الدعاء

اللهم فكما ألهمت بإنشائه وأعنت على إنهائه فاجعله نافعاً في الدنيا وذخيرة صالحة في الأخرى واختم بالسعادة آجالنا وحقق بالزيادة آمالنا واقرن بالعافية غدونا وآصالنا واجعل إلى حصنك مصيرنا ومآلنا وتقبل بفضلك أعمالنا إنك مجيب الدعوات ومفيض الخيرات والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين اللهم لنا جميعا يا رب العالمين .وسبحان الله وبحمده  عدد خلقه وزنة عرشه  ورضا نفسه ومداد كلماته  } أقولها ما حييت وبعد موتي  والي يوم الحساب وارحم  واغفر اللهم لوالديَّ ومن مات من اخوتي واهلي والمؤمنين منذ خَلَقْتَ الخلق الي يوم الحساب آمين وفرِّجِ كربي وردَّ اليَّ عافيتي وارضي عني في الدارين  واعِنِّي علي أن اُنْفِقها في سبيلك يا ربي اللهم فرِّج كربي واكفني همي واكشف البأساء والضراء عني وعنا.. وردَّ إليَّ عافيتي وثبتني علي دينك الحق ولا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتوفنا مع الأبرار وألِّفْ بين قلوبنا اجمعين.يا عزيز يا غفار ... اللهم واشفني شفاءاً لا يُغَادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني وفرج كربي واكفني همي واعتقني مما أصابني من مكروه أنت تعلمه واعتقني من النار وقني عذاب القبر وعذاب جهنم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال اللهم آمين /اللهم ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عُقَد لساني واغنني بك عمن سواك يارب . والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين آمين.

الأحد، 28 أغسطس 2022

عيون الاثر مجلد: 2 من ص 301 سطر 1 الى ص 310 سطر 15 ـ وفد تجيب ـ

 

ـ301ـ

ـ وفد تجيب ـ

...........

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 301 سطر 1 الى ص 310 سطر 15

ـ وفد تجيب ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد تجيب وهم من السكون ثلاثة عشر رجلا قد

ساقوا معهم صدقات أموالهم التى فرض الله عليهم فسر رسول الله صلى الله عليه

وسلم بهم وأكرم منزلهم وقالوا يا رسول الله سقنا اليك حق الله في أموالنا فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوها فاقسموها على فقرائكم قالوا يا رسول الله ما قدمنا عليك

إلا بما فضل عن فقرائنا . فقال أبوبكر يا رسول الله ما وفد علينا وفد من العرب

مثل ما وفد به هذا الحى من تجيب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الهدى بيد الله عز

وجل فمن أراد به خيرا شرح صدره للايمان وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

أشياء فكتب لهم بها وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن فازداد رسول الله صلى الله عليه وسلم

فيهم رغبة وأمر بلالا أن يحسن ضيافتهم فأقاموا أياما ولم يطلبوا اللبث فقيل لهم

ما يعجلكم فقالوا نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله صلى الله عليه

وسلم وكلامنا إياه وما رد علينا . ثم جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعونه

فأرسل اليهم بلالا فأجازهم بأرفع ما كان يجيز به الوفود قال هى بقى منكم أحد

قالوا غلام خلفناه على رحالنا هو أحدثنا سنا قال فأرسلوه الينا فلما رجعوا إلى رحالهم

قالوا للغلام انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض حاجتك منه فانا قد

قضينا حوائجنا منه وودعناه فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال يا رسول الله إنى امرؤمن بنى أبذى ( 1 ) . قال الواقدى هو أبذى بن عدى وأم

* ( هامش ) * ( 1 ) على وزن أعمى ، من ولده جماعة من أهل العلم . ( * )

ـ302ـ

عدى تجيب بنت ثوبان بن سليم بن مذحج واليها ينسبون . يقول الغلام من الرهط

الذين أتوك آنفا فقضيت حوائجهم فاقض حاجتى يا رسول الله قال وما حاجتك قال

إن حاجتى ليست كحاجة أصحابى وإن كانوا قدموا راغبين في الاسلام وساقوا

ماساقوا من صدقاتهم وإنى والله ما أعملنى من بلادى إلا أن تسأل الله عزوجل أن

يغفر لى وأن يرحمنى وأن يجعل غناى في قلبى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل إلى الغلام

اللهم اغفر له وارحمه واجعل غناه في قلبه . ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من

أصحابه فانطلقوا راجعين إلى أهليهم ثم وافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في

الموسم بمنى سنة عشر فقالوا نحن بنو أبذى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل الغلام الذى

أتانى معكم قالوا يا رسول الله والله ما رأينا مثله قط ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله لو

أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت اليها . فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم الحمد لله إنى لارجو أن يموت جميعا فقال رجل منهم أوليس يموت

الرجل جميعا يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تشعب أهواؤه وهمومه في أودية

الدنيا فلعل أجله أن يدركه في بعض تلك الاودية فلا يبالى الله عزوجل في أيها

هلك قالوا فعاش ذلك الرجل فينا على أفضل حال وأزهده في الدنيا وأقنعه بما

رزق . فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من رجع من أهل اليمن عن

الاسلام قام في قومه فذكرهم الله والاسلام فلم يرجع منهم أحد . وجعل أبوبكر

الصديق رضى الله عنه يذكره ويسأل عنه حتى بلغه حاله وما قام به فكتب إلى

زياد بن لبيد يوصيه به خيرا .

ـ303ـ

ـ وفد بنى ثعلبة ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى ثعلبة سنة ثمان مرجعه من

الجعرانة أربعة نفر فنزلوا دار رملة بنت الحارث وجاءهم بلال بجفنة ( 1 ) من ثريد بلبن

وسمن فأكلوا وشهدوا الظهر مع النبى صلى الله عليه وسلم وقالوا له إنه لا إسلام لمن

لاهجرة له فقال عليه السلام حيثما كنتم واتقيتم الله فلا يضركم . ثم لما جاؤوا يدعونه

قال لبلال أجزهم فأعطى كل رجل منهم خمس أواقى فضة .

ـ وفد بنى سعد هذيم ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو سعد هذيم من قضاعة في سنة تسع .

ذكره الواقدى عن ابن النعمان منهم عن أبيه قال قدمت على رسول الله صلى الله

عليه وسلم وافدا في نفر من قومى وقد أوطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاد غلبة وأذاخ ( 2 )

العرب والناس صنفان إما داخل في الاسلام راغب فيه وإما خائف من السيف

فنزلنا ناحية من المدينة ثم خرجنا نؤم المسجد حتى انتهينا إلى بابه فنجد رسول

الله صلى الله عليه وسلم يصلى على جنازة في المسجد فقمنا خلفه ناحية ولم ندخل

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : قصعة ، وفى الاصل بالحاء المهملة وهو غلط .

( 2 ) أى : قهرها . ( * )

ـ304ـ

مع الناس في صلاتهم حتى نلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبايعه ثم انصرف

رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر الينا فدعا بنا فقال من أنتم فقلنا من بنى سعد

هذيم فقال أمسلمون أنتم قلنا نعم قال فهلا صليتم على أخيكم قلنا يا رسول الله ظننا

أن ذلك لا يجوز لنا حتى نبايعك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أينما أسلمتم

فأنتم مسلمون قال فأسلمنا وبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيدينا على الاسلام

ثم انصرفنا إلى رحالنا وقد كنا خلفنا عليها أصغرنا فبعث رسول الله صلى الله

عليه وسلم في طلبنا فأتى بنا اليه فتقدم صاحبنا فبايعه على الاسلام فقلنا يا رسول

الله إنه أصغرنا وإنه خادمنا فقال أصغر القوم خادمهم بارك الله عليه قال فكان

والله خيرنا وأقرأنا للقرآن لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له ثم أمره رسول

الله صلى الله عليه وسلم علينا فكان يؤمنا . ولما أردنا الانصراف أمر بلالا

فأجازنا بأواقى من فضة لكل رجل منا فرجعنا إلى قومنا فرزقهم الله الاسلام .

ـ305ـ

ـ وفد بنى فزارة ـ

قال أبوالربيع بن سالم في كتابه المسمى بالاكتفاء في مغازى رسول الله

صلى الله عليه وسلم ومغازى الثلاثة الخلفاء : ولما رجع رسول الله صلى الله عليه

وسلم من تبوك قدم عليه وفد بنى فزارة بضعة عشر رجلا فيهم خارجة بن حصن

والحر بن قيس بن حصن ابن أخى عيينة بن حصن وهو أصغر هم فنزلوا في دار بنت

الحارث وجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرين بالاسلام وهو مسنتون ( 1 ) على ركاب عجاف ( 2 )

فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بلادهم فقال أحدهم يا رسول الله أسنتت بلادنا

وهلكت مواشينا وأجدب جنابنا وغرث ( 3 ) عيالنا فادع لنا ربك يغثنا واشفع لنا

إلى ربك وليشفع لنا ربك اليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله

ويلك هذا أنا أشفع إلى ربى عزوجل فمن ذا الذى يشفع ربنا اليه لا إله إلا هو

العلى العظيم وسع كرسيه السموات والارض فهى تئط من عظمته وجلاله كما

يئط الرحل الجديد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عزوجل ليضحك من شفقكم

وأزلكم ( 4 ) وقرب غياثكم فقال الاعرابى يا رسول الله ويضحك ربنا عزوجل قال

* ( هامش ) * ( 1 ) أى أجدبوا وقحطوا .

( 2 ) أى هزيلة .

( 3 ) أى جاع .

( 4 ) الازل الضيق . ( * )

ـ306ـ

نعم قال الاعرابى لن يعدمك من رب يضحك خير فضحك النبى صلى الله عليه

وسلم من قوله وصعد المنبر فتكم بكلمات وكان لا يرفع يديه في شئ من الدعاء

إلا رفع الاستسقاء ( 1 ) فرفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه وكان مما حفظ من دعائه :

اللهم اسق بلادك وبهائمك وانشر رحمتك واحى بلدك الميت اللهم اسقنا غيثا

مريحا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار اللهم اسقنا رحمة ولا

تسقنا عذابا ولا هدما ولا غرقا ولا محقا اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الاعداء

فقال أبولبابة بن عبدالمنذر الانصارى فقال يا رسول الله التمر في المرابد فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم الله اللهم اسقنا حتى يقوم أبولبابة عريانا يسد ثعلب ( 2 ) مربده بازاره

قالوا لا والله ما في السماء سحاب ولا قزعة ( 3 ) وما بين المسجد وبين سلع من شجر

ولا دار فطلت من وراء سلع سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت

ثم أمطرت فوالله ما رأينا الشمس سبتا وقام أبولبابة عريانا يسد ثعلب مربده

بازاره لئلا يخرج التمر منه فجاء ذلك الرجل أو غيره فقال يا رسول الله هلكت

الاموال وانقطعت السبل فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فدعا ورفع يديه مداحتى رؤى

بياض إبطيه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب ( 4 ) وبطون

الاودية ومنابت الشجر قال فانجابت السحابة السحاب عن المدينة انجياب الثوب .

* ( هامش ) * ( 1 ) نفى لرفع خاص وهو الرفع بظهر الكفين كما في مسلم وأبى داود ، وأما

في سائر الدعاء فقد كان يرفع بطونهما .

( 2 ) مخرج ماء المطر من جرين التمر .

( 3 ) قطعة غيم .

( 4 ) أى الروابى الصغار . ( * )

ـ307ـ

ـ وفد بنى اسد ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى أسد عشرة رهط فيهم وابصة

ابن معبد وطليحة بن خويلد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد

مع أصحابه فسلموا وتكلموا فقال متكلمهم يا رسول الله إنا شهدنا أن الله وحده

لا شريك له وأنك عبده ورسوله وجئناك يا رسول الله ولم تبعث الينا بعثا ونحن

لمن ورائنا . قال محمد بن كعب القرظى فأنزل الله على رسول عليه السلام ( يمنون

عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان

إن كنتم صادقين ) . وكان مما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه يومئذ

العيافة ( 1 ) والكهانة وضرب الحصى فنهاهم عن ذلك كله فقالوا يا رسول الله إن هذه

أمور كنا نفعلها في الجاهلية قال رأيت خصلة بقيت قال وماهى قالوا الخط ( 2 ) قال

عامه نبى من الانبياء فمن صادف مثل علمه علم .

* ( هامش ) * ( 1 ) العيافة معرفة الامور بالتقفى . والكهانة المعرفة بخبر الجن .

( 2 ) علم الرمل . ( * )

ـ308ـ

ـ وفد بهراء ـ

وذكر الواقدى عن كريمة بنت المقداد قالت سمعت أمى ضباعة بنت الزبير

بن ع بدالمطلب تقول قدم وفد بهراء من اليمن وهم ثلاثة عشر رجلا فأقبلوا يقودون

رواحلهم حتى انتهوا إلى باب المقداد ونحن في منازلنا ببنى حديلة فخرج اليهم المقداد

؟ ؟ ؟ بهم وأنزلهم وجاءهم بجفنة من حيس ( 1 ) كناقد هيأناها قبل أن يحلوا لنجلس

عليها فحملها أبومعبد المقداد وكان كريما على الطعام فأكلوا منها حتى نهلوا

وردت الينا القصعة وفيها أكل فجمعنا تلك الاكل في قصعة صغيرة ثم بعثنا بها

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سدرة مولاتى فوجدته في بيت أم سلمة فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم ضباعة أرسلت بهذا قالت سدرة نعم يا رسول الله قال ضعى ثم

قال ما فعل ضيف أبى معبد قلت عندنا فأصاب منها رسول الله صلى الله عليه وسلم

أكلا هو ومن معه في البيت حتى نهلوا وأكلت معهم سدرة ثم قال اذهبى بما بقى

إلى ضيفكم قالت سدرة فرجعت بما بقى في القصعة إلى مولاتى قالت فأكل منها

الضيف ما أقاموا نرددها عليهم وما تغيض حتى جعل الضيف يقولون يا أبا معبد

إنك لتنهلنا من أحب الطعام الينا وما كنا نقدر على مثل هذا إلا في الحين وقد

ذكر لنا أن بلادكم قليلة الطعام إنما هو العلق ( 2 ) أو نحوه ونحن عندك في الشبع فأخبرهم

أبومعبد بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أكل منها أكلا وردها فهذه بركة أصابع رسول

الله صلى الله عليه وسلم فجعل القوم يقولون نشهد أنه رسول الله وازدادوا يقينا

وذلك الذى أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعلموا الفرائض وأقاموا أياما ثم جاؤوا رسول

الله صلى الله عليه وسلم فودعوه وأمر لهم بجوائزهم ثم انصرفوا إلى أهليهم .

* ( هامش ) * ( 1 ) هو الطعام المتخذ من التمر والاقط والسمن

( 2 ) جمع علقة وهى ما يتبلغ به من العيش ( * )

ـ309ـ

ـ وفد بنى عذرة ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى عذرة في صفر سنة تسع اثنا

عشر رجلا فيهم جمرة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من

القوم فقال متكلهم من لا تنكر نحن بنو عذرة إخوة قصى لامه نحن الذين

عضدوا قصيا وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ولنا قرابات وأرحام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبا بكم وأهلا ما أعرفنى بكم فأسلموا وبشرهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح الشام وهرب هرقل إلى ممتنع بلاده ونهاهم عن سؤال الكاهنة

وعن الذبائح التى كانوا يذبحونها وأخبرهم أن ليس عليهم إلا الاضحية فأقاموا أياما

بدار رملة ثم انصرفوا وقد أجيزوا .

ـ310ـ

ـ وفد بلى ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بلى في ربيع الاول سنة تسع فأنزلهم

رويفع بن ثابت البلوى عنده وقدم بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له هؤلاء

قومى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبا بك وبقومك فأسلموا فقال لهم

رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذى هدا كم للاسلام فكل من مات منكم

غلى غير الاسلام فهو في النار . وقال له أ بوالضبيب شيخ الوفد يا رسول الله إن لى

رغبة في الضيافة فهل لى في ذلك أجر قال نعم وكل معروف صنعته إلى غنى أو

فقير فهو صدقة قال يا رسول الله ما وقت الضيافة . قال ثلاثة أيام فما كان بعد

ذلك فهو صدقة . ولا يحل للضيف أن يقيم عندك فيحرجك قال يا رسول الله أرأيت

الضالة من الغنم أجدها في الفلاة من الارض قال لك أو لاخيك أو للذئب قال

فالبعير قال مالك وله دعه حتى يجده صاحبه ، قال رويفع ثم قاموا فرجعوا إلى

منزلى فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى منزلى يحمل تمرا فقال استعن بهذا

التمر فكانوا يأكلون ومن غيره فأقاموا ثلاثا ثم ودعوا رسول الله صلى الله عليه

وسلم وأجازهم ورجعوا إلى بلادهم .

ـ311ـ

ـ وفد بنى مرة ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 311 سطر 1 الى ص 320 سطر 19

ـ وفد بنى مرة ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى مرة ثلاثة عشر رجلا رأسهم

الحارث بن عوف فقال يا رسول الله إنا قومك وعشيرتك نحن قوم من بنى لؤى بن

غالب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للحارث أين تركت أهلك قال

بسلاح وما والاها قال فكيف البلاد قال والله إنا لمسنتون وما في المال مخ فادع

الله لنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اسقهم الغيث فأقاموا أياما ثم أرادوا الانصراف

إلى بلادهم فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مودعين له فأمر بلالا أن يجيزهم

فأجازهم بعشر أواقى عشر أواقى فضة وفضل الحارث بن عوف أعطاه اثنتى عشرة

أوقية ورجعوا إلى بلادهم فوجدوا البلاد مطيرة فسألوا متى مطرتم فاذا هو ذلك

اليوم الذى دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وأخصبت بعد ذلك بلادهم .

ـ وفد خولان ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان سنة عشر وفد خولان

وهم عشرة فقالوا يا رسول الله نحن على من وراءنا من قومنا ونحن مؤمنون بالله عز

وجل مصدقون برسوله قدضر بنا اليك آباط الابل وركبنا حزون ( 1 ) الارض وسهولها

* ( هامش ) * ( 1 ) الامكنة الوعرة . ( * )

ـ312ـ

والمنة لله ولرسوله علينا وقدمنا زائرين لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما ذكرتم

من مسيركم إلى فان لكم بكل خطوة خطاها بعير أحدكم حسنة وأما قولكم زائرين

لك فانه من زارنى بالمدينة كان في جوارى يوم القيامة قالوا يا رسول الله هذا السفر

الذى لاتوى ( 1 ) عليه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل عم أنس وهو صنم خولان الذى

كانوا يعبدونه قالوا بشر بدلنا الله ما جئت به وقد بقيت منا بعد بقايا من شيخ

كبير وعجوز كبيرة متمسكون به ولو قد قدمنا عليه هدمناه إن شاء الله فقد كنا

منه في غرور وفتنة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أعظم ما رأيتم من

فتنته قالوا لقد رأيتنا وأسنتنا حتى أكلنا الرمة فجمعنا ما قدرنا عليه وابتعنا مائة

ثور ونحرناها لعم أنس قربانا في غداة واحدة وتركناها تردها السباع ونحن أحوج

اليها من السباع فجاءنا الغيث من ساعتنا ولقد رأينا العشب يوارى الرجال ويقول

قائلنا أنعم علينا عم أنس . وذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يقتسمون لصنمهم

هذا من أنعامهم وحروثهم وأنهم كانوا يجعلون من ذلك جزءا له وجزءالله بزعمهم

قالوا كنا نزرع الزرع فنجعل له وسطه فنسميه له أو نسمى زرعا آخر حجرة لله

فاذا مالت الريح فالذى سميناه لله جعلناه لعم أنس واذا مالت الريح فالذى جعلناه

لعم أنس لم نعجله لله . فذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عزوجل

أنزل عليه في ذلك ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا . الآية ) قالوا وكنا

نتحاكم اليه فنكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الشياطين تكلمكم . وسألوه عن فرائض

الدين فأخبرهم وأمرهم بالعهد وأداء الامانة وحسن الجوار لمن جاوروا وأن

لا يظلموا أحدا قال فان الظلم ظلمات يوم القيامة . ثم ودعوه بعد أيام وأجازهم ورجعوا

إلى قومهم فلم يحلوا عقدة حتى هدموا عم أنس . الحجرة الناحية .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : لاضياع ولا خسارة وهو من التوى الهلاك .

ـ313ـ

ـ وفد بنى محارب ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى محارب عام حجة الوداع وهم كانوا أغلظ

العرب وأفظه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المواسم أيام عرضه نفسه

على القبائل يدعوهم إلى الله فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عشرة نائبين

عن من وراءهم من قومهم فأسلموا وكان بلال يأتيهم بغداء وعشاء إلى أن جلسوا

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الظهر إلى العصر فعرف رجلا منهم فأمده

النظر فلما رآه المحاربى يديم النظر اليه قال كأنك يا رسول الله توهمنى قال لقد رأيتك

فقال المحاربى أى والله لقد رأيتنى وكلمتنى بأقبخ الكلام ورددتك بأقبح

الرد بعكاظ وأنت تطوف على الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ثم قال

المحاربى يا رسول الله ما كان في أصحابى أشد عليك يومئذ ولا أبعد عن الاسلام منى

فاحمد الله الذى أبقانى حتى صدقت بك ولقد مات أولئك النفر الذين كانوا معى

على دينهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه القلوب بيد اله عزوجل

فقال المحاربى يا رسول الله استغفر لى من مراجعتى إياك فقال رسول الله صلى الله

عليه وسلم إن الاسلام يجب ما كان قبله من الكفر ثم انصرفوا إلى أهليهم . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ314ـ

ـ وفد صداء ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد صداء في سنة ثمان وذلك أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الجعرانة بعث بعوثا إلى اليمن وهيأ بعثا

استعمل عليهم قيس بن سعد بن عبادة وعقد له لواء أبيض ودفع اليه راية سوداء

وعسكر بناحية قناة في أربعمائة من المسلمين وأمره أن يطأ ناحية من اليمن كان فيها

صداء فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل منهم وعلم بالجيش فأتى رسول الله صلى

الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جئتك وافدا على من ورائى فاردد الجيش وأنالك

بقومى فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن سعد من صدور قناة وخرج الصدائى إلى

قومه فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر رجلا منهم فقال سعد

ابن عبادة يا رسول الله دعهم ينزلوا على فنزلوا عليه فحباهم وأكرمهم وكساهم

ثم راح بهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الاسلام وقالوا نحن لك على

من وراءنا من قومنا فرجعوا إلى قومهم ففشا فيهم الاسلام فوافى رسول الله صلى

الله عليه وسلم منهم مائة رجل في حجة الوداع . ذكر هذا الواقدى عن بعض بنى

المصطلق . وذكر من حديث زياد بن الحارث الصدائى أنه الذى قدم على رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقال له اردد الجيش وأنا لك بقومى فردهم قال وقدم وفد قومى عليه

ـ315ـ

فقال لى يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك قال قلت بلى من الله عزوجل ومن

رسوله . وكان زياد هذا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال

فاعتشى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أى سار ليلا - واعتشينا معه وكنت رجلا .

قويا قال فجعل أصحابه يتفرقون عنه ولزمت غرزه ( 1 ) فلما كان في السحر قال أذن

يا أخا صداء فأذنت على راحلتى ثم سرنا حتى نزلنا فذهب لحاجته ثم رجعل فقال

يا أخا صداء هل معك ماء قلت معى شئ في إداوتى ( 2 ) قال هاته فجئت به فقال صب

فصببت ما في الاداوة في القعب وجعل أصحابه يتلاحقون ثم وضع كفه على الاناء

فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور ثم قال يا أخا صداء لولا أنى أستحبى

من ربى عزوجل لسقينا واستقينا ثم توضأ وقال أذن في أصحابى من كانت له

حاجة بالوضوء فليرد قال فوردوا من آخر هم ثم جاء بلال يقيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم فأقمت ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

فصلى بنا وكنت سألته قبل أن يؤمرنى على قومى ويكتب إلى بذلك كتابا ففعل

فلما سلم - يريد من صلاته - قام رجل يتشكى من عامله فقال يا رسول الله انه أخذنا

بذحول ( 3 ) كانت بيننا وبينه في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاخير في الامارة

لرجل مسلم ثم قام رجل فقال يا رسول الله اعطنى من الصدقة فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم إن الله لم يكل قسمها إلى ملك مقرب ولا نبى مرسل حتى جزأها

على ثمانية أجزاء فان كنت جزءا منها أعطيتك وإن كنت غنيا عنها فانما هو

صداع في الرأس وداء في البطن فقلت في نفسى ها تان خصلتان حين سألت الامارة

وأنا رجل مسلم وسألته من الصدقة وأنا غنى عنها فقلت يا رسول الله هذان كتاباك

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : ركابه .

( 2 ) الاداوة بالكسر إناء صغير من جلد .

( 3 ) أى عداوات وضفائن . ( * )

ـ316ـ

فاقبلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت إنى سمعتك تقول لاخير في الامارة لرجل مسلم

وأنا مسلم وسمعتك تقول من سأل من الصدقة وهو عنها غنى فانما هو صداع في

الرأس وداء في البطن وأنا غنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن الذى .

قلت كما قلت فقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال دلنى على رجل من

قومك أستعمله فدللته على رجل منهم فاستعمله قلت يا رسول الله إن لنا بئرا إذا

كان الشتاء كفانا ماؤها وإذا كان الصيف قال علينا فتفرقنا على المياه والاسلام

اليوم فينا قليل ونحن نخاف فادع الله عزوجل لنا في بئرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

ناولنى سبع حصيات فناولته فعر كهن بيده ثم دفعهن إلى وقال اذا انتهيت اليها

فألق فيها حصاة حصاة وسم الله قال ففعلت فما أدركنا لها قعرا حتى الساعة .

ـ وفد غسان ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد غسان في شهر رمضان سنة عشر

ثلاثة نفر فأسلموا وقالوا لاندرى أيتبعنا قومنا أم لا وهم يحبون بقاء ملكهم وقرب

قيصر فأجازهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوائز وانصرفوا راجعين فقدموا على قومهم فلم

يستجيبوا لهم وكتموا إسلامهم حتى مات منهم رجلان على الاسلام وأدرك الثالث

منهم عمر بن الخطاب عام اليرموك فلقى أبا عبيدة فخبره باسلامه فكان يكرمه .

ـ317ـ

ـ وفد سلامان ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد سلامان سبعة نفر فيهم حبيب بن

عمرو السلامى فأسلموا وقال حبيب فقلت أى رسول الله ما أفضل الاعمال قال

الصلاة في وقتها ثم ذكر حديثا طويلا وصلوا معه يومئذ الظهر والعصر قال فكانت

صلاة العصر أخف في القيام من الظهر ثم شكوا له جدب بلادهم فقال رسول الله

صلى الله عليه وسلم بيده اللهم اسقهم الغيث في دارهم فقلت يا رسول الله ارفع يديك

فانه أكثر وأطيب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه

ثم قام وقمنا عنه فأقمنا ثلاثا وضيافته تجرى علينا ثم ودعناه وأمر لنا بجوائز فأعطينا

خمس أواقى لكل رجل منا واعتذر الينا بلال وقال ليس عندنا اليوم مال فقلت

ما أكثر هذا وأطيبه ثم رحلنا إلى بلادنا فوجدناها قد مطرت في اليوم الذى دعا

فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الساعة . قال الواقدى وكان مقدمهم

في شوال سنة عشر .

ـ318ـ

ـ وفد بنى عبس ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بنى عبس فقالوا يا رسول الله قدم علينا قراؤنا

فأخبرونا أنه لا إسلام لمن لاهجرة له ولنا أموال ومواش وهى معايشنا فان كان

لا إسلام لمن لاهجرة له فلا خير في أموالنا بعناها وهاجرنا من آخرنا فقال رسول

الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الله حيث كنتم فلن يلتكم ( 1 ) من أعمالكم شيئا

وسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد بن سنان هل له عقب فأخبروه أنه لا عقب له

كانت له ابنة فانقرضت وأنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه عن

خالد بن سنان فقال نبى ضيعه قومه .

* ( هامش ) * ( 1 ) ينقصكم . ( * )

ـ319ـ

ـ وفد غامد ـ

قال الواقدى وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غامد سنة عشر

وهم عشرة فنزلوا في بقيع الغرقد وهو يومئذ أثل وطرفاء ( 1 ) ثم انطلقوا إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم وخلفوا عند رحلهم أحدثهم سنا فنام عنه وأتى سارق وسرق عيبة ( 2 ) لاحدهم

فيها أثواب له . وانتهى القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه وأقروا

له بالاسلام وكتب لهم كتابا فيه شرائع من شرائع الاسلام وقال لهم من خلفتم

في رحالكم قالوا أحدثنا يا رسول الله قال فانه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت

فأخذ عيبة أحدكم فقال أحد القوم يا رسول الله ما لاحد من القوم عيبة غيرى فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذت وردت إلى موضعها فخرج القوم سراعا

حتى أتوا رحلهم فوجدوا صاحبهم فسألوه عما خبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فزعت

من نومى ففقدت العيبة فقمت في طلبها فاذا رجل قد كان قاعدا فلما رآنى ثار

يعدومنى فانتهيت إلى حيث انتهى فاذا أثر حفر وإذا هو قد غيب العيبة

ف استخرجتها فقالوا نشهد أنه رسول الله فانه قد أخبرنا بأخذها وأنها قدردت

فرجعوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبروه وجاء الغلام الذى خلفوه فأسلم . وأمر

النبى صلى الله عليه وسلم أبى بن كعب فعلمهم قرآنا وأجازهم صلى الله عليه وسلم

كما كان يجيز الوفود وانصرفوا .

* ( هامش ) * ( 1 ) نوعان من الشجر متشابهان .

( 2 ) العيبة مستودع الثياب . ( * )

ـ320ـ

ـ وفد النخع ـ

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد النخع وهم آخر وفد . قدموا للنصف من المحرم

سنة إحدى عشرة في مائتى رجل فنزلوا دار الاضياف ثم جاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم

مقرين بالاسلام وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل فقال رجل منهم يقال له زرارة بن

عمرو يا رسول الله إنى رأيت في سفرى هذا عجبا قال وما رأيت قال رأيت أتانا

تركتها في الحى كأنها ولدت جديا أسفع أحوى ( 1 ) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل

تركت أمة لك مصرة على حمل قال نعم قال فانها قد ولدت غلاما وهو ابنك

قال يا رسول الله فما باله أسفع أحوى قال ادنى منى فدنا منه فقال هل بك من برص

تكتمه قال والذى بعثك بالحق ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك . قال فهو ذلك

قال يا رسول الله ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان ( 2 ) قال

ذلك ملك العرب رجع إلى أحسن زيه وبهجته . قال يا رسول الله ورأيت عجوزا

شمطاء خرجت من الارض قال تلك بقية الدنيا قال ورأيت نارا خرجت من الارض

فحالت بينى وبين أبن لى يقال له عمرو وهى تقول لظى لظى بصير وأعمى أطعمونى

أكا ؟ ؟ ؟ أهلكم ومالكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فتنة تكون في آخر الزمان

قال يا رسول الله وما الفتنة قال يقال الناس إمامهم ويشتجرون اشتجار أطباق

الرأس - وخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه - يحسب المسئ فيها أنه

* ( هامش ) * ( 1 ) أسفع أى أسود مشربا حمرة . والاحوى الذى سواده ليس بخالص .

( 2 ) القرط الذى يعلق في شحمة الاذن . والدملج المعضد من الحلى . والمسكة السوار .

ـ321ـ

محسن ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء وإن مات ابنك

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 321 سطر 1 الى ص 330 سطر 9

محسن ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء وإن مات ابنك

أدركت الفتنة وإن مت أنت أدركها ابنك قال يا رسول الله ادع الله أن لا أدركها

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم لا يدركها فمات وبقى ابنه وكان ممن خلع

عثمان . والمسك مفتوح الميم والسين المهملة الذبل والمسك الاسورة والخلاخل من

الذبل والقرون والعاج واحدته مسكة . قاله ابن سيده .

ـ ذكر بعثه صلى الله عليه وسلم إلى الملوك ـ

يدعوهم إلى الاسلام

بعث دحية الكلبى إلى قيصر ملك الروم . وعبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى

ملك فارس . وعمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى ملك الحبشة . وحاطب بن أبى

بلتعة إلى المقوقس صاحب الاسكندرية . وعمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابنى

الجلندى ملكى عمان ، وسليط بن عمرو العامرى إلى ثمامة بن أثال وهوذة بن على

الحنفيين ملكى اليمامة ، والعلاء بن الحضرمى إلى المنذر بن ساوى العبدى ملك

البحرين . وشجاع بن وهب الاسدى إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ملك تخوم

الشام ويقال بعثه إلى جبلة بن الايهم الغسانى ، و المهاجرين أبى أمية المخزومى إلى

الحارث بن عبد كلال الحميرى ملك اليمن .

ـ323ـ

ـ ذكر كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى قيصر ـ

وما كان من خبر دحية معه

ذكر الواقدى من حديث ابن عباس ومن حديثه خرج في الصحيحين أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الاسلام وبعث بكتابه مع دحية

الكلبى وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر فدفعه عظيم بصرى

إلى قيصر وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء

شكرا لله عزوجل فيما أبلاه من ذلك فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال التمسوا لنا هاهنا من قومه أحدا نسألهم عنه . قال ابن عباس فأخبرنى

أبوسفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجارا وذلك في

الهدنة التى كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش قال فأتانا

رسول قيصر فانطلق بنا حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه فاذا هو جالس في مجلس

ملكه عليه التاج وحوله عظماء الروم فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب نسبا بهذا

الذى يزعم أنه نبى قال أبوسفيان فقلت أنا أقربهم نسبا وليس في الركب يومئذ

رجل من بنى عبد مناف غيرى قال قيصر ادنوه منى ثم أمر بأصحابى فجعلوا خلف

ظهرى ثم قال لترجمانه قل لاصحابه إنما قدمت هذا أمامكم لاسأله عن هذا الرجل

الذى يزعم أنه نبى وإنما جعلتكم خلف كتفيه لتردوا عليه كذبا إن قاله . قال أبو

سفيان فوالله لولا الحياء يومئذ أن يأثروا على كذبا لكذبت عليه ولكنى

ـ324ـ

استحييت فصدقت وأنا كاره ثم قال لترجمانه قل له كيف نسب هذا الرجل فيكم

قلت هو فينا ذو نسب قال قل له هل قال هذا القول أحد منكم قبله قلت لا قال

فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال هل كان من آبائه

ملك قلت لا قال فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال فهل

يزيدون أو ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد

أن يدخل فيه قلت لا قال فهل يغدر قلت لا ونحن الآن منه في مدة لاندرى ما هو

فاعل فيها قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف حربكم وحربه قلت دول

وسجال ندال عليه مرة ويدال علينا أخرى قال يأمركم به قلت يأمرنا أن نعبد

الله وحده لا نشرك به شيئا وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ويأمرنا بالصلاة والصدق

والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الامانة فقال لترجمانه قل له إنى سألتك عن نسبه

فزعمت أنه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها وسألتك هل قال

هذا القول منكم أحد قبله فزعمت أن لا فلو كان أحد منكم قال هذا القول قبله

لقلت رجل يأتم بقول قيل قبله وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن

يقول ما قال فزعمت أن لا فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس

ويكذب على الله وسألتك هل كان من آبائه ملك قلت لا فقلت لو كان من

آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم

فقلت ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل وسألتك هل يزيدون أو ينقصون فزعمت أنهم

يزيدون وكذلك الايمان حتى يتم وسألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن

يدخل فيه فزعمت أن لا وكذلك الايمان حين يخالط بشاشة القلوب لا يسخطه

أحد وسألتك هل قاتلتموه فقلت نعيم وأن حربكم وحربه دول وسجال يدال

عليكم مرة وتدالون عليه أخرى وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة وسألتك

ـ325ـ

ماذا يأمركم به فزعمت أن يأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء

الامانة وهو نبى وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أظن أنه فيكم وإن كان

ما أتانى عنه حقا فيوشك أن يملك موضع قدمى هاتين ولو أعلم أنى أخلص اليه

لتجشمت لقيه ولو كانت عنده لغسلت قدميه . قال أبوسفيان ثم دعا بكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ فاذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله إلى

هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بدعاية الاسلام

أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم اليريسيين

ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك

به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا

مسلمون . قال أبوسفيان فلام قضى مقالته وفرغ من الكتاب علت أصوات الذين

حوله وكثر لغطهم فلا أدرى ما قالوا وأمربنا فأخرجنا فلما خرجت أنا وأصحابى

وخلصنا قلت لهم قد أمر أمر ابن أبى كبشة هذا ملك بنى الاصفر يخافه قال فوالله

مازلت ذليلا مستيقنا أن أمره سيظهر حتى أدخل الله على الاسلام . ويروى في

خبر أبى سفيان أنه قال لقيصر لما سأله عن النبى صلى الله عليه وسلم أيها الملك ألا أخبرك عنه

خبرا نعرفه به أنه قد كذب قال وما هو قلت أنه زعم لنا أنه خرج من أرضنا

أرض الحرم في ليلة فجاء مسجد كم هذا مسجد إيلياء ( 1 ) ورجع الينا في تلك الليلة قبل

الصباح قال وبطريق إيلياء عند رأس قيصر فقال صدق قال وما علمك بهذا قال

إنى كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت

الابواب كلها غير باب واحد غلبنى فاستعنت عليه عمالى ومن يحضرنى فلم

نستطع أن نحركه كأنما نزاول جبلا فدعوت النجارين فنظروا اليه فقالوا هذا باب

* ( هامش ) * ( 1 ) أى بيت المقدس . ( * )

ـ326ـ

سقط عليه التحاف والبنيان فلا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من أين أتى

فرجعت وتركت البايين مفتوحتين فلما أصبحت غدوت عليهما فاذا الحجر الذى

في زاوية المسجد منقوب وإذا فيه أثر مربط الدابة فقلت لاصحابى ما حبس هذا

الباب الليلة إلا على نبى وقد صلى الليلة في مسجد هذا فقال قيصر لقومه يامعشر

الروم ألستم تعلمون أن بين عيسى وبين الساعة نبيا بشركم به عيسى بن مريم

ترجون أن يجعله الله فيكم قالوا بلى قال فان الله قد جعله في غيركم في أقل منكم

عددا وأضيق منكم بلدا وهى رحمة الله عزوجل يضعها حيث يشاء . اليريسيون

دهاقين القرى وكانوا إذ ذاك مجوسا .

ـ327ـ

ـ ذكر توجه عبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى ـ

بكتاب النبى صلى الله عليه وسلم

ذكر الواقدى من حديث الشفاء بنت عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم بعث عبدالله بن حذافة السهمى منصرفه من الحديبية إلى كسرى وبعث

معه كتابا مختوما فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم

فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده

لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أدعوك بداعية الله فانى أنا رسول الله إلى

الناس كافة لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فان أبيت

فعليك إثم المجوس . قال عبدالله بن حذافة فانتهيت به إلى بابه فطلبت الاذن

عليه حتى وصلت اليه فدفعت اليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ عليه فأخذه

ومزقه فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مزق ملكه . وذكر أيضا

من حديث أبى هريرة وغيره أن كسرى بينا هو في بيت كان يخلو فيه إذا رجل

قد خرج اليه وفى يده عصا فقال يا كسرى إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه

كتابا فأسلم تسلم واتبعه يبق لك ملكك قال كسرى أخر هذا عنى آثرا ما فدعا

حجابه وبوابيه فتواعدهم وقال من هذا الذى دخل على قالوا والله ما دخل عليك

ـ328ـ

أحد وما ضيعنا لك بابا ، ومكث حتى كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك

وقال الا تسلم أكسر العصا قال لا تفعل أخر ذلك آثرا ما ثم جاء العام المقبل

ففعل مثل ذلك وضرب بالعصا على رأسه فكسرها وخرج من عنده ويقال إن

ابنه قتله في تلك الليلة وأعلم الله بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم لحدثان كونه

فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك رسل باذان اليه وكان باذان عامل كسرى

على اليمن فلما بلغه ظهور النبى صلى الله عليه وسلم ودعاءه إلى الله كتب إلى باذان أن ابعث

 

إلى هذا الرجل الذى خالف دين قومه فمره فليرجع إلى دين قومه فان أبى فابعث

إلى برأ ؟ ؟ ؟ - ويروى وإلا فليوا عدك يوما تقتتلون فيه . فلما ورد كتابه إلى باذان

بعث بكتابه مع رجلين من عنده فلما قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم

أنزلهما وأمرهما بالمقام فأقاما أياما ثم أرسل اليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة فقال

انطلقا إلى باذن فأعلماه أن ربى عزوجل قد قتل كسرى في هذه الليلة فانطلقا حتى

قدما على باذان فأخبراه بذلك فقال إن يكن الامر كما قال فوالله إن الرجل لنبى

وسيأتى الخبر بذلك إلى يوم كذا فأتاه الخبر بذلك فبعث باذان باسلامه وإسلام

من معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويقال إن الخبر أتاه بمقتل كسرى

وهو مريض فاجتمعت اليه أساورته ( 1 ) فقالوا من تؤمر علينا فقال لهم ملك مقبل

وملك مدبر فاتبعوا هذا الرجل وادخلوا في دينه واسلموا . ومات باذان فبعث

رؤوسهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدهم يعرفونه باسلامهم .

* ( هامش ) * ( 1 ) الاساورة للفرس جمع اسوار وهم الفرسان . ( * )

ـ329ـ

ـ ذكر إسلام النجاشى ـ

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه مع عمرو بن أمية الضمرى

ذكر ابن اسحق أن عمرا قال له يا أصحمة إن على القول وعليك الاستماع إنك

كأنك في الرقة علينا منا وكأنا في الثقة بك منك لانا لم نظن بك خيرا قط إلا نلناه

ولم تخفك على شئ قط إلا أمناه وقد أخذنا الحجة عليك من فيك الاتجيل بيننا

وبينك شاهد لايرد وقاض لا يجور وفى ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل وإلا فأنت

في هذا النبى الامى كاليهود في عيسى بن مريم وقد فرق النبى صلى الله عليه وسلم

رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف وأجر

ينتظر فقال النجاشى أشهد بالله انه للنبى الذى تنتظره أهل الكتاب وأن بشارة

موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل وأن العيان ليس بأشفى من

الخبر . وذكر الواقدى أن ذلك الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول

الله إلى النجاشى ملك الحبشة سلم أنت فانى أحمد اليك الله الذى لا إله إلا هو

الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته

ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقة من روحه ونفخه

كما خلق آدم بيده وإنى أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته

وأن تتبعنى وتؤمن بالذى جاءنى فانى رسول الله وإنى أدعوك وجنودك إلى الله

عزوجل وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتى والسلام على من اتبع الهدى .

ـ330ـ

فكتب اليه النجاشى : بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشى

أصحمة سلام عليك يا نبى الله من الله ورحمة الله وبركاته والله الذى لا إله إلا هو

أما بعد فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فو رب السماء

والارض إن عيسى بن مريم لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما ذكرت . وقد

عرفنا ما بعثت به الينا وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا

مصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين . الثفروق

علاقة ما بين النواة والقمع . وتوفى النجاشى سنة تسع بالحبشة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

يموته يومه وخرج بالناس إلى المصلى فصلى عليه والناس خلفه صفوف وكبر عليه اربعا

ـ331ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ـ

 

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 331 سطر 1 الى ص 340 سطر 20

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ـ

مع حاطب بن أبى بلتعة

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله االى المقوقس عظيم القبط سلام

على من اتبع الهدى أما بعد فانى أدعوك بداعية الاسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك

الله أجرك مرتين فان توليت فان عليك إثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى

كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا

بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون . وختم الكتاب

فخرج به حاطب حتى قدم عليه الاسكندرية فانتهى إلى حاجبه فلم يلبثه أن

أوصل اليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال حاطب للمقوقس لما لقيه

إنه قد كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الاعلى فأخذه الله نكال الآخرة والاولى

فانتقم به ثم انتقم منه واعتبر بغيرك ولا يعتبر بك . قال هات قال إن لنا دينا

لن ندعه إلا لما هو خير منه وهو الاسلام الكافى به الله فقد ما سواه إن هذا النبى

صلى الله عليه وسلم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم منه

النصارى ولعمرى ما بشارة موسى بعيسى بن مريم إلا كبشارة عيسى بمحمد

صلى الله عليه وسلم وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل النوراة إلى الانجيل وكل

نبى أدرك قوما فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدرك هذا النبى

ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به فقال المقوقس إنى قد نظرت

ـ332ـ

في أمر هذا النبى فوجدته لا يأمر ؟ ؟ ؟ هود فيه ولا ينهى إلا عن مرغوب عنه ولم أجده

بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة باخراج الخبى

والاخبار بالنجوى وسأنظر . وأخذ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم فجعله في حق من عاج وختم

عليه ودفعه إلى جارية له ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية فكتب إلى النبى صلى

الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبدالله من المقوقس عظيم

القبط سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو اليه وقد

علمت أن نبيا بقى وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت اليك

بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة وأهديت لك بغلة لتركبها والسلام

عليك . ولم يزد على هذا . ولم يسلم الجاريتان مارية وسيرين والبغلة دلدل بقيت إلى

زمن معاوية وكانت شهباء . وذكر الواقدى في هذا الخبر أن المقوقس وصف

لحاطب أشياء من صفة النبى صلى الله عليه وسلم وقال القبط لا يطاوعونى في اتباعه ولا أحب

أن تعلم بمحاورتى إياك وأنا أضمن بملكى أن أفارقه وسيظهر على البلاد وينزل

بساحتنا هذه أصحابه من بعده حتى تظهر على من هاهنا فارجع إلى صاحبك فقد

أمرت له بهدايا وجاريتين أختين وبغلة من مراكبى وألف مثقال ذهبا وعشرين

ثوبا وغير ذلك وأمرت لك بمائة دينار وخمسة أثواب فارحل من عندى ولا تسمع

منك القبط حرفا واحدا فرحلت من عنده وقد كان لى مكرما في الضيافة وقلة اللبث

ببابه ما أقمت عنده إلا خمسة أيام . وإن الوفود وفود العجم ببابه منذشهر وأكثر .

قال حاطب فذكرت قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ضن الخبيث بملكه ولا بقاء

لملكه . قال الدارقطنى اسمه جريج بن ميناء أثبته أبوعمر في الصحابة ثم أمر بأن

يضرب عليه . وقال يغلب على الظن أنه لم يسلم . وكانت شبهته في إثباته إياه في

الصحابة أولا رواية رواها ابن إسحق عن الزهرى عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة

قال : أخبرنى المقوقس أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدحا من قوارير فكان يشرب فيه .

ـ333ـ

ـ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى العبدى ـ

مع العلاء بن الحضرمى بعد انصرافه من الحديبية

ذكر الواقدى باسناد له عن عكرمة قال : وجدت هذا الكتاب في كتب ابن

عباس بعد موته فنسخته فاذا فيه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن

الحضرمى إلى المنذر بن ساوى وكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا يدعوه فيه

إلى الاسلام فكتب المنذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد يا رسول

الله فانى قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الاسلام وأعجبه

ودخل فيه ومنهم من كرهه وبأرضى مجوس ويهود فأحدث إلى في ذلك أمرك

فكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى

المنذر بن ساوى سلام عليك فانى أحمد اليك الله الذى لا إله إلا هو وأشهد أن

لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله . أما بعد فانى أذكرك الله عزوجل فانه من

ينصح فانما ينصح لنفسه فانه من يطع رسلى ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ومن نصح

لهم فقد نصح لى وإن رسلى قد أثنوا عليك خيرا وإنى قد شفعتك في قومك فاترك

للمسلمين ما أسلموا عليه وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم وإنك مهما تصلح

فلن نعزلك عن عملك ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية . أسلم المنذر

هذا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه ومات قبل ردة أهل البحرين . وذكر

ابن قانع أنه وفد على النبى صلى الله عليه وسلم . قال أبوالربيع بن سالم ولا يصح ذلك .

ـ334ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ـ

ابنى الجلندى الازديين ملكى عمان مع عمرو بن العاص

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله إلى جيفر وعبد ابنى الجلندى .

سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فانى أدعو كما بداعية الاسلام أسلما

تسلما فانى رسول الله إلى الناس كافة لانذر من كان حيا ويحق القول على

الكافرين . وإنكما إن أقررتما بالاسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقرا بالاسلام فان

ملككما زائل عنكما وخيل تحل بساحتكما وتظهر نبوتى على ملككما . وكتب

أبى بن كعب وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب . قال عمرو ثم خرجت

حتى انتهيت إلى عمان فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين وأسهلهما

خلقا فقلت إنى رسول رسول الله اليك وإلى أخيك فقال أخى المقدم على بالسن

والملك وأنا أوصلك اليه حتى يقرأ كتابك تم ؟ ؟ ؟ وما تدعو اليه قلت أدعوك

إلى الله وحده لا شريك له وتخلع ما عبد من دونه وتشهد أن محمدا عبده ورسوله

قال يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك فان لنا فيه قدوة فقلت مات

ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ووددت أنه كان أسلم وصدق به وقد كنت أنا على مثل

رأيه حتى هدانى الله للاسلام قال فمتى تبعته قلت قريبا فسألنى أين كان إسلامى

فقلت عند النجاشى وأخبرته أن النجاشى قد أسلم قال فكيف صنع قومه بملكه

قلت أقروه واتبعوه قال والاساقفة والرهبان اتبعوه قلت نعم قال انظر يا عمرو ما تقول

ـ335ـ

إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من كذب قلت ما كذبت وما نستحله

في ديننا . ثم قال ما أرى هر قل علم باسلام النجاشى قلت بلى قال بأى شئ علمت

ذلك قلت كان النجاشى يخرج له خرجا فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم قال لا

والله ولو سألنى درهما واحدا ما أعطيته فبلغ هرقل قوله فقال له يناق أخوه أتدع

عبدك لا يخرج لك خرجا ويدين دينا محدثا قال هر قل رجل رغب في دين

واختاره لنفسه ما أصنع به والله لو لا الضن بملكى لصنعت كما صنع . قال انظر

ما تقول يا عمرو قلت والله صدقتك . قال عبد فأخبرنى ما الذى يأمر به وينهى عنه

قلت يأمر بطاعة الله عزوجل وينهى عن معصيته ويأمر بالبر وصلة الرحم وينهى

عن الظلم والعدوان وعن الزنا وشرب الخمر وعن عبادة الحجر والوثن والصليب فقال

ما أحسن هذا الذى يدعو اليه لو كان أخى يتابعنى لركبنا حتى نؤمن بمحمد

ونصدق به ولكن أخى أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا قلت إنه إن أسلم

ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم فردها

على فقيرهم . قال إن هذا الخلق حسن وما الصدقة فأخبرته بما فرض رسول الله

صلى الله عليه وسلم من الصدقات في الاموال حتى انتهيت إلى الابل فقال يا عمرو تؤخذ من

سوائم مواشينا التى ترعى الشجر وترد المياه قلت نعم فقال والله ما أرى قومى في

بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا . قال فمكثت ببابه أياما وهو يصل

إلى أخيه فيخبره كل خبرى . ثم إنه دعانى يوما فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعى

فقال دعوه فأرسلت فذهبت لاجلس فأبوا أن يدعونى أجلس فنظرت اليه فقال

تكلم بحاجتك فدفعت اليه الكتاب مختوما ففض خاتمه فقرأه حتى انتهى إلى

آخره نم دفعه إلى فقرأه مثل قراءته إلا أنى رأيت أخاه أرق منه . ثم قال ألا

تخبرنى عن قريش كيف صنعت فقلت تبعوه إما راغب في الدين وإما مقهور

ـ336ـ

بالسيف قال ومن معه قلت الناس قد رغبوا في الاسلام واختاروه على غيره وعرفوا

بعقولهم مع هدى الله إياهم أنهم كانوا في ضلال فما أعلم أحدا بقى غيرك في هذه

الحرجة وأنت إن تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل ويبيد خضراءك فأسلم تسلم

ويستعملك على قومك ولا تدخل عليك الخيل والرجال . قال دعنى يومى هذا

وارجع إلى غدا فرجعت إلى أخيه فقال يا عمرو إنى لارجو أن يسلم إن لم يضن

 

بملكه حتى إذا كان الغد أتيت اليه فأبى أن يأذن لى فانصرفت إلى أخيه فأخبرته

أنى لم أصل اليه فأوصلنى اليه فقال إنى فكرت فيما دعوتنى اليه فاذا أنا أضعف

العرب إن ملكت رجلا ما في يدى وهو لا تبلغ خيله هاهنا ، وإن بلغت خيله

ألفت قتالا ليس كقتال من لاقى . قلت وأنا خارج غدا فلما أيقن بمخرجى خلابه

أخوه فقال ما نحن فيما قد ظهر عليه وكل من أرسل اليه قد أجابه فأصبح فأرسل

إلى فأجاب إلى الاسلام هو وأخوه جمعيا وصدقا النبى صلى الله عليه وسلم وخليا بينى وبين الصدقة

وبين الحكم فيما بينهم . وكانا لى عونا على من خالفنى .

ـ337ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن على ـ

الحنفى صاحب اليمامة مع سليط بن عمرو العامرى

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن على سلام على من اتبع

الهدى واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر أسلم تسلم وأجعل لك

ما تحت يديك . فلما قدم عليه سليط بكتاب النبى صلى الله عليه وسلم مخنوما أنزله

وحباه وقرأ عليه الكتاب فرد ردا دون رد وكتب إلى النبى صلى الله عليه وسلم ما أحسن

ما تدعو اليه وأجمله وأنا شاعر قومى وخطيبهم والعرب تهاب مكانى فاجعل إلى

بعض الامر أتبعك . وأجاز سليطا بجائزة وكساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك

على النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره . وقرأ النبى صلى الله عليه وسلم كتابه وقال لو سألنى سبابة ( 1 )

من الارض ما فعلت باد وباد ما في يديه . فلما انصرف النبى صلى الله عليه وسلم

من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة قد مات فقال صلى الله عليه

وسلم أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدى فقال قائل يا رسول الله من

يقتله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وأصحابك فكان كذلك . وفيما ذكر الواقدى

أن أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة فسأله عن النبى صلى الله عليه وسلم

فقال جاءنى كتابه يدعونى إلى الاسلام فلم أجبه قال الاركون لم لا تجيبه فقال

ضننت بدينى وأنا ملك قومى ولئن تبعته لم أملك قال بلى والله لئن اتبعته ليملكنك

وإن الخيرة لك في اتباعه . وإنه للنبى العربى الذى بشر به عيسى بن مريم وإنه

لمكتوب عندنا في الانجيل محمد رسول الله . وذكر باقى الخبر .

* ( هامش ) * ( 1 ) السبابة : البلحة . ( * )

ـ338ـ

ـ كتاب النبى صلى الله عليه وسلم إلى الحرث بن أبى شمر الغسانى ـ

مع شجاع بن وهب

ذكر الواقدى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث شجاعا إلى الحارث

ابن أبى شمر وهو بغوطة دمشق فكتب اليه مرجعه من الحديبية بسم الله الرحمن

الرحيم من محمد رسول الله إلى الحرث بن أبى شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن

به وصدق وإنى أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملك .

فختم الكتاب وخرج به شجاع بن وهب قال فانتهيت إلى حاجبه فأجده يومئذ

وهو مشغول بتهيئة الانزال والالطاف لقيصر وهو جائى من حمص إلى إيلياه حيث

كشف الله عنه جنود فارس شكرا لله تعالى . فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة

فقلت لحاجبه إنى رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه فقال حاجبه لا تصل

اليه حتى يخرج يوم كذا وكذا . وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مرى يسألنى عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو اليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه

البكاء ويقول إنى قرأت في الانجيل وأجد صفة هذا النبى صلى الله عليه وسلم

بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض القرظ فأنا أؤمن به وأصدقه

وأنا أخاف من الحارث بن أبى شمر أن يقتلنى قال شجاع فكان يعنى هذا الحاجب

يكرمنى ويحسن ضيافتى ويخبرنى عن الحارث باليأس منه ويقول هو يخاف قيصر

قال فخرج الحارث يوما وجلس فوضع التاج على رأسه فأذن لى عليه فدفعت اليه

كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ثم رمى به . وقال من ينتزع منى ملكى أنا سائر

ـ339ـ

اليه ولو كان باليمن جئته على بالناس فلم يزل جالسا يعرض حتى الليل . وأمر

بالخيل أن تنعل ثم قال اخبر صاحبك بما ترى وكتب إلى قيصر يخبره خبرى

فصادف قيصر بايلياء وعنده دحية الكلبى وقد بعثه اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما

قرأ قيصر كتاب الحارث كتب اليه ألا تسر اليه واله عنه ووافنى بايلياء . قال

ورجع الكتاب وأنا مقيم فدعانى وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك قلت غدا

فأمر لى بمائة مثقال ذهبا ووصلنى مرى بنفقة وكسوة وقال اقرأ على رسول الله صلى

الله عليه وسلم منى السلام وأخبره أنى متبع دينه . قال شجاع فقدمت على النبى

صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال باد ملكه وأقرأته من مرى السلام وأخبرته بما

قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق . وابن هشام يقول بأن المرسل اليه جبلة بن الايهم

بدل الحارث بن أبى شمر . وقد تقدم فيما ذكرناه عن ابن إسحق كتاب النبى صلى

الله عليه وسلم إلى الحرث بن عبد كلال ومن معه باليمن .

ـ340ـ

ـ سرية على بن ابى طالب إلى اليمن ـ

قال ابن سعد يقال مرتين احداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجره

وعقد له لواء وعممه بيده وقال امض ولا تلتفت فاذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم

حتى يقاتلونك . فخرج في ثلاثماة فارس وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد

وهى بلاد مذحج ففرق أصحابه فأتوا بنهب غنائم وأطفال ونساء وشاء وغير ذلك

وجعل على على الغنائم بريدة بن الحصيب الاسلمى فجمع اليه ما اصابوا ثم لقى جمعهم

فدعاهم إلى الاسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة فصف أصحابه ودفع لواءه إلى

مسعود بن سنان السلمى ثم حمل عليهم على بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا

فتفرقوا وانهزموا فكف عن طلبهم ثم دعاهم إلى الاسلام فأسرعوا وأجابوا وتابعه

نفر من رؤسائهم على الاسلام وقالوا نحن على من وراءنا من قومنا وهذه صدقاتنا

فخذ منها حق الله وجمع على الغنائم فجرأها على خمسة اجزاء فكتب في سهم منها لله

وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس وقسم على على اصحابه بقية الغنم ثم

قفل فوافى النبى صلى الله عليه وسلم بمكة وقد قدمها للحج سنة عشر . قال الرشاطى

وفى الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث على بن أبى طالب في سرية

إلى اليمن وذلك في شهر رمضان سنة عشر من الهجرة فأسلت همدان كلها في يوم

واحد وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قرأ كتابه خر لله

ساجدا ثم جلس فقال السلام على همدان وتتابع أهل اليمن على الاسلام . انتهى

كلام الرشاطى ويشبه ان تكون هذه هى السرية الاولى وما في الاصل هو السرية .

الثانية والله اعلم .

ـ341ـ

ـ حجة الوداع ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 341 سطر 1 الى ص 350 سطر 21

ـ حجة الوداع ـ

قال الفقيه الحافظ أبومحمد على بن أحمد بن سعيد الفارسى ( 1 ) أعلم عليه السلام الناس

انه حاج ثم أمر بالخروج معه فأصاب الناس بالمدينة جدرى أو حصبة منعت من

شاء الله تعالى ان تمنع من الحج معه فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عمرة

في رمضان تعدل حجة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عام حجة

الوداع التى لم يحج من المدينة منذ هاجر عليه السلام اليها غيرها فأخذ على طريق .

الشجرة وذلك يوم الخميس لست بقين من ذى القعدة سنة عشر نهارا بعد أن ترجل

وادهن وبعد أن صلى الظهر بالمدينة وصلى العصر من ذلك اليوم بذى الحليفة ليلة

الجمعة وطاف تلك الليلة على نسائه ثم اغتسل ثم صلى بها الصبح ثم طيبته عائشة ام

المؤمنين رضى الله عنها بيدها بذريرة ( 2 ) وبطيب فيه مسك ثم أحرم ولم يغسل الطيب

ثم لبد رأسه وقلد بدنته نعلين وأشعرها في جانبها الايمن وسلت ( 3 ) الدم عنبها وكانت هدى .

تطوع وكان عليه السلام ساق الهدى مع نفسه ثم ركب راحلته وأهل حين انبعثت

به من عند المسجد مسجد ذى الحليفة بالقرآن بالعمرة والحج معا وذلك قبل الظهر

بيسير وقال للناس بذى الحليفة من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن

* ( هامش ) * ( 1 ) هو ابن حزم .

( 2 ) نوع من الطيب مجموع من أخلاط .

( 3 ) أى مسح . ( * )

ـ342ـ

أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل . وكان معه عليه السلام من الناس

جموع لايحصيها إلا خالقهم ورازقهم عزوجل . ثم لبى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك

لاشريك لك . وقد روى أنه عليه السلام زاد على ذلك فقال لبيك إله الخلق

وأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم وأمره أن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية . وولدت

اسماء بنت عميس الخثعمية زوج ابى بكر الصديق رضى الله عنه محمد بن أبى بكر

فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتستثفر ( 1 ) بثوب وتحرم وتهل ثم نهض عليه

السلام وصلى الظهر بالبيداء ثم تمادى واستهل هلال ذى الحجة ليلة الخميس ليلة

اليوم الثامن من خروجه من المدينة فلما كان بسرف حاضت عائشة رضى الله عنها

وكانت قد أهلت بعمرة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتنقض

رأسها وتمتشط وتترك العمرة وتدعها وترفضها ولم تحل منها وتدخل على العمرة حجا

وتعمل جميع أعمال الحج حاشى الطواف بالبيت مالم تطهر . وقال عليه السلام

وهوبسرف للناس من لم يكن منكم معه هدى وأراد أن يجعلها عمرة فليفعل ومن

كان معه هدى فلا . فمنهم من جعلها عمرة كما أبيح له ومنهم من تمادى على نية

الحج ولم يجعلها عمرة وهذا فيمن لاهدى معه وأما من معه الهدى فلم يجعلها عمرة

أصلا . وأمر عليه السلام في بعض طريقه ذلك من كان معه هدى ان يهل بالقران

بالحج والعمرة معا ثم نهض عليه السلام إلى أن نزل بذى طوى فبات بها ليلة

الاحد لاربع خلون لذى الحجة فصلى الصبح بها ودخل مكة نهارا من أعلاها من

كداء من الثنية العليا صبيحة يوم الاحد المذكور المؤرخ فاستلم الحجر الاسود

وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبه سبعا ورمل ثلاثا منها ومشى أربعا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى تشد على فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشى قطنا فتمنع سيل الدم . ( * )

ـ343ـ

يستلم الحجر الاسود والركن اليمانى في كل طوفة ولا يمس الركنين الآخرين اللذين

في الحجر وقال بينهما ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب

النار ) ثم صلى عند مقام ابراهيم عليه السلام ركعتين يقرأ فيهما مع أم القرآن ( قل يا أيها

الكافرون ) و ( قل هوالله أحد ) جعل المقام بينه وبين الكعبة وقرأ عليه السلام اذا

أتى المقام ( واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى ) ثم رجع إلى الحجر الاسود فاستلمه ثم

خرج إلى الصفا فقرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) أبدأ بما بدأ الله به فطاف

بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره يخب ثلاثا ويمشى أربعا اذا رقى الصفا

استقبل القبلة ونظر إلى البيت ووحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده انجز وعده

ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده ثم يدعو ثم يفعل على المروة مثل ذلك . فلما

اكمل عليه السلام الطواف والسعى أمر كل من لا هدى معه بالاحلال قارنا كان

أومفردا وإن بحلوا الحل كله من وطئ النساء والطيب والمخيط وأن يبقوا كذلك

إلى يوم التروية وهو يوم منى فيهلوا حينئذ بالحج ويحرموا عند نهوضهم إلى منى

وأمر من معه الهدى بالبقاء على إحرامهم وقال لهم عليه السلام حينئذ اذ تردد

بعضهم لو استقبلت من أمرى ما استد برت ما سقت الهدى حتى أشتريه ولجعلتها

عمرة ولاحللت كما أحللتم ولكنى سقت الهدى فلا أحل حتى انحر الهدى وكان

أبوبكر وعمر وطلحة والزبير وعلى ورجال من أهل الوفر ( 1 ) ساقوا الهدى فلم يحلوا وبقوا

؟ ؟ ؟ كما بقى هوعليه السلام محرما لانه كان ساق الهدى مع نفسه وكن أمهات المؤمنين

لم يسقن هديا فأحللن وكن قارنات حجا وعمرة وكذلك فاطمة ابنة النبى صلى الله عليه وسلم

وأسماء بنت أبى بكر الصديق أحلتا حاشى عائشة رضى الله عنها من أجل حيضها

لم تحل كما ذكرنا وشكا على فاطمة إلى النبى صلى الله عليه وسلم اذ حلت وصدقها

* ( هامش ) * ( 1 ) الوفر : المال الكثير . ( * )

ـ344ـ

عليه السلام في انه امرها بذلك وحينئذ سأله سراقة بن مالك بن جعشم الكنانى

فقال يا رسول الله متعتنا هذه لعامنا هذا أم للابد ولنا أم للابد فشبك عليه

السلام اصابعه وقال بل لابد الابد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة . وأمر

عليه السلام من جاء إلى الحج على غير الطريق التى اتى عليه السلام عليها ممن أهل

باهلال كاهلاله بأن يبقوا على حالهم فمن ساق منهم الهدى لم يحل فكان على في

أهل هذه الصفة ومن كان منهم لم يسق الهدى أن يحل فكان ابوموسى

الاشعرى من أهل هذه الصفة وأقام عليه السلام بمكة محرما من أجل هديه يوم

الاحد المذكور والاثنين والثلاثاء والاربعاء وليلة الخميس ثم نهض صلى الله عليه وسلم بكرة يوم

الخميس وهو يوم منى ويوم التروية مع الناس إلى منى وفى ذلك الوقت أحرم بالحج

من الابطح كل من كان احل من أصحابه رضى الله عنهم فأحرموا في نهوضهم إلى

منى في اليوم المذكور فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر من يوم الخميس

المذكور والعصر والمغرب والعشاء الآخرة وبات بها ليلة الجمعة وصلى بها الصبح

من يوم الجمعة ثم نهض عليه السلام بعد طلوع الشمس من يوم الجمعة المذكور إلى عرفة

بعد أن أمر عليه السلام بأن تضرب له قبة من شعر بنمرة فأتى عليه السلام عرفة

ونزل في قبته التى ذكرنا حتى إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فر حلت تم

أتى بطن الوادى فخطب على راحلته خطبة ذكر فيها عليه السلام تحريم الدماء

والاموال والاعراض ووضع فيها أمور الجاهلية ودماءها واول ما وضع دم ابن ربيعة

بن الحرث ابن ع بدالمطلب كان مسترضعا في بنى سعد بن بكر فقتله هذيل . وذكر

النسابون أنه كان صغيرا يحبو امام البيوت وكان اسمه آدم فأصابه حجر عائر أو

سهم غرب من يد رجل من بنى هذيل فمات .

ـ345ـ

ثم ترجع إلى وصف عمله عليه السلام

ووضع أيضا عليه السلام في خطبته بعرفة ربا الجاهلية واول ربا وضعه ربا عمه

العباس رضى الله عنه وأوصى بالنساء خيرا وأباحهم ضربهن غير مبرح إن عصين

بما لا يحل وقضى لهن بالرزق والكسوة بالمعروف على أزواجهن وأمر بالاعتصام

بعده بكتاب الله عزوجل وأخبر أنه لا يضل من اعتصم به وأشهد الله عزوجل

على الناس أنه قد بلغهم ما يلزمه فاعترف الناس بذلك وأمر عليه السلام أن يبلغ

ذلك الشاهد الغائب وبعثت اليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية وهى ام عبدالله بن

العباس لبنا في قدح فشر به عليه السلام أمام الناس وهو على بعيره فعلموا أنه صلى الله

عليه وسلم لم يكن صائما في يومه ذلك فلما أتم الخطبة المذكورة أمر بلالا فأذن ثم أقام

فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا لكن صلاهما عليه السلام

بالناس مجموعتين في وقت الظهر بأذان واحد لهما معا وباقامتين لكل صلاة

منهما إقامة ثم ركب عليه السلام راحلته حتى أتى الموقف فاستقبل القبلة وجعل

جبل المشاة بين يديه فلم يزل واقفا للدعاء وهنالك سقط رجل من المسلمين عن

راحلته وهو محرم في جملة الحجيج فمات فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يكفن في ثوبيه

ولا يمس بطيب ولا يحنط ولا يغطى رأسه ولا وجهه . وأخبر عليه السلام أنه

يبعث يوم القيامة ملبيا وسأله قوم من أهل نجد هنالك عن الحج فأعلمهم عليه

السلام بوجوب الوقوف بعرفة ووقت الوقوف بها وأرسل إلى الناس أن يقفوا على

مشاعرهم فلم يزل عليه السلام واقفا حتى غربت الشمس من يوم الجمعة المذكور

ـ346ـ

ودهبت الصفرة أردف أسامة بن زيد خلفه ودفع عليه السلام وقد ضم زمام

القصواء ناقته حتى أن رأسها ليصيب طرف رحله ثم مضى يسير العنق فاذا وجد

فجوة نص - وكلاهما ضرب من السير والنصر آكد هما والفجوة الفسحة من الناس -

كلما أتى ربوة من تلك الروابى أرخى للناقة زمامها قليلا حتى يصعدها وهو عليه

السلام يأمر الناس بالسكينة في السير . فلما كان في الطريق عند الشعب الايسر

نزل عليه السلام فيه فقال وتوضأ وضوءا خفيفا وقال لاسامة المصلى

أمامك . أو كلاما هذا معناه ثم ركب حتى أتى المزد لفة ليلة السبت العاشر من ذى

الحجة فتوضأ ثم صلى بها المغرب والعشاء الآخرة مجموعتين في وقت العشاء الآخرة دون

خطبة لكن بأذان واحد لهما معا وباقامتين لكل صلاة منهما إقامه ولم يصل بينهما

شيئا ثم اضطجع عليه السلام بها حتى طلع الفجر فقام وصلى الفجر بالناس بمزدلفة

يوم السبت المذكور وهو يوم النحر وهو يوم الاضحى وهو يوم العيد وهو يوم الحج

الاكبر مغلسا أول انصداع الفجر . وهناك سأله عروة بن مضرس الطائى وقد ذكر

له عمله أله حج فقال له عليه السلام إن من أدرك الصلاة يعنى صلاة الصبح بمزدلفة

في ذلك اليوم مع الناس فقد أدرك الحج وإلا فلم يدركه واستأذنته سودة وأم

حبيبة في أن يدفعا من مزدلفة ليلا فأذن لهما ولام سلمة في ذلك وهن أمهات المؤمنين

رضى الله عنهن وأذن أيضا عليه السلام للنساء والضعفاء في ذلك بعد وقوف

جمعهم بمزدلفة وذكر هم الله تعالى بها . إلا أنه عليه السلام أذن للنساء في الرمى

بليل ولم يأذن للرجال في ذلك لا لضعفائهم ولا لغير ضعفائهم وكان ذلك اليوم يوم

كونه عليه السلام عند أم سلمة فلما صلى عليه السلام الصبح كما ذكرنا بمزدلفة

أتى المشعر الحرام بها فاستقبل الثقبلة فدعا الله عزوجل وكبر وهلل ووحد ولم

يزل واقفا بها حتى أسفر جدا وقبل أن تطلع الشمس فدفع عليه السلام حينئذ من

ـ347ـ

مزدلفة وقد أردف الفضل بن عباس وانطلق أسامة على رجليه في سباق قريش

وهنالك سألت الخثعمية النبى عليه السلام الحج عن أبيها الذى لا يطيق الحج فأمرها

أن تحج عنه وجعل عليه السلام يصرف بيده وجه الفضل بن عباس عن النظر

اليها والى النساء وكان الفضل أبيض وسيما وسأله أيضا عليه السلام رجل عن مثل

ما سألت الخثعمية فأمر عليه السلام بذلك ونهض عليه السلام يريد منى فلما أتى

بطن محسر حرك ناقته قليلا وسلك عليه السلام الطريق الوسطى التى تخرج على

الجمرة الكبرى حتى أتى منى فأتى الجمرة التى عند الشجرة وهى جمرة العقبة فرماها

عليه السلام من أسفلها بعد طلوع الشمس من اليوم المؤرخ بحصى التقطها له عبدالله

ابن عباس من موقفه الذى رمى فيه مثل حصى الخذف وأمر بمثلها ونهى عن أكبر

منها وعن الغلو في الدين فرماها عليه السلام وهو على راحلته بسبع حصيات كما

ذكرنا يكبر مع كل حصاة منها وحينئذ قطع عليه السلام التلبية ولم يزل يلبى حتى رمى

جمرة العقبة التى ذكرنا ورماها عليه السلام راكبا وبلال وأسامة أحدهما يمسك

بخطام ناقته عليه السلام والآخر يظله بثوبه من الحر . وخطب عليه السلام الناس

في اليوم المذكور وهو يوم النحر بمنى خطبة كررها أيضافيها تحريم الدماء والاموال

والاعراض والابشار وأعلمهم عليه السلام فيها بتحريم يوم النحر وحرمة

مكة على جميع البلاد وأمر بالسمع والطاعة لمن قام بكتاب الله عزوجل

وأمر الناس بأخذ مناسكهم فلعله لا يحج بعد عامه ذلك وعلمهم مناسكهم وأنزل

المهاجرين والانصار والناس منازلهم وأمر أن لا يرجعوا بعده كفارا ولا يرجعوا

بعده ضلالا يضرب بعضهم رقاب بعض وأمر بالتبليغ عنه وأخبر بأن رب مبلغ

أوعى من سلمع ثم انصرف عليه السلام إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة

ثم أمر عليها فنحر مابقى منها مما كان على أتى به من اليمن مع ما كان عليه السلام

ـ348ـ

أتى به من المدينة وكانت تمام المائة . ثم حلق عليه السلام رأسه المقدس وقسم

شعر فأعطى من نصفه الشعرة والشعرتين وأعطى نصفه الثانى كله ابا طلحة

الانصارى وضحى عن نسائه بالبقر وأهدى عمن كان اعتمر منهن بقرة وضحى هو

عليه السلام في ذلك اليوم بكبشين أملحين وحلق بعض الصحابة وقصر بعضهم

فدعا عليه السلام للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة وأمر عليه السلام أن يؤخذ

من البدن التى ذكرنا من كل بدنة بضعة فجعلت في قدر وطبخت فأكل

هو عليه السلام وعلى من لحمها وشربا من مرقها وكان عليه السلام قد

اشرك عليا فيها ثم أمر عليا بقسمة لحومها كلها وجلودها وجلاها وأن لا يعطى الجازر

شيئا منها على جزارتها واعطى عليه السلام الاجرة على ذلك من عند نفسه واخبر الناس

أن عرفة كلها موقف حاشى بطن عرنة وأن مزدلفة كلها موقف حاشى بطن محسر وأن

منى كلها منحر وان فجاج مكة كلها منحر ثم تظيب عليه السلام قبل أن يطوف طواف

الافاضة ولا حلالة قبل أن يحل في يوم النحر وهو يوم السبت المذكور طيبته عائشة رضى

الله عنها أيضا بطيب فيه مسك ثم نهض عليه السلام راكبا إلى مكة في يوم السبت

المذكور نفسه فطاف في يومه ذلك طواف الافاضة وهو طواف الصدر قبل الظهر

وشرب من ماء زمزم بالدلو ومن نبيذ السقاية ثم رجع من يومه ذلك إلى منى فصلى

الظهر . هذا قول ابن عمر وقالت عائشة وجابر بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة

وهذا هو الفصل الذى اشكل علينا الفصل فيه لصحة الطرق في ذلك ولا شك

أن احد الخبرين وهم والثانى صحيح ولا ندرى أيهما هو . وطافت أم سلمة في ذلك

اليوم على بعيرها من وراء الناس وهى شاكية فاستأذنت النبى صلى الله عليه وسلم

في ذلك فأذن لها وطافت أيضا عائشة ذلك اليوم وفيه طهرت وكانت رضى الله عنها

حائضا أيضا يوم عرفة وطافت أيضا صفية في ذلك اليوم ثم حاضت بعد ذلك ليلة النفر

ـ349ـ

ثم رجع عليه السلام إلى منى وسئل عليه السلام حينئذ عن ما تقدم بعضه على

بعض من الرمى والحلق والنحر والافاضة فقال في كل ذلك لا حرج وكذلك قال

أيضا في تقديم السعى بين الصفا والمروة قبل الطواف بالكعبة وأخبر عليه السلام

بأن الله تعالى انزل لكل داء دواء إلا الهرم وعظم اثم من اقترض عرض امرئ

مسلم ظلما . فأقام هنالك باقى يوم السبت وليلة الاحد ويوم الاحد وليلة الاثنين

ويوم الاثنين وليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء وهذه أيام منى وهذه هى أيام التشريق

يرمى الجمار الثلاث كل يوم من هذه الايام الثلاثة بعد الزوال بسبع حصيات كل

يوم لكل جمرة يبدأ بالدنيا وهى التى تلى مسجد منى ويقف عندها للدعاء

طويلا ثم التى تليها وهى الوسطى ويقف أيضا عندها للدعاء كذلك ثم جمرة العقبة

ولا يقف عندها ويكبر عليه السلام مع كل حصاة . وخطب الناس أيضا يوم

الاحد ثانى يوم النحر وهو يوم الرؤوس . وقد روى أيضا أنه عليه السلام خطبهم أيضا

يوم الاثنين وهو يوم الاكارع . وأوصى بذى الارحام خيرا وأخبر عليه السلام أنه

لا تجنى نفس على أخرى واستأذنه العباس عمه في المبيت بمكة من أجل سقايته فأذن له

عليه السلام وأذن للرعاء أيضا مثل ذلك ثم نهض عليه السلام بعد زوال الشمس

من يوم الثلاثاء المؤرخ وهو آخر أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذى الحجة

وهو يوم النفر إلى المحصب وهو الابطح فضربت بها قبته ضربها أبورافع مولاه

وكان على ثقله عليه السلام . وقد كان عليه السلام قال لاسامة إنه ينزل غدا بالمحصب

خيف بنى كنانة وهو المكان الذى ضرب فيه ابورافع قبته وفاقا من الله عزوجل

دون ان يأمره عليه السلام بذلك . وحاضت صفية أم المؤمنين ليلة النفر بعد

أن أفاضت فأخبر بذلك النبى صلى الله عليه وسلم فسأل أفاضت يوم النحر فقيل له نعم فامرها

أن تنفر وحكم فيمن كانت حاله كحالها أيضا بذلك وصلى عليه السلام بالمحصب

ـ350ـ

الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة من ليلة الاربعاء الرابع عشر من ذى الحجه

وبات بها ليلة الاربعاء المذكورة ورقدرقدة . ولما كان يوم النحر ويوم النفر رغبت اليه

عائشة بعد أن طهرت أن يعمرها عمرة مفردة فأخبرها عليه السلام انها قد حلت

من حجها وعمرتها وأن طوافها يكفيها ويجزئها لحجها وعمرتها فأبت إلا أن تعمر

عمرة مفردة فقال لها ألم تسكونى طفت ليالى قدمت قالت لا فأمر عبدالرحمن بن

أبى بكر أخاها أن يردفها ويعمرها من التنعيم ففعلا ذلك وانتظرها عليه السلام

بأعلى مكة حتى انصرفت من عمرتها تلك وقال لها هذه مكان عمرتك وأمر الناس

أن لا ينصرفوا حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالببت ورخص في ترك ذلك

للحائض التى قد طافت طواف الافاضة قبل حيضها . ثم أنه عليه السلام دخل مكة

في الليل من ليلة الاربعماء المذكورة فطاف بالبيت طواف الوداع لم يرمل في شئ

منه سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الاربعاء المذكور ثم خرج من كدى أسفل

مكة من الثنية السفلى والتقى بعائشة رضى الله عنها وهو ناهض إلى الطواف

المذكور وهى راجعة من تلك العمرة التى ذكرنا ثم رجع عليه السلام وأمر بالرحيل

ومضى عليه السلام من فوره راجعا إلى المدينة وخرج من مكة من الثنية السفلى

فكانت مدة اقامته عليه السلام بمكة منذ دخلها إلى أن خرج منها إلى منى إلى

عرفة إلى مزدلفة إلى منى إلى المحصب إلى أن وجه راجعا عشرة أيام فلما أتى ذا

الحليفة بات بها فلما رأى المدينة كبر ثلاث مرات وقال لا إله إلا الله وحده

لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير آيبون تائبون عابدون

ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده . ثم

دخل عليه السلام المدينة نهارا من طريق المعرس والحمد لله وحده .

ـ351ـ

ـ واما عمره عليه السلام فأربع ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 351 سطر 1 الى ص 360 سطر 22

ـ واما عمره عليه السلام فأربع ـ

روينا من حديث قتادة قال قلت لانس كم اعتمر النبى صلى الله عليه وسلم قال

أربعا عمرته التى صده عنها المشركون عن البيت من الحديبية في ذى القعدة وعمرته

أيضا من العام المقبل حين صالحوه في ذى القعدة وعمرنه حين قسم غنائم حنين

من الجعرانة في ذى القعدة وعمرته مع حجته . وقد روى عن ابن عباس أن عمرة

الجعرانة كانت لليلتين بقيتا من شوال .

ـ352ـ

ـ سراية اسامة بن زيد بن حارثة إلى ابنى ـ

وهى أرض الشراة ناحية البلقاء

قالوا لما كان يوم الاثنين لاربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من

مهاجره أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم فلما كان من الغد

دعا أسامة بن زيد فقال سر إلى موضع مقتل ابيك فاوطئهم الخيل فقد وليتك

هذا الجيش فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الاخبار

فان ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الادلاء وقدم العيون والطلائع معك

فلما كان يوم الاربعاء بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فحم وصدع

فلما أصبح يوم الخميس عقد لاسامة لواء بيده ثم قال اغز بسم الله وفى سبيل الله

فقاتل من كفر بالله فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الاسلمى

وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الاولين والانصار إلا انتدب

في تلك الغزوة منهم أبوبكر وعمر بن الخطاب وأبوعبيدة بن الجراح وسعد بن

أبى وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريس فتكلم قوم وقالوا

يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الاولين فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم

غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة فصعد المنبر وحمد

الله وأنثى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فما قالة بلغتنى عن بعضكم في تأميرى أسامة

ولئن طعنتم في امارتى أسامة لقد طعنتم في امارتى اياه من قبله وايم الله ان كان لخليقا

للامارة وان ابنه من بعده لخليق للامارة وإن كان لمن أحب الناس إلى وإنهما لمخيلان

ـ353ـ

لكل خير - أى لمظنة لكل خير - فاستوصوا به خيرا فانه من خياركم ثم نزل فدخل

بيته وذلك في يوم السبت لعشر خلون من شهر ربيع الاول سنة احدى عشرة

وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم

ويخرجون إلى المعسكر بالجرف وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول

انفذوا بعث أسامة . فلما كان يوم الاحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم

وجعه فدخل أسامة من معسكره والنبى صلى الله على هوسلم مغمور وهو اليوم الذى

لدوه ( 1 ) فيه فطأطأ أسامة فقبله والنبى صلى الله عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه

إلى السماء ثم يضعهما على اسامة قال اسامة فعرفت أنه يدعولى ورجع اسامة إلى معسكره

ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا فقال له أغد على

بركة الله فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل فبينا هو يريد الركوب

اذا رسول أمة أم أيمن قد جاءه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يموت فأقبل وأقبل معه عمر وأبوعبيدة فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهويموت فتوفى حين زاغت الشمس يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من

شهر ربيع الاول ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة

ابن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرزه

عنده فلما بويع لابى بكر أمر بريدة بن الحصيب ان يذهب باللواء إلى بيت أسامة

ليمضى لوجهه فمضى بهم إلى معسكرهم الاول فلما ارتدت العرب كلم أبوبكر في

حبس أسامة فأبى وكلم أبوبكر أسامة في عمر أن يأذن له في التخلف ففعل فلما

كان هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أبنى ( 2 ) عشرين ليلة

* ( هامش ) * ( 1 ) أى جعلوا الدواء في جانب فمه .

( 2 ) بوزن حبلى . ( * )

ـ354ـ

فشن عليهم الغارة وكان شعارهم " يا منصور أمت " فقتل من أشرف له وسبى من قدم

عليه وحرق في طوائفها بالنار وحرق منازلهم وحرئهم ونخلهم فصارت أعاصير

من الدخاخين وأجال الخيل في عرصاتهم وأقاموا يومهم ذلك من تعبئة ما أصابوا

من الغنائم وكان أسامة على فرس أبية سبحة وقتل قاتل أبيه في الغارة وأسهم للفرس

سهمين وللفارس سهما وأخذ لنفسه مثل ذلك فلما أمسى أمر الناس بالرحيل ثم أغذ ( 1 ) السير

فوردوا وادى القرى في تسع ليال ثم بعث بشيرا إلى المدينة بسلامتهم ثم قصد بعد في

السير فسار إلى المدينة ستا وما أصيب من المسلمين أحد . وخرج أبوبكر في المهاجرين

وأهل المدينة يتلقونهم سرورا بسلامتهم ، ودخل على فرس أبيه سبحة واللواء

أمامه يحمله بريدة بن الحصيب حتى انتهى إلى باب المسجد فدخل فصلى ركعتين

ثم انصرف إلى بيته وبلغ هرقل وهو بحمص ما صنع أسامة فبعث رابطة يكونون

بالبلقاء فلم تزل هناك حتى قدمت البعوث إلى الشام في خلافة أبى بكر وعمر رضى الله عنهما .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى أسرع . ( * )

ـ355ـ

ـ ذكر الحوادث جملة بعد قدوم رسول الله ـ

صلى الله عليه وسلم المدينة

في السنة الاولى : جعلت صلاة الحضر أربع ركعات وكانت ركعتين بعد

مقدمه عليه السلام بشهر وفيها صلى الجمعة حين ارتحل من قباء إلى المدينة صلاها

في طريقه ببنى سالم وهى أول جمعة صلاها وأول خطبة خطبها في الاسلام وفيها بنى

رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده ومساكنه ومسجد قباء وفيها بدء الاذان وفيها المؤاخاة بين

 

المهاجرين والانصار بعد مقدمه بثمانية أشهر وفيها أسلم عبدالله بن سلام ومات

أسعد بن زرارة وأعرس النبى صلى الله عليه وسلم بعائشة وبعث حمزة بن ع بدالمطلب

في ثلاثين من المهاجرين يعترض عيرا لقريش في رمضان وبعث عبيدة بن

الحارث في ستين رجلا من المهاجرين إلى بطن رابغ وبعث سعد بن أبى وقاص

إلى الخرار في ذى القعدة في عشرين من المهاجرين يعترض لعير قريش وغزوة

الابواء وغزوة ودان في صفر .

وفى السنة الثانية : غزوة بواط وطلب كرز بن جابر . وغزوة ذى العشيرة

وسرية عبدالله بن جحش إلى نخلة وغزوة بدر الكيرى ووفاة رقية ابنة النبى

صلى الله عليه وسلم وسرية عمير بن عدى وسرية سالم بن عمير وغزوة

بنى قينقاع وغزوة السويق وغزوة كركرة الكدر وتحويل القبلة وفرض صوم

ـ356ـ

شهر رمضان في شعبان على رأس سبعة عشر شهرا وفرض زكاة الفطر قبل العيد

بيومين ووفاة عثمان بن مظعون بعد مشهده بدرا وفيها ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم

بكبشين أحدهما عن أمته والآخر عن محمد وآله ، ومولد عبدالله بن الزبير ومولد

النعمان بن بشير وأعرس على بفاطمة .

وفى السنة الثالثة : السرية لكعب بن الاشرف وغزوة غطفان وغزوة بنى سليم

وسرية زيد بن حارثة إلى القردة وغزوة أحد وغزوة حمراء الاسد وسرية أبى سلمة

إلى قطن وسرية عبدالله بن أنيس إلى سفيان بن خالد بعرنة وبئر معونة والرجيع

وتزويجه عليه السلام حفصة بنت عمر وتزويجه زينب بنت خزيمة وتزويج عثمان

ابن عفان أم كلثوم بنت النبى صلى الله عليه وسلم ومولد الحسن بن على وتحريم الخمر وقيل في الرابعة .

وفى السنة الرابعة : تحريم الخمر وغزوة بنى النضير وبدر الموعد وذات الرقاع

وصلاة الخوف ورجمه عليه السلام اليهودى واليهودية ومولد الحسين بن على ووفاة

زينب بنت خزيمة وتزويجه عليه السلام أم سلمة وتزويجه أيضا زينب بنت جحش

على الاصح ونزول الحجاب .

وفى السنة الخامسة : غزوة دومة الجندل وغزوة المريسيع وحديث الافك وقد تقدم

الخلاف في ذلك . وقول عبدالله بن أبى ( لئن رجعنا إلى المدينة ) . وغزوة الخندق

وبنى قريظة وتزويجه عليه السلام ريحانة بنت يزيد النضرية وجويرية بنت

الحرث وسرية عبدالله بن عتيك إلى أبى رافع وسرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء

وفيها زلزلت المدينة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيعتبكم فاعتبوه .

وفيها سابق بين الخيل .

ـ357ـ

وفى السنة السادسة : غزوة بنى لحيان وغزوة الغابة وسرية عكاشة إلى الغمر

ومحمد بن مسلمة إلى ذى القصة فأصيبوا وبعث أبى عبيدة إلى ذى القصة فهربوا .

وسرية زيد بن حارثة إلى بنى سليم وسريته إلى العيص وسريته إلى الطرف وسريته إلى

حسمى وسريته إلى وادى القرى وسريته إلى أم قرفة وسرية ابن عوف إلى دومة

الجندل وعلى إلى بنى سعد بن بكر وابن عتيك إلى أبى رافع على قول . وقد

تقدم في الخامسة . وسرية عمرو بن أمية الضمرى وسلمة بن أسلم لقتل أبى سفيان

بمكة وعمرة الحديبية وبيعة الرضوان وفيها قحط الناس فاستسقى لهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم فسقوا في رمضان .

وفى السنة السابعة : غزوة خيبر وسرية عمر إلى تربة وسرية أبى بكر إلى بنى

كلاب أو فزارة وبشير بن سعد إلى بنى مرة وغالب الليثى إلى الميفعة وبشير بن

سعد إلى يمن وجبار وعمرة القضية وسرية ابن أبى العوجاء إلى بنى سليم وسرية غالب

إلى بنى الملوح وسريته إلى فدك وتزويجه عليه السلام أم حبيبة بنت أبى سفيان

وصفية بنت حيى وميمونة بنت الحارث وقدوم جعفر من الحبشة وأبى موسى ومن

معه وإسلام أبى هريرة وعمران بن الحصين . وبعثه عليه السلام الرسل على الملوك

واتخاذ الخاتم لختم الكتب وتحريم الحمر الاهلية والنهى عن متعة النساء .

وفى السنة الثامنة : قدم خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وعمرو بن العاص

فاسلموا . وسرية شجاع بن وهب إلى بنى عامر وكعب بن عمرو إلى ذات أطلاح

غزوة مؤتة . سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل وسرية الخبط وسرية أبى

قتادة إلى خضرة ثم إلى بطن إضم غزوة الفتح سرية خالد بن الوليد إلى العزى

وعمرو بن العاص إلى سواع وسعد بن زيد الاشهلى إلى مناة في رمضان . سرية خالد

ـ358ـ

بن الوليد إلى بنى جزيمة . غزوة حنين . سرية الطفيل بن عمرو إلى ذى الكفين .

غزوة الطائف . سرية عيينة بن حصن إلى بنى تميم . سرية قطبة بن عامر إلى خثعم

بعث الوليد بن عقبة إلى بنى المصطلق . اتخاذ المنبر والخطبة عليه وحنين الجذع

وهو أول منبر عمل في الاسلام . وفيها أقاد النبى صلى الله عليه وسلم رجلا من

هذيل برجل من بنى ليث ومولد ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم ووفاة زينب

بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفيها وهبت سودة يومها لعائشة حين أراد

النبى صلى الله عليه وسلم طلاقها .

وفى السنة التاسعة : إيلاؤه عليه السلام من نسائه وسرية الضحاك إلى بنى كلاب

وعلقمة إلى الحبشة وعلى إلى الفاس وعكاشة إلى الجناب وتبوك وهدم مسجد الضرار

وقدوم الوفود ولعان عويمر العجلانى مع امرأته وموت عبدالله بن أبى وحج أبى بكر

بالناس ونداء على بسورة براءة وموت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وموت النجاشى .

وفى السنة العاشرة : سرية خالد بن الوليد إلى بنى عبد المدان بنجران وعلى

إلى اليمن وحجة الوداع ونزول ( اليوم أكملت لكم دينكم ) الآية ونزول ( يأيها الذين

آمنو ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ) الآية . وكانوا لا يفعلونه قبل ذلك وموت

ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم .

ـ359ـ

ـ ذكر نبذة من معجزاته عليه السلام ـ

وإن كان أكثر ما نورده هنا قد سبق ايراده لكن مفرقا والغرض الآن

ذكره مجموعا كما فعلنا في الباب الذى قبله . فمن ذلك : القرآن وهو أعظمها ،

وشق الصدر وإخباره عن البيت المقدس وانشقاق القمر وأن الملامن قريش

تعاقدوا على قتله فخرج عليهم فخفضوا أبصارهم وسقطت اذقانهم في صدورهم

وأقبل حتى قام على رؤسهم فقبض قبضة من تراب وقال شاهت الوجوه وحصبهم

فما أصاب رجلا منهم شئ من ذلك الحصى إلا قتل يوم بدر ورمى يوم حنين بقبضة

من تراب في وجوه القوم فهزمهم الله تعالى ونسج العنكبوت عليه في الغاروما كان

من أمر سراقة بن ملك بن جعشم إذ تبعه في خبر الهجرة فساخت قوائم فرسه في

الارض الجلد ومسح على ضرع عناق ( 1 ) ولم ينز عليها الفحل فدرت وقصة شاة أم

معبد ودعوته لعمر أن يعز الله به الاسلام ودعوته لعلى أن يذهب الله عنه الحر

والبرد وتفل في عينيه وهو أرمد فعوفى من ساعته ولم يرمد بعد ذلك ورد عين قتادة

ابن النعمان بعد أن سالت على خده فكانت أحسن عينيه ودعا لعبد الله بن عباس

بالتأويل والفقه في الدين ودعا لجمل جابر فصار سابقا بعد أن كان مسبوقا ودعا

لانس بطول العمر وكثرة المال والولد ودعا في تمر حائط جابر بالبركة فأوفى غرماءه

وفضل ثلاثة عشر وسقا واستسقى عليه السلام فمطروا أسبوعا ثم استصحى لهم

* ( هامش ) * ( 1 ) الانثى من أولاد المعز . ( * )

ـ360ـ

؟ ؟ ؟ السحابة ، ودعا على عتيبة بن أبى لهب فأكله الاسد بالزرقاء من الشام

وشهدت له الشجر بالرسالة في خبر الاعرابى الذى دعاه إلى الاسلام فقال هل

من شاهد على ما تقول فقال نعم هذه السمرة ( 1 ) ثم دعاها فأقبلت فاستشهدها فشهدت

أنه كما قال ثلاثا ثم رجعت إلى منبتها وأمر شجرتين فاجتمعتا ثم افترقتا وأمر أنسا

أن ينطلق إلى نخلات فيقول لهن أمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجتمعن

فاجتمعن فلما قضى حاجته أمره أن يأمرهن بالعود إلى أما كنهن فعدن ونام فجاءت

شجرة تشق الارض حتى قامت عليه فلما استيقظ ذكرت له فقال هى شجرة

استأذنت ربها في أن تسلم على فأذن لها وسلم عليه الحجر والشجر ليالى بعث :

السلام عليك يا رسول الله وقال انى لا عرف حجرا كان بمكة يسلم على قبل أن

أبعث إنى لاعرفه الآن وحن اليه الجذع وسبح الحصى في كفه وسبح الطعام بين

أصابعه وأعلمته الشاة بسمها وشكا اليه البعير قلة العلف وكثرة العمل وسألته

الضبية أن يخلصها من الحبل لترضع ولديها وتعود فخلصها فعادت وتلفظت

ب الشهادتين وأخبر عن مصارع المشركين يوم بدر فلم يعد واحد منهم مصرعه

وأخبر أن طائفة من أمته يغزون في البحر وأن أم حرام بنت ملحان منهم فكان

كذلك وقال لعثمان بن عفان تصيبه بلوى شديدة فأصابته وقتل وقال للانصار

إنكم ستلقون بعدى أثرة فكانت زمن معاوية وقال في الحسن إلى ابنى هذا سيد

ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فصالح معاوية وحقن

دماء الفئتين من المسلمين وأخبر بقتل الاسود العنسى الكذاب وهو بصنعاء ليلة

قتله وبمن قتله وقال لثابت بن قيس تعيش حميدا وتقتل شهيدا فقتل يوم اليمامة

وارتد رجل ولحق بالمشركين فبلغه انه مات فقال ان الارض لاتقبله فكان كذلك

* ( هامش ) * ( 1 ) نوع من الشجر . وفى نسخة " الشجرة " . ( * )

ـ361ـ

وقال لرجل يأكل بشماله كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال له لا استطعت فلم

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 361 سطر 1 الى ص 370 سطر 22

وقال لرجل يأكل بشماله كل بيمينك فقال لا أستطيع فقال له لا استطعت فلم

يطلق أن يرفعها إلى فيه بعد . ودخل مكة عام الفتح والاصنام حول الكعبة معلقة

وبيده قضيب فجعل يشير به اليها ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهى تتساقط .

وقصة مازن بن الغضوبة وخبر سواد بن قارب وأمثالها كثير وشهد الصب بنبوته وأطعم

ألفا من صاع شعير بالخندق فشبعوا والطعام أكثر مما كان وأطعمهم من تمر يسير

أيضا بالخندق وجمع فضل الازواد على النطع فدعا لها بالبركة ثم قسمها في العسكر

فقامت بهم وأتاه أبوهريرة بتمرات قد صفهن في يده وقال أدع لى فيهن بالبركة

ففعل قال أبوهريرة فأخرجت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله وكنا

تأكل منه ونطعم حتى انقطع في زمن عثمان ودعا أهل الصفة لقصعة ثريد قال

أبوهريرة فجعلت أتطاول ليدعونى حتى قام القوم وليس في القصعة إلا اليسير

في نواحيها فجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقمة فوضعها على أصابعه وقال

لى كل بسم الله فوالذى نفسى بيده مازلت آكل منها حتى شبعت ونبع الماء من

بين أصابعه حتى شرب القوم وتوضؤا وهم ألف وأربعمائة وأتى بقدح فيه ماء فوضع

أصابعه في القدح فلم تسع فوضع أربعة منها وقال هلموا فتوضؤا أجمعين وهم من

السبعين إلى الثمانين وورد في غزوة تبوك على ماء لا يروى واحدا والقوم عطاش

فشكوا اليه فأخذ سهما من كنانته وأمر بغرسه فيه ففار الماء وارتوى القوم وكانوا

ثلاثين ألفا وشكا اليه قوم ملوحة في مائهم فجاء في نفر من أصحابه حتى وقف على

بئرهم فتفل فيه فتفجر بالماء العذب المعين وأتته إمرأة بصبى لها أقرع فمسح على

رأسه فاستوى شعره فذهب داؤه وانكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدرفأ عطاه

جذلا من حطب فصار في يده سيفا ولم يزل بعد ذلك عنده وكذلك وقع لعبدالله

ـ362ـ

ابن جحش يوم أحدو عزت كدية ( 1 ) بالخندق عن ان ياخذها المعول فضربها فصارت

كثيبا أهيل ( 2 ) ومسح على رجل ابن عتيك في خبر أبى رافع وقد انكسرت فكأنه

لم يشتكها قط . ومعجزاته صلى الله عليه وسلم أكثر من أن يجمعها كتاب أو يحصرها ديوان .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى صخرة .

( 2 ) أى رملا سائلا . ( * )

ـ363ـ

ـ ذكر اولاده صلى الله عليه وسلم ـ

روينا عن ابن سعد قال أنا هشام بن محمد بن السائب الكلبى عن أبيه عن

أبى صالح عن ابن عباس قال كان أول من ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم

بمكة قبل النبوة القاسم وبه كان يكنى ثم ولدت له زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم

كلثوم ثم ولد له في الاسلام عبدالله فسمى الطيب الطاهر وأمهم جميعا خديجة بنت

خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصى فكان أول من مات من ولده القاسم .

ثم مات عبدالله بمكة فقال العاص بن وائل السهمى قد انقطع ولده فهو أبتر فأنزل

الله ( إن شانئك هو الابتر ) وقيل بل الطيب والطاهر ابنان سواه وقيل كان له الطاهر

والمطهر ولدا في بطن وقيل كان له الطيب والمطيب ولدا في بطن أيضا وقيل إنهم

كلهم ماتوا قبل النبوة وقال الزبير بن بكار ولدله القاسم ثم زينب ثم أم كلثوم

ثم فاطمة ثم رقية ثم عبدالله هكذا رأيته بخط شيخنا الحافظ أبى محمد الدمياطى

رحمه الله قال وفيه نظر . وأما أبوعمر فحكى عن الزبير غير ذلك قال ولد له القاسم

وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبدالله وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر ولد

بعد النبوة ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية هكذا الاول فالاول ثم مات القسم

بمكة وهو أول ميت مات من ولده ثم عبدالله مات أيضا بمكة . وقال ابن إسحق

ولدت له خديجة زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وبه كان يكنى والطاهر

ـ364ـ

والطيب فهلكوا في الجاهلية . وأما بناتة فكلهن أدركن الاسلام وأسلمن وهاجرن

معه . قال أبوعمر وقال على بن عبدالعزيز الجرجانى : أولاد رسول الله صلى الله

عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب . وقال ابن الكلبى زينب ثم القاسم

ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ثم عبدالله وكان يقال له الطيب والطاهر . قال وهذا

هو الصحيح وغيره تخليط وكانت سلمى مولاة صفية بنت ع بدالمطلب تقبل خديجة

في أولادها وكانت تعق عن كل غلام بشاتين وعن الجارية بشاة . وكان بين كل

ولدين لها سنة وكانت تسترضع لهم وتعد ذلك قبل ولادها . فأما زينب فتزوجها

ابن خالتها أبوالعاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس بن عبد مناف أمه

؟ ؟ ؟ بنت خويلد فولدت له عليا أردفه النبى صلى الله عليه وسلم وراءه يوم الفتح .

ومات مراهقا وأمامة تزوجها على بعد خالتها فاطمة زوجها منه الزبير بن العوام ،

وكان أبوها أبوالعاص أوصى بها إلى الزبير فلما قتل على رضى الله عنه وأمت

أمامة منه قالت أم الهيثم النخعية

أشاب ذؤابتى وأذل ركنى * أمامة حين فارقت القرينا

تطيف به لحاجتها اليه * فلما استيأست رفعت رنينا

ثم تزوجها بعد على المغيرة بن نوفل بن الحارث بن ع بدالمطلب فولدت له يحيى

ابن المغيرة وهلكت عنده وقد قيل إنها لم تلد لعلى ولا للمغيرة . ولدت زينب

سنة ثلاثين من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وماتت سنة ثمان من الهجرة وكان رسول الله

صلى الله عليه وسلم يحبها وكان زوجها أبوالعاص محبا فيها وهو القائل في بعض أسفاره إلى الشام :

ذكرت زينب لما وركت أرما * فقلت سقيا لشخص يسكن الحرما

ـ365ـ

بنت الامين جزاها الله صالحة * وكل بعل سيثنى بالذى علما

وأما رقية فتزوجها عثمان بن عفان فولدت له عبدالله مات بعدها وقد بلغ ست

سنين . وتوفيت رقية يوم قدوم زيد بن حارثة بشيرا بقتلى بدر وقيل كان

مولدها سنة ثلاث وثلاثين من مولد النبى صلى الله عليه وسلم . وأما أم كلثوم

فتزوجها عثمان بعد موت رقية وماتت سنة تسع من الهجرة ولم تلد له . وأما فاطمة

فتزوجها على وبنى بها مرجعهم من بدر فولدت له حسنا وحسينا ومحسنا مات

صغيرا وأم كلثوم وزينب وماتت فاطمة بعد أبيها بثلاثة أشهر وقيل بستة وقيل

بثمانية وكذلك اختلف في مولدها . قال المدائنى قبل النبوة بخمس سنين . وقال

ابن السراج سمعت عبيدالله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمى يقول ولدت سنة

إحدى وأربعين من مولد النبى صلى الله عليه وسلم . قال أبوعمر وذكر الزبير أن

عبدالله بن حسن بن حسن دخل على هشام بن عبدالملك وعنده الكلبى فقال

هشام لعبدالله بن حسن يا أبا محمد كم بلغت فاطمة من السن فقال ثلاثين سنة فقال

هشام للكلبى كم بلغت من السن فقال خمسا وثلاثين سنة فقال هشام لعبد الله

ابن حسن اسمع الكلبى يقول ما تسمع وقد عنى بهذا الشأن فقال عبدالله

ابن حسن يا أمير المؤمنين سلنى عن أمى وسل الكلبى عن أمه وكان على رضى

الله عند قد خطب عليها ابنة أبى جهل فأنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقال والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدوالله عند رجل واحد أبدا قال فترك

على الخطبة . روينا من طريق مسلم حدثنا أحمد بن حنبل فثنا يعقوب بن ابراهيم

فثنا أبى عن الوليد بن كثير قال حدثنى محمد بن عمرو بن حلحلة الدولى أن ابن

شهاب حدثه أن على بن الحسين حدثه أنهم حين قدموا المدينة لقيه المسوربن

ـ366ـ

مخرمة فذكر حديثا وفيه أن على بن أبى طالب خطب بنت أبى جهل على فاطمة

فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ

محتلم وفيه قوله عليه السلام والله لا تجتمع بنت رسول الله " صلى الله عليه وسلم "

وبنت عدوالله مكانا واحدا أبدا . قلت كذا وقع في هذا الحديث قوله عن

المسور وأنا يومئذ محتلم وهو وهم فان المسور ممن ولد في السنة الثانية من الهجرة

بعد مولد ابن الزبير بأربعة أشهر فلم يدرك من حياة النبى صلى الله عليه وسلم إلا نحو الثمانية

أعوام ولا يعد من كانت هذه سنه محتملا . وقد روى الاسماعيلى في صحيحه هذا

الحديث من هذا الوجه عن أحمد بن الحسن بن عبدالجبار فثنا يحيى بن معين عن

يعقوب فذكره بسنده وفيه عن المسور " وأنا يومئذ كالمحتلم " يعنى في ثبته وحفظه

ما يسمعه فبينت هذه الرواية الصواب ودار الحمل فيه على من دون يعقوب بين أحمد

ومسلم ووجدت الطبرانى في معجمه الكبير قد رواه عن عبدالله بن أحمد عن

أبيه كرواية مسلم فبرئ مسلم من عهدته أيضا كما برئ يعقوب ومن فوقه وقد

رواه البخارى عن سعيد بن محمد الجرمى عن يعقوب كرواية مسلم عن أحمد فهو

حديث اختلف فيه على يعقوب جوده يحيى بن معين . ثم ولدت له صلى الله عليه وسلم مارية بنت

شمعون القبطية ابراهيم وعق عنه بكبش يوم سابعه وحلق رأسه حلقه أبوهند فتصدق

بزنة شعره فضة على المساكين وأمر بشعره فدفن في الارض وسماه يومئذ فيما قال

الزبير والصحيح أنه سماه ليلة مولده وكانت قابلتها سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

فخرجت إلى زوجها أبى رافع فأخبرته أنها قد ولدت له غلاما فجاء أبورافع إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم فبشره فوهب له عبدا وكان مولده في ذى الحجة سنة

ثمان من الهجرة ومات في ربيع الاول سنة عشر وقد بلغ ستة عشر شهرا . وقد

قيل في سنه ووفاته غير ذلك مات في بنى مازن عند ظئره أم بردة خولة بنت المنذر

ـ367ـ

ابن زيد بن لبيد وغسلته وحمل من بيتها على سرير صغير وصلى عليه وكبر أربعا

ودفن بالبقيع ورش عليه الماء وقال الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون وقال ابن

له ظئرا ( 1 ) تتم رضاعه في الجنة وقال لو عاش لو ضعت الجزية عن كل قبطى . وقال

لو عاش ابراهيم مارق له خال ( 2 ) .

* ( هامش ) * ( 1 ) الطثر المرضعة .

( 2 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ369ـ

ـ ذكر اعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم ـ

أبوطالب عبد مناف والزبير وعبد الكعبة وأم حكيم وعاتكة وبرة وأروى وأميمة

وأمهم فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم وعبدالله والد رسول الله

صلى الله عليه وسلم شقيق هؤلاء وقد تقدم ذكره وحمزة والمقوم وجحل واسمه المغيرة وصفية

وزاد بعضهم العوام وأمهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بنت عم آمنة

بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس وضرار وأمهما نتلة وقيل

نتيلة بنت جناب بن كلب من النمر بن قاسط والحارث وهو أكبر ولد ع بدالمطلب

وبه كان يكنى وشقيقة قثم وهلك قثم صغيرا وأمهما صفية بنت جندب بن حجير

ابن زياب بن حبيب بن سواءة وأبولهب عبدالعزى وأمه لبنى بنت هاجر بن

عبد مناف بن ضاطر بن حبشية بن سلول من خزاعة والغيداق واسمه مصعب وقيل

نوفل ولقب الغيداق لجوده وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك من خزاعة فأعمامه عليه

السلام اثنا عشر ومن الناس من يعدهم عشرة فيسقط عبدالكعبة ويقول هوالمقوم

ويجعل الغيداق وحجلا واحدا ومن الناس من يعدهم تسعة فيسقط قثم .

وأما عماته فست لا خلاف في ذلك وكلهن بنات فاطمة المخزومية إلا صفية فهى

من هالة الزهرية هذا هو المشهور عند أهل النسب . وقد ذكر أن أروى لفاطمة

المخزومية . ولم يسلم من أعمامه عليه السلام إلا حمزة والعباس على الصحيح . وقد

ـ370ـ

حكى إسلام أبى طالب وقد سبق ذكره . وأما العمات فاسلام صفية معروف محقق

وفى أروى خلاف . ذكرها العقيلى في الصحابة قال أبوعمر وأبى غيره من ذلك

وذكر الواقدى في خبر أنها أسلمت وكذلك اختلف في إسلام عاتكة والمشهور

عندهم أن عاتكة لم تسلم هى صاحبه الرؤيا يوم بدر . فأما أبوطالب فولده طالب

وعقيل وجعفر وعلى وكان كل من هؤلاء أكبر من الذى يلبه بعشر سنين

وأختهم أم هانئ فاختة أسلموا ويقال هند قيل وحمانة بنت أبى طالب أخت

ثانية لهم قسم لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقا من خيبر وهى أم عبدالله بن أبى

سفيان بن الحرث بن ع بدالمطلب أسلموا كلهم إلا طالبا . وأما الزبير فولده عبدالله

شهد يوم حنين مع النبى صلى الله عليه وسلم وثبت معه وكان فارسا مشهورا كان

النبى صلى الله عليه وسلم يقول ابن عمى وحبى ومنهم من يروى أنه كان يقول ابن أمى وحبى

قال أبوعمر لا أحفظ له رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم وقد روت أختاه ضباعة وأم الحكم

وكانت سنه يوم توفى النبى صلى الله عليه وسلم نحوا من ثلاثين سنة وقتل شهيدا

بأجنادين في خلافة أبى بكر سنة ثلاث عشرة بعد أن أبلى بها بلاء حسنا . وضباعة

وصفية وأم الحكم وأم الزبير بنات الزبير لهن صحبة ولا عقب لعبد الله بن الزبير

هذا . وأما حمزة فأسلم قد بما وعز به الاسلام وكفت قريش عن النبى صلى الله عليه وسلم عن

بعض ما كانوا ينالون منه خوفا من حمزة رضى الله عنه وعلما منهم أنه سيمنعه وكان

عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخاه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة الاسلمية

وكان أسن منه بيسير وأم كل منهما ابنة عم لام الآخر شهد بدرا مع النبى صلى

الله عليه وسلم وأحدا وبها مات شهيدا قتله وحشى بن حرب قيل كان يقاتل

بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم بسيفين ويقول أنا أسد الله . ذكره الحاكم

وروى بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتانى جبريل فأخبرنى أن

ـ371ـ

حمزة مكتوب في أهل السموات أسدالله ورسوله . وروى أن حمزة قتل جنبا فغسلته

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 371 سطر 1 الى ص 379 سطر 15

حمزة مكتوب في أهل السموات أسدالله ورسوله . وروى أن حمزة قتل جنبا فغسلته

الملائكة وقال صحيح الاسناد . وكان له من الولد يعلى وعمارة وقال مصعب ولد لحمزة

خمسة رجال لصلبه وماتوا ولم يعقبوا وقال الزبير ولم يعقب أحد من بنى حمزة إلا

يعلى وحده فانه ولد له خمسة رجال لصلبه وماتوا ولم يعقبوا . ومن أولاد حمزة أمامة ويقال

أمة الله . وكان الواقدى يقول فيها عمارة قال أبوبكر الخطيب انفرد الواقدى بهذا

القول وإنما عمارة ابنه له ابنته وقد تقدم ذكره . وله أيضا ابنة تسمى أم الفضل وابنة

تسمى فاطمة ومن الناس من يعدهما واحدة وفاطمة هذه إحدى الفواطم التى قال

عليه السلام لعلى وقد بعث الله حلة تشقها خمرا بين الفواطم وهن فاطمة بنت أسد

أم على وفاطمة بنت محمد زوجه عليه السلام وفاطمة ابنة حمزة هذه وفاطمة ابنة

عتبة . وأما العباس فيكنى أبا الفضل بابنه وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين

أو ثلاث وكان رئيسا في قريش وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية شهد

العقبة مع رسول الله صلى الله على هوسلم ليشترط له على الانصار وشهد بدرا مع

المشركين مكرها وفدى يومئذ نفسه ، وعقيلا ونوفلا ابنى أخويه أبى طالب والحارث

وأسلم قبل فتح خيبر وكان يكتم إسلامه إلى يوم فتح مكة فأظهره وقيل أسلم قبل

يوم بدر وكان يكتم ذلك وشهد يوم حنين وثبت . وهو القائل :

ألا هل أتى عرسى مكرى ومقدمى * بوادى حنين والاسنة تشرع

وكيف رددت الخيل وهى مغيرة * بزوراء تعطى في اليدين وتمنع

نصرنا رسول الله صفى الحرب سبعة * وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا

وثامننا لاقى الحمام بسيفه * بما مسه في الله لا يتوجع

وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقول فيه : العباس أجود قريش كفا وأوصلها . وروى أن

ـ372ـ

العباس لم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز إجلالا له وكان النبى

صلى الله عليه وسلم يجله واستسقى به عمر عام الرمادة سنة سبع عشرة فسقوا ففى

ذلك يقول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب :

بعمى سقى الله الحجاز وأهله * عشية يستسقى بشيبته عمر

توجه بالعباس في الجدب راغبا * فماكر حتى جاء بالديمة المطر

وكان من دعاء العباس وهو يستسقى : اللهم أنت الراعى لاتهمل الضالة ولا تدع

الكبير بدار مضيعة فقد ضرع الصغير ورق الكبير وارتفعت الشكوى فأنت

تعلم السر وأخفى اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا فانه لا ييأس

من روحك إلا القوم الكافرون . وفضائل العباس كثيرة ومناقبه مشهورة توفى

سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه عثمان وقيل في وفاته غير ذلك . وولد العباس سبعة

لام الفضل لبابة بنت الحارث وسيأتى ذكر نسبها عند ذكر أختها ميمونة في

زوجات النبى صلى الله عليه وسلم وهم الفضل وعبدالله وعبيدالله ومعبد وقثم و عبدالرحمن

وأم حبيبة شقيقتهم وتمام وكثير لام ولد والحارث وأمه من هذيل وعون بن العباس

قال أبوعمر لم أقف على اسم أمه قال وكل بنى العباس لهم رواية وللفضل وعبدالله

وعبيدالله سماع ورواية . وكان الفضل أكبر هم وتمام أصغرهم وقد روى تمام عن

النبى صلى الله عليه وسلم لا تدخلوا على قلحا ( 1 ) استاكوا . وكان الفضل جميلا وعبدالله عالما

وعبيدالله سخيا جوادا وكان تمام من أشد الناس بطشا وكان العباس يحمل تماما ويقول :

* ( هامش ) * ( 1 ) القلح : صفرة تعلوا لا سنان ووسخ يركبها ، وهو حث على استعمال السواك . ( * )

ـ373ـ

تموا بتمام فصاروا عشره يارب فاجعلهم كراما برره

واجعل لهم ذكرا وأثم الثمره

ويقال مارؤيت قبور أشد تباعدا بعضها من بعض من قبور بنى العباس

ابن ع بدالمطلب . استشهد الفضل بأجنادين ومات معبد و عبدالرحمن بافريقية

وعبدالله بالطائف وعبيدالله باليمن وقثم بسمرقند وكثير بالينبع وقد يقع في

ذلك خلاف ليس هذا موضعه . وأما الحارث وهو أكبر ولد ع بدالمطلب وبه كان

يكنى : قال الحافظ عبد الغنى المقدسى رحمه الله تعالى لم يدرك الاسلام وأسلم

من أولاده أربعة نوفل وربيعة وأبوسفيان وعبدالله فكان نوفل أسن إخوته وأسن

من أسلم من بنى هاشم ولم يذكر المغيرة فيهم وقد ذكره أبوعمر بن عبدالبر في

كتابه في الصحابة فيكون خامسا لهم غير أنه قال ومنهم من يجعل المغيرة اسم أبى

سفيان والصحيح الاول يعنى أنه غيره . وأما أبولهب فأبوه كناه بذلك لحسن

وجهه . قال السهيلى كنى بأبى لهب مقدمة لما يصير اليه من اللهب وكان بعد نزول

السورة فيه لا يشك مؤمن أنه من أهل النار بخلاف غيره من الكفار - يعنى

الموجودين - فان الاطماع لم تنقطع من إسلامهم . وامرأته أم جميل بنت حرب بن

أمية اسمها العوراء فولد أبولهب عتبة ومعتبا شهدا حنينا وثبتا فيه وأختهما درة

لها صحبة وأخوهم عتيبة قتله الاسد بالزرقاء من أرض الشام بدعوة النبى صلى

الله عليه وسلم عليه وبعضهم يجعل عتبة المكبر عقير الاسد وعتيبة الصحابى

والمشهور الاول . وأما ضرار فانه مات أيام أوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم

ولم يسلم وكان من فتيان قريش جمالا وسخاء . وأما الغيداق فكان أكثر قريش

ـ374ـ

مالا وكان جوادا . وأما المقوم وجحل فولد لهما وانقطع العقب منهما . وأما عبد

الكعبة فلم يدرك الاسلام ولم يعقب . وأما قثم فهلك صغيرا كما تقدم . وأما أم

حكيم وهى البيضاء فكانت عند كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن

عبد مناف فولدت له عامرا وبنات منهن أروى أم عثمان بن عفان وهى توءمة

عبدالله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف في ذلك . وهى التى

وضعت جفنة الطيب للمطيبين في حلقهم ، وكانت تقول إنى لحصان ( 1 ) فما أكلم

وصناع ( 2 ) فما أعلم . وأما عاتكة فكانت عند أبى أمية بن المغيرة بن عبدالله بن

عمر بن مخزوم ولدت له عبدالله له صحبة وزهيرا وقريبة مختلف في صحبتهما

وهم إخوة أم سلمة لابيها وهى صاحبة الرؤيا بمكة يوم بدر وقد تقدمت . وأما برة

فكانت عند أبى رهم بن عبدالعزى بن أبى قيس بن عبدود بن نصر بن مالك

ابن حسل بن عامر بن لؤى فولدت له أبا سبرة له صحبة شهد بدرا والمشاهد مع

رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلف عليها عبدالاسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن

مخزوم وقيل بل كانت عنده قبل أبى رهم فولدت لعبد الاسد أبا سلمة عبدالله زوج

أم سلمة صحابى مشهور توفى في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته

تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة زوجه . وأما أميمة فكانت عند جحش بن رئاب

ابن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة فولدت

له عبدالله المجدع في الله بدعائه المقتول يوم أحد شهيدا رضى الله عنه وأبا أحمد

الشاعر الاعمى وعبيدالله أسلما أيضا وهاجروا إلى أرض الحبشة ثم تنصر هنالك

عبيدالله . وزينب أم المؤمنين وحمنة وكانت عند مصعب بن عمير ثم خلف عليها

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : عفيفة .

( 2 ) يقال امرأة صناع إذا كان لها صنعة تعملها بيديها وتكسب بها . ( * )

ـ375ـ

طلحة بن عبيدالله فولدت له محمدا وعمران وكانت تستحاض وكانت ممن خاض في

حديث الافك وجلد فيه ان صح أتهم جلد واوتكنى حمنة هذه أم حبيبة عند قوم

وعند الاكثرين أم حبيبة غيرها وكانت أم حبيبة تحت عبدالرحمن بن عوف

وكانت تستحاض . حديثها في صحيح مسلم وكان شيخنا الحافظ أبومحمد الدمياطى

رحمه الله يقول هن زينب وحمنة وأم حبيب ويعد ما عدا ذلك وهما وقيده بخطه

على صحيح مسلم في الفوائد التى كتبها على نسخته وقد علقت عنه هذه الفوائد .

وأما أروى فمختلف في إسلامها كما تقدم . وحكاه أبوعمر عن الواقدى في خبر

يسنده أن ابنها طليب بن عمير حملها على ذلك فوافقته وأسلمت وكانت بعد ذلك

تعاضد النبى صلى الله عليه وسلم وتحض ابنها على نصرته . وقد رواه الحاكم وزعم أنه على شرط

البخارى . وكانت تحت عمير بن وهب بن عبدالدار بن قصى فولدت له طليب بن

عمير كان بدريا من فضلاء الصحابة وقتل بأجنادين شهيدا ولا عقب له ثم خلف

عليها كلدة بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصى - وهو عند أبى عمر كلدة

ابن عبد مناف والصحيح الاول - فولدت له فاطمة . ورأيته في كتاب أبى عمر أروى

وليس بشئ . فولدت فاطمة هذه زينب بنت أرطاة بن عبد شر حبيل بن هاشم

المذكور آنفا فولدت زينب كيسة بنت الحارث بن كريز بن ربيعة زوج مسيلمة

ابن حبيب الكذاب . ثم خلف على كيسة ابن عمها عبدالله بن عامر بن كريز ولد

على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعوذه وتفل في فيه فجعل يتسوغ ريق رسول

الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام إنه لمسقى فكان له يعالج أرضا إلا ظهر له الماء وهو

الذى عمل السقايات بعرفة وشق نهر البصرة ، جمع له عثمان بين ولاية البصرة وفارس

وهو ابن أربع وعشرين سنة وكان سخيا جوادا وفيه يقول زياد الاعجم :

أخ لك لا تراه الدهر إلا * على العلات مبتسما جوادا

ـ376ـ

أخ لك مامودته بمذق ( 1 ) * إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجزيل فما تلكى * وأعطى فوق منيتنا وزادا

وأحسن ثم أحسن ثم عدنا * فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا مارجعت اليه إلا * تبسم ضاحكا وثنى الوسادا

وأما صفية فأسلمت وهاجرت وكانت عند الحرث بن حرب أخى أبى سفيان بن

حرب فولدت له صيفى بن الحارث ثم خلف عليها العوام بن خويل بن أسد بن

عبدالعزى بن قصى فولدت له الزبير والسائب صحابيين مشهورين وعبد الكعبة

وأم حبيب تزوجها خالد بن جزام فولدت له أم حسين لا عقب لها . توفيت صفية

رضى الله عنها سنة عشرين ودفنت بالبقيع ولها ثلاث وسبعون سنة .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى صافية غير مدخولة . ( * )

ـ377ـ

ـ ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل ـ

سوى ما تقدم

جحل بتقديم الجيم على الحاء المهملة . وهو السقاء الضخم قال ابن دريد واسمه

مصعب وجحل لقب وغيره يقول اسمه المغيرة كما سبق والجحل نوع من اليعاسيب

عن صاحب العين وقال أبوحنيفة كل شئ ضخم فهو جحل ذكره السهيلى وكان

الدارقطنى يقول هوحجل بتقديم الحاء ويفسر بالخلخال أو القيد . وقثم قد ذكرنا

أنه شقيق الحارث وكان ابن قدامة يقول الحارث لا شقيق له والذى رواه ابن سعد

يسنده عن ابن الكلبى أن قثم شقيق العباس وضرار . قال ابن سيدة قثم الشئ

يقثمه قثما جمعه ويقال قثام أى أقثم مطرد عند سيبويه وموقوف عند أبى العباس

وقثم له من العطاء قثما أكثر وقثم اسم رجل مشتق منه . وقثام من أسماء الضبع وقثم

الذكر من الضباع وكلاهما معدول عن فاعل وفاعلة وقد تكرر هذا الاسم لابن عبد

المطلب ولا بن عباس . وكان قثم بن العباس واليا لعلى على مكة أردفه النبى صلى الله عليه وسلم

ودعاله واستشهد بسمرقند . قال ابن عبدالبر وقال الزبير في الشعر الذى أوله :

هذا الذى تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم

انه قاله بعض شعراء المدينة في قثم بن العباس ، وزاد الزبير في الشعر بيتين أو ثلاثة منها

قوله : كم صارخ بك مكروب وصارخة * يدعوك ياقثم الخيرات ياقثم

ـ378ـ

قال ولا يصح في قثم بن العباس وذلك شعر آخر على عروضه وقافيته . وما قاله

الزبير فغير صحيح ثم قال أبوعمر وفى قثم بن العباس هذا يقول داود بن أسلم :

عتقت من حلى ومن رحلتى * ياناق إن بلغتنى من فثم

إنك إن أدنيت منه غدا * خالفنى البؤس ومات العدم

في كفه بحر وفى وجهه * بدر وفى العرنين ( 1 ) منه شمم

أصم عن قيل الخنا سمعه * وما عن الخير به من صمم

لم يدر ما " لا " وبلى قد درى * فعافها واعتاض منها " نعم "

كذا قال أبوعمر وإنما الشعر في قثم بن العباس بن عبدالله بن العباس بن

ع بدالمطلب كان واليا على اليمامة لابى جعفر المنصور وكان داود بن أسلم من شعراء

الدولة العباسية فأين هو من ذلك الزمان . وتقدم ذكر أبى سفيان بن الحرث وكان

عليه السلام يقول أبوسفيان خير أهلى أو من خير أهلى وفيه كان يقول عليه السلام

كل الصيد في جوف الفرا . وقيل في أبى سفيان بن حرب وكان أبوسفيان بن

الحارث أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وابن عمه وكان فارسا مشهورا

وشاعرا مطبوعا أنشد له أبوعمر :

لقد علمت قريش غير فخر * بأنا نحن أجودهم حصانا

وأكثر هم دروعا سابغات * وأمضاهم إذا طعنوا سنانا

وأدفعهم لدى الضراء عنهم * وأبينهم إذا نطقوا لسانا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى الانف . والشمم ارتفاع في قصبة الانف مع استواء أعلاه . ( * )

ـ379ـ

قال أبوعمرو كان أحد الخمسة المشبهين بالنبى صلى الله عليه وسلم وهم جعفر بن

أبى طالب والحسن بن على وقثم بن العباس وأبوسفيان بن الحارث والسائب بن

عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف . ولم يزد على ذلك وإلى

السائب هذا ينسب الامام الشافعى قال المؤلف فقلت في ذلك شعرا :

بخمسة شبه المختار من مضر * ياحسن ماخولوا من شبهه الحسن

بجعفر وابن عم المصطفى قثم * وسائب وأبى سفيان والحسن

قلت وممن كان يشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم أيضا عبدالله بن عامر بن

كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرا فقال هذا

شبهنا . وروى أنه عليه السلام قال إذا رآه يابنى عبد شمس هذا أشبه بنا منه

بكم . وأبولهب اسمه لبنى كذا هو عند الجماعة وفسره السهيلى بشئ يتميع من

بعض الشجر عن أبى حنيفة قال ويقال لبعضه الميعة . والذى ذكره أبوعمر في اسم

أمه لبى على وزن فعلى من اللب على قياس قول ابن دريد في حبى من الحب وقال

السهيلى بنت هاجر بكسر الجيم . ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ381ـ

ـ ذكر أزواجه وسراريه ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 381 سطر 1 الى ص 390 سطر 21

ـ ذكر أزواجه وسراريه ـ

سلام الله عليه وعليهن

روى عبدالملك بن محمد ا لنيسابورى بسنده عن عطية العوفى عن أبى سعيد

الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تزوجت شيئا من نسائى ولا

زوجت شيئا من بناتى إلا بوحى جاءنى به جبريل عن ربى عزوجل . فأول من

تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة وقد تقدم ذكرها . ثم سودة بنت زمعة بن قيس

ابن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بعد خديجة

على الصحيح ومن الناس من يقول تزوج عائشة قبلها ، وأصدق النبى صلى الله عليه وسلم سودة

أربعمائة . وأمها الشموس بنت قيس بن عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر

ابن غنم بن عدى بن النجار بنت أخى سلمى بنت عمرو بن زيد أم ع بدالمطلب

وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن عبدشمس بن عبدود أخى سهل وسهيل

وسليط وحاطب ولكلهم صحبة ، وهاجر بها السكران إلى أرض الحبشة الهجرة

الثانية ثم رجع بها إلى مكة فمات عنها فلما حلت تزوجها عليه السلام في السنة

العاشرة من النبوة وقيل في الثامنة وماتت بعده بالمدينة في آخر خلافة عمر بن الخطاب

هذا هو المشهور في وفاتها وابن سعد يقول عن الواقدى توفيت سنة أربع وخمسين

في خلافة معاوية وكانت قد كبرت عنده فأراد طلاقها فوهبت يومها لعائشة فأمسكها

وقيل بل طلقها وراجعها والصحيح الاول قال الدمياطى وقال أبوعمر أسلت عند

ـ382ـ

النبى صلى الله عليه وسلم فهم بطلاقها فقالت لا تطلقنى وأنت في حل من شأنى

فانما أريد أن أحشر في أزواجك وانى قد وهبت يومى لعائشة وانى لا أريد ما تريد

النساء فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفى عنها .

ثم عائشة بنت أبى بكر الصديق أم عبدالله اكتنت بابن أختها عبدالله بن

الزبير باذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بذلك وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر وقيل بنت

عمير بن عامر من بنى دهمان بن الحارث . كانت تسمى لجبير بن مطعم فسلها أبوبكر

منهم وزوجها النبى صلى الله عليه وسلم . روى أبومعاوية عن الاعمش عن ابراهيم

عن الاسود عن عائشة قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بنت

سبع سنين وبنى بى وأنا بنت تسع وقبض عنى وأنا بنت ثمان عشرة . رويناه

من طريق النسائى عن أبى كريب وأحمد بن حرب عن أبى معاوية . وتزوجها عليه

السلام بمكة في شوال سنة عشر من النبوة . فلما هاجر إلى المدينة بعث زيد بن

حارثة وأبا رافع إلى مكة يأتيان بعياله سودة وأم كلثوم وفاطمة وأم أيمن وابنها

أسامة وخرج معهم عبدالله بن أبى بكر بعيال أبى بكر أم رومان وعائشة وأسماء

فقدموا المدينة فأنزلهم في بيت لحارثة بن النعمان ورسول الله صلى الله عليه وسلم

يومئذ يبنى مسجده فلما فرغ من بنائه بنى بيتا لعائشة وبيتا لسودة وأعرس بعائشة

في شوال على رأس ثمانية أشهر من مهاجره وقيل سبعة أشهر وقيل ثمانية عشر .

وكان مقامه في بيت أبى أيوب إلى أن تحول إلى مساكنه سبعة أشهر وقبض عنها

وهى بنت ثمان عشرة ومكثت عنده تسع سنين وخمسة أشهر ولم يتزوج بكرا

غيرها يقال انها أتت من النبى صلى الله عليه وسلم بسقط ولا يثبت وكانت فضائلها جمة ومناقبها

كثيرة قال عليه السلام فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام

ـ383ـ

وقيل له أى النساء ( 1 ) أحب اليك قال عائشة قيل فمن الرجال قال أبوها . ونزلت

براءتها في القرآن وقبض عليه السلام ورأسه في حجرها ودفن في بيتها وقال أبو

الضحى عن مسروق ورأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الاكابر

يسألونها عن الفرائض . وقال عطاء بن أبى رباح كانت عائشة أفقه الناس وأعلم

الناس وأحسن الناس رأيا في العامة . وقال هشام بن عروة عن أبيه ما رأيت أحدا

أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة . وقال الزهرى لو جمع علم جميع أزواج

النبى صلى الله عليه وسلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل . وفيها يقول

حسان يمدحها ويعتذر اليها :

حصان رزان ( 2 ) ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل ( 3 )

عقيله ( 4 ) أصل من لؤى بن غالب * كرام المساعى مجدهم غير زائل

مهذبة قد طيب الله خيمها * وطهرها من كل بغى وباطل

فان كان ما قد قيل عنى قلته * فلا رفعت سوطى إلى أناملى

وكيف وودى ما حييت ونصرتى * لآل رسول الله زين المحافل

توفيت سنة ست وقيل سنة سبع وقيل سنة ثمان وخمسين وصلى عليها أبو

هريرة ودفنت بالبقيع ليلا . ونزل في قبرها القاسم بن محمد وابن عمه عبدالله بن

* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " أى الناس " وهو غلط .

( 2 ) أى : عفيفة رزينة .

( 3 ) الغرث الجوع وهو إستعارة عن كفها عن الغيبة .

( 4 ) أى : كريمة .

بكسر الخاء أى طبيعتها وسجيتها . ( * )

ـ384ـ

عبدالرحمن وعبدالله بن أبى عتيق وعبدالله وعروة ابنا الزبير وقد قاربت سبعا

وسنين سنة ومولدها سنة أربع من النبوة .

تم حفصة بنت عمر بن الخطاب وأمها قدامة بنت مظعون وهى شقيقة عبدالله

ابن عمر وأسن منه . مولدها قبل النبوة بخمس سنين كانت تحت خنيس بن حذافة

السهمى فتوفى عنها من جراحات أصابته ببدر وقيل بأحد والاول أشهر . فتزوجها

رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من مهاجره على القول الاول

أو بعد أحد على الثانى . وكان عمر قد عرضها على أبى بكر قبل أن يتزوجها عليه

السلام فلم يرجع اليه أبوبكر كلمة فغضب من ذلك ثم عرضها على عثمان حين

ماتت رقية فقال ما أريد أن أتزوج اليوم فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه

وسلم فشكا اليه عثمان وأخبره بعرض حفصة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم تتزوج حفصة خيرا من عثمان ويتزوج عثمان خيرا من حفصة ثم تزوج عليه

السلام حفصة وزوج ابنته أم كلثوم عثمان وطلق عليه السلام حفصة تطليقة ثم

راجعها وذلك أن جبريل نزل عليه فقال له راجع حفصة فانها صوامة قوامة وانها

زوجتك في الجنة ومن حديث عقبة بن عامر قال طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة

فبلغ ذلك عمر فحثا ( 1 ) على رأسه التراب وقال ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها فنزل

جبريل على النبى صلى الله عليه وسلم من الغد وقال إن الله يأمرك أن تراجع حفصة

رحمة لعمر ثم أراد أن يطلقها ثانية فقال له جبريل لاتطلقها فانها صوامة قوامة

الحديث . توفيت في شعبان سنة خمس وأربعين بالمدينة وصلى عليها مروان بن

الحكم أمير المدينة وحمل سريرها بعض الطريق ثم حمله أبوهريرة إلى قبرها

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : رمى . ( * )

ـ385ـ

ونزل في قبرها عبدالله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبدالله وحمزة بنو عبدالله بن عمر

وقد بلغت ثلاثا وستين سنة وقيل ماتت سنة إحدى وأربعين وأوصت إلى عبدالله

أخيها بما أوصى اليها عمر وبصدقة تصدقت بها بمال وقفته بالغابة .

ثم زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبدالله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال

ابن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن

حفصة بن قيس عيلان كانت تدعى أم المساكين لرأفتها بهم كانت عند الطفيل

ابن الحارث فطلقها فتزوجها أخوه عبيدة فقتل يوم بدر شهيدا كما سبق فخلف

عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على رأس أحد وثلاثين شهرا

من الهجرة ومكثت عنده ثمانية أشهر وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر على رأس

تسعة وثلاثين شهرا من الهجرة وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع وقد

بلغت ثلاثين سنة أو نحوها . ولم يمت من أزواجه في حياته إلا هى وخديجة وفى

ريحانة خلاف وقال أبوعمر كانت قبل النبى صلى الله عليه وسلم عند عبدالله بن

جحش حكاه عن ابن شهاب قال وقتل عنها يوم أحد فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم

سنة ثلاث ولم تلبث عنده إلا يسيرا شهرين أو ثلاثة . وحكى عن على بن عبدالعزيز

الجرجانى انها كانت أخت ميمونة لامها قال ولم أر ذلك لغيره ولما خطبها عليه

السلام جعلت أمرها اليه فتزوجها واشهدوا صداقها اثنتى عشرة أو قية ونشا ( 1 )

وأرادت أن تعتق جارية لها سوداء فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا

تفدين بها بنى أخيك أو أختك من رعايه الغنم .

ثم أم سلمة واسمها هند بنت أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم

* ( هامش ) * ( 1 ) بفتح النون وتشديد الشين وهو عشرون درهما . ( * )

ـ386ـ

وكانت قبله عند أبى سلمة عبدالله بن عبدالاسد وهما أول من هاجر إلى أرض

الحبشة ولدت له برة سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وسلمة وعمر ودرة

شهد أبوسلمة بدرا وأحدا ورمى بها بسهم في عضده فمكث شهرا يداويه ثم برأ

الجرح وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين

شهرا من مهاجره وبعث معه مائة وخمسين رجلا من المهاجرين والانصار إلى

قطن وهو جبل بناحية فيد فغاب تسعا وعشرين ليلة ثم رجع إلى المدينة فانتفض

جرحه فمات منه لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة أربع فاعتدت أم سلمة وحلت

لعشر بقين من شوال سنة أربع فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال

بقين من وشوال المذكور وأبوعمر يقول تزوجها في شوال سنة اثنتين وليس بشئ

لانه قال في وفاة أبى سلمة انها في جمادى الآخرة سنة ثلاث وهو لم يتزوجها إلا

بعد انقضاء عدتها من أبى سلمة بالوفاة وقال لها إن شئت سبعت لك وسبعت

لنسائى وإن شئت ثلثت ودرت فقالت بل ثلث . وخطبها عليه السلام فقالت انى

سنة وذات أيتام وشديدة الغيرة فقال أنا أسن منك وعيالك عيال الله ورسوله

وأدعو الله لك فيذهب عنك الغيرة فدعا لها فكان كذلك . توفيت في خلافة

يزيد بن معاوية سنة ستين على الصحيح . وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن

مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس وقد قيل في اسم أم سلمة رملة وليس بشئ .

ثم زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم

ابن دودان بن أسد بن خزيمة وكان اسمها يرة فسماها زينب . أمها أميمة عمة رسول

الله صلى الله عليه وسلم كانت قبله عند زيد بن حارثة مولاه ثم طلقها فلما حلت

زوجه الله إياها من السماء سنة أربع وقيل سنة ثلاث وقيل سنة خمس وهى يومئذ

بنت خمس وثلاثين سنة وأولم عليها وأطعم المسلمين خبزا ولحما وفيها نزل الحجاب

ـ387ـ

وهى التى قال الله في حقها ( فلما قضى زيد منها وطرا زوجنا كها ) ولما تزوجها تكلم

في ذلك المنافقون وقالوا حرم محمد نساء الولد وقد تزوج إمرأة ابنه فأنزل الله عزوجل

( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ) الآية وقال ( أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله )

فدعى زيد بن حارثة وكان يدعى زيد بن محمد وكانت تفخر على نسائه عليه السلام

تقول آباؤكن أنكحو كن وان الله تعالى أنكحنى إياه من فوق سبع سموات وغضب

عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولها لصفية بنت حيى تلك اليهودية فهجرها

لذلك ذا الحجة والمحرم وبعض صفر ثم أتاها وكانت كثيرة الصدقة والايثار وهى

أول نسائه لحوقا به توفيت سنة عشرين أو إحدى وعشرين وكانت عائشة تقول

هى التى تسامينى في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رأيت إمرأة قط خيرا في الدين

من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا وأوصل للرحم وأعظم صدقة . وقال عليه

السلام لعمر بن الخطاب في حقها إنها لاواهة قال رجل أى رسول الله وما الاواه

قال الخاشع المتضرع وان ابراهيم لحليم أواه منيب .

ثم جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة

وهو المصطلق بن سعيد بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر

ماء السماء سباها يوم المريسيع في غزوة بنى المصطلق . وقد تقدم ذكرها وقعت في

سهم ثابت بن قيس بن شماس كاتبها على تسع أواقى فأدى عليه السلام عنها كتابتها

وتزوجها وقال الشعبى كانت جويرية من ملك اليمين فأعتقها عليه السلام وتزوجها

وقال الحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم على جويرية وتزوجها وقيل جاء

أبوها فافتداها ثم أنكحها رسول الله بعد ذلك . وكان اسمها برة فحوله رسول الله

صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية . وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم

ـ388ـ

عند مسافع بن صفوان المصطلقى . وكانت جميلة قالت عائشة كانت جويرية عليها

ملاحة وحلاوة لا يكاد يراها أحد إلا وقعت بنفسه وعند ما تزوجها عليه السلام

قال الناس صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم من سبايا بنى

المصطلق قالت عائشة فلم نعلم إمرأة كانت أكثر بركة على قومها منها . توفيت بالمدينة في

شهر ربيع الاول سنة ست وخمسين وصلى عليها مروان بن الحكم وهو أمير المدينة

وقد بلغت سبعين سنة لانه تزوجها وهى بنت عشرين سنة . وقيل توفيت سنة

خمسين وهى بنت خمس وستين سنة ولابيها الحارث بن أبى ضرار صحبة وكان

قد قدم في فداء ابنته جويرية بأباعر فاستحسن منها بعيرين فغيبهما بالعقيق في

شعب ولم يعترف بهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم عنهما فقال والله

لم يطلع على ذلك أحد أشهد أنك رسول الله وأسلم . ذكره ابن إسحق والواقدى .

ثم ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة بن شمعون بن زيد من بنى النضير وبعضهم

يقول من بنى قريظة وكانت متزوجة فيهم رجلا يقال له الحكم وكانت جميلة وسيمة

وقعت في سبى بنى قريظة فكانت صفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخيرها بين

الاسلام ودينها فاختارت الاسلام فأعتقها وتزوجها وأصدقها إثنتى عشرة أوقية

و نشاوأعرس بها في المحرم سنة ست في بيت سلمى بنت قيس النجارية بعد أن

حاضت حيضة وضرب عليها الحجاب فغارت عليه غيره شديدة فطلقها تطليقة

فأكثرت البكاء فدخل عليها وهى على تلك الحال فراجعها . ولم تزل عنده حتى ماتت

مرجعه من حجة الوداع سنة عشر . وقيل كانت موطوءة له بملك اليمين والاول

أثبت عند الواقدى وأما أبوعمر فقال ريحانة سرية النبى صلى الله عليه وسلم . لم

يزد على ذلك ووالدها شمعون يأتى ذكره في موالى النبى صلى الله عليه وسلم .

ـ389ـ

؟ ؟ ؟ أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس

ابن عبد مناف الاموية . أمها صفية بنت أبى العاص بن أمية عمة عثمان بن عفان

هاجرت مع زوجها عبيدالله بن جحش إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية فولدت

له حبيبة وبها كانت تكنى وتنصر عبيدالله هناك وثبتت هى على الاسلام وبعث

رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى فزوجه إياها

والذى عقد عليها خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها النجاشى عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم أربعمائة دينار على خلاف محكى في الصداق والعاقد من كان وبعثها

مع شر حبيل بن حسنة وجهزها من عنده كل ذلك في سنة سبع . وقد قيل في اسمها

هند وزوجها من النبى صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان وكان الصداق مائتى

دينار وقيل أربعة آلاف درهم وقد عقد عليها النجاشى وكان قد أسلم وقيل إنما

تزوجها عليه السلام بالمدينة مرجعها من الحبشة والاول أثبت في ذلك كله وكان

أبوسفيان في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له إن محمدا قد نكح

ابنتك فقال هو الفحل لايقدع أنفه وكان أبوعبيدة يقول تزوجها عليه السلام سنة

ست وليس بشئ وقد وقع في الصحيح ( 1 ) قول أبى سفيان يوم الفتح للنبى صلى الله

عليه وسلم أسألك ثلاثا فذكر منهن أن تتزوج يا رسول الله أم حيبية يعنى ابنته

فأجابه عليه السلام لما سأل . وهذا مخالف لما اتفق عليه أرباب السير والعلم بالخبر

وقد أجاب عنه الحافظ المنذرى جوابا يتساوك ( 2 ) هزلا فقال يكون أبوسفيان ظن أن

بما حصل له من الاسلام تجددت له عليها ولاية فأراد تجديد العقد يوم ذلك لا

غير . توفيت أم حبيبة سنة أربع وأربعين وبعد موتها إستلحق معاوية زيادا

* ( هامش ) * ( 1 ) أى صحيح مسلم . قال العزبن جماعة في سيرته : وقد عد هذا من أوهام مسلم .

( 2 ) التساوك : السير الضعيف . ( * )

ـ390ـ

وقال قبله والاول أشبه تحرجا من دخوله عليها وكان الذى جسره على إستلحاقه

إياه الابيات التى لابى سفيان يخاطب بها عليا :

أما والله لولا خوف واش * يرانى يا على من الاعادى

لاظهر أمره ( 1 ) صخر بن حرب * وإن تكن ( 2 ) المقالة عن زياد

فقد طالت مجاملتى ثقيفا * وتركى فيهم ثم الفؤاد ( 3 )

ثم صفية بنت حيى بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج

ابن أبى حبيب بن النضير بن النحام بن ينحوم من بنى إسرائيل من سبط هارون

ابن عمران عليه السلام كان أبوها سيد بنى النضير فقتل مع بنى قريظة . وأمها برة

بنت شموال أخت رفاعة بن شموال القرظى وكانت عند سلام بن مشكم . ثم خلف

عليها كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق الشاعر النضرى فقتل عنها يوم خيبر ولم تلد

لاحد منهما شيئا فاصطفاها النبى صلى الله عليه وسلم لنفسه فأعتقها وتزوجها وجعل

عتقها صداقها . وبعض العلماء يعد ذلك من خصائصه عليه السلام . وكانت جميلة

لم تبلغ سبع عشرة سنة . روى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم

إشترى صفية بنت حيى بسبعة أرؤس وخالفه عبدالعزيز بن صهيب وغيره عن أنس

فقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع سبى خيبر جاءه دحية الكلبى فقال

أعطنى جارية من السبى فقال إذهب فخذ جارية فأخذ صفية بنت حيى فقيل يا رسول

الله إنها سيدة قريظة والنضير وإنها لا تصلح إلا لك فقال له النبى صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) في النسخة الظاهرية " شره " .

( 2 ) في نسخة " ولم يكن " .

( 3 ) في هامش الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

 

ـ391ـ

خذ جارية من السبى غيرها . وقال ابن شهاب كانت مما أفاء الله عليه فحجبها وأولم

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 391 سطر 1 الى ص 399 سطر 21

خذ جارية من السبى غيرها . وقال ابن شهاب كانت مما أفاء الله عليه فحجبها وأولم

عليها بتمر وسويق وقسم لها ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على صفية

وهى تبكى فقال لها ما يبكيك قالت بلغنى أن عائشة وحفصة تنالان منى ويقولان

نحن خير من صفية نحن بنات عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه قال أفلا قلت لهن

كيف تكن خيرا منى وأبى هرون وعمى موسى وزوجى محمد صلى الله عليه وسلم وكانت

صفية حليمة عاقلة فاضلة قال أبوعمر روينا أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب رضى الله

عنه فقالت ان صفية تحب السبت وتصل اليهود فبعث اليها عمر فأسلها فقالت أما السبت

فانى لم أحبه منذ أبدلنى الله به يوم الجمعة وأما اليهود فان لى فيهم رحما فأنا أصلها

ثم قالت للجارية ماخملك على ما صنعت قالت الشيطان قالت إذهبى فأنت حرة

وكانت صفية قدرأت قبل ذلك أن قمرا وقع في حجرها فذكرت ذلك لابيها فضرب

وجهها ضربة أثرت فيه وقال إنك لتمدين عنقك إلى أن تكونى عند ملك العرب

فلم يزل الاثربها حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فأخبرته الخبر . وماتت

صفية سنة خمسين في رمضان وقيل سنة اثنتين وخمسين . ودفنت بالبقيع وورثت

مائة ألف درهم بقيمة أرض وعرض وأوصت لا بن أختها بالثلث بوكان يهوديا .

ثم ميمونة بنت الحرث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبدالله بن

هلال بن عامر بن صعصعة وكان إسمها برة فسماها ميمونة زوجه إياها العباس عمه

وكانت خالة ابن عباس وهى أخت لبابة الكبرى أم بنى العباس ولبابة الصغرى

أم خالد بن الوليد وعصماء وعزة وأم حفيد هزيلة لاب وأم وأخواتهن لامهن أسماء

وسلمى وسلامة بنات عميس . وزاد بعضهم زينب بنت خزيمة وأمهن هند بنت عوف

ابن زهير بن الحارث بن حماطة الحميرية وكانت ميمونة في الجاهلية عند مسعود

ابن عمرو بن عمير الثقفى ففارقها وخلف عليها أبورهم بن عبدالعزى بن أبى قيس

ـ392ـ

ابن عبدود بن نصربن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى فتوفى عنها فنزوجها

رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة سبع وفيها اعتمر عمرة القضية في

ذى القعدة وقد اختلف الرواية هل تزوجها عليه السلام وهو محرم أو وهو حلال

فلما قدم مكة أقام بها عليه السلام ثلاثا فجاءه سهيل بن عمرو في نفر من أصحابه

من أهل مكة فقال يا محمد أخرج عنا اليوم آخر شرطك فقال دعونى ابنتى بامرأتى

وأصنع لكم طعاما فقال لا حاجة لنابك ولا بطعامك أخرج عنا فقال سعد يا عاض

بظر أمه أرضك وأرض أمك دونه لا يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يشاء

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهم فانهم زارونا لا نؤذيهم فخرج فبنى

بها بسرف حيث تزوج بها وهنالك ماتت في حياة عائشة سنة إحدى وخمسين

وقد بلغت ثمانين سنة وقد قيل في وفاتها غير ذلك وهى آخر من تزوج عليه السلام

وقال ابن شهاب هى التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم . وقال السهيلى لما

جاءها الخاطب وكانت على بعير رمت بنفسها من على البعير وقالت البعير وما عليه

لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

فهؤلاء نساؤه المدخول بهن اثنتا عشرة امرأة منهن ريحانة وقد ذكرنا الخلاف

فيها ومات عليه السلام عن تسع منهن .

قال الحافظ أبومحمد الدمياطى وأما من لم يدخل بها ومن وهبت نفسها له ومن

خطبها ولم يتفق تزويجها فثلاثون امرأة على اختلاف في بعضهن والله اعلم .

قال المؤلف ولنذكر من تيسر لنا ذكره منهن فمنهن أسماء بنت الصلت السلمية

وأسماء بنت النعمان بن الجون بن شراحيل . وقيل بنت النعمان بن الاسود بن حارثة

ابن شراحيل من كندة . وأسماء بنت كعب الجونية ذكرها ابن إسحق من رواية

ـ393ـ

يونس بن بكير عنه ولا أراها والتى قبلها إلا واحدة . وجمرة بنت الحارث الغطفانى

خطبها عليه السلام لابيها فقال إن بها سوءا ولم يكن فرجع فوجدها قد برصت .

وأميمة بنت شراحيل لها ذكر في صحيح البخارى . وحبيبة بنت سهل الانصارية

التى اختلعت من ثابت بن قيس كان النبى صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوجها

ثم تركها فتزوجها ثابت قاله ابن الاثير . وخولة بنت الهذيل بن هبيرة بن قبيصة

ابن الحارث بن حبيب التغلبية ذكرها أبوعمر عن الجرجانى . وخولة أو خويلة بنت

حكيم السلمية كانت امرأة صالحة فاضلة تكنى أم شريك قيل هى التى وهبت نفسها

للنبى صلى الله عليه وسلم وقد يكونا اثنتين فالله أعلم . وسنا بنت الصلت وهى

عند أبى عمر بنت أسماء بنت الصلت وقيل أسماء أخ لها وقيل تزوجها ثم طلقها

وقيل ماتت قبل أن تصل اليه وقيل لما علمت أنه تزوجها عليه السلام ماتت

من الفرح . وسودة القرشية كانت مصبية خطبها عليه السلام فاعتذرت ببنيها

وكانوا خمسة أو ستة فقال لها خيرا . وشراف بنت خليفة أخت دحية الكلبى

تزوجها فهلكت قبل دخوله بها . وصفية بنت بشامة بن نضلة أخت الاعور بن

بشامة أصابها سباء فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن شئت أنا وإن شئت

زوجك قالت زوجى فأرسلها اليه فلعنتها بنو تميم . والعالية بنت ظبيان بن عمر

ابن عوف بن عبد بن أبى بكر بن كلاب تزوجها عليه السلام وكانت عنده ماشاء

الله ثم طلقها قاله أبوعمر وقال قل من ذكرها . وعمرة بنت يزيد بن الجون الكلابية

تزوجها فبلغه أن بها برصا فطلقها ولم يدخل بها وقيل هى التى تعوذت منه فقال لها

لقد عذت فطلقها وأمر أسامة فمتعها بثلاثة أثواب . وعمرة بنت معاوية

الكندية ذكرها ابن الاثير . وأم شريك العامرية قال ابن عبدالبر إسمها غزية

بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رفاعة بن حجر ويقال حجير بن عبد

ـ394ـ

ابن معيص بن عامر بن لؤى يقال هى التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم وقد قيل

ذلك في جماعة سواها . أم شريك بنت جابر الغفارية ذكرها أحمد بن صالح في

أزواج النبى صلى الله عليه وسلم . فاخته بنت أبى طالب بن ع بدالمطلب خطيها

عليه السلام لابيها عمه أبى طالب وخطبها هبيرة بن أبى وهب فزوجها أبوطالب

من هبيرة . فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابى تزوجها وخيرها حين نزلت

آية التخيير فاختارت الدنيا ففارقها فكانت بعد ذلك تلفظ ا لبعروتقول أنا الشقية

إخترت الدنيا . حكاه أبوعمر ورده وقيل التى تقول أنا الشقية هى المستعيذة منه

وقيل غير ذلك . فاطمة بنت شريح قال ابن الامين ذكرها أبوعبيدة في أزواج

النبى صلى الله عليه وسلم . قتيلة بنت قيس بن معدى كرب أخت الاشعث تزوجها

قبل موته بيسير ولم تكن قدمت عليه ولارآها قيل وأوصى أن تخير فان شاءت

ضرب عليها الحجاب وحرمت على المؤمنين وإن شاءت طلقت ونكحت من

شاءت فاختارت النكاح فتزوجها بعد عكرمة بن أبى جهل . وليلى بنت الخطيم أخت

قيس الانصارية عرضت نفسها على النبى صلى الله عليه وسلم فتزوجها ثم رجعت

فقالت أقلنى فقال قد فعلت . ملكية بنت داود ذكرها ابن حبيب . مليكة بنت

كعب الليثى تزوجها وقيل دخل بها وقيل لم يدخل بها . هند بنت يزيد بن البرصاء

 

من بنى أبى بكر بن كلاب . ذكرها أبوعبيدة في أزواج النبى صلى الله عليه وسلم وقال أحمد

ابن صالح هى عمرة بنت يزيد قال أبوعمر فيه نظر لان الاضطراب فيه كثير جدا .

وأما سراريه فكن أربعة مارية بنت شمعون القبطية أم ولده ابراهيم وكانت

من جفنى من كورة أنصنا من صعيد مصر أهداها اليه المقوقس ومعها ؟ ؟ ؟ سيرين

وألف مثقال وعشرون ثوبا من قباطى مصر والبغلة الشهباء دلدل وحمار أشهب

ـ395ـ

يقال له يعفور أو عفير وخصى يسمى ما بور وقيل إنه ابن عمها ومن عسل بنها ( 1 ) فأعجب

النبى صلى الله عليه وسلم العسل ودعا في عسل بنها بالبركة فولدت له عليه السلام

مارية ابراهيم . وقد تقدم ذكره . وريحانة بنت يزيد النضرية وقد سبق ذكرها . وقال

أبوعبيدة كان له أربع مارية وريحانة وأخرى جميلة أصلبها في السبى وجارية وهبتها

له زينب بنت جحش . وقال قتادة كان للنبى صلى الله عليه وسلم وليدتان مارية

وريحانة وبعضهم يقول ربيحة القرظية .

ـ ذكر خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ

أنس بن مالك الانصارى وهند وأسماء ابنا حارثة الاسلميان . وربيعة بن كعب

الاسلمى . وكان عبدالله بن مسعود صاحب نعليه كان إذا قام ألبسه إياهما وإذا

جلس جعلهما في ذراعيه حتى يقوم . وكان عقبة بن عامر الجهنى صاحب بغلته يقود

به في الاسفار . وأسلع بن شريك صاحب راحلته . وبلال بن رباح المؤذن . وسعد

مولى أبى بكر الصديق . وأ بوالخمراء قيل اسمه هلال بن الحارث وقيل هلال بن ظفر

حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يمر ببيت على وفاطمة فيقول : ( السلام

عليكم أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )

وذو مخمر ابن أخى النجاشى ويقال ابن أخته ويقال ذو مخبر . وبكير بن شداخ

الليثى . ويقال بكر وأبوذر الغفارى ورزينة إمرأة حديثها عن النبى صلى الله عليه

* ( هامش ) * ( 1 ) قرية في مصر على النيل . ( * )

ـ396ـ

وسلم في فضل يوم عاشوراء عند أهل البصرة . وأربد كذا وجدته فيهم غير منسوب

و ؟ ؟ ؟ ذكر ابراهيم بن سعدعن ابن إسحق فيمن هاجر إلى المدينة أربد بن حمير

فلا أدرى أهوهو أم لا والاسود بن مالك الاسدى اليمانى وأخوه الحدرجان بن مالك

وجزء بن الحدرجان ذكرهم ابن مندة وثعلبة بن عبدالرحمن الانصارى له حديث

حسن طويل من طريق المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال كان

فتى من الانصار يحف برسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثه أنه مر بباب رجل

من الانصار فاطلع فيه فوجد إمرأة الانصارى تغتسل فكرر النظر ، وذكر باقى

الحديث بطوله في سبب توبته . ذكره أبومحمد الرشاطى وقال أغفله أبوعمرولم

ينبه عليه ابن فتحون وقد رأيت عن أبى حاتم البستى قال في ثعلبة هذا مات

خوفا من الله في حياة النبى صلى الله عليه وسلم وهو إشارة إلى هذا الحديث .

وسالم خادمه عليه السلام وبعضهم يقول مولاه ومنهم من يقول أبوسلمى راعى رسول

الله صلى الله عليه وسلم . وقد ذكر بعضهم سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه

وسلم وقيل هو سالم المذكور . وسابق ذكره أبوعمر وقال وقد روى عنه حديث

واحد من حديث الكوفيين اختلف فيه على شعبة ومسعر والصحيح فيه عنهما

مارواه هشيم وغيره عن أبى سفيان عن سابق بن ناجية عن أبى سلام خادم رسول

الله صلى الله عليه وسلم قال ولا يصح سابق في الصحابة والله أعلم . والحديث الذى

أشار اليه عن أبى سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم قال ما من عبد يقول حين يمسى وحين يصبح ثلاث مرات رضيت

بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة

قال أبوعمر ومن قال في أبى سلام هذا أبوسلامة فقد أخطأ . هو أبوسلام الهاشمى

ذكره في الصحابة وفى خدم النبى صلى الله عليه وسلم خليفة بن خياط . وصفية خدمت النبى

ـ397ـ

صلى الله عليه وسلم روت عنها أمة الله بنت رزينة في الكسوف مرفوعا قاله ابن

عبدالبر . ومهاجر مولى أم سلمة روى أبوعمر من حديثه قال خدمت رسول الله

صلى الله عليه وسلم خمس سنين لم يقل لشئ صنعته لم صنعته ولا لشئ تركته

لم تركته . ونعيم بن ربيعة بن كعب ذكر عن ابن مندة . وأبونعيم وأبوعبيدة

قال أبوعمر قيل خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل مولاه لا أقف له على اسم . ومن النساء

سوى ما تقدم : أمة الله بنت رزينة وقدم تقدم ذكر أمها . وخولة جدة حفص بن

سعيد ذكرها أو عمر وقال لها حديث في تفسير قوله تعالى ( والضحى والليل إذا

؟ ؟ ؟ ما ودعك ربك وما قلى ) . ليس إسناده مما يحتج به . ومارية جدة المثنى

ابن صالح لها حديث عند الكوفيين . ومارية أم الرباب لها حديث عند البصريين

ذكرهما أبوعمر وذكر حديثيهما ، وقال في الثانية لا أدرى أهى التى قبلها أم لا .

ـ ذكر موالى رسول الله ـ

صلى الله عليه وسلم

زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبى وابنه أسامة بن زيد وأخوه لامه أيمن

ابن عبيد بن أم أيمن ، استشهد أيمن يوم حنين وكان على مطهرة النبى صلى الله عليه وسلم . وأسلم

ابن عبيد . وأبورافع واسمه أسلم وقيل ابراهيم وقيل هرمز وكان للعباس بن عبد

المطلب وقيل كان لسعيد بن العاص أبى أحيحة . وأبورافع أيضا والد البهى بن أبى

رافع وقيل كان اسمه رافعا كان لابى أحيحة سعيد بن العاص فمات فورثه بنوه فعتق

بعضهم وبعضهم وهب نصيبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه رسول الله

صلى الله عليه وسلم وهو الاول عند ابن أبى خيثمة والبخارى ومصعب الزبيرى

ـ398ـ

ومنهم من يقول هما اثنان . وأبوأثيلة رأيته بخط شيخنا الحافظ أبى محمد الدمياطى

ولم يسمه ولم ألق له ذكرا أكثر من أن أبا عمر قال في الصحابة أبوأثلة قيل اسمه

راشد حجازى له صحبة . وكذلك قال أبوأحمد الحاكم وكناه أبا أثيلة مصغرا .

وأبوكبشة واسمه سليم شهدبدرا . وأنسة يكنى أبا مشرح . وثوبان ويكنى أبا

عبدالله . وشقران واسمه صالح ، ورباح أسود كان يأذن على النبى صلى الله عليه

وسلم ، ويسار نوبى ، وفضالة وأبوالسمح قيل اسمه إياد ضل فلا يدرى أين مات ،

و أبومويهبة ، ورافع وكان لسعيد بن العاص . وأفلح ومابور ومدعم أسود وهبه له

رفاعة بن زيد الجذامى ، وكركرة كان على ثقل النبى صلى الله عليه وسلم . وزيد جد

بلال بن يسار بن زيد . وعبيد وطهمان وكيسان وذكوان ومروان وواقد وأبوواقد

وسندر وهشام وحنين وسعيد وأبوعسيب واسمه أحمر وأبولبابة وأبولقيط وسفينة

واسمه مهران بن فروخ مولى أم سلمة . وأبوعبيد وسعد وضميرة بن أبى ضميرة

جد الحسين بن عبدالله بن ضميرة . وأبوهند وأبوبكرة نفيع وأخوه نافع وأبو

كندير سعيد وسلمان الفارسى وسالم وسابق . وقد تقدم في الخدم ذكر شئ من

ذلك . وعبيدالله بن أسلم ونبيه وهشام ووردان وأنجشة وكان حاديا وهوالذى قال

له : رفقا بالقوارير . وباذام ذكره النووى عن أبى موسى ونقل له حديثا . وحاتم

ذكره ابن الاثير عن أبى موسى . وزيد بن بولا ودوس ورفيع و أبوريحانة شمعون

وتقدم ذكر ريحانة هذه . وعبيد بن عبدالغفار وغيلان وقفيز غلام رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، ذكره عبدالغنى بن سعيد و الدارقطنى في المؤتلف والمختلف

من طريق أنس بن مالك . وكريب ومحمد بن عبدالرحمن . ومحمد غير منسوب

ومكحول وذكر أنه عليه السلام وهبه أخته من الرضاعة الشيماء ، ونبيل وهرمز

و أبوالبشير وأبوصفية وكان يسبح بالنوى . ومن النساء أم أيمن الحبشية واسمها

ـ399ـ

بركة ، وسلمى أم رافع ، ومارية وريحانة وربيحة . وقد تقدم ذكرهن ، وخضرة

ورضوى وميمونة بنت سعد وميمونة بنت أبى عسيب ، وأم ضميرة وأم عياش

وأميمة مولاة النبى صلى الله عليه وسلم روى عنها جبير بن نفير قاله أبوعمر وقيسر

القبطية أهداها له المقوقس مع مارية وسيرين قيل انه عليه السلام وهبها لابى

جهم بن حذيفة وقيل وهبها لجهم بن قيس العبدى وذكر ابن يونس أن زكرياء بن

الجهم بن قيس لقيسر أخت مارية هذه وأما سيرين فوهبها لحسان بن ثابت فولده

عبدالرحمن منها . وقد ذكرنا في هذا الفصل ميمونة بنت سعد وميمونة بنت أبى

عسيب ذكرهما أبوعمر . وذكر معهما ميمونة ثالثة وقال في كل منهن مولاة

النبى صلى الله عليه وسلم ولم ينسب الثالثة غير انه فرق بينهن بروايتهن . وذكر

لكل واحدة حديثا غير الآخر .

ـ ذكر اسمائه ـ

عليه الصلاة والسلام

قد قدمنا في أول الكتاب حديث الترمذى إن لى أسماء انا محمد وانا أحمد

وانا الماحى الذى يمحو الله بى الكفر وانا الحاشر الذى يحشر الناس على قدمى ،

وانا العاقب الذى ليس بعد نبى . وقد ذكر في أسمائه الرسول والمرسل النبى

الامى الشهيد المصدق النور المعلم البشير المبشر النذير المنذر المبين الامين العبد

الداعى السراج المنير الامام الذكر المذكر الهادى المهاجر العامل المبارك الرحمة

الآمر الناهى الطيب الكريم المحلل المحرم الواضع الرافع المجير خاتم النبيين ثانى

اثنين منصور أذن خير مصطفى مأمون قاسم نقيب المزمل المدثر العلى الحكيم المؤمن

الرءوف الرحيم الصاحب الشفيع المشفع المتوكل نبى التوبة نبى الرحمة نبى الملحمة صلى الله عليه وسلم .

ـ401ـ

ـ ذكر كتابه ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 401 سطر 1 الى ص 410 سطر 22

ـ ذكر كتابه ـ

عليه أفضل الصلاة والسلام

أبوبكر وعمر وعثمان وعلى وعامر بن فهيرة وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص

أبى أحيحة . وذكر شيخنا الحافظ أبومحمد الدمياطى أيضا أخاهما سعيدا وعبدالله

ابن الارقم الزهرى وحنظلة بن الربيع الاسدى وأبى بن كعب وهو أول من كتب

له من الانصار وثابت بن قيس بن شماس ، وزيد بن ثابت وشرحبيل بن حسنة

ومعاوية بن ابى سفيان والمغيرة بن شعبة وعبدالله بن زيد وجهيم بن الصلت والزبير

ابن العوام وخالد بن الوليد والعلاء بن الحضرمى وعمرو بن العاص وعبدالله بن

رواحة ومحمد بن مسلمة وعبدالله بن عبدالله بن أبى ومعيقيب بن أبى فاطمة وعبد

الله بن سعد بن أبى سرح العامرى . وهو أول من كتب له من قريش ثم ارتد

فنزلت فيه ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) وذكر في كتابه عليه السلام أيضا

طلحة ويزيد بن أبى سفيان والارقم بن أبى الارقم الزهرى والعلاء بن عتبة وأبو

أيوب الانصارى خالد بن زيد وبريدة بن الحصيب والحصين بن نمير وأبوسلمة

المخزومى عبدالله بن عبدالاسد وحويطب بن عبدالعزى وأبوسفيان بن حرب وحاطب

ابن عمرو . وروينا من طريق أبى داود من حديث أبى الجوزاء عن ابن عباس قال

السجل ( 1 ) كان كاتبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وروينا من طريق النزال بن سبرة

* ( هامش ) ( 1 ) لا يعرف في كتاب النبى صلى الله عليه وسلم ولا في أصحابه من اسمه " السجل " ولا

وجد إلا في هذا الخبر . من التعريف والاعلام بما أبهم في القرآن من الاعلام للسهيلى . ( * )

ـ402ـ

عن على قال كان ابن خطل يكتب قدام النبى صلى الله عليه وسلم فكان إذا نزل ( غفور رحيم )

كتب رحيم غفور وإذا نزل ( سميع عليم ) كتب عليم سميع . وفيه فقال ابن

خطل ما كنت أكتب إلا ما أريد ثم كفرولحق بمكة فقال رسول الله صلى

الله عليه وسلم من قتل ابن خطل فهو في الجنة فقتل يوم الفتح وهو متعلق بأستار

الكعبة . هذا وهم والنزال بن سبرة له صحبة وروايته عن على مخرجة في الكتب

وإنما الحمل فيه على من هو دونه وهذه الواقعة معروفة عن ابن أبى سرح وهو ممن

كان النبى عليه السلام أهدر دمه يوم الفتح كابن خطل فقتل ابن خطل ، ودخل

بابن أبى سرح على رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فراجع الاسلام

بين يديه عليه السلام فقبله بعد تلوم وقد أوردنا ذلك قبل هذا في يوم الفتح . ولم

ينقم على ابن أبى سرح بعد ذلك شئ في إسلامه . ومات ساجدا رحمه الله ورضى

عنه . وذكر ابن دحية فيهم رجلا من بنى النجار غير مسمى قال كان يكتب الوحى

لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تنصر فلما مات لم تقبله الارض .

ـ ذكر حراسه ومن كان يضرب الاعناق ـ

بين يديه ومؤذنيه

حرسه يوم بدر حين نام في العريش سعد بن معاذ . ويوم أحد محمد بن مسلمة

ويوم الخندق الزبير بن العوام . وحرسه ليلة بنى بصفية أبوأيوب الانصارى بخيبر

أو ببعض طريقها فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم احفظ أبا أيوب كما بات

يحفظنى . وحرسه بوادى القرى بلال وسعد بن أبى وقاص وذكوان بن عبد قيس .

وكان على حرسه عبادبن بشر فلما نزلت ( والله يعصمك من الناس ) ترك الحرس .

وكان الذين يضربون بين يديه الاعناق على بن أبى طالب والزبير والمقداد ومحمد

ابن مسلمة وعاصم بن ثابت ، ومؤذنوه بلال وعمرو بن أم مكتوم الاعمى وسعد القرظ

ابن عائذ مولى عمار بن ياسر ، و أبومحذورة سمرة بن معير وقيل أوس .

ـ403ـ

ـ العشرة من اصحابه و الحواريون ـ

وأهل الصفة

وليس من العشرة و الحواريين إلا من تقدم نسبه فلينظر ( 1 ) في موضعه وهم أبو

بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص وسعد بن زيد وعبد

الرحمن بن عوف وأبوعبيدة عامر بن الجراح رضى الله عنهم . وأنشدت بيتا جمعهم

فيه ناظمه والذى تقدم توطئة له :

لقد بشرت بعد النبى محمد * بجنة عدن زمرة سعداء

سعيد وسعد والزبير وعامر * وطلحة والزهرى والخلفاء

وأما الحواريو : والحوارى الخليل وقيل الناصر وقيل الصاحب المستخلص

فكلهم من قريش وهم الخلفاء الاربعة حمزة وجعفر وأبوعبيدة وعثمان بن مظعون

و عبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وطلحة والزبير .

وأما أصحاب الصفة فقوم فقراء لا منزل لهم غير المسجد . روينا عن ابن سعد

قال أنا محمد بن عمر قال حدثنى محمد بن نعيم المجمر عن أبيه قال سمعت أبا هريرة

يقول رأيت ثلاثين رجلا من أهل الصفة يصلون خلف رسول الله صلى الله عليه

وسلم ليس عليهم أردية . عد منهم أبوهريرة وأبوذر وواثلة بن الاسقع وقيس بن

طخفة الغفارى . وقد ذكر في عددهم أكثر من ذلك بكثير .

* ( هامش ) * ( 1 ) في نسخة " فينظر " . ( * )

ـ405ـ

ـ ذكر سلاحه عليه السلام ـ

سيف يقال له مأثور ورثه من أبيه وقدم به المدينة . والعضبب أرسل اليه به سعد

ابن عبادة عند توجهه إلى بدر . وذو الفقار كان في وسطه مثل فقرات الظهر غنمه

يوم بدر وكان للعاص بن منبه السهمى وكان ذو الفقار مع النبى صلى الله عليه وسلم بعد

في حروبه كلها ، وكانت قائمته وقبيعته وحلقته وعلاقته فضة وهى بكسر الفاء وقيد

أيضا بفتحها . والصمصامة سيف عمرو بن معدى كرب وكان مشهورا . وأصاب من

سلاح بنى قينقاع ثلاثة أسياف سيفا قلعيا بفتح اللام نسبة إلى مرج قلعة بالبادية

والبتار والحتف ، وكان له أيضا الرسوب والمخذم أصابهما مما كان على الفلس صنم طئ

وهو بضم الفاء وسكون اللام . والقضيب فتلك عشرة .

وكانت له درع يقال لها ذات الفضول لطولها أرسل اليه بها سعد بن عبادة

حين سار إلى بدر . وذات الوشاح . وذات الحواشى . ودرعان أصابهما من بنى

قينقاع السغدية وفضتى يقال السغدية كانت درع داود لبسها لقتال جالوت .

والبتراء والخرتق فتلك سبع .

وكان له من القسى خمس : الروحاء والصفراء من نبع والبيضاء من شوحط

أصابهما من بنى قينقاع . والزوراء والكتوم لا نخفاض صوتها إذا رمى عنها .

ـ406ـ

وكانت له جعبة وهى الكنانة يجمع فيها نبله ، ومنطقة من أديم مبشور ثلاث

حلقها ، وأبزيمها وطرفها فضة وثلاثة أتراس الزلوق وفتق ، وأهدى له ترس فيه

تمثال عقاب أو كبش فوضع يده عليه فأذهب الله ذلك التمثال ، وخمسة أرماح

ثلاثة من بنى قينقاع والمثوى والمثنى .

وكانت له حربة تسمى النبعة ذكرها السهيلى وحربة كبيرة إسمها البيضاء

وحربة صغيرة دون الرمح شبه العكاز يقال لها العنزة ، وكان له مغفران الموشح

والمسبوغ أو ذو السبوغ وراية سوداء مربعة يقال لها العقاب وراية بيضاء يقال لها

الزينة وربما جعل فيها الاسود . وروى أبوداود في سننه من حديث سماك بن حرب

عن رجل من قومه عن آخر منهم قال رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم

صفراء . وروى أبوالشيخ بن حيان من حديث ابن عباس قال كان مكتوبا بأعلى

راياته لا إله إلا الله محمد رسول الله . وقال الحافظ أبومحمد الدمياطى قال يوسف

ابن الجوزى روى أن لواءه أبيض مكتوب فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وكان

؟ ؟ ؟ يسمى الكن وكان له محجن قدر ذراع أو أكثر يمشى ويركب به ويعلقه

بين يديه على بعيره وكان له مخصرة تسمى العرجون وقضيب يسمى الممشوق من

شوحط ( 1 ) وقدح يسمى الريان وآخر مضبب يقدر أكثر من نصف المدفيه ثلاثة ضبات

من فضة وحلقة كانت للسفر . وثالث من زجاج وكان له ثور من حجارة يقال له المخضب

يتوضأ فيه وكان له مخضب من شبه ( 2 ) يكون فيه الحناء وركوة تسمى الصادرة ومغسل من

صفر ( 3 ) وربعة ا سكندرانية من هدية المقوقس يجعل فيها مشطا من عاج ومكحلة ومقراظا

* ( هامش ) * ( 1 ) نوع من الشجر ، وكذا النبع .

( 2 ) أرفع النحاس .

( 3 ) الصفر : النحاس . ( * )

ـ407ـ

ومسواكا ومرآة . وكانت له أربعة أزواج خفاف أصابها من خيبر ونعلان سبتيتان

وخف ساذج أسود من هدية النجاشى وقصعة وسرير وقطيفة . وقد اختلفت الروايات

في صفة الخاتم فيحتمل أن تكون خواتم متعددة . وقد كان له خاتم من فضة وخاتم

من ذهب لبسه ثم طرحه ، وخاتم حديد ملوى بفضة نقشه " محمد رسول الله " .

وكان يتبخر بالعود ويطرح معه الكافور . وقال ابن فارس ترك رسول الله صلى الله

عليه وسلم يوم مات ثوبى حبرة وازارا عمانيا وثوبين صحاريين وقميصا صحاريا

وآخر سحوليا وجبة يمانية وكساء أبيض وقلانس صغارا لاطئة ثلاثا أو أربعا .

وازارا طوله خمسة أشبار وخميصة وملحفة مورسة ، وكان يلبس يوم الجمعة برده

الاحمر ويعتم . وكان له صلى الله عليه وسلم عمامة يعتم بها يقال لها السحاب وهبها

لعلى وعمامة سوداء ويلبس يوم الجمعة ثوبا غير ثيابه المعتادة كل يوم ولا يخرج

يوم الجمعة إلا معتما بعمامة يرسلها بين كتفيه ويديرها ويغرزها . وكان له رداء مربع

وكان له فراش من أدم حشوه ليف وكساء أحمر وكساء من شعر وكساء أسود ومنديل

يمسح به وجهه . وسئلت حفصة ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت

مسح يثنيه ثنيتين فينام عليه فلما كان ليلة ثنيته بأربع ثنيات ليكون أوطأ فلما

أصبح قال ما فرشتم لى قلنا هو فراشك ثنيناه أربعا قال ردوه لحاله الاول فانه

منعتنى وطأته صلاة الليل . ذكره الترمذى في الشمائل . وكان له قدح من عيدان

يوضع تحت سريره يبول فيه من الليل ، رواه أبوداود والنسائى . وكان له

سرير بنام عليه قوائمه من ساج بعث به اليه أسعد بن زرارة فكان الناس بعده

يستحملون عليه موتاهم تبركا به .

ـ408ـ

ـ ذكر فوائد تتعلق بهذا الفصل ـ

سوى ما تقدم

البتار والمخذم القاطع . والحتف الموت . والرسوب من رسب في الماء إذا غاص فيه

لان ضربته تغوض في المضروب به . ومرج القلعة قريب من حلوان على طريق

همدان . والسغد موضع تصنع به الدروع عن ابن القطاع . والخرنق ولد الارنب .

والفسطاط البيت من الشعر . والكن ما يستر من الحر والبرد . والمغفر ما يلبسه

الدارع على رأسه من زرد أو نحوه . ورداء مربع طوله أربعة أذرع وإنما اختلف في

عرضه فقيل ذراع وشبر وقيل ذراعان وشبر . وقدح من عيدان مفتوح العين المهملة

ساكن الياء آخر الحروف . والعيدان النخلة السحوق قال الشاعر :

إن الرياح إذا ما أعصفت قصفت * عيدان نجد ولم يعبأن بالرتم

بنات نعش ونعش لا كسوف لها * والشمس والبدر منها الدهر في الرقم ( 1 )

* ( هامش ) * ( 1 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ409ـ

ـ ذكر خيله عليه أفضل الصلاة والسلام ـ

وما له من الدواب والنعم

السكب وكان اسمه قبل أن يشتريه الضرس إشتراه بعشرة أواق أول ماغزا

عليه أحدا ليس للمسلمين غيره . وفرس أبى بردة بن نيار ويسمى ملاوح وكان أغر

طلق اليمين محجلا كميتا وقيل كان أدهم روى ذلك عن ابن عباس ، شبه بفيض الماء

وانسكابه والضرس الصعب السئ الخلق ، والملاوح الضامر الذى لا يسمن والعظيم

الالواح وهو الملواح أيضا . وكان له فرس يقال له المرتجز سمى بذلك لحسن صهيله

كأنه ينشد رجزا وكان أبيض وهو الذى شهد له فيه خزيمة بن ثابت فجعل شهادته

شهادة رجلين وقيل هو الطرف بكسر الطاء المهملة نعت المذكر خاصة وقيل هو

النجيب والطرف والنجيب الكريم من الخيل . وكان له أيضا اللحيف ولزاز والظرب

فأما اللحيف فأهداه له ربيعة بن أبى البراء وأما لزاز فأهداه له المقوقس وأما الظرب

فأهداه له فروة بن عمرو الجذامى . اللحيف فعيل بمعنى فاعل كأنه يلحف الارض

بذنبه وقيل فيه بضم اللام وفتح الحاء على التصغير . ولزاز من قولهم لاززته أى لا صقته

كأنه يلتصق بالمطلوب لسرعته وقيل لاجتماع خلقه والملزز المجتمع الخلق ، والظرب

واحد الظراب وهى الروابى الصغار سمى به لكبره وسمنه وقيل لقوته وصلابته ، وفرس

يقال له الورد أهداه له تميم الدارى فأعطاه عمر بن الخطاب فحمل عليه في سبيل

الله ثم وجده يباع برخص فقال له تشتره ، والورد لون بين الكميت والاشقر .

ـ410ـ

وفرس يدعى سبحة من قولهم فرس سابح إذا كان حسن مد اليدين في الجرى وسبح

الفرس جريه . قال شيخنا الحافظ أبومحمد الدمياطى رحمه الله فهذه سبعة متفق عليها :

وهى السكب والمرتجز واللحيف ولزاز والظرب والورد وسبحة . وكان الذى يمتطى

عليه ويركب السكب . وقيل كانت له أفراس أخر غيرها : وهى الابلق حمل عليه

بعض أصحابه وذو العقال وذو اللمة والمرتجل والمرواح والسرحان واليعسوب واليعبوب

والبحر وهو كميت والادهم والشحاء والسجل وملاوح والطرف والنجيب . هذه خمسة

عشر مختلف فيها . وذكر السهيلى في خيله عليه السلام الضريس وذكر ابن عساكر

فيها مندوبا وذو العقال بضم العين وبعضهم يشدد قافه وبعضهم يخففها وهو ظلع ( 1 )

في قوائم الدواب . واللمة بين الوفرة والجمة فاذا وصل شعر الرأس إلى شحمة الاذن

فهى وفرة فاذا زادت حتى ألمت بالمنكبين فهى لمة فاذا زادت فهى جمة . والارتجال

خلط الفرس العنق بالهملجة وهما ضربان من السير . والمرواح من الريح لسرعته .

والسرحان الذئب وهذيل تسمى الاسد سرحانا . واليعسوب طائر وهو أيضا أمير

النحل . والسيد يعسوب قومه واليعسوب غرة تستطيل في وجه الفرس . واليعبوب

الفرس الجواد وجدول يعبوب شديد الجرى والشحاء من قولهم فرس بعيد الشحوة

أى بعيد الخطوة . ومندوب من ندبه فانتدب أى دعاه فأجاب .

وأما البغال والحمر فكانت له بغلة شهباء يقال لها دلدل أهداها له المقوقس مع

حمار يقال له عفير . وبغلة يقال لها فضة أهداها له فروة بن عمرو الجذامى مع حمار

يقال له يعفور فوهب البغلة لابى بكر الصديق رضى الله عنه . وبغلة أهداها له

ابن العلماء صاحب أيلة . وبعث صاحب دومة الجندل إلى رسول الله صلى الله

عليه وسلم ببغلة وجبة من سندس . وقيل أهدى له كسرى بغلة ولا يثبت .

* ( هامش ) * ( 1 ) أى : عرج . ( * )

ـ411ـ

وعن ابن عباس أهدى النجاشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فكان

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 411 سطر 1 الى ص 420 سطر 17

وعن ابن عباس أهدى النجاشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فكان

يركبها . فهذه ست .

وأما النعم فكانت له ناقة التى هاجر عليها تسمى القصواء والجدعاء والعضباء

وكانت شهباء . وعن قدامة بن عبدالله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

في حجته يرمى على ناقة صهباء والصهباء الشقراء . وعن نبيط بن شريط قال رأيت

رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته على جمل أحمر . وبعث عليه السلام خراش

ابن أمية يوم الحديبية إلى قريش على جمل يقال له الثعلب . وكان في هديه عام

الحديبية جمل كان لابى جهل في رأسه برة من فضة غنمه يوم بدر ليغيظ به المشركين

وكان مهريا ( 1 ) وكانت له عشرون لقحة ( 2 ) بالغابة وهى التى أغار عليها عيينة بن حصن

الفزارى وقد سبق خبرها ولقحة غزيرة تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان أهداها

له الضحاك بن سفيان . وكانت له خمس عشرة لقحة بذى الجدر ( 3 ) يرعاها يسار أغار

عليها العرنيون . وقد تقدم الخبر عن ذلك . وكانت له بذى الجدر أيضا سبع لقائح .

وكانت له لقحة تسمى الحفدة السريعة ومهرية بعث اليه بها سعد بن عبادة من نعم

ابن عقيل . وكانت له لقحة تسمى مروة . وكان له صلى الله عليه وسلم من الغنم مائة

شاة لا يريد أن تزيد على ذلك كلما ولد الراعى بهمة ذبح مكانها شاة وكانت له شاة

تسمى غوثة وقيل غيثة وشاة تسمى قمر وعنز تسمى اليمن وكانت له سبعة أعنز منائح

ترعاهن أم أيمن . وأما البقر فلم ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك منها شيئا .

* ( هامش ) * ( 1 ) نسبة لقبيلة كما تقدم .

( 2 ) اللقحة بالفتح والكسر الناقة ذات اللبن .

( 3 ) ذو الجذر على ستة أميال من المدينة من ناحية قباء . قاله الصغانى . ( * )

ـ413ـ

ـ ذكر صفته ـ

صلى الله عليه وسلم

قد تقدم في حديث أم معبد شئ من ذلك . وقرئ على أبى ( 1 ) عبدالله محمد

ابن عبدالمؤمن بن أبى الفتح الصورى وأنا أسمع بدمشق أخبركم الشيخان أبواليمن زيد

ابن الحسن بن زيد بن الحسن الكندى قراءة عليه وأنت تسمع وأبوأحمد ع بدالوهاب

ابن على بن سكينة إجازة قالا أنا أ بوعبدالله الحسين بن على بن أحمد سماعا عليه

زاد ابن سكينة والحافظ أبوالقاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندى سماعا قالا أنا

أبوالحسين بن النقور قال ابن سكينة . وأخبرتنا فاطمة بنت أبى حكيم الخبرى قالت

أخبرنا أبوجعفر أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة قالا أنا أبوالقاسم عيسى بن على

ابن عيسى بن الجراح الوزير . قال أخبرنا أبوالقاسم عبدالله بن محمد البغوى فثنا

عمر بن زرارة فثنا الفياض بن محمد عن عبدالله بن منصور عن سعد بن طريق

عن الاصبغ عن نباتة عن على قال كان الحسين بن على يحدث عن النبى صلى

الله عليه وسلم بأحاديث سمع بعضها منه وسأله أن يحلى لنا النبى صلى الله عليه وسلم

قال كان فخما مفخما يتلالا وجهه كالقمر ليلة البدر أقصر من المشذب وأطول من

المربوع عظيم الهامة رجل الشعر إن انفرقت عقيقته فرق وإلا فلا يجاوز شعره

شحمة أذنيه إذا هو وفره ، أزهر اللون واسع الجبين أزج الحاجبين سوابغ في غير

* ( هامش ) * ( 1 ) " أبى " ساقطة من الاصل ، والتصحيح من النسخة الظاهريه . ( * )

ـ414ـ

قرن أقنى العرنين له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم سهل الخدين أشنب مفلج

الاسنان دقيق المسربة كان عنقه جيد دمية في صفاء الفضة معتدل الخلق بادنا

متماسكا سواء البطن والصدر عريض الصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس

أنور المتجرد موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجرى كالخط عارى الثديين والبطن

وما سوى ذلك أشعر الذراعين والمناكب وأعالى الصدر طويل الزندين سائر الاصابع

شئن الكفين والقدمين سبط العظام خمصان الاخمصين مسيح القدمين ينبو

عنهما الماء صلى الله عليه وسلم . وقد روينا حديث الحسن بن على فثنا خالى هند

ابن أبى هالة عن صفة النبى صلى الله عليه كما سبق وفيه أزج الحاجبين سوابغ

من غير قرن بينهما عرق يدره الغصب . وفيه كث اللحية أدعج سهل الخدين ضليع

الفم وفيه إذا زال زال تقلعا ويخطو تكفؤا ويمشى هونا ذريع المشية إذا مشى

كأنما ينحط من صبب وإذا التفت التفت جميعا خافض الطرف نظره إلى الارض

أطول من نظره إلى السماء جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه ويبدأ من لقيه بالسلام .

قلت صف لى منطقه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الاحزان

دائم الفكرة ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة طويل السكوت يفتتح

الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم فضلا لا فضول فيه ولا تقصير

دمثا ليس بالجافى ولا بالمهين يعظم النعمة وان دقت ولا يذم شيئا لم يكن يذم

ذواقا ولا يمدحه ولا يقام لغضبه إذا تعرض للحق بشى حتى ينتصر له لا يغضب

لنفسه ولا ينتصر لها إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث

أتصل بها فضرب بايهامه اليمنى راحته اليسرى وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا

فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم ويفترعن مثل حب الغمام . قال الحسن فكتمتها

الحسين بن على زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقنى اليه فسأل أباه عن مدخل رسول

ـ415ـ

الله صلى الله عليه وسلم ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئا قال الحسين سألت

أبى عليه السلام عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان دخوله لنفسه

مأذونا له في ذلك فكان إذا أوى إلى مجلسه جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله تعالى

وجزءا لاهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزآه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة

بالخاصة ولا يدخر عنهم شيئا فكان من سيرته في جزء الامة إيثار أهل ذى الفضل

باذنه قسمته على قدر فضلهم في الدين منهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم

ذو الحوائج فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والامة في مسألته عنهم واخبارهم

بالذى ينبغى لهم ويقول ليبلغ الشاهد منكم الغائب وأبلغونى حاجة من لا يستطيع

إبلاغ حاجة فانه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه

يوم القيامة ، لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون روادا ولا

يتفرقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة يعنى فقهاء . قلت فأخبرنى عن مخرجه

كيف كان يصنع فيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما

يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس

منهم من غير أن يطوى عن أحد بشره وخلقه ويتفقد أصحابة ويسأل الناس عما

في الناس ويحسن الحسن ويصوبه ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الامر غير مختلف

ولا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا ، لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا

يجاوزه إلى غيره الذين يلونه من الناس خيارهم وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم

عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة . فسألته عن مجلسه عما كان يصنع فيه فقال كان

رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ولا يوطن الاماكن

وينهى عن إيطانها وإذا انتهى إلى القوم جلس حيث ينتهى به المجلس ويأمر بذلك

ويعطى كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ، من

ـ416ـ

جالسه أو قاومه لحاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه من ساله حاجة لم يرده

إلا بها أو بميسور من القول . ؟ ؟ ؟ وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا

عنده في الحق سواء متفاضلين فيه بالتقوى مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة

لا ترفع فيه الاصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته يتعاطفون بالتقوى

متواضعين يوفرون فيه الكبير ويرحمون الصغير ويرفدون ذا الحاجة ويرحمون الغريب .

فسألته عن سيرته صلى الله عليه وسلم في جلسائه فقال كان رسول الله صلى الله عليه

وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب ولا

فحاش ولا عياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهى ولا يؤيس منه قد ترك نفسه

من ثلاث الرياء والاكثار ومالا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحدا

ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه

كأنما على رؤسهم الطير وإذا سكت تكلموا لا يتنازعون عنده الحديث من تكلم

عنده أنصتوا له حتى يفرغ حديث حديث أولهم . يضحك مما يضحكون منه ويعجب

مما يعجبون ويصبر للغريب على الجفوة في المنطق ويقول إذ رأيتم صاحب الحاجة

يطلبها فارفدوه ولا تطلبوا الثناء إلا من مكا فئ ولا يقطع على أحد حديثه حتى

يتجوزه فيقطعه بانتهاء أوقيام . قلت كيف كان سكوته قال كان سكوته على أربع

على الحلم والحذر والتقدير والتفكر فأما تقديره ففى تسوية النظر والاستماع من

الناس وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى وجمع له الحلم صلى الله عليه وسلم في الصبر فكان

لا يغضبه شئ يستفزه وجمع له في الحذر أربع أخذه بالحسن ليقتدى به وتركه القبيح

لينتهى عنه واجتهاد الرأى بما أصلح أمته والقيام لهم بما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة .

قال القاضى أبوالفضل عياض بن موسى اليحصى رحمه الله بعد إيراده حديث

هند بن أبى هالة هذا .

ـ417ـ

ـ فصل ـ

في تفسير غريب هذا الحديث ومشكله

قوله المشذب أى البائن الطول في نحافة وهو مثل قوله في الحديث الآخر ليس

بالطويل الممغط . والشعر الرجل الذى كأنه مشط فتكسر قليلا ليس بسبط ولا جعد .

والعقيقة شعر الرأس أراد إن انفرقت من ذات نفسها فرقها وإلا تركها معقوصة

ويروى عقيصته . وأزهر اللون نيره وقيل أزهر حسن ومنه زهرة الحياة الدنيا أى

زينتها وهذا كما قال في الحديث الآخر ليس بالابيض الامهق ولا بالادم . والامهق

هو الناصع البياض والادم الاسمر اللون ومثله في الحديث الآخر أبيض مشرب

أى فيه حمرة . والحاجب الازج المقوس الطويل الوافر الشعر . والاقنى السائل الانف

المرتفع وسطه والاشم الطويل قصبة الانف . والقرن اتصال شعر الحاجبين وضده

البلج ووقع في حديث أم معبد ( 1 ) وصفه بالقرن والادعج الشديد سواد الحدقة وفى

الحديث الآخر أشكل العين وأسجر العين وهو الذى في بياضه حمرة . والضليع الواسع .

والشنب رونق الاسنان وماؤها وقيل رقتها وتحزين فيها كما يوجد في أسنان الشباب

والفلج فرق بين الثنايا . ودقيق المسربة خيط الشعر الذى بين الصدر والسرة . بادن

دو لحم مماسك معتدل الخلق يمسك بعضه بعضا مثل قوله في الحديث الآخر لم

يكن بالمطهم ولا بالمكا ثم أى ليس بمسترخى اللحم والمكلثم القصير الذقن . وسواء

* ( هامش ) * ( 1 ) قصتها مشهورة وقد تقدمت . وفى نسخة " أبى سعيد " . ( * )

ـ418ـ

البطن والصدر أى مستويهما . ومشيح الصدر إن صحت هذه اللفظة فيكون من

الاقبال وهو أحد معانى أشاح أى أنه كان بادى الصدر ولم يكن في صدره قعس

وهو تطامن فيه وبه يتضح قوله قبل سواء البطن والصدر أى ليس بمتقاعس الصدر

ولا مفاض البطن ولعل اللفظ مسيح بالسين المهملة وفتح الميم بمعنى عريض كما

وقع في الرواية الاخرى . وحكاه ابن دريد . و الكراديس رءوس العظام وهو مثل

قوله في الحديث الآخر جليل المشاش والكتد والمشاش رءوس المناكب والكند

مجتمع الكتفين . وشثن الكفين والقدمين لحيمهما والزندان عظما الذراعين وسائل

الاطراف أى طويل الاصابع . وذكر ابن الانبارى أنه روى ساين بالنون وهما بمعنى

تبدل اللام من النون إن صحت الرواية بها . وأما الرواية الاخرى وسائر الاطراف

فاشرة إلى فخامة جوارحه كما وقعت مفصلة في الحديث . ورحب الراحة أى واسعها وقيل

كنى به عن سعة العطاء والجود . خمصان الاخمصين أى متجافى أخمص القدم . وهو

الموضع الذى لا تناله الارض من وسط القدم . ومسيح القدمين أى أملسهما لهذا قال ينبو

عنهما الماء وفى حديث أبى هريرة خلاف هذا قال فيه اذا وطئ بقدمه وطئ بكلها

ليس له أخمص وهذا يوافق معنى قوله مسيح القدمين وبه قالوا سمى المسيح ابن مريم

أى لم يكن له أخمص . وقال السهيلى في المسيح بن مريم فعيل بمعنى فاعل

لانه كان يؤتى بذوى العاهات فيمسح على مواضعها فتزول والمسيح الدجال بمعنى

مفعول أى ممسوح العين كما جاء في الحديث . رجع إلى الاول وقيل مسيح لا لحم عليهما

وهذا أيضا يخالف قوله شثن القدمين . والتقلع رفع الرجل بقوة والتكفؤ الميل

إلى سنن المشى وقصده والهون الرفق والوقار . والذريع الواسع الخطو أى أن مشيه

كان يرفع فيه رجليه بسرعة ويمد خطوه خلاف مشية المختال ويقصد سمته وكل ذلك

برفق وتثبت دون عجلة كما قال كأنما ينحط من صبب . وقوله يفتتح الكلام

ـ419ـ

ويختمه بأشداقه أى لسعة فمه والعرب تتمادح بهذا وتذم بصغر الفم . وأشاح مال

وانقبض . وحب الغمام البرد . وقوله فيرد ذلك بالخاصة على العامة أى جعل من جزء

نفسه ما يوصل الخاصة اليه فتوصل عنه للعامة وقيل يجعل منه للخاصة ثم يبذلها في

جزء آخر للعامة ويدخلون روادا أى محتاجين اليه . ولا ينصرفون إلا عن ذواق

وقيل عن علم يتعلمونه ويشبه أن يكون على ظاهره أن في الغالب والاكثر .

والعتاد العدة والشئ الحاضر المعد ز والمؤازرة المعاونة . وقوله لا يوطن المواطن أى

لا يتخذ لمصلاه موضعا معلوما وقد ورد نهيه عن هذا مفسرا في غير هذا الحديث .

وصابره أى حبس نفسه على مايريد صاحبه . ولا تؤبن فيه الحرم أى لا يذكرن بسوء

ولا تنثى فلتاته أى لا يتحدث بها أى لم يكن فيه فلتة . ويرفدون يعينون ، والسخاب

الكثير الصياح . وقوله ولا يقبل الثناء إلا من مكا فئ قيل مقتصد في ثنائه ومدحه

وقيل إلا من مسلم وقيل إلا من مكا فئ على يد سبقت من النبى صلى الله عليه

وسلم . ويستفزه يستخفه وفى حديث آخر في وصفه منهوس العقب أى قليل لحمها

وأهدب الاشفار أى طويل شعرها .

ـ420ـ

ـ ذكر خاتم النبوة ـ

عن جابر بن سمرة قال رأيت للنبى صلى الله عليه وسلم عند كتفيه مثل بيضة

الحمامة تشبه جسده وفى لفظ مثل بيضة الحمامة . وقد روى عن أبى رمثة أنه شعر

مجتمع عند كتفيه . وروى عنه أيضا أنه مثل بيض الحمامة وأنه قال يا رسول الله

ألا أدا ويك منها فقال يداويها الذى وضعها . وروى عنه أيضا قال مثل التفاحة

وعن سلمان الفارسى أنه قال كان مثل بيضة الحمامة بين كتفيه وقيل على نغض

كتفه الايسر وقيل كانت بضعة لحم كلون بدنه وقيل كانت كزر الحجلة وقيل كانت

ثلاث شعرات مجتمعات وقيل كانت شامة خضراء محتفرة في اللحم وقال عبد

الله بن سرجس رأيت خاتم النبوة جمعا عليه خيلان كأنها الثآليل عند ناغض

وروى عند غضروف كتفه اليسرى وفى رواية سود رواه مسلم وقيل مثل البندقة وقيل

كأثر المحجم وقيل كركبة العنز أسنده أبوعمر عن عباد بن عمرو وقيل نور عن ابن عائذ

في مغازيه بسنده إلى شداد بن أوس فذكر حديث الرضاع وشق الصدر . وفيه

وأقبل الثالث يعنى الملك وفى يديه خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه ووجد

؟ ؟ ؟ زمانا وقيل ولد وهو به . وذكر الواقدى عن شيوخه قالوا لما شكوا في موت النبى

صلى الله عليه وسلم وضعت اسماء بنت عميس يدها بين كتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنه قد

توفى وقد رفع الخاتم من بين كتفيه . فهذا الذى عرف به موته عليه السلام .

ـ421ـ

ـ ذكر جمل من اخلاقه ـ

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 421 سطر 1 الى ص 430 سطر 23

ـ ذكر جمل من اخلاقه ـ

عليه أفضل الصلاة والسلام

قال الله تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم ) قالت عائشة رضى الله عنها كان خلقه

القرآن يعنى التأدب بآدابه والتخلق بمحاسنه والالتزام لاوامره وزواجره وقد قال

صلى الله عليه وسلم بعثت لاتمم مكارم الاخلاق . وقال أنس كان النبى صلى الله عليه

وسلم أحسن الناس خلقا وكان عليه السلام أرجح الناس حلما . وروى أنه لما

كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت

عليهم فقال انى لم أبعث لعانا ولكنى بعثت داعيا ورحمة اللهم اهد قومى فانهم

لا يعلمون . وكان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس عفوا لا ينتقم لنفسه . ولما تصدى

له غورث بن الحارث ليقتله والسيف بيده وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من

يمنعك منى قال له " الله " فسقط السيف من يده فقال له عليه السلام وقد أخذ السيف

" من يمنعك منى " فقال كن خير آخذ . فتركه وعفا عنه فجاء إلى قومه فقال

جئتكم من عند خير الناس . وعفا عليه السلام عن اليهودية التى سمته في الشاة

بعد اعترافها على الصحيح ، ولم يؤاخذ لبيد بن الاعصم اذ سحره ولا عبدالله بن

أبى وأشباهه من المنافقين بعظيم ما نقل عنهم قولا وفعلا . وكان صلى الله عليه وسلم

اسخى الناس كفا ماسئل شيئا فقال لا . وأعطى صفوان بن أمية غنما ملات واديا

بين جبلين فقال أرى محمدا يعطى عطاء من لا يخشى الفقر . ورد على هوازن سباياهم وكانت

ستة آلاف وأعطى العباس من الذهب ما لم يطق حمله . وحملت اليه تسعون الف

ـ422ـ

درهم فوضعت على حصير ؟ ؟ ؟ قال اليها يقسمها فمارد سائلا حتى فرغ منها . وذكر عن

معوذ بن عفراء قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بقناع من رطب يعنى طبقا واجر

زغب يريد قثاء فأعطانى ملء كفه حليا وذهبا . وروينا عن الشافعى فثنا الحسين

ابن عبدالله القطان بالرقة فثنا عمر بن حفص فثنا أبو عبدالصمد العمى فثنا أبو

عمران الجونى عن عبدالله بن الصامت عن أبى ذر قال قال لى رسول الله صلى

الله عليه وسلم إذا طبخت فأكثر المرق واقسم في أهلك وجير انك . رواه مسلم

عن أبى كامل واسحق بن ابراهيم عن عبدالعزيز بن عبدالصمد عن أبى عمران

به . وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس سئل البراء أفررتم يوم حنين قال لكن

رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر . وفيه فما رئى يومئذ أحد كان أشد منه . وقال

ابن عمر ما رأيت أشجع ولا أنجد ولا أجود ولا أرضى من رسول الله صلى الله عليه

وسلم . وعن أنس كان النبى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع

الناس لقد فزع أهل المدينة ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى

الله عليه وسلم راجعا قد سبقهم إلى الصوت واستبرأ الخبر على فرس لابى طلحة

عرى والسيف في عنقه وهو يقول لن تراعو . وقال عمران بن حصين ما لقى النبى .

صلى الله عليه وسلم كتيبة إلا كان أول من يضرب . وقال على بن أبى طالب كنا

اذا حمى أو اشتد اليأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم

فما يكون أحذ أقرب إلى العدو منه ولقد رأيتنى يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله

صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا

وقيل كان الشجاع هو الذى يقرب منه صلى الله عليه وسلم بقربه من العدو وكان

صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياء واكثرهم عن العورات إغضاء قال الله تعالى ( ان

ذلكم كان يؤذى النبى فيستحيى منكم والله لا يستحيى من الحق ) . وعن أبى سعيد

ـ423ـ

الخدرى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ؟ ؟ حياء من العدراء في خدرها وكان ادا كره

شيئا عرفناه في وجهه - الحديث . وعن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

اذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل ما بال فلان يقول كذا ولكن يقول ما بال أقوام

يصنعون أو يقولون كذا . ينهى عنه ولا يسمى فاعله . وعن أنس في حديث أنه عليه

السلام كان لا يواجه أحدا بما يكره . وعن عائشة لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم

فاحشا ولا متفحشا ولا سخابا بالاسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة . ولكن يعفو

ويصفح . وعنها ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط . وروى عنه أنه

كان من حيائه لا يثبت بصره في وجه أحد وأنه كان يكنى عن ما اضطره الكلام

اليه مما يكره . وكان صلى الله عليه وسلم أوسع الناس صدرا وأصدق الناس لهجة

وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة ، هذا من كلام على في صفته . وعن قيس بن سعد

قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارا

وطأ عليه بقطيفة ( 1 ) فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال سعد يا قيس اصحب

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قيس فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اركب فأبيت فقال

إما أن تركب وإما أن تنصرف فانصرفت ، وفى رواية اركب أمامى فصاحب

الدابة احق بمقدمها . وعن عائشة في حديث عنه صلى الله عليه وسلم انه ما دعاه

أحد من أصحابه ولا أهل بيته الا قال لبيك . وقال جرير ما حجبى رسول الله

صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآنى الا تبسم . وكان صلى الله عليه وسلم

يمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويداعب صبيانهم ويجلسهم في حجره

ويجيب دعوة الحر والعبد والامة والمسكين ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل

عذر المعتذر ، قال أنس ما التقم أحد اذن النبى صلى الله عليه وسلم فينحى رأسه حتى يكون الرجل

* ( هامش ) * ( 1 ) هى كساء له خمل . ( * )

ـ424ـ

هو الذى ينحى رأسه ، وما أخذه بيده فيرسل يده حتى يرسلها الآخذ . ولم ير مقدما

ركبتيه بين يدى جليس له ، وكان يبدأ من لقيه بالسلام ويبدأ أصحابه بالمصافحة ،

لم يرقط مادا رجليه بين أصحابه حتى يضيق بهما على أحد يكرم من يدخل عليه

وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التى تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى

ويكنى أصحابه ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم ، ولا يقطع على أحد حديثه

وروى أنه كان لا يجلس اليه أحد وهو يصلى إلا خفف صلاته وسأله عن حاجته

فاذا فرغ عاد إلى صلاته ، وكان أكثر الناس تبسما وأطيبهم نفسا مالم ينزل عليه

قرآن أو يعظ أو يخطب ، قال عبدالله بن الحارث ما رأيت أحدا أكثر تبسما من

رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأما شفقته صلى الله عليه وسلم على خلق الله ورأفته بهم ورحمته لهم فقد قال

الله تعالى فيه ( عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) وقال

( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) قال بعضهم من فضله عليه السلام أن الله

أعطاه إسمين من أسمائه فقال ( بالمؤمنين رءوف رحيم ) ومن ذلك تخفيفه وتسهيله

عليهم وكراهته أشياء مخافة أن تفرض عليهم كقوله لولا أن أشق على أمتى لامرتهم

بالسواك مع كل وضوء ، وخبر صلاة الليل ونهيهم عن الوصال وكراهية دخول

الكعبة ليلا يعنت أمته ورغبته لربه أن يجعل سبه ولعنه لهم رحمة وانه كان

يسمع بكاء الصبى فيتجوز في صلاته ، ولما كذبه قومه أتاه جبريل عليه السلام

فقال إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد أمر ملك الجبال

لتأمره بما شئت فيهم فناداه ملك الجبال وسلم عليه وقال مرنى بماشئت إن شئت

أن أطبق عليهم الاخشبين ( 1 ) قال النبى صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم

* ( هامش ) * ( 1 ) الاخشيان : الجبلان المطيفان بمكة وهما أبوقبيس والاحمر . ( * )

ـ425ـ

من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا . وروى ابن المنكدر أن جبريل عليه السلام

قال للنبى صلى الله عليه وسلم إن الله أمر السماء والارض والجبال أن تطيعك

فقال أوخر عن أمتى لعل الله أن يتوب عليهم ، قالت عائشة ما خير رسول الله

صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، وقال اين مسعود كان رسول الله

صلى الله وسلم يتخولنا ( 1 ) بالموعظة مخافة السآمة علينا . وروى أنه عليه السلام

قال لا يبلغنى أحد منكم عن أحد من أصحابى شيئا فانى أحب أن أخرج اليكم وأنا

سليم الصدر ، وكان صلى الله عليه وسلم أوصل الناس لرحم وأقومهم بالوفاء وحسن العهد .

وروينا من طريق أبى داود فثنا محمد بن سنان فثنا ابراهيم بن طهمان عن بديل

عن عبدالكريم عن عبدالله بن شقيق عن أبيه عن عبدالله بن أبى الحمساء قال بايعت

النبى صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها

في مكانه ؟ ؟ ؟ نسيت ثم ذكرت بعد ثلاث فجئته فاذا هو في مكانه ، فقال يافتى

لقد شققت على أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك . وعن أنس كان النبى صلى الله عليه

وسلم إذا أتى بهدية قال إذهبوا بها إلى بيت فلانة فانها كانت صديقة لخديجة انها

كانت تحب خديجة ، ودخلت عليه إمرأة فهش لها وأحسن السؤال عنها فلما

خرجت قال إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الايمان ، وقال

عليه السلام إن آل أبى فلان ليسوا لى بأولياء غير أن لى رحما سأبلها ببلالها ( 2 )

وعن أبى قتادة وفد وفد للنجاشى فقام النبى صلى الله عليه وسلم يخدمهم ، فقال له أصحابه نكفيك

فقال انهم كانوا لاصحابنا مكرمين وإنى أحب أن أكافئهم . ولما جئ بأخته

من الضاعة الشيماء في سبى هوازن بسط لها رداءه وخيرها بين المقام عنده والتوجه

* ( هامش ) * ( 1 ) أى يتعاهدنا .

( 2 ) أى : أصلهم في الدنيا ولا أغنى عنهم من الله شيئا .

ـ426ـ

إلى ؟ ؟ ؟ فاختارت قومها فمتعها ، وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا على

علو منصبه فمن ذلك أن الله خيره بين أن يكون نبيا ملكأ أو نبيا عبدا فاختار أن

يكون نبيا عبدا فقال له إسرافيل عند ذلك فان الله قد أعطاك بما تواضعت إنك سيد

ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنه الارض وأول شافع ، وخرج على قوم من

أصحابه فقاموا له فقال لا تقوموا كما تقوم الاعاجم يعظم بعضها بعضا ، وقال إنما

أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد ، وكان يركب الحمار ويردف

خلفه ويعود المساكين ويجالس الفقراء ويجيب دعوة العبد ويجلس بين

أصحابه مختلطا بهم حيث ما انتهى به المجلس جلس ، وقال لامرأة أتته في حاجة

إجلسى ياأم فلان في أى طرق المدينة شئت أجلس إليك حتى أقضى حاجتك

فجلست وجلس ، وكان يدعى إلى خبز الشعير والاهالة السنخة ( 1 ) فيجيب ، وحج

على رحل رث عليه قطيفة ماتساوى أربعة دراهم ، وأهدى في حجه ذلك مائة

بدنة ، وكان يبدأ من لقيه بالسلام . وروينا عن أبى بكر الشافعى فثنا أبوجعفر

محمد بن حماد بن ماهان فثنا محمد بن عبدالرحمن بن بكر فثنا محمد بن سواء عن

سعيد عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرعلى صبيان فسلم عليهم ، وكان

في بيته في مهنة أهله يفلى ثوبه ويحلب شاته ويخصف نعله ويخدم نفسه

ويعلف ناضحه ويقم ( 2 ) البيت ويعقل ( 3 ) البعير ويأكل مع الخادم ويعجن معها

ويحمل بضاعته من السوق . وعن أنس إن كانت الامة من أهل المدينة لتأخذ بيد

رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضى حاجتها ، وكان صلى الله عليه

* ( هامش ) * ( 1 ) الاهالة كل ما يؤ تدم به ، وقيل هو ما أذيب من الالية

والشحم وقبل الدسم الجامد . والسنخة المتغيرة الريح .

( 2 ) أى يكنس .

( 3 ) أى يربط . ( * )

ـ427ـ

وسلم يسمى الامين قبل النبوة لما عرفوا من أمانته وعدله . وعن الربيع بن خثيم

كان يتحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية قبل الاسلام ، وقال

النضر بن الحارث لقريش قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم وأصدقكم

حديثا وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به

قلتم ساحر لا والله ما هو بساحر . وفى الحديث عنه ما لمست يده يد إمرأة قط

لا يملك رقها وقال ويحك فمن يعدل إن لم أعدل . وعن الحسن ما كان رسول الله

صلى الله عليه وسلم يأخذ أحدا بقرف ( 1 ) أحد ولا يصدق أحدا على أحد ، وكان

أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الطيب

والرائحة الحسنة ويستعملها كثيرا ويحض عليها ، ومن مروءته صلى الله عليه

وسلم نهيه عن النفخ في الطعام والشراب والامر بالاكل مما يلى والامر بالسواك

وانقاء البراجم والرواجب ( 2 ) واستعمال خصال الفطرة .

وأما زهده في الدنيا وعبادته وخوفه ربه عزوجل فقد توفى ودرعه مرهونة عند

يهودى في نفقة عياله ، وكان يدعو اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا . وعن عائشة قالت

ماشبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبر برحتى مضى لسبيله ، وفى رواية من حبر

شعير يومين متواليين ، وقالت عائشة ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا

ولادرهما ولا شاة ولا بعيرا ، قالت ولقد مات وما في بيتى شئ يأكله ذو كبد

إلا شطر شعير في رف لى ، وقال لى إنى عرض على أن يجعل لى بطحاء مكة ذهبا

فقلت لا يارب بل أجوع يوما وأشبع يوما فأما اليوم الذى أجوع فيه فأتضرع

اليك وأدعوك وأما اليوم الذى أشبع فيه فأحمدك وأثنى عليك ، وقال ابن عباس

* ( هامش ) * ( 1 ) القرف : التهمة .

( 2 ) البراجم هى العقد التى في ظهور الاصابع ، يجتمع فيها الوسخ ،

والرواجب هى ما بين عقد الاصابع من داخل . ( * )

ـ428ـ

كان صلى الله عليه وسلم يبيت هو وأهله الليالى المتتابعة طاويا لا يجدون عشاء .

وكان يقول لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، وفى حديث المغيرة

صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت قدماه ، وقالت عائشة كان عمل رسول الله

صلى الله عليه وسلم ديمة ( 1 ) وأيكم يطيق ما كان يطيق ، وقالت كل يصوم حتى نقول

لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يضوم . وقال عوف بن مالك كنت مع رسول الله

صلى الله عليه وسلم ليلة فاستاك ثم توضأ ثم قام يصلى فقمت معه فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمر

بآية رحمة إلا وقف فسأل ولا بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ثم ركع فمكث بقدر

قيامه يقول سبحان ذى الجبروت والملكوت والعظمة ، ثم سجد وقال مثل ذلك ثم

قرأ آل عمران ، ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك ، وعن عائشة قام رسول الله صلى الله

عليه وسلم بآية من القرآن ليلة ، وقال صلى الله عليه وسلم انى لاستغفر الله في اليوم مائة مرة . ( 2 )

* ( هامش ) * ( 1 ) الديمة : المطر الدائم في سكون ، شبهت عمله في دوامه بديمة المطر .

( 2 ) في حاشية الاصل : بلغ مقابلة لله الحمد . ( * )

ـ429ـ

ـ ذكر مصيبة الاولين والآخرين من المسلمين ـ

؟ ؟ ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولما قفل صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع أقام بالمدينة ذا الحجة والمحرم

وصفرا وضرب على الناس بعثا أميره أسامة بن زيد . وقد تقدم ذكره وهو آخر

بعوثه فبينا الناس على ذلك ابتدئ صلوات الله عليه وسلامه بشكواه الذى قبضه

الله ؟ ؟ ؟ إلى ما أراد من رحمته وكرامته في ليال بقين من صفر أو في أول شهر ربيع

الاول فكان أول ما ابتدئ به صلى الله عليه وسلم أنه خرج إلى بقيع الغرقد مقبرتهم

من جوف الليل فاستغفر لهم . ثم رجع إلى أهله فلما أصبح ابتدئ بوجعه من

يومه ذلك . قالت عائشة رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدنى وأنا أجد صداعا

في رأسى وأنا أقول وارأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وارأساه . قالت ثم قال

وما ضرك لومت قبلى فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك . قلت

والله لكأنى بك لو قد فعلت ذلك لرجعت إلى بيتى فأعرست فيه ببعض نسائك

فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى

استعز ( 1 ) به وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيتى فأذن

له . قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى بين رجلين من أهله أحدهما

الفضل بن عباس ورجل آخر عاصبا رأسه تخط قدماه الارض حتى دخل بيتى .

 

قال ابن عباس الرجل الآخر على بن ابى طالب ، ثم غمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

* ( هامش ) * ( 1 ) أى اشتد وجعه . ( * )

ـ430ـ

واشتد به وجعه فقال أهريقوا على من سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى

الناس فأعهد اليهم فأقعدناه في مخضب ( 1 ) لحفصة بنت عمرو ، ثم صببنا عليه الماء

حتى طفق يقول حسبكم حسبكم . وعن الزهرى قال حدثنى أيوب بن بشير أن

رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر ، ثم كان

أول ما تكلم به انه صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم فأكثر الصلاة عليهم

ثم قال ان عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله

ففهمها أبوبكر وعرف أن نفسه يريد . فقال نفديك بأنفسنا وأبنائنا . فقال على

رسلك يا أبا بكر ثم قال أنظروا هذه الابواب اللافظة في المسجد فسدوها إلاباب أبى

بكر فانى لا أعلم أحدا كان أفضل في الصحبة عندى يدا منه ، وأراد عمر فتح كوة لينظر

إلى النبى صلى الله عليه وسلم منها فمنعه من ذلك ، وقال عليه السلام للعباس ما فتحت عن امرى

ولا سددت عن امرى واستبطأ الناس في بعث اسامة فخرج عاصبا رأسه حتى

جلس على المنبر - وقد كان الناس قالوا في إمرة أسامة أمر غلاما حدثا على جلة

المهاجرين والانصار - فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أيها الناس أنفذوا

بعث اسامة فلعمرى لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله وانه

لخليق للامارة وإن كان أبوه لخليقا بها . ؟ ؟ ؟ نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

وانكمش ( 2 ) الناس في جهازهم واستعز برسول الله وجعه فخرج اسامة وخرج جيشه معه

حتى نزلوا الجرف من المدينة على فرسخ فضرب به عسكره وتتام اليه الناس وثقل

رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام أسامة والناس لينظروا ما الله قاض في رسول عليه السلام .

ومن حديث عبدالله بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أوصى بالانصار يوم صلى واستغفر لاصحاب أحد وذكر من امرهم ما ذكر فقال

* ( هامش ) * ( 1 ) المخضب إجانة تغسل فيها الثياب .

( 2 ) أى أسرع . ( * )

ـ431ـ

يا معشر المهاجرين استوصوا بالانصار خيرا فان الناس يزيدون وان الانصار على

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 431 سطر 1 الى ص 440 سطر 22

يا معشر المهاجرين استوصوا بالانصار خيرا فان الناس يزيدون وان الانصار على

على هيئتها لا تزيد فانهم كانوا عيبتى التى أويت اليها فأحسنوا إلى محسنهم

وتجاوزوا عن مسيئهم . ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عليه السلام

يوعك ( 1 ) وعكا شديدا دخل عليه أبوسعيد الخدرى وعليه قطيفة فوضع يده عليه

فوجد حرارتها فوق القطيفة فقال ما أشد حماك فقال إنا كذلك يشدد علينا البلاء

ويضاعف لنا الاجر . وعن علقمة قال دخل عبدالله بن مسعود على النبى صلى الله

عليه وسلم فوضع يده عليه ثم قال يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا . قال

أجل انى أو عك كما يوعك رجلان منكم . قال قلت يا رسول الله ذلك بأن لك أجرين

الحديث . وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يصلى بالناس فصلى بهم

فيما روينا سبع عشرة صلاة وصلى النبى صلى الله عليه وسلم مؤتما به ركعة ثانية

من صلاة الصبح . ثم قضى الركعة الباقية وقال لم يقبض نبى حتى يؤمه رجل من

قومه . وقال عليه السلام في مرضه ذلك مر الناس فليصلوا يقول ذلك لعبد الله

ابن زمعة بن الاسود فذهب ابن زمعة فقدم عمر لنيبة أبى بكر فلما سمع رسول

الله صلى الله عليه وسلم صوته أخرج رأسه حتى أطلعة للناس من حجرته ثم قال

لا لا لا ليصل لهم ابن أبى قحافة . وعن أبى سعيد الخدرى في هذا الخبر قال

فانفضت الصفوف وانصرف عمر فما برحنا حتى طلع ابن أبى قحافة وكان بالسنح ( 2 )

فتقدم فصلى بالناس وتبسم عليه السلام لما رأى من هيئة المسلمين في صلاتهم

سرورا بذلك . وقال ائتونى أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فتنازعوا فلم يكتب .

وقالت عائشة آخر ما عهد الينا أن لا يترك بجزيرة العرب دينان . وقالت أم سلمة

عامة وصيته عند الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم . وقالت عائشة سمعته يقول

* ( هامش ) * ( 1 ) أى يتألم .

( 2 ) منازل بنى الحارث بن الخزرج في المدينة . ( * )

ـ432ـ

قبل ذلك ما من نبى يموت حتى يخبر قالت فسمعته وهو يقول اللهم الرفيق

الاعلى فعلمت انه ذاهب . وفى خبر عنها فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها رسول

الله صلى الله عليه وسلم . وقالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح

فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ويقول اللهم أعنى على سكرات

الموت . وذكر ابن سعد في وفاته عليه السلام خبرا فيه انه لما بقى من أجله ثلاث

نزل عليه جبريل فقال يا أحمد إن الله أرسلنى اليك إكراما لك وتفضيلا لك

وخاصئ لك يسألك عما هو أعلم به منك يقول لك كيف تجدك وفيه إن ذلك

ثلاث المرة بعد المرة وفى الثالثة صحبه ملك الموت فاستأذن عليه فأذن له ثم

استأذنه في قبض نفسه أو تركها وان الله أمره بطاعته في ذلك . فقال جبريل يا أحمد

ان الله قد إشتاق اليك قال فاقبض يا ملك الموت كما أمرت به . قال جبريل السلام

عليك يا رسول الله هذا آخر موطئ الارض . فتوفى صلى الله عليه وسلم وجاءت

التعرية يسمعون الصوت ولا يرون الشخص السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله

وبركاته كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة إن في الله عزاء عن

كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل مافات فبا الله فثقوا وإياه فارجوا فان

المصاب من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وقد ذكر أن هذا

المعزى هو الخضر عليه السلام . واختلف أهل العلم في اليوم الذى توفى فيه بعد

اتفاقهم على انه يوم الاثنين في شهر ربيع الاول : فذكر الواقدى وجمهور الناس

أنه الثانى عشر . قال الربيع بن سالم وهذا لا يصح وقد جرى فيه على العلماء من

الغلط ما علينا بيانه . وقد تقدمه السهيلى إلى بيانه لان حجة الوداع كانت وقفتها

يوم الجمعة . فلا يستقيم أن يكون يوم الاثنين ثانى عشر ربيع الاول سواء أتمت

الاشهر كلها أو نقصت كلها أوتم بعضها ونقص بعضها . قال الطبرانى يوم الاثنين

لليلتين مضتا من شهر ربيع الاول . قال أبوبكر الخوارزمى أول يوم منه وكلاهما ممكن .

ـ433ـ

ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجته ( 1 ) الملائكة دهش الناس وطاشت عقولهم

واختلفت أحوالهم في ذلك فأما عمر فكان ممن خبل فجعل يقول انه والله مامات

ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران حين غاب عن قومه أربعين ليلة

ثم رجع اليهم . وأما عثمان فأخرس حتى جعل يذهب به ويجاء وهو لا يتكلم . وأقعد

على وأضنى عبدالله بن أنيس من الضنى وهو المرض . وبلغ أبا بكر الخبر وكان

بالسنح فجاء وعيناه تهملان فقبل النبى صلى الله عليه وسلم وهو يبكى . وقال بأبى

أنت وأمى طبت حيا وميتا . وتكلم كلاما بليغا سكن به نفوس المسلمين وثبت

جأشهم . وكان أثبت القوم رضى الله عنه وغسله عليه السلام على والعباس وابناه

الفضل وقثم ومولياه اسامة وشقران . وحضرهم أوس بن خولى الانصارى . وكفن

في ثلاثة اثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة . وصلى عليه المسلمون

أفذا ذا لم يؤمهم أحد وفرش تحته قطيفة حمراء كان يتغطى بها . ودخل قبره العباس

وعلى والفضل وقثم وشقران وأطبق عليه تسع لبنات . ودفن في الموضع الذى توفاه

الله فيه حول فراشه . وكانوا قد اختلفوا في غسله فقالوا والله ما ندرى أنجرد رسول

الله من ثيابه كما تجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه . فلما اختلفوا ألقى الله عليهم

النوم وكلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو : إغسلوا النبى صلى الله عليه وسلم وعليه

ثيابه فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون عليه

الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم : فأسنده على إلى صدره

والعباس والفضل وقنم يقلبونه معهم وأسامة وشقران يصبان الماء وعلى يغسله

بيده . واختلفوا في موضع دفنه هل يكون في مسجده أو مع أصحابه : فقال أبوبكر

ادفنوه في الموصع الذى قبض فيه فان الله لم يقبض روحه إلا في مكان طيب فعلموا

ان قد صدق . وكان أبوعبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وأبوطلحة

* ( هامش ) * ( 1 ) أى غطته . ( * )

ـ434ـ

زيد بن سهل يلحد كاهل المدينة فاختفلوا كيف يصنع بالنبى صلى الله عليه وسلم فوجه العباس

رجلين أحدهما لابى عبيدة بن الجراح والآخر لابى طلحة . وقال اللهم خر لنبيك

فحضر أبوطلحة فلحد له . ولما فرغ من جهازه يوم الثلاثاء وكانت وفاته يوم الاثنين

حين زاغت الشمس قال على لقد سمعنا همهمة ولم نر شخصا سمعنا هاتفا يقول :

أدخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم . ثم دفن من وسط الليل ليلة الاربعاء وكانت

مدة شكواه ثلاث عشرة ليلة . ولما دفن عليه السلام قالت فاطمة ابنته عليها السلام :

اغبر آفاق السماء وكورت * شمس النهار وأظلم العصران

فالارض من بعد النبى كئيبة * أسفا عليه كثيرة الرجفان

فليبكه شرق البلاد وغربها * ولتكبه مضر وكل يمان

وليبكه الطود المعظم جوه * والبيت ذو الاستار والاركان

يا خاتم الرسل المبارك ضوءه * صلى عليك منزل الفرقان

ويروى أنها تمثلت بشعر فاطمة بنت الاحجم :

قد كنت لى جبلا ألوذ بظله * فتركتنى أمشى بأجرد ضاح

قد كنت ذات حمية ما عشت لى * أمشى البراز وكنت أنت جناحى

فاليوم أخضع للذليل وأتقى * منه وأدفع ظالمى بالراح

وإذا دعت قمرية شجنا لها * ليلا على فنن دعوت صباح

ومما ينسب لعلى أو فاطمة رضى الله عنهما .

ماذا على من شم تربة أحمد * ألا يشم مدى الزمان غواليا

صبت على مصائب لو أنها * صبت على الايام عدن لياليا

ـ435ـ

وقال أنس بن مالك لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى المدينة

أضاء منها كل شئ . فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم منها كل شئ . وما نفضنا

الايدى من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا . وقد روى عنه عليه السلام انه قال لتعز

المسلمين في مصائبه المصيبة بى . وفى حديث عنه أنا فرط لامتى لن يصابوا

بمثلى ، وقال أبوسفيان بن الحارث بن ع بدالمطلب يرثيه :

أرقت فبات ليلى لا يزول * وليل أخى المصيبة فيه طول

وأسعدنى البكاء وذاك فيما * أصيب المسلمون به قليل

لقد عظمت مصيبتنا وجلت * عشية قيل قد قبض الرسول

وأضحت أرضنا مما عراها * تكاد بنا جوانبها تميل

فقدنا الوحى والتنزيل فينا * يروح به ويغدو جبرئيل

وذاك أحق ماسالت عليه * نفوس الناس أو كربت تسيل

نبى كان يجلو الشك عنا * بما يوحى اليه وما يقول

ويهدينا ولا نخشى ضلالا * علينا والرسول لنا دليل

أفاطم ان جزعت فذاك عذر * وان لم تجزعى ذاك السبيل

فقبر أبيك سيد كل قبر * وفيه سيد الناس الرسول

ولو فتحنا باب الاكثار وسمحنا بايراد ما يستحسن في هذا الباب من الاشعار

لخرجنا جنحنا اليه من الايجاز والاختصار فالاشعار في هذا كثيرة ولانواع

الاسى والاسف مثيرة فياله من خطب جل عن الخطوب ومصائب علم دمع العين

كيف يصوب ورزء غربت له النيرات ولا تعلل بشروقها بعد الغروب . وحادث

هجم هجوم الليل فلا نجاء منه لهارب ولا فرار منه لمطلوب ولا صباح له فيجلو

غياهبه المملة ودياجيه المدلهمة ، ولكل ليل إذا دجى صباح يؤوب . ومن سر أهل

ـ436ـ

الارض ثم بكى أسى بكى بعيون سرها وقلوب فانالله وإنا اليه راجعون من نار

حنيت عليها الاضالع لا تخبو ولا تخمد ومصيبة تستك منها المسامع لا يبلى على

مر الجديدين حزنها المجدد :

وهل عدلت يوما رزيئة هالك * رزيئة يوم مات فيه محمد

وما فقد الماضون مثل محمد * ولا مثله حتى القيامة يفقد

صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .

* * *

قد انتهى بنا الغرض فيما أوردناه إلى ما أردناه ، ولم نسلك بعون الله فيه غير

الاقتصاد الذى قصدناه فمن عثر فيه على وهم أو تحريف أو خطأ أو تصحيف فليصلح

ما عثر عليه من ذلك وليسلك سبيل العلماء في قبول العذر هنالك . ومع مر بخبر

لم أذكره أو ذكرت بعضه فلعه بحسب موضعه من التبويب أو نسقه في الترتيب

أو الاختصار الذى اقتضاه التهذيب أو لنكارة في متنه تنقم على واضعه أو لانى

مامررت به في مواضعه . ومن برئ من الاحاطة أيها الناظر اليك فليس لك أن

تلزمه بكل ما يرد عليك .

* * *

ـ437ـ

ـ ذكر الاسانيد التى وقعت لى من المصنفين ـ

الذين أخرجت من كتبهم في هذا المجموع ما اخرجته

وما كان فيه من ( صحيح البخارى ) فأخبرنا به الشيخ أبوالعز عبدالعزيز بن

عبدالمنعم بن على بن نصر الحرانى بقراءة والدى رحمة الله عليه وأنا أسمع قال

أنا أ بوالعباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن البيع الحافظ قراءة عليه وأنا أسمع

ببغداد سنة ستمائة وغيره إجازة . قالوا أنا أبوالوقت عبد الاول بن عيسى قال

أنا أبوالحسن الداودى قال أنا أبومحمد بن حموية قال أنا أ بوعبدالله الفربرى عنه .

وما كان فيه من ( صحيح مسلم ) فأخبرنا به أبومحمد عبدالعزيز بن الحافظ

أبى الفتوح نصر بن أبى الفرج بن على الحصرى قراءة وأنا أسمع لجميعه قال أنا

أبوالحسين المؤيد بن محمد بن على الطوسى إجازة قال أنا أ بوعبدالله محمد بن الفضل

ابن أحمد الصاعدى الفراوى قال أنا أبوالحسن عبد الغافر بن محمد الفارسى

قال أنا أبوأحمد محمد بن أحمد بن عيسى بن عمروية الجلودى قال أنا أبوسفيان

قال أنا مسلم . وقد سمعت قطعة منه على أبى بكر محمد بن الحافظ أبى الطاهر اسماعيل

ابن عبدالله بن الانماطى بسماعه من أبى القاسم عبدالصمد بن محمد بن أبى الفضل

الانصارى بن الحرستانى . وباجازته من المؤيد بن محمد قال الاول أنبأنا وقال

الثانى أخبرنا أ بوعبدالله الفراوى بسنده .

وما كان فيه من ( سنن أبى داود ) فأخبرنا به أبوالفضل عبدالرحيم بن يوسف

ابن يحيى بن العلم الموصلى قراءة عليه وأنا أسمع لجميعه خلا من قوله باب المستبان

ـ438ـ

إلى باب الارجوحة فاجازة قال أنا أبوحفص عمر بن محمد بن طبرزذ قراءة عليه

في الخامسة . وهو سمع الكتاب كاملا من أبى البدر ابراهيم بن محمد بن منصور

الكرخى بعضه . ومن أبى الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الدومى كما هو مثبت عندى

على الاصل . قال أنا أبوبكر الخطيب الحافظ قال أنا أبوعمر القاسم بن جعفر

الهاشمى عن أبى على اللؤلؤى عنه .

وما كان فيه من كتاب ( الجامع لابى عيسى الترمذى ) فأخبرنا بجميعه أبو

عبدالله محمد بن ابراهيم بن ترجم المازنى قراءة عليه وأنا أسمع لبعضه وبقراءتى

عليه لبعضه قال أنا أبوالحسن على بن أبى الكرم نصر بن البنا قراءة عليه

وأنا أسمع لبعضه قال أنا أبوالفتح عبدالملك بن أبى القاسم الكروخى قال

أنا بجميعه القاضى أبوعامر محمود بن القاسم الازدى وأبوبكر أحمد بن عبدالصمد

الغورجى . وأخبرنا من أول الكتاب إلى مناقب عبدالله بن عباس أبونصر

عبدالعزيز بن محمد الترياقى . ومن مناقب ابن عباس إلى آخر كتاب العلل

أبوالمظفر عبيدالله بن على بن يس قال أنا أبومحمد عبدالجبار بن محمد الجراحى

قال أنا أ بوالعباس أحمد بن محمد المحبوبى فثنا الترمذى .

وما كان فيه من ( سنن أبى عبدالرحمن النسائى ) فأخبرنا به غير واحد من

شيوخنا سماعا . قال أنا عبدالعزيز بن أحمد بن عمر بن سالم بن باقا البغدادى . قال

أنا أبوزرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسى قال أنا أبومحمد عبدالرحمن بن حمد بن

الحسن الدونى قال أنا أبونصر أحمد بن الحسين بن الكسار قال أنا أبوبكر

أحمد بن محمد بن إسحق بن السنى عنه .

وما كان فيه من ( سنن ابن ماجه ) فقد قرأت الكتاب كاملا على أبى على

يعقوب بن أحمد بن فضائل الحلبى . قلت له أخبرك الامام موفق الدين أبومحمد

ـ439ـ

ع بداللطيف بن يوسف البغدادى قراءة عليه وأنت تسمع بحلب فأقر به قال

أنا أبوزرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسى قال أنا أبومنصور محمد بن الحسين

المقوم إجازة إن لم يكن سماعا ثم ظهر سماعه قال أنا أبوطلحة القاسم بن أبى

المنذر الخطيب قال أنا أبوالحسن على بن ابراهيم القطان عنه .

وماكان فيه عن ابن إسحق فمن كتاب ( السيرة النبوية ) من رواية أبى محمد

عبدالملك بن هشام النحوى وتهذيبه عن زياد بن عبدالله البكائى عنه . وقد

قرأتها على أبى المعالى أحمد بن إسحق الابرقوهى إلا يسيرا فسمعته بقراءة غيرى

عليه قال أنا أبومحمد عبدالقوى بن عبدالله بن الجباب قراءة عليه وانا أسمع

وإجازة لما خالف المسموع ان خالف . ومن أصل ابن الجباب كانت القراءة قال انا

أبومحمد عبدالله بن رفاعة بن غدير السعدى قال انا القاضى ابوالحسن الخلعى

قال انا ابن النحاس قال انا ابن الورد عن ابن البرقى عن ابن هشام ولى في

هذا الكتاب أسانيد أخر .

وما كان فيه من ( كتاب المغازى عن موسى بن عقبة ) فقد سمعت من شيخنا

الامام عزالدين أحمد بن ابراهيم بن الفرج الفاروثى أكثر هذا الكتاب ، وأجاز

لى سائره بسماعه من أبى محمد اسماعيل بن على بن ؟ ؟ ؟ الجوهرى بسماعه من

أبى بكر احمد بن المقرب الكرخى قال انا ابوطاهر احمد بن الحسن بن أحمد بن

الباقلانى عن أبى طالب حمزة بن الحسين بن أحمد بن سعيد بن القاسم بن شعيب بن

الكوفى عن أبى الحسن على بن محمد الشونيزى عن أحمد بن زنجوية المخرمى عن

ابراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عنه .

وما كان فيه من ( كتاب المغازى عن أبى عبدالله محمد بن عائذ القرشى

الكاتب ) فقد قرأت على أبى القاسم الخضر بن أبى الحسين بن الخضر بن عبدان

ـ440ـ

الازدى الدمشقى بها بعض هذا الكتاب ، وأجازنى سائره وناولنى جميعه قال

انا أبومحمد الحسن بن على بن الحسين بن الحسن بن محمد بن البن الاسدى قراءة

عليه وانا أسمع بجامع دمشق قال انا جدى قال أنا أبوالقاسم بن أبى العلاء قال انا

أبومحمد بن أبى نصر قال انا أبوالقاسم على بن يعقوب بن ابراهيم بن أبى العقب

قال انا أبو عبدالملك أحمد بن ابراهيم القرشى .

وما كان فيه عن محمد بن سعد فمن ( كتاب الطبقات الكبير ) له . وقد قرأت

معظم هذا الكتاب على الشيخ الامام بهاء الدين أبى محمد عبدالمحسن بن الصاحب

محيى الدين محمد بن احمد بن هبة الله بن أبى جرادة العقيلى وأجاز لى جميع ما يرويه

وكان سمعه كاملا من الحافظ أبى الحجاج يوسف بن خليل بن عبدالله الدمشقى

وذهب يسير من أصل سماعه فلم يقدر عليه حين قراءتى عليه قال ابن خليل انا

أبومحمد عبدالله بن دهبل بن على بن منصور بن ابراهيم بن كارة سماعا عليه ببغداد

قال انا القاضى أبوبكر محمد بن عبدالباقى بن محمد بن عبداله الانصارى عن

أبى محمد الحسن بن على الجوهرى قال انا أبوعمر محمد بن العباس بن ركرياء بن

حيوية قال قرئ على أبى الحسن أحمد بن معروف بن بشر بن موسى الخشاب

وانا أسمع في شعبان سنة ثمان عشرة وثلاثمائة قال انا أبومحمد الحارث بن محمد

ابن أبى أسامة التميمى قال انا ابن سعد . هذا الاسناد من أول الكتاب إلى

آخر ما فيه من خبر النبى صلى الله عليه وسلم وهو الذى أخرج منه في هذا المجموع ما أخرج

وقد يتغير إسناده في باقى الكتاب ولا حاجة بنا إلى بيانه غير أنى رأيت بعض

من كتبه عن ابن دهبل أسنده عن القاضى ابى بكر سماعا لجميع ما ذكر عن

الجوهرى إجازة من اول الكتاب إلى قوله ذكر مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم

بمكة من حين نبئ إلى الهجرة . وعن أبى إسحق البرمكى أيضا إجازة قالا انا ابن

ـ441ـ

حيوية والذى وقع لى في إسناد ابن خليل بالعنعنة لم يتبين فيه السماع من الاجازة .

............................................................................

- عيون الاثر مجلد: 2 من ص 441 سطر 1 الى ص 448 سطر 14

حيوية والذى وقع لى في إسناد ابن خليل بالعنعنة لم يتبين فيه السماع من الاجازة .

وقد أخبرنا به إجازة الشيخ المسند أبوالفرج ع بداللطيف بن عبدالمنعم بن على

ابن نضر بن منصور الحرانى قال انا أبومحمد عبدالله بن على بن كارة قراءة عليه

وانا أسمع بسنده لبعضه وإجازة لسائره بسنده المذكور أيضا .

وما كان فيه عن أبى القاسم سليمان بن أحمد ( الطبرانى ) فأخبرنى أ بوعبدالله

محمد بن عبدالمؤمن بن أبى الفتح الصورى بقراءتى عليه وبقراءة الحافظ أبى الحجاج

المزى أخبركم الشيخان أبوالفخر أسعد بن سعيد بن روح الصالحانى وأم حبيبة عائشة

بنت معمر بن الفاخر إجازة من أصبهان قالا أخبرتنا أم ابراهيم فاطمة بنت عبد

الله ا لجوزدانية وعائشة حاضرة قالت أم ابراهيم انا أبوبكر بن ريذة قال انا الطبرانى

وما كان فيه عن ( أبى يعلى الموصلى ) فأخبرنا به أيضا ابن عبدالمؤمن بقراءتى

عليه قال انا أبومسلم المؤيد بن عبدالرحيم بن أحمد بن محمد بن الاخوة وعائشة

بنت معمر بن الفاخر إجازة قالا انا أبوالفرج سعيد بن أبى الرجاء الصيرفى قال

انا أبونصر ابراهيم بن محمد بن على الكسائى قال انا أبوبكر محمد بن ابراهيم المقرئ عنه .

وما كان فيه عن ( أبى بشر الدولابى ) فهو مما قرأته بدمشق على الشيخ الامام

أبى العباس أحمد بن ابراهيم الفاروثى أخبركم الامير أبومحمد الحسن بن على بن الحسن

السيدى قال انا الحافظ ابوالفضل محمد بن ناصر سماعا قال انا ابوطاهر محمد بن

احمد بن أبى الصقر الانبارى قال انا اب والبركات احمد بن عبدالواحد بن الفضل

ابن نظيف الفراء قال انا ابومحمد الحسن بن رشيق عنه .

وما كان فيه عن ابى بكر الشافعى فمن ( الفوائد المعروفة با لغيلانيات ) من رواية

ابن طالب محمد بن محمد بن ابراهيم بن غيلان البزار عنه وقد سمعتها عنه بقراءة

ـ442ـ

والدى رحمه الله على ابى الفضل عبدالرحيم بن يوسف بن يحيى بن العلم ثم قرأتها

على أبى الهيجاء غازى بن ابى الفضل بن ع بدالوهاب الدمشقى قالا اخبرنا ابو

ابوحفص عمر بن محمد بن طبرزذ قال انا ابوالقاسم هبة الله بن محمد بن محمد بن

الحصين عن ابن غيلان .

وما كان فيه عن ( أبى عروبة الحسين بن ابى معشر الحرانى ) فمما سمعته على

الشيخ ابى عبدالله بن عبدالمؤمن بن ابى الفتح بظاهر دمشق عن زاهر بن ابى

طاهر ومحمود بن احمد الثقفين وهشام بن عبدالرحيم ا لاصبهانيين إجازة بسماعهم

من ابى نصر محمد بن حميد الكبريتى قال انا ابومسلم محمد بن على بن مهزبرد

النحوى قال انا ابوبكر المقرئ عنه .

وما كان فيه عن ( ابى الحسين بن جميع الغسانى ) فمن معجمه وقد قرأته على

الشيخ ابى حفص عمر بن عبدالمنعم بن عذير القواس بعربيل بظاهر دمشق بغوطتها

أخبركم القاضى ابوالقاسم عبدالصمد بن محمد بن الحرستانى حضورا في الرابعة سنة

تسع وستمائة قال انا جمال الاسلام ابوالحسن على بن المسلم بن محمد السلمى قال انه

الحسين بن احمد بن طالب الخطيب عنه .

وما كان فيه عن ابى عمر فمن ( كتاب الدرر في إختصار المغازى والسير ) له

وهو مما روينه عن والدى رحمه الله عن شيخه ابى الحسين محمد بن احمد بن

السراج عن خاله ابى بكر بن خير عن ابى الحجاج الشنتمرى عن ابى على الغسانى عنه .

وما كان فيه عن أبى محمد عبدالله بن على ( الرشاطى ) فمن كتابه في ( الانساب )

وأخبرنا به والدى عن أبى الحسين بن السراج إجازة قال انا أبومحمد عبدالله بن

محمد بن على بن عبدالله بن عبيدالله الحجرى إجازة إن لم يكن سماعا عليه قال

أخبرنا الرشاطى قراءة عليه .

ـ443ـ

وما كان فيه عن القاضى أبى الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبى فمن

كتابه المسمى ( بالشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم ) وقد سمعته

كاملا بقراءة والدى رحمه الله بمصر على القاضى الامام على الدين أبى الحسن محمد

ابن الشيخ الامام جمال الدين أبى على الحسين بن عتيق بن رشيق بمصر في سنة

سبع وسبعين وستمائة قال أنا الامام أبوالحسن محمد بن أحمد بن جبير الكنانى

سماعا عليه سنة تسع وستمائة قال أنا الامام أ بوعبدالله محمد بن عبدالله بن محمد

ابن عيسى التميمى إجازة قال انا القاضى عياض سماعا .

وما كان فيه عن الاستاذ أبى القاسم ( السهيلى ) فمن روايتى عن والدى رحمه

الله قال انا الشيخ الرواية الزاهد أبوالحسين محمد بن أحمد بن السراج إجازة إن لم

يكن سماعا . وقد سمع عليه الكثير بقراءة والده قال قرئ كتاب ( الروض الانف )

والمشرع الروى على أبى القاسم عبدالرحمن بن أبى الحسن الخثعمى السهيلى مصنفه

من أوله إلى آخره مرتين وأنا أشمع . ومن كتابه هذا أثبت ما أثبت عنه هنا .

وربما أثبت فوائد في الفصول المتعلقة بشرح الاخبار السابقة لها وما اشتملت عليه

من الغريب من فوائد ألفيتها بخط جدى أبى بكر محمد بن أحمد علقها عن شيخه

الاستاذ أبى على عمر بن محمد الازدى بن الشلوبين عند قراءة السيرة الهشامية عليه

وأثبتها في طرر كتابه رحم الله جميعهم ونفعنا بما يسر لنا من ذلك بمنه وكرمه آمين .

هذا آخر كتاب السيرة النبوية والحمد لله رب العالمين لا شريك له وصلواته

وسلامه على خير خلقه وصفوته وخاتم رسله محمد وآله وصحبه وسلم

تمت بتاريخ ضحوة الخميس 7 شعبان المنير عام

1079 عرفنا الله خيره ووقانا ضيره آمين

ـ445ـ

وجد في آخر الاصل :

بلغ مقابلة وتصحيحا بقدر الطاقة والامكان في النسخة المنسوخ منها وهى نسخة

جيدة مكتوبة عليها : بلغ مقابلة على أصلين صحيحين بحمد الله تعالى وحسن عونه

وتوفيقه على يد محصله لنفسه ليفوز ببركته وبركة مؤلفه يوم الاربعاء الثالث عشر

من المحرم الفاتح عام ثمانين وألف أرانا الله خيره ووقانا ضيره أحمد بن أحمد قل

ابن المختار بن يوسف بن دنبسل الفلانى كتبه له الاخ الفاضل ولده نسبا أحمد

ابن محمد طاعوين محمد بن أبى بكر بن على بن دنبسل والد يوسف المذكور جزاه

الله تعالى أفضل الجزاء وختم لناوله بالحسنى بعد طول العمر في نعمة وسرور ورزقنا

وإياه ذرية طيبة وغفر لنا ولو الدينا ولجميع المسلمين آمين يارب العالمين انه سميع

مجيب صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .

وقد نظم هذا الكتاب القاضى فتح الدين النابلسى في أرجوزة سماها الفتح

القريب في سيرة الحبيب ) وهى في ثلاث مجلدات قال في خطبتها نظمت منها في

خمسين نهارا تسعة آلاف بيت استوفت هذه الجملة متون عيون الاثر .

ثم كمل تطريرا لله الحمد وله الشكر وعنده المزيد والمنة بتاريخ نهار الاثنين

17 من المحرم أول شهور العام المكمل 1080 أرانا الله خيره وكفانا شره آمين .

ـ446ـ

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد قرأت هذا الكتاب

من أوله إلى آخره على مؤد بنا شيخ الاسلام خطيب الخطباء فصيح البلغاء جمال

الانام حسنة الايام أبى محمد عبدالله بن العلاء شيخ الاسلام الحظى النجم أبى

عبدالله محمد بن جماعة الكنانى أدام الله تعالى رفعته وفسح مدته وأجزت به عن

الشيخ الامام شمس الدين محمد بن بدر الدين حسن بن على القرشى الفرسيسى

سماعا عليه لجميع الكتاب قال أنا الامام العالم الحافظ محمد بن سيد الناس

اليعمرى المصنف سماعا عليه لجميعه .

* * *

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد فقد قرأ على هذه السيرة الشريفة

من تأليف الامام الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس اليعمرى رحمه الله من أولها

إلى آخرها باجازتى لها ولغيرها من الامامين العالمين العلامتين الحافظ سراج الدين

أبى حفص عمر بن الامام أبى الحسن الوادياشى الشهير بابن الملقن والفقيه شهاب

الدين أبى العباس أحمد بن حمدان الازرعى الشافعيان قالا أنا بها إجازة المؤلف ابن

سيد الناس المشار اليه الشيخ الفاضل الصالح الخير المحصل عماد الدين أبوالفداء

اسماعيل بن الشيخ برهان الدين أبى إسحق ابراهيم بن أبى رحمة المغربى نفع الله

به ؟ ؟ ؟ . وصح ذلك وثبت في مجالس كثيرة آخرها يوم الخميس عاشر شهر ربيع

الآخر من سنة خمس بل ست وثلاثين وثمانمائة وقد أجزت له ما يجوز لى روايته

وأجزت له رواية ما ألفته . قاله ابراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمى الحلبى وكتب

وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى وآله وصحبه وسلم تسليما . " انتهى ما في آخر الاصل "

ـ447ـ

وقوبلت على النسخة الموجودة في دار الكتب الظاهرية بدمشق وقد كتب

عليها : هذا ما وقفه الوزير والمشير المفخم جناب الحاج أسعد باشا والى الشام وأمير

الحاج على مدرسة والده المغفور له الحاج اسماعيل باشا طاب ثراه واشرط الواقف

المذكور أنه لا يخرج من مكانه .

ومما كتب فيها : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله .

وبعد فلما كان في سنة سبع وثمانين بعد الالف أخبرنا سيدنا ومولانا العالم العلامة

ولى الدين الشيخ منصور الطوخى عن شيخه شيخ الاسلام العالم العلامة الشيخ

محمد البابلى قال أخبرنا العلامة الشيخ ابراهيم اللقانى قال أخبرنا العلامة الشيخ

السنهورى قال أخبرنا الشيخ نجم الدين الغيطى قال أخبرنا شيخ الاسلام زكريا

الانصارى قال أخبرنا الحافظ ابن حجر العسقلانى قال أخبرنا الشمس الفرسيسى

قال أخبرنا الامام أبوالفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمرى

رضى الله عنه . رويناه عنه بهذا السند ورحمهم الله تعالى أجمعين ونفعنا ببركاتهم .

وكاتب الاحرف الفقير أبوبكر بن أبى الفتح الدلجى قرأه على المذكور في ا لدرس .

ـ448ـ

وجاء في خاتمة أقدم نسخة صححنا عليها من نسخ الخزانة التيمورية ودار الكتب

المصرية ما يأتى :

آخر كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام . وكان الفراغ

من كتابتها يوم الجمعة ضحى عاشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة

على يد الفقير إلى عفو الله تعالى وغفرانه حسين بن شبل بن ابراهيم بن على بن حسن

الشافعى عفا الله تعالى عنه بمنه وكرمه وغفر له ولوالديه .

وفى آخرها كتابة بخط البرهان الحلبى الشهير بسبط ابن العجمى تاريخها سنة

825 تفيد قراءة كاتبها حسين بن شبل المذكور لها عليه قراءة صحيحة وأنه جازه

بها وبسائر ما تجوز له روايته .

والحواشى التى علقتها مقتبسة من ( الاقتباس لحل مشكل سيرة ابن سيد الناس

للجمال بن عبدالهادى ) ولم يغتنى عن المراجعة و الاستدراك عليه في كثير من المواطن .

* * *

تم طبع الكتاب والحمد لله

قلت المدون هكذا الكتاب من مشكاة والحمد لله اللهم تقبل منا وتقبل دعائي ودعاءنا يا الله امين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمة ابن الصلاح تقي الدين عثمان بن عبدالرحمن المعروف بابن الصلاح

     مقدمة ابن الصلاح  تقي الدين عثمان بن عبدالرحمن المعروف بابن الصلاح  يعد هذا الكتاب أشهر كتاب في علم مصطلح الحديث على الإطلاق ذكر في...