام الفضل إلى عمود فضربته به

ضربة فلغت ( 1 ) في رأسه شجة منكرة وقالت استضعفته ان غاب عنه سيده فقام

موليا ذليلا فوالله ما عاش الا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته . قال ابن

اسحق في رواية يونس بن بكير عنه انهم لم يحفروا له ولكن اسندوه إلى حائط

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : شدخت . ( * )

ـ350ـ

وقذفوا عليه الحجارة من خلف الحائط حتى واروه . وذكر محمد بن جرير الطبرى

في تاريخه ان العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها ويرون انها تعدى اشد العدوى

فلما اصابت ابا لهب تباعد عنه بنوه وبقى بعد موته ثلاثا لا تقرب جنازته ولا يحاول

دفنه فلما خافوا السبة في تركه حفروا له ثم دفعوه بعود في حفرته وقذفوه بالحجارة

من بعيد حتى واروه . ويروى ان عائشة رضى الله عنها كانت اذا مرت بموضعه

ذلك غطت وجهها

قال ابن اسحق : وحدثنى يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن ابيه عباد

قال ناحت قريش على قتلاهم ثم قالوا د تفعلوا فيبلغ محمدا واصحابه فيشمتوا بكم

ولا تبعثوا في اسراكم حتى تستأنسوا بهم لا يأرب عليكم محمد واصحاتبه في الفداء .

قال ابن عقبة اقام النوح شهرا . قال ابن اسحق وكان الاسود بن المطلب

قد اصيب له ثلاثة من ولده زمعة بن الاسود وعقيل بن الاسود والحرث بن زمعة

وكان يحب ان يبكى على بنيه قال فبينا هو كذلك اذ سمع صوت نائحة من الليل

فقال لغلام له وقد ذهب بصره انظر هل احل النحب هل بكت قريش على قتلاها

لعلى ابكى على ابى حكيمة يعنى زمعة فان جوفى قد احترق قال فلما رجع اليه الغلام

قال انما هى امرأة تبكى على بعير لها اضلته قال فذلك حين يقول الاسود

أتبكى ان يضل لها بعير * وتمنعها من النوم السهود

فلا تبكى على بكر ولكن * على بدر تقاصرت الجدود

وكان في الاسارى ابووداعة بن ضبيرة السهمى فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم ان له بمكة ابنا كيسا تاجرا ذا مال يعين المطلب وكأنكم به قد جاء

في طلب فداء ابيه قال قالت قريش لا تعجلوا بفداء اساراكم لا يأرب ( 1 ) عليكم محمد

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : لا يتشدد . ( * )

ـ351ـ

واصحابه قال المطلب صدقتم لا تعجلوا وانسل من الليل فقدم المدينة فأخذ اباه

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 351 سطر 1 الى ص 360 سطر 23

واصحابه قال المطلب صدقتم لا تعجلوا وانسل من الليل فقدم المدينة فأخذ اباه

بأربعة آلاف درهم وانطلق فبعث قريش في فداء الاسارى فقدم مكرز بن حفص

ابن الاخيف في فداء سهيل بن عمرو وكان الذى اسره مالك بن التخشم وكان

سهيل اعلم بشفته السفلى ( 1 ) . قال ابن اسحق وحدثنى محمد بن عمرو بن عطاء اخو

بنى عامر بن لؤى ان عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول

الله انزع ثنيتى سهيل بن عمرو يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا في موطن ابدا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا امثل به فيمثل الله بى وان كنت نبيا .

قال ابن اسحق وقد بلغنى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر في هذا

الحديث انه عسى ان يقوم مقاما لا تذمه فلما قاولهم مكرز وانتهى إلى رضاهم قالوا

هات الذى لنا قال اجعلوا رجلى مكان رجله وخلوا سبيله حتى يبعث اليكم بفدائه

ففعلوا وكان عمرو بن ابى سفيان اسيرا في يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقيل لابى سفيان افد عمرا ابنك فقال ايجمع على دمى ومالى قتلوا حنظلة وأفدى

عمرا دعوه في ايديهم يمسكونه ما بدا لهم قال فبينا هو كذلك اذ خرج سعد بن

النعمان بن اكال اخو بنى عمرو بن عوف معتمرا فعدا عليه ابوسفيان فحبسه

بابنه عمرو ، ثم قال ابوسفيان :

أرهط ابن اكال اجيبوا دعاءه * تعاقدتم لا تسلموا السيد الكهلا

فان بنى عمرو بن عوف اذلة * لئن لم يفكوا عن اسيرهم الكبلا

وفى رواية بنى عمرو لئام اذلة ففدى به وكان فيهم ابوالعاص بن الربيع ختن

رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته زينب بعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة

ادخلتها بها عليه حين بنى عليها قال فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : مشقوق الشفة السفلى . ( * )

ـ352ـ

لها رقة شديدة وقال ان رأيتم ان تطلقوا لها اسيرها وتردوا عليها فافعلوا قالوا نعم

يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذى لها . وروينا من طريق ابى داود ثنا عبد

الله بن محمد النفيلى ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحق عن يحيى بن عباد عن

ابيه عباد بن عبدالله بن الزبير عن عائشة رضى الله عنها بنحوه ، وفى آخره فكان

النبى صلى الله عليه وسلم اخذ عليه او وعده ان يخلى سبيل زينب اليه وبعث

رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الانصار فقال كونا ببطن

ياجج حتى تمر بكما زينبب فتصحباها حتى تأتيا بها ، وممن من عليه رسول الله

صلى الله عليه وسلم بغير فداء ايضا المطلب بن حنطب وصيفى بن ابى رفاعة وابوعزة الجمحى

واخذ عليه ان لا يظاهر عليه احدا .

قال ابن اسحق وحدثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال

جلس عمير بن وهب الجمحى مع صفوان بن امية بعد مصاب اهل بدر من قريش

في الحجر بيسير وكان عمير بن وهب شيطانا من شباطبن قريش وكان ممن يؤذى

رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه ويلقون منه عناء وهو بمكة وكان ابنه وهب بن عمير

في اسارى بدر فذكر اصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان لمن في العيش والله

خير بعدهم قال له عمير صدقت اما والله لولا دين على ليس له عندى قضاء وعيال

اخشى عليهم الضيعة بعدى لركبت إلى محمد حتى اقتله فان لى فيهم علة ابنى اسير

في ايديهم قال فاغتنمها صفوان فقال على دينك انا اقضيه عنك وعيالك مع عيالى

اواسيهم ما بقوا لا يسعنى شئ ويعجز عنهم قال عمير فاكتم عنى شأنى وشأنك

قال افعل قال ثم امر عمير بسيفه فشحذ له وسم ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينا

عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون ما اكرمهم

الله به وما اراهم من عدوهم اذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين اناخ على باب

المسجد متوشحا السيف فقال هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب ما جاء الا لشر

ـ353ـ

وهذا الذى حرش بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال يا نبى الله هذا عدو الله عمير بن وهب وقد جاء متوشحا سيفه قال فأدخله على

قال فأقبل عمر حتى اخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه ( 1 ) بها وقال لرجال ممن كانوا معه

من الانصار ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه هذا الخبيث

فانه غير مأمون ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله

صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال ارسله يا عمر ادن يا عمير ادن

يا عمير فدنا ثم قال انعموا صباحا وكانت تحية اهل الجاهلية بينهم فقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم قد اكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية اهل الجنة

قال اما والله ان كنت بها يا محمد لحديث عهد قال فما جاء بك يا عمير قال جئت

لهذا الاسير الذى فيكم فاحسنوا فيه قال فما بال السيف في عنقك قال قبحها الله

من سيوف وهل اغنت عنا شيئا قال اصدقنى ما الذى جئت له قال ما جئت الا

لذلك قال بلى قعدت انت وصفوان بن امية في الحجر فذكرتما اصحاب القليب

من قريش ثم قلت لولا دين على وعيال لى لخرجت حتى اقتل محمدا فتحمل لك

صفوان بدينك وعيالك على ان تقتلنى له والله حائل بينك وبين ذلك قال عمير

اشهد انك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبك بما تأتى به من خبر السماء

وما ينزل عليك من الوحى وهذا امر لم يحضره الا انا وصفوان فوالله انى لاعلم

ما اتاك به الا الله والحمد لله الذى هدانى للاسلام وساقنى هذا المساق ثم تشهد

شهادة الحق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقهوا اخاكم في دينه واقرئوه القرآن واطلقوا

له اسيره ففعلوا ذلك ثم قال يا رسول اللهه انى كنت جاهدا على اطفاء نور الله شديد

الاذى لمن كان على دين الله فأنا احب ان تأذن لى فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله

والى الاسلام لعل الله يهديهم والا آذيتهم في دينهم كما كنت اؤذى اصحابك

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : جعلها في عنقه وجره بها . ( * )

ـ354ـ

في دينهم قال فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة قال وكان صفوان حين

خرج عمير يقول ابشروا بوقعة تأتيكم الآن تنسيكم وقعة بدر وكان صفوان يسأل

عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره عن اسلامه فحلف ان لا يكلمه ابدا

وان لا ينفعه بنفع ابدا .

( ذكر فوائد تتعلق بهذه الاخبار )

بدر بن قريش بن يخلد بن النضر حفر هذه البئر فنسبت اليه . والتحسس

بالحاء ان تستمع الاخبار بنفسك ، وبالجيم ان تفحص عنها بغيرك . واللطيمة العير

تحمل الطيب والبز . وضيعة الرجل حرفته وصناعته . والمقنب زهاء ثلاثمائة من

الخيل . وقوله لاط له بأربعة آلاف درهم اى أربى له ، ، ومنه الحديث " وما كان من

دين لا رهن فيه فهو لياط " وأصل هذه اللفظة من اللصوق . وتغور ما وراءه من القلب

قيد بالعين المهملة وبالغين المعجمة وتشديد الواو ، والسهيلى يقول بضم العين المهملة

وسكون الواو وقال وجاء على لغة من يقول قول القول وبوع المتاع . وحقبت الحرب

اشتدت . ومستنتل امام الصف : متقدم . والعريش ما يستظل به . واطن قدمه اسرع قطعها فطارت اى طنت . والمسكة السوار من الذبل وهو جلد السلحفاة .

واخلف الرجل سيفه مده لحاجته . اقدم حيزوم بضم الدال اقدم الخيل وحيزوم

فرس جبريل وقيل في تقييدها غير ذلك . . مرضخة النوى بالحاء المهملة وبالمعجمة

وقيل الرضح بالمهملة كسر اليابس وبالمعجمة كسر الرطب . وضبث الشئ قبض

ـ355ـ

عليه بيده وضبثه ضربه . وجهيم بن الصلت اسلم عام حنين ووقع في الرواية ابن

ابى الصلت . ومعوذ بن عفراء بكسر الواو وكان الوقشى يأبى الا الفتح . والمجذر

عبدالله بن ذياد ، قال ابوعمر ويقال ذياد والكسر اكثر . وابواسيد مالك

ابن ربيعة قال عياض قال فيه عبدالرزاق ووكيع بضم الهمزة وقال ابن مهدى

بفتحها ، قال احمد بن حنبل والصواب الاول . وابوداود المازنى اسمه عمرو وقيل

عمير بن عامر وكان الجيانى يقول ابوداود . وذكر عياض ان ابن مسعود انما

وضع رجله على عنق ابى جهل لتصدق رؤياه ، قال ابن قتيبة ذكر ان ابا جهل

قال لابن مسعود لاقتلنك فقال والله لقد رأيت في النوم انى اخذت حدجة حنظل

فوضعتها بين كتفيك ورأيتنى اضرب كتفيك بنعلى ولئن صدقت رؤياى لاطأن

على رقبتك ولاذبحنك ذبح الشاة . الحدجة الحنظلة الشديدة ، فلما انقضى امر بدر

انزل الله فيه سورة الانفال بأسرها .

ـ357ـ

( تسمية من شهد بدرا من المسلمين )

من بنى هاشم بن عبد مناف

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة بن ع بدالمطلب وعلى بن ابى طالب

ومن مواليهم زيد بن حارثة وانسة وابوكبشة . ومن حلفائهم ابومرثد حليف

حمزة وابنه مرثد ثمانية . ومن بنى المطلب بن عبد مناف عبيدة بن الحرث بن

المطلب واخواه الطفيل والحصين ومسطح بن اثاثة اربعة . ومن بنى عبد شمس ابن عبد مناف عثمان بن عفان خلفه عليه السلام على ابنته رقية وضرب له بسهمه

واجره فهو معدود فيهم وابوحذيفة بن عتبة بن ربيعة وسالم مولاه وصبيح مولى

ابى العاص بن امية وقيل رجع لمرض اصابه ثم شهد ما بعد بدر . ومن حلفائهم

عبدالله بن جحش وعكاشة بن محصن واخوه ابوسنان وابنه سنان بن ابى سنان

وشجاع وعقبة ابنا وهب ويزيد بن رقيش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة

ابن كبير بن غنم بن دودان وربيعة بن اسد بن خزيمة ومحرز بن نضلة وربيعة

ابن اكتم . ومن حلفاء بنى كبير بن غنم بن دودان ثقف بن عمرو واخواه مالك

ومدلج ويقال مدلاج وابومخشى سويد بن مخشى الطائى حليف لهم سبعة عشر .

ومن بنى نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان وخباب مولاه رجلان . ومن بنى

اسد بن عبدالعزى بن قصى الزبير بن العوام وحاطب بن ابى بلتعة عمرو بن

راشد بن معاذ اللخمى مولى الزبير وسعد مولى حاطب ثلاثة . ومن بنى عبد الدار

ابن قصى مصعب بن عمير وسويبط رجلان . ومن بنى زهرة عبدالرحمن بن

عوف وسعد بن ابى وقاص واخوه عمير . ومن حلفائهم المقداد بن عمرو و عبدالله

ـ358ـ

ابن مسعود ومسعود بن ربيعة وذو الشمالين عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن غبشان

ابن سليم بن ملكان بن افصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة وخباب

ابن الارت بن حندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن عبد مناة بن تميم

لحقه سباء في الجاهلية فاشترته امرأة من خزاعة واعتقته وكانت من حلفاء بنى زهرة

ثمانية . ومن بنى تيم بن مرة ابوبكر الصديق ومولياه بلال وعامر بن فهيرة وصهيب

ابن سنان وطلحة بن عبيد الله " 3 " وكان بالشام فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه

وأجره خمسة . ومن بنى مخزوم ابوسلمة بن عبدالاسد " 3 " وشماس بن عثمان " 3 " والارقم بن ابى الارقم " 3 " وعمار بن ياسر مولاهم " 3 " ومعتب بن عوف السلولى حليف

لهم " 3 " خمسة . ومن بنى عدى بن كعب عمر بن الخطاب " 3 " واخوه زيد ومهجع

مولاه وعمرو بن سراقة " هب " واخوه عبدالله " هب " وواقد بن عبدالله " هب "

وخولى ومالك ابنا ابى خولى " هب " وعامر بن ربيعة " 3 " وعامر " 3 " وخالد " 3 "

واياس " 3 " وعاقل " 3 " بنو البكير وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل " 3 " قدم

من الشام بعد ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه فضرب له بسهمه

واجره اربعة عشر ومن بنى جمح بن عمرو عثمان بن مظعون " 3 " واخواه قدامة

و عبدالله وابنه السائب بن عثمان ومعمر بن الحرث " 3 " خمسة . ومن بنى سهم

خنيس بن حذافة " 3 " رجل واحد . ومن بنى عامر بن لؤى ابوسبرة بن ابى

رهم " ها " و عبدالله بن مخرمة " ها " و عبدالله بن سهيل بن عمرو " ها " وعمرو او عمير

ابن عوف مولى سهيل بن عمرو وسعد بن خولة حليف لهم " ها " خمسة . ومن بنى الحرث

ابن فهر ابوعبيدة بن الجراح " 3 " وعمرو بن الحارث " ها " وسهيل بن وهب " ها " واخوه

صفوان ابنا بيضاء وعمرو بن ابى سرح " ها " خمسة وذكر ابوعمر فيهم وهب بن ابى

سرح اخا عمرو المذكور وحكاه عن موسى بن عقبة ولم نره في مغازيه ويشبه ان يكون

وهما . وقد ذكر ابن هشام عن غير ابن اسحق في بنى عامر بن لؤى وهب بن

ـ359ـ

سعد بن ابى سرح وهو ابن الحرث بن حبيب - ويقال حبيب بتشديد الياء - بن

خزيمة بن مالك بن حسل بن عامر فيمن شهد بدرا وهو عند ابن عقبة ، وذكر

ابن عقبة فيهم عياض بن زهير بن ابى شداد بن ربيعة بن هلال بن اهيب بن

ضبة بن الحارث بن فهر " ها " وبعضهم يقول هلال بن مالك بن ضبة وذكره فيهم ايضا

خليفة بن خياط والواقدى وحكاه ابوعمر عن ابن اسحق من رواية ابراهيم بن

سعد عنه وحاطب بن عمرو العامرى " 3 " ذكره ابن هشام وحكاه ابوعمر عن موسى

ابن عقبة ولم نجده في مغازيه . وممن ذكره ابوعمر فيهم خريم بن فاتك الاسدى

وهو خريم بن الاخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك بن القليب بن عمرو بن اسد

ابن خريمة واخوه سبرة . قال ابوعمر وقد قيل ان خريما هذا وابنه ايمن بن خريم

اسلما جميعا يوم فتح مكة والاول اصح . وقد صحح البخارى وغيره ان خريما

واخاه سبرة شهدا بدرا وهو الصحيح ان شاء الله وطليب بن عمير " ها " قاله الزبير

والواقدى وروى عن ابن اسحق من غير طريق البكائى . وممن ذكر فيهم كثير بن

عمرو السلمى حليف بنى اسد ذكره ابن السراج في روايته عن عمر بن محمد بن

الحسن الاسدى عن ابيه عن زياد عن ابن اسحق وذكر اخويه مالك بن عمرو

وثقف بن عمرو وقد تقدم ذكرهما . قال ابوعمر لم ار كثيرا في غير هذه الرواية

ولعله ان يكون ثقف له لقبا واسمه كثير ويزيد بن الاخنس السلمى " 3 " وابنه معن بن

يزيد وابوه الاخنس ولا يعرف فيمن شهد بدرا ثلاثة اب وجد وابن الا هؤلاء

واكثر اهل العلم بالسير لا يصحح شهودهم بدرا فهؤلاء اربعة وتسعون . وقد روينا

عن هشام بن عروة عن ابيه عن الزبير قال ضربت يوم بدر للمهاجرين بمائة سهم

وشهدها من الانصار ثم من الاوس ثم من بنى عبد الاشهل : سعد بن معاذ

ابن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الاشهل واخوه عمرو والحارث بن

اوس بن معاذ والحرث بن انس بن رافع بن امرئ القيس واخوه شريك وابنه

ـ360ـ

عبدالله ويزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس وابنه عامر واخوه زياد بن

السكن عند ابن الكلبى وحده وابنه عمارة بن زياد وسعد بن ريد " عج " وسلمه بن سلامة

ابن وقش " عج " وعباد بن بشر بن وقش وسلمة بن ثابت بن وقش ورافع بن يزيد

ابن كرز بن سكن بن زعوراء واياس بن اوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الاعلم

ابن عامر بن زعوراء بن جشم اخى عبد الاشهل من ساكنى راتج ( 1 ) واخوه الحارث

ابن اوس عند ابن عقبة . ومن الناس من يقول في عتيك عبيد و ابوالهيثم بن

التيهان " عب " واخوه عبيد ويقال عتيك والحرث بن خزمة بن عدى بن ابى بن غنم

ابن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج حليف لهم ومحمد بن مسلمة

ابن خلف بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث من بنى حارثة وسلمة بن

اسلم بن حريش بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث وعببد الله بن سهل بن

زيد بن كعب بن عامر بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث ثلاثة وعشرون

ومن بنى ظفر وهو كعب بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الاوس قتادة بن النعمان

ابن زيد بن عامر بن سواد بن كعب وعبيد بن اوس بن مالك بن سواد ونضر

ابن الحرث بن عبيد بن رزاح بن كعب ومعتب بن عبيد عمه . ومن حلفائهم

عبدالله بن طارق البلوى خمسة . ومن بنى حارثة بن الحراث بن الخزرج مسعود

ابن عبد سعد بن عامر بن عدى بن جشم بن مجدعة بن حارثة وابوعبس

عبدالرحمن بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم ومن حلفائهم من بلى ابوبردة

هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم

ابن كاهل بن ذهل بن هنى اخى فران ابنى بلى اخى بهراء ابنى عمرو بن الحاف

ابن قضاعة ثلاثة . ومن بنى عمرو بن عوف بن مالك بن الاوس ثم من بنى ضبيعة

ابن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف عاصم بن ثابت بن ابى الاقلح

* ( هامش ) * ( 1 ) " راتج " اطم من آطام اليهود في المدينة وتسمى الناحية به . ( * )

ـ361ـ

قيس بن عصمة بن مالك بن امية بن ضبيعة ومعتب بن قشير بن مليك بن زيد

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 361 سطر 1 الى ص 370 سطر 22

قيس بن عصمة بن مالك بن امية بن ضبيعة ومعتب بن قشير بن مليك بن زيد

ابن العطاف بن ضبيعة وابومليك بن الازعر بن زيد بن العطاف بن ضبيعة

وعمير بن معبد بن الازعر بن زيد بن العطاف بن ضبيعة اربعة . ومن بنى امية

ابن زيد بن مالك مبشر بن عبدالمنذر بن زنبر بن زيد بن امية ورفاعة بن عبد

المنذر بن زنبر وسعد بن عبيد بن النعمان بن قيس بن عمرو بن زيد بن امية وعويمر

ابن ساعدة " عب " ورافع بن عنجدة وهى امه وابوه عبد الحارث حليف لهم من

بلى وعبيد بن ابى عبيد وثعلبة بن حاطب وزعموا ان ابا لبابة بن عبدالمنذر

والحارث بن حاطب بن عمر بن عبيد بن امية بن زيد خرجا مع رسول الله صلى

الله عليه وسلم فرجعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر ابا لبابة على المدينة

فضرب لهما سهمين مع اصحاب بدر تسعة نفر . ومن بنى عبيد بن زيد بن مالك

انيس وخداش ابنا قتادة بن ربيعة بن مطروف بن الحارث بن زيد بن عبيد واسم

مطروف خالد . ومن حلفائهم من بلى معن بن عدى بن الجد بن العجلان بن ضبيعة

واخوه عاصم ضرب له بسهمه في بدر وثابت بن اقرم - ويقال اقرن - بن ثعلبة بن

عدى بن العجلان و عبدالله بن سلمة بن مالك بن الحرث بن عدى بن الجد

ابن العجلان وزيد بن اسلم بن ثعلبة بن عدى المذكور . وربعى بن رافع بن

الحرث بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان ثمانيه نفر . ومن بنى معاوية بن

مالك بن عوف بن عمرو بن عوف جبر بن عتيك بن قيس بن هيشة بن الحارث

ابن امية بن معاوية وعمه الحارث بن قيس . ومن حلفائهم مالك بن نميلة بن

مزينة ونميلة امه وهو مالك بن ثابت والنعمان بن عصر بن عبيد بن رائلة بن جارية

ابن ضبيعة بن حرام بن جعيل بن عمرو بن جشم بن وذم بن ذبيان بن هميم بن

كاهل بن دهل بن هنى بن بلى . وعصر بفتحتين عند ابن الكلبى ومكسور العين

ساكن الصاد عند ابن اسحق والواقدى وابى معشر وابن عقبة قاله الدمياطى

ـ362ـ

اربعة . ومن بنى حنش بن عوف بن عمرو بن عوف سهل بن حنيف بن واهب

ابن العكيم بن ثعلبة بن الحرث بن مجدعة بن عمرو بن حنش رجل . ومن بنى

كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف المنذر بن محمد بن عقبة بن احيحة بن الجلاح

ابن الحريش بن جحجبا بن كلفة . ومن حلفائهم ابوعقيل عبدالرحمن بن عبد

الله بن ثعلبة بن ببحان بن عامر بن الحارث بن مالك بن عامر بن انيف بن جشم

ابن عائذ الله بن تميم بن عوف بن مناة بن ناج بن تيم بن اراش بن عامر بن عبيلة بن

قسميل بن فران بن بلى رجلان . ومن بنى ثعلبة بن عمرو بن عوف عبدالله بن جبير بن

النعمان بن امية بن البرك وهو امرؤ القيس بن ثعلبة واخوه خوات بن جبير قيل خرج إلى بدر

فكسر بالروحاء فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه واجره وعمهما الحارث بن النعمان

وابوضياح النعمان بن ثابت بن النعمان بن امية والنعمان والحرث ابنا ابى خزمة بن

النعمان بن امية بن البرك وابوحبة - بالباء - بن ثابت اخو اببى ضياح عند ابن القداح

وابوحنة - بالنون - بن مالك بن عمرو بن ثابت بن كلفة بن ثعلبة وسالم بن عمير بن

ثابت بن كلفة وعاصم بن قيس بن ثابت بن كلفة بن ثعلبة عشرة .

ومن بنى غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الاوس سعد بن خيثمة

والمنذر ومالك ابنا قدامة بن الحرث بن مالك بن كعب بن النحاط والحرث بن

عرفجة بن الحارث بن مالك ذكره ابن عقبة والواقدى وغيرهما وتميم مولى بنى

غنم بن السلم خمسة . فجملة من ذكرنا من الاوس اربعة وسبعون . ( 1 )

وشهدها من الانصار ثم من الخزرج ثم من بنى مغالة : وهم بنو عدى بن عمرو

ابن مالك بن النجار ابوشيخ ابى بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد

مناة بن عدى واخوه اوس وابوطلحة زيد بن سهل بن الاسود بن حرام بن عمرو

ابن زيد مناة بن عدى المذكور ثلاثة . ومن بنى حديلة وهى بنت مالك بن زيد

* ( هامش ) * ( 1 ) في هامش الاصل " بلغ مقابلة لله الحمد " . ( * )

ـ363ـ

مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج وهى ام

معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار انس بن معاذ بن انس بن قيس بن عبيد

ابن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار وابى بن كعب " عج " وابوحبيب

ابن زيد بن الحباب بن انس بن زيد بن عبيد بن زيد بن معاوية قاله ابن الكلبى

ثلاثة . ومن بنى غنم بن مالك بن النجار ابوايوب خالد بن زيد " عج " وعمارة بن

حزم " عج " وثابت بن خالد بن النعمان بن خنساء بن عشيرة وقال ابن هشام عشيرة بن عبد

ابن عوف بن غنم وسراقة بن كعب بن عمرو بن عبدالعزى بن عزية بن عمر

ابن عبد بن غوف بن غنم بن مالك بن النجار ومنهم من اسقط بعد كعب عمرا

اربعة . ومن بنى ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار سليم بن قيس بن فهد واسمه

خالد بن قيس بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم وحارثة بن النعمان بن يفع

ابن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم وسهيل واخوه سهل ابنا رافع بن ابى عمرو

ابن عائذ بن ثعلبة بن غنم ومسعود بن اوس بن زيد بن اصرم بن زيد بن ثعلبة

ابن غنم واخوه ابوخزيمة بن اوس ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد بن ثعلبة

ابن غنم كذا عند الواقدى سواد وعند ابن عمارة الاسود سبعة . ومن بنى سواد

ابن غنم بن مالك بن النجار كذا عند ابن الكلبى ، وابن سعد يقول سواد بن مالك

ابن غنم بن مالك معاذ " عب " ومعوذ وعوف " عا " بنو الحارث بن رفاعة وامهم عفراء

بنت عبيد وهم ثلاثة عند ابى معشر والواقدى وابن القداح وكان ابن اسحق يزيد

فيهم رابعا يسميه رفاعة شهد عنده بدرا وانكره الواقدى والنعمان بن عمرو " عج " والنعيمان

ابن عمرو وعامر بن مخلد بن الحارث بن سواد و عبدالله بن قيس بن خلدة بن

الحرث بن سواد وعمرو بن قيس بن زيد بن سواد مذكور في البدريين عند ابى

معشر وابن القداح والواقدى وقيس ابنه عندهم ايضا ولم يذكرهما في البدريين

ابن عقبة ولا ابن اسحق ، وثابت بن عمرو بن زيد بن عدى بن سواد عشرة .

ـ364ـ

ومن بنى مبذول وهو عامر بن مالك بن النجار ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو

ابن عتيك بن عمرو بن عامر والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك خرج إلى

بدر فكسر بالروحاء فرده عليه السلام وضرب له بسهمه وأجره وسهل بن عتيك " عج " وعامر بن سعد بن عمرو بن ثقف واسمه كعب بن مالك بن مبذول ذكره ابن عمارة قال ابن

سعد ولم يذكره غيره . ومن حلفائهم عدى بن ابى الزغباء سنان بن سبيع بن

ثعلبة بن ربيعة بن زهرة بن بديل بن سعد بن عدى بن نصر بن كاهل بن مالك

ابن غطفان بن قيس بن جهينة حليف بنى عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن

النجار ووديعة بن عمرو بن جراد بن يربوع بن طحيل بن عمرو بن غنم بن الرابعة

ابن رشدان بن قيس بن جهينة حليف بنى سواد بن غنم بن مالك النجار

وابومعشر يسميه رفاعة بن عمرو وعصيمة حليف لهم من اشجع لم يذكره ابن عقبة

وذكره غيره كذا قال ابن سعد ، والذى قال في السيرة ان عصيمة من بنى اسد

ابن خزيمة وانه حليف بنى مازن بن النجار وكذا ذكره ابن سعد في بنى مازن

سبعة . ومن بنى عدى بن النجار ثم من بنى عدى بن مالك بن عدى بن النجار

حارثة بن سراقة بن الحرث بن عدى وهو اول قتيل بعد مهجع وعمرو بن ثعلبة

ابن وهب بن عدى ومحرر بن مالك بن عامر بن عدى وسليط بن قيس بن عمرو

ابن عبيد بن مالك بن عدى وابوسليط عسيرة بن ابى خارجة عمرو بن قيس

ابن مالك بن عدى وذكر الكلبى ان اباه خارجة شهد بدرا وفيه نظر

وعامر بن امية بن زيد بن الحسحاس بن مالك بن عدى وابوصرمة قيس بن

ابى قيس صرمة بن ابى انس قيس بن صرمة بن مالك بن عدى قال ابوعمر

ولم يختلف في شهوده بدرا ولم يذكره فيهم ابن عقبة ولا ابن اسحق ولا ابن سعد

وهذا عجيب من ابى عمر رحمه الله ثمانية . ومن بنى حرام بن جندب بن عامر

 

ابن غنم بن عدى بن النجار ابوالاعور الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام

ـ365ـ

وحرام وسليم ابنا ملحان بن خالد بن زيد بن حرام امهما مليكة بنت مالك بن

عدى بن زيد مناة بن عدى بن عمرو بن مالك بن النجار . ومن حلفاء بنى عدى

ابن النجار سواد بن غزية بن وهب من بلى وهو الذى قال له النبى صلى الله عليه

وسلم استقدمنى وهو الذى اسر خالدا والعاصى والحارث اخوة ابى جهل بن هشام

اربعة . ومن بنى عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن عبدالله بن

كعب ببن عمرو واحد . ومن بنى خنساء بن مبذول المذكور ابوداود عمير بن

عامر بن مالك بن خنساء وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء اثنان . ومن بنى

ثعلبة بن مازن بن النجار قيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن الحارث

ابن ثعلبة وابوحبس المازنى تميم بن عبد عمرو بن قيس بن محرث بن الحرث بن

ثعلبة . قال ابوعمر شهد بدرا وقال شيخنا الحافظ ابومحمد الدمياطى وهذا غير ثابت

وكذا هو عند ابن سعد معدود في الطبقة الثالثة ممن شهد الخندق وما بعدها اثنان .

ومن بنى دينار بن النجار سليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن عبد الاشهل بن

حارثة بن دينار والنعمان والضحاك ابنا عبد عمرو وكعب بن زيد بن قيس بن مالك

ابن كعب بن عبد الاشهل وسعيد بن سهل بن مالك بن كعب بن عبد الاشهل ،

وابن اسحق وابومعشر يقولان في سهل سهيل وبجير بن ابى بجير حليف لهم من

بلى او جهينة ستة . ومن بنى الحارث بن الخزرج ثم من بنى مالك الاغر بن ثعلبة

ابن كعب بن الخزرج عبدالله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الاصغر بن

عمرو بن امرئ القيس الاكبر بن مالك الاغر قال ابن سعد ليس له عقب وليس

كذلك وسعد بن الربيع " ق " وخارجة بن زيد " عج " وخلاد بن سويد " عج " وبشير

ابن سعد " عج " وسماك بن سعد اخوه ستة . ومن بنى حارثة بن ثعلبة بن كعب

ابن الخزرج بن الحارث بن الخزرج يزيد بن الحرث بن قيس بن مالك بن احمر

ابن حارثة واحد . ومن بنى عدى بن كعب بن الخزرج خبيب بن يساف ويقال

ـ366ـ

اساف بن عنبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم وعن حبيب بن عبدالرحمن ان

جده خبيبا هذا ضرب يوم بدر فمال شقه فتفل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولامه ورده فانطلق واحد . ومن بنى زيد مناة . وبعضهم يسقط مناة بن الحرث بن

الخزرج عبدالله بن زيد بن عبد ربه صاحب الاذان " عج " واخوه حريث وسفيان بن

نسر ويقال بشر بن عمرو بن الحرث بن كعب بن زيد مناة ثلاثة . ومن بنى

عوف بن الحارث بن الخزرج ثم من بنى جدارة بن عوف تميم بن يعار بن قيس

ابن عدى بن امية بن جدارة وابن عمه زيد بن المزين بن قيس بن عدى وعبد

الله بن عمير بن حارثة بن ثعلبة بن خلاس بن امية بن جدارة لم يذكره ابن عمارة

في البدريين وذكره غيره و عبدالله بن عرفطة بن عدى بن امية بن جدارة كذا

نسبه ابن اسحق وابن سعد يقول عبدالله بن عرفطة حليف لهم وعقبة بن عمرو

ابومسعود البدرى " عج " عده البخارى في البدريين ، والمشهور انه لم يشهد بدرا

وانما هو منسوب إلى المات خمسة . ومن بنى الابجر خدرة بن عوف عبدالله بن

الربيع " عج " واحد . ومن بنى طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج

سعد بن عبادة " ق " وقع في صحيح مسلم ولم يصح شهوده بدرا وعبد ربه بن حق

ابن اوس بن عامر بن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف اثنان . ومن بنى ثعلبة

ابن الخزرج بن ساعدة المنذر بن عمرو " ق " وابودجانة سماك بن خرشة ابولوذان

ابن عبدود ببن زيد بن ثعلبة وابن الكلبى يقول سماك بن اوس بن خرشة اثنان .

ومن بنى عمرو بن الخزرج بن ساعدة ابواسيد مالك بن ربيعة بن البدن

وبعضهم يقول اليدى - بن عامر وقيل عمرو بن عوف بن حارثة بن عمرو وقيل البدن

وهو عامر او عمرو بن عوف وابن عمه مالك بن مسعود بن البدن وسعد بن سعد

ابن مالك بن خالد بن تعلبة بن حارثة بن عمر تجهز لبدر فمات فضرب له رسول

الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره . ومن حلفائهم بسبس بن عمرو بن ثعلبة

ـ367ـ

ابن خرشة بن عمرو بن سعد بن ذبيان بن رشدان بن قيس بن جهينة واخواه زياد

وضمرة وبعضهم يقول في ضمرة ابن اخى زياد ، وعند ابن سعد زياد بن كعب

ابن عمرو بن عدى بن عامر بن رفاعة بن كليب بن مودعة بن عدى بن غنم بن

الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة و عبدالله بن عامر البلوى وكعب بن جماز ،

وبعضهم يقول حماز وعند الزمخشرى حماز - بن مالك بن ثعلبة بن خرشة ، وبعضهم

يسقط من نسبه مالكا ثمانية . ومن بنى الحبلى اوس بن خولى بن عبدالله بن

الحرث بن عبيد بن مالك بن سالم الحبلى وريد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن

جزى بن عدى بن مالك بن سالم ورفاعة بن عمرو " عج " وابنه مالك " عج "

ذكره الاموى فيمن شهد العقبة وبدرا ومعبد بن عبادة بن قشعر - ويقال قشير -

ابن الفدم بن سالم بن مالك بن سالم . ومن حلفائهم عقبة بن وهب " عج " وعامر

ابن سلمة بن عامر وعاصم بن العكير من مزينة ثمانية . ومن بنى غنم بن عوف

ابن الخزرج وهو قوقل عبادة بن الصامت " عب " والنعمان الاعرج بن مالك بن

ثعلبة بن اصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم والنعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد بن

فهر بن ثعلبة بن غنم ومالك بن الدخشم " عج " والحرث بن خزمة بن عدى بن

ابى غنم حليف لبنى عبد الاشهل من الاوس ونوفل بن عبدالله بن نضلة بن مالك

ابن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم وعتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان ومليل

ابن وبرة بن خالد بن العجلان وابن اخيه عصمة بن الحصين بن وبرة عند ابن

القداح والواقدى وهبيل اخوه ذكره ابراهيم بن المنذر قال حدثنى عبدالله بن محمد

ابن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة عن ابيه فيمن شهد بدرا ، حكاه ابوعمر

وفيه نظر ، وثابت بن هزال بن عمرو بن قريوش بن غنم بن امية بن لوذان بن

سالم والربيع وودفة ابنا اياس بن عمرو بن غنم بن امية . ومن حلفائهم المجذر بن

ذياد بن عمرو بن زمزمه بن عمرو بن عمارة بن مالك بن غصينة بن عمرو بن بثيرة بن مشنوء

ـ368ـ

ابن القشر بن تيم بن عوذ مناة بن ناج بن تيم بن اراشه بن عامر بن عميلة بن قسميل بن

فران بن بلى بن عمرو بن الحاف بن قضاعة وعند ابن اسحق مشنو بن قشر بن تيم بن اراش

ابن عامر باسقاط ما زاد على ذلك البلوى وعبدة بن الحسحاس عند الواقدى مهملة الحاء

والسين ومعجمتهما عند ابن اسحق وقيل عبادة . وبحاث بن ثعلبة بن خزمة بن اصرم

ابن عمرو بن عمارة بالباء الموحدة وآخرها ثاء مثلثة عند ابن الكلبى وعند ابن

اسحق بالنون وآخرها باء موحدة ، واخوه عبد الله بن ثعلبة وعتبة بن ربيعة بن

خالد بن معاوية من بنى بهراء اخى بلى ابنى عمرو بن الحاف بن قضاعة وابن هشام

وابن القداح يقولان من بنى بهر . الابهراء قال ابوعمر وقد اختلف في شهوده بدرا

وعمرو بن اياس بن زيد بن جشم من اهل اليمن من غسان تسعة عشر . ومن بنى

سلمة بن سعد بن على بن اسد بن ساردة بن تزيد بن جشم ، تم من بنى حرام بن

كعب بن غنم بن سلمة عبدالله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن عمرو بن حرام

ابوجابر وقد ذكر فيهم ابنه جابر قال الواقدى غلط من عده في البدريين من اهل

العراق لم يذكره ابن عقبة ولا ابن اسحق ولا ابومعشر وعمرو بن الجموح " عج "

واخوته معوذ وخلاد ومعاذ وخراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح بن زيد بن

حرام واخوه معاذ بن الصمة ، وقال محمد بن عمر ليس بثبت ولا مجمع عليه ، وعمير

ابن حرام بن عمرو بن الجموح شهد بدرا عند الواقدى وابن عمارة ، ولم يذكره

ابن عقبة ولا ابن اسحق ولا ابومعشر ، وعمير بن الحمام بن الجموح والحباب بن

المنذر بن الجموح وعقبة بن عامر بن نابى " عا " وعمير بن عامر اخوه شهد بدرا

وغيرها عند ابن الكلبى ، وقال الدمياطى ولم ار من تابع ابن الكلبى على ذكره

في الصحابة ، وثابت بن ثعلبة وهو ابن الجذع وعمرو " عج " وقيل عمير بن الحارث .

ومن مواليهم تميم مولى خراش بن الصمة وحبيب بن الاسود سبعة عشر ومن

بنى سنان بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عمرو بن طلق بن زيد بن امية

ـ369ـ

ابن سنان ، ولم يذكره ابن عقبة واحد . ومن بنى عبيد بن عدى بن غنم بن كعب

ابن سلمة البراء بن معرور " ق " وابنه بشر و عبدالله بن الجد بن قيس بن صخر

ابن خنساء بن سنان بن عبيد وعتبة بن عبدالله بن صخر بن خنساء بن سنان

وسنان بن صيفى " عج " والطفيل بن مالك " عج " والطفيل بن النعمان بن خنساء " عج "

قال ابن سعد ولا احسبه الا وهلا وجبار بن صخر " عج " ويزيد بن خذام ( 1 )

ومسعود بن زيد " عج " عشرة . ومن بنى خناس بن سنان بن عبيد يزيد بن

المنذر " عج " واخوه معقل " عج " و عبدالله بن النعمان بن بلذمة ( 2 ) بن خناس وابو

قتادة بن ربعى بن بلذمة بن خناس مختلف في شهوده بدرا . اربعة . ومن بنى

النعمان بن سنان بن عبيد عبدالله بن عبد مناف بن النعمان وخليد وخلاد ولبدة

بنو قيس بن النعمان وجابر بن عبدالله بن رئاب بن النعمان . خمسة . ومن بنى ثعلبة

ابن عبيد بن عدى بن غنم بن كعب بن سلمة الضحاك بن حارثة " عج " وسواد

بن رزن بن زيد بن ثعلبة . اثنان . ومن بنى ربيعة بن عبيد معبد بن قيس بن

صيفى بن صخر بن حرام بن ربيعة واخوه عبدالله وحمزة بن الحمير من حلفائهم

وابن اسحق يسميه خارجة - واخوه عبدالله والنعمان بن سنان مولى لهم . خمسة .

ومن بنى سواد بن غنم بن كعب بن سلمة قطبة بن عامر بن حديدة " عا " وابن

عمه سليم بن عمرو بن حديدة وابواليسر كعب بن عمرو " عج " وصيفى بن

سواد " عج " وثعلبة بن عنمة " عج " وعببس بن عامر بن سنان " عج " وسهل

ابن قيس بن ابى بن كعب بن عمرو بن القين بن كعب بن سواد . ومن حلفائهم

معاذ بن جبل " عج " . ثمانية . ومن بنى زريق ذكوان بن عبد قيس " عب " وسعد

ابن عثمان بن خلدة واخوه عقبة وابن عمهما قيس بن محصن بن خلدة بن مخلد

* ( هامش ) * ( 1 ) بالخاء المعجمة والذال المعجمة ، وقيل " حرام " بالمهملة والراء .

( 2 ) بفتح الباء الموحدة وسكون اللام وفتح الذال المعجمة ، وقيل بالمهملة . ( * )

ـ370ـ

ابن عامر بن زريق والحارث بن قيس " عج " وجبير بن اياس بن خلدة بن مخلد

ابن عامر بن زريق ومسعود بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق وعباذ بن قيس " عج "

ورافع بن مالك " عج " وابناه رفاعة وخلاد وعبيد بن زيد بن عامر بن العجلان بن عمرو

ابن عامر بن زريق والعجلان بن النعمان بن عامر بن العجلان واسعد بن يزيد

ابن الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر بن زريق والفاكه بن بشر بن الفاكه

ابن زيد بن خلدة ومعاذ وعائذ ابنا ماعص بن قيس بن خلدة بن عامر ومسعود

ابن سعد بن قيس بن خلدة بن عامر ، ومن حلفائهم من بنى مالك اخى الحارث

رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عدى بن مالك واخوه

هلال بن المعلى ولم يذكره ابن اسحق قال ابن الكلبى وشهد رافع وراشد وهلال

وابوقيس بنو المعلى بدرا ولم يذكر ابن اسحق منهم سوى رافع . اثنان وعشرون

ومن بنى بياضة بن عامر بن زريق زياد بن لبيد " عج " وخليفة بن عدى بن عمرو

ابن مالك بن عامر بن بياضة وفروة بن عمرو " عج " وغنام بن اوس بن عمرو بن

مالك بن عامر بن بياضة ذكره ابن الكلبى وخالد بن قيس " عج " ورحيلة بن

ثعلبة بن خالد بن ثعلبة بن عامر بن بياضة وعطية بن نوير بن عامر بن عطية بن

عامر بن بياضة قاله ابن الكلبى . سبعة .

فجملة من ذكرنا من الخزرج مائة وخمسة وتسعون ، ومن الاوس اربعة

وسبعون ، ومن المهاجرين اربعة وتسعون فذلك ثلاثمائة وثلاثة وستون . وهذا

العدد اكثر من عدد اهل بدر وانما جاء ذلك من جهة الخلاف في بعض من

ذكرنا ، وقد تقدم نظير ذلك في اهل العقبة والله اعلم . وكان معهم من الخيل

فرس مرثد بن ابى مرثد الغنوى السبل وفرس المقداد بعرجة ويقال سبحة وقيل

وفرس الزبير اليعسوب وقال ابن عقبة ويقال كان مع النبى صلى الله عليه وسلم

ـ371ـ

فرسان على احدهما مصعب بن عمير وعلى الاخرى سعد بن خيثمة ومرة الزبير

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 371 سطر 1 الى ص 380 سطر 6

فرسان على احدهما مصعب بن عمير وعلى الاخرى سعد بن خيثمة ومرة الزبير

ابن العوام ومرة المقداد بن الاسود .

واستشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من المسلمين عبيدة بن الحرث

وعمير بن ابى وقاص - وكانت سنه ستة عشر او سبعة عشر عاما - وعمير بن الحمام

من بنى سلمة من الانصار وسعد بن خيثمة من بنى عمرو بن عوف من الاوس وذو

الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة الخزاعى حليف ببنى زهرة ومبشر بن عبدالمنذر

من بنى عمرو بن عوف وعاقل بن البكير الليثى ومهجع مولى عمر حليفا بنى عدى

وصفوان بن بيضاء الفهرى ويزيد بن الحرث من بنى الحرث بن الخزرج ورافع

ابن المعلى - وفد تقدم الخلاف في اخيه هلال - وحارثة بن سراقة من بنى النجار

وعوف ومعوذ ابنا عفراء اربعة عشر : ستة من المهاجرين وثمانية من الانصار : ستة

من الخزرج واثنان من الاوس .

وقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون . وروينا من طريق البخارى قال

حدثنى عمر بن خالد ثنا زهير ثنا ابواسحق قال سمعت البراء قال جعل النبى صلى الله عليه وسلم

على الرماة يوم أحد عبدالله بن جبير فأصابوا منا سبعين وكان النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه

يوم بدر اصاب من المشركين اربعين ومائة سبعين اسيرا وسبعين قتيلا . ( 1 ) فمن مشاهير القتلى : من بنى عبد شمس حنظلة بن ابى سفيان قتله زيد بن

حارثة وعبيدة بن سعيد بن العاص قتله الزبير واخوه العاصى بن سعيد قتله على

وقيل غيره وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة قتلهم حمزة وعبيدة وعلى كما

تقدم وعقبة بن ابى معيط قتله عاصم بن ثابت صبرا وقيل بل على بأمر رسول الله

صلى الله عليه وسلم له بذلك والحرث بن عامر بن نوفل قتله على وطعيمة بن عدى

قتله حمزة وقيل بل قتل صبرا والاول اشهر وزمعة بن الاسود بن المطلب بن اسد

* ( هامش ) * ( 1 ) في هامش الاصل " بلغ مقابلة لله الحمد " . ( * )

ـ372ـ

وابنه الحرث بن زمعة واخوه عقيل بن الاسود وا بوالبخترى بن العاصى بن هشام

وقد تقدم الخلاف في قاتله من هو ونوفل بن خويلد بن اسد قتله على وقيل الزبير

والنضر بن الحرث قتل صبرا بالصفراء وعمير بن عثمان عم طلحة بن عبيد الله بن

عثمان وابوجهل بن هشام واخوه العاصى بن هشام قتله عمر ومسعود بن ابى امية

المخزومى اخو ام سلمة وابوقيس بن الوليد اخو خالد بن الوليد وقيس بن الفاكه

ابن المغيرة والسائب بن ابى السائب المخزومى وقد قيل لم يقتل يومئذ واسلم بعد

ذلك ومنبه ونبيه ابنا الحجاج بن عامر السهمى والعاصى والحارث ابنا منبه بن

الحجاج وامية بن خلف الجمحى وابنه على .

وأسر يومئذ : مالك بن عبيد الله اخو طلحة فمات اسيرا وحذيفة بن ابى حذيفة

ابن المغيرة ثم قتل وقيل اخوه هشام بن ابى حذيفة ، وأسر من بنى مخزوم ومن

حلفائهم يومئذ اربعة وعشرون رجلا . ومن بنى عبد شمس وحلفائهم اثنا عشر

رجلا منهم عمرو بن ابى سفيان والحرث بن ابى وحرة بن ابى عمرو بن امية وابو

العاصى بن الربيع صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته زينب . واسر من

بنى هاشم العباس بن ع بدالمطلب وعقيل بن ابى طالب ونوفل بن الحرث بن عبد

المطلب . ومن بنى المطلب بن عبد مناف السائب بن عبيد والنعمان بن عمرو .

ومن بنى نوفل عدى بن الخيار . ومن بنى عبد الدار ابوعزيز بن عمير . ومن سائر

قريش السائب بن ابى حبيش والحرث بن عامر بن عثمان بن اسد وخالد بن هشام

اخو ابى جهل وصيفى بن ابى رفاعة واخوه ابوالمنذر بن ابى رفاعة والمطلب بن

حنطب وخالد بن الاعلم وهو القائل :

ولسنا على الاعقاب تدمى كلومنا * ولكن على اقدامنا تقطر الدما

وهو اول من فر يوم بدر فأدرك وأسر وعثمان بن عبد شمس بن حابر المازنى

ـ373ـ

حليف لهم وهو ابن عمة عتبة بن غزوان وامية بن ابى حذيفة بن المغيرة وابوقيس

ابن الوليد اخو خالد بن الوليد وعثمان بن عبدالله بن المغيرة وابوعطاء عبدالله

ابن ابى السائب بن عابد المخزومى وابووداعة بن صبيرة السهمى - وهو اول اسير

فدى منهم - وعبد الله بن ابى بن خلف الجمحى واخوه عمرو وابوعزة الجمحى وسهيل

ابن عمرو العامرى وعبد بن زمعة ( 1 ) بن قيس العامرى وعبيد الله بن حميد بن

زهير الاسدى . هؤلاء المشاهير من الاسرى والقتلى ، نقلت ذلك عن ابى عمر ولولا

خشية الاطالة لاتيت عليهم ، وكان الفداء من اربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى

الفين إلى الف درهم . وروينا عن ابن سعد قال انا الفضل بن دكين قال ثنا

اسرائيل عن جابر بن عامر قال اسر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سبعين

اسيرا وكان يفادى بهم على قدر اموالهم وكان اهل مكة يكتبون واهل المدينة

لا يكتبون فمن لم يكن عنده فداء دفع اليه عشرة غلمان من غلمان المدينة يعلمهم

فاذا حذقوا فهو فداؤه . وروينا عنه قال انا محمد بن عبدالله الانصارى فثنا هشام

ابن حسان فثنا محمد بن سيرين عن عبيدة ان جبريل نزل على النبى صلى الله عليه وسلم في

اسارى بدر فقال ان شئتم قتلتموهم وان شئتم اخذتم منهم الفداء ويستشهد ( 2 ) قابل منكم سبعون قال فنادى النبى صلى الله عليه وسلم في اصحابه فجاءوا او من جاء

منهم فقال ان هذا جبريل يخبركم بين ان تقدموهم فتقتلوهم وبين ان تفادوهم

ويستشهد قابل منكم بعدتهم فقالوا بل نفاديهم فنتقوى به عليهم ويدخل قابل منا

الجنة سبعون ففادوهم .

* ( هامش ) * ( 1 ) في الاصل " عبدالله بن زمعة " وهو خطأ .

( 2 ) في نسخة " واستشهد " وفى اخرى " وليستشهد " ( * )

ـ374ـ

( ذكر من اسلم من اسرى بدر بعد ذلك )

العباس بن ع بدالمطلب . عقيل بن ابى طالب . نوفل بن الحارث بن ع بدالمطلب .

ابوالعاص بن الربيع . ابوعزيز بن عمير العبدزى . السائب بن ابى حبيش . خالد بن

هشام المخزومى . عبدالله بن ابى السائب . المطلب بن حنظب . ابووداعة السهمى .

عبدالله بن ابى خلف الجمحى . وهب بن عمير الجمحى . سهيل بن عمرو العامرى .

عبد بن زمعة اخو سودة . قيس بن السائب المخزومى . نسطاس مولى امية بن خلف .

ويذكر ان العباس كان جسيما اسره ابواليسر كعب بن عمرو وكان دميما فقيل

للعباس لو اخذته بكفك فقال ما هو الا ان لقيته فظهر في عينى

كالخندمة ، والخندمة جبل من جبال مكة .

( فضل من شهد بدرا )

روينا من طريق البخارى حدثنى اسحق بن ابراهيم قال انا جرير عن يحيى

ابن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقى عن ابيه وكان ابوه من اهل بدر

قال جاء جبريل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما تعدون اهل بدر فيكم قال من افضل

المسلمين او كلمة نحوها قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة .

ـ375ـ

( ما قيل من الشعر في بدر )

حمزة بن ع بدالمطلب رضى الله عنه :

ألم تر أمرا كان من عجب الدهر * وللحين اسباب مبينة الامر

وما ذاك الا ان قوما افادهم * فحانوا تواص بالعقوق وبالكفر

عشية راحوا نحو بدر جميعهم * فكانوا رهونا للركية ( 1 ) من بدر

وكنا طلبنا العير لم نبغ غيرها * فساروا الينا فالتقينا على قدر

فلما التقينا لم تكن مثنوية * لنا غير طعن بالمثقفة السمر

وضرب ببيض يجتلى الهام حدها * مشهرة الالوان بينة الاثر

ونحن تركنا عتبة الغى ثاويا * وشيبة في قتلى تجرجم في الجفر

وعمر وثوى فيمن ثوى من حماتهم * فشقت جيوب النائحات على عمرو

جيوب نساء من لؤى بن غالب * كرام تفرعن الذوائب من فهر

اولئك قوم قتلوا في صلابهم * وخلوا لواء غير محتضر النصر

لواء ضلال قاد ابليس اهله * فخاس بهم ان الخبيث إلى غدر

وقال لهم اذ عاين الامر واضحا * برئت اليكم ما بى اليوم من صبر

فانى ارى ما لا ترون واننى * اخاف عقاب الله والله ذو قسر ( 2 )

فقدمهم للحين حتى تورطوا * وكان بما لم يخبر القوم ذا خبر

فكانوا غداة البئر الفا وجمعنا * ثلاث مئين كالمسدمة الزهر

وفينا جنود الله حين يمدنا * بهم في مقام ثم مستوضح الذكر

فشد بهم جبريل تحت لوائنا * لدى مازق فيه مناياهم تجرى

* ( هامش ) * ( 1 ) الركية : البئر .

( 2 ) في نسخة " ذو قهر " . ( * )

ـ376ـ

فاد الرجل فيدا وفودا مات وافاده الله . . والجفر البئر غير المطوية . والمسدمة

من قولهم فحل سدم اذا كان هائجا . والمازق موضع الحرب . ومن الناس من ينكرها

لحمزة . فأجابه الحارث بن هشام المخزومى :

ألا يا لقوم للصبابة والهجر * وللحزن منى والحزازة في الصدر

وللدمع من عينى جودا كأنه * فريد هوى من سلك ناظمه يجرى

على البطل الحلو الشمائل اذ ثوى * رهين مقام للركية من بدر

فلا تبعدن يا عمرو من ذى القرابة * ومن ذى ندام كان من خلق غمر

فان يك قوم صادفوا منك دولة * ولا بد للايام من دول الدهر

فقد كنت في صرف الزمان الذى مضى * تريهم هوانا منك ذا سبل وعر

في ابيات .

ومما يعزى لعلى بن ابى طالب رضى الله عنه في ابيات :

ألم تر ان الله ابلى رسوله * بلاء عزيز ذى اقتدار وذى فضل

بما انزل الكفار دار مذلة * فلاقوا هوانا من اسار ومن قتل

فأجابه الحارث بن هشام :

عجبت لاقوام تعنى سفيههم * بأمر سفاه ذى اعتراض وذى بطل

تغنى بقتلى يوم بدر تتابعوا * كرام المساعى من غلام ومن كهل

مصاليت بيض من ذؤابة غالب * مطاعين في الهيجا مطاعيم في المحل

اصيبوا كراما لم يبيعوا عشيرة * بقوم سواهم نازحى الدار والاهل

كما اصبحت غسانة فيكم بطانة * لكم بدلا منا فيا لك من فعل

ـ377ـ

عقوقا واثما بينا وقطيعة * يرى جوركم فيها ذو الرأى والعقل

فان يك قوم قد مضوا لسبيلهم * وخير المنايا ما يكون من القتل

فلا تفرحوا ان تقتلوهم فقتلهم * لكم كائن خبلا مقيما على خبل

في ابيات ذكرها .

وقال ضرار بن الخطاب الفهرى :

عجبت لفخر الاوس والحين دائر * عليهم غدا والدهر فيه بصائر

وفخر بنى النجار ان كان معشر * ببدر اصيبوا كلهم ثم صائر

فان تك قتلى غودرت من رجالنا * ببدر فانا بعدهم سنغادر

وتردى بنا الجرد العناجيج وسطكم * بنى الاوس حتى يشفى النفس ثائر

ووسط بنى النجار سوف يكرها * لنا بالقنا والدرعين زوافر

فنترك صرعى تعصب الطير نحوهم * وليس لهم الا الامانى ناصر

وتبكيهم من اهل يثرب نسوة * لهن بهاليل عن النوم ساهر

وذلك انا لا تزال سيوفنا * بهن دم مما يحاربن مائر

فان تظفروا في يوم بدر فانما * بأحمد امسى جدكم وهو ظاهر

وبالنفر الاخيار هم اولياؤه * يحامون في اللاواء ( 1 ) والموت حاضر

يعد ابوبكر وحمزة فيهم * ويدعى على وسط من انت ذاكر

اولئك لا من نتجت من ديارها * بنو الاوس والنجار حين تفاخروا

ولكن ابوهم من لؤى بن غالب * اذا عدت الانساب كعب وعامر

هم الطاعنون الخيل في كل معرك * غداة الهياج الاطيبون الاكابر

العناجيج جياد الخيل واحدها عنجوج . ومائر متردد .

* ( هامش ) * ( 1 ) اللاواء . الشدة . ( * )

ـ378ـ

ومما قاله حسان بن ثابت الانصارى :

بلوت فؤادك في المقام خريدة * تشفى الضجيع ببارد بسام

كالمسك تخلطه بماء سحابة * او عاتق كدم الذبيح مدام

اما النهار فلا افتر ذكرها * والليل توزعنى بها احلامى

أقسمت انساها واترك ذكرها * حتى تغيب في الضريح عظامى

بل من لعاذلة تلوم سفاهة * ولقد عصيت على الهوى لوامى

ان كنت كاذبة الذى حدثتنى * فنجوت منجى الحارث بن هشام

ترك الاحبة ان يقاتل دونهم * ونجا برأس طمرة ( 1 ) ولجام

في ابيات يعير الحارث بن هشام بالفرار ، وكان الحرث يقول :

الله يعلم ما تركت قتالهم * حتى رموا فرسى بأشقر مزبد

وعلمت انى ان اقاتل واحدا * اقتل ولا يضرر عدوى مشهدى

فصددت عنهم والاحبة فيهم * طمعا لهم بلقاء يوم مفسد ( 2 )

وكان الاصمعى يقول : هذا احسن ما قيل في الاعتذار عن الفرار وكان

خلف الاحمر يقول احسن ما قيل في ذلك ابيات بن ابى وهب المخزومى

لعمرك ما وليت ظهرى محمدا * واصحابه جبنا ولا خيفة القتل

ولكننى قلبت امرى فلم اجد * لسيفى مساغا ان ضربت ولا نبل

وقفت فلما خفت ضيعة موقفى * رجعت لعود كالهزبر ابى الشبل

* ( هامش ) * ( 1 ) بكسر الطاء المهملة والميم وتشديد الراء مفتوحة . الفرس

المستفز للوثب والعود ، وقال ابوعبيدة هو المشمر الخلق .

( 2 ) في نسخة " اسود " . ( * )

ـ379ـ

وان تقاربا لفظا ومعنى فليس ببعيد من ان يكون الثانى اجود من الاول لانه

اكثر انتفاء من الجبن ومن خوف القتل ، وانما علل فراره بعدم افادة وقوفه فقط

وذلك في الاول جزء علة والجزء الاخر قوله اقتل ، وقوله رموا فرسى بأشقر مزبد

يعنى الدم ويحتمل ان يكون ذلك مقيدا بكون مشهده لا يضر عدوه ومع ذلك

فالثانى اسلم من ذلك معنى واصرح لفظا .

ومما قاله حسان :

لقد علمت قريش يوم بدر * غداة الاسر والقتل الشديد

بأناحين نستجر العوالى * حماة الحرب يوم ابى الوليد

قتلنا ابنى ربيعة يوم ساروا * الينا في مضاعفة الحديد

وقر بها حكيم يوم جالت * بنو النجار تخطر كالاسود

وولت عند ذاك جموع فهر * واسلمها الحويرث من بعيد

وقالت قتيلة بنت الحارث اخت النضر بن الحارث :

يا راكبا ان الاثيل مظنة * من صبح خامسة وانت موفق

ابلغ بها ميتا بأن تحية * ما ان تزال بها النجائب تخفق

منى اليك وعبرة مسفوحة * حادت بوا كفها واخرى تخنق

هلى يسمعن النضر ان ناديته * ام كيف يسمع ميت لا ينطق

أمحمد يا خير ضنئ كريمة ( 1 ) * في قومها والفحل فحل معرق

ما كان ضرك لو مننت وربما * من الفتى وهو المغيظ المحنق

او كنت قابل فدية فلننفقن * يا عز ما يغلو به ما ينفق

( 1 ) اى : ابن كريمة . ( * )

ـ380ـ

فالنضر اقرب من اسرت قرابة * واحقهم ان كان عتق يعتق

ظلت سيوف بنى ابيه تنوشه * لله ارحام هناك تشقق

صبرا يقاد إلى المنية مثغبا * رسف المقيد وهو عان موثق

فيقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو بلغنى هذا الشعر قبل قتله

لمننت عليه . وكان فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في عقب رمضان اوائل شوال .

ـ381ـ

( فصل )

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 381 سطر 1 الى ص 390 سطر 7

( فصل )

قال الحافظ ابوعمر بن عبدالبر رحمه الله فلما اوقع الله بالمشركين يوم بدر

واستأصل وجوههم قالوا ان ثأرنا بأرض الحبشة فلنرسل إلى ملكها يدفع الينا

من عنده من اتباع محمد فلنقتلهم بمن قتل منا ببدر . قال اخبرنا عبدالله بن محمد فثنا

محمد بن بكر فثنا ابوداود فثنا ابن السرج فثنا ابن وهب قال اخبرنى يونس

عن ابن شهاب قال بلغنى ان مخرج عمرو بن العاص وابن ابى ربيعة إلى ارض

الحبشة فيمن كان بأرضهم من المسلمين كان بعد وقعة بدر فلما بلغ رسول الله صلى

الله عليه وسلم مخرجهما بعث عمرو بن امية من المدينة إلى النجاشى بكتاب .

قلت وقد تقدم القول عند ذكر الهجرة إلى ارض الحبشة ان توجه عمرو

بكتابى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المحرم سنة سبع يدعوه في احدهما إلى

الاسلام والثانى في تزويجه عليه السلام ام حبيبة وقيل في شهر ربيع الاول منها

وقيل في سنة ست حكاه ابوعمر عن الواقدى . واما عمرو بن امية فشهد بدرا

وأحدا مع المشركين واسلم بعد ذلك وكان اول مشهد شهده بئر معونة فأسرته بنو

عامر يومئذ فقال له عامر بن الطفيل انه كان على امى نسمة فاذهب فأنت حر عنها

وجز ناصيته وبعثه ايضا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابى سفيان بن حرب

بهدية إلى مكة ، وسيأتى ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى النجاشى مع عمرو عند

ذكر كتب النبى صلى الله عليه وسلم إلى الملوك في وضعه من هذا الكتاب

ان شاء الله ، وهذا الفصل ذكره ابوعمر في هذا الموضع من كتابه في المغازى

وفيه نظر . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في هامش الاصل ( بلغ مقابلة لله الحمد ) . ( * )

ـ382ـ

( سرية عمير بن عدى )

روينا عن ابن سعد قال ثم سرية عمير بن عدى بن خرشة الخطمى إلى عصماء

بنت مروان من بنى امية بن زيد لخمس ليال بقين من شهر رمضان على رأس تسعة

عشر شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت عصماء عند يزيد بن

زيد بن حصن الخطمى وكانت تعيب الاسلام وتؤذى النبى صلى الله عليه وسلم وتحرض عليه

وتقول الشعر فجاءها عمير بن عدى في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها وحولها

نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها فجسها بيده وكان ضرير البصر ونحى

الصبى عنها ووضع سيفه على صدرها حتى انفذه من ظهرها ثم صلى الصبح مع النبى

صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلت ابنة

مروان قال نعم فهل على في ذلك من شئ فقال " لا ينتطح فيها عنزان " فكانت هذه

الكلمة اول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم

عميرا اليعمير قيل وكان اول من اسلم من خطمة عمير بن عدى وكان يدعى القارئ

كان امام قومه وقارئهم .

ـ383ـ

( سرية سالم بن عمير )

روينا عن ابن سعد قال ثم سرية سالم بن عمير إلى ابى عفك ( 1 ) اليهودى في

شوال على رأس عشرين شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابوعفك من بنى

عمرو بن عوف شيخا كبيرا قد بلغ عشرين ومائة سنة وكان يهوديا وكان يحرض

على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الشعر فقال سالم بن عمير وهو احد البكائين

وممن شهد بدرا على نذر ان اقتل ابا عفك او اموت دونه فأمهل يطلب له غرة حتى

كانت ليلة صائفة فنام ابوعفك بالفناء وسمع به سالم بن عمير فأقبل فوضع السيف

على كبده ثم اعتمد عليه حتى خش في الفراش وصاح عدو الله فثاب اليه ناس ممن

هو على قوله فأدخلوه منزله وقبروه . فقالت امامة المريدية ( 2 ) في ذلك :

تكذب دين الله والمرء احمدا * لعمرو الذى امناك ان بئس ما يمنى

حباك حنيفا آخر الليل طعنة * ابا عفك خذها على كبر السن

البيتان عن ابن سعد . وكان ابوعفك ممن نجم نفاقه حين قتل رسول الله صلى

الله عليه وسلم الحرث بن سويد بن الصامت وشهد سالم بدرا وأحدا والخندق

والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفى في خلافة معاوية بن ابى

سفيان ، وقال فيه موسى بن عقبة سالم بن عبدالله .

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح العين المهملة .

( 2 ) بضم الميم وكسر الراء . وهو بطن من بلى . ( * )

ـ384ـ

( غزوة بنى سليم )

قال ابن اسحق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يعنى من بدر لم يقم الا سبع

ليال حتى غزا بنفسه يريد بنى سليم . قال ابن هشام واستعمل على المدينة سباع

ابن عرفطة الغفارى او ابن مكتوم . قال ابن اسحق فبلغ ماء من مياههم يقال

له الكدر ( 1 ) فأقام عليه ثلاث ليال ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا .

* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الكاف وسكون الدال . ( * )

ـ385ـ

( غزوة بنى قينقاع )

قال ابن سعد وكانت يوم السبت للنصف من شوال على رأس عشرين شهرا

من مهاجره . قال ابن اسحق وكان من بنى قينقاع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم

بسوق بنى قينقاع ثم قال يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة

واسلموا فانكم قد عرفتم انى نبى مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله اليكم

قالوا يا محمد انك ترى انا قومك ولا يغرنك انك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب

فأصبت لهم فرصة اما والله لو حاربتنا لتعلمن انا نحن الناس ، فحدثنى مولى لآل

زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير او عن عكرمة عن ابن عباس قال ما نزل هؤلاء

الآيان الا فيهم ( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد

قد كان لكم آية في فئتين التقتا - اى اصحاب بدر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقريش - فئة تقاتل في سبيل الله واخرى كافرة ترونهم مثليهم رأى العين والله

يؤيد بنصره من يشاء ان في ذلك لعبرة لاولى الابصار ) قال وحدثنى عاصم بن

عمر بن قتادة انهم كانوا اول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاربوا

فيما بين بدر وأحد فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه .

قال ابن هشام وذكر عبدالله بن جعفر بن المسور بن مخرمة عن ابى عون قال

كان من امر بنى قينقاع ان امرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بنى

قينقاع وجلست إلى صائغ فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت فعمد الصائغ

إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا منها

ـ386ـ

فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهوديا وشدت اليهود على

المسلم فقتلوه فاستصرخ اهل المسلم المسلمين على اليهود فأغضب المسلمين فوقع الشر

بينهم وبين بنى قينقاع وتبرأ عبادة بن الصامت من حلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وتشبث به عبدالله بن ابى فيما روينا عن ابن اسحق عن ابيه عن عباد بن الوليد بن عباد

ابن الصامت قال وفيه وفى عبدالله نزلت ( يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود

والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ) إلى قوله ( فان حزب الله هم الغالبون )

وروينا عن ابن سعد قال وكانوا قوما من يهود حلفاء لعبد الله بن ابى بن سلول وكانوا اشجع يهود وكانوا صاغة فوادعوا النبى صلى الله عليه وسلم فلما كانت وقعة

بدر اظهروا البغى والحسد ونبذوا العهد والمدة فأنزل الله تعالى ( واما تخافن من قوم

خيانة فانبذ اليهم على سواء ان الله لا يحب الخائنين ) فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم انا اخاف من بنى قينقاع فسار اليهم ولواؤه بيد حمزة بن عبد المطلب

وكان ابيض ولم تكن الرايات يومئذ واستخلف على المدينة ابا لبابة بن عبدالمنذر

وحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذى القعدة وكانوا اول من عدر من اليهود

وحاربوا وتحصنوا في حصنهم فحاصرهم اشد الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب

فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان لرسول الله صلى الله عليه وسلم اموالهم

وان لهم النساء والذرية فأنزلهم فكتفوا واستعمل على كتافهم المنذر بن قدامة السلمى

فكلم ابن ابى فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وألح عليه فقال حلوهم لعنهم الله

ولعنه معهم وتركهم من القتل وامر ان يجلوا من المدينة وتولى ذلك عبادة بن

الصامت فلحقوا بأذرعات فما كان اقل بقاءهم بها وذكر ما تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم

من سلاحهم وسيأتى ذكرنا له ، وخمست اموالهم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم

صفية الخمس وفض اربعة اخماس على اصحابه . فكان اول ما خمس بعد بدر .

وكان الذى ولى قبض اموالهم محمد بن مسلمة . انتهى ما وجدته عن ابن سعد . كذا

ـ387ـ

وقع صفية الخمس والمعروف ان الصفى غير الخمس . روينا عن الشعبى من طريق

ابى داود قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفى قبل الخمس .

وعن عائشة كانت صفية رضى الله عنها من الصفى فلا ادرى اسقطت الواو او كان هذا

قبل حكم الصفى والله اعلم . وكانوا اربعمائة حاسر ( 1 ) وثلاثمائة دارع وكانوا حلفاء

الخزرج

* ( هامش ) * ( 1 ) الحاسر : هو الذى لا درع ولا مغفر عليه . ( * )

ـ389ـ

( غزوة السويق )

روينا عن محمد بن اسحق قال ثم غزا ابوسفيان بن حرب في ذى الحجة غزوة

السويق . وذكر ابن سعد خروج النبى صلى الله عليه وسلم من المدينة لخمس خلون

من ذى الحجة يوم الاحد على رأس اثنين وعشرين شهرا من مهاجره .

رجع إلى ابن اسحق قال وكان ابوسفيان كما حدثنى محمد بن جعفر بن الزبير

ويزيد بن رومان ومن لا اتهم عن عبدالله بن كعب بن مالك وكان من اعلم

الانصار ان ابا سفيان حين رجع إلى مكة ورجع فل قريش من بدر نذر ان لا يمس

رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلى الله عليه وسلم فخرج في مائتى راكب من قريش ليبر

يمينه فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له نيب ( 1 ) من المدينة على

بريد او نحوه ثم خرج من الليل حتى اتى بنى النضير تحت الليل فأتى حيى بن اخطب

فضرب عليه بابه فأبى ان يفتح له بابه وخافه فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم

وكان سيد بنى النضير في زمانه ذلك وصاحب منزهم فاستأذن عليه فأذن له فقراه

وسقاه وبطن له من خبر الناس ثم خرج في عقب ليلته حتى اتى اصحابه فبعث

رجالا من قريش فأتوا ناحية منها يقال لها العريض فحرقوا في اصوار ( 2 ) من نخل

بها ووجدوا رجلا من الانصار وحليفا لهم في حرثهما فقتلوهما ثم انصرفوا راجعين

ونذر بهم الناس فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم في مائتين من

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح النون وسكون الياء وهناك جبل آخر يسمى " تيت " .

( 2 ) جمع صور وهو النخل المجتمع الصغار . ( * )

ـ390ـ

المهاجرين والانصار . وهذا العدد عن ابن سعد . واستعمر على المدينة بشير بن

عبدالمنذر فيما قال ابن هشام حتى بلغ قرقرة الكدر قال ابن سعد وجعل ابوسفيان

واصحابه يتخففون للهرب وكان اصحابه مائتين كما قدمنا وقيل كانوا اربعين فيلقون جرب السويق وهى عامة ازوادهم فيأخذها المسلمون فسميت غزوة السويق ، ولم

يلحقوهم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة وكان غاب خمسة ايام قال

ابن اسحق وقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول

الله أتطمع ان تكون لنا غزوة قال نعم .

ـ391ـ

( غزوة قرقرة الكدر )

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 391 سطر 1 الى ص 400 سطر 6

( غزوة قرقرة الكدر )

قال ابن سعد ويقال قرارة الكدر للنصف من المحرم على رأس ثلاثة وعشرين

شهرا من مهاجره وهى بناحية معذن بنى سليم قريب من الارحضية وراء سد معونة

وبين المعدن وبين المدينة ثمانية برد . وكان الذى حمل لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن

ابى طالب . واستخلف على المدينة ابن ام مكتوم وكان بلغه ان بهذا الموضع جمعا

من بنى سليم وغطفان فسار اليهم فلم يجد في المحال احدا وارسل نفرا من اصحابه

في اعلى الوادى واستقبلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بطن الوادى فوجد

رعاء منهم غلام يقال له يسار فسأله عن الناس فقال لا علم لى بهم انما اورد لخمس ( 1 )

وهذا يوم ربعى والناس قد ارتفعوا في المياه ونحن عزاب في الغنم فانصرف رسول

الله صلى الله عليه وسلم وقد ظفر بالنعم فانحدر به إلى المدينة واقتسموا غنائمهم

بصرار على ثلاثة اميال من المدينة وكانت النعم خمسمائة بعير فأخرج خمسه وقسم

اربعة اخماسه على المسلمين فأصاب كل رجل منهم بعيرين وكانوا مائتى رجل وصار

يسار في سهم النبى صلى الله عليه وسلم فأعتقه وذلك انه رآه يصلى وغاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم خمس عشرة ليلة . والقرقرة ارض ملساء والكدر طير في الوانها كدرة

عرف بها ذلك الموضع . وقد كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يذكر مسيره مع

رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة .

* ( هامش ) * ( 1 ) الخمس بكسر الخاء من اظماء الابل اى ترعى ثلاثة ايام ثم ترد اليوم الرابع ،

وقيل أخمس الرجل اى وردت ابله خمسا . ( * )

ـ392ـ

( سرية كعب بن الاشرف )

روينا عن ابن سعد انها كانت لاربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الاول

على رأس خمسة وعشرين شهرا من مهاجره عليه السلام . قال ابن اسحق وكان

من حديث كعب بن الاشرف انه لما اصيب اصحاب القليب يوم بدر وقدم زيد

ابن حارثة إلى اهل السافلة و عبدالله بن رواحة إلى اهل العالية بشيرين بالفتح

قال كعب وكان رجلا من طئ ثم احد بنى نبهان وكانت امه من بنى النضير احق

هذا أترون ان محمدا قتل هؤلاء الذين يسمى هذا الرجلان فهؤلاء اشراف العرب

وملوك الناس والله ان كان محمد اصاب هؤلاء القوم لبطن الارض خير من ظهرها .

فلما ايقن عدو الله الخبر خرج حتى قدم مكة فنزل على المطلب بن ابى وداعة السهمى

وجعل يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشد الاشعار ويبكى على اصحاب

القليب ثم رجع إلى المدينة فتشبب ( 1 ) بنساء المسلمين حتى آذاهم . وروينا من طريق

ابن عائذ عن الوليد بن مسلم عن عبدالله بن لهيعة عن ابى الاسود عن عروة قال

ثم انبعث عدو الله يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ( 2 ) ويمتدح عدوهم ويحرضهم

عليهم فلم يرض بذلك حتى ركب إلى قريش فاستغواهم على رسول الله صلى الله

عليه وسلم فقال له ابوسفيان والمشركون اديننا احب اليك ام دين محمد واصحابه

وأى دينينا أهدى في رأيك واقرب إلى الحق فقال انتم اهدى منهم سبيلا وافضل وفيه

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لنا من ابن الاشراف فقد استعلن بعداوتنا

* ( هامش ) * ( 1 ) اى : تغزل بوصف محاسنهن . ( 2 ) في نسخة " والمسلمين . ( * )

ـ393ـ

وهجائنا وقد خرج إلى قريش فاجمعهم على قتالنا وقد اخبرنى الله عزوجل بذلك

ثم قدم اخبث ما كان ينتظر قريشا تقدم عليه فيقاتلنا ثم قرأ على المسلمين ما انزل

الله تعالى عليه فيه ( الم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب ) الآية وخمس

آيات فيه وفى قريش .

رجع إلى خبر ابن اسحق : فقال كما حدثنى عبدالله بن المغيث بن ابى بردة

من لى من ابن الاشراف فقال له محمد بن مسلمة اخو بنى الاشهل انا لك به

يا رسول الله انا اقتله قال فافعل ان قدرت على ذلك . فرجع محمد بن مسلمة فمكث

ثلاثا لا يأكل ولا يشرب الا ما تعلق به نفسه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه

 

وسلم فدعاه فقال لم تركت الطعام والشراب ؟ قال يا رسول الله قلت لك قولا لا ادرى

هل أفين لك به ام لا قال انما عليك الجهد قال يا رسول الله انه لا بد لنا من ان

نقول قال قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة

وسلكان بن سلامة بن وقش وكان اخا لكعب من الرضاعة وعباد بن بشر

ابن وقش احد بنى عبد الاشهل والحرث بن اوس بن معاذ وابوعبس بن جبر .

قلت وهؤلاء الخمسة من الاوس ، ثم قدموا إلى عدو الله كعب بن الاشرف قبل

ان يأتوه سلكان بن سلامة فجاءه فتحدث معه ساعة وتناشدا شعرا وكان ابو

نائلة سلكان يقول الشعر ثم قال ويحك يا ابن الاشرف انى قد جئتك لحاجة اريد

ذكرها لك فاكتم عنى قال افعل قال كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء

عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى جاع العيال

وجهدت الانفس واصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا فقال كعب انا ابن الاشرف

اما والله لقد كنت اخبرك يا ابن سلامة ان الامر سيصير إلى ما اقول فقال له سلكان

ان اردت ان تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك وتحسن في ذلك قال اترهنونى

ـ394ـ

ابناءكم قال قد اردت ان تفضحنا ان معى اصحابا على مثل رأيى وقد اردت ان

آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء واراد سلكان

ان لا ينكر السلاح اذا جاءوا بها قال ان في الحلقة لوفاء قال فرجع سلكان إلى

اصحابه فأخبرهم خبره وامرهم ان يأخذوا السلاح ثم ينطلقوا فيجتمعوا اليه فاجتمعوا

عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن هشام ويقال قال اترهنونى نساءكم

قالوا كيف نرهنك نساءنا وانت اشب اهل يثرب واعطرهم ! قال اترهنونى ابناءكم .

قال ابن اسحق فحدثنى ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال مشى معهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ( 1 ) ثم وجههم وقال انطلقوا على اسم الله اللهم اعنهم

ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته وهو في ليلة مقمرة واقبلوا حتى

انتهوا إلى حصنه فهتف به ابونائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب في ملحفة

فأخذت امرأته بناحيتها وقالت انك امرؤ محارب وان اصحاب الحرب لا ينزلون

في مثل هذه الساعة قال انه ابونائلة لو وجدنى نائما ما ايقظنى فقالت والله انى

لاعرف في صوته الشر قال يقول لها كعب لو يدعى الفتى لطعنة لاجاب فنزل فتحدث

معهم ساعة وتحدثوا معه وقالوا هل لك يا ابن الاشرف ان تمشى معنا إلى شعب

العجوز فنتحدث به بقية ليلتنا فقال ان شئتم فخرجوا يتماشون فمشوا ساعة ثم ان

ابا نائلة شام يده في فود ( 2 ) رأسه ثم شم يده فقال ما رأيت كالليلة طيبا اعطر ثم مشى

ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها فأخذ بفود رأسه

ثم قال اضربوا عدو الله فضربوه فاختلفت عليه اسيافهم فلم تغن شيئا قال

محمد بن مسلمة فذكرت مغولا في سيفى حين رأيت اسيافنا لا تغنى شيئا فأخذته

وقد صاح عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن الا اوقدت عليه نارا قال فوضعته

* ( هامش ) * ( 1 ) بقيع الغرقد هو مقبرة اهل المدينة ، وانما سمى بذلك لانه كان فيه غرقد

وقطع ، والغرقد من شجر العضاه وشجر الشوك . ( 2 ) سياتى تفسير الغريب . ( * )

ـ395ـ

في ثنته ثم تحاملت عليه حتى بلغ عانته فوقع عدو الله وقد أصيب الحرث بن

أوس بن معاذ فجرح في رأسه وفى رجله أصابه بعض أسيافنا قال فخرجنا حتى

سلكنا على بنى أمية بن زيد ثم على بنى قريظة ثم على بعاث حتى أسندنا في

حرة العريض وقد أبطأ علينا صاحبنا الحرث بن أوس ونزفه الدم فوقفنا له ساعة

ثم أتانا يتبع آثارنا فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل

وهو قائم يصلى فسلمنا عليه فخرج الينا فأخبرناه بمقتل عدو الله وتفل على جرح

صاحبنا ورجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود لوقعتنا بعدو الله فليس بها

يهودى إلا وهو يخاف على نفسه . انتهى خبر ابن إسحق ، وقال عباد بن بشر

في ذلك شعرا :

صرخت به فلم يعرض لصوتى * وأوفى طالعا من رأس جدر ( 1 )

فعدت له فقال من المنادى * فقلت أخوك عباد بن بشر

وهذى درعنا رهنا فخذها * لشهر إن وفى أو نصف شهر

فقال معاشر سغبوا وجاعوا * وما عدموا الغنى من غير فقر

فأقبل نحونا يهوى سريعا * وقال لنا لقد جئتم لامر

وفى أيماننا بيض حداد * مجربة بها الكفار نفرى

فعانقه ابن مسلمة المردى * به الكفار كالليث الهزبر

وشد بسيفه صلتا عليه * فقطره أبوعبس بن جبر

وكان الله سادسنا فأبنا * بأنعم نعمة وأعز نصر

وجاء برأسه نفر كرام * هم ناهيك من صدق وبر

واستشهد عباد بن بشر يوم اليمامة ، وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب

* ( هامش ) * ( 1 ) هو لغة في الجدار ، وفى نسخة " خدر " . ( * )

ـ396ـ

قال وممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عباد بن بشر وقتل يوم اليمامة

شهيدا ، وكان له يومئذ بلاء وعناء فاستشهد وهو ابن خمس وأربعين سنة .

ـ397ـ

( خبر محيصة بن مسعود مع ابن سنينة )

قال ابن إسحق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظفرتم به من رجال

يهود فاقتلوه فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة - ويقال ابن سبينة عن

ابن هشام رجل من تجار يهود وكان يلابسهم ويبايعهم - فقتله وكان حويصة بن

مسعود إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول

أى عدو الله أقتله أما والله لرب شحم في بطنك من ماله قال محيصة فقلت والله

لقد أمرنى بقتله من لو أمرنى بقتلك لضربت عنقك قال فوالله ان كان لاول اسلام

حويصة قال أى والله لو أمرك محمد بقتلى لقتلتنى قال قلت نعم والله لو أمرنى

بضرب عنقك لضربتها قال والله ان دينا يبلغ بك هذا لعجب فأسلم حويصة .

قال ابن إسحق حدثنى هذا الحديث مولى لبنى حارثة عن ابنة محيصة عن أبيها

فقال محيصة في ذلك :

يلوم ابن أمى لو أمرت بقتله * لطبقت ذفراه بأبيض قاضب

حسام كلون الملح أخلص صقله * متى ما أصوبه فليس بكاذب

وما سرنى أنى قتلتك طائعا * وأن لنا ما بين بصرى ومارب

وقيل ان الذى قتله محيصة وقال له أخوة حويصة في حقه ما قال وراجعه بما ذكرنا

كعب بن يهودا . وروينا عن ابن سعد قال أنا محمد بن حميد العبدى عن معمر

ابن راشد عن الزهرى في قوله ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن

الذين أشركوا أذى كثيرا ) قال هو كعب بن الاشرف .

ـ398ـ

( ذكر فوائد تتعلق بهذا الخبر )

مما نقلته من الحواشى التى ذكرتها بخط جدى رحمه الله على قوله ما تعلق به نفسه

قال هو مأخوذ من العلقة والعلقة والعلاق بلغة من الطعام إلى وقت الغداء ومعناه

ما يمسك رمقه من الغذاء ، ومنه ليس المتعلق كالمتأنق . وعلى قوله أنه لابد لنا من

أن نقول : قال المبرد في الكامل حقه أن يقول نتقول يريد افتعل قولا اختال به ،

قال وفى العين قولته مالم يقل . وقولته ادعيته عليه . وعلى قوله نرهنك من الحلقة

قال هذا هو المعروف يعنى سكون اللام ، وحكى سيبويه عن أبى عمرو أنهم كانوا

حلقة بفتح اللام . وعلى قوله بقيع الغرقد قال الاصمعى قطعت غرقدات فدفن

فيها عثمان بن مظعون فسمى المكان بقيع الغرقد لهذا السبب . وعلى قوله شام يده

في فوده أى أدخل يده ، والفود الشعر مما يلى الاذن . وشمت السيف إذا أغمدته

وهو من الاضداد ، قال والمغول سيف قصير يشتمل عليه الرجل . والثنة بين

السرة والعانة . وعلى قول ابن هشام ابن سبينة ، وقال الاستاذ أبوعلى يعنى

شيخه عمر بن محمد الازدى ولم يذكره أصحاب الحديث يعنى سبينة . وعلى

قوله لطبقت ذفراه طبق أصاب المفصل والذفرى في القفا . وأبوعبس بن جبر

اسمه عبدالرحمن . وسلكان اسمه سعد .

ـ399ـ

( غزوة غطفان بناحية نجد )

قال ابن اسحق وهى غزوة ذى أمر ، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان فيما

قال ابن هشام . قال ابن اسحق فأقام بنجد صفرا كله وقريبا من ذلك ثم رجع

إلى المدينة ولم يلق كيدا . وقال ابن سعد ذو أمر بناحية النخيل وكانت في شهر ربيع

الاول على رأس خمسة وعشرين شهرا من مهاجره وذلك أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن جمعا من ثعلبة ومحارب بذى أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جمعهم رجل منهم يقال له دعثور بن الحرث من بنى

محارب فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين وخرج لاثنتى عشرة ليلة

مضت من شهر ربيع الاول في أربعمائة وخمسين رجلا ومعهم أفراس واستخلف

على المدينة عثمان فأصابوا رجلا منهم بذى القصة ( 1 ) يقال له حبان من بنى ثعلبة فأدخل

على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره من خبرهم وقال لن يلاقوك لو سمعوا

بمسيرك لهربوا في رءوس الجبال وأنا سائر معك فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام

فأسلم وضمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلال ولم يلاق رسول الله صلى الله

عليه وسلم أحدا إلا أنه ينظر اليهم في رءوس الجبال وأصاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم وأصحابه مطر فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبيه ونشرهما ليجفا وألقاهما على

شجرة واضطجع وجاء رجل من العدو يقال له دعثور بن الحرث ومعه سيف حتى

قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال من يمنعك منى اليوم قال رسول

* ( هامش ) * ( 1 ) ذو القصة بالفتح : موضع قريب من المدينة . ( * )

ـ400ـ

الله صلى الله عليه وسلم ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده فأخذه رسول

الله صلى الله عليه وسلم وقال له من يمنعك منى قال لا أحد أشهد أن لا إله إلا

الله وأشهد أن محمدا رسول الله ثم أتى قومه فجعل يدعوهم إلى الاسلام ونزلت هذه

الآية ( يأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم ) الآية ثم أقبل رسول

الله صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا . وكانت غيبته إحدى عشرة ليلة .

ـ401ـ

( غزوة بحران )

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 401 سطر 1 الى ص 410 سطر 27

( غزوة بحران )

قال ابن إسحق ثم غزا يريد قريشا واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم فيما

قال ابن هشام حتى بلغ بحران معدنا بالحجاز من ناحية الفرع فأقام به شهر ربيع

الآخر وجمادى الاولى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا . وقال ابن سعد إنه خرج

لست خلون من جمادى الاولى على رأس سبعة وعشرين شهرا من مهاجره وذلك

انه بلغه أن بها جمعا من بنى سليم كثيرا فخرج في ثلاثمائة رجل من أصحابه قال فأغذ ( 1 ) السير حتى ورد بحران فوجدهم قد تفرقوا في مياههم فرجع ولم يلق كيدا

وكانت غيبته عشر ليال . والفرع بفتح الفاء والراء قيده السهيلى .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : أسرع . ( * )

ـ402ـ

( سرية زيد بن حارثة )

إلى الفردة اسم ماء

قال ابن إسحق : وكان من حديثها ان قريشا خافوا من طريقهم التى

يسلكون إلى الشام حين كان من وقعة بدر ما كان فسلكوا طريق العراق

فخرج منهم تجار فيهم أبوسفيان بن حرب ومعهم فضة كثيرة وهى عظم تجارتهم

واستأجروا رجلا يقال له فرات بن حيان يدلهم في دلك الطريق وبعث رسول الله

صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فلقيهم على ذلك الماء فأصاب تلك العير وما فيها

وأعجزه الرجال فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حسان بن ثابت بعد أحد في

غزوة بدر الآخرة يؤنب قريشا في أخذها تلك الطريق :

دعوا فلجات الشام قد حال دونها * جلاد كأفواه المخاض الاوارك

بأيدى رجال هاجروا نحو ربهم * وأنصاره حقا وأيدى الملائك

اذا سلكت للغور من بطن عالج * فقولا لها ليس الطريق هنالك

وقال ابن سعد كانت لهلال جمادى الآخرة على رأس ثمانية وعشرين شهرا

من مهاجره وهى أول سرية خرج فيها زيد أميرا . والفردة من أرض نجد من الربذة .

والغمرة ناحية ذات عرق ، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعترض العير لقريش

فيها صفوان بن أمية وحويطب بن عبدالعزى و عبدالله بن أبى ربيعة ومعه مال

كثير وآنية فضة وزن ثلاثين ألف درهم . وكان دليلهم فرات بن حيان فخرج بهم

ـ403ـ

على ذات عرق طريق العراق وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم فوجه زيد بن حارثة

في مائة راكب فاعترض لها فأصابوا العير وأفلت عيان القوم وقدموا بالعير على

رسول الله صلى الله عليه وسلم فخمسها فبلغ الخمس قيمة عشرين ألف درهم وقسم

ما بقى على أهل السرية . وأسر فرات بن حيان فأتى به النبى صلى الله عليه وسلم

فقيل له إن تسلم تترك فأسلم فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم من القتل

وحسن إسلام فرات بعد ذلك . وفيه قال عليه السلام ان منكم رجالا نكلهم إلى

إسلامهم منهم فرات . والفردة بالفاء المفتوحة وسكون الراء ، وضبطها بعضهم بفتح

القاف والراء والله أعلم بالصواب . ( 1 )

*

آخر الجزء الاول من تجزئة اثنين من السيرة النبوية

على صاحبها أفضل الصلاة والسلام لله الحمد والمنة

يتلوه الثانى بغزوة أحد ( 2 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في هامش الاصل " بلغ مقابلة لله الحمد " .

( 2 ) كذا في الاصل وقد تابعناه في التجزئة . ( * )

ـ405ـ

( غزوة أحد )

قرأت على أبى النور اسماعيل بن نور بن قمر الهيتى اخبركم أبونصر موسى بن

عبد القادر الجيلى قراءة عليه وانتم تسمعون قال أنا أبوالقاسم سعيد بن أحمد

ابن البناء قال أنا أبوالقاسم على بن أحمد بن محمد البسرى قال . أنا أبوطاهر محمد بن عبد

الرحمن المخلص فثنا عبدالله فثنا العباس بن الوليد فثنا أبوعوانة عن عمرو بن

أبى سلمة عن ابيه عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أحدا هذا

جبل يحبنا ونحبه . وكانت في شوال سنة ثلاث يوم السبت لاحدى عشرة ليلة خلت

منه عند ابن عائذ ، وعند ابن سعد لسبع ليال خلون منه على رأس اثنين وثلاثين

شهرا من مهاجره وقيل للنصف منه . وكان من حديث أحد قال ابن اسحق كما حدثنى

محمد بن مسلم الزهرى ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين

ابن عبدالرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا كلهم قد حدث

بعض الحديث عن يوم أحد وقد اجتمع حديثهم كله فيما سقت من هذا الحديث .

عن يوم احد قالوا أو من قال منهم لما أصيب يوم بدر من كفار قريش اصحاب

القليب ورجع فلهم إلى مكة ورجع أبوسفيان بن حرب بعيره مشى عبدالله بن أبى

ربيعة وعكرمة بن أبى جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش ممن أصيب

آباؤهم واخوانهم وأبناؤهم يوم بدر فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له

في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش ان محمدا قد وتركم وقتل خياركم

فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا بمن أصاب منا ففعلوا . وقال

ابن سعد لما رجع من حضر بدرا من المشركين إلى مكة وجدوا العير التى قدم

بها أبوسفيان بن حرب موقوفة في دار الندوة فمشت اشراف قريش إلى أبى

سفيان فقالوا نحن طيبو أنفس أن تجهزوا بربح هذه العير جيشا إلى محمد فقال أبو

ـ406ـ

سفيان فأنا أول من أجاب إلى ذاك وبنوا عبد مناف فباعوها فصارت ذهبا

وكانت ألف بعير والمال خمسين الف دينار فسلم إلى أهل العير رؤوس أموالهم

واخرجوا أرباحهم وكانوا يربحون في تجاراتهم لكل دينار دينارا . قال ابن اسحق

ففيهم كما ذكر لى بعض أهل العلم انزل الله تعالى ( ان الذين كفروا ينفقون أموالهم

ليصدوا عن سبيل الله ف سينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين

كفروا إلى جهنم يحشرون ) فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه

وسلم حين فعل ذلك أبوسفيان واصحاب العير بأحابيشها ( 1 ) ومن اطاعها من قبائل

كنانة وأهل تهامة . قال ابن سعد وكتب العباس بن عبد المطلب إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم بخبرهم كله فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن الربيع بكتاب العباس .

رجع إلى خبر بن اسحق : وكان أبوعزة عمرو بن عبدالله الجمحى قد من عليه

رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وكان فقيرا ذا عيال وحاجة وكان في

الاسار فقال يا رسول الله انى فقير ذو عيال وحاجة قد عرفتها فامنن على

صلى الله عليك فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صفوان بن

أمية يا ابا عزة انك رجل شاعر فأعنا بلسانك فاخرج معنا فقال ان محمدا قد من على

فلا اريد ان اظاهر عليه قال بلى فأعنا بلسانك فلك الله على ان رجعت ان

أغنيك وإن أصبت ان اجعل بناتك مع بناتى يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر

فرجع أبوعزة ومشافع بن عبد مناف يستنفران الناس بأشعار لهما فأما أبوعزة

فظفر به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوقعة بحمراء الاسد فقال يا محمد

أقلنى فقال لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول خدعت محمدا مرتين ثم أمر عاصم

ابن ثابت فضرب عنقه وقال سعيد بن المسيب فيه قال عليه السلام لا يلدغ المؤمن

من جحر مرتين ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا يقال له وحشى يقذف بحربة

له قذف الحبشة قلما يخطئ بها فقال له اخرج مع الناس فان انت قتلت حمزة

عم محمد بعمى طعيمة بن عدى فأنت عتيق وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة

وان لا يفروا فأقبلوا حتى نزلوا بعينين - جبل ببطن السبخة من قناة على شفير

الوادى مقابل المدينة - فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد نزلوا

* ( هامش ) * ( 1 ) التحبش : التجمع ، وقيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمى حبشيا فسموا بذلك . ( * )

ـ407ـ

حيث نزلوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين : إنى قد رأيت والله خيرا . رأيت

بقرا تذبح ورأيت في ذباب سيفى ثلما ورأيت أنى أدخلت يدى في درع حصينة فأولتها

المدينة . وعن ابن هشام فأما البقر فناس من اصحابى يقتلون وأما الثلم الذى

رأيت في سيفى فهو رجل من أهل بيتى يقتل وقال ابن عقبة ويقول رجال كان

الذى رأى بسيفه الذى اصاب وجهه فان العدو اصابوا وجهه صلى الله عليه وسلم

يومئذ وقصموا رباعيته وجرحوا شفته وسيأتى ذكر من فعل ذلك . وعن ابن عائذ

أن الرؤيا كانت ليلة الجمعة . رجع إلى الاول قال ابن اسحق قال يعنى النبى صلى الله عليه

وسلم فان رأيتم ان تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا فان أقاموا أقاموا بشر

مقام وان هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها ، وكان رأى عبدالله بن أبى بن سلول مع

رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ان لا يخرج اليهم فقال رجل من المسلمين

ممن اكرم الله بالشهادة يوم احد وغيره ممن فاته بدر مع رسول الله صلى الله عليه

وسلم أخرج بنا إلى اعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا فلم يزالوا برسول الله

صلى الله عليه وسلم حتى دخل فلبس لامته ( 1 ) وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة

وقد مات في ذلك اليوم رجل من الانصار يقال له مالك بن عمرو أحد بنى النجار

فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج اليهم وقد ندم الناس وقالوا

استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك فلما خرج عليهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله ا ستكرهناك ولم يكن لنا

ذلك فان شئت فاقعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينبغى

للنبى إذا لبس لامته ان يضعها حتى يقاتل فخرج رسول الله صلى الله عليه

وسلم في ألف من اصحابه . قال ابن هشام واستعمل ابن أم مكتوم على

الصلاة بالناس ، قال ابن إسحق حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد

انخزل ( 2 ) عنه عبدالله بن أبى بثلث الناس وقال أطاعهم وعصانى ما ندرى على ما نقتل

أنفسنا فرجع بمن تبعه من قومه من أهل النفاق والريب واتبعهم عبدالله بن

عمرو بن حرام يقول يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا قومكم ونبيكم عندما حضر

* ( هامش ) * ( 1 ) اللامة : الدرع .

( 2 ) أى انفرد . ( * )

ـ408ـ

من عدوهم قالوا لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ولكنا لا نرى أنه يكون قتال

قال فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف قال أبعدكم الله أعداء الله فسيغنى

الله عنكم نبيه ، قال ابن عقبة فلما رجع عبدالله بن أبى بثلثمائة سقط في أيدى

الطائفتين من المسلمين وهما أن يقتتلا وهما بنو حارثة وبنو سلمة كما يقال . أخبرنا

الامام الزاهد أبوإسحق إبراهيم بن على بن أحمد بن الواسطى قراءة عليه وأنا

أسمع قال أنا المشايخ أب والبركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب البغدادى

وأبونصر موسى بن عبد القادر الجيلى وأبوالفضل محمد بن محمد بن السباك قال

الاولان أنا أبوالقاسم سعيد بن أحمد بن محمد بن البنا وقال الثانى أنا أبو

المعالى محمد بن محمد بن الجيان قال الاول أنا وقال الثانى أنبأنا أبوالقاسم بن

البسرى قال أنا أبوطاهر محمد بن عبدالرحمن الذهبى فثنا عبدالله بن محمد فثنا أبو

بكر بن أبى شيبة فثنا أبوأسامة عن شعبة عن عدى بن ثابت عن عبدالله بن

يزيد عن البراء بن عازب قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد خرج معه

بأناس فرجعوا قال فكان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين فقالت

فرقة نقتلهم وقالت فرقة لا نقتلهم قال فنزلت ( فمالكم في المنافقين فئتين والله

أركسهم بما كسبوا ) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها طيبة وأنها تنفى الخبث

كما تنفى النار خبث الفضة . وعن ابن اسحق من غير طريق زياد عن الزهرى أن الانصار

يوم احد قالوا يا رسول الله ألا نستعين بحلفائنا من يهود فقال لا حاجة لنا فيهم قال زياد

وحدثنى محمد بن اسحق قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بنى

حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب كلاب سيف واستله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

وكان يحب الفأل ولا يعتاف ( 1 ) يا صاحب السيف شم ( 2 ) سيفك فانى أرى السيوف

ستستل اليوم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه من رجل يخرج بنا

على القوم من كثب - أى من قرب - من طريق لا يمر بنا عليهم فقال أبوخيثمة

أخو بنى حارثة بن الحارث أنا يا رسول الله فنفذ به في حرة بنى حارثة وبين

أموالهم حتى سلك في مال لمربع بن قيظى وكان رجلا منافقا ضرير البصر فلما

* ( هامش ) * ( 1 ) لعله من العيافة زجر الطير .

( 2 ) أى سل . ( * )

ـ409ـ

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين قام يحثى ( 1 ) في وجوههم

التراب ويقول إن كنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فانى لا أحل لك أن تدخل

حائطى وقد ذكر لى أنه اخذ حفنة من تراب في يده ثم قال والله لو أعلم أنى لا أصيب

بها غيرك يا محمد لضربت بها في وجهك فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم لا تقتلوه فهذا الاعمى أعمى القلب أعمى البصر ، وقد بدر اليه

سعد بن زيد أخو بنى عبد الاشهل قبل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فضربه بالقوس في رأسه فشجه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل

الشعب من أحد في عروة الوادى إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال

لا يقاتلن أحد حتى آمره بالقتال وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت

بالصمغة من قناة للمسلمين فقال رجل من الانصار حين نهى رسول الله صلى الله

عليه وسلم عن القتال أترعى زروع بنى قيلة ولما تضارب . وتعبأ رسول الله صلى

الله عليه وسلم للقتال وهو في سبعمائة رجل وأمر على الرماة عبدالله بن جبير

أخا بنى عمرو بن عوف وهو معلم يومئذ بنياب بيض ، والرماة خمسون رجلا

فقال انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فأثبت

مكانك لا نؤتين من قبلك ، وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين

ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير أخى بنى عبد الدار . وقال ابن عقبة وكان حامل

لواء المهاجرين رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فقال أنا عاصم ان

شاء الله لما معى فقال له طلحة هل لك يا عاصم في المبارزة قال نعم فبدره ذلك الرجل

فضربه بالسيف على رأس طلحة حتى وقع السيف في لحيته فقتله فكان قتل صاحب

لواء المشركين تصديقا لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم " انى مردف كبشا " فلما

صرع صاحب اللواء انتشر النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه وصاروا كتائب

متفرقة فجاسوا العدو ضربا حتى اجهضوهم ( 2 ) عن أثقالهم وحملت خيل المشركين

على المسلمين ثلاث مرات كل ذلك تنضح بالنبل ( 3 ) فترجع مفلولة وحمل المسلمون على

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : يرمى .

( 2 ) أى : نحوهم وأزالوهم .

( 3 ) أى : ترمى بالنبل . ( * )

ـ410ـ

المشركين فنهكوهم قتلا . وذكر ابن عائذ ان طلحة المذكور في هذا الخبر هو

ابن عثمان اخو شيبة من بنى عبد الدار وكان بيده لواء المشركين يومئذ وان الرجل

الذى كان بيده لواء المسلمين المهاجرين على بن أبى طالب ، والذى قاله ابن هشام في

هذه القصة قال ويقال ان أبا سعيد بن أبى طلحة خرج بين الصفين فنادى انا

قاصم من يبارزنى مرارا فلم يخرج اليه احد فقال يا اصحاب محمد زعمتم ان قتلاكم

إلى الجنة وان قتلانا في النار كذبتم واللات لو تعلمون ذلك حقا لخرج إلى بعضكم

فخرج اليه على بن أبى طالب فاختلفا ضربتين فقتله على رضى الله عنه قال ابن هشام

واجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سمرة بن جندب الفزارى ورافع بن

خديج احد بنى حارثة وهما ابنا خمس عشرة سنة وكان قد ردهما فقيل له ان رافعا رام

فأجازه فلما اجاز رافعا قيل له يا رسول الله فان سمرة يصرع رافعا فأجازه رسول الله

صلى الله عليه وسلم ورد اسامة بن زيد و عبدالله بن عمر وزيد بن ثابت واسيد بن ظهير ثم

اجازهم يوم الخندق وهم ابناء خمس عشرة سنة . قرأت على أبى الهيجاء غازى بن أبى

الفضل اخبركم أبوعلى حنبل بن عبدالله بن الفرج سماعا قال أنا أبوالقاسم بن

الحصين قال أنا أبوعلى بن المذهب قال انا أبوبكر القطيعى فثنا عبدالله بن

أحمد فثنا أبى فثنا يحيى عن عبيد الله قال اخبرنى نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله

عليه وسلم عرضه يوم احد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه ثم عرضه يوم الخندق

وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه . رواه أبوداود عن الامام أحمد . واخبرتنا

السيدة مونسة خاتون ابنة السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر بن

أيوب رحمهما الله ورحم سلفها سماعا قالت اخبرتنا أم هانئ عفيفة بنت أحمد

ا لفارقانية اجازة قالت انا أبوطاهر عبدالواحد بن محمد بن أحمد بن الدشتج

قال أنا أبونعيم الحافظ قال انا أبوعلى محمد بن احمد بن الصواف فثنا جعفر

ابن أحمد فثنا هشام بن عمار فثنا اسمعيل بن عياش فثنا أبو بكر الهذلى عن نافع

ان عمر بن عبدالعزيز سأله هل تدرون ما شهد عبدالله بن عمر مع النبى صلى الله

عليه وسلم من المغازى فقال نعم حدثنا عبدالله بن عمر قال كانت غزوة بدر

وانا ابن ثلاث عشرة سنة فلم اخرج مع النبى صلى الله عليه وسلم ثم كانت غزوة

احد وانا بن اربع عشرة سنة فخرجت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فلما رآنى

ـ411ـ

استصغرنى فردنى وخلفنى في حرس المدينة في نفر ردهم منهم زيد بن ثابت

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 411 سطر 1 الى ص 420 سطر 26

استصغرنى فردنى وخلفنى في حرس المدينة في نفر ردهم منهم زيد بن ثابت

وعرابة بن اوس ورافع بن خديج وكان رافع أطولنا يومئذ فأنفذه النبى صلى

الله عليه وسلم فلم يرده معنا وكانت غزوة الخندق وانا ابن خمس عشرة

سنة وانفذنى فغزوت معه فلما حدث هذا الحديث دعا كاتبه فقال اعجل على كاتبا

إلى الامصار كلها فان رجالا يقدمون إلى يستفرضون لابنائهم واخوانهم فانظروا

من فرضت له فاسألوهم عن اسنانهم فمن كان منهم ابن خمس عشرة سنة فافرضوا

له في المقاتلة ومن كان دون ذلك فافرضوا له في الذرية . كذا وقع في هذا الخبر

أوس بن عرابة وإنما هو عرابة بن أوس وأبوه أوس بن قيظى كان من كبار

المنافقين وهو أحد القائلين إن بيوتنا عورة . وعرابة الذى يقول فيه الشماخ بن ضرار :

رأيت عرابة الاوسى يسمو * إلى الخيرات منقطع القرين

إذا ما راية رفعت لمجد * تلقاها عرابة باليمين

وقد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم احد أيضا البراء بن عازب وأبا سعيد

الخدرى وزيد بن ارقم وسعد بن عقيب بن عمرو بن عدى بن زيد بن جشم بن

حارثة الانصارى الحارثى وسعد بن حبتة ( 1 ) جد أبى يوسف الفقيه وهو سعد بن بحير ( 2 )

ابن معاوية حليف بنى عمرو بن عوف امه حبتة بنت مالك وزيد بن جارية من بنى

عمرو بن عوف ، وذكره ابن أبى حاتم فيمن اسم أبيه على حرف الحاء يعنى ابن

حارثة فوهم في ذلك وهو اخو مجمع بن جارية وجابر بن عبدالله . وليس بالذى

يروى عنه الحديث . قال ابن إسحق وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف رجل

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة وفتح التاء المثناة من فوق ثم

تاء التأنيث . قال في القاموس حبتة بنت الحباب من الانصار صحابية ، من نسلها

أبويوسف القاضى ، قال البرهان الحلبى صريح كلامه أنها أسلمت قال ولم أر لها

ذكرا في الصحابة انما ذكروا حبتة أخت خوات بن جبير بن النعمان بن أمية الانصارى .

( 2 ) بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة وسكون الياء . ( * )

ـ412ـ

ومعهم مائتا فرس . قال ابن عقبة وليس في المسلمين فرس واحد قال الواقدى لم

يكن مع المسلمين يوم احد من الخيل الا فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفرس ابى بردة . قال ابن عقبة فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد وعلى

ميسرتها عكرمة بن ابى جهل . قال ابن سعد وجعلوا على الخيل صفوان بن امية

وقيل عمرو بن العاص وعلى الرماة عبدالله بن ابى ربيعة وكانوا مائة وفيهم

سبعمائة دارع والظعن خمس عشرة امرأة . وشاع خبرهم في الناس ومسيرهم حتى

نزلوا ذا الحليفة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عينين له انسا ومؤنسا ابنى

فضالة الظفريين ليلة الخميس لخمس مضت من شوال فأتيا رسول الله صلى الله عليه

وسلم بخبرهم وانهم قد حلوا ابلهم وخيلهم في الزرع الذى بالعريض حتى تركوه

ليس به خضراء ثم بعث الحباب بن المنذر بن الجموح اليهم ايضا فدخل فيهم

فحزرهم وجاءه بعلمهم وبات سعد بن معاذ واسيد بن حضير وسعد بن عبادة في

عدة ليلة الجمعة عليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم

وحرست المدينة حتى اصبحوا وذكر الرؤيا واختلافهم في الخروج كما سقناه فصلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة بالناس ثم وعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد

واخبرهم ان لهم النصر ما صبروا وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ففرح الناس بذلك ثم

صلى بالناس العصر وقد حشدوا وحضر أهل العوالى ثم دخل رسول الله صلى الله

عليه وسلم بيته ومعه أبوبكر وعمر فعمماه ولبساه ، وصف الناس ينتظرون خروجه

فقال لهم سعد بن معاذ واسيد بن حضير استكرهتم رسول الله صلى الله عليه

وسلم على الخروج فردوا الامر اليه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لبس

لامته وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة من ادم ( 1 ) من حمائل سيف واعتم وتقلد

السيف وألقى الترس في ظهره فندموا جميعا على ما صنعوا . وقالوا ما كان لنا ان نخالفك

فاصنع ما بدالك فقال لا ينبغى لنبى إذا لبس لامته ان يضعها حتى يحكم الله بينه وبين

اعدائه وعقد ثلاثة ألوية لواء للاوس بيد أسيد بن الحضير ولواء المهاجرين بيد

* ( هامش ) * ( 1 ) قال ابن القيم في الهدى : وكان له . ومنطقة من أديم منشور فيها ثلاث

حلق من فضة وابزيم من فضة والطرف من فضة . كذا قال بعضهم ، وقال ابن تيمية

لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شد على وسطه منطقة . ( * )

ـ413ـ

على بن أبى طالب وقيل بيد مصعب بن عمير ولواء للخزرج بيد الحباب بن المنذر

وقيل بيد سعد بن عبادة وفى المسلمين مائة دارع وخرج السعدان أمامه يعدوان

سعد بن معاذ وسعد بن عبادة دارعين ، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم

وعلى الحرس تلك الليلة محمد بن مسلمة في خمسين وأدج رسول الله صلى الله

عليه وسلم في السحر ودليله أبوخيثمة الحارثى فحانت الصلاة يعنى الصبح فصلى

وانخزل ( 1 ) حينئذ ابن أبى من ذلك المكان بثلاثمائة ومعه فرس وفرس لابى بردة

ابن نيار وهو يقول عصانى وأطاع الولدان ومن لا أرى له .

رجع إلى خبر ابن اسحق : قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأخذ

هذا السيف بحقه فقام اليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام اليه أبودجانة سماك بن

خرشة اخو بنى ساعدة فقال وما حقه يا رسول الله قال ان تضرب به في وجه

العدو حتى ينحنى قال أنا آخذه يا رسول الله بحقه فأعطاه إياه ، وكان أبودجانة

رجلا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت ، وحين رآه عليه السلام يتبختر قال

إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن . وكان أول من أنشب الحرب بينهم

أبوعامر عبد بن عمرو بن صفى بن ملك بن النعمان احد بنى ضبيعة وكان فيما

ذكر ابن إسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة خرج حين خرج إلى مكة مباعدا

لرسول الله صلى الله عليه وسلم معه خمسون غلاما من الاوس وبعض الناس

يقول خمسة عشر وكان يعد قريشا ان لو لقى قومه لم يتخلف عليه منهم رجلان

فلقيهم في الاحابيش وعبدان أهل مكة فنادى يا معشر الاوس أنا أبوعامر قالوا

فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق وكان يسمى في الجاهلية الراهب . فسماه رسول

الله صلى الله عليه وسلم الفاسق فلما سمع ردهم عليه قال لقد أصاب قومى بعدى

شر ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم راضخهم بالحجارة . قال ابن اسحق وقد قال أبو

سفيان لاصحاب اللواء من بنى عبد الدار يحرضهم على القتال يا بنى عبد الدار

أنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وانما يؤتى الناس من قبل راياتهم

إذا زالت زالوا فاما ان تكفونا لواءنا واما ان تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به

* ( هامش ) * ( 1 ) أى انفرد . ( * )

ـ414ـ

وتوعدوه وقالوا نحن نسلم اليك لواءنا ستعلم غدا اذا التقينا كيف نصنع وذلك أراد

أبوسفيان فلما التقى الناس قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتى معها واخذن الدفوف

يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم فقالت هند فيما تقول :

ويها بنى عبد الدار * وبها حماة الادبار * ضربا بكل بتار

وتقول : ان تقبلوا نعانق ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق

فاقتتل الناس حتى حميت الحرب ، قاتل أبودجانة حتى امعن في الناس . قال ابن

هشام وحدثنى غير واحد ان الزبير بن العوام قال وجدت في نفسى حين سألت

رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فمنعنيه واعطاه أبا دجانة فقلت والله لانظرن

ما يصنع فاتبعته فأخذ عصابة له حمراء فعصب بها رأسه وقالت الانصار أخرج أبو

دجانة عصابة الموت وهكذا كان يقول اذا عصب بها فخرج وهو يقول :

انا الذى عاهدنى خليلى * ونحن بالسفح لدى النخيل

ان لا أقوم الدهر في الكيول ( 1 ) * إضرب بسيف الله والرسول

فجعل لا يلقى احدا الا قتله . وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحا الا دفف ( 2 )

عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقيا

فاختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته فعضت بسيفه وضربه

أبودجانة فقتله ثم رأيته حمل بالسيف على رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف

عنها . قال ابن اسحق وقال ابودجانة رأيت انسانا يحمش ( 3 ) الناس حمشا شديدا

فعمدت اليه فلما حملت عليه السيف ولول فاكرمت سيف رسول الله صلى الله

عليه وسلم ان اضرب به امرأة . وقاتل حمزة بن ع بدالمطلب حتى قتل ارطاة بن

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : مؤخر الصفوف ، وهو بفتح الكاف وضم الياء المثناة من تحت المشددة

 

( 2 ) أى : أجهز عليه .

( 3 ) أى : يحرضهم على القتال . ( * )

ـ415ـ

شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وكان احد النفر الذين يحملون اللواء

ثم مر به سباع بن عبدالعزى الغبشانى فقال له هلم يا ابن مقطعة البظور .

وكانت امه ختانة بمكة فلما التقيا ضربه حمزة فقتله قال وحشى غلام جبير بن مطعم

والله انى لانظر إلى حمزة يهد الناس بسيفه فما يليق شيئا مثل الجمل الاورق اذ

تقدم اليه سباع بن عبدالعزى فضربه ضربة فكانما اخطأ رأسه وهززت خربتى حتى

اذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته ( 1 ) حتى خرجت من بين رجليه

فاقبل نحوى فغلب فوقع فامهلته حتى اذ مات جئته فأخذت حربتى ثم تنحيت

إلى العسكر ولم يكن لى بشئ حاجة غيره . وقاتل مصعب بن عمير دون

رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل وكان الذى قتله ابن قمئة الليثى وهو

يظنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قريش فقال قتلت محمدا فلما قتل

مصعب اعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية عليا . وقال ابن سعد قتل

مصعب بن عمير فأخذ اللواء ملك في صورة مصعب وحضرت الملائكة يومئذ ولم

تقاتل وحكى دنو القوم بعضهم من بعض والرماة يرشقون خيل المشركين فتولى

هوارب فصاح طلحة بن أبى طلحة صاحب اللواء من يبارز فبرز له على فقتله . وهو

كبش الكتيبة الذى تقدمت الاشارة اليه في الرؤيا ، ثم حمل لواءهم عثمان بن أبى

طلحة فحمل عليه حمزة فقطع يده وكتفه حتى انتهى إلى مؤتزره وبدا سحره ( 2 )

ثم حمله أبوسعيد بن أبى طلحة فرماه سعد بن أبى وقاص فأصاب حنجرته فقتله

ثم حمله مسافع بن طلحة فرماه عاصم بن ثابت فقتله ثم حمله الحارث بن طلحة فرماه

عاصم فقتله ثم حمله كلاب بن طلحة فقتله الزبير بن العوام ثم حمله الجلاس بن طلحة

فقتله طلحة بن عبيد الله . ثم حمله ارطاة بن شرحبيل فقتله على بن أبى طالب ثم حمله شريح

ابن قارظ فلسنا ندرى من قتله ثم حمله صواب غلامهم فقتل قتله سعد بن أبى وقاص .

وقيل على وقيل قزمان وهو اثبت الاقاويل . رجع إلى خبر ابن اسحق والتقى حنظلة بن

أبى عامر الغسيل وأبوسفيان فلما استعلاه حنظلة رآه شداد بن الاوس فدعا أبا

سفيان فضربه شداد فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان صاحبكم

يعنى حنظلة لتغسله الملائكة فسئلت صاحبته فقالت خرج وهو جنب حين سمع

* ( هامش ) * ( 1 ) الثنة : ما بين السرة والعانة

( 2 ) أى : صدره ( * )

ـ416ـ

الهاتفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك غسلته الملائكة ثم انزل الله تعالى

نصره على المسلمين فحشوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر وكانت الهزيمة

لا شك فيها . وحدثنى يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عباد عن

عبدالله بن الزبير أنه قال والله لقد رأيتنى انظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها

مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير اذ مالت الرماة إلى العسكر حتى

كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل فأتينا من خلفنا وصرخ صارخ ألا إن محمدا

قد قتل فانكفأنا وانكفأ القوم علينا بعد ان أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو

منه احد من القوم . قال ابن اسحق وحدثنى بعض أهل العلم ان اللواء لم

يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته لقريش فلاثوا به ( 1 ) وكان

آخر من أخذ اللواء منهم صواب فقاتل به حتى قطعت يداه ثم برك عليه فأخذه

بصدره وعنقه حتى قتل عليه . قال ابن سعد فلما قتل أصحاب اللواء انكشف

المشركون منهزمين لا يلوون على شئ ونساؤهم يدعون بالويل وتبعهم المسلمون

يضعون السلاح فيهم حيث شاؤوا حتى أجهضوهم ( 2 ) عن العسكر ووقعوا ينتهبون

العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم وتكلم الرماة الذين على عينين واختلفوا

بينهم وثبت أميرهم عبدالله بن جبير في نفر يسير دون العشرة مكانه وقال لا

أجاوز امر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغنى ووعظ اصحابه وذكرهم امر رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قد انهزم

المشركون فما مقامنا ههنا فانطلقوا يتبعون العسكر وينتهبون معهم وخلوا

الجبل . ونظر خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه

عكرمة بن أبى جهل فحملوا على من بقى من الرماة فقتلوهم وقتل أميرهم عبدالله بن

جبير وانتقضت صفوف المسلمين واستدارت رحاهم وجالت الريح فصارت دبورا

وكانت قبل ذلك صبا . ونادى ابليس ان محمدا قد قتل واختلط المسلمون فصاروا

يقتتلون على غير شعار ويضرب بعضهم بعضا ما يشعرون به من العجلة والدهش

ونادى المشركون بشعارهم بالعزى بالهبل . فأوجعوا في المسلمين قتلا ذريعا وولى

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : اجتمعوا حوله .

( 2 ) أى : ازالوهم ( * )

 

ـ417ـ

من ولى منهم يومئذ ، قال موسى بن عقبة ولما فقد رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال رجل منهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل فارجعوا إلى

قومكم فيؤمنونكم قبل ان يأتوكم فيقتلوكم فانهم داخلو البيوت وقال رجل منهم

لو كان لنا من الامر شئ ما قتلنا ههنا وقال آخرون ان كان رسول الله صلى الله

عليه وسلم قد قتل افلا تقاتلون على دينكم وعلى ما كان عليه نبيكم حتى تلقوا الله

عزوجل شهداء منهم انس بن ملك بن النضر شهد له بها سعد بن معاذ عند

رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت كذا وقع في هذا الخبر انس بن مالك بن

النضر وانما هو انس بن النضر عم انس بن ملك بن النضر . رجع إلى خبر ابن سعد

وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزول يرمى عن قوسه حتى صارت

شظايا ويرمى بالحجر وثبت معه عصابة من أصحابه اربعة عشر رجلا سبعة من

المهاجرين فيهم ابوبكر الصديق وسبعة من الانصار حتى تحاجزوا . وروى

البخارى لم يبق مع النبى صلى الله عليه وسلم الا اثنا عشر رجلا . وعن ابى طلحة

غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم أحد فجعل سيفى يسقط من يدى وآخذه

ويسقط وآخذه وكان يوم يوم بلاء وتمحيص اكرم الله فيه من اكرم من المسلمين بالشهادة حتى

خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقذف بالحجارة حتى وقع لشقه

واصيبت رباعيته وشج في وجهه وكلمت ( 1 ) شفته وكان الذى اصابه عتبة بن ابى وقاص .

قال ابن إسحق فحدثنى حميد الطويل عن انس بن ملك قال كسرت رباعية

النبى صلى الله عليه وسلم يوم احد وشج وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه

وجعل يمسح الدم وهو يقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم

إلى ربهم فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك ( ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم

أو يعذبهم فانهم ظالمون ) قال ابن هشام وذكر لى ربيح ( 2 ) بن عبدالرحمن بن ابى سعيد

الخدرى عن ابيه عن ابى سعيد الخدرى ان عتبة بن ابى وقاص رمى رسول الله

صلى الله عليه وسلم يومئذ فكسر رباعيته اليمنى السفلى وجرح شفته السفلى وان

عبدالله بن شهاب الزهرى شجه في وجهه وان ابن قمئة جرح وجنته فدخلت

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : جرحت . ( 2 ) بضم الراء وفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة وحاء

مهملة . قال الترمذى قال البخارى منكر الحديث ، وقال ابن عدى أرجو أنه لا بأس به . ( * )

ـ418ـ

حلقتان من المغفر في وجنته ووقع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرة من

الحفر التى عمل أبوعامر ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون فأخذ على بن أبى طالب

بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعه طلحة بن عبدالله حتى استوى قائما

ومص ملك بن سنان أبوأبى سعيد الخدرى الدم من وجهه ثم ازدرده ( 1 ) فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم من مس دمى دمه لم تصبه النار . وذكر عبدالعزيز

ابن محمد الدراوردى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال من سره ان ينظر إلى

شهيد يمشى على وجه الارض فلينظر إلى طلحة بن عبدالله . وعن عيسى بن طلحة عن

عائشة عن أبى بكر الصديق ان أبا عبيدة بن الجراح نزع احدى الحلقتين من

وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقطت ثنيته ثم نزع الاخرى فسقطت

ثنيته الاخرى فكان ساقط الثنيتين . وروينا عن ابن عائذ قال أنا الوليد بن مسلم

قال فحدثنى عبدالرحمن بن يزيد بن جابر أن الذى رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم

بأحد فجرحه في وجهه قال لما رماه فأصابه خذها وأنا ابن قمئة فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم اقماك الله عزوجل ، قال ابن جابر انصرف ابن قمئة من ذلك اليوم إلى

أهله فخرج إلى غنمه فوافاها على ذروة جبل فأخذ فيها يعترض عليها ويشد عليه تيسها

فنطحه نطحة ارداه من شاهقة الجبل فتقطع . قال ابن اسحق فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم حين غشيه القوم من رجل يشترى لنا نفسه كما حدثنى الحصين بن

عبدالرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن محمود بن عمر وقال فقام زياد بن السكن

في نفر خمسة من الانصار وبعض الناس يقول إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن

فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا يقتلون دونه حتى كان

آخرهم زيادا وعمارة فقاتل حتى أثبته الجراحة ، ثم فاءت فيئة من المسلمين

فأجهضوهم عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنوه منى فأدنوه منه

فوسده قدمه فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن هشام فقالت

 

أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم احد فذكر سعيد بن أبى يزيد الانصارى

ان أم سعيد ابنة سعد بن الربيع كانت تقول دخلت على أم عمارة فقلت يا خالة

أخبرينى خبرك فقالت خرجت أول النهار وأنا أنظر ما يصنع النسا ومعى سقاء

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ابتلعه . ( * )

ـ419ـ

فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة

والريح للمسلمين فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمى عن القوس حتى خلصت الجراحة

إلى فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت من أصابك بهذا قالت ابن قمئة

اقماه الله لما ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يقول دلونى على محمد

فلا نجوت ان نجا فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول

الله صلى الله عليه وسلم فضربنى هذه الضربة ولكن ضربته ضربا على ذلك

ولكن عدو الله كان عليه درعان قال ابن اسحق وترس دون رسول الله صلى

الله عليه وسلم أبودجانة بنفسه يقع النبل في ظهره وهو منحن عليه حتى كثر

فيه النبل ورمى سعد بن أبى وقاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

سعد فلقد رأيته يناولنى النبل ويقول ارم فداك أبى وأمى حتى أنه ليناولنى

السهم ماله من نصل فيقول ارم به ، وحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة ان رسول

الله صلى الله عليه وسلم رمى عن قوسه حتى اندقت سيتها ( 1 ) فأخذها قتادة بن

النعمان فكانت عنده . واصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته

فحدثنى عاصم بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها بيده فكانت

أحسن عينيه واحدهما . وذكر الاصمعى عن أبى معشر المدنى قال وفد أبوبكر

ابن محمد بن عمرو بن حزم بديوان أهل المدينة إلى عمر بن عبدالعزيز رجلا من ولد

قتادة بن النعمان فلما قدم عليه قال له ممن الرجل فقال :

أنا ابن الذى سالت على الخد عينه * فردت بكف المصطفى أحسن الرد

فعادت كما كانت لاول أمرها * فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد

حكاه ابوعمر قال ابن سعد ورمى يومئذ أبورهم الغفارى كلثوم بن الحصين

بسهم فوقع في نحره . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصق عليه فبرأ قال

ابن اسحق وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول

* ( هامش ) * ( 1 ) سية القوس ما عطف من طرفيها والجمع سيات . ( * )

ـ420ـ

الناس قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر لى ابن شهاب الزهرى كعب

ابن ملك قال عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتى يا معشر

المسلمين ابشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار لى رسول الله صلى

الله عليه وسلم ان انصت فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم

نهضوا به ونهض معهم نحو الشعب معه أبوبكر وعمر وعلى وطلحة والزبير

والحرث بن الصمة ورهط من المسلمين . قال موسى بن عقبة بايعوه على الموت

فلما اسند رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركه أبى بن خلف وهو يقول أين محمد لا نجوت

إن نجوت . قال ابن عقبة قال سعيد بن المسيب فاعترض له رجال من المسلمين فأمرهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا طريقه واستقبله مصعب بن عمير أخو بنى

عبد الدار يقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فقتل مصعب بن عمير وأبصر

رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبى بن خلف من فرجة من سابغة الدرع

والبيضة فطعنه بحربته فوقع أبى عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم قال سعيد

فكسر ضلعا من أضلاعه قال ففى ذلك نزلت ( وما رميت اذ رميت ولكن الله

رمى ) وقال ابن اسحق في هذا الخبر كان أبى بن خلف كما حدثنى صالح بن

إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول

يا محمد ان عندى العود فرساله أعلفه كل يوم فرقاس ذرة أقتلك عليها فيقول رسول

الله صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتلك ان شاء الله فلما رجع إلى قريش وقد خدشه

في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال قتلنى والله محمد قالوا له ذهب والله

فؤادك والله ان بك من بأس قال انه قد كان قال لى بمكة أنا أقتلك فوالله لو بصق

على لقتلنى فمات عدو الله بسرف ( 1 ) وهم قافلون به إلى مكة ، وقال ابن عقبة قال والذى

نفسى بيده لو كان هذا الذى بى بأهل ذى المجاز لماتوا اجمعون .

رجع إلى الاول فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فم الشعب خرج على بن

أبى طالب حتى ملا درقته من المهراس فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشرب

منه فوجد له ريحا فعافه فلم يشرب منه وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح السين وكسر الراء موضع في طريق مكة . ( * )

ـ421ـ

وهو يقول اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه . فحدثنى صالح بن كيسان

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 421 سطر 1 الى ص 430 سطر 26

وهو يقول اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه . فحدثنى صالح بن كيسان

عن من حدثه عن سعد بن أبى وقاص أنه كان يقول والله ما حرصت على قتل

رجل قط حرصى على قتل عتبة بن أبى وقاص وإن كان ما علمت لسئ الخلق مبغضا

في قومه ولقد كفانى منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله

على من دمى وجه رسوله ( 1 ) . قال ابن اسحق فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم

في الشعب معه أولئك النفر من أصحابه اذ علت عالية من قريش الجبل فقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم اللهم انه لا ينبغى لهم ان يعلونا فقاتل عمر بن الخطاب

ورهط من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل . ونهض رسول الله صلى الله

عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها وقد كان بدن رسول الله صلى الله

عليه وسلم وظاهر بين درعين فلما ذهب لينهض لم يستطع فجلس تحته طلحة بن

عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما

حدثنى يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن أبيه عن عبدالله بن الزبير بن العوام

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذ اوجب طلحة حين صنع

برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع . قال ابن هشام وبلغنى عن عكرمة

عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الدرجة المبنية في الشعب

وذكر عمر مولى غفرة ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم أحد قاعدا

من الجراح التى أصابته وصلى المسلمون خلفه قعودا . قال ابن اسحق وقد كان

الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى المنعى

دون الاعوص . وحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال فلما خرج

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رفع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو

حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش في الاطام ( 2 ) مع النساء والصبيان فقال أحدهما

لصاحبه وهما شيخان كبيران لا أبالك ما ننتظر فوالله ان بقى لواحد منا من عمره

إلا ظمء حمار ( 3 ) انما نحن هامة اليوم أو غدا أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل بلغ مقابلة لله الحمد .

( 2 ) جمع أطم بالضم : بناء مرتفع .

( 3 ) أى شئ يسير ، وانما خص الحمار لانه أقل الدواب صبرا عن الماء . ( * )

ـ422ـ

صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يعلم بهما فأما ثابت بن وقش

فقتله المشركون وأما حسيل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه

ولا يعرفونه فقال حذيفة أبى والله أبى قالوا والله ان عرفناه وصدقوا فقال حذيفة

يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم

ان يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزاده عند رسول الله صلى الله

عليه وسلم خيرا . قال ابن اسحق وحدثنى عاصم بن عمر بن قتادة قال كان فينا

رجل أتى ( 1 ) ولا ندرى ممن هو يقال له قزمان وكان رسول الله صلى الله عليه

وسلم إذا ذكره يقول انه لمن أهل النار . قال فلما كان يوم احد قاتل قتالا شديدا

فقتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين . وكان ذا بأس فأثبتته الجراحة فاحتمل

إلى دار بنى ظفر قال فجعل رجال من المسلمين يقولون والله لقد أبليت اليوم

يا قزمان فأبشر قال بماذا أبشر فوالله ان قاتلت الا على أحساب قومى ولولا ذلك لما

قاتلت قال فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما من كنانته فقتل به نفسه . وكان

ممن قتل يومئذ مخيريق وقد تقدم خبره ، وكان الحارث بن سويد بن الصامت

منافقا لم ينصرف مع عبدالله بن أبى في حين انصرافه عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم مع جماعته عن غزوة احد . ونهض مع المسلمين فلما التقى المسلمون

والمشركون عدا على المجذر بن زياد وعلى قيس بن زيد احد بنى ضبيعة فقتلهما

وفر إلى الكفار وكان المجذر قد قتل في الجاهلية سويد بن الصامت والد الحرث

المذكور في بعض حروب الاوس والخزرج . ثم ان الحرث رجع إلى المدينة إلى

قومه وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء ونزل جبريل عليه فأخبره

ان الحرث بن سويد قدم فانهض اليه واقتص منه لمن قتله من المسلمين غدرا

يوم احد فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء في وقت لم يكن يأتيهم

فيه فخرج اليه الانصار أهل قباء في جماعتهم وفى جملتهم الحرث بن سويد وعليه

ثوب مورس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عويم بن ساعدة بضرب عنقه

فقال الحرب لم يا رسول الله فقال بقتلك المجذر بن زياد وقيس بن زيد فما راجعه

* ( هامش ) * ( 1 ) أى غريب ، يقال رجل أتى وأتاوى . ( * )

ـ423ـ

الحرث بكلمة وقدمه عويم فضرب عنقه ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلم ينزل عندهم . هذا عن أبى عمر النمرى ، والمأمور بضرب عنقه عند بعضهم عثمان

ابن عفان وعند آخرين بعض الانصار ، وفى قتل المجذر سويدا خلاف بين أهل

النقل . قال ابن اسحق وحدثنى الحصين بن عبدالرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن

أبى سفيان مولى ابن أبى أحمد عن أبى هريرة قال كان يقول حدثونى عن رجل

دخل الجنة لم يصل قط فاذا لم يعرفه الناس سألوه من هو فيقول اصيرم بنى عبد

الاشهل عمرو بن ثابت بن وقش قال الحصين فقلت لمحمود بن لبيد كيف كان شأن

الاصيرم قال كان يأبى الاسلام على قومه فلما كان يوم خروج النبى صلى الله عليه وسلم إلى

أحد بدا له في الاسلام فأسلم ثم اخذ سيفه فغدا حتى دخل في عرض الناس فقاتل حتى

اثبته الجراحة قال فبينا رجال من بنى عبد الاشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به فقالوا

والله ان هذا للاصيرم ما جاء به لقد تركناه وانه لمنكر لهذا الحديث فسألوه ما جاء

بك أحدب على قومك او رغبة في الاسلام فقال بل رغبة في الاسلام آمنت

بالله ورسوله وأسلمت ثم أخذت سيفى فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم قاتلت حتى أصابنى ما أصابنى ثم لم يلبث ان مات في ايديهم فذكروه لرسول الله صلى

الله عليه وسلم فقال انه لمن أهل الجنة ، وحدثنى أبى اسحق بن يسار عن اشياخ

من بنى سلمة ان عمرو بن الجموح كان رجلا أعرج شديد العرج ، وكان له بنون

اربعة مثل الاسد يشهدون المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان

يوم احد أرادوا حبسه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان بنى يريدون

أن يحبسونى عن هذا الوجه والخروج معك فيه فوالله إنى لارجو أن اطأ بعرجتى

هذه في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت فقد عذرك الله فلا

جهاد عليك وقال لبنيه ما عليكم ان لا تمنعوه لعل الله يرزقه شهادة فخرج معه

فقتل يوم أحد ، وذكر أبوعمر في خبره قال فأخذ سلاحه وولى فلما ولى

أقبل على القبلة وقال اللهم ارزقنى الشهادة ولا تردنى إلى أهلى خائبا . وفيه ثم قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده ان منكم من لو أقسم على

الله لابره منهم عمرو بن الجموح ولقد رأيته يطأ في الجنة بعرجته ، وقيل حمل هو

ـ424ـ

وابنه خلاد حين انكشف المسلمون فقتلا جميعا . قال ابن اسحق ووقعت هند

بنت عتبة كما حدثنى صالح بن كيسان والنسوة اللاتى معها يمثلن بالقتلى من أصحاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدعن الآذان والانف حتى اتخذت هند من

آذان الرجال وآنفهم خدما وقلائد واعطت خدمها وقلائدها واقرطتها وحشيا

غلام جبير بن مطعم وبقرت من كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع ان تسيغها فلفظتها

ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها فقالت :

نحن جزيناكم بيوم بدر * والحرب بعد الحرب ذات سعر

ما كان عن عتبة لى من صبر * ولا أخى وعمه وبكر

شفيت نفسى وقضيت نذرى * شفيت وحشى غليل صدرى

فشكر وحشى على عمرى * حتى ترم اعظمى في قبرى

فأجابتها هند بن أثاثة بن عباد بن المطلب فقالت :

خزيت في بدر وبعد بدر * يا بنت وقاع عظيم الكفر

صبحك الله غداة الفجر * ب الهاشميين الطوال الزهر

بكل قطاع حمام يفرى * حمزة ليثى وعلى صقرى

اذ رام شيب وأبوك غدرى فخضبا منه ضواحى النحر

ونذرك السوء فشر نذر

ثم أن أبا سفيان حين أراد الانصراف اشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته

انعمت فقال ان الحرب سجال يوم بيوم بدر اعل هبل أى أظهر دينك

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عمر فأجبه فقل الله اعلى وأجل لا سواء

قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وقال ان لنا العزى ولا عزى لكم قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم قولوا الله مولانا ولا مولى لكم عن ابن عائذ وغيره رجع

فلما اجاب عمر أبا سفيان قال له أبوسفيان هلم إلى يا عمر فقال رسول الله صلى الله

ـ425ـ

عليه وسلم لعمر ائته فانظهر ما شأنه فجاءه فقال أبوسفيان انشدك الله يا عمر

أقتلنا محمدا . قال عمر اللهم لا وانه يسمع كلامك الآن قال أئت اصدق عندى

من ابن قمئة وأبر لقول ابن قمئة إنى قتلت محمدا ثم نادى أبوسفيان أنه قال في

قتلاكم مثل والله ما رضيت ولا سخطت ولا نهيت ولا أمرت ولما انصرف

أبوسفيان واصحابه نادى ان موعدكم بدر للعام القابل فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم لرجل من اصحابه قل نعم هو بيننا وبينكم موعد ثم بعث رسول الله

صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب وقال ابن عائذ سعد بن أبى وقاص فقال

اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون وماذا يريدون فان كانوا قد جنبوا الخيل

وامتطوا الابل فانهم يريدون مكة وان ركبوا الخيل وساقوا الابل فهم يريدون

المدينة والذى نفسى بيده ان أرادوها لاسيرن اليهم فيها ثم لاناجزنهم قال على

فخرجت في آثارهم انظر ما يصنعون فجنبوا الخيل وامتطوا الابل ووجهوا إلى

مكة وفرغ الناس لقتلاهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنى محمد بن

عبدالله بن عبدالرحمن بن أبى صعصعة المازنى أخو بنى النجار من رجل ينظر

ما فعل سعد بن الربيع أفى الاحياء هو أم في الاموات فقال رجل من الانصار

أنا انظر لك يا رسول الله ما فعل فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رمق قال فقلت

له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنى ان انظر أفى الاحياء أنت أم في الاموات

قال أنا في الاموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنى السلام وقل له ان سعد

ابن الربيع يقول لك جزاك الله عنا خير ما جزى به نبيا عن أمته وأبلغ قومك عنى السلام

وقل لهم ان سعد بن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله ان يخلص إلى نبيكم ومنكم

عين تطرف قال ثم لم ابرح حتى مات قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم

فأخبرته خبره . قال ابن اسحق وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنى

يلتمس حمزة بن ع بدالمطلب فوجده ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده ومثل

به فجدع انفه وأذناه . اخبرنا أبوالفضل عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى وأبو

الهيجاء غازى بن أبى الفضل بن ع بدالوهاب بقراءة والدى عليهما وانا اسمع

متفرقين قالا أنا أبوحفص عمر بن محمد بن طبرزد قال انا أبوالقاسم هبة الله بن

ـ426ـ

محمد بن الحصين الشيبانى قال أنا أبوطالب محمد بن محمد بن غيلان قال انا أبوبكر

محمد بن عبدالله بن ابراهيم الشافعى فثنا حامد بن محمد فثنا بشر بن الوليد فثنا صالح

المرى عن سليمان التيمى عن أبى عثمان النهدى عن أبى هريرة ان رسول الله صلى الله

عليه وسلم وقف على حمزة بن ع بدالمطلب حين استشهد فنظر إلى شئ لم ينظر إلى

شئ قط كان أوجع لقلبه منه ونظر قد مثل به فقال رحمة الله عليك فانك كنت

ما علمتك فعولا للخيرات وصولا للرحم ولولا حزن من بعدى عليك لسرنى ان

أدعك حتى تحشر من أفواه شتى أما والله مع ذلك لامثلن بسبعين منهم قال فنزل

جبريل عليه السلام والنبى صلى الله عليه وسلم واقف بعد بخواتيم سورة

النحل ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) إلى

 

آخر السورة فصبر النبى صلى الله عليه وسلم فكفر عن يمينه وأمسك عما اراد .

قال ابن اسحق وحدثنى من لا اتهم عن مقسم مولى عبدالله بن الحارث عن

ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فسجى ( 1 ) ببرده ثم صلى

عليه فكبر سبع تكبيرات ثم أتى بالقتلى يوضعون إلى جنب حمزة فصلى عليه وعليهم

معهم حتى صلى عليهم ثنتين وسبعين صلاة . وقد روينا حديث مقسم هذا عن

ابن عباس أتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم احد فجعل يصلى على عشرة عشرة

الحديث من طريق ابن ماجه عن محمد بن عبدالله بن نمير عن أبى بكر بن عياش عن

يزيد بن أبى زياد عن مقسم به . وروينا عن ابن سعد قال أنا أبوالمنذر البزار

فثنا سفيان الثورى عن حصين عن أبى مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى

على قتلى احد . وقال ابن عقبة لم يغسلهم ولم يصل على احد منهم كما يصلى على الموتى

ولم يدفنهم ( 2 ) في غير ثيابهم التى قتلوا فيها . قال أبوعمر واختلف في صلاة رسول

الله صلى الله عليه وسلم على شهداء احد ولم يختلف عنه في انه أمر أن يدفنوا بثيابهم

ودمائهم ولم يغسلوا ومثل يومئذ بعبد الله بن جحش بن رئاب غير انه لم يبقر ( 3 ) عن

* ( هامش ) * ( 1 ) أى غطى .

( 2 ) في نسخة " يكفنهم " .

( 3 ) يبقر أى يشق . ( * )

ـ427ـ

كبده . وروى ابن وهب عن أبى صخر عن ابن قسيط عن اسحق بن سعد

ابن أبى وقاص عن أبيه ان عبدالله بن جحش قال له يوم احد ألا تأتى ندعو الله

فخلوا في ناحية فدعا سعد فقال يا رب اذا لقيت العدو غدا فلقنى رجلا شديدا

بأسه شديدا حرده اقاتله فيك ويقاتلنى ثم ارزقنى عليه الظفر حتى اقتله وآخذ

سلبه فأمن عبدالله بن جحش ثم قال اللهم ارزقنى غدا رجلا شديدا بأسه شديدا

حرده اقاتله فيك ويقاتلنى فيقتلنى ثم يأخذنى فيجدع انفى واذنى . فاذا لقيتك

قلت يا عبدالله فيم جدع أنفك وأذنك فاقول فيك وفى رسولك فيقول الله

صدقت قال سعد كانت دعوة عبدالله بن جحش خيرا من دعوتى لقد رأيته آخر النهار

وان أذنه وأنفه معلقان في خيط . وذكر الزبير في ا لموفقيات ان عبدالله بن جحش

انقطع سيفه يوم أحد فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجون نخلة فصار في يده سيفا

يقال ان قائمه منه وكان يسمى العرجون ولم يزل يتناقل حتى بيع من بغا التركى بمائتى

دينار . يقال انه قتل يومئذ عبدالله أبوالحكم بن الاخنس بن شريق الثقفى

ودفن هو وحمزة بن عبد المطلب في قبر واحد . قال ابن سعد ودفن عبدالله بن عمرو

ابن حرام وعمرو بن الجموح في قبر واحد ودفن خارجة بن زيد وسعد بن الربيع

في قبر واحد . ودفن النعمان بن ملك وعبدة بن الخشخاش في قبر واحد وكان

الناس أو عامتهم قد حملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم في نواحيها فنادى منادى

رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا القتلى إلى مضاجعهم فأدرك المنادى رجلا واحدا

لم يكن دفن فرد وهو شماس بن عثمان المخزومى ، وسيأتى لوفاة شماس ذكر في

أشعار أحد ان شاء الله تعالى . وأما أبوعمر فقال يومئذ احتمل ناس من المسلمين

قتلاهم إلى المدينة فردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدفنوا حيث قتلوا . قال الواقدى

وولى رسول الله صلى الله عليه وسلم تركة عبدالله بن جحش واشترى لابنه مالا

بخيبر ، و عبدالله لاميمة بنت ع بدالمطلب بن هاشم عمة رسول الله صلى الله عليه

وسلم ويومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أشرف على القتلى أنا شهيد

على هؤلاء وما من جريح يجرح في الله الا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه اللون لون

الدم والريح ريح مسك . روينا عن أبى بكر الشافعى بالاسناد المذكور آنفا فثنا

محمد بن على بن اسمعيل فثنا قطن فثنا حفص فثنا ابراهيم عن عباد بن اسحق عن

ـ428ـ

محمد بن مسلم الزهرى عن عبدالله بن ثعلبة انه أخبره ان رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال لقتلى أحد زملوهم بجراحهم إنه ليس مكلوم يكلم في الله تعالى إلا وهو

يأتى يوم القيامة لونه لون دم وريحه ريح مسك . وكذلك رواه محمد بن مصعب عن

الاوزاعى عن الزهرى وغيره يخالفه . قال الدارقطنى الصواب رواية الليث ومن

وافقه . ورووه عن الزهرى عن عبدالرحمن بن كعب عن جابر ويومئذ قال

النبى صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبى وقاص ارم فداك أبى وأمى .

قرئ على عبدالرحيم بن يوسف بن يحيى الموصلى وأنا أسمع أخبركم أبوعلى حنبل

ابن عبدالله بن الفرج بن سعادة الرصافى قراءة عليه وانت حاضر في الخامسة

قال انا أبوالقسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال أنا أبوعلى الحسن بن على بن

المذهب قال أنا أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن ملك القطيعى قال أنا

عبدالله بن احمد فثنا أبى فثنا وكيع فثنا سفيان عن سعد بن ابراهيم عن عبد

الله بن شداد عن على قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدى أحدا

بأبويه الا سعد بن ملك فانى سمعته يقول له يوم أحد إرم سعد فداك أبى وأمى

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهداء أنظروا أكثر هؤلاء جمعا

للقرآن فاجعلوه امام أصحابه في القبر وكانوا يدفنون الثلاثة والاثنين في القبر .

وقال ابن سعد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادفنوا عبدالله بن عمرو

وعمرو بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من الصفاء قال فحفر عنهما وعليهما

نمرتان ( 1 ) و عبدالله قد أصابه جرح في وجهه فيده على جرحه فأميطت يده عن

وجهه فانبعث الدم فردت يده إلى مكانها فسكن الدم . وقال أنا عمرو بن الهيثم

أبوقطن فثنا هشام الدستوائى عن أبى الزبير عن جابر قال صرخ بنا إلى قتلانا

يوم أحد حين أجرى معاوية العين فأخرجناهم بعد أربعين سنة لينة أجسادهم

تنثنى أطرافهم . قرئ على الحرة الاصيلة أم محمد شامية بنت الحافظ صدر

الدين أبى على الحسن بن محمد بن محمد بن البكرى وأنا أسمع بالقاهرة سنة ثمان

* ( هامش ) * ( 1 ) كل شملة مخططة من مآزر الاعراب فهى نمرة كأنها أخذت من لون النمر

لما فيها من السواد والبياض . ( * )

 

ـ429ـ

وسبعين وستمائة أخبرك الشيخ أبوحفص عمر بن محمد بن طبرزد الدارقذى

قراءة عليه وأنت تسمعين فأقرت به قال أنا أبوغالب أحمد بن الحسن بن أحمد

ابن البناء قراءة عليه وأنا أسمع قال أنا القاضى أبويعلى محمد بن الحسين بن خلف

ابن الفراء قراءة عليه وأنا أسمع قال أنا أبوالحسن على بن معروف بن محمد البزاز

قراءة عليه في رجب سنة ست وثمانين وثلاثمائة قال أنا أبواسحق ابراهيم بن

عبدالصمد بن موسى الهاشمى فثنا خلاد بن أسلم قال أخبرنى النضر بن شميل

فثنا شعبة فثنا محمد بن المنكدر قال سمعت جابرا قال قتل أبى يوم أحد فجئت اليه

وقد مثل به وهو مغطى الوجه فكشفت عن وجهه وجعلت أبكى وجعل الناس

ينهونى ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهانى وجعلت فاطمة بنت عمر عمتى

تبكيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبكيه فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى

رفعتموه . وقرأت على عبدالله محمد بن أبى الفتح الحنبلى الصورى وأبى النور

اسمعيل بن نور بن قمر الهيتى قلت للاول أخبرك أب والبركات بن ملاعب والثانى

أخبركم أبونصر موسى بن عبد القادر قالا أنا سعيد بن البناء قال أنا أبوالقاسم بن البسرى

قال أنا أبوطاهر المخلص فثنا يحيى يعنى ابن صاعد فثنا عبدالله بن محمد بن المسور

فثنا سفيان قال أنا كوفى لنا قال أنا محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عقيل

عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمت ان الله أحيا

أباك فقال له تمنه فقال أرد إلى الدنيا فأقتل فقال قد قضيت انهم إلى الدنيا لا يرجعون .

كذا وقع في هذه الرواية عن سفيان قال أنا كوفى لنا قال انا محمد بن يحيى وكأنه

تصحيف ولعل الصواب فيه ثنا سفيان قال انا كوفى لنا قال محمد بن على عن ابن عقيل وهو

محمد بن على بن ربيعة السلمى أبوعتاب الكوفى ابن عم منصور بن المعتمر

وأخوه لامه رأى ربعى بن حراش . روى عن ابن عقيل وغيره وروى عنه سفيان بن

عيينة وغيره وثقه يحيى بن معين وقال ابن أبى حاتم عن أبيه هو من الشيعة قلت

ما حاله قال صدوق لا بأس به صالح الحديث ووقع في ترجمته وهم عن ابن ابى حاتم

تبع فيه البخارى على عادته نبه عليه أبوبكر الخطيب وقد أثبته هناك ، وكذا

ذكر هذا الخبر أبوعمر بن عبدالبر قال وروى ابن عيينة عن محمد بن على السلمى عن

عبدالله بن محمد بن عقيل عن جابر فذكره . ويومئذ نهى رسول الله صلى الله

ـ430ـ

عليه وسلم عن النوح قال ابن اسحق وحدثنى عبدالواحد بن أبى عون عن اسماعيل

ابن محمد بن سعد بن أبى وقاص قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بنى

دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد

فلما نعوا لها قالت فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا خيرا يا أم فلان

هو بحمد الله تعالى كما تحبين قالت أرونيه حتى انظر اليه قال فأشير لها اليه

حتى اذا رأته قالت كل مصيبة بعدك جلل - تريد صغيرة - وكان لطلحة بن عبدالله

يومئذ المقام المحمود في الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الزبير

وغيره وأبلى طلحة بلاء حسنا يوم احد ووقى رسول الله صلى الله عليه وسلم

بنفسه واتقى عنه النبل بيده حتى شلت اصبعه وضرب الضربة في رأسه وحمل

رسول الله صلى الله عليه وسلم اوجب طلحة لى . وقرأت على أبى الفتح يوسف بن يعقوب

الشيبانى بسفح قاسيون أخبرتكم أم الفضل زينب بنت محمد بن أحمد بن عقيل القيسية

قراءة عليها وأنت تسمع سنة ست وستمائة قالت أنا الفقيه أبوالفتح نصر الله

قال محمد بن عبد القوى المصيصى قراءة عليه ونحن نسمع قال أنا الحافظ أبوبكر

احمد بن على بن ثابت الخطيب قراءة عليه وأنا أسمع قال أنا الحسن بن أبى بكر

قال انا محمد بن عبدالله الشافعى فثنا محمد بن احمد بن النضر الازدى فثنا معاوية

ابن عمرو عن أبى اسحق يعنى الفزارى عن حميد عن أنس قال غاب عمى أنس بن

النضر عن قتال أهل بدر فقال غبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه

وسلم المشركين اما والله اما والله لئن اشهدنى الله قتالا ليرين الله ما اصنع فلما

كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال اللهم انى أعتذر اليك مما صنع هؤلاء

لاصحابه وأبرأ اليك مما جاء به هؤلاء المشركون ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ فقال

اين يا سعد واها لريح الجنة والله انى لاجد ريحها دون احد . قال سعد فما

استطعت اصنع ما صنع مضى حتى استشهد قال قال انس ما عرفته الا ببنانه لانه

مثل به وجدنا فيه بضعة وثمانين اثرا من بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح ورمية

بسهم فكنا نتحدث ان فيه وفى اصحابه نزلت ( من المؤمنين رجال صدقوا

ما عاهدوا الله عليه ) وروينا عن ابن اسحق عن حميد الطويل عن انس بن النضر

ـ431ـ

يومئذ سبعين ضربة فما عرفته الا أخته عرفته ببنانه أخبرتنا السيدة الاصيلة مونسة

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 431 سطر 1 الى ص 440 سطر 27

يومئذ سبعين ضربة فما عرفته الا أخته عرفته ببنانه أخبرتنا السيدة الاصيلة مونسة

خاتون بنت السلطان الملك العادل سيف الدين ابى بكر بن ايوب رحم الله سلفها

فيما قرأته عليها عن عفيفة بنت احمد بن عبدالله ا لفارقانية اجازة قالت انا

ابوطاهر عبدالواحد بن محمد بن احمد بن الصباغ قال انا أبونعيم الحافظ قال انا

أبوعلى بن الصواف فثنا محمد بن نضر يعنى ابا جعفر الصايغ فثنا ابراهيم يعنى

ابن حمزة فثنا عبدالعزيز يعنى ابن محمد عن عبيد الله يعنى ابن عمر عن نافع عن ابن

عمر ان عمر بن الخطاب قال لاخيه زيد بن الخطاب يوم احد خذ درعى هذه

يا أخى فقال له انى اريد من الشهادة مثل ما تريد فتركاها جميعا . قال ابن اسحق

ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اهله ناول سيفه ابنته فاطمة فقال اغسلى

عن هذا دمه يا بنية فوالله لقد صدقنى اليوم وناولها على بن ابى طالب سيفه

وقال وهذا فاغسلى عنه دمه فوالله لقد صدقنى اليوم فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم لئن كنت صدقت القتال لقد صدق معك سهل بن حنيف وابودجانة .

وروينا عن ابن عقبة ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف على مختضبا

دما قال ان تكن أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت بن أبى الاقلح

والحرث بن الصمة وسهل بن حنيف ، ثم قال أخبرونى عن الناس ما فعلوا وأين

عامتهم ثم قال ان المشركين لن يصيبوا منا مثلها حتى نتيحهم ، ومثل المشركون

يومئذ بقتلى المسلمين الا ما كان من حنظلة ابن أبى عامر فان أباه كان معهم فلذلك

لم يمثلوا به وذكره ابن عقبة وقال قال سهل بن سعد الساعدى قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم اللهم اغفر لقومى فانهم لا يعلمون وانهزم قوم من المسلمين منهم

عثمان بن عفان وسعد بن عثمان وأخوه عقبة بن عثمان من بنى زريق وخارجة بن

عامر الانصارى ثم عفا الله عنهم ونزل فيهم ( ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان

انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ) الآية قال ابن عقبة تولوا حتى انتهوا إلى

بير جرم . وروينا عن محمد بن سعد قال أبوالنمر الكنانى هو جد شريك بن

عبدالله بن ابى نمر المحدث شهد أحدا مع المشركين وقال رميت يومئذ بخمسين

مرماة فأصبت منها بأسهم وانى لانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وان

أصحابه لمحدقون به وان النبل ليمر عن يمينه وعن شماله ويقصر بين يديه ويخرج من

ورائه ، ثم هداه الله للاسلام .

ـ433ـ

( ذكر فوائد تتعلق بهذه الاخبار )

الاحابيش الذين حالفوا قريشا هم بنو المصطلق سعد بن عمرو وبنو الهون بن

خزيمة اجتعمعوا بذنبة حبشى وهو جبل بأسفل مكة فتحالفوا بالله إنا ليد على

غيرنا ما سجى ليل ووضح نهار وما رسا حبشى مكانه فسموا أحابيش باسم الجبل ،

قال حماد الراوية سموا أحابيش لاجتماعهم والتجمع في كلام العرب هو التحبش

قاله ابن قتيبة في كتاب المعارف له : رأيت ذلك بخط جدى رحمه الله وقال انه

قرأه على ابى على شيخه عمر بن محمد الازدى . والثلم ساكن اللام في السيف والثلم مفتوح

اللام ثلم الوادى . وذكر أبا حيثمة الحارثى دليل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم

ينبه عليه ابن هشام والذى ذكره ابن سعد وغيره أبوحثمة وهو عندهم والد سهل

ابن أبى حثمة ، قال أبوعمر وليس في الصحابة أبوخيثمة الا عبدالله بن خيثمة

السالمى له خبر معروف في غزوة تبوك وأبوخيثمة عبدالرحمن بن أبى سبرة الجعفى

والد خيثمة بن عبدالرحمن صاحب عبدالله بن مسعود ، وأبوحثمة هذا عبد

الله وقيل عامر بن ساعدة بن عامر بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن

الخزرج بن عمرو بن ملك بن الاوس نسبه كذلك أبوعمر ، ونضحت النشاب بالحاء

المهملة رميت . وذكر الرجز الذى قالته هند بنت عتبة * إن تقبلوا نعانق * وأوله :

نحن بنات طارق * نمشى على النمارق

وكذا ذكره ابن سعد فقال روى هذا الشعر لهند بنت عتبة كما قال ابن

اسحق والشعر ليس لها وانما هو لهند بنت بياضة بن طارق بن رياح بن طارق

الايادى قالته حين لقيت إياد جيش الفرس بجزيرة الموصل وكان رئيس اياد بياضة

ابن طارق . ووقع في شعر أبى دؤاد الايادى وذكر ابورياش وغيره ان بكر

ـ434ـ

ابن وائل لما لقيت تغلب يوم قصة ويسمى يوم التحليق اقبل الفند ( 1 )

الزمانى ومعه ابنتان وكانت احداهما تقول * نحن بنات طارق * فطارق على رواية

من رواه لهند بنت عتبة أو لبنت الفند الزمانى تمثيل واستعارة لا حقيقة

شبهت اباها بالنجم الطارق في شرفه وعلوه ، وعلى رواية من رواه لهند بنت بياضة

حقيقة لا استعارة لانه اسم جدها ، قال البطليوسى والاظهر انه لبنت

بياضة وإنما قاله غيرها متمثلا . وقال أبوالقاسم السهيلى على قول من قال أرادت به

النجم لعلوه وهذا التأويل عندى بعيد لان طارقا وصف للنجم لطروقه فلو

أرادته لقالت بنات الطارق فعلى تقدير الاستعارة يكون " بنات " مرفوعا وعلى

تقدير أن يكون الشعر لابنة بياضة بن طارق يكون منصوبا على المدح والاختصاص

نحو * نحن بنى ضبة أصحاب الجمل * والكيول آخر القوم أو آخر الصفوف . ولولت

المرأة دعت بالويل . ما يليق ما يبقى . والهنذ معجم الذال القطع ومهملها الهدم . وقوله

فكأنما اخطأ رأسه اخطأ الشئ اذا لم يتعمده أى كان في إلقائه رأسه كأنه لم يتعمده

ولا قصده . ويحمس الناس بالسين المهملة يشجعهم من الحماسة وبالمعجمة من أحمشت

النار أوقدتها أى يغضبهم ، وذكر خبر قتادة بن النعمان في ذهاب عينه ورجوعها

وقد روى أن عينيه جميعا سقطتا رواه محمد بن أبى عثمان عن ملك بن أنس عن

محمد بن عبدالله بن أبى صعصعة عن أبيه عن أبى سعيد عن أخيه قتادة بن النعمان

قال أصيبت عيناى يوم احد فسالتا على وجنتى فأتيت بهما النبى صلى الله عليه وسلم

فأعادهما مكانهما وبصق فيهما فعادتا تبرقان . قال الدارقطنى هذا حديث غريب

عن ملك تفرد به عمار بن نصر وهو ثقة ورواه الدارقطنى عن ابراهيم الحربى

عن عمار بن نصر هذا ، وذكر قتل خسيل أبى حذيفة بن اليمان ويقال الذى قتله

خطأ عتبة بن مسعود أخو عبدالله بن مسعود . والهامة كانت العرب تقول ان

روح الميت تصير هامة ومنه * وكيف حياة أصداء وهام * وظمؤ حمار الحمار أقصر

الدواب ظمأ وأطولها الابل ، وقوله عليه السلام من رجل ينظر ما صنع سعد بن

* ( هامش ) * ( 1 ) بكسر الفاء وسكون النون ودال مهملة هو لقب ، واسمه سهل الزمانى كذا

قاله شيخنا مجد الدين في قاموسه ولفظة الفند بالكسر الحبل العظيم أو قطعة منه ويفتح

وفى الصحاح والفند قطعة من الحبل طولا والفند الزمانى الشاعر انتهى . ( * )

ـ435ـ

الربيع لم يسم في الخبر قال الواقدى هو محمد بن مسلمة وذكر أبوعمر أنه أبى

ابن كعب ، وذكر السهيلى في حديث ابن اسحق عمن لا يتهم عن مقسم عن ابن

عباس في صلاة النبى صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد انه يعنى بمن لا يتهم

الحسن بن عمارة وضعف الحديث به ، لكن قد ذكرناه من رواية يزيد

ابن أبى زياد عن مقسم من طريق ابن ماجه ، ويزيد أخرج له مسلم مقرونا

بغيره في الاطعمة ، وصحح الترمذى حديثه في غير ما موضع ، وبينه وبين

الحسن بن عمارة بون بعيد ، وقد رأيت قبل هذا موضعا تكلم فيه السهيلى

على رواية لابن اسحق عمن لا يتهم فقال هو الحسن بن عمارة . وهذا يحتاج

إلى نقل عن ابن اسحق واقل ما في ذلك نقل عن معاصر له أو قريب منه في

الطبقة والا فما المانع من أن يكون الذى لا يتهمه في هذا الخبر هو يزيد

ابن أبى زياد فكثيرا ما يروى عنه وهو أجدر بالثناء عليه ، وقد روى الخبر عنه

أبوبكر بن عياش كما أوردناه ، وعند ابن اسحق رجل آخر يقال له يزيد بن أبى

زياد ، وهو يزيد بن زياد بن ابى زياد ميسرة يروى عن محمد بن كعب القرظى مستور

الحال . وأوجب طلحة احدث شيئا يستوجب به الجنة . الاتى الغريب لا يدرى من

اين اتى وكذا وقع في هذا الخبر عند ابن اسحق ، وذكره ابن سعد فقال قزمان

ابن الحارث من بنى عبس حليف لبنى ظفر . الوقاع السباب . ضاحية الشئ ناحيته ، انعمت

افعال اسم للفعل الحسن وانعم زاد وقال السهيلى معناه انعمت الازلام وكان استقسم

بها حين خروجه إلى احد . قال ابن اسحق وكان فيما انزل الله من القرآن يوم احد

ستون آية من سورة آل عمران فيها صفة ما كان في يومهم يقول الله تعالى لنبيه صلى

الله عليه وسلم ( واذ غدوت من اهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ) .

ـ437ـ

( ذكر من استشهد يوم أحد من المهاجرين )

عندهم من بنى هاشم بن عبد مناف حمزة بن ع بدالمطلب بن هاشم . ومن بنى

أمية بن عبد شمس عبدالله بن جحش حليف لهم من بنى اسد بن حزيمة . ومن

بنى عبد الدار بن قصى مصعب بن عمير . ومن بنى مخزوم بن يقظة شماس بن عثمان

وزاد ابن عقبة خامسا وهو سعد مولى حاطب من بنى أسد بن عبدالعزى ،

وزاد ابن سعد عبدالله و عبدالرحمن ابنى الهبيب من بنى سعد بن ليث ووهب

ابن قابوس المزنى وابن أخيه الحرث بن عقبة بن قابوس وملكا ونعمان ابنى خلف

ابن عوف بن دارم بن عنز بن وائلة بن سهم بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم

ابن أفصى بن حارثة كانا طليعتين للنبى صلى الله عليه وسلم فقتلا يوم أحد شهيدين

ودفنا في قبر أحد عشر ، وزاد أبوعمر وثقف بن عمرو الاسلمى حليف بنى عبد

شمس وعقربة أبا بشير بن عقربة الجهنى ، وذكر أن خنيس بن حذافة بن قيس

ابن عدى بن سعيد بن سهم القرشى شهد أحدا ونالته بها جراحات مات منها

بالمدينة وليس ذلك بشئ والمعروف انه مات بالمدينة على رأس خمسة وعشرين شهرا

بعد رجوعه من بدر ، وتأيمت منه حفصة بنت عمر فتزوجها رسول الله صلى الله عليه

وسلم في شعبان على رأس ثلاثين شهرا كما سيأتى إن شاء الله تعالى . وكل ذلك قبل أحد .

وفى قول أبى عمر عدى بن سعيد بن سهم وهم ثان انما هو عدى بن سعد بن سهم وسعد

وسعيد ابنا سهم فعدى من ولد سعد والله أعلم ومن الانصار ثم من الاوس

ثم من بنى عبد الاشهل عمرو بن معاذ وابن أخيه الحارث بن اوس والحارث بن أنس وعمارة

ابن زياد وسلمة وعمرو ابنا ثابت بن وقش وأبوهما وعمهما رفاعة وحسيل بن جابر

ابوحذيفة بن اليمان حليف لهم وصيفى وخباب ابنا قيظى ، وعند ابن سعد صيفى

والحباب ابنا قيظى بن عمرو بن سهل بن مخرمة بن قلع بن حريس بن عبد الاشهل

ـ438ـ

وكان ابن الكلبى يقول حريس بن جشم أخى عبد الاشهل ليس ولده . والمشهور

الاول ، وعمهما عباد بن سهل وعمه معبد بن مخرمة عند ابن سعد وعنده أيضا

عامر بن يزيد بن السكن وعند ابن اسحق في اخبار الوقعة مقتل زياد بن السكن

حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يشرى لنا نفسه " قال فقام زياد بن

السكن في خمسة من الانصار فقاتلوا حتى قتلوا ، وكان زياد آخرهم قال وبعض

الناس يقول هو عمارة بن يزيد ويزيد بن السكن بن رافع وسهل رومى بن وقش

ورافع بن يزيد وقرة بن عقبة بن قرة حليف لهم وفى عدادهم من ولد جشم بن

الحارث ابى عبد الاشهل عندهم اياس بن اوس بن عتيك ، ومن حلفائهم حبيب

ابن زيد بن تيم بن امية بن خفاف بن بياضة قال ابوعمر وقيل بل قتل بصفين

كذا ذكره ابن سعد حبيب بن زيد في حلفاء بنى عبد الاشهل ورأيته في موضع آخر

من ولد مرة بن مالك بن الاوس وهو حبيب بن زيد بن تيم بن امية بن بياضة

ابن خفاف بن سعيد بن مرة بن مالك قاله ابن الكلبى ، وعبيد بن التيهان وهو

عند ابن عقبة وابى معشر وابن القداح عتيك وابن عمارة ينسبه إلى جشم بن

الحرث هذا وغيره يقول من حلفائهم وليس من انفسهم ، وقد سبق ذلك عند

ذكر اخيه ابى الهيثم . قال ابوعمر ( 1 ) وقيل قتل بصفين ، وعند ابن سعد سهل بن

عدى بن زياد بن عامر بن جشم اخى عبد الاشهل بن جشم بن الحرث ويسار

مولى ابى الهيثم بن التيهان ، اربعة وعشرون انفرد منهم ابن سعد عن ابن

اسحق بتسعة . ومن بنى ظفر يزيد بن حاطب بن امية بن رافع بن سويد بن حرام

ابن الهيثم بن ظفر . ومن بنى حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو وهو

النبيت بن مالك بن الاوس وعند ابن سعد قيس بن الحرث بن عدى بن جشم

ابن مجدعة بن حارثة ، والاقدى وابن عمارة يقولان فيه قيس بن محرث قال ابن عمارة

اما قيس بن الحارث فقتل يوم اليمامة . ومن بنى عمرو بن عوف ثم من بنى امية

ابن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف رفاعة بن عبدالمنذر عند ابن

سعد وفيه نظر . ومن بنى ضبيعة بن زيد ابوسفيان ( 2 ) بن الحارث بن قيس بن زيد

* ( هامش ) * ( 1 ) لعل ابا عمر قال ذلك في غير الاستيعاب . ( 2 ) هو متفق مع ابى سفيان

ابن الحرث بن ع بدالمطلب ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم في الكنية واسم الاب . ( * )

ـ439ـ

ابن ضبيعة وحنظلة بن ابى عامر بن صيفى بن النعمان بن مالك بن امية بن ضبيعة

قتله ابوسفيان بن حرب وكان حنظلة بن ابى سفيان قتل يوم بدر فكان ابوه ابو

سفيان يقول حنظلة بحنظلة . ومن بنى عبيد بن زيد اخى ضبيعة انيس بن قتادة

ومن حلفاء بنى زيد بن مالك من بنى العجلان عبد الله بن سلمة بن مالك بن

الحارث بن عدى بن الجد بن العجلان وهو عند ابن اسحق حليف لبنى السلم

ابن امرئ القيس ، ومن بنى العجلان وانيف من بلى حلفاء بنى زيد عند ابن

سعد ثابت بن الدحداح ويقال الدحداحة بن نعيم بن غنم بن اياس ، ومن بنى

معاوية بن مالك بن عمرو بن عوف سبيع بن حاطب بن قيس بن هئبشة بن الحرث

ابن امية بن معاوية وقال فيه ابن عقبة سويبق ومن حلفائهم مالك بن نميلة ( 1 )

ذكره ابن سعد وابن هشام وليس عند ابن اسحق في روايتنا وقال ابوعمر ذكره

ابراهيم بن سعد عن ابن اسحق . ومن بنى ثعلبة بن عمرو بن عوف ابوحبة - بالباء -

ابن عمرو بن ثابت عند آخرين منهم ابن سعد ابوحنة - بالنون - بن ثابت وعبد

الله بن جبير . ومن بنى السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الاوس خيثمة بن

الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم

وهو ابوسعد بن خيثمة . ومن بنى خطمة وهو عبدالله بن جشم بن مالك

ابن الاوس عند ابن هشام الحارث بن عدى بن خرشة بن امية بن عامر بن

خطمة اربعة عشر منهم تسعة متفق عليهم ومن الخزرج ثم من بنى النجار ثم

من بنى سواد بن غنم بن مالك بن النجار وابن سعد يقول سواد بن مالك

ابن النجار وابن سعد يقول سواد بن مالك بن غنم بن النجار والمعروف

ان ولد غنم بن مالك ثلاثة عوف وثعلبة وسواد . كذا قال ابن الكلبى عمرو

ابن قيس وابنه قيس وثابت بن عمرو وعامر بن مخلد وزاد ابن سعد عن ابن

القداح و عبدالله بن قيس ، وخالفه الواقدى فزعم انه تأخر إلى خلافة عثمان وزاد

ابن هشام فيهم مالك بن اياس ولم يوصل نسبه ، ومن بنى مبذول وهو عامر بن

مالك بن النجار ابوهبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مبذول

* ( هامش ) * ( 1 ) نميلة بالنون المضمومة وهى امه ، وهو مالك بن ثابت المزنى ، وقيل

" تميلة " بالتاء المثناة من فوق وقيل نملة . ( * )

ـ440ـ

كذا هو عن ابن اسحق وابن سعد يقول ثقف بن مالك بن مبذول قلت وعمرو بن

مبدول ومالك بن مبذول معروفان ، وكان الواقدى يقول فيه ابواسيرة وابن عمه

عمرو بن مطرف بن علقمة ومنهم من يقول فيه مطرف بن عمرو ، ومن بنى

مغالة وهم من بنى عمر بن مالك بن النجار اوس بن ثابت غير ان الواقدى انكر

ذلك وزعم انه بقى إلى خلافة عثمان ، ومن بنى عدى بن النجار انس بن النضر بن

ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى وزاد ابن سعد

عامر بن امية وزاد ابن هشام في بنى عمر بن مالك اياس بن عدى ولم يصل نسبه ،

ومن بنى مازن النجار قيس بن مخلد وكيسان عبد لهم زاد ابن سعد ورافع مولى

غزية بن عمرو ، ومن بنى دينار بن النجار سليم بن الحارث والنعمان بن عبد عمرو

وزاد ابن سعد وابوحرام عمرو بن قيس بن مالك بن كعب بن عبد الاشهل ،

ومن بنى الحارث بن الخزرج خارجة بن زيد وسعد بن الربيع بن عمرو واوس

ابن الارقم بن زيد بن قيس بن نعمان بن مالك الاغر ، زاد ابن سعد والحارث

ابن ثابت بن سفيان بن عدى بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك الاغر

والحارث بن ثابت بن عبدالله بن سعد بن عمرو بن قيس بن عمرو بن امرئ

القيس بن مالك ، ومن بنى الابجر وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج

مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الابجر كذا هو عند ابن اسحق وابن

الكلبى وخليفة ابن خياط وابن سعد يخالفهم فيسقط عبيد الاول واما ابوعمر

فأسقطه في نسب ابى سعيد الخدرى كما فعل ابن سعد واثبته في نسب ابيه كما

قال غيره وسعيد بن سويد بن قيس بن عامر بن عباد بن الابجر وهو سعد بن

سويد بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ابجر عند الدمياطى وسعد بن سويد

ابن عبيد بن ابجر عند ابن سعد . وعقد ابوعمر ترجمتين في كتابه في الصحابة

احداهما في باب سعد والاخرى في باب سعيد وقال في كل منهما قتل بأحد

شهيدا ويحتمل ان يكون واحدا وقع الاختلاف فيه ، وعتبة بن ربيع بن رافع

ابن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الابجر وابن سعد يقول معاوية بن

عبيد بن الابجر و عبدالله بن الربيع بن قيس ذكره ابن الكلبى ، ومن بنى ساعدة

ابن كعب بن الخزرج ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن

ـ441ـ

عمرو بن الخزرج بن ساعدة وثقف بن فروة بن البدى وبعضهم يفتح قافه ايضا

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 1 من ص 441 سطر 1 الى ص 449 سطر 18

عمرو بن الخزرج بن ساعدة وثقف بن فروة بن البدى وبعضهم يفتح قافه ايضا

ويقال فيه ثقيب ويقال في البدى البدن بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو

ابن الخزرج وعبيد بن مسعود بن البدن قاله ابن عقبة ، و عبدالله بن عمرو بن

وهب بن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة وضمرة حليف

لهم من جهينة وهو ضمرة بن عمرو بن كعب بن عمرو بن عدى بن عامر بن

رفاعة بن كليب بن مودعة بن مودعة بن عدى بن غنم بن الربعة بن رشدان بن

قيس بن جهينة ، ومن القواقلة وهم بنو غنم وبنو سالم ابنى عوف بن عمرو بن عوف

 

ابن الخزرج العباس بن عبادة بن نضلة ونوفل بن عبدالله بن نضلة المذكور وغير

ابن اسحق يقول نوفل بن ثعلبة بن عبدالله بن نضلة والنعمان بن مالك ، ومن حلفائهم

المجذر بن ذياد ( 1 ) وعبدة بن الخشخاش ويقال فيه عبادة ومن بنى الحبلى وهو

سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج رفاعة بن عمرو بن زيد وزيد بن وديعة ذكره

الدمياطى . ومن بنى سلمة ثم من بنى حرام عبدالله بن عمرو ابوجابر وعمرو بن

الجموح وابنه خلاد وابوايمن مولى عمرو وهذا هو المشهور قال ابوعمر ويقال

هو ابنه . ومن بنى سواد بن غنم سليم بن عمرو ومولاه عنترة وسهل بن قيس . ومن

بنى زريق ذكوان بن عبد قيس زاد ابن سعد ورافع بن مالك ومن بنى حبيب

ابن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج عبيد بن المعلى بن لوذان

ابن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عدى بن مالك بن زيد بن مناة بن حبيب ،

سبعة واربعون عند ابن اسحق منهم سبعة وثلاثون فجميعهم ستة وتسعون

منهم من المهاجرين ومن ذكر معهم احد عشر ومن الانصار خمسة وثمانون

ومن الاوس ثمانية وثلاثون ومن الخزرج سبعة وابعون منهم عند ابن اسحق

من المهاجرين اربعة ومن الانصار واحد وستون ومن الاوس اربعة وعشرون

ومن الخزرج سبعة وثلاثون والباقون عن موسى بن عقبة وعن ابن سعد وعن

ابن هشام وقد ذكر ابوعمر فيهم زياد بن السكن ابا عمارة ببن زياد وقد حكينا

عن ابن اسحق كيف وقع ذكره عنده وهو داخل في المعدودين من بنى عبد

* ( هامش ) * ( 1 ) المجذر بضم الميم وفتح الجيم والذال المعجمة المشددة . ابن ذياد بكسر الذال المعجمة ( * )

ـ442ـ

الاشهل ، وممن ذكره ابوعمر في الاستيعاب ابا زيد الانصارى وهو ابوبشير بن

ابى زيد ذكره عن ابن الكلبى وفى باب الباء في باب بشير ابنه وذكر في

كتاب الصحابة حارثة بن عمرو الانصارى من بنى ساعدة ولم يصل نسبه ، وذكر

الحافظ ابومحمد الدمياطى في نسب الاوس له خداش بن قتادة بن ربيعة بن خالد

ابن الحارث بن زيد بن عبيد بن زيد اخا انيس بن قتادة وقال شهد بدرا وقتل

بأحد قاله ابن الكلبى وقد ذكرنا اخاه انيسا في شهداء احد . وذكر ابوعمر في كتابه

في المغازى منهم عمير بن عدى الخطمى وغيره يقول في عمير لم يشهد أحدا

وكان ضرير البصر فقد تجاوزوا بهذه الزيادات المائة على انه قد ذكر ان قتلى

أحد سبعون ومن الناس من يجعل السبعين من الانصار خاصة وكذلك قال ابن سعد

في باب غزوة أحد لكنهم في تراجم الطبقات له زادوا على ذلك ويذكر في تفسير

قوله تعالى ( او لما اصابتكم مصيبة مثليها ) انه تسلية للمؤمنين عمن اصيب منهم

يوم احد بأنهم اصابوا من المشركين يوم بدر سبعين قتيلا وسبعين اسيرا فان صح

ذلك نقلا وحملا فالزيادة ناشئة عن الخلاف في التفصيل وليست زيادة في الجملة .

وقتل من كفار قريش يوم أحد ثلاثة وعشرون رجلا منهم حملة اللواء من

بنى عبد الدار بن قصى عشرة قد سبق ذكرهم ومنهم ابويزيد بن عمير بن هاشم

ابن عبد مناف بن عبد الدار والقاسط بن شريح بن هاشم بن عبد مناف بن عبد

الدار . ومن بنى اسد بن عبدالعزى عبدالله بن حميد بن زهير بن الحرث بن اسد .

ومن بنى زهرة بن كلاب ابوالحكم بن الاخنس بن شريق الثقفى حليف لهم وسباع

ابن عبدالعزى واسمه عمرو بن نضلة من غبشان بن سليم بن ملكان حليف لهم

من خزاعة ، ومن بنى مخزوم هشام بن ابى امية بن المغيرة والوليد بن العاصى بن

هشام بن المغيرة وابوامية بن ابى حذيفة بن المغيرة وخالد بن الاعلم حليف لهم ،

ومن بنى جمح عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح وهو ابوعزة

وابى بن خلف بن وهب بن حذافة قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن

بنى عامر بن لؤى عبيدة بن جابر وشيبة بن مالك ، وذكر غير ابن اسحق فيهم

شريح بن قارظ والله اعلم .

ومما قيل من الشعر يوم احد قول حسان بن ثابت يذكر اصحاب اللواء من بنى عبد الدار :

ـ443ـ

منع النوم بالعشاء الهموم * وخيال اذا تغور النجوم

من حبيب اصاب قلبك منه * سقم فهو داخل مكتوم

لم تفتها شمس النهار بشئ * غير ان الشباب ليس يدوم

رب حلم اضاعه عدم الما * ل وجهل غطى عليه النعيم

لا تسببنى فلست بسبيى ( 1 ) * ان سبيى من الرجال الكريم

ما ابالى أنب بالحزن تيس * ام لحانى بظهر غيب لئيم

ولى البأس منكم اذ رحلتم * اسرة من بنى قصى صميم

تسعة احمل اللواء وطارت * في رعاع من القنا مخزوم

واقاموا حتى اتيحوا جميعا * في مقام وكلهم مذموم

واقاموا حتى ازيروا شعوبا ( 2 ) * والقنا في نحورهم محطوم

وقريش تفر منا لواذا ( 3 ) * ان يقيموا وخف منها الحلوم

لم تطق حمله العواتق منهم * انما يحمل اللواء النجوم

ومن ابيات لعبد الله بن الزبعرى ولك يكن اسلم يومئذ :

يا غراب البين اسمعت فقل * انما تنطق شيئا قد فعل

كل عيش ونعيم زائل * وبنات الدهر يلعبن بكل

ابلغن حسان عنا آية * فقريض الشعر يشفى ذا العلل

كم قتلنا من كريم سيد * ماجد الجدين مقدام بطل

صادق النجدة قرم ( 4 ) بارع * غير ملتاث ( 5 ) لدى وقع الاسل

حين حكت بقباء بركها * واستحر القتل في عبد الاشل

ليت اشياخى ببدر شهدوا * جذع الخزرج من وقع الاسل

فقتلنا الضعف من اشرافهم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل

( 1 ) السب بكسر السين المهملة هو الذى يساب .

( 2 ) اى الموت .

( 3 ) اى مستخفين .

( 4 ) اى سيد .

( 5 ) اى غير مضطرب ، وسيأتى تفسير باقى الالفاظ .

ـ444ـ

وقال حسان يبكى حمزة من ابيات :

أتعرف الدار عفا رسمها * بعدك صوب المسبل الهاطل

ساءلتها عن دا فاستعجمت * لم تدر ما مرجوعة السائل

دع عنك دارا قد عفا رسمها * وابك على حمزة ذى النائل

المالئ الشيزى اذا اعصفت * غبراء في ذى الشبم الماحل

والتارك القرن لذى لبدة * يعثر في ذى الخرص الذائل

والابس الخيل اذا اخجمت * كالليث في غابته الباسل

ابيض في الذروة من هاشم * لم يمر دون الحق بالباطل

مال شهيدا بين اسيافكم * شلت يدا وحشى من قاتل

اى امرئ غادر في ألة * مطرورة مارنة العامل

اظلمت الارض لفقدانه * واسود نور القمر الناصل

صلى عليه الله في جنة * عالية مكرمة الداخل

كنا نرى حمزة حرزا لنا * من كل امر نابنا نازل

وقال كعب بن مالك يبكى حمزة ايضا :

طرقت همومك فالرقاد مسهد * وجزعت ان سلخ الشباب الاعيد

ودعت فؤادك للهوى ضمرية * فهواك غورى وصحبك منجد

فدع التمادى في الغواية سادرا * قد كنت في طلب الغواية تفند

ولقد أنى لك ان تناهى طائعا * او تستفيق اذا نهاك المرشد

ولقد هددت لفقد حمزة هدة * ظلت بنات الجوف منها ترعد

ولو انها فجعت حراء بمثلها * لرأيت رأسى صخرها يتهدد

قرم تمكن في ذؤابة هاشم * حيث النبوة والندى والسودد

والعاقر الكوم الجلاد اذا غدت * ريح يكاد الماء منها يجمد

والتارك القرن الكمى مجدلا * يوم الكريهة والقنا يتقصد

ـ445ـ

وتراه يرفل في الحديد كأنه * ذو لبدة شثن البراثن اربد

 

عم النبى محمد وصفيه * ورد الحمام فطاب ذاك المورد

وأتى المنية معلما في اسرة * نصروا النبى ومنهم المستشهد

ولقد اخال بذلك هندا بشرت * لتميت داخل عصة لا تبرد

مما اصبحنا بالعقنقل قومها * يوما تغيب فيه عنها الاسعد

وببئر بدر اذ يرد وجوههم * جبريل تحت لوائنا ومحمد

حتى رأيت لدى النبى سراتهم * قسمين نقتل من نشاء ونطرد

فأقام بالعطن المعطن منهم * سبعون عتبة منهم والاسود

وابن المغيرة قد ضربنا ضربة * فوق الوريد لها رشاش مزبد

وامية الجمحى قوم ميله * عضب بأيدى المؤمنين مهند

فأتاك فل المشركين كأنهم * والخيل تثقفهم نعام شرد

شتان من هو في جهنم ثاويا * ابدا ومن هو في الجنان مخلد

وقال كعب يذكر يوم احد انشده ابن هشام :

سائل قريشا غداة السفح من احد * ماذا لقينا وما لاقوا من الهرب

كنا الاسود وكانوا النمر اذ زحفوا * ما ان تراقب من آل ولا نسب

فكم تركنا بها من سيد بطل * حامى الذمار كريم الجد والحسب

فينا الرسول شهاب ثم يتبعه * نور مضئ له فضل على الشهب

الحق منطقه والعدل سيرته * فمن يجبه اليه ينج من تبب ( 1 )

نجد المقدم ماضى الهم معتزم * حين القلوب على رجف من الرعب

يمضى ويذمرنا من غير معصية * كأنه البدر لم يطبع على الكذب

بدا لنا فاتبعناه نصدقه * وكذبوه فكنا أسعد العرب

جالوا وجلنا فما فاءوا ولا رجعوا * ونحن نتبعهم لم نأل في الطلب

لسنا سواء وشتى بين أمرهما * حزب الاله وأهل الشرك والنصب

* ( هامش ) * ( 1 ) اى من الهلاك والخسران ( * )

ـ446ـ

وقال ضرار بن الخطاب الفهرى يذكر يوم أحد من أبيات

ما بال عينك قد أزرى بها السهد ( 1 ) * كأنما جال في أجفانها الرمد

أمن فراق حبيب كنت تألفه * قد حال من دونه الاعداء والبعد

أم ذاك من شغب قوم لا جداء بهم * إذ الحروب تلظت نارها تقد

ما ينتهون عن الغى الذى ركبوا * وما لهم من لؤى ويحهم عضد

وقد نشدناهم بالله قاطبة * فما تردهم الارحام والنشد

حتى إذا ما أبوا إلا محاربة * واستحصدت بيننا الاضغان والحقد

سرنا اليهم بجيش في جوانبه * قواضب البيض والمحبوكة السرد

فأبرز الحين قوما من منازلهم * فكان منا ومنهم ملتقى أحد

وقد تركناهم للطير ملحمة * وللضباع إلى أجسادهم تفد

وقالت نعم امرأة شماس بن عثمان تبكى شماسا وكان أصيب يوم أحد رحمه الله ورضى عنه

يا عين جودى بفيض غير ابساس ( 2 ) * على كريم من الفتيان لباس

صعب البديهة ميمون نقيبته * حمال ألوية ركاب أفراس

أقول لما أتى الناعى له جرعا * أودى الجواد وأودى المطعم الكاس

وقلت لما خلت منه مجالسه * لا يبعد الله منا قرب شماس

فأجابها أخوها يغزيها :

اقنى حياءك في عز وفى كرم * فانما كان شماس من الناس

لا تقتلى النفس إذ حانت منيته * في طاعة الله يوم الروع والباس

قد كان حمزة ليث الله فاصطبرى * فذاق يومئذ من كاس شماس

* ( هامش ) * ( 1 ) اى الارق .

( 2 ) اى على غير مهل . ( * )

ـ447ـ

وذكر أبوعمر البيتين الاول والاخير من هذه الابيات الثلاثة ونسبها لحمان

يعزى أخت شماس فيه ، وهو شماس بن عثمان بن الشريد بن هرمى بن عامر بن

مخزوم . كذا نسبه ابن الكلبى ، وزاد فيه أبوعمر سويدا بين الشريد وهرمى

وليس بشئ . وشماس لقب واسمه عثمان بن عثمان قتل يوم أحد ابن أربع وثلاثين

سنة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرمى ببصره يمينا ولا شمالا يومئذ

إلا رأى شماسا في ذلك الوجه يذب بسيفه عنه حتى غشى رسول الله صلى الله

عليه وسلم القوم فترس بنفسه دونه حتى قتل فحمل إلى المدينة وبه رمق فأدخل

على عائشة فقالت أم سلمة ابن عمى يدخل على غيرى فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم احملوه إلى أم سلمة فحمل اليها فمات عندها فأمر رسول الله صلى الله

عليه وسلم أن يرد إلى أحد فيدفن هنالك كما هو في ثيابه التى مات فيها بعد أن

مكث يوما وليلة إلا أنه لم يأكل ولم يشرب ولم يصل عليه رسول الله صلى الله

عليه وسلم ولم يغسله ، وكان خارجة بن زيد بن أبى زهير قد أخذته الرماح يوم

أحد فجرح بضعة عشر جرحا فمر به صفوان بن أمية فعرفه فاجهز عليه ومثل

به وقال هذا ممن أعزى بأبى على يوم بدر يعنى أباه أمية بن خلف . وقد ذكر

بعضهم خارجة فيمن قتل أمية . ولما قتل صفوان بن أمية من قتل يوم أحد قال

الآن شفيت نفسى حين قتلت الاماثل من أصحاب محمد قتلت ابن قوقل وابن

أبى زهير وأوس بن أرقم .

ـ448ـ

( ذكر فوائد تتعلق بما ذكرناه من الاشعار )

قال السهيلى في قول حسان " وجهل غطى عليه النعيم " رواية يونس بن حبيب

غطا مخففة الطاء ومعناه عنده علا عليه النعيم . وقوله " لم تطق حمله العواتق

منهم " يريد بذلك أنه عندما قتل صواب مولى بنى عبد الدار وكان عاشر مقتول

تحت لوائهم سقط فرفعته امرأة منهم هى عمرة بنت علقمة كما ذكرناه من قبل

ثم طرحته . وفى شعر ابن الزبعرى عبد الاشل ( 1 ) يريد عبد الاشهل . والشيزى

خشب تعمل منه القصعة وقيل القصعة من خشب الجوز . الخرص الرمح القصير

وجمعه خرصان . ومراه جحده . والالة الحربة . وسنان طرير ذو هيئة حسنة .

ومارنة لبنة ، عامل الرمح صدره ، والناصل الخارج . والكوم جمع كوماء وهى

الطويلة السنام . والجلاد أدسم الابل لبنا . وقال ابن القوطية ثفن الرجل ثفنا

ضربه وثفن الكثيبة طردها ، ذمرته لمته وحضضته .

* ( هامش ) * ( 1 ) في الاصل " عبد الاشهل " ( * )

ـ449ـ

( فضل شهداء أحد )

روينا عن ابن اسحق قال حدثنى اسماعيل بن أمية عن أبى الزبير عن ابن عباس

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصيب اخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم

في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوى إلى قناديل من

ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا

ياليت اخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند

الحرب . فقال الله تبارك وتعالى فأنا أبلغهم عنكم فأنزل الله عزوجل على نبيه

هذه الآيات ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء ) الآيات .

وذكر ابن اسحق هاهنا حدثنى الحرث بن فضيل عن محمود بن لبيد عن ابن

عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء على بارق نهر ( 1 ) بباب

الجنة في قبة خضراء يأتيهم فيها رزقهم بكرة وعشيا . قرأته على السيدة مؤنسة

خاتون ابنة السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر بن أيوب رحم الله سلفها

أخبرتك الشيخة أم هانئ عفيفة بنت احمد بن عبدالله كتابة عن أبى طاهر عبد

الواحد بن محمد بن احمد الصباغ قال أنا أبونعيم قال أنا أبوعلى بن الصواف

فثنا أبوجعفر احمد بن يحيى الحلوانى فثنا سعيد بن سليمان فثنا عبدالله بن

نمير عن محمد بن اسحق فذكره .

* ( هامش ) * ( 1 ) وفى رواية " على حافة نهر "=

ـ101ـ

ـ سرية زيد بن حارثة إلى حسمى ـ

 .......................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 101 سطر 1 الى ص 110 سطر 8

ـ سرية زيد بن حارثة إلى حسمى ـ

ثم سرية زيد بن حارثة إلى حسمى وهى وراء وادى القرى في جمادى الآخرة سنة ست

قالوا أقبل دحية بن خليفة الكلبى من عند قيصر وقد أجازه وكساه فلقيه

الهنيد بن عارض وابنه عارض بن الهنيد - وعند ابن اسحق عوض فيهما بدل

عارض - في ناس من جذام بحسمى فقطعوا عليه الطريق فلم يتركوا عليه إلا سمل

ثوب فسمع بذلك نفر من بنى الضبيب فنفروا إليهم فاستنقذوا لدحية متاعه ، وقدم

دحية على النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فبعث زيد بن حارثة في خمسمائة رجل

ورد معه دحية ، وكان زيد يسير بالليل ويكمن بالنهار ومعه دليل له من بنى عذرة

فأقبل بهم حتى هجم بهم مع الصبح على القوم فأغاروا عليهم فقتلوا فيهم فأوجعوا

وقتلوا الهنيد وابنه وأغاروا على ما شيتهم ونعمهم ونسلئهم فأخذوا من النعم ألف بعير

ومن الشاء خمسة آلاف شاة ومن السبى مائة من النساء والصبيان فرحل زيد

ابن رفاعة الجذامى في نفر من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إلى

رسول الله صلى الله عيه وسلم كتابه الذى كان كتب له ولقومه ليالى قدم عليه

فأسلم وقال يا رسول الله لا تحرم علينا جلالا ولا تحل لنا حراما . قال فكيف

أصنع بالقتلى . قال أبويزيد بن عمرو أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن

قتل فهو تحت قدمى هاتين . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبويزيد

فبعث معهم عليا إلى زيد بن حارثة يأمره أن يخلى بينهم وبين حرمهم وأموالهم

فتوجه على ولقى رافع بن مكيث الجهنى بشير بن حارثة على ناقة من إبل

ـ102ـ

القوم فردها على على القوم . ولقى زيدا بالفحلتين وهى بين المدينة وذى المروة

فأبلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فرد إلى الناس كل ما كان أخذ لهم .

وذكر غير ابن سعد أمر هذه السرية أطول من هذا . وحسمى على مثل فعلى

مكسور الاول قيده أبوعلى موضع من أرض جذام ، وذكروا أن الماء في الطوفان

أقام به بعد نضوبه ثمانين سنة . وعند ابن اسحق ابوزيد بن عمرو . وعنده رفاعة

ابن زيد الجذامى وهو الصحيح . وعوض قيده بعض الناس عوص . وقال النمرى

ليس عوض إلا في حمير أو عوض بن أرم بن سام بن نوح وفى غيرهما عوص .

ـ103ـ

ـ سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى ـ

ثم سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى في رجب سنة ست

قال ابن عائذ : وأخبرنى الوليد بن مسلم عن عبدالله بن لهيعة عن أبى الاسود

عن عروة قال ثم غزوة زيد بن حارثة إلى وادى القرى فأصيب يومئذ من المسلمين

ورد بن مرداس وارتث زيد بن حارثة من بين وسط القتلى . وقال غيره فلما قدم

زيد آلى أن لايمس رأسه غسل جنابة حتى يغزو بنى فزارة . فلما استبل من جراحه

بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بنى فزارة في جيش فقتلهم بوادى القرى .

وعن ابن اسحق من طريق يونس بن بكير قال حدثنى عبدالله بن أبى بكر

قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى وادى القرى فلقى به

بنى فزارة وأصيب بها ناس من أصحابه وانفلت زيد من بين القتلى فأصيب فيها

أحد بنى سعد بن هزيم أصابه أحد بنى بكر فلما قدم زيد بن حارثة نذر أن لا يمس

رأسه غسل من جنابة حتى يغزو فزارة فلما استبل جراحه بعثه رسول الله صلى الله

عليه وسلم في جيش إلى بنى فزارة فلقيهم بوادى القرى وأصاب فيهم . وقتل قيس

ابن المسحر بن النعمان مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر وأسر أم قرفة وهى فاطمة

بنت زمعة بن بدر وكانت عند حذيفة بن بدر عجوزا كبيرة وبنت لها وعبدالله

ابن مسعدة فأمر زيد بن حارثة أن تقتل أم قرفة فقتلها قتلا عنيفا وربط برجليها

ـ104ـ

حبلين ثم ربطا إلى بعيرين شتى حتى شقاها . ثم قدموا على رسول الله صلى الله

عليه وسلم بابنة أم قرفة وبعبد الله بن مسعدة فكانت بنت أم قرفة لسلمة بن

الا ؟ ؟ ؟ كان هو الذى أصابها ، وكانت في بيت شرف من قومها . كانت العرب

تقول لو كنت أعز من أم قرفة فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبها

له فأهداها لخاله حزن بن أبى وهب فولدت له عبدالرحمن بن حزن . هكذا ذكر

محمد بن اسحق ومحمد بن سعد أن أمير هذه السرية زيد بن حارثة . وقد روينا في

صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر إلى بنى فزارة وسيأتى

لهذا الخبر مزيد بيان إن شاء الله تعالى .

ـ105ـ

ـ سرية عبدالرحمن بن عوف إلى دومة الجندل ـ

قال ابن سعد ثم سرية عبدالرحمن بن عوف إلى دومة الجندل في شعبان سنة ست

قالوا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن بن عوف فأقعده بين يديه وعممه

بيده . وقال اغز بسم الله وفى سبيل الله فقاتل من كفر بالله ولا تغل ولا تغدرو لا

تقتل وليدا . وبعثه إلى كلب بدومة الجندل فقال إن استجابوا لك فتزوج ابنة

ملكهم ، فسار عبدالرحمن بن عوف حتى قدم دومة الجندل فمكث ثلاثة أيام

يدعوهم إلى الاسلام فأسلم الاصبغ بن عمرو الكلبى وكان نصرانيا وكان رأسهم

وأسلم معه ناس كثير من قومه وأقام من أقام على إعطاء الجزية وتزوج

عبدالرحمن بن عوف تماضر بنت الاصبغ وقدم بها إلى المدينة وهى أم أبى سلمة

ابن عبدالرحمن . وذكر ابن إسحق أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة

ابن الجراح لدومة الجندل في سرية .

ـ106ـ

ـ سرية زيد بن حارثة إلى مدين ـ

وذكر ابن اسحق سرية لزيد بن حارثة إلى مدين قال فأصاب سبيا من أهل

مينا وهى السواحل وفيها جماع من الناس فبيعوا ففرق بينهم يعنى بين الامهات

والاولاد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يبكون فقال ما لهم فقيل يا رسول

الله فرق بينهم فقال لا تبيعوهم إلا جميعا . وكان مع زيد بن حارثة في هذه السرية

ضميرة مولى على بن أبى طالب وأخ له .

ـ107ـ

ـ سرية على بن ابى طالب إلى بنى سعد بن بكر بفدك ـ

قال ابن سعد عطفا على سرية عبدالرحمن بن عوف ثم سرية على بن أبى

طالب إلى بنى سعد بن بكر بفدك في شعبان سنة ست قالوا بلغ رسول

الله صلى الله عليه وسلم أن لهم جمعا يريدون أن يمدوا يهود خيبر فبعث اليهم

عليا في مائة رجل فسار الليل وكمن النهار حتى انتهى إلى الغمج - وهو ماء

بين خيبر وفدك وبين فدك والمدينة ست ليال - فوجدوا به رجلا فسألوه عن القوم

فقال أخبركم على أنكم تؤمنونى فأمنوه فدلهم فأغاروا عليهم وأخذوا خمسمائة بعير

وألفى شاة وهر بت بنو سعد بالظعن ورأسهم وبر بن عليم فعزل على صفى رسول الله

صلى الله عليه وسلم لقوحا ( 1 ) تدعى الحقدة ، ثم عزل الخمس وقسم سائر الغنائم على

أصحابه . وذكر الحاكم بسنده في هذا الخبر من طريق الواقدى وقال فأصاب

عينا وأقر لهم أنه بعث إلى خيبر يعرض عليهم نصر هم على أن يجعلوا لهم تمر خيبر .

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح اللام وهى النافة الحلوب . ( * )

ـ108ـ

ـ سرية زيد بن حارثة إلى ام قرفة ـ

بوادى القرى

ذكر ابن سعد أنها في شهر رمضان سنة ست . قال قالوا خرج زيد بن حارثة

في تجارة إلى الشام ومعه بضائع لاصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فلما كان

دون وادى القرى لقيه ناس من فزارة من بنى بدر فضربوه وضربوا أصحابه

وأخذوا ما كان معهم . ثم استبل ( 1 ) زيد . وذكر ابن سعد نحو ما سبق عن ابن

اسحق من طريق ابن بكير في خبر أم قرفة السابق وقال في آخره وقدم زيد بن

حارثة من وجهه ذلك فقرع باب النبى صلى الله عليه وسلم فقام اليه عريانا يجرثوبه حتى اعتنقه

وقبله وساءله فأخبره بما ظفره الله به . كذا ثبت عن ابن سعد لزيد سريتان

بوادى القرى إحداهما في رجب والثانية في رمضان . وإنما قالوا أعز من أم قرفة

لانها كانت يعلق في بيتها خمسون سيفا كلهم لها ذو محرم . والواقدى يذكر

أنها قتلت يوم بزاخة وإنما المقتول يوم بزاخة بنوها التسعة . وذكر الدولابى أن

زيدا إنما قتلها كذلك لسبها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعند مسلم أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم فدا بابنتها أسيرا كان في قريش من المسلمين وهو مخالف لما حكيناه

عن ابن اسحق من أنها صارت لحزن بن أبى وهب . وقيس بن المسحر بتقديم

السين عند الطبرى ، وبتقديم الحاء عند غيره وفتح السين ، ومن الناس من

يكسرها . وورد بن عمرو بن خداش . وفى الاصل عمرو بن مرداس وكأنه تصحيف

وهو أحد بنى سعد بن هذيم وهو سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف

ابن قضاعة حضنه عبد اسمه هذيم فغلب عليه . قاله ابن الكلبى .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى بصح من مرضه . ( * )

ـ109ـ

ـ سرية عبدالله بن رواحة إلى اسير بن رزام ـ

وغير ابن سعد يقول اليسير بن رزام اليهودى بخيبر في شوال سنة ست

قالوا لما قتل أبورافع سلام بن أبى الحقيق أمرت يهود عليهم أسير بن رزام

فسار في غطفان وغيرهم فجمعهم لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ ذلك رسول الله

صلى الله عليه وسلم فوجه عبدالله بن رواحة في ثلاثة نفر في شهر رمضان سرا فسأل

عن خبره وغرته فأخبر بذلك . فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره

فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانتدب له ثلاثون رجلا فبعث

عليهم عبدالله بن رواحة فقدموا على أسير فقالوا نحن آمنون حتى نعرض عليك

ماجئنا له ، قال نعم ولى منكم مثل ذلك . فقالوا نعم ، فقلنا إن رسول الله صلى

 

الله عليه وسلم بعثنا اليك لتخرج اليه فيستعملك على خيبر ويحسن اليك فطمع

في ذلك فخرج وخرج معه ثلاثون رجلا من اليهود مع كل رجل رديف من المسلمين

حتى إذا كنا بقرقرة تبار ندم أسير فقال عبدالله بن أنيس الجهنى وكان في السرية

وأهوى بيده إلى سيفى ففطنت له ودفعت بعيرى وقلت غدرا أى عدو الله . فعل

ذلك مرتين فنزلت فسقت بالقوم حتى انفرد لى أسير فضربته بالسيف فأندرت ( 1 )

عامة فخذه وساقه وسقط عن بعيره وبيده مخرش ( 2 ) من شوحط فضر بنى فشجنى

مامومة ( 3 ) وملنا على أصحابه فقتلناهم كما هم غير رجل واحد أعجزنا شدا . ولم يصب

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : رميت

( 2 ) أى : عصا معوجة الرأس

( 3 ) أى : شجة بلغت أم الرأس . ( * )

ـ110ـ

من المسلمين أحد ثم أقبلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثناه الحديث

فقال قد نجاكم الله من القوم الظالمين . وقال ابن عائذ أخبرنا الوليد عن عبدالله

ابن لهيعة عن أبى الاسود عن عروة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالله

ابن عتيك في ثلاثين راكبا فيهم عبدالله بن أنيس . وقال غير الوليد بعث

عبدالله بن رواحة . وفيما ذكره ابن ؟ ؟ ؟ وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فبصق في شجته فلم تقح ولم تؤذه حتى مات . وقال ابن اسحق ان ابن رواحة غزا

خيبر مرتين احداهما التى أصاب فيها ابن رزام .

ـ111ـ

ـ سرية عمرو بن امية الضمرى وسلمة بن حريش ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 111 سطر 1 الى ص 120 سطر 23

ـ سرية عمرو بن امية الضمرى وسلمة بن حريش ـ

وعند ابن اسحق جبار بن صخر بدل سلمة بن حريش

قال ابن سعد : ثم سرية عمرو بن أمية الضمرى وسلمة بن أسلم بن حريش

إلى أبى سفيان بن حرب بمكة وذلك أن أبا سفيان بن حرب قال لنفر من

قريش ألا أحد يغتر محمدا فانه يمشى في الاسواق فأتاه رجل من الاعراب فقال :

قد وجدت أجمع الرجال قلبا وأشده بطشا وأسرعه شدا فان أنت قويتنى خرجت

إليه حتى أغتاله ومعى خنجر مثل خافية النسر فأسوره ( 1 ) ثم آخذه في غبر وأسبق

القوم عدوا فانى هاد بالطريق خريت ( 2 ) . قال أنت صاحبنا فأعطاه بعيرا ونفقة

وقال اطو أمرك فخرج ليلا فسار على راحلته خمسا وصبح ظهر الحرة صبح سادسة .

ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دل عليه فعقل راحلته

ثم أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مسجد بنى عبد الاشهل فلما رآه

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن هذا ليريد غدرا فذهب ليحنى على رسول الله

صلى الله عليه وسلم فجذبه أسيد بن الحضير بداخلة إزاره فاذا بالخنجر فأسقط في يديه

وقال دمى دمى . فأخذ أسيد بلبته فذعته ( 3 ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدقنى

ما أنت قال وأنا آمن قال نعم فأخبره بأمره وما جعل له أبوسفيان فخلى عنه

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ارتفع اليه وآخذه .

( 2 ) أى : ماهر .

( 3 ) أى : ضغط على رقبته . ( * )

ـ112ـ

رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية

الضمرى وسلمة بن أسلم إلى أبى سفيان بن حرب وقال إن أصبتما منه غرة فاقتلاه

فدخلامكة ومضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا فرآه معاوية بن أبى سفيان

فعرفه فأخبر قريشا بمكانه فخافوه وطلبوه وكان فاتكا في الجاهلية وقالوا لم يأت

عمرو لخير فحشد له أهل مكة وتجمعوا وهرب عمرو وسلمة فلقى عمرو عبيدالله بن

مالك بن عبيدالله التيمى فقتله وقتل آخر من بنى الديل سمعه يتغنى ويقول :

ولست بمسلم مادمت حيا * ولست أدين دين المسلمينا

ولقى رسولين لقريش بعثهما يتجسسان الخبر فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم

المدينة فجعل عمرو يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك .

ـ113ـ

ـ غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ـ

قال ابن اسحق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يعنى بعد غزوة

بنى المصطلق رمضان وشوالا وخرج من ذى القعدة معتمرا لا يريد حربا . وعند

ابن سعد يوم الاثنين لهلال ذى القعدة قال ابن هشام واستعمل على المدينة بميلة

ابن عبدالله الليثى قال ابن اسحق واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادى

من الاعراب وهو يخشى من قريش الذى صنعوا أن يعرضوا له بحرب أويصدوه

عن البيت فأبطأ عليه كثير من الاعراب وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم

بمن معه من المهاجرين والانصار ومن لحق به من العرب وساق الهدى معه وأحرم

بالعمرة ليأ من الناس من حربه وليعلم الناس انه انما خرج زائرا لهذا البيت

ومعظما له . حدثنى محمد بن مسلم بن شهاب الزهرى عن عروة بن الزبير عن

مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام

الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه الهدى سبعين بدنة وكان الناس

سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة نفر . وقال ابن عقبة عن جابر عن كل

 

سبعة بدنة . وذكر ابن عائد عن الوليد بن مسلم عن الزهرى كانوا أربع عشرة

مائة . وروينا عن البراء من طريق ابن سعد وغيره كانوا ألفا وأربعمائة وروينا

عن جابر كانوا خمس عشرة مائة أخبرنا الشيخ نظام الدين أ بوعبدالله محمد بن

الحسن بن الحسين الخليلى قراءة عليه وأنا أسمع بمصر قال أنا أبونصر بن الدجاجى

اجازة من بغداد قال أنا أبوالحسن محمد بن محمد بن علوى الكوفى قراءة عليه وأنا

ـ114ـ

أسمع قال أنا أبوالفرج محمد بن أحمد بن علوان الخازن قال أنا القاضى أ بوعبدالله

الجعفى فثنا أبوجعفر محمد بن رباح الاشجعى فثنا أبوالحسن على بن منذر الطريفى

فثنا محمد بن فضيل بن غروان الضبى فثنا حصين بن عبدالرحمن عن سالم بن أبى

الجعد عن جابر بن عبدالله قال عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله

عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضأ منها فأقبل الناس نحوه فقال مالكم مالكم قالوا

يا رسول الله ليس عند ناماء نشرب ولا نتوضأ منه إلا ما في ركوتك فوضع رسول

الله صلى الله عليه وسلم يده في الركوة ( 1 ) فجعل الماء يفور من بين أصابعه أمثال

العيون قال فشر بنا وتوضأنا . قال فقلت لجابركم كنتم يومئذ قال لو كنامائة ألف

لكفانا كنا خمس عشرة مائة ، وقال ابن سعد ويقال ألف وخمسمائة وخمسة

وعشرون رجلا . وأحرم معه زوجه أم المؤمنين . وروينا عن عبدالله بن

أبى أوفى من طريق ابن سعد كانوا ألفا وثلاثمائة . قال ابن اسحق وخرج رسول

الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبى ، وابن هشام يقول

بسر فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل ( 2 )

قد لبسوا جلود النمور وقد نزلوا بذى طوى يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة

أبدا وهذا خالد بن الوليد في خيلهم وقد قدموها إلى كراع الغميم . وقال ابن

سعد قدموا مائتى فارس عليها خالد بن الوليد ويقال عكرمة بن أبى جهل قال

ودنا خالد في خيله حتى نظر إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله

عليه وسلم عباد بن بشر فتقدم في خيله فقام بازائه وصف أصحابه وحانت صلاة

الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باصحابه صلاة الخوف .

رجع إلى ابن إسحق : قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ويح قريش أكلتهم الحرب

* ( هامش ) * ( 1 ) إناء صغير يشرب فيه الماء .

( 2 ) يريد النساء والصبيان . ( * )

ـ115ـ

ماذا عليهم لو خلوا بينى وبين سائر العرب فان هم أصابونى كان ذلك الذى أرادوا

واين أظهرنى الله عليهم دخلوا في الاسلام وافرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم

قوة فما تطن قريش فوالله لا أزال أجاهد على الذى بعثنى الله به حتى يظهره الله

أو تنفرد هذه السالفة ، ثم قال من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التى هم

بها . فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أن رجلا من أسلم قال أنا يا رسول الله قال

فسلك بهم طريقا وعرا أجذل بين شعاب فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على

المسلمين وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس

قولوا نستغفر الله ونتوب اليه فقالوا ذلك فقال والله إنها للحطة التى عرضت على

بنى إسرائيل فلم يقولوها ، قال ابن شهاب فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال

اسلكوا ذات اليمين بين ظهرى الحمض في طريق يخرجه على ثنية المرار مهبط

الحديبية من أسفل مكة قال فسلك الجيش ذلك الطريق فلما رأت قريش فترة

الجيش قد خالفوا عن طريقهم ركضوا راجعين إلى قريش وخرج رسول الله صلى

الله عليه وسلم حتى إذا سلك في ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة قال

فسلك الجيش ذلك الطريق فلما رأته ناقته بركت ، فقال الناس خلات ( 1 ) فقال

ما خلات وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لاتدعونى قريش

اليوم إلى خطة يسألون فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياهما ثم قال للناس انزلوا قيل

له يا رسول الله ، ابالوادى ماء ننزل عليه فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من

أصحابه فنزل في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه فحاش بالرواء حتى

ضرب الناس عنه بعطن ( 2 ) قال فحدثنى بعض أهل العلم عن رجال من أسلم أن الذى

أنزل في القليب ناجية بن جندب سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد زعم لى

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : حرنت .

( 2 ) مثل لتوسع الناس بكثرة الماء . ( * )

 

ـ116ـ

بعض اهل العلم ان البراء بن عارب كان يقول انا الذى نزلت بسهم رسول الله

صلى الله عليه وسلم فالله أعلم . قال الزهرى في حديثه فلما اطمأن رسول الله

صلى الله عليه وسلم أتاه بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة فكلموه وسألوه ما الذى

جاء به فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا وإنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته ثم قال لهم

نحوا مما قال لبسر بن سفيان فرجعوا إلى قريش فقالوا يا معشر قريش إنكم

تعجلون على محمد إن محمدا لم يأت لقتال إنما جاء زائرا لهذا البيت فاتهموهم وجبهوهم

وقالوا إن كان جاء ولا يريد قتالا فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ولا تحدث بذلك

عنا العرب وكانت خزاعة عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها

لا يخفون عليه شيئا كان بمكة ثم بعثوا اليه مكرز بن حفص بن الاخيف أخابنى

عامر فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال هذا الرجل غادر فلما انتهى إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم وكلمه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه

فرجع إلى قريش وأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بعثوا اليه الحليس بن

علقمة بن ريان وكان يومئذ سيد الاحابيش وهو أحد بنى الحرث بن عبد مناة

ابن كنانة ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدى

في وجهه حتى يراه ، فلما رأى الهدى يسير اليه من عرض الوادى بقلائده قد أكل

أوباره من طول الحبس عن محله رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله

عليه وسلم إعظاما لما رأى فقال لهم ذلك ، فقالوا له إجلس فانما أنت أعرابى لا علم

لك فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أن الحليس غضب عند ذلك وقال يا معشر

قريش والله ما على هذا حالفنا كم ، ولا على هذا عاقدناكم ؟ ؟ ؟ عن بيت الله

من جاءه معظما ، والذى نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وما جاء له أو لانفرن

بالاحابيش نفرة رجل واحد . قال فقالوا مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لانفسنا

ما نرضى به . قال الزهرى في حديثه ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

ـ117ـ

عروة بن مسعود الثقفى فقال يا معشر قريش إنى قد رأيت ما يلفى منكم من بعثتموه

إلى محمد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ وقد عرفتم أنكم والد وأنى ولد ،

وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس ، وقد سمعت بالذى نابكم فجمعت من أطاعنى

من قومى ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسى ، قالوا صدقت ما أنت عندنا بمتهم فخرج

حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه ثم قال يا محمد : أجمعت

أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لنقضها بهم انها قريش قد خرجت معها

العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا

وايم الله لكأنى بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا . قال وأبوبكر الصديق خلف

رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه !

قال من هذا يا محمد ؟ قال هذا ابن ابى قحافة ، قال أما والله لولايد كانت لك

عندى لكافأتك بها ، ولكن هذه بها قال ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى

الله عليه وسلم وهو يكلمه قال والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى

الله عليه وسلم في الحديد . قال فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله صلى

الله عليه وسلم ويقول اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل

أن لا تصل إليك ، قال فيقول عروة ويحك ما أفضك وما أغلظك قال فتبسم رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقال له عروة من هذا يا محمد ؟ قال هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة ، قال

أى غدر وهل غسلت سوءتك إلا بالامس . قلت كذا وقع في هذا الخبر أن عروة

عم المغيرة . وإنما هو عم أبيه . هو المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود

فعروة وأبوعامر اخوان . قال ابن هشام أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة قبل

إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بنى مالك من ثقيف فتهايج الحيان من ثقيف

وبنو مالك رهط المقتولين والاحلاف رهط المغيرة فودى عروة المقتولين ثلاثة

ـ118ـ

عشر دية وأصلح ذلك الامر . قال الزهرى فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما

كلم به أصحابه وأخبره أنه لم يأت يريد حربا فقام من عند رسول الله صلى الله

عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ولا يبصق

بصاقا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شئ إلا أخذوه ، فقال يا معشر قريش

إنى جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشى في ملكه ، وإنى والله

ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه ، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشئ

أبدا فروا رأيكم ، قال ابن اسحق فحدثنى بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعى فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على بعير

له يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ماجاء له فعقروا به جمل رسول الله صلى الله

عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعه الاحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله

عليه وسلم . وحدثنى بعض من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس أن قريشا كانوا

بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين رجلا وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا فأخذوا أخذا فأتى بهم رسول الله صلى الله

عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله

عليه وسلم بالحجارة والنبل ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه

أشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله إنى أخاف قريشا على نفسى بمكة وما

بمكة من بنى عدى بن كعب أحد يمنعنى وقد عرفت قريش عدوانى إياها وغلظتى

عليها ولكن أدلك على رجل أعزبها منى عثمان بن عفان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم

عثمان بن عفان فبعثه إلى أبى سفيان واشراف قريش يخبر هم أنه لم يأت لحرب وانه

لم يأت إلا زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته فخرج عثمان بن عفان إلى مكة

فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها فجعله بين

يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى

ـ119ـ

أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به .

فقال لعثمان حين فزع من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم إن شئت

أن تطوف بالبيت فطف . قال ما كنت لافعل حتى يطوف به رسول الله صلى

الله عليه وسلم فاحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم

والمسلمين أن عثمان قد قتل قال ابن إسحق . فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل لا نبرح حتى نناجز

القوم ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة

الرضوان تحت الشجرة فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

على الموت وكان جابر بن عبدالله يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا

على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ولم يتخلف

عنه أحد من المسلمين حضره إلا الجد بن قيس أحد بنى سلمة فكان جابر يقول

والله لكأنى أنظر اليه لا صقا بابط ناقته قد ضبأ ( 1 ) اليها يستتر بها من الناس . ثم

أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذى ذكر من أمر عثمان باطل . قال ابن

هشام فذكر وكيع عن اسماعيل بن أبى خالد عن الشعبى أن أول من بايع رسول

الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان أبوسنان الاسدى . قال ابن اسحق قال

الزهرى ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو أخا بنى عامر بن لؤى إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم قالوا ائت محمدا وصالحه ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا

عامه هذا فوالله لا تحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا ، فأتاه سهيل بن عمرو

فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال قد أراد القوم الصلح حين بعثوا

هذا الرجل فلما انتهى سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى لصق بالارض يسنتر بالنا ؟ ؟ .

ـ120ـ

الكلام وتراجعا ثم جرى بينهما الصلح فلما التأم الامر ولم يبق إلا الكتاب

وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال له يا أبا بكر أليس رسول الله قال بلى

قال أولسنا بالمسلمين قال بلى قال أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطى

الدنية في ديننا قال أبوبكر يا عمر الزم غرزه ( 1 ) فانى أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

عمر وأنا أشهد أنه رسول الله ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألست برسول

الله قال بلى قال أولسنا بالمسلمين قال بلى قال أوليسوا بالمشركين قال بلى قال

فعلام نعطى الدنية في ديننا . قال أنا عبدالله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعنى

قال فكان عمر يقول ما زلت أصوم وأتصدق وأصلى وأعتق من الذى صنعت

يومئذ مخافة كلامى الذى تكلمت به حين رجوت أن يكون خيرا . ثم دعا رسول

الله صلى الله عليه وسلم على بن أبى طالب فقال اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم

قال فقال سهيل بن عمرو لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم فسكتبها ثم قال

اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو قال فقال سهيل بن عمرو

لو شهدتك أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك قال فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله سهيل بن عمرو اصطلحا

على وضع الحرب عن الناس عشر سنين . يأمن فبهن الناس ويكف بعضهم

عن بعض على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليه ومن أتى قريشا

ممن مع محمد لم يردوه عليه وأن بيننا عيبة مكفوفة ( 2 ) وأنه لا إسلال ولا إغلال ( 3 )

وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ، ومن أراد أن يدخل في

عقد قريش وعهدهم دخل فيه ، فتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عقد محمد وعهده

* ( هامش ) * ( 1 ) الغرز ركاب الدابة ، أى ؟ ؟ ؟ قوله ونعله ولا تخالفه ( 2 ) أى صدرا ثقيا

من الغل والخداع مطريا على الوفاء . ( 3 ) الاسلال السرقة الخفية ، وقيل سل

السيوف ، أو سل بالشئ بالليل ؟ ؟ ؟ . والاغلال الخيانة

ـ121ـ

وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم ، وأنك ترجع عنا عامك

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 121 سطر 1 الى ص 130 سطر 18

وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم ، وأنك ترجع عنا عامك

هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنها فدخلتها بأصحابك

فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها فبينا

رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبوجندل بن

سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح

لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه

رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل الناس من ذلك عليهم أمر عظيم حتى

كادوا يهلكون فلما رأى سهيل أبا جندل قام اليه وضرب وجهه وأخذ بتلبيبه تم

قال يا محمد قد لحت القضية بينى وبينك قبل أن يأتيك هذا ، قال صدقت فجعل

يبتزه بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش وجعل أبوجندل يصرخ بأعلى صوته يا معشر

المسلمين أرد إلى المشركين يفتنونى في دينى فزاد الناس ذلك إلى ما بهم فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : يا أبا جندل اصبرو احتسب فان الله جاعل لك ولن معك من

ا لمستضعفين فرجا ومخرجا إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم

على ذلك وأعطونا عهد الله وانا لا نغدر بهم . قال فوثب عمر بن الخطاب مع أبى

جندل يمشى إلى جنبه ويقول اصبر يا أبا جندل فانما هم المشركون وإنما دم أحدهم

دم كلب قال ويدنى قائم السيف منه ، قال يقول عمر وددت أن يأخذ السيف

فيضرب به أباه . قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية فلما فرغ الكتاب

أشهد على الصلح رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين : أبوبكر الصديق

وعمر بن الخطاب و عبدالرحمن بن عوف وعبدالله بن سهيل بن عمرو وسعد بن

أبى وقاص ومحمود بن سلمة ومكر زبن حفص وهو مشرك وعلى بن أبى طالب

ـ122ـ

وكان هو كاتب الصحيفة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا في الحل وكان يصلى

في الحرم فلما فرغ من الصلح قام إلى هديه فنحره ثم جلس فحلق رأسه وكان

الذى حلقه فيما بلغنى في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعى فلما رأى

الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون .

وذكر ابن اسحق عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس دعا رسول الله

صلى الله عليه وسلم بالرحمة للمحلقين ثلاثا ، وللمقصرين مرة . وذكر ابن سعد

بسنده أن عثمان وأبا قتادة الانصارى ممن لم يحلق ، وقال ابن أبى نجيح حدثنى

 

مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في

هداياه جملا لابى جهل في رأسه برة ( 1 ) من فضة ليغيظ بذلك المشركين . قال

الزهرى في حديثه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه ذلك قافلا

حتى إذا كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا

ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا

مستقيما ) . ثم كانت القصة فيه وفى أصحابه حتى انتهى إلى ذكر البيعة فقال

( ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) الآية . ثم ذكر من تخلف عنه من

الاعراب ثم قال حين استنفرهم للخروج معه فأبطأوا عليه ( سيقول لك المخلفون

من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا ) ثم القصة عن خبرهم حتى انتهى إلى قوله

( سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا

كلام الله قل لن تتبعونا ) . ثم القصة عن خبرهم وما عرض عليهم من جهاد القوم

أولى البأس الشديد فذكر آيات من سورة الفتح . وذكر ابن عائذ فيما رواه عن محمد

ابن شعيب عن عثمان بن عطاء الخراسانى عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس

* ( هامش ) * ( 1 ) بضم الباء وفتح الراء وهى حلقة تجعل في أنف البعير . ( * )

ـ123ـ

قال ووعده ربه أنه فاتحها وبين له فتحها ولم يجعل لمن تخلف عنه بالمدينة من غير

معذرة نصيبا في مغانم خيبر فقال ( سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم

لتأخذوها ) حتى بلغ إلا قليلا . وقال ابن عقبة في تفسير قوله ( فتحا قريبا ) رجوعهم

من العام المقبل إلى مكة معتمرين وقيل خيبر . وهاجرت إلى رسول الله صلى الله

عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط في تلك المدة فخرج أخواها عمارة

والوليد في ردها بالعهد فلم يفعل النبى صلى الله عليه وسلم ذلك . ونزلت ( إذا جاءكم المؤمنات

مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بايمانهن ) الآيات . وكان ممن طلق عند نزول قوله

تعالى ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) عمر بن الخطاب طلق امرأته قريبة بنت أبى

أمية بن المغيرة فتزوجها معاوية بن أبى سفيان وهما على شركهما وأم كلثوم بنت

جرول فتزوجها أبوجهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما .

وروى أن بعض من كان مع النبى صلى الله عليه وسلم قال له لما قدم

المدينة ألم تقل يا رسول الله أنك تدخل مكة آمنا قال بلى أفقلت لكم من عامى

هذا قالوا لا قال فهو كما قال جبريل . وذكر ابن عقبة عن ابن شهاب أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم استشار الناس حين بلغه أن قريشا تجمع له فقال أترون

أن نغير على ما جمعوا لنا على جل أموالهم فنصيبهم فان قعدوا قعدوا مغيظين

موتورين وإن تبق منهم عنق نقطعها أم ترون أن نؤم البيت الحرام فمن صدنا

عنه قاتلناه قال أبوبكر الصديق الله ورسوله أعلم جئنا لامر فنرى أن نؤمه فمن

صدنا عنه قاتلناه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم . ويقال سار رسول الله

صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بسر بن سفيان الكعبى فقال إن

قريشا قد نزلت بذى طوى وذكر نحو ما تقدم . وفيه بعد كتابة الصحيفة بالصلح

فهم ينتظرون نفاذ ذلك وإمضاءه رمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق

الآخر فكان بينهم شئ من قتال يترامون بالنبل والحجارة فصاح الفريقان

ـ124ـ

كلاهما وارتهن كل واحد من الفريقين من كان عنده من الآخرين فارتهن المشركون

عثمان بن عفان ومن كان معه وارتهن المسلمون سهيل بن عمرو ومن كان معه من

المشركين يقولون فعند دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى البيعة واراد القتال

فبايعوه على الموت وقال جابر على أن لا يفروا وعمر آخذ بيده . والشجرة سمرة

والخيل مائة فرس فبايعناه غير الجد بن قيس فلما رأت قريش ذلك رعبهم الله

وأرسلوا من كان في أيديهم من المسلمين فدعوا إلى الموادعة والصلح والمسلمون

لهم عالون وصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره عمر الصلح ثم رجع عن ذلك

ولما رجع عليه السلام من الحديبية كلمه بعض أصحابه فقالوا جهدنا وفى الناس ظهر ( 1 )

فانحره لنأكل من لحمه ولندهن من شحومه ولنحتذى من جلوده فقال عمر بن

الخطاب لا نفعل يا رسول الله فان الناس إن يكن فيهم بقية ظهر أمثل فقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم ابسطوا أنطاعكم ( 2 ) وعباءكم ففعلوا ثم قال من كان عنده بقية من زاد

أو طعام فلينثره ودعا لهم ثم قال قربوا أو عيتكم فأخذوا ماشاء الله .

وقد روينا نحوه من حديث إياس بن سلمة بن الاركوع عن أبيه من طريق مسلم

وفى آخره فقال النبى صلى الله عليه وسلم فهل من وضوء فجاء رجل بأداوة ( 3 ) فيها نطفة ( 4 ) من ماء

فأفرغها في قدم فتوضأنا كلنا الحديث . قال ابن عقبة وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من

الحديبية راجعا فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا بفتح

لقد صدونا عن البيت وصد هدينا ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين من

المسلمين كانا خرجا اليه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أولئك فقال بئس الكلام

بل هو أعظم الفتح قد رضى المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم

* ( هامش ) * ( 1 ) الظهر الابل ( 2 ) النطع البساط من الاديم

( 3 ) إناء صغير ( 4 ) أى قليل . ( * )

ـ125ـ

القضية ويرغبون اليكم في الامان وقد رأوا منكم ماكرهوا وأظفركم الله عليهم

وردكم الله سالمين مأجورين فهو أعظم الفتوح ، وفيه أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون

ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم أنسيتم يوم الاحزاب إذ جاؤوكم من

فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون

بالله الظنونا فقال المسلمون صدق الله ورسوله فهو أعظم الفتوح والله يا نبى الله

مافكرنا فيما فكرت فيه ولانت أعلم بالله وأمره منا . وذكر ابن عائذ أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم أقام في غزوته هذه شهرا ونصفا . وقال ابن سعد أقام

بالحديبية بضعة عشر يوما ويقال عشرين ليلة ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما

كانوا بضجنان نزلت عليه ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) فقال جبريل نهنئك

يا رسول الله وهنأه المسلمون . وروينا عن ابن سعد قال أنا اسماعيل بن عبدالله

ابن أبى أويس عن مجمع بن يعقوب عن أبيه أنه قال لما صد رسول الله صلى الله

عليه وسلم وأصحابه حلقوا بالحديبية ونحروا بعث الله ريحا عاصفا فاحتملت

أشعارهم فألقتها في الحرم . وعن طارق بن عبدالرحمن قال كنت عند سعيد بن

المسيب فتذاكروا الشجرة فضحك ثم قال حدثنى أبى أنه كان ذلك العام معهم وأنه قد

شهدها فنسرها من العام المقبل . وروينا عن ابن سعد قال أنا ع بدالوهاب بن عطاء

قال أنا عبدالله بن عوف عن نافع قال كان الناس يأتون الشجرة التى يقال لها

شجرة الرضوان فيصلون عندها قال فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فيها وأمر

بها فقطعت . وروينا عن ابن عمر قال كانت رحمة من الله . وروينا عن ابن سعد

قال أنا ع بدالوهاب بن عطاء العجلى قال أنا خالد الحذاء قال أخبرنى أبوالمليح

عن أبيه قال أصابنا يوم الحديبية مطر لم يبل أسافل نعالنا فنادى منادى رسول

الله صلى الله عليه وسلم أن صلوا في رحالكم . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل ( بلغ مقابلة لله الحمد ) . ( * )

ـ126ـ

ـ ذكر فوائد تتطق بخبر الحديبية ـ

الحديبية بئر سمى المكان بها والاعرف فيها التخفيف ورأيت بخط جدى قال

الاستاذ نقلا عن أبى على الشلوبين هى بتخفيف الياء لا غير كأنه تصغير حدبا

لقصورة . قال ابن السراج والجعرانة باسكان العين قاله الاصمعى وأتى بالتشديد

وذكر أنه سمعه من فصحاء العرب . وإحرامه عليه السلام كان من ذى الحليفة .

والاجزل الكثير الحجارة . والجرول الحجارة . والعوذ المطافيل النساء اللاتى

معهن أطفالهن وقال السهيلى جمع عائذ وهى الناقة التى معها ولدها يريد أنهم خرجوا

بذوات الالبان من الابل ليتزودوا بألبانها ولا يرجعوا حتى يناجزوا محمدا صلى الله

عليه وسلم وأصحابه . وخلات القصواء حرنت والخلا في الابل كالحران في غيرها

من الدواب . وماء رواء وروى وقوم رواء من الماء عن ثعلب . وناجية كان اسمه

ذكوان فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نجا من كفار قريش ناجية .

وجبهت الرجل استقبلته بما يكره . يتألهون يعظمون أمر الآله . وقال الخشنى التأله

التعبد . ورأيت عن ابن الكلبى في نسب الحليس بن ريان أنه الحليس بن عمرو

ابن عامر بن المغفل وهو الريان بن عبد ياليل ويقال الخليس بن يزيد بن ريان .

والاوباش والاوشاب الاخلاط من الناس . وأبوسنان الاسدى اسمه وهب بن

محصن أخو عكاشة بن محصن .

روينا عن أبى عروبة فثنا على بن المنذر فثنا محمد بن فضيل عن عاصم عن

ـ127ـ

عامر قال كان أول من بايع بيعة الرضوان أبوسنان الاسدى قال يا رسول الله بايعنى

قال على ما ذا قال على ما في نفسك قال ما في نفسى قال الفتح أو الشهادة فبايعه

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء الناس فجعلوا يقولون نبايعك على

بيعة أبى سنان كذا روى هذا عن الشعبى من غير وجه . والصواب سنان بن أبى

سنان . قال الواقدى فيما حكى عنه أبوعمرو سنان أول من بايع بيعة الرضوان

وتوفى سنان سنة اثنتين وثلاثين وأما أبوه أبوسنان فمات في حصار بنى قريظة

ذكر ذلك أبوجعفر الطبرى وغيره وقال كان أسن من أخيه عكاشة بسنتين قال

ودفن في مقبرة بنى قريظة اليوم . وقد تقدم ذلك . وقد ذكر أن أول المبايعين

يومئذ عبدالله بن عمر . قال أبوعمر ولا يصح . وقد روينا من طريق البخارى قال

حدثنى شجاع بن الوليد قال سمع النضر بن محمد فثنا صخر عن نافع قال ان الناس

يتحدثون ان ابن عمر أسلم قبل عمر وليس كذلك ولكن عمر يوم الحديبية أرسل

عبدالله إلى فرس له عند رجل من الانصار ليقاتل عليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم

يبايع عند الشجرة وعمر لا يدرى بذلك فبايعه عبدالله ثم ذهب إلى الفرس

فجاء به إلى عمر وعمر يستليم للقتال فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يبايع تحت الشجرة قال فانطلق عمر فذهب معه حتى بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهى

التى يتحدث الناس أن ابن عمر أسلم قبل عمر .

وروينا من طريق مسلم عن سلمة بن الاكوع ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا للبيعة في أصل

الشجرة قال فبايعته أول الناس ثم بايع وبايع الحديث . قال السهيلى وفى هذا الحديث

مصالحة المشركين على غير مال يؤخذ منهم وذلك جائز إذا كان بالمسلمين ضعف

وقد تقدم مصالحتهم على مال يعطونه في غزوة الخندق . قال واختلف هل يجوز

صلحهم إلى أكثر من عشر سنين ، وحجة من منع ذلك أن حظر الصلح هو

ـ128ـ

الاصل بدليل آية القتال وقد ورد التحديد بالعشر في حديث ابن اسحق فحصلت

الاباحة في هذا المقدار متحققة وبقيت الزيادة على الاصل . قلت ليس في مطلق

الامر بالقتال ما يمنع من الصلح وإن كان المراد ما في سورة براءة من ذلك مما نزل

بعد هذه الواقعة ففى التخصيص بذلك اختلاف بين العلماء . وأما تحديد هذه المدة

بالعشر فأهل النقل مختلفون في ذلك فروينا عن ابن سعد كما روينا عن ابن

إسحق وروينا عن موسى بن عقبة قال وكان الصلح بين رسول الله صلى الله

عليه وسلم وبين قريش سنتين يأمن بعضهم بعضا . وكذلك روينا عن ابن عائذ

عن محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس أن

مدة الصلح كانت إلى سنتين والله أعلم . وأما كتابة الصلح فقرئ على عبدالرحيم

ابن يوسف المزى وأنا أسمع أخبركم أبوعلى حنبل بن عبدالله قال أنا ابن الحصين

قال أنا أبوعلى بن المذهب قال أنا القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد فثنا أبى فثنا

محمد بن جعفر فثنا شعبة عن أبى إسحق قال سمعت البراء بن عازب يقول لما

صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب على رضى الله عنه كتابا بينهم قال

فكتب محمد رسول الله فقال المشركون لا نكتب محمد رسول الله ولو كنت

رسول الله لم نقاتلك قال فقال لعلى امحه قال فقال ما أنا بالذى امحاه فمحاه رسول

الله صلى الله عليه وسلم بيده الحديث . وقد روى البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب

ذلك بيده وعد ذلك من وقف عنده معجزة له عليه السلام وما شهد به القرآن

من أنه النبى الامى الذى لا يحسن الكتابة مع ما كان يأتى به من أقاصيص

الاولين وأخبار الامم الماضين هو المعجزة العظمى لما تضمن من تكذيب من

نسب ذلك إلى علم تلقاه من أساطير الاولين ممن قال اكتتبها فهى تملى عليه .

وهذا علم عظيم من أعلام نبوته وأصل كبير من دلائل صدقه في أنه عليه السلام

ـ129ـ

إنما يتلقى ذلك من الوحى . وسلامة هذا الاصل من شبهة قد تركت للملحد حجة

في معارضته وإن بعدت أولى . وذكر الامام أبوالوليد الباجى انه كتب فأنكر

ذلك علماء الاندلس فبعث إلى الآفاق يستفتى بمصر والشام والعراق وغير ذلك

فجلهم قال لم يكتب النبى صلى الله عليه وسلم بيده قط ورأوا ذلك محمولا على المجاز وأن

معنى كتب أمر بالكتابة وقالت طائفة يسيرة منهم كتب . وجرت هذه المسألة

يوما بحضرة شيخنا الامام أبى الفتح القشيرى رحمه الله فلم يعبأ بقول من قال

كتب وقال عن الباجى هو قول أحوجه إلى أن يستنجد بالعلماء من الآفاق .

وأبوجندل اسمه العاصى وهو أخو عبدالله بن سهيل شهد عبدالله بدرا مع النبى

صلى الله عليه وسلم وكان إسلامه قبل ذلك وأول مشاهد أبى جندل الفتح وإنما ذكرنا ذلك

ليعرف ( 1 ) الفرق بينهما فقد ذكر أن بعض من ألف في الصحابة سمى أبا جندل

عبدالله وليس كذلك . ورجع أبوجندل إلى مكة يوم الحديبية في جوار مكرزين

حفص فيما حكى ابن عائذ . قال أبوالقاسم السهيلى وذكر قول الله سبحانه ( إذا

جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ) : وهذا عند أهل العلم مخصوص بنساء

أهل العهد والصلح وكان الامتحان أن تستحلف المرأة المهاجرة أنها ماها جرت

فاشزا ولا هاجرت إلا لله ولرسوله فاذا حلفت لم ترد ورد صداقها إلى بعلها وإن

كانت من غير أهل العهد لم تستحلف ولم يرد صداقها . وعيبة مكفوفة أى صدور

منطوية على ما فيها لا تبدى عداوة . والاغلال الخيانة . والاسلال السرقة .

* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " ليعلم " . ( * )

ـ130ـ

ـ ذكر الخبر عن ابى بصير وابى جندل ـ

قال ابن اسحق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبوبصير عتبة بن أسيد

ابن جارية الثقفى وكان ممن حبس بمكة فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه

وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن الحرث بن زهرة والاخنس بن شريق بن

عمرو بن وهب الثقفى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا رجلا من بنى عامر

ابن لؤلى ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الازهر والاخنس

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا البصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ماقد

علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك من ا لمستضعفين

فرجا ومخرجا فانطلق إلى قومك قال يا رسول الله أتردنى إلى المشركين يفتنونى

في دينى قال يا أبا بصير انطلق فان الله سيجعل لك ولمن معك من ا لمستضعفين

فرجا ومخرجا فانطلق معهما حتى إذا كان بذى الحليفة جلس إلى جدار وجلس

معه صاحباه فقال أبوبصير أصارم سيفك هذا يا أخابنى عامر فقال نعم انظر اليه

إن شئت فاستله أبوبصير ثم علاه حتى قتله وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول

الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعا قال

إن هذا الرجل قد رأى فزعا انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

ويحك مالك قال قتل صاحبكم صاحبى فوالله ما برح حتى طلع أبوبصير متوشحا

السيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله وفت

ـ131ـ

ذمتك وأدى الله عنك استتنى بيد القوم وقد امتنعت بدينى أن أفتن فيه أو

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 131 سطر 1 الى ص 140 سطر 22

ذمتك وأدى الله عنك استتنى بيد القوم وقد امتنعت بدينى أن أفتن فيه أو

يعبث بى قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلمه محش ( 1 ) حرب لو كان معه

رجال . ثم خرج أبوبصير حتى نزل العيص من ناحية ذى المروة على ساحل البحر

بطريق قريش التى كانوا يأخذون إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا

بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لابى بصير " ويل أمه محش حرب لو

كان معه رجال " فخرجوا إلى أبى بصير بالعيص فاجتمع اليه قريب من سبعين

رجلا فكانوا قد ضيقوا على قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ولا تمربهم عير

إلا اقتطعوها حتى كتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله بأرحامها

إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه المدينة .

وذكر ابن عقبة هذا الخبر أطول من هذا وسمى الرجل الذى بعثته قريش

في طلب أبى بصير جحيش بن جابر من بنى منقذ ، قال وكان ذا جلد ورأى في

أنفس المشركين وجعل لهما الاخنس في طلب أبى بصير جعلا فقدما على رسول

الله صلى الله عليه وسلم فدفع أبا بصير اليهما فخرجا به حتى إذا كانا بذى الحليفة سل جحيش

سيفه ثم هزه فقال لاضربن بسيفى هذا في الاوس والخزرج يوما إلى الليل . وذكر

نحو ما تقدم ، وفيه فجاء أبوبصير بسلبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

خمسه يا رسول الله قال إنى إذا خمسته لم أف بالذى عاهدتهم عليه ولكن شأنك

بسلب ؟ ؟ ؟ واذهب حيث شئت فخرج أبوبصير معه خمسة نفر كانوا قدموا

معه مسلمين من مكة حتى إذا كانوا بين العيص وذى المروة من أرض جهينة

وانفلت أبوجندل بن سهيل في سبعين راكبا أسلموا وهاجروا فلحقوا بأبى بصير

* ( هامش ) * ( 1 ) المحش بكسر الميم ما تحرك به النار وكذلك المحشة . ( * )

ـ132ـ

وكرهوا أن يقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة المشركين وكرهوا

الثواء بين ظهرى قومهم فنزلوا مع أبى بصير في منزل كريه إلى قريش فقطعوا به

مادتهم من طريق الشام وأبوبصير يصلى لاصحابه فلما قدم عليه أبوجندل كان

هو يؤمهم واجتمع إلى أبى جندل ناس من غفار وأسلم وجهينة وطوائف من الناس

حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل وهم مسلمون لايمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا

أصحابها . وذكر مرور أبى العاص بن الربيع بهم وقصته . قلت وقد تقدم أن أبا العاص

أخذ في سرية زيد بن حارثة إلى العيص قال وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى

جندل وأبى بصير أن يقدما عليه ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم

وأهليهم فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وأبوبصير يموت فمات

وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده يقرأه فدفنه أبوجندل مكانه وجعل

عند قبره مسجدا وقدم أبوجندل على رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ناس من

أصحابه ورجع سائرهم إلى أهليهم . وقال أبوجندل فيما حكاه الزبير :

أبلغ قريشا عن أبى جندل * أنا بذى المروة فالساحل

في معشر تخفف أيمانهم * بالبيض فيها والقنا الذابل

يأبون أن نبقى لهم رفقة * من بعد إسلامهم الواصل

أو يجعل الله لهم مخرجا * والحق لا يغلب بالباطل

فيسلم المرء باسلامه * أو يقتل المرء ولم يأتل

وأبوبصير سماه ابن اسحق عتبة ومن الناس من يسميه عبيدا وهو ابن أسيد

ابن جارية بن أسيد بن عبدالله بن سلمة بن عبدالله بن غبرة بن عوف بن

قسى وهو ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن حليف بنى زهرة .

ـ133ـ

ـ غزوة خيبر ـ

قال ابن اسحق وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الحديبية

ذا الحجة وبعض المحرم وخرج في بقية منه غازيا إلى خيبر ولم يبق من السنة السادسة

من الهجرة إلا شهر وأيام . واستخلف على المدينة نميلة بن عبدالله اللينى فيما قاله

ابن هشام . وقال موسى بن عقبة لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة منصرفه من الحديبية

مكث عشرين يوما أو قريبا منها ثم خرج غازيا إلى خيبر وكان الله وعده إياها

وهم بالحديبية . قال ابن اسحق فحدثنى محمد بن ابراهيم بن الحارث التميمى عن أبى

الهيثم بن نصر الاسلمى أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

في مسيره إلى خيبر لعامر بن الاكوع وهو عم سلمة بن عمرو بن الاكوع وكان اسم

ابن الاكوع ؟ ؟ ؟ " انزل يا بن الاكوع فخذلنا من هناتك " قال فنزل يرتجز :

والله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا

إنا إذا قوم بغوا علينا * وإن أرادوا فتنة أبينا

فأنزلن سكينة علينا * وثبت الاقدام إن لاقينا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك ربك فقال عمر بن الخطاب وجبت

والله يا رسول الله لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيدا ، وكان قتله فيما بلغنى أن

سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه كلما شديدا ( 1 ) فمات منه فكان المسلمون قد شكوا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : جرحه جرحا شديدا . ( * )

ـ134ـ

فيه وقالوا ما قتله إلا سلاحه حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمرو بن عمرو بن الاكوع رسول

الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأخبره بقول الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه

لشهيد وصلى عليه وصلى عليه المسلمون .

وحدثنى من لا أتهم عن عطاء بن أبى مروان الاسلمى عن أبيه عن أبى معتب بن عمرو

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لاصحابه وأنا فيهم قفوا ثم قال اللهم رب

السموات وما أظللن ورب الارضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما

أذرين فانا نسألك من خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر

أهلها وشر ما فيها اقدموا بسم الله قال وكان يقولها لكل قرية دخلها .

وحدثنى من لا أتهم عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما

لم يغر عليهم حتى يصبح فان سمع أذانا أمسك وإن لم يسمع أذانا أغار فنزلنا

خيبر ليلا فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبح لم يسمع أذانا فركب وركبنا

معه وركبت خلف أبى طلحة وإن قدمى لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

واستقبلنا عمال خيبر غادين وقد خرجوا بمساحيهم ( 1 ) ومكاتلهم فلما رأوا رسول الله

صلى الله عليه وسلم والجيش قالوا محمد والخميس ( 2 ) معه فأدبروا هرابا فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين .

 

حدثنا هرون عن حميد عن أنس بمثله وروينا عن أبى على بن الصواف بالسند

المتقدم اليه فثنا الحسين بن على بن مصعب فثنا هشام بن حسان عن محمد بن أبى

السرى فثنا عبدالرزاق قال أنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس

ابن مالك عن أبى طلحة قال لما أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيبر وجد اليهود

* ( هامش ) * ( 1 ) جمع مسحاة وهى المجرفة من الحديد .

( 2 ) الخميس : هو الجيش . ( * )

ـ135ـ

وهم في عملهم معهم مساحيهم فقالوا محمد والخميس فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صبح المنذرين .

رجع إلى الاول : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى خيبر

سلك على عصر فبنى له فيها مسجد ثم على الصهباء ثم أقبل رسول الله صلى الله

عليه وسلم بجيشه إلى خيبر حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان

ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى

الله عليه وسلم فبلغنى أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

من خيبر جمعوا ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه حتى إذا ساروا منقلة ( 1 ) سمعوا

خلفهم في أموالهم وأهليهم حساظنوا أن القوم قد خالفوا اليهم فرجعوا على

أعقابهم فأقاموا في أهليهم وأموالهم وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين

خيبر وتدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاموال يأخذها مالا مالا ويفتحها

حصنا حصنا فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة

برحى ألقيت عليه منه . أخبرنا أبوالفتح بن المجاور الشيبانى بقراءنى عليه بالشام

قال أنا أبواليمن الكندى قراءة عليه وأنا أسمع قال أنا أبوالقاسم هبة الله بن

أحمد بن عمر الحريرى قال أنا أبوطالب محمد بن على بن الفتح قال أنا أبوالحسين

محمد بن احمد الواعظ فثنا أبوبكر محمد بن جعفر المطيرى فثنا حماد بن الحسن

فثنا أبى عن هشيم عن العوام بن حوشب عن حبيب بن أبى ثابت عن أبى عمر

قال جاء رجل من الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال إن اليهود قتلوا أخى فقال

لا دفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فيفتح الله عزوجل

عليه فيمكنه الله من قاتل أخيك فبعث إلى على عليه السلام فعقد له اللواء فقال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى مرحلة . ( * )

ـ136ـ

يا رسول الله إنى أرمد كما ترى قال وكان يومئذ أرمد فتفل في عينيه قال على عليه

السلام فما رمدت بعد يومئذ قال العوام فحدثنى جبلة بن سحيم أو حبيب بن أبى

ثابت عن ابن عمر قال فمضى بذلك الوجه فما تنام آخرنا حتى فتح الله على أولياء

الله فأخذ على عليه السلام قاتل الانصارى فدفعه إلى أخيه فقتله . الرجل الانصارى

هو محمد بن مسلمة . وروينا في المعجم الصغير لابى القاسم الطبرانى فثنا محمد بن الفضل

ابن جابر السقطى ببغداد فثنا فضيل بن ع بدالوهاب فثنا جعفر بن سليمان عن الخليل

ابن مرة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبدالله قال لما كان يوم خيبر بعث رسول

الله صلى الله عليه وسلم رجلا ؟ ؟ ؟ فجاء محمد بن مسلمة فقال يا رسول الله لم أر كاليوم قط قتل

محمود بن مسلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنوا لقاء العدو واسألوا

الله العافية فانكم لاتدرون ما تبتلون به منهم فاذا لقيتوهم فقولوا اللهم أنت ربنا

وربهم ونواصينا ونواصيهم بيدك وإنما تقتلهم أنت ثم الزموا الارض جلوسا فاذا

غشوكم فانهضوا وكبروا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بعثن غدا رجلا

يحب الله ورسوله ويحبانه لا يولى الدبر فلما كان من الغد بعث عليا وهو أرمد شديد

الرمد فقال سر فقال يا رسول الله ما أبصر موضع قدمى فتفل في عينيه وعقد له

اللواء ودفع اليه الراية فقال على ما أقاتلهم يا رسول الله قال على أن يشهدوا أن

لا إله إلا الله وأنى رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا دماءهم وأموالهم إلا

بحقها وحسابهم على الله تعالى .

رجع إلى الاول : ثم الغموص حصن بنى أبى الحقيق وأصاب رسول الله صلى

الله عليه وسلم منهم سبايا منهن صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة

ابن الربيع بن أبى الحقيق - وبنتا ( 1 ) عم لها فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) في الاصل " وبنتى " ( * )

ـ137ـ

صفية لنفسه وجعلها عند ام سليم حتى اعتدت واسلمت ثم اعتقبا وتزوجها وجعل

عنقها صداقها . واختلف الفقهاء في هذه المسألة فمنهم من جعل ذلك خصوصا له

عليه السلام كما خص بالموهوبة وبالتسع ومنهم من جعل ذلك سنة لمن شاء من

أمته وكان دحية بن خليفة الكلبى قد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية

فلما اصطفاها لنفسه أعطاه ابنتى عمها وقيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبها له ثم

ابتاعها منه بسبعة أرؤس وفشت السبايا من خيبر في المسلمين وأكل المسلمون

لحوم الحمر ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عن إتيان الحبالى من النساء

وأكل الحمار الاهلى وأكل كل ذى ناب من السباع وبيع المغانم حتى تقسم وأن

لا يصيب أحد امرأة من السبى حتى يستبرئها ولا يركب دابة في فئ المسلمين حتى

إذا أعجفها ( 1 ) ردها فيه ولا يلبس ثوبا من فئ المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه

وأن يبيع أو يبتاع تبر الذهب بالذهب العين وتبر الفضة بالورق العين وقال ابتاعوا

تبر الذهب بالورق وتبر الفضة بالذهب العين . وفيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل

الثوم وعن متعة النساء ورخص في لحوم الخيل وقسم للفارس سهما وللفرس سهمين ،

فسره نافع فقال إذا كان مع الفارس فرس فله ثلاثة أسهم وإن لم يكن فله سهم .

قال ابن اسحق ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والاموال فحدثنى

عبدالله بن أبى بكر أنه حدثه بعض أسلم أن بنى سهم من أسلم أتوا رسول الله

صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله والله لقد جهدنا وما بأيدينا من شئ فلم يجدوا

عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يعطيهم إياه فقال اللهم إنك قد عرفت

حالهم وإن ليست بهم قوة وأن ليس بيدى ما أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم

حصونها عنهم غناء وأكثرها طعاما وودكا ( 2 ) منه فغذا الناس ففتح الله عليهم

* ( هامش ) * ( 1 ) أى أهزلها .

( 2 ) الودك هو دسم اللحم ودهنه الذى يستخرج منه . ( * )

ـ138ـ

حصن الصعب بن معاذ وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وودكا منه فلما افتتح

رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتتح وحاز من الاموال ما حاز

انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسلالم وكانا آخر حصون أهل خيبر افتتاحا فحاصرهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عسرة ليلة . قال ابن هشام وكان شعار أصحاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أمت أمت . قال ابن اسحق فحدثنى عبدالله بن

سهل بن عبدالرحمن بن سهل أخوبنى حارثة عن جابر بن عبدالله قال فخرج

مرحب اليهودى من حصنهم قد جمع سلاحه يرتجز وهو يقول :

قد علمت خيبر أنى مرحب * شاكى السلاح بطل مجرب

في أبيات وهو يقول من يبارز فأجابه كعب بن مالك :

قد علمت خيبر أنى كعب * مفرج الغما جرئ صلب

في أبيات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لهذا فقال محمد بن مسلمة أنا له يا رسول

الله أنا والله الموتور الثائر قتل أخى بالامس قال فقم اليه اللهم أعنه عليه قال وضربه

محمد بن مسلمة حتى قتله ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر وهو يقول من يبارز فزعم

هشام بن عروة أن الزبير بين العوام خرج إلى ياسر فقالت له أمه صفية بنت

ع بدالمطلب يقتل ابنى يا رسول الله قال بل ابنك يقتله إن شاء الله فخرج الزبير

فالتقيا فقتله الزبير . هذا رواية ابن اسحق في قتل مرحب وروينا في الصحيح

من حديث سلمة بن الاكوع أن على بن أبى طالب قتله وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم

أبابكر برايته إلى بعض حصون خيبر فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد ثم بعث

للغد عمر بن الخطاب فقاتل ورجع ولم يكن فتح وقد جهد فقال عليه السلام

لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على بديه ليس بفرار فدعا

ـ139ـ

عليا وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله

عليك فخرج بها يهرول حتى ركزها في رضم ( 1 ) من حجارة تحت الحصن فاطلع اليه

يهودى من رأس الحصن فقال من أنت فقال على بن أبى طالب فقال يقول اليهودى

غلوتم وما أنزل الله على موسى أو كما قال فما رجع حتى فتح الله عليه .

قال ابن اسحق وحدثنى عبدالله بن حسن عن بعض أهله عن أبى رافع مولى

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجنا مع على حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته

لما دنا من الحصن خرج اليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من

بده فتناول على بابا كان عند الحصن فنرس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى

فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتنى في نفر سبعة أنا ثامنهم نجهد

على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه . وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل

خيبر في حصنهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن

يحقن لهم دماء هم ففعل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الاموال كلها

الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين فلما نزل

أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الاموال

على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على

النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم .

وقد اختلف الناس في فتحها كيف كان فروينا من طريق أبى داود قال حدثنا

داود من معاذ فثنا ع بدالوارث وثنا يعقوب بن ابراهيم وزياد بن أيوب أن اسمعيل

بن ابراهيم حدثهم عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن رسول الله

* ( هامش ) * ( 1 ) الرضم الصخور العظام . ( * )

ـ140ـ

صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فأصابها عنوة فجمع السبى . وروينا عن ابن اسحق

قال سألت ابن شهاب فأخبرنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر

عنوة بعد القتال . وروينا من طريق السجستانى فثنا ابن السرح فثنا ابن وهب قال

أخبرنى يونس عن ابن شهاب قال بلغنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح

خيبر عنوة بعد القتال ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال . قال أبوعمر

هذا هو الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة كلها مغاوبا عليها بخلاف فدك

فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم جميع أرضها على الغانمين لها الموجفين عليها بالخيل

والركاب وهم أهل الحديبية . ولم تختلف العلماء أن أرض خيبر مقسومة وإنما

اختلفوا هل تقسم الارض إذا غنمت البلاد أو توقف فقال الكوفيون الامام

مخير بين قسمتها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض خيبر وبين

إيقافها كما فعل عمر بسواد العراق وقال الشافعى تقسم الارض كلها كما قسم رسول

الله صلى الله عليه وسلم خيبر لان الارض غنيمة كسائر أموال الكفار . وذهب مالك إلى

إيقافها اتباعا لعمر لان الارض مخصوصة من سائر الغنيمة بما فعل عمر في جماعة

من الصحابة في إيقافها لمن يأتى بعده من المسلمين . وروى مالك عن زيد

ابن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول لولا أن يترك آخر الناس لا شئ لهم

ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم

خيبر سهمانا . وهذا يدل على أن أرض خيبر قسمت كلها سهمانا كما قال ابن اسحق

وأما من قال إن خيبر كان بعضها صلحا وبعضها عنوة فقد وهم وغلط وإنما دخلت

عليه الشبهة بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم فلما لم يكن أهل

ذينك الحصنين من الرجال والنساء والذرية مغنومين ظن أن ذلك صلح ولعمرى

إنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا

ـ141ـ

مقسومة بين اهلها . وربما شبه على من قال إن نصف خيبر صلح ونصفها عنوة

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 141 سطر 1 الى ص 150 سطر 9

مقسومة بين اهلها . وربما شبه على من قال إن نصف خيبر صلح ونصفها عنوة

يحديث يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم

خيبر نصفين نصفا لم ونصفا للمسلمين . قال أبوعمر وهذا لو صح لكان معناه

أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه لانها قسمت على ستة وثلاثين

سهما فوقع سهم النبى صلى الله عليه وسلم وطائفة معه في ثمانية عشر سهما ووقع سائر الناس في

باقيها وكلهم ممن شهد الحديبية ثم خيبر . وليست الحصون التى أسلسها أهلها بعد

الحصار والقتال صلحا ولو كانت صلحا لملكا أهلها كما يملك أهل الصلح أرضهم

وسائر أموالهم فالحق في هذا ما قاله ابن إسحق دون ماقاله موسى بن عقبة وغيره

عن ابن شهاب انتهى ما ذكره أبوعمر . فأما قوله قسم جميع أرضها فان الحصنين

المفتتحين أخيرا وهما الوطيح والسلالم لم يجر لهما ذكر في القسمة وسيأتى بيان ذلك

عند ذكر القسمة . وأما تأويله لحديث بشير بن يسار فقد كان ذلك التفسير ممكنا

لوكان في الحديث إجمال يقبل التفسير بذلك ولكنه ليس كذلك وسيأتى في

الكلام على القسمة . وأما قوله كلهم ممن شهد الحديبية ثم شهد خيبر فالمعروف أن

غنائم خيبر كانت لاهل الحديبية من حضر الوقعة بخيبر ومن لم يحضرها وهو جابر

ابن عبدالله الانصارى . ذكره ابن إسحق وذلك لان الله أعطاهم ذلك في سفرة

الحديبية . وعن الحكم عن أبى ليلى في قوله تعالى ( وأثابهم فتحا قريبا ) قال خيبر

( وأخرى لم تقدروا عليها ) فارس والروم وان أهل السفينتين لم يشهدوا الحديبية

ولا خيبر وكانوا ممن قسم له من غنائم خيبر وكذلك الدوسيون وكذلك الاشعريون

قدموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن

يشركوهم في الغنيمة ففعلوا . وذهب آخرون إلى أن بعضها فتح صلحا والبعض عنوة

ـ142ـ

كما ذكرناه عن موسى بن عقبة . وكما رويناه عن مالك عن الزهرى من طريق أبى

داود قال قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد أخبركم ابن وهب قال حدثنى

مالك عن ابن شهاب أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحا والكتيبة أكثرها

عنوة وفيها صلح قالت لمالك وما الكتيبة قال أرض خيبر وهى أربعون الف عذق ( 1 )

ورويناه عن سعيد بن المسيب أيضا قال أبوداود فثنا محمد بن يحيى بن فارس فثنا

عبدالله بن محمد عن جورية عن مالك عن الزهرى أن سعيد بن المسيب أخبره أن

رسول الله صلى الله عليه سولم افتتح بعض خيبر عنوة . وروينا عن أبى داود قال

حدثنا حسين بن على العجلى فثنا يحيى يعنى ابن آدم فثنا ابن أبى زايدة عن محمد بن

إسحق عن الزهرى وعبدالله بن أبى بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا بقيت

بقية من أهل خيبر تحصنوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم

ويسيرهم ففعل فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك - الحديث .

قلت وقد يعضد هذا القول ما يأتى في أخبار القسمة . وقد روينا من طريق أبى

داود قال حدثنا هرون بن زيد بن أبى الزرقاء فثنا أبى فثنا حماد بن سلمة عن عبيدالله بن

عمر قال أحسبه عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل

والارض وألجأهم إلى قصر هم فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء

والبيضاء والحلقة ( 2 ) ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا فان فعلوا

فلاذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكا ( 3 ) لحييى بن اخطب فيه حليهم . وفى الخبر قال قال

النبى صلى الله عليه وسلم لسعية أين مسك حييى بن أخطب قال أذهبته الحروب

* ( هامش ) * ( 1 ) العذق بفتح العين هى النخلة .

( 2 ) أى الذهب والفضة والسلاح .

( 3 ) أى جلدا وضع فيه الحلى . ( * )

ـ143ـ

والنفقات فوجدوا المسك فقتل ابن أبى الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم

فقالوا دعنا نعمل في هذه الارض ولنا الشطر ما بدا لك ولكم الشطر . وزاد أبوبكر

البلاذرى في هذا الخبر قال فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية بن عمرو إلى

الزبير فمسه بعذاب فقال رأيت حييا يطوف في خربة ههنا فذهبوا إلى الخربة

ففتشوها فوجدوا المسك . فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنى أبى الحقيق

فأحدهما زوج صفية بنت حييى بن أخطب ، وسبى نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم

للنكث الذى نكثوا . ففى هذا أنها فتحت صلحا وأن الصلح انتقض فصارت

عنوة ثم خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمها . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : ( بلغ مقابلة لله الحمد ) . ( * )

ـ144ـ

ـ ذكر القسمة ـ

قال ابن اسحق وكان المتولى للقسمة بخيبر جبار بن صخر الانصارى من بنى

سلمة وزيد بن ثابت من بنى النجار كانا حاسبين قاسمين . قال ابن سعد وأمر

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم فجمعت واستعمل عليها فروة بن عمرو البياضى

ثم أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء وكتب في سهم منها لله وسائر السهمان أغفال

وكان أول ما خرج سهم النبى صلى الله عليه وسلم لم يتخير في الاخماس فأمر ببيع

الاربعة الاخماس فيمن يزيد فباعها فروة وقسم ذلك بين أصحابه وكان الذى

ولى إحصاء الناس زيد بن ثابت فأحصاهم الفا وأربعمائة والخيل مائتى فرس وكانت

السهمان على ثمانية عشر سهما لكل مائة سهم وللخيل أربعمائة سهم وكان الخمس

الذى صار لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى منه على ما أراه الله من السلاح والكسوة وأعطى

منه أهل بيته ورجالا من بنى ع بدالمطلب ونساء واليتيم والسائل وأطعم من

الكتيبة نساءه وبنى ع بدالمطلب وغيرهم . ثم ذكر قدوم الدوسيين والاشعريين

وأصحاب السفينتين وأخذهم من غنائم خيبر ولم يبين كيف أخذوا . وإذا كانت

القسمة على الف وثمانمائة سهم وأهل الحديبية ألفا وأربعمائة والخيل مائتى فرس

باربعمائة سهم فما الذى أخذه هؤلاء المذكورون . وقال ابن إسحق وكانت المقاسم

على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة فكانت الشق ونطاة في سهمان

المسلمين وكانت الكتيبة خمس الله ثم قال وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهما

نطاة من ذلك خمسة أسهم والشق ثلاثة عشر سهما وقسمت الشق ونطاة على ألف

ـ145ـ

وثمانمائة سهم وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر الفا وثمانمائة رجالهم وخيلهم

الرجال أربع عشرة مائة والخيل مائتان لكل فرس سهمان . وهذا أشبه مما تقدم

فان هذه المواضع الثلاثة مفتوحة بالسيف عنوة من غير صلح . وأما الوطيح والسلالم

فقد يكون ذلك هو الذى اصطفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ينوب للمسلمين

ويترجح حينئذ قول موسى بن عقبة ومن قال بقوله أن بعض خيبر كانت صلحا

ويكون أخذ الاشعريين ومن ذكر معهم من ذلك ويكون مشاورة النبى صلى الله

عليه وسلم أهل الحديبية في اعطائهم ليست استنزالا لهم عن شئ من حقهم

وإنما هى المشورة العامة ( وشاورهم في الامر ) .

وروى البلاذرى فثنا الحسين بن الاسود فثنا أبوبكر بن عياش عن الكلبى عن أبى

صالح عن ابن عباس قال قسمت خيبر على الف وخمسمائة سهم وثمانين سهما وكانوا

الفا وخمسمائة وثمانين رجلا الذين شهدوا الحديبية منهم الف وخمسمائة وأربعون والذين

كانوا مع جعفر بن أبى طالب بأرض الحبشة أربعون رجلا ، ليس في هذا الخبر مع

ضعفه ذكر للخيل وفيه أن أصحاب السفينتين كانوا أربعين وقد ذكر ذلك غير أن

المشهور الذى ذكره ابن إسحق أن أصحاب السفينتين كانوا ستة عشر رجلا

وأن قوما منهم قدموا قبل ذلك بنحو سنتين من الحبشة وليس لهم مدخل في هذا

ومجموعهم نحو من ثمانية وثلاثين رجلا . وإن كان المراد أصحاب السفينتين ومن

أخذ معهم من الدوسيين والاشعريين فقد يحتمل . وأما قول أبى عمر قسم جميع

أرضها بين الغانمين فقد حكينا عن ابن إسحق ما قسم منها وقد روينا عن أبى داود فثنا

هشام بن عمار قال فثنا حاتم بن إسماعيل قال وثنا سليمان بن داود المهرى فثنا ابن وهب

قال أخبرنى عبدالعزيز بن محمد " ح " وثنانصر بن على قال أنا صفوان بن عيسى وهذا

لفظ حديثه كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهرى عن مالك بن أوس بن الحدثان

ـ146ـ

قال كان فيما احتج به عمر رضي الله عنه أنه قال كانت لرسول الله صلى الله عليه

وسلم ثلاث صفايا بنو النضير وخيبر وفدك . فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه وأما

فدك فكانت حبسا لابناء السبيل وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه

وسلم ثلاثة أجزاء جزءين بين المسلمين وجزءا نفقة لاهله وما فضل عن نفقة أهله

جعله بين فقراء المهاجرين . وأما حديث بشير بن يسار فبشير بن يسار تابعى ثقة

يروى عن أنس بن مالك وغيره ، يروى عنه هذا الخبر يحيى بن سعيد ويختلف

عليه فيه فبعض أصحاب يحيى يقول فيه عن بشير عن سهل بن أبى حثمة وبعضهم

يقول إنه سمع نفرا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وبعضهم يقول عن رجال

من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومنهم من يرسله . وروينا من طريق أبى داود

فثنا حسين بن على الاسود أن يحيى بن آدم حدثهم عن أبى شهاب عن يحيى بن

سعيد عن بشير بن يسار أنه سمع نفرا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم

قالوا فذكر الحديث قال فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم وعزل النصف للمسلمين ما ينوبه من الامور والنوائب . ورواية محمد

ابن فضيل عن يحيى عنه عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين

سهما جمع كل سهم مائة سهم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين

النصف من ذلك وعزل النصف الباقى لمن ينزل به من الوفود والامور ونوائب

الناس . فهذه الرواية والتى قبلها مصرحة بأن النصف للنبى صلى الله عليه وسلم

للمسلمين المقسوم عليهم والنصف الباقى هو المؤخر لنوائب المسلمين وأصرح منهما

رواية سليمان بن بلال عن يحيى عن بشير المرسلة أنه عليه السلام قسمها ستة وثلاثين

سهما فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهما يجمع كل سهم مائة سهم النبى صلى

ـ147ـ

الله عليه وسلم معهم له سهم كسهم أحدهم وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثمانية عشر سهما وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمور المسلمين فكان ذلك

الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها الحديث . فقد تضمن هذا أن المدخر للنوائب

الذى لم يقسم بين الغانمين هو الوطيح والسلالم الذى لم يجر لهما في العنوة ذكر

صريح والكتيبة هى التى كان بعضها صلحا وبعهضا عنوة وقد يكون غلب حكم

الصلح فلذلك لم يقسم فيما قسم . فلم يبق لتأويل ابى عمر رحمه الله وجه ونص الخبر

يعارضه والله أعلم . ودفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهلها بشطر ما يخرج منها

فلم تزن كذلك إلى أثناء خلافة عمر .

قرأت على غازى بن أبى الفضل أخبركم حنبل بن عبدالله قال أنا ابن الحصين

قال أنا ابن المذهب قال أنا ابن القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد فثنا أبى فثنا

يحيى عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل

أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أوزرع . وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون رجلا

واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلا فيما ذكر ابن سعد وزاد غيره عليه ،

وسيأتى ذكرهم ومنهم الاسود الراعى وكان من خبره أنه أتى رسول الله صلى الله

عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم كان فيها أجير الرجل من

يهود فقال يا رسول الله اعرض على الاسلام فعرضه عليه فأسلم وكان رسول الله صلى

الله عليه وسلم لا يحقر أحدا أن يدعوه إلى الاسلام ويعرضه عليه فلما أسلم قال

يا رسول الله إنى كنت أجيرا لصاحب هذا الغنم وهى أمانة عندى فكيف أصنع

بها قال اضرب في وجهها فانها سترجع إلى ربها أو كما قال فقام الاسود فأخذ

حفنة من الحصباء فرمى بها في وجوهها وقال ارجعى إلى صاحبك فوالله لا أصحبك

وخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن ، ثم تقدم إلى ذلك

ـ148ـ

الحصن فقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع

خلفه وسجى بشملة ( 1 ) كانت عليه فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه

نفر من أصحابه ثم أعرض عنه فقالوا يا رسول الله لم أعرضت عنه ؟ قال إن معه

الآن زوجتيه من الحور العين ينفضان التراب عن وجهه ويقولان ترب الله وجه

من ترب وجهك وقتل من قتلك . وروينا من طريق البخارى فثنا المكى بن

ابراهيم فثنا يزيد بن أبى عبيد قال رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت يا أبا مسلم

ماهذه الضربة ؟ قال هذه ضربة أصابتنى يوم خيبر فقال الناس أصيب سلمة

فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : غطى بكساء . ( * )

ـ149ـ

ـ ذكر من استشهد بخيبر ـ

من قريش من بنى أمية بن عبد شمس من حلفائهم ربيعة بن أكثم وثقف

ابن عمرو ورفاعة بن مسروح ثلاثة ، ومن بنى أسد بن عبدالعزى عبدالله بن

الهبيب وقيل أهيب بن سحيم بن غبرة من بنى سعد بن ليث حليفهم وابن أختهم

رجل . ومن الانصار ثم من بنى سلمة بشر بن البراء وفضيل بن النعمان . قال محمد

ابن سعد كذا وجدناه في غزوة خيبر وطلبناه في نسب بنى سلمة فلم نجده ، قال

ولا نحسبه إلا وهما في الكتاب وإنما أراد الطفيل بن النعمان بن خنساء بن سنان

والله أعلم . حكاه أبوعمر ونسب الطفيل هذا في ترجمته من كتاب الطفيل بن

مالك بن النعمان بن خنساء شهد العقبة وبدرا وأحدا وجرح بها ثلاثة عشر جرحا

وعاش حتى شهد الخندق وقتل بالخندق شهيدا قتله وحشى بن حرب . وذكر

موسى بن عقبة في البدريين الطفيل بن النعمان بن خنساء والطفيل بن مالك بن

خنساء رجلين . ومن بنى زريق مسعود بن سعد ، ومن الاوس من بنى عبد الاشهل

محمود بن مسلمة بن خالد بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم

من بنى حارثة أدلى عليه مرحب رحى فأصاب رأسه فهشمت البيضة رأسه وسقطت

جلدة جبينه على وجهه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد الجلدة فعادت كما

كانت وعصبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوبه فمكث ثلاثة أيام ومات رحمه الله . ذكره

أبوعمر ، ومن بنى عمرو بن عوف أبوضياح بن ثابت والحرث بن حاطب وعروة

ـ150ـ

ابن برة بن سراقة وعند أبى عمر عروة بن مرة وأوس بن الفائد وعند أبى عمر بن

الفاكه وأنيف بن حنيب وثابت بن واثلة وعند ابن إسحق ابن أثلة ، وطلحة ولم

نقف على نسبه ، وأوس بن قتادة ، ومن بنى غفار عمارة بن عقبة رمى بسهم . ومن

أسلم عامر بن الاكوع عم سلمة بن عمرو بن الاكوع . والاكوع هو سنان بن

عبدالله بن قشير بن خزيمة بن مالك بن سلامان بن أسلم بن أفصى . والاسود

الراعى واسمه أسلم وقد تقدم خبره ، ومن حلفاء بنى زهرة مسعود بن ربيعة القارى .

وقال أبومعشر والواقدى مات سنة ثلاثين وقد زاد على الستين . وعند أبى عمر

فيهم أوس بن عائذ .

ـ151ـ

ـ أمر وادى القرى ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 151 سطر 1 الى ص 160 سطر 9

ـ أمر وادى القرى ـ

وكان في جمادى الآخرة سنة سبع . ذكر أبوبكر البلاذرى بأسانيده قال قالوا

أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من خيبر وادى القرى فدعا أهلها إلى الاسلام

فامتنعوا من ذلك وقاتلوا ففتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة وغنمه الله

أموال أهلها وأصاب المسلمون منها أثاثا ومتاعا فخمس رسول الله صلى الله عليه

وسلم ذلك وترك الارض والنخل في أيدى يهود وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل

خيبر فقيل إن عمر أجلى يهودها وقسمها بين من قاتل عليها وقيل إنه لم يجلهم

لانها خارجة من الحجاز وهى اليوم مضافة إلى عمل المدينة وولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم

عمرو بن سعيد بن العاص وأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة بن النعمان

ابن هوذة العذرى رمية صوته من وادى القرى وكان سيد بنى عذرة وأول أهل الحجار

قدم على النبى صلى الله عليه وسلم بصدقة بنى عذرة وكذلك قال أبوعمرأنه افتتحها عنوة وقسمها

وأما ابن اسحق فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر أهلها ليالى

ثم انصرف راجعا إلى المدينة . وفيها أصيب غلام للنبى صلى الله عليه وسلم يقال

له مدعم أصابه سهم غرب ( 1 ) فقتله . أخبرنا القاضى الصدر الرئيس نظام الدين أبو

عبدالله محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليلى قراءة عليه وأنا أسمع بمصر قال

أنا أبومحمد المبارك بن ابراهيم بن مختار بن تغلب بن السبيبى في كتابه إلى

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح الغين وسكون الراء وفتحها أى سهم لا يعرف راميها ( * )

ـ152ـ

من مدينة السلام ومولده سنة سبع عشرة وخمسمائة وتوفى سنة ستمائة قال أنا أبو

القاسم بن الحصين إملاء من لفظه سنة ثلاث وعشرين قال أنا القاضى أبوالقاسم

التنوخى قال أنا عبيدالله بن محمد بن إسحق المتوثى فثنا البغوى فثنا مصعب

ابن عبدالله قال حدثنى مالك عن ثور بن زيد الديلى عن أبى الغيث مولى ابن

مطيع عن أبى هريرة أنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر

فلم نغنم ذهبا ولا ورقا إلا الثياب والمتاع والاموال قال فوجه رسول الله صلى الله

عليه وسلم نحو وادى القرى وقد أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له بدعم

يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم عابر فقتله فقال الناس

هنيئا له الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا والذى نفسى بيده إن الشملة التى أخذها

يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشعل عليه نارا فلما سمعوا بذلك جاء رجل

بشراك ( 2 ) أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم شراك من نار أو شرا كان من نار .

قال البلاذرى حدثنى على بن محمد بن عبدالله مولى قريش عن العباس بن

عامر عن عمه قال أتى عبدالملك بن مروان يزيد بن معاوية فقال إن أمير

المؤمنين معاوية كان ابتاع من رجل يهودى أرضا بوادى القرى وأحيا اليها أرضا

وليست لك بذلك المال عناية فقد ضاع وقلت غلته فأقطعنيه فانه لا حظر له ،

فقال يزيد إنا لا نبخل بكثير ولا نخدع عن صغير فقال يا أمير المؤمنين غلته كذا

قال هو لك فلما ولى قال يزيد هذا الذى يقال إنه يلى بعدنا فان يكن ذلك حقا

فقد صانعناه وإن يكن باطلا فقد وصلناه .

* ( هامش ) * ( 1 ) أحد سيور النعل . ( * )

ـ153ـ

ـ خبر تيماء ـ

قال أبوبكر البلاذرى قالوا قال ولما بلغ أهل تيماء ما وطئ به رسول الله صلى

الله عليه وسلم أهل وادى القرى صالحوه على الجزية فأقاموا ببلادهم وأرضهم في

أيديهم وولاها رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد بن أبى سفيان وكان إسلامه يوم فتحها .

وروى عن عمر بن عبدالعزيز أن عمر بن الخطاب أجلى أهل فدك وتيماء وخيبر .

ـ سرية عمر بن الخطاب إلى تربة ـ

قال ابن سعد عطفا على وقعة خيبر : ثم سرية عمر بن الخطاب إلى تربة في

شعبان سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه

وسلم عمر بن الخطاب في ثلاثين رجلا إلى عجز هوازن بتربة وهى بناحية العبلاء

على أربع ليال من مكة طريق صنعاء وبحران فخرج وخرج معه دليل من بنى هلال

فكان يسير الليل ويكمن النهار فأتى الخبر هوازن فهربوا وجاء عمر بن الخطاب

محالهم فلم يلق منهم أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة . تربة بضم الناء وفتح الراء

على وزن عرنة ذكره الحازمى وقال بقرب مكة على مسافة يومين منها . وذكره ابن

سيده في المثال له وقال أسماء مواضع . وذكر ابن سيده تربة وليس عند الحازمى

تربة ساكنة الراء موضع من بلاد بنى عامر بن مالك .

ـ154ـ

ـ سرية ابى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بنى كلاب بنجد ـ

ثم سرية أبى بكر الصديق إلى بنى كلاب بنجد بناحية ضرية في شعبان

سنة سبع من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم : روينا عن ابن سعد قال أنا

هاشم بن القاسم فثنا عكرمة يعنى ابن عمار فثنا إياس بن سلمة بن الاكوع عن

أبيه قال غزوت مع أبى بكر إذ بعثه النبى صلى الله عليه وسلم علنيا فسبى ناسا

من المشركين فقتلناهم فكان شعارنا أمت أمت قال فقلت بيدى سبعة أهل أبيات

من المشركين . وقال أنا هاشم بن القاسم فثنا عكرمة بن عمار فثنا إياس بن سلمة بن

الاكوع عن أبيه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى فزارة وخرجت معه

حتى إذا ماصلينا الصبح أمرنا فشنينا الغارة فوردنا الماء فقتل أبوبكر من قتل ونحن

معه قال سلمة فرأيت عنقا ( 1 ) من الناس فمنهم الذرارى فخشيت أن يسبقونى إلى الجبل

فأدركتهم فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم قاموا فاذا امرأة من

فزارة فيهم عليها قشع ( 2 ) من أدم معها ابنتها من أحسن العرب فجئت اسوقهم إلى

أبى بكر فنفلنى أبوبكر ابنتها فلم أكشف لها ثوبا حتى قدمت المدينة ثم باتت عندى

فلم أكشف لها ثوبا حتى لقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة

هب لى المرأة فقلت يا نبى الله والله لقد أعجبتنى وما كشفت لها ثوبا فسكت حتى

كان من الغد لقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق ولم أكشف لها ثوبا فقال

يا سلمة هب لى المرأة لله أبوك قال فقلت هى لك يا رسول الله قال فبعث بها رسول

الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ففدى بها أسرى من المسلمين كانوا في أيدى المشركين .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : جماعة .

( 2 ) أى : جلد يا بس . ( * )

ـ155ـ

ـ سرية بشير بن سعد الانصارى إلى فدك ـ

ثم سرية بشير بن سعد الانصارى إلى فدك في شعبان سنة سبع

قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد في ثلاثين رجلا إلى بنى مرة بفدك فخرج

فلقى رعاء الشاء فسأل عن الناس فقيل في بواديهم فاستاق النعم والشاء وانحدر

إلى المدينة فخرج الصريخ فأخبر هم فأدركه الدهم ( 1 ) منهم عند الليل فباتوا يرامونهم

بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير . وقاتل بشير حتى ارتث ( 2 ) وضرب كعبه

وقيل قد مات ورجعوا بنعمهم وشائهم وقدم علبة بن زيد الحارثى بخبرهم على رسول

الله صلى الله عليه وسلم ثم قدم من بعده بشير بن سعد .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : العدد الكثير .

( 2 ) أى : جرح و ؟ ؟ ؟ من المعركة وهو ضعيف . ( * )

ـ156ـ

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى الميفعة ـ

قال ثم سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى الميفعة في شهر رمضان سنة سبع قالوا بعث

رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبدالله إلى بنى عوال - بضم العين - وبنى عبد بن ثعلبة

وهم بالميفعة وهى وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا بناحية نجد وبينها وبين المدينة ثمانية

برد بعثه في مائة وثلاثين رجلا ودليلهم يسار مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجموا

عليهم جميعا ووقعوا في وسط محالهم فقتلوا من أشراف لهم واستاقوا نعما وشاء

فحدروه إلى المدينة ولم يأسروا أحدا . وفى هذه السرية قتل أسامة بن زيد الرجل

الذى قال لا اله إلا الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم هلا شققت عن قلبه

فتعلم أصادق هو أم كاذب فقال أسامة لا أقاتل أحدا يشهد أن لا اله إلا الله .

وبوب البخارى لهذه السرية باب بعث النبى صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات

من جهينة قال حدثنى عمرو بن محمد فثنا هشيم قال أنا حصين فثنا أبوظبيان قال

سمعت أسامة بن زيد يقول بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة بطن من

جهينة فصبحنا القوم فهزمنا هم ولحقت أنا ورجل من الانصار رجلا منهم فلما

غشيناه قال لا اله إلا الله فكف الانصارى فطعنته برمحى حتى قتلته فلما قدمنا بلغ

النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا اله إلا الله . قلت إنما كان متعوذا

فما زال يكررها حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ( 1 )

( 1 ) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر بعد لاسامة

ثلاث مرات وقال له اعتق رقبة ذكره البغوى .

ـ157ـ

ـ سرية بشير بن سعد الانصارى إلى يمن وجبار ـ

قال ثم سرية بشير بن سعد الانصارى إلى يمن وجبار في شوال سنة سبع قالوا

بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من غطفان بالجناب قدوا عدهم عيينة

ابن حصن الفزارى ليكون معهم ليزحفوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله

صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد الانصارى فعقدله لواء وبعث معه ثلاثمائة رجل فسارو الليل

و ؟ ؟ ؟ النهار حتى أتوا إلى يمن وجبار وهى نحو الجناب والجناب معارض سلاح وخيبر

ووادى القرى فنزلوا بسلاح ثم دنوا من القوم فاصأبوا لهم نعما كثيرا وتفرق الرعاء

 

فحذروا الجمع فتفرقوا ولحقوا بعليا بلادهم وخرج بشير بن سعد في أصحابه حتى

أتى محالهم فيجدها وليس فيها أحد فرجع بالنعم وأصاب منهم رجلين فأسرهما

وقدم بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما فأرسلهما . ويمن بفتح الياء

آخر الحروف وقيل بضمها وقيل بالهمزة مفتوحة ساكنة الميم . وجبار بفتح الجيم وباء

معجمة ثانية الحروف مخففة وبعدها ألف وراء . والجناب بكسر الجيم من أرض

غطفان وذكره أيضا الحازمى وقال من بلاد فزارة . وعارضت فلانا في السير أى

سرت حياله . وسلاح بكسر السين المهملة والحاء المهملة موضع قريب من خيبر .

ـ158ـ

ـ عمرة القضاء ويقال لها عمرة القصاص ـ

وكان من خبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في ذى القعدة من

السنة السابعة قاصدا مكة للعمرة على ما عاقد عليه قريشا في الحديبية . فلما

اتصل ذلك بقريش خرج أكابر منهم عن مكة عدواة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يقدروا

على الصبر في رؤيته يطوف بالبيت هو وأصحابه فدخل رسول الله صلى الله عليه

وسلم مكة وأتم الله له عمرته وقعد بعض المشركين بفعيفعان ( 1 ) ينظرون إلى المسلمين

وهم يطوفون بالبيت فأمر هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرمل ليروا المشركين أن بهم

قوة ، وكان المشركون قالوا في المهاجرين قد وهنتهم حمى يثرب ، وتزوج رسول

الله صلى الله عليه وسلم في عمرته تلك ميمونة بنت الحارث الهلالية قيل تزوجها

قبل أن يحرم بعمرته وقيل بعد أن حل من عمرته وقيل تزوجها وهو محرم

فلما تمت الثلاثة الايام التى هى أمد الصلح جاء حو يطب بن عبدالعزى ومعه

سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشركين بأن يخرج عن

مكة ولم يمهلوه حتى يبنى على ميمونة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنى

بها بسرف وذكر ابن سعد أن المعتمرين بها كانوا ألفين هم أهل الحديبية ومن

انضاف اليهم إلا من مات منهم أو استشهد بخيبر . واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم

على المدينة أبارهم الغفارى وقيل غيره وساق ستين بدنة وجعل عليها ناجية بن

جندب ومائة فرس قدم عليها محمد بن مسلمة أمامه . وجعل على السلاح أوس

* ( هامش ) * ( 1 ) جبل مشهور بمكة . ( * )

ـ159ـ

عمرتهم رضى الله عنهم . أخبرنا أحمد بن يوسف الساوى بقراءة والدى عليه رحمهما

الله تعالى سنة ست وسبعين وستمائة قال أنا أبوروح المطهر بن أبى بكر البيهقى سماعا

عليه سنة خمس وستمائة قال أنا الامام أبوبكر محمد بن علق الطوسى قال أنا أبوعلى

نصرالله بن أحمد بن عثمان الخشنامى قال أنا القاضى أبوبكر الحيرى قال أنا أبو

على الميدانى قال أنا محمد بن يحيى الذهلى فثنا عبدالرزاق عن معمر عن الزهرى عن

أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وعبدالله بن رواحة آخذ

بغرز النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقول :

خلوا بنى الكفار عن سبيله * قد أنزل الرحمن في تتزيله

بأن خيرالقتل في سبيله

وكان اسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة قبيل عمرة

القضاء وقيل بعدها .

ـ160ـ

ـ سرية ابن ابى العوجاء السلمى إلى بنى سليم ـ

قال ابن سعد ثم سرية ابن أبى العوجاء إلى بنى سليم في ذى الحجة سنة سبع

قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أبى العوجاء السلمى في خمسين رجلا

إلى بنى سليم فخرج اليهم وتقدمه عين لهم كان معهم فحذرهم فجمعوا فأتاهم ابن

أبى العوجاء وهم معدون له فدعاهم إلى الاسلام فقالوا لا حاجة لنا إلى ماتدعوننا اليه

فتراموا بالنبل ساعة وجعلت الامداد تأتى حتى أحدقوا بهم من كل ناحية فقاتل

القوم قتالا شديدا حتى قتل عامتهم وأصيب ابن أبى العوجاء جريحا مع القتلى

ثم تحامل حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا المدينة في أول يوم من صفر سنة ثمان

ـ161ـ

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى بنى الملوح بالكديد ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 161 سطر 1 الى ص 170 سطر 17

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى بنى الملوح بالكديد ـ

قال ابن سعد : ثم سرية غالب بن عبدالله الليثى إلى بنى الملوح بالكديد

في صفر سنة ثمان قال أنا عبدالله بن عمرو أبومعمر فثنا ع بدالوارث بن سعيد

فثنا محمد بن إسحق عن يعقوب بن عتبة بن مسلم بن عبدالله الجهنى عن

جندب بن مكيث الجهنى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبدالله

الليثى ثم أحد بنى كلاب بن عوف في سرية كنت فيهم وأمرهم أن يشنوا الغارة

على بنى الملوح بالكديد وهم من بنى ليث . قال فخرجنا حتى إذا كنا بالكديد

لقينا الحرث بن البرصاء الليثى فأخذناه فقال إنما جئت أريد الاسلام وإنما خرجت

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا إن كنت مسلما لم يضرك رباطنا يوما وليلة

وان كنت على غير ذلك نستوثق منك . قال فشددناه وثاقا وخلفنا عليه رو يجلا

منا أسود فقلنا إن نازعك فاحتز رأسه فسرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس

فكمنا في ناحية الوادى . وبعثنى أصحابى ربيئة لهم فخرجت حتى ؟ ؟ ؟ تلا مشرفا

على الحاضر يطلعنى عليهم حتى إذا اسندت ( 1 ) فيه علوت على رأسه ثم اضطجعت

عليه . قال فانى لا نظر إذ خرج منهم من خباء له فقال لامرأته إنى لانظر على

هذا الجبل سوادا ما رأيته أول من يومى هذا فانظرى إلى أوعيتك لا تكون

الكلاب جرت منها شيئا قال فنظرت فقالت والله ما أفقد من أوعيتى شيئا قال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : صعدت . ( * )

ـ162ـ

فناولينى قوسى ونبلى فناولته قوسه وسهمين معها فأرسل سهما فوالله ما اخطأ بين

عينى ، قال فانتزعته فوضعته وثبت مكانى ثم أرسل آخر فوضعه في منكبى

فانتزعه فوضعته وثبت مكانى قال فقال لامرأته والله لو كانت ربيئة لقد

تحركت بعد والله لقد خالطها سهمان لا أبا لك فاذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما

الكلاب . قال ثم دخل وراحت الماشية من إبلهم وأغنامهم فلما احتلبوا واطمأنوا

فناموا شننا عليهم الغارة واستقنا النعم قال فخرج صريخ القوم في قومهم فجاء

ما لا قبل لنا به فخرجنا به نحدرها مررنا بابن البرصاء فاحتملناه واحتملنا صاحبنا

فأدركنا القوم حتى نظروا الينا ما بيننا وبينهم الا الوادى ونحن موجهون في ناحية

الوادى إذ جاء الله بالوادى من حيث شاء يملا جنبيه ماء والله ما رأينا يومئذ سحابا

ولا مطرا فجاء بما لا يستطيع أحد أن يجوزه فلقد رأيتهم وقوفا ينظرون الينا وقد

أسندناها في المسيل . وقال الواقدى في المشلل - بدل المسيل - نحدرها

وفتناهم فوتا لا يقدون فيه على طلبنا قال وكانوا بضعة عشر رجلا .

ـ163ـ

ـ سرية غالب بن عبدالله الليثى ـ

إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد بفدك

ثم سرية غالب بن عبدالله الليثى أيضا إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد

بفدك في صفر سنة ثمان قال أنا محمد بن عمر قال حدثنى عبدالله بن الحرث بن

الفضيل عن أبيه قال هيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام . وقال

له سرحتى تنتهى إلى مصاب أصحاب بشير بن سعد فان ظفرك الله بهم فلاتبق

فيهم . وهيأ معه مائتى رجل وعقد له لواء فقدم غالب من الكديد من سرية قد

ظفره الله عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير اجلس وبعث غالب

ابن عبدالله في مائتى رجل وخرج أسامة بن زيد فيها حتى انتهى إلى مصاب

أصحاب بشير بن سعد وخرج معه علبة بن زيد فيها فأصابوا منهم نعما وقتلوا منهم قتلى

قال أنا محمد بن عمر قال حدثنى أفلح بن سعيد عن بشير بن محمد بن عبدالله بن

زيد قال خرج مع غالب في هذه السرية عقبة بن عمرو أبومسعود وكعب بن عجرة

وأسامة بن زيد وعلبة بن زيد الحارثى . أنا محمد بن عمر قال حدثنى شبل بن العلاء

ابن عبدالرحمن عن ابراهيم بن حويصة عن أبيه قال بعثنى رسول الله صلى الله

عليه وسلم في سرية مع غالب بن عبدالله إلى بنى مرة فأغرنا عليهم من الصبح وقد

أو عز الينا أميرنا أن لا تفترق وواخى بيننا فقال لاتعصونى فان رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال من اطاع أميرى فقد أطاعنى ومن عصاء فقد عصانى وانكم متى

ماتعصونى فانكم تعصون نبيكم قال فآخى بينى وبين أبى سعيد الخدرى قال فأصبنا القوم .

ـ164ـ

ـ سرية شجاع بن وهب الاسدى إلى بنى عامر بالسيئ ـ

ثم سرية عامر بن وهب الاسدى إلى بنى عامر بالسيئ في شهر ربيع الاول سنة ثمان

قال أنا محمد بن عمر الاسلمى قال حدثنى أبوبكر بن عبدالله بن أبى سبرة

عن إسحق بن عبدالله بن أبى فروة عن عمر بن الحكم قال بعث رسول الله صلى

الله عليه وسلم شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلا إلى جمع من هوازن بالسيئ

ناحية ركبة من وراء المعدن وهى من المدينة على خمس ليال وأمره أن يغير عليهم

فكان يسير الليل ويكمن النهار حتى صبحهم وهم غارون فأصابوا نعما كثيرا وشاء

واستاقوا ذلك حتى قدموا المدينة واقتسموا الغنيمة وكان سهمانهم خمسة عشر بعيرا

وعدلوا البعير بعشر من الغنم وغابت السرية خمس عشرة ليلة .

ـ سرية كعب بن عمير الغفارى إلى ذات اطلاح ـ

وهى من وراء وادى القرى

ثم سرية كعب بن عمير الغفارى إلى ذات اطلاع وهى من وراء وادى القرى .

ثم سرية سعد بن عمير في شهر ربيع الاول سنة ثمان قال . أنا محمد بن عمر قال

حدثنى محمد بن عبدالله عن الزهرى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير

الغفارى في خمسة عشر رجلا حتى انتهوا إلى ذات اطلاح من أرض الشام

فوجدوا جمعا من جمعهم كثيرا فدعوهم إلى الاسلام فلم يستجيبوا لهم ورشقوهم

بالنبل . فلما رأى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلو هم أشد القتال حتى قتلوا

وأفلت منهم رجل جريح في القتلى فلما برد عليه الليل تحامل حتى أتى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فشق ذلك عليه وهم بالبعثة اليهم فبلغه أنهم قد

ساروا إلى موضع آخر فتركهم .

ـ165ـ

ـ غزوة مؤتة ـ

وهى بأدنى البلقاء من أرض الشام في جمادى الاولى سنة ثمان

وكان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحرث بن عمير الازدى أحد بنى لهب

بكتابه إلى الشام إلى ملك الروم وقيل إلى ملك بصرى ، فعرض له شرحبيل

ابن عمرو الغسانى فأوثقه رباطا ثم قدمه فضرب عنقه صبرا ولم يقتل لرسول الله صلى

الله عليه وسلم رسول غيره فاشتد ذلك عليه حين بلغه الخبر عنه . قال ابن إسحق حدثنى

محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه

وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الاولى من سنة ثمان وأمر عليهم زيد بن حارثة

وقال إن إصيب زيد فجعفر بن أبى طالب على الناس وإن إصيب جعفر فعبد الله

ابن رواحة على الناس فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف فلما حضرهم

خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم . فلما

ودع عبدالله بن رواحة بكى فقيل ما يبكيك فقال أما والله ما بى حب الدنيا ولاصبابة

بكم ولكنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار ( وإن

منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) فلست أدرى كيف لى بالصدر بعد الورود

فقال المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم وردكم الينا صالحين فقال عبدالله بن رواحة :

لكننى أسأل الرحمن مغفرة * وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

أو طعنة بيدى حران مجهزة * بحربة تنفذ الاحشاء والكبدا

حتى يقال إذا مروا على جدثى * أرشده الله من غاز وقد رشدا

ـ166ـ

ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب

من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم وانضم اليهم من لخم وجذام والقين وبهراء

وبلى مائة ألف منهم عليهم رجل من بلى يقال له مالك بن رافلة . فلما بلغ ذلك

المسلمين أقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا فاما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضى له قال

فشجع الناس عبدالله بن رواحة وقال ياقوم والله إن الذى تكرهون للتى خرجتم

لها تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولاقوة ولا كثرة وما نقاتلهم إلا بهذا الدين

الذى أكرمنا الله به فانطلقوا فانما هى إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة . قال ابن

إسحق ثم مضى الناس فحدثنى عبدالله بن أبى بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم قال

كنت يتيما لعبد الله بن رواحة فخرج في سفره ذلك مرد في على حقيبة ( 1 ) رحله

فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد ويقول :

إذا أدنيتنى وحملت رحلى * مسيرة أربع بعد الحساء

فشأنك فانعمى وخلاك ذم * ولا أرجع إلى أهلى ورائى

وجاء المسلمون وغادرونا * بأرض الشام مشتهى الثواء

في أبيات فلما سمعتهن بكيت فخفقنى بالدرة وقال ما عليك يالكع أن يرزقنى الله

شهادة وترجع بين شعبتى الرحل . قال ثم قال عبدالله بن رواحة في سفره ذلك وهو يرتجز :

يا زيد زيد اليعملات ( 2 ) الذبل * تطاول الليل هديت فانزل

ثم مضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب

* ( هامش ) * ( 1 ) الحقيبة ما يوضع فيه الزاد .

( 2 ) جمع يعملة وهى الناقة النجيبة . ( * )

ـ167ـ

بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال

لها مؤتة فالتقى الناس عندها فتعبأ لهم المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من

بنى عذرة يقال له قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجل من الانصار يقال له عباية

ابن مالك ويقال عبادة . ثم النقى لناس فاقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية

رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألحمه

القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل فكان جعفر أول

من عرقب فرسا في سبيل الله فقاتل . وروى أنه أخذ اللواء بيمينه فقاتل به حتى

قطعت يمينه فأخذ الراية بيساره فقطعت يساره فاحتضن الراية وقاتل حتى قتل رحمه الله

وسنه ثلاث وثلاثون أو أربع وثلاثون سنة . ثم أخذها عبدالله بن رواحة وتقدم بها وهو على

فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرفه

من لحم فقال شد بها صلبك فانك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت فأخذه من يده

فانتهش منه نهشة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من

يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل . ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخوبنى

العجلان فقال يا قوم اصطلحوا على رجل منكم فقالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح

الناس على خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم وخاشى بهم ثم انحاز وانحيز

عنه حتى انصرف بالناس . وقد حكى ابن سعد وغيره أن الهزيمة كانت

على المسلمين وحكى أيضا أن الهزيمة كانت على الروم . وكذا في صحيح البخارى

والمختار من ذلك ما ذكره ابن إسحق من انحياز كل فئة عن الاخرى من غير هزيمة

وقد وقع ذلك في شعر لقيس بن المسحر اليعمرى كذلك . وأطلع الله رسوله

صلى الله عليه وسلم على ذلك من يومه فأخبر به عليه السلام أصحابه رضى الله عنهم بالمدينة

قبل ورود الخبر بأيام . وقال لقد رفعوا لى في الجنة فيما يرى النائم على سرر من

ـ168ـ

ذهب فرأيت في سرير عبدالله بن رواحة ازورا را عن سريرى صاحبيه فقلت عم

هذا فقيل لى مضيا وتردد عبدالله بعض التردد ثم مضى . قال أبوعمر وذكر

عبدالرزاق عن ابن عيينة عن ابن جدعان عن ابن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

مثل لى جعفر وزيد وابن رواحة في خيمة من دركل واحد منهم على سريره فرأيت

زيدا وابن رواحة في أعناقهما صدود ورأيت جعفرا مستقيما ليس فيه صدود قال

فسألت أو قيل لى إنهما حين غشيهما الموت أعرضا أو كأنهما صدا بوجوههما . وأما

جعفر فانه لم يفعل . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جعفر إن الله أبدله بيديه جناحين يطير

بهما في الجنة حيث شاء . قال أبوعمرو وروينا عن ابن عمر أنه قال وجدنا ما بين

صدر جعفر ومنكبيه وما أقبل منه تسعين جراحة ما بين ضربة بالسيف وطعنة

بالرمح . وقد روى أربع وخمسون والاول أثبت . وقال موسى بن عقبة قدم يعلى

ابن منية على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبر أهل مؤتة فقال له رسول الله صلى الله

عليه وسلم إن شئت فأخبرنى وإن شئت أخبرتك قال فأخبرنى يا رسول الله فأخبره

صلى الله عليه وسلم خبرهم كله ووصف له فقال والذى بعثك بالحق ما تركت من

حديثهم حرفا واحدا لم تذكره وان أمرهم لكما ذكرت فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم إن الله رفع لى الارض حتى رأيت معتركهم .

ـ169ـ

ـ تسمية من استشهد يوم مؤتة ـ

ذكر ابن إسحق منهم من بنى هاشم جعفر بن أبى طالب وزيد بن حارثة

ومن بنى عدى بن كعب مسعود بن الاوس بن حارثة بن نضلة ، ومن بنى مالك

ابن حسل وهب بن سعد بن أبى سرح ، ومن الانصار من بنى الحرث بن الخزرج

عبدالله بن رواحة وعباد بن قيس ، ومن بنى غنم بن مالك بن النجار الحرث بن

النعمان بن أساف بن نضلة بن عبد بن عوف بن غنم ، ومن بنى مازن بن النجار

سراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء . وزاد ابن هشام عن الزهرى فيهم أبا كليب

وجابرا ابنى عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول وهما لاب وأم . وفى بنى مالك بن

أفصى عمرا وعامرا ابنى سعد بن الحارث بن عباد بن سعد بن الحارث بن عباد

ابن سعد بن عامر بن ثعلبة بن مالك بن أفصى .

ـ ذكر فوائد تتعلق بهذه الاخبار ـ

مؤتة بضم الميم وبالهمز . ولهب بكسر اللام وسكون الهاء . وقوله في شعر ابن رواحة

" وضربة ذات فرغ " بفتح الفاء وسكون الراء المهملة وبعدها غين معجمة قال ابن

سيده وطعنة فرغاء وذات فرغ واسعة يسيل دمها . ومعان بضم الميم وقال الوقشى

الصواب فتحها . وفى الغريب المصنف المبآة المنزل . والمعان مثله . والحساء جمع حسى

وهو موضع رمل تحته صلابة فاذا قطرت السماء على ذلك الرمل نزل الماء فمنعته

ـ170ـ

الصلابة أن يغيض ومنع الرمل السماء أن تنشفه فاذا بحث ذلك الرمل وجد الماء ،

والحساء هاهنا اسم منزله معروفة . وقوله " فشأنك فانعمى " استحسنه المبرد وكان قد

أنشد قبله قول الشماخ يمدح عرابة بن أوس :

إذا بلغتنى وحملت رحلى * عرابة فاشرقى بدم الوتين

قال وقد أحسن كل الاحسان كأنه يقول : لست أحتاج أن أرحل إلى غيره

قال وقد عاب بعض الرواة قوله " فاشرقى بدم الوتين " قال وكان ينبغى أن ينظر لها

بعد استغنائه عنها . وذكر قصة الانصارية التى نجت على الناقة وقالت إنى نذرت

إن نجوت عليها أن أنحرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ماجزيتيها . الحديث

قلت وقد سلم بيت ابن رواحة من هذا . وقوله ولا أرجع دعاء وهو مجزوم بالدعاء

ومعناه اللهم لا أرجع وهذا الدعاء ينجزم بما ينجزم به الامر والنهى . وقال الوقشى

الصواب مشتهى الثواء ولما وقع في الاصل وجه . وقوله * يا زيد زيد اليعملات الذبل *

قال ابن إسحق يقوله لزيد بن أرقم وكان يتيمه . قال أبوعمر قيل بل قال ذلك

في غزوة مؤتة لزيد بن حارثة . وتخوم البلقاء في مختصر العين تخوم الارض يعنى

بفتح التاء اسم على مثال فعول وبعضهم يقول تخوم بالضم كأنه جمع وهو فصل ما بين

الارضين . وشاط هلك قال * وقد يشيط على أرما حنا البطل * وقوله وخاشى بهم بالخاء

المعجمة قال ابن قتيبة هو من الخشية كانه خاف عليهم وقال ابن هشام ويقال فحاشى بهم .

ـ171ـ

ـ سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 171 سطر 1 الى ص 180 سطر 10

ـ سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل ـ

وهى من وراء وادى القرى

سميت بماء بأرض جذام يقال له السلسل وقال السهيلى ذات السلاسل بضم

السين الاولى وكسر السين الثانية ماء بأرض جذام بن سميت الغزاة . ثم سرية عمرو

إلى ذات السلاسل وبينها وبين المدينة عشرة أيام . وكانت في جمادى الآخرة سنة

ثمان قال ابن سعد قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ان جمعا من قضاعة قد تجمعوا يريدون

أن يدنوا إلى أطراف المدينة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص

وعقد له لواء أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه في ثلثمائة من سراة المهاجرين

والانصار ومعهم ثلاثون فرسا وأمره أن يستعين بمن مربه من بلى وعذرة وبلقين

فسار اللين وكمن النهار . فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعا كثيرا . فبعث

رافع بن مكيث الجهنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بستمده فبعث اليه أبا عبيدة بن

الجراح في مائتين وعقد له لواء وبعث معه سراة المهاجرين والانصار وفيهم أبوبكر

وعمرو أمر أن يلحق بعمرو أن يكونا جميعا ولا يختلفا فلحق بعمرو فأراد أبوعبيدة

أن يؤم الناس فقال عمرو إنما قدمت على مددا وأنا الامير فأطاع له بذلك أبوعبيدة

فكان عمرو يصلى بالناس وسار حتى وطئ بلاد بلى ودوخها ( 1 ) حتى أتى إلى أقصى

بلادهم وبلاد عذرة وبلقين ولقى في آخر ذلك جمعا فحمل عليهم المسلمون فهربوا

في البلاد وتفرقوا . وبعث عوف بن مالك الاشجعى بريدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) أى قهرها واستولى عليها . ( * )

ـ172ـ

فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كان في غزاتهم . وذكر ابن إسحق نزولهم على ماء

بجذام يقال له السلسل قال وبذلك سميت ذات السلاسل . أخبرنا عبدالرحيم بن

يوسف المزى بقراءة والدى عليه رحمهما الله قال أنا أبوعلى حنبل بن عبدالله بن الفرج

الرصافى قال أنا الرئيس أبوالقاسم هبة الله بن محمد بن عبدالواحد بن الحصين الشيبانى قال

أنا أبوعلى الحسن بن على بن المذهب قال ثنا أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان

القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثنى أبى حدثنا محمد بن أبى عدى

عن داود عن عامر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل فاستعمل

أبا عبيدة على المهاجرين واستعمل عمرو بن العاص على الاعراب وقال لهما تطاوعا

قال فكان يؤمرون أنا يغيروا على بكر فانطلق عمرو وأغار على قضاعة لان بكرا

أخواله ، قال فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبى عبيدة فقال إن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قد استعملك علينا وإن ابن فلان قد اتبع أمر القوم فليس لك معه

أمر فقال أبوعبيدة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتطاوع فأنا أطيع

رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن عصاه عمرو .

ـ173ـ

ـ سرية الخبط ـ

ثم سرية الخبط أميرها أبوعبيدة بن الجراح وكانت في رجب سنة ثمان

قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة رجل من المهاجرين

والانصار وفيهم عمر بن الخطاب إلى حى من جهينة بالقبلية مما يلى ساحل البحر

وبينها وبين المدينة خمس ليال فأصابهم في الطريق جوع شديد فأكلوا الخبط ( 1 ) .

وابتاع قيس جزرا ونحرها لهم وألقى لهم البحر حوتا عظيما فأكلوا منه وانصرفوا

ولم يلقوا كيدا . قرأت على أبى الهيجاء غازى بن أبى الفضل الدمشقى أخبر كم الشيخ

أبوحفص عمر بن محمد بن طبرزذ قراءة عليه وأنت تسمع فأقر به قال أنا أبوالقاسم

هبة الله بن محمد بن عبدالواحد بن الحصين الشيبانى قال أنا أبوطالب محمد بن

محمدون ابراهيم بن غيلان البزاز قال أنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن ابراهيم

الشافعى فثنا ابراهيم بن اسحق فثنا محمد بن سهل فثنا ابن أبى مريم قال أنا يحيى

ابن أيوب قال حدثنى جعفر بن ربيعة وعمرو بن الحرث أن بكر بن سوادة حدثهما

أن أبا حمزة الحميرى حدثه سمع جابر بن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

بعثهم بعثا عليهم قيس بن سعد بن عبادة فجهدوا فنحر لهم قيس تسع ركائب

قال عمر في حديثه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الجود لمن شيمة أهل ذلك

البيت . قال ابراهيم لم يكن قيس بن سعد أمير هذا الجيش إنما كان أبوعبيدة

وقيس معه كذا أخبرنى محمد بن صالح عن محمد بن عمر ، قال وحدثنى داود بن

* ( هامش ) * ( 1 ) هو ورق السمر نوع من الشجر . ( * )

ـ174ـ

قيس وابراهيم بن محمد الانصارى وخارجة بن الحرث قالوا بعث رسول الله صلى

الله عليه وسلم أبا عبيدة في سرية فيها المهاجرون والانصار وهم ثلاثمائة رجل إلى

ساحل البحر إلى حى من جهينة فأصابهم جوع شديد ، فقال قيس بن سعد من

يشترى منى تمرا يجزور ( 1 ) يوفينى الجزور هاهنا وأوفية التمر بالمدينة فجعل عمر يقول

و ؟ ؟ ؟ لهذا الغلام لامال له يدين في مال غيره فوجد رجلا من جهينة فقال قيس بعنى

جزورا أو فيكم وسقه من تمر المدينة فقال الجهنى والله ما أعرفك فمن أنت قال أنا ابن

سعد بن عبادة بن دليم . قال الجهنى ما أعرفنى بنسبك وذكر كلاما فابتاع منه خمس

جزائر كل جزور بوسق من تمر يشترط عليه البدوى من تمر آل دليم يقول قيس نعم

قال فأشهد لى فأشهد له نفرا من الانصار ومعهم نفر من المهاجرين قال قيس أشهد

من تحب وكان فيمن أشهد عمر بن الخطاب فقال عمر ما أشهد هذا يدين ولا مال له

وإنما المال لابيه قال الجهنى والله ما كان سعد ليختى ( 2 ) بابنه في وسقة من تمر وأرى

وجها حسنا وفعلا شريفا فكان من عمرو قيس كلام حتى أغلظ لقيس وأخذ

الجزر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة كل يوم جزوررا فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره

فقال تريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك . قال محمد فحدثنى محمد بن يحيى بن سهل

عن أبيه عن رافع بن خديج قال أقبل أبوعبيدة ومعه عمر فقال عزمت عليك أن

لا تنحر أتريد أن تخفر ذمتك قال قيس يا أبا عبيدة أترى أبا ثابت يقضى ديون

الناس ويحمل الكل ( 3 ) ويطعم في المجاعة لا يقضى عنى سقة من تمر لقوم مجاهدين

في سبيل الله فكاد أبوعبيدة أن يلين له ، وجعل عمر يقول اعزم فعزم عليه

وابى أن ينحرو بقيت حزوران فقدم بهما قيس المدينة ظهرا يتعاقبون عليهما وبلغ

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ناقة .

( 2 ) أى يسلمه ويخفر ذمته ، وهو من أخنى عليه الدهر .

( 3 ) الكل : اليتيم ، والعيال . ( * )

ـ175ـ

سعدا ما أصاب القوم من المجاعة فقال إن يك قيس كما أعرف فسينحر للقوم فلما قدم

قيس ولقيه سعد فقال ما صنعت في مجاعة القوم قال نحرت . قال أصبت قال ثم ماذا

قال ثم نحرت . قال أصبت . قال ثم ماذا قال ثم نحرت قال أصبت قال ثم ماذا قال ثم

نهيت قال ومن نهاك قال أبوعبيدة أميرى قال ولم قال زعم أنه لا مال لى وإنما المال

لا بيك فقلت أبى يقضى عن الاباعد ويحمل الكل ويطعم في المجاعة ولا يصنع

هذا بى قال فلك أربع حوائط أدناها حائط تجد منه خمسين وسقا . قال وقدم

البدوى مع قيس فأوفاه وسقه وحمله وكساه فبلغ النبى صلى الله عليه وسلم فعل

قيس فقال إنه في قلب جود .

ـ خبر العنبر ـ

وروينا من طريق البخارى قال حدثنا على بن عبدالله فثنا سفيان قال الذى

حفظناه من عمرو بن دينار قال سمعت جابر بن عبدالله يقول بعثنا رسول الله صلى

الله عليه وسلم في ثلثمائة راكب أميرنا أبوعبيدة بن الجراح نرص عير قريش

فأقمنا بالساحل نصف شهر فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط . فسمى ذلك

الجيش جيش الخبط فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر فأكلنا منها نصف شهر

وادهنا من ودكه حتى ثابت ( 1 ) الينا أجسامنا فأخذ أبوعبيدة ضلعا من أعضائه فنصبه

فعمد إلى أطول رجل معه قال سفيان مرة ضلعا من أضلاعه فنصبه وأخذ رجلا وبعيرا

فمر تحته قال جابر وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر . وذكر تمام الحديث .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : أقبلت علينا بعد أن اذهبها الجوع . ( * )

ـ176ـ

ـ سرية ابى قتادة بن ربعى إلى خضرة ـ

وهى أرض محارب

ثم سرية أبى قتادة بن ربعى الانصارى إلى حضرة وهى أرض محارب بنجد

في شعبان سنة ثمان . قالوا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة ومعه

خمسة عشر رجلا إلى غطفان وأمره أن يشن عليهم الغارة فسار الليل وكمن

النهار فهجم على حاضر منهم عظيم فأحاط به فصرخ رجل منهم ماحضره وقاتل

منهم رجال فقتلوا من أشراف لهم واستاقوا النعم فكانت الابل مائتى بعير والغنم

الفى شاة وسبوا سبيا كثيرا وجمعوا الغنائم فأخرجوا الخمس فعزلوه فأصاب كل

رجل اثنى عشر بعيرا فعدل البعير بعشر من الغنم وصارت في سهم أبى قتادة جارية

وضيئة فاستوهبها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبها له فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم

لمحية بن جزء وغابوا في هذه السرية خمس عشرة ليلة . قرأت على أبى الهيجاء غازى

ابن أبى الفضل الدمشقى بقرافة سارية أخبركم أبوعلى حنبل على عبدالله المكبر

قال أنا أبوالقاسم بن الحصين قال أنا أبوعلى بن المذهب قال أنا أبوبكر بن مالك

قال أنا عبدالله قال حدثنى أبى فثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى نجد فبلغت سهمانهم اثنى عشر

بعيرا ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا .

ـ177ـ

ـ سرية ابى قتادة بن ربعى الانصارى إلى بطن إضم ـ

وهى في أول شهر رمضان سنة ثمان

قالوا : لما هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزو أهل مكة بعث أبا قتادة بن

ربعى في ثمانية نفر سرية إلى بطن إضم - وهى فيما بين ذى خشب وذى المروة

وبينها وبين المدينة ثلاثة برد - ليظن ظان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه إلى تلك

الناحبة ولان تذهب بذلك الاخبار . وكان في السرية محلم بن جثامة الليثى فمر

عامر بن الاضبط الاشجعى فسلم بتحية الاسلام فأمسك عنه القوم وحمل عليه

محلم بن جثامة فقتله وسلبه متاعه وبعيره ووطب ( 1 ) لبن كان معه فلما لحقوا بالنبى

صلى الله عليه وسلم نزل فيهم القرآن ( يا أيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا

ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند

الله مغانم كثيرة ) إلى آخر الآية . فمضوا فلم يلقوا جمعا فانصرفوا حتى انتهوا إلى

ذى خشب فبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إلى مكة فأخذوا على يين ( 2 ) حتى

لقوا النبى صلى الله عليه وسلم بالشقيا وهى عند ابن اسحق منسوبة لابن أبى

حدرد . وذكر ابن اسحق في خبر محلم بن جثامة بعد ذلك يوم حنين أن النبى

صلى الله عليه وسلم وسلم صلى الظهر بحنين ثم عمد إلى ظل شجرة فجلس تحتها فقام

اليه الاقرع بن حابس وعيينة بن حصن يختصمان في عامر بن الاضبط ، عيينة

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : وعاء .

( 2 ) اسم لعين هناك . ( * )

ـ178ـ

يطلب بدمه وهو يومئذ سيد غطفان ، والاقرع يدفع عن محلم لمكانه من خندف

فتداولا الخصومة ثم قبلوا الدية ثم قالوا أين صاحبكم هذا يستغفر له رسول الله

صلى الله عليه وسلم رجل آدم ضرب طويل هو محلم فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم

يديه ثم قال اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة ثلاثا فقام يتقلى دمعه بفضل ردائه . الحديث .

وفى حديث عن الحسن ما مكث إلا سبعا حتى مات فلفظته ( 1 ) الارض مرات

فعمدوا به إلى صدين ( 2 ) فسطحوه بينهما ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : أخرجته .

( 2 ) أى : جبلين . ( * )

ـ179ـ

ـ سرية ابن ابى حدرد الاسلمى إلى الغابة ـ

قال ابن أبى حدرد فيما حكاه ابن اسحق : تزوجت امرأة من قومى فجئت

رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحى فقال وكم أصدقت قلت مائتى

درهم فقال سبحان الله لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن واد مازدتم والله ما عندى

ما أعينك به قال فلبثت أياما وأقبل رجل من بنى جشم بن معاوية يقال له رفاعة

ابن قيس أو قيس بن رفاعة في بطن عظيم من بنى جشم حتى ينزل بقومه ومن

معه بالغابة يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا

اسم في جشم وشرف فدعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين معى من

المسلمين فقال اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم قال وقدم لنا

شارفا عجفاء ( 1 ) فحمل عليها أحدنا فوالله ما قامت به ضعفا حتى دعمها الرجال من

خلفها بأيديهم حتى استقلت وما كادت ثم قال تبلغوا عليها واعتقبوها قال فخرجنا

ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر عشيشية ( 2 ) مع

غروب الشمس كمنت في ناحية وأمرت صاحبى فكمنا في ناحية أخرى من

حاضر القوم وقلت هما إذا سمعتمانى قد كبرت وشددت في ناحية العسكر فكبرا

وشدا معى فوالله إنا لكذلك ننتظر غرة القوم أو أن نصيب منهم شيئا وقد غشينا

الليل حتى ذهبت فحمة العشاء وكان لهم راع سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم حتى

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ناقة مسنة مهزولة .

( 2 ) تصغير عشية . ( * )

ـ180ـ

تخوفوا عليه فقام صاحبهم ذلك وأخذ سيفه فجعله في عنقه ثم قال والله لاتبعن

أثر راعينا هذا ولقد أصابه شر فقال نفر ممن والله لا تذهب أنت نحن نكفيك

قال والله لا يذهب إلا أنا قالوا فنحن معك قال والله لا يتبعنى أحد منكم وخرج

حتى مربى فلما أمكننى نفحته بسهم فوضعته في فؤاده فوالله ما تكلم ووثبت اليه

فاحتززت رأسه وشددت في ناحية العكسر وكبرت وشد صاحباى وكبرا فوالله

ما كان إلا النجاء ممن فيه عندك عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم

وما خف معهم من أموالهم واستقنا إبلا عظيما وغنما كثيرة فجئنا بها إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم وجئت برأسه أحمله معى فأعاننى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الابل بثلاثة

عشر بعيرا في صداقى فجمعت إلى أهلى .

ـ181ـ

ـ فتح مكة شرفها الله تعالى ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 181 سطر 1 الى ص 190 سطر 23

ـ فتح مكة شرفها الله تعالى ـ

كانت في شهر رمضان سنة ثمان . وكان السبب فيها فيما ذكر ابن إسحق أن بنى

بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له

الوتير . وكان الذى هاج ما بين بكر وخزاعة أن رجلا من بنى الحضرمى يقال

له مالك بن عباد - وحلف الحضرمى يومئذ إلى الاسود بن رزن - خرج تاجرا فلما

توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله فعدت بنو بكر على رجل من

خزاعة فقتلوه فعات خزاعة قبل الاسلام على بنى الاسود بن رزن الديلى وهم

؟ ؟ ؟ بنى كنانة وأشرافهم سلمى وكلثوم وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب

الحرم فبيناهم كذلك حجز بينهم الاسلام . وتشاغل الناس به فلما كان صلح

الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش كان فيما شرطوا أنه من

أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل فيه ومن أحب

أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فدخلت بنو بكر في عهد قريش

ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كانت الهدنة اغتنمها

بنو الديل بن بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأرا بأولئك النفر الذين

أصابوا منهم في الاسود بن رزن فخرج نوفل بن معاوية الديلى في بنى الديل بن

بكر من كنانة حتى بيت خزاعة وهم على الوتير ماء لهم فأصابوا منهم رجلا

وتحاوروا واقتتلوا ورفدت بنى بكر قريش بالسلاح وقاتل معهم من قريش من

قاتل بالليل مستخفيا . ذكر ابن سعد منهم صفوان بن أمية وحو يطب بن عبدالعزى

ـ182ـ

ومكرز بن حفص بن الاخيف حتى جاوزوا خزاعة إلى الحرم . فلما انتهوا اليه

قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم الهك الهك . فقال كلمة عظيمة لا إله اليوم

يا بنى بكر أصيبوا ثأركم فلعمرى إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه

وقد أصابوا منهم ليلة بيتوهم بالوتير رجلا يقال له منبه فلما دخلت خزاعة مكة لجأوا

إلى دار بدليل بن ورقاء الخزاعى ودار مولى لهم يقال له رافع ولما تظاهر بنو بكر

وقريش على خزاعة ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من

العهد والميثاق خرج عمروبن سالم الخزاعى ، قال ابن سعد في أربعين راكبا

حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان ذلك ماهاج فتح مكة فوقف

عليه وهو جالس في المسجد بين ظهرى الناس فقال :

يا رب انى ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الاتلدا

قد كنتم ولدا وكنا والدا * ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا أعتدا * وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا * إن سيم خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجرى مذبدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك الموكدا * وجعلوا لى في كداء رصدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا * وهم أذل وأقل عددا

هم بيتونا بالوتير هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا

يقول قتلنا وقد أسلمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرض

رسول الله صلى الله عليه وسلم عنان من السماء فقال إن هذه السحابة لتستهل بنصر

بنى كعب ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من بنى خزاعة حتى قدموا على رسول

ـ183ـ

الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه وبما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بنى بكر عليهم . قلت لعل

الاربعين راكبا الذين ذكر ابن سعد قومهم من خزاعة مع عمرو بن سالم هم هؤلاء .

رجع إلى خبر ابن إسحق : ثم رجعوا إلى مكة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس

كأنكم بأبى سفيان قد جاءكم ليشد العقد ويزيد في المدة . ومضى بديل بن ورقاء

في أصحابه حتى لقوا أبا سفيان بن حرب بعسفان وقد بعثته قريش إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذى صنعوا فلما لقى أبوسفيان

بديل بن ورقاء قال من أين أقبلت يابديل ؟ وظن أنه قد أتى النبى صلى الله عليه وسلم

قال سرت في خزاعة في هذا الساحل وفى بعض هذا الوادى قال أوما جئت محمدا قال لا فلما

راح بديل إلى مكة قال أبوسفيان لئن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى فأتى مبرك

راحلته فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى فقال أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا

ثم خرج أبوسفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس

على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه فقال يا بنية ما أدرى أرغبت

بى عن هذا الفراش أم رغبت به عنى قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت

مشرك نجس قال والله لقد أصابك بعدى شر ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله

عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا ثم ذهب إلى أبى بكر فكلمه أن يكلم له

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا بفاعل . ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه

فقال أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لو لم أجد إلا الذم لجاهدتكم به . ثم

جاء فدخل على على بن أبى طالب وعنده فاطمة وحسن غلام يدب بين يديها

فقال يا على انك أمس القوم بى رحما وإنى قد جئت في حاجة فلا أرجع كما جئت

خائبا اشفع لى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ويحك يا أبا سفيان والله لقد

عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه فالتفت إلى

فاطمة فقال يا بنت محمد هل لك أن تأمرى ابنك هذا فيجير بين الناس فيكون

ـ184ـ

سيد العرب إلى آخر الدهر قالت والله ما يبلغ بنيى ذاك أن يجير بين الناس وما

يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا الحسن إنى أرى الامور قد

اشتدت على فانصحنى قال والله ما أعلم لك شيئا يغنى عنك ولكنك سيد بنى

كنانة فقم وأجر بين الناس ثم الحق بأرضك قال أو ترى ذلك مغنيا عنى شيئا

قال لا والله ما أظنه ولكنى لا أجد لك غير ذلك فقام أبوسفيان في المسجد فقال

أيها الناس إنى قد أجرت بين الناس ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قريش

قالوا منا وراءك قال جئت محمدا فكلمته فوالله ما رد على شيئا ثم جئت ابن أبى

قحافة فلم أجد فيه خيرا ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أدنى العدو . كذا قال

ابن إسحق قال ابن هشام أعدى العدو . ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم وقد

أشار على بشئ صنعته فوالله ما أدرى هل يغني عنى شيئا أم لا قالوا وبم أمرك قال

أمرنى أن أجير بين الناس ففعلت قالوا فهل أجاز ذلك محمد قال لا قالوا ويلك والله

إن زاد الرجل على أن لعب بك قال لا والله ما وجدت غير ذلك وأمر رسول الله

صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز وأمر أهله أن يجهزوه فدخل أبوبكر على ابنته عائشة وهى

تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أى بنية أمركن رسول الله صلى الله عليه

وسلم بتجهيزه قالت نعم فتجهز قال فأين ترينه يريد قالت لا والله ما أدرى ثم

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد

والتجهز وقال " اللهم خذ العيون والاخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها " فتجهز

الناس فكتب حاطب بن أبى بلتعة إلى قريش كتابا يخبرهم بذلك ثم اعطاه

امرأة وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في قرون رأسها ثم خرجت به وأتى

رسول الله صلى الله عليه سلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث عليا والزبير .

وغير ابن إسحق يقول بعث عليا والمقداد فقال أدركا أمرأة قد كتب معها حاطب

بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم فخرجا حتى أدركاها فاستنز لاها

ـ185ـ

والتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فقال لها على إنى أحلف بالله ما كذب رسول الله

صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا ولتخرجن هذا الكتاب أو لنكشفنك فلما رأت

الجد منه قالت أعرض فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب

فدفعته اليه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا حاطبا فقال له ما حملك

على هذا فقال والله إنى لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت ولكنى ليس لى

في القوم أصل ولا عشيرة ولى بين أظهر هم ولد وأهل فصانعتهم عليهم فقال عمر بن

الخطاب يا رسول الله دعنى فلا ضرب عنقه فان الرجل قدنا فق فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال

اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم . ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره

فاستخلف على المدينة أبارهم كلثوم بن الحصين الغفارى ، وقال ابن سعد عبدالله

ابن أم مكتوم فخرج لعشر مضين من شهر رمضان فصام وصام الناس مع حتى

إذا كانوا بالكديد أفطر ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف . وعميت

الاخبار عن قريش فهم على وجل وارتقاب فخرج أبوسفيان بن حرب وحكيم

ابن حزام وبديل بن ورقاء يتحبسون الاخبار . وكان العباس بن ع بدالمطلب

قد خرج قبل ذلك بعياله مسلما مهاجرا فلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل

بالجحفة وقيل بذى الحليفة وكان فيمن خرج ولقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق

أبوسفيان بن الحرث وعبدالله بن أبى أمية بن المغيرة بالابواء وقيل بين السقيا

والعرج فأعرض عنهما فقالت له أم سلمة لايكن ابن عمك وابن عمتك أخى أشقى

الناس بك وقال على لابى سفيان فيما حكاه أبوعمر إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قهل

وجهه فقل له ما قال إخوة يوسف عليه السلام ليوسف ( تالله لقد آثرك الله علينا

وإن كنا لخاطئين ) فانه لايرضى أن يكون أحد أحسن قولا منه . ففعل ذلك

أبوسفيان قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو

ـ186ـ

لعمرك إنى يوم أحمل راية * لتغلب خيل اللات خيل محمد

لكالمدج الحيران أظلم ليله * فهذا أوانى حين أهدى فأهتدى

هدانى هاد غير نفسى ودلنى * على الله من طردته كل مطرد

فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال أنت طردتنى كل مطرد .

وكان أبوسفيان بعد ذلك ممن حسن إسلامه فيقال إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم منذ أسلم حيا ، منه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويشهد له

بالجنة ويقول أرجو أن يكون خلفا من حمزة ، ويروى أنه لما حضرته الوفاة قال

لا تبكوا على فلم أنتطف ( 1 ) بخطيئة منذ أسلمت . فلما نزل رسول الله صلى الله

عليه وسلم مر الظهران ( 2 ) وقال ابن سعد نزله عشاء فأمر أصحابه فأوقدوا عشرة

آلاف نار وجعل على الحرس عمر بن الخطاب رقت نفس العباس لاهل مكة

قال فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فخرجت عليها حتى

جئت الاراك فقلت لعلى أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتى

مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا اليه فيستأمنوه قبل

أن يدخلها عنوة فوالله إنى لاسير عليها إذا سمعت كلام أبى سفيان وبديل بن

ورقاء وهما يتراجعان وأبوسفيان يقول ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا قال

يقول بديل هذه والله خزاعة حمشتها ( 3 ) الحرب فيقول أبوسفيان خزاعة أذل وأقل

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : لم أتلطخ .

( 2 ) هو واد بين مكة وعسفان .

( 3 ) أى : حرضتها . ( * )

ـ187ـ

من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها قال فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف

صوتى فقال أبوالفضل قلت نعم قال مالك فداك أبى وأمى قال قلت والله هذا

رسول الله في الناس واصباح قريش والله قال فما الحيلة فداك أبى وأمى قال قلت

والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتى بك رسول

الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك فراكب خلفى ورجع صاحباه قال فجئت به كلما مررت

؟ ؟ ؟ من نيران المسلمين قالوا من هذا وإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم

وأنا عليها قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب

قال من هذا وقام إلى فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال أبوسفيان عدو الله

الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى

الله عليه وسلم وركضت البغلة فسقت فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول

الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه عمر فقال يا رسول الله هذا أبوسفيان فدعنى

فلا ضرب عنقه قال فقلت يا رسول الله إنى قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه الليلة رجل دونى فلما أكثر عمر في شأنه

قلت مهلا يا عمر فوالله لو كان من رجال بنى عدى بن كعب ما قلت مثل هذا قال

مهلا يا عباس فوالله لا سلامك يوم أسلمت كان أحب إلى من إسلام الخطاب لو أسلم

وما بى إلا أنى قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه

وسلم من إسلام الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب به يا عباس إلى رحلك فاذا

أصبحت فأتنى به فذهبت به فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه

وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن

تعلم أنه لا إله إلا الله قال بأبى أنت وأمى ما أحامك وأكرمك وأوصلك لقد ظننت

أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى شيئا بعد قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك

ـ188ـ

أن تعلم أنى رسول الله قال بأبى أنت وأمى ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما

والله هذه فان في النفس حتى الآن منها شيئا فقال له العباس ويحك أسلم واشهد

أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك قال فشهد شهادة

الحق فأسلم قال العباس قلت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل

له شيئا قال نعم من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه عليه فهوآ من

ومن دخل المسجد فهو آمن ثم أمر العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادى

عند خطم الجبل ( 1 ) حتى تمر به جنود الله فيراها ففعل فمرت القبائل على راياتها كلما

مرت قبيلة قال يا عباس من هذه فأقول سليم قال يقول مالى ولسليم . ثم تمر به

القبيلة فيقول يا عباس ما هؤلاء فأقول مزينة فيقول مالى ولمزينة حتى نفدت القبائل

ما تمر به قبيلة إلا سألنى عنها فاذا أخبرته بهم قال مالى ولبنى فلان حتى مر به

رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء وفيها المهاجرون والانصار لا يرى منهم إلا

الحدق من الحديد قال سبحان الله يا عباس من هؤلاء قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم

في المهاجرين والانصار قال ما لاحد بهؤلاء قبل ولا طاقة . وفى صحيح البخارى أن

كتيبة الانصار جاءت مع سعد بن عبادة ومعه الراية قال ولم ير مثلها ثم جاءت

كتيبة هى أقل الكتائب فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وراية النبى صلى الله

عليه وسلم مع الزبير . كذا وقع عند جميع الرواة ورواه الحميدى في كتابه هى

أجل الكتائب وهو الاظهر .

رجع إلى الاول : فقال أبوسفيان والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك

اليوم عظيما قال قلت يا أبا سفيان إنها النبوة قال فنعم إذن . قال قلت النجاء إلى

قومك حتى اذا جاء هم صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما

* ( هامش ) * ( 1 ) أى مضيقه ، وروى بالمهملة . ( * )

ـ189ـ

لا قبل ( 1 ) لكم به فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن فقامت اليه هند بنت عتبة

فأخذت بشار به فقال اقتلوا الحميت ( 2 ) الدسم الاحمس قبح من طليعة قوم قال ويلكم

لاتغرنكم هذه من أنفسكم فانه قد جاءكم ما لا قبل لكم به من دخل دار أبى سفيان فهو

آمن قال قاتلك الله وما تغنى عنا دارك قال ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل

المسجد فهو آمن فنفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد . وذكر الطبرى أى النبى

صلى الله عليه وسلم وجه حكيم بن حزام مع أبى سفيان بعد إسلامهما إلى مكة وقال

من دخل دار حكيم فهو آمن - وهى بأسفل مكة - ومن دخل دار أبى سفيان فهو

آمن وهى بأعلى مكة فكان هذا أمانا منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة -

ولهذا قال جماعة من أهل العلم منهم الامام الشافعى رحمه الله إن مكة مؤمنة وليست

عنوة والامان كالصلح . ورأى أن أهلها كانوا مالكون رباعهم فلذلك كان يجيز

كراءها لاربابها وبيعها وشراءها لان من أمن فقد حرم ماله ودمه وذريته وعياله

فمكة مؤمنة عند من قال بهذا القول إلا الذين استثناهم رسول الله صلى الله عليه

وسلم وأمر بقتلهم وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة ، وأكثر أهل العلم

يرون أن فتح مكة عنوة لانها إنما أخذت بالخيل والركاب . والخلاف بين العلماء

في جواز أخذ أجر المساكن بمكة أو المنع منه مشهور معروف ، وقد جاء في حديث

عن عائشة من طريق ابراهيم بن مهاجر في مكة أنها مناخ من سبق . أخبرنا أبو

عبدالله محمد بن أبى الفتح الصورى بمرج دمشق قال أنا أسعد بن سعيد بن روح

وعائشة بنت معمر بن الفاخر إجازة من أصبهان قالا أخبرتنا أم ابراهيم فاطمة

ا لجوزدانية سماعا قالت أنا أبوبكر بن ربذة الضبى قال أنا أبوالقاسم الطبرانى

ثنا يوسف بن الحسن بن عبدالرحمن العبادانى ثنا نصر بن على الجهضمى ثنا وهب

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : لا طاقة .

( 2 ) سيأتى تفسيره . ( * )

ـ190ـ

ابن جرير بن حازم ثنا أبى عن محمد بن إسحق عن عبدالله بن أبى بكر بن محمد

ابن عمرو بن حزم الانصارى عن على بن عبدالله بن العباس عن ابن عباس قال

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة ثلثمائة وستون صنما قد شد

لهم إبليس أقدامها برصاص فجاء ومعه قضيب فجعل يهوى به إلى كل صنم منها

فيخر لوجهه فيقول ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) حتى مر عليها كلها .

ولا خلاف أنه لم يجر فيها قسم ولا غنيمة ، ولا سبى من أهلها أحد لما عظم

الله من حرمتها ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم مكة حرام محرم لم تحل لاحد قبلى ولا تحل

لاحد بعدى وإنما أحلت لى ساعة من نهار ثم هى حرام إلى يوم القيامة . قال أبوعمر

والاصح والله أعلم أنها بلدة مؤمنة أمن أهلها على أنفسهم وكانت أموالهم تبعا لهم .

وقال الاموى كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بيد سعد بن عبادة فلما مر

بها على أبى سفيان وكان قد أسلم أبوسفيان فقال سعد إذ نظر اليه اليوم يوم الملحمة

اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشا . فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم

في كتيبة الانصار حتى اذا حاذى أبا سفيان ناداه يا رسول الله أمرت بقتل قومك

فانه زعم سعد ومن معه حين مربنا أنه قاتلنا أنشدك الله في قومك فأنت أبر

الناس وأرحمهم وأوصلهم . وقال عثمان و عبدالرحمن بن عوف يا رسول الله والله

لا نأمن سعدا أن تكون منه في قريش صولة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله فيه قريشا . وقال ضرار بن الخطاب

الفهرى يومئذ :

يا نبى الهدى اليك لجاحي * ى قريش ولات حين لجاء

حين ضاقت عليهم سعة الار * ض وعاداهم إله السماء

والتقت حلقتا البطان على القو * م ونودوا بالصيلم الصلعاء ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) سيأتى تفسير الغريب من كلام المؤلف . ( * )

ـ191ـ

ان سعدا يريد قاصمة الظه * ر بأهل الحجون والبطحاء

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 191 سطر 1 الى ص 200 سطر 22

ان سعدا يريد قاصمة الظه * ر بأهل الحجون والبطحاء

خزرجى لو يستطيع من الغي * ظ رمانا بالنسر والعواء

وغر الصدر لايهم بشئ * غير سفك الدما وسبى النساء

قد تلظى على البطاح وجاءت * عنه هند بالسوءة السواء

إذ ينادى بذل حى قريش * وابن حرب بذا من الشهداء

فلئن أقحم اللواء ونادى * يا حماة اللواء أهل اللواء

ثم ثابت اليه من بهم الخز * رج والاوس أنجم الهيجاء

لتكونن بالبطاح قريش * فقعة القاع في أكف الاماء

فاتهينه فانه أسد الاس * - د لدى الغاب والغ في الدماء

إنه مطرق يدير لنا الام * ر سكوتا كالحية الصماء

فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة فنزع اللواء من يده

وجعله بيد قيس ابنه ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عنه إذ صار إلى ابنه

قيس . قال أبوعمر وقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى الراية للزبير إذ نزعها من سعد .

رجع إلى الخبر عن ابن إسحق : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد

فدخل من الليط أسفل مكة في بعض الناس فكان خالد على المجنبة اليمنى . وفيها

أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب وأقبل أبوعبيدة بن

الجراح بالصف من المسلمين ينصب لمكة بين يدى رسول الله صلى الله عليه

وسلم . وروينا في صحيح مسلم أن أبا عبيدة كان على البياذقة يعنى الرجالة . قال

ابن إسحق ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة

وضربت له هناك قبة . وكان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبى جهل وسهيل بن عمرو

ـ192ـ

قد جمعوا أناسا بالخندمة ليقاتلوا . وقد كان حماس بن قيس بن خالد أخو بنى بكر

يعد سلاحا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلح منه فقالت له امرأته لماذا تعد

ما أرى قال لمحمد وأصحابه قالت والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شئ ، قال والله

إنى لارجو أن أخدمك بعضهم ثم قال :

إن يقبلوا اليوم فمالى عله هذا سلاح كامل واله

وذو غرارين سريع السله

ثم شهد الخندمة مع صفوان وسهيل وعكرمة فلما لقيهم المسلمون من أصحاب

خالد بن الوليد وناوشوهم شيئا من القتال فقتل كرزبن جابر الفهرى وحبيش بن

خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعى وكانا في خيل خالد بن الوليد فشدا عنه فسلكا

طريقا غير طويقه فقتلا جميعا . وأصيب من جهينة سلمة بن الميلاء وأصيب من

المشركين قريب من اثنى عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا ثم انهزموا . وقال ابن

سعد قتل أربعة وعشرون رجلا من قريش وأربعة من هذيل ، قال فخرج حماس

منهزما حتى دخل بينه ثم قال لامرأته أغلقى على بابى قالت وأين ما كنت تقول فقال :

إنك لو شهدت يوم الخندمه * إذ فر صفوان وفر عكرمه

و استقبلتنا بالسيوف المصلمه * يقطعن كل ساعد وجمجمه

ضربا فلا تسمع إلا غمغمه * لهم نهيت حولنا وهمهمه

لم تنطقى في اللوم أدنى كلمه

أخبرنا أبوالفضل الموصلى بقراءة والدى رحمهما الله عليه قال أنا الشيخ أبو

ـ193ـ

على حنبل بن عبدالله بن الفرج بن سعادة الرصافى المكبر سماعا عليه بسفح

قاسيون سنة اثنتين وستمائة قال أنا أبوالقاسم هبة الله بن محمد بن عبدالواحد بن

الحصين الشيبانى قال أنا أبوعلى الحسن بن على بن المذهب قال أنا أبوبكر

أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعى قال أنا عبدالله بن أحمد بن حنبل

 

قال حدثنى أبى حدثنا بهز وهاشم ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال هاشم

حدثنى ثابت ثنا عبدالله بن رباح قال وفدت وفود إلى معاوية أنا فيهم وأبو

هريرة فذكر حديثا . وفيه قال فقال أبو هريرة ألا أعلمكم بحديث من حديثكم

يا معاشر الانصار قال فذكر فتح مكة : قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة قال

فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالدا على المجنبه ( 1 ) الاخرى وبعث أبا

عبيدة بن الجراح على الحسر ( 2 ) فأخذوا بطن الوادى ورسول الله صلى الله عليه وسلم

في كتيبة قال قد وبشت ( 3 ) قريش أو باشها قال فقالوا نقدم هؤلاء فان كان لهم شئ

كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا سئلنا . وفيه فقال يا أبا هريرة قلت لبيك

يا رسول الله قال فقال اهتف لى يا للانصار ولا يأتنى إلا أنصارى فهتف بهم فجاءوا

فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ترون إلى أوباش

قريش وأتباعهم ثم قال بيديه إحداهما على الاخرى احصدوهم حصدا حتى توافونى

بالصفا قال فقال أبوهريرة فانطلقنا فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ماشاء وما

أحذ يوجه الينا منهم شيئا قال فقال أبوسفيان يا رسول الله أبيحت خضراء

قريش لا قريش بعد اليوم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أغلق

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : الكتيبة .

( 2 ) جمع حاصر وهو الذى لا درع عليه .

( 3 ) أى : جمعت جموعا من قبائل شتى . ( * )

ـ194ـ

يا به فهو آمن ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن قال فغلق الناس أبوابهم ، قال

 

فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجر فاسنامه ثم طاف بالبيت قال وفى

يده قوس آخدا بسية القوس ( 1 ) فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه

قال فجعل يطعن بها في عينه ويقول ( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان

وهوقا ) ( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) ، قال ثم أتى الصفا فعلاه حيث

ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بماشاء أن يذكره ويدعوه قال

والانصار تحته قال يقول بعضهم لبعض أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة

بعشيرته قال وجاء الوحى وكان إذا جاء الوحى لم يخف علينا فليس أحد من الناس

يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضى . قال هاشم فلما قضى

الوحى رفع رأسه ثم قال يا معشر الانصار قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته

ورأفة بعشيرته قالوا فلنا ذلك يا رسول الله قال فما اسمى إذن إنى عبدالله ورسوله

هاجرت إلى الله واليكم فالمحيا محيا كم والممات مماتكم قال فأقبلوا اليه يبكون

ويقولون والله ما قلنا الذى قلنا إلا الضن بالله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فان

الله ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم . رواه أبوداود عن الامام أحمد بن حنبل وكان رسول

الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم بدخول مكة

أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم إلا أنه قد عهد في نفر سماهم بقتلهم وإن وجدوا تحت

أستار الكعبة منهم عبدالله بن سعد بن أبى سرح العامرى وعبدالعزى بن

خطل وعكرمة بن أبى جهل والحويرث بن نقيد بن وهب بن عبد بن قصى

ومقيس بن صبابة وهبار بن الاسود وقينتا ابن خطل كانتا تغنيان ابن خطل

يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسارة مولاة لبنى ع بدالمطلب : فأما ابن

* ( هامش ) * ( 1 ) سية القوس : ما عطف من طرفيها . ( * )

ـ195ـ

ابى سرح فكان ممن اسلم قبل ذلك وهاجر وكان يكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم ارتد مشركا وصار إلى قريش فلما كان يوم الفتح فر إلى عثمان وكان أخاه من

الرضاعة أرضعت أمه عثمان فغيبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد

ما اطمأن الناس فاستأمنه له فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال

نعم فلما انصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله ما صمت إلا

ليقوم اليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الانصار فهلا أو مأت إلى يا رسول

الله فقال إن النبى لا ينبغى أن يكون له خائنة أعين . قلت وكان بعد ذلك ممن

حسن إسلامه ولم يظهر منه شئ ينكر عليه وهو آخر النجباء العقلاء الكرماء

من قريش وكان فارس بنى عامر بن لؤى المقدم فيهم وولاه عمر بن الخطاب ثم

عثمان رضى الله عنهم . وأما ابن خطل فانما أمر بقتله فانه كان مسلما فبعثه رسول

الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الانصار وكان معه مولى لهم يخدمه وكان

مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا فيصنع له طعاما فنام فاستيقظ ابن

خطل ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا . وكانت له قينتان فرتنا

وقريبة وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه فقتله

سعيد بن حريث المخزومى وأبوبرزة الاسلمى . وروينا عن ابن جميع حدثنا محمد

ابن أحمد الخولانى بمكة ثنا أحمد بن رشدين قال حدثنى أبى عن أبيه عن ابن

لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم

أنه دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل

متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه . قال ابن شهاب ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يومئذ محرما . وأما عكرمة بن أبى جهل ففر إلى اليمن فاتبعته امرأته أم حكيم

بنت الحارث بن هشام فردته فأسلم وحسن إسلامه وكان يعد من فضلاء الصحابة .

وأما الحويرث بن نقيد فكان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقتله

ـ196ـ

على بن أبى طالب يوم الفتح . وأما مقيس بن صبابة فكان قد أتى النبى صلى

الله عليه وسلم مسلما قبل ذلك ثم عدا على رجل من الانصار فقتله بأخيه هشام

 

ابن صبابة بعد أن أخذ الدية وكان الانصارى قتل أخاه مسلما خطأ في غزوة

ذى قرد ( 1 ) وهو يرى أنه من العدو . وقد تقدم ذلك في غزوة ذى قرد وأبيات مقيس

في ذلك ثم لحق بمكة مرتدا فقتله يوم الفتح نميلة بن عبدالله اللينى وهو ابن عمه .

قال أبوعمرو من سنته صلى الله عليه وسلم أنه قال لا أعفى أحدا قتل بعد أخذ الدية هذا من

المسلمين . وأما مقيس فارتد أيضا . وأما هبار بن الاسود فهو الذى عرض لزينب

بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفهاء من قريش حين بعث بها أبوالعاص

زوجها إلى المدينة فأهوى اليها هبار هذا ونخس بها فسقطت على صخرة فألقت

ذا بطنها واهراقت الدماء فلم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت سنة ثمان فقال عليه

السلام إن وجدتم هبارا فاحرقوه بالنار ثم قال اقتلوه فانه لا يعذب بالنار إلا رب

النار . فلم يوجد ثم أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه وصحب النبى صلى الله عليه وسلم .

وذكر الزبير أنه لما أسلم وقدم مهاجرا جعلوا يسبونه فذكر ذلك لرسول الله صلى

الله عليه وسلم فقال سب من سبك فانتهوا عنه . وأما قينتا ابن خطل فرتنا

وقريبة فقتلت إحداهما واستؤمن رسول الله صلى الله عليه وسلم للاخرى فأمنها فعاشت مدة

ثم ماتت في حياة النبى صلى الله عليه وسلم وأما سارة فاستؤمن لها أيضا فأمنها

عليه السلام فعاشت إلى أن أوطأها رجل فرسا بالابطح في زمن عمر فماتت . واستجار

بأم هانئ بنت أبى طالب رجلان قيل هما الحرث بن هشام وزهير بن أبى

أمية وقيل أحدهما جعدة بن هبيرة فأجارتهما فأراد على قتلهما فدخلت إلى رسول

الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى الضحى فذكرت ذلك له فأمضى جوارها وقال قد أجرنا

* ( هامش ) * ( 1 ) إنما قتله في غزوة بنى المصطلق ، وتابع المؤلف هنا ابن عبدالبر في الاستيعاب . ( * )

ـ197ـ

من أجرت وآمنا من أمنت . وأسلمت أم هانئ يوم الفتح وهى شقيقة على بن أبى

طالب وعقيل وجعفر وطالب أمهم فاطمة بنت أسد قيل اسمها فاختة وقيل هند .

ومن حجة من قال إن اسمها هند قول زوجها هبيرة بن أبى وهب المخزومى حين فر

يوم الفتح ولم يسلم ولحق بنجران ومات على شركه في أبيات أولها :

أشاقتك هند أم جفاك سؤالها * كذاك النوى أسبابها وانفتالها

وقد أرفت في رأس حصن ممرد * بنجر ان يسرى بعد نوم خيالها

وعاذلة هبت على تلومنى * وتعذلنى بالليل ضل ضلالها

لئن كنت قد تابعت دين محمد * وعطفت الارحام منك حبالها

فكونى على أعلى سحيق بهضبة * ممنعة لا يستطاع قلالها

فانى من قوم اذا جد جدهم * على أى حال أصبح اليوم حالها

وانى لاحمى من وراء عشيرتى * اذا كثرت تحت العوالى مجالها

وطارت بأيدى القوم بيض كأنها * مخاريق ولدان يطيش ظلالها

وان كلام المرء في غير كنهه * لكا ؟ ؟ ؟ تهوى ليس فيها نصالها

ـ199ـ

( 1 ) ـ بقية الخبر عن فتح مكة ـ

ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت

فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمححن ( 2 ) في يده فلما قضى طوافه دعا عثمان

ابن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها فوجد بها حمامة من عيدان

فكسرها بيده ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة فقال : لا إله إلا الله وحده

لا شريك له صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده ألاكل مأثره

أودم أو مال يدعى فهو تحت قدمى هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتيل

الخطأ شبيه العمد السوط والعصى ففيه الدية مغلظة مائة من الابل أربعون منها في

بطونها أولادها يا معشر قريش إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها

بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلاهذه الآية ( يا أيها الناس إنا خلقناكم

من ذكر وأنثى ) الآية ثم قال يا معشر قريش ما ترون أنى فاعل فيكم قالوا خيرا

أخ كريم وابن أخ كريم ثم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء ثم جلس في المسجد فقام

اليه على ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى

الله عليك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعى له

فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء . وروينا عن عثمان بن طلحة من

طريق ابن سعد قال كنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس فأقبل

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل ( بلغ مقابلة لله الحمد ) .

( 2 ) أى : مصا معقفة الرأس . ( * )

ـ200ـ

يعنى النبى صلى الله عليه وسلم يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فغلظت

عليه ونلت منه وحلم عنى ثم قال يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدى

أضعه حيث شئت فقلت لقد هلكت قريش يومئذ وذلت فقال بل عمرت

وعزت يومئذ ودخل الكعبة فوقعت كلمته منى موقعا ظننت يومئذ أن الامر

سيصير إلى ما قال . وفيه أنه عليه السلام قال له يوم الفتح يا عثمان أن ائتنى بالمفتاح

فأتيته به فأخذه منى ثم دفعه إلى وقال خذوها تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم

يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل اليكم من هذا البيت بالمعروف .

قال عثمان فلما وليت نادانى فرجعت اليه فقال ألم يكن الذى قلت لك قال فذكرت

قوله لى بمكة قبل الهجرة لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدى أضعه حيث

شئت فقلت بلى أشهد أنك رسول الله . وروينا عن سعيد بن المسيب أن

العباس تطاول يومئذ لاخذ المفتاح في رجال من بنى هاشم فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم

لعثمان ودخل النبى صلى الله عليه وسلم يومئذ الكعبة ومعه بلال فأمره أن يؤذن

وأبوسفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة

فقال عتاب لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه فقال

الحارث أما والله لو أعلم أنه حق لا تبعته فقال أبوسفيان لا أقول شيئا لو تكلمت

لاخبرت عنى هذه الحصباء فخرج عليهم النبى صلى الله عليه وسلم فقال لهم لقد علمت

الذى قلتم ثم ذكر ذلك لهم فقال الحرث وعتاب نشهد أنك رسول الله والله ما اطلع

على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك . وروينا عن ابن اسحق من طريق زياد

البكائى قال حدثنى سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن أبى شريح الخزاعى قال لما

قدم عمرو بن الزبير مكة لقتال أخيه عبدالله بن الزبير جئته فقلت له يا هذا إنا

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة فلما كان الغد من يوم الفتح عدت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمة ابن الصلاح تقي الدين عثمان بن عبدالرحمن المعروف بابن الصلاح

     مقدمة ابن الصلاح  تقي الدين عثمان بن عبدالرحمن المعروف بابن الصلاح  يعد هذا الكتاب أشهر كتاب في علم مصطلح الحديث على الإطلاق ذكر في...