الدعاء

اللهم فكما ألهمت بإنشائه وأعنت على إنهائه فاجعله نافعاً في الدنيا وذخيرة صالحة في الأخرى واختم بالسعادة آجالنا وحقق بالزيادة آمالنا واقرن بالعافية غدونا وآصالنا واجعل إلى حصنك مصيرنا ومآلنا وتقبل بفضلك أعمالنا إنك مجيب الدعوات ومفيض الخيرات والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين اللهم لنا جميعا يا رب العالمين .وسبحان الله وبحمده  عدد خلقه وزنة عرشه  ورضا نفسه ومداد كلماته  } أقولها ما حييت وبعد موتي  والي يوم الحساب وارحم  واغفر اللهم لوالديَّ ومن مات من اخوتي واهلي والمؤمنين منذ خَلَقْتَ الخلق الي يوم الحساب آمين وفرِّجِ كربي وردَّ اليَّ عافيتي وارضي عني في الدارين  واعِنِّي علي أن اُنْفِقها في سبيلك يا ربي اللهم فرِّج كربي واكفني همي واكشف البأساء والضراء عني وعنا.. وردَّ إليَّ عافيتي وثبتني علي دينك الحق ولا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتوفنا مع الأبرار وألِّفْ بين قلوبنا اجمعين.يا عزيز يا غفار ... اللهم واشفني شفاءاً لا يُغَادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني وفرج كربي واكفني همي واعتقني مما أصابني من مكروه أنت تعلمه واعتقني من النار وقني عذاب القبر وعذاب جهنم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال اللهم آمين /اللهم ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عُقَد لساني واغنني بك عمن سواك يارب . والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين آمين.

الاثنين، 29 أغسطس 2022

ج39.وج40.روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثان شهاب الدين محمود ابن عبد الله الحسيني الآلوسي

 

39. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثان شهاب الدين محمود ابن عبد الله الحسيني الآلوسي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 253
سورة التّكوير
ويقال سورة كورت وسورة إذا الشمس كورت وهي مكية بلا خلاف وآيها تسع وعشرون آية ، وفي التيسير ثمان وعشرون ، وفيها من شرح حال يوم القيامة الذي تضمنه آخر السورة قبل ما فيها وقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت ، وإذا السماء انفطرت ، وإذا السماء انشقت»
أي السور الثلاث وكفى بذلك مناسبة.
[سورة التكوير (81) : الآيات 1 إلى 9]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (4)
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ أي لفّت من كورت العمامة إذا لففتها وهو مجاز عن رفعها «1» وإزالتها من مكانها بعلاقة اللزوم فإن الثوب إذا أريد رفعه يلف لفا ويطوى ثم يرفع ونحوه قوله تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ [الأنبياء : 104] ويجوز أن يراد لف ضوئها المنبسط في الآفاق المنتشر في الأقطار ، إما على أن الشمس مجاز عن الضوء فإنه شائع في العرف ، أو على تقدير المضاف ، أو على التجوز في الإسناد ويراد من لفه إذهابه مجازا بعلاقة اللزوم كما سمعت آنفا ، أو رفعه وستره استعارة كما قيل ، وقد اعتبر تشبيه الضوء بالجواهر والأمور النفسية التي إذا رفعت لفّت في ثوب ثم تعتبر الاستعارة ويجعل التكوير بمعنى اللف قرينة ليكون هناك استعارة مكنية تخييلية. وكون المراد إذهاب ضوئها مروي عن الحسن وقتادة ومجاهد وهو ظاهر ما رواه جماعة عن ابن عباس من تفسيره كُوِّرَتْ بأظلمت ، والظاهر أن ذاك مع بقاء جرمها كالقمر في خسوفه وفي الآثار ما يؤيد ذلك ، وقيل : إن ذاك عبارة عن إزالة نفس الشمس والذهاب بها للزوم العادي واستلزام زوال اللازم لزوال الملزوم ، ويجوز أن يكون المراد ب كُوِّرَتْ ألقيت عن فلكها
___________
(1) ولعل القرينة النسبة ا ه منه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 254
وطرحت من طعنه فحوره وكوره أي ألقاه مجتمعا على الأرض وإلقاؤها في جهنم مع عبدتها كما يدل عليه بعض الأخبار المرفوعة ويذهب إذا ذاك نورها كما صرح به القرطبي أو في البحر كما يدل عليه خبر ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عتيك. وفيه أن اللّه تعالى يبعث ريحا دبورا فتنفخه أي البحر حتى يرجع نارا ، وعظم جرم الشمس اليوم لا يقتضي استحالة إلقائها في البحر ذلك اليوم لجواز اختلاف الحال في الوقتين واللّه عز وجل على كل شيء قدير لكن جاء في الأخبار الصحيحة أن الشمس تدنو يوم القيامة من الرؤوس في المحشر حتى تكون قدر ميل ويلجم الناس العرق يومئذ والأبحر حينئذ لتلقى فيه بعد فلا تقفل وعن أبي صالح كُوِّرَتْ نكست. وفي رواية عن ابن عباس تكويرها إدخالها في العرش. وعن مجاهد أيضا اضمحلت ، ومدار التركيب على الإدارة والجمع هذا ولم نقف لأحد من السلف على إرادة لفها حقيقة ، وللمتأخرين في جواز إرادته خلاف فقيل : لا تجوز إرادته لأن الشمس كرية مصمتة وغاية اللف هي الإدارة وهي حاصلة فيها ، وقيل : تجوز لأن كون الشمس كذلك مما لا يثبته أهل الشرح وعلى تسليمه يجوز أن يحدث فيها قابلية اللف بأن يصيرها سبحانه منبسطة ثم يلفها وله عز وجل في ذلك ما له من الحكم ، ويبعد إرادة الحقيقة فيما أرى كونها كيفما كانت من الأجرام التي لا تلف كالثياب نعم القدرة في كل وقت لا يتعاصاها شيء ، وارتفاع الشمس بفعل مضمر يفسره المذكور عند جمهور البصريين لاختصاص إذا الشرطية عندهم بالفعل وعلى الابتداء عند الأخفش والكوفيين لعدم الاختصاص عندهم وكون التقدير خلاف الأصل.
وكذا يقال في قوله تعالى وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أي انقضت وسقطت كما أخرجه عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة ، ومنه : انكدر البازي إذا نزل بسرعة على ما يأخذه. قال العجاج يمدح عمر بن عمر التميمي :
إذا الكرام ابتدروا الباع بدر تقضّي البازي إذا البازي كسر
دانى جناحيه من الطود فمر أبصر خربان فضاء فانكدر
وهذا إحدى روايتين عن ابن عباس. وروي عنه أنه قال : لا يبقى يومئذ نجم إلّا سقط في الأرض. وعنه أيضا أن النجوم قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور بأيدي ملائكة من نور ، فإذا مات من في السماوات والأرض تساقطت من أيديهم. وظاهر هذا أن النجوم ليست في جرم أفلاك لها كما يقول الفلاسفة المتقدمون بل معلقة في فضاء ويقرب منه من وجه قول الفلاسفة المحدثين فإنهم يقولون بكونها في فضاء أيضا لكن بقوى متجاذبة لا معلقة بسلاسل بأيدي ملائكة وليس وراء ما يشاهد منها إلا سماء بمعنى جهة علو لا سماء بالمعنى المعروف ، وإن صح خبر الحبر وهو في حكم المرفوع لم نعدل عن ظاهره إلّا إن ظهر استحالته وهيهات ذلك وحينئذ فالأمر سهل. وقد ذكر بعض متأهلين أن الملائكة قد تطلق على الأرباب النورية كما
في خبر : «إن لكل شيء ملكا وإن كل قطرة من قطرات المطر ينزل معها ملك»
. وخبر «أتاني ملك الجبال وملك البحار»
وتسمى المثل الأفلاطونية وهي أنوار مجردة قائمة بنفسها مدبرة بإذن اللّه تعالى للمربوبات حافظة إياها وهي المنمية والغاذية والمولودة في النباتات والحيوانات ويقال في السلاسل إنه أريد بها القوى التي بها حفظ الأوضاع أو نحو ذلك. وقيل : انكدرت تغيرت وانطمس. نورها كما في هو في الرواية الأخرى عن ابن عباس من كدرت الماء فانكدر ففيه تشبيه انطماس نورها بتكدر الماء الذي لا يبقى معه صفاؤه ورونق منظره ، وتكون هي حينئذ على ما في بعض الآثار مع عبدتها في النار وظاهر أن النجوم لا تشمل الشمس وقيل تشملها وذكرها بعدها تعميم بعد تخصيص فلا تغفل وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ أي أزيلت عن أماكنها من الأرض

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 255
بالرجفة الحاصلة على أن التسيير مجاز عن ذلك ، وقيل : سيرت بعد رفعها في الجو كما قال تعالى وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ [النمل : 88]. وهذا إنما يكون بعد النفخة الثانية وَإِذَا الْعِشارُ جمع عشراء كنفاس جمع نفساء وهي الناقة التي أتى عليها من يوم أرسل فيها الفحل عشرة أشهر ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع ، وقد يقال لها ذلك بعد ما تضع أيضا وهي أنفس ما يكون عند أهلها وأعز شيء عليهم عُطِّلَتْ تركت مهملة لا راعي لها ولا طالب ، وقيل : عطلها أهلها عن الحلب والصر ، وقيل عن أن يرسل فيها الفحول وذلك إذا كان قبيل قيام القيامة لاشتغال أهلها بما عراهم مما يكون إذا ذاك. وقيل : إن هذا التعطيل يوم القيامة ، فقال القرطبي : الكلام على التمثيل إذ لا عشار حينئذ والمعنى أنه لو كانت عشار لعطلها أهلها واشتغلوا بأنفسهم ، وقيل على الحقيقة أي إذا قاموا من القبور وشاهدوا الوحوش والأنعام والدواب محشورة ورأوا عشارهم التي كانت كرائم أموالهم فيها لم يعبؤوا بها لشغلهم بأنفسهم وهو كما ترى. وقيل : المراد بالعشار السحاب على تشبيه السحابة المتوقع مطرها بالناقة العشراء القريب وضع حملها وفيه استعارة لطيفة مع المناسبة التامة بينه وبين ما قبله فإن السحب تنعقد على رؤوس الجبال وترى عندها وإلّا ينافيه كونه مناسبا لما بعده على الأول فإنه معنى حقيقي مرجح بنفسه ، وتعطيلها مجاز عن عدم ارتقاب مطرها لأنهم في شغل عنه.
وقيل عن عدم إمطارها وقيل : هي الديار تعطل فلا تسكن ، وقيل : الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تزرع.
وقرأ مضر اليزيدي «عطلت» بالتخفيف والبناء للمجهول ونقله في اللوامح عن ابن كثير ثم قال : هو وهم إنما «عطلت» بفتحتين بمعنى تعطلت لأن تشديده للتعدية ، يقال : عطلت الشيء وأعطلته فعطل بنفسه وعطلت المرأة فهي عاطل إذا لم يكن عليها حلي فلعل هذه القراءة لغة استوى فيها فعلت وأفعلت أي في التعدي ، وقيل : الأظهر أنه عدّي بالحرف ثم حذف وأوصل الفعل بنفسه.
وَإِذَا الْوُحُوشُ جمع وحش وهو حيوان البر الذي ليس في طبعه التأنس ببني آدم والمراد به ما يعم البهائم مطلقا حُشِرَتْ أي جمعت من كل جانب وذلك قبيل النفخة الأولى حين تخرج نار تفر الناس والأنعام منها حتى تجتمع ، وقيل أميتت من قولهم : إذا أجحنت السنة الناس حشرتهم ، ونحوه ما أخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قال : حشرها موتها ، وعن ابن عباس تفسير الحشر بالجمع إلّا أنه قال كما أخرجه جماعة وصححه الحاكم جمعت بالموت فلا تبعث ولا يحضر في القيامة غير الثقلين ، وقيل : بعثت للقصاص فيحشر كل شيء حتى الذباب وروي ذلك عن ابن عباس أيضا وعن قتادة وجماعة. وفي رواية عن الحبر تحشر الوحوش حتى يقتص من بعضها لبعض فيقتص للجماء من القرناء ثم يقال لها موتي فتموت ، وقيل : إذا قضي بينها ردت ترابا فلا يبقى منها إلّا ما فيه سرور لبني آدم وإعجاب بصورته كالطاووس والظبي. وقيل : يبقى كل ما لم ينتفع به إلّا المؤمن كشاة لم يأكل منها إلّا هو ويدخل ما يبقى الجنة على حال لائقة بها. وذهب كثير إلى بعث جميع الحيوانات ميلا إلى هذه الأخبار ونحوها
فقد أخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة في هذه الآية قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «لتؤذن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء».
وزاد أحمد بن حنبل : «وحتى الذرة من الذرة»
ومال حجة الإسلام الغزالي وجماعة إلى أنه لا يحشر غير الثقلين لعدم كونه مكلفا إلّا أهلا للكرامة بوجه وليس في هذا الباب نص من كتاب أو سنة معول عليها يدل على حشر غيرهما من الوحوش وخبر مسلم والترمذي وإن كان صحيحا لكنه لم يخرج مخرج التفسير للآية ، ويجوز أن يكون كناية عن العدل التام وإلى هذا القول أميل ولا أجزم بخطأ القائلين بالأول لأن لهم ما يصلح مستندا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 256
في الجملة واللّه تعالى أعلم. وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون «حشّرت» بالتشديد للتكثير.
وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ أي أحميت بأن تغيض مياهها وتظهر النار في مكانها ولذا ورد على ما قيل إن البحر غطاء جهنم ، أو ملئت بتفجير بعضها إلى بعض حتى يكون مالحها وعذبها بحرا واحدا من سجر التنور إذا ملأه بالحطب ليحميه ، وقيل : ملئت نيرانا تضطرم لتعذيب أهل النار ، وقيل : ملئت ترابا تسوية لها بأرض المحشر وليس له مستند أثر عن السلف. ونقل في البحر عن كتاب لغات القرآن أن سُجِّرَتْ بمعنى جمعت لغة خثعم ولعل جمعها عليه بالتفجير. وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون المعنى ملكت وقيد اضطرابها حتى لا يخرج عن الأرض من الهول فيكون ذلك مأخوذا من ساجور الكلب وهو خشبة تجعل في عنقه ، ويقال : سجره إذا شده به. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «سجّرت» بالتخفيف وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ أي قرنت كل نفس بشكلها. أخرج جماعة منهم الحاكم وصححه عن النعمان بن بشير عن عمر رضي اللّه تعالى عنه أنه سئل عن ذلك فقال : يقرن الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة ، ويقرن الرجل السوء مع الرجل السوء في النار فذلك تزويج الأنفس. وفي حديث مرفوع رواه النعمان أيضا ما يقتضي ظاهره ذلك وقال بعض هذا في الموقف أن يقرن بين الطبقات الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل. وقال مقاتل بن سليمان : تقرن نفوس المؤمنين بأزواجهم من الحور وغيرهن ، ونفوس الكافرين بالشياطين. وقيل : تقرن كل نفس بكتابها وقيل بعملها وجوز أن يراد تقرن كل نفس بخصمها فلا يمكنها الفرار منه وأنت تعلم أن كون كل نفس ذا خصم بين الانتفاء وأيّا ما كان فالنفس بمعنى الذات والتزويج جعل الشيء زوجا أي مقارنا. وقال عكرمة والضحاك والشعبي : تقرن النفوس بأزواجها وذلك عند البعث والنفس عليه بمعنى الروح. وقرأ عاصم «زوجت» على فوعلت.
وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ وهي البنت التي تدفن حية من الوأد وهو الثقل كأنها سميت بذلك لأنها تثقل بالتراب حتى تموت. وقيل : هو مقلوب الأوتد وحكاه المرتضى في درره عن بعض أهل اللغة وهو غير مرتضى عند أبي حيان وكانت العرب تئد البنات مخافة لحوق العار بهم من أجلهن ، وقيل : مخافة الإملاق ولعله بالنسبة إلى بعضهم ومنهم من يقول : الملائكة بنات اللّه سبحانه عما يقولون فألحقوا البنات به تعالى فهو عز وجل أحق بهن. وذكر غير واحد أنه كان الرجل منهم إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية فيقول لأمها طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر لها بئرا في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها : انظري فيها ، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض. وقيل : كانت الحامل إذا قربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة فإذا ولدت بنتا رمت بها فيها ، وإن ولدت ابنا حبسته ورأيت إذ أنا يافع في بعض الكتب أن أول قبيلة وأدت من العرب ربيعة وذلك أنهم أغير عليهم فنهبت بنت لأمير لهم فاستردها بعد الصلح فخيرت برضا منه بين أبيها ومن هي عنده فاختارت من هي عنده وآثرته على أبيها فغضب وسن لقوله الوأد ففعلوه غيرة منهم ومخافة أن يقع لهم بعد مثل ما وقع ، وشاع في العرب غيرهم واللّه تعالى أعلم بصحة ذلك. وقرأ البزي في رواية الموؤدة» كمعونة فاحتمل أن يكون الأصل الْمَوْؤُدَةُ كقراءة الجمهور فنقل حركة الهمزة إلى الواو قبله وحذفت ثم همزت تلك الواو واحتمل أن يكون اسم مفعول من آد والأصل المأوودة فحذفت أحد الواوين فصارت الموءودة كما حذفت من مقوول فصار مقولا. وقرىء «الموودة» بضم الواو الأولى وتسهيل الهمزة أعني التسهيل بحذفها ونقل حركتها إلى ما قبلها.
وفي مجمع البيان والعهدة عليه روي عن أبي جعفر وأبي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 257
عبد اللّه وابن عباس رضي اللّه تعالى عنهم أنهم قرؤوا «المودّة» بفتح الميم والواو والمراد بها الرحم والقرابة وعن أبي جعفر قرابة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ويراد بقتلها قطعها أو هو على حقيقته والإسناد مجازي والمراد قتل المتصف بها. وتوجيه السؤال إلى الموءودة في قوله تعالى سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ دون الوائد مع أن الذنب له دونها لتسليتها وإظهار كمال الغيظ والسخط لوائدها وإسقاطه عن درجة الخطاب والمبالغة في تبكيته فإن المجني عليه إذا سئل بمحضر الجاني ونسبت إليه الجناية دون الجاني كان ذلك بعثا للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه ، فيرى براءة ساحته وأنه هو المستحق للعتاب والعقاب ، وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض كما في قوله تعالى أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ [المائدة : 116].
وقرأ أبيّ وابن مسعود والربيع بن خيثم وابن يعمر «سألت» أي خاصمت أو سألت اللّه تعالى أو قاتلها وإنما قيل قُتِلَتْ لما أن الكلام إخبار عنها لا حكاية لما خوطبت به حين سئلت ليقال قتلت على الخطاب ولا حكاية لكلامها حين سألت ليقال قتلت على الحكاية عن نفسها وقد قرأ كذلك علي كرم اللّه تعالى وجهه وابن عباس وابن مسعود أيضا وجابر بن يزيد وأبو الضحى ومجاهد. وقرأ الحسن والأعرج «سيلت» بكسر السين وذلك على لغة من قال سال بغير همز. وقرأ أبو جعفر بشد الياء لأن الموءودة اسم جنس فناسب التكثير باعتبار الأشخاص وفي الآية دليل على عظم جناية الوأد. وقد أخرج البزار والحاكم في الكنى والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه أنه قال : جاء قيس بن عاصم التميمي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال : إني وأدت ثمان بنات لي في الجاهلية ، فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «أعتق عن كل واحدة رقبة» قال : إني صاحب إبل قال :
«فاهد عن كل واحدة بدنة»
. وكان لأمر للندب لا للوجوب لتوقف صحة التوبة عليه فإن الإسلام يجب ما قبله من مثل ذلك وفيه تعظيم أمر الوأد وكان من العرب من يستقبحه كصعصعة بن ناجية المجاشعي جد الفرزدق كان يفتدي الموءودات من قومه بني تميم وبه افتخر الفرزدق في قوله :
وجدي الذي منع الوائدات فأحيا الوئيد فلم توأد
وأخرج الطبراني عنه قال : قلت يا رسول اللّه إني عملت أعمالا في الجاهلية فهل فيها من أجر؟ أحييت ثلاثمائة وستين من الموءودة اشتري كل واحدة منهن عشراوين وجمل فهل لي في ذلك من أجر؟ فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «لك أجره إذ منّ اللّه تعالى عليك بالإسلام»
. وعد من الوأد العزل لما
أخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني وابن مردويه عن خذامة بنت وهب قالت : سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن العزل فقال : «ذلك الوأد الخفي»
ومن هنا قيل بحرمته وأنت تعلم أن المسألة خلافية فقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : العزل وهو أن يجامع فإذا قارب الانزال نزع وأنزل خارج الفرج مكروه عندنا في كل حال امرأة سواء رضيت أم لا لأنه طريق إلى قطع النسل. وأما التحريم فقد قال أصحابنا - يعني الشافعية - لا يحرم في مملوكته ولا في زوجته الأمة سواء رضيت أم لا لأن عليه ضررا في مملوكته بمصيرها أم ولد وامتناع بيعها ، وعليه ضرر في زوجته الرقيقة بمصير ولده رقيقا تبعا لأمه ، وأما زوجته الحرة فإن أذنت فيه لم يحرم وإلّا فوجهان أصحهما لا يحرم ثم الأحاديث التي ظاهرها التعارض في هذا المطلب يجمع بينها بأن ما ورد منها في النهي محمول على كراهة التنزيه ، وما ورد في الإذن في ذلك محمول على أنه ليس بحرام وليس معناه نفي الكراهة انتهى. وأجيب على الحديث السابق بأن تسميته بالوأد الخفي لا يدل على أن حكمه حكم الوأد الظاهر فقد صح أن الرياء شرك خفي ولم يقل أحد بأن حكمه حكمه ، ولا يبعد أن يكون الاستمناء باليد كالعزل وأدا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 258
خفيا. وذكر بعضهم أنه إذا لم يخش الزنا حرام وإن خشي لم يحرم وكذا لا يبعد أن يكون التفخيذ مع من يحل له وطؤها كذلك ولم أر قائلا بحرمته وتمام الكلام في هذا المقام في كتب الفقه فلتراجع. واستدل الزمخشري بالآية على أن أطفال المشركين لا يعذبون وعلى أن العذاب لا يستحق إلّا الذنب ، أما الأول فلأن تبكيت قاتلها يباين تعذيبها لأن استحقاق التبكيت لبراءتها من الذنب فمتى بكّت سبحانه الكافر ببراءتها من الذنب كيف يكر سبحانه عليها فيفعل بها ما ينسى عنده فعل المبكت من العذاب السرمدي. وأما الثاني فلإشارة قوله تعالى بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ إلى أن القتل إنما يصار إليه بذنب وأنه لا يستحسن ارتكابه دونه ، ومعلوم أن في معناه كل تعذيب. ثم الآية لما دلت على أن الموءودة لا ذنب لها ليتم التبكيت تضمنت عدم استحقاقها العقاب. وزعم أن ابن عباس سئل عن ذلك فاحتج بهذه الآية وتعقب بأن مبنى ما ذكره التحسين والتقبيح ، وقد بيّن ما فيهما في موضعه. وعلى التسليم نمنع انحصار سبب التبكيت في البراءة على أن القتل للباعث المذكور في القرآن بمعنى خشية الإملاق رذيلة يستحق بها التبكيت استحق بها المقتول التعذيب الأخروي أولا ، وإشارة الآية على أن باعثهم على القتل لم يكن الذنب لا إلى أن الذنب أعني ما تستحق به الموءودة التعذيب معدوم من كل وجه ، وما روي عن ابن عباس لا نسلم صحته وفي الأخبار ما ينافيه.
أخرج الإمام أحمد والنسائي وغيرهما عن سلمة بن يزيد الجعفي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال : «الوائدة والموءودة في النار» إلّا أن تدرك الوائدة الإسلام فيعفو اللّه تعالى عنها»
. وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عباس قال : سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن أولاد المشركين ، فقال : «اللّه تعالى إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين»
وتفسيره على ما قيل ما
روى أبو داود عن عائشة قلت : يا رسول اللّه ذراري المؤمنين؟ فقال «من آبائهم» قلت : بلا عمل؟ قال : اللّه تعالى أعلم بما كانوا عاملين» قلت يا رسول اللّه فذراري المشركين؟ فقال :
«من آبائهم» قلت : بلا عمل؟ قال : «اللّه تعالى أعلم بما كانوا عاملين»
. وفي مسند الإمام أحمد سألت خديجة عن ولدين ما بالهما في الجاهلية فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «هما في النار وأنت تعلم أن في مسألة الأطفال من هذه الحيثية ما عدا أطفال الأنبياء عليهم السلام فإنهم أجمع على كونهم من أهل الجنة
كما قال اللقاني خلافا فقد قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفا ، وتوقفت فيه بعض من لا يعتد به
لحديث عائشة : توفي صبي من الأنصار فقالت : طوبى له عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء ولم يدركه قال صلّى اللّه عليه وسلم : «أو غير ذلك يا عائشة إن اللّه تعالى خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ، وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم».
وأجاب العلماء عنه بأنه لعله عليه الصلاة والسلام نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع ويحتمل أنه عليه الصلاة والسلام قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة ، فلما علم صلّى اللّه عليه وسلم قال ذلك في
قوله صلّى اللّه عليه وسلم : «ما من مسلم يموت له ثلاث من الولد لم يبلغوا الحنث إلّا أدخله اللّه تعالى الجنة بفضله ورحمته إياهم»
وغير ذلك من الأحاديث. وأما أطفال المشركين ففيهم ثلاثة مذاهب قال الأكثرون : هم في النار تبعا لآبائهم
لحديث سئل عن أولاد المشركين من يموت منهم صغيرا فقال عليه الصلاة والسلام : «اللّه تعالى أعلم بما كانوا عاملين»
أي وغير ذلك. وتوقف طائفة فيهم وقالت الثالثة وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة ويستدل له بأشياء منها
حديث إبراهيم الخليل عليه السلام حين رآه النبي صلّى اللّه عليه وسلم في الجنة حوله أولاد الناس ، قالوا : يا رسول اللّه وأولاد المشركين قال : «وأولاد

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 259
المشركين» رواه البخاري في صحيحه
ومنها قوله تعالى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء : 15] ولا يتوجه على المولود التكليف ويلزمه قول الرسول حتى يبلغ وهذا متفق عليه والجواب عن
حديث «اللّه تعالى أعلم بما كانوا عاملين»
أنه ليس فيه تصريح بأنهم في النار ، وحقيقة لفظة :
«اللّه تعالى أعلم بما كانوا يعملون»
لو بلغوا ولم يبلغوا والتكليف لا يكون إلّا بالبلوغ انتهى. وتعقب ما ذكره من الاحتمال في حديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها بأنه يأباه ما ذكره من حديث إبراهيم عليه السلام فإن حديث عائشة كان بالمدينة لأنه في صبي من الأنصار وبناؤه عليه الصلاة والسلام عليها إنما كان فيها ، وحديث إبراهيم عليه السلام كان بمكة لأن الظاهر أن تلك الرؤية كانت ليلة المعراج وهو قد كان فيها ، ومنه يعلم أنه صلّى اللّه عليه وسلم قد علم أن الأطفال كلهم في الجنة يومئذ فكيف يحتمل أن يكون ما قاله بعد قاله قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة ، وأيضا إذا كان حديث إبراهيم عليه السلام في مكة يضعف الجواب الأول عن حديث عائشة باحتمال أن تكون قالت ما قالت لأنه بلغها ذلك الحديث. ثم ما ذكر من أن المذاهب في أطفال المشركين ثلاثة الظاهر أنه مبني على ما وقف عليه وإلّا فهي غير منحصرة فيها بل منها أنهم في برزخ بين الجنة والنار ومنها أنهم يمتحنون بدخول النار يوم القيامة فمن كتب له السعادة أطاع بدخولها فيرد إلى الجنة ، ومن كتب له الشقاوة امتنع فيسحب إلى النار كما جاء في بعض الروايات فلا يحكم على معين منهم بجنة ولا نار وعليه حمل اللّه تعالى أعلم بما كانوا عاملين وفي اختيارات الشيخ ابن تيمية أن هذا أحسن الأجوبة فيهم. وقال الجلال السيوطي هو الصحيح المعتمد ومنها ما ذكره هذا الجلال واختاره الإمام الرباني الفاروقي السرهندي قدس سره أنهم يحشرون ثم يصيرون ترابا كالوحوش وإن أريد مما تقدم من أنهم في الجنة كونهم فيها كسائر أهلها فهناك قول آخر وهو أنهم فيها خدما لأهلها وقد نقله النسفي في بحر الكلام على أهل السنة والجماعة وفيه أحاديث جمة. والظاهر أن المراد بأطفال المشركين الأطفال الذين ولدوا لهم وهم مشركون ولو آمنوا بعد ويدل عليه
قوله عليه الصلاة والسلام : «السابق في ولدي خديجة هما في النار»
وهو يعكر على من يقول : أطفال الذين ماتوا مشركين في النار وأطفال المشركين الذين آمنوا بعد موتهم في الجنة إكراما لهم. والذي أختاره القول بأن الأطفال مطلقا وكذا فرخ الزنا ومن جن قبل البلوغ في الجنة فهو الأخلق بكرم اللّه تعالى وواسع رحمته عز وجل والأوفق للحكمة بحسب الظاهر والأكثر تأيدا بالآيات ولا بعد في ترجح الأخبار الدالة على ذلك بما ذكر على الأخبار الدالة على خلافه والقول بأن ما تضمنته هاتيك الأخبار كان منه عليه الصلاة والسلام قبل علمه صلّى اللّه عليه وسلم بأن الأطفال في الجنة بعيد عندي. نعم جوز أن يكون قد أخبر صلّى اللّه عليه وسلم بأنهم من أهل النار بناء على أخبار الوحي به كأخباره بالوعيدات التي يعفو اللّه تعالى عنها من حيث إنه مقيد بشرط كان لم يشملهم الفضل مثلا لكنه لم يذكر معه كما لم يذكر معها لحكمة ثم أخبر عليه الصلاة والسلام بأنهم من أهل الجنة بناء على أخبار الوحي به أيضا ويكون متضمنا للأخبار بأن شرط كونهم من أهل النار لا يتحقق فضلا من اللّه تعالى وكرما ويكون ذلك كالعفو عما يقتضيه الوعيد ومثل ذلك أخباره بما ذكر بناء على مشاهدة كونهم في الجنة عند إبراهيم عليه السلام فتأمل.
[سورة التكوير (81) : الآيات 10 إلى 29]
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (14)
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19)
ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)
وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (27) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (29)

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 260
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ أي صحف الأعمال. أخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال : إذا مات الإنسان طويت صحيفته ثم تنشر يوم القيامة فيحاسب بما فيها ، وقيل : نشرت أي فرقت بين أصحابها عن مرثد بن وداعة إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحف من تحت العرش فتقع صحيفة المؤمن في يده في جنة عالية ، وتقع صحيفة الكافر في يده في سموم وحميم أي مكتوب فيها ذلك وهي صحف غير صحف الأعمال. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي «نشّرت» بالتشديد للمبالغة في النشر بمعنييه أو لكثرة الصحف أو لشدة التطاير وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ قلعت وأزيلت كما يكشف الإهاب عن الذبيحة والغطاء عن الشيء المستور به فأصل الكشط السلخ واستعير هنا للإزالة. وقرأ عبد اللّه «قشطت» بالقاف مكان الكاف واعتقابهما غير عزيز كالكافور. والقافور وعربي قح وكح وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ أي أوقدت إيقادا شديدا قال قتادة : سعرها غضب اللّه تعالى وخطايا بني آدم. وقرأ جمع منهم علي كرم اللّه تعالى وجهه «سعرت» بالتخفيف وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ أي قربت من المتقين كقوله تعالى وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ [ق : 31] أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية أنه قال : ست آيات من هذه السورة في الدنيا والناس ينظرون ، وست في الآخرة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ - إلى - وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ هذه في الدنيا وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ - إلى - وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ هذه في الآخرة.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبيّ بن كعب أنه قال : ست آيات قبل يوم القيامة بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينما هم كذلك إذ تكدرت النجوم ، فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن واختلطت الدواب والطير والوحش فماجوا بعضهم في بعض وأهملت العشار وقال الجنس للإنس :
نحن نأتيكم بالخبر فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم وقال بعضهم : إن الست الأول فيما بين النفختين وإنه مراد من قال إنها في الدنيا ، وقيل : هي فيما قبل النفخة الأولى وما بعدها إلى النفخة الثانية فلا تغفل.
عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ جواب إِذَا على أن المراد بها زمان واحد ممتد يشع الأمور المذكورة مبدؤه قبيل النفخة الأولى أو هي ومنتهاه فصل القضاء بين الخلائق لكن لا بمعنى إن النفس تعلم ما تعلم في كل جزء من أجزاء ذلك الوقت المديد أو عند وقوع داهية من تلك الدواهي بل عند نشر الصحف إلّا أنه لما كان بعض تلك الدواهي من مباديه وبعضها من روادفه نسب علمها بذلك إلى زمان وقوع كلها تهويلا للخطب وتفظيعا للحال ، والمراد ب ما أَحْضَرَتْ أعمالها من الخير والشر ، وبحضور الأعمال أما حضور صحائفها كما يعرب عنه نشرها وأما حضور أنفسها على ما قالوا من أن الأعمال الظاهرة في هذه النشأة بصور عرضية تبرز في النشأة الآخرة بصور جوهرية مناسبة لها في الحسن والقبح على كيفيات مخصوصة وهيئات معينة حتى أن الذنوب والمعاصي تتجسم هنالك وتتصور وحمل على ذلك نحو قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً [النساء : 10] وعن ابن عباس ما يؤيده ويؤيده أيضا حديث ذبح الموت ونحوه ، قيل : ولا بعد في ذلك ألا يرى أن العلم يظهر في عالم المثال على صورة اللبن كما لا يخفى على من له خبرة بأحوال الحضرات الخمس ، وقد حكي عن بعض الأكابر أنهم يشاهدون في هذه النشأة الأعمال عند العروج بها إلى السماء وكان ذلك بنوع من التجسد وأيا ما كان فإسناد إحضارها إلى النفس مع أنها تحضر بأمر اللّه تعالى كما يؤذن به قوله تعالى يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً [آل عمران : 30]

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 261
الآية لأنها لما عملتها في الدنيا فكأنها أحضرتها في الموقف ومعنى علمها بها على التقدير الأول اطلاعها عليها مفصلة في الصحف بحيث لا يشذ عنها منها شيء كما ينبىء عنه قولهم ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها [الكهف : 49]. وعلى التقدير الثاني أنها تشاهدها على ما هي عليه في الحقيقة فإن كانت صالحة تشاهدها على صور أحسن مما كانت تدركها في الدنيا لأن الطاعات لا تخلو فيها عن نوع مشقة ، وإن كانت سيئة تشاهدها على خلاف ما كانت عندها في الدنيا كانت مزينة لها موافقة لهواها ، وتنكير نفس المفيد لثبوت العلم لفرد من النفوس أو لبعض منها للإيذان بأن ثبوته لجميع أفرادها قاطبة من الظهور والوضوح بحيث لا يكاد يحوم حوله شائبة قطعا يعرفه كل أحد ، ولو جيء بعبارة تدل على خلافه وللرمز إلى أن تلك النفوس العالمة بما ذكر مع توفر أفرادها وتكثر أعدادها مما تستقل بالنسبة إلى جناب الكبرياء والعظمة الذي أشير إلى بعض بدائع شؤونه المنبئة عن عظم سلطانه عز وجل. وفي الكشاف إن هذا من عكس كلامهم الذي يقصدون فيه الإفراط فيما يعكس عنه ومنه قوله تعالى رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ [الحجر : 2] ومعناه كم وأبلغ وقول القائل :
قد أترك القرم مصفرا أنامله كأن أثوابه مجّت بفرصاد
وتقول لبعض قواد العساكر كم عندك من الفرسان فيقول : رب فارس عندي ، أو لا تعدم عندي فارسا وعنده المقانب وقصده بذلك التمادي في تكثير فرسانه ولكنه أراد إظهار براءته من التزيد وإنه ممن يقلل كثير ما عنده فضلا أن يتزيد فجاء بلفظ التقليل ففهم منه معنى الكثرة على الصحة واليقين وبين بالكشف أنه يفيد ذلك مع ما في خصوص كل موقف من فائدة خاصة ، وذكر أن من الفوائد هاهنا تهويل اليوم بتقليل الأنفس العالمة وإن كن جميعها وإظهار أنه كلام من غاية العظمة والكبرياء وأن من يغير هذه الأجرام العظام ويبدلها صفات وذوات تستقل الأنفس الإنسانية في جنب قدرته سبحانه أيما استقلال وتعقب ذلك أبو السعود بما لا يخلو عن نظر كما لا يخفى على ذي نظر جليل فضلا عن ذي نظر دقيق.
وجوز أن يكون ذلك للإشعار بأنه إذا علمت حينئذ نفس من النفوس ما أحضرت وجب على كل نفس إصلاح عملها مخافة أن تكون هي تلك التي عملت ما أحضرت فكيف وكل نفس تعلمه على طريقة قولك لمن تنصحه لعلك ستندم على ما فعلت وربما ندم الإنسان على ما فعل فإنك لا تقصد بذلك أن ندمه مرجو الوجود لا متيقن به أو نادر الوجود بل تريد أن العاقل يجب عليه أن يجتنب أمرا يرجى منه الندم أو قل ما يقع فيه فكيف إذا كان قطعي الوجود كثير الوقوع ، واشتهر أن النكرة هنا في معنى العموم وهي قد تعم في الإثبات إذا اقتضى المقام أو نحوه ذلك ومنه قول ابن عمر لبعض أهل الشام وقد سأله عن المحرم إذا قتل جرادة أيتصدق بتمرة فدية لها تمرة خير من جرادة ، قيل : ولهذا العموم ساغ الابتداء بالنكرة فيه وقول بعض إنه لا عموم فيها بل العموم جاء من تساوي نسبة الجزء إلى أفراد الجنس قيل مبني على ظن منافاة العموم للوحدة والإفراد وأنت تعلم أن ذلك إنما ينافي العموم الشمولي دون البدلي وقال بعض : لا يبعد أن يقال استفيد العموم بجعلها في حيز النفي معنى لأن عَلِمَتْ نَفْسٌ في معنى لم تجهل نفس لأن الحكم بالشيء يستلزم نفي ضده ليس بشيء وإلّا لعمت كل نكرة في الإثبات بنحو هذا التأويل. وعن عبد اللّه بن مسعود أن قارئا قرأ هذه السورة عنده فلما بلغ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ قال وانقطاع ظهرياه.
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ جمع خانس من الخنوس وهو الانقباض والاستخفاء الْجَوارِ جمع جارية من الجري وهو المر السريع وأصله لمر الماء ولما يجري بجريه الْكُنَّسِ جمع كانس وكانسة من كنس الوحش إذا دخل كناسه وهو بيته الذي يتخذه من أغصان الشجر والمراد بها على ما
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 262
حميد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق عن علي كرم اللّه تعالى وجهه الكواكب أي جميعها
،
فقيل لأنها تخنس بالنهار فتغيب عن العيون وتكنس بالليل أي تطلع في أماكنها كالوحش في كنسها. وفي تفسير تكنس بتطلع خفاء وقيل لأنها تخنس نهارا وتخفى عن العيون مع طلوعها وكونها فوق الأفق وتكنس بعد طلوعها في المغيب وتدخل فيه كما تكنس الظباء في الكنس فتكون تحت الأفق بعد أن كانت فوقه. وروي تفسيرها بالكواكب عن الحسن وقتادة أيضا. وأخرج ابن أبي حاتم عن الأمير كرم اللّه تعالى وجهه أنه قال : هي خمسة أنجم زحل وعطارد والمشتري وبهرام يعني المريخ والزهرة والخنس الرواجع من خنس إذا تأخر
،
ووصفت بما ذكر في الآية لأنها تجري مع الشمس والقمر وترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس فخنوسها رجوعها بحسب الرؤية وكنوسها اختفاؤها تحت ضوئها ، وتسمى المتحيرة لاختلاف أحوالها في سيرها فيما يشاهد فلها استقامة ورجعة وإقامة فبينما تراها تجري إلى جهة إذا بها راجعة تجري إلى خلاف تلك الجهة ، وبينما تراها تجري إذا بها مقيمة لا تجري وسبب ذلك على ما قال المتقدمون من أهل الهيئة كونها في تداوير في حوامل مختلفة الحركات على ما بيّن في موضعه وللمحدثين منهم النافين لما ذكر غير ذلك مما هو مذكور في كتبهم وهي مع الشمس والقمر يقال لها السيارات السبع لأن سيرها بالحركة الخاصة مما لا يكاد يخفى على أحد بخلاف غيرها من الثوابت. وأخرج الخطيب في كتاب النجوم وابن مردويه عن ابن عباس أنها المرادة هنا ووصفها بِالْخُنَّسِ بمعنى الرواجع قيل من باب التغليب إذ لا رجعة للشمس ولا للقمر وبالخنس لاختفائها في مغيبها. وقيل : الوصفان باعتبار أنها تغيب عن العيون وتطلع في أماكنها على نحو ما تقدم على تقدير أن يكون المراد بها الكواكب جميعها وكون السيارات هي هذه السبع هو المعروف عند المتقدمين من المنجمين. وأما اليوم فقد ضموا إليها كواكب أخرى يقال لها وستا وزونو وبالاس وسرس وأورنوس ويسمى هرسل وهو اسم المنجم الذي ظفر به بالرصد ، وبينوا مقدار أقطارها وأبعادها وحركاتها ولولا مخافة التطويل لذكرت ذلك.
وعدوا من جملة السيارات الأرض بناء على زعمهم أن لها حركة حول الشمس واشتهر أنهم لم يعدوا القمر منها لكونه من توابع الأرض بزعمهم. وأخرج الحاكم وصححه وجماعة من طرق عن ابن مسعود أنها بقر الوحش ، وأخرج نحوه ابن أبي حاتم عن ابن عباس وعبد بن حميد عن مجاهد وأبي ميسرة والحسن وحكاه في البحر عن النخعي وجابر بن زيد وجماعة. وأخرج ابن جرير عن الحبر أنها الظباء وروي ذلك أيضا عن ابن جبير والضحاك قالوا : و«الخنس» تأخر الأنف عن الشفة مع ارتفاع قليل من الأرنبة وتوصف به بقر الوحش والظباء ومنه قول بعض المولدين :
ما سلم الظبي على حسنه كلا ولا البدر الذي يوصف
فالظبي فيه خنس بيّن والبدر فيه كلف يعرف
وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أي أدبر ظلامه أو أقبل وكلاهما مأثوران عن ابن عباس وغيره وهو من الأضداد عند المبرد. وقال الراغب : العسعسة والعساس رقة الظلام وذلك في طرفي الليل فهو من المشترك المعنوي عنده وليس من الأضداد. وفسر عَسْعَسَ هنا بأقبل وأدبر معا وقال ذلك في مبدأ الليل ومنتهاه. وقال الفراء : أجمع المفسرون على أن معنى عَسْعَسَ أدبر وعليه العجاج يصف الخمر أو المفازة :
حتى إذا الصبح لها تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا
وقيل : هي لغة قريش خاصة وقيل كونه بمعنى أقبل ظلامه أوفق بقوله تعالى : وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ فإنه أول النهار فيناسب أول الليل ، وقيل : كونه بمعنى أدبر أنسب بهذا لما بين إدبار الليل وتنفس الصبح من الملاصقة فيكون بينهما مناسبة الجوار. والمراد من تنفس الصبح على ما ذكر غير واحد إضاءته وتبلجه وفي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 263
الكشاف أن إذا أقبل الصبح أقبل بإقباله روح ونسيم فجعل ذلك نفسا له على المجاز وقيل : تنفس الصبح وعنى بالمجاز الاستعارة لأنه لما كان النفس ريحا خاصا يفرج عن القلب انبساطا وانقباضا شبه ذلك النسيم بالنفس وأطلق عليه الاسم استعارة وجعل الصبح متنفسا لمقارنته له ففي الكلام استعارة مصرحة وتجوز في الإسناد.
وظاهر كلام بعضهم أنه بعد الاستعارة يكون ذلك كناية عن الإضاءة وجوز أن يكون هناك مكنية وتخييلية بأن يشبه الصبح بماش وآت من مسافة بعيدة ويثبت له التنفس المراد به هبوب نسيمه مجازا على طريق التخييل كما في ينقضون عهد اللّه. وقال الإمام : النهار يغشيان الليل المظلم كالمكروب وكما أنه يجد راحة بالتنفس كذلك تخلص الصبح من الظلام وطلوعه كأنه تخلص من كرب إلى راحة وهذا أدق مما عنى الكشاف كما لا يخفى ، وجوز أن يقال : إن الليل لما غشى النهار ودفع به إلى تحت الأرض فكأنه أماته ودفنه فجعل ظهور ضوئه كالتنفس الدال على الحياة وهو نحو مما نقل عن الإمام. وقيل : تنفس أي توسع وامتد حتى صار نهارا ، والظاهر أن التنفس في الآية إشارة إلى الفجر الثاني الصادق وهو المنتشر ضوءه معترضا بالأفق بخلاف الأول الكاذب وهو ما يبدو مستطيلا وأعلاه أضوأ من باقيه ثم يعدم وتعقبه ظلمة أو يتناقص حتى ينغمر في الثاني على زعم بعض أهل الهيئة أو يختلف حاله في ذلك تارة وتارة بحسب الأزمنة والعروض على ما قيل ، وسمي هذا الكاذب عارضا
ففي خبر مسلم : «لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا العارض لعمود الصبح حتى يستطير»
أي ينتشر ذلك العموم في نواحي الأفق. وكلام بعض الأجلة يشعر بأنه فيها إشارة إلى الكاذب حيث قال : يؤخذ من تسمية الفجر الأول عارضا للثاني أنه يعرض للشعاع الناشئ عنه الفجر الثاني انحباس قرب ظهوره كما يشعر به التنفس في قوله تعالى وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ فعند ذلك الانحباس يتنفس منه شيء من شبه كوة. والمشاهد في المنحبس إذا خرج بعضه دفعه أن يكون أوله أكثر من آخره ، ويعلم من ذلك سبب طول العمود وإضاءة أعلاه إلى آخر ما قال وفيه بحث. ثم الظاهر أن تنفس الصبح وضياءه بواسطة قرب الشمس إلى الأفق الشرقي بمقدار معين وهو في المشهور ثمانية عشر جزءا. وقول الإمام إنه يلزم على ذلك بناء على كريّة الأرض واستضاءة أكثر من نصفها من الشمس دائما ظهور الضياء وتنفس الصبح إذا فارقت الشمس سمت القدم من دائرة نصف النهار وذلك بعيد نصف الليل والواقع خلافه تشكيك فيما يقرب أن يكون بديهيا وفيه غفلة عن أحوال ظل الأرض وانعكاس الأشعة من أبصار سكنة أقطارها فتأمل. ولا تغفل. والواو في قوله تعالى وَالصُّبْحِ وَاللَّيْلِ على ما نقل عن ابن جني للعطف وإِذا ليس معمولا لفعل القسم لفساد المغني إذا التقييد بالزمان غير مراد حالا كان أو استقبالا وإنما هو على ما اختاره غير واحد معمول مضاف مقدر من نحو العظمة لأن الإقسام بالشيء إعظام له كأنه قيل : ولا أقسم بعظمة الليل زمان عسعس وبعظمة النهار زمان تنفس على نحو قولهم عجبا من الليث إذا سطا فإنه ليس المعنى على تقييد التعجب من هوله وعظمته في ذلك الزمان وقال عصام الدين : ينبغي أن يجعل تقييدا للمقسم به أي أقسم بالليل كائنا إذا عسعس والحال مقدرة أي مقدرا كونه في ذلك الوقت.
وصرح العلامة التفتازاني في التلويح في مثله أن إِذا بدل من اللَّيْلِ إذ ليس المراد تعليق القسم وتقييده بذلك الوقت ولهذا منع المحققون كونه حالا من الليل لأنه أيضا يفيد تقييد القسم بذلك الوقت وسيأتي إن شاء اللّه تعالى في تفسير سورة الشمس ما يتعلق بهذا المقام أيضا.
إِنَّهُ أي القرآن الجليل الناطق بما ذكر من الدواهي الهائلة وجعل الضمير للإخبار عن الحشر والنشر تعسف لَقَوْلُ رَسُولٍ هو كما قال ابن عباس وقتادة والجمهور جبريل عليه السلام ونسبته إليه عليه السلام

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 264
لأنه واسطة فيه وناقل له عن مرسله وهو اللّه عز وجل كَرِيمٍ أي عزيز على اللّه سبحانه وتعالى وقيل متعطف على المؤمنين ذِي قُوَّةٍ أي شديد كما قال سبحانه شَدِيدُ الْقُوى [النجم : 5] وجاء في قوته أنه عليه السلام بعث إلى مدائن لوط وهي أربع مدائن وفي كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري فحملها بمن فيها من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج ونباح الكلاب ثم هوى بها فأهلكها.
وقيل : المراد القوة في أداء طاعة اللّه تعالى وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر زمان التكليف. وقيل : لا يبعد أن يكون المراد قوة الحفظ والبعد عن النسيان والخلط عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ أي ذي مكانة رفيعة وشرف عند اللّه العظيم جل جلاله عندية إكرام وتشريف لا عندية مكان فالظرف متعلق بمكين وهو فعيل من المكانة وقد كثر استعمالها كما في الصحاح حتى ظن أن الميم من أصل الكلمة واشتق منه تمكن كما اشتق من المسكنة تمسكن. وجوز أن يكون مصدرا ميميا من الكون وأصله مكون بكسر الواو فصار بالنقل والقلب مكينا وأريد بالكون الوجود كأنه من كمال الوجود صار عين الوجود والأول هو الظاهر. وقيل : إن الظرف متعلق بمحذوف وقع صفة أخرى لرسول أي كائن عند ذي العرش الكينونة اللائقة وهو كما ترى مُطاعٍ فيما بين الملائكة المقربين عليهم السلام يصدرون عن أمره ويرجعون إلى رأيه ثَمَّ ظرف مكان للبعيد وهو يحتمل أن يكون ظرفا لما قبله وجعل إشارة إلى عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ والمراد بكونه مطاعا هناك كونه مطاعا في ملائكته تعالى المقربين كما سمعت ويحتمل أن يكون ظرفا لما بعده أعني قوله سبحانه أَمِينٍ والإشارة بحالها وأمانته على الوحي وفي رواية عنه عليه السلام أنه قال : «أمانتي أني لم أومر بشيء فعدوته إلى غيره»
ولأمانته أنه عليه السلام يدخل الحجب كما في بعض الآثار بغير إذن. وقرأ أبو جعفر وأبو حيوة وأبو البرهسم وابن مقسم «ثمّ» بضم الثاء حرف عطف تعظيما للأمانة وبيانا لأنها أفضل صفاته المعدودة. وقال صاحب اللوامح هي بمعنى الواو لأن جبريل عليه السلام كان بالصفتين معا في حال واحدة ولو ذهب ذاهب إلى الترتيب والمهلة في هذا العطف بمعنى مطاع في الملأ الأعلى عليّ ثم أمين عند انفصاله عنهم حال وحيه إلى الأنبياء عليهم السلام لجاز أن ورد به أثر انتهى. والمعول عليه ما سمعت والمقام يقتضي تعظيم الأمانة لأن دفع كون القرآن افتراء منوط بأمانة الرسول.
وَما صاحِبُكُمْ هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بِمَجْنُونٍ كما تبهته الكفرة قاتلهم اللّه تعالى. وفي التعرض لعنوان الصحبة مضافة إلى ضميرهم على ما هو الحق تكذيب لهم بألطف وجه إذ هو إيماء إلى أنه عليه الصلاة والسلام نشأ بين أظهركم من ابتداء أمره إلى الآن فأنتم أعرف به وبأنه صلّى اللّه عليه وسلم أتم الخلق عقلا وأرجحهم قيلا وأكملهم وصفا وأصفاهم ذهنا فلا يسند إليه الجنون إلّا من هو مركب من الحمق والجنون. واستدل الزمخشري بالمبالغة في ذكر جبريل عليه السلام وتركها في شأن النبي صلّى اللّه عليه وسلم على أفضليته عليه السلام على النبي صلّى اللّه عليه وسلم وأجابوا بما بحث فيه والوجه في الجواب على ما في الكشف أن الكلام مسوق لحقية المنزل دلالة على صدق ما ذكر فيه من أهوال القيامة وقد علمت أن من شأن البليغ أن يجرد الكلام لما ساق له لئلا يعد الزيادة لكنة وفضولا ولا خفاء أن وصف الآتي بالقول يشدّ من عضد ذلك أبلغ شد ، وأما وصف من أنزل عليه فلا مدخل له في البين إلّا إذا كان الغرض الحث على اتباعه فلهذا لم تدل المبالغة في شأن جبريل عليه السلام وعد صفاته الكوامل وترك ذلك في شأن نبينا عليه أفضل الصلوات والتسليمات على تفضيله بوجه. وقال بعضهم : إن المبالغة في وصف جبريل عليه السلام مدح بليغ في حق النبي صلّى اللّه عليه وسلم لأن الملك إذا أرسل لأحد من هو معزز معظم مقرب لديه دل على أن المرسل إليه بمكانه عنده ليس فوقها

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 265
مكانة ، وقد علمت أن المقام ليس للمبالغة في مدح المنزل عليه وقيل المراد بالرسول هو نبينا صلّى اللّه تعالى عليه وسلم كالمراد بالصاحب وهو خلاف الظاهر الذي عليه الجمهور.
وَلَقَدْ رَآهُ أي وباللّه تعالى لقد رأى صاحبكم رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه وسلم الرسول الكريم جبريل عليه السلام على كرسي بين السماء والأرض بالصورة التي خلقه اللّه تعالى عليها له ستمائة جناح بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق كما
روي عن الحسن وقتادة ومجاهد وسفيان وفي رواية عن مجاهد أنه صلى اللّه تعالى عليه وسلم رآه عليه السلام نحو جياد وهو مشرق مكة
وقيل : إن المراد به مطلع رأس السرطان فإنه أعلى المطالع لأهل مكة ، وهذه الرؤية كانت فيها بعد أمر غار حراء. وحكى ابن شجرة أنه أفق السماء الغربي وليس بشيء.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في الآية رآه في صورته عند سدرة المنتهى
والأفق على هذا قيل بمعنى الناحية وقيل سمّي ذلك أفقا مجازا وَما هُوَ أي رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه وسلم عَلَى الْغَيْبِ على ما يخبر به من الوحي إليه وغيره من الغيوب بِضَنِينٍ من الضنّ بكسر الضاد وفتحها بمعنى البخل أي ببخيل لا يبخل بالوحي ولا يقصر في التبليغ والتعليم ومنح كل ما هو مستعد له من العلوم على خلاف الكهنة فإنهم لا يطلعون على ما يزعمون معرفته إلّا بإعطاء حلوان. وقرأ ابن مسعود وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير وعائشة وعمر بن عبد العزيز وابن جبير وعروة وهشام بن جندب ومجاهد وغيرهم ومن السبعة النحويان وابن كثير «بظنين» بالظاء أي بمتهم من الظنّة بالكسر بمعنى التهمة وهو نظير الوصف السابق ب أَمِينٍ. وقيل معناه بضعيف القوة على تبليغ الوحي من قولهم : بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء والأول أشهر. ورجحت هذه القراءة عليه بأنها أنسب بالمقام لاتهام الكفرة له صلّى اللّه تعالى عليه وسلم ونفي التهمة أول من نفي البخل وبأن التهمة تتعدى بعلى دون البخل فإنه لا يتعدى بها إلّا باعتبار تضمينه معنى الحرص ونحوه لكن قال الطبري بالضاد خطوط المصاحف كلها ولعله أراد المصاحف المتداولة فإنهم قالوا بالظاء خط مصحف ابن مسعود ثم إن هذا لا ينافي قول أبي عبيدة أن الظاء والضاد في الخط القديم لا يختلفان إلّا بزيادة رأس إحداهما على الأخرى زيادة يسيرة قد تشتبه كما لا يخفى. والفرق بين الضاد والظاء مخرجا أن الضاد مخرجها من أصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره ومنهم من يتمكن من إخراجها منهما ، والظاء مخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا.
واختلفوا في إبدال إحداهما بالأخرى هل يمتنع وتفسد به الصلاة أم لا؟ فقيل : تفسد قياسا ونقله في المحيط البرهاني عن عامة المشايخ ونقله في الخلاصة عن أبي حنيفة ومحمد ، وقيل : لا استحسانا ونقله فيها عن عامة المشايخ كأبي مطيع البلخي ومحمد بن سلمة وقال جمع : إنه إذا أمكن الفرق بينهما فتعمد ذلك وكان مما لم يقرأ به كما هنا وغير المعنى فسدت صلاته وإلّا فلا لعسر التمييز بينهما خصوصا على العجم وقد أسلم كثير منهم في الصدر الأول ولم ينقل حثهم على الفرق وتعليمه من الصحابة ولو كان لازما لفعلوه ونقل وهذا هو الذي ينبغي أن يعود عليه ويفتى به وقد جمع بعضهم الألفاظ التي لا يختلف معناها ضادا وظاء في رسالة صغيرة ولقد أحسن بذلك فليراجع فإنه مهم.
وَما هُوَ أي القرآن بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ أي بقول بعض المسترقة للسمع لأنها هي التي ترجم وهو نفي لقولهم إنه كهانة فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ استضلال لهم فيما يسلكونه في أمر القرآن العظيم كقولك لتارك الجادة الذاهب في بنيات الطريق أين تذهب والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها من ظهور أنه وحي إِنْ هُوَ أي ما هو إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ موعظة وتذكير عظيم لمن يعلم وضمير هُوَ للقرآن أيضا وجوز كون الضميرين للرسول عليه الصلاة والسلام أي وما هو ملتبس بقول شيطان رجيم كما هو شأن الكهنة إن هو إلّا مذكر

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 266
للعالمين وقوله تعالى فَأَيْنَ إلخ استضلال لهم فيما يسلكونه في أمره صلّى اللّه تعالى عليه وسلم وهو كما ترى قوله سبحانه لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ بدل من العالمين بدل بعض من كل والبدل هو المجرور وأعيد معه العامل على المشهور ، وقيل : هو الجار والمجرور وجوز أن يكون بدل كل من كل لإلحاق من لم يشأ بالبهائم ادعاء وهو تكلف. وقوله تعالى أَنْ يَسْتَقِيمَ مفعول شاءَ أي لمن شاء منكم الاستقامة بتحري الحق وملازمة الصواب وإبداله من العالمين لأنهم المنتفعون بالتذكير وَما تَشاؤُنَ أي الاستقامة بسبب من الأسباب إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ أي إلا بأن يشاء اللّه تعالى مشيئتكم فمشيئتكم بسبب مشيئة اللّه تعالى رَبُّ الْعالَمِينَ أي ملك الخلق ومربيهم أجمعين أو ما تشاؤون الاستقامة مشيئة نافعة مستتبعة لها إلّا بأن يشاءها اللّه تعالى فله سبحانه الفضل والحق عليم باستقامتكم إن استقمتم. روي عن سليمان بن موسى والقاسم بن مخيمرة أنه لما نزلت لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ قال أبو جهل : جعل الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم ، فأنزل اللّه تعالى وَما تَشاؤُنَ الآية وأن وما معها هنا على ما ذكرنا في موضع خفض بإضمار باء السببية ، وجوز أن تكون للمصاحبة وذهب غير واحد إلى أن الاستثناء مفرغ من أعم الأوقات أي وما تشاؤون الاستقامة في وقت من الأوقات إلّا وقت أن يشاء اللّه تعالى شأنه استقامتكم وهو مبني على ما نقل عن الكوفيين من جواز نيابة المصدر المؤول من أَنْ والفعل عن الظرف وفي الباب الثامن من المعنى أن أَنْ وصلتها لا يعطيان حكم المصدر في النيابة عن ظرف الزمان تقول : جئتك صلاة العصر ولا يجوز جئتك أن تصلي العصر فالأولى ما ذكرنا أولا وإليه ذهب مكي وذهب القاضي إلى الثاني.
وقد اعترض عليه أيضا بأن ما لنفي الحال وأَنْ خاصة للاستقبال فيلزم أن يكون وقت مشيئته تعالى المستقبل ظرفا لمشيئة العبد الحالية وأجيب بأنا لا نسلم أن ما مختصة بنفي الحال ومن ادعى اختصاصها بذلك اشترط انتفاء القرينة على خلافه ولم تنتف هاهنا لمكان أَنْ في حيزها أو بأن كون أَنْ للاستقبال مشروط بانتفاء قرينة خلافه وهاهنا قد وجدت لمكان ما قبلها فهي لمجرد المصدرية. وقيل : يندفع الاعتراض بجعل الاستثناء منقطعا فليجعل كذلك وإن كان الأصل فيه الاتصال وليس بشيء وقد أورد على وجه السببية الذي ذكرناه نحو ذلك وهو أنه يلزم من كون ما لنفي الحال وللاستقبال سببية المتأخر للمتقدم ومما ذكر يعلم الجواب كما لا يخفى فتأمل جميع ذلك واللّه تعالى الهادي لأوضح المسالك.
وقال بعض أهل التأويل : الشمس شمس الروح ، والنجوم نجوم الحواس ، والجبال جبال القوالب وهي تسير كل وقت إلّا أنه يظهر ذلك للمحجوب إذا كشف له الغطاء والعشار عشار القوى القالبية ، والوحوش وحوش الأخلاق الذميمة النفسانية ، والبحار بحار العناصر الطبيعية والنفوس القوى النفسانية وتزويجها قرن كل قوة بعملها ، والموءودة الخواطر الإلهامية التي ترد على السالك فيئدها في قبر القالب ويظلمها والصحف على ظاهرها ، والسماء سماء الصدر ، والجحيم جحيم النفس وتسعيرها بنيران الهوى والجنة جنة القلب والخنس الأنوار المودعة في القوى القلبية ، والليل الأنوار الجلالية ، والصبح الأنوار الجمالية إلى آخر ما قال. ويستدل بحال البعض على البعض وقد حكى أبو حيان شيئا من نحو ذلك وعقبه بتشنيع فظيع وهو لا يتم إلّا إذا أنكر إرادة الظاهر وأما إذا لم تنكر وجعل ما ذكره ونحوه من باب الإشارة فلا يتم أمر التشنيع كما حقق ذلك في موضعه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 267
سورة الانفطار
وتسمى سورة انفطرت وسورة المنفطرة ولا خلاف في أنها مكية ولا في أنها تسع عشرة آية ومناسبتها لما قبلها معلومة.
[سورة الانفطار (82) : الآيات 1 إلى 19]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)
عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10) كِراماً كاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)
يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (15) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (16) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ أي انشقت لنزول الملائكة كقوله تعالى يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا [الفرقان : 25] والكلام في ارتفاع السماء كما مر في ارتفاع الشمس وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ أي تساقطت متفرقة وهو استعارة لإزالتها حيث شبهت بجواهر قطع سلكها وهي مصرحة أو مكنية وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ فتحت وشققت جوانبها فزال ما بينها من البرزخ واختلط العذاب بالأجاج وصارت بحرا واحدا. وروي أن الأرض تنشف الماء بعد امتلاء البحار فتصير مستوية أي في أن لا ماء وأريد أن البحار تصير واحدة أولا ثم تنشف الأرض جميعا فتصير بلا ماء ، ويحتمل أن يراد بالاستواء بعد النضوب عدم بقاء مغايض الماء لقول تعالى لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً [طه : 107] وقرأ مجاهد والربيع بن خيثم والزعفراني والثوري «فجرت» بالتخفيف مبنيا للمفعول وعن مجاهد أيضا «فجرت» به مبنيا للفاعل بمعنى نبعت لزوال البرزخ من الفجور نظرا إلى قوله تعالى لا يَبْغِيانِ [الرحمن : 20] لأن البغي والفجور أخوان وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قلب ترابها الذي حثي على موتاها وأزيل وأخرج من دفن فيها على ما فسر به غير

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 268
واحد. وأصل البعثرة على ما قيل تبديد التراب ونحوه وهو إنما يكون لإخراج شيء تحته فقد يذكر ويراد معناه ولازمه معا وعليه ما سمعت. وقد يتجوز به عن البعث والإخراج كما في العاديات حيث أسند فيها لما في القبور دونها كما هنا وزعم بعض أنه مشترك بين النبش والإخراج وذهب بعض الأئمة كالزمخشري والسهيلي إلى أنه مركب من كلمتين اختصارا ويسمى ذلك نحتا وأصل بعثر بعث وأثير ونظيره بسمل وحمدل وحوقل ودمعز أي قال بسم اللّه والحمد للّه تعالى ولا حول ولا قوة إلا باللّه تعالى وأدام للّه تعالى عزه إلى غير ذلك من النظائر وهي كثيرة في لغة العرب ، وعليه يكون معناه النبش والإخراج معا واعترضه أبو حيان بأن الراء ليست من أحرف الزيادة وهو توهم منه فإنه فرق بين التركيب والنحت من كلمتين والزيادة على بعض الحروف الأصول من كلمة واحدة كما فصل في الزهر نقلا عن أئمة اللغة. نعم الأصل عدم التركيب. عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ جواب إِذَا لكن لا على أنها تعلمه عند البعث بل عند نشر الصحف لما عرفت أن المراد بها زمان واحد مبدؤه قبيل النفخة الأولى أو هي ومنتهاه الفصل بين الخلائق لا أزمنة متعددة بحسب كلمة إذا وإنما كررت لتهويل ما في حيزها من الدواهي والكلام فيه كالذي مر في نظيره. ومعنى «ما قدم وأخر» ما أسلف من عمل خير أو شر وأخّر من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها بعده قاله ابن عباس وابن مسعود. وعن ابن عباس أيضا ما قدم معصية وأخر من طاعة وهو قول قتادة.
وقيل : ما عمل ما كلف به وما لم يعمل منه وقيل ما قدم من أمواله لنفسه وما أخر لورثته وقيل : أول عمله وآخره ومعنى علمها بهما علمها التفصيلي حسبما ذكر فيما قدم يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أي أي شيء خدعك وجرأك على عصيانه تعالى وارتكاب ما لا يليق بشأنه عز شأنه وقد علمت ما بين يديك وما سيظهر من أعمالك عليك والتعرض لعنوان كرمه تعالى دون قهره سبحانه من صفات الجلال المانعة ملاحظتها عن الاغترار للإيذان بأنه ليس مما يصلح أن يكون مدارا لاغتراره حسبما يغويه الشيطان ويقول له افعل ما شئت فإن ربك كريم قد تفضل عليك في الدنيا وسيفعل مثله في الآخرة ، أو يقول له نحو ذلك مما مبناه الكرم كقول بعض شياطين الإنس :
تكثّر ما استطعت من الخطايا ستلقى في غد ربّا غفورا
تعض ندامة كفيك مما تركت مخافة الذنب السرورا
فإنه قياس عقيم وتمنية باطلة بل هو مما يوجب المبالغة في الإقبال على الإيمان والطاعة والاجتناب عن الكفر والعصيان دون العكس ، ولذا قال بعض العارفين : لو لم أخف اللّه تعالى لم أعصه ، فكأنه قيل : ما حملك على عصيان ربك الموصوف بما يزجر عنه وتدعو إلى خلافه؟ وقيل إن هذا تلقين للحجة وهو من الكرم أيضا فإنه إذا قيل له ما غرك إلخ. يتفطن للجواب الذي لقنه ويقول كرمه كما قيل يعرف حسن الخلق والإحسان بقلة الآداب في الغلمان ولم يرتض ذلك الزمخشري وكان الاغترار بذلك في النظر الجليل وإلّا فهو في النظر الدقيق كما سمعت. وعن الفضيل أنه قال : غره ستره تعالى المرخي وقال محمد بن السماك :
يا كاتم الذنب أما تستحي واللّه في الخلوة رائيكا
غرك من ربك إمهاله وستره طول مساويكا
وقال بعضهم :
يقول مولاي ألا تستحي مما أرى من سوء أفعالك
فقلت يا مولاي رفقا فقد جرّأني كثرة أفضالك

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 269
وقال قتادة : غره عدوه المسلط عليه. وروي أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قرأ الآية فقال : «الجهل»
وقاله عمر رضي اللّه تعالى عنه وقرأ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا [الأحزاب : 72] والفرق بين هذا وبين ما ذكروا لا يخفى على ذي علم. واختلف في الْإِنْسانُ المنادى فقيل الكافر ، بل عن عكرمة أنه أبيّ بن خلف وقيل الأعم الشامل للعصاة وهو الوجه لعموم اللفظ ، ولوقوعه بين المجمل ومفصله أعني عَلِمَتْ نَفْسٌ وإِنَّ الْأَبْرارَ وإِنَّ الْفُجَّارَ وأما قوله تعالى بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ [الانفطار : 9] ففي الكشف إما أن يكون ترشيحا لقوة اغترارهم بإيهام أنهم أسوأ حالا من المكذبين تغليظا ، وإما لصحة خطاب الكل بما وجد فيما بينهم. وقرأ ابن جبير والأعمش : «ما أغرك» بهمزة فاحتمل أن يكون تعجبا وأن تكون ما استفهامية كما في قراءة الجمهور و«أغرك» بمعنى أدخلك في الغرة. وقوله سبحانه الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ صفة ثانية مقررة للربوبية مبينة للكرم مومية إلى صحة ما كذب من البعث والجزاء موطئة لما بعد حيث نبهت على أن من قدر على ذلك بدأ أقدر عليه إعادة ، والتسوية جعل الأعضاء سوية سليمة معدة لمنافعها وهي في الأصل جعل الأشياء على سواء فتكون على وفق الحكمة ومقتضاها بإعطائها ما تتم به وعدلها بعضها ببعض بحيث اعتدلت من عدل فلانا بفلان إذا ساوى بينهما أو صرفها عن خلقة غير ملائمة لها من عدل بمعنى صرف. وذهب إلى الأول الفارسي وإلى الثاني الفراء. وقرأ غير واحد من السبعة «عدّلك» بالتشديد أي صيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه ونقل القفال عن بعضهم أن عدل وعدّل بمعنى واحد فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أي ركبك ووضعك في أي صورة اقتضتها مشيئته تعالى وحكمته جل وعلا من الصور المختلفة في الصور المختلفة في الطول والقصر ومراتب الحسن ونحوها ، فالجار والمجرور متعلق ب رَكَّبَكَ وأَيِّ للصفة مثلها في قوله :
أرأيت أي سوالف وخدود برزت لنا بين اللّوى وزرود
ولما أريد التعميم لم يذكر موصوفها وجملة شاءَ صفة لها والعائد محذوف وما مزيدة وإنما لم تعطف الجملة على ما قبلها لأنها بيان لعدلك. وجوز أن يكون الجار والمجرور في موضع الحال أي ركبك كائنا في أي صورة شاءها ، وقيل أَيِّ موصولة صلتها جملة شاءها كأنه قيل ركبك في الصورة التي شاءها.
وفيه أنه صرح أبو علي في التذكرة بأن أيا الموصولة لا تضاف إلى نكرة وقال ابن مالك في الألفية :
واخصصن بالمعرفة موصولة أيا وفي شرحها للسيوطي مع اشتراط ما سبق يعني كون المعرفة غير مفردة فلا تضفها إلى نكرة خلافا لابن عصفور ، ويجوز أن تجعل أَيِّ شرطية والماضي في جوابها في معنى المستقبل إذا نظر إلى تعلق المشيئة وترتب التركيب عليه فجيء بصورة إلى الماضي نظر إلى المشيئة وأداة الشرط نظرا إلى المتعلق والترتب ، ويجوز أن يكون الجار متعلقا «بعدلك» وحينئذ يتعين في أي الصفة كأنه قيل فَعَدَلَكَ في صورة أي صورة في صورة عجيبة ثم حذف الموصوف زيادة للتفخيم والتعجيب وأَيِّ هذه منقولة من الاستفهامية لكنها لانسلاخ معناها عنها بالكلية عمل فيها ما قبلها ، ويكون ما شاءَ رَكَّبَكَ كلاما مستأنفا وما أما موصولة أو موصوفة مبتدأ أو مفعولا مطلقا لركبك ، أي ما شاء من التركيب ركبك فيه أو تركيبا شاء ركبك. وجوز أن تكون شرطية وشاءَ فعل الشرط ورَكَّبَكَ جزاؤه أي إن شاء تركيبك في أي صورة غير هذه الصورة ركبك فيها والجملة الشرطية في موضع الصفة لصورة والعائد محذوف ، ولم يجوزوا على هذا الوجه تعلق الظرف بركبك لأن معمول ما في حيز الشرط لا يجوز تقديمه عليه كَلَّا ردع عن الاغترار بكرم اللّه تعالى

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 270
وجعله ذريعة إلى الكفر والمعاصي مع كونه موجبا للشكر والطاعة. وقوله تعالى بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ إضراب عن جملة مقدرة ينساق إليها الكلام كأنه قيل بعد الردع بطريق الاعتراض وأنتم لا ترتدعون عن ذلك بل تجترئون على أعظم منه حيث تكذبون بالجزاء والبعث رأسا أو بدين الإسلام اللذين هما من جملة أحكامه فلا تصدقون سؤالا ولا جوابا ولا ثوابا ولا عقابا وفيه ترقّ من الأهون إلى الأغلظ. وعن الراغب بل هنا لتصحيح الثاني وإبطال الأول كأنه قيل : ليس هنا مقتض لغرورهم ولكن تكذيبهم حملهم على ما ارتكبوه ، وقيل تقدير الكلام أنكم لا تستقيمون على ما توجبه نعمي عليكم وإرشادي لكم بل تكذبون إلخ. وقيل إن كَلَّا ردع عما دل عليه هذه الجملة من نفيهم البعث وبَلْ إضراب عن مقدر كأنه قيل ليس الأمر كما تزعمون من نفي البعث والنشور ثم قيل : لا تتبينون بهذا البيان بل تكذبون إلخ. وأدغم خارجة عن نافع رَكَّبَكَ كَلَّا كأبي عمرو في ادغامه الكبر وقرأ الحسن وأبو جعفر وشيبة وأبو بشر «يكذبون» بياء الغيبة وقوله تعالى وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ حال من فاعل تُكَذِّبُونَ مفيدة لبطلان تكذيبهم وتحقيق ما يكذبون به من الجزاء على الوجهين في الدين أي تكذبون بالجزاء والحال أن عليكم من قبلنا لحافظين لأعمالكم كِراماً لدينا كاتِبِينَ لها يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ من الأفعال قليلا كان أو كثيرا ويضبطونه نقيرا أو قطميرا وليس ذلك للجزاء وإقامة الحجة وإلّا لكان عبثا ينزه عنه الحكيم العليم. وقيل : جيء بهذه الحال استبعادا للتكذيب معها وليس بذاك.
وفي تعطيم الكاتبين بالثناء عليهم تفخيم لأمر الجزاء وأنه عند اللّه عز وجل من جلائل الأمور حيث استعمل سبحانه فيه هؤلاء الكرام لديه تعالى ثم إن هؤلاء الحافظين غير المعقبات في قوله تعالى لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد : 11]. فمع الإنسان عدة ملائكة.
روي عن عثمان أنه سأل النبي صلّى اللّه عليه وسلم كم من ملك على الإنسان؟ فذكر عليه الصلاة والسلام عشرين ملكا.
قال المهدوي في الفيصل : وقيل إن كل آدمي يوكل به من حين وقوعه نطفة في الرحم إلى موته أربعمائة ملك ومن يكتب الأعمال ملكان كاتب الحسنات وهو في المشهور على العاتق الأيمن وكاتب ما سواها وهو على العاتق الأيسر والأول أمين على الثاني فلا يمكنه من كتابة السيئة إلّا بعد مضي ست ساعات من غير مكفر لها ، ويكتبان كل شيء حتى الاعتقاد والعزم والتقرير وحتى الأنين في المرض وكذا يكتبان حسنات الصبي على الصحيح ويفارقان المكلف عند الجماع ولا يدخلان مع العبد الخلاء. وأخرج البزار عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «إن اللّه تعالى ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة اللّه الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى ثلاث حاجات الغائط والجنابة والغسل»
. ولا يمنع ذلك من كتبهما ما يصدر عنه ويجعل اللّه تعالى لهما أمارة على الاعتقاد القلبي ونحوه ويلزمان العبد إلى مماته فيقومان على قبره يسبحان ويهللان ويكبران ويكتب ثوابه للميت إلى يوم القيامة إن كان آمنا ويلعنانه إلى يوم القيامة إن كان كافرا.
واستظهر بعضهم أنهما اثنان بالشخص وقيل بالنوع وقيل : كاتب الحسنات يتغير دون كاتب السيئات ونصوا على أن المجنون لا حفظة عليه وورد في بعض الآثار ما يدل على أن بعض الحسنات ما يكتبها غير هذين الملكين والظواهر تدل على أن الكتب حقيقي وعلم الآلة وما يكتب فيه مفوض إلى اللّه عز وجل.
وقوله سبحانه إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ استئناف مسوق لبيان نتيجة الحفظ والكتب من الثواب والعقاب. وفي تنكير النعيم والجحيم ما لا يخفى من التفخيم والتهويل. وقوله تعالى يَصْلَوْنَها إما صفة للجحيم أو حال من ضمير الْفُجَّارَ في الخبر أو استئناف مبني على سؤال نشأ من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 271
تهويلها كأنه قيل : ما حالهم فيها؟ فقيل : يقاسون حرّها. وقرأ ابن مقسم «يصلونها» مشددا مبنيا للمفعول يَوْمَ الدِّينِ يوم الجزاء الذي كانوا يكذبون به استقلالا أو في ضمن تكذيبهم بالإسلام وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ طرفة عين فإن المراد استمرار النفي لا نفي الاستمرار وهو كقوله تعالى وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها [المائدة :
37] في الدلالة على سرمدية العذاب وأنهم لا يزالون محسين بالنار. وقيل معناه وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون سمومها في قبورهم حسبما
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «القبر روضة من رياض الجنة - أو - حفرة من حفر النار»
على أن غائبين من حكاية الحال الماضية والجملة قيل على الوجهين في موضع الحال لكنها على الأول حال مقدرة وعلى الثاني من باب جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء : 90] وقيل إنها على الأول حالية دون الثاني لانفصال ما بين صلي النار وعذاب القبر بالبعث وما في موقف الحساب بل هي عليه معطوفة على ما قبلها ، ويحتمل اسم الفاعل فيها أعني غائبين على الحال أي وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ الآن لتغاير المعطوف عليه الذي أريد به الاستقبال. والكلام على ما عرف في أخباره تعالى من التعبير عن المستقبل بغيره لتحققه فلا يرد أن بعض الفجار في زمرة الأحياء بعد وبعضهم لم يخلق كذلك وعذاب القبر بعد الموت فكيف يحمل غائبين على الحال. وقوله تعالى وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ تفخيم لشأن يوم الدين الذي يكذبون به إثر تفخيم وتعجيب منه بعد تعجيب والخطاب فيه عام ، والمراد أن كنه أمره بحيث يدركه دراية داري وقيل الخطاب لسيد المخاطبين صلّى اللّه عليه وسلم وقيل للكافر والإظهار في موضع الإضمار تأكيد لهول يوم الدين وفخامته وقد تقدم الكلام في تحقيق كون الاستفهام في مثل ذلك مبتدأ أو خبرا مقدما فلا تغفل. وقوله سبحانه يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ بيان إجمالي لشأن يوم الدين أثر إبهامه وإفادة خروجه عن الدائرة الدراية قيل بطريق إنجاز الوعد فإن نفي الإدراء مشعر بالوعد الكريم بالإدراء على ما روي عن ابن عباس من أنه قال : كل ما في القرآن من قوله تعالى ما أَدْراكَ فقد أدراه وكل ما فيه من قوله عز وجل ما يُدْرِيكَ [الأحزاب : 63 ، الشورى : 17 ، عبس : 3] فقد طوى عنه.
ويَوْمَ منصوب بإضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر يوم الدين وتشويقه صلّى اللّه عليه وسلم إلى معرفته اذكر يوم لا تملك نفس من النفوس لنفس من النفوس مطلقا لا للكفارة فقط كما روي عن مقاتل شيئا من الأشياء إلخ فإنه يدريك ما هو أو مبني ، على الفتح محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف على رأي من يرى جواز بناء الظرف إذا أضيف إلى غير متمكن وهم الكوفيون أي هو يوم لا تملك إلخ. وقيل هو نصب على الظرفية بإضمار يدانون أو يشتد الهول أو نحوه مما يدل عليه السياق ، أو هو مبني على الفتح محله الرفع على أنه بدل من يَوْمُ الدِّينِ وكلاهما ليسا بذاك لخلوهما عن إفادة ما أفاده ما قبل.
وقرأ ابن أبي إسحاق وعيسى وابن جندب وابن كثير وأبو عمرو «يوم» بالرفع بلا تنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو يوم لا بدل لما سمعت آنفا. وقرأ محبوب عن أبي عمرو «يوم» بالرفع والتنوين فجملة لا تَمْلِكُ إلخ في موضع الصفة له والعائد محذوف أي فيه والأمر كما قال في الكشف واحد الأوامر لقوله تعالى لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر : 16] فإن الأمر من شأن الملك المطاع واللام للاختصاص أي الأمر له تعالى لا لغيره سبحانه لا شركة ولا استقلالا أي إن التصرف جميعه في قبضة قدرته عز وجل لا غير. وفي تحقيق قوله تعالى لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً لدلالته على أن الكل مسوسون مطيعون مشتغلون بحال أنفسهم مقهورون بعبوديتهم لسطوات الربوبية ، وقيل واحد الأمور أعني الشأن وليس بذاك. وقول قتادة فيما أخرجه عند عبد بن

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 272
حميد وابن المنذر أي ليس ثم أحد يقضي شيئا ولا يصنع شيئا غير رب العالمين تفسير الحاصل المعنى لا إيثار لذلك هذا وقوله وحده ليس بحجة يترك له الظاهر والمنازعة في الظهور مكابرة وأيّا ما كان فلا دلالة في الآية على نفي الشفاعة يوم القيامة كما لا يخفى واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 273
سورة المطفّفين
ويقال لها سورة المطففين ، واختلف في كونها مكية أو مدنية فعن ابن مسعود والضحاك أنها مكية ، وعن الحسن وعكرمة أنها مدنية وعليه السدّي ، قال : كان بالمدينة رجل يكنى أبا جهينة له مكيالان يأخذ بالأوفى ويعطي بالأنقص فنزلت. وعن ابن عباس روايات فأخرج ابن الضريس عنه أنه قال : آخر ما نزل بمكة سورة المطففين ، وأخرج ابن مردويه والبيهقي عنه أنه قال : أول ما نزل بالمدينة وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ويؤيد هذه الرواية ما أخرجه النسائي وابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح وغيرهم عنه قال : لما قدم النبي صلّى اللّه عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل اللّه تعالى وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ فأحسنوا الكيل بعد ذلك وفي رواية عنه أيضا وعن قتادة أنها مكية إلّا ثمان آيات من آخرها إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا [المطففين : 29] إلخ وقيل : إنها مدنية إلّا ست آيات من أولها وبعض من يثبت الواسطة بين المكي والمدني يقول إنها ليست أحدهما بل نزلت بين مكة والمدينة ليصلح اللّه تعالى أمر أهل المدينة قبل ورود رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عليهم ، وآيها ست وثلاثون بلا خلاف والمناسبة بينها وبين ما قبلها أنه سبحانه لما ذكر فيما قبل السعداء والأشقياء ويوم الجزاء وعظم شأنه ذكر عز وجل هنا ما أعد جل وعلا لبعض العصاة وذكر سبحانه بأخس ما يقع من المعصية وهو التطفيف الذي لا يكاد يجدي شيئا في تثمير المال وتنميته ، مع اشتمال هذه السورة من شرح حال المكذبين المذكورين هناك على زيادة تفصيل كما لا يخفى.
وقال الجلال السيوطي : الفصل بهذه السورة بين الانفطار والانشقاق التي هي نظيرتها من أوجه لنكتة لطيفة ألهمنيها اللّه تعالى وذلك أن السور الأربع هذه والسورتان قبلها والانشقاق لما كانت في صفة حال يوم القيامة ذكرت على ترتيب ما يقع فيه فغالب ما وقع في التكوير وجميع ما وقع في الانفطار يقع في صدر يوم القيامة ثم بعد ذلك يكون الموقف الطويل ومقاساة الأهوال فذكره في هذه السورة بقوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [المطففين : 6] ثم بعد ذلك تحصل الشفاعة العظمى فتنشر الصحف فآخذ باليمين وآخذ بالشمال وآخذ ما وراء ظهره ثم بعد ذلك يقع الحساب كما ورد بذلك الآثار فناسب تأخر سورة الانشقاق التي فيها إيتاء الكتب والحساب عن السورة التي فيها ذكر الموقف والسورة التي فيها ذكره عن السورة التي فيها ذكر مبادئ أحوال اليوم ووجه آخر وهو أنه جل جلاله لما قال في الانفطار وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ [الانفطار :
10 ، 11] وذلك في الدنيا ذكر سبحانه في هذه الحال ما يكتبه الحافظون وهو مرقوم يجعل في عليين أو سجين وذلك أيضا في الدنيا كما تدل عليه الآثار فهذه حالة ثانية للكتاب ذكرت في السورة الثانية وله حالة ثالثة متأخرة عنهما وهي إيتاؤه صاحبه باليمين أو غيرها وذلك يوم القيامة فناسب تأخير السورة التي فيها ذلك عن السورة التي فيها الحالة الثانية انتهى. وهو وإن لم يخل عن لطافة للبحث فيه مجال فتذكر.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 274
[سورة المطففين (83) : الآيات 1 إلى 16]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4)
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (6) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (7) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ (8) كِتابٌ مَرْقُومٌ (9)
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلاَّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (14)
كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ (16)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ قيل الويل شدة الشر ، وقيل : الحزن والهلاك ، وقيل العذاب الأليم ، وقيل جبل في جهنم وأخرج ذلك عن عثمان مرفوعا
ابن جرير بسند فيه نظر. وذهب كثير إلى أنه واد في جهنم.
فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن أبي سعيد قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره».
وفي صحيحي ابن حبان والحاكم بلفظ : «واد بين جبلين يهوي فيه الكافر»
إلخ وروى ابن أبي حاتم عن عبد اللّه أنه واد في جهنم من قبح. وفي كتاب المفردات للراغب قال الأصمعي : ويل قبوح وقد يستعمل للتحسر ، ومن قال : ويل واد في جهنم لم يرد أن ويلا في اللغة موضوع لهذا ، وإنما أراد من قال اللّه تعالى فيه ذلك فقد استحق مقرا من النار وثبت ذلك له انتهى.
والظاهر أن إطلاقه على ذلك كإطلاقه جهنم على ما هو المعروف فيها فلينظر من أي نوع ذلك الإطلاق وأيّا ما كان فهو مبتدأ وإن كان نكرة لوقوعه في موقع الدعاء ، ولِلْمُطَفِّفِينَ خبره ، والتطفيف البخس في الكيل والوزن لما أن ما يبخس في كيل أو وزن واحد شيء طفيف أي نزر حقير ، والتفعيل فيه للتعدية أو للتكثير ولا ينافي كونه من الطفيف بالمعنى المذكور لأن كثرة الفعل بكثرة وقوعه وهو بتكراره لا بكثرة متعلقه. وعن الزجاج أنه من طف الشيء جانبه.
وقوله تعالى الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ إلخ صفة مخصصة للمطففين الذين نزلت فيهم الآية ، أو صفة كاشفة لحالهم شارحة لكيفية تطفيفهم الذي استحقوا به الويل أي إذا أخذوا من الناس ما أخذوا بحكم الشراء ونحوه كيلا يأخذونه وافيا وافرا ، وتبديل كلمة على هنا بمن قيل لتضمين (الاكتيال) معنى الاستيلاء ، أو للإشارة إلى أنه اكتيال مضر للناس لا على اعتبار الضرر من حيث الشرط الذي يتضمنه إذا لإخلاله بالمعنى بل في نفس الأمر بموجب الجواب بناء على أن المراد بالاستيفاء ليس أخذ الحق وافيا من غير نقص بل مجرد الأخذ الوافي الوافر حسبما أرادوا بأي وجه يتيسر من وجوه الحيل ، وكانوا يفعلونه بكبس المكيل ودعدعة المكيال إلى غير ذلك. وقيل : إن ذلك لاعتبار أن اكتيالهم لما لهم من الحق على الناس فعن الفراء أن من وعلى يعتقبان في هذا الموضع ، فيقال : اكتلت عليه أي أخذت ما عليه كيلا واكتلت منه أي استوفيت منه كيلا وتعقب بأنه مع اقتضائه لعدم شمول الحكم لاكتيالهم قبل أن يكون لهم على الناس شيء بطريق الشراء ونحوه مع أنه الشائع فيما بينهم يقتضي أن يكون معنى الاستيفاء أخذ ما لهم على الناس وافيا من غير نقص إذ

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 275
هو المتبادر منه عند الإطلاق في معرض الحق فلا يكون مدارا لذمهم والدعاء عليهم ، وحمل ما لهم عليهم على معنى ما سيكون لهم عليهم مع كونه بعيدا جدا مما لا يجدي نفعا فإن اعتبار كون المكيل لهم حالا كان أو مآلا يستدعي كون الاستيفاء بالمعنى المذكور حتما انتهى. وأقول : إن قطع النظر عن كون الآية نازلة في مطففين صفتهم أخذ مكيل الناس إذا اكتالوا وافرا حسبما يريدون فلا بأس بحملها على ما يدل على أن المأخوذ حق حالا أو مآلا وكون المتبادر حينئذ من الاستيفاء أخذ مالهم وافيا من غير نقص مسلم لكنه لا يضر قوله فلا يكون مدارا لذمهم والدعاء عليهم. قلنا : مدار الذم ما تضمنه مجموع المتعاطفين والكلام كقولك : فلان يأخذ حقه من الناس تاما ويعطيهم حقهم ناقصا وهي عبارة شائعة في الذم بل الذم بها أشد من الذم بنحو يأخذ ناقصا ويعطي ناقصا وكونه دون الذم بنحو قولك يأخذ زائدا ويعطي ناقصا لا يضر كما لا يخفى. ثم قد يقال :
إن الأغلب في اكتيال الشخص من شخص كون المكيل حقا له بوجه من الوجوه ، ولعل مبنى كلام الفراء على ذلك فتأمل. وجوز على أن تكون عَلَى متعلقة ب يَسْتَوْفُونَ ويكون تقديمها على الفعل لإفادة الخصوصية أي يستوفون على الناس خاصة ، فأما أنفسهم فيستوفون لها. وتعقب بأن القصر بتقديم الجار والمجرور إنما يكون فيما يمكن تعلق الفعل بغير المجرور أيضا حسب تعلقه به فيقصد بالتقديم قصره عليه بطريق القلب أو الإفراد أو التعيين حسبما يقتضيه المقام. ولا ريب في أن الاستيفاء الذي هو عبارة عن الأخذ الوافي مما لا يتصور أن يكون على أنفسهم حتى يقصد بتقديم الجار والمجرور قصره على الناس على أن الحديث واقع في الفعل لا فيما وقع عليه انتهى. وأجيب المراد بالاستيفاء المعدى بعلى على ذلك الإضرار ، فكأنه قيل : إذا اكتالوا يضرون الناس خاصة ولا يضرون أنفسهم بل ينفعونها. والقصر بطريق القلب والإضرار مما يمكن أن يكون لأنفسهم كما يمكن أن يكون للناس وإن كان ما به الإضرار مختلفا حيث إن إضرارهم أنفسهم بأخذ الناقص وإضرارهم الناس بأخذ الزائد ثم إن خصوصية ما وقع عليه الفعل هو مدار الذم والدعاء بالويل وبه يجاب عما في حيّز العلاوة انتهى ولا يخفى ما فيه فتدبر.
والضمير المنفصل في قوله تعالى وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ للناس وما تقدم في الأخذ من الناس وهذا في الإعطاء ، فالمعنى وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم للبيع ينقصون. وكال تستعمل مع المكيل باللام وبدونه فقد جاء في اللغة على ما قيل كال له وكاله بمعنى كال له وجعل غير واحد كاله من باب الحذف والإيصال على أن الأصل كال له فحذف الجار وأوصل الفعل كما في قوله :
ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
وقولهم في المثل : الحريص يصيدك لا الجواد ، أي جنيت لك ويصيد لك وجوز أن يكون الكلام على حذف المضاف وهو مكيل وموزون وإقامة المضاف مقامه والأصل وإذا كالوا مكيلهم أو وزنوهم «1» وعن عيسى بن عمر وحمزة : إن المكيل له والموزون له محذوف ، وهم ضمير مرفوع تأكيد للضمير المرفوع وهو الواو وكانا يقفان على الواوين وقيفة يبينان بها ما أرادوا. وقال الزمخشري : لا يصح كون الضمير مرفوعا للمطففين لأنه يكون المعنى عليه إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص اخسروا وهو كلام متنافر لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر وذلك على ما في الكشف لأن التأكيد اللفظي يدفعه
___________
(1) قوله وإقامة المضاف إلى قوله أو وزنوهم هكذا بخط المؤلف ولعل فيه سقطا من قلمه اه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 276
المقام فليس المراد أن يحقق أن الكيل صدر منهم لا من عبيدهم مثلا والتقوى وحده يدفعه ترك الفاء في جواب إِذا لأن الفصيح إذ ذاك فهم يخسرون فيتعين الحمل على التخصيص ويظهر العذر في ترك الفاء إذ المعنى لا يخسر الأهم ويلزم التنافر وفوات المقابلة هذا وهم أولا في كالُوهُمْ مانع من هذا التقدير أشد المنع والحمل على حذف الخبر من أحدهما وهو شطر الجزاء لا نظير له ، وقيل إنه يبعد كون الضمير مرفوعا عدم إثبات الألف بعد الواو. وقد تقرر في علم الخط إثباتها بعدها في مثل ذلك وجرى عليه رسم المصحف العثماني في نظائره وكونه هنا بالخصوص مخالفا لما تقرر ولما سلك في النظائر بعيد كما لا يخفى. ولعل الاقتصار على الاكتيال في صورة الاستيفاء وذكر الكيل والوزن في صورة الإخسار أن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلّا بالمكاييل دون الموازين لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة ، وإذا أعطوا كالوا ووزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين جميعا ، والحاصل أنه إنما جاء النظم الجليل هكذا ليطابق من نزل فيهم فالصفة تنعى عليهم ما كانوا عليه من زيادة البخس والظلم ، وهذا صحيح جعلت الصفة مخصصة لهؤلاء المطففين كما هو الأظهر أو كاشفة لحالهم فقد أريد بالأول معهود ذهني.
وقال شيخ مشايخنا العلامة السيد صبغة اللّه الحيدري في ذلك : إن التطفيف في الكيل يكون بشيء قليل لا يعبأ به في الأغلب دون التطفيف في الوزن ، فإن أدنى حيلة فيه يفضي إلى شيء كثير وأيضا الغالب فيما يوزن ما هو أكثر قيمة مما يكال ، فإذا أخبرت الآية بأنهم لا يبقون على الناس ما هو قليل مهين من حقوقهم علم أنهم لا يبقون عليهم الكثير الذي لا يتسامح به أكثر الناس بل أهل المروءات أيضا إلا نادرا بالطريق الأولى بخلاف ما إذا ذكر أنهم يخسرون الناس بالأشياء الجزئية كما يفهم من ذكر الإخسار في الكيل فإنه لا يعلم منه أنهم يخسرونهم بالشيء الكثير أيضا بل ربما يتوهم من تخصيص الجزئية بالذكر أنهم لا يتجرؤون على إخسارهم بكليات الأموال فلا بد في الشق الثاني من ذكر الإخسار في الوزن أيضا فتكون الآية منادية على ذميم أفعالهم ناعية عليهم بشنيع أحوالهم انتهى.
وتعقب بأنه لا يحسم السؤال لجواز أن يقال لم لم يقل إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذا وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ليعلم من القرينتين أنهم يستوفون الكثير ويخسرون بالنزر الحقير بالطريق الأولى ويكون في الكلام ما هو من قبيل الاحتباك. وقال الزجاج : المعنى إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل وكذلك إذا اتزنوا استوفوا الوزن ، ولم يذكر إذا اتزنوا لأن الكيل والوزن بهما الشراء والبيع فيما يكال ويوزن ومراده على ما نص عليه الطيبي أنه استغنى بذكر إحدى القرينتين عن الأخرى لدلالة القرينة الآتية عليها وهو كما ترى. وقيل : إن المطففين باعة وهم في الغالب يشترون الشيء الكثير دفعة ثم يبيعونه متفرقا في دفعات وكم قد رأينا منهم من يشتري من الزراعين مقدارا كثيرا من الحبوب مثلا في يوم واحد فيدخره ثم يبيعه شيئا فشيئا في أيام عديدة ، ولما كانت العادة الغالبة أخذ الكثير بالكيل ذكر الاكتيال فقط في صورة الاستيفاء ولما كان ما يبيعونه مختلفا كثرة وقلة ذكر الكيل والوزن في صورة الإعطاء أو لما كان اختيار ما به تعيين المقدار مفوضا إلى رأي من يشتري منهم ذكرا معا في تلك الصورة إذ منهم من يختار الكيل ومنهم من يختار الوزن ، وأنت تعلم أن كون العادة الغالبة أخذ الكثير في الكيل غير مسلم على الإطلاق ولعله في بعض المواضع دون بعض ، وأهل بلدنا مدينة السلام اليوم لا يكتالون ولا يكيلون أصلا وإنما عادتهم الوزن والاتزان مطلقا وعدم التعرض للمكيل والموزون في الصورتين على ما قال غير واحد لأن مساق الكلام لبيان سوء معاملة المطففين في الأخذ والإعطاء لا في خصوصية المأخوذ والمعطى.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 277
أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ استئناف وارد لتهويل ما ارتكبوه من التطفيف والهمزة للإنكار والتعجيب ولا نافية ، فليست أَلا هذه الاستفتاحية أو التنبيهية بل مركبة من همزة الاستفهام ولا النافية ، والظن على معناه المعروف ، وأُولئِكَ إشارة إلى المطففين ووضعه موضع ضميرهم للإشعار بمناط الحكم الذي هو وصفهم فإن الإشارة إلى الشيء متعرضة له من حيث اتصافه بوصفه ، وأما الضمير فلا يتعرض للوصف وللإيذان بأنهم ممتازون بذلك الوصف القبيح عن سائر الناس أكمل امتياز نازلون منزلة الأمور المشار إليها إشارة حسية وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد درجتهم في الشرارة والفساد. أي لا يظن أولئك الموصوفون بذلك الوصف الشنيع الهائل أنهم مبعوثون لِيَوْمٍ عَظِيمٍ لا يقادر قدر عظمه فإن من يظن ذلك وإن كان ظنا ضعيفا لا يكاد يتجاسر على أمثال هذه القبائح فكيف بمن يتيقنه. ووصف اليوم بالعظم لعظم ما فيه كما أن جعله علة للبعث باعتبار ما فيه وقدر بعضهم مضافا أي لحساب يوم وقيل : الظن هنا بمعنى اليقين والأول أولى وأبلغ.
وعن الزمخشري أنه سبحانه جعلهم أسوأ حالا من الكفار لأنه أثبت جل شأنه للكفار ظنا حيث حكى سبحانه عنهم إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا [الجاثية : 32] ولم يثبته عز وجل لهم. والمراد أنه تعالى نزلهم منزلة من لا يظن ليصح الإنكار وقوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ أي لحكمه تعالى وقضائه عز وجل منصوب بإضمار أعني ، وجوز أن يكون معمولا لمبعوثون أو مرفوع المحل خبرا لمبتدأ مضمر أي هو أو ذلك يوم ، أو مجرور كما قال الفراء بدلا من يوم عَظِيمٍ وهو على الوجهين مبني على الفتح لإضافته إلى الفعل وإن كان مضارعا كما هو رأي الكوفيين وقد مر غير مرة. ويؤيد الوجهين قراءة زيد بن علي «يوم» بالرفع قراءة بعضهم كما حكى أبو معاذ «يوم» بالجر وفي هذا الإنكار والتعجيب وإيراد الظن والإتيان باسم الإشارة ووصف يوم قيامهم بالعظمة وإبدال يَوْمَ يَقُومُ إلخ منه على القول به ووصفه تعالى بربوبية العالمين من البيان البليغ لعظم الذنب وتفاقم الإثم في التطفيف ما لا يخفى وليس ذلك نظرا إلى التطفيف من حيث هو تطفيف بل من حيث إن الميزان قانون العدل الذي قامت به السماوات والأرض فيعم الحكم التطفيف على الوجه الواقع من أولئك المطففين وغيره. وصح من رواية الحاكم والطبراني وغيرهما عن ابن عباس وغيره مرفوعا خمس بخمس ، قيل : «يا رسول اللّه وما خمس بخمس؟ قال : ما نقض قوم العهد إلّا سلط اللّه تعالى عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل اللّه تعالى إلّا فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلّا فشا فيهم الموت ، ولا ظففوا الكيل إلّا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر»
وعن ابن عمر أنه كان يمر بالبائعة فيقول :
اتق اللّه تعالى وأوف الكيل فإن المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن حتى إن العرق ليلجمهم. وعن عكرمة أشهد أن كل كيال ووزان في النار فقيل له : إن ابنك كيال ووزان فقال : أشهد أنه في النار ، وكأنه أراد المبالغة لما علم أن الغالب فيهم التطفيف. ومن هذا القبيل ما روي عن أبيّ رضي اللّه تعالى عنه : لا تلتمس الحوائج ممن رزقه في رؤوس المكاييل وألسن الموازين واللّه تعالى أعلم. واستدل بقوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ إلخ على منع القيام للناس لاختصاصه باللّه تعالى ، وأجاب عنه الجلال السيوطي بأنه خاص بالقيام للمرء بين يديه أما القيام له إذا قدم ثم الجلوس فلا. وأنت تعلم أن الآية بمعزل عن أن يستدل بها على ما ذكر ليحتاج إلى هذا الجواب وأرى الاستدلال بها على ذلك من العجب العجاب.
وقوله تعالى كَلَّا ردع عما كانوا عليه من التطفيف والغفلة عن البعث والحساب إِنَّكِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
إلخ تعليل للردع أو وجوب الارتداع بطريق التحقيق وكِتابَ قيل بمعنى مكتوب أي ما

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 278
يكتب من أعمال الفجار لَفِي إلخ وقيل مصدر بمعنى الكتابة وفي الكلام مضاف مقدر أي كتابة عمل الفجار لفي إلخ ، والمراد ب الفُجَّارِ هنا على ما قال أبو حيان الكفار ، وعلى ما قال غير واحد ما يعمهم والفسقة فيدخل فيهم المطففون وسِجِّينٍ قيل صفة كسكير واختار غير واحد أنه علم لكتاب جامع وهو ديوان الشر دوّن فيه أعمال الفجرة من الثقلين كما قال تعالى : وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ فإن الظاهر أن كِتابٌ بدل من سِجِّينٌ أو خبر مبتدأ محذوف هو ضمير راجع إليه أي هو كتاب ، وأصله وصف من السّجن بفتح السين لقب به الكتاب لأنه سبب الحبس فهو في الأصل فعيل بمعنى فاعل ، أو لأنه ملقى كما قيل تحت الأرضين في مكان وحش كأنه مسجون فهو بمعنى مفعول ولا يلزم على جعله علما لما ذكر كون الكتاب ظرفا للكتاب لما سمعت من تفسير كتاب الفجار ، وعليه يكون الكتاب المذكور ظرفا للعمل المكتوب فيه أو ظرفا للكتابة. وقيل : الكتاب على ظاهره والكلام نظير أن تقول : إن كتاب حساب القرية الفلانية في الدستور الفلاني لما يشتمل على حسابها وحساب أمثالها في أن الظرفية فيه من ظرفية الكل للجزء. وعن الإمام لا استبعاد في أن يوضع أحدهما في الآخر حقيقة أو ينقل ما في أحدهما للآخر. وعن أبيّ على أن قوله تعالى كِتابٌ مَرْقُومٌ أي موضع كتاب ، فكتاب على ظاهره وسِجِّينٌ موضع عنده ويؤيده ما
أخرجه ابن جرير عن أبي هريرة مرفوعا : «إن الفلق جب في جهنم مغطى ، وسجين جب فيها مفتوح»
وعليه يكون سجين لشر موضع في جهنم. وجاء في آثار عدة أنه موضع تحت الأرض السابعة ولا منافاة بين ذلك وبين الخبر المذكور بناء على القول بأن جهنم تحت الأرض. وفي الكشف لا يبعد أن يكون سجين علم الكتاب وعلم الموضع أيضا جمعا بين ظاهر الآية وظواهر الأخبار وبعض من ذهب إلى أنه في الآية علم الموضع قال «وما أدراك سجين» على حذف مضاف أي وما أدراك ما كتاب سجين. وقال ابن عطية : من قال بذلك فكتاب عنده مرفوع على أنه خبر إِنَّ والظرف الذي هو لَفِي سِجِّينٍ ملغى ، وتعقب بأن إلغاءه لا يتسنى إلّا إذا كان معمولا للخبر أعني كِتابٌ أو لصفته أعني مَرْقُومٌ وذلك لا يجوز لأن كِتابٌ موصوف فلا يعمل ، ولأن مَرْقُومٌ الذي هو صفته لا يجوز أن تدخل اللام في معموله ولا يجوز أن يتقدم معموله على الموصوف وفيه نظر. وقيل : كِتابٌ خبر ثان لإن ، وقيل : خبر كمبتدأ محذوف هو ضمير راجع إلى كِتابَ الفُجَّارِ ومناط الفائدة الوصف ، والجملة في البين اعتراضية وكلا القولين خلاف الظاهر. وعن عكرمة إن سِجِّينٌ عبارة عن الخسار والهوان كما تقول : بلغ فلان الحضيض إذا صار في غاية الخمول. والكلام في وَما أَدْراكَ إلخ عليه يعلم مما ذكرنا وهذا خلاف المشهور. وزعم بعض اللغويين أن نونه بدل من لام وأصله سجيل فهو كجبرين في جبريل فليس مشتقا من السجن أصلا. ومَرْقُومٌ من رقم الكتاب إذا أعجمه وبيّنه لئلا يلغو أي كتاب بيّن الكتابة أو من رقم الكتاب إذا جعل له رقما أي علامة أي كتاب معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه. وقال ابن عباس والضحاك مَرْقُومٌ مختوم بلغة حمير وذكر بعضهم أنه يقال : رقم الكتاب بمعنى ختمه ولم يخصه بلغة دون لغة. وفي البحر مَرْقُومٌ أي مثبت كالرقم لا يبلى ولا يمحى وهو كما ترى.
وشاع الرقم في الكتابة قال أبو حيان : وهو أصل معناه ، ومنه قول الشاعر :
سأرقم في الماء القراح إليكم على بعدكم إن كان للماء راقم
وأما الرقم المعروف عند أهل الحساب فالظاهر أنه بمعنى العلامة وخص بعلامة العدد فيما بينهم وقوله تعالى وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ متصل بقوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وما بينهما اعتراض والمراد

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 279
للمكذبين بذلك اليوم فقوله تعالى الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ إما مجرور على أنه صفة ذامة للمكذبين أو بدل منه أو مرفوع أو منصوب على الذم وجوز أن يكون صفة كاشفة موضحة ، وقيل : هو صفة مخصصة فارقة على أن المراد المكذبين بالحق والأول أظهر لأن قوله تعالى وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ إلخ يدل على أن القصد إلى المذمة أي وما يكذب بيوم الدين إلّا كل متجاوز حدود النظر والاعتبار غال في التقليد حتى جعل قدرة اللّه تعالى قاصرة عن الإعادة وعلمه سبحانه قاصرا عن معرفة الأجزاء المتفرقة التي لا بد في الإعادة منها فعدّ الإعادة محالة عليه عز وجل أَثِيمٍ أي كثير الآثام منهمك في الشهوات المخدجة الفانية بحيث شغلته عما وراءها من اللذات التامة الباقية وحملته على إنكارها إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا الناطقة بذلك قالَ من فرط جهله وإعراضه عن الحق الذي لا محيد عنه أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي هي حكايات الأولين يعني هي أباطيل جاء بها الأولون وطال أمد الإخبار بها ولم يظهر صدقها ، أو أباطيل ألقيت على آبائنا الأولين وكذبوها ولسنا أول مكذب بها حتى يكون التكذيب منا عجلة وخروجا عن طريق الحزم والاحتياط والأول أظهر. والآية قيل نزلت في النضر بن الحارث وعن الكلبي أنها نزلت في الوليد بن المغيرة وأيا ما كان فالكلام على العموم.
وقرأ أبو حيوة وابن مقسم «إذا يتلى» بتذكير الفعل وقرىء إذا تتلى على الاستفهام الإنكاري كَلَّا ردع للمعتدي الأثيم عن ذلك القول الباطل وتكذيب له فيه وقوله عز وجل بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ بيان لما أدى بهم إلى التفوه بتلك العظيمة أي ليس في آياتنا ما يصحح أن يقال في شأنها مثل تلك المقالة الباطلة بل ركب قلوبهم وغلب عليها ما استمروا على اكتسابه من الكفر والمعاصي حتى صار كالصدأ في المرآة فحال ذلك بينهم وبين معرفة الحق فلذلك قالوا ما قالوا والرين في الأصل الصدأ يقال : ران عليه الذنب وغان عليه رينا وغينا ويقال : ران فيه النوم أي رسخ فيه وفي البحر أصل الرين الغلبة يقال : رانت الخمر على عقل شاربها أي غلبت ، وران الغشي على عقل المريض أي غلب. وقال أبو زيد : يقال رين بالرجل يران به رينا إذا وقع فيما لا يستطيع منه الخروج ، وأريد به حب المعاصي الراسخ بجامع أنه كالصدأ المسود للمرآة والفضة مثلا المغيّر عن الحالة الأصلية. وأخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححاه والنسائي وابن ماجة وابن حبان وغيرهم عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : «إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه ، وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه»
فذلك الران الذي ذكر اللّه تعالى في القرآن كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يكسبون وأخرج ابن المنذر وغيره عن مجاهد أنه قال : كانوا يرون أن الرين هو الطبع وذكروا له أسبابا وفي حديث أخرجه عبد بن حميد من طريق خليد بن الحكم عن أبي المجبر أنه عليه الصلاة والسلام قال : «أربع خصال مفسدة للقلوب مجاراة الأحمق فإن جاريته كنت مثله وإن سكت عنه سلمت منه ، وكثرة الذنوب مفسدة للقلوب وقد قال اللّه تعالى بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ، والخلوة بالنساء والاستمتاع بهن والعمل برأيهن ، ومجالسة الموتى» قيل : يا رسول اللّه من هم؟ قال : «كل غني قد أبطره غناه».
وقرىء بإدغام اللام في الراء وقال أبو جعفر بن الباذش أجمعوا يعني القرّاء على إدغام اللام في الراء إلّا ما كان من وقف حفص على بل وقفا خفيفا يسيرا لتبيين الإظهار وليس كما قال من الإجماع ففي اللوامح عن قالون من جميع طرقه إظهار اللام عند الراء نحو قوله تعالى : بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ [النساء : 158] بَلْ رَبُّكُمْ [الأنبياء : 56] وفي كتاب ابن عطية وقرأ نافع بَلْ رانَ غير مدغم وفيه أيضا وقرأ نافع أيضا بالإدغام والإمالة وقال سيبويه في اللام مع الراء نحو أشغل رحمه البيان ، والإدغام حسنان وقال أيضا : فإذا كانت يعني اللام غير لام التعريف نحو لام هل وبل فإن الإدغام أحسن فإن لم تدغم فهي لغة لأهل الحجاز وهي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 280
عربية جائزة وفي الكشاف قرىء بإدغام اللام في الراء وبالإظهار والإدغام أجود وأميلت الألف وفخمت فليحفظ.
كَلَّا ردع وزجر عن الكسب الرائن أو بمعنى حقا إِنَّهُمْ أي هؤلاء المكذبين عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ لا يرونه سبحانه وهو عز وجل حاضر ناظر لهم بخلاف المؤمنين فالحجاب مجاز عن عدم الرؤية لأن المحجوب لا يرى ما حجب أو الحجب المنع والكلام على حذف مضاف أي عن رؤية ربهم لممنوعون فلا يرونه سبحانه. واحتج بالآية مالك على رؤية المؤمنين له تعالى من جهة دليل الخطاب وإلّا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص. وقال الشافعي : لما حجب سبحانه قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا. وقال أنس بن مالك : لما حجب عز وجل أعداءه سبحانه فلم يروه تجلى جل شأنه لأوليائه حتى رأوه عز وجل ، ومن أنكر رؤيته تعالى كالمعتزلة قال : إن الكلام تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهم لأنه لا يؤذن على الملوك إلا للوجهاء المكرمين لديهم ، ولا يحجب عنهم إلا الأدنياء المهانون عندهم كما قال :
إذا اعتروا باب ذي عبية رجبوا والناس من بين مرجوب ومحجوب
أو هو بتقدير مضاف أي عن رحمة ربهم مثلا لمحجوبون. وعن ابن عباس وقتادة ومجاهد تقدير ذلك وعن ابن كيسان تقدير الكرامة لكنهم أرادوا عموم المقدر للرؤية وغيرها من ألطافه تعالى. والجار والمجرور متعلق «بمحجوبون» وهو العالم في يَوْمَئِذٍ والتنوين فيه تنوين عوض والمعوض عنه هنا يقوم الناس السابق كأنه قيل إنهم لمحجوبون عن ربهم يوم إذ يقوم الناس لرب العالمين ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ مقاسو حرها على ما قال الخليل. وقيل : داخلون فيها وثُمَّ قيل لتراخي الرتبة لكن بناء على ما عندهم فإن صلي الجحيم عندهم أشد من حجابهم عن ربهم عز وجل ، وأما عند المؤمنين لا سيما الوالهين به سبحانه منهم فإن الحجاب عذاب لا يدانيه عذاب.
[سورة المطففين (83) : الآيات 17 إلى 36]
ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (19) كِتابٌ مَرْقُومٌ (20) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21)
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ (26)
وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (30) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (31)
وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (32) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ (33) فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (36)
ثُمَّ يُقالُ لهم تقريعا وتوبيخا من جهة الخزنة أو أهل الجنة هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ فذوقوا عذابه كَلَّا تكرير للردع السابق في قوله تعالى كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ إلخ ليعقب بوعد الأبرار كما عقب ذاك بوعيد الفجار إشعارا بأن التطفيف فجور والإيقاء بر ، وقيل ردع عن التكذيب فلا تكرار إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ الكلام نحو ما مر في نظيره بيد أنهم اختلفوا في عِلِّيِّينَ

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 281
على وجه آخر غير اختلافهم في سِجِّينٍ فقال غير واحد : هو علم لديوان الخبر الذي دوّن فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء النقلين منقول من جمع على فعيل من العلو كسجين من السجن ، سمّي بذلك إما لأنه سبب الارتفاع إلى أعالي درجات الجنان أو لأنه مرفوع في السماء السابعة أو عند قائمة العرش اليمنى مع الملائكة المقربين عليهم الاسم تعظيما له. وقيل : هو المواضع العلية واحده عليّ وكان سبيله أن يقال علية كما قالوا للغرفة علية فلما حذفوا التاء عوضوا عنها الجمع بالواو والنون وحكي ذلك عن أبي الفتح بن جني وقيل هو وصف للملائكة ولذلك جمع بالواو والنون. وقال الفراء : هو اسم موضوع على صيغة الجمع ولا واحد له من لفظة كعشرين وثلاثين. والعرب إذا جمعت جمعا ولم يكن له بناء واحد ولا تثنية أطلقوه في المذكر والمؤنث بالواو والنون يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ صفة أخرى لكتاب أي يحضرونه على أن يشهد من الشهود بمعنى الحضور وحضوره كناية عن حفظه في الخارج أو يشهدون بما فيه يوم القيامة على أنه من الشهادة ، وعلى الوجهين المراد بالمقربين جمع من الملائكة عليهم السلام كذا قالوا.
وأخرج عبد بن حميد من طريق خالد بن عرعرة وأبي عجيل أن ابن عباس سأل كعبا عن هذه الآية فقال : إن المؤمن يحضره الموت ويحضره رسل ربه عز وجل ، فلا هم يستطيعون أن يؤخروه ساعة ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته ، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة الرحمة فأروه ما شاء اللّه تعالى أن يروه من الخير ثم عرجوا بروحه إلى السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهوا به إلى السماء السابعة فيضعونه بين أيديهم ولا ينتظرون به صلاتكم عليه فيقولون : اللهم هذا عبدك فلان قبضنا نفسه ويدعون له بما شاء اللّه تعالى أن يدعو له ، فنحن نحب أن تشهدنا اليوم كتابه فينشر كتابه من تحت العرش فيثبتون اسمه فيه وهم شهود فذلك قوله تعالى : كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ وسأله عن قوله تعالى إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ الآية فقال : إن العبد الكافر يحضره الموت ويحضره رسل ربه سبحانه فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة العذاب فأروه ما شاء اللّه تعالى أن يروه من الشر ثم هبطوا به إلى الأرض السفلى وهو سجين وهي آخر سلطان إبليس فأثبتوا كتابه فيها الحديث وفي بعض الأخبار ما ظاهره أن نفس العمل يكون في سجن ويكون في عليين ،
فقد أخرج ابن المبارك عن صخر بن حبيب قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «إن الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد اللّه تعالى يستكثرونه ويزكونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء اللّه تعالى من سلطانه ، فيوحي اللّه تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه ، إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين ، ويصعدون بعمل العبد يستقلونه ويستحقرونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء اللّه تعالى من سلطانه فيوحي اللّه تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إن عبدي هذا أخلص لي عمله فاجعلوه في عليين»
وبأدنى تأويل يرجع إلى ما تضمنته الآية فلا تغفل.
وقوله تعالى إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ شروع في بيان محاسن أحوالهم إثر بيان حال كتابهم والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا كأنه قيل : هذا حال كتابهم فما حالهم؟ فأجيب بما ذكر أي إنهم لفي نعيم عظيم عَلَى الْأَرائِكِ أي على الأسرّة في الحجال وقد تقدم تمام الكلام فيها يَنْظُرُونَ أي إلى ما شاؤوا من رغائب مناظر الجنة وما تحجب الحجال أبصارهم. وقال ابن عباس وعكرمة ومجاهد : إلى ما أعد اللّه تعالى لهم من الكرامات. وقال مقاتل : إلى أهل النار أعدائهم ولم يرتضه بعض ليكون ما في آخر السورة تأسيسا وقيل : ينظر بعضهم إلى بعض فلا يحجب حبيب عن حبيبه وقيل : النظر كناية عن سلب النوم فكأنه قيل لا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 282
ينامون وكأنه لدفع توهم النوم من ذكر الأرائك المعدة للنوم غالبا ، وفيه إشارة إلى أنه لا نوم في الجنة كما وردت في الأخبار لما فيه من زوال الشعور وغفلة الحواس إلى غير ذلك مما لا يناسب ذلك المقام. وعليه يكون قوله سبحانه تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ أي بهجة النعيم ورونقه لنفي ما يوهمه سلب النوم من الضعف وتغير بهجة الوجه كما في الدنيا وهو وجه لا يعرف فيه الناظر نضرة التحقيق والخطاب في تعرف لكل من له حظ من الخطاب للإيذان بأن ما لهم من آثار النعمة وأحكام البهجة بحيث لا يختص براء دون راء.
وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق وطلحة وشيبة ويعقوب «تعرف» مبنيا للمفعول «نضرة» رفعا على النيابة عن الفاعل ، وجوز بعضهم أن يكون نائب فاعل تَعْرِفُ ضمير الْأَبْرارَ وفِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ مبتدأ وخبر كأنه قيل تعرف الأبرار بأن في وجوههم نضرة النعيم وليس بشيء كما لا يخفى. وقرأ زيد بن علي كذلك إلا أنه قرأ «يعرف» بالياء إذ تأنيث نَضْرَةَ مجازي يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ قال الخليل : هو أجود الخمر وقال الأخفش والزجاج : الشراب الذي لا غش فيه ، قال حسان :
يسقون من ورد البريص عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل
وفسرها هنا بالشراب الخالص مما يكدر حتى الغول مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ أي مختوم أوانيه وأكوابه بالمسك مكان الطين كما روي عن مجاهد وذكر أن طين الجنة مسك معجون. والظاهر أن الختام ما يختم به وأن الختم على حقيقته وكذا إسناده. وقولنا : مختوم أوانيه إلخ ليس لأن الإسناد مجازي بل لأن الختم على الشيء أعني الاستيثاق منه بالختم طريقه ذلك وختم اعتناء به وإظهارا لكرامة شاربه وكان ذلك بما هو على هيئة الطين ليكون على النهج المألوف. ويجوز أن يكون ذلك تمثيلا لكمال نفاسته وإلّا فليس ثمة غبار أو ذباب أو خيانة ليصان على ذلك بالختم. وقال ابن عباس وابن جبير والحسن : المعنى خاتمته ونهايته رائحة مسك إذا شرب أي يجد شاربه ذلك عند انتهاء شربه وكان ذلك لأن اشتغال الذائقة بكمال لذته تمنع عن إدراك الرائحة فإذا انقطع الشرب أدركت وإلّا فالرائحة لا تختص بالانتهاء. وقيل : المعنى ذو نهاية نهايته وما يبقى بعد شربه ويشرب في أوانيه مسك وليس كشراب الدنيا نهايته. وما يرسب في إنائه طين أو نحوه وهو كما ترى. وقيل : إن الرحيق يمزج بالكافور ويختم مزاجه بالمسك ، فالمعنى ذو ختام ختام مزاجه مسك وهو مع كونه خلاف الظاهر وفيما بعد ما يبعده في الجملة يحتاج إلى نقل يعول عليه وقرأ علي كرم اللّه تعالى وجهه والنخعي والضحاك وزيد بن علي وأبو حيوة وابن أبي عبلة والكسائي «خاتمه» بألف بعد الخاء وفتح التاء والمراد ما يختم به أيضا فإن فاعلا بالفتح يكون أيضا اسم آلة كالقالب والطابع لكنه سماعي.
وعن الضحاك وعيسى وأحمد بن جبير الأنطاكي عن الكسائي كسر التاء أي آخره رائحة مسك ، والجمل السابقة أعني عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ وتَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ إلخ ويُسْقَوْنَ إلخ قيل أحوال مترادفة ، وقيل مستأنفات كجملة إِنَّ الْأَبْرارَ إلخ وقعت أجوبة للسؤال عن حالهم والفصل للتنبيه على استقلال كل في بيان كرامتهم.
وَفِي ذلِكَ إشارة إلى الرحيق وهو الأنسب بما بعد أو إلى ما ذكر من أحوالهم وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو مرتبته وبعد منزلته ، وجوز أن يكون لكونه في الجنة والجار والمجرور متعلق بقوله تعالى :
فَلْيَتَنافَسِ وقدم للاهتمام أو للحصر أي فليتنافس وليرغب فيه لا في خمور الدنيا أو لا في غيره من ملاذها ونعيمها الْمُتَنافِسُونَ أي الراغبون في المبادرة إلى طاعة اللّه تعالى ، وقيل : أي فليعمل لأجله أي لأجل تحصيله خاصة والفوز به العاملون كقوله تعالى لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ [الصافات : 61] أي فليستبق في

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 283
تحصيل ذلك المتسابقون ، وأصل التنافس التغالب في الشيء النفيس وأصله من النفس لعزتها. قال الواحدي :
نفست الشيء أنفسه نفاسة ، والتنافس تفاعل منه كأن واحد من الشخصين يريد أن يستأثر به. وقال البغوي : أصله من الشيء النفيس الذي تحرص عليه نفوس الناس ويريده كل أحد لنفسه ، ويقال : نفست عليه بالشيء أنفس نفاسة إذا بخلت به عليه. وفي مفردات الراغب : المنافسة مجاهدة النفس للتشبه بالأفاضل واللحوق بهم من غير إدخال ضرر على غيره وهي بهذا المعنى من شرف النفس وعلو الهمة ، والفرق بينها وبين الحسد أظهر من أن يخفى ، واستشكل ذلك التعلق بأنه يلزم عليه دخول العاطف على العاطف إذ التقدير و«فليتنافس في ذلك» وأجيب بأنه بتقدير القول أي يقولون لشدة التلذذ من غير اختيار من ذلك فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ أي في الدنيا على معنى أنه كان اللائق بهم أن يتنافسوا في ذلك ، وقيل : الكلام على تقدير حرف الشرط والفاء واقعة في جوابه أي وإن أريد تنافس فليتنافس في ذلك المتنافسون ، وتقديم الظرف ليكون عوضا عن الشرط في شغل حيزه وهو أنفس مما تقدم. وقوله تعالى : وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عطف على خِتامُهُ مِسْكٌ صفة أخرى لرحيق مثله وما بينهما اعتراض مقرر لنفاسته ، وتَسْنِيمٍ علم لعين بعينها في الجنة كما روي عن ابن مسعود وعن حذيفة بن اليمان أنه قال : عين من عدن سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه إما لأن شرابها أرفع شراب في الجنة على ما روي عن ابن عباس ، أو لأنها تأتيهم من فوق على ما روي عن الكلبي ، وروي أنها تجري في الهواء متسنمة فتنصب في أوانيهم. وقيل : سميت بذلك لرفعة من يشرب بها ولا يلزم من كونه علما لما ذكر منع صرفه للعلمية والتأنيث لأن العين مؤنثة إذ هي قد تذكر بتأويل الماء أو نحوه ومِنْ بيانية أو تبعيضية أي ما يمزج به ذلك الرحيق هو تسنيم أي ماء تلك العين أو بعض ذلك وجوز أن تكون ابتدائية. عَيْناً نصب على المدح.
وقال الزجاج : على الحال من تسنيم قيل وصح كونه حالا مع جموده لوصفه بقوله تعالى يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ أو لتأويله بمشتق كجارية وأنت تعلم أن الاشتقاق غير لازم ، والباء إما زائدة أي يشربها أو بمعنى من أي يشرب منها ، أو على تضمين يشرب معنى يروى أي يشرب راوين بها أو يروى بها شاربين المقربون أو صلة الالتذاذ أي يشرب ملتذا بها ، أو الامتزاج أي يشرب الرحيق ممتزجا بها ، أو الاكتفاء أي يشرب مكتفين بها أوجه ذكروها ، وفي كونها صلة الامتزاج مقال فقد قال ابن مسعود وابن عباس والحسن وأبو صالح : يشرب بها المقربون صرفا وتمزج للأبرار ومذهب الجمهور أن الأبرار هم أصحاب اليمين وأن المقربين هم السابقون كأنهم إنما كان شرابهم صرف التسنيم لاشتغالهم عن الرحيق المختوم بمحبة الحي القيوم فهي الرحيق التي لا يقاس بها رحيق ، والمدامة التي تواصى على شربها ذو والأذواق والتحقيق :
على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم
وقال قوم الأبرار والمقربون في هذه السورة بمعنى واحد يشمل كل من نعم في الجنة. وقوله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا إلخ حكاية لبعض قبائح مشركي قريش أبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأشياعهم جيء بها تمهيدا لذكر بعض أحوال الأبرار في الجنة كانُوا أي في الدنيا كما قال قتادة مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ كانوا يستهزئون بفقرائهم كعمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من الفقراء. وفي البحر روي أن عليا كرم اللّه تعالى وجهه وجمعا من المؤمنين معه مروا بجمع من كفار مكة فضحكوا منهم واستخفوا بهم فنزلت إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا
إلخ قبل أن يصل علي كرم اللّه تعالى وجهه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم. وفي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 284
الكشاف حكاية ذلك عن المنافقين وأنهم قالوا : ربنا اليوم الأصلع أي سيدنا يعنون عليا كرم اللّه تعالى وجهه ، وإنما قالوه استهزاء ولعل الأول أصح وتقديم الجار والمجرور إما للقصر إشعارا بغاية شناعة ما فعلوا أي كانوا من الذين آمنوا يضحكون مع ظهور عدم استحقاقهم لذلك على منهاج قوله تعالى أَفِي اللَّهِ شَكٌّ [إبراهيم :
10] لمراعاة الفواصل وَإِذا مَرُّوا
أي المؤمنون بِهِمْ
أي بالذين أجرموا وهم في أنديتهم يَتَغامَزُونَ
أي يغمز بعضهم بعضا ويشيرون بأعينهم استهزاء بالمؤمنين وإرجاع ضمير مَرُّوا
للمؤمنين وضمير بِهِمْ
للمجرمين هو الأظهر الأوفق بحكاية سبب النزول. واستظهر أبو حيان العكس معللا له بتناسق الضمائر وَإِذَا انْقَلَبُوا أي المجرمون ورجعوا من مجالسهم إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ ملتذين باستخفافهم بالمؤمنين.
وكان المراد بذلك الإشارة إلى أنهم يعدون صنيعهم ذلك من أحسن ما اكتسبوه في غيبتهم عن أهلهم أو إلى أن له وقعا في قلوبهم ولم يفعلوه مراعاة لأحد وإنما فعلوه لحظ أنفسهم. وقيل : فيه إشارة إلى أنهم كانوا لا يفعلون ذلك بما رأى من المارين بهم ويكتفون حينئذ بالتغامز. وقرأ الجمهور «فاكهين» بالألف قيل هما بمعنى ، وقيل فكهين أشرين ، وقيل فرحين وفاكهين قيل متفكهين وقيل ناعمين وقيل مادحين وَإِذا رَأَوْهُمْ وإذا رأوا المؤمنين أينما كانوا قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ يعنون جنس المؤمنين مطلقا لا خصوص المرئيين منهم والتأكيد لمزيد الاعتناء بسبهم وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ جملة حالية من ضمير قالوا أي قالوا ذلك والحال أنهم ما أرسلوا من جهة اللّه تعالى على المؤمنين موكلين بهم يحفظون عليهم أحوالهم ويهيمنون على أعمالهم ويشهدون برشدهم وضلالهم وهذا تهكم واستهزاء بهم وإشعار بأن ما جرؤوا عليه من القول من وظائف من أرسل من جهته تعالى ، وجوز أن يكون من جملة قول المجرمين والأصل وما أرسلوا علينا حافظين إلّا أنه قيل عليهم نقلا بالمعنى على نحو قال زيد ليفعلن كذا وغرضهم بذلك إنكار صدّ المؤمنين إياهم عن الشرك ودعائهم إلى الإيمان فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا أي المعهودون من الفقراء مِنَ الْكُفَّارِ أي من المعهودين وجوز التعميم من الجانبين يَضْحَكُونَ حين يرونهم أذلاء مغلولين قد غشيتهم فنون الهوان والصغار بعد العز والكبر ورهقهم ألوان العذاب بعد التنعم والترفه. والظرف والجار والمجرور متعلقان ب يَضْحَكُونَ وتقديم الجار والمجرور قيل للقصر تحقيقا للمقابلة أي واليوم هم من الكفار يضحكون لا الكفار منهم كما كانوا يفعلون في الدنيا. وقوله تعالى عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ حال من فاعل يَضْحَكُونَ أي يضحكون منهم ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من سوء الحال.
وقيل : يفتح للكفار باب إلى الجنة فيقال لهم : هلم هلم ، فإذا وصلوا إليها أغلق دونهم يفعل ذلك مرارا حتى أن أحدهم يقال له : هلم هلم فما يأتي من إياسه ويضحك المؤمنون منهم. وتعقب بأن قوله تعالى هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ يأباه فإنه صريح في أن ضحك المؤمنين منهم جزاء لضحكهم منهم في الدنيا فلا بد من المجانسة والمشاكلة حتما والحق أنه لا إباء كما لا يخفى والتثويب والإثابة المجازاة. ويقال : ثوّبه وأثابه إذا جازاه ، ومنه قول الشاعر :
سأجزيك أو يجزيك عني مثوب وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي
وظاهر كلامهم إطلاق ذلك على المجازاة بالخير والشر ، واشتهر بالمجازاة بالخير وجوز حمله عليه هنا على أن المراد التهكم كما قيل به في قوله تعالى فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران : 21 ، التوبة : 34 ، الانشقاق : 24] وذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدخان : 49] كأنه تعالى يقول للمؤمنين هل أثبنا هؤلاء على ما كانوا يفعلون كما أثبناكم على ما كنتم تعلمون فيكون هذا القول زائدا في سرورهم لما فيه من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 285
تعظيمهم والاستخفاف بأعدائهم. والجملة الاستفهامية حينئذ معمولة لقول محذوف وقع حالا من ضمير يَضْحَكُونَ أو من ضمير يَنْظُرُونَ أي يضحكون أو ينظرون مقولا لهم هَلْ ثُوِّبَ إلخ. ولم يتعرض لذلك الجمهور. وفي البحر الاستفهام لتقرير المؤمنين والمعنى قد جوزي الكفار ما كانوا إلخ. وقيل هَلْ ثُوِّبَ متعلق ب يَنْظُرُونَ والجملة في موضع نصب به بعد إسقاط حرف الجر الذي هو إلى انتهى وما مصدرية أو موصولة والعائد محذوف أي يفعلونه ، والكلام بتقدير مضاف أي ثواب أو جزاء ما كانوا إلخ. وقيل هو بتقدير باء السببية أي هل ثوب الكفار بما كانوا وقرأ النحويان وحمزة وابن محيصن بإدغام اللام في التاء واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 286
سورة الانشقاق
ويقال سور انشقت وهي مكية بلا خلاف وآيها ثلاث وعشرون آية في البصري والشامي وخمس وعشرون في غيرهما ، ووجه مناسبتها لما قبلها يعلم مما نقلناه عن الجلال السيوطي فيما قبل وأوجز بعضهم في بيان وجه ترتيب هذه السور الثلاث فقال : إن في انفطرت التعريف بالحفظة الكاتبين وفي المطففين مقر كتبهم وفي هذه عرضها في القيامة.
[سورة الانشقاق (84) : الآيات 1 إلى 25]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (4)
وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (5) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (8) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (9)
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (11) وَيَصْلى سَعِيراً (12) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14)
بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (15) فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (19)
فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (24)
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ أي بالغمام كما روي عن ابن عباس وذهب إليه الفرّاء والزجّاج كما في البحر ويشهد له قوله تعالى وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ [الفرقان : 25] فالقرآن يفسر بعضه بعضا ، وقيل : تنشق لهول يوم القيامة لقوله تعالى وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ [الحاقة : 16] وبحث فيه بأنه لا ينافي أن يكون الانشقاق بالغمام. وأخرج ابن أبي حاتم عن علي كرم اللّه تعالى وجهه أنها تنشق من المجرة
وفي الآثار إنها باب السماء وأهل الهيئة يقولون إنها نجوم صغار متقاربة جدا غير متميزة في الحسن ويظهر ذلك ظهورا بيّنا لمن نظر إليها بالأرصاد ولا منافاة على ما قيل من أن المراد بكونها باب السماء أن مهبط الملائكة عليهم السلام ومصعدهم من جهتها وذلك بجامع كونها نجوما صغارا متقاربة غير متميزة في الحسن. وخبر إن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أرسل معاذا إلى أهل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 287
اليمن فقال له : «يا معاذ إنهم سائلوك عن المجرة ، فقل هي لعاب حية تحت العرش»
ومنه قيل إنها في البحر المكفوف تحت السماء لا يكاد يصح. والقول المذكور لا ينبغي أن يحكى إلّا لينبّه على حاله. وقرأ عبيد بن عقيل عن أبي عمرو «انشقت» وكذا ما بعد من نظائره بإشمام التاء مكسرا في الوقف. وحكى عنه أيضا الكسر أبو عبيد اللّه بن خالويه وذلك لغة طيىء على ما قيل. وعن أبي حاتم : سمعت أعرابيا فصيحا في بلاد قيس يكسر هذه التاء أي تاء التأنيث اللاحقة للفعل وهي لغة ، ولعل ذلك لأن الفواصل قد تجري مجرى القوافي فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي كما في قول كثير عزة من قصيدة :
وما أنا بالداعي لعزة بالردى ولا شامت إن قيل عزة ذلت
إلى غير ذلك من أبيات تلك القصيدة تكسر في الفواصل وإجراء الفواصل في الوقف مجرى القوافي مهيع معروف كقوله تعالى الظُّنُونَا والرَّسُولَا في سورة [الأحزاب : 10 ، 66] وحمل الوصل على حالة الوقف موجود أيضا في الفواصل وَأَذِنَتْ لِرَبِّها أي استمعت له تعالى ، يقال : أذن إذا سمع. قال الشاعر :
صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بشرّ عندهم أذنوا
وقال قعنب :
إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحا وإن هم أذنوا من صالح دفنوا
والاستماع هنا مجاز عن الانقياد والطاعة أي انقادت لتأثير قدرته عز وجل حين تعلقت إرادته سبحانه بانشقاقها انقياد المأمور المطواع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع ، والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إليها للإشعار بعلة الحكم ، وهذه الجملة ونظيرتها بعد قيل بمنزلة قوله تعالى أَتَيْنا طائِعِينَ [فصلت : 11] في الإنباء عن كون ما نسب إلى السماء والأرض من الانشقاق والمد وغيرهما جاريا على مقتضى الحكمة على ما قرروه وَحُقَّتْ أي جعلت حقيقة بالاستماع والانقياد لكن لا بعد أن لم تكن كذلك بل في نفسها وحد ذاتها من قولهم هو محقوق بكذا وحقيق به ، وحاصل المعنى انقادت لربها وهي حقيقة وجديرة بالانقياد لما أن القدرة الربانية لا يتعاصاها أمر من الأمور لا لأمر اختصت به من بين الممكنات. وذكر بعضهم أن أصل الكلام حق اللّه تعالى عليها بذلك أي حكم عليها بتحتم الانقياد على معنى أراده سبحانه منها إرادة لا نقض لها. وقيل : المعنى وحق لها أن تنشق لشدة الهول والجملة على ما اختاره بعض الأجلّة اعتراض مقرر لما قبلها ، وقيل معطوفة عليه وليس بذاك وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ قال الضحاك :
بسطت باندكاك جبالها وآكامها وتسويتها فصارت قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا وقال بعضهم : زيدت سعة وبسطة من مده بمعنى أمدّه أي زاده ونحوه ما قيل جرت فزاد انبساطها وعظمت سعتها. وأخرج الحاكم بسند جيد عن جابر عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال : «تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم ثم لا يكون لابن آدم منها إلّا موضع قدميه».
وَأَلْقَتْ ما فِيها أي رمت ما في جوافها من الموتى والكنوز كما أخرج ذلك عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة وإليه ذهب الزجاج. واقتصر بعضهم كابن جبير وجماعة على الموتى بناء على أن إلقاء الكنوز إذا خرج الدجال وكأن من ذهب إلى الأول لا يسلم إلقاء الكنوز يومئذ ، ولو سلم يقول : يجوز أن لا يكون عاما لجميع الكنوز وإنما يكون كذلك يوم القيامة والقول بأن يوم القيامة متسع يجوز أن يدخل فيه وقت خروج الدجال ينبغي أن يلقى ولا يلتفت إليه وَتَخَلَّتْ أي وخلت عما فيها غاية الخلو حتى لم يبق فيها شيء من ذلك كأنها تكلفت في ذلك أقصى جهدها فصيغة التفعل للتكلف والمقصود منه المبالغة كما في قولك : تحلم الحليم ، وتكرم الكريم. وقيل تَخَلَّتْ ممن على ظهرها من الأحياء ، وقيل : مما على ظهرها من جبالها وبحارها وكلا القولين كما ترى. وقد أخرج أبو القاسم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 288
الحبيلي في الديباج عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال : «أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجلس جالسا في قبري وإن الأرض تحرك بي فقلت لها مالك؟ فقالت : إن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي وأن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء فيّ»
وذلك قوله تعالى وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها في الإلقاء وما بعده وَحُقَّتْ الكلام فيه نظير ما تقدم ، وفيه إشارة إلى أن ما ذكر وإن أسند إلى الأرض فهو بفعل اللّه تعالى وقدرته عز وجل وتكرير كلمة إذا لاستقلال كل من الجملتين بنوع من القدرة يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ أي جاهد ومجد جدا في عملك من خير وشر إِلى رَبِّكَ كَدْحاً أي طول حياتك إلى لقاء ربك أي إلى الموت وما بعده من الأحوال الممثلة باللقاء والكدح جهد النفس في العمل حتى يؤثر فيها ، من كدح جلده إذا خدشه قال ابن مقيل :
وما الدهر إلّا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح
وقال آخر :
ومضت بشاشة كل عيش صالح وبقيت أكدح للحياة وأنصب
فَمُلاقِيهِ أي فملاق له عقيب ذلك لا محالة من غير صارف يلويك عنه ، والضمير له عز وجل أي فملاقي جزائه تعالى. وقيل : هو للكدح أي فملاقي جزاء الكدح وبولغ فيه على نحو : «إنما هي أعمالكم ترد إليكم» والظاهر أن «ملاقيه» معطوف على كادِحٌ على القولين.
وقال ابن عطية بعد ذكره الثاني فألقاه على هذا عاطفة جملة الكلام على الجملة التي قبلها ، والتقدير فأنت ملاقيه ، ولا يظهر وجه التخصيص والمراد بالإنسان الجنس كما يؤذن به التقسيم بعد وقال مقاتل : المراد به الأسود بن هلال المخزومي جادل أخاه أبا سلمة في أمر البعث فقال أبو سلمة إي والذي خلقك لتركبن الطبقة ولتوافين العقبة ، فقال الأسود : فأين الأرض والسماء وما حال الناس؟ وكأنه أراد أنها نزلت فيه وهي تعم الجنس ، وقيل : المراد أبيّ بن خلف كان يكدح في طلب الدنيا وإيذاء الرسول صلّى اللّه عليه وسلم والإصرار على الكفر ، ولعل القائل أراد ذلك أيضا وأبعد غاية الإبعاد من ذهب إلى أنه الرسول عليه الصلاة والسلام على أن المعنى إنك تكدح في إبلاغ رسالات اللّه عز وجل وإرشاده عباده سبحانه واحتمال الضرر من الكفار ، فأبشر إنك تلقى اللّه تعالى بهذا العمل وهو غير ضائع عنده جل شأنه وجواب إِذَا قيل قوله تعالى فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً إلخ كما في قوله تعالى فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 38] وقوله تعالى يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إلخ اعتراض ، وقيل : هو محذوف للتهويل أي كان ما كان مما يضيق عنه نطاق البيان ، وقدره بعضهم نحو ما صرح به في سورتي التكوير والانفطار ، وقيل : هو ما دل عليه يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إلخ وتقديره لاقى الإنسان كدحه ، وقيل : هو نفسه على حذف الفاء والأصل فيا أيها الإنسان أو بتقدير يقال.
وقال الأخفش والمبرد : هو قوله تعالى فَمُلاقِيهِ بتقدير فأنت ملاقيه ليكون مع المقدر جملة ، وعلى هذا جملة يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إلخ معترضة. وقال ابن الأنباري والبلخي هو وَأَذِنَتْ على زيادة الواو كما قيل في قوله تعالى حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها [الزمر : 71 ، 73] وعن الأخفش أن إذا هنا لا جواب لها لأنها ليست بشرطية بل هي في إذا السماء متجردة عنها مبتدأ ، وفي وإذا الأرض خبر والواو زائدة أي وقت انشقاق السماء وقت مد الأرض وقيل لا جواب لها لأنها ليست بذلك بل متجردة عن الشرطية واقعة مفعولا لأذكر محذوفا ، ولا يخفى ما في بعض هذه الأقوال من الضعف ولعل الأولى منها الأولان والحساب اليسير السهل الذي لا مناقشة فيه كما قيل وفسره عليه الصلاة والسلام بالعرض وبالنظر في الكتاب مع التجاوز ،
فقد

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 289
أخرج الشيخان والترمذي وأبو داود عن عائشة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : «ليس أحد يحاسب إلّا هلك» قلت : يا رسول اللّه ، جعلني اللّه تعالى فداك أليس اللّه تعالى يقول فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً؟ قال : «ذلك العرض يعرضون ومن نوقش الحساب هلك»
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه والحاكم وصححه عن عائشة قالت : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول في بعض صلاته : «اللهم حاسبني حسابا يسيرا فلما انصرف عليه الصلاة والسلام قلت : يا رسول اللّه ما الحساب اليسير؟ قال : «أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه»
وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً أي عشيرته المؤمنين مبتهجا بحاله قائلا هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ [الحاقة : 19] وقيل أي فريق المؤمنين مطلقا وإن لم يكونوا عشيرته إذ كل المؤمنين أهل للمؤمن من جهة الاشتراك في الإيمان ، وقيل : أي إلى خاصته ومن أعده اللّه تعالى له في الجنة من الحور والغلمان ، وأخرج هذا ابن المنذر عن مجاهد. وقرأ زيد بن علي «ويقلب» مضارع قلب مبنيا للمفعول.
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ أي يؤتاه بشماله من وراء ظهره ، قيل : تغل يمناه إلى عنقه وتجعل شماله وراء ظهره فيؤتى كتابه بشماله. وروي أن شماله تدخل في صدره حتى تخرج من وراء ظهره فيأخذ كتابه بها فلا تدافع بين ما هنا وما في سورة الحاقة حيث لم يذكر فيه الظهر ثم هذا إن كان في الكفرة وما قبله في المؤمنين المتقين فلا تعرض هنا للعصاة كما استظهره في البحر. وقيل : لا بعد في إدخال العصاة في أهل اليمين إما لأنهم يعطون كتبهم باليمين بعد الخروج من النار كما اختاره ابن عطية أو لأنهم يعطونها بها قبل لكن مع حساب فوق حساب المتقين ودون حساب الكافرين ، ويكون قوله تعالى فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً من وصف الكل بوصف البعض ، وقيل : إنهم يعطونها بالشمال وتمييز الكفرة بكون الإعطاء من وراء ظهورهم ولعل ذلك لأن مؤتي الكتب لا يتحملون مشاهدة وجوههم لكمال بشاعتها أو لغاية بغضهم إياهم أو لأنهم نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً يطلبه ويناديه ويقول : يا ثبوراه تعالى فهذا أوانك والثبور الهلاك وهو جامع لأنواع المكاره وَيَصْلى سَعِيراً يقاسي حرها أو يدخلها ، وقرأ أكثر السبعة وعمر بن عبد العزيز وأبو الشعثاء والحسن والأعرج «يصلّى» بضم الياء وفتح الصاد واللام مشددة من التصلية لقوله تعالى وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ [الواقعة : 94] وقرأ أبو الأشهب وخارجة عن نافع وأبان عن عاصم والعتكي وجماعة عن أبي عمرو «يصلى» بضم الياء ساكن الصاد مخفف اللام مبنيا للمفعول من الإصلاء لقوله تعالى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [النساء : 115] إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ في الدنيا مَسْرُوراً فرحا بطرا مترفا لا يخطر بباله أمور الآخرة ولا يتفكر في العواقب ولم يكن حزينا متفكرا في حاله ومآله كسنة الصلحاء والمتقين ، والجملة استئناف لبيان علة ما قبلها.
وقوله تعالى إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ تعليل لسروره في الدنيا أي ظن أن لن يرجع إلى اللّه تعالى تكذيبا للمعاد ، وقيل : ظن أن لن يرجع إلى العدم أي ظن أنه لا يموت وكان غافلا عن الموت غير مستعد له وليس بشيء ، والحور الرجوع مطلقا ومنه قول الشاعر :
وما المرء إلّا كالشهاب وضوئه يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
والتقييد هنا بقرينة المقام وأَنْ مخففة من الثقيلة سادّة مع ما في حيزها مسد مفعولي الظن على المشهور بَلى إيجاب لما بعد لَنْ وقوله تعالى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً تحقيق وتعليل له أي بلى يحور البتة أن ربه عز وجل الذي خلقه كان به وبأعماله الموجبة للجزاء بصيرا بحيث لا تخفى عليه سبحانه منها خافية فلا بد من رجعة وحسابه ومجازاته فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ هي الحمرة التي تشاهد في أفق المغرب

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 290
بعد الغروب وأصله من رقة الشيء ، يقال : شيء شفق أي لا يتماسك لرقته ومنه أشفق عليه رق قلبه والشفقة من الإشفاق وكذلك الشفق قال الشاعر :
تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا والموت أكرم نزّال على الحرم
وقيل : البياض الذي يلي تلك الحمرة ويرى بعد سقوطها ، وفي تسمية ذلك شفقا خلاف فالجمهور على أنه لا يسمى به وأبو هريرة وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة رضي اللّه تعالى عنهم على أنه يسمى. وروى أسد ابن عمرو عن أبي حنيفة رضي اللّه تعالى عنه أنه رجع عن ذلك إلى ما عليه الجمهور وتمام الكلام عليه في شروح الهداية. وأخرج عبد ابن حميد عن مجاهد وعكرمة أنه هنا النهار كله. وروي ذلك عن الضحاك وابن أبي نجيح وكأنه شجعهم على ذلك عطف الليل عليه وعن عكرمة أيضا أنه مابقي من النهار والفاء في جواب شرط مقدر أي إذا عرفت هذا أو تحققت الحور بالبعث فلا أقسم بالشفق وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ وما ضم وجمع يقال : وسقه فاتسق واستوسق أي جمعه فاجتمع ، ويقال : طعام موسوق أي مجموع وإبل مستوسقة أي مجتمعة. قال الشاعر :
إن لنا قلائصا حقائقا مستوسقات لم يجدن سائقا
ومن الوسق الأصواع المجتمعة وهي ستون صاعا أو حمل بعير لاجتماعه على ظهره وما تحتمل المصدرية والموصولة والجمهور على الثاني والعائد محذوف ، أي والذي وسقه والمراد به ما يجتمع بالليل ويأوي إلى مكانه من الدواب وغيرها. وعن مجاهد ما يكون فيه من خير أو شر وقيل ما ستره وغطى عليه بظلمته وقيل : ما جمعه من الظلمة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جبير أنه قال وَما وَسَقَ وما عمل فيه ومنه قوله :
فيوما ترانا صالحين وتارة تقوم بنا كالواسق المتلبب
وقيل : وسق بمعنى طرد أي وما طرده إلى أماكنه من الدواب وغيرها أو ما طرده من ضوء النهار ومنه الوسيقة قال في القاموس وهي من الإبل كالرفقة من الناس فإذا سرقت طردت معا وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ أي اجتمع نوره وصار بدرا لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ خطاب لجنس الإنسان المنادى أولا باعتبار شموله لأفراده والمراد بالركوب الملاقاة والطبق في الأصل ما طابق غيره مطلقا وخص في العرف بالحال المطابقة لغيرها ومنه قول الأقرع بن حابس :
إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره وساقني طبق منه إلى طبق
وعَنْ للمجاوزة. وقال غير واحد : هي بمعنى بعد كما في قولهما : سادوك كابرا عن كابر وقوله :
ما زلت أقطع منهلا عن منهل حتى أنخت بباب عبد الواحد
والمجاوزة والبعدية متقاربان والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لطبقا أو حالا من فاعل (تركبن) والظاهر أن نصب طَبَقاً على أنه مفعول به أي لتلاقن حالا مجاوزة لحال أو كائنة بعد حال أو مجاوزين لحال أو كائنين بعد حال كل واحدة مطابقة لأختها في الشدة والهول ، وجوز كون الركوب على حقيقته وتجعل الحال مركوبة مجازا. وقيل نصب طَبَقاً على التشبيه بالظرف أو الحالية وقال جمع الطبق جمع طبقة كتخم وتخمة وهي المرتبة ويقال إنه اسم جنس جمعي واحده ذلك والمعنى لتركبن أحوالا بعد أحوال هي طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة وأهوالها ، ورجحه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 291
الطيبي فقال : هذا الذي يقتضيه النظم وترتب الفاء في فَلا أُقْسِمُ على قوله تعالى بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً وفسر بعضهم الأحوال بما يكون في الدنيا من كونهم نطفة إلى الموت وما يكون في الآخرة من البعث إلى حين المستقر في إحدى الدارين. وقيل : يمكن أن يراد بطبقا عن طبق الموت المطابق للعدم الأصلي والإحياء المطابق للإحياء السابق ، فيكون الكلام قسما على البعث بعد الموت ويجري فيه ما ذكره الطيبي.
وأخرج نعيم بن حماد وأبو نعيم عن مكحول أنه قال في الآية تكونون في كل عشرين سنة على حال لم تكونوا على مثلها. وفي رواية ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في كل عشرين عاما تحدثون أمرا لم تكونوا عليه ، فالطبق بمعنى عشرين عاما وقد عد ذلك في القاموس من جملة معانيه وما ذكر بيان للمعنى المراد. وقيل :
الطبق هنا القرن من الناس مثله في قول العباس بن عبد المطلب يمدح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :
وأنت لما ولدت أشرقت الأر ض وضاءت بنورك الأفق
تنقل من صالب إلى رحم إذا مضى عالم بدا طبق
وإن المعنى لتركبن سنن من مضى قبلكم قرنا بعد قرن ، وكلا القولين خلاف الظاهر. وقرأ عمر وابن مسعود وابن عباس ومجاهد والأسود وابن جبير ومسروق والشعبي وأبو العالية وابن وثاب وطلحة وعيسى والأخوان وابن كثير «لتركبنّ» بتاء الخطاب وفتح الباء وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما أيضا كسرا تاء المضارعة وهي لغة بني تميم على أنه خطاب للإنسان أيضا لكن باعتبار اللفظ لا باعتبار الشمول. وأخرج البخاري عن ابن عباس أن الخطاب للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ، وروي ذلك عن جماعة وكأن من ذهب إلى أنه عليه الصلاة والسلام هو المراد بالإنسان فيما تقدم يذهب إليه وعليه يراد لَتَرْكَبُنَّ أحوالا شريفة بعد أخرى من مراتب القرب أو مراتب من الشدة في الدنيا باعتبار ما يقاسيه صلّى اللّه عليه وسلم من الكفرة ويعانيه في تبليغ الرسالة أو الكلام عدة بالنصر أي لتلاقن فتحا بعد فتح ونصرا بعد نصر وتبشيرا بالمعراج ، أي لتركبن سماء بعد سماء كما أخرجه عبد بن حميد عن ابن عباس وابن مسعود وأيّد بالتوكيد بالجملة القسمية والتعقيب بالإنكارية وأخرج ابن المنذر وجماعة عن ابن مسعود أنه قال في ذلك يعني السماء تنفطر ثم تنشق ثم تحمر ، وفي رواية السماء تكون كالمهل وتكون وردة كالدهان وتكون واهية وتشقق فتكون حالا بعد حال فالتاء للتأنيث والضمير الفاعل عائد على السماء. وقرأ عمر وابن عباس أيضا «ليركبن» بالياء آخر الحروف وفتح الباء على الالتفات من خطاب الإنسان إلى الغيبة. وعن ابن عباس يعني نبيكم عليه الصلاة والسلام فجعل الضمير له صلّى اللّه عليه وسلم والمعنى على نحو ما تقدم. وقيل الضمير الغائب يعود على القمر لأنه يتغير أحوالا من سرار واستهلال وإبدار. وقرأ عمر أيضا «ليركبن» بياء الغيبة وضم الباء على أن ضمير الجمع للإنسان باعتبار الشمول.
وقرىء بالتاء الفوقية وكسر الباء على تأنيث الإنسان المخاطب باعتبار النفس وأمر التقدير الحالية المشار إليها فيما مر على هذه القراءات لا يخفى. والفاء في قوله تعالى فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ جوز أن تكون لترتيب ما بعدها من الإنكار والتعجب على ما قبلها من أحوال يوم القيامة وأهوالها المشار إليها بقوله تعالى لَتَرْكَبُنَّ إلخ على بعض الأوجه الموجبة للإيمان والسجود أي إذا كان حالهم يوم القيامة كما أشير إليه فأي شيء لهم حال كونهم غير مؤمنين ، أي أي شيء يمنعهم من الإيمان باللّه تعالى ورسوله صلّى اللّه عليه وسلم وسائر ما يجب الإيمان به مع تعاضد موجباته من الأهوال التي تكون لتاركه يومئذ ، وجوز أن يكون لترتيب ذلك على ما قيل من عظيم شأنه عليه الصلاة والسلام المشار إليه بقوله سبحانه لَتَرْكَبُنَّ إلخ على بعض آخر من الأوجه السابقة فيه أي إذا كان حاله وشأنه صلّى اللّه عليه وسلم ما أشير

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 292
إليه فأي شيء يمنعهم من الإيمان به عليه الصلاة والسلام وجوز أن يكون لترتيب ذلك على ما تضمنه قوله سبحانه فَلا أُقْسِمُ إلخ مما يدل على صحة البعث من التغييرات العلوية والسفلية الدالة على كمال القدرة وإليه ذهب الإمام أي إذا كان شأنه تعالى شأنه كما أشير إليه من كونه سبحانه وتعالى عظيم القدرة واسع العلم فأي شيء يمنعهم عن الإيمان بالبعث الذي هو من جملة الممكنات التي تشملها قدرته عز وجل ويحيط بها علمه جل جلاله.
وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ عطف على الجملة الحالية فهي حالية مثلها ، أي فأي مانع لهم حال عدم سجودهم عند قراءة القرآن والسجود مجاز عن الخضوع اللازم له على ما روي عن قتادة أو المراد به الصلاة. وفي قرن ذلك بالإيمان دلالة على عظم قدرها كما لا يخفى أو هو على ظاهره. فالمراد بما قبله قرىء القرآن المخصوص أو وفيه آية سجدة وقد صح عنه صلّى اللّه عليه وسلم أنه سجد عند قراءة هذه الآية
. أخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم عن أبي هريرة قال : سجدنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
وأخرج الشيخان وأبو داود والنسائي وعن أبي رافع قال : صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ فسجد فقلت له ، فقال : سجدت خلف أبي القاسم صلّى اللّه عليه وسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه عليه الصلاة والسلام
. وفي ذلك رد على ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما حيث قال :
ليس في المنفصل وهو من سورة محمد صلّى اللّه عليه وسلم وقيل من الفتح وقيل هو قول الأكثر من الحجرات سجدة وهي سنة عند الشافعي وواجبة عند أبي حنيفة. قال الإمام :
روي أنه صلّى اللّه عليه وسلم قرأ ذات يوم وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق :
19] فسجد هو ومن معه من المؤمنين
وقريش تصفق فوق رؤوسهم وتصفر فنزلت هذه الآية. واحتج أبو حنيفة على وجوب السجدة بهذا من وجهين : الأول أن فعله عليه الصلاة والسلام يقتضي الوجوب لقوله تعالى فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام : 153 ، 155] الثاني أنه تعالى ذم من يسمعه ولا يسجد وحصول الذم عند الترك يدل على الوجوب انتهى. وفيه بحث مع أن الحديث كما قال ابن حجر لم يثبت بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ أي بالقرآن وهو انتقال عن كونهم لا يسجدون عند قراءته إلى كونهم يكذبون به صريحا ووضع الموصول موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالكفر والإشعار بعلة الحكم. وقرأ الضحاك وابن أبي عبلة «يكذبون» مخففا وبفتح الياء وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ أي بالذي يضمرونه في صدورهم من الكفر والحسد والبغضاء والبغي فما موصولة والعائد محذوف وأصل الإيعاء جعل الشيء في وعاء. وفي مفردات الراغب الإيعاء حفظ الأمتعة في وعاء ومنه قوله :
والشر أخبث ما أوعيت من زاد وأريد به هنا الإضمار مجازا وهو المروي عن ابن عباس ولا يلزم عليه كون الآية في حق المنافقين مع كون السورة مكية كما لا تخفى ، وفسره بعضهم بالجمع وحكي عن ابن زيد وجوز أن يكون المعنى واللّه تعالى أعلم بما يجمعونه في صحفهم من أعمال السوء وأيّا ما كان فعلم اللّه تعالى بذلك كناية عن مجازاته سبحانه عليه. وقيل : المراد الإشارة إلى أن لهم وراء التكذيب قبائح عظيمة كثيرة يضيق عن شرحها نطاق العبارة. وقال بعضهم : يحتمل أن يكون المعنى واللّه تعالى أعلم بما يضمرونه في أنفسهم من أدلة كونه أي القرآن حقا فيكون المراد المبالغة في عتادهم وتكذيبهم على خلاف علمهم ، والظاهر أن الجملة على هذا حال من ضمير يُكَذِّبُونَ وكونها كذلك على ما قيل من الإشارة خلاف الظاهر. وقرأ أبو رجاء «بما يعون» من وعى يعي فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ مرتب على الأخبار بعلمه تعالى بما يوعون مرادا به مجازاتهم به وقيل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 293
على تكذيبهم ، وقيل : الفاء فصيحة أي إذا كان حالهم ما ذكر فبشرهم إلخ والتبشير في المشهور الإخبار بسار والتعبير به هاهنا من باب :
تحية بينهم ضرب وجيع وجوز أن يكون ذلك على تنزيلهم لانهماكهم في المعاصي الموجبة للعذاب وعدم استرجاعهم عنها منزلة الراغبين في العذاب حتى كأن الأخبار به تبشيرا وإخبارا بسار ، والفرق بين الوجهين يظهر بأدنى تأمل وأبعد جدا من قال إن ذلك تعريض بمحبة نبي الرحمة صلّى اللّه عليه وسلم البشارة فيستعار لأمره عليه الصلاة والسلام بالإنذار لفظ البشارة تطييبا لقلبه صلّى اللّه عليه وسلم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ استثناء منقطع من الضمير المنصوب في فَبَشِّرْهُمْ وجوز أن يكون متصلا على أن يراد بالمستثنى من آمن وعمل الصالحات من آمن وعمل بعد منهم أي من أولئك الكفرة والمضي في الفعلين باعتبار علم اللّه تعالى أو هما بمعنى المضارع ، ولا يخفى ما فيه من التكلف مع أن الأول أنسب منه بقوله تعالى لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ لأن الأجر المذكور لا يخص المؤمنين منهم بل المؤمنين كافة ، وكون الاختصاص إضافيا بالنسبة إلى الباقين على الكفر منهم خلاف الظاهر على أن إيهام الاختصاص بالمؤمنين منهم يكفي في الغرض كما لا يخفى. والتنوين في أَجْرٌ للتعظيم ومعنى غَيْرُ مَمْنُونٍ غير مقطوع من منّ إذا قطع أو غير معتد به ومحسوب عليهم من منّ عليه إذا اعتد بالصنيعة وحسبها وجعل بعضهم المن بهذا المعنى من منّ بمعنى قطع أيضا لما أنه يقطع النعمة ويقتضي قطع شكرها والجملة على ما قيل استئناف مقرر لما أفاده الاستثناء من انتفاء العذاب عن المذكورين ومبين لكيفيته ومقارنته للثواب العظيم الكثير.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 294
سورة البروج
لا خلاف في مكيتها ولا في كونها اثنتين وعشرين آية ، ووجه مناسبتها لما قبلها باشتمالها كالتي قبل على وعد المؤمنين ووعيد الكافرين مع التنويه بشأن القرآن وفخامة قدره. وفي البحر أنه سبحانه لما ذكر أنه جل وعلا أعلم بما يجمعون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والمؤمنين من المكر والخداع وإيذاء من أسلم بأنواع من الأذى كالضرب والقتل والصلب والحرق بالشمس وإحماء الصخر ووضع أجساد من يريدون أن يفتنوه عليه ، ذكر سبحانه أن هذه الشنشنة كانت فيمن تقدم من الأمم فكانوا يعذبون بالنار وأن المعذبين كان لهم من الثبات في الإيمان ما منعهم أن يرجعوا عن دينهم وأن الذين عذبوهم ملعونون فكذلك الذين عذبوا المؤمنين من كفار قريش فهذه السورة عظة لقريش وتثبيت لمن يعذبونه من المؤمنين انتهى وهو وجه وجيه.
[سورة البروج (85) : الآيات 1 إلى 10]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4)
النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)
إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (10)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ أي القصور كما قال ابن عباس وغيره ، والمراد بها عند جمع البروج الاثنا عشر المعروفة وأصل البرج الأمر الظاهر ثم صار حقيقة للقصر العالي لأنه ظاهر للناظرين ، ويقال لما ارتفع من سور المدينة برج أيضا وبروج السماء بالمعنى المعروف وإن التحقت بالحقيقة فهي في الأصل استعارة فإنها شبهت بالقصور لعلوها ولأن النجوم نازلة فيها كسكانها فهناك استعارة مصرحة تتبعها مكنية ، وقيل : شبهت السماء بسور المدينة فأثبت لها البروج وقيل : هي منازل القمر وهذا راجع إلى القول الأول لأن البروج منقسمة إلى ثمانية وعشرين منزلا وقد تقدم الكلام فيها. وقال مجاهد والحسن وعكرمة وقتادة : هي النجوم. وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه تعالى عنه فيه حديثا مرفوعا بلفظ الكواكب بدل النجوم
واللّه تعالى أعلم بصحته. وأخرج ابن المنذر وعبد بن حميد عن أبي صالح أنه قال : هي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 295
النجوم العظام وعليه إنما سميت بروجا لظهورها وكذا على ما قبله وإن اختلفت الظهور ولم يظهر شموله جميع النجوم ، وقيل : هي أبواب السماء وسميت بذلك لأن النوازل تخرج من الملائكة عليهم السلام منها فجعلت مشبهة بقصور العظماء النازلة أو أمرهم منها أو لأنها لكونها مبدأ للظهور وصفت به مجازا في الطرف ، وقيل في النسبة والبروج الاثنا عشر في الحقيقة على ما ذكره محققو أهل الهيئة معتبرة في الفلك الأعلى المسمى بفلك الأفلاك والفلك الأطلس ، وزعموا أنه العرش بلسان الشرع لكنها لما لم تكن ظاهرة حسا دلوا عليها بما سامتها وقت تقسيم الفلك الأعلى من الصور المعروفة كالحمل والثور وغيرهما التي هي في الفلك الثامن المسمى عندهم بفلك الثوابت وبالكرسي في لسان الشرع على ما زعموا فبرج الحمل مثلا ليس إلا جزءا من اثني عشر جزءا من الفلك الأعلى سامتته صورة الحمل من الثوابت وقت التقسيم ، وبرج الثور ليس إلّا جزءا من ذلك سامتته صورة الثور منها ذلك الوقت أيضا وهكذا وإنما قيل وقت التقسيم لأن كل صورة قد خرجت لحركتها وإن كانت بطيئة عما كانت مسامتة له من تلك البروج حتى كاد يسامت الحمل اليوم برج الثور والثور برج الجوزاء وهكذا ، فعلى هذا وكون المراد بالبروج البروج الاثني عشر أو المنازل قيل المراد بالسماء الفلك الأعلى وقيل الفلك الثامن لظهور الصور الدالة على البروج فيه ، ولذا يسمى فلك البروج وقيل : السماء الدنيا لأنها ترى فيها بظاهر الحس نظير ما قيل في قوله تعالى وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ [الملك : 5] وقيل الجنس الشامل لكل سماء لأن السماوات شفافة فيشارك العليا فيما فيها السفلى لأنه يرى فيها ظاهرا ، وإذا أريد بالبروج النجوم فقيل المراد بالسماء الفلك الثامن لأنها فيه حقيقة وقيل : السماء الدنيا وقيل الجنس على نحو ما مر ولا يراد على ما قيل الفلك الأطلس أعني الفلك الأعلى لأنه كاسمه غير
مكوكب وإذا أريد بها الأبواب فقيل المراد بالسماء ما عدا فلك الأفلاك المسمى بلسان الشرع بالعرش فإنه لم يرد أن له أبوابا ، هذا وأنت تعلم أن أكثر ما ذكر مبني على كلام أهل الهيئة المتقدمين وهو لا يصح له مستند شرعا ولا يكاد تسمع فيه إطلاق السماء على العرش أو الكرسي لكن لما سمع بعض الإسلاميين من الفلاسفة أفلاكا تسعة وأراد تطبيق ذلك على ما روي في الشرع زعم أن سبعة منها هي السماوات السبع والاثنين الباقيين هما الكرسي والعرش ولم يدر أن في الأخبار ما يأبى ذلك وكون الدليل العقلي يقتضيه محل بحث كما لا يخفى. ومن رجع إلى كلام أهل الهيئة المحدثين ونظر في أدلتهم على ما قالوه في أمر الأجرام العلوية وكيفية ترتيبها قوي عنده وهن ما ذهب إليه المتقدمون في ذلك فالذي ينبغي أن يقال : البروج هي المنازل للكواكب مطلقا التي يشاهدها الخواص والعوام وما علينا في أي سماء كانت أو الكواكب أنفسها أينما كانت أو أبواب السماء الواردة في لسان الشرع والأحاديث الصحيحة وهي لكل سماء ولم يثبت للعرش ولا للكرسي منها شيء ويراد بالسماء جنسها أو السماء الدنيا في غير القول الأخير على ما سمعت فيما تقدم فلا تغفل.
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ أي الموعود به وهو يوم القيامة باتفاق المفسرين ، وقيل : لعله اليوم الذي يخرج الناس فيه من قبورهم فقد قال سبحانه يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ [المعارج : 43 ، 44] أو يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ [الأنبياء : 104] وقيل يمكن أن يراد به يوم شفاعة النبي صلّى اللّه عليه وسلم على ما أشار إليه قوله تعالى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء : 79] ولا يخفى أن جميع ذلك داخل في يوم القيامة وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ أي ومن يشهد بذلك اليوم ويحضره من الخلائق المبعوثين فيه وما يحضر فيه من الأهوال

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 296
والعجائب فيكون اللّه عز وجل قد أقسم سبحانه بيوم القيامة وما فيه تعظيما لذلك اليوم وإرهابا لمنكريه ، وتنكير الوصفين للتعظيم أي وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما أو للتكثير كما قيل في عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ [التكوير : 14] وأخرج الترمذي وجماعة عن أبي هريرة مرفوعا : «الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة» وروي ذلك عن أبي مالك الأشعري وجبير بن مطعم رضي اللّه تعالى عنهما مرفوعا أيضا وأخرجه جماعة عن علي كرم اللّه تعالى وجهه وغيره من الصحابة والتابعين
. وأخرج الحاكم وصححه عنه مرفوعا أيضا : «الشاهد يوم عرفة ويوم الجمعة والمشهود يوم القيامة»
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن علي كرم اللّه تعالى وجهه : «الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم النجم»
. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن الحسن بن علي رضي اللّه تعالى عنهما وكرم وجههما أن رجلا سأله عن ذلك فقال : هل سألت أحدا قبلي؟ قال : نعم ، سألت ابن عمر وابن الزبير فقالا يوم الذبح ويوم الجمعة
،
قال : لا ولكن الشاهد محمد. وفي رواية جدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ثم قرأ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [النساء : 41] والمشهود يوم القيامة. ثم قرأ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [هود : 103] وروى النسائي وجماعة من طرق عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه والشاهد اللّه عز وجل والمشهود يوم القيامة. وعن مجاهد وعكرمة وعطاء بن يسار الشاهد آدم عليه السلام وذريته والمشهود يوم القيامة. وعن ابن المسيب الشاهد يوم التروية والمشهود يوم عرفة. وعن الترمذي الشاهد الحفظة والمشهود أي عليه الناس. وعن عبد العزيز بن يحيى هما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأمته عليه الصلاة والسلام ، وعنه أيضا هما الأنبياء عليهم السلام وأممهم. وعن ابن جبير ومقاتل هما الجوارح وأصحابها وقيل هما يوم الاثنين ويوم الجمعة ، وقيل هما الملائكة المتعاقبون عليهم السلام وقرآن الفجر ، وقيل هما النجم والليل والنهار وقيل الشاهد اللّه تعالى والملائكة وأولو العلم المشهود به الوحدانية وإن الدين عند اللّه تعالى الإسلام وقيل الشاهد مخلوقاته تعالى والمشهود به الوحدانية وقيل هما الحجر الأسود والحجيج ، وقيل الليالي والأيام وبنو آدم فعن الحسن ما من يوم إلّا ينادي إني يوم جديد وإني على ما يعمل فيّ شهيد فاغتنمني فلو غابت شمسي لم تدركني إلى يوم القيامة. وقيل : أمة النبي صلّى اللّه عليه وسلم وسائر الأمم. وجوز أن يراد بهما المقربون والعليون لقوله تعالى كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ [المطففين : 20 ، 21] وأن يراد بالشاهد الطفل الذي قال : يا أماه اصبري فإنك على الحق كما سيجيء إن شاء اللّه تعالى.
والمشهود له أمه والمؤمنون لأنه إذا كانت أمه على الحق فسائر المؤمنين كذلك. وقيل : وجميع الأقوال في ذلك على ما وقفت عليه نحو من ثلاثين قولا والوصف على بعضها من الشهادة بمعنى الحضور ضد المغيب ، وعلى بعضها الآخر من الشهادة على الخصوم أوله شهادة الجوارح بأن ينطقها اللّه تعالى الذي أنطق كل شيء وكذا الحجر الأسود ولا بعد في حضوره يوم القيامة للشهادة للحجيج ، وأما شهادة اليوم فيمكن أن تكون بعد ظهوره في صورة كظهور القرآن على صورة الرجل الشاحب إذ يتلقى صاحبه عند قيامه من قبره وظهور الموت في صورة كبش يوم القيامة حتى يذبح بين الجنة والنار إلى غير ذلك. وقال الشهاب : اللّه تعالى قادر على أن يحضر اليوم ليشهد ولم يبيّن كيفية ذلك فإن كانت كما ذكرنا فذاك وإن كانت شيئا آخر بأن يحضر نفس اليوم في ذلك اليوم فالظاهر أنه يلزم أن يكون للزمان زمان وهو إن جوزه من جوزه من المتكلمين لكن في الشهادة بلسان القال عليه خفاء ومثلها نداء اليوم الذي سمعته آنفا عن الحسن إن كان بلسان القال أيضا دون لسان الحال كما هو الأرجح عندي. واختار أبو حيان من الأقوال على تقدير أن يراد بالشهادة الشهادة بالمعنى الثاني القول بأن الشاهد من يشهد في ذلك اليوم أعني اليوم الموعود يوم القيامة وأن المشهود من يشهد عليه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 297
فيه ، وعلى تقدير أن يراد بها الشهادة بالمعنى الأول القول بأن الشاهد الخلائق الحاضرون للحساب وأن المشهود اليوم ولعل تكرير القسم به وإن اختلف العنوان لزيادة تعظيمه فتأمل. وجواب القسم قيل هو قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا [البروج : 10] وقال المبرد هو قوله تعالى إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج : 120] وصرح به ابن جريج وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن مسعود ما يدل عليه وقال غير واحد هو قوله تعالى قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ على حذف اللام منه للطول والأصل لقتل كما في قوله :
حلفت لها باللّه حلفة فاجر لناموا فما إن من حديث ولا صالي
وقيل : على خدف اللام وقد والأصل لقد قتل وهو مبني على ما اشتهر من أن الماضي المثبت المتصرف الذي لم يتقدم معموله تلزمه اللام وقد ، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما إلّا عند طول الكلام كما في قوله سبحانه قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [الشمس : 9] بعد قوله تعالى وَالشَّمْسِ وَضُحاها [الشمس : 1] إلخ والبيت المذكور ولا يجوز تقدير اللام بدون قد لأنها لا تدخل على الماضي المجرد منها ، وتمام الكلام في محله كشروح التسهيل وغيرها وأيّا ما كان فالجملة خبرية. وقال بعض المحققين : إن الأظهر أنها دعائية دالة على الجواب كأنه قيل : أقسم بهذه الأشياء أن كفار قريش لملعونون أحقاء بأن يقال فيها قتلوا كما هو شأن أصحاب الأخدود لما أن السورة وردت لتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الإيمان وتصبيرهم على أذية الكفرة وتذكيرهم بما جرى ممن تقدمهم من التعذيب لأهل الإيمان وصبرهم على ذلك حتى يأنسوا بهم ويصبروا على ما كانوا يلقون من قومهم ويعلموا أنهم مثل أولئك عند اللّه عز وجل في كونهم ملعونين مطرودين ، فالقتل هنا عبارة عن أشد اللعن والطرد لاستحالة الدعاء منه سبحانه حقيقة فأريد لازمه من السخط والطرد عن رحمته جل وعلا. وقال بعضهم : الأظهر أن يقدر أنهم لمقتولون كما قتال أصحاب الأخدود فيكون وعدا له صلّى اللّه عليه وسلم بقتل الكفرة المتردين لإعلاء دينه ، ويكون معجزة بقتل رؤوسهم في غزوة بدر انتهى. وظاهرة إبقاء القتل على حقيقته واعتبار الجملة خبرية وهو كما ترى وحكي في البحر أن الجواب محذوف وتقديره لتبعثن ونحوه وليس بشيء كما لا يخفى والْأُخْدُودِ الخد وهو الشق في الأرض ونحوهما بناء ومعنى الخق والأخقوق ومنه ما جاء في خبر سراقة حين تبع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فساخت قوائمه أي قوائم فرسه في أخاقيق جرذان.
أخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم من حديث صهيب يرفعه : «كان ملك من الملوك وكان لذلك الملك كاهن يكهن له فقال له ذلك الكاهن : انظروا لي غلاما فهما فأعلمه علمي هذا فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم ولا يكون فيكم من يعلمه ، فنظروا له غلاما على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن وأن يختلف إليه ، فجعل الغلام يختلف إليه وكان على طريق الغلام راهب في صومعة فجعل الغلام يسأل ذلك الراهب كلما مر به فلم يزل به حتى أخبره فقال : إنما أعبد اللّه تعالى. فجعل الغلام يمكث عند الراهب ويبطىء على الكاهن فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام إنه لا يكاد يحضرني فأخبر الغلام الراهب بذلك فقال له الراهب : إذا قال لك الكاهن أين كنت فقل عند أهلي ، وإذا قال لك أهلك أين كنت فأخبرهم أنك كنت عند الكاهن ، فبينما الغلام على ذلك إذ مر بجماعة من الناس كثيرة قد حبستهم دابة يقال كانت أسدا ، فأخذ الغلام حجرا فقال : اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا فأسألك أن أقتل هذه الدابة وإن كان ما يقوله الكاهن حقا فأسألك أن لا أقتلها ثم رمى فقتل الدابة ، فقال الناس من قتلها؟ فقالوا : الغلام ففزع الناس وقالوا قد علم هذا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 298
الغلام علما لم يعلمه أحد ، فسمع أعمى فجاءه فقال له : إن أنت رددت بصري فلك كذا وكذا ، فقال الغلام : لا أريد منك هذا ولكن أرأيت إن رجع عليك بصرك أتؤمن بالذي رده عليك؟ قال نعم ، فرد عليه بصره فآمن الأعمى فبلغ الملك أمرهم فبعث إليهم فأتى بهم فقال لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتل بها صاحبه فأمر بالراهب والرجل الذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله وقتل الآخر بقتلة أخرى ، ثم أمر بالغلام فقال : انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه من رأسه فانطلقوا به إلى ذلك الجبل فلما انتهوا به إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه منه جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ويتردّون حتى لم يبق منهم إلّا الغلام ، ثم رجع الغلام فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقوه فيه فانطلق به إلى البحر ففرق اللّه تعالى الذين كانوا معه وأنجاه اللّه تعالى ، فقال الغلام للملك : إنك لا تقتلني حتى تصلبني وترميني وتقول : بسم اللّه رب الغلام ، فأمر به فصلب ثم رماه وقال : بسم اللّه رب الغلام فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي ثم مات. فقال الناس : لقد علم هذا الغلام علما ما علمه أحد فإنا نؤمن برب هذا الغلام فقيل للملك : أجزعت إن خالفك ثلاثة فهذا العالم كلهم قد خالفوك فخدّ أخدودا ثم ألقى فيها الحطب والنار ثم جمع الناس فقال : من رجع عن دينه تركناه ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار ، فجعل يلقيهم في تلك الأخدود ، فقال : يقول اللّه تعالى قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ - حتى بلغ - الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ،
وفيه فأما الغلام فإنه دفن ثم أخرج فيذكر أنه خرج في زمن عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه وإصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل وفي بعض رواياته فجاءت امرأة بابن لها صغير فكأنها تقاعست أن تقع في النار فقال الصبي : يا أمه اصبري فإنك على الحق.
وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن نجيّ قال : شهدت عليا كرم اللّه تعالى وجهه وقد أتاه أسقف نجران فسأله عن أصحاب الأخدود فقص عليه القصة ، فقال عليّ كرم اللّه تعالى وجهه : أنا أعلم بهم منك بعث نبي من الحبش إلى قومه ثم قرأ رضي اللّه تعالى عنه وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ [غافر : 78] فدعاهم فتابعه الناس فقاتلهم فقتل أصحابه وأخذ فأوثق فانفلت فأنس إليه رجال فقاتلهم وقتلوا ، وأخذ فأوثق فخددوا أخدودا وجعلوا فيها النيران وجعلوا يعرضون الناس فمن تبع النبي رمي به فيها ومن تابعهم ترك. وجاءت امرأة في آخر من جاء ومعها صبي فجزعت فقال الصبي : يا أمه اصبري ولا تماري ، فوقعت
. وأخرج عبد بن حميد عنه كرم اللّه تعالى وجهه أنه قال : كان المجوس أهل كتاب وكانوا متمسكين بكتابهم وكانت الخمرة قد أحلت لهم فتناول منها ملك من ملوكهم فغلبته على عقله فتناول أخته أو ابنته فوقع عليها ، فلما ذهب عنه السكر ندم وقال لها : ويحك ما هذا الذي أتيت وما المخرج منه؟ قالت :
المخرج منه أن تخطب الناس فتقول : أيها الناس إن اللّه تعالى أحل نكاح الأخوات أو البنات ، فقال الناس جماعتهم معاذ اللّه تعالى أن نؤمن بهذا أو نقر به أو جاء به نبي أو نزل علينا في كتاب ، فرجع إلى صاحبته وقال : ويحك إن الناس قد أبوا عليّ ذلك ، قالت : إن أبوا عليك فابسط فيهم السوط فبسط فيهم السوط فأبوا أن يقروا ، قالت : فجرد فيهم السيف فأبوا أن يقروا ، قالت : فخدّ لهم الأخدود ثم أوقد فيها النيران فمن تابعك خل عنه فأخدّ لهم أخدودا وأوقد فيها النيران وعرض أهل مملكته على ذلك فمن أبى قذفه في النار ومن لم يأب خلى عنه. وقيل : وقع إلى نجران رجل ممن كان على دين عيسى عليه السلام فأجابوه فسار إليهم ذو نواس اليهودي بجنود من حيمر فخيّرهم بين النار واليهودية فأبوا فأحرق منهم اثني عشر ألفا في الأخاديد
وقيل سبعين ألفا ، وذكر أن طول الأخدود أربعون ذراعا وعرضه اثني عشر ذراعا ، ولاختلاف الأخبار في القصة اختلفوا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 299
في موضع الأخدود فقيل بنجران لهذا الخبر الأخير ، وقيل بأرض الحبشة لخبر ابن نجيّ السابق. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة عن علي كرم اللّه تعالى وجهه أنه كان بمذراع اليمن أي قراه وهذا لا ينافي كونه بنجران لأنه بلد باليمن
، وكذا اختلفوا في أصحاب الأخدود لذلك فحكي فيه ما يزيد على عشرة أقوال منها أنهم حبشة ، ومنها أنهم من النبط وروي عن عكرمة ، ومنها أنهم من بني إسرائيل وروي عن ابن عباس ، وأصح الروايات عندي في القصة ما قدمناه عن صهيب رضي اللّه تعالى عنه والجمع ممكن ، فقد قال عصام الدين : لعل جميع ما روي واقع والقرآن شامل له فلا تغفل. وقرأ الحسن وابن مقسم «قتّل» بالتشديد وهو مبالغة في لعنهم لعظم ما أتوا به وقد كان صلّى اللّه عليه وسلم على ما أخرج ابن أبي شيبة عن عوف وعبد بن حميد عن الحسن إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوذ من جهد البلاء.
النَّارِ بدل اشتمال من الأخدود والرابط مقدر أي فيه أو أقيم إلى مقام الضمير ، أو لأنه معلوم اتصاله به فلا يحتاج لرابط وكذا كل ما يظهر ارتباطه فيما قبل. وجوز أبو حيان كونه بدل كل من كل على تقدير محذوف أي أخدود النار وليس بذاك. وقرأ قوم «النّار» بالرفع فقيل على معنى قتلتهم النار كما في قوله تعالى يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ [النور : 36] على قراءة «يسبّح» بالبناء للمفعول وقوله :
ليبك يزيد ضارع لخصومة ويكون أصحاب الأخدود إذ ذاك المؤمنين وليس المراد بالقتل اللعن ، وجوز أن يراد بهم الكفرة والقتل على حقيقته بناء على ما قال الربيع بن أنس والكلبي وأبو العالية وأبو إسحاق من أن اللّه تعالى بعث على المؤمنين ريحا فقبضت أرواحهم وخرجت النار فأحرقت الكافرين الذي كانوا على حافتي الأخدود ، وأنت تعلم أن قول هؤلاء مخالف لقول الجمهور ولما دلت عليه القصص التي ذكروها فلا ينبغي أن يعول عليه ، وإن حمل القتل على حقيقته غير ملائم للمقام ولعل الأولى في توجيه هذه القراءة أن النَّارِ خبر مبتدأ محذوف أي هي أو هو النار ويكون الضمير راجعا على الأخدود وكونه النار خارج مخرج المبالغة كأنه نفس النار ذاتِ الْوَقُودِ وصف لها بعناية العظمة وارتفاع اللهب وكثرة ما يوجبه ووجه إفادته ذلك أنه لم يقل موقدة بل جعلت ذات وقود أي مالكته وهو كناية عن زيادته زيادة مفرطة لكثرة ما يرتفع به لهبها وهو الحطب الموقد به لأن تعريفه استغراقي وهي إذا ملكت كل موقود به عظم حريقها ولهبها وليس ذلك لأنه لا يقال ذو كذا إلّا لمن كثر عنده كذا لأنه غير مسلم ، وذو النون يأباه وكذا ذو العرش. وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو حيوة وعيسى «الوقود» بضم الواو وهو مصدر بخلاف مفتوحه فإنه ما يوقد به. وقد حكى سيبويه أنه مصدر كمضمونه. وقوله تعالى : إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ ظرف لقتل أي لعنوا حين أحدقوا بالنار قاعدين حولها في مكان قريب منها مشرفين عليها من حافات الأخدود كما في قول الأعشى :
تشب لمقرورين يصطليانها وباب على النار الندى والمحلق
وقيل الكلام بتقدير مضاف أي على حافاتها أو نحوه ، والجمهور على أن المراد ذلك من غير تقدير وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ أي يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأن أحدا لم يقصر فيما أمر به ، أو يشهدون عنده على حسن ما يفعلون واشتماله على الصلاح ما قيل أو يشهد بعضهم على بعض بذلك الفعل الشنيع يوم القيامة ، أو يشهدون على أنفسهم بذلك يوم تشهد عليهم جوارحهم بأعمالهم. وقيل عَلى بمعنى مع والمعنى وهم مع ما يفعلون بالمؤمنين من العذاب حضور لا يرقّون لهم لغاية قسوة قلوبهم ، ومن زعم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 300
أن اللّه تعالى نجّى المؤمنين وإنما أحرق سبحانه الكافرين يقول هنا المراد وهم على ما يريدون فعله بالمؤمنين شهود ، وأيّا ما كان ففي المؤمنين تغليب والمراد بِالْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ومن الغريب الذي لا يلتفت إليه ما قيل إن أصحاب الأخدود عمرو بن هند المشهور بمحرق ومن معه حرق مائة من بني تميم وضمير هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ لكفار قريش الذين كانوا يفتنون المؤمنين والمؤمنات وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ أي ما أنكروا منهم وما عابوا. وفي مفردات الراغب يقال : نقمت الشيء إذا أنكرته بلسانك أو بعقوبة. وقرأ زيد بن علي وأبو حيوة وابن أبي عبلة «وما نقموا» بكسر القاف والجملة عطف على الجملة الاسمية وحسن ذلك على ما قيل كون تلك الاسمية لوقوعها في حيز إذ ماضوية فكان العطف عطف فعلية على فعلية. وقيل إن هذه الفعلية بتقدير وهم ما نقموا منهم إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ استثناء مفصح عن براءتهم عما يعاب وينكر بالكلية على منهاج قوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
وكون الكفرة يرون الإيمان أمرا منكرا والشاعر لا يرى الفلول كذلك لا يضر على ما أرى في كون ذلك منه عز وجل جاريا على ذلك المنهاج من تأكيد المدح بما يشبه الذم ، ثم إن القوم إن كانوا مشركين فالمنكر عندهم ليس هو الإيمان باللّه تعالى بل نفي ما سواه من معبوداتهم الباطلة وإن كانوا معطّلة فالمنكر عندهم ليس إلّا إثبات معبود غير معهود لهم لكن لما كان مآل الأمرين إنكار المعبود بحق الموصوف بصفات الجلال والإكرام عبر بما ذكر مفصحا عما سمعت فتأمل. ولبعض الأعلام كلام في هذا المقام قد رده الشهاب فإن أردته فارجع إليه. وفي المنتخب إنما قال سبحانه إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا لأن التعذيب إنما كان واقعا على الإيمان في المستقبل ولو كفروا فيه لم يعذبوا على ما مضى فكأنه قال عز وجل : إلّا أن يدوموا على إيمانهم انتهى.
وكأنه حمل النقم على الإنكار بالعقوبة ، ووصفه عز وجل بكونه عزيزا غلبا يخشى عقابه وحميدا منعما يرجى ثوابه ، وتأكيد ذلك بقوله سبحانه الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ للإشعار بمناط إيمانهم. وقوله تعالى وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وعد لهم ووعيد لمعذبيهم فإن علم اللّه جل شأنه الجامع لصفات الجلال والجمال بجميع الأشياء التي من جملتها أعمال الفريقين يستدعي توفير جزاء كل منهما ولكونه تذييلا لذلك واللائق به الاستقلال جيء فيه بالاسم الجليل دون الضمير إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي محنوهم في دينهم ليرجعوا عنه والمراد بالذين فتنوا وبالمؤمنين والمؤمنات المفتونين ، أما أصحاب الأخدود والمطروحون فيه خاصة وأما الأعم ، ويدخل المذكورون دخولا أوليا وهو الأظهر. وقيل : المراد بالموصول كفار قريش الذين عذبوا المؤمنين والمؤمنات من هذه الأمة بأنواع من العذاب وقوله تعالى ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا قال ابن عطية : يقوي أن الآية في قريش لأن هذا اللفظ فيهم أحكم منه في أولئك الذين قد علم أنهم ماتوا على كفرهم ، وأما قريش فكان فيهم وقت نزولها من تاب وآمن ، وأنت تعلم أن هذا على ما فيه لا يعكر على أظهرية العموم والظاهر أن المراد ثم لم يتوبوا من فتنهم فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ أي بسبب فتنهم ذلك وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ وهو نار أخرى زائدة الإحراق كما تنبىء عنه صيغة فعيل لعدم توبتهم ومبالاتهم بما صدر منهم. وقال بعض الأجلة : أي فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ بسبب كفرهم فإن فعلهم ذلك لا يتصور من غير الكافر وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ بسبب فتنهم المؤمنين والمؤمنات وفي جعل ذلك جزاء الفتن من الحسن ما لا يخفى.
وتعقب بأن عنوان الكفر لم يصرح به في جانب الصلة وإنما المصرح به الفتن وعدم التوبة فالأظهر اعتبارهما

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 301
سببين في جانب الخبر على الترتيب ، وقيل : أي فلهم جهنم في الآخرة ولهم عذاب الحريق في الدنيا بناء على ما روي عن الربيع ومن سمعت أن النار انقلبت عليهم فأحرقتهم وقد علمت حاله وتعقبه أبو حيان بأن ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا يأبى عنه لأن أولئك المحرقين لم ينقل لنا أن أحدا منهم تاب بل الظاهر أنهم لم يلعنوا إلّا وهم قد ماتوا على الكفر وفيه نظر ، وعليه إنما أخر وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ ورعاية للفواصل أو للتتميم والترديف كأنه قيل ذلك وهو العقوبة العظمى كائن لا محالة وهذا أيضا لا يتجاوزونه. وفي الكشف الوجه أن عذاب جهنم وعذاب الحريق واحد وصف بما يدل على أنه للمعبودين جدا عن رحمته عز وجل ، وعلى أنه عذاب هو محض الحريق وهو الحرق البالغ وكفى به عذابا. والظاهر أنه اعتبر الحريق مصدرا والإضافة بيانية ولا بأس بذلك إلّا أن الوحدة التي ادعاها خلاف ظاهر العطف. وقال بعضهم : لو جعل من عطف الخاص على العام للمبالغة فيه لأن عذاب جهنم بالزمهرير والإحراق وغيرهما كان أقرب ، ولعل ما ذكرناه أبعد عن القال والقيل. وجملة فَلَهُمْ عَذابُ إلخ وقعت خبرا لأن أو الخبر الجار والمجرور وعذاب مرتفع به على الفاعلية وهو الأحسن والفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط ولا يضر نسخه بأن وإن زعمه الأخفش. واستدل بالآية على بعض أوجهها على أن عذاب الكفار يضاعف بما قارنه من المعاصي.
[سورة البروج (85) : الآيات 11 إلى 22]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)
فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (16) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (20)
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ على الإطلاق من المفتونين وغيرهم لَهُمْ بسبب ما ذكر من الإيمان والعمل الصالح جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إن أريد بالجنات الأشجار فجريان الأنهار من تحتها ظاهر ، وإن أريد بها الأرض المشتملة عليها فالتحتية باعتبار جزئها الظاهر فإن أشجارها ساترة لساحتها كما يعرب عنه اسم الجنة وفصل الجملة ، قيل لأنها كالتأكيد لما أشعرت به الآية قبل من اختصاص العذاب بالذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا ذلِكَ إشارة إلى كون ما ذكر لهم وحيازتهم إياه وقيل للجنات الموصوفة والتذكير لتأويلها بما ذكر وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو الدرجة وبعد المنزلة في الفضل والشرف ومحله الرفع على الابتداء خبره الْفَوْزُ الْكَبِيرُ الذي يصغر عنده الفوز بالدنيا وما فيها من الرغائب والفوز النجاة من الشر والظفر بالخير فعلى الوجه الثاني في الإشارة هو مصدر أطلق على المفعول مبالغة وعلى الأول مصدر على حاله إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ استئناف خوطب به النبي صلّى اللّه عليه وسلم إيذانا بأن لكفار قومه نصيبا موفورا من مضمونه كما ينبىء عنه التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام والبطش الآخذ بصولة وعنف وحيث وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم وهو بطشه عز وجل بالجبابرة والظلمة ، وأخذه سبحانه إياهم بالعذاب والانتقام إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ أي إنه عز وجل هو يبدأ الخلق بالإنشاء وهو سبحانه يعيده بالحشر يوم القيامة كما قال ابن زيد والضحاك ، أو يبدىء كل ما يبدي ويعيد كل ما يعاد كما قال ابن عباس من غير دخل لأحد في شيء منهما ، ومن كان كذلك كان بطشه في غاية الشدة.
أو يبدىء البطش بالكفرة في الدنيا ثم يعيده في الآخرة وعلى الوجهين الجملة في موضع التعليل لما سبق

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 302
ووجهه على الثاني ظاهر وعلى الأول قد أشرنا إليه ، وقيل : وجهه عليه أن الإعادة للمجازاة فهي متضمنة للبطش وليس بذاك. وعن ابن عباس يبدىء العذاب بالكفار ويعيده عليهم فتأكلهم النار حتى يصيروا فحما ثم يعيدهم عز وجل خلقا جديدا وفيه خفاء وإن كان أمر الجملة عليه في غاية الظهور. واستعمال يبدىء مع يعيد حسن وإن لم يسمع أبدا كما بين في محله. وحكى أبو زيد أنه قرىء «يبدأ» من بدأ ثلاثيا وهو المسموع لكن القراءة بذلك شاذة وَهُوَ الْغَفُورُ لمن يشاء من المؤمنين وقيل لمن تاب وآمن والتخصيص عند من يرى رأي أهل السنة إما لمناسبة مقام الإنذار أو لما في صيغة الغفور من المبالغة فأصل المغفرة لا يتوقف على التوبة وزيادتها بها لا يعلمه إلّا اللّه تعالى للتائبين الْوَدُودُ المحب كثيرا لمن أطاع ففعول صيغة مبالغة في الواد اسم فاعل ومحبة اللّه تعالى ومودته عند الخلف بإنعامه سبحانه وإكرامه جل شأنه ، ومن هنا فسر الودود بكثير الإحسان ، وعن ابن عباس أي المتودد إلى عباده تعالى شأنه بالمغفرة. وقيل : هو فعول بمعنى مفعول كركوب وحلوب أي يوده ويحبه سبحانه عباده الصالحون وهو خلاف الظاهر. وحكى المبرد عن القاضي إسماعيل بن إسحاق أن الودود هو الذي لا ولد له ، وأنشد قوله :
وأركب في الروع عريانة ذلول الجماح لقاحا ودودا
أي لا ولد لها تحن إليه وحمله مع الغفور على هذا المعنى غير مناسب كما لا يخفى ذُو الْعَرْشِ أي صاحبه والمراد مالكه أو خالقه وهو أعظم المخلوقات. وعن عليّ كرم اللّه تعالى وجهه : لو جمعت مياه الدنيا ومسح بها سطح العرش الذي يلينا لما استوعب منه إلّا قليل.
وجاء في الأخبار من عظمه ما يبهر العقول. وقال القفال ذُو الْعَرْشِ ذو الملك والسلطان كأنه جعل العرش بمعنى الملك بطريق الكناية والتجوز ، وجوز أن يبقى العرش على حقيقته ويراد بذي العرش الملك لأن ذا العرش لا يكون إلا ملكا. وقرأ ابن عامر في رواية «ذي العرش» بالياء على أنه صفة ل رَبِّكَ وحينئذ يكون قوله تعالى إِنَّهُ هُوَ إلخ جملة معترضة لا يضر الفصل بها بين الصفة والموصوف ، وكذا لا يضر الفصل بينهما بخبر المبتدأ لأنه ليس بأجنبي فإن الموصوف هنا من تتمة المبتدأ. وقد قال ابن مالك في التسهيل : يجوز الفصل بين التابع والمتبوع بما لا يتمحض مباينته. نعم قال ابن الحاجب الفصل بين الصفة والموصوف بخبر المبتدأ شاذ كما في قوله :
وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلّا الفرقدان
الْمَجِيدُ العظيم في ذاته عز وجل وصفاته سبحانه فإنه تعالى شأنه واجب الوجوب تام القدرة كامل الحكمة. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن وثاب والأعمش والمفضل عن عاصم والأخوان «المجيد» بالجر صفة للعرش ومجده علوه وعظمته وحسن صورته وتركيبه ، فإنه قيل العرش أحسن الأجسام صورة وتركيبا وليس من مجده كون الحوادث الكونية بتوسط أوضاعه كما يزعمه المنجمون فإن ذلك باطل شرعا وعقلا على ما تقتضيه أصولهم. وجاز على قراءة «ذي العرش» بالياء أن يكون صفة ل ذي وجوز كونه صفة ل رَبِّكَ وليس بذلك لأن الأصل عدم الفصل بين التابع والمتبوع فلا يقال به ما لم يتعين فَعَّالٌ لما يريد بحيث لا يتخلف عن إرادته تعالى من أفعاله سبحانه وأفعال غيره عز وجل فما للعموم وفي التنكير من التفخيم ما لا يخفى وفيه رد ظاهر على المعتزلة في قولهم إنه سبحانه وتعالى إيمان الكافر وطاعة العاصي ويتخلفان عن إرادته سبحانه والمرفوعات كلها على ما استحسنه أبو حيان أخبار لهو في قوله تعالى هُوَ الْغَفُورُ وجوز أن يكون الْوَدُودُ وذُو الْعَرْشِ والْمَجِيدُ صفات ل (غفور) ومن لم يجوز تعدد الخبر لمبتدأ واحد يقول بذلك أو بتقدير مبتدءات للمذكورات. وأطلق الزمخشري القول بأن فَعَّالٌ خبر لمبتدأ محذوف أي هو

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 303
فعال فقال صاحب الكشف إنما لم يحمله على أنه خبر السابق أعني هو في قوله تعالى هُوَ الْغَفُورُ لأن قوله سبحانه فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ تحقيق للصفتين البطش بالأعداء والغفر والود للأولياء ، ولو حمل عليه لفاتت هذه النكتة اه. وهو تدقيق لطيف.
وقوله تعالى هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ استئناف فيه تقرير لكونه تعالى فعالا لما يريد وكذا لشدة بطشه سبحانه بالظلمة العصاة والكفرة العتاة وتسلية له صلّى اللّه عليه وسلم بالإشعار بأنه سيصيب كفرة قومه ما أصاب الجنود وهو جمع جند يقال للعسكر اعتبارا بالغلظة من الجند أي الأرض الغليظة وكذا للأعوان ، ويقال لصنف من الخلق على حدة وكذا لكل مجتمع والمراد ب الْجُنُودِ هاهنا الجماعات الذين تجندوا على أنبياء اللّه تعالى عليهم السلام واجتمعوا على أذيتهم فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بدل من الْجُنُودِ بدل كل من كل على حذف مضاف أي جنود فرعون أو على أن يراد بفرعون هو وقومه ، واكتفى بذكره عنهم لأنهم أتباعه. وقيل :
البدل هو المجموع لا كل من المتعاطفين وهو خلاف الظاهر. وقال السمين : يجوز كونه منصوبا بأعني لأنه لما لم يطابق ما قبله وجب قطعه ، وتعقب بأنه تفسير للجنود حينئذ فيعود الإشكال. وأجيب بأن المفسر حينئذ المجموع وليس اعتباره مع أعني كاعتباره مع الإبدال والمراد بحديثهم ما صدر عنهم من التمادي في الكفر والضلال وما حل بهم من العذاب والنكال ، والمعنى قد أتاك حديثهم وعرفت ما فعلوا وما فعل بهم فذكر قومك بأيام اللّه تعالى وشؤونه سبحانه ، وأنذرهم أن يصيبهم مثل ما أصاب أمثالهم وقوله تعالى بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا أي من قومك فِي تَكْذِيبٍ إضراب انتقالي عن مماثلتهم لهم وبيان لكونهم أشد منهم في الكفر والطغيان كما ينبىء عنه العدول عن يكذبون إلى فِي تَكْذِيبٍ المفيد لإحاطة التكذيب بهم إحاطة الظرف بمظروفه أو البحر بالغريق فيه مع ما في تنكيره من الدلالة على تعظيمه وتهويله. فكأنه قيل : ليسوا مثلهم بل هم أشد منهم فإنهم غرقى مغمورون في تكذيب عظيم للقرآن الكريم فهم أولى منهم في استحقاق العذاب ، أو كأنه قيل :
ليست جنايتهم مجرد عدم التذكر والاتعاظ بما سمعوا من حديثهم بل هم مع ذلك في تكذيب عظيم للقرآن الناطق بذلك وكونه قرآنا من عند اللّه تعالى مع وضوح أمره وظهور حاله بالبينات الباهرة وقوله تعالى وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ جوز أن يكون اعتراضا تذليليا وأن يكون حالا من الضمير في الجار والمجرور السابق ، والكلام تمثيل لعدم نجاتهم من بأس اللّه تعالى بعدم فوت المحاط المحيط كما قال غير واحد ، وكان المعنى أنه عز وجل عالم بهم وقادر عليهم وهم لا يعجزونه ولا يفوتونه سبحانه وتعالى. وذكر عصام الدين أن في ذلك تعويضا وتوبيخا للكفار بأنهم نبذوا اللّه سبحانه وراء ظهورهم وأقبلوا على الهوى والشهوات بكليتهم ولعل ذلك من العدول عن ربهم إلى من ورائهم.
وقوله تعالى بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ رد لكفرهم وإبطال لتكذيبهم وتحقيق للحق أي بل هو كتاب شريف عالي الطبقة فيما بين الكتب الإلهية في النظم والمعنى لا يحق تكذيبه والكفر به. وقيل : إضراب وانتقال عن الإخبار بشدة تكذيبهم وعدم ارعوائهم عنه إلى وصف القرآن للإشارة إلى أنه لا ريب فيه ولا يضره تكذيب هؤلاء ، والأول أولى. وزعم بعضهم أن الإضراب الأول عن قصة فرعون وثمود إلى جميع الكفار والمعنى عليه أن جميع الكفار في تكذيب ولم يكن نبي فارغا عن تكذيبهم واللّه تعالى لا يهمل أمرهم ، وفيه من تسليته صلّى اللّه عليه وسلم ما فيه ويبعده إرداف ذلك بهذا الإضراب. وقرأ ابن السميفع «قرآن مجيد» بالإضافة قال ابن خالويه :
سمعت ابن الأنباري يقول : معناه بل هو قرآن رب مجيد كما قال الشاعر :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 304
ولكن للغنى رب غفور أي غنى رب غفور وقال ابن عطية : قرأ اليماني بالإضافة على أن يكون المجيد هو اللّه تعالى وهو محتمل للتقدير وعدمه ، وجوز أن يكون من إضافة الموصوف لصفته قال أبو حيان : وهذا أولى لتوافق القراءتين فِي لَوْحٍ أي كائن في لوح مَحْفُوظٍ أي ذلك اللوح من وصول الشياطين إليه وهذا هو اللوح المحفوظ المشهور وهو على ما روي عن ابن عباس والعهدة على الراوي لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض ، وعرضه ما بين المشرق والمغرب ، وحافتاه الدر والياقوت ، ودفتاه ياقوتة حمراء ، وقلمه نور وهو معقود بالعرش ، وأصله في حجر مالك يقال له ساطريون للّه عز وجل فيه في كل يوم ثلاثمائة وستون لحظة يحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء ، وأنه كتب في صدره لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله ، فمن آمن باللّه عز وجل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة. وقال مقاتل : إن اللوح المحفوظ عن يمين العرش وجاء فيه إخبار غير ذلك ونحن نؤمن به ولا يلزمنا البحث عن ماهيته وكيفية كتابته ونحو ذلك. نعم نقول إن ما يزعمه بعض الناس من أنه جوهر مجرد ليس في حيّز وإنه كالمرآة للصور العليّة مخالف لظواهر الشريعة وليس له مستند من كتاب ولا سنة أصلا. وقرأ ابن يعمر وابن السميفع «لوح» بضم اللام ، وأصله في اللغة الهواء والمراد به هنا مجازا ما فوق السماء السابعة. وقرأ الأعرج وزيد بن علي وابن محيصن ونافع بخلاف عنه «محفوظ» بالرفع على أنه صفة لقرآن وفِي لَوْحٍ قيل متعلق به ، وقيل صفة أخرى لقرآن.
وتعقب بأن فيه تقديم الصفة المركبة على المفردة وهو خلاف الأصل والمعنى عليه قيل محفوظ بعد التنزيل من التغيير والتبديل والزيادة والنقص كما قال سبحانه إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر : 9] وقيل محفوظ في ذلك اللوح عن وصول الشياطين إليه واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 305
سورة الطّارق
مكية بلا خلاف وهي سبع عشرة آية على المشهور وفي التيسير ست عشرة ، ولما ذكر سبحانه فيما قبلها تكذيب الكفار للقرآن نبه تعالى شأنه هنا على حقارة الإنسان ثم استطرد جل وعلا منه إلى وصف القرآن ثم أمر سبحانه نبيه صلّى اللّه عليه وسلم بإمهال أولئك المكذبين فقال عز قائلا :
[سورة الطارق (86) : الآيات 1 إلى 17]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (1) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (4)
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (7) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (9)
فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (10) وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (14)
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. وَالسَّماءِ هي المعروفة على ما عليه الجمهور ، وقيل المطر هنا وهو أحد استعمالاتها ومنه قوله :
إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
ولا يخفى حاله والطَّارِقِ وهو في الأصل اسم فاعل من الطرق بمعنى الضرب بوقع أشده يسمع لها صوت ومنه المطرقة والطريق لأن السابلة تطرقها ، ثم صار في عرف اللغة اسما لسالك الطريق لتصور أنه يطرقها بقدمه واشتهر فيه حتى صار حقيقة ثم اختص بالآتي ليلا لأنه في الأكثر يجد الأبواب مغلقة فيطرقها ، ثم اتسع في كل ما يظهر بالليل كائنا ما كان حتى الصور الخيالية البادية فيه والعرب تصفها بالطروق كما في قوله :
طرق الخيال ولا كليلة مدلج سدكا «1» بأرحلنا ولم يتعرج
والمراد به هاهنا عند الجمهور الكوكب البادي بالليل إما على أنه اسم جنس أو كوكب معهود كما ستعلمه إن شاء اللّه تعالى. وقوله تعالى وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ تنويه بشأنه إثر تفخيمه بالإقسام وتنبيه على أن
___________
(1) سدكا بفتح فكسر أي مونعا اه منه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 306
رفعة قدره بحيث لا ينالها إدراك الخلق فلا بد من تلقيها من الخلاق العليم ف ما الأولى مبتدأ وأَدْراكَ خبره وما الثانية خبر والطَّارِقُ مبتدأ على ما اختاره بعض المحققين أي أي شيء أعلمك ما الطارق.
وقوله سبحانه النَّجْمُ الثَّاقِبُ خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف وقع جوابا عن استفهام نشأ عما قبل كأنه قيل : ما هو؟ فقيل : هو النجم إلخ والثَّاقِبُ في الأصل الخارق ثم صار بمعنى المضيء لتصور أنه يثقب الظلام ، وقد يخص بالنجوم والشهب لذلك. وتصور أنها ينفذ ضوءها في الأفلاك ونحوها. وقال الفراء الثَّاقِبُ المرتفع ، يقال : ثقب الطائر أي ارتفع وعلا ، والمراد بالنجم الثاقب الجنس عند الحسن فإن لكل كوكب ضوءا ثاقبا لا محالة وكذا كل كوكب مرتفع ولا يضرب التفاوت في ذلك ، وذهب غير واحد إلى أن المراد به معهود ، فعن ابن عباس أنه الجدي. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه الثريا وهو الذي تطلق العرب عليه اسم النجم ، وروي عنه أيضا أنه زحل وهو أبعد السيارات وأرفعها وما يثقبه ضوؤه من الأفلاك أكثر فيما يزعم المنجمون المتقدمون ، وإنما قلنا أبعد السيارات لأن الجدي والثريا عندهم أبعد منه بكثير وكذا عند المحدثين وعن الفراء أنه القمر لأنه آية الليل وأشد الكواكب ضوءا فيه وهو زمان سلطانه ، وأنت تعلم أن إطلاق النجم عليه ولو موصوفا غير شائع وقيل هو النجم الذي يقال له كوكب الصبح. وعن علي كرم اللّه تعالى وجهه أنه نجم في السماء السابعة لا يسكنها فميّزه فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة فهو طارق حين ينزل وطارق حين يصعد
،
ولا يخفى أن المعروف أن الذي يسكن السماء السابعة أعني الفلك السابع وحده هو زحل فيكون ذلك قولا بأن النجم الثاقب هو لكن لا يعرف له نزول ولا صعود بالمعنى المتبادر وأيضا لا يعقل له نزول إلى حيث تكون النجوم أعني الثوابت لأن المعروف عندهم أنها في الفلك الثامن ويجوز عقلا أن يكون بعضها في أفلاك فوق ذلك بل نص المحدثون لما قام عندهم على تفاوتها في الارتفاع ولم يشكوا في أن كثيرا منها أبعد من زحل بعدا عظيما وإذا اعتبرت الظواهر وقلنا بأنها في السماء الدنيا وإن تفاوتت في الارتفاع فذلك أيضا مما يأباه أن النجوم قد تأخذ أمكنتها من السماء وليس معها زحل. وبالجملة ما يعكر على هذا الخبر كثير وكونه كرم اللّه تعلى وجهه أراد كوكبا آخر هذا شأنه لا يخفى حاله والذي يقتضيه الإنصاف وترك التعصب أن الخبر مكذوب على الأمير رضي اللّه تعالى عنه وكرم وجهه ، وجوز على إرادة الجنس أن يراد به جنس الشهب التي يرجم بها وليس بذاك وما
روي أن أبا طالب كان عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فانحط نجم فامتلأ ماء ثم نور ففزع أبو طالب فقال : أي شيء هذا؟
فقال عليه الصلاة والسلام : «هذا نجم رمي به وهو آية من آيات اللّه تعالى» فعجب أبو طالب فنزلت
لا يقتضي ذلك على ما لا يخفى. وزعم ابن عطية أن المراد ب الطَّارِقِ جميع ما يطرق من الأمور والمخلوقات فيعم النجم الثاقب وغيره ، ويكون معنى وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ حق الطارق بأن تكون أل في مَا الطَّارِقُ مثلها في أنت الرجل وما أدري ما الطارق على هذا الرجل حتى ركب هذا الطريق الوعر في التفسير وفي إيراد ذلك عند الإقسام به بوصف مشترك بينه وبين غيره ثم الإشارة إلى أن ذلك الوصف غير كاشف عن كنه أمره وأن ذلك مما لا يبلغه أفكار الخلائق ، ثم تفسيره بالنجم الثاقب من تفخيم شأنه وإجلال محله ما لا يخفى على ذي نظر ثاقب ، ولإرادة ذلك لم يقل ابتداء والنَّجْمُ الثَّاقِبُ مع أنه أخصر وأظهر وللّه عز وجل أن يفخم شأن ما شاء من خلقه لما شاء ولا دلالة فيه هاهنا على شيء مما يزعمه المنجمون في أمر النجوم زحل وغيره من التأثير في سعادة أو شقاوة أو نحوهما وجواب القسم قوله تعالى.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 307
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ وما بينهما اعتراض جيء به لما ذكر من تأكيد فخامة المقسم به المستتبع لتأكيد مضمون الجملة المقسم عليها ، وقيل جوابه قوله سبحانه إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ وما في البين اعتراض وهو كما ترى وإِنْ نافية ولَمَّا بمعنى إلّا ومجيئها كذلك لغة مشهورة كما نقل أبو حيان عن الأخفش في هذيل وغيرهم يقولون : أقسمت عليك أو سألتك لما فعلت كذا يريدون إلا وفعلت ، وبهذا رد على الجوهري المنكر لذلك. وقال الرضي : لا تجيء إلّا بعد نفي ظاهر أو مقدر ولا تكون إلا في المفرغ أي بخلاف. إلّا وكُلُّ لتأكيد العموم لتحقق أصله من وقوع النكرة في سياق النفي وهو مبتدأ والخبر على المشهور حافِظٌ وعَلَيْها متعلق به وعلى ما سمعت عن الرضي محذوف أي ما كل نفس كائنة في حال من الأحوال إلا في حال أن يكون عليها حافظ أي مهيمن ورقيب وهو اللّه عز وجل كما في قوله تعالى وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً [الأحزاب : 52].
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
وقيل : هو من يحفظ عملها من الملائكة عليهم السلام ويحصي عليها ما تكسب من خير أو شر كما في قوله تعالى وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ [الانفطار : 10 ، 11] الآية. وروي ذلك عن ابن سيرين وقتادة وغيرهما وخصصوا النفس بالمكلفة ، وقيل : هو ومن وكل على حفظها والذب عنها من الملائكة كما في قوله تعالى لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد : 11] وعن أبي أمامة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : «وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبّون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب ، ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين».
وقيل : هو العقل يرشد المرء إلى مصالحه ويكفه عن مضاره.
وقرأ الأكثر لما بالتخفيف ، فعند الكوفيين إِنْ نافية كما سبق واللام بمعنى إلّا ، وما زائدة. وصرحوا هنا بأن كُلُّ وحافِظٌ مبتدأ وخبر فلا تغفل. وعند البصريين إن مخففة من الثقيلة وكُلُّ مبتدأ و(ما) زائدة واللام هي الداخلة للفرق بين إن النافية وإن المخففة وحافِظٌ خبر المبتدأ وعَلَيْها متعلق به وقدر لأن ضمير الشأن وتعقب بأنه لا حاجة إليه لأنه في غير المفتوحة ضعيف لعدم العمل مع أنه مخل بإدخال اللام الفارقة لأنه إذا كان الخبر جملة فالأولى إدخال اللام على الجزء الأول كما صرح به في التسهيل ، وإدخالها على الجزء الثاني كما صرح به بعض الأفاضل في حواشيه عليه ، ولعل من قال أي إن الشأن كل نفس لعليها حافظ لم يرد تقدير الضمير وإنما أراد بيان حاصل المعنى. وحكى هارون أنه قرىء «إنّ» بالتشديد «وكلّ» بالنصب و«لما» بالتخفيف فاللام هي الداخلة في خبر «إن» و«ما» زائدة وعلى جميع القراءات أمر الجوابية ظاهر لوجود ما يتلقى به القسم وتلقيه بالمشددة مشهور وبالمخففة تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ [الصافات : 56] وبالنافية وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما [فاطر : 41] وقوله تعالى فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ متفرع على ما قبله وليست الفاء بفصيحة خلافا للطيبي إذ لا يحتاج إلى حذف في استقامة الكلام إما على تقدير أن يكون الحافظ هو اللّه عز وجل أو الملك الذي وكله تعالى شأنه للحفظ على الوجه الذي سمعت فلأنه لما أثبت سبحانه أن عليه رقيبا منه تعالى حثه على النظر المعرف لذلك مع أوصافه ، كأنه قيل فليعرف المهيمن عليه بنصبه الرقيب أو بنفسه ، وليعلم رجوعه إليه تعالى ، وليفعل ما يسر به حال الرجوع.
وعبر عن الأول بقوله تعالى فَلْيَنْظُرِ ليبين طريقه المعرفة فهو بسط فيه إيجاز وأدمج فيه الأخيران وإما على تقدير أن يكون المراد به العقل فلأنه لما أثبت سبحانه أن له عقلا يرشد إلى المصالح ويكف عن المضار حثه على استعماله فيما ينفعه وعدم تعطليه وإلغائه كأنه قيل : فلينظر بعقله وليتفكر به في مبدأ خلقه حتى يتضح له قدرة واهبه وأنه إذا قدر

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 308
على إنشائه من مواد لم تشم رائحة الحياة قط فهو سبحانه على إعادته أقدر وأقدر فيعمل بما يسر به حين الإعادة وقد يقرر التفريع على جميع الأوجه بنحو واحد فتأمل ومِمَّ خُلِقَ استفهام ومن متعلقة بخلق والجملة في موضع نصب بينظر وهي معلقة بالاستفهام.
وقوله تعالى خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ استئناف وقع جوابا عن استفهام مقدر كأنه قيل : مم خلق؟ فقيل خُلِقَ مِنْ ماءٍ إلخ وظاهر كلام بعض الأجلّة أنه جواب الاستفهام المذكور مع تعلق الجار بينظر. وفيه مسامحة ، وكأن المراد أنه على صورة الجواب وجعله جوابا له حقيقة على أنه مقطوع عن ينظر ليس بشيء عند من له نظر. والدفق صب فيه دفع وسيلان بسرعة ، وأريد بالماء الدافق المني ، ودافِقٍ قيل بمعنى مدفوق على تأويل اسم الفاعل بالمفعول. وقد قرأ بذلك زيد بن علي رضي اللّه تعالى عنهما. وقال الخليل وسيبويه هو على النسب كلابن وتامر أي ذي دفق وهو صادق على الفاعل والمفعول. وقيل : هو اسم فاعل وإسناده إلى الماء مجاز وأسند إليه ما لصاحبه مبالغة أو هو استعارة مكنية وتخييلية كما ذهب إليه السكاكي أو مصرحة بجعله دافقا لأنه لتتابع قطراته كأنه يدفق أي يدفع بعضه بعضا. وقد فسر ابن عطية الدفق بالدفع ، فقال : الدفق دفع الماء بعضه ببعض يقال : تدفق الوادي والسيل إذا جاء يركب بعضه بعضا ويصح أن يكون الماء دافقا لأن بعضه يدفع بعضا فمنه دافق ومنه مدفوق ، وتعقبه أبو حيان بأن الدفق بمعنى الدفع غير محفوظ في اللغة بل المحفوظ أنه الصب ، ونقل عن الليث أن دفق بمعنى انصبّ بمرة فدافق بمعنى منصب فلا حاجة إلى التأويل ، وتعقب بأنه مما تفرد به الليث كما في القاموس وغيره وقيل : من ماء مع أن الإنسان لا يخلق إلّا من ماءين ماء الرجل وماء المرأة ، ولذا كان خلق عيسى عليه السلام خارقا للعادة لأن المراد به الممتزج من الماءين في الرحم وبالامتزاج صارا ماء واحدا ، ووصفه بالدفق قيل باعتبار أحد جزأيه وهو مني الرجل ، وقيل باعتبار كليهما ومني المرأة دافق أيضا إلى الرحم ويشير إلى إرادة الممتزج على ما قيل.
قوله تعالى : يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ أي من بين أجزاء صلب كل رجل أي ظهره وَالتَّرائِبِ أي ومن بين ترائب كل امرأة أي عظام صدرها جمع تريبة ، وفسرت أيضا بموضع القلادة من الصدر. وروي عن ابن عباس وهو لكل امرأة واحد إلا أنه يجمع كما في قوله امرئ القيس :
مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل
باعتبار ما حوله على ما في البحر وجاء في المفرد تريب كما في قول المثقب العبدي :
ومن ذهب يبين على تريب كلون العاج ليس بذي غضون
وحمل الآية على ما ذكر مروي عن سفيان وقتادة إلّا أنهما قالا : أي يخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وظاهره كالآية أن أحد الطرفين للبينية الصلب والآخر الترائب وهو غير ما قلناه ، وعليه قيل : هو كقولك يخرج من بين زيد وعمرو خير كثير على معنى أنهما سببان فيه ، وقيل إن ذلك باعتبار أن الرجل والمرأة يصيران كالشيء الواحد فكان الصلب والترائب لشخص واحد فلا تغفل. ثم إن ما تقدم مبني إما على أن الترائب مخصوصة بالمرأة كما هو ظاهر كلام غير واحد ، وإما على حمل تعريفها على العهد وقال الحسن وروي عن قتادة أيضا : أن المعنى يخرج من بين صلب كل واحد من الرجل والمرأة وترائب كل منهما ، ولم يفسر الترائب فقيل عظام الصدر ، وقيل ما بين الثديين ، وقيل ما بين المنكبين والصدر ، وقيل التراقي ، وقيل أربع أضلاع من يمنة الصدر وأربع من يسرته. وعن ابن جبير الأضلاع التي هي أسفل الصلب وحكى مكي عن

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 309
ابن عباس أنها أطراف المرء رجلاه ويداه وعيناه والأشهر أنها عظام الصدر وموضع القلادة منه ، وطعن في ذلك على ما قال الإمام بعض الملاحدة خذلهم اللّه تعالى بأن المني إنما يتولد من فضلة الهضم الرابع وينفصل من جميع أجزاء البدن فيأخذمن كل عضو طبيعة وخاصية مستعدا لأن يتولد منه تلك الأعضاء وإن كان المراد أن معظم أجزاء المني تتولد في ذينك الموضعين فهو ضعيف لأن معظمه إنما يتولد في الدماغ ألا ترى أنه في صورته يشبه الدماغ والمكثر منه يظهر الضعف أولا في دماغه وعينيه وإن كان المراد أن مستقره هناك فهو ضعيف أيضا لأن مستقره عروق يلتف بعضها بالبعض عند البيضتين وتسمى أوعية المني وإن كان المراد أن مخرجه هناك فهو أيضا كذلك لأن الحس يدل على خلافه. وأجاب رحمه اللّه تعالى بأن لا شك أن أعظم الأعضاء معونة في توليد المني الدماغ وخليفته النخاع في الصلب وشعب نازلة إلى مقدم البدن وهي التربية فلذا خصّا بالذكر على أن كلامهم في أمر المني وتولده محض الوهم والظن الضعيف وكلام اللّه تعالى المجيد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو المقبول والمعول عليه ا ه. وفي الكشف أقول النخاع بين الصلب والترائب ولا يحتاج إلى تخصيص التريبة بالنساء فقد يمنع الشعب النازلة على أن تلك الشعب إن كانت فهي أعصاب لا ذات تجاويف ، والوجه واللّه تعالى أعلم أن النخاع والقوى الدماغية والقلبية والكبدية كلها تتعاون في إبراز ذلك الفضل على ما هو عليه قابلا لأن يصير مبدأ الشخص على ما بيّن في موضعه.
وقوله سبحانه مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ عبارة مختصرة جامعة لتأثير الأعضاء الثلاثة ، فالترائب يشمل القلب والكبد وشمولها للقلب أظهر ، والصلب النخاع وبتوسطه الدماغ ولعله لا يحتاج إلى التنبيه على مكان الكبد لظهوره ذلك لأنه دم نضيج وإنما احتيج إلى ما خفي وهو أمر الدماغ والقلب في تكون ذلك الماء فنبه على مكانهما وقيل : ابتداء الخروج منه كما أن انتهاءه بالإحليل انتهى. وقيل : لو جعل ما بين الصلب والترائب كناية عن البدن كله لم يبعد وكان تخصيصهما بالذكر لما أنهما كالوعاء للقلب الذي هو المضغة العظمى فيه وأمر هذه الكناية على ما حكى مكي عن ابن عباس في الترائب أظهر. وزعم بعضهم جواز كون الصلب والترائب للرجل أي يخرج من بين صلب كل رجل وترائبه فالمراد بالماء الدافق ماء الرجل فقط ، وجعل الكلام إما على التغليب أو على أنه لا ماء للمرأة أصلا فضلا عن الماء الدافق كما قيل به ولا يخفى ما فيه ، والقول بأن المرأة لا ماء لها تكذبه الشريعة وغيرها. وقرأ ابن أبي عبلة وابن مقسم «يخرج» مبنيا للمفعول وهما أهل مكة وعيسى «الصلب» بضم الصاد واللام واليماني بفتحهما وروي على اللغتين قول العجاج :
ريا العظام فخمة المخدم في صلب مثل العنان المؤدم
وفيه لغة رابعة وهي صالب كما في قول العباس :
تنقل من صالب إلى رحم وهي قليلة الاستعمال واستشهد بعض الأجلة بقوله تعالى خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ على أن الإنسان هو الهيكل المخصوص كما ذهب إليه جمهور المتكلمين النافين للنفس الناطقة الإنسانية المجردة التي ليست داخل البدن ولا خارجه. وقال إنه شاهد قوي على ذلك وتأويله على حذف المضاف أي خلق بدن الإنسان لا يسمع ما لم يقم برهان على امتناع ظاهره انتهى. وأنت تعلم أن القائلين بالنفس الناطقة المجردة قد أقاموا فيما عندهم براهين على إثباتها نعم إن فيها أبحاثا للنافين وتحقيق ذلك بما لا مزيد عليه في كتاب الروح للعلامة ابن القيم عليه الرحمة إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ الضمير الأول للخالق تعالى شأنه وكما فخم أولا بترك الفاعل في قوله تعالى مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 310
إذ لا يذهب إلى خالق سواه عز وجل فخم بالإضمار ثانيا ، والضمير الثاني للإنسان أي إن ذلك الذي خلقه ابتداء مما ذكر على إعادته بعد موته لبين القدرة وهذا كما في قوله :
لئن كان تهدي برد أنيابها العلى لأفقر مني إنني لفقير
فإنه أراد لبين الفقر وإلّا لم يصح إيراده في مقابلة لأفقر مني والتأكيد البالغ لفظا لما قام عليه البرهان الواضح معنى ، ولذا فسر (قادر) هنا يبين القدرة كما في الكشاف واعتبر فيه أيضا الاختصاص ، فقال : أي على إعادته خصوصا وكأن ذلك لأن الغرض المسوق له الكلام ذلك فكأن ما سواه مطرح بالنسبة إليه وحينئذ يراد ما ذكر جعل الجار من صلة لقادر أو مدلولا على موصوله به على المذهبين ، وفصل الجملة عما سبق لكونه جواب الاستفهام دونها. وقال مجاهد وعكرمة :
الضمير الثاني للماء أي إنه تعالى على رد الماء في الإحليل أو في الصلب لقادر وليس بشيء ومثله كون المعنى على تقدير كونه للإنسان أنه جل وعلا رده من الكبر إلى الشباب لقادر كما روي عن الضحاك وما ذكرناه أولا مروي عن ابن عباس يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ أي يتعرف ويتصفح ما أسر في القلوب من العقائد والنيات وغيرها ومما أخفى من الأعمال ويميز بين ما طاب منها وما خبث ، وأصل الابتلاء الاختبار وإطلاقه على ما ذكر إطلاق على اللازم وحمل السرائر على العموم هو الظاهر. وأخرج ابن المنذر عن عطاء ويحيى بن أبي كثير أنها الصوم والصلاة والغسل من الجنابة. وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي الدرداء قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ضمن اللّه تعالى خلقه أربعا الصلاة والزكاة وصوم رمضان والغسل من الجنابة وهن السرائر التي قال اللّه تعالى يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ»
وفي البحر ضم التوحيد إليها ولعل المراد بيان عظيمها على سبيل المبالغة لا حقيقة الحصر وسمع الحسن من ينشد قول الأحوص :
سيبقى لها في مضمر القلب والحشا سريرة ود يوم تبلى السرائر
فقال : ما أغفله عما في السَّماءِ وَالطَّارِقِ وكأنه حمل البقاء فيه على عدم التعرف أصلا فليفهم ويوم عند جمع من الحذاق ظرف لمحذوف يدل عليه أي يرجعه يوم إلخ. وقال الزمخشري وجماعة : ظرف لرجعه واعترض بأن فيه فصلا بين المصدر ومعموله بأجنبي وأجيب تارة بأنه جائز لتوسعهم في الظروف وأخرى بأن الفاصل هنا غير أجنبي لأنه إما تفسير أو عامل على المذهبين وقال عصام الدين : إن الفصل بهذا الأجنبي كلا فصل لأن المعمول في نية التقديم عليه وإنما أخّر لرعاية الفاصلة وفيه ما لا يخفى. وقيل : ظرف لناصر بعد وتعقبه أبو حيان بأنه فاسد لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها وكذلك ما النافية على المشهور المنصور وقيل معمول لأذكر محذوفا وهو كما ترى ، ويتعين هو أو ما قبله على رأي مجاهد وعكرمة ورأى الضحاك السابقين آنفا وجوز الطبرسي تعلقه بقادر ولم يعلقه جمهور المعربين به لأنه يوهم اختصاص قدرته عز وجل بيوم دون يوم كما قال غير واحد. وقال ابن عطية : فروا من أن يكون العامل لَقادِرٌ للزوم تخصيص القدرة في ذلك اليوم وحده وإذا تؤمل المعنى وما يقتضيه فصيح كلام العرب جاز أن يكون العامل وذلك أنه تعالى قال عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ على الإطلاق أو وآخرا وفي كل وقت ثم ذكر سبحانه من الأوقات الوقت الأعظم على الكفار لأنه وقت الجزاء والوصول إلى العذاب ليجتمع الناس على حذره والخوف منه انتهى وهو على ما فيه لا يدفع الإيهام فَما لَهُ أي الإنسان مِنْ قُوَّةٍ في نفسه يمتنع بها وَلا ناصِرٍ ينتصر به وَالسَّماءِ وهي المظلة في قول الجمهور ذاتِ الرَّجْعِ أي المطر في قولهم أيضا كما في قوله الخنساء :
يوم الوداع ترى دموعا جاريه كالرجع في «1» المدجنة السارية
___________
(1) كذا في خط المؤلف وليحرر الوزن اه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 311
وأصله مصدر رجع المتعدي واللازم أيضا في قول ومصدره الخاص به الرجوع سموا به المطر كما سموه بالأب مصدر آب ومنه قوله :
رياء شماء لا يأوي لقلتها إلا السحاب وإلا الأوب والسبل
ليرجع أو لأن السحاب يحمله من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض ، وبنى هذا غير واحد على الزعم وفيه بحث وعن أو المراد به فيه النحل لأن اللّه تعالى يرجعه حينا فحينا ، وقال الحسن : لأنه يرجع بالرزق كل عام أو أرادوا بذلك التفاؤل. ابن عباس ومجاهد تفسير السماء بالسحاب والرجع بالمطر وقال ابن زيد السَّماءِ هي المعروفة والرَّجْعِ رجوع الشمس والقمر والكواكب من حال إلى حال ومن منزلة إلى منزلة فيها وقبل رجوعها نفسها فإنها ترجع في كل دورة إلى الموضع الذي تتحرك منه وهذا مبني على أن السماء والفلك واحد فهي تتحرك ويصير أوجها حضيضا وحضيضها أوجا وقد سمعت فيما تقدم أن ظاهر كلام السلف أن السماء غير الفلك وأنها لا تدور ولا تتحرك والذي ذكر رأي الفلاسفة ومن تابعهم.
وقيل الرَّجْعِ الملائكة عليهم السلام سموا بذلك لرجوعهم بأعمال العباد وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ هو ما تتصدع عنه الأرض من النبات وأصله الشق سمّي به النبات مجازا ، أو هو مصدر من المبني للمفعول فالمراد تشققها بالنبات وروي ذلك عن عطية وابن زيد ، وقيل : تشققها بالعيون ، وتعقب بأن وصف السماء والأرض عند الإقسام بهما على حقيقة القرآن الناطق بالبعث بما ذكر من الوصفين للإيماء إلى أنهما في أنفسهما من شواهده ، وهو السر في التعبير عن المطر بالرجع وذلك في تشقق الأرض بالنبات المحاكي للنشور حسبما ذكر في مواضع من التنزيل لا في تشققها بالعيون ، ويعلم منه ما في تفسير الرجع بغير المطر وكذا ما في قوله مجاهد الصَّدْعِ ما في الأرض من شقاق وأودية وخنادق وتشقق بحرث وغيره وما روي عنه أيضا الصَّدْعِ الطرق تصدعها المشاة وقيل ذات الأموات لانصداعها عنهم للنشور إِنَّهُ أي القرآن الذي من جملته هذه الآيات الناطقة بمبدأ حال الإنسان ومعاده وهو أولى من جعل الضمير راجعا لما تقدم أي ما أخبرتكم به من قدرتي على حيائكم لأن القرآن يتناول ذلك تناولا أوليا. وقوله تعالى لَقَوْلٌ فَصْلٌ أنسب به والمراد لقول فاصل بين الحق والباطل قد بلغ الغاية في ذلك حتى كأنه نفس الفصل وقيل مقابلة الفصل بالهزل بعد يستدعي أن يفسر بالقطع أي قول مقطوع به والأول أحسن وَما هُوَ بِالْهَزْلِ أي ليس في شيء منه شائبة هزل بل كله جد محض فمن حقه أن يهتدي به الغواة وتخضع له رقاب العتاة. وفي حديث أخرجه الترمذي والدارمي وابن الأنباري عن الحارث الأعور عن علي كرم اللّه تعالى وجهه قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول : «إنها ستكون فتنة» قلت : فما المخرج منها يا رسول اللّه؟ قال : «كتاب اللّه فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه اللّه ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله اللّه ، وهو حبل اللّه المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ فيه الأهواء ولا تشبع منه العلماء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق عن الرد ، ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تلته الجن لما سمعته عن أن قالوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ [الجن : 1 ، 2] من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن هدى به هدي إلى صراط مستقيم»
وفي هذا من الرد على الذين نبذوه وراء ظهورهم ما فيه.
إِنَّهُمْ أي كفار مكة يَكِيدُونَ يعملون المكايد في إبطال أمره وإطفاء نوره أو في إبطال أمر اللّه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 312
تعالى وإطفاء نور الحق والأول أتم انتظاما وهذا قيل أملأ فائدة كَيْداً أي عظيما حسبا تفي به قدرتهم ، والجملة تحتمل أن تكون استئنافا بيانيا كأنه قيل : إذا كان حال القرآن ما ذكر فما حال هؤلاء الذين يقولون فيه ما يقولون فقيل إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً أي أقابلهم بكيد متين لا يمكن رده حيث استدرجهم من حيث لا يعلمون أو أقابلهم بكيدي في إعلاء أمره وإكثار نوره من حيث لا يحتسبون والفصل لهذا ، وقيل لئلا يتوهم عطفها على جواب القسم مع أنها غير مقسم عليها فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ فلا تشتغل بالانتقام منهم ولا تدع عليهم بالهلاك أو تأن وانتظر الانتقام منهم ولا تستعجل ، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها فإن الإخبار بتوليه تعالى لكيدهم بالذات وعدم إهمالهم مما يوجب إمهالهم وترك التصدي لمكايدتهم قطعا ووضع الظاهر موضع الضمير لذمهم بأبي الخبائث وأمها ، وقيل للإشعار بعلة ما تضمنه الكلام من الوعيد وقوله تعالى أَمْهِلْهُمْ بدل من مهل على ما صرح به في الإرشاد وقوله سبحانه رُوَيْداً إما مصدر مؤكد لمعنى العامل أو نعت لمصدره المحذوف أي أمهلهم إمهالا رويدا أي قريبا كما أخرج ابن المنذر وابن جرير عن ابن عباس أو قليلا كما روي عن قتادة. وأخرج ابن المنذر عن السدّي أنه قال أي أمهلهم حتى آمر بالقتال ولعله المراد بالإمهال القريب أو القليل. واختار بعضهم أن يكون المراد إلى يوم القيامة لأن ما وقع بعد الأمر بالقتال كالذي وقع يوم بدر وفي سائر الغزوات لم يعم الكل وما يكون يوم القيامة يعمهم والتقريب باعتبار أن كل آت قريب وعلى هذا النحو التقليل على أن من مات فقد قامت قيامته ، والظاهر ما قال السدي وقد عراهم بعد الأمر بالقتال ما عراهم وعدم العموم الحقيقي لا يضر وهو في الأصل على ما قال أبو عبيدة تصغير رود بالضم وأنشد :
كأنها ثمل تمشي على رود اي على مهل وقال أبو حيان وجماعة تصغير إرواد مصدر رود يرود بالترخيم وهو تصغير تحقير وتقليل وله في الاستعمال وجهان آخران كونه اسم فعل نحو ريدا زيد أي أمهله وكونه حالا نحو سار القوم رويدا أي متمهلين غير مستعجلين ، ولم يذكر أحد احتمال كونه اسم فعل هنا وصرح ابن الشيخ بعدم جريانه وعلل ذلك بأن الأوامر بمعنى فكأنه قيل : أمهل الكافرين أمهلهم وفائدة التأكيد تحصل بالثاني فيلغو الثالث وفي التعليل نظر فقد يسلك في التأكيد بألفاظ متحدة لفظا ومعنى نحو ذلك
ففي الحديث : «أيما امرأة أنكحت نفسها بدون ولي فنكحها باطل باطل باطل»
ولا فرق بين الجمل والمفردات نعم هو خلاف الظاهر جدا.
وجوز رحمه اللّه كونه حالا أي أمهلهم غير مستعجل ، والظاهر أنه حال مؤكدة كما في قوله تعالى لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة : 60] فلا تغفل وهو أيضا بعيد وظاهر كلام أبي حيان وغيره أن الأمر الثاني توكيد للأول قالوا : والمخالفة بين اللفظين في البنية لزيادة تسكينه صلّى اللّه عليه وسلم وتصبيره عليه الصلاة والسلام ، وإنما دلت الزيادة من حيث الإشعار بالتغاير كأن كلّا كلام مستقل بالأمر بالتأني فهو أوكد من مجرد التكرار وقرأ ابن عباس «مهّلهم» بفتح الميم وشد الهاء وموافقة للفظ الأمر الأول.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 313
سورة الأعلى
وتسمى سورة سبح ، والجمهور على أنها مكية وحكى ابن الفرس عن بعضهم أنها مدنية لذكر صلاة العيد وزكاة الفطر فيها ، ورده الجلال السيوطي بما أخرج البخاري وابن سعد وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرآن القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر ابن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه في عشرين ثم جاء النبي صلّى اللّه عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به عليه الصلاة والسلام حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون : هذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قد جاء فما جاء عليه الصلاة والسلام حتى قرأت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى في سور مثلها ثم أن ذكر صلاة العيد وزكاة الفطر فيها غير مسلم ولو سلم فلا دلالة فيه على ذلك كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى تفصيله ، وهي تسع عشرة آية بلا خلاف ووجه مناسبتها لما قبلها أنه ذكر في سورة الطارق خلق الإنسان وأشير إلى خلق النبات بقوله تعالي وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ [الطارق : 12] وذكرا هاهنا في قوله تعالى خَلَقَ فَسَوَّى [الأعلى : 2] وقوله سبحانه أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى [الأعلى : 4 ، 5] وقصة النبات هنا أوضح وأبسط كما أن قصة خلق الإنسان هناك كذلك ، نعم إن ما في هذه السورة أعم من جهة شموله للإنسان وسائر المخلوقات وكان صلّى اللّه عليه وسلم يحبها.
أخرج الإمام أحمد والبزار وابن مردويه عن علي كرم اللّه تعالى وجهه قال : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يحب هذه السورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى
وجاء في حديث أخرجه أبو عبيد عن أبي تميم أنه عليه الصلاة والسلام سماها أفضل المسبحات
. وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : كان النبي صلّى اللّه عليه وسلم يقرأ في الوتر في الركعة الأولى سَبِّحِ وفي الثانية قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وفي الثالثة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين وفي حديث أخرجه المذكورون وغيرهم إلّا الترمذي عن أبيّ بن كعب نحو ذلك
بيد أنه ليس فيه المعوذتان. وأخرج ابن أبي شيبة والإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن النعمان بن بشير أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا
. وأخرج الطبراني عن عبد اللّه بن الحارث قال : آخر صلاة صلاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم المغرب فقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون.
[سورة الأعلى (87) : الآيات 1 إلى 19]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (4)
فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (6) إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (9)
سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (12) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14)
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (17) إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (18) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (19)

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 314
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى أي نزه أسماءه عز وجل عما لا يليق فلا تؤول مما ورد منها اسما من غير مقتض ولا تبقه على ظاهره إذا كان ما وضع له مما لا يصح له تعالى ولا تطلقه على غيره سبحانه أصلا إذا كان مختصا كالاسم الجليل أو على وجه يشعر بأنه تعالى والغير فيه سواء إذ لم يكن مختصا فلا تقل لمن أعطاك شيئا مثلا : هذا رازقي على وجه يشعر بذلك ، وصنه عن الابتذال والتلفظ به في محل لا يليق به كالخلاء وحالة التغوط وذكره لأعلى وجه الخشوع والتعظيم ، وربما يعد مما لا يليق ذكره عند من يكره سماعه من غير ضرورة إليه. وعن الإمام مالك رضي اللّه تعالى عنه أنه كان إذا لم يجد ما يعطي السائل يقول : ما عندي ما أعطيك أو ائتني في وقت آخر أو نحو ذلك ، ولا يقول نحو ما يقول الناس يرزقك اللّه تعالى أو يبعث اللّه تعالى لك أو يعطيك اللّه تعالى أو نحوه ، فسئل عن ذلك فقال : إن السائل أثقل شيء على سمعه وأبغضه إليه قول المسئول له ، ما يفيده رده وحرمانه ، فأنا أجلّ اسم اللّه سبحانه من أن أذكره لمن يكره سماعه ولو في ضمن جملة وهذا منه رضي اللّه تعالى عنه غاية في الورع. وما ذكر من التفسير مبني على الظاهر من أن لفظ اسم غير مقحم ، وذهب كثير إلى أنه مقحم وهو قد يقحم لضرب من التعظيم على سبيل الكناية ومنه قوله لبيد :
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما فالمعنى نزه ربك عما لا يليق به من الأوصاف واستدل لهذا بما
أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وغيرهم عن عقبة بن عامر الجهني قال : لما نزلت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة : 74] قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «اجعلوها في ركوعكم» فلما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال : «اجعلوها في سجودكم».
ومن المعلوم أن المجهول فيهما سبحان ربي العظيم وسبحان ربي الأعلى وبما
أخرج الإمام أحمد وأبو داود والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كان إذا قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال : «سبحان ربي الأعلى»
وروى عبد بن حميد وجماعة أن عليا كرم اللّه تعالى وجهه قرأ ذلك فقال سبحان ربي الأعلى وهو في الصلاة فقيل له أتزيد في القرآن قال لا إنما أمرنا بشيء ففعلته.
وفي الكشاف تسبيح اسمه تعالى تنزيهه عما لا يصح فيه من المعاني التي هي إلحاد في أسمائه سبحانه كالجبر والتشبيه مثلا وأن يصان عن الابتذال والذكر لا على وجه الخشوع والتعظيم فجعل المعنيين على ما قيل راجعين إلى الاسم وإن كان الأول بالحقيقة راجعا إليه عز وجل لكن كما يصح أن يقال نزه الذات عما لا يصح له من الأوصاف أن يقال أيضا نزه أسماءه تعالى الدالّة على الكمال عما لا يصح فيه من خلافه وليس المعنى الأول مبنيا على أن لفظ اسم مقحم ولا على أن المراد به المسمى إطلاقا لاسم الدال على المدلول نعم قال به بعضهم هنا وهو إن كان للأخبار السابقة كما في دعوى الإقحام فلا بأس ، وإن كان لظن أن التسبيح لا يكون للألفاظ الموضوعة له تعالى فليس بشيء لفساد هذا الظن بظهور أن التسبيح يكون لها كما سمعت وقد قال الإمام إنه كما يجب تنزيه ذاته تعالى وصفاته حلّ وعلا عن النقائص يجب تنزيه الألفاظ

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 315
الموضوعة لذلك عن الرفث وسوء الأدب ، ومن هذا يعلم ما في التعبير عنه تعالى شأنه بنحو ليلى ونعم كما يدعي ذلك في قول ابن الفارض قدس سره :
أبرق بدا من جانب الغور لامع أم ارتفعت عن وجه ليلى البراقع
وقوله :
إذا أنعمت نعم عليّ بنظرة فلا أسعدت سعدى ولا أجملت جمل
إلى غير ذلك من أبياته وقد عاب ذلك بعض الأجلّة وعدّه من سوء الأدب ومخالفا لقوله تعالى وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها [الأعراف : 180] الآية وأجاب بعضهم بأن ذلك ليس من الوضع في شيء وفهم الحضرة الإلهية من تلك الألفاظ إنما هو بطريق الإشارة كما قالوا في فهم النفس الأمارة من البقرة مثلا في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة : 67] والمنكر لا يقنع بهذا والأظهر أن يقال : إن الكلام المورد فيه ذلك من قبيل الاستعارة التمثيلية ولا نظر فيها إلى تشبيه المفردات بالمفردات فليس فيه التعبير عنه عز وجل بليلى ونحوها ، واستعمال الاستعارة التمثيلية في شأنه تعالى مما لا بأس به حتى إنهم قالوه في البسملة كما لا يخفى على من تتبع رسائلهم فيها هذا ولعل عندهم خيرا منه. وقال جمع : الاسم بمعنى التسمية والمعنى نزه تسمية ربك بأن تذكره وأنت له سبحانه معظم ولذكره جل شأنه محترم ، وأنت تعلم أن هذا يندرج في تسبيح الاسم كما تقدم. وعن ابن عباس أن المعنى صل باسم ربك الأعلى كما تقول : ابدأ باسم اللّه تعالى ، وحذف حرف الجر حكاه في البحر ولا أظن صحته.
وقال عصام الدين : لا يبعد أن يراد الاسم الأثر أي سبح آثار ربك الأعلى عن النقصان فإن أثره تعالى دال عليه سبحانه كالاسم فيكون منعا عن عيب المخلوقات أي من حيث إنها مخلوقة له تعالى على وجه ينافي قوله تعالى ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ [الملك : 3] ولا يخفى بعده وإن كان فيما بعد من الصفات ما يستأنس به له ، وأنا أقول إن كان سَبِّحِ بمعنى نزه فكلا الأمرين من كون اسم مقحما وكونه غير مقحم وتعلق التسبيح به على الوجه الذي سمعت محتمل غير بعيد ، وإذا كان معناه قل سبحان كما هو المعروف فيما بينهم فكونه مقحما متعين إذ لم يسمع سلفا وخلفا من يقول سبحان اسم ربي الأعلى أو سبحان اسم اللّه ، والأخبار ظاهرة في ذلك وحمل ما فيها على اختيار الأخصر المستلزم لغيره كما ترى ويؤيد هذا قراءة أبيّ بن كعب كما في خبر سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن جبير «سبحان ربي الأعلى» وأما ما قيل من أن الاسم عين المسمى واستدل عليه بهذه الآية ونحوها فهو مما لا يعول عليه أصلا وقد تقدم الكلام أول الكتاب فارجع إليه إن أردته والْأَعْلَى صفة للرب وأريد بالعلو القهر والاقتدار لا بالمكان لاستحالته عليه سبحانه والسلف وإن لم يؤولوه بذلك لكنهم أيضا يقولون باستحالة العلو المكاني عليه عز وجل وجوز جعله صفة لاسم وعلوه ترفعه عن أن يشاركه اسم في حقيقة معناه. واستشكل بأن قوله تعالى الَّذِي خَلَقَ إلخ إن كان صفة للرب كما هو الظاهر لزم الفصل بين الموصوف وصفته بصفة غيره وهو لا يجوز فلا يقال : رأيت غلام هند العاقل الحسنة ، وإن كان صفة لاسم أيضا اختل المعنى إذ الاسم لا يتصف بالخلق وما بعده.
وأجيب باختيار الثاني ولا اختلال إما لأن الاسم بمعنى المسمى ، أو لأنه لما كان مقحما كان اسْمَ رَبِّكَ بمنزلة ربك فصح وصفه بما يوصف به الرب عز وجل وفيه نظر والجواب المقبول أن الَّذِي على ذلك التقدير إما مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو منصوب على المدح ، ومفعول خَلَقَ محذوف ولذا قيل بالعموم أي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 316
الذي خلق كل شيء فَسَوَّى أي فجعله متساويا وهو أصل معناه والمراد فجعل خلقه كما تقتضيه حكمته سبحانه في ذاته وصفاته وفي معناه ما قيل أي فجعل الأشياء سواء في باب الأحكام والإتقان لا أنه سبحانه أتقن بعضا دون بعض ، وردّ بما دلت عليه الآية من العموم على المعتزلة في زعمهم أن العبد خالق لأفعاله والزمخشري مع أن مذهبه مذهبهم قال هنا بالعموم ولعله لم يرد العموم الحقيقي أو أراده لكن على لمعنى خلق كل شيء إما بالذات أو بالواسطة ، وجعل ذلك في أفعال العباد بأقداره سبحانه وتمكينهم على خلقها باختيارهم وقدرهم الموهوبة لهم ، وعن الكلبي خلق كل ذي روح فسوّى بين يديه وعينيه ورجليه. وعن الزجاج خلق الإنسان فعدّل قامته ولم يجعله منكوسا
كالبهائم وفي كل تخصيص لا يقتضيه ظاهر الحذف وَالَّذِي قَدَّرَ أي جعل الأشياء على مقادير مخصوصة في أجناسها وأنواعها وأفرادها وصفاتها وأفعالها وآجالها فَهَدى فوجه كل واحد منها إلى ما يصدر عنه وينبغي له طبعا أو اختيارا ويسره لما خلق له بخلق الميول والإلهامات ونصب الدلائل وإنزال الآيات ، فلو تتبعت أحوال النباتات والحيوانات لرأيت في كل منها ما تحار فيه العقول وتضيق عنه دفاتر النقول. وأما فنون هداياته سبحانه وتعالى للإنسان على الخصوص ففوق ذلك بمراحل وأبعد منه ثم أبعد وأبعد بألوف من المنازل وهيهات أن يحيط بها فلك العبارة والتحرير ولا يكاد يعلمها إلّا اللطيف الخبير :
أتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
وقيل أي والذي قدر الخلق على ما خلقهم فيه من الصور والهيئات ، وأجرى لهم أسباب معاشهم من الأرزاق والأقوات ، ثم هداهم إلى دينه ومعرفة توحيده بإظهار الدلالات والبينات. وقيل قدر أقواتهم وهداهم لطلبها. وعن مقاتل والكلبي قدرهم ذكرانا وإناثا وهدى الذكر كيف يأتي الأنثى وعن مجاهد قدر الإنسان والبهائم وهدى الإنسان للخير والشر والبهائم للمراتع. وعن السدّي قدر الولد في البطن تسعة أشهر أو أقل أو أكثر وهداه للخروج منه للتمام وقيل قدر المنافع في الأشياء وهدى الإنسان لاستخراجها والأولى ما ذكر أولا ولعل ما في سائر الأقوال من باب التمثيل لا التخصيص. وزعم الفرّاء أن في الآية اكتفاء والأصل فهدى وأضل وليس بشيء. وقرأ الكسائي «قدر» بالتخفيف من القدرة أو التقدير وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى أي أنبت ما ترعاه الدواب غضا رطبا يرف فَجَعَلَهُ غُثاءً هو ما ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات ، وأصله على ما في المجمع الأخلاط من أجناس شتى والعرب تسمى القوم إذا اجتمعوا من قبائل شتى أخلاطا وغثاء ، ويقال : غثاء بالتشديد وجاء جمعه على أغثاء وهو غريب من حيث جمع فعال على فعال والمراد به هنا اليابس من النبات أي فجعله بعد ذلك يابسا أَحْوى من الحوة وهي كما قيل السواد. وقال الأعلم لون يضرب إلى السواد وفي الصحاح الحوّة السمرة فالمراد بأحوى أسود أو أسمر والنبات إذا يبس اسودّ أو أسمر فهو صفة مؤكدة للغثاء وتفسر الحوة بشدة الخضرة وعليه قول ذي الرمة :
لمياه في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي أنيابها شنب
ولا ينافي ذلك تفسيرها بالسواد لأن شدة الخضرة ترى في بادىء النظر كالسواد ، وجوز كونه حالا من المرعى أي أخرج المرعى حال كونه طريا غضا شديد الخضرة فجعله غثاء ، والفصل بالمعطوف بين الحال وصاحبها ليس فصلا بأجنبي لا سيما وهو حال يعاقب الأول من غير تراخ. وسر التقديم المبالغة في استعقاب حالة الجفاف حالة الرفيف والغضارة كأنه قبل أن يتم رفيقه وغضارته يصير غثاء ومع هذا هو خلاف الظاهر وهذه الأوصاف على ما قيل يتضمن كل منها التدريج ففي الوصف بها تحقيق لمعنى التربية وهي تبليغ الشيء كماله شيئا فشيئا وقوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى بيان لهدايته تعالى شأنه الخاصة برسوله صلّى اللّه عليه وسلم إثر بيان

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 317
هدايته عز وجل العامة لكافة مخلوقاته سبحانه وهي هدايته عليه الصلاة والسلام لتلقي الوحي وحفظ القرآن الذي هو هدى للعالمين وتوفيقه صلّى اللّه عليه وسلم لهداية الناس أجمعين. والسين إما للتأكيد وإما لأن المراد إقراء ما أوحي إليه صلّى اللّه عليه وسلم حينئذ وما سيوحى إليه عليه الصلاة والسلام بعد فهو وعد كريم باستمرار الوحي في ضمن الوعد بالإقراء وإسناد الإقراء إليه تعالى مجازي أي سنقرئك ما نوحي إليك الآن وفيما بعد على لسان جبريل عليه السلام فإنه عليه السلام الواسطة في الوحي على سائر كيفياته فلا تنسى أصلا من قوة الحفظ والإتقان مع أنك أمي لم تكن تدري ما الكتاب وما القراءة ليكون ذلك لك آية مع ما في تضاعيف ما تقرؤه من الآيات البينات من حيث الإعجاز ومن حيث الأخبار بالمغيبات ، وجوز أن يكون المعنى سنجعل قارئا بإلهام القراءة أي في الكتاب من دون تعليم أحد كما هو العادة
فقد روي عن جعفر الصادق رضي اللّه تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ الكتابة ولا يكتب.
ويكون المراد بقوله تعالى فَلا تَنْسى نفي النسيان مطلقا عنه عليه الصلاة والسلام وامتنانا عليه صلّى اللّه عليه وسلم بأنه أوتي قوة الحفظ وفيه أنه مع كونه خلاف المأثور عن السلف في الآية تأباه فاء التفريع.
وجوز أيضا أن يكون المراد نفي نسيان المضمون أي سنقرئك القرآن فلا تغفل عنه فتخالفه في أعمالك ففيه وعد بتوفيقه عليه الصلاة والسلام لالتزام ما فيه من الأحكام وهو كما ترى. وقيل : فلا تنسى نهي والألف لمراعاة الفاصلة كما في قوله تعالى فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا [الأحزاب : 67] وفيه أن النسيان ليس بالاختيار فلا ينهى عنه إلا أن يراد مجازا ترك أسبابه الاختيارية أو ترك العمل بما تضمنه المقروء وفيه ارتكاب تكلف من غير داع ، وأيضا رسمه بالياء يقتضي أنها من البنية لا للإطلاق وكون رسم المصحف مخالفا تكلف أيضا نعم قيل :
رسمت ألف الإطلاق ياء الموافقة غيرها من الفواصل وموافقة أصلها مع أن الإمام المرزوقي صرح بأنه عند الإطلاق ترد المحذوفة ، وقيل هو نهي لكن لم تحذف الألف فيه إذ قد لا يحذف الجازم حرف العلة وحسن ذلك هنا مراعاة الفاصلة وفيه أيضا ما فيه والأهون للطالب معنى النهي أن يقول هو خبر أريد به النهي على أحد التأويلين السابقين آنفا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ استثناء مفرغ من أعم المفاعيل أي لا تنسى أصلا مما سنقرئكه شيئا من الأشياء إلا ما شاء اللّه أن تنساه ، قيل : أي أبدا قال الحسن وقتادة وغيرهما : وهذا مما قضى اللّه تعالى نسخه وأن يرتفع حكمه وتلاوته ، والظاهر أن النسيان على حقيقته وفي الكشاف أي إلا ما شاء اللّه فذهب به عن حفظك برفع حكمه وتلاوته وجعل النسيان عليه بمعنى رفع الحكم والتلاوة وكناية عنه لأن ما رفع حكمه وتلاوته يترك فينسى فكأنه قيل بناء على إرادة المعنيين في الكنايات سنقرئك القرآن فلا تنسى شيئا منه ولا يرفع حكمه وتلاوته إلا ما شاء اللّه فتنساه ويرفع حكمه وتلاوته أو نحو هذا ، وأنا لا أرى ضرورة إلى اعتبار ذلك.
والباء في برفع إلخ للسببية والمراد إما بيان السبب العادي البعيد للذهاب اللّه تعالى به عن الحفظ فإن رفع الحكم والتلاوة يؤدي عادة في الغالب إلى ترك التلاوة لعدم التعبد بها وإلى عدم إخطاره في البال لعدم بقاء حكمه وهو يؤدي عادة في الغالب أيضا إلى النسيان أو بيان السبب الدافع لاستبعاد الذهاب به عن حفظه عليه الصلاة والسلام رهو كالسبب المجوز لذلك ، وأيّا ما كان فلا حاجة إلى جعل معنى فَلا تَنْسى فلا تترك تلاوة شيء منه والعمل به فتأمل. ثم إنه لا يلزم من كون ما شاء اللّه تعالى نسيانه مما قضى سبحانه أن يرتفع حكمه وتلاوته أن يكون كل ما ارتفع حكمه وتلاوته قد شاء اللّه تعالى نسيان النبي صلّى اللّه عليه وسلم له فإن من ذلك ما يحفظه العلماء إلى اليوم فقد أخرج الشيخان عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات الحديث. وكونه صلّى اللّه عليه وسلم نسي الجميع بعد تبليغه وبقي ما بقي عند بعض من سمعه منه عليه الصلاة والسلام فنقل حتى وصل إلينا بعيد وإن أمكن عقلا ، وقيل : كان صلّى اللّه عليه وسلم يعجل بالقراءة إذا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 318
لقنه جبريل عليه السلام فقيل : لا تعجل فإن جبريل عليه السلام مأمور أن يقرأه عليك قراءة مكررة إلى أن تحفظه ثم لا تنساه إلّا ما شاء اللّه تعالى ثم تذكره بعد النسيان ، وأنت تعلم أن الذكر بعد النسيان وإن كان واجبا إلّا أن العلم به لا يستفاد من هذا المقام. وقيل : إن الاستثناء بمعنى القلة وهذا جار في العرف كأنه قيل إلّا ما لا يعلم لأن المشيئة مجهولة وهو لا محالة أقل من الباقي بعد الاستثناء فكأنه قيل فلا تنسى شيئا إلّا شيئا قليلا. وقد جاء في صحيح البخاري وغيره أنه صلّى اللّه عليه وسلم أسقط آية في قراءته في الصلاة وكانت صلاة الفجر فحسب أبي أنها نسخت فسأله عليه الصلاة والسلام ، فقال : نسيتها ثم إنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على نسيانه القليل
أيضا بل يذكره اللّه تعالى أو ييسر من يذكره ،
ففي البحر أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال حين سمع قراءة عباد بن بشير : «لقد ذكرني كذا وكذا آية في سورة كذا وكذا»
. وقيل : الاستثناء بمعنى القلة وأريد بها النفي مجازا كما في قولهم قل من يقول كذا قيل والكلام عليه باب :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم البيت والمعنى فلا تنسى إلا نسيانا معدوما. وفي الحواشي العصامية على أنوار التنزيل أن الاستثناء على هذا الوجه لتأكيد عموم النفي لا لنقض عمومه. وقد يقال الاستثناء من أعم الأوقات فلا تنسى في وقت من الأوقات إلا وقت مشيئة اللّه تعالى نسيانك لكنه سبحانه لا يشاء وهذا كما قيل في قوله تعالى في أهل الجنة خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ [هود : 107] وقد قدمنا ذلك وإلى هذا ذهب الفراء فقال إنه تعالى ما شاء أن ينسى النبي صلّى اللّه عليه وسلم شيئا إلا أن المقصود من الاستثناء بيان أنه تعالى لو أراد أن يصيره عليه الصلاة والسلام ناسيا لذلك لقدر عليه كما قال سبحانه وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ [الإسراء : 86] ثم إنّا نقطع بأنه تعالى ما شاء ذلك وقال له صلّى اللّه عليه وسلم لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر : 65] مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يشرك البتة ، وبالجملة ففائدة هذا الاستثناء أن يعرف اللّه تعالى قدرته حتى يعلم صلّى اللّه عليه وسلم أن عدم النسيان من فضله تعالى وإحسانه لا من قوته ، أي حتى يتقوى ذلك جدا أو ليعرف غيره ذلك وكأن نفي أن يشاء اللّه تعالى نسيانه عليه الصلاة والسلام معلوم من خارج ومنه آية لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
[القيامة : 16] الآية. وقد أشار أبو حيان إلى ما قاله الفراء وإلى الوجه الذي قبله وأباهما غاية الإباء لعدم الوقوف على حقيقتهما وقال : لا ينبغي أن يكون ذلك في كلام اللّه تعالى بل ولا في كلام فصيح وهو مجازفة منه عفا اللّه تعالى عنه ، ثم إن المراد من نفي نسيان شيء من القرآن نفي النسيان التام المستمر مما لا يقر عليه صلّى اللّه عليه وسلم كالذي تضمنه الخبر السابق ليس كذلك. وقد ذكروا أنه عليه الصلاة والسلام لا يقر على النسيان فيما كان من أصول الشرائع والواجبات وقد يقر على ما ليس منها أو منها وهو من الآداب والسنن ونقل هذا عن الإمام الرازي عليه الرحمة فليحفظ. والالتفات إلى الاسم الجليل على سائر الأوجه لتربية المهابة والإيذان بدوران المشيئة على عنوان الألوهية المستتبعة لسائر الصفات ، وربط الآية بما قبلها على الوجه الذي ذكرناه هو الذي اختاره في الإرشاد وقال أبو حيان : إنه سبحانه لما أمره صلّى اللّه عليه وسلم بالتسبيح وكان لا يتم إلّا بقراءة ما أنزل عليه من القرآن وكان صلّى اللّه عليه وسلم يتفكر في نفسه مخافة أن ينسى أزال سبحانه عنه ذلك بأنه عز وجل يقرئه وأنه لا ينسى إلا ما شاء أن ينسيه لمصلحة وفيه نظر لا يخفى ولو قيل إن سَنُقْرِئُكَ استئناف واقع موقع التعليل للتسبيح أو للأمر به فيفيد جلالة الإقراء وأنه مما ينبغي أن يقابل بتنزيه اللّه تعالى وإجلاله كان أهون مما ذكر ونحوه كونه في موقع التعليل على معنى هيىء نفسك للإفاضة عليك بتسبيح اللّه تعالى لأنّا سنقرئك فلا تنسى إلّا ما

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 319
شاء اللّه. ويتضمن ذلك الإشارة إلى فضل التسبيح وقد وردت أخبار كثيرة في ذلك وذكر الثعلبي بعضا منها ونقله ابن الشيخ في حواشيه على تفسير البيضاوي واللّه تعالى أعلم بصحته.
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى تعليل لما قبله والْجَهْرَ هنا ما ظهر قولا أو فعلا أو غيرهما وليس خاصا بالأقوال بقرينة المقابلة أي إنه تعالى يعلم ما ظهر وما بطن من الأمور التي من جملتها حالك وحرصك على حفظ ما يوحى إليك بأسره فيقرئك ما يقرئك ويحفظك عن نسيان ما شاء منه وينسيك ما شاء منه مراعاة لما نيط بكل من المصالح والحكم التشريعية ، وقيل توكيد لجميع ما تقدمه وتوكيد لما بعده ، وقيل توكيد لقوله تعالى سَنُقْرِئُكَ إلخ على أن الجهر ما ظهر من الأقوال أي يعلم سبحانه جهرك بالقراءة مع جبريل عليه السلام وما دعاك إليه من مخافة النسيان فيعلم ما فيه الصلاح من إبقاء وإنساء أو فلا تخف فإني أكفيك ما تخاف وقيل إنه متعلق بقوله تعالى سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وهذا ليس بشيء كما ترى وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى عطف على سَنُقْرِئُكَ كما ينبىء عنه الالتفات إلى الحكاية وما بينهما اعتراض وارد لما سمعت وتعليق التيسير به صلّى اللّه عليه وسلم مع أن الشائع تعليقه بالأمور المسخرة للفاعل كما في قوله تعالى وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [طه : 26] للإيذان بقوة تمكينه عليه الصلاة والسلام من اليسرى والتصرف فيها بحيث صار ذلك ملكة راسخة له كأنه عليه الصلاة والسلام جبل عليها أي نوفقك توفيقا مستمرا للطريقة اليسرى في كل باب من أبواب الدين علما وتعليما واهتداء وهداية فيندرج فيه تيسير تلقى طريقي الوحي والإحاطة بما فيه من أحكام الشريعة السمحة والنواميس الإلهية مما يتعلق بتكميل نفسه الكريمة صلّى اللّه عليه وسلم وتكميل غيره كما يفصح عنه الفاء فيما بعد كذا في الإرشاد.
وقيل : المراد باليسرى الطريقة التي هي أيسر وأسهل في حفظ الوحي ، وقيل هي الشريعة الحنيفية السهلة ، وقيل الأمور الحسنة في أمر الدنيا والآخرة من النصر وعلو المنزلة والرفعة في الجنة وضم إليها بعض أمر الدين وهو مع هذا الضم تعميم حسن وظاهر عليه أيضا أمر الفاء في قوله تعالى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى أي فذكر الناس حسبما يسرناك بما يوحى إليك واهدهم إلى ما في تضاعيفه من الأحكام الشرعية كما كنت تفعله. وقيل : أي.
فذكر بعد ما استتب أي استقام وتهيأ لك الأمر فإن أراد فدم على التذكير بعد ما استقام لك الأمر من إقرائك الوحي وتعليمك القرآن بحيث لا تنسى منه إلّا ما اقتضت المصلحة نسيانه وتيسيرك للطريقة اليسرى في كل باب من أبواب الدين فذاك وإلّا فليس بشيء ، وتقييد التذكير بنفع الذكرى لما أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كان قد ذكر وبالغ فيه فلم يدع في القوس منزعا وسلك فيه كل طريق فلم يترك مضيفا ولا مهيعا حرصا على الإيمان وتوحيد الملك الديان وما كان يزيد ذلك بعض الناس إلّا كفرا وعنادا وتمردا وفسادا ، فأمره صلّى اللّه عليه وسلم تخفيفا عليه حيث كاد الحرص على إيمانهم يوجه سهام التلف إليه كما قال تعالى فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً [الكهف : 6] بأن يخص التذكير بمواد النفع في الجملة بأن يكون من يذكره كلّا أو بعضا ممن يرجى منه التذكر ولا يتعب نفسه الكريمة في تذكير من لا يورثه التذكير إلّا عتوا ونفورا وفسادا وغرورا من المطبوع على قلوبهم كما في قوله تعالى فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [ق : 45] وقوله سبحانه فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا [النجم : 29] وعلمه صلّى اللّه عليه وسلم بمن طبع على قلبه بإعلام اللّه تعالى إياه عليه الصلاة والسلام به فهو صلّى اللّه عليه وسلم بعد التبليغ وإلزام الحجة لا يجب عليه تكرير التذكير على من علم أنه مطبوع على قلبه فالشرط على هذا على حقيقته ، وقيل إنه ليس كذلك وإنما هو استبعاد النفع بالنسبة إلى هؤلاء المذكورين نعيا عليهم بالتصميم كأنه قيل : افعل ما أمرت به لتؤجر وإن لم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 320
ينتفعوا به وفيه تسلية له صلّى اللّه عليه وسلم ، ورجح الأول بأن فيه إبقاء الشرط على حقيقته مع كونه أنسب بقوله تعالى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى أي سيذكر بتذكيرك من من شأنه أن يخشى اللّه تعالى حق خشيته أو من يخشى اللّه تعالى في الجملة فيزداد ذلك التذكير فيتفكر في أمر ما تذكره به فيقف على حقيقته فيؤمن به وقيل إن إِنْ بمعنى إذ كما
في قوله تعالى وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران : 139] أي إذ كنتم لأنه سبحانه لم يخبرهم بكونهم الأعلون إلّا بعد إيمانهم وقوله صلّى اللّه عليه وسلم في زيارة أهل القبور : «وإنا إن شاء اللّه تعالى بكم لاحقون»
وأثبت هذا المعنى لها الكوفيون احتجاجا بما ذكر ونظائره وأجاب النافون عن ذلك بما في المغني وغيره وقيل هي بمعنى قد ، وقد قال بهذا المعنى قطرب. وقال عصام الدين : المراد أن التذكير ينبغي أن يكون بما يكون مهما لمن له التذكير فينبغي تذكير الكافرين بالإيمان لا بالفروع كالصلاة والصوم والحج إذ لا تنفعه بدون الإيمان ، وتذكير المؤمن التارك للصلاة بها دون الإيمان مثلا وهكذا فكأنه قيل : ذكر كل واحد بما ينفعه ويليق به. وقال الفرّاء والنحاس والجرجاني والزهراوي : الكلام على الاكتفاء والأصل فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى وإن لم تنفع كقوله تعالى سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [النحل : 81] والظاهر أن الذين لا يقولون بمفهوم المخالفة سواء كان مفهوم الشرط أو غيره لا يشكل عليهم أمر هذه الآية كما لا يخفى.
يَتَجَنَّبُهَا
أي ويتجنب الذكرى ويتحاماهاَْشْقَى
وهو الكافر المصرّ على إنكار المعاد ونحوه الجازم بنفي ذلك مما يقتضي الخشية بوجه وهو أشقى أنواع الكفرة. وقيل : المراد به الكافر المتوغل في عداوة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم كالوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة. وقد روي أن الآية نزلت فيهما فإنه أشقى من غير المتوغل. وقيل : المراد به الكافر مطلقا فإنه أشقى من الفاسق وقيل المفضل عليه كفرة سائر الأمم فإنه حيث كان المؤمن من هذه الأمة أسعد من مؤمنيهم كان الكافر منها أشقى من كافريهم والأوجه عندي في المراد بالأشقى ما تقدم الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى أي الطبقة السفلى من أطباق النار كما قال الفراء ولا بعد في تفاضل نار الآخرة وكون بعض منها أكبر من بعض وأشد حرارة. وقال الحسن الْكُبْرى نار الآخرة ، والصغرى نار الدنيا
ففي الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا : «ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم».
وفي رواية للإمام أحمد عنه مرفوعا أيضا : «إن هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم»
فلعل السبعين وارد مورد التكثير وهو كثير ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها فيستريح وَلا يَحْيى أي حياة تنفعه ، وقيل : إن روح أحدهم تصير في حلقه فلا تخرج فيموت ولا ترجع إلى موضعها من الجسد فيحيا وهو غير غني عن التقييد بنحو حياة كاملة على أنه بعد لا يخلو عن بحث وثم للتراخي في الرتبة فإن هذه الحالة أفظع وأعظم من نفس المصلي.
وقال عصام الدين : يحتمل أن يكون هذا الكلام كناية عن عدم النجاة لأن النجاة عن العذاب إنما يكون بالعمل في دار يموت فيها العامل ويحيا ، والنظم أقرب إلى هذا المعنى كيف واللائق بالمعنى السابق ثم لا يكون ميتا فيها ولا حيا فتأمل انتهى. وفي كون اللائق بالمعنى السابق ما ذكره دون ما في النظم الجليل منع ظاهر والظاهر أنه لائق به مع تضمنه رعاية الفواصل وكذا في توجيه كون ما ذكر كناية عن عدم النجاة خفاء وكأنه لذلك أمر بالتأمل وقد يقال : إن مثل ذلك الكلام يقال لمن وقع في شدة واستمر فيها فلا يبعد أن يكون فيه إشارة إلى خلودهم في العذاب وأمر التراخي الرتبي عليه ظاهر أيضا لظهور أن الخلود في النار الكبرى أفظع من دخولها وصليها. واعلم أن عدم الموت في النار على ما صرح به غير واحد مخصوص بالكفرة وأما عصاة المؤمنين الذين يدخلونها فيموتون فيها ، واستدل لذلك بما
أخرجه مسلم عن أبي سعيد عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «أما

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 321
أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم - أو قال - بخطاياهم فأماتهم اللّه تعالى إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل : يا أهل الجنة أفيضوا عليهم من الماء فينبتون نبات الحبة في حميل السيل»
قال الحافظ ابن رجب : إنه يدل على أن هؤلاء يموتون حقيقة وتفارق أرواحهم أجسادهم ، وأيد بتأكيد الفعل بالمصدر في
قوله عليه الصلاة والسلام «فأماتهم اللّه تعالى إماتة»
وأظهر منه ما
أخرجه البزار عن أبي هريرة مرفوعا : «إن أدنى أهل الجنة حظا أو نصيبا قوم يخرجهم اللّه تعالى من النار فيرتاح لهم الرب تبارك وتعالى وذلك أنهم كانوا لا يشركون باللّه تعالى شيئا فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل ، حتى إذا دخلت الأرواح أجسادهم فيقولون ربنا كما أخرجتنا من النار وأرجعت الأرواح إلى أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار ، فينصرف وجوههم عن النار»
وهذه الإماتة على ما اختاره غير واحد بعد أن يذوقوا ما يستحقونه من عذابها بحسب ذنوبهم كما يشعر به حديث مسلم وإبقاؤهم فيها ميتين إلى أن يؤذن بالشفاعة لإيجابه تأخير دخولهم الجنة تلك المدة كان تتمة لعقوبتهم بنوع آخر فتكون ذنوبهم قد اقتضت أن يعذبوا بالنار مدة ثم يحسبوا فيها من غير عذاب مدة فهم كمن أذنب في الدنيا فضرب وحبس بعد الضرب جزاء لذنبه ولم يبقوا أحياء فيها من غير عذاب كخزنتها إما ليكون أبعد عن أن يهولهم رؤيتها ، أو لتكون الإماتة وإخراج الروح من تتمة العقوبة أيضا. وقال القرطبي : يجوز أن تكون إماتتهم عند إدخالهم فيها ويكون إدخالهم وصرف نعيم الجنة عنهم مدة كونهم فيها عقوبة لهم كالحبس في السجن بلا غل ولا قيد مثلا ، ويجوز أن يكونوا متألمين حالة موتهم نحو تألم الكافر بعد موته وقبل قيام الساعة ويكون ذلك أخف من تألمهم لو بقوا أحياء كما أن تألم الكافر بعد موته في قبره أخف من تألمه إذا أدخل النار بعد البعث وهو كما ترى. وفي مطامح الأفهام يجوز أن يراد بالإماتة المذكورة وفي الحديث الإنامة وقد سمى اللّه تعالى النوم وفاة لأن فيه نوعا من عدم الحسن. وفي الحديث المرفوع : «إذا أدخل اللّه تعالى الموحدين النار أماتهم فيها فإذا أراد سبحانه أن يخرجوا أمسهم العذاب تلك الساعة»
انتهى.
والمعول عليه ما ذكرناه وأولا واللّه تعالى أعلم.
قَدْ أَفْلَحَ أي نجا من المكروه وظفر بما يرجوه مَنْ تَزَكَّى أي تطهر من الشرك بتذكره واتعاظه بالذكرى وحمله على ذلك مروي عن ابن عباس وغيره. وأخرج البزار وابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال في ذلك : «من شهد أن لا إله إلّا اللّه وخلع الأنداد وشهد أني رسول اللّه»
واعتبر بعضهم أمرين فقال : أي تطهر من الكفر والمعصية وعليه يجوز أن يكون ما تقدم من باب الاقتصار على الأهم ، وقيل تزكى أي تكثر من التقوى والخشية من الزكاء وهو النماء ، وقيل تطهر للصلاة ، وقيل آتى الزكاة وروي هذا عن أبي الأحوص وقتادة وجماعة وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ بلسانه وقلبه لا بلسانه مع غفلة القلب إذ مثل ذلك لا ثواب فيه فلا ينبغي أن يدخل فيما يترتب عليه الفلاح والذكر القلبي باستحضار اسمه تعالى في القلب وإن كان ممدوحا بلا شبهة إلّا أن إرادته بخصوصه مما ذكر خلاف الظاهر وحكاه في مجمع البيان عن بعض. وما روي عن ابن عباس من قوله أي ذكر معاده وموقفه بين يدي ربه عز وجل ظاهر فيه وفي إقحام لفظ اسْمَ وذهب بعض الحنفية إلى أن المراد بهذا الذكر تكبيرة الافتتاح كأنه قيل وكبر للافتتاح
فَصَلَّى أي الصلوات الخمس كما أخرجه ابن المنذر وغيره عن ابن عباس وروي ذلك في حديث مرفوع
وقيل : الصلاة المفروضة وما أمكن من النوافل ، واحتج بذلك على وجوب التكبيرة حيث نيط به الفلاح ووقع بين واجبين بل فرضين

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 322
التزكي من الشرك والصلاة مع أن الاحتياط في العبادات واجب فلا يضر الاحتمال وعلى أن الافتتاح جائز بكل اسم من أسمائه عز وجل وهو ظاهر ، وعلى أن التكبيرة شرط لا ركن للعطف بالفاء وعطف الكل على الجزء كعطف العام على الخاص وإن جاز لا يكون بها مع أنه لو سلم صحته بتكلف فلا بد له من نكتة ليدعي وقوعه في الكلام المعجز فحيث لم تظهر لم يصح ادعاؤه وبناء الركنية عليه والانصاف أنه مع ما سمعت احتجاج ليس بالقوي ، وقيل هو خصوصبسم اللّه الرحمن الرحيم
قبل الصلاة وليس بشيء. وعن علي كرم اللّه تعالى وجهه تَزَكَّى أي تصدق صدقة الفطر وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ كبّر يوم العيد. فَصَلَّى صلاة العيد.
وعن جماعة من السلف ما يقتضي ظاهره ذلك ، وتعقب بأن الصلاة مقدمة على الزكاة في القرآن وأن السورة مكية ولم يكن حينئذ عيد ولا فطر ، ورد بأن ذلك إذا ذكرت باسمها أما إذا ذكرت بفعل فتقديمها غير مطدر ومنه فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى [القيامة : 31] على أنه يجوز أن تكون مخالفة العادة هاهنا للإرشاد إلى أن هذه الزكاة المقدمة قولا ينبغي تقديمها فعلا على الصلاة ولهذا كانوا يخرجونها قبل أن يصلوا العيد كما جاء في الآثار ، وكون السورة مكية غير مجمع عليه وعلى القول بمكيتها الذي هو الأصح يكون ذلك مما تأخر حكمه عن نزوله. وأقول أن يقال تَزَكَّى أي تطهر من الشرك بأن آمن بقلبه وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ أي قال لا إله إلا اللّه فَصَلَّى أي الصلاة المفروضة وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ما يؤيده فيكون تَزَكَّى إشارة إلى التصديق بالجنان وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ إلى النطق باللسان فَصَلَّى إلى العمل بالأركان لما أن الصلاة عماد الدين وأفضل الأعمال البدنية وناهية عن الفحشاء والمنكر فلا بدع أن تذكر فيراد جميع الأعمال البدنية والعبادات القلبية وقد يقال : اقتصر على ذكر الصلاة لأن الفرائض والواجبات البدنية لم تكن تامة يوم نزول السورة وكانت الصلاة أهم ما نزل إن كان نزل غيرها. وقد روى عطاء عن ابن عباس ويزيد النحوي عن عكرمة والحسن بن أبي الحسن أن أول ما نزل من القرآن بمكة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم ن ثم المزمل ثم المدثر ثم تَبَّتْ ثم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ثم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ثم إن من رداف لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه وكان ذكر اللّه تعالى المطلوب هو مجموع الجملتين فلا بعد في أن يراد من ذكره تعالى في الآية وإذا اعتبر الإتيان باسمه عز وجل في الجملة الثانية على الوجه الذي أتى به ذكرا له تعالى كان أمر الإرادة أقرب وهذا الوجه لا يخلو عن حسن.
وكلمة قَدْ لما أنه عند الإخبار بسوء حال المتجنب عن الذكر في الآخرة يتوقع السامع الإخبار بحسن حال المتذكر فيها. ولا يبعد أن تكون الجملة مستأنفة استئنافا جوابا لسؤال نشأ عن بيان حال المتجنب والسكوت عن حال المتذكر الذي يخشى فكأنه قيل : ما حال من تذكر؟ فقيل قَدْ أَفْلَحَ إلى آخره وكان الظاهر قد أفلح من تذكر إلا أنه وضع مَنْ تَزَكَّى إلى آخره موضع من تذكر إشارة إلى بيان المتذكر بسماته.
وقوله تعالى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا إضراب عن مقدر ينساق إليه الكلام كأنه قيل إثر بيان ما يؤدي إلى الفلاح لا تفعلون ذلك بَلْ تُؤْثِرُونَ إلخ ولعله مراد من قال إنه إضراب عن قَدْ أَفْلَحَ إلخ وقيل إضراب عن بيان حال المتذكر والمتجنب إلى بيان أنه لا ينفع هذا البيان وأضعافه المتمردين على وجه يتضمن بيان سبب عدم النفع وهو إيثار الحياة الدنيا ، والخطاب على هذا للكفرة الأشقين من أهل مكة وعلى الأول يحتمل أن يكون لهم فالمراد بإيثار الحياة الدنيا هو الرضاء والاطمئنان بها والإعراض عن الآخرة بالكلية كما في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها [يونس : 7] الآية ويحتمل أن

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 323
يكون لجميع الناس على سبيل التغليب فالمراد بإيثارها إنما هو أعم مما ذكر وما لا يخلو عنه الناس غالبا من ترجيح جانب الدنيا على الآخرة في السعي وترتيب المبادئ. وعن ابن مسعود ما يقتضيه والالتفات على الأول لتشديد التوبيخ وعلى الثاني. كذلك في حق الكفرة ولتشديد العتاب في حق المسلمين ، وقيل لا التفات لأنه بتقدير قل. وقرأ عبد اللّه وأبو رجاء والحسن والجحدري وأبو حيوة وابن أبي عبلة وأبو عمرو والزعفراني وابن مقسم «يؤثرون» بياء الغيبة وقوله تعالى وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى حال من فاعل تؤثرون مؤكدة للتوبيخ والعتاب أي تؤثرونها على الآخرة والحال أن الآخرة خير في نفسها لما أن نعيمها مع كونه في غاية ما يكون من اللذة خالص عن شائبة الغائلة أبدي لا انصرام له ، وعدم التعرض لبيان تكدر نعيم الدنيا بالمنغصات وانقطاعه عما قليل لغاية الظهور إِنَّ هذا إشارة على ما أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد إلى قوله تعالى وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى وروي ذلك عن قتادة. وقال غير واحد : إشارة إلى ما ذكر من قوله سبحانه قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى إلخ وسيأتي إن شاء اللّه تعالى في الحديث ما يشهد له. وقال الضحاك : إشارة إلى القرآن فالآية كقوله تعالى وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ [الشعراء : 196] وعن ابن عباس وعكرمة والسدّي إشارة إلى ما تضمنته السور جميعا وفيه بعد لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى أي ثابت فيها معناه. وقرأ الأعمش وهارون وعصمة كلاهما عن أبي عمرو بسكون الحاء وكذا فيما بعد وهي لغة تميم على ما في اللوامح صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى بدل من الصُّحُفِ الْأُولى وفي إبهامها ووصفها بالقدم ثم بيانها وتفسيرها من تفخيم شأنها ما لا يخفى ، وكانت صحف إبراهيم عشرة وكذا موسى صحف عليه السلام ، والمراد بها ما عدا التوراة
أخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي ذر قال : قلت : يا رسول اللّه كم أنزل اللّه تعالى من كتاب؟ قال : «مائة كتاب وأربعة كتب ، أنزل على شيث خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشر صحائف ، وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف ، وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان». قلت : يا رسول اللّه فما كانت صحف إبراهيم؟ قال : «أمثال كلها أيها الملك المتسلط على المبتلى المغرور لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر ، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه ويتذكر فيما صنع وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال فإن في هذه الساعة عونا لتلك الساعات واجتماعا للقلوب وتفريغا لها ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه فإن من حسب كلامه من عمله أقل الكلام إلّا فيما يعنيه ، وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم». قلت : يا رسول اللّه فما كانت صحف موسى؟ قال : «كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت ثم يفرح ، ولمن أيقن بالنار ثم يضحك ، ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم يطمئن إليها ، ولمن أبقى بالقدر ثم يغضب ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل». قلت يا رسول اللّه هل أنزل عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال :
«يا أبا ذر نعم قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى »
واللّه تعالى أعلم بصحة الحديث. وقرأ أبو رجاء «إبرهم» بحذف الألف والياء وبالهاء مفتوحة ومكسورة وعبد الرحمن ابن أبي بكرة بكسرها لا غير. وقرأ أبو موسى الأشعري وابن الزبير «ابراهام» بألفين في كل القرآن. وقرأ مالك بن دينار «ابراهم» بألف وفتح الهاء وبغير ياء. وجاء كما قال ابن خالويه «إبرهم» بضم الهاء بلا ألف ولا ياء وهذا من تصرفات العرب في الأسماء الأعجمية فإن إبراهيم على الصحيح منها. وحكى الكرماني في عجائبه أنه اسم عربي مشتق من البرهمة وهي شدة النظر ونسبه قد تقدم وكذا نسب موسى صلّى اللّه عليه وسلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 324
سورة الغاشية
مكية بلا خلاف وعدة آياتها ست وعشرون كذلك وكان صلّى اللّه عليه وسلم كما أخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن النعمان بن بشير يقرؤها في الجمعة مع سورتها
ولما أشار سبحانه فيما قبل إلى المؤمن والكافر والجنة والنار إجمالا بسط الكلام هاهنا فقال عز قائلا :
[سورة الغاشية (88) : الآيات 1 إلى 26]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (2) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3) تَصْلى ناراً حامِيَةً (4)
تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (6) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (8) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (9)
فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (10) لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (11) فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (12) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (14)
وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19)
وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (24)
إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (26)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قيل هَلْ بمعنى قد وهو ظاهر كلام قطرب حيث قال : أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية ، والمختار أنه للاستفهام وهو استفهام أريد به التعجيب مما في حيّزه والتشويق إلى استماعه والإشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن تتناقلها الرواة ويتنافس في تلقنها الوعاة. وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال : مر النبي صلّى اللّه عليه وسلم على امرأة تقرأ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ فقام عليه الصلاة والسلام يستمع ويقول : «نعم قد جاءني»
والْغاشِيَةِ القيامة كما قال سفيان.
والجمهور وأطلق عليها ذلك لأنها تغشى الناس بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها. وقال محمد بن كعب وابن جبير :
هي النار من قوله تعالى وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ [ابراهيم : 50] وقوله سبحانه وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ [الأعراف : 41] وليس بذاك فإن ما سيرى من حديثها ليس مختصا بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 325
أيضا وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ المرفوع مبتدأ وجاز الابتداء به وإن كان نكرة لوقوعه في موضع التنويع ، وقيل لأن تقدير الكلام أصحاب وجوه والخبر ما بعد والظرف متعلق به والتنوين عوض عن جملة أشعرت بها الْغاشِيَةِ أي يوم إذا غشيت. والجملة إلى قوله تعالى مَبْثُوثَةٌ استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من الاستفهام التشويقي كأن قيل من جهته عليه الصلاة والسلام ما أتاني حديثها ما هو؟ فقيل وُجُوهٌ إلخ. قال ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما : لم يكن أتاه صلّى اللّه عليه وسلم حديثها فأخبره سبحانه عنها فقال جل وعلا وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ والمراد بخاشعة ذليلة ولم توصف بالذل ابتداء لما في وصفها بالخشوع من الإشارة إلى التهكم وإنها لم تخشع في وقت ينفع فيه الخشوع ، وكذا حال وصفها بالعمل في قوله سبحانه عامِلَةٌ على ما قيل وهو وقوله تعالى ناصِبَةٌ خبران آخران لوجوه إذ المراد بها أصحابها وفي ذلك الاحتمالات أخر ستأتي إن شاء اللّه تعالى أي عاملة في ذلك اليوم تعبة فيه ، وذلك في النار على ما روي عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة ، وعملها فيها على ما قيل جر السلاسل والأغلال والخوض فيها خوض الإبل في الوحل والصعود والهبوط في تلالها ووهادها وذلك جزاء التكبر عن العمل وطاعة اللّه تعالى في الدنيا وعن زيد بن أسلم أنه قال : أي عامِلَةٌ في الدنيا ناصِبَةٌ فيها لأنها على غير هدى فلا ثمرة لها إلّا النّصب وخاتمته النار وجاء ذلك في رواية أخرى عن ابن عباس وابن جبير أيضا. والظاهر أن الخشوع عند هؤلاء باق على كونه في الآخرة وعليه فيومئذ لا تعلق له بالوصفين معنى بل متعلقهما في الدنيا ولا يخفى ما في هذا الوجه من البعد وظهور أن العمل لا يكون في الآخرة بعد تسليمه لا يجدي نفعا في دفع بعده.
وقال عكرمة عامِلَةٌ في الدنيا ناصِبَةٌ يوم القيامة والظاهر أن الخشوع على ما مر ولا يخفى ما في جعل المحاط باستقبالين ماضويا من البعد ، وقيل : الأوصاف الثلاثة في الدنيا والكلام على منوال :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة أي ظهر لهم يومئذ أنها كانت خاشعة عاملة ناصبة في الدنيا من غير نفع وأما قبل ذلك اليوم فكانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا وهؤلاء النساك من اليهود والنصارى كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس ويشمل غيرهم مما شاكلهم من نساك أهل الضلال وهذا الوجه أبعد من أخويه. وقوله تعالى تَصْلى ناراً حامِيَةً متناهية في الحر من حميت النار إذا اشتد حرها خبر آخر ل وُجُوهٌ وقيل خاشِعَةٌ صفة لها وما بعد أخبار ، وقيل : الأولان صفتان والأخيران خبران ، وقيل : الثلاثة الأول صفات وهذه الجملة هي الخبر والكل كما ترى. وجوز أن يكون هذا وما بعده من الجملتين استئنافا مبينا لتفاصيل أحوالها. وقرأ ابن كثير في رواية شبل وحميد وابن محيصن «عاملة ناصبة» بالنصب على الذم. وقرأ أبو رجاء وابن محيصن ويعقوب وأبو عمرو وأبو بكر «تصلى» بضم التاء وقرأ خارجة «تصلّى» بضم التاء وفتح الصاد مشدد اللام للمبالغة تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ بلغت اناها أي غايتها في الحر فهي متناهية فيه كما في قوله تعالى وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن : 44] وهو التفسير المشهور. وقد روي عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقال ابن زيد أي حاضرة لهم من قولهم أنى الشيء حضر وليس بذاك لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ بيان لطعامهم إثر بيان شرابهم ، والضريع كما أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس الشبرق اليابس وهي على ما قاله عكرمة شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض. وقال غير واحد : هو جنس من الشوك ترعاه الإبل رطبا فإذا يبس تحامته وهو سم قاتل. قال أبو ذؤيب :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وصار ضريعا بان عنه النحائص

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 326
وقال ابن غرارة الهذلي يذكر إبلا وسوء مرعى :
وحبسن في هزم الضريع فكلها حدباء دامية اليدين حرود
وقال بعض اللغويين : الضريع يبيس العرفج إذا انحطم. وقال الزجاج : نبت كالعوسج. وقال الخليل : نبت أخضر منتن الريح يرمي به البحر. والظاهر أن المراد ما هو ضريع حقيقة وقيل هو شجرة نارية تشبه الضريع وأنت تعلم أنه لا يعجز اللّه تعالى الذي أخرج من الشجر الأخضر نارا أن ينبت في النار شجر الضريع. نعم يؤيد ما قيل ما حكاه
في البحور الزاخرة عن البغوي عن ابن عباس يرفعه : «الضريع شيء في النار شبه الشوك أمرّ من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، وأشد حرا من النار»
فإن صح فذاك. وقال ابن كيسان : هو طعام يضرعون عنده ويذلون ويتضرعون إلى اللّه تعالى طلبا للخلاص منه فسمي بذلك وعليه يحتمل أن يكون شجرا وغيره. وعن الحسن وجماعة أنه الزقوم. وعن ابن جبير أنه حجارة في النار ، وقيل : هو واد في جهنم أي ليس لهم طعام إلّا من ذلك الموضع ، ولعله هو الموضع الذي يسيل إليه صديد أهل النار وهو الغسلين وعليه يكون التوفيق بين هذا الحصر والحصر في قوله تعالى وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [الحاقة : 36] ظاهرا بأن يكون طعامهم من ذلك الوادي هو الغسلين الذي يسيل إليه ، وكذا إذا أريد به ما قاله ابن كيسان واتحد به وقد يتحد بهما عليه أيضا الزقوم واتحاده بالضريع على القول بأنه شجرة قريب. وقيل في التوفيق إن الضريع مجازا أو كناية أريد به طعام مكروه حتى للإبل وغيرها من الحيوانات التي تلتذ رعي الشوك فلا ينافي كونه زقوما أو غسلينا ، وقيل : إنه أريد أن لا طعام لهم أصلا لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الناس كما يقال : ليس لفلان إلّا ظل إلّا الشمس أي لا ظل له وعليه يحمل قوله تعالى وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ وقوله تعالى إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ [الدخان : 43 ، 44] فلا مخالفة أصلا. وقيل : إن الغسلين وهو الصديد في القدرة الإلهية أن تجعله على هيئة الضريع والزقوم فطعامهم الغسلين والزقوم اللذان هما الضريع ولا يخفى تعسفه على الرضيع.
وقد يقال في التوفيق على القول بأن الثلاثة متغايرة بالذات أن العذاب ألوان والمعذبون طبقات فمنهم أكلة الزقوم ، ومنهم أكلة الغسلين ، ومنهم أكلة الضريع لكل باب منهم جزء مقسوم لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ إما في محل جر صفة لضريع والمعنى أن طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه ومنفعتا الغذاء منفيتان عنه وهما إماطة الجوع وإفادة القوة والسمن في البدن ، وإن شئت فقل إنه من شيء مكروه يضرع عنده ويتضرع إلى اللّه تعالى ويطلب منه سبحانه الخلاص عنه وليس فيه منفعتا الغذاء أصلا ، وإما في محل رفع صفة لطعام المقدر إذ التقدير ليس لهم طعام إلّا طعام من ضريع. والمعنى قريب مما ذكر ولا يجوز كونه صفة للمذكور إذ لا يدل حينئذ على أن طعامهم منحصر في الضريع بل يدل على أن ما لا يسمن ولا يغني من طعامهم منحصر فيه ويفسد المعنى. وأما لا محل له من الإعراب على أنه مستأنف والأول أظهر. ويروى أن كفار قريش قالوا لما سمعوا صدر الآية : إن الضريع لتسمن عليه إبلنا. فنزلت لا يُسْمِنُ إلخ. قيل : فلا يخلو إما أن يتكذبوا أو يتعنتوا بذلك وهو الظاهر فيرد قولهم بنفي السمن والشبع وإما أن يصدقوا فيكون المعنى أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم إنما هو غير مسمن ولا مغن من جوع. وعلى الأول هو صفة مؤكدة ردا لما زعموه لا كاشفة إذ لا خفاء وعلى الثاني هو صفة مخصصة وأيّا ما كان فتنكير الجوع للتحقير أي لا يغني من جوع ما ، وتأخير نفي الإغناء عنه لمراعاة الفواصل والتوسل به إلى التصريح بنفي كلا الأمرين إذ لو قدم لما احتيج إلى ذكر نفي الاسمان ضرورة استلزام

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 327
نفي الإغناء عن الجوع إياه ولذلك كرر لا لتأكيد النفي. وفي الإرشاد إن نفي الأمرين عنه ليس على أن لهم استعدادا للشبع والسمن إلّا أنه لا يفيد شيئا منهما بل على أنه لا استعداد من جهتهم ولا إفادة من جهته ، وتحقيق ذلك أن جوعهم وعطشهم ليسا من قبيل ما هو المعهود منهما في هذه النشأة من حالة عارضة للإنسان عند استدعاء الطبيعة لبدل ما يتحلل من البدن مشوقة له إلى المطعوم والمشروب بحيث يلتذ بهما عند الأكل والشرب ويستغنى بهما عن غيرهما عند استقرارهما في المعدة ويستفيد منهما قوة وسمنا عند انهضامهما بل جوعهم عبارة عن اضطرارهم عند اضطرام النار في أحشائهم إلى إدخال شيء كثيف يملؤها ويخرج ما فيها من اللهب ، وأما أن يكون لهم شوق إلى مطعوم ما والتذاذ به عند الأكل واستغناء به عن الغير واستفادة قوة فهيهات. وكذا عطشهم عبارة
عن اضطرارهم عند أكل الضريع والتهابه في بطونهم إلى شيء مائع بارد ليطفئوه من غير أن يكون لهم التلذذ بشربه أو استفادة قوة به في الجملة وهو المعنى بما روي أنه تعالى يسلط عليهم الجوع بحيث يضطرون إلى أكل الضريع ، فإذا أكلوه سلّط عليهم العطش فاضطروا إلى شرب الحميم فيشوي وجوههم ويقطع أمعاءهم أعاذنا اللّه تعالى وسائر المسلمين من ذلك انتهى. وهو خلاف الظاهر ومثله لا يقال عن الرأي وليس له فيما وقفنا عليه مستند يؤول لأجله الظواهر ، فالحق أن لهم جوعا وعطشا وشهوة إلى الطعام والشراب كما أن للجائع والعطشان في الدنيا شهوة إليهما لكنهما لهم هناك قد بلغا الغاية بتسليط اللّه تعالى عز وجل بدون سبب عادي على نحو ما في الدنيا فيضطرون لذلك إلى الضريع والحميم كما يضطر من أفرط فيه الجوع والعطش في الدنيا إلى تناول الكريه البشع من المطعوم والمشروب لكنهم لا ينتفعون بما يتناولونه بل يزدادون به عذابا فوق العذاب. نسأل اللّه تعالى العفو والعافية بمنه وكرمه.
وقوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ شروع في رواية حديث أهل الجنة وتقديم حكاية أهل النار لأنه أدخل في تهويل الغاشية وتفخيم حديثها ولأن حكاية حسن حال أهل الجنة بعد حكاية سوء حال أهل النار مما يزيد المحكي حسنا وبهجة ، والكلام في إعرابه نظير ما تقدم وإنما لم تعطف هذه الجملة على تلك الجملة إيذانا بكمال تباين مضمونيهما. والناعمة إما من النعومة وكنى بها عن البهجة وحسن المنظر أي وجوه يومئذ ذات بهجة وحسن كقوله تعالى تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ [المطففين : 24] أو من النعيم أي وجوه يومئذ متنعمة لِسَعْيِها أي لعملها الذي عملته في دار الدنيا وهو متعلق بقوله تعالى راضِيَةٌ والتقديم للاعتناء مع رعاية الفاصلة واللام ليست للتعليل بل مثلها في رضيت بكذا ، فكأنه قيل راضية بسعيها. وذكر بعض المحققين أنها مقوية لتعدي الوصف بنفسه ولذا قال سفيان في ذلك كما أخرجه عنه ابن أبي حاتم :
رضيت عملها ورضاها به كناية أو مجاز عن أنه محمود العاقبة مجازى عليه أعظم الجزاء وأحسنه. وقيل في الكلام مضاف مقدر أي لثواب سعيها راضية وجوز كون اللام للتعليل أي لأجل سعيها في طاعة اللّه تعالى راضية حيث أوتيت وما أتيت من الخير وليس بذاك فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ مرتفعة المحل أو علية القدر فالعلو إما حسّي أو معنوي وجمع أبو حيان بينهما لا تَسْمَعُ خطاب لكل من يصلح للخطاب أو هو مسند إلى ضمير الغائبة المؤنثة وهو راجع للوجوه على أن المراد بها أصحابها أو الإسناد مجازي وكذا يقال فيما قبل وأشار بعض إلى أن في الآية صنعة الاستخدام اختيارا لأن المراد بالوجوه أولا حقيقتها وعند إرجاع الضمير إليها ثانيا أصحابها فهم الذين لا يسمعون فِيها لاغِيَةً أي لغوا فهي مصدر بمعناه ويجوز كونها صفة كلمة محذوفة على أنها للنسب أي كلمة ذات لغو ، وجوز على تقدير كونها صفة كون الإسناد مجازيا لأن الكلمة ملغو بها

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 328
لا لاغية ، ويجوز أن تكون صفة نفس محذوفة أي لا تسمع فيها نفسا لاغية وجعلها مسموعة لوصفها بما يسمع كما تقول : سمعت زيدا يقول كذا ، وجوز أن يكون ذلك على المجاز في الإسناد أيضا. وقرأ الأعرج وأهل مكة والمدينة ونافع وابن كثير وأبو عمرو بخلاف عنهم «لا تسمع» بتاء التأنيث مبنيا للمفعول «لاغية» بالرفع وابن محيصن وعيسى وابن كثير وأبو عمرو كذلك إلّا أنهم قرؤوا بالياء التحتية لأن التأنيث مجازي مع وجود الفاصل والجحدري كذلك إلّا أنه نصب «لاغية» على معنى لا يسمع فيها أي أحد لاغية من قولك أسمعت زيدا فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ قيل يجري ماؤها ولا ينقطع وعدم الانقطاع إما من وصف العين لأنها الماء الجاري فوصفها بالجريان يدل على المبالغة كما في ناراً حامِيَةً وإما من اسم الفاعل فإنه للاستمرار بقرينة المقام والتنكير للتعظيم واختار الزمخشري كونه للتكثير كما في عَلِمَتْ نَفْسٌ [التكوير : 14 ، الانفطار : 5] أي عيون كثيرة تجري مياهها فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ رفيعة السمك أو المقدار وقيل مخبوءة من رفعت لك كذا أي خبأته وَأَكْوابٌ وقداح لا عرا لها مَوْضُوعَةٌ أي بين أيديهم وقيل على حافات العيون وجوز أن يراد موضوعة عن حد الكبار أوساط بين الصغر والكبر كقوله تعالى قَدَّرُوها تَقْدِيراً [الإنسان : 16] ولا يخفى بعده وَنَمارِقُ ووسائد قال زهير :
كهولا وشبانا حسانا وجوههم على سرر مصفوفة ونمارق
جمع نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما وفتحهما وبغير هاء مَصْفُوفَةٌ صف بعضها إلى جنب بعض للاستناد إليها والاتكاء عليها. وقال الكلبي : وسائد موضوعة بعضها إلى جنب بعض كالشيء الذي جعل صفا أينما أراد أن يجلس المؤمن جلس على واحدة واستند إلى أخرى وعلى رأسه وصائف كأنهن الياقوت والمرجان وَزَرابِيُّ وبسط فاخرة كما قال غير واحد وقال الفرّاء : هي الطنافس التي لها خمل رقيق. وقال الراغب : إنها في الأصل ثياب محبرة منسوبة إلى موضع ثم استعيرت للبسط واحدها زربية مثلثة الزاي ولم يفرق في الصحاح بين الزرابي والنمارق ، والظاهر الفرق. نعم قيل قد جاء نمارق بمعنى الزرابي ومنه :
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
لظهور أن الوسائد لا يمشى عليها عادة مَبْثُوثَةٌ مبسوطة أو مفرقة في المجالس أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ استئناف مسوق لتقرير ما فصل من حديث الغاشية وما هو مبني عليه من البعث الذي هم فيه مختلفون بالاستشهاد عليه بما لا يستطيعون إنكاره. وأخرج عبد بن حميد وغيره عن قتادة قال : لما نعت اللّه تعالى ما في الجنة عجب من ذلك أهل الضلالة فأنزل سبحانه وتعالى أَفَلا يَنْظُرُونَ إلخ ويرجع هذا في الآخرة إلى إنكار. البعث كما لا يخفى والهمزة للإنكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، وكلمة كَيْفَ منصوبة بما بعدها على أنها حال من مرفوع خُلِقَتْ كما في قوله تعالى كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ [البقرة : 28] معلقة لفعل النظر والجملة بدل اشتمال من الإبل وقد تبدل الجملة وفيها الاستفهام من الاسم الذي قبلها كقولهم عرفت زيدا أبو من هو على أصح الأقوال على أن العرب قد أدخلت إلى على كيف بلا واسطة إبدال كما أدخلت عليها على فحكي عنهم أنهم قالوا : انظر إلى كيف يصنع كما حكي عنهم أنهم قالوا على كيف تبيع الأحمرين. وذكر أبو حيان في البحر والتذكرة وغيرهما أنه إذا علق الفعل عما فيه الاستفهام لم يبق الاستفهام على حقيقته. وقيل كيف بدل من الإبل وتعقبه في المغني بما في بعضه نظر ، وجوز في مجمع البيان كونها في موضع نصب على المصدر وهو كما ترى والإبل يقع على البعران الكثيرة ولا واحد له من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 329
لفظه وهو مؤنث ولذا إذا صغر دخلته التاء فقالوا أبيلة وقالوا في الجمع آبال وقد اشتقوا من لفظه ، فقالوا : أبل وتأبل الرجل وتعجبوا من هذا الفعل على غير قياس فقالوا : ما آبل زيدا ولم يحفظ سيبويه فيما قيل اسما جاء على فعل بكسر الفاء والعين وغير ابل أي أينكرون ما أشير إليه من البعث وأحكامه ويستبعدون وقوعه من قدرة اللّه عز وجل فلا ينظرون إلى الإبل التي هي نصب أعينهم يستعملونها كل حين كيف خلقت خلقا بديعا معدولا به عن سنن خلق أكثر أنواع الحيوانات في عظم جثتها وشدة قوتها وعجيب هيئاتها اللائقة بتأتّي ما يصدر عنها من الأفاعيل الشاقة كالنوء بالأوقار الثقيلة وهي باركة وإيصالها الأثقال الفادحة إلى الأقطار النازحة وفي صبرها على الجوع والعطش حتى إن ظمأها ليبلغ العشر بكسر فسكون وهو ثمانية أيام بين الوردين وربما يجوز ذلك وتسمى حينئذ الحوازي بالحاء المهملة والزاي واكتفائها بالسير ورعيها لكل ما يتيسر من شوك وشجر وغير ذلك مما لا يكاد يرعاه سائر البهائم ، وفي انقيادها مع ذلك للإنسان في الحركة والسكون والبروك والنهوض حيث يستعملها في ذلك كيف يشاء ويقتادها بقطارها كل صغير وكبير ، وفي تأثرها بالصوت الحسن على غلظ أكبادها إلى غير ذلك ، وخصت بالذكر لأنها أعجب ما عند العرب من الحيوانات التي هي أشرف المركبات وأكثرها صنعا ولهم على أحوالها أتم وقوف. وعن الحسن أنها خصت بالذكر لانها تأكل النوى والقتّ وتخرج اللبن ، وقيل له الفيل أعظم في الأعجوبة ، فقال : العرب بعيدة العهد بالفيل ثم هو خنزير لا يؤكل لحمه ولا يركب ظهره أي على نحو ما يركب ظهر البعير من غير مشقة في تربيضه ولا يحلب دره.
وقال أبو العباس المبرد : الإبل هنا السحاب لأن العرب قد تسميها بذلك إذ تأتي أرسالا كالإبل وتزجى كما تزجى الإبل وهي في هيئاتها أحيانا تشبه الإبل يعني أن إرادته منها هنا على طريق التشبيه والمجاز وكأنه كما قال الزمخشري لم يدع القائل بذلك إلّا طلب المناسبة بين المتعاطفات على ما يقتضيه قانون البلاغة وهي حاصلة مع بقاء الإبل في عطنها. قال الإمام : التناسب فيها أن الكلام مع العرب وهم أهل أسفار على الإبل في البراري فربما انفردوا فيها والمنفرد يتفكر لعدم رفيق يحادثه وشاغل يشغله فيتفكر فيما يقع عليه طرفه فإذا نظر لما معه رأى الإبل ، وإذا نظر لما فوقه رأى السماء ، وإذا نظر يمينا وشمالا رأى الجبال ، وإذا نظر لأسفل رأى الأرض فأمر بالنظر في خلوته لما يتعلق به النظر من هذه الأمور فبينها مناسبة بهذا الاعتبار. وقال عصام الدين :
إن خيال العرب جامع بين الأربعة لأن ما لهم النفيس الإبل ومدار السقي لهم على السماء ورعيهم في الأرض وحفظ مالهم بالجبال ، وما ألطف ذكر الإبل بعد ذكر الضريع فإن خطورها بعده على طرف الثمام ، وإذا صح ما روي من كلام قريش عند نزول تلك الآية كان ذكرها ألطف وألطف.
وقرأ الأصمعي عن أبي عمرو «إلى الإبل» بسكون الباء وقرأ علي كرّم اللّه تعالى وجه وابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما «إبلّ» بتشديد اللام ورويت عن أبي عمرو وأبي جعفر والكسائي وقالوا : إنها السحاب عن قوم من أهل اللغة.
وَإِلَى السَّماءِ التي يشاهدونها ليلا ونهارا كَيْفَ رُفِعَتْ رفعا سحيق المدى بلا عماد ولا مساك بحيث لا يناله الفهم والإدراك وَإِلَى الْجِبالِ التي ينزلون في أقطارها وينتفعون بمائها وأشجارها كَيْفَ نُصِبَتْ وضعت وضعا ثابتا يتأتى معه ارتقاؤها فلا تميل ولا تميد ويمكن الرقي إلى دارها وَإِلَى الْأَرْضِ التي يضربون فيها ويتقلبون عليها كَيْفَ سُطِحَتْ سفحا بتوطئة وتمهيد وتسوية وتوطيد حسبما يقتضيه صلاح أمور أهلها ولا ينافي ذلك القول بأنها قريبة من الكرة الحقيقية لمكان عظمها. وقرأ عليّ كرم اللّه تعالى

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 330
وجهه وأبو حيوة وابن أبي عبلة «خلقت» «رفعت» «نصبت» «سطحت» بتا المتكلم مبنيا للفاعل والمفعول ضمير محذوف وهو العائد إلى المبدل منه بدل اشتمال أي خلقتها رفعتها نصبتها سطحتها. وقرأ الحسن وهارون الرشيد سُطِحَتْ بتشديد الطاء والمعنى أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار إلى كيفية خلق هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور ليرجعوا عما هم عليه من الإنكار والنفور ويسمعوا إنذارك ويستعدوا للقائه بالإيمان والطاعة. وجوز أن يحمل النظر على الإبصار ويكون فيه دعوى ظهور المطلوب بحيث يظهر بمجرد إبصار هذه المخلوقات وهو خلاف الظاهر. والفاء في قوله تعالى فَذَكِّرْ لترتيب الأمر بالتذكير على ما ينبىء عنه الإنكار السابق من عدم النظر أي فاقتصر على التذكير ولا تلح عليهم ولا يهمنك أنهم لا ينظرون ولا يتذكرون. وقوله تعالى إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ تعليل للأمر. وقوله سبحانه لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ تقرير له وتحقيق لمعنى الإنذار أي لست بمتسلط عليهم تجبرهم على ما تريد كقوله تعالى وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق : 45] وقرأ الجمهور «بمصيطر» بالصاد وكسر الطاء والأصل السين والصاد بدل منه فإنه من السطر بمعنى التسلط يقال : سطر عليه إذا تسلط وقرأ حمزة في رواية بإشمام الصاد زايا وهارون بفتح الطاء وهي لغة تميم وسيطر متعد عندهم ويدل عليه قولهم تسيطر لمكان المطاوعة. وقوله تعالى إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ قيل استثناء منقطع وإِلَّا فيه بمعنى لكن ومَنْ موصولة مبتدأ وما بعدها صلة والعائد الضمير المستتر فيه.
وقوله سبحانه فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ خبر المبتدأ والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط نحو : الذي يأتيني فله درهم ، وجعل من شرطية يبعده وجود الفاء فيما يصلح لجوابيتها بدونها وتقدير فهو يعذبه تكلف مستغنى عنه وأيّا ما كان فمن المنقطع ما يقع بعد إلّا فيه جملة أي لكن من أعرض وأقام على الكفر منهم يعذبه اللّه تعالى العذاب الأكبر وهذا عذاب الآخرة في النار فإنه الأكبر وعذاب الدنيا بالنسبة إليه أصغر. وجعل الزمخشري الانقطاع على معنى لست بمستول عليهم لكن من تولى وكفر منهم فإن للّه تعالى الولاية عليه والقهر فيعذبه في نار جهنم ولم يجعل على ما قيل متصلا لأنه يلزم عليه كونه صلّى اللّه عليه وسلم مستوليا على من تولى وقد حصرت الولاية به تعالى ، وجوز اتصاله بأن يكون من ضمير عَلَيْهِمْ فيكون من في محل جر تابعا له وتسلطه صلّى اللّه عليه وسلم على المتولي باعتبار جهاده وقتله الذي وعد به عليه الصلاة والسلام ولا ينافي حصر الولاية به تعالى لأنه بأمره عز وجل فكأنه قيل : لست عليهم بمسيطر إلّا على من تولى وأقام على الكفر فإنك متسلط عليه بما يؤذن لك من جهاده وقتله وسبيه وأسره وبعده ذلك يعذبه اللّه تعالى في جهنم ، فيكون في الآية إيعاد لهم بالجهاد في الدنيا وعذاب النار في الآخرة.
وجوز أن يكون إيعادا بالجهاد فقط على أن المراد بالعذاب الأكبر القتل وسبي النساء والأولاد وسائر ما يترتب على الجهاد من البلايا فيكون فيه إشارة إلى أن هذه الأمة أكبر عذابهم في الدنيا ذلك لا ما كان في الأمم السابقة من الخسف والمسخ ونحوهما وأقيم فَيُعَذِّبُهُ إلخ مقام فتكون عليه متسلطا إيذانا بأن ذلك من قبله عز وجل حتى كأنه صلّى اللّه عليه وسلم لا دخل له فيه وقال عصام الدين في كون الاستثناء منقطعا إشكال لأن المستثنى المنقطع هو المذكور بعدا لا غير مخرج عن متعدد قبله لعدم دخوله فيه مخالف له في الحكم وليس من تولى وكفر خارجا عن قوله تعالى عَلَيْهِمْ وليس حكمهم مخالفا له. ثم أجاب بأن الاستثناء المنقطع قد
يكون لدفع توهم ناشىء مما سبق من غير أن يخالف المستثنى منه في الحكم فالواجب ذكر حكم له ليعلم أنه ليس حكمه مخالفا لحكم المستثنى منه فكأنه هاهنا لدفع توهم التعذيب فتأمل. وجوز كون الاستثناء متصلا من قوله تعالى فَذَكِّرْ ومَنْ موصولة لا غير والمراد بالعذاب استحقاق العذاب أي فذكر إلا من انقطع طمعك من إيمانه وتولى فاستحق العذاب الأكبر. وقوله إِنَّما أَنْتَ إلخ على هذا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 331
اعتراض ورجح الانقطاع بأن ابن عباس وزيد بن علي وقتادة وزيد بن أسلم قرؤوا «ألا» حرف تنبيه واستفتاح.
وقوله تعالى إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ تعليل لتعذيبه تعالى إياهم بالعذاب الأكبر وإياب مصدر آب أي رجع أي إن إلينا رجوعهم بالموت والبعث لا إلى أحد سوانا لا استقلالا ولا اشتراكا ، وجمع الضمير فيه وفيما بعده باعتبار معنى من كما أن إفراده فيما سبق باعتبار لفظها. وقرأ أبو جعفر وشيبة «إيّابهم» بتشديد الياء قال البطليوسي في كتاب المثلثات : هذه القراءة تحتمل تأويلين أحدهما أن يكون إيّاب بالتشديد فعالا من أوب على زنة ككذب كذابا وأصله أواب فلم يعتد بالواو الأولى حاجزا لضعفها بالسكون فأبدل من الواو الثانية ياء لانكسار الهمزة فصار في التقدير أويابا ثم قبلت الأولى ياء أيضا لاجتماع ياء وواو وسكون إحداهما ، ولأن الواو الأولى إذا لم تمنع من الانقلاب الثانية فهي أجدر بالانقلاب ، والثاني أن يكون فيعالا وأصله أيوابا فاعل إعلال سيد وفعله على هذا أيب على وزن فيعل كحوقل حيقالا من الإياب وأصله أيوب فاعل كما ذكرنا ، والوجه الأول أقيس لأنهم قالوا في مصدره التأويب والتفعيل مصدر فعل لا فيعل ومع ذلك فقد قالوا هو سريع الأوبة والأيبة فكأنهم آثروا الياء لخفتها انتهى. وقد ذكر هذين الوجهين الزمخشري إلّا أنه في الأول منهما يجوز أن يكون أصله أوابا فعالا من أوب ثم قيل أيوابا كديوان في دوان ثم فعل به ما فعل بأصل سيد ، وظاهره أن الواو الأول هي التي قلبت أولا ياء ، واعترض بأن المقرر أن الواو الأولى إذا كانت موضوعة على الإدغام وجاء ما قبلها مكسورا لا تقلب ياء لأجل الكسر كما في اخرواط مصدر اخروط وإن ديوانا إذا كان مذكورا للقياس عليه لا للتنظير لا يصلح لذلك لنصهم على شذوذه وكأن البطليوسي عدل إلى ما عدل لذلك.
وفي الكشف : لو جعل مصدر فاعل من الأوب فقد جاء فيه فيعال حتى قال بعضهم إن فعالا مخفف عنه لكان أظهر لأن فيعل لا يثبت إلّا بثبت والأول كالمنقاس ، ومعنى الفاعلة حينئذ إما المبالغة وإما مسابقة بعضهم بعضا في الأوب وأما جعله فعالا على ما قرر الزمخشري فأبعد إلى آخر كلامه وكونه من فاعل جوزه ابن عطية أيضا لكنه قال :
ويصح أن يكون من آوب فيجيء إيوابا سهلت همزته وكان اللازم في الإدغام يردها أوابا لكن استحسنت فيه الياء على غير قياس فاعترضه أبو حيان بأن قوله : وكان اللازم إلخ ليس بصحيح بل اللازم إذا اعتبر الإدغام أن يكون إيابا لأنه قد اجتمعت ياء وهي المبدلة من الهمزة بالتسهيل وواو وهي عين الكلمة وإحداهما ساكنة فتقلب الواو ياء وتدغم فيها الياء فيصير إيابا فلا تغفل.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ في المحشر لا على غيرنا وثُمَّ للتراخي الرتبي لا الزماني فإن الترتيب الزماني بين إيابهم وحسابهم لا بين كون إيابهم إليه تعالى وحسابهم عليه سبحانه فإنهما أمران مستمران. وفي تصدير الجملتين بأن وتقديم خبرها والإتيان بضمير العظمة وعطف الثانية على الأولى بثم المفيدة لبعد منزلة الحساب في الشدة من الإنباء عن غاية السخط الموجب لشديد العذاب ما لا يخفى. وفي الآية رد على كثير من الشيعة حيث زعموا أن حساب الخلائق على الأمير كرّم اللّه تعالى وجهه واستدلوا على ذلك بما افتروه عليه وعلى أهل بيته رضي اللّه تعالى عنهم أجمعين من الأخبار ومعنى
قوله كرم اللّه تعالى وجهه : أنا قسيم الجنة والنار
إن صح أن الناس من هذه الأمة فريقان فريق معي فهم على هدى وفريق عليّ فهم على ضلال فقسم معي في الجنة وقسم في النار» ولعلهم عنوا أن عليّا كرم اللّه تعالى وجهه يحاسب الخلائق بأمره عز وجل كما يقول غيرهم بأن الملائكة عليهم السلام يحاسبونهم بأمره جل وعلا وهو معنى لا ينافي الحصر الذي تقتضيه الآية لكنه لم يثبت ، وأي خصوصية في الأمير كرم اللّه تعالى وجهه من بين جميع الأنبياء والمرسلين

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 332
والملائكة المقربين عليهم الصلاة والسلام أجمعين نقتضيه ولا نقص له كرم اللّه وجهه في نفي ذلك عنه ويكفيه رضي اللّه تعالى عنه من ظهور شرفه يوم القيامة أنه يزف إلى الجنة بين النبيّ وإبراهيم عليهما وعليه الصلاة والسلام كما جاء في الحديث إلى غير ذلك مما يظهر في ذلك اليوم واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 333
سورة الفجر
مكية في قول الجمهور. وقال علي بن أبي طلحة : مدنية وآيها اثنتان وثلاثون آية في الحجازي ، وثلاثون في الكوفي والشامي ، وتسع وعشرون في البصري. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ [الغاشية : 3] ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ [الغاشية : 8] أتبعه تعالى بذكر الطوائف المكذبين من المتجبرين الذين وجوههم خاشعة ، وأشار جل شأنه إلى الصنف الآخر الذين وجوههم ناعمة بقوله سبحانه فيها يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [الفجر : 27] وأيضا فيها مما يتعلق بأمر الغاشية ما فيها. وقال الجلال السيوطي : لم يظهر لي في وجهه ارتباطها سوى أن أولها كالإقسام على صحة ما ختم به السورة التي قبلها أو على ما يتضمنه من الوعد والوعيد هذا مع أن جملة أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ [الفجر : 6] مشابهة لجملة أَفَلا يَنْظُرُونَ [الغاشية : 17] وها كما ترى.
[سورة الفجر (89) : الآيات 1 إلى 30]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْفَجْرِ (1) وَلَيالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (4)
هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (6) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (9)
وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)
فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (16) كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (19)
وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (23) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (24)
فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (25) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (26) يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبادِي (29)
وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 334
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْفَجْرِ أقسم سبحانه بالفجر كما أقسم عز وجل بالصبح في قوله تعالى
وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ [التكوير : 18] فالمراد به الفجر المعروف كما روي عن عليّ كرم اللّه تعالى وجهه
وابن عباس وابن الزبير وغيرهم رضي اللّه تعالى عنهم. وقيل : المراد عموده وضوءه الممتد وأصله شق الشيء شقا واسعا ، وسمي الصبح فجرا لكونها فاجرا لليل وهو كاذب لا يتعلق به حكم الصوم والصلاة وصادق به يتعلق حكمهما وقد تكلموا في سبب كل بما يطول وتقدم بعض منه ، ولعل المراد به هنا الصادق فهو أحرى بالقسم به والمراد عند كثير جنس الفجر لا فجر يوم مخصوص. وعن ابن عباس ومجاهد فجر يوم النحر ، وعن عكرمة فجر يوم الجمعة ، وعن الضحاك فجر ذي الحجة ، وعن مقاتل فجر ليلة جمع. وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب عن ابن عباس أنه قال : هو فجر المحرم فجر السنة ، وروي نحوه عن قتادة وعن الحبر أيضا أنه النهار كله. وأخرج ابن جرير عنه أيضا أنه قال : يعني صلاة الفجر وروي نحوه عن زيد بن أسلم فهو إما على تقدير مضاف أو على إطلاقه على الصلاة مجازا وهو شائع. وقيل : المراد فجر العيون من الصخور وغيرها وَلَيالٍ عَشْرٍ هن العشر الأولى من الأضحى كما أخرج الحاكم وصححه وجماعة عن ابن عباس ، وروي عن ابن الزبير ومسروق ومجاهد وقتادة وعكرمة وغيرهم وأخرج ذلك أحمد والنسائي والحاكم وصححه والبزار وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن جابر يرفعه ، ولها من الفضل ما لها. وقد أخرج أحمد والبخاري عن ابن عباس مرفوعا : «ما من أيام فيهن العمل أحب إلى اللّه عز وجل وأفضل من أيام العشر» قيل :
يا رسول اللّه ولا الجهاد في سبيل اللّه؟ قال : «ولا الجهاد في سبيل اللّه إلا رجل جاهد في سبيل اللّه بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشي ء»
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنهن العشر الأواخر من رمضان. وروي أيضا عن الضحاك بل زعم التبريزي الاتفاق على أنهن هذه العشر وأنه لم يخالف فيه أحد واستدل له بعضهم بالحديث المتفق على صحته.
قالت عائشة رضي اللّه تعالى عنها : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا دخل العشر - تعني العشر الأواخر من رمضان - شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله
وتعقبه بعضهم بأن ذلك محتمل لأن يحظى عليه الصلاة والسلام بليلة القدر لأنها فيها لا لكونه العشر المرادة هنا. وعن ابن جريج أنهن العشر الأول من رمضان ، وعن يمان وجماعة أنهن العشر الأول من المحرم وفيها يوم عاشوراء وقد ورد في فضله ما ورد.
أخرج الشيخان وغيرهما عن ابن عباس قال : قدم النبي صلّى اللّه عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال عليه الصلاة والسلام : «ما هذا اليوم الذي تصومونه»؟ قالوا : يوم عظيم أنجى اللّه تعالى فيه موسى وأغرق آل فرعون فيه ، فصامه موسى عليه السلام شكرا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «فنحن أحق بموسى منكم» فصامه صلّى اللّه عليه وسلم وأمر بصيامه
. وصح في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام أرسل غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة «من كان أصبح صائما فليتمّ يومه ، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه» فكان الصحابة بعد ذلك يصومونه ويصوّمونه صبيانهم الصغار ويذهبون بهم إلى المسجد ويجعلون لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطوه إياها حتى يكون الإفطار
. وأخرج أحمد وغيره عن الحبر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما»
وجاء في الأمر بالتوسعة فيه على العيال عدة أحاديث ضعيفة لكن قال البيهقي هي وإن كانت ضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض أحد قوة وأيّا ما كان فتنكيرها للتفخيم وقل للتبعيض لأنها بعض ليالي السنة أو الشهر والتفخيم أولى. قيل : ولولا قصد ما ذكر كان

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 335
الظاهر تعريفها كأخواتها لأنها ليال معهودة معينة ، وقدر بعضهم على إرادة صلاة الفجر فيما مر مضافا هنا أي وعبادة ليال ويقال نحوه فيما بعد على بعض الأقوال فيه وليس بلازم ولا أثر فيه. وقرأ ابن عباس بالإضافة فضبطه بعضهم وَلَيالٍ عَشْرٍ بلازم دون ياء وبعضهم «وليالي عشر» بالياء وهو القياس والمراد وليالي أيام عشر فحذف الموصوف وهو المعدود وفي مثل ذلك يجوز التاء وتركها في العدد ومنه واتبعه بست من شوال وما حكاه الكسائي ضمنا من الشهر خمسا والمرجح للترك هاهنا وقوعه فاصلة وجوز أن تكون بالإضافة بيانية وهو خلاف الظاهر.
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ هما على ما في حديث جابر المرفوع الذي أشرنا إليه فيما تقدم يوم النحر ويوم عرفة. وقال الطيبي : روينا عن الإمام أحمد والترمذي عن عمران بن حصين أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال : «الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر» ثم قال : «هذا هو التفسير الذي لا محيد عنه» انتهى. وقد رواه عن عمران أيضا عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم
وصححه ، لكن في البحر أن حديث جابر أصح إسنادا من حديث عمران بن حصين ووراء ذلك أقوال كثيرة ، فأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قال : «أقسم ربنا بالعدد كله منه الشفع ومنه الوتر» وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد أنه قال «الخلق كله شفع ووتر فأقسم سبحانه بخلقه» وأخرج ابن المنذر وجماعة عنه أنه قال : اللّه تعالى الوتر وخلقه سبحانه الشفع الذكر والأنثى» وروي نحوه عن أبي صالح ومسروق وقرآ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ [الذاريات :
49] وقيل : المراد شفع تلك الليالي ووترها ، وقيل الشفع أيام عاد والوتر لياليها. وقيل : الشفع أبواب الجنة والوتر أبواب النار وقيل غير ذلك. وقد ذكر في كتاب التحرير والتحبير مما قيل فيهما ستا وثلاثين قولا وفي الكشاف : قد أكثروا في الشفع والوتر حتى كادوا يستوعبون أجناس ما يقعان فيه وذلك قليل الطائل جدير بالتلهي عنه. وقال بعض الأفاضل : لا إشعار للفظ الشفع والوتر بتخصيص شيء مما ذكروه وتعيينه بل هو إنما يدل على معنى كلّي متناول لذلك ، ولعل من فسّرهما بما فسرهما لم يدع الانحصار فيما فسر به بل أفرد بالذكر من أنواع مدلولهما ما رآه أظهر دلالة على التوحيد أو مدخلا في الدين أو مناسبة لما قبل أو لما بعد أو أكثر منفعة موجبة للشكر أو نحو ذلك من النكات ، وإذا ثبت من الشارع عليه الصلاة والسلام تفسيرهما ببعض الوجوه فالظاهر أنه ليس مبنيا على تخصيص المدلول بل وارد على طريق التمثيل بما رأى في تخصيصه بالذكر فائدة معتدا بها فحينئذ يجوز للمفسر أن يحمل اللفظ على بعض آخر من محتملاته لفائدة أخرى انتهى.
وهو ميل إلى أن أل فيهما للجنس لا للعهد ، والظاهر أن ما تقدم من الحديثين من باب القطع بالتعيين دون التمثيل لكن يشكل أمر التوفيق بينهما حينئذ وإذا صح ما قال في البحر كان المعول عليه حديث جابر رضي اللّه تعالى عنه واللّه تعالى أعلم بحقيقة الحال. وقرأ حمزة والكسائي والأغر عن ابن عباس وأبو رجاء وابن وثاب وقتادة وطلحة والأعمش والحسن بخلاف عنه «والوتر» بكسر الواو وهي لغة تميم والجمهور على فتحها وهي لغة قريش وهما لغتان كالحبر والحبر بمعنى العالم على ما قال صاحب المطلع في الوتر المقابل للشفع وأما في الْوَتْرِ بمعنى الترة أي الحقد فالكسر هو المسموع وحده والأصمعي حكى فيه أيضا اللغتين وقرأ يونس عن أبي عمرو بفتح الواو وكسر التاء وهو إما لغة أو نقل حركة الواو في الوقف لما قبلها.
وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ أي يمضي كقوله تعالى وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ [المدثر : 33] واللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ [التكوير : 17] والظاهر أنه مجاز مرسل أو استعارة ووجه الشبه كالنهار وإِذا على ما صرح به العلامة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 336
التفتازاني في التلويح بدل من اللَّيْلِ وخروجها عن الظرفية مما لا بأس به ، أو ظرف متعلق بمضاف مقدر وهو العظمة على ما اختاره بعضهم ، والإقسام بذلك الوقت أو تقييد العظمة به لما فيه من وضوح الدلالة على كمال القدرة ووفور النعمة أو يسري فيه على ما نقل أبو حيان عن الأخفش وابن قتيبة ، كقولهم : صلى المقام أي صلى فيه على أنه تجوز فيه الإسناد بإسناد ما للشيء للزمان كما يسند للمكان ، وأيّا ما كان فالمراد بالليل جنسه. وقال مجاهد وعكرمة والكلبي : المراد به ليلة النحر وهي يسري الحاج فيها إلى المزدلفة بعد الإفاضة من عرفات وليس بذاك ، والإقسام والتقييد على الوجه الأخير لما في السير في الليل من نعمة الحفظ من حر الشمس وشر قطاع الطريق غالبا وحذفت الياء عند الجمهور وصلا ووقفا من آخر يَسْرِ مع أنها لام مضارع غير مجزوم اكتفاء عنها بالكسرة للتخفيف ولتتوافق رؤوس الآي ولذا وسمت كذلك في المصاحف ، ولا ينبغي أن يقال إنها حذفت لسقوطها في خطها فإنه يقتضي أن القراءة باتباع الرسم دون رواية سابقة عليه وهو غير صحيح. وخص نافع وأبو عمرو في رواية هذا الحذف بالوقف لمراعاة الفواصل ولم يحذف مطلقا ابن كثير ويعقوب. وفي تفسير البغوي سئل الأخفش عن علة سقوط ياء يَسْرِ فقال : الليل لا يسري ولكن يسرى فيه وهو تعليل كثيرا ما يسأل عنه لخفائه والجواب أنه أراد أنه لما عدل عن الظاهر في المعنى وغيرهما كان حقه معنى غير لفظه لأن الشيء يجر جنسه لإلفه به :
إن الطيور على أمثالها تقع وهذا كما قيل في قوله تعالى ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [مريم : 28] أنه لما عدل عن باغية أسقطت منه التاء ولم يقل بغية ، ومثله من بدائع اللغة العربية ويمكن التعليل بنحوه على تفسير يَسْرِ بيمضي لما فيه من العدول عن الظاهر في المعنى أيضا علمت من أنه مجاز في ذلك. وقرأ أبو الدينار الأعرابي و«الفجر» و«الوتر» و«يسر» بالتنوين في الثلاثة. قال ابن خالويه : هذا كما روي عن بعض العرب أنه وقف على أواخر القوافي بالتنوين وإن كانت أفعالا أو فيها أل نحو قوله :
أقلي اللوم عاذل والعتابن وقولي إن أصبت لقد أصابن
انتهى. وهذا كما قال أبو حيان ذكره النحويون في القوافي المطلقة يعني المحركة إذا لم يترنم الشاعر وهو أحد وجهين للعرب إذا لم يترنموا ، والوجه الآخر الوقوف فيقولون : العتاب وأصاب كحالهم إذا وقفوا على الكلمة في النثر ، وهذا الأعرابي أجرى الفواصل مجرى الوقف وعاملها معاملة القوافي المطلقة ويسمى هذا التنوين تنوين الترنم ولا اختصاص له بالاسم ، ويغلب على ظني أنه قيل يكتب نونا بخلاف أقسام التنوين المختصة بالاسم. وقوله تعالى هَلْ فِي ذلِكَ إلخ تحقيق وتقرير لفخامة الأشياء المذكورة المقسم بها وكونها مستحقة لأن تعظم بالإقسام بها فيدل على تعظيم المقسم عليه وتأكيده من طريق الكناية فذلك إشارة إلى المقسم به وما فيه من معنى البعد لزيارة تعظيمه أي هل فيما ذكر من الأشياء قَسَمٌ أي مقسم به لِذِي حِجْرٍ أي هل يحق عنده أن يقسم به إجلالا وتعظيما ، والمراد تحقيق أن الكل كذلك وإنما أوثرت هذه الطريق هضما للحق وإيذانا بظهور الأمر ، وهذا كما يقول المتكلم بعد ذكر دليل واضح الدلالة على مدعاة هل دل هذا على ما قلناه. وجوز أن يكون التحقيق أن ذوي الحجر يؤكدون بمثل ذلك المقسم عليه فيدل أيضا على تعظيمه وتأكيده فذلك إشارة إلى المصدر أعني الإقسام هل في إقسامي بتلك الأشياء إقسام لذي حجر مقبول عنده يعتد به ويفعل مثله ويؤكد به المقسم عليه؟ وحاصل الوجهين فيما يرجع إلى تأكيد المقسم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 337
عليه واحد إلّا أن الوجه مختلف كما لا يخفى ، ولعل الأول أظهر والحجر العقل لأنه يحجر صاحبه أي يمنعه من التهافت فيما لا ينبغي ، كما سمي عقلا ونهية لأنه يعقل وينهى وحصاة من الإحصاء وهو الضبط. وقال الفرّاء : يقال إنه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها والمقسم عليه محذوف وهو ليعذبن كما ينبىء عنه قوله تعالى شأنه أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إلخ فإنه استشهاد بعلمه صلّى اللّه عليه وسلم بما يدل عليه من تعذيب عاد وأضرابهم المشاركين لقومه عليه الصلاة والسلام في الطغيان والفساد على طريقة أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ [البقرة : 258] الآية وقوله سبحانه أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ [الشعراء : 225] وقال أبو حيان : الذي يظهر أنه محذوف يدل عليه ما قبله من آخر سورة [الغاشية : 25 ، 26] وهو قوله تعالى إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ وتقديره لإيابهم إلينا وحسابهم علينا. وأخرج ابن المنذر عن مسعود رضي اللّه تعالى عنه أنه قرأ وَالْفَجْرِ - إلى قوله سبحانه - إِذا يَسْرِ فقال : هذا قسم على أن ربك لبالمرصاد وإلى أنه هو المقسم عليه ذهب ابن الأنباري. وعن مقاتل أنه هل في ذلك إلخ وهل بمعنى أن وهو باطل رواية ودراية إذ يبقى عليه قسم بلا مقسم عليه. والمراد بعاد أولاد عاد بن عاص بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام قوم هود عليه السلام سموا باسم أبيهم كما سمّي بنو هاشم هاشما وإطلاق الأب على نسله مجاز شائع حتى ألحق بعضه بالحقيقة وقد قيل لأوائلهم عاد الأولى ، ولأواخرهم عاد الآخرة. قال عماد الدين بن كثير : كلما ورد في القرآن خبر عاد فالمراد بعاد فيه عاد الأولى إلّا ما في سورة الأحقاف ، ويقال لهم أيضا إرم تسمية لهم باسم جدهم والتسمية بالجد شائعة أيضا وهو اسم خاص بالأولى وعليه قول ابن الرقيات :
مجدا تليدا بناه أوله أدرك عادا وقبلها إرما
ونحوه قوله زهير :
وآخرين ترى الماذي عدتهم من نسج داود أو ما أورثت إرما
فقوله تعالى إِرَمَ عطف بيان لعاد للإيذان بأنهم عاد الأولى تجوز أن يكون بدلا ، ومنع من الصرف للعلمية والتأنيث باعتبار القبيلة ، وصرف عاد باعتبار الحي ، وقد يمنع من الصرف باعتبار القبيلة أيضا. وقرأ الضحاك بذلك في إحدى الروايتين عنه ورجح اعتبار الصرف فيه بخفته لسكون وسطه ، وقدر بعضهم مضافا في الكلام أي سبط إرم وجعل إرم عليه اسم أمهم وهو قول فيه حكاه في القاموس. ووجه منع الصرف فيه ظاهر ، وأبى بعضهم إلّا جعله اسم جدهم ومعنى كونهم سبطه أنهم ولد ولده ولا يظهر على هذا علة منع صرفه ولعل ذلك هو الذي دعا إلى جعله اسم أمهم ، لكن رأيت في تعليقات بعض الأفاضل على الحواشي العصامية على تفسير البيضاوي أن إرم إنما منع من الصرف سواء كان اسما للقبيلة أم لجدها للعلمية والعجمة ، وقال إنهما موجودتان في عاد أيضا إلا أنه لكونه ثلاثيا ساكن الوسط يجوز فيه الأمران الصرف وعدمه ، وزعم أن هذا هو الحق وبكونه اسم القبيلة قال مجاهد وقتادة وابن إسحاق ولا حاجة معه إلى تقدير مضاف ، فقوله تعالى ذاتِ الْعِمادِ صفة ل إِرَمَ نفسها والمراد ذات القدود الطوال على تشبيه قاماتهم بالأعمدة ، ومنه قولهم رجل معمد وعمدان إذا كان طويلا وروي هذا عن ابن عباس ومجاهد واشتهر أنه كان قد أحدهم اثني عشر ذراعا وأكثر. وفي تفسير الكواشي قالوا : كان طول الطويل منهم أربعمائة ذراع ، وكان أحدهم يأخذ الصخرة العظيمة فيقلبها على الحي فيهلكهم. عن قتادة وابن عباس في رواية عطاء المراد ذات الخيام والأعمدة وكانوا سيارة في الربيع ، فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم. وقال غير واحد : كانوا بدويين أهل عمدة وخيام يسكنونها حلا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 338
وارتحالا. وقيل : المراد ذات الرفعة أو ذات الوقار أو ذات الثبات وطول العمر والكل على الاستعارة. وقوله تعالى الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ صفة أخرى لها أي لم يخلق مثلهم في عظم الأجرام والقوة في بلاد الدنيا ، وقد سمعت ما نقل عن الكواشي آنفا وما ذكر فيه من أنه كان أحدهم إلخ. جاء في حديث مرفوع أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن المقدام بن معد يكرب. وقيل : إرم اسم مدينة لهم قال محمد بن كعب هي الإسكندرية. وقال ابن المسيب والمقبري : هي دمشق ، وقيل اسم أرضهم وهي بين عمان وحضرموت وهي أرض رمال وأحقاف فقد قال سبحانه وتعالى وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ [الأحقاف : 21] وبهذا اعترض القول بأن مدينتهم الإسكندرية ، والقول بأنها دمشق حيث إنهما ليستا من بلاد الأحقاف والرمال إلا أن يقال ما هنا عاد الأولى ، وما في آية الأحقاف عاد الآخرة ، ويلتزم عدم اتحاد منازلهما. وعلى القول بكونه اسم مدينتهم أو اسم أرضهم فهو بتقدير مضاف لتصحيح التبعية أي أهل إرم. وقيل : يقدر مضاف في جانب المتبوع أي بمدينة أو بأرض عاد إرم وهو كما ترى ومنع الصرف على الوجهين لما سمعت ، والأكثرون على أنها اسم مدينة عظيمة في أرض اليمن والوصفان لها ، والمراد ذات البناء الرفيع أو ذات الأساطين التي لم يخلق مثلها سعة وحسن بيوت وبساتين في بلاد الدنيا ، ويروى أنه كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال : أبني مثلها فبنى إرم في بعض صحارى عدن في ثلاثمائة سنة وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت ، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة.
ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته ، فلما كان منها مسيرة يوم وليلة بعث اللّه تعالى عليهم صيحة من السماء فهلكوا. وعن عبد اللّه بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثمّ ، وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقصّ عليه فبعث إلى كعب فسأله ، فقال : هي إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال ، يخرج في طلب إبل له ، ثم التفت فأبصر ابن قلابة ، فقال : هذا واللّه ذلك الرجل. وخبر شداد المذكور
أخوه في الضعف بل لم تصح روايته كما ذكره الحافظ ابن حجر فهو موضوع كخبر ابن قلابة. وروي عن مجاهد أن إِرَمَ مصدر أرم يأرم إذا هلك ، فأرم بمعنى هلاك منصوب على نحو نصب المصدر التشبيهي مضاف إلى ذاتِ والَّتِي صفة ل ذاتِ الْعِمادِ مرادا بها المدينة وكيف فعل في قوة كيف أهل فكأنه قيل : ألم تر كيف أهلك ربك عادا كهلاك ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وهو قول غريب غير قريب. وقرأ الحسن «يعاد رام» بإضافة عاد إلى إرم فجاز أن يكون إرم جدا والوصفان لعاد ، وأن يكون مدينة والوصفان لازم وجوز أن يكون لعاد. وقرأ ابن الزبير «بعاد أرم» بالإضافة أيضا إلّا أن أرم بفتح الهمزة وكسر الراء ، قيل : وهي لغة في المدينة لا غير. وعن الضحاك أنه قرأ «بعاد» مصروفا وغير مصروف «أرم» بفتح الهمزة وسكون الراء للتخفيف وأصله أرم كفخذ. وقرىء «إرم ذات» بإضافة إرم إلى ذات فقيل الإرم عليه العلم والمعنى بعاد أعلام ذات العماد وهي مدينتهم ، والَّتِي صفة ل ذاتِ الْعِمادِ على الأظهر. وعن ابن عباس أنه قرأ «أرم» بالتشديد فعلا ماضيا ذات بالنصب على المفعول به أي جعل اللّه تعالى ذات العماد رميما ، ويكون أرم على ما في البحر بدلا من فعل أو تبيينا له ، والمراد بذات العماد عليه إما عاد نفسها ويكون فيه وضع المظهر موضع المضمر والنكتة فيه ظاهرة ، وإما مدينتهم ويكون جعلها رميما أي إهلاكها كناية عن جعلهم كذلك. وقرأ ابن الزبير «لم يخلق» مبنيا للفاعل وهو ضميره عز وجل مثلها بالنصب على المفعولية ، وعنه أيضا «لم نخلق» بنون العظمة.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 339
وَثَمُودَ عطف على (عاد) وهي قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخي جديس وهما ابنا عابر بن أرم بن سام بن نوح عليه السلام ، كانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك ، وكانوا يعبدون الأصنام ومنع الصرف للعملية والتأنيث. وقرأ ابن وثاب بالتنوين صرفه باعتبار الحي كذا قالوا ، وظاهره أنه عربي. وقد صرح بذلك فقيل هو فعول من الثمد وهو الماء القليل الذي لا مادة له ومنه قيل : فلان مثمود ثمدته النساء أي قطعن مادة مائه لكثرة غشيانه لهن ، ومثمود إذا كثر عليه السؤال حتى نفدت مادة ماله. وحكى الراغب أنه عجمي فمنع الصرف للعلمية والعجمة الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ أي قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا نحتوها من الصخر كقوله تعالى وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً [الشعراء : 149] قيل أول من نحت الحجارة والصخور والرخام ثمود وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها بالحجارة ، ولا أظن صحة هذا البناء بِالْوادِ هو وادي القرى ، وقرىء بالياء آخر الحروف ، والباء للظرفية ، والجار والمجرور متعلق بجابوا أو بمحذوف هو حال من الفاعل أو المفعول. وقيل : الباء للآلة أو السببية متعلقة بجابوا أي جابوا الصخر بواديهم أو بسببه ، أي قطعوا الصخر وشقوه وجعلوه واديا ومحلا لمائهم فعل ذوي القوة والآمال وهو خلاف الظاهر وأيّا ما كان فالجواب القطع والظاهر أنه حقيقة فيه تقول جبت البلاد أجوبها إذا قطعتها. قال الشاعر :
ولا رأيت قلوصا قبلها حملت ستين وسقا ولا جابت بها بلدا
ومنه الجواب لأنه يقطع السؤال. وقال الراغب : الجوب قطع الجوبة وهي الغائط من الأرض ثم يستعمل في قطع كل أرض ، وجواب الكلام هو ما يقطع الجوب فيصل من فم القائل إلى سمع المستمع لكنه خص بما يعود من الكلام دون المبتدأ من الخطاب انتهى. فاختر لنفسك ما يحلو وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ وصف بذلك لكثرة جنوده وخيامهم التي يضربون أوتادها في منازلهم أو لأنه كان يدق المعذب أربعة أوتاد ويشده بها مبطوحا على الأرض فيعذبه بما يريد من ضرب أو إحراق أو غيره وقد تقدم الكلام في ذلك الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ إما مجرور على أنه صفة للمذكورين عاد ومن بعده أو منصوب أو مرفوع على الذم أي طغى كل طاغية منهم في البلاد ، وكذا الكلام في قوله تعالى فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ أي بالكفر وسائر المعاصي فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ أي أنزل سبحانه إنزالا شديدا على كل طائفة من أولئك الطوائف عقيب ما فعلت من الطغيان والفساد سَوْطَ عَذابٍ أي سوطا من عذاب على أن الإضافة بمعنى من ، والعذاب بمعنى المعذب به ، والمراد بذلك ما حل بكل منهم من فنون العذاب التي شرحت في سائر السور الكريمة. والسوط في الأصل مصدر من ساط يسوط إذا خلط ، قال الشاعر :
أحارث إنا لو تساط دماؤنا تزايلن حتى لا يمس دم دما
وشاع في الجلد المضفور والذي يضرب به ، وسمي به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض ، أو لأنه يخلط اللحم بالدم والتعبير عن إنزاله بالصب للإيذان بكثرته وتتابعه واستمراره فإنه عبارة عن إراقة شيء مائع أو جار مجراه في السيلان كالحبوب والرمل وإفراغه بشدة وكثرة واستمرار ، ونسبته إلى السوط مع أنه على ما سمعت ليس من هذا القبيل باعتبار تشبيهه في سرعة نزوله بالشيء المصبوب ، وتسمية ما أنزل سوطا قيل للإيذان بأنه على عظمه بالنسبة إلى ما أعد لهم في الآخرة كالسوط بالنسبة إلى سائر ما يعذب به في الكشف أن إضافة السوط إلى العذاب تقليل لما أصابهم منه ، ولا يأبى ذلك التعبير بالصب المؤذن بالكثرة لأن القلة والكثرة من الأمور النسبية. وجوز أن يراد بالعذاب التعذيب والإضافة حينئذ على معنى اللام وأمر التعبير بالصب

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 340
والتسمية بالسوط على ما تقدم. والآية من قبيل قوله تعالى فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ [النحل : 112] وجوز أن تكون الإضافة كالإضافة في لجين الماء أي فصب عليهم ربك عذابا كالسوط على معنى أنواعا من العذاب مخلوطا بعضها ببعض اختلاط طاقات السوط بعضها ببعض ، وأن يكون السوط مصدرا بمعنى المفعول والإضافة كالإضافة في جرد قطيفة أي فصب عليهم ربك عذابا مسوطا أي مخلوطا ، ومآله فصب أنواعا من العذاب خلط بعضها ببعض. وفي الصحاح سَوْطَ عَذابٍ أي نصيب عذاب ويقال شدته لأن العذاب قد يكون بالسوط ، وأراد أن الغرض التصوير والأليق بجزالة التنزيل ما تقدم إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ تعليل لما قبله وإيذان بأن كفار قومه صلّى اللّه عليه وسلم سيصيبهم مثل ما أصاب أضرابهم المذكورين من العذاب كما ينبىء عنه التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام ، والمرصاد المكان الذي يقوم به الرصد ويترقبون فيه مفعال من رصده كالميقات من وقته. وفي الكلام استعارة تمثيلية شبه كونه تعالى حافظا لأعمال العصاة على ما روي عن الضحاك مترقبا لها ومجازيا على نقيرها وقطميرها بحيث لا ينجو منه سبحانه أحد منهم بحال من قعد على الطريق مترصدا لمن يسلكها ليأخذه فيوقع به ما يريد ، ثم أطلق لفظ أحدهما على الآخر والآية على هذا وعيد للعصاة مطلقا. وقيل : هي وعيد للكفرة وقيل : وعيد للعصاة ووعد لغيرهم وهو ظاهر قول الحسن ، أي يرصد سبحانه أعمال بني آدم. وجوز ابن عطية كون المرصاد صيغة مبالغة كالمطعام والمطعان ، وتعقبه أبو حيان بأنه لو كان كما زعم لم تدخل الباء لأنها ليست في مكان دخولها لا زائدة ولا غير زائدة ، وأجيب بأنها على ذلك تجريدية نعم يلزمه إطلاق المرصاد على اللّه عز وجل وفيه شيء.
وقوله تعالى فَأَمَّا الْإِنْسانُ إلخ متصل بما عنده كأنه قيل إنه سبحانه لبالمرصاد من أجل الآخرة فلا يطلب عز وجل إلّا السعي لها ، فأما الإنسان فلا يهمه إلّا الدنيا ولذاتها ، فإن نال منها شيئا رضي اللّه وإلّا سخط وكان اللائق أن لا يهمه إلا ما يطلبه اللّه عز وجل ولا يكون حاله ذلك. وقيل : هو متصل به متفرع عليه على معنى فالإنسان يؤاخذ لا محالة لأنه بين غنى مهلك موجب للتكبر والافتخار بالدنيا ، وبين فقر لا يصبر عليه ويكفر لأجله بالجزع والقول بما لا ينبغي وهو كما ترى إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ أي عامله معاملة من يبتليه بالغنى واليسار ليرى هل يشكر أم لا. والفاء في قوله سبحانه فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ تفسيرية فإن الإكرام والتنعيم عين المراد بالابتلاء ، ولما كان الإكرام والتنعيم في حكم شيء واحد اقتصر على قوله أَكْرَمَنِ في قوله سبحانه فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ولم يضم إليه ونعمتي. وهذه الجملة خبر للمبتدأ الذي هو الإنسان ، والفاء لما في أما من معنى الشرط والظرف أعني إذا متعلق بيقول وهو على نية التأخير ولا تمنع الفاء من ذلك كما صرح به الزمخشري وغيره من متقدمي النحاة وتبعهم من بعدهم كأبي حيان والسمين والسفاقسي مع جمع غفير من المفسرين ، وهو كما قال الشهاب الحق الذي لا محيد عنه ، وخالفهم في ذلك الرضي ومن تبعه كالبدر الدماميني في شرح المغني ، فقالوا : إنما يجوز تقديم ما بعد الفاء عليها إذا كان المقدم هو الفاصل بين أما والفاء لما يتعلق بتقديمه من الأغراض فإن كان ثمت فاصل آخر امتنع تقديم غيره فيمتنع أما زيد طعامك فآكل وإن جاز أما طعامك فزيد آكل ، وقالوا في ذلك أنهم لما التزموا حذف الشرط لزم دخول أداته على فاء الجواب وهو مستكره فدعت الضرورة للفصل بينهما بشيء مما بعد الفاء والفاصل الواحد كاف فيه فيجب الاقتصار عليه.
وزعم الجلبي محشي المطول أن هذا متفق عليه فرد به على المفسرين إعرابهم السابق وقال إنه خطأ ، والصواب أن يجعل الظرف متعلقا بمقدر وهو ابتدأ في الحقيقة ، والتقدير فأما شأن الإنسان إذا إلخ. فالظرف

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 341
من تتمة الجزء المفصول وبه ليس فاصلا ثانيا كقولك : أما احسان زيد إلى الفقير فحسن ، ويريد على تقديره أنه لا يصح وقوع جملة يقول خبرا عن الشأن إلّا بتعسف كأن يكون الفعل بتأويل المصدر وإن لم تكن معه في اللفظ أن المصدرية كما قيل في :
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه وهو فرار من السحاب إلى الميزاب وذهب أبو البقاء إلى أن إِذا شرطية وقوله تعالى فَيَقُولُ جوابها والجملة الشرطية خبر الإنسان ويلزمه حذف الفاء بدون القول وقد قيل إنه ضرورة. وقوله عز وجل وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ عامله معاملة من يبتليه ويختبره بالحاجة والفقر ليرى هل يصبر أم لا فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ بتقدير وأما هو أي الإنسان إذا ما ابتلاه إلخ ليصح التفصيل ويتم التوازن ، وبقية الكلام فيه كما في سابقه. والظاهر أن كلتا الجملتين متضمنة لإنكار قول الإنسان الذي تضمنته وإنكار قوله إذا ضيق عليه رزقه رَبِّي أَهانَنِ لدلالته على قصور نظره وسوء فكره حيث حسب أن تضييق الرزق إهانة مع أنه قد يؤدي إلى كرامة الدارين ولعدم كونه إهانة أصلا لم يقل سبحانه في تفسير الابتلاء فأهانه «وقدر عليه رزقه» نظير ما قال سبحانه أولا فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ وإنكار قوله إذا أكرم ربي أكرمني مع قوله تعالى فَأَكْرَمَهُ أولا من حيث إنه أثبت إكرام اللّه تعالى له على خلاف ما أثبت اللّه تعال وهو قصد أن اللّه تعالى أعطاه ما أعطاه إكراما له مستحقا ومستوجبا قصدا جاريا على ما كانوا عليه من افتخارهم وزعمهم جلالة أقدارهم. والحاصل أن المنكر كونه عن استحقاق لحسب أو نسب في المفصل ما يدل على أن أصل الإكرام منكر لا كونه عن استحقاق ، وإنكار أصل الإهانة يعضده.
ووجهه ما أثبته تعالى من الإكرام أن اللّه عز وجل أثبت الإكرام بإيتاء المال والتوسعة وهو جعله إكراما كليا مثبتا للزلفى عنده تعالى فأنكر أنه ليس من ذلك الإكرام في شيء ، وجوز أن يكون الإنكار للإهانة فقط يعني أنه إذا تفضل عليه بالخير وأكرم به اعترف بتفضل اللّه تعالى وإكرامه ، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هوانا وليس به قيل ، ويعضده ذكر الإكرام في قوله تعالى فَأَكْرَمَهُ وفي الآية مع ما بعد شمة من أسلوب قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً [المعارج : 19 - 21] ولا يخفى أن الوجه هو الأول. وقرأ ابن كثير «أكرمني» و«أهانني» بإثبات الياء فيهما ونافع بإثباتها وصلا وحذفها وقفا وخير في الوجهين أبو عمرو وحذفها باقي السبعة فيهما وصلا ووقفا من حذفها وقفا سكن النون فيه. وقرأ أبو جعفر وعيسى وخالد والحسن بخلاف عنه وابن عامر «فقدّر» بتشديد الدال للمبالغة.
كَلَّا ردع للإنسان عن قوليه المحكيين وتكذيب له فيهما لا عن الأخير فقط كما في الوجه الأخير ، وقد نص الحسن على ما قلنا وقال ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما : المعنى لم أبتله بالغنى لكرامته عليّ ولم أبتله بالفقر لهوانه عليّ بل ذلك لمحض القضاء والقدر. وقوله سبحانه بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ إلخ انتقال وترق من ذمه بالقبيح من القول إلى الأقبح من الفعل والالتفات إلى الخطاب لتشديد التقريع وتأكيد التشنيع.
وقيل : هو بتقدير قل فلا التفات. نعم فيه من الإشارة إلى تنقيصهم ما فيه والجمع باعتبار معنى الإنسان إذ المراد هو الجنس أي بل لكم أفعال وأحوال أشد شرا مما ذكر وأدل على تهالككم على المال حيث يكرمكم اللّه تعالى بكثرة المال فلا تؤدون ما يلزمكم فيه من إكرام اليتيم بالمبرة به والإحسان إليه. وفي الحديث «أحب البيوت إلى اللّه تعالى بيت فيه يتيم مكرم».
وقرأ الحسن ومجاهد وأبو رجاء وقتادة والجحدري وأبو

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 342
عمرو «لا يكرمون» بياء الغيبة وَلا تَحَاضُّونَ بحذف إحدى التاءين من تتحاضون أي ولا يحض ويحث بعضكم بعضا عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي على إطعامه فالطعام مصدر بمعنى الإطعام كالعطاء بمعنى الإعطاء.
وزعم أبو حيان أن الأولى أن يراد به الشيء المطعوم ، ويكون الكلام على حذف مضاف أي على بذل طعام المسكين ، والمراد بالمسكين ما يعم الفقير. وقرأ عبد اللّه وعلقمة وزيد بن عليّ وعبد اللّه بن المبارك والشيرزي عن الكسائي كقراءة الجماعة إلّا أنهم ضموا تاء «تحاضون» من المحاضة. وقرأ أبو عمرو ومن سمعت الحسن ومن معه «ولا يحضون» بياء الغيبة ولا ألف بعد الحاء ، وباقي السبعة بتاء الخطاب كذلك وكذا الفعلان بعد والفعل على القراءتين جوز أن يكون متعديا ومفعوله محذوف. فقيل أنفسهم أو أنفسكم ، وقيل أهليهم أو أهليكم ، وقيل أحدا. وجوز وهو الأولى أن يكون منزلا منزلة اللازم للتعميم. وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أي الميراث وأصله وارث فأبدلت الواو تاء كما في تخمنة وتكأة ونحوهما أَكْلًا لَمًّا أي ذا لمّ أو هو نفس اللم على المبالغة واللم الجمع ، ومنه قوله النابغة :
ولست بمستبق أخا لا تلمّه على شعث أي الرجال المهذب
والمراد به هنا الجمع بين الحلال والحرام وما يحمد وما لا يحمد ، ومنه قول الحطيئة :
إذا كان لما يتبع الذم ربه فلا قدس الرحمن تلك الطواحنا
يعني إنكم تجمعون في أكلكم بين نصيبكم من الميراث ونصيب غيركم. ويروى أنهم كانوا لا يورّثون النساء ولا صغار الأولاد فيأكلون نصيبهم. ويقولون : لا يأخذ الميراث إلّا من يقاتل ويحمي الحوزة هذا وهم يعلمون من شريعة إسماعيل عليه السلام أنهم يرثون فاندفع ما قيل إن السورة مكية وآية المواريث مدنية ولا يعلم الحل والحرمة إلّا من الشرع ، فإن الحسن والقبح العقليين ليسا مذهبا لنا. وقيل يعني تأكلون ما جمعه الميت الموروث من حلال وحرام عالمين بذلك فتلمون في الأكل بين حلاله وحرامه. وفي الكشاف يجوز أن يذم الوارث الذي ظفر بالمال سهلا مهلا من غير أن يعرق فيه جبينه فيسرف في إنفاقه ويأكله أكلا واسعا جامعا بين ألوان المشتهيات من الأطعمة والأشربة والفواكه ونحوها كما يفعله الورّاث الباطلون ، وتعقب بأنه غير مناسب للسياق. وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا أي كثيرا كما قال ابن عباس وأنشد قول أمية :
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما
والمراد أنكم تحبونه مع حرص وشره كَلَّا ردع لهم عن ذلك وقوله تعالى إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا إلى آخره استئناف جيء به بطريق الوعيد تعليلا للردع. والدك قال الخليل : كسر الحائط والجبل ونحوها وتكريره للدلالة على الاستيعاب فليس الثاني تأكيد للأول بل ذلك نظير الحال في نحو قولك : جاؤوا رجلا رجلا ، وعلمته الحساب بابا بابا أي إذا دكت الأرض دكا متتابعا حتى انكسر وذهب كل ما على وجهها من جبال وأبنية وقصور وغيرها حين زلزلت المرة بعد المرة وصارت هباء منثورا. وقال المبرد : الدك حط المرتفع بالبسط والتسوية ، واندكّ سنام البعير إذا افترش في ظهره ، وناقة دكّاء إذا كانت كذلك ، والمعنى عليه إذا سويت تسوية بعد تسوية ولم يبق على وجهها شيء حتى صارت كالصخرة الملساء ، وأيّا ما كان فهو على ما قيل عبارة عما عرض للأرض عند النفخة الثانية وَجاءَ رَبُّكَ قال منذر بن سعيد : معناه ظهر سبحانه للخلق هنالك وليس ذلك بمجيء نقلة وكذلك مجيء الطامة والصاخة. وقيل : الكلام على حذف المضاف للتهويل ، أي وجاء أمر ربك وقضاؤه سبحانه واختار جمع أنه تمثيل لظهور آيات اقتداره تعالى وتبين آثار قدرته

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 343
عز وجل وسلطانه عز سلطانه مثلت حاله سبحانه في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه ظهر لمحضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بحضور عساكره ووزرائه وخواصه عن بكرة أبيهم ، وأنت تعلم ما للسلف في المتشابه من الكلام وَالْمَلَكُ أي جنس الملك فيشتمل جمع ملائكة السماوات عليهم السلام صَفًّا صَفًّا أي مصطفين أو ذوي صفوف فإنه قيل : ينزل يوم القيامة ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف بحسب منازلهم ومراتبهم محدقين بالجن والإنس ، وقيل : يصطفون بحسب أمكنة أمور تتعلق بهم وهو قريب مما ذكر. وروي أن ملائكة كل سماء تكون صفا حول الأرض فالصفوف سبعة على ما هو الظاهر. وقال بعض الأفاضل : الظاهر أن الملك أعم من ملائكة السماوات وغيرها وتعريفه للاستغراق وادعى أن اصطفافهم بحسب مراتبهم اصطفاف أهل الدنيا في الصلاة وظاهره أنه اصطفاف من غير تحديق ورأيت غير أثر في أنهم يصطفون محدقين وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ قيل هو كقوله تعالى وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ [الشعراء : 91] لمن يرى على أن يكون مجيئها متجوزا به عن إظهارها واختبر أنه على حقيقته
فقد أخرج مسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها». وفي رواية بزيادة «حتى تنصب عن يسار العرش لها تغيظ وزفير»
وجاء في بعض الآثار أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فناجاه ثم قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الصلاة والسلام منكسر الطرف فسأله عليّ كرم اللّه وجهه تعالى فقال صلّى اللّه عليه وسلم : «أتاني جبريل عليه السلام بهذه الآية كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ الآية. فقال له عليّ كرم اللّه تعالى وجهه : كيف يجاء بها؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «تقاد بسبعين ألف زمام كل زمام يقوده سبعون ألف ملك ، فبينما هم كذلك إذ شردت عليهم شردة انفلتت من أيديهم فلولا أنهم أدركوها فأخذوها لأحرقت من في الجمع»
وفي رواية لولا أن اللّه تعالى حسبها لأحرقت السماوات والأرض ،
وتأويل كل ما ذكر ونحوه مما ورد وحمله على المجاز لا يدعو إليه إلا استحالة الانتقال الذي يقتضيه المجيء الحقيقي على جهنم وهو لعمري غير مستحيل ، فيجوز أن تخرج وتنتقل من محلها في المحشر ثم تعود إليه ، والحال في ذلك اليوم وراء ما تتخيله الأذهان.
يَوْمَئِذٍ بدل من إِذا دُكَّتِ وظاهر كلام الزمخشري أن العامل فيه هو العامل نفسه في المبدل منه أعني قوله تعالى يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وهو قول قد نسب إلى سيبويه. وفي البحر المشهور خلافه وهو أن البدل على نية تكرار العامل والظاهر عندي الأول ويتذكر من الذكر ضد النسيان أي يتذكر الإنسان ما فرط فيه بتفاصيله بمشاهدة آثاره وأحكامه ، أو بإحضار اللّه تعالى إياه في ذهنه وإخطاره له وإن لم يشاهد بعد أثرا أو بمعاينة عينه بناء على أن الأعمال تتجسم في النشأة الآخرة فتبرز بما يناسبها من الصور حسنا وقبحا أو من التذكر بمعنى الاتعاظ ، أي يتعظ بما يرى من آثار قدرة اللّه عز وجل وعظيم عظمته تعالى وشأنه. وقوله تعالى وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى اعتراض جيء به لتحقيق أنه ليس بتذكر حقيقة لعرائه عن الجدوى لعدم وقوعه في أوانه وأَنَّى خبر مقدم والذِّكْرى مبتدأ ولَهُ متعلق بما تعلق به الخبر ، أي ومن أين تكون له الذكرى وقد فات أوانها ، وقيل : هناك مضاف محذوف أي وأنى له منفعة الذكرى ولا بد من تقديره لئلا يكون تناقض وقد علمت أن هذا يتحقق بما قرر أولا على أنه إذا جعل اختصاص اللام مقتصرا على النافع استقام من غير تقدير ، ويكون إنكار أن تكون الذكرى له لا عليه. وأما كونه حكاية لما كان عليه في الدنيا من عدم الاعتبار والاتعاظ فليس بشيء. واستدل بالآية على أن التوبة من حيث هي توبة غير واجبة القبول عقلا كما زعم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 344
المعتزلة بناء على وجوب الأصلح عندهم ، وقيل في توجيهه إنه لو وجب قبولها لوجب قبول هذا التذكر فإنه توبة إذ هي كما بيّن محله في الندم على المعصية من حيث هي معصية ، والعزم على أن لا يعود لها إذا قدر عليها ولم يعتبر أحد في تعريفها كونها في الدنيا وإن كانت النافعة منها لا تكون إلّا فيها وهذا التذكر هو عين الندم المذكور. وقد صرح الضحاك كما أخرجه عنه ابن أبي حاتم بأنه توبة ولم تقبل لعدم ترتب المنفعة عليه التي هي من لوازم القبول ، واعترض بأن المعتزلة إنما يقولون بوجوب قبولها بشرط عدم رفع التكاليف وقيل إن تذكره ليس من التوبة في شيء فإنه عالم بأنها إنما تكون في الدنيا كما يعرب عنه قوله تعالى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي ويعلم ما فيه مما تقدم من توجيه الاستدلال فلا تغفل. وهذه الجملة بدل اشتمال من يتذكر أو استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ منه كأنه قيل : ماذا يقول عند تذكره؟ فقيل : يقول يا ليتني إلخ. واللام للتعليل والمراد بحياته حياته في الآخرة ، ومفعول قَدَّمْتُ محذوف فكأنه قال : يا ليتني قدمت لأجل حياتي هذه أعمالا صالحة انتقع بها فيها. وقيل : اللام للتعليل إلّا أن المعنى يا ليتني قدمت أعمالا صالحة لأجل أن أحيا حياة نافعة ، وقال ذلك لأنه لا يموت ولا يحيا حينئذ وهو كما ترى.
ويجوز أن تكون اللام توقيتية مثلها في نحو كتبته لخمس عشرة ليلة مضين من المحرم ، وجئت لطلوع الشمس ويكون المراد بحياته حياته في الدنيا أي يا ليتني قدمت وعملت أعمالا صالحة وقت حياتي في الدنيا لأنتفع بها اليوم ، وليس في هذا التمني شائبة دلالة على استقلال العبد بفعله وإنما يدل على اعتقاد كونه متمكنا من تقديم الأعمال الصالحة ، وإما أن ذلك بمحض قدرته تعالى أو بخلق اللّه عز وجل عند صرف قدرته الكاسبة إليه فكلا وزعمه الزمخشري دليلا على الاستقلال ورد به على المجبرة وهم عنده غير المعتزلة زعما منه المنافاة بين التمني والحجر. وقد علمت أنه لا دلالة على ذلك. وفي الكشف أن التمني قد يقع على المستحيل على أنه حالتئذ كالغريق هذا وأهل الحق لا يقولون بسلب الاختيار بالكلية.
فَيَوْمَئِذٍ أي يوم إذ يكون ما ذكر من الأحوال والأقوال لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ الهاء إما للّه عز وجل أي لا يتولى عذاب اللّه تعالى ووثاقه سبحانه أحد سواه عز وجل وكأنه قيل : لا يفعل عذاب اللّه تعالى ووثاقه ولا يباشرهما أحد ، وذلك لأن الفعل في ضمن كل فعل خاص واستعمل ذلك استعمالا شائعا في مثل :
وقد حيل بين العير والنزوان وإن نظن إلّا ظنا فالعذاب مفعول به وكذا الوثاق ، وفيه تعظيم عذاب اللّه تعالى ووثاقه سبحانه لهذا الإنسان الذي شرح من أحواله ما شرح على طريق الكناية. فما ادعاه ابن الحاجب من عدم قوة المعنى على تقدير عود الضمير إليه تعالى بناء على فوات التعظيم الذي يقتضيه السياق للغفول عن نكتة الكناية ، وإما للإنسان الموصوف والإضافة إلى المفعول أي لا يعذب ولا يوثق أحد من الزبانية أحدا من أهل النار مثل ما يعذبونه ويوثقونه كأنه أشدهم عذابا ووثاقا لأنه أشدهم سيئات أفعال وقبائح أحوال وهو وجه حسن بل هو أرجح من الأول على ما سنشير إليه إن شاء اللّه تعالى. وقرأ ابن سيرين وابن أبي إسحاق وأبو حيوة وابن أبي عبلة وأبو بحرية وسلام والكسائي ويعقوب وسهل وخارجة عن أبي عمرو : «لا يعذب» «ولا يوثق» بالبناء للمفعول فالهاء في عذابه ووثاقه للإنسان الموصوف أي لا يعذب أحد مثل عذابه ولا يوثق بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه لتناهيه في كفره وشقاقه ونصب العذاب على المصدرية واقع موقع التعذيب إما لأنه بمعناه في الأصل كالسلام بمعنى

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 345
التسليم ، ثم نقل إلى ما يعذب به أو لأنه وضع موضعه كما يوضع العطاء موضع الإعطاء وكذلك الوثاق. وجوز أن يكون المعنى لا يحمل عذاب الإنسان أحد ولا يوثق وثاقه أحد كقوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الأنعام : 164 ، الإسراء : 15 ، فاطر : 18 ، الزمر : 7] والعذاب عليه جار على المتعارف والنصب على تضمين التعذيب معنى التحميل والأول أنسب بمقام التغليظ على هذا الإنسان المفرط أو أن التمكن والوجه الثاني للقراءة الأولى مطابق لهذا كما لا يخفى ، والمراد من أنه لا يعذب أحد مثل عذابه أنه لا يعذب أحد من جنسه كالعصاة كذلك فلا يلزم كونه أشد عذابا من إبليس ومن في طبقته ، ثم إن الظاهر أن المراد جنس المتصف بما ذكر وقيل : المراد به أمية بن خلف وقيل أبيّ بن خلف وهو خلاف الظاهر وإن قيل إن الآية نزلت فيمن ذكر وأما القول بأن هذا العذاب الموثق إبليس عليه اللعنة فليس بشيء إذ لا يقال له إنسان ، وكون الضمير له وإن لم يسبق له ذكر لا للإنسان المذكور في قوله تعالى يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ إلخ مما لا ينبغي أن يلتفت إليه. وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع بخلاف عنه «وثاقه» بكسر الواو وقوله تعالى :
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلخ حكاية لأحوال من اطمأن بذكر اللّه تعالى وطاعته عز وجل إثر حكاية من اطمأن بالدنيا وسكن إليها. وذكر أن على إرادة القول أي يقول اللّه تعالى يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ إلخ. إما بالذات كما كلم سبحانه موسى عليه السلام أو على لسان الملك واستظهر أن ذل القول عند تمام الحساب.
ولينظر التفاوت ما بين ذلك الإنسان وهذه النفس ذاك يقول يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي وهذه يقول اللّه تعالى لها يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلخ وكأنه للإيذان بغاية التباين لم يذكر القول وتعطف الجملة على الجملة السابقة. والنفس قيل بمعنى الذات ووصفت بالاطمئنان بذلك لأنها لترقى بقوتها العاقلة في معارج الأسباب والمسببات إلى المبدأ المؤثر بالذات جلت صفاته وأسماؤه فتضطرب وتقلق قبل الوصول إلى معرفته تعالى ، فإذا وصلت إليه عز وجل اطمأنت واستغنت به سبحانه عن وجودها وسائر شؤونها ولم تلتفت إلى ما سواه جل وعلا بالكلية وقيل : هي النفس المؤمنة المطمئنة إلى الحق الواصلة إلى ثلج اليقين وبرودته بحيث لا يخالطها شك ما ولا يمازجها سخونة اضطراب القلب في الحق أصلا وهو وجه حسن والارتباط عليه أن هذه النفس هي المتعظة الذاكرة على خلاف الإنسان الموصوف فيما قبل فإن التذكر على قدر قوة اليقين ، ألا ترى إلى قوله تعالى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ [الزمر : 9] وقيل هي الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن يوم القيامة ، أعني النفس المؤمنة اليوم المتوفاة على الإيمان. وأيد بقراءة أبيّ يا أيتها النفس الآمنة المطمئنة وكأنه لأن الوصفين يعتبر تناسبهما في الأكثر وهي على هذا تقابل السابق وهو المتحسر والمتحزن.
وقرأ زيد بن علي «يا أيها» بغير تاء وذكر صاحب البديع أن أيا قد تذكر مع المنادى المؤنث قيل ولذلك وجه من القياس وذلك أنها كما لم تثن ولم تجمع في نداء المثنى والمجموع فكذلك لم تؤنث في نداء المؤنث ، واعتبار النفس هاهنا مذكرة ثم مؤنثة مما لا تلتفت إليه النفس المطمئنة ارْجِعِي أي من حيث حوسبت إِلى رَبِّكِ أي إلى محل عنايته تعالى وموقف كرامته عز وجل لك أولا وهذا لأن للسعداء قبل الحساب كما يفهم من الأخبار موقفا في المحشر مخصوصا يكرمهم اللّه تعالى به لا يجدون فيه ما يجده غيرهم في مواقفهم من النصب ، ومنه ينادي الواحد بعد الواحد للحساب فمتى كان هذا القول عند تمام الحساب اقبضي أن يكون المعنى ما ذكر الواحد بعد الواحد للحساب فمتى كان هذا القول عند تمام الحساب اقبضي أن يكون المعنى ما ذكر ويجوز أن يكون المعنى ارجعي بتخلية القلب عن الأعمال والالتفات إليها والاهتمام بأمرها أتقبل أم لا ، أي إلى

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 346
ملاحظة ربّك والانقطاع إليه وترك الالتفات إلى ما سواه عز وجل كما كنت أولا كان النفس المطمئنة لما دعيت للحساب شغل فكرها ، وإن كانت مطمئنة بمقتضى الطبيعة وحال اليوم بأمر الحساب وما ينتهي إليه وأنه ماذا يكون حال أعمالها أتقبل أم لا ، فلما تم حسابها وقبلت أعمالها قيل لها ذلك تطييبا لقلبها بأن الأمر قد انتهى. وفرغ منه وليس بعد إلا كل خير. ونداؤها بعنوان الاطمئنان لتذكيرها بما يقتضي الرجوع نظير قولك لشجاع مشهور بالشجاعة أحجم في بعض المواقف يا أيها الشجاع أقدم ولا تحجم ، والظاهر أنه على الأول لا يناسبها ولا يخفى ما في قوله سبحانه إِلى رَبِّكِ على الوجهين من مزيد اللطف بها ولذا لم يقل نحو ارجعي إلى اللّه تعالى أو إليّ راضِيَةً أي بما تؤتينه من النعم التي لا تتناهى وقد يقال راضية بما نلتيه من خفة الحساب وقبول الأعمال وليس بذاك مَرْضِيَّةً أي عند اللّه عز وجل قيل : المراد راضية عن ربك مرضية عنده ، وزعم أنه الأظهر واعترض بأنه غير مناسب للسياق وفيه نظر. والوصفان منصوبان على الحال والظاهر أن الحال الأولى مقدرة وقيل مقارنة ، وذكر الحال الثانية من باب الترقي فقد قال سبحانه وتعالى رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التوبة : 72].
فَادْخُلِي فِي عِبادِي في زمرة عبادي الصالحين المخلصين لي وانتظمي في سلكهم وكوني في جملتهم وَادْخُلِي جَنَّتِي عطف على الجملة قبلها داخلة معها في حيّز الفاء المفيدة لكون ما بعدها عقيب ما قبلها من غير تراخ وكأن الأمر بالدخول في جملة عباد اللّه تعالى الصالحين إشارة إلى السعادة الروحانية لكمال استئناس النفس بالجليس الصالح ، والأمر بدخول الجنة إشارة إلى السعادة الجسمانية ولفضل الأولى على الثانية قدم الأمر الأول وجيء بالثاني على وجه التتميم. ونكتة الالتفات فيهما ظاهرة بأدنى التفات.
وتعدى الدخول أولا بفي وثانيا بدونها قال أبو حيان : لأن المدخول فيه إن كان غير ظرف حقيقي تعدى إليه في الاستعمال بفي ، تقول : دخلت في الأمر ودخلت في غمار الناس وإذا كان ظرفا حقيقيا تعدى إليه في الغالب بغير وساطتها فلا تغفل. وقيل المراد ارجعي إلى موعد ربك واستظهر أن المراد بموعده تعالى على تقدير كون القول المذكور بعد تمام الحساب ما وعده سبحانه من الجنة والكون مع عباده تعالى الصالحين والفاء تفسيرية ، واستشكل عليه الأمر بالرجوع إذ يقتضي أن تكون الجنة مقرا للنفس قبل ذلك ، وأجيب بتحقق هذا المقتضى بناء على وجودها بالقوة في ظهر آدم عليه السلام حين كان في الجنة وقد قيل نحو هذا في قوله تعالى إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [القصص : 85] على ما
روي عن أمير المؤمنين عليّ كرم اللّه تعالى وجهه. وعن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما من أن المراد بالمعاد الجنة دون مكة
وأنت تعلم أن هذا على ما فيه لا يتم إلّا على القول بأن جنة آدم عليه السلام هي الجنة التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة لا جنة أخرى كانت في الأرض ، والخلاف في ذلك قوي كما لا يخفى على من راجع كتاب مفتاح السعادة للعلامة ابن القيم واطلع على أدلة الطرفين. وقيل : المراد ارجعي إلى أمر ربك ، واستظهر أن المراد بالأمر على ذلك التقدير واحد الأمور ويفسر بمعاملة اللّه تعالى إياها بما ليس فيه ما يشغل بالها أو بتمييزها بموقف كريم أو بنحو ذلك مما يتحقق معه ما يقتضيه ظاهر الرجوع ، وقيل : المراد ارجعي إلى كرامة ربك ويراد جنس كرامته سبحانه والرجوع إليه باعتبار أنها كانت بعد الموت في البرزخ أو بعد البعث وقبل الحساب في نوع منه والفاء عليه قيل تفسيرية أيضا. وعن عكرمة والضحاك أن ذلك القول عند البعث ، فقيل النفس بمعنى الذات أيضا ، والمراد بالرب هو اللّه عز وجل والكلام على حذف مضاف ولا يقدر محل كرامته تعالى مرادا به

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 347
الموقف الخاص على ما سمعت لأنه إنما يكون لها بعد. وقيل النفس بمعنى الروح ، والمراد بالرب الصاحب وفسر بالجسد وباقي الآية على حالة أي ارجعي إلى جسدك كما كنت في الدنيا فادخلي بعد الرجوع إليه في جملة عبادي وادخلي دار ثوابي ، وقيل المراد بالنفس والرب ما ذكر وقوله تعالى فِي عِبادِي على حذف مضاف أي فادخلي في أجساد عبادي وجاء هذا في رواية عن ابن عباس وابن جبير ، ولا يضر الإفراد أولا والجمع ثانيا لأن المعنى على الجنس. وقال ابن زيد وجماعة إن ذلك القول عند الموت وأيّد بما
أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن جبير قال : قرئت عند النبي صلّى اللّه عليه وسلم يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ الآية فقال أبو بكر رضي اللّه تعالى عنه : إن هذا لحسن فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «أما إن الملك سيقولها لك عند الموت» وجاء نحو هذا من رواية الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق ثابت بن عجلان عن سليم بن عامر عن الصديق رضي اللّه تعالى عنه
. والنفس عليه بمعنى الروح والمعنى على ما قيل ارجعي بالموت إلى عالم قدس ربك راضية بما تؤتين من النعيم أو راضية عن ربك مرضية عنده تعالى ، فادخلي في زمرة عبادي المقربين سكنة حظائر القدس ، وادخلي جنتي التي أعددتها لذوي النفوس المطمئنة ، وهذان الدخولان يعقبان الرجوع إلّا أن الدخول الأول يعقبه بلا تراخ قبل يوم القيامة ، والثاني يعقبه بتراخ لأنه يوم القيامة إن أريد الدخول الجنة دخولها على وجه الخلود إلا أن الأمر لتحققه يجوز تعقيبه بالفاء ، وجوز أن يكون تعقيب الأمرين على هذا النمط إن أريد بالدخول في عبادة تعالى انتظامها في سلك العباد الصالحين المخلصين من جنسها ، ويجوز على إرادة هذا التعقيب أن يراد فادخلي في أجساد عبادي. وجوز أن يكون تعقيب الأمرين بلا تراخ إن أريد بالدخول في العباد الدخول في زمرة المقربين من سكنة حظائر القدس وبالدخول في الجنة الدخول لا على وجه الخلود بل لنوع من التنعم إلى أن تقوم الساعة ،
ففي الحديث أن أرواح المؤمنين في حواصل طيور في الجنة
، وفي بعض الآثار إذا مات المؤمن أعطي نصف الجنة
أي نصف جنته التي وعد دخولها يوم القيامة وذكر في وجه إدخالها مع الأرواح القدسية كالمرايا المصقولة فإذا انضم بعضها إلى بعض تعاكست أشعة أنوار المعارف فيظهر لكل منها ما يكملها فيكون سببا أنها لتكامل السعادات وتعاظم الدرجات وهو عندي كلام خطابي ، وعن بعض السلف ما يؤيد بعض هذه الأوجه.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح أنه قال في الآية ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ هذا عنوان الموت ، ورجوعها إلى ربها خروجها من الدنيا فإذا كان يوم القيامة قيل لها ادخلي في عبادي وادخلي جنتي وقيل : إن هذا القول بعد الموت وقبل القيامة ، والمراد برجوعها إلى ربها رجوعها إلى جسدها لسؤال الملكين. أخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي أنه قال في الآية إن المؤمن إذا مات أري منزله من الجنة فيقول تبارك وتعالى : يا أيتها النفس المطمئنة عندي ارجعي إلى جسدك الذي خرجت منه راضية بما رأيت من ثوابي مرضيا عنك حتى يسألك منكر ونكير ، وقيل إنه في مواطن ثلاثة. أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قال في الآية : بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث ويوم الجمع وتفسر عليه بما ينطبق على الجميع. وقيل : يجوز أن يكون ذلك في سائر أوقات النفس في حياتها الدنيا والمراد بالأمر بالرجوع إلى الرب الأمر بالرجوع إليه تعالى في كل أمر من الأمور ، والمراد بالأمر بالدخول في العباد الأمر بالدخول في زمرة العباد الخلص الذي ليس للشيطان عليهم سلطان بالإكثار من العمل الصالح ، وبالأمر بالدخول في الجنة الأمر بالدخول فيها بالقوة القريبة فكأنه سبحانه بعد أن بالغ جل وعلا في سوء حال الامارة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 348
ووعيدها خاطب المطمئنة بذاك وأرشدها سبحانه إلى ما فيه صلاحها ونجاتها ولا يخفى ما فيه فلا ينبغي أن يعد وجها ، وأيّا ما كان من الأوجه فالظاهر العموم فيها وإن أخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي اللّه تعالى عنه حين اشترى بئر رومة وجعلها سقاية للناس ، وقيل : إنها نزلت في حمزة بن عبد المطلب ، وقيل نزلت في خبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه إلى المدينة ، فقال : اللهم إن كان لي عندك خير فحول وجهي نحو قبلتك فحول اللّه تعالى وجهه نحوها فلم يستطع أحد أن يحوله بعد. فتفسير النفس المذكورة بأحد هؤلاء المذكورين كما نقل عن بعض من باب التمثيل وأن صورة السبب قطعية الدخول وينبغي أن يتحمل قول ابن عباس في تلك النفس كما أخرجه عنه ابن مردويه هو النبي صلّى اللّه عليه وسلم على نحو ذلك ، وأشعرت الآية على بعض أوجهها بأن الأرواح مخلوقة قبل الأبدان ومقرها إذ ذاك في عالم الملكوت ، والخلاف في المسألة شهير وجمهور المتكلمين على أنها مخلوقة عند استعداد الأبدان لها وكذا أفلاطون وأصحابه. وقرأ ابن عباس وعكرمة والضحاك ومجاهد وأبو جعفر وأبو صالح وأبو شيخ واليماني في «عبدي» على الإفراد واستظهر أن المراد الجنس كما في النفس. وللسادة الصوفية قدست نفوسهم كلام طويل في تقسيم مراتب النفس وقالوا إن الآية متضمنة لمراتب ثلاث منها المطمئنة والراضية والمرضية وفسروا كلا بما فسروه فمن أراده فليرجع إليه في كتبهم ، وأنا أقول كما علم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بعض الصحابة على ما
أخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة رضي اللّه تعالى عنه : «اللهم إني أسألك نفسا مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك».

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 349
سورة البلد
مكية في قوله الجمهور بتمامها ، وقيل مدنية بتمامها ، وقيل مدنية إلّا أربع آيات من أولها. واعترض كلا القولين بأنه يأباهما قوله تعالى بِهذَا الْبَلَدِ [البلد : 1 ، 2] قيل ولقوة الاعتراض ادعى الزمخشري الإجماع على مكيتها وسيأتي إن شاء اللّه تعالى أن في بعض الأخبار ما هو ظاهر في نزول صدرها بمكة بعد الفتح ، وهي عشرون آية بلا خلاف. ولما ذم سبحانه فيما قبلها من أحب المال وأكل التراث أكلا لمّا ولم يحض على طعام المسكين ذكر جل وعلا فيها الخصال التي تطلب من صاحب المال من فك الرقبة وإطعام في يوم ذي مسغبة وكذا لما ذكر عز وجل النفس المطمئنة هناك ذكر سبحانه هاهنا بعض ما يحصل به الاطمئنان فقال عز قائلا :
[سورة البلد (90) : الآيات 1 إلى 20]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (2) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (4)
أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (9)
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14)
يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (19)
عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ أقسم سبحانه بالبلد الحرام أعني مكة فإنه المراد بالمشار إليه بالإجماع وما عطف عليه على الإنسان خلق مغمورا في مكابدة المشاق ومعاناة الشدائد. وقوله تعالى وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ على ما اختاره في الكشاف اعتراض بين القسم وجوابه وفيه تحقيق مضمونه بذكر بعض المكابدة على نهج براعة الاستهلاك وادماج لسوء صنيع المشركين ليصرح بذمهم على أن الحل بمعنى المستحل بزنة المفعول الذي لا يحترم ، فكأنه قيل ومن المكابدة أن مثلك على عظم حرمته يستحل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 350
بهذا البلد الحرام ولا يحترم كما يستحل الصيد في غير الحرم عن شرحبيل بن سعد يحرمون أن يقتلوا به صيدا ويعضدوا شجره ويستحلون إخراجك وقتلك ، وفي تأكيد كون الإنسان في كيد بالقسم تثبيت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وبعث على أن يطأ من نفسه الكريمة على احتماله فإن ذلك قدر محتوم ، وجوز أن يكون الحل بمعنى الحلال ضد الحرام قال ابن عباس فيما أخرجه عنه ابن جرير وغيره : وأنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به. وأما غيرك فلا. وقال مجاهد : أحله اللّه تعالى له عليه الصلاة والسلام ساعة من نهار وقال سبحانه له ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل لا تؤاخذ به ، وروي نحو ذلك عن أبي صالح وقتادة وعطية وابن زيد والحسن والضحاك ولفظه : يقول سبحانه أنت حل بالحرم فاقتل إن شئت أو دع وذلك يوم الفتح ، وقد قتل صلّى اللّه عليه وسلم يومئذ عبد اللّه بن خطل وهو الذي كانت قريش تسميه ذا القلبين قدمه أبو برزة سعيد بن حرب الأسلمي فضرب بأمره صلّى اللّه عليه وسلم عنقه وهو متعلق بأستار الكعبة وكان قد أظهر الإسلام وكتب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم شيئا من الوحي فارتد وشنع على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بأن ما يمليه من القرآن منه عليه الصلاة والسلام لا من اللّه تعالى وقتل غيره أيضا كما هو مذكور في كتب السير ، ثم
قال عليه الصلاة والسلام : «إن اللّه تعالى حرّم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لا تحل لأحد قبلي ولن تحل لأحد بعدي ولم تحل لي إلّا ساعة من نهار ، فلا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلّا لمنشد» فقال العباس : يا رسول اللّه إلّا الإذخر فإنه لقيوننا وقبورنا وبيوتنا فقال عليه الصلاة والسلام : «إلّا الإذخر»
وتقديم المسند إليه على هذا للاختصاص كما أشير إليه في خبر ابن عباس. وحِلٌّ على معنى الاستقبال بناء على أن نزول السورة قبل الهجرة التي هي قبل الفتح بكثير وفي خبر رواه عبد بن حميد عن ابن جبير ما هو ظاهر في أن الآية نزلت بعد أن ضرب أبو برزة عنق ابن خطل يوم الفتح فإن صح لا يكون في معنى الاستقبال لكن الجمهور على الأول ، وفي تعظيم المقسم به وتوكيد المقسم عليه بالإقسام توكيد لما سيق له الكلام وهو على ما ذكر أن عاقبة الاحتمال والمكابدة إلى الفتح والظفر والغرض تسليته صلّى اللّه عليه وسلم ثم ترشيحها بالتصريح بما سيكون من الغلبة وتعظيم البلد يدل على تعظيم من أحل له وفي الإقسام به توطئة للتسلية لأن تعظيم البلد مما يقترفه أهله من المآثم متحرج بريء منها والمعنى في الإقسام بالبلد تعظيمه ، وفي الاعتراض ترشيح التعظيم والتشريف بكون مثله صلّى اللّه عليه وسلم في جلالة القدر ومنصب النبوة ساكنا فيه مباينا لما عليه الغاغة والهمج والفائدة فيه تأكيد المقسم عليه بأنهم من أهل الطبع فلا ينفعهم شرف مكان والمتمكن فيه كأنه قيل : أقسم بهذا البلد الطيب بنفسه وبمن سكن فيه أن أهله لفي مرض قلب وشك لا يقادر قدره. وقيل : الحل صفة أو مصدر بمعنى الحال يقال حل أي نزل يحل حلا وحلولا ويقال أيضا هو حل بموضع كذا كما يقال حال به والقول بأن الصفة من الحلول حال لا حل ومصدر حل بمعنى نزل الحلول ، والحل بفتح الحاء والحلل فقط ناشىء من قلة التتبع.
والاعتراض لتشريفه صلّى اللّه عليه وسلم بجعل حلوله عليه الصلاة والسلام مناطا لإعظام البلد بالإقسام به وجعل بعض الأجلّة الجملة على هذا الوجه حالا من هذا البلد وكذا جعلها بعضهم حالية على الوجهين قبل إلّا أن الحال على ثانيهما مقارنة وعلى أولهما مقدرة أو مقارنة إن قيل إن النزول ساعة أحلت مكة وجعلها ابن عطية حالا على الوجه الأول أيضا أعني كون الحل بمعنى المستحل لكن قيده بكون لا نافية غير زائدة فتأمل وأيّا ما كان ففي الإشارة وإقامة الظاهر مقام الضمير من تعظيم البلد ما فيهما.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 351
وَوالِدٍ عطف على هذا البلد المقسم به وكذا قوله تعالى وَما وَلَدَ والمراد بالأول آدم عليه السلام وبالثاني جميع ولده على ما أخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس ورواه جماعة أيضا عن مجاهد وقتادة وابن جبير. وقيل : المراد آدم عليه السلام والصالحون من ذريته ، وقيل نوح عليه السلام وذريته ، وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران أنهما إبراهيم عليه السلام وجميع ولده وقيل إبراهيم عليه السلام ولده إسماعيل عليه السلام والنبي صلّى اللّه عليه وسلم ادعى أنه ينبىء عن ذلك المعطوف عليه فإنه حرم إبراهيم ومنشأ إسماعيل ومسقط رأس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عليهن أجمعين. وقال الطبري والماوردي : يحتمل أن يكون الوالد النبي صلّى اللّه عليه وسلم لتقدم ذكره ، وما ولد أمته
لقوله عليه الصلاة والسلام «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد»
ولقراءة عبد اللّه وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم وفي القسم بذلك مبالغة في شرفه عليه الصلاة والسلام وهو كما ترى وقيل المراد كل والد وولده من العقلاء وغيرهم ، ونسب ذلك لابن عباس. وأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق عكرمة عنه أنه قال : الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يلد من الرجال والنساء ، ونسب إلى ابن جبير أيضا فما عليه نافية فيحتاج إلى تقدير موصول يصح به المعنى الذي أريد كأنه قيل وَوالِدٍ والذي ما ولد وإضمار الموصول في مثله لا يجوز عند البصريين ومع هذا هو خلاف الظاهر ، ولعل ظاهر اللفظ عدم التعيين في المعطوفين وظاهر العطف على هذا البلد إرادة من له دخل فيه وشهرة بنسبة البلد إليه أو المشهور في ذلك إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وتنكير والِدٍ على ما اختاره غير واحد للتعظيم وإيثار ما على من بناء على أن المراد ب ما وَلَدَ العاقل لإرادة الوصف فتفيد التعظيم في مقام المدح وأنه مما لا يكتنه كنهه لشدة إبهامها ولذا أفادت التعجب أو التعجيب وإن لم تكن استفهامية كما في قوله تعالى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ [آل عمران : 36] أي أي مولود عظيم الشأن وضعته ، والتعظيم والتعجيب على تقدير أن يراد بما ولد ذرية آدم عليه السلام مثلا قيل باعتبار التغليب وقيل باعتبار الكثرة. وما خص به الإنسان من خواص البشر كالعقل وحسن الصورة ومن تأمل في شؤون الإنسان من حيث هو إنسان يعلم أنه من تلك الحيثية معظّم يتعجب منه لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ أي في تعب ومشقة فإنه لا يزال يقاسي فنون الشدائد من وقت نفخ الروح إلى حين نزعها وما وراءه يقال : كبد الرجل كبدا فهو أكبد إذا وجعته كبده وانتفخت فاتسع فيه حتى استعمل في كل تعب ومشقة ومنه اشتقت المكابدة لمقاساة الشدائد ، كما قيل : كبته بمعنى أهلكه وأصله كبده إذا أصاب كبده. قال لبيد يرثي أخاه :
يا عين هل بكيت أربد إذ قمنا وقام الخضوم في كبد
أي في شدة الأمر وصعوبة الخطب. وعن ابن عمر يكابد الشكر على السراء ويكابد الصبر على الضراء وعن ابن عباس وعبد اللّه بن شداد وأبي صالح والضحاك ومجاهد أنهم قالوا أي خلقناه منتصب القامة واقفا ولم نجعله منكبا على وجهه. وقال ابن كيسان : أي منتصبا رأسه في بطن أمه فإذا أذن له في الخروج قلب رأسه إلى قدمي أمه وهذه الأقوال كلها ضعيفة لا يعول عليها بخلاف الأول وقد رواه الحاكم وصححه وجماعة عن ابن عباس ، وروي عن غير واحد من السلف نعم جوز أن يكون المعنى لقد خلقناه في مرض شاق وهو مرض القلب وفساد الباطن ، وهذا بناء على الوجه الثالث من الأوجه الأربعة السابقة في قوله تعالى لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ والمراد بالإنسان عليه الذين علم اللّه تعالى منهم حين خلقهم أنهم لا يؤمنون ولا يعملون الصالحات. والظاهر أن المراد على ما عداه جنس الإنسان مطلقا. وقال ابن زيد : المراد بالإنسان

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 352
آدم عليه السلام ، وبالكبد السماء وشاع في وسط السماء كالكبيداء والكبيداة والكبداء وأكبد بفتح فسكون وليس بشيء أصلا. والضمير في قوله تعالى أَيَحْسَبُ على ما عدا ذلك راجع إلى ما دل عليه السياق مما يكابد منه صلّى اللّه عليه وسلم ما يكابد من كفار قريش وينتهك حرمة البيت وحرمته عليه الصلاة والسلام. وعليه للإنسان والتهديد مصروف لمن يستحقه وقيل على إرادة البعض هو أبو الأشد أسيد بن كلدة الجمحي وكان شديد القوة مغترا بقوته وكان يبسط له الأديم العكاظي فيقوم عليه ويقول : من أزالني عنه فله كذا ، فيجذبن عشرة فينقطع قطعا ويبقى موضع قدميه ، وقيل عمرو بن عبد ود ، وقيل الوليد بن المغيرة ، وقيل أبو جهل بن هشام ، وقيل الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف. ويجوز أن يكون كل من هؤلاء سبب النزول فلا تغفل. وجعل عصام الدين الاستفهام للتعجيب على معنى أيظن أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أي على الانتقام منه ومكافأته بما هو عليه أَحَدٌ مع أنه لا يتخلص من المكابدة ومقاساة الشدائد وأن مخففة من الثقيلة ولعل في ذلك إدماج عدم إيمان بالقيامة يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أي كثيرا من تلبد الشيء إذا اجتمع ، أي يقول ذلك وقت الاغترار فخرا ومباهاة وتعظما على المؤمنين وأراد بذلك ما أنفقه رياء وسمعة وعبر عن الاتفاق بالإهلاك إظهارا لعدم الاكتراث وأنه لم يفعل ذلك رجاء نفع فكأنه جعل المال الكثير ضائعا وقيل : يقول ذلك إظهارا لشدة عداوته لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مريدا بالمال ما أنفقه في معاداته عليه الصلاة والسلام وقيل : يقول ذلك إيذاء له عليه الصلاة والسلام ، فعن مقاتل أن الحارث بن نوفل كان إذا أذنب استفتى الرسول صلّى اللّه عليه وسلم فيأمره عليه الصلاة والسلام بالكفارة. فقال : لقد أهلكت مالا لبدا في الكفارات والتبعات منذ أطعت محمدا صلّى اللّه عليه وسلم.
وقيل : المراد ما تقدم أولا إلّا أن هذا القول وقت الانتقام منه وذلك يوم القيامة ، والتعبير عن الإنفاق بالإهلاك لما أنه لم ينفعه يومئذ. وقرأ أبو جعفر «لبّدا» بشد الباء وعنه وعن زيد بن علي «لبدا» بسكون الباء وقرأ مجاهد وابن أبي الزناد «لبدا» بضم اللام والباء.
أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ أي حين كان ينفق ما ينفق رئاء الناس أو حرصا على معاداته صلّى اللّه عليه وسلم يعني أن اللّه تعالى كان يراه وكان سبحانه عليه رقيبا فهو عز وجل يسأله عنه ويجازيه عليه. وفي الحديث : «لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ، وعن ماله مم جمعه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به»
. وجوز أن يكون المعنى إن لم يجده أحد على أن المراد بالرؤية الوجدان اللازم له ، ولَمْ بمعنى لن وعبر بها لتحقق الوقوع يعني أنه تعالى يجده يوم القيامة فيحاسبه على ذلك. وعن الكلبي أن هذا القائل كان كاذبا لم ينفق شيئا فقال تعالى : أيظن أن اللّه تعالى ما رأى ذلك منه فعل أو لم يفعل أنفق أو لم ينفق بل رآه عز وجل وعلم منه خلاف ما قال وقرر سبحانه القدرة على مجازاته ومحاسبته والاطلاع على حاله بقوله جل وعلا أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ يبصر بهما وَلِساناً يفصح به عما في ضميره وَشَفَتَيْنِ يستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب والنفخ وغير ذلك والمفرد شفة وأصلها شفهة حذفت منها الهاء ويدل عليه شفيهة وشفاه وشافهت وهي مما لا يجوز جمعه بالألف والتاء وإن كان فيه تاء التأنيث على ما في البحر
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ أي طريقي الخير والشر كما أخرجه الحاكم وصححه والطبراني وغيرهما عن ابن مسعود وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس وروي عن عكرمة والضحاك وآخرين وأخرجه الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا
والنجد مشهور في الطريق المرتفع قال امرؤ القيس :
فريقان منهم جازع بطن نخلة وآخر منهم قاطع نجد كبكب

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 353
وسميت نجد به لارتفاعها عن انخفاض تهامة والامتنان المحدث عنه بأن هداه سبحانه وبيّن له تعالى شأن ما إن سلكه نجا وما إن سلكه هلك ، ولا يتوقف الامتنان على سلوك طريق الخير. وقد جعل الإمام هذه الآية كقوله تعالى إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان : 3] ووصف سبيل الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف سبيل الشرفان فيه هبوطا من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقاوة فهو على التغليب أو على توهم المتخيلة له صعودا ولذا استعمل الترقي في الوصول إلى كل شيء وتكميله كذا قيل. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس أنهما الثديان وروي ذلك عن ابن المسيب أي ثديي الأم لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه والارتفاع فيهما ظاهر والبطن تحتهما كالغور ، والعرب تقسم بثديي الأم فتقول : أما ونجديها ما فعلت. ونسب هذا التفسير لعليّ كرم اللّه تعالى وجهه أيضا. والمذكور في الدر المنثور من رواية الفريابي وعبد بن حميد وكذا
في مجمع البيان عنه كرم اللّه تعالى وجهه أن أناسا يقولون : إن النجدين الثديان ، فقال : لا هما الخير والشر.
ولعل القائل بذلك رأى أن اللفظ يحتمله مع ظهور الامتنان عليه جدا فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ الاقتحام الدخول بسرعة وضغط وشدة ويقال : قحم في الأمر قحوما رمى نفسه فيه من غير روية.
والعقبة الطريق الوعر في الجبل وفي البحر هي ما صعب منه وكان صعودا ، والجمع عقب وعقاب وهي هنا استعارة لما فسرت به من الأعمال الشاقة المرتفعة القدر عند اللّه تعالى والقرينة ظاهرة وإثبات الاقتحام المراد به الفعل والكسب ترشيح ، ويجوز أن يكون قد جعل فعل ما ذكر اقتحاما وصعودا شاقا وذكره بعد النجدين جعل الاستعارة في الذروة العليا من البلاغة والمراد ذم المحدث عنه بأنه مقصر مع ما أنعم اللّه تعالى به عليه من النعم العظام والأيادي الجليلة الجسام كأنه قيل فقصر ولم يشكر تلك النعم العظيمة والأيادي الجسيمة بفعل الأعمال الصالحة بل غمط النعمة وكفر بالمنعم واتبع هوى نفسه. وقوله تعالى وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ أي أي شيء أعلمك ما هي تعظيم لشأن العقبة المفسرة بقوله سبحانه فَكُّ رَقَبَةٍ إلخ وتفسيرها بذلك بناء على الادعاء والمجاز وهو مما لا شبهة في صحته وإن لم يتحد العقبة والفك حقيقة فلا حاجة إلى تقدير مضاف كما زعمه الإمام ليصح التفسير ، أي وما أدراك ما اقتحام العقبة فك إلخ وقال بعضهم : يحتمل أن يراد بالعقبة نفس الشكر عبر بها عنه لصعوبته ولا يأباه وما أَدْراكَ إلخ لأنه بمنزلة ما أدراك ما الشكر فَكُّ رَقَبَةٍ وهو كما ترى. وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن أبي شيبة عن ابن عمر أن العقبة جبل زلال في جهنم. وأخرج ابن جرير عن الحسن نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنها النار وفي رواية عبد بن حميد عنه أنها عقبة بين الجنة والنار ، وعن مجاهد والضحاك والكلبي أنها الصراط وقد جاء في صفته ما جاء ، ولعل المراد بعقبة بين الجنة والنار هذا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي رجاء أنه قال : بلغني أن العقبة التي ذكر اللّه تعالى في القرآن مطلعها سبعة آلاف سنة ومهبطها سبعة آلاف سنة ، وهذه الأقوال إن صحت يتعين عليها أن يراد بالاقتحام المرور والجواز بسرعة وأن يقدر المضاف أي وما أدراك ما اقتحام العقبة فك إلخ. وجعل الفك وما عطف عليه نفس الاقتحام على سبيل المبالغة في سببيته له حتى كأنه نفسه ، ومآل المعنى فلا فعل ما ينجو به ويجوز بسببه العقبة الكؤود يوم القيامة وبهذا يندفع ما نقله الإمام عن الواحدي بعد نقله تفسيرها بجبل زلال في جهنم وبالصراط ونحو ذلك وهو قوله. وفي هذا التفسير نظر لأن من المعلوم أن هذا الإنسان وغيره لم يقتحموا عقبة جهنم ولا جاوزوها فحمل الآية عليه يكون إيضاحا للواضحات ثم قال : ويدل عليه أنه لما قال سبحانه وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فسرها جل شأنه بفك الرقبة والإطعام انتهى. نعم أنا لا أقول بشيء من ذلك حتى تصح فيه تفسيرا للآية رواية مرفوعة. والفك تخليص شيء من شيء قال الشاعر :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 354
فيا رب مكروب كررت وراءه وعان فككت الغل منه ففداني
وهو مصدر فك وكذا الفكاك بفتح الفاء كما نص عليه الفرّاء والمشهور أن المراد به هنا تخليص رقبة الرقيق من وصف الرقبة بالإعتاق. وأخرج أحمد وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن البراء رضي اللّه تعالى عنه أن «أعرابيا قال : يا رسول اللّه علمني عملا يدخلني الجنة ، قال : «أعتق النسمة وفك الرقبة» قال : أو ليسا بواحد؟ قال : «لا إن عتق النسمة أن تنفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين في عتقها» الحديث.
وعليه يكون نفي العتق عن المحدث عنه متحققا من باب أولى ، ومن الفك بهذا المعنى إعطاء المكاتب ما يصرفه في جهة فكاك نفسه. وجاء في فضل الإعتاق أخبار كثيرة منها ما
أخرجه أحمد والشيخان والترمذي وغيرهم عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللّه بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى الفرج بالفرج»
. وهو أفضل من الصدقة عند أبي حنيفة رضي اللّه تعالى عنه وعند صاحبيه الصدقة أفضل والآية على ما قيل أدل على قول الإمام لمكان تقديم الفك على الإطعام. وعن الشعبي تفضيل العتق أيضا على الصدقة على ذي القرابة فضلا عن غيره. وقال الإمام : في الآية وجه آخر حسن وهو أن يكون المراد أن يفك المرء رقبة نفسه بما يكلفه من العبادة التي يصير بها إلى الجنة فهي الحرية الكبرى وعليه قيل يكون ما بعد من قبيل التخصيص بعد التعميم وفيه بعد كما لا يخفى أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ مصدر ميمي بمعنى السغب قال أبو حيان : وهو الجوع العام ، وقد يقال : سغب الرجل إذا جاع. وقال الراغب : هو الجوع مع التعب وربما قيل في العطش مع التعب وفسره ابن عباس هنا بالجوع من غير قيد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم أنه قال في يوم فيه الطعام عزيز وليس بتفسير بالمعنى الموضوع له. ووصف اليوم بذي مسغبة نحو ما يقول النحويون في قولهم هم ناصب ذو نصب ، وليل نائم ذو نوم ، ونهار صائم ذو صوم يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أي قرابة فهو مصدر ميمي أيضا من قرب في النسب ، يقال : فلان ذو قرابتي وذو مقربتي بمعنى. قال الزجاج : وفلان قرابتي قبيح لأن القرابة مصدر. قال :
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه وذو قرابته في الحي مسرور
وفيه بحث. وفي إِطْعامٌ هذا جمع بين الصدقة والصلة وفيهما من الأجر ما فيهما. وقيل : إنه لا يخص القريب نسبا بل يشمل من له قرب بالجوار أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ أي افتقار وهو مصدر ميمي كما تقدم من ترب إذا افتقر ومعناه التصق بالتراب ، وأما أترب فاستغنى أي صار ذا مال كالتراب في الكثرة كما قيل أثرى. وعن ابن عباس أنه فسره هنا بالذي لا يقيه من التراب شيء. وفي رواية أخرى هو المطروح على ظهر الطريق قاعدا على التراب لا بيت له وهو قريب مما
أخرجه ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا : «هو الذي مأواه المزابل»
فإن صح لا يعدل عنه. وفي رواية أخرى عن ابن عباس هو الذي يخرج من بيته ثم يقلب وجهه إليه مستيقنا أنه ليس فيه إلّا التراب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه إنه قال في ذلك يعني بعيد التربة أي بعيدا من وطنه وهو بعيد ، والصفة على بعض هذه التفاسير صفة كاشفة وبعض آخر مخصصة واو على ما في البحر للتنويع. وقد استشكل عدم تكرار لا هنا مع أنها دخلت على الماضي وهم قالوا يلزم تكرارها حينئذ كما في قوله تعالى فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى [القيامة : 31] وقول الحطيئة :
وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا
وشذ قوله :
لا هم إن الحارث بن جبله جنى على أبيه ثم قتله

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 355
وكان في جاراته لا عهد له فأي أمر سيىء لا فعله
وأجيب بأن اللازم تكرارها لفظا أو معنىّ ، وهي هنا مكررة معنى لأن تفسير العقبة بما فسرت به من الأمور المتعددة يلزم منه تفسير الاقتحام فيكون : فلا اقتحم العقبة في معنى فلا فك رقبة ولا أطعم يتيما إلخ.
وقد يقال في البيت نحو ذلك بأن يقال إن العموم فيه قائم مقام التكرار ويلزمه على ما قيل جواز لا جاءني زيد وعمرو لأنه في معنى لا جاءني زيد ولا جاءني عمرو ومنعه الزجاج والفرّاء : يجوز أن يكون منه قوله تعالى ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا فإنه عطف على المنفي أعني اقْتَحَمَ فكأنه قيل فلا اقتحم ولا آمن ، ولا يلزم منه كون الإيمان غير داخل في مفهوم العقبة لأنه يكفي في صحة العطف والتكرار كونه جزءا أشرف خص بالذكر عطفا فجاءت صورة التكرار ضرورة إذ الحمل على غير ذلك مفسد للمعنى ، ويلزمه جواز لا أكل زيد وشرب على العطف على المنفي والبعض المتقدم يمنعه. وقيل : إن لا للدعاء والكلام دعاء على ذلك الكافر أن لا يرزقه اللّه تعالى ذلك الخير. وقيل لا مخفف إلا للتخضيض كهلا ، فكأنه قيل : فهلا اقتحم أو الاستفهام محذوف والتقدير أفلا اقتحم ونقل ذلك عن ابن زيد والجبائي وأبي مسلم. وفيه أنه لم يعرف تخفيف ألا التحضيضية وأنه كما قال المرتضى يقبح حذف حرف الاستفهام في مثل هذا الموضع ، وقد عيب على عمر بن أبي ربيعة قوله :
ثم قالوا تحبها قلت بهرا عدد الرمل والحصى والتراب
وقولهم : لو أريد النفي لم يتصل الكلام بشيء لظهور كان تحت النفي واتصال الكلام عليه ، قيل الكلام إخبار عن المستقبل فليس مما يلزم فيه التكرير أي فلا يقتحم العقبة لأن ماضيه معلوم بالمشاهدة فالأهم الإخبار عن حاله في الاستقبال لكي لتحقق الوقوع عبر بالماضي. ونقل الطيبي عن أبي علي الفارسي عدم وجوب تكريرها رادا على الزجاج في زعمه ذلك. وقال : هي كلم والتكرر في نحو فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى لا يدل على الوجوب كما في لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا [الفرقان : 67] وعلى عدم التكرار جاء قول أمية السابق :
إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما
والمتيقن عندي أكثرية التكرر وأما وجوبه فليس بمتيقن واللّه تعالى أعلم. وقرأ ابن كثير والنحويان «فكّ» فعلا ماضيا «رقبة» بالنصب «أو أطعم» فعلا ماضيا أيضا وعلى هذه القراءة ففك مبدلة من اقتحم وما بينهما اعتراض. ومعناه أنك لم تدركنه صعوبتها على النفس وكنه ثوابها عند اللّه عز وجل وقرأ أبو رجاء كذلك إلّا أنه قرأ «ذا مسبغة» بالألف على أن «ذا» منصوب على المفعولية بأطعم أي أطعم في يوم من الأيام إنسانا ذا مسغبة ، ويكون يتيما بدلا منه أو صفة له. وقرأ هو أيضا والحسن «أو إطعام في يوم ذا» بالألف أيضا على أنه مفعول ب للمصدر. وقرأ بعض التابعين «فكّ رقبة» بالإضافة «أو أطعم» فعلا ماضيا وهو معطوف على المصدر لتأويله به.
والتراخي المفهوم من ثُمَّ في قوله تعالى ثُمَّ كانَ إلخ رتبي فالإيمان فوق جميع ما قبله لأنه يستقل بكونه سببا للنجاة وشكرا بدون الأعمال كما فيمن آمن بشرطه ومات في يومه قبل أن يجب عليه شيء من الأعمال فإن ذلك ينفعه ويخلصه بخلاف ما عداه فإنه لا يعتد به بدونه. وقوله سبحانه وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ عطف على آمنوا أي أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الإيمان والثبات عليه أو بذلك والصبر على الطاعات أو به ، والصبر على المعاصي وعلى المحن التي يبتلى بها الإنسان وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أي بالرحمة على عباده عز وجل ومن ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو تواصوا بأسباب رحمة اللّه تعالى وما يؤدي إليها من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 356
الخيرات على أن المرحمة مجاز عن سببها أو الكلام على تقدير مضاف. وذكر أن تَواصَوْا بِالصَّبْرِ إشارة إلى تعظيم أمر اللّه تعالى وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ إشارة إلى الشفقة على خلق اللّه تعالى وهما أصلان عليهما مدار الطاعة وهو الذي قاله بعض المحققين الأصل في التصوف أمر أن اصدق مع الحق وخلق مع الخلق أُولئِكَ إشارة إلى الموصول باعتبار اتصافه بما في حيّز صلته وما فيه من معنى البعد مع قرب المشار إليه لما مر غير مرة ، أي أولئك الموصوفون بالنعوت الجليلة المذكورة أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ أي جهة اليمين التي فيها السعداء أو اليمن لكونهم ميامين على أنفسهم وعلى غيرهم وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا بما نصبناه دليلا على الحق من كتاب وحجة أو بالقرآن هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ أي جهة الشمال التي فيها الأشقياء أو الشؤم على أنفسهم وعلى غيرهم عَلَيْهِمْ نارٌ عظيمة مُؤْصَدَةٌ مطبقة من آصدت الباب إذا غلقته وأطبقته وهي لغة قريش على ما روي عن مجاهد. وظاهر كلام ابن عباس عدم الاختصاص بهم ، ومن ذلك قول الشاعر :
تحن إلى أجبال مكة ناقتي ومن دونها أبواب صنعاء مؤصده
ويجوز أن يكون من أوصدت بمعنى غلقت أيضا وهمز على حد من قرأ بالسؤق مهموزا وقرأ غير واحد من السبعة موصدة بغير همز. فيظهر أنه من أوصدت وقيل : يجوز أن يكون من آصدت وسهلت الهمزة وقال الشاعر :
قوما يعالج قملا أبناؤهم وسلاسلا ملسا وبابا موصدا
والمراد مغلقة أبوابها ، وإنما أغلقت لتشديد العذاب والعياذ باللّه تعالى عليهم. وصرح بوعيدهم ولم يصرح بوعد المؤمنين لأنه الأنسب بما سيق له الكلام ، والأوفق بالغرض والمرام ولذا جيء بضمير الفصل معهم لإفادة الحصر واعتبروا غيبا كأنهم بحيث لا يصلحون بوجه من الوجوه لأن يكونوا مشارا إليهم ولم يسلك نحو هذا المسلك في الجملة الأولى التي في شأن المؤمنين. ونقل عن الشمني أنه قال : الحكمة في ترك ضمير الفصل في الأولين والإتيان بدله باسم الإشارة أن اسم الإشارة يؤتى به لتمييز ما أريد به أكمل تمييز كقوله :
هذا أبو الصقر فردا في محاسنه من نسل شيبان بين الضال والسلم
ولا كذلك الضمير فإن اسم الإشارة البعيد يفيد التعظيم لتنزيل رفعة محل المشار به إليه منزلة بعد درجته فاسم الإشارة للتعظيم والإشارة إلى تمييزهم واستحقاقهم كمال الشهرة بخلاف أصحاب المشأمة والضمير لا يفيد ذلك انتهى. وفيه أن اسم الإشارة كما يفيد التعظيم يفيد التحقير كما في قوله تعالى فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ [الماعون : 2] وكمال الشهرة كما يكون في الخير يكون في الشر ، فأي مانع من اعتبار استحقاقهم كمال الشهرة في الشر. وبالجملة ما ذكره ليس بشيء ولعل ما ذكرناه هو الأولى فتدبر.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 357
سورة الشمس
مكية بلا خلاف وآيها ست عشرة آية في المكي والمدني الأول وخمس عشرة في الباقية. ولما ختم سبحانه السورة المتقدمة بذكر أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة أعاد جل شأنه في هذه السورة الفريقين على سبيل الفذلكة بقوله سبحانه قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها [الشمس : 9 ، 10] وفي هذه فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها [الشمس : 8] وهو كالبيان لقوله تعالى في الأولى وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [البلد : 10] على أول التفسيرين وختم سبحانه الأولى بشيء من أحوال الكفرة في الآخرة ، وختم جل وعز هذه بشيء من أحوالهم في الدنيا فقال عز من قائل :
[سورة الشمس (91) : الآيات 1 إلى 15]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالشَّمْسِ وَضُحاها (1) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (2) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (3) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (4)
وَالسَّماءِ وَما بَناها (5) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (6) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (7) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9)
وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (12) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (14)
وَلا يَخافُ عُقْباها (15)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالشَّمْسِ وَضُحاها أي ضوءها كما أخرجه الحاكم وصححه عن ابن عباس ، والمراد إذا أشرقت وقام سلطانها. وقال بعض المحققين : حقيقة الضحى تباعد الشمس عن الأفق الشرقي المرئي وبروزها للناظرين ثم صار حقيقة في وقته ، ثم إنه قيل لأول الوقت ضحوة ولما يليه ضحى ولما بعده إلى قريب الزوال ضحاء بالفتح والمد ، فإذا أضيف إلى الشمس فهو مجاز عن إشراقها كما هنا ، ونقل عن المبرد أن الضحى مشتق من الضح وهو نور الشمس والألف مقلوبة من الحاء الثانية وكذلك الواو من ضحوة مقلوبة منها ، وتعقبه أبو حيان بقوله : لعله مختلق عليه لأن المبرد أجلّ من أن يذهب إلى هذا وهذان مادتان مختلفتان لا تشتق إحداهما من أخرى. وأجيب بأنه لم يرد الاشتقاق الصغير ولا يخفى حاله على الصغير والكبير. وعن مقاتل أن ضحاها حرها وهو تفسير باللازم وعن مقاتل المراد به النهار كله وفيه أنه تعالى أقسم به بعيد ذلك وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها أي تبعها فقيل باعتبار طلوعه وطلوعها أي إذا تلا طلوعه طلوعها بأن طلع من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 358
الأفق الشرقي بعد طلوعها وذلك أول الشهر ، فإن الشمس إذا طلعت من الأفق الشرقي أول النهار يطلع بعدها القمر لكن لا سلطان له فيرى بعد غروبها هلالا ومناسبة ذلك للقسم به لأنه وصف له بابتداء أمره ، فكما أن الضحى كشباب النهار فكذا غرة الشهر كولادته. وقيل باعتبار طلوعه وغروبها أي إذا تلا طلوعه غروبها وذلك في ليلة البدر رابع عشر الشهر فإنه حينئذ في مقابلة الشمس والبعد بينهما نصف دور الفلك فإذا كانت في النصف الفوقاني منه أعني ما يلي رؤوسنا كان القمر في التحتاني منه أعني ما يلي أقدامنا ، فإذا غربت طلع من الأفق الشرقي وهو المروي عن قتادة. وقولهم : سمي بدرا لأنه يسبق طلوعه غروب الشمس فكأنه بدرها بالطلوع لا ينافيه لأنه مبني على التقريب ، ومناسبة ذلك للقسم به لأنه وقت ظهور سلطانه فيناسب تعظيم شأنه. وقال ابن زيد : تبعها في الشهر كله ففي النصف الأول تبعها بالطلوع وفي الآخر بالغروب ، ومراده ما ذكر في القولين. وقيل : المراد تبعها في الإضاءة بأن طلع وظهر مضيئا عند غروبها آخذا من نورها وذلك في النصف الأول من الشهر فإنه فيه يأخذ كل ليلة منه قدرا من النور بخلافه في النصف الثاني وهو مروي عن ابن سلام واختاره الزمخشري. وقال الحسن والفرّاء كما في البحر : أي تبعها في كل وقت لأنه يستضيء منها فهو يتلوها لذلك ، وأنكر بعض الناس ذهاب أحد من السلف إلى أن نور القمر مستفاد من ضوء الشمس وزعم أنه رأي المنجمين لا غير وما ذكر حجة عليه والحجة عن أصل المسألة أظهر من الشمس وهي اختلاف تشكلاته النورية قربا وبعدا منها مع ذهاب نوره عند حيلولة الأرض بينه وبينها. وكون الاختلاف لاحتمال أن يكون أحد نصفيه مضيئا والنصف الآخر غير مضيء وأنه يتحرك على محوره حركة وضعية حتى يرى كل نصف منهما تدريجا ، وكون ذهاب النور عند الحيلولة لاحتمال حيلولة جسم كثيف بيننا وبينه لا نراه أضعف من حبال القمر كما لا يخفى.
وقال الزجاج وغيره تَلاها معناه امتلأ واستدار فكان تابعا لها في الاستدارة وكمال النور.
وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها أي جلى النهار الشمس أي أظهرها فإنها تنجلي وتظهر إذا انبسط النهار ومضى منه مدة ، فالإسناد مجازي كالإسناد في نحو صام نهاره. وقيل : الضمير المنصوب يعود على الأرض وقيل على الدنيا والمراد بها وجه الأرض وما عليه ، وقيل : يعود على الظلمة وجلاها حينئذ بمعنى أزالها وعدم ذكر المرجع على هذه الأقوال للعلم به والأول أولى الذكر المرجع واتساق الضمائر. وجوز بعضهم أن يكون الضمير المرفوع المستتر في جَلَّاها عليه عائدا على اللّه عز وجل كأنه قيل والنهار إذا جل اللّه تعالى الشمس فيكون قد أقسم سبحانه بالنهار في أكمل حالاته وهو كما ترى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها أي الشمس فيغطي ضوءها والإسناد كما مر. وقيل أي الأرض وقيل أي الدنيا. وجيء بالمضارع هنا دون الماضي كما في السابق بأن يقال إذا غشيها ، قال أبو حيان : رعاية للفاصلة ولم يقل غشاها لأنه يحتاج إلى حذف أحد المفعولين لتعديه إليهما فإنه يقال : غشيته كذا كما قال الراغب كذا قيل. وقال بعض الأجلّة : جيء بالمضارع للتنبيه على استواء الأزمنة عنده تعالى شأنه. وقال الخفاجي : الأول أن يقال المراد بالليل الظلمة الحادثة بعدم الضوء لا العدم الأصلي والظلمة الأصلية فإن هذه أظهر في الدلالة على القدرة وهي مستقبلة بالنسبة لما قبلها فلا بد من تغيير التعبير ليدل على المراد. واستصعب الزمخشري الأمر في نصب إِذا بأن ما سوى الواو الأولى إن كانت عاطفة لزم العطف على معمولي عاملين مختلفين كعطف النهار مثلا على الشمس المعمول لحرف القسم ، وعطف الظرف أعني إِذا في إِذا جَلَّاها على نظيرتها في إِذا تَلاها المعمولة لفعل القسم وإن كانت

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 359
قسمية لزم اجتماع المقسمات المتعددة على جواب واحد وقد استكرهه الخليل وسيبويه وأجاب باختيار الشق الأول ونفي ما لزمه ، فقال : إن واو القسم مطرح معها إبراز الفعل اطراحا كليا فكان لها شأن خلاف شأن الباء حيث أبرز معها الفعل تارة وأضمر أخرى ، فكانت الواو قائمة مقام فعل القسم وباؤه سادة مسدهما معا والواوات العواطف نوائب عن هذه الواو فهي عاملة الجر وعاملة النصب ، فالعطف من قبيل العطف على معمولي عامل واحد وهذا كما تقول : ضرب زيد عمرا وبكر خالدا فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملها انتهى. وأنت تعلم أن أول الواوات العواطف هاهنا ليس معها ما تعمل فيه النصب فلعله أراد أنها تعمل ذلك إن كان هناك منصوب أو هي عاملة باعتبار أن معنى وَالشَّمْسِ وَضُحاها والشمس وضوءها إذا أشرقت وفيه أيضا أنه لم يقل أحد بأن الحروف العواطف عوامل. وأيضا الإشكال مبني على امتناع العطف على معمولي عاملين مطلقا حتى لو جوّز مطلقا أو بشرط كون المعطوف مجرورا على ما ذهب إليه جمع كما في قولك :
في الدار زيد والحجرة عمرو لم يكن إشكال ، وأيضا هو مبني على قبول هذا الاستكراه وعدم إمكان التخلص من الاجتماع بتقدير جواب لكل من المقسمات حتى إذا لم يقبل أو قبل وقدر لكل جواب لم يبق إشكال.
وأيضا هو مبني على أن إذا ظرفية وهو ممنوع لجواز أن تكون قد تجردت عن الظرفية وحينئذ تكون بدلا مما بعد الواو كما قيل في قوله :
وبعد غد يا لهف نفسي من غد إذا راح أصحابي ولست برائح
أن إذا بدل من غد وعلى تسليم أنها ظرفية يجوز أن يقدر مع كل مضاف تتعلق به ، كأن يقدر وتلو القمر إذا تلاها ، وتجلية النهار إذا جلاها ، وغشيان الليل إذا يغشاها أو تجعل متعلقة بمحذوف وقع حالا مقدرة مما تليه أي أقسم بالقمر كائنا إذا تلاها ، وبالليل كائنا إذا جلاها كما زعمه بعضهم وفيه بحث وأيضا يردّ على الزمخشري مثل قوله تعالى وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ [التكوير : 17 ، 18] لأن الواو هنالك عاطفة وقد تقدم صريح فعل القسم كما ذكره الشيخ ابن الحاجب على أن التحقيق كما قال بعض المحققين أن الظرف ليس معمولا لفعل القسم لفساد المعنى إذ التقييد بالزمان غير مراد حالا كان أو استقبالا وإنما هو معمول مضاف مقدر من نحو العظمة لأن الإقسام بالشيء إعظام له فكأنه أقسم بعظمة زمان كذا ، وما قيل عليه من أن إقسامه تعالى بشيء مستعار لإظهار عظمته وإبانة شرفه فيجوز تقييده باعتبار جزء المعنى المراد يعني الإظهار ، وأيضا إذا كان الإقسام إعظاما لغا تقديره فلو سلم فالاستعارة إما تبعية أو تمثيلية ، وعلى كل حال فليس ثمت ما يكون متعلقا بحسب الصناعة والتقدير ليتعلق به وليظهر ما أريد منه مؤكدا فلا لغوية وَالسَّماءِ وَما بَناها أي ومن بناها وإيثار ما على من لإرادة الوصفية تفخيما على ما تقدم في وَما وَلَدَ [البلد : 3] كأنه قيل والقادر العظيم الشأن الذي بناها ودل على وجوده وكمال قدرته بناؤهما والمراد به إيجادها بحيث تدل على ذلك ويستدل بها عليه وهو أولى من تفسيره ببانيها لإشعاره بالمراد من البناء. وكذا الكلام في قوله تعالى وَالْأَرْضِ وَما طَحاها أي بسطها من كل جانب ووطأها كدحاها ، ويكون طحا بمعنى ذهب كقول علقمة :
طحا بك قلب في الحسان طروب بعيد الشباب عصر حان مشيب
وبمعنى أشرف وارتفع ومن أيمانهم لا والقمر الطاحي. ويقال : طحا يطحو طحوا وطحى يطحي طحيا.
وقوله سبحانه وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها أي أنشأها وأبدعها مستعدة لكمالها وذلك بتعديل أعضائها وقواها الظاهرة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 360
والباطنة والتنكير للتكثير ، وقيل للتفخيم على أن المراد بالنفس آدم عليه السلام والأول أنسب بجواب القسم الآتي ، ومن ذهب إلى ذلك جعله من الاستخدام. وذهب الفراء والزجاج والمبرد وقتادة وغيرهم إلى أن ما في المواضع الثلاثة مصدرية أي وبنائها وطحوها وتسويتها. وتعقبه الزمخشري بأنه ليس بالوجه لقوله تعالى فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها وما يؤدي إليه من فساد النظم وذلك على ما في الحواشي لما يلزم من عطف الفعل على الاسم وأنه لا يكون له فاعل لا ظاهر وهو ظاهر ولا مضمر لعدم مرجعه. واعترض بأن الأخير منتقض بالأفعال السابقة أعني بَناها وطَحاها سَوَّاها على أن دلالة السياق كافية في صحة الإضمار ، وأما الأول ففيه أن عطف الفعل على الاسم ليس بفاسد وإن كان خلاف الظاهر على أنه على ما بعد ما كأنه قيل :
ونفس وتسويتها فإلهامها فجورها وتقواها. واعترض هذا بأن الفاء يدل على الترتيب من غير مهلة ، والتسوية قبل نفخ الروح والإلهام بعد البلوغ وأجيب بأن التسوية تعديل الأعضاء والقوى ومنها المفكرة والإلهام عبارة عن بيان كيفية استعمالها في النجدين في هذا المحل وهو غير مفارق عنه منذ سوى نعم يزداد بحسب ازدياد القوى كيفية لا وجودا على أن المهلة في نحوها عرفي وقد يعد متعقبا دون تراخ ثم إنه مشترك الإلزام ولا معنى لقول الطيبي النظم السري يوجب موافقة القرائن فلا يجوز ، ونفس وتسويتها فألهمها اللّه فهي حاصلة وإنما ذلك بناء على توهم أن قوله تعالى فَأَلْهَمَها جملة وبالجملة لا يلوح فساد هذا الوجه. وأبى القاضي عبد الجبار إلّا المصدرية دون الموصولية قال لما يلزم منها تقديم الإقسام بغير اللّه تعالى على إقسامه سبحانه بنفسه عز وجل.
وأجاب عنه الإمام بأن أعظم المحسوسات الشمس فذكرها اللّه تعالى مع أوصافها الأربعة الدالة على عظمها ثم ذكر سبحانه ذاته المقدسة ووصفها جل وعلا بصفات ثلاث ليحظى العقل بإدراك جلال اللّه تعالى وعظمته سبحانه كما يليق به جل جلاله ولا ينازعه الحس فكان ذلك طريقا إلى جذب العقل من حضيض عالم المحسوسات إلى بيداء أوج كبريائه جل شأنه ، وجوز أن تكون ما عبارة عن الأمر الذي له بنيت السماء وطحيت الأرض وسويت النفس من الحكم والمصالح التي لا تحصى ، ويكون إسناد الأفعال إليها مجازا ، وفاعل ألهمها يجوز أن يكون ذلك أمر ويكون الإسناد مجازا أيضا وهو كما ترى والفجور والتقوى على ما أخرج عبد بن حميد وغيره عن الضحاك المعصية والطاعة مطلقا قلبيين كانا أو قالبيين وإلهامهما النفس على ما أخرج هو وابن جرير وجماعة عن مجاهد تعريفهما إياها بحيث تميز رشدها من ضلالها ، وروي ذلك عن ابن عباس كما في البحر ، وقريب منه قول ابن زيد ألهمها فُجُورَها وَتَقْواها بيّنهما لها. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وغيرهما نحوه عن قتادة والآية على ذلك نظير قوله تعالى وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ [البلد : 10] وقدم الفجور على التقوى لأن إلهامه بهذا المعنى من مبادئ تجنبه وهو تخلية والتخلية مقدمة على التحلية وقيل :
قدم مراعاة للفواصل وأضيفا إلى ضمير النفس قيل إشارة إلى أن الملهم للنفس فجور وتقوى قد استعدت لهما فهما لها بحكم الاستعداد ، وقيل رعاية للفواصل أيضا. وقوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها جواب القسم على ما أخرجه الجماعة عن قتادة وإليه ذهب الزجاج وغيره ، وحذف اللام كثير لا سيما عند طول الكلام المقتضى للتخفيف أو لسدّه مسدها. وفاعل زَكَّاها ضمير من والضمير المنصوب للنفس وكذا في قوله تعالى وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها وتكرير قَدْ فيه لإبراز الاعتناء بتحقيق مضمونه والإيذان بتعلق القسم به أصالة ، والتزكية التنمية والتدسية الإخفاء وأصل دسى دسس فأبدل من ثالث التماثلات ياء ثم أبدلت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وأطلق بعضهم فقال : أبدل من ذلك حرف علة كما قالوا في تقضض تقضى ودسس مبالغة في دس بمعنى أخفى قال الشاعر :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 361
ودسست عمرا في التراب فأصبحت حلائله منه أرامل ضيّعا
وفي الكشاف : التزكية الإنماء والإعلاء ، والتدسية النقص والإخفاء أي لقد فاز بكل مطلوب ونجا من كل مكروه من أنمى نفسه وأعلاها بالتقوى علما وعملا ولقد خسر من نقصها وأخفاها بالفجور جهلا وفسوقا.
وجوز أن تفسر التزكية بالتطهير من دنس الهيولى والتدسية بالإخفاء فيه والتلوث به وأيّا ما كان ففي الوعد والوعيد المذكورين مع إقسامه تعالى عليهما بما أقسم به مما يدل على العلم بوجوده تعالى ووجوب ذاته سبحانه وكمال صفاته عز وجل ويذكر عظائم آلائه وجلائل نعمائه جلا وعلا من اللطف بعباده ما لا يخفى.
وقوله تعالى كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها استئناف وارد لتقرير مضمون قوله تعالى وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها وجعل الزمخشري قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ إلخ تابعا لقوله تعالى فَأَلْهَمَها إلخ على سبيل الاستطراد وأبى أن يكون جواب القسم وجعل الجواب محذوفا مدلولا عليه بهذا كأنه قيل : ليدمن من اللّه تعالى على كفار مكة لتكذيبهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كما دمدم على ثمود لتكذيبهم صالحا عليه السلام ، فقيل : إن ذلك لما يلزم من حذف اللام وأنه لا يليق بالنظم المعجز أن يجعل أدنى الكمالين أعني التزكية لاختصاصها بالقوة العملية المقصودة بالإقسام ويعرض عن أعلاهما أعني التحلية بالعقائد اليقينية التي هي لب الألباب وزبدة ما مخضته الأحقاب ، ولو سلم عدم الاختصاص فهي مقدمة التحلية في البابين وأما حذف المقسم عليه فكثير شائع لا سيما في الكتاب العزيز. وتعقب بأن حذف اللام كثير لا سيما مع الطول وهو أسهل من حذف الجملة بتمامها وقد ذكره في قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون : 1] فما حدا مما بدا وأن التزكية مرادا بها الإنماء لا اختصاص لها وليست مقدمة بل مقصودة بالذات ولو سلم فلا مانع من الاعتناء ببعض المقدمات أحيانا لتوقف المقاصد عليها فتدبر.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه قال في
فَأَلْهَمَها ألزمها وأخرجه الديلمي عن أنس مرفوعا
وعلى ذلك قال الواحدي وصاحب المطلع الإلهام أن يوقع في القلب التوفيق والخذلان فإذا أوقع سبحانه في قلب عبد شيئا منهما فقد ألزمه سبحانه ذلك الشيء ويزيد ذلك قوة ما
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن عمران بن حصين أن رجلين من مزينة أتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقالا : يا رسول اللّه أرأيت ما يعمل الناس ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال عليه الصلاة والسلام : «لا بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم وتصديق ذلك في كتاب اللّه تعالى وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها»
ولا يقتضي ذلك أن لا يكون لقدرة العبد واختياره مدخل في الفجور والتقوى بالكلية وإن قيل إن ما له إلى خلق اللّه تعالى إياهما ليقال يأباه حينئذ قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها إلخ حيث جعل فيه العبد فاعل التزكية بالتقوى والتدسية بالفجور لأن الإسناد يقتضي قيام المسند ويكفي فيه المدخلية المذكورة ولا يتوقف صحة الإسناد حقيقة إلى العبد على كون فعله الإيجاد فالاستدلال بهذا الإسناد على كونه متمكنا من اختيار ما شاء من الفجور والتقوى وإيجاده إياه بقدرة مستقلة فيه على خلاف ما يقوله الجماعة ليس بشيء على أن الضمير المستتر في زَكَّاها وكذا في دَسَّاها للّه عز وجل والبارز لمن بتأويل النفس. فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال في ذلك يقول اللّه تعالى قد أفلح من زكى اللّه تعالى نفسه فهداه وقد خاب من دسى اللّه تعالى نفسه فأضله. بل
أخرج عنه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي أنه قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 362
يقول في قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها الآية : «أفلحت نفس زكاها اللّه تعالى وخابت نفس خيبها اللّه من كل خير»
. وأخرج الإمام أحمد وابن أبي شيبة ومسلم والنسائي عن زيد بن أرقم قال : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول : «اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها».
وفي رواية الطبراني وغيره عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام إذا تلا هذه الآية وقف وقال ذلك
. ولهذه الأخبار ونحوها قال بعضهم : إن ذلك هو المرجح ، ورجحه صاحب الانتصاف بأن الضمائر في وَالسَّماءِ وَما بَناها إلخ تكون عليه متسقة عائدة كلها إلى اللّه تعالى وبأن قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى [الأعلى : 14] أوفق به لأن تزكى مطاوع زكى فيكون المعنى قد أفلح من زكاه اللّه تعالى فتزكى ، ومع هذا كله لا ينبغي أن ينكر أن المعنى السابق هو السابق إلى الذهن وما ذكر من الأخبار ليس نصا في تعيين المعنى الآخر ، نعم هو نص في تكذيب الزمخشري في زعمه أنه من تعكيس القدرية يعني بهم أهل السنة والجماعة فتأمل. والطغوى مصدر من الطغيان بمعنى تجاوز الحد في العصيان فصلوا بين الاسم والصفة في فعلي من بنات الياء بأن قلبوا الياء واوا في الاسم وتركوا القلب في الصفة فقالوا في الصفة امرأة صديا وخزيا وفي الاسم تقوى وطغوى كذا في الكشاف وغيره وكلام الراغب يدل على أن طغى وأوى ويأتي حيث قال : يقال طغوت وطغيت طغوانا وطغيانا فلا تغفل. والباء عند الجمهور للسببية أي فعلت التكذيب بسبب طغيانها كما تقول : ظلمني الخبيث بجراءته على اللّه تعالى.
وجعلها الزمخشري للاستعانة والأمر سهل ، وجوز أن تكون صلة للتكذيب على معنى كذبت بما أوعدت به في لسان نبيها من العذاب ذي الطغوى أي التجاوز عن الحد والزيادة ، ويوصف العذاب بالطغيان بهذا المعنى كما في قوله تعالى فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ [الحاقة : 5] وقد يوصف بالطغوى مبالغة كما يوصف بسائر المصادر لذلك فلا يكون هناك مضاف محذوف. وقرأ الحسن ومحمد بن كعب وحماد بن سلمة «طغواها» بضم الطاء وهو مصدر أيضا كالرجعى والحسنى في المصادر إلا أنه قيل كان القياس الطغيا كالسقيا لأن فعلى بالضم لا يفرق فيه بين الاسم والصفة كأنهم شذوا فيه فقلبوا الياء واوا ، وأنت تعلم أن الواو عند من يقول طغوت أصلية.
إِذِ انْبَعَثَ متعلق بكذبت أو بطغوى وانْبَعَثَ مطاوع بعثه بمعنى أرسله والمراد إذ ذهب لعقر الناقة أَشْقاها أي أشقى تمود وهو قدار بن سالف أو هو ومن تصدى معه لعقرها من الأشقياء اثنان على ما قال الفراء أو أكثر ، فإن أفعل التفضيل إذا أضيف إلى معرفة يصلح للواحد والمتعدد والمذكر والمؤنث وفضل شقاوتهم على من عداهم لمباشرتهم العقر مع اشتراك الكل في الرضا به ولخبائث غير ذلك يعلمها اللّه تعالى فيهم هي فوق خبائث من عداهم فَقالَ لَهُمْ أي لثمود أو لأشقاها على ما قيل بناء أن المراد به جمع ولا يأباه وَسُقْياها كما لا يخفى رَسُولُ اللَّهِ هو صالح عليه السلام وعبر عنه بعنوان الرسالة إيذانا بوجوب طاعته وبيانا لغاية عتوهم وتماديهم في الطغيان وهو السر في إضافة الناقة إليه تعالى في قوله سبحانه ناقَةَ اللَّهِ وهو نصب على التحذير وشرطه ليس تكرير المحذر منه أو كونه محذرا بما بعده فقط ليقال هو منصوب بتقدير ذروا أو احذروا لا على التحذير ، بلى شرطه ذاك أو العطف عليه كما هنا على ما نص عليه مكي والكلام على حذف مضاف أي احذروا عقر ناقة اللّه أو المعنى على ذلك وإن لم يقدر في نظم الكلام وجوز أن يكون التقدير عظموا أو الزموا ناقة اللّه وليس بشيء وَسُقْياها أي واحذروا سقياها فلا تتعرضوا بمنعها عنها في نوبتها ولا تستأثروا بها عليها وقيل الواو للمعية والمراد ذروا ناقة اللّه مع سقياها ولا تحولوا بينهما وهو كما ترى وقرأ زيد بن علي ناقة اللّه بالرفع فقيل أي همكم ناقة اللّه وسقياها فلا تعقروها ولا تستأثروا بالسقيا عليها

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 363
فَكَذَّبُوهُ أي في وعيده إياهم كما حكي عنه بقوله تعالى وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ [الأعراف : 73] فالتكذيب لخبر مقدر ويجوز أن يكون لخبر تضمنه الأمر التحذيري السابق وهو الخبر بحلول العذاب إن فعلوا ما حذرهم منه وقيل : إن ما قاله لهم من الأمر قاله ناقلا له عن اللّه تعالى كما يؤذن بذلك التعبير عنه عليه السلام بعنوان الرسالة ، ومآل ذلك أنه قال لهم إنه قال اللّه تعالى ناقة اللّه وسقياها فالتكذيب لذلك وهو وجه لا بأس به فَعَقَرُوها أي فنحروها أو فقتلوها وضمير الجمع للأشقى وجمعه على تقدير وحدته لرضا الكل بفعله. قال قتادة : بلغنا أنه لم يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم.
فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ فأطبق عليهم العذاب وقالوا : دمدم عليه القبر أي أطبقه وهو مما تكرر فيه الفاء فوزنه فعفل لا فعلل من قولهم : ناقة مدمومة إذا لبسها الشحم وغطاها. وقال في القاموس : معناه أتمّ العذاب عليهم. وقال مؤرخ : الدمدمة إهلاك باستئصال. وفي الصحاح : دمدمت الشيء ألزقته بالأرض وطحطحته. وقرأ ابن الزبير «فدهدم» بهاء بين الدالين والمعنى كما تقدم بِذَنْبِهِمْ بسبب ذنبهم المحكي والتصريح بذلك مع دلالة الفاء عليه للإنذار بعاقبة الذنب ليعتبر به كل مذنب فَسَوَّاها الضمير للدمدمة المفهومة من دمدم أي فجعل الدمدمة سواء بينهم أو جعلها عليهم سواء فلم يفلت سبحانه منهم أحدا لا صغيرا ولا كبيرا أو هو لثمود والتأنيث باعتبار القبيلة كما في (طغواها) وأَشْقاها والمعنى ما ذكر أيضا أو فسواها بالأرض وَلا يَخافُ أي الرب عز وجل عُقْباها أي عاقبتها وتبعتها كما يخاف المعاقبون من الملوك عاقبة ما يفعلونه وتبعته. وهو استعارة تمثيلية لإهانتهم وأنهم أذلاء عند اللّه جل جلاله والواو للحال أو للاستئناف ، وجوز أن يكون ضمير لا يَخافُ للرسول والواو للاستئناف لا غير على ما هو الظاهر ، أي ولا يخاف الرسول عقبى هذه الفعلة بهم إذ كان قد أنذرهم وحذرهم. وقال السدّي والضحاك ومقاتل والزجاج وأبو علي : الواو للحال والضمير عائد على أَشْقاها أي انبعث لعقرها وهو لا يخاف عقبى فعله لكفره وطغيانه وهو أبعد مما قبله بكثير. وقرأ أبيّ والأعرج ونافع وابن عامر «فلا يخاف» بالفاء وقرىء «ولم يخف» بواو وفعل مجزوم بلم. هذا واختلف في هؤلاء القوم هل آمنوا ثم كفروا أو لم يؤمنوا أصلا فالجمهور على الثاني وذهب بعض إلى أنهم آمنوا وبايعوا صالحا مدة ثم كذبوه وكفروا فأهلكوا بما فصّل في موضع آخر.
وقال الشيخ الأكبر محيي الدين قدس سره في فصوصه : إنهم وقوم لوط عليه السلام لا نجاة لهم يوم القيامة بوجه من الوجوه ولم يساو غيرهم من الأمم المكذبة المهلكة في الدنيا كقوم نوح عليه السلام بهم. ولكلامه قدس سره أهل يفهمونه فارجع إليهم في فهمه إن وجدتهم. وذكر بعض أهل التأويل أن الشَّمْسِ إشارة إلى ذات واجب الوجود سبحانه وتعالى وَضُحاها إشارة إلى الحقيقة المحمدية وَالْقَمَرِ إشارة إلى ماهية الممكن المستفيدة للوجود من شمس الذات وَالنَّهارِ إشارة إلى العالم بسائر أنواعه الذي ظهرت به صفات جمال الذات وجلاله وكماله وَاللَّيْلِ إشارة إلى العالم بسائر أنواعه الذي ظهرت بر صفات جمال الذات وجلاله وكماله وَاللَّيْلِ إلى وجود ما يشاهد من أنواع الممكنات الساتر في أعين المحجوبين للوجود الحق وَالسَّماءِ إشارة إلى عالم العقل وَالْأَرْضِ إشارة إلى عالم الجسم والنفس معلومة وناقَةَ اللَّهِ إشارة إلى راحلة الشوق الموصولة إلى سبحانه وَسُقْياها إشارة إلى مشربها من عين الذكر والفكر وقال بعض : آخر الشمس إشارة إلى الوجود الحق الذي هو عين الواجب تعالى فهو أظهر من الشمس اللّه نور السماوات والأرض. وقال شيخ مشايخنا البندنيجي قدس سره :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 364
ظاهر أنت ولكن لا ترى لعيون حجبتها النقط
وَضُحاها إشارة إلى أول التعينات بأي اسم سميته وَالْقَمَرِ إشارة إلى الأعيان الثابتة المفاضة بالفيض الأقدس أو الشَّمْسِ إشارة إلى الذات وَضُحاها إشارة إلى وجودها والإضافة للتغاير الاعتباري وَالْقَمَرِ إشارة إلى أول التعينات وَالنَّهارِ إشارة إلى الممكنات المفاضة بالفيض المقدس وَاللَّيْلِ إشارة إليها أيضا باعتبار نظر المحجوبين أو النهار إشارة إلى صفة الجمال والليل إشارة إلى صفة القهر والجلال وَالسَّماءِ إشارة إلى عالم اللطافة وذكر النفس بعد مع دخولها في هذا العالم للاعتناء بشأنها وَالْأَرْضِ إشارة إلى عالم الكثافة وناقَةَ اللَّهِ إشارة إلى الطريقة وَسُقْياها مشربها من عين الشريعة وقيل غير ذلك واللّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 365
سورة الليل
لا خلاف في أنها إحدى وعشرون آية ، واختلف في مكيتها ومدنيتها فالجمهور على أنها مكية ، وقال علي ابن أبي طلحة مدنية ، وقيل بعضها مكي وبعضها مدني. وكذا اختلف في سبب نزولها فالجمهور على أنها نزلت في شأن أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه ، وروي ذلك بأسانيد صحيحة عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما وقال السدّي إنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري وذلك أنه كان في دار منافق نخلة يقع منها في دار يتامى في جواره بعض بلح فيأخذه منهم ، فقال له صلّى اللّه عليه وسلم : «دعها لهم ولك بدلها محل في الجنة» فأبى فاشتراها أبو الدحداح بحائطها فقال للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلم : «أهبها لهم بالنخلة التي في الجنة». فقال صلّى اللّه عليه وسلم : «افعل» فوهبها فنزلت وروى نحوه مطولا مبهما فيه أبو الدحداح ابن أبي حاتم عن ابن عباس
بسند ضعيف كما نص عليه الحافظ السيوطي. وذكر بعضهم أن قوله تعالى فيها وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى [الليل : 17] إلخ نزل في أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه وسكت عما عداه. ونقل عن بعض المفسرين أن هذا مجمع عليه وإن زعم بعض الشيعة أنه نزل في الأمير كرم اللّه تعالى وجهه وسيأتي إن شاء اللّه تعالى شرح ما له نزل. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها قَدْ أَفْلَحَ [الشمس : 9] إلخ ذكر سبحانه فيها من الأوصاف ما يحصل به الفلاح وما يحصل به لخيبة ففيها نوع تفصيل لذلك لا سيما وقد عقب جل وعلا ذلك بشيء من أنواع الفلاح وأنواع الخيبة والعياذ باللّه تعالى. فقال عز من قائل :
[سورة الليل (92) : الآيات 1 إلى 21]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (1) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (2) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)
فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (9)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (10) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (12) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (14)
لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (19)
إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضى (21)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى أي حين يغشى الشمس كقوله تعالى وَاللَّيْلِ إِذا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 366
يَغْشاها
[الشمس : 4] أو النهار كقوله تعالى يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ [الأعراف : 54 ، الرعد : 3] أو كل ما يواريه في الجملة بظلامه والمقسم به في الأوجه الثلاث الليل كله وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين وانكشف بطلوع الشمس والأول على تقدير كون المغشي النهار أو كل ما يوارى إذ مآلهما اعتبار وجود الظلام. والثاني على تقدير كونه الشمس إذ مآله اعتبار غروبها فيحسن التقابل بين القرينتين على ذلك واختلاف الفعلين مضيا واستقبالا قد تقدم الكلام فيه. وقرأ عبد اللّه بن عبيد بن عمير «تتجلى» بتاءين على أن الضمير للشمس وقرىء «تجلى» بضم التاء وسكون الجيم على أن الضمير لها أيضا وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أي والقادر العظيم القدرة الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من الحيوان المتصف بذلك وقيل من بني آدم. وقال ابن عباس والحسن والكلبي : المراد بالذكر آدم عليه السلام ، وبالأنثى حواء رضي اللّه تعالى عنها وأيّا ما كان فما موصولة بمعنى من وأوثرت عليها لإرادة الوصفية على ما سمعت وتحتمل المصدرية وليس بذاك. وقرىء «والذي خلق». وقرأ ابن مسعود
«والذكر والأنثى» وتبعه ابن عباس كما أخرج ذلك ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق الضحاك عنه ونسبت لعليّ كرم اللّه تعالى وجهه
. وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم من علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء رضي اللّه تعالى عنه فقال له أبو الدرداء ممّن أنت؟ فقال : من أهل الكوفة قال : كيف سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقرأ وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ؟ قال علقمة : «والذكر والأنثى» فقال أبو الدرداء : أشهد أني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقرأ هكذا وهؤلاء
يريدوني على أن أقرأ وما خلق الذكر والأنثى واللّه لا أتابعهم وأنت تعلم أن هذه قراءة شاذة منقولة آحادا لا تجوز القراءة بها لكنها بالنسبة إلى من سمعها من النبيّ عليه الصلاة والسلام في حكم المتواترة نجوز قراءته بها وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ «وما خلق الذكر» بجر الراء وحكاها الزمخشري عن الكسائي وخرجوا ذلك على البدل من ما بمعنى وما خلقه اللّه أي ومخلوق اللّه الذكر والأنثى. قيل : وقد يخرج على توهم المصدر بناء على مصدرية ما أي وخلق الذكر والأنثى كما في قوله :
تطوف العفاة بأبوابه كما طاف بالبيعة الراهب
بجر الراهب على توهم النطق بالمصدر أي كطواف الراهب بالبيعة. إِنَّ سَعْيَكُمْ أي مساعيكم فإن المصدر المضاف يفيد العموم فيكون جمعا معنى ولذا أخبر عنه بجمع أعني قوله تعالى لَشَتَّى فإنه جمع شتيت بمعنى متفرق ، ويجوز أن لا يعتبر سعيكم في معنى الجمع ويكون شتى مصدرا مؤنثا كذكرى وبشرى خبرا له بتقدير مضاف أي ذو شتى أو بتأويله بالوصف أي شتيت أو بجعله عين الافتراق مبالغة. وأيّا ما كان فالجملة جواب القسم كما أخرجه ابن جرير عن قتادة. وجوز أن يكون الجواب مقدرا كما مرّ غير مرة والمراد بتفرق المساعي اختلافها في الجزاء. وقوله تعالى فَأَمَّا مَنْ أَعْطى إلخ تفصيل مبين لتفرقها واختلافها في ذلك ، وجوز أن يراد باختلافها كون البعض طالبا لليوم المتجلي والبعض طالبا لليل الغاشي وبعضها مستعانا بالذكر وبعضها مستعانا بالأنثى فيكون الجواب شديد المناسبة بالقسم ولا يخفى بعده وركاكته. والظاهر أن المراد بالإعطاء بذل المال ومن هنا قال ابن زيد : المراد إنفاق ماله في سبيل اللّه تعالى. قتادة : المعنى أعطى حق اللّه تعالى وظاهره الحقوق المالية وَاتَّقى أي واتقى اللّه عز وجل كما قال ابن عباس ، وفي معناه قول قتادة واتقى ما نهي عنه. وفي رواية محارم اللّه تعالى. وقال مجاهد : واتقى البخل وهو كما ترى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى أي بالكلمة الحسنى وهي كما قال أبو عبد الرحمن السلمي وغيره وروي ذلك عن ابن عباس : لا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 367
إله إلا اللّه ، أو هي ما دلت على حق كما قال بعضهم : وتدخل كلمة التوحيد دخولا أوليا أو بالملة الحسنى وهي ملة الإسلام. وقال عكرمة وجماعة : وروي عن ابن عباس أيضا هي المثوبة بالخلف في الدنيا مع المضاعفة وقال مجاهد : الجنة ، وقيل : المثوبة مطلقا ويترجح عندي أن الإعطاء إشارة إلى العبادة المالية ، والاتقاء إشارة إلى ما يشمل سائر العبادات من فعل الحسنات وترك السيئات مطلقا والتصديق بالحسنى إشارة إلى الإيمان بالتوحيد أو بما يعمه وغيره مما يجب الإيمان به وهو تفصيل شامل للمساعي كلها ، وتقديم الإعطاء لما أنه سبب النزول ظاهرا فقد أخرج الحاكم وصححه عن عامر بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه قال :
قال أبو قحافة لأبي بكر رضي اللّه تعالى عنه : أراك تعتق رقابا ضعافا فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقيمون دونك. فقال : يا أبه إنما أريد ما أريد ، فنزلت فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى إلى وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إن أبا بكر اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأعتقه فأنزل اللّه تعالى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى - إلى قوله سبحانه - إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى وكذا على القول بأنها نزلت في أبي الدحداح. ولما كان الإيمان أمرا معتنى به في نفسه أخر عن الاتقاء ليكون ذكره بعده من باب ذكر الخاص بعد العام مع ما في ذلك من رعاية الفاصلة.
وقيل : المراد أعطى الطاعة واتقى المعصية وصدق بالكلمة الدالّة على الحق ككلمة التوحيد. وفيه أن المعروف في الإعطاء تعلقه بالمال خصوصا وقد وقع في مقابلة ذكر البخل والمال وأمر تأخير الإيمان عليه بحاله وقيل أخر لأن من جملة إعطاء الطاعة بالإصغاء لتعلم كلمة التوحيد التي لا يتم الإيمان إلّا بها. ومن جملة الاتقاء عن الإشراك وهما متقدمان على ذلك وليس بشيء فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى فسنهيئه للخلصة التي تؤدي إلى يسر وراحة كدخول الجنة ومباديه ، من يسر الفرس للركوب إذا أسرجها وألجمها. ووصفها باليسرى إما على الاستعارة المصرحة أو المجاز المرسل أو التجوز في الإسناد.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ بماله فلم يبذله في سبيل الخير وقيل أي بخل بفعل ما أمر به وفيه ما فيه وَاسْتَغْنى أي وزهد فيما عنده عز وجل كأنه مستغنى عنه سبحانه فلم يتقه جل وعلا أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم العقبى لأنه في مقابلة واتقى. كما أن قوله تعالى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى في مقابلة وصدق بالحسنى والمراد بالحسنى فيه ما مر في الأقوال قبل فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى أي للخصلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار ومبادئه ووصفها بالعسرى على نحو ما ذكر ، وأصل التيسير من اليسر بمعنى السهولة لكن أريد التهيئة والإعداد للأمر أعني ما يفضي إلى راحة وما يفضي إلى شدة. والسين في فَسَنُيَسِّرُهُ قيل للتأكيد وقيل للدلالة على أن الجزاء الموعود معظمه يكون في الآخرة التي هي أمر منتظر متراخ ، وتقديم البخل فالاستغناء فالتكذيب يعلم وجهه مما تقدم. وفي الإرشاد لعل تصدير القسمين بالإعطاء والبخل مع أن كلّا منهما أدنى رتبة مما بعد في استتباع التيسير لليسرى والتعسير للعسرى للإيذان بأن كلّا منهما أصيل فيما ذكر لما بعدهما من التصديق والتقوى والتكذيب والاستغناء. وقيل التيسير أولا بمعنى اللطف وثانيا بمعنى الخذلان ، واليسرى والعسرى الطاعة لكونها أيسر شيء على المتقي وأعسره على غيره ، والمعنى أما من أعطى فسنلطف به ونوفقه حتى تكون الطاعة عليه أيسر الأمور وأهونها من قوله تعالى فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ [الأنعام : 125] وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ إلخ فسنخذله ونمنعه الإلطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشد من قوله تعالى يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ [الأنعام : 125] ، وأصل هذا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 368
فسنيسره للطاعة العسرى ثم أريد ما ذكر على أن الوصف هو المقصود بتعلق التيسير أعني التعسير لا الموصوف أعني الطاعة ، ومع هذا إطلاق التيسير للعسرى مشاكلة. وجوز أن يراد باليسرى طريق الجنة وبالعسرى طريق النار وبالتيسير في الموضعين معنى الهداية وهو في الآخرة وعدا ووعيدا وأمر المشاكلة فيه على حاله. وجوز أن يراد بالتيسير التهيئة والإعداد واليسرى والعسرى الطاعة والمعصية ومبادئهما من الصفات المحمودة والمذمومة وهو وجه حسن غير بعيد عن الأول وكلاهما حسن الطباق لما صح في الأخبار
أخرج الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم عن علي بن أبي طالب كرم اللّه تعالى وجهه قال : كنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في جنازة فقال : «ما منكم من أحد إلّا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار» فقالوا : يا رسول اللّه أفلا نتكل؟ فقال : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاء» ثم قرأ عليه الصلاة والسلام «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى » الآيتين
وكان حاصل ما أراده صلّى اللّه عليه وسلم بقوله : «اعملوا» إلخ عليكم شأن العبودية وما خلقتم لأجله وأمرتم به وكلوا أمور الربوبية المغيبة إلى صاحبها فلا عليكم بشأنها. وأيّا ما كان فالمراد بمن أعطى إلخ وبمن بخل إلخ المتصف بعنوان الصلة مطلقا وإن كان السبب خاصا إذا العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. نعم هو قطعي الدخول وقيل من أعطى أبو بكر رضي اللّه تعالى عنه ، ومن بخل أمية بن خلف. وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس أن الأول أبو بكر رضي اللّه تعالى عنه والثاني أبو سفيان بن حرب ونحوه عن عبد اللّه بن أبي أوفى وفي هذا نظر لأن أبا سفيان أسلم وقوي إسلامه في آخر أمره عند أهل السنة. وفي رواية الطستي عنه أن وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ إلخ نزل في أبي جهل ولعل كل ما قيل من التخصيص فهو من باب التنصيص على بعض أفراد العام لتحقق دخوله فيه عند من خصص.
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ أي ولا يغني عنه على أن ما نافية أو أي شيء يغني عنه ماله الذي يبخل به على أنها استفهامية إِذا تَرَدَّى أي هلك تفعل من الردى وهو الهلاك قاله مجاهد. وقيل تردى في حفرة القبر.
وقال قتادة وأبو صالح : تردى في جهنم أي سقط وقال قوم تردى بأكفانه من الرداء وهو كناية عن موته وهلاكه إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى استئناف مقرر لما قبله أي إن علينا بموجب قضائنا المبني على الحكم البالغة حيث خلقنا الخلق للعبادة أي ندلهم ونرشدهم إلى الحق أو أن نبين لهم طريق الهدى وما يؤدي إليه من طريق الضلال وما يؤدي إليه وقد فعلنا ذلك بما لا مريد عليه فلا يتم الاستدلال بالآية على الوجوب عليه عز وجل بالمعنى الذي يزعمه المعتزلة. وقيل : المراد أن الهدى موكول علينا لا على غيرنا كما قال سبحانه إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص : 56] وليس المعنى أن الهدى يجب علينا حتى يكون بظاهره دليلا على وجوب الأصلح عليه تعالى عن ذلك علوا كثيرا. وفيه أن تعلق الجار بالكون الخاص أعني موكولا خلاف الظاهر ومثله ما قيل إن المراد ثم إن علينا طريقة الهدى على معنى أن من سلك الطريقة المبينة بالهدى والإرشاد إليها يصل إلينا كما قيل في قوله تعالى وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ [النحل : 9] أي من سلك السبيل القصد أي المستقيم وصل إليه سبحانه وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى أي التصرف الكلي فيهما كيفما نشاء فنفعل فيهما ما نشاء من الأفعال التي من جملتها ما ذكرنا فيمن أعطى وفيمن بخل أو أن لنا ذلك فنثيب من اهتدى وأنجع فيه هدانا أو أن لنا كل ما في الدارين فلا يضرنا ترككم الاهتداء وعدم انتفاعكم بهدانا ، أو فلا ينفعنا اهتداؤكم كما لا يضرنا ضلالكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 369
عليها فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى قيل متفرع على كون الهدى عليه سبحانه أي فهديتكم بالإنذار وبالغت في هدايتكم وتَلَظَّى بمعنى تلتهب وأصله تتلظى بتاءين فحذفت منه إحداهما. وقد قرأ بذلك ابن الزبير وزيد بن علي وطلحة وسفيان بن عيينة وعبيد بن عمير لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى المراد به الكافر فإنه أشقى من الفاسق ويفصح بذلك وصفه بقوله تعالى الَّذِي كَذَّبَ أي بالحق وَتَوَلَّى وأعرض عن الطاعة وَسَيُجَنَّبُهَا أي سيبعد عنها الْأَتْقَى المبالغ في اتقاء الكفر والمعاصي فلا يحوم حولها. واستشكل بأن صلى النار دخولها أو مقاساة حرها وهو لازم دخولها على المشهور فالحصر السابق يقتضي أن لا يصلى المؤمن العاصي النار لأنه ليس داخلا في عموم الأشقى الموصوف بما ذكر وأن سيجنبها الأتقى يقتضي بمفهومه أن غير الأتقى أعني التقي في الجملة وهو المؤمن العاصي لا يجنبها بل يصلاها ، فبيّن الحصرين مخالفة. وأجيب بأن الصلى ليس مطلق دخول النار ولا مطلق مقاساة حرها بل هو مقاساته على وجه الأشدية ، فقد نقل ابن المنير عن أئمة اللغة أن الصلى أن يحفروا حفيرة فيجمعوا فيها جمرا كثيرا ثم يعمدوا إلى شاة فيدسوها وسطه بين أطباقه فالمعنى لا يعذب بين أطباقها ولا يقاسي حرها على وجه الأشدية إلا الأشقى وسيبعد عنها الأتقى فلا يدخلها فضلا عن مقاساة ذلك فيلزم من الأول أن غير الأشقى وهو المؤمن العاصي لا يعذب بين أطباقها ولا يقاسي حرها على وجه الأشدية ، ولا يلزم منه أن لا يدخلها ولا يعذب بها أصلا فيجوز أن يدخلها ويعذب بها على وجهها عذابا دون ذلك العذاب.
ويلزم من الثاني أن غير الأتقى لا يجنبها ولا يلزم منه أن غيره أعني التقي في الجملة وهو المؤمن العاصي يصلاها ويعذب بين أطباقها أشد العذاب ، بل غايته أنه لا يجنبها فيجوز أن يدخلها ويعذب بها على وجهها عذابا ليس بالأشد فلا مخالفة بين الحصرين واعتبر بعضهم في الصلى الأشدية لما ذكر واللزوم هنا لمقابلته بقوله تعالى وَسَيُجَنَّبُهَا كذا قيل. واستحسن جعل السين للتأكيد ليكون المعنى يجنبها الأتقى ولا بد فيفيد على القول بالمفهوم أن غيره وهو المؤمن العاصي لا يجنبها ولا بد على معنى أنه يجوز أن يجنبها ، ويجوز أن لا يجنبها بل يدخلها غير صال بها. وقرر الزمخشري الاستشكال بأنه قد علم أن كل شقي يصلاها وكل تقي يجنبها لا يختص الصلى بأشقى الأشقياء ولا التجنب والنجاة بأتقى الأتقياء وظاهر الجملتين وذلك. وأجاب بما حاصله أن الحصر حيث كانت الآية واردة للموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ادعائي مبالغة لا حقيقي كان غير هذا الأشقى غير صال وغير هذا الأتقى
غير مجنب بالكلية ، واستحسنه في الكشف فقال : هو معنى حسن وأنت تعلم أن مبنى ما قاله على الاعتزال وتخليد العصاة في النار. وقال القاضي : إن قوله تعالى لا يَصْلاها لا يدل على أنه تعالى لا يدخل النار إلّا الكفار كما يقول المرجئة وذلك لأنه تعالى نكر النار فيها ، فالمراد أن نارا من النيران لا يصلاها إلّا من هذه حاله والنار دركات على ما علم من الآيات فمن أين عرف أن هذه النار لا يصلاها قوم آخرون.
وتعقبه الزمخشري بأنه ما يصنع عليه بقوله تعالى وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى فقد علم أن أفسق المسلمين يجنب تلك النار المخصوصة لا الأتقى منهم خاصة ، وأجيب بأنه لعل هذا القائل لا يقول بمفهوم الصفة ونحوها فلا تفيد الآية المذكورة عنده الحصر ويكون تمييز هذا الأتقى عنده بمجموع التجنب وما سيذكر بعد ، ولعل كل من لا يقول بالمفهوم لا يشكل عليه الأمر إلا أمر الحضر في لا يصلاها إلخ فإنه كالنص في بادىء النظر فيها يدعيه المرجئة لحملهم الصلى فيه على مطلق الدخول. وأيدوه بما
أخرج الإمام أحمد وابن ماجة وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «لا يدخل النار إلّا من شقي» قيل : ومن الشقي؟ قال : «الذي لا يعمل للّه تعالى طاعة ولا يترك للّه تعالى معصية»
. وهذا الخبر ونحوه من الأخبار مما يستندون إليه في تحقيق دعواهم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 370
وأهل السنة يؤولون ما صح من ذلك للنصوص الدالة على تعذيب بعض ممن ارتكب الكبيرة على ما بيّن في موضعه. وقيل في الجواب أن المراد بالأشقى والأتقى الشقي والتقي وشاع أفعل في مثل ذلك ومنه قول طرفة :
تمنى رجال أن أموت فإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فإنه أراد بواحد واعترض بأنه لا يحسم مادة الإشكال إذ ذلك الشقي في الآية ليس إلّا الكافر فيلزم الحصر أن لا يدخل النار أو لا يعذب بها غيره من أنه خلاف المذهب الحق ، وأيضا أن ذلك التقي فيها قد وصف بما وصف فعلى القول بالمفهوم يلزم أن لا يجنبها التقي الغير الموصوف بذلك كالتقي الذي لا مال له وكغيره والمكلفين من الأطفال والمجانين مع أن الحق أنهم يجتنبونها وقيل غير ذلك. ولعلك بعد الاطلاع عليه وتدقيق النظر في جميع ما قيل واستحضار ما عليه الجماعة في أهل الجمع تستحسن إن قلت بالمفهوم ما استحسنه صاحب الكشف مما مر عن الزمخشري وإن لم تكن ممن يقول بتخليد أهل الكبائر من المؤمنين فتأمل. وجنب يتعدى إلى مفعولين فالضميرها هنا المفعول الثاني ، والأتقى المفعول الأول وهو النائب عن الفاعل. ويقال : جنب فلان خيرا وجنب شرا ، وإذا أطلق فقيل جنب فلان فمعناه على ما قال الراغب أبعد عن الخير وأصل جنبته كما قيل جعلته على جانب منه ، وكثيرا ما يراد منه التبعيد ومنه ما هنا ولذا قلنا أي سيبعد عنها الأتقى.
الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ أي يعطيه ويصرفه يَتَزَكَّى طالبا أن يكون عند اللّه تعالى زاكيا ناميا لا يريد به رياء ولا سمعة أو متطهرا من الذنوب فالجملة نصب على الحال من ضمير يؤتي ، وجوز أن تكون بدلا من الصلة فلا محل لها من الإعراب ، وجوز أيضا أن يكون الفعل وحده بدلا من الفعل السابق وحده واعترض كلا الوجهين بأن البدل من قسم التابع المعرف بكل ثان أعرب بإعراب سابقه ولا إعراب للصلة حتى يثبت لها تابع فيه. وسبب الإعراب وهو الرفع في الفعل متوفر مع قطع النظر عن التبعية وهو على المشهور تجرده عن الناصب والجازم فليس معربا بإعراب سابقه لظهور ذلك في كون إعرابه للتبعية وهو هنا ليس لها بل للتجرد. وأجيب مع الإغماض عما في ذلك التعريف مما نبّه على بعضه الرضي أما عن الأول فبأن المراد أعرب بإعراب سابقه إن كان له إعراب أو بأن المراد أعرب بإعراب سابقه وجودا وعدما وقيل إطلاق التابع على ذلك ونحوه من الحرف والفعل الغير المعرب مجاز من حيث إنه مشابه للتابع لموافقته لسابقه فيما له وأما عن الثاني فبأن الشيء قد يقصد لشيء وإن كان متحققا قبل ذلك الشيء لأمر آخر كألف التثنية وواو الجمع فإنه يؤتى بهما للدلالة على التثنية والجمع فيتحققان ، ويأتي عامل الرفع على المثنى والمجموع وهما فيهما قبله فيقصدان له وقال السيد عيسى : المراد بقولهم كل ثان أعرب إلخ كل ثان أعرب لو لم يكن معربا فتدبر ولا تغفل. وجوز أن يكون يَتَزَكَّى بتقدير لأن يتزكى متعلقا بيؤتي علة له ثم حذفت اللام وحذفها من أن وأن شائع ثم حذفت أن فارتفع الفعل أو بقي منصوبا كما في قول طرفة :
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى فقد روي برفع أحضر وبنصبه وقيل إنه بتقدير لأن أو عن أن أحضر فصنع فيه نحو ما سمعت. وأيّا ما كان يدل الكلام على أن المراد بإيتائه صرفه في وجوه البر والخير. وقرأ الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنهم «يزكى» بإدغام التاء في الزاي
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى استئناف مقرر لما أفاده الكلام السابق من كون إيتائه للتزكي خالصا للّه تعالى أي ليس لأحد عنده نعمة من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 371
شأنها أن تجزى وتكافأ فيقصد بإيتاء ما يؤتى مجازاتها ويعلم مما ذكر أن بناء تُجْزى للمفعول لأن القصد ليس لفاعل معين وقيل إن ذلك لكونه فاصلة وأصله يجز به إياها أو يجزيها إياه إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى منصوب على الاستثناء المنقطع من نعمة لأن الابتغاء لا يندرج فيها فالمعنى لكنه فعل ذلك لابتغاء وجه ربه سبحانه وطلب رضاه عز وجل لا لمكافأة نعمة. وقرأ يحيى بن وثاب «ابتغاء» بالرفع على البدل من محل «من نعمة» فإنه الرفع إما على الفاعلية أو على الابتداء ومن مزيدة والرفع في مثل ذلك لغة تميم وعليها قوله :
وبلدة ليس بها أنيس إلّا اليعافير وإلّا العيس
وروي بالرفع والنصب على ما في البحر قول بشر بن أبي حازم :
أضحت خلاء قفارا لا أنيس بها إلا الجآذر والظلمان تختلف
وجوز أن يكون نصبه على أنه مفعول له على المعنى لأن معنى الكلام لا يؤتى ما له لأجل شيء من الأشياء إلّا لأجل طلب رضا ربه عز وجل لا لمكافأة نعمة فهو استثناء مفرغ من أعم العلل والأسباب ، وإنما أول لأن الكلام أعني يُؤْتِي مالَهُ موجب والاستثناء المفرغ يختص بالنفي عند الجمهور لكنه لما عقب بقوله تعالى وَما لِأَحَدٍ وقد قال سبحانه أو لا يَتَزَكَّى متضمنا نفي الرياء والسمعة دل على المعنى المذكور. وقرأ ابن أبي عبلة «إلا ابتغا» مقصور وفيه احتمال. النصب والرفع. وهذه الآيات على ما ما سمعت نزلت في أبي بكر رضي اللّه تعالى عنه لما أنه كان يعتق رقابا ضعافا فقال له أبوه ما قال وأجابه هو بما أجاب ، وقد أوضحت ما أبهمه رضي اللّه تعالى عنه في قوله فيه إنما أريد ما أريد. وفي رواية ابن جرير وابن عساكر أنه قال : أي أبه إنما أريد ما عند اللّه تعالى. وفي رواية عطاء والضحاك عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنه اشترى بلالا وكان رقيقا لأمية بن خلف يعذبه لإسلامه برطل من ذهب فأعتقه فقال المشركون : ما أعتقه أبو بكر إلّا ليد كانت له عنده فنزلت وهو رضي اللّه تعالى عنه أحد الذين عذبوا لإسلامهم فاشتراهم الصديق وأعتقهم.
فقد أخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن أبا بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه أعتق سبعة كلهم يعذب في اللّه عز وجل بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها ودنيرة وأم عبيس وأمة بني المؤمل وفيه نزلت وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى إلى آخر السورة واستدل بذلك الإمام على أنه رضي اللّه تعالى عنه أفضل الأمة وذكر أن في الآيات ما يأبى قول الشيعة أنها في علي كرم اللّه تعال وجهه وأطال الكلام في ذلك وأتى بما لا يخلو عن قيل وقال وقوله تعالى وَلَسَوْفَ يَرْضى جواب قسم مضمر أي وباللّه لسوف يرضى والضمير فيه للأتقى المحدث عنه وهو وعد كريم بنيل جميع ما يبتغيه على أكمل الوجوه وأجملها إذ به يتحقق الرضا وجوز الإمام كون الضمير للرب تعالى حيث قال بعد أن فسر الجملة على رجوعه للأتقى وفيه عندي وجه آخر وهو أن المراد أنه ما أنفق إلّا لطلب رضوان اللّه تعالى ولسوف يرضى اللّه تعالى عنه وهذا عندي أعظم من الأول لأن رضا اللّه سبحانه عن عبده أكمل للعبد من رضاه عن ربه عز وجل ، وبالجملة فلا بد من حصول الأمرين كما قال سبحانه راضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر : 28] انتهى. والظاهر هو الأول وقد قرىء «ولسوف يرضى» بالبناء للمفعول من الإرضاء وما أشار إليه في معنى راضِيَةً مَرْضِيَّةً غير متعين كما سمعت وفي هذه الجملة كلام يعلم مما سيأتي قريبا إن شاء اللّه تعالى.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 372
سورة الضّحى
مكية وآيها إحدى عشرة آية بلا خلاف. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى [الليل : 17] وكان سيد الأتقين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، عقب سبحانه ذلك بذكر نعمه عز وجل عليه صلّى اللّه عليه وسلم وقال الإمام : لما كانت الأولى سورة أبي بكر رضي اللّه تعالى عنه وهذه سورة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عقب جل وعلا بها ولم يجعل بينهما واسطة ليعلم أن لا واسطة بين رسوله صلّى اللّه عليه وسلم والصديق رضي اللّه تعالى عنه ، وتقديم سورة الصديق على سورته عليه الصلاة والسلام لا يدل على أفضليته منه صلّى اللّه عليه وسلم ألا ترى أنه تعالى أقسم أولا بشيء من مخلوقاته سبحانه ثم أقسم بنفسه عز وجل في عدة مواضع منها السورة السابقة على ما علمت ، والخدم قد تتقدم بين يدي السادة وكثير من السنن أمر بتقديمه على فروض العبادة ولا يضر النور تأخره عن أغصانه ولا السنان كونه في أطراف مرّانه ثم إن ما ذكره زهرة ربيع لا تتحمل الفرك كما لا يخفى.
[سورة الضحى (93) : الآيات 1 إلى 11]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالضُّحى (1) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (2) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4)
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (6) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (7) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9)
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالضُّحى تقدم الكلام فيه والمراد به هنا وقت ارتفاع الشمس الذي يلي وقت بروزها للناظرين دون ضوئها وارتفاعها لأنه أنسب بما بعد. وتخصيصه بالإقسام به لأنه شباب النهار وقوله فيه قوة غير قريبة من ضدها. ولذا عد شرفا يوميا للشمس وسعدا ولأنه على ما قالوا الساعة التي كلم اللّه تعالى فيها موسى عليه السلام وألقى فيه السحرة سجدا لقوله تعالى وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى [طه : 59] ففيه مناسبة للمقسم عليه وهو أنه تعالى لم يترك النبي صلّى اللّه عليه وسلم ولم يفارقه إلطافه تعالى وتكليمه سبحانه. وقيل المراد به النهار كما في قوله تعالى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى [الأعراف : 98] واعتراض بالعرق فإنه وقع هناك في مقابلة البيات وهو مطلق الليل ، وهنا في مقابلة الليل مقيدا معنى باشتداد ظلمته فالمناسب أن يراد به وقت ارتفاعه وقوة إضاءته. وأجيب بمنع دلالة القيد على الاشتداد وستسمع إن شاء اللّه تعالى ما في ذلك وأيّا ما كان فالظاهر أن المراد الجنس أي وجنس الضحى وَاللَّيْلِ أي وجنس الليل إِذا سَجى أي سكن أهله

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 373
على أنه من السجو وهو السكون مطلقا كما قال غير واحد والإسناد مجازي أو هو على تقدير المضاف كما قيل ، ونحوه ما روي عن قتادة أي سكن الناس والأصوات فيه وهذا يكون في الغالب فيما بين طرفيه أو بعد مضي برهة من أوله أو ركد ظلامه من سجا البحر سكنت أمواجه. قال الأعشى :
وما ذنبنا أن جاش بحر ابن عمكم وبحرك ساج لا يواري الدعامصا
فالسجو قيل على هذا في الأصل سكون الأمواج ثم عم ، والمراد بسكون ظلامه عدم تغيره بالاشتداد والتنزيل أي فيما يحس ويظهر وذلك إذا كمل حسا بوصول الشمس إلى سمت القدم وقبيله وبعيده. وصرح باعتبار الاشتداد ابن الأعرابي حيث قال : سجا الليل اشتد ظلامه. وأخرج ابن المنذر وغيره عن ابن جبير أنه قال : أي إذا أقبل فغطى كل شيء. وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس تفسير سجا بأقبل بدون ذكر التغطية ، وأخرجاهما وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا أنه قال : سجا إذا ذهب ، وكلا التفسيرين خلاف المشهور. وشاع ليل ساكن أو ساج لما لا ريح فيه ووصفه بذلك أعني السكون قيل على الحقيقة كما إذا قيل : ليل لا ريح فيه ، ولا يقال إن الساكن هو الريح بالحقيقة لأن السكون عليها حقيقة محال لأنه هواء متحرك ثم إنهم يقولونه لما لا ريح فيه لا لما سكن ريحه والتحقيق أن يقال إن السكون على تفسيريه أعني عدم الحركة عما من شأنه الحركة أو كونين في حيّز واحد لا يصح على الليل لأنه زمان خاص ، لكن لما كان سكون الهواء بمنزلة عدم له في العرف العامي لعدم الإحساس أو لتضمنه عدم الريح لا الهواء قيل ليل ساج وساكن. وصف الليل على الحقيقة أي لا إسناد فيه إلى غير ملائم على أنه يحتمل أن يجعل السكون بهذا المعنى حقيقة عرفية ، وجوز حمل ما في الآية على هذا الشائع ولعل التقييد بذلك لأن الليل الذي لا ريح فيه أبعد عن الغوائل. وقد ذكر بعض الفقهاء أن الريح الشديدة ليلا عذر من أعذار الجماعة. ونقل عن قتادة ومقاتل أن المراد بالضحى هو الضحى الذي كلم اللّه تعالى فيه موسى عليه السلام ، وبالليل ليلة المعراج.
ومن الناس من فسر الضحى بوجهه صلّى اللّه عليه وسلم بشعره عليه الصلاة والسلام كما ذكر الإمام ، وقال : لا استبعاد فيه وهو كما ترى. ومثله ما قيل : الضحى ذكور أهل بيته عليه الصلاة والسلام والليل إناثهم وقال الإمام يحتمل أن يقال الضحى رسالته صلّى اللّه عليه وسلم والليل زمان احتباس الوحي فيه لأن في حال النزول حصل الاستئناس وفي زمان الاحتباس حصل الاستيحاش ، أو الضحى نور علمه تعالى الذي يعرف المستور من الغيوب والليل عفوه تعالى الذي به يستر جميع العيوب ، أو الضحى إقبال الإسلام بعد أن كان غريبا والليل إشارة إلى أنه سيعود غريبا ، أو الضحى كمال العقل والليل حال الموت ، أو الضحى علانيته عليه الصلاة والسلام التي لا يرى الخلق عليها عيبا والليل سره صلّى اللّه عليه وسلم لا يعلم عالم الغيب عليها عيبا انتهى. ولا يخفى أنه ليس من التفسير في شيء وباب التأويل والإشارة يدخل فيه أكثر من ذلك.
وتقديم الضحى على الليل بناء على ما قلنا أولا لرعاية شرفه لما فيه من ظهور زيادة النور وللنور شرف ذاتي على الظلمة لكونه وجوديا أو لكثرة منافعه أو لمناسبته لعالم الملائكة فإنها نورانية ، وتقديم الليل في السورة السابقة لما فيه من الظلمة التي هي لعدميتها أصل للنور الحادث بإزالتها لأسباب حادثة ، وقيل تقديمه هناك لأن السورة في أبي بكر وهو قد سبقه كفر ، وتقديم الضحى هنا لأن السورة في رسول اللّه عليه الصلاة والسلام وهو صلّى اللّه عليه وسلم لم يسبقه ذلك.
وتخصيصه تعالى الوقتين بالإقسام قيل ليشير سبحانه بحالهما إلى حال ما وقع له عليه الصلاة والسلام ويؤيد عز وجل نفي ما توهم فيه فكأنه تعالى يقول : الزمان ساعة فساعة ساعة ليل وساعة نهار ثم تارة تزداد ساعات الليل وتنقص ساعات النهار وأخرى بالعكس فلا الزيادة لهوى ولا النقصان لقلى بل كل لحكمة ، وكذا أمر الوحي مرة إنزال وأخرى حبس فلا كان الإنزال عن هوى ولا الحبس عن قلى بل كل لحكمة. وقيل ليسلّي عز وجل بحالهما حبيبه عليه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 374
الصلاة والسلام كأنه سبحانه يقول : انظر إلى هذين المتجاورين لا يسلم أحدهما من الآخر بل الليل يغلب تارة والنهار أخرى فكيف تطمع أن تسلم من الخلق؟ والقولان مبنيان على أن المراد بالضحى النهار كله وبالليل إذا سجى جميع الليل وتخصيص الضحى على ما سمعت أولا لما سمعت وتخصيص الليل بناء على أن المراد وقت اشتداد الظلمة قيل لأنه وقت خلو المحب بالمحبوب والأمن من كل واش ورقيب. وقال الطيبي طيب اللّه تعالى ثراه في ذلك : أنه تعالى أقسم له صلّى اللّه عليه وسلم بوقتين فيهما صلاته عليه الصلاة والسلام التي جعلت قرة عينه وسبب مزيد قربه وأنسه ، أما الضحى فلما
رواه الدار قطني في المجتبى عن ابن عباس مرفوعا : «كتب عليّ النحر ولم يكتب عليكم ، وأمرت بصلاة الضحى ولم تؤمروا بها»
. وأما الليل فلقوله تعالى وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ [الإسراء : 79] إرغاما لأعدائه وتكذيبا لهم في زعم قلاه وجفائه فكأنه قيل وحق قربك لدينا وزلفاك عندنا إنّا اصطفيناك وما هجرناك وقليناك فهو كقوله :
وثناياك إنها إغريض وهو مما تستطيبه أهل الأذواق ويمكن أن يكون الإقسام بالليل على ما نقل عن قتادة من باب وثناياك أيضا وكذا الإقسام بهما على بعض الأوجه المارة كما لا يخفى. وعلى كون المراد بالضحى الوقت المعروف من النهار وبالليل جميعه قيل إن التفرقة للإشارة إلى أن ساعة من النهار توازي جميع الليل كما أن النبيّ عليه الصلاة والسلام يوازي جميع الأنبياء عليهم السلام وللإشارة لكون النهار وقت السرور والليل وقت الوحشة والغم إلى أن هموم الدنيا وغمومها أدوم من سرورها. وقد روي أن اللّه تعالى لما خلق العرش أظلت عن يساره غمامة فنادت : ماذا أمطر؟ فأمرت أن تمطر الغموم والأحزان فأمطرت مائة سنة ثم انكشفت فأمرت مرة أخرى بذلك ، وهكذا إلى إتمام ثلاثمائة سنة ثم أظلت عن يمين العرش غمامة بيضاء فنادت : ماذا أمطر؟ فأمرت أن تمطر السرور ساعة فلذا ترى الغموم والأحزان أدوم من المسار في الدنيا
واللّه تعالى أعلم بصحة الخبر وقيل غير ذلك.
وقوله تعالى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ إلخ جواب القسم وودع من التوديع وهو في الأصل من الدعة وهو أن تدعو للمسافر بأن يدفع اللّه تعالى عنه كآبة السفر وأن يبلغه الدعة وخفض العيش كما أن التسليم دعاء له بالسلامة ، ثم صار متعارفا في تشييع المسافر وتركه ثم استعمل في الترك مطلقا وفسر به هنا أي ما تركك ربك. وفي البحر والكشاف :
التوديع مبالغة في الودع أي الترك لأن من ودعك مفارقا فقد بالغ في تركك ، قيل : وعليه يلزم أن يكون المنفي الترك المبالغ فيه دون أصل الترك مع أن الظاهر نفي ذلك فلا بد من أن يقال إنه إنما نفى ذلك لأنه الواقع في كلام المشركين الذي نزلت له الآية ، أو أن المبالغة تعود على النفي فيكون المراد المبالغة في النفي لا نفي المبالغة ، وقد ذكروا نظير هذين الوجهين في قوله تعالى وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت : 46] فتدبر. وقيل : إن المعنى ما قطعك قطع المودع على أن التوديع مستعارة تبعية للترك وفيه من اللطف والتعظيم ما لا يخفى فإن الوداع إنما يكون بين الأحباب ومن تعز مفارقته كما قال المتنبي :
حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا فلم أدر أي الظاعنين أشيّع
وحقيقة التوديع المتعارف غير متصورة هاهنا ، وتعقب بأنه على هذا لا يكون ردّا لما قاله المشركون لأنهم لم يقولوا ودعه ربه على هذا المعنى كيف وهم بمعزل عن اعتقاد كونه عليه الصلاة والسلام بالمحل الذي هو صلّى اللّه عليه وسلم فيه من ربه سبحانه؟ وقيل في الجواب : إنه يجوز أن يدل ودعه ربه على ذلك إلّا أنهم قاتلهم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 375
اللّه تعالى قالوه على سبيل التهكم والسخرية ، وحين رد عليهم قصد ما يشعر به اللفظ على التحقيق. وقيل : إن الترك مطلق في كلامهم والظاهر من حالهم أنهم لم يريدوا الماهية من حيث هي ولا من حيث تحققها في ضمن ما لا يخل بشريف مقامه عليه الصلاة والسلام بل الماهية من حيث تحققها في ضمن ما يخل بذلك ، ولما كان المقصود إيناسه صلّى اللّه عليه وسلم وإزالة وحشته عليه الصلاة والسلام جيء بما يتضمن نفي ما زعموه على أبلغ وجه كأنه قيل : إن هذا النوع الغير المخل بمقامك من الترك لم يكن فضلا عما زعموه من الترك المخل بعزيز مقامك وعندي أن الظاهر أن ذلك القول بأي معنى كان صادر على سبيل التهكم إذا كان المراد بالرب هو اللّه عز وجل وكان القائل من المشركين كما لا يخفى على المتأمل. وقرأ عروة بن الزبير وابنه هشام وأبو حيوة وأبو بحرية وابن أبي عبلة «ما ودعك» بالتخفيف وهي على ما قال ابن جني قراءة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم وخرجت على أن ودع مخفف ودع ومعناه معناه. قال في القاموس : ودعه كوضعه وودع بمعنى ، وقيل : ليس بمخففة بل هو فعل برأسه بمعنى ترك وأنه يعكر على قول النحاة أماتت العرب ماضي يدع ويذر ومصدرهما واسم فاعلهما واسم مفعولهما واستغنوا بما ليترك من ذلك. وفي المغرب أن النحاة زعموا أن العرب أماتت ذلك والنبي صلّى اللّه عليه وسلم أفصحهم وقد قال عليه الصلاة والسلام : «لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات»
وقرأ ما وَدَّعَكَ وقال أبو الأسود :
ليت شعري عن خليلي ما الذي غاله في الحب حتى ودعه
ومثله قول آخر :
وثم ودعنا آل عمرو وعامر فرائس أطراف المثقفة السمر
وهو دليل أيضا على استعمال ودع وهو بمعنى ترك المتعلق بمفعولين فلا تغفل. وفي الحديث : «اتركوا الترك ما تركوكم ودعوا الحبشة ما ودعكم»
وفي المستوفى أن كل ذلك قد ورد في كلام العرب ولا عبرة بكلام النحاة. وإذا جاء نهر اللّه بطل نهر معقل. نعم وروده نادر وقال الطيبي : بعد أن ذكر وروده نظما ونثرا إنما حسن هذه القراءة الموافقة بين الكلمتين يعني هذه وما بعدها كما في حديث الترك والحبشة لأن رد العجز على الصدر وصنعة الترصيع قد جبرا منه. وقيل : إن القائلين إنما قالوا «ودعه ربه» بالتخفيف فنزلت فيكون المحسن له قصد المشاكلة لما قالوه وهم تكلموا بغير المعروف طيرة منهم كان غير المعروف من اللفظ مما يتشاءم به من الفأل الرديء أو أنهم لما قصدوا السخرية حسن استعمال اللفظ وقد قالوا يحسن استعمال الألفاظ الغريبة ونحوها في الهجاء فلا يبعد أن يكون في السخرية كذلك. والحق أنه بعد ثبوت وروده لا يحتاج إلى تكليف محسن له ، والظاهر أن المراد بالرب هو اللّه عز وجل وفي التعبير عنه بعنوان الربوبية وإضافته إلى ضميره صلّى اللّه عليه وسلم من اللطف ما لا يخفى فكأنه قيل ما تركك المتكفل بمصلحتك والمبلغ لك على سبيل التدريج كما لك اللائق بك وَما قَلى أي وما أبغضك ، وحذف المفعول لئلا يواجه عليه الصلاة والسلام بنسبة القلى وإن كانت في كلام منفي لطفا به صلّى اللّه عليه وسلم وشفقة عليه عليه الصلاة والسلام أو لنفي صدوره عنه عز وجل بالنسبة إليه صلّى اللّه عليه وسلم ولأحد من أصحابه ومن أحبه صلّى اللّه عليه وسلم إلى يوم القيامة ، أو للاستغناء عنه بذكره من قبل مع أن فيه مراعاة للفواصل. واللغة المشهورة في مضارع قلى يقلي كيرمي وطيىء تقول : يقل بفتح العين كيرضى وتفسير القلى بالبغض شائع. وفي القاموس من الواوي قلا زيدا قلا وقلاه أبغضه ومن اليائي قلاه كرماه ورضيه قلى وقلاه مقيلة أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه أو قلاه في الهجر وقليه في البغض. وفي مفردات

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 376
الراغب القلى شدة البغض يقال : قلاه يقلوه ويقليه فمن جعله من الواوي فهو من القلو أي الرمي من قولهم :
قلت الناقة براكبها قلوا وقلوت بالقلة فكان المقلو هو الذي يقذفه القلب من بغضه فلا يقبله ، ومن جعله من اليائي فمن قليت البسر والسويق على المقلاة انتهى وبينهما مخالفة لا تخفى. وعلى اعتبار شدة البغض فالظاهر أن ذلك في الآية ليس إلّا لأنه الواقع في كلامهم قال المفسرون : أبطأ جبريل عليه السلام على النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ، فقال المشركون : قد قلاه ربه وودعه ، فأنزل اللّه تعالى ذلك. وأخرج الحاكم عن زيد بن أرقم قال لما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد : 1] إلخ قيل لامرأة أبي لهب أم جميل إن محمدا صلّى اللّه عليه وسلم قد هجاك فأتته عليه الصلاة والسلام وهو صلّى اللّه عليه وسلم جالس في الملأ فقالت : يا محمد علام تهجوني؟ قال : «إني واللّه ما هجوتك ما هجاك إلّا اللّه تعالى» فقالت : هل رأيتني أحمل حطبا أو في جيدي حبلا من مسد؟ ثم انطلقت فمكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لا ينزل عليه فأتته فقالت : ما أرى صاحبك إلّا قد ودعك وقلاك ، فأنزل اللّه تعالى ذلك.
وأخرج الترمذي وصححه وابن أبي حاتم واللفظ له عن جندب البجلي قال : رمي صلّى اللّه عليه وسلم بحجر في أصبعه فقال :
ما أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل اللّه ما لقيت فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم فقالت له امرأة : ما أرى شيطانك إلّا قد تركك
. وفي رواية للترمذي أيضا والإمام أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وجماعة بلفظ : اشتكى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثا فأنزل اللّه تعالى وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى
وليس فيه حديث المرأة ولا الحجر والرجز وذلك لا يطعن في صحته. وقال جمع من المفسرين : إن اليهود سألوه عليه الصلاة والسلام عن أصحاب الكهف ، وعن الروح ، وعن قصة ذي القرنين فقال عليه الصلاة والسلام : «سأخبركم غدا» ولم يستثن فاحتبس عنه الوحي فقال المشركون ما قالوا فنزلت.
وقيل إن عثمان أهدى إليه صلّى اللّه عليه وسلم عنقود عنب وقيل عذق تمر فجاء سائل فأعطاه ثم اشتراه عثمان بدرهم فقدمه إليه عليه الصلاة والسلام ثانيا ، ثم عاد السائل فأعطيه وهكذا ثلاث مرات فقال عليه الصلاة والسلام ملاطفا لا غضبان : «أسائل أنت يا فلان أم تاجر؟» فتأخر الوحي أياما فاستوحش فنزلت
، ولعلهم أيضا قالوا ما قالوا. وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والطبراني وابن مردويه من حديث خولة وكانت تخدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إن جروا دخل تحت سرير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فمات ولم نشعر به ، فمكث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي فقال : «يا خولة ما حدث في بيت رسول اللّه عليه الصلاة والسلام جبريل لا يأتيني» فقلت : يا نبي اللّه ما أتى علينا يوم خير منا اليوم ، فأخذ برده فلبسه وخرج فقلت في نفسي لو هيأت البيت وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فإذا بشيء ثقيل فلم أزل به حتى بدا لي الجر وميتا فأخذته بيدي فألقيته خلف الدار ، فجاء النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فقال : يا خولة دثريني ، فأنزل اللّه تعالى وَالضُّحى وَاللَّيْلِ - إلى قوله سبحانه - فَتَرْضى
وهذه الرواية تدل على أن الانقطاع كان أربعة أيام. وعن ابن جريج أنه كان اثني عشر يوما ، وعن الكلبي خمسة عشر يوما وقيل بضعة عشر يوما ، وعن ابن عباس خمسة وعشرين يوما ، وعن السدّي ومقاتل أربعين يوما وأنت تعلم أن مثل ذلك مما يتفاوت العلم بمبدئه ولا يكاد يعلم على التحقيق إلّا منه عليه الصلاة والسلام واللّه تعالى أعلم. وفي بعض الروايات ما يدل على أن قائل ذلك هو النبيّ عليه الصلاة والسلام.
فعن الحسن أنه قال : أبطأ الوحي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال لخديجة : «إن ربي ودعني وقلاني» يشكو إليها ، فقالت : كلا والذي بعثك بالحق ما ابتدأك اللّه تعالى بهذه الكرامة إلّا وهو سبحانه يريد أن يتمها لك فنزلت
. واستشكل هذا بأنه لا يليق بالرسول

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 377
صلّى اللّه عليه وسلم أن يظن أن اللّه تعالى شأنه ودعه وقلاه وهل إلّا نحو من العزل وعزل النبيّ عن النبوة غير جائز في حكمته عز وجل ، والنبيّ عليه الصلاة والسلام أعلم بذلك ويعلم صلّى اللّه عليه وسلم أيضا أن إبطاء الوحي وعكسه لا يخلو كل منهما عن مصلحة وحكمة. وأجيب بأن مراده عليه الصلاة والسلام إن صح أن يجربها ليعرف قدر علمها أو ليعرف الناس ذلك فقال ما قال صلّى اللّه عليه وسلم بضرب من التأويل كأن يكون قد قصد إن ربي ودعني وقلاني بزعم المشركين ، أو أن معاملته سبحانه إياي بإبطاء الوحي تشبه صورة معاملة المودع والقالي. وأنت تعلم أن هذه الرواية شاذة لا يعول عليها ولا يلتفت إليها فلا ينبغي إتعاب الذهن بتأويلها. ونحوها ما دل على أن قائل ذاك خديجة رضي اللّه تعالى عنها.
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن عروة قال : أبطأ جبريل عليه السلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم فجزع جزعا شديدا فقالت خديجة : أرى ربك قد قلاك مما أرى من جزعك فنزلت وَالضُّحى وَاللَّيْلِ
إلى آخرها ، والقول بأنها رضي اللّه تعالى عنها أرادت أن هذا الجزع لا ينبغي أن يكون إلّا من قلى ربك إياك وحاشى أن يقلاك فما هذا الجزع بعيد غاية البعد والمعول ما عليه الجمهور وصحت به الأخبار أن القائل هم المشركون وأنه عليه الصلاة والسلام إنما أحزنه بمقتضى الطبيعة البشرية تعبيرهم وعدم رؤية جبريل عليه السلام مع مزيد حبه إياه.
وفي بعض الآثار أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام : «ما جئتني حتى اشتقت إليك» فقال جبريل عليه السلام :
كنت أنا إليك أشوق ولكني عبد مأمور وتلا وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ
[مريم : 64] وفي رواية أنه عاتبه عليهما الصلاة والسلام فقال أما علمت أنّا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة.
وراوي هذا يروي أن السبب في إبطاء الوحي وجود جرو في بيته عليه الصلاة والسلام والروايات في ذلك مختلفة ، وجوز بعضهم أن يكون الإبطاء لتجمع الأسباب ثم إنه قد زعم بعض بناء على بعض الروايات السابقة جواز أن يكون المراد بربك في ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ دون ما بعد صاحبك والمراد به جبريل عليه السلام وهو كما ترى.
وحيث تضمن ما سبق من نفي التوديع والقلى أنه عز وجل لا يزال يواصله عليه الصلاة والسلام بالوحي والكرامة في الدنيا بشر صلّى اللّه عليه وسلم بأن ما سيؤتاه في الآخرة أجل وأعظم من ذلك فقيل : وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى لما أنها باقية صافية عن الشوائب على الإطلاق وهذه فانية مشوبة بالمضار وما أوتي عليه الصلاة والسلام من شرف النبوة وإن كان مما لا يعادله شرف ولا يدانيه فضل لكنه لا يخلو في الدنيا عن بعض العوارض القادحة في تمشية الأحكام مع أنه عند ما أعدّ له عليه الصلاة والسلام في الآخرة من السبق والتقدم على كافة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام يوم الجمع يوم يقوم الناس لرب العالمين ، وكون أمته صلّى اللّه عليه وسلم شهداء على سائر الأمم ، ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته صلّى اللّه عليه وسلم وغير ذلك من الكرامات السنية التي لا تحيط بها العبارات وتقصر دونها الإشارات بمنزلة بعض المبادئ بالنسبة إلى المطالب كذا في الإرشاد والاختصاص الذي تقتضيه اللام قيل إضافي على معنى اختصاصه عليه الصلاة والسلام بخيرية الآخرة دون من آذاه وشمت بتأخير الوحي عنه صلّى اللّه عليه وسلم ، ولا مانع من عمومه لجميع الفائزين كيف وقد علم بالضرورة أن الخير المعدّ له عليه الصلاة والسلام خير من المعدّ لغيره على الإطلاق ، ويكفي في ذلك اختصاص المقام المحمود به صلّى اللّه عليه وسلم على أن اختصاص اللام ليس قصريا كما قرر في موضعه ، وحمل الآخرة على الدار الآخرة المقابلة للدنيا والأولى على الدار الأولى وهي الدنيا هو الظاهر المروي عن أبي إسحاق وغيره. وقال ابن عطية وجماعة :
يحتمل أن يراد بهما نهاية أمره صلّى اللّه عليه وسلم وبدايته فاللام فيهما للعهد أو عوض عن المضاف إليه أي لنهاية أمرك خير من بدايته لا تزال تتزايد قوة وتتصاعد رفعة. وفي بعض الأخبار المرفوعة ما هو أظهر في الأول
أخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «عرض عليّ

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 378
ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني» فأنزل اللّه تعالى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى
ثم إن ربط الآية بما قبلها على الوجه الذي سمعت هو ما اختاره غير واحد من الأجلّة وجوز أن يقال فيه إنه لما نزل ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى حصل له عليه الصلاة والسلام به تشريف عظيم فكأنه صلّى اللّه عليه وسلم استعظم ذلك فقيل له وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى على معنى أن هذا التشريف وإن كان عظيما إلّا أن ما لك عند اللّه تعالى في الآخرة خير وأعظم. وجوز أيضا أن يكون المعنى أن انقطاع الوحي لا يجوز أن يكون لما يتوهمون لأنه عزل عن النبوة وهو مستحيل في الحكمة بل أقصى ما في الباب أن يكون ذلك لأنه حصل الاستغناء عن الرسالة وذلك أمارة الموت فكأنه تعالى قال : انقطاع الوحي متى حصل دل على الموت لكن الموت خير لك فإن ما لك عند اللّه تعالى في الآخرة أفضل مما لك في الدنيا ، وهذا كما ترى دون ما قبله بكثير والمتبادر مما قرروه أن الجملة مستأنفة واللام فيها ابتدائية. وقد صرح جمع بأنها كذلك في قوله تعالى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وقالوا : فائدتها تأكيد مضمون لجملة وبعدها مبتدأ محذوف أي ولأنت سوف يعطيك إلخ وأورد عليه أن التأكيد يقتضي الاعتناء والحذف ينافيه ولذا قال ابن الحاجب : إن المبتدأ المؤكد باللام لا يحذف وإن اللام مع المبتدأ كقد مع الفعل وإن مع الاسم فكما لا يحذف الفعل والاسم ويبقيان بعد حذفهما كذلك لا يحذف المبتدأ وتبقى اللام وإنه يلزم التقدير والأصل عدمه وأن اللام لتخلص المضارع الذي في حيزها للحال كتأكيد مضمون الجملة وهو هنا مقرون بحرف التنفيس والتأخير فيلزم التنافي. وردّ بأن المؤكد الجملة لا المبتدأ وحده حتى ينافي تأكيده حذفه وكلام ابن الحاجب ليس حجة على الفارسي وأمثاله وأن يحذف معها الاسم كثيرا كما ذكره النحاة وكذا قد يحذف بعدها الفعل كقوله :
أزف الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد
مع أنه لو سلم فقد يفرق كما قال الطيبي بين أن وقد وهذه اللام بأنهما يؤثران في المدخول عليه مع التأكيد بخلاف هذه اللام فإن مقتضاها أن تؤكد مضمون الجملة لا غير وهو باق ، وإن حذف المبتدأ فالقياس قياس مع الفارق والنحويون يقدرون كثيرا في الكلام كما قدروا المبتدأ في نحو قمت وأصك عينه وهو لأجل الصناعة دون المعنى كما فيما نحن فيه واللام المؤكدة لا نسلم أنها لتخليص المضارع للحال أيضا بل هي لمطلق التأكيد فقط ويفهم معها الحال بالقرينة لأنه أنسب بالتأكيد. وعلى تسليم أنها لتخليصه للحال أيضا يجوز أن يقال إنها تجردت للتأكيد هنا بقرينة ذكر سوف بعدها ، والمراد تأكيد المؤخر أعني الإعطاء لا تأكيد التأخير فالمعنى أن الإعطاء كائن لا محالة وإن تأخر لحكمة وعلى تسليم أنها للأمرين ولا تجرد يجوز أن يقال نزل المستقبل أعني الإعطاء الذي يعقبه الرضا لتحقق وقوعه منزلة الواقع الحالي نظير ما قيل في قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ [النحل : 124] وقيل يحسن هذا جدا فيما نحن فيه على القول بأن الإعطاء قد شرع فيه عند نزول الآية بناء على أحد أوجهها الآتية بعد أن شاء اللّه تعالى ، وذهب بعضهم بأن اللام الأولى للقسم وكذا هذه اللام وبقسميتها جزم غير واحد فالواو عليه للعطف فكلا الوعدين داخل في المقسم عليه ، ويكون اللّه تعالى قد أقسم على أربعة أشياء اثنان منفيان واثنان مثبتان وهو حسن في نظري ، واعترض بأن لام القسم لا تدخل على المضارع إلّا مع النون المؤكدة فلو كانت للقسم لقيل «لسوف يعطيك ربك» ولا يخفى أن هذا أحد مذهبين للنحاة والآخر أنه يستثنى ما قرن بحرف تنفيس كما هنا ، ففي المغني أنه تجب اللام وتمتنع النون فيه كقوله :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 379
فوربي لسوف يجزى الذي أسلف المرء سيئا أو جميلا
وكذا مع فصل معمول بين اللام والفعل نحو وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ [آل عمران :
158] ومع كون الفعل للحال نحو «لا قسم» وقد يمتنعان وذلك مع الفعل المنفي نحو تَاللَّهِ تَفْتَؤُا [يوسف :
85] وقد يجبان وذلك فيما بقي نحو تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [الأنبياء : 57] وعليه لا يتجه الاعتراض مع أن الممنوع بدون النون في جواب القسم لا في المعطوف عليه كما هنا فإنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ، وإنما ذكرت اللام تأكيدا للقسم وتذكيرا به ، وبالجملة هذا الوجه أقل دغدغة من الوجه السابق ولا يحتاج فيه إلى توجيه جميع اللام مع سوف إذ لم يقل أحد من علماء العربية بأن اللام القسمية مخلصة المضارع للحال كما لا يخفى على من تتبع كتبهم. وظاهر كلام الفاضل الكلنبوي أن كلّا من اللامين موضوع للدلالة على الحال ووجه الجمع على تقدير كونها في الآية قسمية بأنها محمولة على معناها الحقيقي ، وسوف محمولة على تأكيد الحكم ولذا قامت مقام إحدى النونين عند أبي علي الفارسي وقد أطال رحمه اللّه تعالى الكلام فيما يتعلق بهذا المقام وأتى على غزارة فضله بما يستبعد صدوره من مثله. وقال عصام الدين : الأظهر أن جملة ما وَدَّعَكَ حالية أي ما ودعك ربك وما قلاك ، والحال أن الآخرة خير لك من الأولى وأنت تختارها عليها ، ومن حاله كذلك لا يتركه ربه ففيه إرشاد للمؤمنين إلى ما هو ملاك قرب العبد إلى الرب عز وجل وتوبيخ للمشركين بما هم فيه من التزام أمر الدنيا والإعراض عن الآخرة ، وحينئذ معنى قوله سبحانه وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ أنه سوف يعطيك الآخرة ولا يخفى حينئذ كمال اشتباك الجمل انتهى.
وفيه أن دخول اللام عليها مع دخوله على الجملة بعدها وسبقهما بالقسم يبعد الحالية جدا ، وأيضا المعنى ذكره على تقديرها غير ظاهر من الآية وكان الظاهر عليه عندك بدل لك كما لا يخفى عليك واختلف في قوله تعالى وَلَسَوْفَ إلخ فقيل : هو عدة كريمة شاملة لما أعطاه اللّه عز وجل في الدنيا من كمال النفس وعلوم الأولين والآخرين وظهور الأمر وإعلاء الدين بالفتوح الواقعة في عصره صلّى اللّه عليه وسلم وفي أيام خلفائه عليه الصلاة والسلام وغيرهم من الملوك الإسلامية وفشو الدعوة والإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. ولما ادّخر جل وعلا له عليه الصلاة والسلام في الآخرة من الكرامات التي لا يعلمها إلا هو جل جلاله وعم نواله وقيل عدة بما أعطاه سبحانه وتعالى في الدنيا من فتح مكة وغيره والجمهور على أنه عدة أخروية فأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قال هي الشفاعة ، وروي نحوه عن بعض أهل البيت رضي اللّه تعالى عنهم.
أخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق حرب بن شريح قال : قلت لأبي جعفر محمد بن عليّ بن الحسين على جدهم وعليهم الصلاة والسلام : أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل العراق أحق هي؟ قال : أي واللّه حدثني محمد بن الحنفية عن عليّ كرم اللّه تعالى وجهه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : «أشفع لأمتي حتى ينادي ربي أرضيت يا محمد؟ فأقول : نعم يا رب رضيت» ثم أقبل عليّ فقال إنكم تقولون يا معشر أهل العراق إن أرجى آية في كتاب اللّه تعالى يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر :
35] قلت إنا لنقول ذلك قال فكلنا أهل البيت نقول : إن أرجى آية في كتاب اللّه تعالى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى وقال : هي الشفاعة
.. وقيل : هي أعم من الشفاعة وغيرها ويرشد إليه ما
أخرجه العسكري في المواعظ وابن مردويه وابن النجار عن جابر بن عبد اللّه قال : دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم على فاطمة وهي تطحن بالرحا وعليها كساء من جلد الإبل فلما نظر إليها قال : «يا فاطمة تعجلي مرارة الدنيا بنعيم الآخرة غدا» فأنزل اللّه تعالى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى
. وقال أبو حيان : الأولى العموم لما في الدنيا والآخرة على اختلاف

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 380
أنواعه والخبر المذكور لو سلم صحته لا يأبى ذلك. نعم عطايا الآخرة أعظم من عطايا الدنيا بكثير فقد روى الحاكم وصححه وجماعة عن ابن عباس أنه قال أعطاه اللّه تعالى في الجنة ألف قصر من لؤلؤ ترابه المسك في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم. وأخرج ابن جرير عنه أنه قال في الآية من رضا محمد صلّى اللّه عليه وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار. وأخرج البيهقي ففي شعب الإيمان عنه أنه قال : رضاه صلّى اللّه عليه وسلم أن يدخل أمته كلهم الجنة. وفي رواية الخطيب في تلخيص المتشابه من وجه آخر عنه لا يرضى محمد صلّى اللّه عليه وسلم وأحد من أمته في النار وهذا ما تقتضيه شفقته العظيمة عليه الصلاة والسلام على أمته فقد كان صلّى اللّه عليه وسلم حريصا عليهم رؤوفا بهم مهتما بأمرهم. وقد أخرج مسلم كما في الدر المنثور عن ابن عمر أنه صلّى اللّه عليه وسلم تلا قول اللّه تعالى في إبراهيم عليه السلام فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي [إبراهيم : 36] وقوله تعالى في عيسى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ [المائدة :
118] الآية فرفع عليه الصلاة والسلام يديه وقال : «اللهم أمتي أمتي» وبكى فقال اللّه تعالى : يا جبريل اذهب إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلم فقل له إنا سنرضيك في أمتك يخفى ولا نسوؤك.
وفي إعادة اسم الرب مع إضافته إلى ضميره عليه الصلاة والسلام ما لا يخفى أيضا من اللطف به صلّى اللّه عليه وسلم.
وقوله تعالى : أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى تعديل لما أفاض صلّى اللّه عليه وسلم من أول أمره إلى وقت النزول من فنون النعماء العظام ليستشهد بالخاص الموجود على المترقب الموعود فيزداد قلبه الشريف وصدره الرحيب طمأنينة وسرورا وانشراحا وحبورا ولذا فصلت الجملة. والهمزة لإنكار النفي وتقرير النفي على أبلغ وجه كأنه قيل قد وجدك إلخ. ووجدته على ما قال الرضي بمعنى أصبته على صفة ويراد بالوجود فيه العلم مجازا بعلاقة اللزوم.
وفي مفردات الراغب لوجود اضرب وجود بالحواس الظاهرة ووجود بالقوى الباطنة ووجود بالعقل وما نسب إلى اللّه تعالى من الوجود فبمعنى العلم المجرد إذ كان اللّه تعالى منزها عن الوصف بالجوارح والآلات ، وقد فسره بعضهم هنا بالعلم وجعل مفعوله الأول الضمير ومفعوله الثاني يَتِيماً وبعضهم بالمصادفة وجعله متعديا لواحد ف يَتِيماً حالا وأنت تعلم أن المصادفة لا تصح في حقه تعالى لأنها ملاقاة ما لم يكن في علمه سبحانه وتقديره جل شأنه ، فلا بد من التجوز بها عن تعلق علمه عز وجل بذلك. واليتم انقطاع الصبي عن أبيه قبل بلوغه ، والإيواء ضم الشيء إلى آخر يقال : آوى إليه فلانا أي ضمّه إلى نفسه أي ألم يعلمك طفلا لا أبا لك فضمك إلى من قام بأمرك. روي أن عبد المطلب بعث ابنه عبد اللّه أبا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يمتار تمرا من يثرب فتوفي ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم جنين قد أتت عليه ستة أشهر فلما وضعته كان في حجر جده مع أمه فماتت وهو عليه الصلاة والسلام ابن ست سنين ، ولما بلغ عليه الصلاة والسلام ثماني سنين مات جده فكفله عمه الشفيق الشقيق أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب وأحسن تربيته صلّى اللّه عليه وسلم. وفي الكشاف ماتت أمه عليه الصلاة السلام وهو ابن ثماني سنين فكفله عمه وكان شديد الاعتناء بأمره إلى أن بعثه اللّه تعالى وكان يرى منه صلّى اللّه عليه وسلم في صغره ما لم ير من صغير
روي أنه قال يوما لأخيه العباس : ألا أخبرك عن محمد صلّى اللّه عليه وسلم بما رأيت منه.
فقال : بلى. قال : إني ضممته إليّ فكنت لا أفارقه ساعة من ليل ولا نهار ولم ائتمن عليه أحدا حتى أني كنت أنومه في فراشي ، فأمرته ليلة أن يخلع ثيابه وينام معي فرأيت الكراهية في وجهه وكره أن يخالفني فقال : يا عماه اصرف وجهك عني حتى أخلع ثيابي إني لا أحب أن تنظر إلى جسدي ، فتعجبت من قوله وصرفت بصري حتى دخل الفراش فلما دخلت معه الفراش إذا بيني وبينه ثوب واللّه ما أدخلته في فراشي فإذا هو في غاية اللين وطيب الراحة كأنه غمس في المسك ، فجهدت لأنظر إلى جسده فما كنت أرى شيئا وكثيرا ما

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 381
كنت أفقده من فراشي فإذا قمت لأطلبه ناداني ها أنا يا عم فارجع ، وكنت كثيرا ما أسمع منه كلاما يعجبني وذلك عند ما مضى بعض الليل وكنا لا نسمي على الطعام والشراب ولا نحمد وكان يقول في أول الطعام :
بسم اللّه الأحد ، فإذا فرغ من طعامه قال : الحمد للّه ، فكنت أعجب منه ولم أر منه كذبة ولا ضحكا ولا جاهلية ولا وقف مع الصبيان وهم يلعبون وهذا لعمري غيض من فيض :
في المهد يعرب عن سعادة جده أثر النجابة ساطع البرهان
وقيل : المعنى ألم يجدك يتيما أبتك المراضع فآواك من مرضعة تحنو عليك بأن رزقها بصحبتك الخير والبركة حتى أحبتك وتكفلتك ، والأول هو الظاهر ، وقيل غير ذلك مما ستعلمه بعد إن شاء اللّه تعالى. ومن بدع التفاسير على ما قال الزمخشري أن يتيما من قولهم درة يتيمة والمعنى ألم يجدك واحدا في قريش عديم النظير فآواك والأولى عليه أن يقال ألم يجدك واحدا عديم النظير في الخليقة لم يحو مثلك صدف الإمكان فآواك إليه وجعلك في حق اصطفائه. وقرأ أبو الأشعث «فأوى» ثلاثيا فجوز أن يكون من أواه بمعنى آواه وأن يكون من أوى له أي رحمه ومصدره أياواية وماويّة وماوية وتحقيقه على ما قال الراغب أي رجع إليه بقلبه ومنه قوله :
أو أني ولا كفران للّه أية وقوله تعالى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى عطف على ما يقتضيه الإنكار السابق كما أشير إليه أو على المضارع المنفي بلم داخل في حكمه كأنه قيل : أما وجدك يتيما فآوى ووجدك غافلا عن الشرائع التي لا تهتدي إليها العقول كما في قوله تعالى ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ [الشورى : 52] وقوله سبحانه وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ [يوسف : 3] فهداك إلى مناهجها في تضاعيف ما أوحي إليك من الكتاب المبين وعلمك ما لم تكن تعلم ، وعلى هذا كما قال الواحدي أكثر المفسرين وهو اختيار الزجاج. وروى سعيد بن المسيب أنه صلّى اللّه عليه وسلم سافر مع عمه أبي طالب إلى الشام فبينما هو راكب ناقة ذات ليلة ظلماء وهو نائم جاءه إبليس فأخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام فنفخ إبليس نفخة وقع منها بالحبشة ورده إلى القافلة ، فما في الآية إشارة إلى ذلك على ما قيل. وقيل إشارة إلى ما روي عن ابن عباس من أنه صلّى اللّه عليه وسلم ضل وهو صغير عن جده في شعاب مكة فرآه أبو جهل منصرفا من أغنامه فردّه لجده وهو متعلق بأستار الكعبة يتضرع إلى اللّه تعالى في أن يرد إليه محمدا ، وذكر له أنه لما رآه أناخ الناقة وأركبه من خلفه فأبت أن تقوم فأركبه أمامه فقامت فكانت الناقة تقول : يا أحمق هو الإمام فكيف يقوم خلف المقتدي. وفي إرجاعه عليه الصلاة والسلام إلى أهله على يد أبي جهل وقد علم سبحانه منه أنه فرعونه يشبه إرجاع موسى عليه السلام إلى أمه على يد فرعون.
وقيل : ضل عليه الصلاة والسلام مرة أخرى وطلبوه فلم يجدوه فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعا وتضرع إلى اللّه تعالى فسمعوا مناديا ينادي من السماء : يا معشر الناس لا تضجوا فإن لمحمد ربا لا يخذله ولا يضيعه وإن محمدا بوادي تهامة عند شجرة السمر ، فسار عبد المطلب وورقة بن نوفل فإذا النبي صلّى اللّه عليه وسلم قائم تحت شجرة يلعب بالأغصان والأوراق. وقيل : أضلته مرضعته حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لترده على عبد المطلب فضالا على هذه الروايات من ضل في طريقه إذا سلك طريقا غير موصولة لمقصده وضعف حمل الآية على ذلك بأن مثله بالنسبة إلى ما تقدم لا يعد من نعم اللّه تعالى على مثل نبيه صلّى اللّه عليه وسلم التي يمتن سبحانه بها عليه. وقيل : الضال الشجرة المنفردة في البيداء ليس حولها شجر والمراد

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 382
أما وجدك وحدك ليس معك أحد فهدى الناس إليك ولم يتركك منفردا. وقال الجنيد قدس سره : أي وجدك متحيرا في بيان الكتاب المنزل عليك فهداك لبيانه وفيه قرب ما من الأول. وقال بعضهم : وجدك غافلا عن قدر نفسك فأطلعك على عظيم محلك. وقيل : وجدك ضالا عن معنى محض المودة فسقاك كأسا من شراب القربة والمودة فهداك به إلى معرفته عز وجل. وقال جعفر الصادق رضي اللّه تعالى عنه : كنت ضالا عن محبتي لك في الأزل فمننت عليك بمعرفتي وهو قريب من سابقه
. وقال الحريري : أي وجدك مترددا في غوامض معاني المحبة فهداك لها وهو أيضا كذلك وكل ذلك منزع صوفي. ورأى أبو حيان في منامه أن الكلام على حذف مضاف والمعنى ووجد رهطك ضالا فهدى بك وهو كما ترى في يقظتك.
وقوله تعالى وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى على نمط سابق والعائل المفتقر من عال يعيل عيلا وعيلة وعيولا ومعيلا افتقر أي وجدك عديم المقتنيات فأغناك بما حصل لك من ربح التجارة وذلك في سفره صلّى اللّه عليه وسلم مع ميسرة إلى الشام وبما وهبته لك خديجة رضي اللّه تعالى عنها من المال وكانت ذا مال كثير فلما تزوجها عليه الصلاة والسلام وهبته جميعه له صلّى اللّه عليه وسلم لئلا يقول قائل ما يثقل على سمعه الشريف عليه الصلاة والسلام وبمال أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه وكان أيضا ذا مال فأتى به كله رسول اللّه
فقال عليه الصلاة والسلام : «ما تركت لعيالك»؟ فقال : تركت اللّه تعالى ورسوله صلّى اللّه عليه وسلم.
وقيل بما أفاء عليك من الغنائم وفيه أن السورة مكية والغنائم إنما كانت بعد الهجرة وقيل المراد قنعك وأغنى قبلك فإن غنى القلب هو الغنى ، وقد قيل من عدم القناعة لم يفده المال غنى ، وقيل أغناك به عز وجل عما سواه وهذا الغنى بالافتقار إليه تعالى. وفي الحديث «اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك»
وبهذا ألمّ بعض الشعراء فقال :
ويعجبني فقري إليك ولم يكن ليعجبني لولا محبتك الفقر
وشاع
حديث «الفقر فخري»
وحمل الفقر فيه على هذا المعنى وهو على ما قال ابن حجر باطل موضوع وأشد منه وضعا وبطلانا ما يذكره بعض المتصوفة إذا تمّ الفقر فهو اللّه سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا وقد خاضوا في بيان المراد به بما لا يدفع بشاعته بل لا يقتضي استقامته. وقيل عائِلًا أي ذا عيال من عال يعول عولا وعيالة كثير عياله ، ويحتمل المعنيين قول جرير :
اللّه نزل في الكتاب فريضة لابن السبيل وللفقير العائل
ولعل الثاني فيه أظهر ورجح الأول في الآية بقراءة ابن مسعود «عديما» وأنه عليه الصلاة والسلام لم يكن ذا عيال في أول أمره صلّى اللّه عليه وسلم. وقرأ اليماني «عيلا» كسيدا بشدا الياء المكسورة هذا وذكر عصام الدين في هذه الآيات أنه يحتمل أن يراد باليتيم فاقد المعلم فإن الآباء ثلاثة من علمك ومن زوجك ومن ولدك ، ويناسبه حمل الضلال على الضلال عن العلم ، وحمل العيال أي على تفسير عائِلًا بذا عيال على عيال الأمة الطالبة منه معرفة مصالح الدين مع احتياجه إلى المعرفة فأغناه اللّه تعالى بالوحي إليه عليه الصلاة والسلام ولا يخفى ما فيه. وحذف المفعول في الأفعال الثلاثة لظهور المراد مع رعاية الفواصل. وقيل : ليدل على سعة الكرم والمراد آواك وآوى لك وبك وهداك ولك وبك وأغناك ولك وبك وظاهر الفاء مع تلك الأفعال تأبى ذلك. وأطال الإمام الكلام في الآيات وأتى فيها بغث وسمين ولولا خشية الملل لذكرنا ما فيه.
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ فلا تستذله كما قال ابن سلام وقريب منه قول مجاهد لا تحتقر. وقال سفيان :
لا تظلمه بتضييع ماله وفي معناه ما قيل لا تغلبه على ماله ، ولعل التقييد لمراعاة الغالب والأولى حمل القهر

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 383
على الغلبة والتذليل معابان يراد التسلط بما يؤذي أو باستعمال المشترك في معنييه على القول بجوازه وفي مفردات الراغب القهر الغلبة والتذليل معا ويستعمل في كل واحد منهما ، وقرأ ابن مسعود والشعبي وإبراهيم التيمي «فلا تكهر» بالكاف بدل القاف ومعناه على ما في البحر فلا تقهر. وفي تهذيب الأزهري الكهر القهر والكهر عبوس الوجه والكهر الشتم واختار بعضهم هنا أوسطها فالمعنى فلا تعبس في وجهه وهو نهي عن الشتم والقهر على ما سمعت من معناه من باب الأولى وأيّا ما كان ففي الآية دلالة على الاعتناء بشأن اليتيم. وعن ابن مسعود مرفوعا «من مسح على رأس يتيم كان له بكل شعرة تمر عليها يده نور يوم القيامة»
وعن عمر رضي اللّه تعالى عنه مرفوعا أيضا «إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن فيقول اللّه تعالى لملائكته : يا ملائكتي من أبكى هذا اليتيم الذي غيب أبوه في التراب؟ فيقول الملائكة : أنت أعلم. فيقول اللّه تعالى : يا ملائكتي إني أشهدكم أن عليّ لمن أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة»
فكان عمر رضي اللّه تعالى عنه إذا رأى يتيما مسح رأسه وأعطاه شيئا ولم يصح في كيفية مسحه شيء والرواية عن ابن عباس في ذلك قد قيل فيها ما قيل.
وروي عنه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال : «أنا وكافل اليتيم كهاتين إذا اتقى اللّه عز وجل» وأشار بالسبابة والوسطى
إلى غير ذلك من الأخبار.
وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ أي فلا تزجره ولكن تفضل عليه بشيء أورده بقول جميل وأريد به عند جمع السائل المستجدي الطالب لشيء من الدنيا ، وتدل الآية على الاعتناء بشأنه أيضا وعن إبراهيم بن أدهم نعم القوم السؤّال يحملون زادنا إلى الآخرة. وعن إبراهيم النخعي : السائل يريد الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول : أتبعثون إلى أهليكم بشيء وشاع
حديث «للسائل حق وإن جاء على فرس»
وقد قال فيه الإمام أحمد كما في تمييز الطيب من الخبيث لا أصل له وأخرجه أبو داود عن الحسين بن علي رضي اللّه تعالى عنهما موقوفا وسكت عنه ، وقال العراقي سنده جيد وتبعه غيره ، وقال ابن عبد البر إنه ليس بالقوي وعوّل كثير على ما قال الإمام أحمد وفي معناه احتمالان كل منهما يؤذن بالاهتمام بأمر السائل. وروي من طرق عن عائشة وغيرها : لو صدق السائل ما أفلح من رده. وهو أيضا على ما قال ابن المديني لا أصل له ، وقال ابن عبد البر جميع أسانيده ليست بالقوية. نعم
أخرج الطبراني في الكبير عن أبي أمامة مرفوعا ما يقرب منه وهو «لولا أن المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم»
ولم أقف على من تعقبه. ثم النهي على النهر على ما قالوا إذا لم يلح في السؤال فإن ألح ولم ينفع الرد اللين فلا بأس بالزجر. وقال أبو الدرداء والحسن وسفيان وغيرهم : المراد بالسائل هنا السائل عن العلم والدين لا سائل المال ولعل النهي عن زجره على القول الأول يعلم بالأولى ويشهد للأولوية أنه لا وعيد على ترك إعطاء المستجدي لمن يجد ما يستجديه بخلاف ترك جواب سائل العلم لمن يعلم ففي الحديث «من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار» وسيأتي إن شاء اللّه تعالى ما قيل من أن الظاهر الثاني من القولين.
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ فإن التحدث بها شكر لها كما قال عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة والفضيل بن عياض. وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي والضياء عن جابر بن عبد اللّه مرفوعا : «من أعطي عطاء فوجد فليجز به فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد شكره ، ومن كتمه فقد كفره ، ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور»
ولذا استحب بعض السلف التحدث بما عمله من الخير إذ لم يرد به الرياء والافتخار وعلم الاقتداء به بل بعض أهل البيت رضي اللّه تعالى

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 384
عنهم حمل الآية على ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقسم قال : لقيت الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنهما وأرضاهما فقلت أخبرني عن قول اللّه تعالى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ فقال : الرجل المؤمن يعمل عملا صالحا فيخبر به أهل بيته.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه رضي اللّه تعالى عنه أنه قال فيها إذا أصبت خيرا فحدث إخوانك والظاهر أن المراد بالنعمة ما أفاضه اللّه تعالى على نبيه صلّى اللّه عليه وسلم من فنون النعم التي من جملتها ما تقدم. وأخرج ابن المنذر وغيره عن مجاهد تفسيرها بالنبوة ورووا عنه أيضا تفسيرها بالقرآن ووافقه في الأول محمد بن إسحاق وفي الثاني الكلبي ، وعليهما المراد بالتحديث التبليغ ولا يخفى أن كلا التفسيرين غير مناسب لما قبل وهذه الجمل الثلاث مرتبة على ما قبلها فقيل على اللف والنشر المشوش وحاصل المعنى أنك كنت يتيما وضالا وعائلا فآواك وهداك وأغناك فمهما يكن من شيء فلا تنس نعمة اللّه تعالى عليك في هذه الثلاث واقتد باللّه تعالى فتعطف على اليتيم وترحم على السائل فقد ذقت اليتم والفقر. وقوله تعالى وَأَمَّا بِنِعْمَةِ إلخ في مقابلة قوله سبحانه وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى لعمومه وشموله لهدايته عليه الصلاة والسلام من الضلال بتعليم الشرائع وغير ذلك من النعم ، ولم يراع الترتيب لتقديم حقوق العباد على حقه عز وجل فإنه سبحانه وتعالى غني عن العالمين ، وقيل لتقديم التخلية على التحلية أو للترقي أو لمراعاة الفواصل ونظر في كل ذلك.
وقال الطيبي : الظاهر أن المراد بالسائل طالب العلم لا المستجدي وعليه لا مانع من كون التفصيل على الترتيب فيقال إنه تعالى ذكر أحواله صلّى اللّه عليه وسلم على وفق الترتيب الخارجي بأن يراد بهدايته عليه الصلاة والسلام ما يعم توفيقه للنظر الصحيح في صباه فقد كان صلّى اللّه عليه وسلم موفقا لذلك ولذا لم يعبد عليه الصلاة والسلام صنما أو يراد بإغنائه ما كان بعد البعثة ثم فصّل سبحانه على ذلك الترتيب فجعل عدم قهر اليتيم في مقابلة إيوائه تعالى له عليه الصلاة والسلام في يتمه ، وعدم زجر السائل طالب العلم والمتعلم منه في مقابلة هدايته له ، والتحدث بالنعمة في مقابلة الغنى وإن كانت النعمة شاملة له ولغيره. وآثر سبحانه فَحَدِّثْ على «فخبر» قيل ليكون ذكر النعمة عليه الصلاة والسلام حديثا لا ينساه ويوجده ساعة غب ساعة واللّه تعالى أعلم. وندب التكبير عند خاتمة هذه السورة الكريمة وكذا ما بعدها إلى آخر القرآن العظيم فقد أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طريق أبي الحسن البزي المقري قال : سمعت عكرمة بن سليمان يقول : قرأت على إسماعيل بن قسطنطين فلما بلغت وَالضُّحى قال : كبّر عند خاتمة كل سورة حتى تختم فإني قرأت على عبد اللّه بن كثير فلما بلغت وَالضُّحى قال : كبّر حتى تختم ، وأخبره عبد اللّه بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره أن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما أمره بذلك وأخبره أن أبيّ بن كعب رضي اللّه تعالى عنه أمره بذلك ، وأخبره أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أمره بذلك وكان ذلك منه عليه الصلاة والسلام فرحا بنزول الوحي بعد تأخره وبطئه حتى قيل ما قيل هذا وعلى ذلك عمل الناس اليوم والحمد للّه رب العالمين.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 385
سورة الشرح
وتسمى سورة الشرح وهي كما روي عن ابن الزبير وعائشة مكية ، وأخرج ذلك ابن الضريس والنحاس والبيهقي وابن مردويه عن ابن عباس. وفي رواية عنه زيادة نزلت بعد الضحى وزعم البقاعي أنها عنده مدنية ، وفي حديث طويل أخرجه ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه ما هو ظاهر في أن قوله تعالى فيها فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح : 5 ، 6] نزل بالمدينة لكن في صحة الحديث توقف. وآيها ثمان بالاتفاق وهي شديدة الاتصال بسورة الضحى حتى أنه روي عن طاوس وعمر بن عبد العزيز أنهما كانا يقولان هما سورة واحدة ، وكانا يقرآنهما في الركعة الواحدة وما كانا يفصلان بينهما ببسم اللّه الرحمن الرحيم وعلى ذلك الشيعة كما حكاه الطبرسي منهم. قال الإمام : والذي دعا إلى ذلك هو أن قوله تعالى أَلَمْ نَشْرَحْ [الشرح : 1] كالعطف على قوله تعالى أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً [الضحى : 6] وليس كذلك لأن الأول كان عند اغتمام الرسول صلّى اللّه عليه وسلم من إيذائه الكفرة وكانت الحالة حال محنة وضيق صدر ، والثاني يقتضي أن يكون حال النزول منشرح الصدر طيب القلب فأنى يجتمعان وفيه نظر ، والحق أن مدار مثل ذلك الرواية لا الدارية والمتواتر كونهما سورتين والفصل بينهما بالبسملة. نعم هما متصلتان معنى جدا ويدل عليه ما
في حديث الإسراء الذي أخرجه ابن أبي حاتم أن اللّه تعالى قال له عليه الصلاة والسلام : «يا محمد ألم أجدك يتيما فآويت ، وضالا فهديت ، وعائلا فأغنيت ، وشرحت لك صدرك ، وحططت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك ، فلا أذكر إلّا ذكرت معي» الحديث.
[سورة الشرح (94) : الآيات 1 إلى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (4)
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ الشرح في الأصل الفسح والتوسعة وشاع استعماله في الإيضاح ، ومنه : شرح الكتاب إذا أوضحه لما أن فسح الشيء وبسطه مستلزم لإظهار باطنه وما خفي منه ، وكذا شاع في سرور النفس حتى لو قيل إنه حقيقة عرفية فيه لم يبعد وذلك إذا تعلق بالقلب كان قيل شرح قلبه بكذا أي سره به لما أن القلب كالمنزل للنفس ، ويلزم عادة من فسح المنزل وتوسعته سرور

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 386
النازل فيه وكذا إذا تعلق بالصدر الذي هو محل القلب وربما يؤذن ذلك بسعة القلب لما أن العادة كالمطردة في أن توسعة ما حوالى المنزل إنما تكون إذا كان المنزل واسعا فيوسع ما حواليه لتحصيل زيادة بهجة ونحوها فيه فينتقل منه إلى سرور النفس بالواسطة. وقد يراد به إذا تعلق بالقلب أو الصدر أيضا تكثير ما فيه من المعلومات فقيل : يتخيل أنها تحتاج إلى فضاء تكون فيه وأن ذلك محل لها ، فمتى كانت كثيرة اقتضت أن يكون محلها واسعا ليسعها. وقد يراد بها تكثير ما في النفس من ذلك فقيل أيضا بتخيل أن تكثير معلوماتها يستدعي توسيعها وتوسيعها يستدعي توسيع ذلك لتنزيله منزلة محلها ، وقد يراد به تأييد النفس بقوة قدسية وأنوار إلهية بحيث تكون ميدانا لمواكب المعلومات ، وسماء لكواكب الملكات ، وعرشا لأنواع التجليات ، وفرشا لسوائم الواردات ، فلا يشغله شأن عن شأن ، ويستوي لديه يكون وكائن وكان. ووجه نسبته إلى الصدر على نحو ما مر وإرادة القلب من الصدر والنفس من القلب بعلاقة المحلية ونحوها مما لا تميل إليه النفس وإرادة كل مما ذكر بقرينة المقام والأنسب بمقام الامتنان هنا إرادة هذا المعنى الأخير. وجوز غيره فالمعنى ألم نفسح صدرك حتى حوى عالمي الغيب والشهادة وجمع بين ملكتي الاستفادة والإفادة فما صدك الملابسة بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملكات الروحانية ، وما عاقك التعلق بمصالح الخلق عن الاستغراق في شؤون الحق. وقيل المعنى ألم نزل همك وغمك باطلاعك على حقائق الأمور وحقارة الدنيا فهان عليك احتمال المكاره في الدعاء إلى اللّه تعالى. ونقل عن الجمهور أن المعنى ألم نفسحه بالحكمة وتوسعه بتيسيرنا لك تلقي ما يوحى إليك بعد ما كان يشق عليك. وعن ابن عباس وجماعة أنه إشارة إلى شق صدره الشريف في صباه عليه الصلاة والسلام وقد وقع هذا الشق على ما في بعض الأخبار وهو عند مرضعته حليمة
فقد روي عنها أنها قالت في شأنه عليه الصلاة والسلام : لم نزل نتعرف من اللّه تعالى الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته فكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان ، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا ، فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على بقائه عندنا لما نرى من بركته ، فقلنا لأمه : لو تركتيه عندنا حتى يغلظ فإنّا نخشى عليه وباء مكة ، فلم نزل بها حتى ردته معنا فرجعنا به ، فو اللّه إنه لبعد مقدمنا به بشهر أو ثلاثة مع أخيه من الرضاعة لغي بهم لنا خلف بيوتنا جاء أخوه يشتد فقال : ذاك أخي القرشي قد جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه وشقا بطنه ، فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فوجدناه قائما منتقعا لونه فاعتنقه أبوه وقال : أي بني ما شأنك؟ قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا منه شيئا ، فطرحاه ثم رداه كما كان فرجعنا به معنا. فقال أبوه : يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد أصيب فانطلقي فرديه إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوفه ، قالت : فاحتملناه إلى أمه ، فقالت : ما رد كما به فقد كنتما حريصين عليه؟ قلنا : نخشى الاختلاف والأحداث. فقالت ما ذاك بكما فأصدقاني شأنكما؟ فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره. فقالت : أخشيتما عليه الشيطان لا واللّه ما للشيطان عليه سبيل ، وإنه لكائن لابني هذا شأن فدعاه عند كما.
وفي حديث لأبي يعلى وأبي نعيم وابن عساكر ما يدل على تكرر وقوع ذلك له عليه الصلاة والسلام وهو عند حليمة وقد وقع له صلّى اللّه عليه وسلم أيضا بعد بلوغه صلّى اللّه عليه وسلم
ففي الدر المنثور أخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند عن أبيّ بن كعب أن أبا هريرة قال : يا رسول اللّه ، ما أول ما رأيت من أمر النبوة؟ فاستوى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم جالسا ، وقال : «لقد سألت أبا هريرة إني لفي صحراء ابن عشرين سنة وأشهر إذا بكلام فوق رأسي وإذا رجل يقول لرجل : أهو هو ، فاستقبلاني بوجوه لم أرها بخلق قط ، وأرواح لم أجدها من خلق قط ، وثياب لم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 387
أجدها على أحد قط ، فأقبلا إليّ يمشيان حتى إذا دنيا أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسا ، فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره ، فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع ، فقال له :
أخرج الغل والحسد ، فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها ، فقال له : أدخل الرأفة والرحمة ، فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة ، ثم حز إبهام رجلي اليمنى وقال : اغد واسلم ، فرجعت أغدو بها رأفة على الصغير ورحمة على الكبير»
. والذي رأيته
في شرح الهمزية لابن حجر المكي رواية هذا الخبر بلفظ آخر وفيه «إني لفي صحراء واسعة ابن عشر حجج إذا أنا برجلين فوق رأسي يقول أحدهما لصاحبه : أهو هو»
إلى آخر ما فيه فيكون الشق عليه قبل البلوغ أيضا واللّه تعالى أعلم. ثم إنه على الروايتين ليس نصا على نفي وقوع شق قبله لجواز أن يكون الذي استشعر منه النبوة هو هذا لا ما قبله ، ووقع له عليه الصلاة والسلام أيضا عند مجيء جبريل عليه السلام بالوحي في غار حراء وممن روى ذلك الطيالسي والحارث في مسنديهما وكذا أبو نعيم ولفظه أن جبريل وميكائيل عليهما السلام شقا صدره وغسلاه ثم قال اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق : 1] الآيات ووقع أيضا مرة أخرى تواترات بها الروايات خلافا لمن أنكرها ليلة الإسراء به صلّى اللّه عليه وسلم
روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن قتادة قال : حدثنا أنس ابن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : «بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان فأتيت بطست من ذهب فيها ماء زمزم ، فشرح صدري إلى كذا وكذا» قال قتادة : قلت - يعني لأنس - ما تعني قال إلى أسفل بطني؟ قال : «فاستخرج قلبي فغسل بماء زمزم ثم أعيد مكانه ثم حشي إيمانا وحكمة ، ثم أتي بدابة دون البغل وفوق الحمار البراق فانطلقت مع جبريل عليه السلام حتى أتينا السماء الدنيا» الحديث.
وطعن القاضي عبد الجبار في ذلك بما حاصله أنه يلزم على وقوعه في الصغر وقبل النبوة تقدم المعجزة على النبوة وهو لا يجوز ووقوعه بعد النبوة وإن لم يلزم عليه ما ذكر إلّا أن ما ذكر معه من حديث الغسل وإدخال الرأفة والرحمة وحشو الإيمان والحكمة يرد عليه أن الغسل مما لا أثر له في التكميل الروحاني وإنما هو لإزالة أمر جسماني ، وأنه لا يصح إدخال ما ذكر وحشوه فإنما هو شيء يخلقه اللّه تعالى في القلب وليس بشيء فإن تقدم الخارق على النبوة جائز عندنا ونسميه إرهاصا ، والأخبار كثيرة في وقوعه له عليه الصلاة والسلام قبل النبوة ، والغسل بالماء كان لإزالة أمر جسماني ولا يبعد أن يكون أزاله وغسل المحل بماء مخصوص كماء زمزم على ما صح في بعض الروايات ولذا قال البلقيني : إنه أفضل من ماء الكوثر موجبا لتبديل المزاج وهو مما له دخل في التكميل الروحاني ولذا يأمر المشايخ السالكين لديهم بالرياضة التي يحصل بها تبديل المزاج ويرشد إلى ذلك تغير أحوال النفس وأخلاقها صبا وكهولة وشيخوخة.
والمراد من إدخال الرأفة وحشو الإيمان مثلا إدخال ما به يحصل كمال ذلك وكثيرا ما يسمى المسبب باسم السبب مجازا ، ويحتمل أن يكون على حقيقته وتجسم المعاني جائز. وقال العارف بن أبي جمرة كما في المواهب اللدنية للعسقلاني ما حاصله : إن ما دل كلام النبي صلّى اللّه عليه وسلم على جوهريته وجسميته من أعيان المخلوقات التي ليس للحواس إلى إدراكها سبيل هو كما دل عليه كلامه عليه الصلاة والسلام في نفس الأمر ، وأن الحكم من المتكلم أو نحوه عليها بالعرضية إنما هو باعتبار ما ظهر له بعقله ، وللعقل حر يقف عنده والحقيقة في الحقيقة ما دلّ عليه خبر الشارع المؤيد بالوحي الإلهي والنور القدسي المحلق بجناحيهما في جو الحقائق إلى حيث لا يسمع لنحلة العقل دندنة ولا للرواة عنه عنعنة فالإيمان والحكمة ونحوهما مما دل عليه كلام النبي صلّى اللّه عليه وسلم على جوهريتها جواهر محسوسة لا معان وإن حسبها من حسبها كذلك انتهى. والأمر فيه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 388
اعتقادا وإنكارا إليك ولا ألزمك الاعتقاد فما أريد أن أشق عليك. وقال بعض الأجلّة : لعل ذلك من باب التمثيل إذ تمثيل المعاني قد وقع كثيرا كما مثل له عليه الصلاة والسلام الجنة والنار في عرض حائط مسجده الشريف ، وفائدته كشف المعنوي بالمحسوس وهو ميل إلى عدم الوقوع حقيقة. وقد قال غير واحد : جميع ما ورد من الشرق وإخراج القلب وغيرهما يجب الإيمان به وإن كان خارقا للعادة ولا يجوز تأويله لصلاحية القدرة له ، ومن زعم ذلك وقع في هوة المعتزلة في تأويلهم نصوص سؤال الملكين وعذاب القبر ووزن الأعمال والصراط وغير ذلك بالتشهي ، وأما حكمة ذلك مع إمكان إيجاد ما ترتب عليه بدونه فقد أطالوا الكلام في بأنها في موضعه. نعم حمل الشرح في الآية على ذلك الشق ضعيف عند المحققين والتعبير عن ثبوت الشرح بالاستفهام الإنكاري عن انتفائه للإيذان بأن ثبوته من الظهور بحيث لا يقدر أحد أن يجيب عنه بغير بلى ، وإسناد الفعل إلى ضمير العظمة للإيذان بعظمته وجلالة قدره وزيادة الجار والمجرور مع توسيطه بين الفعل ومفعوله للإيذان من أول الأمر بأن الشرح من منافعه عليه الصلاة والسلام ومصالحه مسارعة إلى إدخال المسرة في قلبه الشريف صلّى اللّه عليه وسلم وتشويقا له عليه الصلاة والسلام إلى ما يعقبه ليتمكن عنده وقت وروده فضل تمكن.
وقرأ أبو جعفر المنصور «ألم نشرح» بفتح الحاء وخرجه ابن عطية وجماعة على أن الأصل «ألم نشرحن» بنون التأكيد الخفيفة فأبدل من النون ألفا ثم حذفها تخفيفا كما في قوله :
اضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسيف قونس الفرس
ولا يخفى أن الحذف هنا أضعف مما في البيت لأن ذلك في الأمر وهذا في النفي ، ولهذا روى ابن جني في المنتفى عن أبي مجاهد أنه غير جائز أصلا فنون التوكيد أشبه شيء به الإسهاب والإطناب لا الإيجاز والاختصار ، والبيت يقال إنه مصنوع والأولى في التمثيل ما أنشده أبو زيد في نوادره :
من أي يومي من الموت أفر أيوم لم يقدر أم يوم قدر
وقال غير واحد : لعل أبا جعفر بيّن الحاء وأشبعها في مخرجها فظن السامع أنه فتحها. وفي البحر أن لهذه القراءة تخريجا أحسن مما ذكر وهو أن الفتح على لغة بعض العرب من النصب بلم ، فقد حكى اللحياني في نوادره أن منهم من ينصب بها ويجزم بلن عكس المعروف عند الناس ، وعلى ذلك قول عائشة بنت الأعجم تمدح المختار بن أبي عبيد :
في كل ما همّ أمضى رأيه قدما ولم يشاور في الأمر الذي فعلا
وخرجها بعضهم على أن الفتح لمحاورة ما بعدها كالكسر في قراءة الحمد للّه بالجر وهو لا يتأتى في بيت عائشة ويتأتى فيما عداه مما مر. وقوله تعالى وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ عطف على ما أشير إليه من مدلول الجملة السابقة كأنه قيل قد شرحنا لك صدرك ووضعنا إلخ. وعَنْكَ متعلق ب وَضَعْنا وتقديمه على المفعول الصريح لما مر من القصد إلى تعجيل المسرة والتشويق إلى المؤخر ، ولما أن في وصفه نوع طول فتأخير الجار والمجرور عنه مخل بتجاوب أطراف النظم الكريم ، والوزر الحمل الثقيل أي وحططنا عنك حملك الثقيل الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي حمله على النقيض وهو صوت الانتقاض والانفكاك أعني الصرير ولا يختص بصوت المحامل والرجال بل يضاف إلى المفاصل فيقال : نقيض المفاصل ويراد صوتها فنقيض الظهر ما يسمع من مفاصله من الصوت لثقل الحمل وعليه قول عباس بن مرداس :
وأنقض ظهري ما تطويت منهم وكنت عليهم مشفقا متحننا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 389
وإسناد الإنقاض للحمل إسناد للسبب الحامل مجازا والمراد بالحمل المنقض هنا ما صدر منه صلّى اللّه عليه وسلم قبل البعثة مما يشق عليه صلّى اللّه عليه وسلم تذكره لكونه في نظره العالي دون ما هو عليه الصلاة والسلام بعد ، أو غفلته عن الشرائع ونحوها مما لا يدرك إلّا بالوحي مع تطلبه صلّى اللّه عليه وسلم له أو حيرته عليه الصلاة والسلام في بعض الأمور كأداء حق الرسالة أو الوحي وتلقيه فقد كان يثقل صلّى اللّه عليه وسلم في ابتداء أمره جدا أو ما كان يرى صلّى اللّه عليه وسلم من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم لعدم طاعتهم له وإذعانهم للحق ، أو ما كان يرى من تعديهم في إيذائه عليه الصلاة والسلام أو همه عليه الصلاة والسلام من وفاة أبي طالب وخديجة بناء على نزول السورة بعد وفاتهما ، ويراد بوضعه على الأول مغفرته ، وعلى الثاني إزالته غفلته عليه الصلاة والسلام عنه بتعليمه إياه بالوحي ونحوه ، وعلى الثالث إزالة ما يؤدي للحيرة ، وعلى الرابع تيسيره له صلّى اللّه عليه وسلم بتدربه واعتياده له ، وعلى الخامس توفيق بعضهم للإسلام كحمزة وعمر وغيرهما ، وعلى السادس تقويته صلّى اللّه عليه وسلم على التحمل ، وعلى السابع إزالة ذلك برفعه إلى السماء حتى لقيه كل ملك وحياه وفوزه بمشاهدة محبوبة الأعظم ومولاه عز وجل. وأيّا ما كان ففي الكلام استعارة تمثيلية والوضع ترشيح لها وليس فيه دليل لنا في العصمة كما لا يخفى. واختار أبو حيان كون وضع الوزر كناية عن عصمته صلّى اللّه عليه وسلم عن الذنوب وتطهيره من الأدناس. عبر عن ذلك بالوضع على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك كما يقول القائل : رفعت عنك مشقة الزيارة لمن لم يصدر منه زيارة على طريق المبالغة في انتفاء الزيارة منه له والتمثيل عليه بحاله على ما قيل.
وقيل المراد وزر أمتك وإنما أضيف إليه صلّى اللّه عليه وسلم لاهتمامه بشأنه وتفكره في أمره ، والمراد بوضعه رفع غائلته في الدنيا من العذاب العاجل ما دام صلّى اللّه عليه وسلم فيهم وما داموا يستغفرون فقد قال سبحانه وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال : 33] ولا يخفى بعد هذا الوجه. وقرأ أنس «وحططنا» و«حللنا» مكان وَضَعْنا. وقرأ ابن مسعود «وحللنا عنك وقرك».
وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ بالنبوة وغيرها وأي رفع مثل أن قرن اسمه عليه الصلاة والسلام باسمه عز وجل في كلمتي الشهادة ، وجعل طاعته طاعته ، وصلى عليه في ملائكته ، وأمر المؤمنين بالصلاة عليه ، وخاطبه بالألقاب ك يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر : 1] يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ [المزمل : 1] يا أَيُّهَا النَّبِيُّ [الأنفال : 64 وغيرها] يا أَيُّهَا الرَّسُولُ [المائدة : 41 ، 67] وذكره سبحانه في كتب الأولين ، وأخذ على الأنبياء عليهم السلام وأممهم أن يؤمنوا به صلّى اللّه عليه وسلم. وروي عن مجاهد وقتادة ومحمد بن كعب والضحاك والحسن وغيرهم أنهم قالوا في ذلك :
«لا أذكر إلا ذكرت معي». وفيه حديث مرفوع أخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : «أتاني جبريل عليه السلام ، فقال : إن ربك يقول : أتدري كيف رفعت ذكرك؟ قلت : اللّه تعالى أعلم ، قال : إذا ذكرت ذكرت معي».
وكان ذلك من الاقتصار على ما هو أعظم قدرا من إفراد رفع الذكر ، ويشير إلى عظم قدره قول حسان :
أغر عليه للنبوة خاتم من اللّه مشهود يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
ولا يخفى لطف ذكر الرفع بعد الوضع والكلام في العطف وزيادة لَكَ كالذي سلف ، والفاء في قوله عز وجل فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً على ما في الكشاف فصيحة. والكلام وعد له صلّى اللّه عليه وسلم مسوق للتسلية والتنفيس. قال : كان المشركون يعيرون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والمؤمنين بالفقر والضيقة حتى سبق إلى ذهنه الشريف عليه الصلاة والسلام أنهم رغبوا عن الإسلام لافتقار أهله واحتقارهم ، فذكره سبحانه ما أنعم به عليه من جلائل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 390
النعم ثم قال تعالى شأنه إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً كأنه قال سبحانه : خولناك ما خولناك فلا تيأس من فضل اللّه تعالى فإن مع العسر الذي أنتم فيه يسرا وهو ظاهر في أن أل في العسر للعهد ، وأما التنوين في يسرا فللتفخيم كأنه قيل إن مع العسر يسرا عظيما ، وأي يسر والمراد به ما تيسر لهم من الفتوح في أيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أو يسر الدنيا مطلقا. وقوله تعالى إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً يحتمل أن يكون تكريرا للجملة السابقة لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب كما هو شأن التكرير ويحتمل أن يكون وعدا مستأنفا وأل والتنوين على ما سبق بيد أن المراد باليسر هنا ما تيسر لهم في أيام الخلفاء أو يسر الآخرة. واحتمال الاستئناف هو الراجح لما علم من فضل التأسيس على التأكيد كيف وكلام اللّه تعالى محمول على أبلغ الاحتمالين وأوفاهما والمقام كما تقدم مقام التسلية والتنفيس والاستئناف نحوي وتجرده عن الواو أكثر من أن يحصى ، ولا يحتاج إلى بيان نكتة لأنه الأصل ، وقال عصام الدين : لا يبعد أن تكون نكتة الفصل كونه في صورة التكرير فاحفظه فإنه من البدائع وتعقب بنحو ما ذكرنا وكان الظاهر على ما سمعت من المراد باليسر تعريفه إلّا أنه أوثر التنكير للتفخيم. وقد يقال : إن فائدته الظهور في التأسيس لأن النكرة المعادة ظاهرها التغاير والإشعار بالفرق بين العسر واليسر ، ويظهر مما ذكر وجه ما
أخرجه عبد الرزاق وابن جرير والحاكم والبيهقي عن الحسن قال : خرج رسول اللّه عليه الصلاة والسلام فرحا مسرورا وهو يضحك ويقول : «لن يغلب عسر يسرين إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا»
وأفاد بعض الأجلّة أن الكلام تقرير لما قبله وعدة له صلّى اللّه عليه وسلم بتيسير كل عسير. فالفاء قيل سببية ودخلت على السبب وإن تعارف دخولها على المسبب لتسبب ذكره عن ذكره فإن ذكر أحدهما يستدعي ذكر الآخر ، وأل في العسر للاستغراق فيدخل فيه سبب النزول. والتنوين في يُسْراً على ما سبق كأنه قيل : فعلنا لك كذا وكذا لأن مع كل عسر كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر والخمول يسرا عظيما كالشرح والوضع ورفع الذكر فلا تيأس من روح اللّه تعالى إذا عراك ما يغمك. وقال بعضهم : الفاء للتفريع وهو من قبيل تفريع الحكم على الدليل في صورة الاستدلال بالجزئي على الكلي وذلك كما تقول : أما ترى إلى الإنسان والفرس والغنم كلها تحرك الفك الأسفل عند المضغ ، فاعلم بذلك أن كل حيوان يفعل كذلك فتدبر. وفي الجملة الثانية الاحتمالان السابقان والاستئناف أيضا هو الراجح لما تقدم. وعلى اتحاد العسر وتعدد اليسر يكون الحاصل من الجملتين أن مع كل عسر يسرين عظيمين ، والظاهر أن المراد بذينك اليسرين يسر دنيوي ويسر أخروي. وقيل :
الظاهر أن الجملة الثانية تكرير للأولى وتأكيد لها فاليسر فيها عين اليسر في الأولى كما أن العسر كذلك ، والكلام نظير قولك إن مع الفارس رمحا إن مع الفارس رمحا وهو ظاهر في وحدة الفارس والرمح «ولن يغلب عسر يسرين» ليس نصا في الحمل على الاستئناف إذ يصح على التأكيد أيضا بأن يكون مبنيا على كون التنوين في يُسْراً للتفخيم فحمل لقوة الرجاء على يسر الدارين وذلك يسران في الحقيقة ، ويشهد لذلك أنه ليس في مصحف ابن مسعود الجملة الثانية مع أنه جاء عنه أيضا : «لن يغلب عسر يسرين» وقيل يمكن أن يحمل الخبر على أنه لن يغلب فرد من أفراد العسر ذكر اليسر مرتين وتكريره في مقام الوعد وهو كما ترى. والمشهور على جميع الأوجه أنه شبه التقارب بالتقارن فاستعير لفظ مَعَ لمعنى بعد وذلك للمبالغة في معاقبة اليسر العسر واتصاله به. واستشكل أمر الاستغراق بأن من العسر ما لا يعقبه يسر دنيوي كالفقر والمرض الدائمين إلى الموت ولا أراك ترضى القول بأن الموت يسر دنيوي وإن من العسر ما لا يعقبه يسر أخروي أيضا كعسر الكافر والجواب بأن الحكم بالنسبة للمؤمنين كما يقتضيه مقام التسلية والتنفيس ويشعر به ما رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم قال : كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما يذكر له جموعا من الروم وما

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 391
يتخوف منهم فكتب إليه عمر رضي اللّه تعالى عنه : أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن شدة يجعل اللّه تعالى بعده فرجا ولن يغلب عسر يسرين ، لا يحسم الإشكال إذ يبقى معه أن من عسر المؤمن ما لا يعقبه يسر دنيوي كما هو ظاهر بل منه ما لا يعقبه يسر أخروي أيضا وذلك كعسر المؤمن الجازع فإنه لا يثاب عليه في الآخرة.
والظاهر من اليسر الأخروي هو الثواب فيها على ذلك العسر وإرادة المؤمن الصابر يبقى معها أن من عسره أيضا ما لا يعقبه اليسر الدنيوي وأجاب بعض على الوجه التأكيد بأن الاستغراق عرفي ، ويكفي فيه أن العسر في الغالب يعقبه يسر. وعلى وجه التأسيس بهذا مع كون الحكم بالنسبة للمؤمنين الصابر وآخر بأن الحكم مشروط بمشيئته تعالى وأن لم تذكر قيل : ويشعر بذلك ما
أخرجه عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بشر بهذه الآية أصحابه فقال عليه الصلاة والسلام : «لن يغلب عسر إن شاء اللّه تعالى يسرين».
ويفهم من كلام بعض الأفاضل أنه يجوز على وجه التأكيد أن يكون مع على ظاهرها والتنوين في يُسْراً للنوعية ولا إشكال في الاستغراق إذ لا يخلو المرء في حال العسر عن نوع من اليسر وأقله دفع ما هو أعظم مما أصابه عنه. ويجوز أن يكون التنوين للتفخيم أيضا ويكون اليسر العظيم المقارن للعسر هو دفع ذلك الأعظم وما من عسر إلّا وعند اللّه تعالى أعظم منه وأعظم وأنه لا يأبى ذلك لن يغلب عسر يسرين ، إما لأن المعنى لن يغلب فرد من أفراد العسر ذكر اليسر مرتين في مقام التسلية ، أو لأن الآية أفادت أن مع العسر يسرا وقد علم أن بعده آخر على ما جرت به العادة الغالبة أو فهم من قوله تعالى سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً [الطلاق : 7] إن كان نزوله متقدما. وذكر بعضهم أن المعية على حقيقتها عند الخاصة على معنى أن كل ما فعل المحبوب محبوب كما يشير إليه قول الشيخ عمر بن الفارض قدس سره :
وتعذيبكم عذب لديّ وجوركم عليّ بما يقضي الهوى لكم عدل
وقول الآخر :
بر جانم از تو هر جه رسد جاي منت است گر ناوك جفاست وگر خنجر ستم
وتسمية ذلك عسرا لأنه في نفسه وعند العامة كذلك لا بالنسبة إلى من أصابه من المحبين المستعذبين له والكل كما ترى ، ثم إنه يبعد إرادة المعية الحقيقية ما
أخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في الشعب عن أنس بن مالك قال : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم جالسا وحياله حجر فقال عليه الصلاة والسلام : «لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه». فأنزل اللّه تعالى إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إلخ. ولفظ الطبراني وتلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
وإرادة العهد أسلم من القيل والقال ، وكأن من اختاره اختاره لذلك مع الاستئناس له بسبب النزول ، لكن الذي يقتضيه الظواهر ومقاماتها الخطابية الاستغراق فإذا قيل به فلا بد من التقييد بكون من أصابه العسر واثقا باللّه تعالى حسن الرجاء به عز وجل منقطعا إليه سبحانه أو بنحو ذلك من القيود فتدبر واللّه تعالى الميسر لكل ما يتعسر. وقرأ ابن وثاب وأبو جعفر وعيسى «العسر» و«يسرا» في الموضعين بضم السين. فَإِذا فَرَغْتَ أي من عبادة كتبليغ الوحي فَانْصَبْ فاتعب في عبادة أخرى شكرا لما عددنا عليك من النعم السالفة ووعدناك من الآلاء الآنفة كأنه عز وجل لما عدد عليه ما عدد ووعده صلّى اللّه عليه وسلم بما وعد بعثه على الشكر والاجتهاد في العبادة وأن لا يخلي وقتا من أوقاته منها فإذا فرغ من عبادة أتبعها بأخرى وَإِلى رَبِّكَ وحده فَارْغَبْ فاحرص بالسؤال ولا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 392
تسأل غيره تعالى فإنه القادر على الإسعاف لا غيره عز وجل. وأخرج ابن جرير وغيره من طرق عن ابن عباس أن قال أي إذا فَرَغْتَ من الصلاة فَانْصَبْ في الدعاء وروي نحوه عن الضحاك وقتادة. وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود أي إذا فَرَغْتَ من الفرائض فَانْصَبْ في قيام الليل. وعن الحسن أي إذا فَرَغْتَ من الغزو فاجتهد في العبادة. وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم نحوه ، وأخرج ابن نصر وجماعة عن مجاهد أي إذا فرغت من أسباب نفسك وفي لفظ من دنياك فصلّ ، وفي رواية أخرى عنه نحو ما روي عن ابن عباس والأنسب حمل الآية على ما تقدم. وأما قول ابن عباس ومن معه فهو تخصيص لبعض العبادات فراغا وشغلا إما مثالا لأن اللفظ خاص وهو الأظهر وكذا يقال فيما روي عن ابن مسعود ، وإما لأن الصلاة أم العبادات البدنية والدعاء مخ العبادة فهما هما. وقول الحسن فيه ما شاع من
قوله صلّى اللّه عليه وسلم : «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»
وهو قريب إلّا أنه قيل عليه أن السورة مكية والأمر بالجهاد بعد الهجرة ولعله يقول بمدنيتها أو مدنية هذه الآية أو أنها مما تأخر حكمه عن نزوله كآيات أخر. وقول مجاهد نظر فيه إلى أن الفراغ أكثر ما يستعمل في الخلو عن الأشغال الدنيوية كما في
قوله صلّى اللّه عليه وسلم : «اغتنم فراغك قبل شغلك»
. وهو أضعف الأقوال لبعده عما يقتضيه السياق وتؤذن به الفاء. وقال عصام الدين : الأنسب أن يراد فَإِذا فَرَغْتَ من يسر فَانْصَبْ بعسر آخر طلبا لليسرين ، فإذا كنت كذلك فكن راغبا إلى ربك يعني لا تتحمل عسر الدنيا طمعا في يسرين فيها ، بل تحمل عسر طلب الرب وقربه جل شأنه لليسرين انتهى. ولعمري إنه خلاف ما يفهمه من لا سقم في ذهنه من اللفظ.
وأشعرت الآية بأن اللائق بحال العبد أن يستغرق أوقاته بالعبادة أو بأن يفرغ إلى العبادة بعد أن يفرغ من أمور دنياه على ما سمعت من قول مجاهد فيها ، وذكروا أن قعود الرجل فارغا من غير شغل أو اشتغاله بما لا يعنيه في دينه أو دنياه من سفه الرأي وسخافة العقل واستيلاء الغفلة. وعن عمر رضي اللّه تعالى عنه : إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سبهللا لا في عمل دنياه ولا في عمل آخرته. وروي أن شريكا مرّ برجلين يصطرعان فقال : ما بهذا أمر الفارغ. وقرأ أبو السمال «فرغت» بكسر الراء وهي لغة قال الزمخشري ليست بفصيحة. وقرأ قوم «فانصبّ» بشد الباء مفتوحة من الانصباب ، والمراد فتوجه إلى عبادة أخرى كل التوجه. ونسب إلى بعض الإمامية أنه قرأ «فانصب» بكسر الصاد فقيل أي فَإِذا فَرَغْتَ من النبوة فَانْصَبْ عليا للإمامة ، وليس في الآية دليل على خصوصية الفعول فللسني أن يقدره أبا بكر رضي اللّه تعالى عنه فإن احتج الإمامي بما وقع في غدير خم منع السني دلالته على ما ثبت عنده على النصب وصحته على ما يرويه الإمامي. واحتج لما قدره
بقوله صلّى اللّه عليه وسلم : «مروا أبا بكر فليصل بالناس»
وقال إنه أوفق بإذا فرغت لما أنه صدر منه عليه الصلاة والسلام في مرض وفاته قبل وفاته صلّى اللّه عليه وسلم بخلاف ما كان في الغدير فإنه لا يظهر أن زمانه فراغ من النبوة ظهور كون زمان الأمر كذلك وإن رجع. وقال : المراد فَإِذا فَرَغْتَ من الحج فَانْصَبْ عليا ورد عليه أمر مكية السورة مع ما لا يخفى. وقال في الكشاف : لو صح ذلك للرافضي لصح للناصبي أن يقرأ هكذا ويجعله أمرا بالنصب الذي هو بغض عليّ كرم اللّه تعالى وجهه وعداوته وفيه نظر. ومن الناس من قدر المفعول خليفة والأمر فيه هين.
وقال ابن عطية : إن هذه القراءة شاذة ضعيفة المعنى لم تثبت عن عالم. وقرأ زيد بن عليّ وابن أبي عبلة «فرغّب» أمر من رغب بشد الغين أي فرغب الناس إلى طلب ما عنده عز وجل.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 393
سورة التّين
ويقال لها سورة التين بلا واو مكية في قول الجمهور. وعن قتادة أنها مدنية وكذا عن ابن عباس على ما في البحر ومجمع البيان برواية المعدل. وأخرج عنه ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي ما يوافق قول الجمهور ويؤيده إشارة الحضور في قوله تعالى وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [التين : 3] فإن المراد به مكة بإجماع المفسرين فيما نعلم. وآيها ثمان آيات في قولهم جميعا. ولما ذكر سبحانه في السورة السابقة حال أكمل النوع الإنساني بالاتفاق بل أكمل خلق اللّه عز وجل على الإطلاق صلّى اللّه عليه وسلم ذكر عز وجل في هذه السورة حال النوع وما ينتهي إليه أمره وما أعد سبحانه لمن آمن منه. بذلك الفرد الأكمل وفخر هذا النوع المفضل صلّى اللّه عليه وسلم وشرف وعظم وكرم فقال عز قائلا :
[سورة التين (95) : الآيات 1 إلى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4)
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (5) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (8)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ إقسام ببقاع مباركة شريفة على ما ذهب إليه كثير ، فأما البلد الأمين فمكة حماها اللّه تعالى بلا خلاف. وجاء في حديث مرفوع «وهو مكان البيت الذي هو هدى للعالمين» ومولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ومبعثه والْأَمِينِ فعيل إما بمعنى فاعل أي الآمن من أمن الرجل - بضم الميم - أمانة فهو أمين ، وجاء أمان أيضا كما جاء كريم وكرام ولم يسمع آمن اسم فاعل وسمع على معنى النسب كما في قوله تعالى حَرَماً آمِناً [القصص : 57 ، العنكبوت : 67] بمعنى ذي أمن ، وأمانته أن يحفظ من دخله كما يحفظ الأمين ما يؤتمن عليه ففيه تشبيه بالرجل الأمين وإما بمعنى مفعول أي المأمون من أمنه أي لم يخفه.
ونسبته إلى البلد مجازية. والمأمون حقيقة الناس أي لا تخاف غوائلهم فيه أو الكلام على الحذف والإيصال أي المأمون فيه من الغوائل. وإقحام اسم الإشارة للتعظيم. وأما طُورِ سِينِينَ فالجبل الذي كلم اللّه تعالى شأنه موسى عليه السلام ويقال له طور سيناء - بكسر السين والمد وبفتحها والمد - وقد قرأ بالأول هنا بدل سِينِينَ عمر بن الخطاب وعبد اللّه وطلحة والحسن وبالثاني عمر أيضا وزيد بن علي و«طور سينين» بفتح السين وهي لغة بكر وتميم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 394
وقد قرأ بها ابن أبي إسحاق وعمرو بن ميمون وأبو رجاء. وفي البحر أنه لم يختلف في أنه جبل بالشام وتعقبه الشهاب بأنه خلاف المشهور فإن المعروف اليوم بطور سينا ما هو بقرب التيه بين مصر والعقبة. وسِينِينَ قيل اسم للبقعة التي فيها الجبل أضيف إليه الطور ويعامل في الإعراب معاملة بيرون ونحوه فيعرب بالواو والياء ويقر على الياء وتحرك النون بحركات الإعراب. وقال الأخفش سِينِينَ جمع بمعنى شجر واحدته سينة ، فكأنه قيل طور الأشجار. وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر وعبد بن حميد عن ابن عباس أن قال سِينِينَ هو الحسن. وأخرج عبد بن حميد نحوه عن الضحاك وكذلك أخرج هو وجماعة عن عكرمة بزيادة بلسان الحبشة. وأخرج هو أيضا وابن جرير وابن عساكر وغيرهما عن قتادة أنه قال سينين مبارك حسن ذو شجر ، والإضافة على ما ذكر من إضافة الصفة إلى الموصوف. وأما التِّينِ وَالزَّيْتُونِ فروى جماعة عن قتادة أن الأول منهما الجبل الذي عليه دمشق ، والثاني الجبل الذي عليه بيت المقدس. ويقال على ما أخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن أبي حبيب الحارث بن محمد للأول طور تينا ، وللثاني طور زيتا ، وذلك لأنهما منبتا التين والزيتون وكان الكلام على هذا إما على حذف مضاف أو على التجوز بأن يكون قد تجوز التين والزيتون عن منبتيهما وشاع ذلك. وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد اللّه الفارسي أن التين مسجد دمشق والزيتون بيت المقدس ، ولعل إطلاقهما عليهما لأن فيهما شجرا من جنسهما. وعن كعب الأحبار أنهما دمشق وإيلياء بلد بيت المقدس وكأن تسميتها بذلك من تسمية المحل باسم الحال فيه. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب أنهما مسجد أصحاب الكهف ومسجد إيلياء. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس أنهما مسجد نوح عليه السلام الذي بني على الجودي وبيت المقدس.
وعن شهر بن حوشب أنهما الكوفة والشام وتعقب بأن الكوفة بلدة إسلامية مصرها سعد بن أبي وقاص في أيام أمير المؤمنين عمر رضي اللّه تعالى عنه ولعله أراد الأرض التي تسمى اليوم بالكوفة فقد كانت كما في القاموس وغيره منزل نوح عليه السلام. وقال بعضهم : إن الكوفة بلد كانت قبل لكنها خربت فجددت في أيام عمر رضي اللّه تعالى عنه ، وقيل هما جبال ما بين حلوان وهمذان وجبال الشام لأنهما منابتهما وأيّا ما كان فالمتعاطفات متناسبة في أن المراد بها أماكن مخصوصة. وقيل المراد بهما الشجران المعروفان. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس أن قال التِّينِ وَالزَّيْتُونِ الفاكهة التي يأكلها الناس.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن مجاهد نحوه وحكاه في البحر أيضا عن إبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي وعكرمة والحسن وخصهما اللّه تعالى على هذا القول بالإقسام بهما من بين الثمار لاختصاصهما بخواص جليلة ، فإن التين فاكهة طيبة لا فضل لها وغذاء لطيف سريع الانهضام بل قيل إنه أصح الفواكه غذاء إذا أكل على الخلاء ولم يتبع بشيء وهو دواء كثير النفع يفتح السدد ويقوي الكبد ويذهب الطحال وعسر البول وهزال الكلى والخفقان والربو وعسر النفس والسعال وأوجاع الصدر وخشونة القصبة إلى غير ذلك. وعن علي الرضا بن موسى الكاظم على جدهما وعليهما السلام أنه يزيل نكهة الفم ويطول الشعر وهو أمان من الفالج.
وروى أبو ذر أنه أهدى إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم طبق من تين فأكل منه وقال لأصحابه : «كلوا فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس».
ولم أقف للمحدثين على شيء في هذا الحديث لكن قال داود الطبيب بعد سرد نبذة من خواص التين وفي نفعه من البواسير حديث حسن ، وذكر أن نفعه من النقرس إذا دق مع دقيق الشعير أو القمح أو الحلبة وذكر أنه حينئذ ينفع من الأورام الغليظة وأوجاع المفاصل وله مفردا ومركبا خواص أخرى كثيرة وكذا لشجرته كما لا يخفى على من راجع كتب الطب وما أشبه شجرته بمؤثر على نفسه وبكريم يفعل ولا يقول. وأما الزيتون فهو إدام ودواء وفاكهة فيما قيل ، وقالوا إن المكلس منه لا شيء مثله

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 395
في الهضم والتسمين وتقوية الأعضاء ويكفيه فضلا دهنه الذي عم الاصطباح به في المساجد ونحوها مع ما فيه من المنافع كتحسين الألوان وتصفية الأخلاط وشد الأعصاب وكفتح السدد وإخراج الدود والإدرار وتفتيت الحصى وإصلاح الكلى شربا بالماء الحار وكقلع البياض وتقوية البصر اكتحالا إلى غير ذلك ، وشجرته من الشجرة المباركة المشهود لها في التنزيل وإذا تتبعت خواص أجزائها ظهر لك أنها أجدى من تفاريق العصا. وعن معاذ بن جبل أنه مر بشجرة زيتون فأخذ منها سواكا فاستاك به وقال : سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم يقول : «نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة يطيب الفم ويذهب بالحفرة». وسمعته عليه الصلاة والسلام يقول : «هو سواكي وسواك الأنبياء عليهم السلام قبلي».
وقال بعضهم : إن تفسيرهما بما ذكر هو الصحيح وكأن المراد عليه تين تلك الأماكن المقدسة وزيتونها ، والغرض من القسم بتلك الأشياء الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة ، ويرجع إلى القسم بالأرض المباركة وبالبلد الأمين ، وفيه رمز إلى فضل البلد كما يشعر به كلام صاحب الكشاف وبيّن ذلك في الكشف بقوله :
وذلك أنه فصل بركتي الأرض المقدسة الدنيوية والدينية بذكر الشجرتين أو تمرتيهما ، والطور الذي نودي منه موسى عليه السلام وناب المجموع مناب والأرض المباركة على سبيل الكناية ، فظهر التناسب في العطف على وجه بين إذ عطف البلد على مجموع الثلاثة لأنها كالفرد بهذا الاعتبار كأنه قيل : والأرض التي باركنا فيها دينا ودنيا ، والبلد الآمن من دخله في الدارين وذلك بركة يتضاءل دونها كل بركة ، ويتضمن ذلك أن شرف تلك البقاع بمناجاة موسى عليه السلام ربه عز وجل أياما معدودة ، وكم نوجيت في البلد الأمين ثم قال : والحمل على الظاهر أريد «1» المنابت أو الشجر أن يفوته المناسبة بين الأولين والبلد الأمين لأن مناسبة طور سينين للبلد غير مناسبته لهما ، والكلام مسوق للأول انتهى فتأمل فإنه دقيق. وأيّا ما كان فجواب القسم قوله تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إلخ وأريد بالإنسان الجنس فهو شامل للمؤمن والكافر لا مخصوص بالثاني ، واستدل عليه بصحة الاستثناء وأن الأصل فيه الاتصال. وقوله تعالى فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ في موضع الحال من الإنسان أي كائنا في تقويم أحسن تقويم والتقويم التثقيف والتعديل وهو فعل اللّه عز وجل ، فمعنى كون الإنسان كائنا في ذلك على ما قيل إنه ملتبس به نظير قولك فلان في رضا زيد بمعنى أنه مرضي عنه. وقال الخفاجي : هو مؤول بمعنى القوام أو المقوم ، وفيه مضاف مقدر أي قوام أحسن تقويم أو في زائدة وما بعدها في موضع المفعول المطلق وقد ناب فيه عن المصدر صفته. والتقدير قومناه تقويما أحسن تقويم والمراد بذلك جعله على أحسن ما يكون صورة ومعنى فيشمل ما له من انتصاب القامة وحسن الصورة والإحساس وجودة العقل وغير ذلك.
ومن أمعن نظره في أمره وأجال فكره في دقائق ظاهره وسره رآه كما قال بعض الأجلّة مجمع الغيب والشهادة ومطلع نيري فلكي الإفادة والاستفادة والنسخة الجامعة لما في رسائل إخوان الصفا وسائر المتون والشارح بطور طروس العجائب الإلهية المودعة فيه لما كان وسيكون وظهر له صدق ما قيل ونسب لعلي كرم اللّه تعالى وجهه :
دواؤك فيك ولا تشعر وداؤك منك وما تبصر
وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
ومما يدل على أحسنية تقويمه أن اللّه تعالى رسم فيه من الصفات ما تذكره صفاته عز وجل وتدلّه عليها فجعله عالما مريدا قادرا إلى غير ذلك. وقال تعالى : «تخلقوا بأخلاق اللّه لئلا يتوهم أن ما للسيد على العبد حرام».
ويكفي في هذا الباب وهو القول الفصل أن اللّه تعالى خلقه بيديه وأمر سبحانه ملائكته عليهم السلام بالسجود له وهم المكرمون
___________
(1) قوله والحمل على إلخ كذا في النسخ ولعله على الظاهر إذا أريد أو حيث اه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 396
لديه. وجاء أن اللّه تعالى خلق آدم على صورته
وفي رواية على صورة الرحمن
وهي تأبى احتمال عود الضمير على آدم على معنى خلقه غير متنقل في الأطوار كبنيه ولكونه النسخة الجامعة. قال يحيى بن معاذ الرازي : من عرف نفسه فقد عرف ربه. والناس يزعمونه حديثا وليس كما قال النووي بثابت. وعن يحيى بن أكثم وبعض الحنفية أنهما أفتيا من قال لزوجته : إن لم تكوني أحسن من القمر فأنت طالق بعدم وقوع الطلاق ، واستدلا بهذه الآية في قصة مشهورة. وللشعراء في تفضيل معشوقهم على القمر ليلة تمه ما يضيق عنه نطاق الحصر والحق أن الفرق مثل الصبح ظاهر. وثم في قوله تعالى ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ للتراخي الزماني أو الرتبي والرد إما بمعنى الجعل فينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر كما في قوله :
فرد شعورهن السود بيضا ورد وجوههن البيض سودا
فأسفل مفعول ثان له هنا والمعنى ثم جعلناه من أهل النار الذين هم أقبح من كل قبيح ، وأسفل من كل سافل خلقا وتركيبا لعدم جريه على موجب ما خلقناه عليه من الصفات. وجوز أن يكون المراد بالرد تغيير الحال فهو متعد لواحدة. وأَسْفَلَ حال من المفعول أي رددناه حال كونه أقبح من قبح صورة وأشوهه خلقة وهم أصحاب النار ، وأن يكون الرد بمعناه المعروف وأَسْفَلَ منصوب بنزع الخافض وجعل الأسفل عليه صفة لمكان. وأريد بالسافلين الأمكنة السافلة أي رددناه إلى مكان أسفل الأمكنة السافلة وهو جهنم أو الدرك الأسفل من النار ، ويعكر على هذا جمعها جمع العقلاء وكونه للفاصلة أو التنزيل منزلة العقلاء ليس مما يهتش له. ولعل الأولى على ذلك أن يراد إلى أسفل من سفل من أهل الدركات. وقال عكرمة والضحاك والنخعي وقتادة في رواية : المراد بذلك رده إلى الهرم وضعف القوى الظاهرة والباطنة أي ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتحسين أسفل من سفل في حسن الصورة والشكل حيث نكسناه في خلقه فقوس ظهره بعد اعتداله ، وابيض شعره بعد سواده ، وتشنن جلده وكان بضا ، وكلّ سمعه وبصره وكانا حديدين ، وتغير كل شيء منه فمشيه دليف وصوته خفات وقوته ضعف وشهامته خرف. والآية على هذا نظير قوله تعالى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [النحل : 70 ، الحج : 5] وقوله سبحانه وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ [يس : 68] وهو باعتبار الجنس فلا يلزم أن يكون كل الإنسان. كذلك.
وفي إعراب أَسْفَلَ قيل الأوجه السابقة والأوجه منه غير خفي ثم المتبادر من السياق الإشارة إلى حال الكافر يوم القيامة وأنه يكون على أقبح صورة وأبشعها بعد أن كان على أحسن صورة وأبدعها لعدم شكره تلك النعمة ، وعمله بموجبها وإرادة ما ذكر لا يلائمه ومن هنا قيل : إنه خلاف الظاهر والظاهر ما لاءم ذلك كما هو المروي عن الحسن ومجاهد وأبي العالية وابن زيد وقتادة أيضا.
وقرأ عبد اللّه «السافلين» مقرونا بأل.
وقوله تعالى إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ على ما تقدم استثناء متصل من ضمير رددناه العائد على الإنسان فإنه في معنى الجمع فالمؤمنون لا يردون أسفل سافلين يوم القيامة ولا تقبح صورهم بل يزدادون بهجة إلى بهجتهم وحسنا إلى حسنهم. وقوله تعالى فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ أي غير مقطوع أو غير ممنون به عليهم مقرر لما يفيده الاستثناء من خروجهم عن حكم الردّ ومبين لكيفية حالهم وعلى الأخير الاستثناء منقطع والموصول مبتدأ وجملة لهم أَجْرٌ خبره والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط والكلام على معنى الاستدراك كأنه قيل : لكن الذين آمنوا لهم أجر إلخ. وهو لدفع ما يتوهم من أن التساوي في أرذل العمر يقتضي التساوي في غيره فلا يرد أنه كيف يكون منقطعا ، والمؤمنون داخلون في المردودين إلى أرذل العمر غير مخالفين لغيرهم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 397
في الحكم. وقال بعض المحققين : الانقطاع لأنه لم يقصد إخراجهم من الحكم وهو مدار الاتصال والانقطاع كما صرح به في الأصول لا الخروج والدخول فلا تغفل. وحمل غير واحد هؤلاء المؤمنين على الصالحين من الهرمى كأنه قيل : لكن الذين كانوا صالحين من الهرمى لهم ثواب دائم غير منقطع أو غير ممنون به عليهم لصبرهم على ما ابتلوا به من الهرم والشيخوخة المانعين إياهم عن النهوض لأداء وظائفهم من العبادة.
أخرج أحمد والبخاري وابن حبان عن أبي موسى قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «إذا مرض العبد أو سافر كتب اللّه تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما»
. وفي رواية عنه ثم قرأ صلّى اللّه عليه وسلم فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ
أخرج الطبراني عن شداد بن أوس قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول : «إن اللّه تبارك وتعالى يقول إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه كيقوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب عز وجل إني أنا قيدت عبدي هذا وابتليته فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك».
وهو صحيح. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال في الآية : إذا كبر العبد وضعف عن العمل كتب له أجر ما كان يعمل في شبيبته ، ومن الناس من حملهم على قراء القرآن وجعل الاستثناء متصلا مخرجا لهم عن حكم الرد إلى أرذل العمر بناء على ما أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن الحبر قال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر وذلك قوله تعالى ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا قال : إلا الذين قرؤوا القرآن. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة نحوه وفيه أنه لا ينزل تلك المنزلة يعني الهرم كي لا يعلم من بعد علم شيئا أحد من قراء القرآن ولا يخفى أن تخصيص الَّذِينَ آمَنُوا بما خصص به خلاف الظاهر. وفي كون أحد من القراء لا يرد إلى أرذل العمر توقف فليتتبع.
والخطاب في قوله تعالى فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ عند الجمهور للإنسان على طريقة الالتفات لتشديد التوبيخ والتبكيت ، والفاء لتفريع التوبيخ عن البيان السابق ، والباء للسببية. والمراد بالدين الجزاء بعد البعث أي فما يجعلك كاذبا بسبب الجزاء وإنكاره بعد هذا الدليل ، والمعنى أن خلق الإنسان من نطفة وتقويمه على وجه يبهر الأذهان ويضيق عنه نطاق البيان أو هذا مع تحويله من حال إلى حال من أوضح الدلائل على قدرة اللّه عز وجل على البعث والجزاء فأي شيء يضطرك أيها الإنسان بعد هذا الدليل القاطع إلى أن تكون كاذبا بسبب تكذيبه ، فإن كل مكذب بالحق فهو كاذب. وقال قتادة والأخفش والفراء : الخطاب للرسول صلّى اللّه عليه وسلم أي فأي شيء يكذبك بالجزاء بعد ظهور دليله ، وهو من باب الإلهاب والتعريض بالمكذبين أي أنه لا يكذبك شيء ما بعد هذا البيان بالجزاء لا كهؤلاء الذين لا يبالون بآيات اللّه تعالى ولا يرفعون بها رأسا فالاستفهام لنفي التكذيب وإفادة أنه عليه الصلاة والسلام لاستمرار الدلائل وتعاضدها مستمر على ما هو عليه من عدم التكذيب. وفيه من اللطف ما ليس في الأول. وجوز على هذا الوجه كون الباء بمعنى في وكونها للسببية وتقدير مضاف عليهما والمعنى أي شيء ينسبك إلى الكذب في إخبارك بالجزاء أو بسبب إخبارك به بعد هذا الدليل ، وكونها صلة التكذيب والدين بمعناه والمعنى أي شيء يجعلك مكذبا بدين الإسلام ، وروي هذا عن مجاهد وقتادة والاستفهام على ما سمعت وجوز كون الدين بمعناه على الوجه الأول أيضا وبعض من ذهب إلى كون الخطاب لسيد المخاطبين صلّى اللّه عليه وسلم جعل ما بمعنى من لأن المعنى عليه أظهر ، وضعف بأنه خلاف المعروف في ما فلا ينبغي ارتكابه مع صحة بقائها على المعروف فيها.
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ أي أليس الذي فعل ما ذكر بأحكم الحاكمين صنعا وتدبيرا حتى يتوهم عدم الإعادة والجزاء وحيث استحال عدم كونه سبحانه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 398
أحكم الحاكمين تعين الإعادة والجزاء. والجملة تقرير لما قبلها وقيل الحكم بمعنى القضاء فهي وعيد للكفار وأنه عز وجل يحكم عليهم بما هم أهله من العذاب وأيّا ما كان فالاستفهام على ما قيل تقرير بما بعد النفي ويدل على ذلك ما
أخرجه الترمذي وأبو داود وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى قوله تعالى أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين»
. وجاء في بعض الروايات «أنه صلّى اللّه عليه وسلم كان يقول إذا أتى على هذه الآية : سبحانك فبلى»
وقد تقدم ما يتعلق بهذا في تفسير سورة لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ [القيامة : 1] فتذكر.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 399
سورة العلق
وتسمى سورة اقرأ ، لا خلاف في مكيتها وإنما الخلاف في عدد آيها ففي الحجازي عشرون آية ، وفي العراقي تسع عشرة ، وفي الشامي ثماني عشرة ، وفي أنها أول نازل أو لا فذهب كثير إلى أنها أول نازل ، فقد أخرج الطبراني في الكبير بسنده على شرط الصحيح عن أبي رجاء العطاردي قال : كان أبو موسى الأشعري يقرئنا فيجلسنا حلقا عليه ثوبان أبيضان فإذا تلا هذه السورة اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق : 1] قال : هذه أول سورة أنزلت على محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم. وقد أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل وصححاه عن عائشة نحوه. وأخرج غير واحد عن مجاهد قال : أول ما نزل من القرآن اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ثم ن وَالْقَلَمِ [القلم : 1] وروى الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : سألت جابر بن عبد اللّه أي القرآن أنزل أولا؟
قال : يا أيها المدثر ، قلت : يقولون اقرأ باسم ربك قال : أحدثكم بما حدثنا به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم
، فساق الحديث مستدلا به على ما ادعاه وأجاب عنه الأولون بعدة أجوبة مر ذكرها وقيل الفاتحة. واحتج له بحديث مرسل رجاله ثقات أخرجه البيهقي في الدلائل والواحدي من طريق يونس بن بكير عن يونس بن عمر عن أبيه عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ، وأجيب عنه بأن ما فيه يحتمل أن يكون خبرا عما نزل بعد اقرأ ويا أيها المدثر ، مع أن غيره أقوى منه رواية وجزم جابر بن زيد بأن أول ما نزل اقرأ ، ثم ن ، ثم يا أيها المزمل ، ثم يا أيها المدثر ، ثم الفاتحة. وقيل أول ما نزل صدرها إلى ما لم يعلم في غار حراء ثم نزل آخرها بعد ذلك بما شاء اللّه تعالى وهو ظاهر ما
أخرجه الإمام أحمد والشيخان وعبد بن حميد وعبد الرزاق وغيرهم من طريق ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة في حديث بدء الوحي ، وفيه : «فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ» فرجع بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ترجف بوادره إلى أن قالت : ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي
، وفي آخر ما رووا قال ابن شهاب : وأخبرني أبو سلمة عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه : «بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت ، فقلت : زملوني زملوني ، فأنزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر : 1 - 5] فحمي الوحي وتتابع».
ويعلم منه ضعف الاستدلال على كون سورة المدثر أول نازل من القرآن على الإطلاق بما روي أولا عن جابر المذكور كما لا يخفى على الواقف عليه ، وقد ذكرناه صدر الكلام في سورة المدثر لقوله فيه وهو يحدث عن فترة الوحي وقوله : «فإذا الملك الذي جاءني بحراء»
وقوله «فحمي الوحي وتتابع»
أي بعد فترته

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 400
وبالجملة الصحيح كما قال البعض وهو الذي أختاره أن صدر هذه السورة الكريمة هو أول ما نزل من القرآن على الإطلاق كيف وقد ورد حديث بدء الوحي المروي عن عائشة من أصح الأحاديث وفيه فجاءه الملك فقال اقرأ فقال قلت «ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد»
إلخ. والظاهر أن ما فيه نافية بل قال النووي هو الصواب وذلك إنما يتصور أولا وإلّا لكان الامتناع من أشد المعاصي ويطابقه ما ذكره الأئمة في باب تأخير البيان وسنشير إليه إن شاء اللّه تعالى. وفي الكشف الوجه حمل قول جابر على السورة الكاملة وفي شرح صحيح مسلم الصواب أن أول ما نزل اقْرَأْ أي مطلقا ، وأول ما نزل بعد فترة الوحي يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ وأما قول من قال من المفسرين أول ما نزل الفاتحة فبطلانه أظهر من أن يذكر انتهى. وتمام الكلام في هذا المقام يطلب من محله واللّه تعالى أعلم. ولما ذكر سبحانه في سورة التين خلق الإنسان في أحسن تقويم بيّن عز وجل هنا أنه تعالى خلق الإنسان من علق فكان ما تقدم كالبيان للعلة الصورية ، وهذا كالبيان للعلة المادية. وذكر سبحانه هنا أيضا من أحواله في الآخرة ما هو أبسط مما ذكره عز وجل هناك فقال سبحانه وتعالى :
[سورة العلق (96) : الآيات 1 إلى 19]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)
عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (7) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (9)
عَبْداً إِذا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (14)
كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (18) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ أي ما يوحى إليك من القرآن فالمفعول مقدّر بقرينة المقام كما قيل وليس الفعل منزلا منزلة اللازم ولا أن مفعوله قوله تعالى بِاسْمِ رَبِّكَ على أن الباء زائدة كما قال أبو عبيدة وزعم أن المعنى اذكر ربك ، بل هي أصلية ومعناها الملابسة وهي متعلقة بما عندها أو بمحذوف وقع حالا كما روي عن قتادة. والمعنى اقْرَأْ مبتدئا أو مفتتحا بِاسْمِ رَبِّكَ أي قل بسم اللّه ثم اقرأ وهو ظاهر في أنه لو افتتح بغير اسمه عز وجل لم يكن ممتثلا ، واستدل بذلك على أن البسملة جزء من كل سورة وفيه بحث وكذا الاستدلال به على أنها ليست من القرآن للمقابلة إذ لقائل أن يقول إنها تخصص القرآن المقدر مفعولا بغيرها. وبعضهم استدل على أنها ليست بقرآن في أوائل السور بأنها لم تذكر فيما صح من أخبار بدء الوحي الحاكية لكيفية نزول هذه الآيات كذا أفاده النووي عليه الرحمة ، ثم قال : وجواب المثبتين أنها لم تنزل أولا بل نزلت في وقت آخر كما نزل باقي السورة كذلك وهذا خلاف ما أخرج الواحدي عن عكرمة والحسن أنهما قالا : أول ما نزل من القرآنبسم اللّه الرحمن الرحيم
، وأول سورة اقرأ. وكذا خلاف ما
أخرجه ابن جرير وغيره من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه قال : أول ما نزل جبريل عليه السلام على النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : يا محمد استعذ. ثم قلبسم اللّه الرحمن الرحيم
، وقد عد القول بأنها أول ما نزل أحد الأقوال في تعيين أول منزل من القرآن
. وقال الجلال السيوطي : إن هذا القول لا يعد عندي قولا برأسه فإنه من ضرورة نزول السورة نزول

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 401
البسملة معها فهي أول آية نزلت على الإطلاق وفيه منع ظاهر كما لا يخفى. وجوز كون الباء للاستعانة متعلقة بما عندها أو بمحذوف وقع حالا ورجحت الملابسة بسلامتها عن إيهام كون اسمه تعالى آلة لغيره وقد تقدم ما يتعلق بذلك أول الكتاب. ثم إنه ليس في الأمر المذكور تكليف بما لا يطاق سواء دل الأمر على الفور أم لا لأنه صلّى اللّه عليه وسلم علم أن ما أوحى قرآن فهو المكلف بقراءته عليه الصلاة والسلام ولا محذور في كون اقرأ إلخ مأمورا بقراءته لصدق المأمور بقراءته عليه ، وهذا كما تقول لشخص : اسمع ما أقول لك ، فإنه مأمور بسماع هذا اللفظ أيضا. وقد ذكر جمع من الأصوليين أن هذا بيان للمأمور به في قول جبريل عليه السلام اقْرَأْ المذكور في حديث بدء الوحي المتفق عليه. قال الآمدي عند ذكر أدلة جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب الذي ذهب إليه جماعة من الحنفية وغيرهم : ومن الأدلة ما
روي أن جبريل عليه السلام قال للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلم اقْرَأْ قال : «وما اقرأ»؟ كرر عليه ثلاث مرات ثم قال له اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
فأخر بيان ما أمره به أولا مع إجماله إلى ما بعد ثلاث مرات من أمر جبريل عليه السلام وسؤال النبي صلّى اللّه عليه وسلم مع إمكان بيانه أولا وذلك دليل جواز التأخير إلى آخر ما قال سؤالا وجوابا لا يتعلق بهما غرضنا ، ولا يخفى أن يكون هذا بيانا للمراد على الوجه الذي ذكرناه ظاهر وكونه كذلك بجعل اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ إلى آخر ما نزل أو بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ إلخ ما ادعاه الجلال معمولا لاقرأ المكرر في كلام جبريل عليه السلام مما لا أظن أن أصوليا يقول به ، ومثله كونه كذلك بحمل الآية على ما سمعت عن أبي عبيدة. وأما بناء الاستدلال على ما
في بعض الآثار من أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم وهو بحراء بنمط من ديباج مكتوب فيه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ - إلى - ما لَمْ يَعْلَمْ فقال له : اقرأ فقال عليه الصلاة السلام «ما أنا بقارئ» قال : اقرأ باسم ربك
بأن يكون اقرأ إلخ بيانا وتلاوة من جبريل عليه السلام لما في النمط المنزل لعدم العلم بما فيه وإن كان مشاهدا منزلة المجمل الغير المعلوم فلا يخفى حاله فتأمل. ثم إن في كلام الآمدي من حيث رواية الخبر ما فيه فلا تغفل. والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التربية والتبليغ إلى الكمال اللائق شيئا فشيئا مع الإضافة إلى ضميره صلّى اللّه عليه وسلم للإشعار بتبليغه عليه الصلاة والسلام إلى الغاية القاصية من الكمالات البشرية بإنزال الوحي المتواتر.
ووصف الرب بقوله تعالى الَّذِي خَلَقَ لتذكيره عليه الصلاة والسلام أول النعماء الفائضة عليه صلّى اللّه عليه وسلم منه سبحانه مع ما في ذلك من التنبيه على قدرته تعالى على تعليم القراءة بألطف وجه ، وقيل : لتأكيد عدم إرادة غيره تعالى من الرب فإن العرب كانت تسمي الأصنام أربابا لكنهم لا ينسبون الخلق إليها والفعل إما منزل اللازم أي الذي له الخلق ، أو مقدر مفعوله عاما أي الذي خلق كل شيء. والأول يفيد العموم أيضا فعلى الوجهين يكون وجه تخصيص الإنسان بالذكر في قوله تعالى خَلَقَ الْإِنْسانَ أنه أشرف المخلوقات وفيه من بدائع الصنع والتدبير ما فيه فهو أدل على وجوب العبادة المقصودة من القراءة مع أن التنزيل إليه ، ويجوز أن يراد خلق الإنسان إلّا أنه لم يذكر أولا وذكر ثانيا قصدا لتفخيمه بالإبهام ثم التفسير. وعن الزمخشري أن المناسب أن يراد خلق الإنسان بعد الأمر بقراءة القرآن تنبيها على أنه تعالى خلقه للقراءة والدراية كما أن ذكر خلق الإنسان عقيب تعليم القرآن أول سورة الرحمن لنحو ذلك. وقوله تعالى مِنْ عَلَقٍ أي دم جامد لبيان كمال قدرته تعالى بإظهار ما بين حالتيه الأولى والآخرة من التباين البين ، وأتى به دالا على الجمع لأن الإنسان مراد به الجنس فهو في معنى الجمع فأتى بما خلق منه كذلك ليطابقه مع ما في ذلك من رعاية الفواصل ، ولعله على ما قيل السر في تخصيص هذا الطور من بين سائر أطوار الفطرة الإنسانية من كون النطفة والتراب

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 402
أدل على كمال القدرة لكونهما أبعد منه بالنسبة إلى الإنسانية. وفي البحر لم يذكر سبحانه مادة الأصل آدم يعني آدم عليه السلام وهو التراب لأن خلقه من ذلك لم يكن متقررا عند الكفار فذكر مادة الفرع وخلقه منها وترك مادة أصل الخلقة تقريبا لإفهامهم وهو على ما فيه لا يحسم مادة السؤال. وقيل : خص هذا الطور تذكيرا له عليه الصلاة والسلام لما وقع من شرح الصدر قبل النبوة وإخراج العلق منه ليتهيأ تهيئا تاما لما يكون له بعد فكأنه قيل الذي خلق الإنسان من جنس ما أخرجه من صدرك الشريف ليهيئك بذلك لمثل ما يلقى إليك الآن وبهذا تقوى مناسبة هذه السورة لسورة الشرح قبلها أتم مناسبة لا سيما على تفسير الشرح بالشق فتدبره. ومن الناس من زعم أن المراد بالإنسان آدم عليه السلام وأن المعنى خلق آدم من طين يعلق باليد وهو مما لا تعلق به يد القبول ، ولما كان خلق الإنسان أول النعم الفائضة عليه منه تعالى وأقدم الدلائل الدالّة على وجوده عز وجل وكمال قدرته وعلمه وحكمته سبحانه وصف ذاته تعالى بذلك أولا ليستشهد عليه الصلاة والسلام به على تمكينه تعالى له من القراءة.
ثم كرر جل وعلا الأمر بقوله تعالى اقْرَأْ أي افعل ما أمرت به تأكيدا للإيجاب وتمهيدا لما يعقبه من قوله تعالى : وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ إلخ فإنه كلام مستأنف وأراد لإزاحة ما بيّنه صلّى اللّه عليه وسلم من العذر
بقوله عليه السلام لجبريل عليه الصلاة والسلام حين قال له اقرأ فقال : «ما أنا بقارئ»
يريد أن القراءة شأن من يكتب ويقرأ وأنا أمي فقيل وَرَبُّكَ الذي أمرك بالقراءة مفتتحا ومبتدأ باسمه الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ أي علم ما علم بواسطة القلم لا غيره تعالى ، فكما علم سبحانه القارئ بواسطة الكتابة بالقلم يعلمك بدونها. وحقيقة الكرم إعطاء ما ينبغي لا لغرض فهو صفة لا يشاركه تعالى في إطلاقها أحد فافعل للمبالغة وجوز أن لا يكون اقرأ هذا تأكيدا للأول وإنما ذكر ليوصل به ما يزيح العذر. فجملة وَرَبُّكَ إلخ في موضع الحال من الضمير المستتر فيه. وقوله تعالى عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ بدل اشتمال من علم بالقلم أي علمه به وبدونه من الأمور الكلية والجزئية والجلية والخفية ما لم يخطر بباله ، في حذف المفعول أولا وإيراده بعنوان عدم المعلومية ثانيا من الدلالة على كمال قدرته تعالى وكمال كرمه عز وجل والإشعار بأنه تعالى يعلمه عليه الصلاة والسلام من العلوم ما لا يحيط به العقول ما لا يخفى قاله في الإرشاد. وقدر بعضهم مفعول علم الخط وجعل بالقلم متعلقا به وأيد بقراءة ابن الزبير الذي علم الخط بالقلم حيث صرح فيها بذلك وقال الجبائي إن اقْرَأْ الأول أمر بالقراءة لنفسه وقيل مطلقا والثاني أمر بالقراءة للتبليغ ، وقيل في الصلاة المشار إليها فيما بعد. وجملة وَرَبُّكَ إلخ تحتمل الحالية والاستئنافية ، وحاصل المعنى على إرادة القراءة للتبليغ في قول بلغ قومك وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الذي يثيبك على عملك بما يقتضيه كرمه ويقويك على حفظ القرآن لتبلغه. وأولى الأوجه وأظهرها التأكيد وأبعد بعضهم جدا فزعم أن بسم في البسملة متعلق باقرأ الأول ، وباسم ربك متعلق باقرأ الثاني ليفيد التقديم اختصاص اسم اللّه تعالى بالابتداء.
وجوز أيضا أن يبقى باسم اللّه على ما هو المشهور فيه واقرأ أمر بإحداث القراءة وباسم ربك متعلق باقرأ الثاني لذلك ولا يخفى أن الظاهر تعلق باسم ربك بما عنده وتقديم الفعل هاهنا أوقع لأن السورة المذكورة على ما سبق من التصحيح أول سورة نزلت فالقراءة فيها أهم نظرا للمقام. وقيل إنه لو سلم كون غيرها نازلا قبلها لا يضر في حسن تقديم الفعل لأن المعنى كما سمعت عن قتادة اقرأ مفتتحا باسم ربك أي قل باسم اللّه ثم اقرأ فلو افتتح بغير البسملة لم يكن ممتثلا فضلا عن أن يفتتح بما يضادها من أسماء الأصنام ، ولو قدم أفاد معنى آخر وهو أن المطلوب عند القراءة أن يكون الافتتاح باسم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 403
اللّه تعالى لا باسم الأصنام ولا تكون القراءة في نفسها مطلوبة لما علم أن مقتضى التقديم أن يكون أصل الفعل مسلما على ما هو عليه من زمان طلبا كان أو خبرا. وأجاب من علق الجار بالثاني بأن مطلوبية القراءة في نفسها استفيدت من اقرأ الأول فلا تغفل. والظاهر أن المعلم بالقلم غير معين وقيل هو كل نبي كتب. وقال الضحاك هو إدريس عليه السلام وهو أول من خط. وقال كعب : هو آدم عليه السلام وهو أول من كتب. وقد نسبوا لآدم وإدريس عليهما السلام نقوشا مخصوصة في كتابة حروف الهجاء الذي يغلب على الظن عدم صحة ذلك ، وقد أدمج سبحانه وتعالى التنبيه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة ونيل الرتب الفخيمة ولولاه لم يقم دين ولم يصلح عيش ولو لم يكن على دقيق حكمة اللّه تعالى ولطيف تدبيره سبحانه دليل إلّا أمر القلم والخط لكفى به وقد قيل فيه :
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه وأري الجنى اشتارته أيد عواسل
ومما نسبه الزمخشري في ذلك لبعضهم وعنى على ما قيل نفسه :
ورواقم رقش كمثل أراقم قطف الخطى نيالة أقصى المدى
سود القوائم ما يجد مسيرها إلّا إذا لعبت بها بيض المدى
ولهم في هذا الباب كلام فصل يضيق عنه الكتاب ، وظاهر الآثار أن الكتابة في الأمم غير العرب قديمة وفيهم حادثة لا سيما في أهل الحجاز ، وذكر غير واحد أن الكتابة نقلت إليهم من أهل الحيرة وأنهم أخذوها من أهل الأنبار ، وذكر الكلبي والهيثم بن عدي أن الناقل للخط العربي من العراق إلى الحجاز حرب بن أمية وكان قد قدم الحيرة فعاد إلى مكة به ، وأنه قيل لابنه أبي سفيان ممن أخذ أبوك هذا الخط؟ فقال : من أسلم بن أسدرة. وقال : سألت أسلم ممن أخذت هذا الخط؟ فقال : من واضعه مرامر بن مرة. وقيل : كان لحمير كتابة يسمونها المسند منفصلة غير متصلة وكان لها شأن عندهم فلا يتعاطاها إلّا من أذن له في تعلمها ، وأصناف الكتابة كثيرة. وزعم بعضهم أن جل كتابات الأمم اثنا عشر صنفا العربية والحميرية والفارسية والعبرانية واليونانية والرومية والقبطية والبربرية والأندلسية والهندية والصينية والسريانية ولعل هذا إن صح باعتبار الأصول وإلّا فالفروع توشك أن لا يحصيها قلم كما لا يخفى واللّه تعالى أعلم ولم ير بعض العلماء من الأدب وصف غيره تعالى بالأكرم كما يفعله كثير من الناس في رسائلهم فيكتبون إلى فلان الأكرم ومع هذا يعدونه وصفا نازلا ويستهجنونه بالنسبة للملوك ونحوهم من الأكابر وقد يصفون به اليهودي والنصراني ونحوهما مع أنه تعالى يقول وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ فعلى العبد أن يراعي الأدب مع مولاه شاكرا كرمه الذي أولاه.
كَلَّا ردع لمن كفر من جنس الإنسان بنعمة اللّه تعالى عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه وذلك لأن مفتتح السورة إلى هذا المقطع يدل على عظيم منته تعالى على الإنسان فإذا قيل كَلَّا كان ردعا للإنسان الذي قابل تلك النعم الحلائل بالكفران وبالطغيان ، وكذلك التعليل بقوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أي ليتجاوز الحد في المعصية واتباع هوى النفس ويستكبر على ربه عز وجل. وقال الكلبي : أي ليرتفع عن منزلة إلى منزلة في اللباس والطعام وغيرهما وليس بذاك ، وقدر بعضهم بعد قوله تعالى ما لَمْ يَعْلَمْ ليشكر تلك النعم الجليلة فطغى وكفر كَلَّا وقيل كلا بمعنى حقا لعدم ما يتوجه إليه الردع والزجر ظاهرا فقوله سبحانه إِنَّ الْإِنْسانَ إلخ بيان لما أريد إحقاقه وهذا إلى آخر السورة قيل نزل في أبي جهل بعد زمان من نزول الآيات السابقة وهو الظاهر ، ومع نزوله في ذلك اللعين المراد بالإنسان الجنس. وقوله سبحانه أَنْ رَآهُ

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 404
اسْتَغْنى
مفعولا من أجله أي يطغى لأن رأى نفسه مستغنيا على أن جملة اسْتَغْنى مفعول ثان لرأى لأنه بمعنى علم ولذلك ساغ كون فاعله ومفعوله ضميري واحد نحو علمتني فقد قالوا إن ذلك لا يكون في غير أفعال القلوب وفقد وعدم ، وذهب جماعة إلى أن رأى البصرية قد تعطى حكم القلبية في ذلك وجعلوا منه قول عائشة : لقد رأيتنا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وما لنا طعام إلّا الأسودان. وأنشدوا :
ولقد أراني للرماح دريئة من عن يميني تارة وأمامي
فإذا جعلت رأى هنا بصرية فالجملة في موضع الحال ، وتعليل طغيانه برؤيته لا بنفس الاستغناء كما ينبىء عنه قوله تعالى وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ [الشورى : 27] للإيذان بأن مدار طغيانه زعمه الفاسد على الأول ومجرد رؤيته ظاهر الحال من غير روية وتأمل في حقيقته على الثاني ، وعلى الوجهين المراد بالاستغناء الغنى بالمال أعني مقابل الفقر المعروف. وقيل المراد أن رأى نفسه مستغنيا عن ربه سبحانه بعشيرته وأمواله وقوته وهو خلاف الظاهر ، ويبعده ظاهر ما روي أن أبا جهل قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : أتزعم أن من استغنى طغى فاجعل لنا جبال مكة ذهبا وفضة لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك. فنزل جبريل عليه السلام فقال : إن شئت فعلنا ذلك ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة ، فكف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن الدعاء إبقاء عليهم. وقرأ قنبل بخلاف عنه «أن رأه» بحذف الألف التي بعد الهمزة وهي لام الفعل وروى ذلك عنه ابن مجاهد وغلطه فيه وقال : إن ذلك حذف لا يجوز وفي البحر ينبغي أن لا يغلطه بل يتطلب له وجها وقد حذفت الألف في نحو من هذا قال :
وصاني العجاج فيمن وصني يريد وصاني فحذف الألف وهي لام الفعل وقد حذفت في مضارع رأى في قولهم أصاب الناس جهد لو تر أهل مكة ، وهو حذف لا ينقاس لكن إذا صحت الرواية وجب القبول فالقراءات جاءت على لغة العرب قياسها وشاذها. وقوله تعالى إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى
تهديد للطاغي وتحذير له من عاقبة الطغيان ، والخطاب قيل للإنسان والالتفات للتشديد في التهديد وجوز أن يكون الخطاب لسيد المخاطبين صلّى اللّه عليه وسلم. والمراد أيضا تهديد الطاغي وتحذيره ولعله الأظهر نظرا إلى الخطابات قبله والرجعى مصدر بمعنى الرجوع كالبشرى والألف فيها للتأنيث ، وتقديم الجار والمجرور عليه للقصر أي إن إلى ربك رجوع الكل بالموت والبعث لا إلى غيره سبحانه استقلالا أو اشتراكا فترى حينئذ عاقبة الطغيان. وفي هذه الآيات على ما قيل إدماج التنبيه على مذمة المال كما أن في الآيات الأول إدماج التنبيه على مدح العلم وكفى ذلك مرغبا في الدين والعلم ومنفرا عن الدنيا والمال. وقوله تعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى ذكر لبعض آثار الطغيان ووعيد عليها. ولم يختلف المفسرون كما قال ابن عطية في أن العبد المصلي هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والناهي هو اللعين أبو جهل.
فقد أخرج أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم عن أبي هريرة أن أبا جهل حلف باللات والعزى لئن رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يصلي ليطأن على رقبته وليعفرن وجهه ، فأتى رسول اللّه عليه الصلاة والسلام وهو يصلي ليفعل فما فجأهم منه إلّا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، فقيل له : ما لك؟ فقال : إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا» وأنزل اللّه تعالى كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ إلى آخر السورة
. وقول الحسن هو أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة لا يكاد يصح لأنه لا خلاف في أن إسلام سلمان رضي اللّه تعالى عنه كان بالمدنية بعد الهجرة كما أنه لا خلاف في أن السورة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 405
مكية. نعم حكم الآية عام فإن كان ما حكي عن أمية واقعا فحكمها شامل له والصلاة التي أشارت إليها الآية كانت على ما حكى أبو حيان صلاة الظهر ، وحكى أيضا أنها كانت تصلى جماعة وهي أول جماعة أقيمت في الإسلام وأنه كان معه عليه الصلاة والسلام أبو بكر وعلي رضي اللّه تعالى عنهما فمر أبو طالب ومعه ابنه جعفر فقال له : يا بني صل جناح ابن عمك ، وانصرف مسرورا وأنشأ يقول :
إن عليا وجعفرا ثقتي عند ملم الزمان والكرب
واللّه لا أخذل النبي ولا يخذله من يكون من حسبي
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما أخي لأمي من بينهم وأبي
وفي هذا نظر لأن الصلاة فرضت ليلة الإسراء بلا خلاف ، وادعى ابن حزم الإجماع على أنه كان قبل الهجرة بسنة ، وجزم ابن فارس بأنه كان قبلها بسنة وثلاثة أشهر ، وقال السدي بسنة وخمسة أشهر ، وموت أبي طالب كان قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين لأنه كان قبل وفاة خديجة بثلاثة وقيل بخمسة أيام ، وكانت وفاتها بعد البعثة بعشر سنين على الصحيح ، فأبو طالب على هذا لم يدرك فرضية الصلاة. نعم حكى القاضي عياض عن الزهري ورجحه النووي والقرطبي أن الإسراء كان بعد البعث بخمس سنين لكن قيل عليه ما قيل فليراجع.
والنهي قيل بمعنى المنع وعبر به إشارة إلى عدم اقتدار اللعين على غير ذلك. وفي بعض الأخبار ما ظاهره أنه حصل منه نهي لفظي ، فقد أخرج أحمد والترمذي وصححه وغيرهما عن ابن عباس قال : كان النبي صلّى اللّه عليه وسلم يصلي فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا؟ ألم أنهك عن هذا الحديث والتعبير بما يفيد الاستقبال لاستحضار الصورة الماضية لنوع غرابة والرؤية قيل قلبية وكذا في قوله تعالى أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى وقوله عز وجل : أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى والمفعول الأول للأول الموصول وللثاني والثالث محذوف وهو ضمير يعود عليه أو اسم إشارة يشار به إليه ، والمفعول الثاني للثالث قوله سبحانه أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى والأولان متوجهان إليه أيضا وهو مقدر عندهما ، وترك إظهاره اختصارا ونظير ذلك أخبرني عن زيد إن وفدت عليه ، أخبرني عنه إن استخبرته ، أخبرني عنه إن توسلت إليه أما يوجب حقي وليس ذلك من التنازع لأن الجمل لا يصح إضمارها وإنما هو من الطلب المعنوي والحذف في غير التنازع ، وجواب الشرط في الجملتين محذوف لدلالة ألم يعلم عليه ويقدر حسبما تقتضيه الصناعة ، وقيل يدل عليه أَرَأَيْتَ مرادا به ما سيذكر قريبا إن شاء اللّه تعالى ويقدر كذلك ، والكلام عليه أيضا نظير ما مر آنفا ، والضمائر المستترة في كان وما بعد من الأفعال للناهي والمراد من أَرَأَيْتَ أخبرني فإن الرؤية لما كانت سببا للعلم أجرى الاستفهام عنها مجرى الاستخبار عن متعلقها والاستفهام الواقع موقع المفعول الثاني هو متعلق الاستخبار هنا وهذا الإجراء على ما يفهم من كلام بعض الأئمة يكون مع الرؤية البصرية والرؤية القلبية وللنحاة فيه قولان ، والخطاب في الكل على ما اختاره جمع لكل من يصلح أن يكون مخاطبا ممن له مسكة وقيل للإنسان كالخطاب في إِلى رَبِّكَ
وتنوين عَبْداً على ما هو ظاهر كلام البعض للتنكير ، وتقييد النهي بالظرف يشعر بأن النهي عن الصلاة حال التلبس بها وفصل بين الجمل للاعتناء بأمر التشنيع والوعيد حيث أشعر أن كل جملة مقصودة على حيالها فشنع سبحانه على الناهي أولا بنهيه عن الصلاة ، وأوعد عليه مطلقا بقوله تعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي إلخ أي أخبرني يا من له أدنى تمييز أو أيها الإنسان عمن ينهى عن الصلاة بعض عباد اللّه تعالى ألم يعلم بأن اللّه تعالى يرى ويطلع فيجازيه على ذلك النهي. وشنع سبحانه عليه ثانيا بنهيه عن ذلك وأوعده عليه أيضا على تقدير أنه على

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 406
زعمه على هدى ورشد في نفس النهي أو أنه أمر بواسطته بالتقوى لأن النهي عن الشيء أمر بضده أو مستلزم له فقال تعالى شأنه أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ إلخ أي أخبرني عن ذلك الناهي ألم يعلم أن اللّه يطلع فيجازيه إن كان على هدى ورشد في نفس النهي أو كان أمرا بواسطته بالتقوى كما يزعم. وشنع جل شأنه عليه ثالثا بذلك وأوعده عليه أيضا على تقدير أنه في نفس الأمر وفيما يقوله تعالى مكذبا بحقية الصلاة متوليا عنها معرضا عن فعلها بقوله تعالى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ إلخ أي أخبرني عن ذلك الناهي ألم يعلم بأن اللّه تعالى يطلع على أحواله إن كذب بحقية ما نهى عنه وأعرض عن فعله على ما نقوله نحن ، والحاصل أنه تعالى شنع وأوعد على النهي عن الصلاة بدون تعرض لحال الناهي الزعمي أو الحقيقي ، ثم شنع وأوعد جل وعلا عليه مع التعرض لحاله الزعمي ، ثم شنع عز وجل وأوعد عليه مع التعرض لحاله الحقيقي وهذا كالترقي في التشنيع. والجمهور على عدم تقييد ما في حيّز الشرطيتين بما ذكرنا حيث قالوا : إن كان على طريقة سديدة فيما ينهى عنه من عبادة اللّه تعالى أو كان أمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يزعم أو كان مكذبا للحق ومتوليا عن الصواب كما نقول ، وذكر أن الشرط الثاني تكرار للأول لأن معنى الأول أنه ليس على الهدى ، وأوضح بأن إدخال حرف الشرط في الأول لإرخاء العنان صورة والتهكم حقيقة إذ لا يكون في النهي عن عبادته تعالى والأمر بعبادة الأصنام هدى البتة ، وفي الثاني لذلك والتهكم على عكس الأول إذ لا شك أنه مكذب متولّ فما لهما إلى واحد. وقيل : إن الرؤية في الجملة
الأولى بصرية فلا تحتاج إلى مفعول ثان ، وفي الثانية والثالثة قلبية والمفعول الأول على ما تقدم والمفعول الثاني سد مسده الجملة الشرطية الأولى بجوابها وهو في الأخيرة أَلَمْ يَعْلَمْ إلخ لمذكور وفيما قبلها محذوف دل هو عليه ، ولم تعطف الأخيرة على ما قبلها للإيذان باستقلالها بالوقوع في نفس الأمر وباستتباع الوعيد الذي ينطق به الجواب ، وأما قبلها فأمر الشرط فيه ليس إلّا لتوسيع الدائرة وهو السر في تجريده عن الجواب والإحالة به على جواب الشرطية بعده ، والخطاب في الكل لمن يصلح له والتنوين في عَبْداً لتفخيمه عليه الصلاة والسلام واستعظام النهي وتأكيد التعجيب منه والمعنى أخبرني عن ذلك الناهي إن كان على الهدى فيما ينهى عنه من عبادة اللّه تعالى إلخ ما ذكر آنفا ألم يعلم أن اللّه يرى ويطلع على أحواله فيجازيه بها حتى اجترأ على ما فعل. وقيل إن أَرَأَيْتَ في الجمل الثلاث من الرؤية القلبية ، والمفعول الأول للأولى الموصول ، ومفعولها الثاني الجملة الشرطية الأولى بجوابها المحذوف اكتفاء عنه بجواب الشرطية الثانية إذ علم من ضرورة التقابل. وأَ رَأَيْتَ الثانية تكرارا للأولى ، وأَ رَأَيْتَ الثالثة ومفعولها الأول محذوف للقرينة مستقلة لأنها تقابل الأولى للتقابل بين الشرطين يعني قوله تعالى إِنْ كانَ إلخ ، وقوله سبحانه إِنْ كَذَّبَ إلخ.
وفي الإتيان بالجملة الأخيرة من دون العطف ترشيح للكلام المبكت وتنبيه على حقية الشرط ، ولهذا صرح بجوابه ليتمحض وعيدا والخطاب على ما تقدم أولا والكلام من قبيل الكلام المنصف وإرخاء العنان ولذا قيل عَبْداً ولم يقل نبيا مجتبى فكأنه قيل أخبرني يا من له أدنى تمييز عن حال هذا الذي ينهى بعض عباد اللّه تعالى فضلا عن النبي المجتبى عن صلاته إن كان ذلك الناهي على هدى فيما ينهى عنه من عبادة اللّه تعالى أو كان آمرا بالتقوى فيما يأمر به من عبادة الأصنام كما يزعم ، وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولي عن الدين الصحيح كما تقول أَلَمْ يَعْلَمْ إلخ. وقيل أَرَأَيْتَ في الجملتين الثانية والثالثة تكرار للأولى والشرطيتان بجوابهما سادتان مسد المفعول الثاني للأولى ، وأَ لَمْ يَعْلَمْ إلخ جواب الشرط الثاني وجواب الأول محذوف لدلالته عليه ولم يقل أو إن كذب إلخ لأنه ليس بقسيم لما قبله على ما قيل. والمعنى على نحو ما سمعت وأورد على جميع هذه الأقوال أن في تجويز

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 407
الإتيان بالاستفهام في جزاء الشرط من غير الفاء وإن صرح به الزمخشري في كشافه وارتضاه الرضي واستشهد له بقوله تعالى قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ [الأنعام : 47] بحثا لأن ظاهر نقل الزمخشري نفسه في المفصل ونقل غيره وجوب الفاء إذا كان الجزاء جملة إنشائية والاستفهام وإن لم يبق على الحقيقة لم يخرج على ما في الكشف من الإنشاء. وقال أبو حيان : إن وقوع جملة الاستفهام جوابا للشرط بغير فاء لا أعلم أحدا أجازه بل نصوا على وجوب الفاء في كل ما اقتضى طلبا بوجه ما ولا يجوز حذفها إلّا في ضرورة أو شعر. وقال الدماميني في شرح التسهيل : إن جعل هل يهلك جزاء مشكل لعدم اقترانه بالفاء والاقتران بها في مثل ذلك واجب. واعترض أيضا جعل الجملة الشرطية في موضع المفعول الثاني لأرأيت بأن مفعولها الثاني لا يكون إلّا جملة استفهامية كما نص عليه أبو حيان وجماعة ، أو قسمية كما في الإرشاد. وقال الخفاجي : إن جعل الشرطية في موقع المفعول والجملة الاستفهامية في موقع جواب الشرط إما على ظاهره أو على أنهما لدلالتهما على ذلك جعلا كأنهما كذلك لسدهما مسد المفعول والجواب وبما ذكر صرح الرضي والدماميني في شرح التسهيل في باب اسم الإشارة فما قيل من أن المفعول الثاني لأرأيت لا يكون جملة استفهامية مخالف لما صرحوا بأنه مختار سيبويه فلا يلتفت إليه ، ولم يجعلوا فيما ذكر الخطاب للنبي صلّى اللّه عليه وسلم ولا للكافر الناهي لأن السياق مقتض لخروج الناهي والمنهي عن مورد الخطاب. واستظهر في البحر جعله للنبي وجوز غيره جعله للكافر. والمراد تصوير الحال بعنوان كلي وهو كما ترى.
وقيل الضميران في إِنْ كانَ وأَمَرَ للعبد المصلي والضمائر في كَذَّبَ وَتَوَلَّى ويَعْلَمْ للذي ينهى. وحاصل المعنى على ما قال الفراء أرأيت الذي ينهى عبدا يصلي والمنهي على الهدى وآمر بالتقوى والناهي مكذب متول فما أعجب من ذا. والظاهر أن جواب الشرط عليه محذوف وهو فما أعجب من ذا بقرينة أَرَأَيْتَ فإنه يفيد التعجب والرؤية فيه قيل علمية ، والمفعول الثاني محذوف نحو هذا الجواب وقيل بصرية وأَ لَمْ يَعْلَمْ إلخ جملة مستأنفة لتقرير ما قبلها وتأكيده ، وأو تقسيمية بمعنى الواو. وقيل الخطاب في أَرَأَيْتَ الثانية للكافر وفي الثانية للنبي صلّى اللّه عليه وسلم فهو عز وجل كالحاكم الذي حضر الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر أخرى وكأنه سبحانه قال : يا كافر أخبرني إن كانت صلاته هدى ودعاؤه إلى اللّه تعالى أمرا بالتقوى أتنهاه ، وأخبرني أيها الرسول إن كان الناهي مكذبا بالحق متوليا عن الدين الصحيح ألم يعلم بأن اللّه تعالى يجازيه. وسكت هذا القائل عن الخطاب في أَرَأَيْتَ الأول فقيل : لكل من يصلح له وقيل للإنسان ، وقيل للنبي صلّى اللّه عليه وسلم كالخطاب في الثالث. وقوله أتنهاه يحتمل أنه جعله مفعولا لرأيت ، ويحتمل أنه جواب الشرط أو كما في سابقه ولعل ذكر الأمر بالتقوى في الجملة الثانية لأن النهي على ما قيل كان عن الصلاة والأمر بها وكان الظاهر عليه أن يذكر في الجملة الأولى أيضا بأن يقال أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أو أمر بالتقوى لكنه حذف اكتفاء بذكره في الثانية ، واقتصر على ذكر الصلاة ولم يعكس لأن الأمر بالتقوى دعوة قولية ، والصلاة دعوة فعلية والفعل أقوى من القول. وإنما كانت دعوة وأمرا لأن المقتدى به إذا فعل فعلا كان في قوة قوله افعلوا هذا.
وقيل المذكور أولا ليس النهي عن الصلاة بل النهي حين الصلاة وهو محتمل أن يكون لها أو لغيرها ، وعامة أحوال الصلاة لما انحصرت في تكميل نفس المصلي بالعبادة وتكميل غيره بالدعوة فنهيه في تلك الحالة يكون عن الصلاة والدعوة معا فلذا ذكر في الجملة الثانية انتهى. فلا تغفل.
وجوز الإمام كون الخطاب في الكل له عليه الصلاة والسلام وقال في بيان معنى أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 408
إلخ أرأيت إن صار على الهدى واشتغل بأمر نفسه ، أما كان يليق به ذلك إذ هو رجل عاقل ذو ثروة ، فلو اختار الرأي الصائب والاهتداء والأمر بالتقوى أما كان ذلك خيرا له من الكفر باللّه تعالى والنهي عن خدمته سبحانه وطاعته عز وجل؟ كأنه تعالى يقول : تلهف عليه كيف فوت على نفسه المراتب العلية وقنع بالمراتب الردية.
واعتبر عصام الدين هذه الجملة توبيخا على تفويت ما ينفع وما بعدها توبيخا على كسب ما يضر فقال : إن قوله تعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي إلخ استشهاد لطغيان الإنسان إن رآه مستغنيا والرؤية بمعنى الإبصار ، أي أشاهدت الذي ينهى عبدا إذا صلى وعرفت طغيان الإنسان المستغني وأنه لا يكفي بكفرانه ويتجاوز إلى تكليف العبد الذي أرسل للمنع عن الكفران بالكفران. وقوله سبحانه أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ إلخ توبيخ له على فوت ما لا يعلم كنهه بفوت الهدى والأمر بالتقوى ، يعني أعلمت أنه على أي فور إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى وقوله عز وجل أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ إلخ توبيخ له بما كسب من استحقاق العذاب والبعد عن رب الأرباب أي أعلمت أنه على أي عقوبة ومؤاخذة. وقوله تعالى أَلَمْ يَعْلَمْ إلخ تهديد ووعيد شديد بعد التوبيخ على كسب حال الشقي وفوت حال السعيد انتهى. وهو كما ترى فتأمل جميع ما تقدم واللّه تعالى بمراده أعلم. ثم إن الآية وإن نزلت في أبي جهل عليه اللعنة لكن كل من نهى عن الصلاة ومنع منها فهو شريكه في الوعيد ولا يلزم على ذلك المنع عن النهي عن الصلاة في الدار المغصوبة والأوقات المكروهة لأن المنهي عنه في الحقيقة ليس عن الصلاة نفسها بل عن وصفها المقارن وأشهد الاحتياط تحاشي بعضهم عن النهي مطلقا
فروي عن أمير المؤمنين كرم اللّه تعالى وجهه أنه رأى في المصلى أقواما يصلون قبل صلاة العيد ، فقال : ما رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يفعل ذلك ، فقيل له رضي اللّه تعالى عنه : ألا تنهاهم؟ فقال رضي اللّه تعالى عنه : أخشى أن أدخل تحت وعيد قوله تعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى وفي رواية لا أحب أن أنهى عبدا إذا صلى ، ولكن أحدثهم بما رأيت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم
وقد سلك نحو هذا المسلك أبو حنيفة عليه الرحمة فقد روي أن أبا يوسف قال له :
أيقول المصلي حين يرفع رأسه من الركوع اللهم اغفر لي؟ فقال : يقول ربنا لك الحمد ويسجد. ولم يصرح بالنهي ويقاس على النهي عن الصلاة النهي عن غيرها من أنواع العبادة ، ولا فرق بين النهي القالي والنهي الحالي ، ومنه أن يشغل المرء المرء عن ذلك وقد ابتلي به كثير من الناس.
كَلَّا ردع للناهي اللعين وزجر له. واللام في قوله تعالى لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ موطئة للقسم أي واللّه لئن لم ينته عما هو عليه ولم ينزجر لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ أي لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار يوم القيامة والسفع قال المبرد الجذب بشدة وسفع بناصية فرسه جذب. قال عمرو بن معد يكرب :
قوم إذ كثر الصياح رأيتهم ما بين ملجم مهره أو سافع
وقال مؤرج : السفع الأخذ بلغة قريش. والناصية شعر الجبهة وتطلق على مكان الشعر وأل فيها للعهد ، واكتفي بها عن الإضافة وهو معنى كونها عوضا عن المضاف إليه في مثله والكلام كناية عن سحبه إلى النار وقول أبي حيان إنه عبر بالناصية عن جميع الشخص لا يخفى ما فيه وقيل : المراد لنسحبنه على وجهه في الدنيا يوم بدر وفيه بشارة بأنه تعالى يمكن المسلمين من ناصيته حتى يجروه إن لم ينته وقد فعل عز وجل
فقد روي أنه لما نزلت سورة الرحمن قال صلّى اللّه عليه وسلم :
«من يقرؤها على رؤساء قريش»؟ فقام ابن مسعود وقال : أنا يا رسول اللّه ، فلم يأذن له عليه الصلاة والسلام لضعفه وصغر جثته حتى قالها ثلاثا وفي كل مرة كان ابن مسعود يقول : أنا يا رسول اللّه ، فأذن له صلّى اللّه عليه وسلم فأتاهم وهم مجتمعون حول الكعبة فشرع في القراءة فقام أبو جهل فلطمه وشق أذنه وأدماه ، فرجع وعيناه تدمعان فنزل جبريل عليه السلام ضاحكا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 409
فقال له صلّى اللّه عليه وسلم في ذلك ، فقال عليه السلام «ستعلم» فلما كان يوم بدر قال عليه الصلاة والسلام : التمسوا أبا جهل في القتلى فرآه ابن مسعود مصروعا يخور فارتقى على صدره ففتح عينه فعرفه ، فقال : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم ، فقال ابن مسعود : الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. فعالج قطع رأسه فقال اللعين : دونك فاقطعه بسيفي. فقطعه ولم يقدر على حمله فشق أذنه وجعل فيها خيطا وجعل يجره حتى جاء به إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فجاء جبريل عليه السلام يضحك ويقول : يا رسول اللّه أذن بأذن
والرأس زيادة ، وكأن تخصيص الناصية بالذكر لأن اللعين كان شديد الاهتمام بترجيلها وتطييبها ، أو لأن السفع بها غاية الإذلال عند العرب إذ لا يكون إلّا مع مزيد التمكن والاستيلاء ولأن عادتهم ذلك في البهائم. وقرأ محبوب وهارون كلاهما عن أبي عمرو «لنسفعنّ» بالنون الشديدة. وقرأ ابن مسعود «لأسفعن» كذلك مع إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم وحده ، وكتبت النون الخفيفة في قراءة الجمهور ألفا اعتبارا بحال الوقف فإنه يوقف عليها بالألف تشبيها لها بالتنوين وقاعدة الكتابة مبنية على حال الوقف والابتداء ومن ذلك قوله :
ومهما تشأ منه فزارة تمنعا وقوله :
يحسبه الجاهل ما لم يعلما وقوله تعالى ناصِيَةٍ بدل من الناصية وجاز إبدالها عن المعرفة وهي نكرة لأنها وصفت بقوله سبحانه كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ فاستقلت بالإفادة وقد ذكر البصريون أنه يشترط لإبدال النكرة من المعرفة الإفادة لا غير ، ومذهب الكوفيين أنها تبدل منها بشرطين اتحاد اللفظ ووصف النكرة وليشمل بظاهره كل ناصية هذه صفتها وهذا مما يتأتى على سائر المذاهب ، ووصف الناصية بما ذكر مع أنه صفة صاحبها للمبالغة حيث يدل على وصفه بالكذب والخطأ بطريق الأولى ، ويفيد أنه لشدة كذبه وخطئه كأن كل جزء من أجزائه يكذب ويخطأ وهو كقوله تعالى تَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ [النحل : 116] وقولهم وجهها يصف الجمال. فالإسناد مجازي من إسناد ما للكل إلى الجزء ، وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة وزيد بن علي «ناصية كاذبة خاطئة» بنصب الثلاثة على الشتم والكسائي في رواية برفعها أي هي ناصية إلخ فَلْيَدْعُ نادِيَهُ النادي المجلس الذي ينتدي فيه القوم أي يجتمعون للحديث ويجمع على أندية ، والكلام على تقدير المضاف أي فليدع أهل ناديه أو الإسناد فيه مجازي أو أطلق اسم المحل على من حل فيه ومثله في هذا المجلس ونحوه كما قال جرير أو ذو الرمة :
لهم مجلس صهب السبال أذلة سواسية أحرارها وعبيدها
وقال زهير :
وفيهم مقامات حسان وجوههم وأندية ينتابها القول والفعل
وهذا إشارة إلى ما صح من أن أبا جهل مر برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وهو يصلي فقال : ألم أنهك فأغلظ عليه الصلاة والسلام له ، فقال : أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا والأمر على ما في البحر للتعجيز والإشارة إلى أنه لا يقدر على شيء سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ أي ملائكة العذاب ليجروه إلى النار وهو في الأصل الشرط أي أعوان الولاة. واختلف فيه فقيل جمع لا واحد له من لفظه كعباديد. وقال أبو عبيدة : واحده زبنية - بكسر فسكون - كعفرية. وقال الكسائي : واحده زبنى - بالكسر - كأنه نسب إلى الزبن - بالفتح - وهو الدفع ثم غير للنسب ، وكسر أوله كإنسي وأصل الجمع زبانى فقيل زبانية بحذف إحدى ياءيه وتعويض التاء عنها. وقال عيسى بن عمر والأخفش واحده زابن والعرب قد تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه وإن لم يكن من أعوان الولاة ومنه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 410
قوله :
مطاعم في القصوى مطاعين في الوغى زبانية غلب عظام حلومها
وسمي ملائكة العذاب بذلك لدفعهم من يعذبونه إلى النار. وهذا الدعاء في الدنيا بناء على ما روي من أنه لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عيانا والظاهر أن سَنَدْعُ مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم ورسم في المصاحف بدون واو لاتباع الرسم للفظ فإنها محذوفة فيه عن الوصل لالتقاء الساكنين أو لمشاكلة فَلْيَدْعُ وقيل إنه مجزوم في جواب الأمر وفيه نظر. وقرأ ابن أبي عبلة «سيدعى» الزبانية بالبناء للمفعول ورفع «الزبانية» كَلَّا ردع لذلك اللعين بعد ردع وزجر له إثر زجر لا تُطِعْهُ أي دم على ما أنت عليه من معاصاته وَاسْجُدْ وواظب غير مكترث به على سجودك وهو على ظاهره أو مجاز عن الصلاة وَاقْتَرِبْ وتقرب بذلك إلى ربك. وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعا : «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء»
. وفي الصحيح وغيره أيضا من حديث ثوبان مرفوعا : «عليك بكثرة السجود فإنه لا تسجد للّه تعالى سجدة إلّا رفعك اللّه تعالى بها درجة وحط عنك بها خطيئة»
. ولهذه الأخبار ونحوها ذهب غير واحد إلى أن السجود أفضل أركان الصلاة ، ومن الغريب أن العز بن عبد السلام من أجلّة أئمة الشافعية قال بوجوب الدعاء فيه وفي البحر ثبت في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام سجد في إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ
[الانشقاق :
1] وفي هذه السورة وهي من العزائم عند علي كرم اللّه تعالى وجهه ، وكان مالك يسجد فيها في خاصة نفسه واللّه تعالى الموفق.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 411
سورة القدر
قال أبو حيان مدنية في قول الأكثر ، وحكى الماوردي عكسه ، وذكر الواحدي أنها أول سورة نزلت بالمدينة. وقال الجلال في الإتقان : فيها قولان والأكثر على أنها مكية ، ويستدل لكونها مدنية بما
أخرجه الترمذي والحاكم عن الحسن بن علي رضي اللّه تعالى عنهما أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أري بني أمية على منبره فساءه ذلك. فنزلت إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر : 1] ونزلت إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر : 1] الحديث
وهو كما قال المزني حديث منكر انتهى. وقد أخرج الجلال هذا الحديث في الدر المنثور عن ابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل أيضا من رواية يوسف بن سعد ، وذكر فيه أن الترمذي أخرجه وضعفه ، وأن الخطيب أخرج عن ابن عباس نحوه وكذا
عن ابن المسيب بلفظ قال نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «أريت بني أمية يصعدون منبري فشق ذلك عليّ» فأنزلت إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
ففي قول المزني هو منكر تردد عندي وأيّا ما كان فقد استشكل وجه دلالته على كون السورة مدنية وأجيب بأنه يحتمل أن يكون ذلك لقوله فيه على منبره.
والظاهر أن يكون المنبر موجودا زمن الرؤيا وهو لم يتخذ إلّا في المدينة وآيها ست في المكي والشامي وخمس فيما عداهما. وجاء في حديث أخرجه محمد بن نصر عن أنس مرفوعا «أنها تعدل ربع القرآن»
وذكر غير واحد من الشافعية أنه يسن قراءتها بعد الوضوء. وقال بعض أئمتهم ثلاثا ووجه مناسبتها قبلها أنها كالتعليل للأمر بقراءة القرآن المتقدم فيه كأنه قيل : اقرأ القرآن لأن قدره عظيم وشأنه فخيم. وقال الخطابي : المراد بالكتابة في قوله تعالى فيها إِنَّا أَنْزَلْناهُ الإشارة إلى قوله تعالى اقْرَأْ [العلق : 1] ولذا وضعت بعد وارتضاه القاضي أبو بكر بن العربي وقال : هذا بديع جدا والظاهر أنه أراد أن الضمير المنصوب. في ذاك لاقرأ إلخ على ما ستسمعه إن شاء اللّه تعالى. وكونه أراد أنه للمقروء المفهوم من اقرأ فيكون في معنى رجوعه للقرآن خلاف الظاهر فلا تغفل.
[سورة القدر (97) : الآيات 1 إلى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ الضمير عند الجمهور للقرآن وادعى الإمام فيه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 412
إجماع المفسرين وكأنه لم يعتد بقول من قال منهم برجوعه لجبريل عليه السلام أو غيره لضعفه ، قالوا : وفي التعبير عنه بضمير الغائب مع عدم تقدم ذكره تعظيم له أي تعظيم لما أنه يشعر بأنه لعلو شأنه كأنه حاضر عند كل أحد فهو في قوة المذكور وكذا في إسناد إنزاله إلى نون العظمة مرتين وتأكيد الجملة. وأشار الزمخشري إلى إفادة الجملة اختصاص الإنزال به سبحانه بناء على أنها من باب أنا سعيت في حاجتك مما قدم فيه الفاعل المعنوي على الفعل ، وتعقب بأن ما ذكروه في الضمير المنفصل دون المتصل كما في اسم إن هنا نعم الاختصاص يفهم من سياق الكلام. وفيه أنهم لم يصرحوا باشتراط ما ذكر في تفخيم وقت إنزاله بقوله تعالى وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لما فيه من الدلالة على أن علوها خارج عن دائرة دراية الخلق لا يعلم ذلك ولا يعلم به إلّا علام الغيوب كما يشعر به قوله سبحانه لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ فإنه بيان إجمالي لشأنها أثر تشويقه عليه الصلاة والسلام إلى درايتها فإن ذلك معرب عن الوعد بادرائها. وعن سفيان بن عيينة أن كل ما في القرآن من قوله تعالى ما أَدْراكَ [الانفطار : 17 وغيرها] أعلم اللّه تعالى به نبيه صلّى اللّه عليه وسلم وما فيه من قوله سبحانه وَما يُدْرِيكَ [الأحزاب : 63 ، الشورى : 17 ، عبس : 3] لم يعلمه عز وجل به. وقد مر بيان كيفية إعراب الجملتين وفي إظهار ليلة القدر في الموضعين من تأكيد التعظيم والتفخيم ما لا يخفى. والمراد بإنزاله فيها إنزاله كله جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ، فقد صح عن ابن عباس أنه قال : أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى السماء الدنيا وكان بمواقع النجوم. وكان اللّه تعالى ينزله على رسوله صلّى اللّه عليه وسلم بعضه في أثر بعض.
وفي رواية بدل وكان بمواقع إلخ ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ، وفي رواية أخرى عنه أيضا أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء ونزل به جبريل عليه السلام على محمد صلّى اللّه عليه وسلم بجواب كلام العباد وأعمالهم. وفي أخرى أنه أنزل في رمضان ليلة القدر جملة واحدة ثم أنزل على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأيام. وكون النزول بعد في عشرين سنة قول لهم وقال بعضهم وهو الأشهر في ثلاث وعشرين. وقال آخر : في خمس وعشرين وهذا للخلاف في مدة إقامته صلّى اللّه عليه وسلم بمكة بعد البعث. وقال الشعبي : المراد ابتدأنا بإنزاله فيها. والمشهور أن أول ما نزل من الآيات اقْرَأْ وأنه كان نزولها بحراء نهارا.
نعم في البحر روى أن نزول الملك في حراء كان في العشر الأواخر من رمضان ، فإن صح وكان المراد كان ليلا فذاك وإلّا فظاهر كلام الشعبي غير مستقيم اللهم إلّا أن يقال إنه أراد ابتداء إنزاله إلى السماء الدنيا فيها ولا يلزم أن يتحد ذلك ، وابتداء إنزاله عليه صلّى اللّه عليه وسلم في الزمان ثم إن في أَنْزَلْناهُ على ما ذكر تجوزا في الإسناد لأنه أسند فيه ما للجزء إلى الكل أو مجازا الطرف أو تضمينا. وقيل : المراد إنزاله من اللوح إلى السماء الدنيا مفرقا في ليالي قدر على أن المراد بليلة الجنس فقد قيل إن القرآن أنزل إلى السماء الدنيا في عشرين ليلة قدر أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين ، وكان ينزل في كل ليلة ما يقدر اللّه تعالى إنزاله في كل السنة ثم ينزله سبحانه منجما في جميع السنة. وهذا القول ذكره الإمام احتمالا ونقله القرطبي كما قال ابن كثير عن مقاتل لكنه مما لا يعول عليه ، والصحيح المعتمد عليه كما قال ابن حجر في شرح البخاري أنه أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا بل حكى بعضهم الإجماع عليه. نعم لا يبعد القول بأن السفرة هناك نجموه لجبريل عليه السلام في الليالي المذكورة. وأجاب السيد عيسى الصفوي بأنه محذور في ذلك بناء على جواز مثل أتكلم مخبرا به عن التكلم بقولك أتكلم ، وفي ذلك اختلاف بين الدواني وغيره ذكره في رسالته التي ألفها في الجواب عن مسألة الحذر الأصم ، أو يقال يرجع الضمير للقرآن باعتبار جملته وقطع النظر عن أجزائه فيخبر عن الجملة بإنّا أنزلناه وإن كان من جملته إِنَّا أَنْزَلْناهُ المندرج في جملته من غير

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 413
نظير له بخصوصه. وقد ذكروا أن الجزء من حيث هو مستقل مغاير له من حيث هو في ضمن الكل وفي الإتقان عن أبي شامة فإن قلت إنا أنزلناه إن لم يكن من جملة القرآن الذي نزل جملة فما نزل جملة ، وإن كان من الجملة فما وجه هذه العبارة؟ قلت لها وجهان أحدهما أن يكون المعنى إنّا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر وقضينا به وقدّرناه في الأزل والثاني أن لفظ أنزلناه ماض ومعناه على الاستقبال أي تنزله جملة في ليلة القدر انتهى. ولم يظهر لي في كلا وجهيه رحمه اللّه تعالى شامة حسن فأجل في ذلك نظرا فلعلك ترى. وقيل المعنى : إنّا أنزلناه في فضل ليلة القدر أو في شأنها وحقها ، فالكلام على تقدير مضاف أو الظرفية مجازية كما في قول عمر رضي اللّه تعالى عنه : خشيت أن ينزل فيّ قرآن ، وقول عائشة رضي اللّه تعالى عنها : لأنا أحقر في نفسي من أن ينزل فيّ قرآن. وجعل بعضهم في ذلك للسبية والضمير قيل للقرآن بالمعنى الدائر بين الكل والجزء. وقيل بمعنى السورة ولا يأباه كون إنا أنزلناه فيها لما مر آنفا فلا حاجة إلى أن يقال المراد بها ما عدا إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وقيل : يجوز أن يراد به المجموع لاشتماله على ذلك وأيّا ما كان فحمل الآية على هذا المعنى غير معول عليه وإنما المعول عليه ما تقدم. والمراد بالإنزال إظهار القرآن من عالم الغيب إلى عالم الشهادة أو إثباته لدى السفرة هناك أو نحو ذلك مما لا يشكل نسبته إلى القرآن.
واختلفوا في تلك الليلة فقيل إنها لخبر في ذلك وهو كما قال الكرماني غلط لأن آخر الخبر يرده والمراد برفع تعيينها فيه. وعن عكرمة أنها ليلة النصف من شعبان وهو قول شاذ غريب كما في تحفة المحتاج. وظاهر ما هنا مع ظاهر قوله تعالى شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة : 185] يرده وعن ابن مسعود أنها تنتقل في ليالي السنة فتكون في كل سنة في ليلة ، ونسبه النووي إلى أبي حنيفة وصاحبيه والأكثرون على أنها في شهر رمضان. فعن ابن رزين أنها الليلة الأولى منه. وعن الحسن البصري السابعة عشرة لأن وقعة بدر كانت في صبيحتها. وحكي عن زيد بن أرقم وابن مسعود أيضا وعن أنس مرفوعا التاسعة عشرة.
وحكي موقوفا على ابن مسعود أيضا وعن محمد بن إسحاق الحادية والعشرون لما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري أنه عليه الصلاة والسلام قال : «قد رأيت هذه الليلة - يعني ليلة القدر - ثم نسيتها ، وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين»
. قال أبو سعيد : فمطرت السماء من تلك الليلة فوكف المسجد فأبصرت عيناي رسول اللّه على جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين. وفي مسلم من صبيحة ثلاث وعشرين ، ومنه مع ما قبله مال الشافعي عليه الرحمة إلى أنها الليلة الحادية أو الثالثة والعشرون.
وأخرج أحمد ومسلم وغيرهما عن عبد اللّه بن أنيس أنه سئل عن ليلة القدر فقال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول : «التمسوها الليلة» وتلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير وغيرهم عن بلال قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ليلة القدر ليلة أربع وعشرين». وفي الإتقان وغيره أنها الليلة التي أنزل فيها القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي ذر أنه سئل عن ليلة القدر فقال : كان عمر وحذيفة وناس من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لا يشكون أنها ليلة سبع وعشرين. وأخرج ابن نصر وابن جرير في تهذيبه عن معاوية قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «التمسوا ليلة القدر في آخر ليلة من رمضان».
وفي رواية أحمد عن أبي هريرة مرفوعا أنه آخر ليلة.
وقيل : هي في العشر الأوسط تنتقل فيه قيل في أوتاره وقيل في أشفاعه. وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن عائشة قالت : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان».
وفي حديث أخرجه أحمد وجماعة عن عبادة ابن الصامت مرفوعا وحديثين أخرجهما ابن جرير وغيره

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 414
عن جابر بن سمرة وعن عبد اللّه بن جابر كذلك ما يدل على ما ذكر أيضا بل الأخبار الصحيحة الدالة عليه كثيرة ، وبالجملة الأقوال فيها مختلفة جدا إلا أن الأكثرين على أنها في العشر الأواخر لكثرة الأحاديث الصحيحة في ذلك ، وأكثرهم على أنها في أوتارها لذلك أيضا وكثير منهم ذهب إلى أنها الليلة السابعة من تلك الأوتار. وصح من رواية الإمام أحمد ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان وغيرهم أن زر بن حبيش سأل أبيّ بن كعب عنها فحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين فقال له : بم تقول ذلك يا أبا المنذر؟
فقال : بالآية والعلامة التي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم «إنها تصبح من ذلك اليوم تطلع الشمس ليس لها شعاع»
وبعض الأخبار عن ابن عباس ظاهرة في ذلك ، وفي بعض الاستئناس له بما يدل على جلالة شأن السبعة التي قالوا فيها إنها عدد تام من كون السماوات سبعا والأرضين سبعا والأيام سبعا والجمار سبعا والطواف بالبيت سبعا والسجود على سبع إلى غير ذلك مما ذكره لما علمت من الأخبار الصحيحة المتضافرة وهو زمان ضعف البدن وفيه يزيد أجر العمل ووقت قوة الاستعداد للتجليات لمزيد التصفية وأنها في الأوتار أرجى للأحاديث أيضا مع أن اللّه تعالى وتر يحب الوتر. وقال ابن حجر الهيتمي : اختار جمع أنها لا تلزم ليلة بعينها من العشر الأواخر بل تنتقل في لياليه فعاما أو أعواما تكون وترا إحدى أو ثلاثا أو غيرهما ، وعاما أو أعواما تكون شفعا اثنتين أو أربعا أو غيرهما قالوا : ولا تجتمع الأحاديث المتعارضة فيها إلّا بذلك. وكلام الشافعي رضي اللّه تعالى عنه في الجمع بين الأحاديث يقتضيه انتهى. ولا يخفى أن الجمع بذلك بين الأحاديث المتعارضة فيها مطلقا مما لا يتسنى وإنما يتسنى الجمع بذلك بين الأحاديث المتعارضة فيها بالنظر إلى العشر ، وقيل في الجمع مطلقا أنها تنتقل وما صح من التعيين في الجملة أو على التحقيق محمول على ليلة قدر في شهر رمضان مخصوص بأن يكون قد علم صلّى اللّه عليه وسلم أنها في أول شهر رمضان فرض ليلة كذا.
فقال عليه الصلاة والسلام : «هي ليلة كذا».
أي في هذا الشهر رمضان المخصوص ، وعلم عليه الصلاة والسلام أنها في شهر رمضان بعده ليلة كذا غير تلك الليلة التي ذكرها قبل
فقال صلّى اللّه عليه وسلم : «هي ليلة كذا»
وعلم صلّى اللّه عليه وسلم أنها في آخره في العشر الأخير منه
فقال : «هي في العشر الأخير»
أي من هذا الشهر المخصوص وهكذا وهو كما ترى. وعلى القول بانتقالها ادعى بعضهم أنه إذا كان أول الشهر ليلة كذا فهي الليلة السابعة والعشرون ، وإن كانت ليلة كذا فهي الليلة الحادية والعشرون إلى آخر ما قال. وقد ذكرناه مع نظمه في الطراز المذهب وليس في ذلك ما يقوم حجة على الغير.
وفي بعض الأخبار ذكر علامات لها ففي حديث الإمام أحمد والبيهقي وغيرهما عن عبادة بن الصامت من أماراتها أنها ليلة بلجة صافية ساكنة لا حارة ولا باردة كأن فيها قمرا ساطعا ، لا يرمى فيها بنجم حتى الصباح. وأخرج نحوا منه ابن جرير في تهذيبه وابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه مرفوعا وحمل ذلك إن صح على ليلة قدر من شهر رمضان مخصوص كالمتعين لعدم اطراده ولا أغلبيته فيما يظهر والحكمة في إخفائها أن يجتهد من يطلبها في العبادة في غيرها ليصادفها كأن يحيي ليالي شهر رمضان كلها كما كان دأب السلف ، وللإمام في هذا المقام كلام يجلّ مثله عن التكلم بمثله ولعمري لقد سها فيه سهوا بينا وأتى فيه بما يوشك أن يدل على جهله ومعنى ليلة القدر ليلة التقدير وسميت بذلك لما روي عن ابن عباس وغيره أنه يقدر فيها ويقضي ما يكون في تلك السنة من مطر ورزق وإحياء وإماتة إلى السنة القابلة ، والمراد إظهار تقديره تعالى ذلك للملائكة عليهم السلام المأمورين بالحوادث الكونية وإلّا فتقديره تعالى جميع الأشياء أزلي قبل خلق السماوات والأرض لكن قال بعض الأجلّة كون التقدير في هذه الليلة يشكل عليه قول كثير أنه ليلة النصف من شعبان

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 415
وهي المراد بالليلة ، والمباركة التي قال اللّه تعالى فيها فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان : 4] وأجاب بأن هاهنا ثلاثة أشياء الأول نفس تقدير الأمور أي تعيين مقاديرها وأوقاتها ، وذلك في الأزل ، والثاني إظهار تلك المقادير للملائكة عليهم السلام بأن تكتب في اللوح المحفوظ وذلك في ليلة النصف من شعبان ، والثالث إثبات تلك المقادير في نسخ وتسليمها إلى أربابها من المدبرات فتدفع نسخة الأرزاق والنباتات والأمطار إلى ميكائيل عليه السلام ونسخة الحروب والرياح والجنود والزلازل والصواعق والخسف إلى جبريل عليه السلام ، ونسخة الأعمال إلى إسرافيل عليه السلام ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت وذلك في ليلة القدر. وقيل يقدر في ليلة النصف الآجال والأرزاق ، وفي ليلة القدر الأمور التي فيها الخير والبركة والسلامة. وقيل : يقدر في هذه ما يتعلق به إعزاز الدين وما فيه النفع العظيم للمسلمين وفي ليلة النصف يكتب أسماء من يموت ويسلم إلى ملك الموت واللّه تعالى أعلم بحقيقة الحال. وقال الزهري : المعنى ليلة العظمة والشرف من قولهم : رجل له قدر عند فلان أي منزلة وشرف. وسميت بذلك لأن من أتى بفعل الطاعات فيها صار ذا قدر وشرف عند اللّه عز وجل أو لأن الطاعات لها فيها ذلك. وقيل لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر بواسطة ملك ذي قدر على رسول اللّه ذي قدر لأمة ذات قدر. وقيل لأنه يتنزل فيها ملائكة ذوات قدر. وقال الخليل بن أحمد : المعنى ليلة الضيق من قدر عليه رزقه ضيق وسميت بذلك لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة عليهم السلام وخيريتها من ألف شهر باعتبار العبادة عند الأكثرين على معنى أن العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ، ولا يعلم مقدار خيريتها منها إلّا هو سبحانه وتعالى وهذا تفضل منه تعالى وله عز وجل أن يخص ما شاء بما شاء ، ورب عمل قليل خير من عمل كثير.
ولا ينافي هذا قاعدة أن كل ما كثر وشق كان أفضل
لخبر مسلم أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال لعائشة رضي اللّه تعالى عنها : «أجرك على قدر نصبك»
لأنها أغلبية على ما قال غير واحد ، ولا شك أن العمل القليل قد يفضل الكثير باعتبار الزمان وباعتبار المكان وباعتبار كيفية الأداء كصلاة واحدة أديت بجماعة فإنها تعدل خمسا وعشرين مرة صلاة مثلها أديت على الانفراد إلى غير ذلك. نعم هذه الأفضلية قد تعقل في بعض وقد لا كما فيما نحن فيه ولا حجر على اللّه عز وجل ولا يعلم ما عنده سبحانه إلّا هو جل شأنه. وتخصيص الألف بالذكر قيل إما للتكثير كما في قوله تعالى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ [البقرة : 96] وكثيرا ما يراد بالأعداد ذلك. وفي البحر حكاية أن المعنى عليه خير من الدهر كله ، أو لما
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل اللّه تعالى ألف شهر ، فعجب المسلمون من ذلك وتقاصرت إليهم أعمالهم فأنزل اللّه تعالى السورة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن عروة قال : ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل عبدوا اللّه تعالى ثمانين عاما لم يعصوه طرفة عين فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون ، فعجب أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من ذلك ، فأتاه جبريل عليه السلام فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة فقد أنزل اللّه تعالى عليك خيرا من ذلك. فقرأ عليه إِنَّا أَنْزَلْناهُ إلخ ثم قال : هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك منه فسرّ بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.
وقيل : إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد حتى يعبد اللّه تعالى ألف شهر فأعطوا ليلة إن أحيوها كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد. وقال أبو بكر الوراق : كان ملك كل من سليمان وذي القرنين خمسمائة شهر فجعل اللّه تعالى العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما ، وفي هذا نظر لأنه إن أريد بذي القرنين الأول فهو على القول به قد ملك أكثر من ذلك بكثير ، وإن أريد به الثاني أعني قاتل دارا فهو قد ملك أقل من ذلك بكثير. وقيل : أري صلّى اللّه عليه وسلم أعمار الأمم كافة فاستقصر أعمار أمته فخاف عليه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 416
الصلاة والسلام أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه اللّه تعالى ليلة القدر وجعلها خيرا من ألف شهر لسائر الأمم وذكره الإمام مالك في الموطأ وقد سمعت ما يدل على أن الألف إشارة إلى ملك بني أمية وكان على ما قال القاسم بن الفضل ألف شهر لا يزيد يوم ولا ينقص يوم على ما قيل ثمانين سنة وهي ألف شهر تقريبا لأنها ثلاثة وثمانون سنة وأربعة أشهر ، ولا يعكر على ذلك ملكهم في جزيرة الأندلس بعد لأنه ملك يسير في بعض أطراف الأرض وآخر عمارة العرب ولذا لم يعد من ملك منهم هناك من خلفائهم.
وقالوا بانقراضهم بهلاك مروان الحمار. وطعن القاضي عبد الجبار في كون الآية إشارة لما ذكر بأن أيام بني أمية كانت مذمومة أي باعتبار الغالب فيبعد أن يقال في شأن تلك الليلة إنها خير من ألف شهر مذمومة :
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف خير من العصا
وأجيب بأن تلك الأيام كانت عظيمة بحسب السعادات الدنيوية فلا يبعد أن يقول اللّه تعالى : أعطيتك ليلة في السعادات الدينية أفضل من تلك في السعادات الدنيوية فلا تبقى فائدة ، واختلف في أن تلك الليلة تستتبع يومها أم لا. فقال الشعبي : نعم يومها مثلها ، وقيل لعل الوجه فيه أن ذكر الليالي يستتبع الأيام ومنه إذا نذر اعتكاف ليلتين لزمتاه بيوميهما والكثير لا لكن قيل يسن الاجتهاد في يومها كما يسن فيها. ولذا جاء في وصفها أن الشمس تطلع صبيحتها وليس لها شعاع كما تقدم أي لعظم أنوار الملائكة الصاعدين والنازلين فيها فإنه لا فائدة فيه سوى معرفة يومها ولا فائدة فيها لو لم يسن الاجتهاد فيه. ومنع بأنه يجوز أن تكون الفائدة معرفتها نفسها ليجتهد فيها من قابل بناء على أنها لا تنتقل ، وظاهر الآية أنها أفضل من ليلة الجمعة والمسألة خلافية وأكثر الأئمة على أنها أفضل منها للآية ، ولأن اللّه تعالى أنزل فيها القرآن وهو هو ولم ينزله في غيرها ، ولأنه سبحانه أمر بطلبها. فعن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [البقرة : 187] ليلة القدر ولأنه عز وجل جعلها ليلة الفرق والحكم فقال جل شأنه فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان : 4] وسماها جل وعلا ليلة القدر أي التقدير ولما روي عن كعب أنه قال : إن اللّه تعالى اختار الساعات فاختار ساعات أوقات الصلاة ، واختار الأيام فاختار يوم الجمعة ، واختار الشهور فاختار شهر رمضان ، واختار الليالي فاختار ليلة القدر فهي أفضل ليلة في أفضل شهر ، ولأنه صلّى اللّه عليه وسلم حثّ على العمل فيها
فقد صح : «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». وفي رواية «وما تأخر»
ونهي عليه الصلاة والسلام أن يخص ليلة الجمعة بقيام ويومها بصيام ولأنه سبحانه وتعالى أخفاها ولم يعينها كما أخفى سبحانه أعظم أسمائه عز وجل ، وكما أخفى جل شأنه أفضل الصلوات وهي الصلاة الوسطى إلى غير ذلك. وذهب أكثر الحنابلة كأبي الحسن الجزري وعبد اللّه بن بطة وأبي حفص البرمكي وغيرهم إلى أن ليلة الجمعة أفضل لما
أخرج مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «يغفر اللّه تعالى ليلة الجمعة لأهل الإسلام أجمعين ، وهذه فضيلة لم تجىء لغيرها»
. ونحوه ما
روي عن ابن مسعود قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ما من ليلة جمعة إلّا وينظر اللّه تعالى إلى خلقه ثلاث مرات فيغفر لمن لا يشرك باللّه تعالى شيئا
ولأنه
روى ابن بشكوال في كتابه القربة إلى رب العالمين بسنده إلى عمر رضي اللّه تعالى عنه أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال : «أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر ليلة الجمعة ويوم الجمعة»
والغرة من الشيء خياره ولأنه قد روى كثيرون منهم الإمام أحمد أن يومها سيد الأيام وأعظمها وأعظم عند اللّه تعالى من يوم الفطر ويوم الأضحى ، وصحح ابن حبان خبر : «لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة»
. فهي لذلك سيدة الليالي وأعظمها وأفضلها ولأنها معينة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 417
مشهودة يشهدها الخاص والعام من ذكر وأنثى وصغير وكبير بصير وضرري ، وتصل بركتها إلى الأحياء والأموات وليلة القدر غير معينة فلا ينتفع بها إلّا قليل إلى غير ذلك. وأجاب هؤلاء عن الآية بأنه لما أريد فيها أنها خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر كما قال قتادة وغيره فليرد أيضا أنها خير من ألف شهر ليس فيها ليلة جمعة ، ويدل للأمرين أن أكثر أسباب النزول السابقة تدل على أن المراد بالشهور شهور من تقدمنا وهي ليس فيها ليلة قدر ولا ليلة جمعة. وعن سائر المستندات بأن بعضها معارض وبعضها لا يدل على أكثر من فضلها وهو ما لم ينكره أحد والأولون أجابوا عن مستنداتهم بنحو ما أجابوا وللتعارض قال أحمد بن الحسين بن يعقوب بن قاسم المقري من الحنابلة : إن القولين في المسألة قولان شائعان بين الأصحاب ولكل دلائل تدل على صوابيته فلا ينبغي لأحد أن يطلق الخطأ على قائل كل منهما ، وأنت بعد التأمل في أدلة الطرفين والوقوف على أحوالها يتعين عندك أفضلية ليلة القدر وتعين ليلة الجمعة ، وهاهنا قول متوسط بين القولين حكى القاضي أبو يعلى أن أبا الحسن التميمي من الحنابلة أيضا كان يقول : ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن أفضل من ليلة الجمعة لما حصل فيها من الخير الكثير الذي لم يحصل في غيرها ، فأما أمثالها من ليالي القدر فليلة الجمعة أفضل منها ، وقيل نظيره في ليلة المعراج مع ليلة الجمعة ونحوها. ثم إن ظاهر كلام بعض الحنفية كصاحب الجوهرة أن ليلة النحر أفضل من ليلة القدر وسائر ليالي السنة ، ويرد عليه ظاهر الآية أيضا ولعله يجيب بنحو ما سبق آنفا.
ونقل الطحاوي عليه الرحمة في حواشي المختار عن بعض الشافعية أن أفضل الليالي ليلة مولده عليه الصلاة والسلام ثم ليلة القدر ثم ليلة الإسراء والمعراج ثم ليلة عرفة ثم ليلة الجمعة ثم ليلة النصف من شعبان ثم ليلة العيد وأنا لا أرى أن له ما يعول عليه في ذلك واللّه تعالى أعلم وما أشير إليه من كونها من خصائص هذه الأمة هو الذي يقتضيه أكثر الأخبار الواردة في سبب النزول وصرح به الهيتمي وغيره. وقال القسطلاني : إنه معترض
بحديث أبي ذر عند النسائي حيث قال فيه : يا رسول اللّه أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت؟ قال : «بل هي باقية»
. ثم ذكر أن عمدة القائلين بذلك الخبر الذي قدمناه في سبب النزول من رؤيته صلّى اللّه عليه وسلم تقاصر أعمار أمته عن أعمار الأمم وتعقبه بقوله : هذا محتمل للتأويل فلا يدفع الصريح في حديث أبي ذر كما قاله الحافظان ابن كثير في تفسيره وابن حجر في فتح الباري انتهى. والحق الأول والصراحة في حيّز المنع. وقد أخرج الديلمي عن أنس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : «إن اللّه تعالى وهب لأمتي ليلة القدر لم يعطها من كان قبلهم»
. فتأمل ولا تغفل.
وقوله تعالى تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها استئناف مبين لمناط فضلها على تلك المدة المديدة فضمير فيها لليلة وزعم بعضهم أن الجملة صفة لألف شهر والضمير لها وليس بشيء ، وجوّز بعضهم كون الضمير للملائكة على أن الرُّوحُ مبتدأ لا معطوف على الْمَلائِكَةُ وفِيها خبره لا متعلق ب تَنَزَّلُ والجملة حال من الْمَلائِكَةُ وهو خلاف الظاهر. والروح عند الجمهور هو جبريل عليه السلام ، وخص بالذكر لزيادة شرفه مع أنه النازل بالذكر. وقيل ملك عظيم لو التقم السماوات والأرض كان ذلك له لقمة واحدة ، وذكر في التيسير من وصفه ما يبهر العقول واللّه تعالى أعلم بصحة الخبر. وقال كعب ومقاتل : الروح طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلّا تلك الليلة كالزهاد الذين لا نراهم إلّا يوم العيد أو الجمعة. وقيل :
حفظة على الملائكة كالملائكة الحفظة علينا. وقيل : خلق من خلق اللّه تعالى يأكلون ويلبسون ليسوا من الملائكة ولا من الإنس ويخلق ما لا تعلمون وما يعلم جنود ربك إلا هو ولعلهم على ما قيل خدم أهل الجنة.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 418
وقيل : هو عيسى عليه السلام ينزل لمطالعة هذه الأمة وليزور النبي صلّى اللّه عليه وسلم وقيل : أرواح المؤمنين ينزلون لزيارة أهليهم. وقيل : الرحمة كما قرىء لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ [يوسف : 87] بالضم وعلى الأول المعول والظاهر الذي تشهد له الأخبار أن التنزل إلى الأرض ، فقيل : إن ذلك لما ذكر اللّه تعالى بعد وسيأتي إن شاء اللّه تعالى الكلام فيه وقيل ينزلون إليها للتسليم على المؤمنين. وقيل : لأن اللّه تعالى جعل فضيلة هذه الليلة في الاشتغال بطاعته في الأرض فهم ينزلون إليها لتصير طاعاتهم أكثر ثوابا كما أن الرجل منا يذهب إلى مكة لتصير طاعته كذلك فيكون المقصود من الإخبار بذلك ترغيب الإنسان في الطاعة. وقال عصام الدين : يحتمل أن يكون تنزلهم لإدراكها إذ ليس في السماء ليل ، والجملة حينئذ مقررة لما سبق لا مبينة لمناط الفضل وفيه نظر لا يخفى. وقيل غير ذلك مما سنشير إليه إن شاء اللّه تعالى. وقيل : المراد تنزلهم إلى السماء الدنيا وهو خلاف المتبادر وأنزل منه بكثير كون المراد بتنزلهم تنزلهم عن مراتبهم العلية من الاشتغال باللّه تعالى والاستغراق بمطالعة جلاله عز وجل ليسلموا على المؤمنين. واستظهر أن المراد بالملائكة عليهم السلام جميعهم واستشكل بأن لهم كثرة عظيمة لا تتحملها الأرض وكذا السماء الدنيا لأنها قبل نزولهم مملوءة «أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلّا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم». وأجيب بأنهم ينزلون فوجا فوجا فمن نازل وصاعد كالحجاج فإنهم على كثرتهم يدخلون الكعبة مثلا بأسرهم لكن لا على وجه الاجتماع بل هم بين داخل وخارج. وفي التعبير بتنزل المفيد للتدريج دون نزل رمز إليه وقيل إنهم لكونهم أنوارا لا تزاحم بينهم فالنور إذا ملأ حجرة مثلا لا يمنع من إدخال ألف نور عليه وهو كما ترى. ومن الناس من خصّ الملائكة ببعض فرقهم وهم سكان سدرة المنتهى أو بعض منهم.
وفي الغنية للقطب الرباني الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنه قال : إذا كان ليلة القدر يأمر اللّه تعالى جبريل عليه السلام أن ينزل إلى الأرض ومعه سكان سدرة المنتهى سبعون ألف ملك ، ومعهم ألوية من نور فإذا هبطوا إلى الأرض ركّز جبريل عليه السلام لواءه والملائكة عليهم السلام ألويتهم في أربعة مواطن عند الكعبة وقبر النبي صلّى اللّه عليه وسلم ومسجد بيت المقدس ومسجد طور سيناء ، ثم يقول جبريل عليه السلام : تفرقوا فيتفرقون ولا يبقى دار ولا حجر ولا بيت ولا سفينة فيها مؤمن أو مؤمنة إلّا دخلته الملائكة عليهم السلام إلّا بيتا فيه كلب أو خنزير أو خمر أو جنب من حرام أو صورة تماثيل فيسبحون ويقدسون ويهللون ويستغفرون لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم حتى إذا كان وقت الفجر ثم يصعدون إلى السماء فيستقبلهم سكان سماء الدنيا فيقولون لهم : من أين أقبلتم؟ فيقولون : كنا في الدنيا لأن الليلة ليلة القدر لأمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، فيقول سكان السماء الدنيا : ما فعل اللّه تعالى بحوائج أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم؟ فيقول جبريل عليه السلام : إن اللّه تعالى غفر لصالحهم وشفعهم في طالحهم. فترفع ملائكة سماء الدنيا أصواتهم بالتسبيح والتقديس والثناء على رب العالمين شكرا لما أعطى اللّه تعالى هذه الأمة من المغفرة والرضوان ، ثم تشيعهم ملائكة السماء الدنيا إلى الثانية كذلك وهكذا إلى السابعة ، ثم يقول جبريل عليه السلام : يا سكان السماوات ارجعوا.
فيرجع ملائكة كل سماء إلى مواضعهم فإذا وصلوا إلى سدرة المنتهى يقول لهم سكانها : أين كنتم؟ فيجيبونهم مثل ما أجابوا أهل السماوات ، فيرفع سكان سدرة المنتهى أصواتهم بالتسبيح والتهليل والثناء فتسمع جنة المأوى ثم جنة النعيم وجنة عدن والفردوس ، ويسمع عرش الرحمن فيرفع العرش صوته بالتسبيح والتهليل والثناء على رب العالمين شكرا لما أعطى هذه الأمة. ويقول : إلهي بلغني عنك أنك غفرت البارحة لصالحي أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم وشفعت

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 419
صالحها. فيقول اللّه عز وجل : صدقت يا عرشي ولأمة محمد عليه الصلاة والسلام عندي من الكرامة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
. وفي رواية عن كعب : نزول جميع ملائكة سدرة المنتهى مع جبريل عليهم السلام ولا يعلم عددهم إلّا اللّه تعالى وأن جبريل عليه السلام لا يدع أحدا من الناس إلّا صافحه.
وفي رواية لا يدع مؤمنا ولا مؤمنة إلّا سلم عليه إلّا مدمن الخمر وآكل لحم الخنزير والمتضمخ بالزعفران ، وإن علامة مصافحته عليه السلام اقشعرار الجلد ورقة القلب ودمع العينين.
وروي في نزوله مع الملائكة عليهم السلام وعروجه معهم غير ذلك ، وقد ذكر بعضا من ذلك الإمام وغيره ونسأل اللّه تعالى صحة الأخبار. وذكر بعضهم أن جبريل عليه السلام يقسم تلك الليلة ما ينزل من رحمة اللّه تعالى يستغرق أحياء المؤمنين فيقول : يا رب بقي من الرحمة كثير فما أصنع به؟ فيقول اللّه عز وجل : قسم على أموات أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم. فيقسم حتى يستغرقهم فيقول : يا رب بقي من الرحمة كثير فما أصنع به؟ فيقول سبحانه وتعالى قسمه على الكفار فيقسمه عليهم فمن أصابه منهم شيء من تلك الرحمة مات على الإيمان.
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ متعلق بتنزل أو بمحذوف هو حال من فاعله أي ملتبسين بإذن ربهم أي بأمره عز وجل ، والتقييد بذلك لتعظيم أمر تنزلهم. وقيل الإشارة إلى أنهم يرغبون في أهل الأرض من المؤمنين ويشتاقون إليهم فيستأذنون فيؤذن لهم وفيه نوع ترغيب في الاجتهاد في الطاعة. واستشكل أمر هذه الرغبة مع كثرة المعاصي ، وأجيب بأنهم غير واقفين على تفاصيلها أو لم يعتبروها مانعة من ذلك لأنهم يرون من أنواع الطاعات ما لا يرونه في السماء ، أو ليسمعوا أنين العصاة التائبين.
ففي الحديث القدسي : «لأنين المذنبين أحب إليّ من زجل المسبحين».
أو ليجتمعوا مع من بينه وبينهم مناسبة من الصديقين أداء لمراسم المحبة فإن أرواح الصديقين المتجردة عن جلابيب الأبدان لم تزل تزور الملائكة عليهم السلام في مواضعهم بعروجها إليهم ، فناسب أن تزورهم ولملائكة عليهم السلام في زواياهم وإن اقتضى ذلك الاجتماع مع غيرهم ممن ليسوا كذلك فإنه أمر تبعي.
ولأجل عين ألف عين تكرم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أي من أجل كل أمر تعلق به التقدير في تلك السنة إلى قابل ، وأظهره سبحانه وتعالى لهم قاله غير واحد فمن بمعنى اللام التعليلية متعلقة بتنزل. قال عصام الدين : فإن قلت المقدرات لا تفعل في تلك الليلة بل في تمام السنة فلما ذا تنزل الملائكة عليهم السلام فيها لأجل تلك الأمور؟ قلت : لعل تنزلهم لتعيين إنفاذ تلك الأمور لهم وتنزلهم لأجل كل أمر ليس على معنى تنزل كل واحد لأجل كل أمر ، ولا تنزل كل واحد لأمر بل على معنى تنزل الجميع لأجل جميع الأمور حتى يكون في الكلام تقسيم العلل على المعلولات ، انتهى. وأقول : يمكن أن يكون تنزلهم لإعداد القوابل لقبول ما أمروا به ، وأشار بما ذكره من التقسيم إلى أنه يجوز أن يكون نزول الواحد منهم لعدة أمور وقولهم من أجل كل أمر تعلق إلخ قد تقدم ما فيه من البحث فتذكر. وقال أبو حاتم : مِنْ بمعنى الباء أي تنزل بكل أمر ، فقيل : أي من الخير والبركة ، وقيل : من الخير والشر. وجعلت الباء عليه للسببية فيرجع المعنى إلى نحو ما مرّ. ومنهم من جعلها للملابسة والمراد بملابستهم له ملابستهم للأمر به فكأنه قيل : تنزل الملائكة وهم مأمورون بكل أمر يكون في السنة ، وكونهم يتنزلون وهم كذلك لا يستدعي فعلهم جميع ما أمروا به في تلك الليلة والظاهر على ما قالوا أن المراد بالملائكة المدبرات إذ غيرهم لا تعلق له في الأمور التي تعلق بها التقدير ليتنزلوا لأجلها على المعنى السابق

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 420
وهو خلاف ما تدل عليه الآثار من عدم اختصاصهم بالمدبرات فتدبر وكأنه لذلك قيل إن مِنْ كُلِّ أَمْرٍ متعلق بقوله تعالى سَلامٌ وهو مصدر بمعنى السلامة خبر مقدم. وقوله تعالى هِيَ مبتدأ أي هي سلام من كل أمر مخوف وتعلقه بذلك على التوسع في الظرف وإلّا فمعمول المصدر لا يتقدم عليه في المشهور. وقيل :
هو متعلق بمحذوف مقدم يفسره المذكور من وقف على كلام العلامة التفتازاني في أوائل شرح التلخيص في مثل ذلك استغن عما ذكر. وقيل مِنْ كُلِّ أَمْرٍ متعلق ب تَنَزَّلُ لكن على معنى تنزل إلى الأرض منفصلة من كل أمر لها في السماء وتاركة له. وفيه إشارة إلى مزيد الاهتمام بالتنزل إلى الأرض. وفيه من البعد ما فيه.
وتقديم الخبر للحصر كما في تميمي أنا والأخبار بالمصدر للمبالغة أي ما هي إلّا سالمة جدا حتى كأنه عين السلامة قال الضحاك في معنى ذلك إنه تعالى لا يقدّر ولا يقضي فيها إلّا السلامة ، قيل : أي لا ينفذ تقديره تعالى ويتعلق قضاؤه إلّا بذلك. وحاصله لا يوجد إلّا ذلك. وقال مجاهد : إنها سالمة من الشيطان وأذاه. وروي أن الشيطان لا يخرج في ليلة القدر حتى يضيء فجرها ولا يستطيع أن يصيب فيها أحدا بخبل أو داء أو ضرب من ضروب الفساد ولا ينفذ فيها سحر ساحر. ولعل ما يصدر من المعاصي على هذا من النفس الأمّارة بالسوء لا بواسطة الشيطان. واستشكل كلام الضحاك بناء على ما قيل فيه بأنه لا تخلو ليلة من الشر والأمر المخوف ولا موجد إلّا اللّه عز وجل ، فلعله أراد ما تقدم نقله غير بعيد من أن اللّه تعالى إنما يقدر في هذه الليلة السلامة والخير أي لا يظهر سبحانه للملائكة عليهم السلام إلّا تقديره عز وجل وقيل ما هي إلّا سلامة على نحو : ما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إلّا رحمة والمراد أنها سبب تام للسلامة والنجاة من المهالك يوم القيامة حيث إن من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وقيل السلام مصدر بمعنى التسليم أي ما هي إلّا تسليم لكثرة التسليم والمسلمين من الملائكة على المؤمنين فيها. وروي ذلك عن الشعبي ومنصور وجعلها عين التسليم للمبالغة أيضا.
وقوله تعالى حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ غاية تبين تعميم السلامة أو التسليم كل الليلة فالجار متعلق ب سَلامٌ ومَطْلَعِ اسم زمان وقد صرحوا أنه من يفعل ، ويفعل بفتح العين وضمها على مفعل مفتوح العين وجوز كونه مصدرا ميميا بمعنى الطلوع ويحتاج إلى تقدير مضاف قبله هو وقت أو ما في معناه لتتحد الغاية والمغيا فيكونان من جنس واحد. وصح تعلق الجار بذلك مع الفصل لأنه ليس بمصدر نظرا للحقيقة. وأفاد الطبرسي وغيره أنه لا بد من تأويله بسالمة أو مسلمة ليصح التعلق أما لو أبقى على مصدريته فلا يصح للزوم الفصل بين الصلة والموصول. وذهب بعضهم إلى أن الفصل بين المصدر ومعموله بالمبتدأ مغتفر ، وجوز أن تتعلق الغاية بتنزل على معنى أنه لا ينقطع تنزلهم فوجا بعد فوج إلى وقت طلوع الفجر ، وتعقب بأنه تعسف لأن سَلامٌ هي أجنبي وليس باعتراض فلا يحسن الفصل به وجعله حالا من الضمير المجرور في قوله تعالى فِيها أي ذات سلامة أو سلام لا يخفى حاله. وقيل يجوز أن يكون الوقف على سَلامٌ وهو خبر لمحذوف ومِنْ كُلِّ أَمْرٍ متعلق به وهِيَ مبتدأ وحَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ خبره. ولم يجوز ذلك الطيبي والطبرسي وغيرهما قالوا : لعدم الفائدة بالأخبار عنها بأنها حتى مطلع الفجر إذ كل ليلة بهذه الصفة. وأجيب بأنه لما أخبر عنها بأنها خير من ألف شهر وفهم أنها مخالفة لسائر الليالي في الصفة وكان ذلك مظنة توهم أن ذاتها في المقدار مغايرة لذوات الليالي فيه أيضا دفع ذلك بقوله تعالى هي حتى مطلع الفجر ، أي لم تخالف سائر الليالي في ذلك وإن خالفتها في الفضل والخيرية.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 421
وقرأ ابن عباس وعكرمة والكلبي «من كل امرئ» بهمز في آخره أي تنزل من أجل كل إنسان أي من أجل ما يتعلق به مما قدر في تلك الليلة ، ويرجع إلى نحو ما تقدم أو من أجل مصلحته من الاستغفار له ونحوه على أن المراد بذلك كل امرئ مؤمن على ما قيل. وقيل الجار متعلق ب سَلامٌ والمراد «بكل امرئ» الملائكة عليهم السلام أي سلام وتحية هي على المؤمنين من كل ملك ، وأنكر كما قال ابن جني هذه القراءة أبو حاتم وقرأ أبو رجاء والأعمش وابن وثاب وطلحة وابن محيصن والكسائي وأبو عمرو بخلاف عنه «مطلع» بكسر اللام على أنه مصدر كالمرجع ويقدر مضاف كما سمعت أو اسم زمان على غير قياس كالمشرق فإن مفعلا بالكسر قياس يفعل مكسور العين. وفي البحر قيل «مطلع ومطلع» بالفتح والكسر مصدران في لغة تميم. وقيل : المصدر بالفتح وموضع الطلوع بالكسر عند أهل الحجاز انتهى. وإرادة الموضع هاهنا لا موضع لها كما لا يخفى هذا. واعلم أنه يسن الدعاء في هذه الليلة المباركة وهي أحد أوقات الإجابة. وأخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وغيرهم عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها قالت : قلت : يا رسول اللّه إن وافقت ليلة القدر فما أقول؟ قال : «قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»
. ويجتهد فيها بأنواع العبادات من صلاة وغيرها. وقال سفيان الثوري : الدعاء في تلك الليلة أحبّ من الصلاة ، ثم أفاد أنه إذا قرأ ودعا كان حسنا وكان صلّى اللّه عليه وسلم يجتهد في ليالي شهر رمضان ويقرأ فيها قراءة مرتلة لا يمر بآية رحمة إلّا سأل ولا بآية عذاب إلّا تعوذ. وذكر ابن رجب أن الأكمل الجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك كله لا سيما في العشر الأواخر ويحصل قيامها على ما قال البعض بصلاة التراويح. وأخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «من صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقضي شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بحظ وافر»
. وأخرج مالك وابن شيبة وابن زنجويه والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال : «من شهد العشاء ليلة القدر في جماعة فقد أخذ بحظه منها.
وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي عليه الرحمة يسن لرائيها كتمها ولا ينال فضلها أي كماله إلا من أطلعه اللّه تعالى عليها انتهى. والظاهر أنه عنى برؤيتها رؤية ما يحصل به العلم له بها مما خصت به من الأنوار وتنزل الملائكة عليهم السلام أو نحوا من الكشف المفيد للعلم مما لا يعرف حقيقته إلّا أهله وهو كالنص في أنها يراها من شاء اللّه تعالى من عباده. وقال أبو حفص بن شاهين على ما حكاه ابن رجب : إن اللّه تعالى لم يكشفها لأحد من الأولين والآخرين ولا النبيين والمرسلين في يوم ولا ليلة إلّا نبينا صلّى اللّه عليه وسلم فإنه لما أنزلها عليه وعرفه قدرها أراه عليه الصلاة والسلام إياها في منامه وعرفه في أي ليلة تكون فأصبح عالما بها ، وأراد أن يخبر بها الناس لسروره فتلاحى بين يديه رجلان فأنسيها صلّى اللّه عليه وسلم وأمر بطلبها في ليالي العشر الأواخر لأنهم لا يرونها مكاشفة أبدا ولا يراها أحد بعده صلّى اللّه عليه وسلم أصلا فأمروا بذلك ليلتمس فضلها في الليالي المسماة انتهى. وحديث أنه صلّى اللّه عليه وسلم رآها ونسيها قد رواه الإمام مالك والإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم وهو مما لا تردد في صحته ، لكن في دلالته على أنه لم يعلم عليه الصلاة والسلام بها ولم يرها بعد ولا يراها أحد من أمته صلّى اللّه عليه وسلم أبدا ترددا ، ولعل الأمر بالتماسه في العشر الأواخر مثلا يشير إلى رجاء رؤيتها فيها إذا ما لا يرجى في زمان أو مكان لا يحسن أن يؤمر أحد بالتماسها فيه عادة وفي بعض الأخبار ما يدل على أن رؤيتها مناما وقعت لغيره صلّى اللّه عليه وسلم
ففي صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر»
وحكي نحو قول ابن شاهين عن غيره أيضا وغلط. ففي شرح الصحيح للنووي :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 422
اعلم أن ليلة القدر موجودة وأنها ترى ويتحققها من شاء اللّه تعالى من بني آدم كل سنة في رمضان كما تظاهرت عليه الأحاديث وأخبار الصالحين بها ، ورؤيتهم لها أكثر من أن تحصى. وأما قول القاضي عياض عن المهلب بن أبي صفرة لا يمكن رؤيتها حقيقة فغلط فاحش نبهت عليه لئلا يغتر به انتهى.
بقي في الكلام على هذه الليلة بحث مهم وهو أنه على قول المعتبرين لاختلاف المطالع يلزم القول بتعددها في رمضان وكونها وترا من لياليه عند قوم وشفعا عند آخرين فلا يصح إطلاق القول بأحدهما وكذا لا يصح إطلاق القول بأنها ليلة كذا كليلة السابع والعشرين أو الحادي والعشرين مثلا من الشهر على ذلك أيضا.
بل لا يصح إطلاق القول بأن وقت التقدير وتنزل الملائكة ليلة فالليلة عند قوم نهار في الجهة المسامتة لأقدامهم وهي قد تكون مسكونة ولو بواسطة سفينة تمر فيها ، وربما يكون زمان الليل عند قوم بعضه ليلا وبعضه نهارا عند آخرين كأهل بعض العروض البعيدة عن خط الاستواء ، بل قد تنقضي أشهر بليل ونهار على قوم ولم ينقض يوم واحد في بعض العروض بل لا يصح أيضا إطلاق القول بأنها في رمضان وأنها الليلة الأولى أو الأخيرة منه إذ الشهر دخولا وخروجا مختلف بالنسبة إلى سكان البسيطة وأجاب بعض بالتزام أن ما أطلق من القول فيها ليس على إطلاقه فيكون القول بوتريتها بالنسبة إلى قوم وبشفعيتها بالنسبة إلى آخرين وهكذا القول بأنها ليلة كذا من الشهر وبالتزام أنها ليلة بالنسبة إلى قوم نهار بالنسبة إلى آخرين ، وإن التعبير بالليلة لرعاية مكان المنزل عليه القرآن عليه الصلاة والسلام وغالب المؤمنين به كأن ما هو سمت أقدامهم مما ليلهم نهاره لم يعمر بالمسلمين بل لا يكاد يعمر بهم حتى يرث اللّه تعالى الأرض ومن عليها. وقال : إنها حيث كانت نهارا عند قوم لا يبعد أن يعطي اللّه تعالى أجرها من اجتهد من غيرهم في ليلة ذلك النهار وأن يعطي سبحانه ذلك أيضا من اجتهد منهم ليلا وهي عندهم نهار وعلى نحو هذا يقال في الصور التي ذكرت في البحث.
وادعى أن هذا نوع من الجمع بين الأحاديث المتعارضة وأن في قولهم يسن الاجتهاد في يومها رمز إما لشيء من ذلك وهو كما ترى. وأجاب آخر بما يستحي القلم من ذكره ويرى تركه هو الحري بقدره. وسمعت من بعض أحبابي أن الشيخ إسماعيل العجلوني عليه الرحمة تعرض فيما شرح من صحيح البخاري لشيء من هذا البحث والجواب عنه ولم أقف عليه ، وعندي أن البحث قوي والأمر مما لا مجال لعقلي فيه ومثل ليل القدر فيما ذكر وقت نزوله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا من الليل كما صحت به الأخبار وكذا ساعة الإجابة من يوم الجمعة إلى أمثال أخر. وللشيخ ابن تيمية رحمه اللّه تعالى كلام طويل في الأول لم يحضرني منه الآن ما يروي الغليل ، ولغيره كابن حجر كلام مختصر في الثاني وهو مشهور وربما يقال إنها لكل قوم ليلتهم وإن اختلفت دخولا وخروجا بالنسبة إلى آفاقهم كسائر لياليهم فتدخل الليلة مطلقا في بغداد مثلا عند غروب الشمس فيها وبعد نصف ساعة منه تدخل في إستامبول مثلا وذلك أول وقت الغروب فيها وهكذا ، والخروج على عكس ذلك فكأن الليلة راكب يسير إلى جهة فيصل إلى كل منزل في وقت ويلتزم أن تنزل الملائكة حسب سيرها ولا يبعد أن يتنزل عند كل قوم ما شاء اللّه تعالى منهم عند أول دخولها عندهم ويعرجون عند مطلع فجرها عندهم أيضا أو يبقى المتنزل منهم هناك إلى أن تنقضي الليلة في جميع المعمورة فيعرجون معا عند انقضائها ويلتزم القول بتعدد التقدير حسب السير أيضا بأن يقدر اللّه تعالى في أي جزء شاء سبحانه منها بالنسبة إلى من هي عندهم أمورا تتعلق بهم ، ومناط الفضل لكل قوم تحققها بالنسبة إليهم وقيامهم فيها ومثل هذه الليلة فيما ذكر سائر أوقات العبادة كوقت الظهر والعصر وغيرهما وهذا غاية ما يخطر بالبال فيما يتعلق

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 423
بهذا الإشكال وأمر ما يعكر عليه من أخبار الآحاد سهل على أن الكثير منها في صحته مقال فتأمل في ذاك واللّه عز وجل يتولى هداك. ثم إن ليلة القدر عند السادة الصوفية ليلة يختص فيها السالك بتجل خاص يعرف به قدره ورتبته بالنسبة إلى محبوبه وهي وقت ابتداء وصول السالك إلى عين الجمع ومقام البالغين في المعرفة ، وما ألطف قول الشيخ عمر بن الفارض قدس سره :
وكل الليالي ليلة القدر إن دنت كما كل أيام اللقا يوم جمعة
هذا واللّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 424
سورة البيّنة
وتسمى سورة القيامة وسورة البلد وسورة المنفكين وسورة البرية وسورة لم يكن. قال في البحر : مكية في قول الجمهور. وقال ابن الزبير وعطاء بن يسار : مدنية قاله ابن عطية ، وفي كتاب التحرير مدنية وهو قول الجمهور ، وروى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكية واختاره يحيى بن سلام انتهى. وقال ابن الفرس : الأشهر أنها مكية ورواه ابن مردويه عن عائشة وجزم ابن كثير بأنها مدنية ، واستدل على ذلك بما
أخرجه الإمام أحمد وابن قانع في معجم الصحابة والطبراني وابن مردويه عن أبي خيثمة البدري قال : لما نزلت لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إلى آخرها قال جبريل عليه السلام : يا رسول اللّه إن ربك يأمرك أن تقرئها أبيا فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم لأبي رضي اللّه تعالى عنه : «إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرئك هذه السورة» فقال أبي : أو قد ذكرت ثم يا رسول اللّه؟ قال : «نعم» فبكى
وهذا هو الأصح. وآيها تسع في البصري وثمان في غيره. وجاء في فضلها ما أخرجه أبو موسى المديني في المعرفة عن إسماعيل بن أبي حكيم عن مطر المزني أو المدني عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم قال : «إن اللّه تعالى يسمع قراءة لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا فيقول : أبشر عبدي فوعزتي لا أسألك على حال من أحوال الدنيا والآخرة ولأمكنن لك في الجنة حتى ترضى».
ووجه مناسبتها لما قبلها أن قوله تعالى فيها لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ إلخ كالتعليل لإنزال القرآن كأنه قيل : إنّا أنزلناه لأنه لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم حتى يأتيهم رسول يتلو صحفا مطهرة وهي ذلك المنزل فلا تغفل.
[سورة البينة (98) : الآيات 1 إلى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (2) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)
وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 425
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أي اليهود والنصارى وإيرادهم بذلك العنوان قيل لإعظام شناعة كفرهم ، وقيل : للإشعار بعلة ما نسب إليهم من الوعد باتباع الحق فإن مناط ذلك وجدانهم له في كتابهم وهو مبني على وجه يأتي إن شاء اللّه تعالى في الآية بعد. وإيراد الصلة فعلا لما أن كفرهم حادث بعد أنبيائهم عليهم السلام بالآحاد في صفات اللّه عز وجل ومن للتبعيض كما قال علم الهدى الشيخ أبو منصور الماتريدي في التأويلات لا للتبيين لأن منهم من لم يكفر بعد نبيه وكان على الاعتقاد الحق حتى توفاه اللّه تعالى ، وعد من ذلك الملكانية من النصارى فقيل إنهم كانوا على الحق قبل بعثة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والتبيين يقتضي كفر جميعهم قبل البعث والظاهر خلافه. وأيد إرادة التبعيض بما روي عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما من أن المراد بأهل الكتاب اليهود الذين كانوا بأطراف المدينة من بني قريظة والنضير وبني قينقاع ، وقال بعض : لا نسلم أن التبيين يقتضي كفر جميعهم قبل البعث لجواز أن يكون التعبير عنهم بالذين كفروا باعتبار حالهم بعد البعثة كأنه قيل لم يكن هؤلاء الكفرة وبينوا بأهل الكتاب. وَالْمُشْرِكِينَ وهم من اعتقدوا للّه سبحانه شريكا صنما أو غيره ، وخصهم بعض بعبدة الأصنام لأن مشركي العرب الذين بمكة والمدينة وما حولهما كانوا كذلك وهم المقصودون هنا على ما روي عن الحبر. وأيّا ما كان فالعطف على أهل الكتاب ولا يلزم على التبعيض أن لا يكون بعضهم كافرين ليجب العدول عنه للتبيين لأنهم بعض من المجموع كما أفاده بعض الأجلّة. واحتمال أن يراد بالمشركين أهل الكتاب وشركهم لقولهم المسيح ابن اللّه وعزير ابن اللّه تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. والعطف لمغايرة العنوان ليس بشيء.
وقرىء «والمشركون» بالرفع عطفا على الموصول وحمل قراءة الجمهور على ذلك واعتبار أو الجر للجوار لا يخفى حاله. والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير كَفَرُوا وقوله تعالى مُنْفَكِّينَ خبر يكن والانفكاك في الأصل افتراق الأمور الملتحمة بنوع مزايلة وأريد به المفارقة لما كانوا عليه مما ستعرفه إن شاء اللّه تعالى فالوصف اسم فاعل من انفك التامة دون الناقصة الداخلة على المبتدأ والخبر. وزعم بعض النحاة أنه وصف منها والخبر محذوف أي واعدين اتباع الحق أو نحوه. وتعقب مع كونه خلاف الظاهر بأن خبر كان وأخواتها لا يجوز حذفه في السعة لا اقتصارا وحين ليس مجير أي في الدنيا ضرورة. وقوله تعالى حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ متعلق بمنفكين والبينة صفة بمعنى اسم الفاعل أي المبين للحق أو هي بمعناها المعروف وهو الحجة المثبتة للمدعي ويراد بها المعجز وعلى الوجهين. فقوله تعالى رَسُولٌ بدل منها بدل كل من كل أو خبر لمقدر أي هي رسول وتنوينه للتفخيم والمراد به نبينا صلّى اللّه عليه وسلم وقوله سبحانه مِنَ اللَّهِ في موضع الصفة له مفيد للفخامة الإضافية فهو مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية. وقوله تعالى يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً صفة أخرى له أو حال من الضمير في صفته الأولى كما أن قوله سبحانه فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ صفة ثانية ل صُحُفاً أو حال من الضمير في صفتها الأولى أعني مُطَهَّرَةً ويجوز أن يكون الصفة أو الحال هنا الجار والمجرور فقط وكتب مرتفعا على الفاعلية وإطلاق البينة عليه عليه الصلاة والسلام على المعنى الأول ظاهر ، وعلى المعنى الأخير باعتبار أن أخلاقه وصفاته صلّى اللّه عليه وسلم كانت بالغة حد الإعجاز كما قال الغزالي في المنقذ من الضلال. وأشار إليه البوصيري بقوله :
كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم
ويعلم منه حكمة جعله عليه الصلاة والسلام يتيما أو باعتبار كثرة معجزاته صلّى اللّه عليه وسلم غير ما ذكر وظهورها.
وجوز أن يراد بالبينة القرآن لأنه مبين للحق أو معجز مثبت للمدعى ، وروي ذلك عن قتادة وابن زيد ، و

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 426
رَسُولٌ عليه قيل بدل اشتمال أو بدل كل من كل أيضا بتقدير مضاف أي بينة أو وحي أو معجز أو كتاب رسول أو هو خبر مبتدأ مقدر أي هي رسول ويقدر معه مضاف كما سمعت ، وجوز أن يكون رَسُولٌ مبتدأ لوصفه وخبره جملة يَتْلُوا إلخ. وجملة المبتدأ وخبره مفسرة للبينة. وقيل اعتراض لمدحها وقيل صفة لها مرادا بها القرآن ويراد بالصحف المطهرة البينة وقد وضعت موضع ضميرها فكانت الرابط. وقرأ أبي وعبد اللّه «رسولا» بالنصب على الحالية من البينة ، والصحف جمع صحيفة وكذا الصحاف القراطيس التي يكتب فيها وأصلها المبسوط من الشيء ، والمراد بتطهيرها تنزيهها عن الباطل على سبيل الاستعارة المصرحة. ويجوز أن يكون في الكلام استعارة مكنية أو تطهير من يمسها على التجوز في النسبة فكأنه قيل صحفا لا يمسها إلّا المطهرون والمراد بالكتب المكتوبات وبالقيمة المستقيمة واستقامتها نطقة بالحق. وفي التيسير هي كتب الأنبياء عليهم السلام والقرآن مصدق لها فكأنها فيه ووصفه عليه الصلاة والسلام بتلاوة الصحف المذكورة بناء على المشهور من أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يقرأ الكتاب كما أنه صلّى اللّه عليه وسلم لم يكن يكتب من باب التجوز في النسبة إلى المفعول لأنه صلّى اللّه عليه وسلم لما قرأ ما فيها فكأنه قرأها. وقيل على تقدير مضاف أي مثل صحف وقيل في ضمير استعارة مكنية بتشبيهه عليه الصلاة والسلام لتلاوته مثل ما فيها بتاليها أو الصحف مجاز عما فيها بعلاقة الحلول. ففي ضمير فِيها استخدام لعوده على الصحف بالمعنى الحقيقي.
وقيل المراد بالرسول جبريل عليه السلام ، وبالصحف صحف الملائكة عليهم السلام المنتسخة من اللوح المحفوظ ، وبتطهيرها ما سبق ، والمراد بتلاوته عليه الصلاة والسلام إياها ظاهر وجعلها مجازا عن وحيه إياها غير وجيه والأولى حمل الرسول على النبي صلّى اللّه عليه وسلم وهو المروي عن ابن عباس ومقاتل وغيرهما. وقد اختلفوا في المعنى المراد بالآية اختلافا كثيرا حتى قال الواحدي في كتاب البسيط : إنها من أصعب ما في القرآن نظما وتفسيرا وبيّن ذلك بناء على أن الكفر وصف لكل من الفريقين قبل البعثة بأن الظاهر أن المعنى لم يكن الذين كفروا من الفريقين منفكين عما هم عليه من الكفر حتى يأتيهم الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ، وحَتَّى لانتهاء الغاية فتقتضي أنهم انفكوا عن كفرهم عند إتيان الرسول صلّى اللّه عليه وسلم وهو خلاف الواقع ويناقضه قوله تعالى وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ فإنه ظاهر في أن كفرهم قد زاد عند ذلك فقال جار اللّه : كان الكفار من الفريقين يقولون قبل المبعث لا ننفك عما نحن فيه من ديننا حتى يبعث اللّه تعالى النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل وهو محمد صلّى اللّه عليه وسلم فحكى اللّه تعالى ما كانوا يقولونه ، ثم قال سبحانه وَما تَفَرَّقَ إلخ يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول ثم ما فرقهم عن الحق وأقرهم على الكفر إلّا مجيئه ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه : لست بمنفك مما أنا فيه حتى يرزقني اللّه تعالى الغنى فيرزقه اللّه عز وجل ذلك فيزداد فسقا ، فيقول واعظه : لم تكن منفكا عن الفسق حتى توسر وما غمست رأسك في الفسق إلّا بعد اليسار يذكره ما كان يقوله توبيخا وإلزاما.
وحاصله أن الأول من باب الحكاية لزعمهم وقوله سبحانه وَما تَفَرَّقَ إلخ إلزام عليهم حكى اللّه تعالى كلامهم على سبيل التوبيخ والتعيير فقال : هذا هو الثمرة. وظاهره أنه أراد بتفرقهم عن الحق وحمل على الكفر والباطل لاستلزامه إياه وعدم التعرض للمشركين في قوله تعالى وَما تَفَرَّقَ إلخ لعلم حالهم من حال الذين أوتوا الكتاب بالأولى. وقيل وهو قريب من ذاك من وجه وفيه إيضاح له من وجه أي لم يكونوا منفكين عما كانوا عليه من الوعد باتباع الحق والإيمان بالرسول المبعوث في آخر الزمان إلى أن أتاهم ما جعلوه ميقاتا للاجتماع والاتفاق فاجعلوه ميقاتا للانفكاك والافتراق كما قال سبحانه وَما تَفَرَّقَ إلخ. وفي التعبير ب مُنْفَكِّينَ إشارة إلى وكادة وعدهم وهو

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 427
من أهل الكتاب مشهور حتى أنهم كانوا يستفتحون ويقولون : اللهم افتح علينا وانصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان ، ويقولون لأعدائهم من المشركين : قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم.
ومن المشركين لعله وقع من متأخريهم بعد ما شاع من أهل الكتاب واعتقدوا صحته مما شاهدوا مثلا من بعض من يوثق به بينهم من قومهم كزيد بن عمرو بن نفيل فقد كان يتطلب نبيا من العرب ويقول : قد أظل زمانه وإنه من قريش بل من بني هاشم بل من بني عبد المطلب ، ويشهد لذلك أنهم قبيل بعثته عليه الصلاة والسلام سمى منهم غير واحد ولده بمحمد رجاء أن يكون النبي المبعوث واللّه أعلم حيث يجعل رسالته. والتعبير عن إتيانه بصيغة المضارع باعتبار حال المحكي لا باعتبار حال الحكاية كما في قوله تعالى وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ [البقرة : 102] أي تلت. وقوله تعالى وَما تَفَرَّقَ إلخ كلام مسوق لمزيد التشنيع على أهل الكتاب خاصة ببيان أن ما نسب إليهم من الانفكاك لم يكن لاشتباه في الأمر بل بعد وضوح الحق وتبين الحال وانقطاع الأعذار بالكلية وهو السر في وصفهم بإيتاء الكتاب المنبئ عن كمال تمكنهم من مطالعته والإحاطة بما في تضاعيفه من الأحكام والأخبار التي من جملتها ما يتعلق بالنبي عليه الصلاة والسلام وصحة بعثته بعد ذكرهم فيما سبق بما هو جار مجرى اسم الجنس للطائفتين.
ولما كان هؤلاء والمشركون باعتبار اتفاقهم على الرأي المذكور في حكم فريق واحد عبّر عما صدر منهم عقيب الاتفاق عند الإخبار بوقوعه بالانفكاك ، وعند بيان كيفية وقوعه بالتفرق اعتبار الاستقلال كل من فريقي أهل الكتاب وإيذانا بأن انفكاكهم عن الرأي المذكور ليس بطريق الاتفاق على رأي آخر بل بطريق الاختلاف القديم. وتعقب التقريران بأنه ليس في الكلام ما يدل على أنه حكاية إلّا على إرادة منفكين عن الوعد باتباع الحق. وقال القاضي عبد الجبار : المعنى لم يكن الذين كفروا منفكين عن كفرهم وإن جاءتهم البينة وتعقبه الإمام بأن تفسير لفظ حتى بما ذكر ليس من اللغة في شيء ، ولعله أراد أن المراد استمرار النفي وأن في الكلام حذفا أي لم يكونوا منفكين عن كفرهم في وقت من الأوقات حتى وقت أن تأتيهم البينة إلّا أنه عبّر بما ذكر لأنه أخصر ، وفيه أيضا ما لا يخفى. وقيل : المعنى لم يكونوا منفكين عن ذكر الرسول صلّى اللّه عليه وسلم بالمناقب والفضائل إلى أن أتاهم فحينئذ تفرقوا فيه وقال كل منهم فيه عليه الصلاة والسلام قولا زورا ، وتعقب بأنه لا دلالة على إرادة ما قدر متعلق الانفكاك. وقيل المعنى لم يكونوا منفكين عن كفرهم إلى وقت مجيء الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ، فلما جاءهم تفرقوا فمنهم من آمن ومنهم من أصرّ على كفره ويكفي ذلك في العمل بموجب حتى.
وتعقب بأن ظاهر وَما تَفَرَّقَ إلخ ذمّ لجميعهم وتشنيع عليهم ويؤيده قوله سبحانه بعد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إلخ ويبعد ذلك على حمل التفرق على إيمان بعض وإصرار بعض. وقيل : المعنى لم يكونوا منفكين عن كفرهم بأن يترددوا فيه بل كانوا جازمين به معتقدين حقيته إلى أن أتاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فعند ذلك اضطربت خواطرهم وأفكارهم وتشكك كل في دينه ومقالته وفيه ما لا يخفى. وقيل : معنى مُنْفَكِّينَ هالكين من قولهم انفك صلا المرأة عند الولادة وهو أن ينفصل فلا يلتئم ، والمعنى لم يكونوا معذبين ولا هالكين إلّا بعد قيام الحجة علهيم بإرسال الرسل وإنزال الكتب ، وقريب منه معنى ما قيل لم يكونوا منفكين عن الحياة بأن يموتوا ويهلكوا حتى تأتيهم البينة وهو كما ترى. وقيل المراد أنهم لم ينفكوا عن دينهم حقيقة إلى مجيء الرسول التالي للصحف المبينة نسخه وبطلانه ولما جاء وتبين ذلك انفكوا عنه حقيقة وإن بقوا عليه صورة وفيه ما فيه. وقال أبو حيان : الظاهر أن المعنى لم يكونوا منفكين أي منفصلا بعضهم عن بعض بل كان كل منهم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 428
مقرا الآخر على ما هو عليه مما اختاره لنفسه هذا من اعتقاده بشريعته وهذا من اعتقاده بأصنامه ، وحاصله أنه اتصلت مودتهم واجتمعت كلمتهم إلى أن أتتهم البينة وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا أي من المشركين وانفصل بعضهم من بعض فقال كل ما يدل عنده على صحة قوله إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ وكان يقتضي عند مجيئها أن يجتمعوا على اتباعها ولا يخفى أن قوله (بل كان كل منهم) إلخ في حيّز المنع. وأيضا حمل وَما تَفَرَّقَ على ما حمله عليه غير ظاهر. وقال ابن عطية : هاهنا وجه بارع المعنى وذلك أن يكون المراد لم يكن هؤلاء القوم منفكين من أمر اللّه تعالى وقدرته ونظره سبحانه حتى يبعث عز وجل إليهم رسولا منذرا يقيم تعالى عليهم به الحجة ويتم على من آمن به النعمة فكأنه قال : ما كانوا ليتركوا سدى ولهذا نظائر في كتاب اللّه جل جلاله هذا ما ظفرنا به سؤالا وجوابا وجرحا وتعديلا.
ثم إني أقول ما تقدم في تقرير الإشكال مبني على مذهب القائلين بمفهوم الغاية وهم أكثر الفقهاء وجماعة من المتكلمين كالقاضي أبي بكر والقاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري وغيرهم دون مذهب الغير القائلين به وهم أصحاب الإمام أبي حنيفة وجماعة من الفقهاء والمتكلمين ، واختاره الآمدي واستدل عليه بما استدل ورد ما يعارضه من أدلة المخالف وعليه يمكن أن يقال إنه سبحانه وتعالى بيّن أولا حال الذين كفروا من الفريقين إلى وقت إتيان الرسول صلّى اللّه عليه وسلم بقوله عز وجل لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ أي عما هم عليه من الدين حسب اعتقادهم فيه إلى أن يأتيهم الرسول ، ولما لم يتعرض في ذلك على ذلك المذهب لحالهم بعد إتيان الرسول عليه الصلاة والسلام بيّنه سبحانه بقوله جل وعلا وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إلخ أي وما تفرقوا فعرف بعض منهم الحق وآمن وعرفه بعض آخر منهم وعاند فلم يؤمن في وقت من الأوقات إلّا من بعد ما جاءتهم البينة.
وطوى سبحانه ذكر حال المشركين لعلمه بالأولى من حالهم ثم إنه تعالى ذكر بعد حال كل من الفريقين المؤمن والكافر وما له في الآخرة بقوله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إلخ وقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إلخ والذي أميل إليه مما تقدم كون الانفكاك عن الوعد باتباع الحق ، ولعل القرينة على اعتباره حالية ويحتمل نحوا آخر من التوجيه وذلك بأن يجعل الكلام من باب الأعمال فيقال : إن مُنْفَكِّينَ يقتضي متعلقا هو المنفك عنه وتَأْتِيَهُمُ يقتضي فاعلا وليس في الكلام سوى البينة فكل منهما يقتضيه فأعمل فيه تَأْتِيَهُمُ وحذف معمول مُنْفَكِّينَ لدلالته عليه فكأنه قيل : لم يكن الذين كفروا من الفريقين منفكين عن البينة حتى تأتيهم البينة ، وحيث كان المراد بالبينة الرسول كان الكلام في قوة لم يكونوا منفكين عن الرسول حتى يأتيهم. ويراد بعدم الانفكاك عن الرسول حيث لم يكن موجودا إذ ذاك عدم الانفكاك عن ذكره والوعد باتباعه ويكون باقي الكلام في الآية على نحو ما سبق على تقدير إرادة
مُنْفَكِّينَ عما كانوا عليه من الوعد باتباع الحق وإن شئت قلت في قوله تعالى وَما تَفَرَّقَ إلخ أنه على معنى وما تفرق الذين أوتوا الكتاب عن الرسول وما انفكوا عنه بالإصرار على الكفر إلّا من بعد ما جاءهم فتأمل جميع ما أتيناك به واللّه تعالى أعلم بأسرار كتابه.
وقوله تعالى وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ جملة حالية مفيدة لغاية قبح ما فعلوا والمراد بالأمر مطلق التكليف ومتعلقه محذوف واللام للتعليل ، والكلام في تعليل أفعاله تعالى شهير والاستثناء مفرغ من أعم العلل أي والحال أنهم ما كلفوا في كتابهم بما كلفوا به لشيء من الأشياء إلا لأجل عبادة اللّه تعالى. وقال الفرّاء :
العرب تجعل اللام موضع أن في الأمر كأمرنا لنسلم وكذا في الإرادة كيريد اللّه ليبين لكم فهي هنا بمعنى أن

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 429
أي إلّا بأن يعبدوا اللّه وأيّد بقراءة عبد اللّه إلّا أن يعبدوا فيكون عبادة اللّه تعالى هي المأمور بها والأمر على ظاهره والأول هو الأظهر وعليه قال علم الهدى أبو منصور الماتريدي : هذه الآية علم منها معنى قوله تعالى وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56] أي إلا لأمرهم بالعبادة فيعلم المطيع من العاصي وهو كما قال الشهاب كلام حسن دقيق. مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ أي جاعلين دينهم خالصا له تعالى فلا يشركون به عز وجل فالدين مفعول لمخلصين ، وجوز أن يكون نصبا على إسقاط الخافض ومفعول مُخْلِصِينَ محذوف أي جاعلين أنفسهم خالصة له تعالى في الدين. وقرأ الحسن «مخلصين» بفتح اللام وحينئذ يتعين هذا الوجه في الدين ولا يتسنى الأول. نعم جوز أن يكون نصبا على المصدر والعامل لِيَعْبُدُوا أي ليدينوا اللّه تعالى بالعبادة الدين حُنَفاءَ أي مائلين عن جميع العقائد الزائغة إلى الإسلام وفيه من تأكيد الإخلاص ما فيه ، فالحنف الميل إلى الاستقامة وسمي مائل الرجل إلى الاعوجاج أحنف للتفاؤل أو مجاز مرسل بمرتبتين. وعن ابن عباس تفسير حنفاء هنا بحجاجا. وعن قتادة بمختتنين محرمين لنكاح الأم والمحارم وعن أبي قلابة بمؤمنين بجميع الرسل عليهم السلام.
وعن مجاهد بمتبعين دين إبراهيم عليه السلام ، وعن الربيع بن أنس بمستقبلين القبلة بالصلاة وعن بعض بجامعين كل الدين وحال الأقوال لا يخفى وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ إن أريد بهما ما في شريعتهم من الصلاة والزكاة فالأمر بهما ظاهر وإن أريد ما في شريعتنا فمعنى أمرهم بهما في كتابهم أن أمرهم باتباع شريعتنا أمر لهم بجميع أحكامها التي هما من جملتها وَذلِكَ إشارة إلى ما ذكر من عبادة اللّه تعالى بالإخلاص وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وما فيه من البعد للإشعار بعلو رتبته وبعد منزلته في الشرف دِينُ الْقَيِّمَةِ أي الكتب القيمة فأل للعهد إشارة إلى ما تقدم في قوله تعالى فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ وإليه ذهب محمد بن الأشعث الطالقاني. وقال الزجاج : أي الأمة القيمة أي المستقيمة. وقال غير واحد : أي الملة القيمة والتغاير الاعتباري بين الدين والملة يصحح الإضافة ، وبعضهم لم يقدر موصوفا ويجعل الْقَيِّمَةِ بمعنى الملة وقيل أي الحجج القيمة. وقرأ عبد اللّه رضي اللّه تعالى عنه «الدين القيمة» فقيل التأنيث على تأويل الدين بالملة وقيل الهاء للمبالغة.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ قيل بيان لحال الفريقين في الآخرة بعد بيان حالهم في الدنيا ، وذكر المشركين لئلا يتوهم اختصاص الحكم بأهل الكتاب حسب اختصاص مشاهدة شواهد النبوة في الكتاب بهم ، فالمراد بهؤلاء الذين كفروا هم المتقدمون في صدر السورة وفي ذلك احتمال أشرنا إليه فلا تغفل. ومعنى كونهم في نار جهنم أنهم يصيرون إليها يوم القيامة لكن لتحقق ذلك لم يصرح به. وجيء بالجملة اسمية أو يقدر متعلق الجار بمعنى المستقبل أو أنهم فيها الآن على إطلاق نار جهنم على ما يوجبها من الكفر مجازا مرسلا بإطلاق اسم المسبب على السبب. وجوزت الاستعارة وقيل إن ما هم فيه من الكفر والمعاصي عين النار إلّا أنها ظهرت في هذه النشأة بصورة عرضية وستخلعها في النشأة الآخرة وتظهر بصورتها الحقيقية وقد مر نظيره غير مرة خالِدِينَ فِيها حال من المستكن في الخبر واشتراك الفريقين في دخول النار بطريق الخلود لا ينافي تفاوت عذابهما في الكيفية فإن جهنم والعياذ باللّه تعالى دركات وعذابها ألوان ، فيعذب أهل الكتاب في درك منها نوعا من العذاب ، والمشركون في درك أسفل منه بعذاب أشد لأن كفرهم أشد من كفر أهل الكتاب ، وكون أهل الكتاب كفروا بالرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مع علمهم بنعوته الشريفة وصحة رسالته من كتابهم ولم يكن للمشركين علم بذلك كعلمهم لا يوجب كون عذابهم أشد من عذاب

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 430
المشركين ولا مساويا له فإن الشرك ظلم عظيم. وقد انضم إليه من أنواع الكفر في المشركين مما ليس عند أهل الكتاب وقد استدل بالآية على خلود الكفار مطلقا في النار أُولئِكَ إشارة إليهم باعتبار اتصافهم بما هم فيه من القبائح المذكورة وما فيه من معنى البعد لبعد منزلتهم في الشر أي أولئك البعداء المذكورون هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أي الخلقية وقيل أي البشر ، والمراد قيل هم شر البرية أعمالا فتكون الجملة في حيّز التعليل لخلودهم في النار. وقيل شرها مقاما ومصيرا فتكون تأكيدا لفظاعة حالهم ، ورجح الأول بأنه الموافق لما سيأتي إن شاء اللّه تعالى في حق المؤمنين. وأيّا ما كان فالعموم على ما قيل مشكل فإن إبليس وجنوده شر منهم أعمالا ومقاما وكذا المشركون والمنافقون حيث ضموا إلى الشرك النفاق وقد قال سبحانه إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء : 145] وقال بعض : لا يبعد أن يكون في كفار الأمم من هو شر منهم كفرعون وعاقر الناقة. وأجاب بأن المراد بالبرية المعاصرون لهم ولا يخفى أنه يبقى معه الإشكال بإبليس ونحوه. وأجيب بأن ذلك إذا كان الحصر حقيقيا وأما إذا كان إضافيا بالنسبة إلى المؤمنين بحسب زعمهم فلا إشكال إذ يكون المعنى أولئك هم شر البرية لا غيرهم من المؤمنين كما يزعمون مآلا أو حالا. وقيل : يراد بالبرية البشر.
ويراد بشريتهم شريتهم بحسب الأعمال ولا يبعد أن يكونوا بحسب ذلك هم شر جميع البرية لما أن كفرهم مع العلم بصحة رسالته عليه الصلاة والسلام ومشاهدة معجزاته الذاتية والخارجية ووعد الإيمان به عليه الصلاة والسلام ومع إدخالهم به الشبهة في قلوب من يأتي بعدهم وتسببهم به ضلال كثير من الناس إلى غير ذلك مما تضمنه واستلزمه من القبائح شر كفر وأقبحه لا يتسنى مثله لأحد من البشر إلى يوم القيامة ، وكذا سائر أعمالهم من تحريف الكلم عن مواضعه وصد الناس عنه صلّى اللّه عليه وسلم ومحاربتهم إياه عليه الصلاة والسلام ، وكون كفر فرعون وعاقر الناقة وفعلهما بتلك المثابة غير مسلم ويلتزم دخول المنافقين في عموم الذين كفروا أو كون كفرهم وأعمالهم دون كفر وأعمال المذكورين وفيه شيء لا يخفى فتأمل. وقيل : ليس المراد بأولئك الذين كفروا أقواما مخصوصين وهم المحدث عنهم أولا بل الأعم الشامل لهم ولغيرهم من سالف الدهر إلى آخره وهو على ما فيه لا يتم بدون حمل البرية على البشر فلا تغفل. وقرأ الأعرج وابن عامر ونافع «البريئة» هنا وفيما بعد بالهمزة فقيل هو الأصل من برأهم اللّه تعالى بمعنى ابتدأهم واخترع خلقهم فهي فعيلة بمعنى مفعولة ، لكن عامة العرب إلّا أهل مكة التزموا تسهيل الهمزة بالإبدال والإدغام فقالوا : البرية كما قالوا الذرية والخابية. وقيل : ليس بالأصل وإنما البرية بغير همز من البرى المقصور يعني التراب فهو أصل
برأسه والقراءتان مختلفتان أصلا ومادة ومتفقتان معنى في رأي وهو أن يكون المراد عليهما البشر ، ومختلفان فيه أيضا في رأي آخر وهو أن يكون المراد بالمهموز الخليفة الشاملة للملائكة والجن كالبشر ، وبغير المهموز البشر المخلوقون من التراب فقط وأيّا ما كان فليست القراءة بالهمز خطأ كيف وقد نقلت عمن ثبتت عصمته مع أن الهمز لغة قوم من أنزل عليه الكتاب صلّى اللّه عليه وسلم.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بيان لمحاسن أحوال المؤمنين إثر بيان سوء حال الكفرة جريا على السنة القرآنية من شفع الترهيب بالترغيب أو هو على ما أشرنا إليه سابقا. وقال عصام الدين : إن قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إلخ كالتأكيد لقوله تعالى ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ إذا لا تحقيق لكونها الملة القيمة فوق أن يكون جزاء المعرض هذا وجزاء الممتثل ذلك إلّا أن ذلك اقتضى قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إلخ وكأنه فصل لتخييل عدم المناسبة بين الجملتين لا في المسند إليه ولا في المسند أُولئِكَ أي المنعوتون بما هو

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 431
الغاية القاصية من الشرف والفضيلة من الإيمان والطاعة هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وقرأ حميد وعامر بن عبد الواحد «هم خيار البرية» وهو جمع خير كجياد وجيد جَزاؤُهُمْ بمقابلة ما لهم من الإيمان والطاعات عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً تقدمت نظائره. وفي تقديم مدحهم بخير البرية وذكر الجزاء المؤذن يكون ما منح في مقابلة ما وصفوا به وبيان كونه من عنده تعالى والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التربية والتبليغ إلى الكمال مع الإضافة إلى ضميرهم وجمع الجنات وتقييدها بالإضافة وبما يزيدها نعيما ، وتأكيد الخلود بالأبد من الدلالة على غاية حسن حالهم ما لا يخفى. والظاهر أن جملة هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ خبر اسم الإشارة وكذا ما بعد وزعم بعض الأجلّة أن الأنسب بالعديل السابق أن تجعل معترضة ويكون الخبر ما بعدها وفيه نظر. وقوله تعالى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ استئناف نحوي وإخبار عمل تفضل عز وجل به زيادة على ما ذكر من أجزية أعمالهم ، ويجوز أن يكون بيانيا جوابا لمن يقول ألهم فوق ذلك أمر آخر وجوز أن يكون خبرا بعد خبر أو حالا بتقدير قد أو بدونه ، وجوز أن يكون دعاء لهم من ربهم وهو مجاز عن الإيجاد مع زيادة التكريم وهو خلاف الظاهر ويبعده عطف قوله تعالى وَرَضُوا عَنْهُ عليه وعلل رضاهم بأنهم بلغوا من المطالب قاصيتها ومن المآرب ناصيتها ، وأتيح لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذلِكَ أي ما ذكره من الجزاء والرضوان لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ فإن الخشية ملاك السعادة الحقيقية والفوز بالمراتب العلية إذ لولاها لم تترك المناهي والمعاصي ولا استعد ليوم يؤخذ فيه بالأقدام والنواصي.
وفيه إشارة إلى أن مجرد الإيمان والعمل الصالح ليس موصلا إلى أقصى المراتب ورضوان من اللّه أكبر ، بل الموصل له خشية اللّه تعالى وإِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر : 28] ولذا قال الجنيد قدس سره : الرضا على قدر قوة العلم والرسوخ في المعرفة وقال عصام الدين : الأظهر أن ذلك إشارة إلى ما يترتب عليه الجزاء والرضوان من الإيمان والعمل الصالح ، وتعقب بأن فيه غفلة عما ذكر وعن أنه لا يكون حينئذ لقوله تعالى ذلِكَ إلخ كبير فائدة والتعرض لعنوان الربوبية المعربة عن المالكية والتربية للإشعار بعلة الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية. واستدل بقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إلخ على أن البشر أفضل من الملك لظهور أن المراد بالذين آمنوا المؤمنون من البشر ، وفي الآثار ما يدل على ذلك.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعا : «أتعجبون لمنزلة الملائكة من اللّه تعالى والذي نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند اللّه تعالى يوم القيامة أعظم من منزلة الملك واقرؤوا إن شئتم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : قلت : يا رسول اللّه من أكرم الخلق على اللّه تعالى؟ قال : يا عائشة أما تقرئين إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ»
وأنت تعلم أن هذا ظاهر في أن المراد بالبرية الخليقة مطلقا ليتم الاستدلال ثم إنه يحتاج أيضا إلى إدخال الأنبياء عليهم السلام في عموم الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأن لا يراد بهم قوم بخصوصهم إذ لو لم يدخلوا لزم تفضيل عوام البشر أي الذين ليسوا بأنبياء منهم على خواص الملائكة أعني رسلهم عليهم السلام وذلك مما لم يذهب إليه أحد من أهل السنة بل هم يكفرون من يقول به فليتفطن. والإمام قد ضعف الاستدلال في تفسيره بما لا يخلو عن بحث ، ولعل الأبعد عن القيل والقال جعل الحصر إضافيا بالنسبة إلى ما يزعمه أهل الكتاب والمشركون قالا أو حالا من أنهم هم خير البرية وكذا يجعل الحصر السابق بالنسبة إلى ما يزعمونه من أن المؤمنين هم شر البرية وصحة ما سبق من الآثار في حيّز المنع. ثم الظاهر أن المراد ب الَّذِينَ آمَنُوا إلخ مقابل الَّذِينَ كَفَرُوا والأقوم من الذين=

40. : روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ( نسخة محققة )
المؤلف : شهاب الدين محمود ابن عبد الله الحسيني الآلوسي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 432
أنصفوا بما في حيّز الصلة بخصوصهم وزعم بعضهم أنهم مخصوصون.
فقد أخرج ابن مردويه عن علي كرم اللّه تعالى وجهه قال : قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ألم تسمع قول اللّه تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ؟ هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب يدعون غرا محجلين» وروى نحوه الإمامية عن يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب الأمير كرم اللّه تعالى وجهه
. وفيه أنه عليه الصلاة والسلام قال ذلك له عند الوفاة ورأسه الشريف على صدره رضي اللّه تعالى عنه. وأخرج ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إلخ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لعلي رضي اللّه تعالى عنه وكرم وجهه : «هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين».
وذلك ظاهر في التخصيص وكذا ما ذكره الطبرسي الإمامي في مجمع البيان عن مقاتل ابن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال في الآية : نزلت في عليّ كرم اللّه تعالى وجهه وأهل بيته. وهذا إن سلمت صحته لا محذور فيه إذ لا يستدعي التخصيص بل الدخول في العموم وهم بلا شبهة داخلون فيه دخولا أوليا وأما ما تقدم فلا تسلم صحته فإنه يلزم عليه أن يكون علي كرم اللّه تعالى وجهه خيرا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والإمامية وإن قالوا إنه رضي اللّه تعالى عنه خير من الأنبياء حتى أولي العزم عليهم السلام ومن الملائكة حتى المقربين عليهم السلام لا يقولون بخيريته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فإن قالوا بأن البرية على ذلك مخصوصة بمن عداه عليه الصلاة والسلام للدليل الدال على أنه صلّى اللّه عليه وسلم خير منه كرم اللّه تعالى وجهه قيل إنها مخصوصة أيضا بمن عدا الأنبياء والملائكة ومن قال أهل السنة بخيريته للدليل الدال على خيرتيهم. وبالجملة لا ينبغي أن يرتاب في عدم تخصيص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالأمير كرم اللّه تعالى وجهه وشيعته ولا به رضي اللّه تعالى عنه وأهل بيته وإن دون إثبات صحة تلك الأخبار خرط القتاد واللّه تعالى أعلم.
ثم إن الروايات في أن هذه السورة قد نسخ منها كثير كثيرة منها
أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه عن أبيّ أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : «إن اللّه تعالى أمرني أن أقرأ عليك القرآن» فقرأ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ فقرأ فيها : «ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه يسأل ثانيا ، ولو سأل ثانيا فأعطيه يسأل ثالثا ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ويتوب اللّه على من تاب وإن الدين عند اللّه الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل ذلك فلن يكفره»
. وفي بعض الآثار أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم اقرأه هكذا ما كان الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من اللّه يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة إن أقوم الدين الحنيفية مسلمة غير مشركة ولا يهودية ولا نصرانية ومن يعمل صالحا فلن يكفره وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلّا من بعد ما جاءتهم البينة إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه وفارقوا الكتاب لما جاءهم أولئك عند اللّه شر البرية ما كان الناس إلّا أمة واحدة ثم أرسل اللّه النبيين مبشرين ومنذرين يأمرون الناس يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويعبدون اللّه وحده أولئك عند اللّه خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه
. أخرج ذلك ابن مردويه عن أبيّ رضي اللّه تعالى عنه وهو مخالف لما صح عنه فلا يعول عليه كما لا يخفى على العارف بعلم الحديث.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 433
سورة الزّلزلة
ويقال سورة إذا زلزلت وهي مكية في قول ابن عباس ومجاهد وعطاء ، ومدنية في قول قتادة ومقاتل.
واستدل له في الإتقان بما
أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه تعالى عنه ، قال : لما نزلت فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ [الزلزلة : 7] إلخ قلت : يا رسول اللّه إني لراء عملي؟ قال : «نعم» قلت : تلك الكبار الكبار؟ قال : «نعم» قلت : الصغار الصغار؟ قال : «نعم». قلت : وا تكل أمي؟ قال : «أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها» الحديث
. وأبو سعيد لم يكن إلّا بالمدينة ولم يبلغ إلا بعد أحد. وآيها ثمان في الكوفي والمدني الأول وتسع في الباقية وصح في حديث الترمذي والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس مرفوعا : «إذا زلزلت تعدل نصف القرآن».
وجاء في حديث آخر تسميتها ربعا ووجه ما في الأول بأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وهذه السورة تشتمل على أحكام الآخرة إجمالا وزادت على القارعة بإخراج الأثقال وبحديث الأخبار وما في الآخر بأن الإيمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الإيمان
في الحديث الذي رواه الترمذي : «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : يشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه بعثني بالحق ، ويؤمن بالموت ، ويؤمن بالبعث بعد الموت ، ويؤمن بالقدر».
وسيأتي إن شاء اللّه تعالى ما يتعلق بهذا المقام ، وكأنه لما ذكر عز وجل في السورة السابقة جزاء الفريقين المؤمنين والكافرين كان ذلك كالمحرك للسؤال عن وقته فبينه جل شأنه في هذه السورة فقال عز من قائل :
[سورة الزلزلة (99) : الآيات 1 إلى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (2) وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (4)
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ أي حركت تحريكا عنيفا متداركا متكررا زِلْزالَها أي الزلزال المخصوص بها الذي تقتضيه بحسب المشيئة الإلهية للبنية على الحكم البالغة وهو الزلزال الشديد الذي ليس بعده زلزال فكأن ما سواه ليس زلزالا بالنسبة إليه أو زلزالها العجيب الذي لا يقادر قدره ، فالاضافة على الوجهين للعهد ، . ويجوز أن يراد الاستغراق لأن زلزالا مصدر مضاف فيعم أي زلزالها كله وهو استغراق

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 434
عرفي قصد به المبالغة وهو مراد من قال أي زلزالها الداخل في حيّز الإمكان أو عنى بذلك العهد أيضا. وقرأ الجحدري وعيسى «زلزالها» بفتح الزاي وهو عند ابن عطية مصدر كالزلزال بالكسر. وقال الزمخشري المكسور مصدر والمفتوح اسم للحركة المعروفة ، وانتصب هاهنا على المصدر تجوزا لسده مسد المصدر. وقال أيضا :
ليس في الأبنية فعلال بالفتح إلّا في المضاعف وذكروا أنه يجوز في ذلك الفتح والكسر إلّا أن الأغلب فيه إذا فتح أن يكون بمعنى اسم الفاعل كصلصال بمعنى مصلصل وقضقاض بمعنى مقضقض ووسواس بمعنى موسوس وليس مصدرا عند ابن مالك ، وأما في غير المضاعف فلم يسمع إلّا نادرا سواء كان صفة أو اسما جامدا ، وبهرام وبسطام معربان إن قيل بصحة الفتح فيهما ومن النادر خزعال بمعجمتين وهو الناقة التي بها ظلع ولم يثبت بعضهم غيره. وزاد ثعلب قهقازا وهو الحجر الصلب ، وقيل : هو جمع وقيل هو لغة ضعيفة والفصيحة قهقر بتشديد الراء. وزاد آخر قسطالا وهو الغبار وهذا الزلزال على ما ذهب إليه جمع عند النفخة الثانية لقوله تعالى : وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها فقد قال ابن عباس : أي موتاها. وقال النقاش والزجاج ومنذر بن سعيد : أي كنوزها وموتاها. وروي عن ابن عباس أيضا : وهذه الكنوز على هذا القول غير الكنوز التي تخرج أيام الدجال على ما وردت به الأخبار وذلك بأن تخرج بعضا في أيامه وبعضا عند النفخة الثانية ولا بعد في أن تكون بعد الدجال كنوز أيضا فتخرجها مع ما كان قد بقي يومئذ. وقيل : هو عند النفخة الأولى وأثقالها ما في جوفها من الكنوز أو منها ومن الأموات ويعتبر الوقت ممتدا وقيل : يحتمل أن يكون إخراج الموتى كالكنوز عند النفخة الأولى وإحياؤها في النفخة الثانية وتكون على وجه الأرض بين النفختين ، وأنت تعلم أنه خلاف ما تدل عليه النصوص وقيل إنها تزلزل عند النفخة الأولى فتخرج كنوزها وتزلزل عند الثانية فتخرج موتاها. وأريد هنا بوقت الزلزال ما يعم الوقتين. واقتصر بعضهم على تفسير الأثقال بالكنوز مع كون المراد بالوقت وقت النفخة الثانية وقال : تخرج الأرض كنوزها يوم القيامة ليراها أهل الموقف فيتحسر العصاة إذا نظروا إليها حيث عصوا اللّه تعالى فيها ثم تركوها لا تغني عنهم شيئا.
وفي الحديث تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانات من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا وقيل إن ذلك لتكوى بها جباه الذين كنزوا وجنوبهم وظهورهم. وأيّا ما كان فالأثقال جمع ثقل بالتحريك وهو على ما في القاموس متاع المسافر وكل نفيس مصون ، وتجوز به هاهنا على سبيل الاستعارة عن الثاني ويجوز أن يكون جمع ثقل بكسر فسكون بمعنى حمل البطن على التشبيه والاستعارة أيضا كما قال الشريف المرتضى في الدرر ، وأشار إلى أنه لا يطلق على ما ذكر إلّا بطريق الاستعارة ومنهم من فسر الأثقال هاهنا بالأسرار وهو مع مخالفته للمأثور بعيد وإظهار الأرض في موقع الإضمار لزيادة التقرير وقيل للإيماء إلى تبديل الأرض غير الأرض ، أو لأن إخراج الأرض حال بعض أجزائها. والظاهر أن إخراجها ذلك مسبب عن الزلزال كما ينفض البساط ليخرج ما فيه من الغبار ونحوه وإنما اختيرت الواو على الفاء تفويضا لذهن السامع كذا قيل. ولعل الظاهر أنه لم ترد السببية والمسببية بل ذكر كل مما ذكر من الحوادث من غير تعرض لتسبب شيء منها على الآخر.
وَقالَ الْإِنْسانُ أي كل فرد من أفراد الإنسان لما يبهرهم من الطامة التامة ويدهمهم من الداهية العامة ما لَها وزلزلت هذه المرتبة من الزلزال وأخرجت ما فيها من الأثقال استعظاما لما شاهدوه من الأمر الهائل وقد سيرت الجبال في الجو وصيرت هباء. وذهب غير واحد إلى أن المراد بالإنسان الكافر غير المؤمن بالبعث

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 435
والأظهر هو الأول على أن المؤمن يقول ذلك بطريق الاستعظام والكافر بطريق التعجب يَوْمَئِذٍ بدل من إذا وقوله تعالى تُحَدِّثُ أَخْبارَها أي الأرض واحتمال كون الفاعل المخاطب كما زعم الطبرسي لا وجه له عامل فيهما. وقيل : العامل مضمر يدل عليه مضمون الجمل بعد والتقدير يحشرون إذا زلزلت ويَوْمَئِذٍ متعلق ب تُحَدِّثُ وإِذا عليه لمجرد الظرفية. وقيل هي نصب على المفعولية لا ذكر محذوفا أي اذكر ذلك الوقت فليست ظرفية ولا شرطية ، وجوز أن تكون شرطية منصوب بجواب مقدر أي يكون ما لا يدرك كنهه أو نحوه والمراد يوم إذا زلزلت زلزالها وأخرجت أثقالها وقال الإنسان ما لها تحدث الخلق ما عندها من الأخبار وذلك بأن يخلق اللّه تعالى فيها حياة وإدراكا وتتكلم حقيقة فتشهد بما عمل عليها من طاعة أو معصية وهو قول ابن مسعود والثوري وغيرهما ويشهد له الحديث الحسن الصحيح الغريب.
أخرج الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم هذه الآية يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ثم قال : «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا :
اللّه ورسوله أعلم. قال : «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول عمل يوم كذا كذا فهذه أخبارها»
والباء في قوله تعالى بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها للسببية أي تحدث بسبب إيحاء ربك لها وأمره سبحانه إياها بالتحديث واللام بمعنى إلى أي أوحى إليها لأن المعروف تعدي الوحي بها كقوله تعالى وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ [النحل : 68] لكن قد يتعدى باللام كما في قول العجاج يصف الأرض :
أوحى لها القرار فاستقرّت وشدها بالراسيات الثّبّت
ولعل اختيارها لمراعاة الفواصل. وجوز أن تكون اللام للتعليل أو المنفعة لأن الأرض بتحديثها بعمل العصاة يحصل لها تشف منهم بفضحها إياهم بذكر قبائحهم والموحى إليه هي أيضا ، والوحي يحتمل أن يكون وحي إلهام وأن يكون وحي إرسال بأن يرسل سبحانه إليها رسولا من الملائكة بذلك. وقال الطبري وقوم :
التحديث استعارة أو مجاز مرسل لمطلق دلالة حالها والإيحاء إحداث ما تدل به فيحدث عز وجل فيها من الأحوال ما يكون به دلالة تقوم مقام التحديث باللسان حتى ينظر من يقول ما لها إلى تلك الأحوال فيعلم لم زلزلت ولم لفظت الأموات وإن هذا ما كانت الأنبياء عليهم السلام ينذرونه ويحذرون منه وما يعلم هو أخبارها.
وقيل : الإيحاء على تقدير كون التحديث حقيقيا أيضا مجاز عن إحداث حالة ينطقها سبحانه بها كإيجاد الحياة وقوة التكلم والإخبار على ما سمعت آنفا. وقال يحيى بن سلام : تحدث بما أخرجت من أثقالها ويشهد له ما
في حديث ابن ماجة في سننه : «تقول الأرض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتني»
. وعن ابن مسعود تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى وأمر الآخرة قد أتى فيكون ذلك جوابا لهم عند سؤالهم. وقال الزمخشري : يجوز أن يكون المعنى تحدث بتحديث أن ربك أوحى لها أخبارها على أن تحديثها بأن ربك أوحى لها تحديث بإخبارها كما تقول نصحتني كل نصيحة بأن نصحتني في الدين فأخبارها عليه هو أن ربك أوحى لها والباء تجريدية مثلها في قولك لئن لقيت فلانا لتلقين به رجلا متناهيا في الخير.
وكان الظاهر تحدث بخبرها بالإفراد وكذا على ما قبله من الوجهين لكن جمع للمبالغة كما يشير إليه المثال ونحوه قول الشاعر :
فأنالني كلّ المنى بزيارة كانت مخالسة كخطفة طائر
فلو استطعت خلعت على الدّجى لتطول ليلتنا - سواد الناظر
ولا يخفى بعده. وبالغ أبو حيان في الحط عليه ، فقال : هو عفش ينزه القرآن عنه. وأراد بالعفش - بعين

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 436
مهملة وفاء وشين معجمة - ما يدنس المنزل من الكناسة وهي كلمة تستعملها في ذلك عوام أهل المغرب وليس كما قال. وجوز أيضا أن يكون بِأَنَّ رَبَّكَ إلخ بدلا من أَخْبارَها كأنه قيل يومئذ تحدث بأن ربك أوحى لها لأنك تقول حدثته كذا وحدثته بكذا فيصح إبدال بِأَنَّ إلخ من أَخْبارَها وأن أحدهما مجرور والآخر منصوب لأنه يحل محله في بعض الاستعمالات وليس ذلك في الامتناع خلافا لأبي حيان كاستغفرت الذنب العظيم بنصب الذنب وجر العظيم على أنه نعت له باعتبار قولهم : استغفرت من الذنب لأن البدل هو المقصود فهو في قوة عامل آخر بخلاف النعت. نعم هو أيضا خلاف الظاهر وبعد كل ذلك اللائق أن لا يعدل عن المأثور لا سيما إذا صح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بقي هاهنا بحث وهو أنهم اختلفوا في نحو :
حدثت هل هو متعد إلى مفعول واحد أو إلى أكثر؟ فذهب الزمخشري وغيره ونقل عن سيبويه إلى الثاني وهو عندهم ملحق بأفعال القلوب فينصب مفعولين كحدثت زيدا الخبر ، أو ثلاثة كحدثته عمرا قائما فأخبارها عليه هو المفعول الثاني والمفعول الأول محذوف كما أشرنا إليه ولم يذكر لأنه لا يتعلق بذكره غرض إذا الغرض تهويل اليوم وأنه مما ينطق فيه الجماد بقطع النظر عن المحدث كائنا من كان. وقالالشيخ ابن الحاجب :
إنما هو متعدّ لواحد وما جاء بعده لتعين المفعول المطلق فعمرا قائما في حدثت زيدا عمرا قائما منصوب لوقوعه موقع المصدر لا لكونه مفعولا ثانيا وثالثا ولا يقال كيف يصح أن يقع ما ليس بفعل في المعنى أعني عمرا قائما مصدرا لأنه لم يكن مصدرا باعتبار كونه عمرا قائما ولكن باعتبار كونه حديثا مخصوصا فالوجه الذي صحح الإخبار به عن الحديث إذا قلت : حديث زيد عمرو قائم هو الذي صحح وقوعه مصدرا فإخبارها عليه في موقع المفعول والمفعول به محذوف لما تقدم ، بل قال بعضهم : إنك إذا قلت حدثته حديثا أو خبرا فلا نزاع في أنه مفعول مطلق ، والظاهر أن الإخبار في زعمه كذلك وتعقب ذلك في الكشف بأن ما ذكره الشيخ غير مسلم فإنه لم يفرق بين التحديث والحديث والأول هو المفعول المطلق كيف وهو يجر بالباء فتقول : حدثته الخبر وبالخبر ومعلوم أن ما دخل عليه الباء لا يجوز أن يكون مفعولا مطلقا وقد يقال كون الشيخ لم يفرق في حيّز المنع وكيف يخفى مثل ذلك على مثله لكنه قائل بأن أثر المصدر ومتعلقه قد سدّ مسده فيما ذكر كما سد مسده آلته في نحو ضربته سوطا ولعل ما قرره في غير ما دخلته الباء. وقال الطيبي :
يمكن أن يقال إن حدث وأخواتها متعديات إلى مفعول واحد حقيقة وجعلها متعديات إلى ثلاثة أو إلى اثنين تجوز أو تضمين لمعنى الإعلام واستأنس له بكلام نقله عن المفصل وكلام نقله عن صاحب الإقليد فتأمل. وقرأ ابن مسعود «تنبىء أخبارها» وسعيد بن جبير «تنبى ء» بالتخفيف.
يَوْمَئِذٍ أي يوم إذ ما ذكر وهو يقع ظرفا لقوله تعالى يَصْدُرُ النَّاسُ يخرجون من قبورهم بعد أن دفنوا فيها إلى موقف الحساب أَشْتاتاً متفرقين بحسب طبقاتهم بيض الوجوه آمنين وسود الوجود فزعين وراكبين وماشين ومقيدين بالسلاسل وغير مقيدين. وعن بعض السلف متفرقين إلى سعيد وأسعد وشقي وأشقى.
وقيل : إلى مؤمن وكافر وعن ابن عباس : أهل الإيمان على حدة وأهل كل دين على حدة وجوز أن يكون المراد كل واحد وحده لا ناصر له ولا عاضد كقوله تعالى وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى [الأنعام : 94] وقيل متفرقين بحسب الأقطار لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ أي ليبصروا جزاء أعمالهم خيرا كان أو شرا فالرؤية بصيرية والكلام على حذف مضاف أو على أنه تجوز بالأعمال عما يتسبب عنها من الجزاء وقدر بعضهم كتب أو صحائف وقال آخر : لا حاجة إلى التأويل والأعمال تجسم نورانية وظلمانية بل يجوز رؤيتها مع عرضيتها وهو كما ترى.
وقيل المراد ليعرفوا أعمالهم ويوقفوا عليها تفصيلا عند الحساب فلا يحتاج إلى ما ذكر أيضا. وقال النقاش

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 437
الصدور مقابل الورود فيردون المحشر ويصدرون منه متفرقين فقوم إلى الجنة وقوم إلى النار ليروا جزاء أعمالهم من الجنة والنار وليس بذاك. وأيّا ما كان فقوله تعالى لِيُرَوْا متعلق ب يَصْدُرُ وقيل : هو متعلق ب أَوْحى لَها وما بينهما اعتراض. وقرأ الحسن والأعرج وقتادة وحماد بن سلمة والزهري وأبو حيوة وعيسى ونافع في رواية «ليروا» بفتح الياء. وقوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ تفصيل ليروا والذرة نملة صغيرة حمراء رقيقة ويقال إنها تجري إذا مضى لها حول وهي علم في القلة. قال امرؤ القيس.
من القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق الإتب منها لأثرا
وقيل : الذر ما يرى في شعاع الشمس من الهباء. وأخرج هناد عن ابن عباس أنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم نفخ فيها. وقال : كل واحدة من هؤلاء مثقال ذرة وانتصاب خَيْراً وشَرًّا على التمييز لأن مثقال ذرة مقدار. وقيل على البدلية من مِثْقالَ والظاهر أن مَنْ في الموضعين عامة للمؤمن والكافر وأن المراد من رؤية ما يعادل مثقال ذرة من خير أو شر مشاهدة جزائه بأن يحصل له ذلك. واستشكل بأن ذلك يقتضي إثابة الكافر بحسناته وما يفعله من الخير مع أنهم قالوا : أعمال الكفرة محبطة وادعى في شرح المقاصد الإجماع على ذلك كيف وقد قال سبحانه وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الفرقان : 23] وقال عز وجل أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [هود : 16] وقال تعالى مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ الآية. [إبراهيم : 18] وكون خيرهم الذي يرونه تخفيف العذاب يدفعه قوله تعالى فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ [البقرة : 86 ، النحل : 85] وقوله سبحانه زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ [النحل : 88] ويقتضي أيضا عقاب المؤمن بصغائره إذا اجتنب الكبائر مع أنهم قالوا إنها مكفرة حينئذ لقوله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ [النساء : 31] وقول ابن المنير : إن الاجتناب لا يوجب التكفير عند الجماعة بل التوبة أو مشيئة اللّه تعالى ليس بشيء لأن التوبة والاجتناب سواء في حكم النص ومشيئة اللّه تعالى هي السبب الأصيل فالتزم بعضهم كون المراد بمن الأولى السعداء ، وبمن الثانية الأشقياء بناء على أن فَمَنْ يَعْمَلْ إلخ تفصيل ل يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً وكان مفسرا بما حاصله فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى : 70] فالمناسب أن يرجع كل فقرة إلى فرقة لتطابق المفصل المجمل ولأن الظاهر قوله سبحانه فَمَنْ يَعْمَلْ وَمَنْ يَعْمَلْ بتكرير أداة الشرط يقتضي التغاير بين العاملين وقال آخرون بالعموم إلّا أن منهم من قال : في الكلام قيد مقدر ترك لظهوره والعلم به من آيات أخر. فالتقدير : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره إن لم يحبط ومن يعلم مثقال ذرة شرا يره إن لم يكفر.
ومنهم من جعل الرؤية أعم مما تكون في الدنيا وما تكون في الآخرة ، فالكافر يرى جزاء خيره في الدنيا وجزاء شره في الآخرة والمؤمن يرى جزاء شره في الدنيا وجزاء خيره في الآخرة فقد روى البغوي وابن جرير وابن المنذر وغيرهم عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : فمن يعمل مثقال ذرة من خير وهو كافر فإنه يرى ثواب ذلك في الدنيا في نفسه وأهله وماله حتى يبلغ الآخرة وليس عليه فيها خير ، ومن يعمل مثقال ذرة من شر وهو مؤمن كوفىء ذلك في الدنيا في نفسه وأهله وماله حتى يبلغ الآخرة وليس عليه فيها شر.
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب وابن أبي حاتم وجماعة عن أنس قال : بينما أبو بكر

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 438
الصديق رضي اللّه تعالى عنه يأكل مع النبي صلّى اللّه عليه وسلم إذ نزلت عليه فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ الآية فرفع أبو بكر يده وقال : يا رسول اللّه إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر؟ فقال عليه الصلاة والسلام : «يا أبا بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر ويدخر لك مثاقيل ذر الخير حتى توفاه يوم القيامة».
وفي رواية ابن مردويه عن أبي أيوب أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال له إذ رفع يده : «من عمل منكم خيرا فجزاؤه في الآخرة ، ومن عمل منكم شرا يره في الدنيا مصيبات وأمراضا ، ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير دخل الجنة»
. ومنهم من قال :
المراد من رؤية ما يعادل ذلك من الخير والشر مشاهدة نفسه عن غير أن يعتبر معه الجزاء ولا عدمه بل يفوض كل منهما إلى سائر الدلائل الناطقة بعفو صغائر المؤمن المجتذب عن الكبائر وإثباته بجميع حسناته وبحبوط حسنات الكافر ومعاقبته بجميع معاصيه وبه يشعر ما أخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس من قوله في الآية ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا وشرا في الدنيا إلّا أراه اللّه تعالى إياه فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته فيغفر له من سيئاته ويثيبه بحسناته ، وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته فيردّ حسناته ويعذبه بسيئاته.
واختار هذا الطيبي فقال إنه يساعده النظم والمعنى والأسلوب أما النظم فإن قوله تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ إلخ تفصيل لما عقب به من قوله سبحانه يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فيجب التوافق والأعمال جمع مضاف يفيد الشمول والاستغراق ويصدر الناس مقيد بقوله عز وجل أَشْتاتاً فيفيد أنهم على طرائق شتى للنزول في منازلهم من الجنة والنار بحسب أعمالهم المختلفة ومن ثم كانت الجنة ذات درجات والنار ذات دركات. وأما المعنى فإنها وردت لبيان الاستقصاء في عرض الأعمال والجزاء عليها كقوله تعالى وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ [الأنبياء : 47] وأما الأسلوب فإنها من الجوامع الحاوية لفوائد الدين أصلا وفرعا
روينا عن البخاري ومسلم عن أبي هريرة سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن الحمر أي عن صدقتها قال : «لم ينزل عليّ فيها شيء إلّا هذه الآية الجامعة الفاذة»
أي المتفردة في معناها فتلاها عليه الصلاة والسلام. وروى الإمام أحمد عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أنه أتى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فقرأ عليه الآية فقال : «حسبي لا أبالي أن لا أسمع من القرآن غيرها»
انتهى. وأقول الظاهر عموم من وكون المراد رؤية الجزاء كما تقدم وكذا الظاهر كون ذلك في الآخرة ولا إشكال وذلك لأن الفقرة الأولى وعد والثانية وعيد ، ومذهبنا أن الوعد لازم الوقوع تفضلا وكرما والوعيد ليس كذلك فيفوض أمر الشر في الثانية على الدلائل وهي ناطقة بأنه إن كان كفرا لا يغفر وإن كان صغيرة من مؤمن مجتنب الكبائر يكفر ، وإن كان كبيرة من مؤمن أو صغيرة منه وهو غير مجتنب الكبائر فتحت المشيئة. وخبرا أنس وأبي أيوب السابقان لا يأبيان ذلك بعد التأمل ولا يبعد فيما أرى أن يكون ما عدا الكفر من الكافر كذلك. وأما أمر الخير فباق على ما يقتضيه الظاهر وهو بالنسبة إلى المؤمن ظاهر ، وأما بالنسبة إلى الكافر فتخفيف العذاب للأحاديث الصحيحة فقد ورد أن حاتما يخفف اللّه تعالى عنه لكرمه ، وأن أبا لهب كذلك لسروره بولادة النبي صلّى اللّه عليه وسلم وإعتاقه لجاريته ثويبة حين بشرته بذلك ، والحديث في تخفيف عذاب أبي طالب مشهور وما يدل على عدم تخفيف العذاب فالعذاب فيه محمول على عذاب الكفر بحسب مراتبه فهو الذي لا يخفف ، والعذاب الذي دلت الأخبار على تخفيفه غير ذلك ، ومعنى إحباط أعمال الكفار أنها لا تنجيهم من العذاب المخلد كأعمال غيرهم وهو معنى كونها سرابا وهباء. ودعوى الإجماع على إحباطها بالكلية غير تامة كيف وهم مخاطبون بالتكاليف في المعاملات والجنايات اتفاقا. والخلاف إنما هو في خطابهم في غيرها من الفروع ولا شك أنه لا معنى للخطاب بها إلا عقاب تاركها وثواب فاعلها. وأقله التخفيف وإلى هذا ذهب العلامة شهاب الدين

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 439
الخفاجي عليه الرحمة ثم قال : وما في التبصرة وشرح المشارق وتفسير الثعلبي من أن أعمال الكفرة الحسنة التي لا يشترط فيها الإيمان كإنجاء الغريق وإطفاء الحريق وإطعام ابن السبيل يجزون عليها في الدنيا ولا تدخر لهم في الآخرة كالمؤمنين بالإجماع للتصريح به في الأحاديث ، فإن عمل أحدهم في كفره حسنات ثم أسلم اختلف فيه هل يثاب عليها في الآخرة أم لا بناء على أن اشتراط الإيمان في الاعتداد بالأعمال وعدم إحباطها هل هو بمعنى وجود الإيمان عند العمل أو وجوده ولو بعد
لقوله صلّى اللّه عليه وسلم في الحديث : «أسلمت على ما سلف لك من خير»
غير مسلم ودعوى الإجماع فيه غير صحيحة لأن كون وقوع جزائهم في الدنيا دون الآخرة كالمؤمنين مذهب لبعضهم ، وذهب آخرون إلى الجزاء بالتخفيف وقال الكرماني : إن التخفيف واقع لكنه ليس بسبب عملهم بل لأمر آخر كشفاعة النبي صلّى اللّه عليه وسلم ورجائه ومنه ما يكون لأبي لهب كما قال الزركشي انتهى.
ولقائل أن يقول إن الشفاعة من آثار عمل المشفوع الخير أيضا فتأمل.
وسبب نزول الآية على ما أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه لما نزل وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ [الإنسان : 8] كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه فيجيء المسكين إلى أبوابهم فيستقلون أن يعطوه التمرة والبسرة فيردونه ويقولون : ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه ، وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك ويقولون إنما وعد اللّه تعالى النار على الكبائر فنزلت الآية ترغبهم في القليل من الخير أن يعملوه ، وتحذرهم اليسير من الشر أن يعملوه. وفيها من دلالة الخطاب ما لا يخفى وقد كان الصحابة رضي اللّه تعالى عنهم بعدها يتصدقون بما قل وكثر. فقد روي أن عائشة رضي اللّه تعالى عنها بعث إليها ابن الزبير بمائة ألف وثمانين ألف درهم في غرارتين فدعت بطبق وجعلت تقسمها بين الناس فلما أمست قالت جاريتها : هلمي وكانت صائمة ، فجاءت بخبز وزيت فقالت : ما أمسكت لنا درهما نشتري به لحما نفطر عليه. فقالت : لو ذكرتيني لفعلت. وجاء في عدة روايات أنها أعطت سائلا يوما حبة من عنب ، فقيل لها في ذلك. فقالت : هذه أثقل من ذر كثير ثم قرأت الآية. وروي نحو هذا عن عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن مالك رضي اللّه تعالى عنهم وكان غرضهم تعليم الناس أنه لا بأس بالتصدق بالقليل ولهم بذلك أسوة برسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.
فقد أخرج الزجاجي في أماليه عن أنس بن مالك أن سائلا أتى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فأعطاه تمرة ، فقال السائل : نبي من الأنبياء تصدق بتمرة. فقال عليه الصلاة والسلام :
«أما علمت فيها مثاقيل ذر كثيرة»
وجاء أنه عليه الصلاة والسلام قال : «اتقوا النار ولو بشق تمرة» ثم قرأ الآية.
وتقديم عمل الخير لأنه أشرف القسمين والمقصود بالأصالة لا يخفى حسن موقعه ويعلم منه أن هذا الإحصاء لا ينافي كرمه عز وجل المطلق وما يحكى من أن أعرابيا أخر خيرا يره فقيل له قدمت وأخرت فقال :
خذا بطن هرشى أو قفاها فإنه كلا جانبي هرشى لهن طريق
فغفل عن اللطائف القرآنية أو لعله أراد أنه فيما يتعلق بالعمل لا بأس به قدم أو أخر لا أن القراءة به جائزة. وقرأ الحسين بن علي على جده وعليهما الصلاة والسلام وابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما وعبد اللّه بن مسلم وزيد بن علي وأبو حيوة والكلبي وخليد بن نشيط وأبان عن عاصم والكسائي في رواية حميد بن الربيع عنه «يره» بضم الياء في الموضعين. وقرأ هشام وأبو بكر «يره» بسكون الهاء فيها وأبو عمرو بضمها مشبعة وباقي السبعة بالإشباع في الأول والسكون في الثاني والإسكان في الوصل لغة حكاها الأخفش ولم يحكها سيبويه وحكاها الكسائي أيضا عن بني كلاب وبني عقيل. وقرأ عكرمة «يراه» بالألف فيهما وذلك على لغة من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 440
يرى الجزم بحذف الحركة المقدرة على حرف العلة كما حكى الأخفش أو على ما يقال في غير القرآن من توهم أن من موصولة لا شرطية كما قيل في قوله تعالى إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ [يوسف : 9] في قراءة من أثبت ياء يتق وجزم يصبر. وجوز أن تكون الألف للإشباع والوجه الأول أولى واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 441
سورة العاديات
مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء ، مدنية في قول أنس وقتادة وإحدى الروايتين عن ابن عباس ، وقد أخرج عنه البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والدار قطني في الافراد وابن مردويه أنه قال : بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم خيلا فاستمرت شهرا لا يأتيه منها خبر ، فنزلت وَالْعادِياتِ
إلخ. وآيها احدى عشرة آية بلا خلاف. وأخرج أبو عبيد في فضائله من مرسل الحسن أنها تعدل بنصف القرآن. وأخرج ذلك محمد بن نصر من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس مرفوعا ولم أقف على سره. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها الجزاء على الخير والشر وأتبع ذلك فيها بتعنيت من اثر دنياه على آخرته ولم يستعد لها بفعل الخير. ولا يخفى ما في قوله تعالى هناك وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها [الزلزلة : 2] وقوله سبحانه هنا إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ [العاديات : 9] من المناسبة أو العلاقة على ما سمعت من أن المراد بالأثقال ما في جوفها من الأموات أو ما يعمهم والكنوز.
[سورة العاديات (100) : الآيات 1 إلى 11]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (2) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (5) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (9)
وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعادِياتِ الجمهور على أنه قسم بخيل الغزاة في سبيل اللّه تعالى التي تعدو أي تجري بسرعة نحو العدو ، وأصل العاديات العادوات بالواو فقلبت ياء لانكسار ما قبلها. وقوله تعالى ضَبْحاً مصدر منصوب بفعله المحذوف أي تضبح أو يضبحن ضبحا والجملة في موضع الحال ، وضبحها صوت أنفاسها عند عدوها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس : الخيل إذا عدت قالت اح اح فذلك ضبحها. وأخرج ابن جرير عن علي كرم اللّه تعالى وجهه : الضبح من الخيل الحمحمة ومن الإبل التنفس.
وفي البحر تصويت جهير عند العدو الشديد ليس بصهيل ولا رغاء ولا نباح بل هو غير الصوت المعتاد من صوت الحيوان الذي ينسب هو إليه وعن ابن عباس : ليس يضبح من الحيوان غير الخيل والكلاب ولا يصح عنه فإن العرب استعملت الضبح في الإبل والأسود من الحيات واليوم والأرنب والثعلب وربما تسنده إلى القوس. أنشد أبو حنيفة في صفتها.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 442
حنانة من نشم أو تالب تضبح في الكف ضباح الثعلب
وذكر بعضهم أن أصله للثعلب فاستعير للخيل كما في قول عنترة :
والخيل تكدح حين تض بح في حياض الموت ضبحا
وإنه من ضبحته النار غيّرت لونه ولم تبالغ فيه. ويقال انضبح لونه تغير إلى السواد قليلا. وقال أبو عبيدة :
الضبح وكذا الضبع بمعنى العدو الشديد وعليه قيل إنه مفعول مطلق للعاديات وليس هناك فعل مقدر. وجوز على تفسيره بما تقدم أن يكون نصبا على المصدرية به أيضا لكن باعتبار أن العدو مستلزم للضبح فهو في قوة فعل الضبح. ويجوز أن يكون نصبا على الحال مؤولا باسم الفاعل بناء على أن الأصل فيها أن تكون غير جامدة أي والعاديات ضابحات فَالْمُورِياتِ قَدْحاً الإيراء إخراج النار والقدح هو الضرب والصك المعروف يقال : قدح فأورى إذا أخرج النار ، وقدح فأصلد إذا قدح ولم يخرجها والمراد بها الخيل أيضا أي فالتي توري النار من صدم حوافرها للحجارة وتسمى تلك النار نار الحباحب وهو اسم رجل بخيل كان لا يوقد إلّا نارا ضعيفة مخافة الضيفان ، فضربوا بها المثل حتى قالوا ذلك لما تقدحه الخيل بحوافرها والإبل بأخفافها.
وانتصاب قَدْحاً كانتصاب ضَبْحاً على ما تقدم. وجوز كونه على التمييز المحول عن الفاعل أي فالمورى قدحها ولعله أمير وأبعد عن القدح. وعن قتادة : الموريات مجاز في الخيل توري نار الحرب وتوقدها وهو خلاف الظاهر فَالْمُغِيراتِ من أغار على العدو هجم عليه بغتة بخيله لنهب أو قتل أو إسار ، فالإغارة صفة أصحاب الخيل وإسنادها إليها إما بالتجوز فيه أو بتقدير المضاف والأصل فالمغير أصحابها أي فالتي يغير أصحابها على العدو عليها وقيل بسببها صُبْحاً أي في وقت الصبح فهو نصب على الظرفية وذلك هو المعتاد في الغارات كانوا يعدون ليلا لئلا يشعر بهم العدو ويهجمون صباحا ليروا ما يأتون وما يذرون وكانوا يتحمسون بذلك ومنه قوله :
قومي الذين صبحوا الصباحا يوم النخيل غارة ملحاحا
فَأَثَرْنَ بِهِ من الإثارة وهي التهييج وتحريك الغبار ونحوه. والأصل أثورن نقلت حركة الواو إلى ما قبلها وقلبت ألفا وحذفت لاجتماع الساكنين ، والفعل عطف على الاسم قبله وهو العاديات ، أو ما بعده لأنه اسم فاعل وهو في معنى الفعل خصوصا إذا وقع صلة فكأنه قيل : فاللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن. ولا شذوذ في مثله لأن الفعل تابع فلا يلزم دخول أل عليه ولا حاجة إلى أن يقال هو معطوف على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه. والحكمة في مجيء هذا فعلا بعد اسم فاعل على ما قال ابن المنير تصوير هذه الأفعال في النفس فإن التصوير يحصل بإيراد الفعل بعد الاسم لما بينهما من التخالف وهو أبلغ من التصوير بالأسماء المتناسقة وكذلك التصوير بالمضارع بعد المضارع كقول ابن معد يكرب :
بأني قد لقيت الغول يهوي بشهب كالصحيفة صحصحان
فآخذه فأضربه فخرت صريعا لليدين وللجران
وخص هذا المقام من الفائدة على ما قال الطيبي أن الخيل وصفت بالأوصاف الثلاثة ليرتب عليها ما قصد من الظفر بالفتح فجيء بهذا الفعل الماضي وما بعده مسببين عن أسماء الفاعلين فأفاد ذلك أن تلك المداومة أنتجت هاتين البغيتين ، ويفهم منه أن الفاء لتفريع ما بعدها عما قبلها وجعله مسببا عنه وسيأتي الكلام فيها قريبا إن شاء اللّه تعالى وضمير بِهِ للصبح والباء ظرفية أي فهيجن في ذلك الوقت نَقْعاً أي غبارا وتخصيص إثارته بالصبح لأنه لا يثور أو لا يظهر ثورانه بالليل وبهذا يظهر أن الإيراء الذي لا يظهر في النهار

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 443
واقع في الليل. وفي ذكر إثارة الغبار إشارة بلا غبار إلى شدة العدو وكثرة الكر والفر وكثيرا ما يشيرون به إلى ذلك ومنه قول ابن رواحة :
عدمت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كنفي كداء
وقال أبو عبيدة : النقع رفع الصوت ومنه قول لبيد :
فمتى ينقع صراخ صادق يحلبوه ذات جرس وزجل
وقول عمر رضي اللّه تعالى عنه وقد قيل له يوم توفي خالد بن الوليد إن النساء قد اجتمعن يبكين على خالد : ما على نساء بني المغيرة أن يسفكن على أبي سليمان دموعهن وهن جلوس ما لم يكن نقع ولا لقلقة.
والمعنى عليه فهيجن في ذلك الوقت صياح وهو صياح من هجم عليه وأوقع به. والمشهور المعنى الأول وجوز كون ضمير به للعدو الدال عليه العاديات أو للإغارة الدال عليها المغيرات والتذكير لتأويلها بالجري ونحوه والباء للسببية أو للملابسة وجوز كونها ظرفية أيضا والضمير للمكان الدال عليه السياق والأول أظهر وألطف.
ومثله ضمير بِهِ في قوله عز وجل فَوَسَطْنَ بِهِ أي فتوسطن في ذلك الوقت جَمْعاً من جموع الأعداء وجوز فيه وفي بائه نحو ما تقدم في به قبله وجوز أيضا كون الضمير للنقع والباء للملابسة أي فتوسطن ملتبسات بالنقع جمعا أو هي على ما قيل للتعدية إن أريد أنها وسطت الغبار والفاءات كما في الإرشاد للدلالة على ترتيب ما بعد كل منها على ما قبله فتوسط الجمع مترتب على الإثارة المترتبة على الإيراء المترتب على العدو. وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة «فأثّرن» و«فوسّطن» بتشديد الثاء والسين. وقرأ علي كرم اللّه تعالى وجهه وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى الأول كالجمهور والثاني كذين. والمعنى على تشديد الأول فأظهرن به غبارا لأن التأثير فيه معنى الإظهار وعلى تشديد الثاني على نحو ما تقدم. فقد نقلوا أن وسط مخففا ومثقلا بمعنى واحد وأنهما لغتان. وقال ابن جني المعنى ميزن به جمعا أي جعلنه شطرين أي قسمين وشقين. وقال الزمخشري : التشديد فيه للتعدية والباء مزيدة للتأكيد كما في قوله تعالى «وأتوا به» في قراءة وهي مبالغة في وسّطن وجوز أن يكون قلب ثورن إلى وثرن ثم قلبت الواو همزة فالمعنى على ما مرّ وهو تمحل مستغنى عنه.
وعن السدي ومحمد بن كعب وعبيد بن عمير أنهم قالوا
العاديات هي الإبل تعدو ضبحا من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى. ونسب إلى عليّ كرم اللّه تعالى وجهه
فقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : بينما أنا في الحجر جالس إذ أتاني رجل فسألني عن الْعادِياتِ ضَبْحاً فقلت : الخيل حين تغير في سبيل اللّه تعالى ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم ، فانفتل عني فذهب إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه وهو جالس تحت سقاية زمزم ، فسأله عن العاديات ضبحا فقال سألت عنها أحدا قبلي؟ قال : نعم سألت عنها ابن عباس.
فقال : هي الخيل حين تغير في سبيل اللّه تعالى فقال : اذهب فادعه لي فلما وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، واللّه إن كانت لأول غزوة في الإسلام لبدر وما كان معنا إلّا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود فكيف تكون العاديات ضبحا؟ إنما العاديات ضبحا الإبل تعدو من عرفة إلى المزدلفة فإذا أووا إلى المزدلفة أوروا النيران فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً من المزدلفة إلى منى فذلك جمع. وأما قوله تعالى فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فهو نقع الأرض حين تطؤها بخفافها. قال ابن عباس : فنزعت عن قولي إلى قول عليّ كرم اللّه تعالى وجهه ورضي اللّه تعالى عنه.
واستشكل رده كرم اللّه تعالى وجهه كون المراد بها الخيل بما كان من أمر غزوة بدر بأن ابن عباس لم يدع أن أل في العاديات للعهد وأنها إشارة إلى عاديات بدر ، ولا أن السورة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 444
نزلت في شأن تلك الغزوة ليلزم تحقق ذلك فيها ودخولها تحت العموم بل ظاهر كلامه حمل ذلك على جنس الخيل التي تعدو في سبيل اللّه عز وجل وإن حملت على العهد. وقيل : إن المعهود هو الخيل التي بعثها عليه الصلاة والسلام للغزو على ما سمعت صدر السورة وكذا على ما روي من أنه عليه الصلاة والسلام بعث إلى أناس من بني كنانة سرية واستعمل عليها المنذر بن عمرو الأنصاري وكان أحد النقباء فأبطأ صلّى اللّه عليه وسلم خبرها شهرا ، فقال المنافقون : إنهم قتلوا ، فنزلت السورة إخبارا له عليه الصلاة والسلام بسلامتها وبشارة له صلّى اللّه عليه وسلم بإغارتها على القوم لم يبعد ، وأجيب بأنه كرم اللّه تعالى وجهه أراد أن غزوة بدر هي أفضل غزوات الإسلام وبدرها الذي ليس فيه انثلام فيتعين أن لا تكون المراد ذلك. ويسلك في الآية ما يناسبها من المسالك ولا يخفى أن هذا الجواب لا يتحمل لمزيد ضعفه الإغارة عليه وإطلاق أعنّة عاديات الأفكار إليه والأحرى أن الخبر لا صحة له وتصحيح الحاكم محكوم عليه عند أهل الأثر بكثرة التساهل فيه وأنه غير معتبر ثم إن النقل عنه رضي اللّه تعالى عنه في المراد بالعاديات متعارض بما تقدم أنه إبل الحجاج. ونقل صاحب التأويلات أنه كرم اللّه تعالى وجهه فسرها بإبل بدر وأن ابن مسعود هو الذي فسرها بإبل الحجاج. ويرجح إرادة الخيل أن إثارة النقع فيها أظهر منها في الإبل ثم إن ذلك الخبر يقتضي أن للقسم به نوعان الخيل والإبل وجماعة الغزاة أو الحجاج الموقدة نارا لطعامها أو نحوه. وفي بعض الآثار عن ابن عباس ما هو أصرح مما تقدم في تفسير الموريات بما يغاير العاديات بالذات ففي البحر عنه أنها الجماعة التي توري نارها بالليل لحاجتها وطعامها. وفي رواية أخرى عنه تلك جماعة الغزاة تكثر النار إرهابا ورويت المغايرة عن آخرين أيضا.
فعن مجاهد وزيد بن أسلم وهي رواية أخرى عن ابن عباس هي الجماعة تمكر في الحرب فالعرب تقول إذا أرادت المكر بالرجل : واللّه لأورين له ، ومن الغريب ما روي عن عكرمة أنها ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما يتكلم به ويظهر من الحجج والدلائل وإظهار الحق وإبطال الباطل وهو كما ترى.
ومن البطون والإشارات أن يكون المقسم به النفوس العادية إثر كمالهن الموريات بأفكارهن أنوار المعارف والمغيرات على الهوى والعادات إذا ظهر لهن مثل أنوار القدس فأثرن به شوقا فوسطن بذلك الشوق جمعا من جموع العليين. ومثله ما قيل إن ذلك قسم بالهمم القالبية التي تعدو في سبيل اللّه تعالى خارجا من جوف اشتياقها صوت الدعاء من شدة العدو وغاية الشوق بحيث يسمع الروحانيون ضجيج دعائها وتضرعها والتماسها تسهيل سلوك الطريق الوعر الذي يتعلق بجبال القالب الموريات بحوافر الذكر نار الهداية المستكنة في حجر القالب وقت تخمير اللطيفة والمغيرات بعد سلوكها في جبال القالب الراسية في ظلام الليل القالبي وعبورها عنها إلى أفق عالم النفس وتنفس صبح النفس على الخواطر النفسية وشؤونها فهيجن بذلك الجري غبار الخواطر وأثرنه لئلا يختفي خاطر من الخواطر ، فوسطن بذلك جمعا من جنود القوى القلبية وحزب الخواطر الذكرية التي هي حزب الرحمن في وسط عالم النفس ولهم في هذا الباب غير ذلك. وأيّا ما كان فالمقسم عليه قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ أي لكفور جحود من كند النعمة كفرها ولم يشكرها وأنشدوا :
كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنودا لنعماء الرجال يبعد
وعن ابن عباس ومقاتل : الكنود بلسان كندة وحضرموت العاصي ، وبلسان ربيعة ومضر الكفور ، وبلسان كنانة البخيل السيّء الملكة ، ومنه الأرض الكنود الذي لا تنبت شيئا. وقال الكلبي نحوه إلّا أنه قال : وبلسان بني مالك البخيل ولم يذكر حضرموت بل اقتصر على كندة وتفسيره بالكفور هنا مروي عن ابن عباس

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 445
والحسن وأخرجه ابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم
. وفي رواية أخرى عن الحسن أنه قال :
هو اللائم لربه عز وجل يعد السيئات وينسى الحسنات. وروى الطبراني وغيره بسند ضعيف عن أبي أمامة قال :
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «أتدرون ما الكنود»؟ قالوا اللّه تعالى ورسوله أعلم. قال : «هو الكفور الذي يضرب عبده ويمنع رفده ويأكل وحده».
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد والحكيم الترمذي وغيرهما تفسيره بالذي يمنع رفده وينزل وحده ويضرب عبده موقوفا على أبي أمامة. والجمهور على تفسيره بالكفور وكل مما ذكر لا يخلو عن كفران والكفران المبالغ فيه يجمع صنوفا منه. وأل في الْإِنْسانَ للجنس والحكم عليه بما ذكر باعتبار بعض الافراد. وقيل : المراد به كافر معين لما روي عن ابن عباس أنها نزلت في قرط بن عبد اللّه بن عمرو بن نوفل القرشي وأيد بقوله تعالى بعد أَفَلا يَعْلَمُ إلخ لأنه لا يليق إلّا بالكافر. وفي الأمرين نظر وقيل المراد به كل الناس على معنى أن طبع الإنسان يحمله على ذلك إلّا إذا عصمه اللّه تعالى بلطفه وتوفيقه من ذلك واختاره عصام الدين وقال : فيه مدح للغزاة لسعيهم على خلاف طبعهم. ولِرَبِّهِ متعلق بكنود واللام غير مانعة من ذلك ، وقدم للفاصلة مع كونه أهم من حيث إن الذم البالغ إنما هو على كنود نعمته عز وجل وقيل للتخصيص على سبيل المبالغة. وَإِنَّهُ أي الإنسان كما قال الحسن ومحمد بن كعب عَلى ذلِكَ أي على كنوده لَشَهِيدٌ لظهور أثره عليه فالشهادة بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال. وقيل : هي بلسان المقال لكن في الآخرة. وقيل : شهيد من الشهود لا من الشهادة بمعنى أنه كفور مع علمه بكفرانه وعمل السوء مع العلم به غاية المذمة والظاهر الأول. وقال ابن عباس وقتادة : ضمير إِنَّهُ عائد على اللّه تعالى أي وإن ربه سبحانه شاهد عليه فيكون الكلام على سبيل الوعيد واختاره التبريزي فقال : هو الأصح لأن الضمير يجب عوده إلى أقرب مذكور قبله.
وفيه أن الوجوب ممنوع واتساق الضمائر وعدم تفكيكها يرجح الأول فإن الضمير السابق أعني ضمير لِرَبِّهِ للإنسان ضرورة وكذا الضمير اللاحق أعني الضمير في قوله تعالى وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ أي المال وورد بهذا المعنى في القرآن كثيرا حتى زعم عكرمة أن الخير حيث وقع في القرآن هو المال وخصه بعضهم بالمال الكثير وفسر به في قوله تعالى إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ [البقرة : 180] وإطلاق كونه خيرا باعتبار ما يراه الناس وإلّا فمنه ما هو شر يوم القيامة واللام للتعليل أي أنه لأجل حب المال لَشَدِيدٌ أي لبخيل كما قيل وكما يقال للبخيل شديد يقال له متشدد كما في قول طرفة :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد
وشديد فيه يجوز أن يكون بمعنى مفعول كأن البخيل شد عن الإفضال ، ويجوز أن يكون بمعنى فاعل كأنه شد صرته فلا يخرج منها شيئا. وجوز غير واحد أن يراد بالشديد القوي ولعله الأظهر وكأن اللام عليه بمعنى في أي وإنه لقوي مبالغ في حب المال. والمراد قوة حبه له. وقال الزمخشري : المعنى وإنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق وهو لحب عبادة اللّه تعالى وشكر نعمته سبحانه ضعيف متقاعس تقول هو شديد لهذا الأمر وقوي له إذا كان مطيقا له ضابطا. وجعل النيسابوري اللام على هذا للتعليل وليس بظاهر فتأمل.
وقال الفراء : يجوز أن يكون المعنى وإنه لحب الخير لشديد الحب يعني أنه يحب المال ويحب كونه محبا له إلّا أنه اكتفى بالحب الأول عن الثاني كما قال تعالى اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ [إبراهيم : 18] أي في يوم عاصف الريح فاكتفى بالأول عن الثاني. وقال قطرب : أي إنه شديد لحب الخير كقولك إنه لزيد ضروب في إنه ضروب لزيد. وظاهر التمثيل أنه اعتبر حب الخير مفعولا به لشديد وإن شديد اسم فاعل جي ء

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 446
به على فعيل للمبالغة وأن اللام في لِحُبِّ للتقوية وفيه ما فيه. وقيل يجوز أن يعتبر أن شديدا صفة مشبهة كانت مضافة إلى مرفوعها وهو حب المضاف إلى الخير إضافة المصدر إلى مفعوله ثم حول الاسناد وانتصب المرفوع على التشبيه بالمفعول به ، ثم قدم وجر باللام وفيه مع قطع النظر عن التكلف أن تقدم معمول الصفة عليها لا يجوز وكونه مجرورا في مثل ذلك لا يجدي نفعا إذ ليس هو فيه نحو زيد بك فرح كما لا يخفى.
ويفهم من كلام الزمخشري في الكشاف جواز أن يراد به ما هو عنده تعالى من الطاعات على أن المعنى إنه لحب الخيرات غير هش منبسط ولكنه شديد منقبض. وقوله تعالى أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ إلخ تهديد ووعيد والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ومفعول يعلم محذوف وهو العامل في إذا وهي ظرفية أي أيفعل ما يفعل من القبائح أو ألا يلاحظ فلا يعلم الآن مآله إذا بعثر من في القبور من الموتى وإيراد ما لكونهم إذ ذاك بمعزل من رتبة العقلاء. وقال الحوفي : العامل في إِذا الظرفية يَعْلَمُ وأورد عليه أنه لا يراد منه العلم في ذلك الوقت بل العلم في الدنيا. وأجيب بأن هذا إنما يرد إذا كان ضمير يَعْلَمُ راجعا إلى الإنسان وذلك غير لازم على هذا القول لجواز أن يرجع إليه عز وجل ويكون مفعولا يعلم محذوفين.
والتقدير أفلا يعلمهم اللّه تعالى عاملين بما عملوا إذا بعثر على أن يكون العلم كناية عن المجازاة والمعنى أفلا يجازيهم إذا بعثر ويكون الجملة المؤكدة بعد تحقيقا وتقريرا لهذا المعنى وهو كما ترى. وقيل : إن إذا مفعول به ليعلم على معنى أفلا يعلم ذلك الوقت ويعرف تحققه وقل إن العالم فيها بعثر بناء على أنها شرطية غير مضافة قالوا : ولم يجوز أن يعمل فيها لخبير لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبلها وأوجه الأوجه ما قدمناه وتعدي العلم إذا كان بمعنى المعرفة لواحد شائع وتقدم تحقيق معنى البعثرة فتذكر. وقرأ عبد اللّه «بحثر» بالحاء والثاء المثلثة. وقرأ الأسود بن زيد «بحث» بهما. بدون راء وقرأ نصر بن عاصم «بحثر» كقراءة عبد اللّه لكن بالبناء للفاعل. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ أي جمع ما في القلوب من العزائم المصممة وأظهر كإظهار اللب من القشر وجمعه أو ميّز خيره من شره فقد استعمل حصل الشيء بمعنى ميزه من غيره كما في البحر. وأصل التحصيل إخراج اللب من القشر كإخراج الذهب من حجر المعدن والبر من التبن وتخصيص ما في القلوب لأنه الأصل لأعمال الجوارح ولذا كانت الأعمال بالنيات وكان أول الفكر آخر العمل فجميع ما عمل تابع له فيدل على الجميع صريحا وكناية. وقرأ ابن يعمر ونصر بن عاصم ومحمد بن أبي معدان «وحصّل» مبنيا للفاعل وهو ضميره عز وجل.
وقرأ ابن يعمر ونصر أيضا «حصل» مبنيا للفاعل خفيف الصاد فما عليه هو الفاعل إِنَّ رَبَّهُمْ أي المبعوثين كنى عنهم بعد الإحياء الثاني بضمير العقلاء بعد ما عبّر عنهم قبل ذلك بما بناء تفاوتهم في الحالين بِهِمْ بذواتهم وصفاتهم وأحوالهم بتفاصيلها يَوْمَئِذٍ أي يوم إذ يكون ما عدّ من بعث ما في القبور وتحصيل ما في الصدور والظرفان متعلقان بقوله تعالى لَخَبِيرٌ أي عالم بظواهر ما عملوا وبواطنه علما موجبا للجزاء متصلا به كما ينبىء عنه تقييده بذلك اليوم وإلّا فمطلق علمه عز وجل بما كان وما سيكون. وقرأ أبو السمال والحجاج «أن ربهم بهم يومئذ خبير» بفتح همزة أن وإسقاط لام التأكيد فأن وما بعدها في تأويل مصدر معمول ليعلم على ما استظهره بعضهم ، وأيد به كون يعلم معلقة عن العمل في أن ربهم إلخ على قراءة الجمهور لمكان اللام وإذا على هذا لا يجوز تعلقها بخبير أيضا لكونه في صفة أن المصدرية فلا يتقدم معموله عليها. ويعلم أمره مما تقدم وقيل الكلام على تقدير لام التعليل وهي متعلقة بحصل كأنه قيل وحصل ما في الصدور لأن ربهم بهم يومئذ خبير والأول أظهر واللّه تعالى أعلم وأخبر.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 447
سورة القارعة
مكية بلا خلاف وآيها إحدى عشرة آية في الكوفي وعشر في الحجازي وثمان في البصري والشامي ومناسبتها لما قبلها أظهر من أن تذكر.
[سورة القارعة (101) : الآيات 1 إلى 11]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (4)
وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9)
وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (10) نارٌ حامِيَةٌ (11)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ الجمهور على أنها القيامة نفسها ومبدؤها النفخة الأولى ومنتهاها فصل القضاء بين الخلائق وقيل صوت النفخة. وقال الضحاك : هي النار ذات التغيظ والزفير وليس بشيء. وأيّا ما كان فهي من القرع وهو الضرب بشدة بحيث يحصل منه صوت شديد وقد تقدم الكلام فيها وكذا ما يعلم منه إعراب ما ذكر في الكلام على قوله تعالى الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة : 1 - 3] وقرأ عيسى «القارعة» بالنصب وخرج على أنه بإضمار فعل أي اذكر القارعة وقوله تعالى يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ قيل أيضا منصوب بإضمار اذكر كأنه قيل بعد تفخيم أمر القارعة وتشويقه عليه الصلاة والسلام إلى معرفتها اذكر يوم يكون الناس إلخ فإنه يدريك ما هي. وقال الزمخشري : ظرف لمضمر دلت عليه القارعة أي تقرع يوم. وقال الحوفي : ظرف تأتى مقدرا وبعضهم قدر هذا الفعل مقدما على القارعة وجعلها فاعلا له أيضا. وقال ابن عطية : ظرف للقارعة نفسها من غير تقدير ولم يبين أي القوراع أراد. وتعقبه أبو حيان بأنه إن أراد اللفظ الأول ورد عليه الفصل بين العامل وهو في صلة أل والمعمول بالخبر وهو لا يجوز وإن أراد الثاني أو الثالث فلا يلتئم معنى الظرف معه. وأيد بقراءة زيد بن علي «يوم» بالرفع على ذلك وقدر بعضهم المبتدأ وقتها والفراش قال في الصحاح : جمع فراشة التي تطير وتهافت في النار وهو المروي عن قتادة. وقيل : هو طير رقيق يقصد النار ولا يزال يتقحم على المصباح ونحوه حتى

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 448
يحترق. وقال الفرّاء : هو غوغاء الجراد الذي ينتشر في الأرض ويركب بعضه بعضا من الهول وقال صاحب التأويلات : اختلفوا في تأويله على وجوه لكن كلها ترجع إلى معنى واحد وهو الإشارة إلى الحيرة والاضطراب من هول ذلك اليوم واختار غير واحد ما روي عن قتادة وقالوا : شبهوا في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والمجيء والذهاب على غير نظام والتطاير إلى الداعي من كل جهة حين يدعوهم إلى المحشر بالفراش المتفرق المتطاير قال جرير :
إن الفرزدق ما علمت وقومه مثل الفراش غشين نار المصطلي
وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ أي الصوف مطلقا أو المصبوغ كما قيده الراغب به وقد تقدم الكلام فيه في المعارج وكان بمعنى صار أي وتصير جميع الجبال كالعهن الْمَنْفُوشِ المفرق بالأصبع ونحوها في تفرق أجزائها وتطايرها في الجو حسبما ينطق به غير آية. وقوله تعالى فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ إلى آخره بيان إجمالي لتحزب الناس حزبين وتنبيه على كيفية الأحوال الخاصة بكل منهما إثر بيان الأحوال الشاملة للكل.
وهذا إشارة إلى وزن الأعمال وهو مما يجب الإيمان به حقيقة ولا يكفره منكره ويكون بعد تطاير الصحف وأخذها بالأيمان والشمائل وبعد السؤال والحساب كما ذكره الواحدي وغيره. وجزم به صاحب كنز الأسرار بميزان له لسان وكفتان كإطباق السماوات والأرض واللّه تعالى أعلم بماهيته. وقد روي القول به عن ابن عباس والحسن البصري وعزاه في شرح المقاصد لكثير من المفسرين ومكانه بين الجنة والنار كما في نوادر الأصول وذكر يتقبل به العرش يأخذ جبريل عليه السلام بعموده ناظرا إلى لسانه وميكائيل عليه السلام أمين عليه والأشهر الأصح أنه ميزان واحد كما ذكرنا لجميع الأمم ولجميع الأعمال فقوله تعالى مَوازِينُهُ وهو جمع ميزان وأصله موزان بالواو لكن قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها قيل للتعظيم كالجمع في قوله تعالى كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ [الشعراء : 123] في وجه أو باعتبار أجزائه نحو شابت مفارقه أو باعتبار تعدد الأفراد للتغاير الاعتباري كما قيل في قوله :
لمعان برق أو شعاع شموس وزعم الرازي على ما نقل عنه أن فيه حديثا مرفوعا. وقال آخرون : توزن نفس الأعمال فتصور الصالحة بصور حسنة نورانية ثم تطرح في كفة النور وهي اليمنى المعدة للحسنات فتثقل بفضل اللّه تعالى ، وتصور الأعمال السيئة بصور قبيحة ظلمانية ثم تطرح في كفه الظلمة وهي الشمال فتخفف بعدل اللّه تعالى وامتناع قلب الحقائق في مقام خرق العادات ممنوع أو مقيد ببقاء آثار الحقيقة الأولى. وقد ذهب بعضهم إلى أن اللّه تعالى يخلق أجساما على عدد تلك الأعمال من غير قلب لها وادعى أن فيه أثرا. والظاهر أن الثقل والخفة مثلهما في الدنيا فما ثقل نزل إلى أسفل ثم يرتفع إلى عليين وما خف طاش إلى أعلى ثم نزل إلى سجين وبه صرح القرطبي وقال بعض المتأخرين : هما على خلاف ما في الدنيا وأن عمل المؤمن إذا رجح صعد وثقلت سيئاته وأن الكافر تثقل كفته لخلو الأخرى من الحسنات ثم تلا وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر : 10] وفي كونه دليلا نظر وذكر بعضهم أن صفة الوزن أن يجعل جميع أعمال العباد في الميزان مرة واحدة الحسنات في كفة النور عن يمين العرش جهة الجنة ، والسيئات في كفة الظلمة جهة النار ، ويخلق اللّه تعالى لكل إنسان علما ضروريا يدرك به خفة أعماله وثقلها. وقيل نحو إلّا أن علامة الرجحان عمود من نور يثور من كفة الحسنات حتى يكسو كفة السيئات وعلامة الخفة عمود ظلمة يثور من كفة السيئات حتى يكسو كفة الحسنات

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 449
فالكيفيات أربع وستظهر حقيقة الحال بالعيان وهو كما قال القرطبي لا يكون في حق كل أحد لما
في الحديث الصحيح «فيقال : يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن» الحديث.
وأحرى الأنبياء عليهم السلام وقوله سبحانه يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ [الرحمن :
41] وإنما يبقى الوزن لمن شاء اللّه تعالى من الفريقين وذكر القاضي منذر بن سعيد البلوطي أن أهل الصبر لا توزن أعمالهم وإنما يصب لهم الأجر صبا. والظاهر أنه يدرج المنافق في الكافر والحق أن أعمالهم مطلقا توزن لظواهر الآيات والأحاديث الكثيرة. والمراد في الآية وزنا نافعا. والصحيح أن الجن مؤمنهم وكافرهم كالإنس في هذا الشأن كما قرر في محله. والتقسيم فيما نحن فيه على ما سمعت عن القرطبي بالنسبة إلى من توزن أعماله لا بالنسبة إلى الناس مطلقا. وأنكر المعتزلة الوزن حقيقة وجماعة من أهل السنة والجماعة منهم مجاهد والضحاك والأعمش قالوا : إن الأعمال أعراض إن أمكن بقاؤها لا يمكن وزنها فالوزن عبارة عن القضاء السوي والحكم العادل ، وجوزوا فيما هنا أن تكون الموازين جمع موزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند اللّه تعالى وأن معنى ثقلها رجحانها وروي هذا عن الفراء أي فمن ترجحت مقادير حسناته ورتبها فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ المشهور جعل ذلك من باب النسب أي ذات رضا. وجوز أن تكون راضِيَةٍ بمعنى المفعول أي مرضية على التجوز في الكلمة نفسها وأن يكون الإسناد مجازيا وهو حقيقة إلى صاحب العيشة. وجوز أن يكون في الكلام استعارة مكنية وتخييلية على ما قرر في كتب المعاني لكن ذكر بعض الأجلّة هاهنا كلاما نفيسا وهو أن ما كان للنسب يؤول بذي كذا فلا يؤنث لأنه لم يجر على موصوف فألحق بالجوامد ونقل عن السيرافي أنه قال : يقدح فيما عللوا به سقوط الهاء في عِيشَةٍ راضِيَةٍ وفيه وجهان أحدهما أن تكون بمعنى أنها راضية أهلها فهي ملازمة لهم راضية بهم. والآخر أن تكون الهاء للمبالغة كعلامة ورواية ووجه بأن الهاء لزمت لئلا تسقط الياء فيخل بالبنية كناقة مشلية وكلبة مجرية وهم يقولون ظبية مطفل ومشدان وباب مفعل ومفعال لا يؤنث.
وقد ادخلوا الهاء في بعضه كمصكة انتهى ثم قال : إن هذا حقيق بالقبول ومحصله الجواب بوجوه أحدهما أن راضِيَةٍ هنا فيه ليس من باب النسب بل هو اسم فاعل أريد به لازم معناه لأن من شاء شيئا ورضي به لازمه فهو مجاز مرسل أو استعارة. ويجوز أن يراد أنه مجاز في الإسناد وما ذكر بيان لمعناه الثاني أن الهاء للمبالغة ولا تختص بفعال ولذا مثل برواية أيضا والثالث أنه يجوز إلحاق الهاء في المعتل لحفظ البنية ومصكة إما شاذا ولتشبيه المضاعف بالمعتل انتهى. فاحفظه فإنه نفيس خلا عنه أكثر الكتب.
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ بأن لم يكن له حسنة يعتد بها أو ثقلت سيئاته على حسناته فَأُمُّهُ أي فمأواه كما قال ابن زيد وغيره هاوِيَةٌ أريد بها النار كما يؤذن به قوله تعالى وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ فإنه تقرير لها بعد إبهامها والإشعار بخروجها عن المعهود للتفخيم والتهويل. وذكر أن إطلاق ذلك عليها لغاية عمقها وبعد مهواها ، فقد روي أن أهل النار تهوي فيها سبعين خريفا وخصها بعضهم بالباب الأسفل من النار وعبر عن المأوى بالأم على التشبيه بها فالأم مفزع الولد ومأواه وفيه تهكم به. وقيل : شبه النار بالأم في أنها تحيط به إحاطة رحم الولد بالأم. وعن قتادة وأبي صالح وعكرمة والكلبي وغيرهم : المعنى فأم رأسه هاوية في قعر جهنم لأنه يطرح فيها منكوسا. وفي رواية أخرى عن قتادة هو من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة :
هوت أمه لأنه إذا هوى أي سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلا وحزنا ومن ذلك قول كعب بن سعد الغنوي :
هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا وماذا يرد الليل حين يؤوب

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 450
وفي الكشف أن هذا أحسن ليطابق قوله سبحانه فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وما فيه من المبالغة. وقال الطيبي : إنه الأظهر وللبحث فيه مجال. والضمير أعني هي عليه للداهية التي دل عليها الكلام وعلى ما قدمنا لهاوية وعلى الوجه الثاني لما يشعر به الكلام كأنه قيل : فأم رأسه هاوية في نار وما أدراك ماهيه إلخ. والهاء الملحقة في هِيَهْ هاء السكت وحذفها في الوصل ابن أبي إسحاق والأعمش وحمزة وأثبتها الجمهور. ورفع نارٌ على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي نار ، وحامِيَةٌ نعت لها وهو من الحمى اشتداد الحر قال في القاموس : حمى الشمس والنار حميا وحميا وحموا اشتد حرهما. وجعله بعضهم على ما قيل من حميت القدر فهي محمية ففسره بذات حمى وهو كما ترى. وقرأ طلحة «فإمه» بكسر الهمزة قال ابن خالويه وحكى ابن دريد أنها لغة وأما النحويون فيقولون لا يجوز كسر الهمزة إلا أن يتقدمها كسرة أو ياء واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 451
سورة التّكاثر
وكان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كما أخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي هلال يسمونها المقبرة وهي مكية. قال أبو حيان عند جميع المفسرين. وقال الجلال السيوطي : على الأشهر ويدل لكونها مدنية وهو المختار ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي بريدة فيها. قال : نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا فقالت إحداهما : فيكم مثل فلان وفلان؟ وقال الآخرون مثل ذلك تفاخروا بالأحياء ثم قالوا :
انطلقوا بناء إلى القبور فجعلت إحدى الطائفتين تقول فيكم مثل فلان؟ تشير إلى القبر ومثل فلان ، وفعل الآخرون مثل ذلك فأنزل اللّه تعالى أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ إلخ. وأخرج البخاري وابن جرير عن أبي بن كعب قال : كنا نرى هذا من القرآن «لو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب ثم يتوب اللّه على من تاب» حتى نزلت ألهاكم التكاثر. إلخ. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن عليّ كرم اللّه تعالى وجهه ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ
وعذاب القبر لم يذكر إلّا في المدينة كما في الصحيح في قصة اليهودية انتهى. ولقوة الأدلة على مدنيتها قال بعض الأجلّة إنه الحق. وآيها ثمان بالاتفاق وهي تعدل ألف آية من القرآن.
أخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟» قالوا : ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية؟
قال : «أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر»؟
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي عن عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه. قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «من قرأ في ليلة ألف آية لقي اللّه تعالى وهو ضاحك في وجهه» فقيل : يا رسول اللّه من يقوى على ألف آية؟ فقرأ سورة ألهاكم التكاثر إلى آخرها ثم قال عليه الصلاة والسلام : «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ألف آية».
وذكر ناصر الدين بن الميلق في سر ذلك أن القرآن ستة آلاف ومائتا آية وكسر ، فإذا تركنا الكسر كان الألف سدس القرآن وهذه السورة تشتمل على سدس من مقاصد القرآن فإنها على ما ذكره الغزالي ستة ثلاثة مهمة وهي تعريف المدعو إليه وتعريف الصراط المستقيم وتعريف الحال عند الرجوع إليه عز وجل ، وثلاثة متمة وهي تعريف أحوال المطيعين وحكاية أقوال الجاحدين وتعريف منازل الطريق وأحدها معرفة الآخرة المشار إليه بتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى المشتمل عليه السورة. والتعبير على هذا المعنى بألف آية أفخم وأجل من التعبير بالسدس انتهى. والأمر واللّه تعالى أعلم وراء ذلك ومناسبتها لما قبلها ظاهرة.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 452
[سورة التكاثر (102) : الآيات 1 إلى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلْهاكُمُ أي شغلكم وأصل اللهو الغفلة ثم شاع في كل شاغل وخصّه العرف بالشاغل الذي يسر المرء وهو قريب من اللعب ولذا ورد بمعناه كثيرا. وقال الراغب : اللهو ما يشغلك عما يعني ويهم وقيل : وليس بذاك المراد به هنا الغفلة والمعنى جعلكم لاهين غافلين التَّكاثُرُ أي التباري في الكثرة والتباهي بها بأن يقول هؤلاء نحن أكثر وهؤلاء نحن أكثر حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ حتى إذا استوعبتم عدد الأحياء صرتم إلى المقابر وانتقلتم إلى ذكر من فيها فتكاثرتم بالأموات فالغاية داخلة في المغيا ، وقد تقدم من سبب النزول ما يوضح ذلك. وعن الكلبي ومقاتل أن بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا أيهم أكثر عددا فكثرتهم بنو عبد مناف فقالت بنو سهم : إن البغي أهلكنا في الجاهلية فعادونا بالأحياء والأموات فكثرتهم بنو سهم وزيارة المقابر على ما تقدم على ظاهرها ، وأما على هذا فقد عبّر بها عن بلوغهم ذكر الموتى كناية أو مجازا واستحسن جعله تمثيلا وفي الكشاف عبّر بذلك عما ذكر تهكما بهم ووجه بعض بأنه كأنه قيل أنتم في فعلكم هذا كمن يزور القبور من غير غرض صحيح وبعض آخر بأن زيارة القبور للاتعاظ وتذكر الموت وهم عكسوا فجعلوها سببا للغفلة وهذا أولى. والمعنى ألهاكم ذلك وهو لا يعنيكم ولا يجدي عليكم في دنياكم وآخرتكم عما يعنيكم من أمر الدين الذي هو أهم وأعنى من كل مهم ، وحذف الملهي عنه للتعظيم المأخوذ من الإبهام بالحذف والمبالغة في الذم حيث أشار إلى أن ما يلهي مذموم فضلا عن الملهي عن أمر الدين.
وقيل : المراد ألهاكم التكاثر بالأموال والأولاد إلى أن متم وقبرتم منفقين أعماركم في طلب الدنيا والاشتياق إليها والتهالك عليها إلى أن أتاكم الموت لا هم لكم غيرها عما هو أولى بكم من السعي لعاقبتكم والعمل لآخرتكم ، وصدره قد أخرجه ابن المنذر عن ابن عباس وهو وابن أبي حاتم وابن أبي شيبة عن الحسن وزيارة المقابر عليه عبارة عن الموت كما قال الشاعر :
إني رأيت الضمد شيئا نكرا لن يخلص العام خليل عشرا
ذاق الضماد أو يزور القبرا
وقال جرير :
زار القبور أبو مالك فأصبح ألأم زوارها
وفي ذلك إشارة إلى تحقق البعث. يحكى أن أعرابيا سمع ذلك فقال : بعث القوم للقيامة ورب الكعبة فإن الزائر منصرف لا مقيم. وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال : لا بد لمن زار أن يرجع إلى جنة أو نار وفيه أيضا إشارة إلى قصر زمن اللبث في القبور والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع أو لتغليب من مات أولا أو لجعل موت آبائهم بمنزلة موتهم. ومما يقضي منه العجب قول أبي مسلم : إن اللّه عز وجل يتكلم بهذه السورة يوم القيامة تعييرا للكفار وهم في ذلك الوقت قد تقدمت منهم زيارة القبور. وقيل : هذا تأنيب على الإكثار من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 453
زيارة القبور تكثرا بمن سلف ومباهاة وتفاخرا به لا اتعاظا وتذكرا للآخرة كما هو المشروع ، ويشير إليه
خبر أبي داود : «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة»
ولا يخفى أن الآية بمعزل عن ذلك نعم لا كلام في ذم زيارة القبور للتفاخر بالمزور أو للتباهي بالزيارة كما يفعل كثير من الجهلة المنتسبين إلى المتصوفة في زياراتهم لقبور المشايخ عليهم الرحمة هذا مع ما لهم فيها من منكرات اعتقدوها طاعات وشنائع اتخذوها شرائع إلى أمور تضيق عنها صدور السطور. وقرأ ابن عباس وعائشة ومعاوية وأبو عمران الجوني وأبو صالح ومالك بن دينار وأبو الجوزاء وجماعة : «آلهاكم» بالمد على الاستفهام. وروي عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه وابن عباس أيضا والشعبي وأبي العالية وابن أبي عبلة والكسائي في رواية «أألهاكم» بهمزتين والاستفهام للتقرير كَلَّا ردع عن الاشتغال بما لا يعنيه عما يعنيه وتنبيه على الخطأ فيه لأن عاقبته وخيمة سَوْفَ تَعْلَمُونَ سوء مغبة ما أنتم عليه إذا عاينتم عاقبته والعلم بمعنى المعرفة المتعدية لواحد ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ تكرير للتأكيد وثم للدلالة على أن الثاني أبلغ كما يقول العظيم لعبده أقول لك ثم أقول لك لا تفعل قيل ولكونه أبلغ نزل منزلة المغايرة فعطف ، وإلّا فالمؤكد لا يعطف على المؤكد لما بينهما من شدة الاتصال وأنت تعلم أن المنع هو رأي اللغويين وقد صرح المفسرون والنحاة بخلافه. وقال علي بن أبي طالب كرم اللّه تعالى وجهه الأول في القبور والثاني في النشور
فلا تكرير والتراخي على ظاهره ولا كلام في العطف. وقال الضحاك : الزجر الأول ووعيده للكافرين وما بعد للمؤمنين ، وهو خلاف الظاهر.
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ أي لو تعلمون ما بين أيديكم علم الأمر المتيقن أي كعلمكم ما تستيقنونه من الأمور فالعلم مضاف للمفعول واليقين بمعنى المتيقن صفة لمقدر ، وجوز أبو حيان كون الإضافة من إضافة الموصوف إلى صفته أي العلم اليقين وفائدة الوصف ظاهرة بناء على أن العلم يطلق على غير اليقين وجواب لَوْ محذوف للتهويل أي لو تعلمون كذلك لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه أو لشغلكم ذلك عن التكاثر وغيره أو نحو ذلك. وقوله تعالى لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ جواب قسم مضمر أكّد به الوعيد وشدد به التهديد وأوضح به ما أنذروه بعد إبهامه تفخيما ولا يجوز أن يكون جواب لو الامتناعية لأنه محقق الوقوع وجوابها لا يكون كذلك. وقيل : يجوز ويكون المعنى سوف تعلمون الجزاء ثم قال سبحانه : لو تعلمون الجزاء علم اليقين الآن لترون الجحيم يعني تكون الجحيم دائما في نظركم لا تغيب عنكم وهو كما ترى ثُمَّ لَتَرَوُنَّها تكرير للتأكيد وثم للدلالة على الأبلغية ، وجوّز أن تكون الرؤية الأولى إذا رأتهم من بعيد والثاني إذا وردوها أو إذا دخلوها أو الأولى إذا وردوها والثانية إذا دخلوها ، أو الأولى المعرفة والثانية المشاهدة والمعاينة وقيل يجوز أن يكون المراد لترون الجحيم غير مرة إشارة إلى الخلود وهذا نحو التثنية في قوله تعالى ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ [الملك : 4] وهو خلاف الظاهر جدا عَيْنَ الْيَقِينِ أي الرؤية التي هي نفس اليقين فإن الانكشاف بالرؤية والمشاهدة فوق سائر الانكشافات فهو أحق بأن يكون عين اليقين فعين بمعنى النفس مثله في نحو جاء زيد نفسه وهو صفة مصدر مقدر أي رؤية عين اليقين ، والعامل فيه لَتَرَوُنَّها وجوز أن يكون متنازعا فيه للفعلين قبله وفي إطلاقه كلام لا أظنه يخفى عليك.
واليقين في اللغة على ما قال السيد السند العلم الذي لا شك فيه وفي الاصطلاح اعتقاد الشيء أنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلّا كذا اعتقادا مطابقا للواقع غير ممكن الزوال. وقال الراغب : اليقين من صفة العلم فوق المعرفة والدراية وإخوتهما يقال : علم يقين ولا يقال معرفة يقين وهو سكون النفس مع ثبات الفهم. وفسّر السيد اليقين بما سمعت ونقل عن أهل الحقيقة عدة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 454
تفسيرات فيه وعلم اليقين بما أعطاه الدليل من إدراك الشيء على ما هو عليه ، وعين اليقين بما أعطاه المشاهدة والكشف وجعل وراء ذلك حق اليقين وقال على سبيل التمثيل علم كل عاقل بالموت علم اليقين وإذا عاين الملائكة عليهم السلام فهو عين اليقين وإذا ذاق الموت فهو حق اليقين ولهم غير ذلك ومبنى أكثر ما قالوه على الاصطلاح فلا تغفل. وقرأ ابن عامر والكسائي «لترون» بضم التاء وقرأ علي كرم اللّه تعالى وجهه وابن كثير في رواية وعاصم كذلك بفتحها في «لترون» وضمها في «لترونها» ومجاهد وأشهب وابن أبي عبلة بضمها فيهما. وروي عن الحسن وأبي عمرو بخلاف عنهما أنهما همزا الواوين ووجه بأنهم استثقلوا الضمة على الواو فهمزوا للتخفيف كما همزوا في وقت وكان القياس ترك الهمز لأن الضمة حركة عارضة لالتقاء الساكنين فلا يعتد بها لكن لما لزمت الكلمة بحيث لا تزول أشبهت الحركة الأصلية فهمزوا وقد همزوا من الحركة العارضة التي تزول في الوقف نحو «اشترؤا الضلالة» فالهمز من هذه أولى.
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قيل الخطاب للكفار وحكي ذلك عن الحسن ومقاتل واختاره الطيبي.
والنَّعِيمِ عام لكل ما يتلذذ به من مطعم ومشرب ومفرش ومركب وكذا قيل في الخطابات السابقة. وقد روي عن ابن عباس أنه صرح بأن الخطاب في لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ للمشركين ، وحملوا الرؤية عليه على رؤية الدخول وحملوا السؤال هنا على سؤال التقريع والتوبيخ لما أنهم لم يشركوا ذلك بالإيمان به عز وجل ، والسؤال قيل : يجوز أن يكون بعد رؤية الجحيم ودخولها كما يسألون كذلك عن أشياء أخر على ما يؤذن به قوله تعالى كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ [الملك : 8] وقوله سبحانه ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر : 42] وذلك لأنه إذ ذاك أشد إيلاما وادعى للاعتراف بالتقصير ، فثم على ظاهرها وأن يكون في موقف الحساب قبل الدخول فتكون ثُمَّ للترتيب الذكري وقيل الخطاب مخصوص بكل من ألهاه دنياه عن دينه ، والنعيم مخصوص بما شغله عن ذلك لظهور أن الخطاب في أَلْهاكُمُ إلخ للملهين فيكون قرينة على ما ذكر وللنصوص الكثيرة كقوله تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ [الأعراف : 32] وكُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ [المؤمنون : 51] وهذا أيضا يحمل السؤال على سؤال التوبيخ ويدخل فيما ذكر الكفار وفسقة المؤمنين. وقيل :
الخطاب عام وكذا السؤال يعم سؤال التوبيخ وغيره ، والنعيم خاص واختلف فيه على أقوال.
فأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن مسعود مرفوعا : «هو الأمن والصحة
وأخرج البيهقي عن الأمير علي كرم اللّه تعالى وجهه قال : النعيم العافية
. وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء مرفوعا : أكل خبز البر والنوم في الظل وشرب ماء الفرات مبردا»
. وأخرج ابن جرير عن ثابت البناني مرفوعا «النعيم المسئول عنه يوم القيامة كسرة تقوته وماء يرويه وثوب يواريه»
. وأخرج الخطيب عن ابن عباس قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يفسره قال : «الخصاف والماء وفلق الكسر»
وروي عنه وعن جابر أنه ملاذ المأكول والمشروب. وقال الحسين بن الفضل :
هو تخفيف الشرائع وتيسير القرآن. ويروى عن جابر الجعفي من الإمامية قال : دخلت على الباقر رضي اللّه تعالى عنه فقال : ما يقول أرباب التأويل في قوله تعالى لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ؟ فقلت : يقولون الظل والماء البارد. فقال : لو أنك أدخلت بيتك أحدا وأقعدته في ظل وسقيته أتمن عليه؟ قلت : لا. فقال : فاللّه تعالى أكرم من أن يطعم عبده ويسقيه ثم يسأله عنه. قلت : ما تأويله قال : النعيم هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنعم اللّه تعالى به على أهل العالم فاستنقذهم به من الضلالة ، أما سمعت قوله تعالى لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا [آل عمران : 164]
ومن رواية العياشي من الإمامية أيضا أن أبا عبد اللّه رضي اللّه تعالى عنه قال لأبي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 455
حنيفة رضي اللّه تعالى عنه في الآية : ما النعيم عندك يا نعمان؟ فقال : القوت من الطعام والماء البارد. فقال أبو عبد اللّه : لئن أوقفك اللّه تعالى بين يديه حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه. فقال أبو حنيفة : فما النعيم؟ قال : نحن أهل البيت النعيم أنعم اللّه تعالى بنا على العباد وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين ، وبنا ألف اللّه تعالى بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء وبنا هداهم إلى الإسلام وهو النعمة التي لا تنقطع واللّه تعالى سائلهم عن حق النعيم الذي أنعم سبحانه به عليهم وهو محمد وعترته عليه وعليهم الصلاة والسلام. وكلا الخبرين لا أرى لهما صحة وفيهما ما ينادي عن عدم صحتهما كما لا يخفى على من ألقى السمع وهو شهيد والحق عموم الخطاب والنعيم بيد أن المؤمن لا يثرب عليه في شيء ناله منه في الدنيا بل يسأل غير مثرب وإنما يثرب على الكافر كما ورد ذلك في حديث رواه الطبراني عن ابن مسعود.
ويدل على عموم الخطاب ما
أخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وآخرون عن أبي هريرة قال : خرج النبي صلّى اللّه عليه وسلم ذات يوم فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي اللّه تعالى عنهما فقال : «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة»؟ قالا : الجوع يا رسول اللّه ، قال : «والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما فقوموا» فقاموا معه عليه الصلاة والسلام فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته صلّى اللّه عليه وسلم المرأة قالت : مرحبا. فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «أين فلان»؟ قالت : انطلق يستعذب لنا الماء ، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم وصاحبيه فقال :
الحمد للّه ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني فانطلق فجاء بعذق فيه بسر وتمر ، فقال : كلوا من هذا وأخذ المدية فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «إياك والحلوب» فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما شبعوا ورووا قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لأبي بكر وعمر : «والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة»
وفي رواية ابن حبان وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم وصاحبيه انطلقوا إلى منزل أبي أيوب الأنصاري فقالت امرأته :
مرحبا بنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ومن معه ، فجاء أبو أيوب فقطع عذقا فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «ما أردت أن تقطع لنا هذا ألا جنيت من تمره؟» قال : أحببت يا رسول اللّه أن تأكلوا من تمره وبسره ورطبه. ثم ذبح جديا فشوى نصفه وطبخ نصفه فلما وضع بين يدي النبي صلّى اللّه عليه وسلم أخذ من الجدي فجعله في رغيف. وقال : «يا أبا أيوب أبلغ هذا فاطمة رضي اللّه تعالى عنها فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام ، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة رضي اللّه تعالى عنها فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «خبز ولحم وتمر وبسر ورطب» ودمعت عيناه عليهالصلاة والسلام ثم قال «والذي نفسي بيده إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه قال اللّه تعالى ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة» فكبر ذلك على أصحابه فقال عليه الصلاة والسلام : «بلى إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فقولوا بسم اللّه فإذا شبعتم فقولوا الحمد للّه الذي أشبعنا وأنعم علينا وأفضل فإن هذا كفاف بذاك»
وليس المراد في هذا الخبر حصر النعيم مطلقا فيما ذكر بل حصر النعيم بالنسبة إلى ذلك الوقت الذي كانوا فيه جياعا وكذا فيما يصح من الأخبار التي فيها الاقتصار عل شيء أو شيئين أو أكثر فكل ذلك من باب التمثيل ببعض أفراد خصت بالذكر لأمر اقتضاه الحال ، ويؤيد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في غير رواية عند ذكر شيء من ذلك : «هذا من النعيم الذي تسألون عنه بمن التبعيضية. وفي التفسير الكبير الحق أن السؤال يعم المؤمن والكافر عن جميع النعم سواء كان ما لا بد منه أو لا لأن كل ما يهب اللّه تعالى يجب أن يكون مصروفا إلى طاعته سبحانه لا إلى معصيته عز وجل فيكون السؤال واقعا عن الكل ويؤكده
قوله عليه الصلاة والسلام : «لا تزول قدما العبد حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به»
لأنّ كل نعيم داخل فيما ذكره عليه الصلاة والسلام ، ويشكل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 456
عليه ما
أخرجه عبد اللّه ابن الإمام أحمد في زوائد الزهد والديلمي عن الحسن قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ثلاث لا يحاسب بهن العبد : ظل خص يستظل به ، وكسرة يشد بها صلبه ، وثوب يواري به عورته»
وأجيب بأنه إن صح فالمراد لا يناقش الحساب بهن. وقيل : المراد ما يضطر العبد إليه من ذلك لحياته فتأمل. ورأيت في بعض الكتب أن الطعام الذي يؤكل مع اليتيم لا يسأل عنه وكان ذلك لأن في الأكل معه جبرا لقلبه وإزالة لوحشته فيكون ذلك بمنزلة الشكر فلا يسأل عنه سؤال تقريع. وفي القلب من صحة ذلك شيء واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 457
سورة العصر
مكية في قول ابن عباس وابن الزبير والجمهور ، ومدنية في قول مجاهد وقتادة ومقاتل. وآيها ثلاث بلا خلاف وهي على قصرها جمعت من العلوم ما جمعت فقد روي عن الشافعي عليه الرحمة أنه قال : لو لم ينزل غير هذه السورة لكفت الناس لأنها شملت جميع علوم القرآن. وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن أبي حذيفة وكانت له صحبة ، قال : كان الرجلان من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة والعصر ثم يسلم أحدهما على الآخر. وفيها إشارة إلى حال من لم يلهه التكاثر ولذا وضعت بعد سورته.
[سورة العصر (103) : الآيات 1 إلى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعَصْرِ قال مقاتل : أقسم سبحانه بصلاة العصر لفضلها لأنها الصلاة الوسطى عند الجمهور
لقوله عليه الصلاة والسلام : «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر»
. ولما
في مصحف حفصة «والصلاة الوسطى صلاة العصر»
وفي الحديث : «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله».
وروي أن امرأة كانت تصيح في سكك المدينة دلوني على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فرآها عليه الصلاة والسلام فسألها ماذا حدث؟
فقالت : يا رسول اللّه إن زوجي غاب فزنيت فجاءني ولد من الزنا فألقيت الولد في دن خل فمات ثم بعث ذلك الخل فهل لي من توبة؟ فقال عليه الصلاة والسلام : أما الزنا فعليك الرجم بسببه ، وأما القتل فجزاؤه جهنم ، وأما بيع الخل فقد ارتكبت كبيرا لكن ظننت أنك تركت صلاة العصر»
ذكره الإمام وهو لعمري إمام في نقل مثل ذلك مما لا يعول عليه عند أئمة الحديث فإياك والاقتداء به. وخصت بالفضل لأن التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم ومكاسبهم آخر النهار واشتغالهم بمعايشهم. وقيل : أقسم عز وجل بوقت تلك الصلاة لفضيلة صلاته أو لخلق آدم أبي البشر عليه السلام فيه من يوم الجمعة وإلى هذا ذهب قتادة فقد روي عنه أنه قال : العصر العشي أقسم سبحانه به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة. وقال الزجاج :
العصر اليوم والعصر الليلة وعليه قول حميد بن ثور :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 458
ولم يلبث العصران يوم وليلة إذا طلبا أن يدركا ما تيمما
وقيل : العصر بكرة والعصر عشية وهما الإبرادان وعليه وعلى ما قبله يكون القسم بواحد من الأمرين غير معين. وقيل : المراد به عصر النبوة وكأنه عنى به وقت حياته عليه الصلاة والسلام كأنه أشرف الأعصار لتشريف النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم. وقيل : هو زمان حياته صلّى اللّه عليه وسلم وما بعده إلى يوم القيامة ومقداره فيما مضى من الزمان مقدار وقت العصر من النهار ويؤذن بذلك ما
رواه البخاري عن سالم بن عبد اللّه عن أبيه أنه سمع النبي صلّى اللّه عليه وسلم يقول : «إنما بقاؤكم فيمن سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس»
وشرفه لكونه زمان النبي صلّى اللّه عليه وسلم وأمته التي هي خير أمة أخرجت للناس ولا يضره تأخيره كما لا يضر السنان تأخره عن أطراف مرانه والنور تأخره عن أطراف أغصانه. وقال ابن عباس : هو الدهر أقسم عز وجل به لاشتماله على أصناف العجائب ولذا قيل له أبو العجب وكأنه تعالى يذكر بالقسم به ما فيه من النعم وأضدادها لتنبيه الإنسان المستعد للخسران والسعادة ويعرض عز وجل لما في الإقسام به من التعظيم بنفي أن يكون له خسران أو دخل فيه كما يزعمه من يضيف الحوادث إليه وفي إضافة الخسران بعد ذلك للإنسان إشعار بأنه صفة له لا للزمان كما قيل :
يعيبون الزمان وليس فيه معايب غير أهل للزمان
وتعقب بأن استعمال العصر بذلك المعنى غير ظاهر إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ أي خسران في متاجرهم ومساعيهم وصرف أعمارهم في مباغيهم التي لا ينتفعون بها في الآخرة بل ربما تضرّ بهم إذا حلوا الساهرة.
والتعريف للاستغراق بقرينة الاستثناء والتنكير قيل للتعظيم أي في خسر عظيم ويجوز أن يكون للتنويع أي نوع من الخسر غير ما يعرفه الإنسان إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فإنهم في تجارة لن تبور حيث باعوا الفاني الخسيس واشتروا الباقي النفيس. واستبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات فيا لها من صفقة ما أربحها ومنفعة جامعة للخير ما أوضحها. والمراد بالموصول كل من اتصف بعنوان الصلة لا عليّ كرم اللّه تعالى وجهه وسلمان الفارسي رضى اللّه تعالى عنه فقط كما يتوهم من اقتصار ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما في الذكر عليهما بل هما داخلان في ذلك دخولا أوليا ومثل ذلك اقتصاره في الإنسان الخاسر على أبي جهل وهو ظاهر. وهذا بيان لتكميلهم لأنفسهم. وقوله تعالى وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ إلخ بيان لتكميلهم لغيرهم أي وصى بعضهم بعضا بالأمر الثابت الذي لا سبيل إلى إنكاره ولا زوال في الدارين لمحاسن آثاره وهو الخير كله من الإيمان باللّه عز وجل واتباع كتبه ورسله عليهم السلام في كل عقد وعمل وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ عن المعاصي التي تشتاق إليها النفس بحكم الجبلة البشرية وعلى الطاعات التي يشق عليها أداؤها وعلى ما يبتلي اللّه تعالى به عباده من المصائب والصبر المذكور داخل في الحق ، وذكر بعده مع إعادة الجار والفعل المتعلق هو به لإبراز كمال العناية به ويجوز أن يكون الأول عبارة رتبة العبادة التي هي فعل ما يرضى اللّه تعالى ، والثاني عبارة رتبة العبودية التي هي الرضا بما فعل اللّه تعالى فإن المراد بالصبر ليس مجرد حبس النفس عما تتوق إليه من فعل أو ترك بل هو تلقي ما ورد منه عز وجل بالجميل والرضا به باطنا وظاهرا. وقرأ سلام وهارون وابن موسى عن أبي عمرو «والعصر» بكسر الصاد «والصبر» بكسر الباء قال ابن عطية : وهذا لا يجوز إلّا في الوقف على نقل الحركة.
وروي عن أبي عمرو بالصبر بكسر الباء إشماما وهذا كما قال لا يكون أيضا إلّا في الوقف وقال صاحب اللوامح : قرأ عيسى البصرة «بالصبر» بنقل حركة الراء إلى الباء لئلا يحتاج إلى أن يؤتى ببعض الحركة في الوقف ولا إلى أن يسكن فيجمع بين ساكنين وذلك لغة شائعة وليست بشاذة بل مستفيضة ، وذلك دلالة على الإعراب وانفصال

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 459
من التقاء الساكنين وتأدية حق الموقوف عليه من السكون انتهى. ومن هذا كما في البحر قوله :
أنا جرير كنيتي أبو عمرو أضرب بالسيف وسعد في العصر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وغيرهم عن عليّ كرم اللّه تعالى وجهه أنه كان يقرأ :
«والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر
. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي داود في المصاحف عن ميمون بن مهران أنه قرأ «والعصر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر إلا الذين آمنوا» وذكر أنها قراءة ابن مسعود هذا. واستدل بعض المعتزلة بما في هذه السورة على أن مرتكب الكبيرة مخلد في النار لأنه لم يستثن فيها عن الخسر إلّا الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلخ. وأجيب عنه بأنه لا دلالة في ذلك على أكثر من كون غير المستثنى في خسر ، وأما على كونه مخلدا في النار فلا كيف والخسر عام فهو إما بالخلود إن مات كافرا ، وإما بالدخول النار إن مات عاصيا ولم يغفروا ما بفوت الدرجات العاليات إن غفر وهو جواب حسن. وللشيخ الماتريدي رحمه اللّه تعالى في التقصي عن ذلك تكلفات مذكورة في التأويلات فلا تغفل. وفي السورة من الندب إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه ما لا يخفى.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 460
سورة الهمزة
مكية وآيها تسع بلا خلاف في الأمرين. ولما ذكر سبحانه فيما قبلها أن الإنسان سوى من استثنى في خسر بيّن عز وجل فيها أحوال بعض الخاسرين فقال عز من قائل :
[سورة الهمزة (104) : الآيات 1 إلى 9]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ تقدم الكلام على إعراب مثل هذه الجملة والهمزة الكسر كالهزم واللمز الطعن كاللهز شاعا في الكسر من أعراض الناس والغض منهم واغتيابهم والطعن فيهم ، وأصل ذلك كان استعارة لأنه لا يتصور الكسر والطعن الحقيقيان في الأجسام فصار حقيقة عرفية ذلك وبناء فعلة يدل على الاعتياد فلا يقال : ضحكة ولعنة إلا للمكثر المتعود قال زيادة الأعجم :
إذا لقيتك عن شحط تكاشرني وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وجماعة عن ابن عباس أنه سئل عن ذلك فقال : هو المشاء بالنميمة المفرق بين الجمع المغري بين الإخوان. وأخرج ابن أبي حاتم وعبد بن حميد وغيرهما عن مجاهد : الهمزة الطعان في الناس واللمزة الطعان في الأنساب. وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية الهمز في الوجه واللمز في الخلف ، وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن جريج الهمز بالعين والشدق واليد واللمز باللسان. وقيل غير ذلك وما تقدم أجمع. وقرأ الباقر رضي اللّه تعالى عنه «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» بسكون الميم فيهما
على البناء الشائع في معنى المفعول وهو المسخرة الذي يأتي بالأضاحيك فيضحك منه ويشتم ويهمز ويلمز ونزل ذلك على ما أخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن عثمان بن عمر في أبيّ بن خلف ، وعلى ما أخرج عن السدي في أبيّ بن عمر والثقفي الشهير بالأخنس بن شريق فإنه كان مغتابا كثير الوقيعة وعلى ما قال ابن إسحاق في أمية بن خلف الجمحي وكان يهمز النبي صلّى اللّه عليه وسلم ويعيبه ، وعلى ما أخرج ابن جرير وغيره عن مجاهد في جميل بن عامر ، وعلى ما قيل في الوليد بن المغيرة واغتيابه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وغضه منه ، وعلى قول في

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 461
العاص بن وائل ويجوز أن يكون نازلا في جميع من ذكر لكن استشكل نزولها في الأخنس بأنه على ما صححه ابن حجر في الإصابة أسلم وكان من المؤلفة قلوبهم فلا يتأتى الوعيد الآتي في حقه فإما أن لا يصح ذلك أو لا يصح إسلامه. وأيضا استشكلت قراءة الباقر رضي اللّه تعالى عنه بناء على ما سمعت في معناها وكون الآية نازلة في الوليد بن المغيرة ونحوه من عظماء قريش وبه اندفع ما في التأويلات من أنه كيف عيب الكافر بهذين الفعلين مع أن فيه حالا أقبح منهما وهو الكفر وأما ما أجاب به من أن الكفر غير قبيح لنفسه بخلافهما فلا يخفى ضعفه لأن فوت الاعتقاد الصحيح أقبح من كل شيء قبيح. وقوله تعالى الَّذِي جَمَعَ مالًا بدل كل بدل من كل ، وقيل بدل بعض من كل وقال الجاربردي : يجوز أن يكون صفة له لأنه معرفة على ما ذكره الزمخشري في قوله تعالى وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق : 21] إذ جعل جملة معها سائق حالا من كل نفس لذلك ولا يخفى ما فيه. ويجوز أن يكون منصوبا أو مرفوعا على الذم وتنكير مالًا للتفخيم والتكثير ، وقد كان عند القائلين أنها نزلت في الأخنس أربعة آلاف دينار وقيل عشرة آلاف وجوز أن يكون للتحقير والتقليل باعتبار أنه عند اللّه تعالى أقل وأحقر شيء. وقرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر والأخوان «جمّع» بشد الميم للتكثير وهو أوفق بقوله تعالى وَعَدَّدَهُ أي عده مرة بعد أخرى حبا له وشغفا به. وقيل : جعله أصنافا وأنواعا كعقار ونقود حكاه في التأويلات. وقال غير واحد : أي جعله عدة ومدخرا لنوائب الدهر ومصائبه.
وقرأ الحسن والكلبي «وعدده» بالتخفيف فقيل معناه وعده فهو فعل ماض فكّ إدغامه على خلاف القياس كما في قوله :
مهلا أعاذل هل جربت من خلقي إني أجود لأقوام وإن ضننوا
وقيل : هو اسم بمعنى العدد المعروف معطوف على مالَهُ أي جمع ماله وضبط عدده وأحصاه وليس ذلك على ما في الكشف من باب : علفتها تبنا وماء باردا ، لأن جمع العدد عبارة عن ضبطه وإحصائه فلا يحتاج إلى تكلف. وعلى الوجهين أيّد بالقراءة المذكورة المعنى الأول لقراءة الجمهور. وقيل هو اسم بمعنى الأتباع والأنصار يقال : فلان ذو عدد وعدد إذا كان له عدد وافر من الأنصار وما يصلحهم وهو معطوف على ماله أيضا أي جمع ماله وقومه الذين ينصرونه. يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ جملة حالية أو استئنافية وأخلده وخلده بمعنى أي تركه خالدا أي ماكثا مكثا لا يتناهى أو مكثا طويلا جدا والكلام من باب الاستعارة التمثيلية ، والمراد أن المال طول أمله ومناه الأماني البعيدة فهو يعمل من تشييد البنيان وغرس الأشجار وكري الأنهار ونحو ذلك عمل من يظن أن ماله أبقاه حيا ، والإظهار في مقام الإضمار لزيادة التقرير والتعبير بالماضي للمبالغة في المعنى المراد. وجوز أن يراد أنه حاسب ذلك حقيقة لفرط غروره واشتغاله بالجمع والتكاثر عما أمامه من قوارع الآخرة أو لزعمه أن الحياة والسلامة عن الأمراض والآفات تدور على مراعاة الأسباب الظاهرة ، وأن المال هو المحور لكرتها والملك المطاع في مدينتها. وقيل : المراد أنه يحسب المال من المخلدات ولا نظر فيه إلى أن الخلود دنيوي أو أخروي ذكرا أو عينا إنما النظر في إثبات هذه الخاصة للمال والغرض منه التعريض بأن ثم مخلدا ينبغي للعاقل أن يكب عليه وهو السعي للآخرة وهو بعيد جدا ولذا لم يجعل بعض الأجلّة التعريض وجها مستقلا.
وزعم عصام الدين أنه يحتمل أن يكون فاعل أخلد الحاسب ومفعوله المال ، أي يظن أن يحفظ ماله أبدا ولا يعرف أنه معرض للحوادث أو للمفارقة بالموت كما قيل : بشر مال البخيل بحادث أو وارث وهو لعمري مما لا عصام له كَلَّا ردع له عن ذلك الحسبان الباطل أو عنه وعن جمع المال وحبه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 462
المفرط على ما قيل ، واستظهر أنه ردع عن الهمز واللمز وتعقب بأنه بعيد لفظا ومعنى وأنا لا أرى بأسا في كون ذلك ردعا له عن كل ما تضمنته الجمل السابقة من الصفات القبيحة. وقوله تعالى لَيُنْبَذَنَّ جواب قسم مقدر والجملة استئناف مبين لعلة الردع أي واللّه ليطرحن بسبب أفعاله المذكورة فِي الْحُطَمَةِ أي في النار التي من شأنها أن تحطم كل من يلقى فيها ، وبناء فعلة لتنزيل الفعل لكونه طبيعيا منزلة المعتاد. والحطم كسر الشيء كالهشم ثم استعمل لكل كسر متناه وأنشدوا :
إنا حطمنا بالقضيب مصعبا يوم كسرنا أنفه ليغضبا
ويقال : رجل حطمة أي أكول تشبيها له بالنار ولذا قيل في أكول كأنما في جوفه تنور وفسر الضحاك الحطمة هنا بالدرك الرابع من النار. وقال الكلبي : هي الطبقة السادسة من جهنم. وحكى القشيري عنه أنها الدرك الثاني. وقال الواحدي : هي باب من أبواب جهنم ، وزعم أبو صالح أنها النار التي في قبورهم وليس بشيء. وقوله تعالى وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ لتهويل أمرها ببيان أنها ليست من الأمور التي تنالها عقول الخلق. وقرأ عليّ كرم اللّه تعالى وجهه والحسن بخلاف عنه وابن محيصن وحميد وهارون عن أبي عمرو «لينبذان» بضمير الاثنين العائد على الهمزة وماله. وعن الحسن أيضا «لينبذن» بضم الذال وحذف ضمير الجمع فقيل هو راجع لكل همزة باعتبار أنه متعدد وقيل له ولعدده أي اتباعه وأنصاره بناء على ما سمعت في قراءته هناك. وعن أبي عمرو «لننبذنه» بنون العظمة وهاء النصب ونون التأكيد. وقرأ زيد بن علي رضي اللّه تعالى عنه «في الحاطمة وما أدراك ما الحاطمة» نارُ اللَّهِ خبر مبتدأ محذوف والجملة لبيان شأن المسئول عنها أي هي نار اللّه الْمُوقَدَةُ بأمر اللّه عز وجل وفي إضافتها إليه سبحانه ووصفها بالإيقاد من تهويل أمرها ما لا مزيد عليه الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ أي تعلو أوساط القلوب وتغشاها وتخصيصها بالذكر لما أن الفؤاد ألطف ما في الجسد وأشده تألما بأدنى أذى يمسه ، أو لأنه محل العقائد الزائغة والنيات الخبيثة والملكات القبيحة ومنشأ الأعمال السيئة فهو أنسب بما تقدم من جميع أجزاء الجسد.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب أنه قال في الآية : تأكل كل شيء منه حتى تنتهي إلى فؤاده فإذا بلغت فؤاده ابتدأ خلقه ، وجوز أن يراد الاطلاع العلمي والكلام على سبيل المجاز وذلك أنه لما كان لكل من المعذبين عذاب من النار على قدر ذنبه المتولد من صفات قلبه قيل إنها تطالع الأفئدة التي هي معادن الذنوب فتعلم ما فيها فتجازي كلّا بحسب ما فيه من الصفة المقتضية للعذاب. وأرباب الإشارة يقولون : إن ما ذكر إشارة إلى العذاب الروحاني الذي هو أشد العذاب إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ أي مطبقة وتمام الكلام مر في سورة البلد فِي عَمَدٍ جمع عمود كما قال الراغب والفرّاء. وقال أبو عبيدة : جمع عماد وفي البحر وهو اسم جمع الواحد عمود. وقرأ الأخوان وأبو بكر عمد بضمتين وهارون عن أبي عمرو بضم العين وسكون الميم وهو في القراءتين جمع عمود بلا خلاف. وقوله تعالى مُمَدَّدَةٍ صفة عمد في القراءات الثلاث أي طوال ، والجار والمجرور في موضع الحال من الضمير المجرور في عَلَيْهِمْ أي كائنين في عمد ممددة أي موثقين فيها مثل المقاطر وهي خشب أو جذوع كبار فيها خروق يوضع فيها أرجل المحبوسين من اللصوص ونحوهم ، أو خبر لمبتدأ محذوف أي هم كائنون في عمد موثقون فيها وهي والعياذ باللّه تعالى على ما روي عن ابن زيد عمد من حديد. وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس أنها من نار. واستظهر بعضهم أن العمد تمدد على

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 463
الأبواب بعد أن تؤصد عليهم تأكيدا ليأسهم واستيثاقا في استيثاق. وفي حديث طويل أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة مرفوعا : أن اللّه تعالى بعد أن يخرج من النار عصاة المؤمنين وأطولهم مكثا فيها من يمكث سبعة آلاف سنة يبعث عز وجل إلى أهل النار ملائكة بأطباق من نار ومسامير من نار وعمد من نار ، فيطبق عليهم بتلك الأطباق ويشد بتلك المسامير وتمدد تلك العمد ولا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح ولا يخرج منه غم ، وينساهم الجبار عز وجل على عرشه ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم ولا يستغيثون بعدها أبدا وينقطع الكلام فيكون كلامهم زفيرا وشهيقا».
وفيه فذلك قوله تعالى إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ اللهم أجرنا من النار يا خير مستجار. وعلى هذا يكون الجار والمجرور متعلقا بمؤصدة حالا من الضمير فيها كما قال صاحب الكشف وحكاه الطيبي. وفي الإرشاد عن أبي البقاء أنه صفة لمؤصدة. وقال بعض : لا مانع عليه أن يكون صلة مؤصدة على معنى الأبواب أوصدت بالعمد وسدت بها وأيد بما أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال في الآية أدخلهم في عمد وتمددت عليهم في أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب ثم إن ما ذكر لإشعاره بالخلود وأشدية العذاب يناسب كون المحدث عنهم كفارا همزوا ولمزوا خير البشر صلّى اللّه عليه وسلم وما تقدم من حمل العمد على المقاطر قيل يناسب العموم لأن المغتاب كأنه سارق من اعراض الناس فيناسب أن يعذب بالمقاطر كاللصوص فلا يلزم الخلود. وقد يقال : من تأمل في هذه السورة ظهر له العجب العجاب من التناسب فإنه لما بولغ في الوصف في قوله تعالى هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ قيل الْحُطَمَةُ للتعادل ولما أفاد ذلك كسر الأعراض قوبل بكسر الأضلاع المدلول عليه بالحطمة وجيء بالنبذ المنبئ عن الاستحقار في مقابلة ما ظن الهامز اللامز بنفسه من الكرامة ولما كان منشأ جمع المال استيلاء حبه على القلب جيء في مقابله تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ولما كان من شأن جامع المال المحب له أن يأصد عليه قيل في مقابله إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ولما تضمن ذلك طول الأمل قيل في مقابله عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ وقد صرح بذلك بعض الأجلّة فليتأمل واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 464
سورة الفيل
مكية وآيها خمس بلا خلاف فيهما ، وكأنه لما تضمن الهمز واللمز من الكفرة نوع كيد له عليه الصلاة والسلام عقب ذلك بقصة أصحاب الفيل للإشارة إلى أن عقبى كيدهم في الدنيا تدميرهم فإن عناية اللّه عز وجل برسوله صلّى اللّه عليه وسلم أقوى وأتم من عنايته سبحانه بالبيت ، فالسورة مشيرة إلى مآلهم في الدنيا إثر بيان مآلهم في الأخرى ، ويجوز أن تكون كالاستدلال على ما أشير إليه فيما قبلها من أن المال لا يغني من اللّه تعالى شيئا ، أو على قدرته عز وجل على إنفاذ ما توعد به أولئك الكفرة في قوله سبحانه لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ [الهمزة : 4] إلخ.
[سورة الفيل (105) : الآيات 1 إلى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ الظاهر أن الخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والهمزة لتقرير رؤيته عليه الصلاة والسلام بإنكار عدمها وهي بصرية تجوز بها عن العلم على سبيل الاستعارة التبعية أو المجاز المرسل لأنها سببية ، ويجوز جعلها علمية من أول الأمر إلّا أن ذاك أبلغ وعلمه صلّى اللّه عليه وسلم بذلك لما أنه سمعه متواترا. وكَيْفَ في محل نصب على المصدرية بفعل ، والمعنى أي فعل فعل. وقيل على الحالية من الفاعل والكيفية حقيقة للفعل ب أَلَمْ تَرَ لمكان الاستفهام ، والجملة سادة مسد المفعولين لتر. وجوز بعضهم نصب كَيْفَ بتر لإنسلاخ معنى الاستفهام عنه كما في شرح المفتاح الشريفي. وصرح أبو حيان بامتناعه لأنه يراعي صدارته إبقاء لحكم أصله وتعليق الرؤية بكيفية فعله تعالى شأنه لا بنفسه بأن يقال ألم تر ما فعل ربك إلخ. لتهويل الحادثة والإيذان بوقوعها على كيفية هائلة وهيئة عجيبة دالّة على عظم قدرة اللّه تعالى وكمال علمه وحكمته وغريبته وشرف رسوله صلّى اللّه عليه وسلم فإن ذلك كما قال غير واحد من الإرهاصات لما روي أن القصة وقعت في السنة التي ولد فيها النبي صلّى اللّه عليه وسلم. قال إبراهيم بن المنذر شيخ البخاري : لا يشك في ذلك أحد من العلماء وعليه الإجماع وكل ما خالفه وهم أي من أنها كانت قبل بعشر سنين أو بخمس عشرة سنة أو بثلاث وعشرين سنة أو بثلاثين سنة أو بأربعين سنة أو بسبعين سنة الأقوال المذكورة في كتب السير وعلى الأول

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 465
المرجح الذي عليه الجمهور قيل ولادته عليه الصلاة والسلام في اليوم الذي بعث اللّه تعالى فيه الطير على أصحاب الفيل من ذلك العام وهو المذكور في تاريخ ابن حبان وهو ظاهر قول ابن عباس : ولد عليه الصلاة والسلام يوم الفيل. وذهب السهيلي أنه صلّى اللّه عليه وسلم ولد بعدها بخمسين يوما وكانت في المحرم والولادة في شهر ربيع الأول. وقال الحافظ الدمياطي : بخمسة وخمسين يوما ، وقيل بأربعين ، وقيل بشهر. والمشهور ما ذهب إليه السهيلي. وفي قوله تعالى رَبُّكَ نوع رمز إلى الإرهاص وكون ذلك لشرف البيت ودعوة الخليل عليه السلام لا ينافي الإرهاص وكذا لا ينافيه
قوله صلّى اللّه عليه وسلم في الحديبية لما بركت ناقته وقال الناس : خلأت أي حرنت : «ما خلأت ولكن حبسها حابس الفيل»
إذ لم يدع أن ما كان للإرهاص لا غير ومثل هذه العلل لا يضر تعددها ، ويؤيد الإرهاص قصة القرامطة وغيرهم. وتفصيل القصة أن أبرهة الأشرم بن الصباح الحبشي كما قال ابن إسحاق وغيره وهو الذي يكنى بأبي يكسوم بالسين المهملة ولا يأباه التسمية بأبرهة بناء على أن معناه بالحبشة الأبيض الوجه كما لا يخفى. وقيل : إنه الحميري خرج على أرباط ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي - بكسر النون - بعد سنتين من سلطانه فتبارزا وقد أرصد الأشرم خلفه غلامه عتورة فحمل عليه أرباط بحربة فضربه يريد يافوخه فوقعت على جبهته فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته ولذا سمي الأشرم ، فحمل عتورة من خلف أبرهة فقتله وملك مكانه ، فغضب النجاشي فاسترضاه فرضي فأثبته. ثم إنه بنى بصنعاء كنيسة لم ير مثلها في زمانها سمّاها القليس بقاف مضمومة ولام مفتوحة مشددة كما في ديوان الأدب أو مخففة كما قيل وبعدها ياء مثناة سفلية ثم سين مهملة ، وكان ينقل إليها الرخام المجزع والحجارة المنقوشة بالذهب على ما يقال من قصر بلقيس زوج سليمان عليه السلام ، وكتب إلى النجاشي : إنني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها قبلك ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب. فلما تحدثت العرب بكتابه ذلك غضب رجل من النساءة أحد بني فقيم بن عدي من كنانة فخرج حتى أتاها فقعد فيها أي أحدث ولطخ قبلتها بحدثه ثم خرج ولحق بأرضه ، فأخبر أبرهة ، فقال : من صنع هذا؟ فقيل : رجل من أهل هذا البيت الذي تحج إليه العرب بمكة غضب لما سمع قولك أصرف إليها حج العرب ففعل ذلك ، فاستشاط أبرهة غضبا وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه.
وقيل : أججت رفقة من العرب نارا حولها فحملتها الريح فأحرقتها فغضب لذلك فأمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ، فخرج في ستين ألفا على ما قيل منهم ومعه فيل اسمه محمود وكان قويا عظيما واثنا عشر فيلا غيره وقيل ثماني وروي ذلك عن الضحاك ، وقيل ألف فيل وقيل معه محمود فقط وهو قول الأكثرين الأوفق بظاهر الآية ، فسمعت العرب بذلك فأعظموه وقلقوا به ورأوا جهاده حقا عليهم ، فخرج إليه رجل من أشراف اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر بمن أطاعه من قومه وسائر العرب فقاتله فهزم وأخذ أسيرا فأراد قتله فقال : أيها الملك لا تقتلني فعسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي ، فتركه وحبسه عنده حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي بمن معه من قومه وغيرهم فقاتله فهزم وأخذ أسيرا فهم بقتله فقال نحو ما سبق فخلى سبيله وخرج به يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معيب بن مالك الثقفي في رجال من ثقيف فقال له : أيها الملك إنما نحن عبيدك سماعون لك مطيعون ليس لك عندنا خلاف وليس بيتنا هذا الذي تريد يعنون بيت اللات إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك عليه ، فتجاوز عنهم فبعثوا معه أبا رغال فخرج ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس - كمعظم - موضع بطريق الطائف معروف ، فلما نزله مات أبو رغال ودفن هناك فرجمت قبره العرب كما قال ابن إسحاق. وقيل القبر الذي هناك لأبي رغال رجل من ثمود وهو أبو ثقيف كان بالحرم يدفع عنه فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 466
بالمغمس فدفن فيه واختاره صاحب القاموس ذاكرا فيه حديثا رواه أبو داود في سننه وغيره عن ابن عمر مرفوعا
وقال فيما تقدمه بعد نقله عن الجوهري ليس بجيد ، وجمع بعض بجواز أن يكون قبران لرجلين كل منهما أبو رغال ثم إن أبرهة بعث وهو بالمغمس رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصور حتى انتهى إلى مكة فساق أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مائتي بعير وقيل أربعمائة بعير لعبد المطلب وكان يومئذ سيد قريش ، فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بالحرم بحربه فعرفوا أن لا طاقة لهم به فكفوا. وبعث أبرهة حياطة الحميري إلى مكة وقال : قل لسيد أهل هذا البلد إن الملك يقول : إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت ، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم ، فإن هو لم يرد حربي فأتني به. فلما دخل حياطة دل على عبد المطلب فقال له ما أمر به فقال عبد المطلب : واللّه ما نريد حربه وما لنا به طاقة ، هذا بيت اللّه الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام فإن يمنعه منه فهو بينه وحرمه ، وإن يخل بينه وبينه فو اللّه ما عندنا دفع عنه. ثم انطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر وكان صديقه فدخل عليه فقال له : هل عندك من غناء فيما نزل بنا؟ فقال : وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا وعشيا ما عندي غناء في شيء مما نزل بك إلّا أن أنيسا سائس الفيل سأرسل إليه فأوصيه بك وأعظم عليه حقك وأسأله أن يستأذن لك على الملك فتكلمه بما بدا لك ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك.
فقال : حسبي ، فبعث إليه فقال له : إن عبد المطلب سيد قريش وصاحب عين مكة ويطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال وقد أصاب الملك له مائتي بعير فاستأذن له عليه وأنفعه عنده بما استطعت. فقال :
أفعل. فكلم أبرهة ووصف عبد المطلب بما وصفه به ذو نفر فأذن له ، وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم ، فلما رآه أكرمه عن أن يجلس تحته وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه فنزل عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه والقول بأنه أعظمه لما رأى من نور النبوة الذي كان في وجهه ضعيف لما فيه من الدلالة على كون القصة قبل ولادة عبد اللّه وهو خلاف ما علمت من القول المرجح اللهم إلّا أن يقال إنه تجلى فيه ذلك النور وإن كان قد انتقل. ثم قال لترجمانه : قل له ما حاجتك؟ فقال :
حاجتي أن يرد عليّ الملك إبلي. فقال أبرهة لترجمانه : قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين كلمتني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه فلا تكلمني فيه.
فقال عبد المطلب إني رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه. قال ما كان ليمنع مني قال : أنت وذاك. وفي رواية أنه دخل عليه مع عبد المطلب ثفانة بن عدي سيد بني بكر وخويلد بن واثلة سيد هذيل فعرضا عليه ثلث أموال أهل تهامة على أن يرجع ولا يهدم البيت فأبى فرد الإبل على عبد المطلب فانصرف إلى قريش فأخبرهم الخبر فتحرزوا في شعف الجبال تخوفا من معرة الجيش ثم قام فأخذ بحلقة باب الكعبة ومعه نفر من قريش يدعون اللّه عز وجل ويستنصرونه فقال وهو آخذ بالحلقة :
لا هم إن المرء يم نع رحله فامنع حلالك
وانصر على آل الصلي ب وعابديه اليوم آلك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك
جروا جموع بلادهم والفيل كي يسبوا عيالك
عمدوا حماك بكيدهم جهلا وما رقبوا جلالك

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 467
إن كنت تاركهم وكعب تنا فأمر ما بدا لك
وقال أيضا :
يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع عنهم حماكا
إن عدو البيت من عاداكا امنعهم أن يخربوا فناكا
ثم أرسل الحلقة وانطلق هو ومن معه إلى شعف الجبال ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها ، فلما أصبح تهيأ للدخول وعبى جيشه وهيأ الفيل ، فلما وجهوه إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب حتى قام إلى جنبه فأخذ بأذنه ، فقال : ابرك محمود وارجع راشدا من حيث جئت فإنك في بلد اللّه الحرام ، ثم أرسل أذنه فبرك أي سقط وخرج نفيل يشتد حتى أصعد في الجبل فضربوا الفيل وأوجعوه ليقوم فأبى ووجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول إلى الشام ففعل مثل ذلك ، فوجهوه إلى مكة فبرك ، فسقوه الخمر ليذهب تمييزه فلم ينجع ذلك.
وقيل : إن عبد المطلب هو الذي عرك أذنه وقال له ما ذكر وكان ذلك عند وادي محسر ، وأرسل اللّه تعالى طيرا من البحر قيل سودا وقيل خضرا وقيل بيضا مثل الخطاطيف مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب أحدا منهم إلّا هلك ، ويروى أنه يلقيها على رأس أحدهم فتخرج من دبره ويتساقط لحمه ، فخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاؤوا يسألون عن نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن فقال نفيل حين رأى ما نزل بهم :
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
وقال أيضا :
ألا حييت عنا يا ردينا نعمناكم عن الإصباح عينا
ردينة لو رأيت ولا تريه لدى جنب المحصب ما رأينا
إذا لعذرتني وحمدت أمري ولا تأسي على ما فات بينا
فكل القوم تسأل عن نفيل كأن عليه للحبشان دينا
وجعلوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون في كل منهل ، وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم تسقط أنملة أنملة كلما سقطت أنملة تبعها منه مدة ثم دم وقيح حتى قدموا صنعاء وهو مثل فرح الطائر ، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه وقد أشار إلى ذلك ابن الزبعرى بقوله من أبيات يذكر فيها مكة :
سائل أمير الحبش عنا ما ترى ولسوف ينبي الجاهلين عليمها
ستون ألفا لم يؤوبوا أرضهم بل لم يعش بعد الإياب سقيمها
ولهم في ذلك شعر كثير ذكر ابن هشام جملة منه في سيره ، وفيها أن الطير لم تصب كلهم وذكر بعضهم أنه لم ينج منهم غير واحد دخل على النجاشي فأخبره الخبر والطير على رأسه ، فلما فرغ ألقي عليه الحجر فخرقت البناء ونزلت على رأسه فألحقته بهم. وقيل : إن سائس الفيل وقائده تخلفا في مكة فسلما. فعن عائشة أنها قالت : أدركت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس. وعن عكرمة أن من أصابه الحجر جدرته وهو أول جدري ظهر أي بأرض العرب ، فعن يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام أيضا.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 468
ويروى أن عبد المطلب لما ذهب إلى شعف الجبال بمن معه بقي ينتظر ما يفعل القوم وما يفعل بهم ، فلما أصبح بعث أحد أولاده على فرس له سريع ينظر ما لقوا فذهب فإذا القوم مشدخين جميعا فرجع رافعا رأسه كاشفا عن فخذه ، فلما رأى ذلك أبوه قال : ألا إن ابني أفرس العرب وما كشف عن عورته إلّا بشيرا أو نذيرا ، فلما دنا من ناديهم قالوا : ما وراءك؟ قال : هلكوا جميعا فخرج عبد المطلب وأصحابه إليهم فأخذوا أموالهم وقال عبد المطلب :
أنت منعت الحبش والأفيالا وقد رعوا بمكة الأحبالا
وقد خشينا منهم القتالا وكل أمر منهم معضالا
شكرا وحمدا لك ذا الجلالا هذا ومن أراد استيفاء القصة على أتم مما ذكر فعليه بمطولات كتب السير. وقرأ السلمي «ألم تر» بسكون الراء جدا في إظهار أثر الجازم لأن جزمه بحذف آخره فإسكان ما قبل الآخر للاجتهاد في إظهار أثر الجازم ، قيل : والسر فيه هنا الإسراع إلى ذكر ما يهم من الدلالة على أمر الألوهية والنبوة أو الإشارة إلى الحثّ في الإسراع بالرؤية إيماء إلى أن أمرهم على كثرتهم كان كلمح البصر من لم يسارع إلى رؤيته لم يدركه حق إدراكه ، وتعقب هذا بأن تقليل البنية يدل على قلة المعنى وهو الرؤية لا على قلة زمانه. وقيل لعل السر فيه الرمز من أول الأمر إلى كثرة الحذف في أولئك القوم فتدبر. وقوله تعالى أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ إلخ بيان إجمالي لما فعل اللّه تعالى بهم والهمزة للتقرير كما سبق ولذلك عطف على الجملة الاستفهامية ما بعدها كأنه قيل قد جعل كيدهم في تعطيل الكعبة وتخريبها وصرف شرف أهلها لهم في تضييع وإبطال بأن دمرهم أشنع تدمير ، وأصل التضليل من ضل عنه إذا ضاع فاستعير هنا للإبطال ، ومنه قيل لامرىء القيس الضليل لأنه ضلل ملك أبيه وضيعه. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ أي جماعات جمع إبّالة بكسر الهمزة وتشديد الباء الموحدة ، وحكى الفراء إبالة مخففا وهي حزمة الحطب الكبيرة شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها وتستعمل أيضا في غيرها ومنه قوله :
كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
وقيل واحده أبول مثل عجول ، وقيل إبيل مثل سكين وقيل أبال. وقال أبو عبيدة والفرّاء : لا واحد له من لفظه كعباديد الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه ، والشماطيط القطع المتفرقة وجاءت هذه الطير على ما روي عن جمع من جهة البحر ولم تكن نجدية ولا تهامية ولا حجازية. وزعم بعض أن حمام الحرم من نسلها ولا يصح ذلك ، ومثله ما نقل عن حياة الحيوان من أنها تعشش وتفرخ بين السماء والأرض وقد تقدم الخلاف في لونها. وعن عكرمة كأن وجوهها مثل وجوه السباع لم تر قبل ذلك ولا بعده تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ صفة أخرى لطير ، وعبر بالمضارع لحكاية الحال واستحضار تلك الصورة البديعة. وقرأ أبو حنيفة وأبو يعمر وعيسى وطلحة في رواية : «يرميهم» بالياء التحتية والضمير المستتر للطير أيضا والتذكير لأنه اسم جمع وهو على ما حكى الخفاجي لازم التذكير فتأنيثه لتأويله بالجماعة ، وقيل يجوز الأمران وهو ظاهر كلام أبي حيان. وقيل الضمير عائد على ربك وليس بذاك ، ونسبة القراءة المذكورة لأبي حنيفة رضي اللّه تعالى عنه حكاها في البحر وعن صاحب النشر أنه رضي اللّه تعالى عنه لا قراءة له وأن القراءات المنسوبة له موضوعة مِنْ سِجِّيلٍ صفة حجارة أي كائنة من طين متحجر معرب سنك كل وقيل : هو عربي من السجل بالكسر وهو الدلو الكبيرة ،

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 469
ومعنى كون الحجارة من الدلو أنها متتابعة كثيرة كالماء الذي يصب من الدلو ففيه استعارة مكنية وتخييلية.
وقيل من الإسجال بمعنى الإرسال والمعنى من مثل شيء مرسل ، ومِنْ في جميع ذلك ابتدائية وقيل من السجل وهو الكتاب أخذ منه السجين وجعل علما للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار ، والمعنى من جملة العذاب المكتوب المدون فمن تبعيضيه. واختلف في حجم تلك الطير وكذا في حجم تلك الحجارة فمر أنها مثل الخطاطيف وأن الحجارة أمثال الحمص والعدس. وأخرج أبو نعيم عن نوفل بن أبي معاوية الديلمي أنه قال : رأيت الحصى التي رمي بها أصحاب الفيل حصى مثل الحمص وأكبر من العدس حمر بحتمة «1» كأنها جزع ظفار. وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أنه قال : حجارة مثل البندق. وفي رواية ابن مردويه عنه مثل بعر الغنم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير أنه قال في الاية : هى طير خرجت من قبلة البحر كأنها رجال السند معها حجارة أمثال الإبل البوارك وأصغرها مثل رؤوس الرجال لا تريد أحدا منهم إلا أصابته ولا أصابته إلا قتلته ، والمعول عليه أن الطير في الحجم كالخطاطيف ، وأن الحجارة منها ما هو كالحمصة ودوينها وفويقها. وروى ابن مردويه وأبو نعيم عن أبي صالح أنه مكتوب على الحجر اسم من رمي به واسم أبيه وأنه رأى ذلك عند أم هانىء فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ كورق زرع وقع فيه الأكال وهو أن يأكله الدود أو أكل حبه فبقى صفرا منه ، والكلام على هذا على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، أو على الإسناد المجازي والتشبيه بذلك لذهاب أرواحهم وبقاء أجسادهم ، أو لأن الحجر بحرارته يحرق أجوافهم. وذهب غير واحد إلى أن المعنى كتبن أكلته الدواب وراثته والمراد كروث إلا أنه لم يذكر بهذا اللفظ لهجنته فجاء على الآداب القرآنية فشبه تقطع أوصالهم بتفرق أجزاء الروث ، ففيه إظهار تشويه حالهم وقيل :
المعنى كتبن تأكله الدواب وتروثه والمراد جعلهم في حكم التبن الذي لا يمنع عنه الدواب أي مبتذلين ضائعين لا يلتفت إليهم أحد ولا يجمعهم ولا يدفنهم كتبن في الصحراء تفعل به الدواب ما شاءت لعدم حافظ له إلّا أنه وضع مأكول موضع أكلته الدواب لحكاية الماضي في صورة الحال وهو كما ترى. وكأنه لما أن مجيئهم لهدم الكعبة ناسب إهلاكهم بالحجارة ولما أن الذي أثار غضبهم عذرة الكناني شبههم فيما فعل سبحانه بهم على القول الأخير بالروث أو لما أن الذي أثاره احتراقها بما حملته الريح من نار العرب على ما سمعت شبههم عز وجل فيما فعل جل شأنه بهم بعصف أكل حبه على ما أشرنا إليه أخيرا. وقرأ أبو الدرداء فيما نقل ابن خالويه «مأكول» بفتح الهمزة اتباعا لحركة الميم وهو شاذ وهذا كما أتبعوا في قولهم «محموم» بفتح الحاء لحركة الميم واللّه تعالى أعلم.
___________
(1) قوله بحتمة بالضم السواد اه منه. [.....]

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 470
سورة قريش
ويقال سورة لإيلاف قريش ، وهي مكية في قول الجمهور مدنية في قول الضحاك وابن السائب ، وآيها خمس في الحجازي وأربع في غيره ، ومناسبتها لما قبلها أظهر من أن تخفى بل قالت طائفة إنهما سورة واحدة واحتجوا عليه بأن أبيّ بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة بما روي عن عمرو بن ميمون الأزدي قال : صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه فقرأ في الركعة الأولى والتين ، وفي الثانية ألم تر ولإيلاف قريش من غير أن يفصل بالبسملة ، وأجيب بأن جمعا أثبتوا الفصل في مصحف أبيّ والمثبت مقدم على النافي ، وبأن خبر ابن ميمون إن سلمت صحته محتمل لعدم سماعه ولعله قرأها سرا ، ويدل على كونها سورة مستقلة ما
أخرج البخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الخلافيات عن أم هانىء بنت أبي طالب أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : «فضل اللّه تعالى قريشا بسبع خصال لم يعطها أحد قبلهم ولا يعطاها أحد بعدهم : أني فيهم وفي لفظ النبوة فيهم ، والخلافة فيهم ، والحجابة فيهم ، والسقاية فيهم ، ونصروا على الفيل ، وعبدوا اللّه تعالى سبع سنين. وفي لفظ عشر سنين لم يعبده سبحانه أحد غيرهم ، ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم لإيلاف قريش». وجاء نحو هذا الأخير في خبرين آخرين أحدهما عن الزبير بن العوام يرفعه والثاني عن سعيد بن المسيب عنه صلّى اللّه عليه وسلم
ويؤيد الاستقلال كون آيها ليست على نمط آي ما قبلها وأنت تعلم أنه بعد ثبوت تواتر الفصل لا يحتاج إلى شيء مما ذكر.
[سورة قريش (106) : الآيات 1 إلى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لِإِيلافِ قُرَيْشٍ الإيلاف على ما قال الخفاجي مصدر ألفت الشيء وآلفته من الإلف وهو كما قال الراغب اجتماع مع التئام. وقال الهروي في الغريبين : الإيلاف عهود بينهم وبين الملوك فكان هاشم يؤالف ملك الشام والمطلب كسرى وعبد شمس ونوفل يؤالفان ملك مصر والحبشة. قال : ومعنى يؤالف يعاهد ويصالح ، وفعله آلف على وزن فاعل ، ومصدره إلاف بغير ياء بزنة قبال أو ألف الثلاثي ككتب كتابا ، ويكون الفعل منه أيضا على وزن أفعل مثل آمن ومصدره إيلاف كإيمان ، وحمل الإيلاف على العهود

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 471
خلاف ما عليه الجمهور كما لا يخفى على المتتبع. وفي البحر إيلاف مصدر آلف رباعيا وإلاف مصدر ألف ثلاثيا يقال : ألف الرجل الأمر ألفا وآلافا وآلف غيره إياه وقد يأتي آلف متعديا لواحد كألف ومنه قوله :
من المؤلفات الرمل أدماء حرة شعاع الضحى في جيدها يتوضح
وسيأتي إن شاء اللّه تعالى ما في ذلك من القراءات وقريش ولد النضر بن كنانة وهو أصح الأقوال وأثبتها عند القرطبي. قيل : وعليه الفقهاء لظاهر ما
روي أنه عليه الصلاة والسلام سئل من قريش فقال : «من ولد النضر»
وقيل ولد فهر ابن مالك بن النضر وحكي ذلك عن الأكثرين ، بل قال الزبير بن بكار أجمع النسابون من قريش وغيرهم على أن قريشا إنما تفرقت عن فهر واسمه عند غير واحد قريش وفهر لقبه ويكنى بأبي غالب. وقيل ولد مخلد بن النضر وهو ضعيف.
وفي بعض السير أنه لا عقب للنضر بن كنانة إلّا مالك وأضعف من ذلك بل هو قول رافضي يريد به نفي حقية خلافة الشيخين أنهم ولد قصي بن حكيم ، وقيل : عروة المشهور بلقبه كلاب لكثرة صيده أو لمكالبته أي مواثبته في الحرب للأعداء. نعم قصي جمع قريشا في الحرم حتى اتخذوه مسكنا بعد أن كانوا متفرقين في غيره وهذا الذي عناه الشاعر بقوله :
أبونا قصي كان يدعى مجمعا به جمع اللّه القبائل من فهر
فلا يدل على ما زعمه أصلا وهو في الأصل تصغير قرش بفتح القاف اسم لدابة في البحر أقوى دوابه تأكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى وبذلك أجاب ابن عباس معاوية لما سأله : لم سميت قريش قريشا؟ وتلك الدابة تسمى قرشا كما هو المذكور في كلام الحبر ، وتسمى قريشا وعليه قول تبع كما حكاه عنه أبو الوليد الأزرقي وأنشده أيضا الحبر لمعاوية إلّا أنه نسبه للجمحي :
وقريش هي التي تسكن البح ر بها سميت قريش قريشا
تأكل الغث والسمين ولا تت رك يوما لذي جناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش يأكلون البلاد أكلا كميشا
ولهم آخر الزمان نبي يكثر القتل فيهم والخموشا
وقال الفرّاء : هو من التقرش بمعنى التكسب ، سموا بذلك لتجارتهم. وقيل من التقريش وهو التفتيش ومنه قول الحارث بن حلزة :
أيها الشامت المقرش عنا عند عمرو فهل لنا إبقاء
سموا بذلك لأن أباهم كان يفتش عن أرباب الحوائج ليقضي حوائجهم وكذا كانوا هم يفتشون على ذي الخلة من الحاج ليسدوها ، وقيل من التقرش وهو التجمع ومنه قوله :
إخوة قرشوا الذنوب علينا في حديث من دهرهم وقديم
سموا بذلك لتجمعهم بعد التفرق والتصغير إذا كان من المزيد تصغير ترخيم وإذا كان من ثلاثي مجرد فهو على أصله وأيّا ما كان فهو للتعظيم مثله في قوله :
وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفر منها الأنامل
والنسبة إليه قرشي وقريشي كما في القاموس وأجمعوا على صرفه هنا راعوا فيه معنى الحي ، ويجوز منع صرفه ملحوظا فيه معنى القبيلة للعلمية والتأنيث وعليه قوله :
وكفى قريش المعضلات وسادها

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 472
وعن سيبويه أنه قال في نحو معد وقريش وثقيف هذه للأحياء أكثر أو إن جعلت أسماء للقبائل فجائز حسن ، واللام في لِإِيلافِ للتعليل والجار والمجرور متعلق عند الخليل بقوله لْيَعْبُدُوا
والفاء لما في الكلام من معنى الشرط إذ المعنى أن نعم اللّه تعالى غير محصورة ، فإن لم يعبدوا لسائر نعمه سبحانه فليعبدوا لهذه النعمة الجليلة ، ولما لم تكن في جواب شرط محقق كانت في الحقيقية زائدة فلا يمتنع تقديم معمول ما بعدها عليها. وقوله تعالى إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ بدل من (إيلاف) قريش ورِحْلَةَ مفعول به لإيلافهم على تقدير أن يكون من الألفة ، أما إذا كان من المؤالفة بمعنى المعاهدة فهو منصوب على نزع الخافض أي معاهدتهم على أو لأجل رحلة إلخ. وإطلاق لإيلاف ثم إبدال المقيد منه للتفخيم. وروي عن الأخفش أن الجار متعلق بمضمر أي فعلنا ما فعلنا من إهلاك أصحاب الفيل لإيلاف قريش. وقال الكسائي والفرّاء كذلك إلّا أنهما قدرا الفعل بدلالة السياق أعجبوا كأنه قيل أعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف وتركهم عبادة اللّه تعالى الذي أعزهم ورزقهم وآمنهم فلذا أمروا بعبادة ربهم المنعم عليهم بالرزق والأمن عقبه وقرن بالفاء التفريعية : وعن الأخفش أيضا أنه متعلق بجعلهم كعصف في السورة قبله والقرآن كله كالسورة الواحدة فلا يضر الفصل بالبسملة خلافا لجمع. والمعنى أهلك سبحانه من قصدهم من الحبشة ولم يسلطهم عليهم ليبقوا على ما كانوا عليه من إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ أو أهلك عز وجل من قصدهم ليعتبر الناس ولا يجترىء عليهم أحد فيتم لهم الأمن في رحلتهم ، ولا ينافي هذا كون إهلاكهم لكفرهم باستهانة البيت لجواز تعليله بأمرين فإن كلّا منهما ليس علة حقيقية ليمتنع التعدد. وقال غير واحد : إن اللام للعاقبة وكان لقريش رحلتان رحلة في الشتاء إلى اليمن ، ورحلة في الصيف إلى بصرى من أرض الشام كما روي عن ابن عباس ، وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم اللّه تعالى وولاة بيته العزيز فلا يتعرض لهم والناس بين متخطف ومنهوب.
وعن ابن عباس أيضا أنهم كانوا يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل ، ويرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة وسائر أغراضهم وأفردت الرحلة مع أن المراد رحلتا الشتاء والصيف لأمن اللبس وظهور المعنى ونظيره قوله :
حمامة بطن الواديين ترنمي حيث لم يقل بطني الواديين وقوله :
كلوا في بعض بطنكم تعفوا فإن زمانكم زمن خميص
حيث لم يقل بطونكم بالجمع لذلك. وقول سيبويه إن ذلك لا يجوز إلّا في الضرورة فيه نظر. وقال النقاش : كانت لهم أربع رحل ، وتعقبه ابن عطية بأنه قول مردود. وفي البحر : لا ينبغي أن يرد فإن أصحاب الإيلاف كانوا أربعة إخوة وهم : بنو عبد مناف : هاشم كان يؤالف ملك الشام أخذ منه خيلا فأمن به في تجارته إلى الشام ، وعبد شمس يؤالف إلى الحبشة ، والمطلب إلى اليمن ، ونوفل إلى فارس فكان هؤلاء يسمون المتجرين فيختلف تجر قريش بخيل هؤلاء الإخوة فلا يتعرض لهم. قال الأزهري : الإيلاف شبه الإجارة بالخفارة فإن كان كذلك جاز أن يكون لهم رحل أربع باعتبار هذه الأماكن التي كانت التجارة في خفارة هؤلاء الأربعة فيها فيكون رحلة هنا اسم جنس يصلح للواحد وللأكثر ، وفي هؤلاء الإخوة يقول الشاعر :
يا أيها الرجل المحول رحله هلا نزلت بآل عبد مناف
الآخذون العهد من آفاقها والراحلون لرحلة الإيلاف
والرائشون وليس يوجد رائش والقائلون هلم للأضياف
والخالطون غنيهم بفقيرهم حتى يصير فقيرهم كالكافي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 473
انتهى. وفيه مخالفة لما نقلناه سابقا عن الهروي ، ثم إن إرادة ما ذكر من الرحل الأربع غير ظاهرة كما لا يخفى. وقرأ ابن عامر «لإلاف قريش» بلا ياء. ووجه ذلك ما مر. ولم تختلف السبعة في قراءة إِيلافِهِمْ بالياء كما اختلف في قراءة الأول ، ومع هذا رسم الأول في المصاحف العثمانية بالياء ، ورسم الثاني بغير ياء كما قاله السمين وجعل ذلك أحد الأدلة على أن القراء يتقيدون بالرواية سماعا دون رسم المصحف وذكر في وجه ذلك أنها رسمت في الأول على الأصل ، وتركت في الثاني اكتفاء بالأول وهو كما ترى فتدبر. وروي عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ بهمزتين فيهما الثانية ساكنة وهذا شاذ وإن كان الأصل وكأنهم إنما أبدلوا الهمزة التي هي فاء الكلمة لثقل اجتماع همزتين. وروى محمد بن داود النقار عن عاصم «إئيلافهم» بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة ناشئة عن حركة الهمزة الثانية لما أشبعت ، والصحيح رجوعه عن القراءة بهمزتين وأنه قرأ كالجماعة. وقرأ أبو جعفر فيما حكى الزمخشري «لإلف قريش» وقرأ فيما حكى ابن عطية إلفهم وحكيت عن عكرمة وابن كثير ، وأنشدوا :
زعمتم أن إخوتكم قريش لهم إلف وليس لكم إلاف
وعن أبي جعفر أيضا وابن عامر «إلافهم» على وزن فعال. وعن أبي جعفر أيضا «ليلاف» بياء ساكنة بعد اللام ووجهه بأنه لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفا على غير قياس. وعن عكرمة «لتألف قريش» على صيغة المضارع المنصوب بأن مضمرة بعد اللام ورفع قريش على الفاعلية ، وعنه أيضا لتأليف على الأمر وعنه وعن هلال بن فتيان بفتح لام الأمر. والظاهر أن إيلافهم على جميع ذلك منصوب على المصدرية ولم أر من تعرض له. وقرأ أبو السمال «رحلة» بضم الراء وهي حينئذ بمعنى الجهة التي يرحل إليها وأما مكسور الراء فهو مصدر على ما صرح به في البحر.لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
هو الكعبة التي حميت من أصحاب الفيل.
وعن عمر أنه صلى بالناس بمكة عند الكعبة فلما قرألْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
جعل يومي بإصبعه إليها وهو في الصلاة بين يدي اللّه تعالى الَّذِي أَطْعَمَهُمْ بسبب تينك الرحلتين اللتين تمكنوا منهما بواسطة كونهم من جيرانه مِنْ جُوعٍ شديد كانوا فيه قبلهما وقيل أريد به القحط الذي أكلوا فيه الجيف والعظام وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ عظيم لا يقادر قدره وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم أو خوف الجذام كما أخرج ذلك ابن جرير وغيره عن ابن عباس ، فلا يصيبهم في بلدهم فضلا منه تعالى كالطاعون.
وعنه أيضا أنه قال : أطعمهم من جوع بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ [إبراهيم :
73] وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ حيث قال إبراهيم عليه السلام رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً [إبراهيم : 53]. ومِنْ قيل تعليلية أي أنعم عليهم وأطعمهم لإزالة الجوع عنهم. ويقدر المضاف لتظهر صحة التعليل أو يقال :
الجوع علة باعثة ولا تقدير. وقيل بدلية مثلها في قوله تعالى أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ [التوبة : 38] وحكى الكرماني في غرائب التفسير أنه قيل في قوله تعالى وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ أن الخلافة لا تكون إلّا فيهم وهذا من البطلان بمكان كما لا يخفى ، وقرأ المسيبي عن نافع «من خوف» بإخفاء النون في الخاء ، وحكي ذلك عن سيبويه وكذا إخفاؤها مع العين نحو من على مثلا واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 474
سورة الماعون
وتسمى سورة أرأيت والدين والتكذيب. وهي مكية في قول الجمهور وأخرجه ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير كما في الدر المنثور. وفي البحر أنها مدنية في قول ابن عباس وقتادة وحكي ذلك أيضا عن الضحاك. وقال هبة اللّه المفسر الضرير : نزل نصفها بمكة في العاص بن وائل ، ونصفها في المدينة في عبد اللّه بن أبي المنافق. وآيها سبع في العراقي وست في الباقية. ولما ذكر سبحانه في سورة قريش أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ [قريش : 4] ذم عز وجل هنا من لم يحض على طعام المسكين ولما قال تعالى هناك لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
[قريش : 3] ذم سبحانه هنا من سها عن صلاته أو لما عدد نعمة تعالى على قريش وكانوا لا يؤمنون بالبعث والجزاء أتبع سبحانه امتنانه عليهم بتهديدهم بالجزاء وتخويفهم من عذابه فقال عز قائل :
[سورة الماعون (107) : الآيات 1 إلى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ استفهام أريد به تشويق السامع إلى تعرف المكذب وأن ذلك مما يجب على المتدين ليحترز عنه وعن فعله ، وفيه أيضا تعجيب منه والخطاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أو لكل من يصلح له ، والرؤية بمعنى المعرفة المتعدية لواحد. وقال الحوفي : يجوز أن تكون بصرية ، وعلى الوجهين يجوز أن يتجوز بذلك عن الإخبار فيكون المراد بأرأيت أخبرني وحينئذ تكون متعدية لاثنين أولهما الموصول وثانيهما محذوف تقديره من هو أو أليس مستحقا للعذاب. والقول بأنه لا تكون الرؤية المتجوز بها إلّا بصرية فيه نظر وكذا إطلاق القول بأن كاف الخطاب لا تلحق البصرية إذ لا مانع من ذلك بعد التجوز فلا يرجح كونها علمية قراءة عبد اللّه «أرأيتك» بكاف الخطاب المزيدة لتأكيد التاء. و(الدين) الجزاء وهو أحد معانيه ومنه كما تدين تدان. وفي معناه قول مجاهد الحساب أو الإسلام كما هو الأشهر ولعله مراد من فسره بالقرآن. وكذا من فسره كابن عباس بحكم اللّه عز وجل. وقرأ الكسائي : أريت بحذف الهمزة كأنه حمل الماضي في حذف همزته على مضارعه المطرد فيه حذفها وهذا كما ألحق تعد بيعد في الإعلال ولعل تصدير الفعل هنا بهمزة الاستفهام

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 475
سهل أمر الحذف فيه لمشابهته للفظ المضارع المبدوء بالهمزة ومن هنا كانت هذه القراءة أقوى توجيها مما في قوله :
صاح هل ريت أو سمعت براع رد في الضرع ما قرى في العلاب
وقيل : ألحق بعد همزة الاستفهام بأرى ماضي الأفعال لشدة مشابهته به وعدم التفاوت إلّا بفتحة هي لخفتها في حكم السكون وليس بذاك وإن زعم أنه الأوجه. والفاء في قوله تعالى فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ قيل للسببية وما بعدها مسبب عن التشويق الذي دل عليه الكلام السابق. وقيل واقعة في جواب شرط محذوف على أن ذلك مبتدأ والموصول خبره. والمعنى هل عرفت الذي يكذب بالجزاء أو بالإسلام إن لم تعرفه فذلك الذي يكذب بذلك هو الذي يدع اليتيم أي يدفعه دفعا عنيفا ويزجره زجرا قبيحا. ووضع اسم الإشارة موضع الضمير للدلالة على التحقير ، وقيل للإشعار بعلة الحكم أيضا وفي الإتيان بالموصول من الدلالة على تحقق الصلة ما لا يخفى. وقرأ علي كرم اللّه تعالى وجهه والحسن وأبو رجاء واليماني «يدع» بالتخفيف أي يترك اليتيم لا يحسن إليه ويجفوه وَلا يَحُضُّ أي ولا يبعث أحدا من أهله وغيرهم من الموسرين عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي بذل طعام المسكين وهو ما يتناول من الغذاء ، والتعبير بالطعام دون الإطعام مع احتياجه لتقدير المضاف كما أشرنا إليه للإشعار بأن المسكين كأنه مالك لما يعطى له كما في قوله تعالى فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات : 19] فهو بيان لشدة الاستحقاق. وفيه إشارة للنهي عن الامتنان. وقيل الطعام هنا بمعنى الإطعام وكلام الراغب محتمل لذلك فلا يحتاج إلى تقدير لمضاف. وقرأ زيد بن علي رضي اللّه تعالى عنهما «لا يحاض» مضارع حاضت وهذه الجملة عطف على جملة الصلة داخلة معها في حيّز التعريف للمكذب ، فيكون سبحانه وتعالى قد جعل علامته الإقدام على إيذاء الضعيف وعدم بذل المعروف على معنى أن ذلك من شأنه ولوازم جنسه.
فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أي غافلون غير مبالين بها حتى تفوتهم بالكلية أو يخرج وقتها أو لا يصلونها كما صلاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والسلف ولكن ينقرونها نقرا ولا يخشعون وينجدون فيها ويتهمون وفي كل واد من الأفكار الغير المناسبة لها. يهيمون فيسلم أحدهم منها ولا يدري ما قرأ فيها إلى غير ذلك مما يدل على قلة المبالاة بها. وللسلف أقوال كثيرة في المراد بهذا السهو ولعل كل ذلك من باب التمثيل ، فعن أبي العالية هو الالتفات عن اليمين واليسار ، وعن قتادة عدم مبالاة المرء أصلى أم لم يصل ، وعن ابن عباس وجماعة تأخيرها عن وقتها وفيه حديث أخرجه غير واحد عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا وقال الحاكم والبيهقي وقفه أصح ، وعن أبي العالية هو أن لا يدري المرء عن كم انصرف عن شفع أو عن وتر. وفسر بعضهم السهو عنها بتركها وقال : المراد بالمصلين المتسمون بسمة أهل الصلاة إن أريد بالترك الترك رأسا وعدم الفعل بالكلية أو المصلون في الجملة إن أريد بالترك الترك أحيانا الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ الناس فيعملون حيث يروا الناس ويرونهم طلبا للثناء علهم
وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ أي الزكاة كما جاء عن علي كرم اللّه تعالى وجهه
وابنه محمد بن الحنفية وابن عباس وابن عمر وزيد بن أسلم والضحاك وعكرمة ومنه قول الراعي :
أخليفة الرحمن إنّا معشر حنفاء نسجد بكرة وأصيلا
عرب نرى اللّه من أموالنا حق الزكاة منزلا تنزيلا
قوم على الإسلام لما يمنعوا ما عونهم ويضيعوا التهليلا
وعن محمد بن كعب والكلبي المعروف كله. وأخرج جماعة عن ابن مسعود تفسيره بما يتعاوره الناس

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 476
بينهم من القدر والدلو والفأس ونحوها من متاع البيت وجاء ذلك عن ابن عباس أيضا في خبر رواه عنه الضياء في المختارة والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم ورووا فيه عدة أحاديث مرفوعة ، ومنع ذلك قد يكون محظورا في الشريعة كما إذا استعير عن اضطرار وقبيحا في المروءة كما إذا استعير في غير حال الضرورة وهو على ما أخرج ابن أبي شيبة عن الزهري المال بلسان قريش. وقال أبو عبيدة والزجاج والمبرد : هو في الجاهلية كل ما فيه منفعة من قليل أو كثير وأريد به في الإسلام الطاعة. واختلف في أصله فقال قطرب : أصله فاعول من المعن وهو الشيء القليل ، وقالوا ما له معنة أي شي قليل. وقيل أصله معونة والألف عوض من الهاء فوزنه مفعل في الأصل كمكرم فتكون الميم زائدة ، ووزنه بعد زيادة الألف عوضا ما فعل. وقيل هو اسم مفعول من أعان يعين وأصله معوون فقلب فصارت عينه مكان فائه فصار موعون ، ثم قلبت الواو ألفا فصار ماعونا مفعول بتقديم العين على الفاء. والفاء في قوله تعالى فَوَيْلٌ إلخ جزائية والكلام ترق من ذلك المعرف إلى معرف أقوى أي إذا كان دع اليتيم والحض بهذه المثابة فما بال المصلي الذي هو ساه عن صلاته التي هي عماد الدين؟
والفارق بين الإيمان والكفر مركتب للرياء في أعماله الذي هو شعبة من الشرك ، ومانع للزكاة التي هي شقيقة الصلاة وقنطرة الإسلام أو مانع لإعارة الشيء الذي تعارف الناس إعارته فضلا عن إخراج الزكاة من ماله فذاك العلم على التكذيب الذي لا يخفى ، والمعرف له الذي لا يوفى والغرض التغليظ في أمر هذه الرذائل التي ابتلي بها كثير من الناس وأنها لما كانت من سيماء المكذب بالدين كان على المؤمن المعتقد له أن يبعد عنها بمراحل ويتبين أن أم كل معصية التكذيب بالدين ، والمراد بالمكذب على هذا الجنس والإشارة لا تمنع منه كما لا يخفى. وقيل هو أبو جهل وكان وصيا ليتيم فأتاه عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه دفعا شنيعا. وقال ابن جريج : هو أبو سفيان نحر جزورا فسأله يتيم لحما فقرعه بعصاه. وقيل الوليد بن المغيرة وقيل العاص بن وائل وقيل عمرو بن عائذ وقيل منافق بخيل ، وعلى جميع هذه الأقوال يكون معينا وحينئذ فالقول بأن الساهين عن الصلاة المرائين أيضا معرف. قال صاحب الكشف : غير ملائم بل يكون شبه استطراد مستفاد من الوصف المعرف أعني دع اليتيم على معنى أن الدع إذا كان حاله أنه علم المكذب فما حال السهو عن الصلاة وما عطف عليه وهما أشد من ذلك وأشد؟ وإنما جعل شبه استطراد على ما قال لأن الكلام في التكذيب لا في التحذير من الدع بالأصالة ، والمراد الجنس الصادق بالجمع وكون ذلك تكلفا واضحا كما قيل غير واضح فكأنه قيل أخبرني ما تقول فيمن يكذبون بالدين وفيمن يؤذون اليتيم أحسن حالهم وما يصنعون أم قبيح؟
والغرض بت القول بالقبح على أسلوب قوله تعالى فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة : 91] ثم قيل فويل للمصلين على معنى إذا علم أن حالهم قبيح فويل لهم فوضع المصلين موضع الضمير دلالة على أنهم مع الاتصاف بالتكذيب متصفون بهذه الأشياء أيضا. وجعل بعضهم الفاء في فَوَيْلٌ على العطف المذكور للسببية وهذا الوجه يقتضي اتحاد المصلين والمكذبين ، وعليه قيل المراد بهم المنافقون بل روي إطلاق القول بأنهم المرادون عن ابن عباس ومجاهد والإمام مالك. وقال في البحر : يدل عليه الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ ويصح أن يراد بالمصلين على الاتحاد المكلفون بالصلاة ولو كفارا غير منافقين وبسهوهم عن الصلاة تركهم إياها بالكلية ، ويلتزم القول بأن الكفار مكلفون بالفروع مطلقا. واعترض أبو حيان ذلك الوجه بأن التركيب عليه تركيب غريب وهو كقولك أكرمت الذي يزورني فذاك الذي يحسن إليّ ، والمتبادر إلى الذهن منه أن فَذلِكَ مرفوع بالابتداء وعلى تقدير النصب بالعطف يكون التقدير أكرمت الذي يزورني فأكرمت ذلك الذي يحسن إليّ ، واسم الإشارة فيه غير متمكن تمكن ما هو فصيح إذ لا حاجة إليه بل الفصيح أكرمت الذي يزورني فالذي

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 477
يحسن إليّ ، أو أكرمت الذي يزورني فيحسن إليّ ، وقيل إن اسم الإشارة هنا مقحم للإشارة إلى بعد المنزلة في الشر والفساد فتأمل. وجوز أيضا أن يكون العطف عطف ذات على ذات فالاستخبار عن حال المكذبين وحال الداعين أحسن هو أم قبيح على قياس ما مر. وتعقبه في الكشف بأنه لا يلائم المقام رجوع الضمير إلى الطائفتين حتى يوضع موضع المصلين فافهم. وقرأ ابن إسحاق والأشهب «يرؤون» بالقصر وتشديد الهمزة وفي رواية أخرى عن ابن إسحاق أنه قرأ بالقصر وترك التشديد واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 478
سورة الكوثر
وتسمى كما قال البقاعي سورة النحر. وهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل ، ونسب في البحر إلى الجمهور ، مدنية في قول الحسن وعكرمة وقتادة ومجاهد ، وفي الإتقان أنه الصواب ورجحه النووي عليه الرحمة في شرح صحيح مسلم لما
أخرج الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في سننه وغيرهم عن أنس بن مالك قال : أغفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إغفاءة فرفع رأسه متبسما فقال : «إنه أنزل عليّ آنفا سورة» فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ حتى ختمها الحديث.
وفي أخبار سبب النزول ما يقتضي كلّا من القولين وستسمع بعضا منها إن شاء اللّه تعالى. ومن هنا استشكل أمرها وذكر الخفاجي أن لبعضهم تأليفا صحح فيه أنها نزلت مرتين وحينئذ فلا إشكال. وآيها ثلاث بلا خلاف وليس في القرآن كما أخرج البيهقي عن ابن شبرمة سورة آيها أقل من ذلك بل قد صرحوا بأنها أقصر سورة في القرآن. وقال الإمام : هي كالمقابلة للتي قبلها لأن السابقة وصف اللّه تعالى فيها المنافق بأربعة أمور البخل وترك الصلاة والرياء ومنع الزكاة فذكر عز وجل في هذه السورة في مقابلة البخل إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر : 1] أي الخير الكثير ، وفي مقابلة ترك الصلاة فَصَلِّ [الكوثر : 2] أي دم على الصلاة ، وفي مقابلة الرياء لِرَبِّكَ [الكوثر : 2] أي لرضاه لا للناس وفي مقابلة منع الماعون وَانْحَرْ [الكوثر : 3] وأراد به سبحانه التصدق بلحوم الأضاحي. ثم قال : فاعتبر هذه المناسبة العجيبة انتهى فلا تغفل.
[سورة الكوثر (108) : الآيات 1 إلى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْناكَ وقرأ الحسن وطلحة وابن محيصن والزعفراني «أنطيناك» بالنون وهي على ما قال التبريزي لغة العرب العرباء من أولى قريش ، وذكر غيره أنها لغة بني تميم وأهل اليمن وليست من الإبدال الصناعي في شيء. ومن كلامه صلّى اللّه عليه وسلم : «اليد العليا المنطية واليد السفلى المنطاة»
وكتب عليه الصلاة والسلام لوائل : «أنطوا الثبجة - أي الوسط - في الصدقة»
. الْكَوْثَرَ فيه أقوال كثيرة. فذهب أكثر المفسرين إلى أنه نهر في الجنة لقوله صلّى اللّه عليه وسلم في آخر الحديث المتقدم آنفا المروي
عن الإمام أحمد ومسلم ومن معهما : «هل تدرون ما الكوثر؟» قالوا : اللّه تعالى ورسوله أعلم. قال : «هو نهر أعطانيه ربي في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم فأقول : يا رب إنه من أمتي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدث بعدك»

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 479
وقوله عليه الصلاة والسلام على ما أخرجه الإمام أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجة وآخرون عن أنس عنه صلّى اللّه عليه وسلم : «دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ ، فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك أذفر ، قلت : ما هذا يا جبريل؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه اللّه تعالى»
. وجاء في حديث عن أنس أيضا قال : دخلت على رسول اللّه فقال : «قد أعطيت الكوثر» قلت : «يا رسول اللّه وما الكوثر؟ قال : «نهر في الجنة عرضه وطوله ما بين المشرق والمغرب لا يشرب منه أحد فيظمأ ولا يتوضأ منه أحد فيشعث أبدا ، لا يشرب منه من أخفر ذمتي ولا من قتل أهل بيتي»
. وروي عن عائشة أنها قالت : هو نهر في الجنة عمقه سبعون ألف فرسخ ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، شاطئاه الدر والياقوت والزبرجد ، خص اللّه تعالى به نبيه محمد صلّى اللّه عليه وسلم من بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقالت : ليس أحد يدخل أصبعيه في أذنيه إلّا سمع خرير ذلك النهر
. وهو على التشبيه البليغ. وقيل : هو حوض له عليه الصلاة والسلام في المحشر. وقول بعضهم الاختلاف في الروايات سببه ملاحظة اختلاف سرعة السير وعدمها وهو قبل الميزان والصراط عند بعض وبعدهما قريبا من باب الجنة حيث يحبس أهلها من أمته صلّى اللّه عليه وسلم ليتحاللوا من المظالم التي بينهم عند آخرين ، ويكون على هذا في الأرض المبدلة. وقيل له صلّى اللّه عليه وسلم حوضان حوض قبل الصراط وحوض بعده ويسمى كل منهما على ما حكاه القاضي زكريا كوثرا وصحح رحمه اللّه تعالى أنه بعد الصراط ، وأن الكوثر في الجنة وأن ماءه ينصب فيه ولذا يسمى كوثرا وليس هو من خواصه عليه الصلاة والسلام كالنهر السابق بل يكون لسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يرده مؤمنو أممهم.
ففي حديث الترمذي : «إن لكل نبي حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة ، وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة».
وهو كما قال حديث حسن غريب. وهذه الحياض لا يجب الإيمان بها كما يجب الإيمان بحوضه عليه الصلاة والسلام عندنا خلافا للمعتزلة النافين له لكون أحاديثه بلغت مبلغ التواتر بخلاف أحاديثها فإنها آحاد بل قيل : لا تكاد تبلغ الصحة. ورأيت في بعض الكتب أن الكوثر هو النهر الذي ذكره أولا وهو الحوض وهو على ظهر ملك عظيم يكون مع النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم حيث يكون فيكون في المحشر إذ يكون عليه الصلاة والسلام فيه ، وفي الجنة إذ يكون عليه الصلاة والسلام فيها ، ولا يعجز اللّه تعالى شيء. وقيل : هو أولاده عليه الصلاة والسلام لأن السورة نزلت ردا على من عابه صلّى اللّه عليه وسلم وهم والحمد للّه تعالى كثيرون قد ملؤوا البسيطة.
وقال أبو بكر بن عباس ويمان بن وثاب : أصحابه وأشياعه صلّى اللّه عليه وسلم إلى يوم القيامة ، وقيل : علماء أمته صلّى اللّه عليه وسلم وهم أيضا كثيرون في كل قطر وإن كانوا اليوم في بعض الأقطار والأمر للّه تعالى أقل قليل. وعن الحسن أنه القرآن وفضائله لا تحصى. وقال الحسين بن الفضل : هو تيسير القرآن وتخفيف الشرائع. وقيل : هو الإسلام. وقال هلال : هو التوحيد. وقال عكرمة : هو النبوة. وقال جعفر الصادق رضي اللّه تعالى عنه : هو نور قلبه صلّى اللّه عليه وسلم
. وقيل هو العلم والحكمة. وقال ابن كيسان : هو الإيثار. وقيل هو الفضائل الكثيرة المتصف بها عليه الصلاة والسلام.
وقيل المقام المحمود وقيل غير ذلك. وقد ذكر في التحرير ستة وعشرين قولا فيه وصحح في البحر قول النهر وجماعة أنه الخير الكثير والنعم الدنيوية والأخروية من الفضائل والفواضل ، ورواه ابن جرير وابن عساكر عن مجاهد وهو المشهور عن الحبر ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما. وقد أخرج البخاري وابن جرير والحاكم من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عنه رضي اللّه تعالى عنه أنه قال : الكوثر الخير الذي أعطاه اللّه تعالى إياه عليه الصلاة والسلام. قال أبو بشر : قلت لسعيد فإن ناسا يزعمون أنه نهر في الجنة. قال : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه اللّه عز وجل إياه صلّى اللّه عليه وسلم. وحكي هذا الجواب عن ابن عباس نفسه أيضا وفيه إشارة إلى أن ما صح في الأحاديث من تفسيره صلّى اللّه عليه وسلم إياه بالنهر من باب التمثيل والتخصيص لنكتة وإلا فبعد أن صح

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 480
الحديث في ذلك بل كاد يكون متواترا كيف يعدل عنه إلى تفسير آخر؟ وكذا يقال في سائر ما في الأقوال السابقة وغيرها. وهو فوعل من الكثرة صيغة مبالغة الشيء الكثير كثرة مفرطة. قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر :
بم آب ابنك؟ قالت : بكوثر. وقال الكميت :
وأنت كثير يا ابن مروان طيب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
وفي حذف موصوفه ما لا يخفى من المبالغة على ما أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وفي إسناد الإعطاء إليه دون الإيتاء إشارة إلى أن ذلك إيتاء على جهة التمليك فإن الإعطاء دونه كثيرا ما يستعمل في ذلك ومنه قوله تعالى لسليمان عليه السلام هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ [ص : 39] بعد قوله هَبْ لِي مُلْكاً [ص : 35]. وقيل فيه إشارة إلى أن المعطى وإن كان كثيرا في نفسه قليل بالنسبة إلى شأنه عليه الصلاة والسلام بناء على أن الإيتاء لا يستعمل إلّا في الشيء العظيم كقوله تعالى وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ [البقرة : 251] وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا [سبأ : 10] وآتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر : 87] والإعطاء يستعمل في القليل والكثير كما قال تعالى أَعْطى قَلِيلًا وَأَكْدى [النجم : 34] ففيه من تعظيمه عليه الصلاة والسلام ما فيه ، وقيل التعبير بذلك لأنه بالتفضل أشبه بخلاف الإيتاء فإنه قد يكون واجبا ففيه إشارة إلى الدوام والتزايد أبدا لأن التفضل نتيجة كرم اللّه تعالى الغير المتناهي. وفي جعل المفعول الأول ضمير المخاطب دون الرسول أو نحوه إشعار بأن الإعطاء غير معلل بل هو من محض الاختيار والمشيئة. وفيه أيضا من تعظيمه عليه الصلاة والسلام بالخطاب ما لا يخفى. وجوز أن يكون في إسناد الإعطاء إلى «نا» إشارة إلى أنه مما سعى فيه الملائكة والأنبياء المتقدمون عليهم السلام ، وفي التعبير بالماضي قيل إشارة إلى تحقق الوقوع ، وقيل إلى إشارة تعظيم الإعطاء وأنه أمر مرعي لم يترك إلى أن يفعل بعد. وقيل : إشارة إلى بشارة أخرى كأن قيل : إنا هيأنا أسباب سعادتك قبل دخولك في الوجود فكيف نهمل أمرك بعد وجودك واشتغالك بالعبودية؟ وقيل : إشارة إلى أن حكم اللّه تعالى بالإغناء والإفقار والإسعاد والإشقاء ليس أمرا محدثا بل هو حاصل في الأزل.
وبني الفعل على المبتدأ للتأكيد والتقوي ، وجوز أن يكون للتخصيص على بعض الأقوال السابقة في الكوثر وفي تأكيد الجملة بأن ما لا يخفى من الاعتناء بشأن الخبر وقيل لرد استبعاد السامع الإعطاء لما أنه لم يعلل والمعطى في غاية الكثرة وجوز أن يكون لرد الإنكار على بعض الأقوال في الكوثر أيضا.
والفاء في قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ لترتيب ما بعدها على ما قبلها فإن إعطاءه تعالى إياه عليه الصلاة والسلام ما ذكر من العطية التي لم يعطها أحدا من العالمين مستوجب للمأمور به أي استجاب أي فدم على الصلاة لربك الذي أفاض عليك ما أفاض من الخير خالصا لوجهه عز وجل خلاف الساهين عنها المرائين فيها أداء لحق شكره تعالى على ذلك فإن الصلاة جامعة لجميع أقسام الشكر ، ولذا قيل فَصَلِّ دون «فاشكر» وَانْحَرْ البدن التي هي خيار أموال العرب باسمه تعالى وتصدق على المحاويج خلافا لمن يدعهم ويمنع منهم الماعون كذا قيل. وجعل السورة عليه كالمقابلة لما قبلها كما فعل الإمام ، ولم يذكروا مقابل التكذيب بالدين. وقال الشهاب الخفاجي : إن الكوثر بمعنى الخير الكثير الشامل للأخروي يقابل ذلك لما فيه من إثباته ضمنا وكذا إذا كان بمعنى النهر والحوض والأمر على تفسيره بالإسلام وتفسير الدين به أيضا في غاية الظهور ، والمراد بالصلاة عند أبي مسلم الصلاة المفروضة. وأخرج ذلك ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك وأخرجه الأول وابن المنذر عن ابن عباس ، وذهب جمع إلى أنها جنس الصلاة. وقيل : المراد بها صلاة العيد

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 481
وبالنحر التضحية.
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : كانت هذه الآية يوم الحديبية أتاه جبريل عليهما الصلاة والسلام فقال انحر وارجع ، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فخطب خطبة الأضحى ثم ركع ركعتين ثم انصرف إلى البدن فنحرها فذلك قوله تعالى فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ
واستدل به على وجوب تقديم الصلاة على التضحية وليس بشيء وأخرج عبد الرزاق وغيره عن مجاهد وعطاء وعكرمة أنهم قالوا : المراد صلاة الصبح بمزدلفة والنحر بمنى والأكثرون على أن المراد بالنحر نحر الأضاحي واستدل به بعضهم على وجوب الأضحية لمكان الأمر مع قوله تعالى فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام : 153 ، 155] وأجيب بالتخصص
بقوله صلّى اللّه عليه وسلم : «ثلاث كتبت عليّ ولم تكتب عليكم : الضحى والأضحية والوتر»
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الأحوص أنه قال وَانْحَرْ أي استقبل القبلة بنحرك وإليه ذهب الفرّاء وقال : يقال منازلهم تتناحر أي تتقابل ، وأنشد قوله :
أبا حكم هل أنت عم مجالد وسيد أهل الأبطح المتناحر
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن علي كرم اللّه تعالى وجهه أنه قال : لما نزلت هذه السورة على النبي صلّى اللّه عليه وسلم إِنَّا أَعْطَيْناكَ إلخ قال رسول اللّه عليه الصلاة والسلام لجبريل عليه السلام :
«ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي»؟ فقال : إنها ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الركوع فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السماوات السبع ، وإن لكل شيء زينة وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة
. وأخرج ابن جرير عن أبي جعفر رضي اللّه تعالى عنه أنه قال في ذلك : ترفع يديك أول ما تكبر في الافتتاح. وأخرج البخاري في تاريخه والدار قطني في الافراد وآخرون عن الأمير كرم اللّه تعالى وجهه أنه قال : ضع يدك اليمنى على ساعد اليسرى ثم ضعهما على صدرك في الصلاة. وأخرج نحوه أبو الشيخ والبيهقي في سننه عن أنس مرفوعا ورواه جماعة عن ابن عباس -
وروي عباس - وروي عن عطاء أن معناه : اقعد بين السجدتين حتى يبدو نحرك. وعن الضحاك وسليمان التيمي أنهما قالا : معناه ارفع يديك عقيب الصلاة عند الدعاء إلى نحرك ولعل في صحة الأحاديث عند الأكثرين مقالا وإلّا فما قالوا الذي قالوا وقد قال الجلال السيوطي في حديث عليّ كرم اللّه تعالى وجهه الأول أنه أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم في المستدرك بسند ضعيف وقال فيه ابن كثير إنه حديث منكر جدا بل أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات. وقال الجلال في الحديث الآخر عن الأمير كرم اللّه تعالى وجهه : أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم بسند لا بأس به ، ويرجع قول الأكثرين إن لم يصح عن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ما يخالفه أن الأشهر استعمال النحر في نحر الإبل دون تلك المعاني وأن سنة القرآن ذكر الزكاة بعد الصلاة وما ذكر بذلك المعنى قريب منها بخلافه على تلك المعاني ، وأن ما ذكروه من المعاني يرجع إلى آداب الصلاة أو أبعاضها فيدخل تحت فَصَلِّ لِرَبِّكَ ويبعد عطفه عليه دون ما عليه الأكثر مع أن القوم كانوا يصلون وينحرون للأوثان فالأنسب أن يؤمر صلّى اللّه عليه وسلم في مقابلتهم بالصلاة والنحر له عز وجل ، هذا واعتبار الخلوص في فصل إلخ كما أشرنا إليه لدلالة السياق عليه ، وقيل لدلالة لام الاختصاص. وفي الالتفات عن ضمير العظمة إلى خصوص الرب مضافا إلى ضميره عليه الصلاة والسلام تأكيد لترغيبه صلّى اللّه عليه وسلم في أداء ما أمر به على الوجه الأكمل.
إِنَّ شانِئَكَ أي مبغضك كائنا من كان هُوَ الْأَبْتَرُ الذي لا عقب له حيث لا يبقى منه نسل ولا حسن ذكر ، وأما أنت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك إلى يوم القيامة ولك في الآخرة ما لا يندرج تحت البيان. وأصل البتر القطع وشاع في قطع الذنب وقيل لمن لا عقب له أبتر على الاستعارة شبه الولد

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 482
والأثر الباقي بالذنب لكونه خلفه فكأنه بعده وعدمه بعدمه وفسره قتادة بالحقير الذليل وليس بذاك كما يفصح عنه سبب النزول وفيها عليه دلالة على أن أولاد البنات من الذرية كما قال غير واحد ، واسم الفاعل أعني شانىء هاهنا قيل بمعنى الماضي ليكون معرفة بالإضافة فيكون الأبتر خبره ولا يشكل بمن كان يبغضه عليه الصلاة والسلام قبل الإيمان من أكابر الصحابة رضي اللّه تعالى عنهم ثم هداه اللّه تعالى للإيمان وذاق حلاوته فكان صلّى اللّه عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأعز عليه من روحه ولم يكن أبتر لما أن الحكم على المشتق يفيد علية مأخذه فيفيد الكلام أن الأبترية معللة بالبغض فتدور معه ، وقد زال في أولئك الأكابر رضي اللّه تعالى عنهم.
واختار بعضهم في دفع ذلك حمل اسم الفاعل على الاستمرار فهم لم يستمروا على البغض والظاهر أنه انقطع نسل كل من كان مبغضا له عليه الصلاة والسلام حقيقة وقيل انقطع حقيقة أو حكما لأن من أسلم من نسل المبغضين انقطع انتفاع أبيه منه بالدعاء ونحوه لأنه لا عصمة بين مسلم وكافر. وما أشرنا إليه من أن هو ضمير فصل هو الأظهر وجوز أن يكون مبتدأ خبره الْأَبْتَرُ والجملة خبر شانِئَكَ وحينئذ يجوز صناعة أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال وحمل شانِئَكَ على الجنس هو الظاهر وخصه بعضهم بمن جاء في سبب النزول واحدا أو متعددا وفيه روايات أخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :
كان أكبر ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم القاسم ثم زينب ثم عبد اللّه ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية ، فمات القاسم عليه السلام وهو أول ميت من ولده عليه الصلاة والسلام بمكة ، ثم مات عبد اللّه عليه السلام فقال العاص بن وائل السهمي : قد انقطع نسله فهو ابتر فأنزل اللّه تعالى إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن شمر بن عطية قال : كان عقبة بن أبي معيط يقول إنه لا يبقى للنبي صلّى اللّه عليه وسلم عقب وهو أبتر ، فأنزل اللّه تعالى فيه إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أيوب قال : لما مات إبراهيم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مشى المشركون بعضهم إلى بعض فقالوا : إن هذا الصابىء قد بتر الليلة ، فأنزل اللّه تعالى إِنَّا أَعْطَيْناكَ السورة. وأخرج عبد بن حميد وغيره عن ابن عباس أنه قال فيالآية هو أبو جهل أي لأنها نزلت فيه وهذا المقدار في الرواية عن ابن عباس لا بأس به ، وحكاية عنه أنه لما مات إبراهيم ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم خرج أبو جهل إلى أصحابه فقال : بتر محمد عليه الصلاة والسلام ، فأنزل اللّه تعالى إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
لا تكاد تصح لأن هلاك اللعين أبي جهل على التحقيق قبل وفاة إبراهيم عليه السلام. وعن عطاء أنها نزلت في أبي لهب والجمهور على نزولها في العاصي بن وائل وأيّا ما كان فلا ريب في ظهور عموم الحكم والجملة كالتعليل لما يفهمه الكلام فكأنه قيل : إنا أعطيناك ما لا يدخل تحت الحصر من النعم فصل وانحر خالصا لوجه ربك ولا تكترث بقول الشانئ الكريه فإنه هو الأبتر لا أنت. وتأكيدها قيل للاعتناء بشأن مضمونها وقيل هو مثله في نحو قوله تعالى وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ [المؤمنون : 27] وذلك لمكان فلا تكترث إلخ المفهوم من السياق. وفي التعبير بالأبتر دون المبتور على ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ما لا يخفى من المبالغة وعمم هذا الشيخ عليه الرحمة كلا من جزأي الجملة ، فقال : إنه سبحانه يبتر شانىء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم من كل خير فيبتر أهله وماله فيخسر ذلك في الآخرة ، ويبتر حياته فلا ينتفع بها ولا يتزود فيها صالحا لمعاده ، ويبتر قلبه فلا يعي الخير ولا يؤهله لمعرفته تعالى ومحبته والإيمان برسله عليهم السلام ، ويبتر أعماله فلا يستعمله سبحانه في طاعته ، ويبتره من الأنصار فلا يجد له ناصرا ولا عونا ، ويبتره من جميع القرب فلا يذوق لها طعما ولا يجد لها حلاوة وإن باشرها بظاهره فقلبه شارد عنها وهذا جزاء كل من شنأ ما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وسلم لأجل هواه كمن تأول آيات الصفات أو أحاديثها على غير مراد اللّه تعالى ومراد رسوله عليه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 483
الصلاة والسلام أو تمنى أن لا تكون نزلت أو قيلت. ومن أقوى العلامات على شنآنه نفرته عنها إذا سمعها حين يستدل بها السلفي على ما دلت عليه من الحق وأي شنآن للرسول عليه الصلاة والسلام أعظم من ذلك ، وكذلك أهل السماع الذين يرقصون على سماع الغناء والدفوف والشبابات فإذا سمعوا القرآن يتلى أو قرىء في مجلسهم استطالوه واستثقلوه ، وكذلك من آثر كلام الناس وعلومهم على القرآن والسنة إلى غير ذلك ولكل نصيب من الانتبار على قدر شنآنه انتهى وفي بعضه نظر لا يخفى. وقرأ ابن عباس «شنيك» بغير ألف فقيل مقصور من شاني كما قالوا برد في بارد وبر في بار ، وجوز أن يكون بناء على فعل. هذا وأعلم أن هذه السورة الكريمة على قصرها وإيجازها قد اشتملت على ما ينادى على عظيم إعجازها ، وقد أطال الإمام فيها الكلام وأتى بكثير مما يستحسنه ذو والأفهام وذكر أن قوله تعالى وَانْحَرْ متضمن الاخبار بالغيب وهو سعة ذات يده صلّى اللّه عليه وسلم وأمته وقيل مثله في ذلك إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ. وذكر أنه روي أن مسيلمة الكذاب عارضها بقوله إنا أعطيناك الزماجر فصل لربك وهاجر إن مبغضك رجل كافر. ثم بيّن الفرق من عدة أوجه وهو لعمري مثل الصبح ظاهر ، ومن أراد الاطلاع على أزيد مما ذكر فليرجع إلى تفسير الإمام واللّه تعالى ولي التوفيق والإنعام.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 484
سورة الكافرون
وتسمى المقشقشة كما أخرجه ابن أبي حاتم على زرارة بن أوفى وهو من قشقش المريض إذا صح وبرأ أي المبرئة من الشرك والنفاق. وتسمى أيضا كما في جمال القراء سورة العبادة وكذا تسمى سورة الإخلاص وهي عند ابن عباس والجمهور مكية. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير أنها مدنية وحكاه في البحر عن قتادة على خلاف ما في مجمع البيان من أنه قائل بمكيتها وأيّا ما كان فقول الدواني إنها مكية بالاتفاق ليس في محله. وآيها ست بلا خلاف وفيها إعلان ما فهم مما قبلها من الأمر بإخلاص العبادة له عز وجل ويكفي ذلك في المناسبة بينهما. وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لجبلة بن حارثة وهو أخو زيد بن حارثة وقد قال له عليه الصلاة والسلام علمني شيئا أقوله عند منامي نحو ذلك كما في حديث أخرجه الإمام أحمد والطبراني في الأوسط ، وأمر صلّى اللّه عليه وسلم أنسا بأن يقرأها عند منامه أيضا معللا لذلك بما ذكر كما أخرجه البيهقي في الشعب وأمر عليه الصلاة والسلام خبابا بذلك أيضا كما في حديث أخرجه البزار وابن مردويه. وأخرج أبو يعلى والطبراني عن ابن عباس مرفوعا «ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك باللّه تعالى تقرءون قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [الكافرون :
1] عند منامكم»
. وروى الديلمي عن عبد اللّه بن جراد قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ
ويسن قراءتها أيضا مع سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص : 1] في ركعتي سنة الفجر التي هي عند الأكثرين أفضل السنن الرواتب وكذا في الركعتين بعد المغرب «1» وهي حجة على من قال من الأئمة إنه لا يسن في سنة الفجر ضم سورة إلى الفاتحة. وجاء في حديث أخرجه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر مرفوعا وفي آخر أخرجه في الصغير عن سعد بن أبي وقاص كذلك أنها تعدل ربع القرآن
ووجه ذلك الإمام بأن القرآن مشتمل على الأمر بالمأمورات والنهي عن المحرمات وكل منهما إما أن يتعلق بالقلب أو بالجوارح فيكون أربعة أقسام وهذه السورة مشتملة على النهي عن المحرمات المتعلقة بالقلب فتكون كربع
___________
(1) قوله وهي حجة الضمير عائد على مضروب عليه في نسخة المؤلف نصه ، فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن حبان وغيرهم عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما قال : رمقت النبي صلّى اللّه عليه وسلم خمسا وعشرين مرة - وفي لفظ شهرا - فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب ب قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وفي حديث أخرجه ابن ماجة وابن حبان عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها أنه عليه الصلاة والسلام كان يقول : «نعم السورتان مما يقرآن في الركعتين قبل الفجر قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
إلى غير ذلك من الأخبار وهي حجة إلخ اه منه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 485
القرآن ، وتعقب بأن العبادة أعم من القلبية والقالبية والأمر والنهي المتعلقان بها لا يختصان بالمأمورات والمنهيات القلبية والقالبية ، وأن مقاصد القرآن العظيم لا تنحصر في الأمر والنهي المذكورين بل هو مشتمل على مقاصد أخرى كأحوال المبدأ والمعاد ومن هنا قيل لعل الأقرب أن يقال إن مقاصد القرآن التوحيد والأحكام الشرعية وأحوال المعاد والتوحيد عبارة عن تخصيص اللّه تعالى بالعبادة وهو الذي دعا إليه الأنبياء عليهم السلام أولا بالذات والتخصيص إنما يحصل بنفي عبادة غيره تعالى وعبادة اللّه عز وجل إذ التخصيص له جزآن النفي عن الغير والإثبات للمخصص به ، فصارت المقاصد بهذا الاعتبار أربعة. وهذه السورة تشتمل على ترك عبادة غيره سبحانه والتبري منها فصارت بهذا الاعتبار ربع القرآن ولكونها ليس فيها التصريح بالأمر بعبادة اللّه عز وجل كما أن فيها التصريح بترك عبادة غيره تعالى لم تكن كنصف القرآن وقيل : إن مقاصد القرآن صفاته تعالى والنبوات والأحكام والمواعظ وهي مشتملة على أساس الأول وهو التوحيد ولذا عدلت ربعه ، وذكر بعض أجلّة أحبابي المعاصرين أوجها في ذلك أحسنها فيما أرى أن الدين الذي تضمنه القرآن أربعة أنواع :
عبادات ومعاملات وجنايات ومناكحات ، والسورة متضمنة للنوع الأول فكانت ربعا. وتعقب بأنه أراد فكانت ربعا من القرآن فلا نسلم صحة تفريعه على كون الدين الذي تضمنه القرآن أربعة أنواع وإن أراد فكانت ربعا من الدين فليس الكلام فيه إنما الكلام في كونها تعدل ربعا من القرآن إذ هو الذي تشعر به الأخبار على اختلاف ألفاظها والتلازم بينهما غير مسلم على أن المقابلة الحقيقية بين ما ذكر من الأنواع غير تامة. وأجيب باحتمال أنه أراد أن مقاصد القرآن هي تلك الأربعة التي هي الدين ولا يبعد أن يكون ما تضمن واحدا منها عدل القرآن كله مقاصده وغيرها. ولا يرد على الحصر أن من مقاصده أحوال المبدأ والمعاد فبدخول ذلك في العبادات بنوع عناية وعدم التقابل الحقيقي لا يضر إذ يكفي في الغرض عدّ أهل العرف تلك الأمور متقابلة ولو بالاعتبار فتأمل جميع ذلك واللّه تعالى الهادي لأقوم المسالك.
[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 إلى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (3) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (4)
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ قال أجلة المفسرين : المراد بهم كفرة من قريش مخصوصون قد علم اللّه تعالى أنهم لا يتأتى منهم الإيمان أبدا.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن سعيد بن ميناء مولى أبي البختري قال : لقي الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، فقالوا : يا محمد هلم فلتعبد ما نعبد ونعبد ما تعبد ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله ، فإن كان الذي نحن عليه أصح من الذي أنت عليه كنت قد أخذت منه حظا ، وإن كان الذي أنت عليه أصح من الذي نحن عليه كنا قد أخذنا منه حظا ، فأنزل اللّه تعالى قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ حتى انقضت السورة
. وفي رواية أن رهطا من عتاة قريش قالوا له صلّى اللّه عليه وسلم : هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة. فقال عليه الصلاة والسلام :
«معاذ اللّه تعالى أن أشرك باللّه سبحانه غيره». فقالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك ، فنزلت فعدا صلّى اللّه عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام عليه الصلاة والسلام على رؤوسهم فقرأها عليهم فأيسوا
. ولعل نداءهم «بيا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 486
أيها» للمبالغة في طلب إقبالهم لئلا يفوتهم شيء مما يلقى إليهم ، «وبالكافرون» دون الذين كفروا لأن الكفر كان دينهم القديم ولم يتجدد لهم ، أو لأن الخطاب مع الذين يعلم استمرارهم على الكفر فهو كاللازم لهم أو للمسارعة إلى ذكر ما يقال لهم لشدة الاعتناء به وبه دون المشركين مع أنهم عبدة أصنام والأكثر التعبير عنهم بذلك لأن ما ذكر أنكى لهم فيكون أبلغ في قطع رجائهم الفارغ. وقيل : هذا للإشارة إلى أن الكفر كله ملة واحدة ولا يبعد أن يكون في هذه الإشارة إنكاء لهم أيضا وفي ندائه عليه الصلاة والسلام بذلك في ناديهم ومكان بسطة أيديهم دليل على عدم اكتراثه عليه الصلاة والسلام بهم إذ المعنى قل يا محمد ، والمراد حقيقة الأمر خلافا لصاحب التأويلات للكافرين يا أيها الكافرون لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ يتراءى أن فيه تكرارا للتأكيد ، فالجملة الثالثة المنفية على ما في البحر توكيد للأولى على وجهه أبلغ لاسمية المؤكدة ، والرابعة توكيد للثانية وهو الذي اختاره الطيبي وذهب إليه الفرّاء وقال : إن القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتهم تكرار الكلام للتأكيد والإفهام ، فيقول المجيب : بلى بلى والممتنع لا لا. وعليه قوله تعالى كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ [التكاثر : 3] وأنشد قوله :
كائن وكم عندي لهم من صنيعة أيادي سنوها عليّ وأوجبوا
وقوله :
نعق الغراب ببين ليلى غدوة كم كم وكم بفراق ليلى ينعق
وقوله :
هلا سألت جموع كن دة يوم ولوا أين أينا
وهو كثير نظما ونثرا ، وفائدة التأكيد هاهنا قطع أطماع الكفار وتحقيق أنهم باقون على الكفر أبدا.
واعترض بأن تأكيد الجمل لا يكون مع العاطف إلّا بثم وكأن القائل بذاك قاس الواو على ثم ، والظاهر أن من قال بالتأكيد جعل الجملة الرابعة معطوفة على الثالثة ، وجعل المجموع معطوفا على مجموع الجملتين الأوليين فهناك مجموعان متعاطفان يؤكد ثانيهما أولهما ولمغايرة الثاني للأول بما فيه من الاستمرار عطف عليه بالواو فلا يرد ما ذكر ، ويتضمن ذلك معنى تأكيد الجزء الأول من الثاني للجزء الأول من الأول وتأكيد الجزء الثاني من الثاني للجزء الثاني من الأول ، وإلّا فظاهر ما في البحر مما لا يكاد يجوز كما لا يخفى والذي عليه الجمهور أنه لا تكرار فيه لكنهم اختلفوا فقال الزمخشري لا أَعْبُدُ أريد به نفي العبادة فيما يستقبل لأن لا لا تدخل إلّا على مضارع في معنى الاستقبال كما أن ما لا تدخل إلّا على مضارع في معنى الحال ، والمعنى لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ، ولا أنتم فاعلون فيه ما أطلب منكم من عبادة إلهي ، وما كنت عابدا قط فيما سلف ما عبدتم فيه ، وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته. والظاهر أنه اعتبر في الجملة الأخيرة استمرار النفي وأنه حمل المضارع فيها على إفادة الاستمرار والتصوير ، وفي الثانية استغرق النفي للأزمنة الماضية. وقال الطيبي : إنه جعل القرينتين للأوليين للاستقبال والأخريين للماضي ، واعترض عليه بأن الحصرين اللذين ذكرهما في لا وما غير صحيح وإن كانا يشعر بهما ظاهر كلام سيبويه. وقال الخفاجي : ما ذكر أغلبي أو مقيد بعدم القرينة القائمة على ما يخالفه ، أو هو كلي ولا حجر في التجوز والحمل على غيره لمقتض كدفع التكرار هنا وإن قيل بتحقق الاستغراب على القول باشتراطه في الحكاية في عابد الأول وعدم ضرر فقده في الثاني لأن النصب به للمشاكلة وقيل : القرينتان الأوليان للاستقبال كما مر ،

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 487
والأخريان للحال واختاره أبو حيان أي ولست في الحال بعابد معبوديكم ، ولا أنتم في الحال بعابدي معبودي.
وقيل بالعكس وعليه كلام الزجاج ومحيي السنة. وقيل الأوليان للماضي والأخريان للمستقبل نقله ابن كثير عن حكاية البخاري وغيره ، ونقل أيضا عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن المراد بقوله سبحانه لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ نفي الفعل لأنها جملة فعلية وبقوله تعالى وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ نفي قبوله صلّى اللّه عليه وسلم لذلك بالكلية لأن النفي بالجملة الاسمية آكد فكأنه نفى الفعل وكونه عليه الصلاة والسلام قابلا لذلك ومعناه نفي الوقوع ونفي إمكانه الشرعي ، ونوقش في إفادة الجملة الاسمية نفي القبول ولا يبعد أن يقال إن معنى الجملة الفعلية نفي الفعل في زمان معين ، والجملة الاسمية معناها نفي الدخول تحت هذا المفهوم مطلقا من غير تعرض للزمان كأنه قيل : أنا ممن لا يصدق عليه هذا المفهوم أصلا وأنتم ممن لا يصدق عليه ذلك المفهوم فتدبر. وقيل : الأوليان لنفي الاعتبار الذي ذكره الكافرون ، والأخريان للنفي على العموم أي لا أعبد ما تعبدون رجاء أن تعبدوا اللّه تعالى ، ولا أنتم عابدون رجاء أن أعبد صنمكم. ثم قيل : ولا أنا عابد صنمكم لغرض من الأغراض بوجه من الوجوه ، وكذا أنتم لا تعبدون اللّه تعالى لغرض من الأغراض وإيثار ما في ما أعبد قيل على جميع الأقوال السابقة على من لأن المراد الصفة كأنه قيل ما أعبد من المعبود العظيم الشأن الذي لا يقادر قدر عظمته ، وجوز أن يقال لما أطلقت ما على الأصنام أولا وهو إطلاق في محزه أطلقت على المعبود بحق للمشاكلة ومن يقول إن ما يجوز أن تقع على من يعلم ونسب إلى سيبويه لا يحتاج إلى ما ذكر وقال أبو مسلم : ما في الأوليين بمعنى الذي مفعول به ، والمقصود المعبود أي لا أعبد الأصنام ولا تعبدون اللّه تعالى.
وفي الأخريين مصدرية أي ولا أنا عابد مثل عبادتكم المبنية على الشك وإن شئت قلت على الشرك المخرج لها عن كونها عبادة حقيقة ولا أنتم عابدون مثل عبادتي المبنية على اليقين وإن شئت قلت على التوحيد والإخلاص ، وعليه لا يكون تكرار أيضا.
وقال بعض الأجلّة في هذا المقام إن قوله تعالى لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وقوله سبحانه وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ إما كلاهما نفي الحال أو كلاهما نفي الاستقبال ، أو أحدهما للحال والآخر للاستقبال ، وعلى التقادير فلفظ ما إما مصدرية في الموضعين وإما موصولة أو موصوفة فيهما ، وإما مصدرية في أحدهما وموصولة أو موصوفة في الآخر وهذه ستة احتمالات حاصلة من ضرب الثلاثة في الاثنين. ولم يلتفت إلى تقسيم صورة الاختلاف إلى الفرق بين الأولى والأخرى ، ولا إلى الفرق بين الموصولة والموصوفة لتكثر الأقسام لأن صور الاختلاف متساوية الاقدام في دفع التكرار ، ومؤدى الموصولة والموصوفة متقاربان فيكتفى بإحداهما وكذا الحال في قوله تعالى وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ في الموضعين ومعلوم أنه لا تكرار في صورة الاختلاف سواء كان باعتبار الحال والاستقبال أو باعتبار كون ما في أحدهما موصولة أو موصوفة وفي الآخر مصدرية ونفي عبادتهم في الحال أو الاستقبال معبوده عليه الصلاة والسلام بناء على عدم الاعتداد بعبادتهم للّه تعالى مع الإشراك المحبط لها وجعلها هباء منثورا كما قيل :
إذا صافى صديقك من تعادي فقد عاداك وانقطع الكلام
ومن هنا قال بعض الأفاضل في إخراج الآية عن التكرار : يحتمل أن يكون المراد من قوله تعالى لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ نفي عبادة الأصنام ، ومن قوله تعالى وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ نفي عبادة اللّه تعالى من غير تعرض لشيء آخر ، ولما كان مظنة أن يقولوا لغفلة عن المراد أو نحوها كيف يسوغ لك أن تنفي عنك عبادة ما نعبد وعنا عبادة ما تعبد ونحن أيضا نعبد اللّه تعالى غاية ما في الباب أنا نعبد معه غيره ، أردف ذلك

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 488
بقوله سبحانه وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ إلخ للإشارة إلى أنهم ما عبدوا اللّه حقيقة وإنما عبدوا شيئا قالوا إنه اللّه ، واللّه عز وجل وراء ذلك أي ولا أنا عابد في وقت من الأوقات الإله الذي عبدتم لأنكم عبدتم شيئا تخيلتموه وذلك بعنوان ما تخيلتم ليس بالإله الذي أعبده ، ولا أنتم عابدون في وقت من الأوقات ما أنا على عبادته لأني إنما أعبد الإله المتصف بالصفات التي قام البرهان على أنها صفات الإله. النفس الأمري ويعلم منه وجه غير ما تقدم للتعبير بالكافرون دون المشركون وكأنه لم يؤت بالقرينتين الأوليين بهذا المعنى ويكتفى بهما عن الأخريين لأنهما أوفق بجوابهم مع أن هذا الأسلوب أنكى لهم فلا تغفل.
ومن الناس من اختار كون ما في القرينتين الأوليين موصولة مفعولا به لما قبلها والمراد بها أولا آلهتهم وثانيا إلهه عليه الصلاة والسلام ، والمراد نفي العبادة ملاحظا معها التعلق بما تعلقت به من المفعول بل هو المقصود ومحط النظر كما يقتضي ذلك وقوع القرينتين في الجواب ، ويعتبر الاستقبال رعاية للغالب في استعمال لا داخلة على المضارع مع كونه أوفق بالجواب أيضا ، ويكون قد تم بهم فكأنه قيل لا أعبد في المستقبل ما تعبدون في الحال من الآلهة أي لا أحدث ذلك حسبما تطلبونه مني وتدعوني إليه ، ولا أنتم عابدون في المستقبل ما أعبد في الحال وكونها في الأخريين مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر وقع مفعولا مطلقا لما قبل كما فعل أبو مسلم ليتضمن الكلام الإشارة إلى بيان حال العبادة في نفسها من غير نظر إلى تعلقها بالمفعول وإن كانت لا تخلو عنه في الواقع إثر الإشارة إلى بيان حالها مع ملاحظة تعلقها بالمفعول ، ويراد استمرار النفي في كلتيهما كما في قول تعالى لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 62 وغيرها] وفي ذلك من إنكائهم ما ليس في الاقتصار على ما تم به الجواب ، فكأنه قيل : ولا أنا عابد على الاستمرار عبادة مثل عبادتكم التي أذهبتم بها أعماركم لأن عبادتي مأمور بها وعبادتكم منهي عنها ، ولا أنتم عابدون على الاستمرار عبادة مثل عبادتي التي أنا مستمر عليها لأنكم الذين خذلهم اللّه تعالى وختم على قلوبهم وإني الحبيب المبعوث بالحق ، فلا زلتم في عبادة منهي عنها ولا زلت في عبادة مأمور بها ولك أن تعتبر الفرق بين العبادتين بوجه آخر ، واعتبار الاستمرار في ما أَعْبُدُ يشعر به العدول عن ما عبدت الذي يقتضيه ما عبدتم قبله إليه ، وعن العدول في الثانية إلى ذلك لأن أنواع عبادته عليه الصلاة والسلام لم تكن تامة بعد بل كانت تتجدد لها أنواع أخر فأتى بما يفيد الاستمرار التجددي للإشارة إلى حقية جميع ما يأتي به
صلّى اللّه عليه وسلم من ذلك. وقال الزمخشري : لم يقل ما عبدت كما قيل ما عبدتم لأنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل البعث وهو عليه الصلاة والسلام لم يكن يعبد اللّه تعالى في ذلك الوقت ، وتعقب بأن فيه نظرا لما ثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يتحنث في غار حراء قبل البعثة.
ونص أبو الوفاء على ابن عقيل على أنه صلّى اللّه عليه وسلم كان متدينا قبل بعثه بما يصح عنه أنه من شريعة إبراهيم عليه السلام ، وأما بعد البعث فقال ابن الجوزي في كتاب الوفاء : فيه روايتان عن الإمام أحمد إحداهما أنه كان متعبدا بما صح من شرائع من قبله بطريق الوحي لا من جهتهم ولا نقلهم ولا كتبهم المبدلة ، واختارها أبو الحسن التميمي وهو قول أصحاب أبي حنيفة الثانية إن لم يكن متعبد إلّا بما يوحى إليه من شريعته وهو قول المعتزلة والأشعرية ، ولأصحاب الشافعي وجهان كالروايتين ، والقائلون بأنه عليه الصلاة والسلام متعبد بشرع من قبله اختلفوا في التعيين فقيل : كان متعبدا بشريعة إبراهيم عليه السلام وعليه أصحاب الشافعي ، وقيل بشريعة موسى عليه السلام إلا ما نسخ في شرعنا. وظاهر كلام أحمد أنه صلّى اللّه عليه وسلم كان متعبدا بكل ما صح أنه شريعة لنبي قبله ما لم يثبت نسخه لقوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام : 90] وقال ابن قتيبة : لم تزل العرب على بقايا دين إسماعيل عليه السلام كالحج والختان وإيقاع الطلاق الثلاث والدية والغسل من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 489
الجنابة وتحريم المحرم بالقرابة والصهر ، وكان عليه الصلاة والسلام على ما كانوا عليه من الإيمان باللّه تعالى والعمل بشرائعهم انتهى. والمعتزلة لم يجوزوا ذلك لزعمهم أن فيه مفسدة وهو إيجاب النفرة. نعم من أصولهم وجوب التعبد العقلي بالنظر في آيات اللّه تعالى وأدلة توحيده سبحانه ومعرفته عز وجل ولا يمكن أن يخلى صلّى اللّه عليه وسلم بذلك. وفي الكشف العبادة قد تطلق على أعمال الجوارح الواقعة على سبيل القربة فالإيمان والنية والإخلاص شروط ومنه لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد. واختلف أنه عليه الصلاة والسلام كان متعبدا بهذا المعنى قبل نبوته بشر أو لا فميل الإمام فخر الدين وجماعة من الشافعية وأبي الحسين البصري وأتباعه إلى أنه صلّى اللّه عليه وسلم لم يكن متعبدا ، وأجابوا عن الطواف والتحنث وغيرهما من المكارم أنها لا تحرم من غير شرع حتى يقال الآتي بها لا بد أن يكون متعبدا بل هي من اقتضاء العادات المستمرة والمكارم الغريزية دون نظر إلى قربة ، والزمخشري اختار ذلك القول وعليه بنى تفسيره. وقد ظهر أنه لم يخالف أصله في وجوب التعبد العقلي بالنظر في الآيات وأدلة التوحيد والمعرفة ، ثم قال : والظاهر حمل ما أَعْبُدُ على إفادة الاستمرار والتصوير على أنهم ما كانوا ينكرون ما كان عليه صلّى اللّه عليه وسلم فيما مضى عبادة كانت أو لا ، بل كانوا يعظمونه ويلقبونه بالأمين إنما كان المنكر ما كان عليه بعد النبوة فلذلك قيل ثانيا وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ إذ لو قيل ما عبدت لم يطابق المقام ، وفيه أن ما كانوا يتوهمونه من موافقته عليه الصلاة والسلام قبل النبوة لم يكن صحيحا بل إنما كان ذلك لأنه لم يكن صلّى اللّه عليه وسلم مأمورا بالدعوة انتهى. فتدبره.
وزعم بعضهم أن تغاير الأساليب في هذه السورة لتغاير أحوال الفريقين وليس بشيء ، وفي تكليف مثل هؤلاء المخاطبين بما ذكر على القول بإفادته الاستمرار على الكفر بالإيمان بحث مذكور في كتب الأصول إن أردته فارجع إليه وسيأتي إن شاء اللّه تعالى في سورة تبت إشارة ما إلى ذلك.
وقوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ هو عند الأكثرين تقرير لقوله تعالى لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وقوله تعالى وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ كما أن قوله تعالى وَلِيَ دِينِ عندهم تقرير لقوله تعالى وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ والمعنى أن دينكم وهو الإشراك مقصور على الحصول لكم لا يتجاوزه إلى الحصول كما تطمعون فيه فلا تعلقوا به أمانيكم الفارغة فإن ذلك من المحالات ، وأن ديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لي لا يتجاوزه إلى الحصول لكم أيضا لأن اللّه تعالى قد ختم على قلوبكم لسوء استعدادكم أو لأنكم علقتموه بالمحال الذي هو عبادتي لآلهتكم أو استلامي لها ، أو لأن ما وعدتموه عين الإشراك وحيث إن مقصودهم شركة الفريقين في كلتا العبادتين كان القصر المستفاد من تقديم المسند قصر إفراد حتما. وجوز أن يكون هذا تقريرا لقوله تعالى وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ والآية على ما ذكر محكمة غير منسوخة كما لا يخفى أو المراد المتاركة على معنى إني نبي مبعوث إليكم لأدعوكم إلى الحق والنجاة ، فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني فدعوني كفافا ولا تدعوني إلى الشرك فهي على هذا كما قال غير واحد منسوخة بآية السيف. وفسر الدين بالحساب أي لكم حسابكم ولي حسابي لا يرجع إلى كل منا من عمل صاحبه أثر. وبالجزاء أي لكم جزاؤكم ولي جزائي. قيل : والكلام على الوجهين استئناف بياني كأنه قيل فما يكون إذا بقينا على عبادة آلهتنا وإذا بقيت على عبادة إلهك؟ فقيل لَكُمْ إلخ.
والمراد يكون لهم الشر ويكون له عليه الصلاة والسلام الخير ، لكن أتى باللام في لَكُمْ للمشاكلة وعليه لا نسخ أيضا ، ويحتمل أن يكون المراد غير ذلك مما تكون عليه الآية منسوخة ولعله لا يخفى. وقد يفسر الدين بالحال كما هو أحد معانيه حسبما ذكره القالي في أماليه وغيره

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 490
أي لكم حالكم اللائق بكم الذي يقتضيه سوء استعدادكم ، ولي حالي اللائق بي الذي يقتضيه حسن استعدادي والجملة عليه كالتعليل لما تضمنه الكلام السابق فلا نسخ. والأولى أن تفسر بما لا تكون عليه منسوخة لأن النسخ خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلّا عند الضرورة وللإمام الرازي أوجه في تفسيرها لا يخلو بعضها عن نظر.
وذكر عليه الرحمة أنه جرت العادة بأن الناس يتمثلون بهذه الآية عند المتاركة وذلك لا يجوز لأن القرآن ما أنزل ليتمثل به بل ليهتدى به ، وفيه ميل إلى سد باب الاقتباس والصحيح جوازه فقد وقع في كلامه عليه الصلاة والسلام وكلام كثير من الصحابة والأئمة والتابعين ، وللجلال السيوطي رسالة وافية كافية في إزالة الالتباس عن وجه جواز الاقتباس وما ذكر من الدليل فأظهر من أن ينبه على ضعفه. وقرأ سلام ويعقوب «ديني» بياء وصلا ووقفا وحذفها القراء السبعة واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 491
سورة النّصر
وتسمى سورة إذا جاء. وعن ابن مسعود أنها تسمى سورة التوديع لما فيها من الإيماء إلى وفاته عليه الصلاة والسلام وتوديعه الدنيا وما فيها. وجاء في عدة روايات عن ابن عباس وغيره أنه صلّى اللّه عليه وسلم قال حين نزلت :
«نعيت إليّ نفسي»
وفي رواية للبيهقي عنه أنه لما نزلت دعا عليه الصلاة والسلام فاطمة رضي اللّه تعالى عنها وقال : «إنه قد نعيت إليّ نفسي» فبكت ثم ضحكت ، فقيل لها فقالت : أخبرني أنه نعيت إليه بنفسه فبكيت ، ثم أخبرني بأنك أول أهلي لحاقا بي فضحكت.
وقد فهم ذلك منها عمر رضي اللّه تعالى عنه وكان يفعل عليه الصلاة والسلام بعدها فعل مودع. وهي مدنية على القول الأصح في تعريف المدني ، فقد أخرج الترمذي في مسنده والبيهقي من حديث موسى بن عبيدة وعبد اللّه بن دينار وصدقة بن بشار عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما أنه قال : هذه السورة نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أوسط أيام التشريق بمنى وهو في حجة الوداع إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر : 1] حتى ختمها الخبر ، وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وغيرهما ، لكن قال الحافظ ابن رجب بعد أن أخرجه عن الأولين إن إسناده ضعيف جدا ، وموسى بن عبيدة قال أحمد لا تحل الرواية عنه وعليه إن صح يكون نزولها قريبا جدا من زمان وفاته صلّى اللّه عليه وسلم ، فإن ما بين حجة الوداع وإجابته عليه الصلاة والسلام داع الحق ثلاثة أشهر ونيف. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة أنه قال :
واللّه ما عاش صلّى اللّه عليه وسلم بعد نزول إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ قليلا سنتين ثم توفي عليه الصلاة والسلام. وفي البحر إن نزولها عند منصرفه صلّى اللّه عليه وسلم من خيبر ، وأنت تعلم أن غزوة خيبر كانت في سنة سبع أواخر المحرم فيكون ما في البين أكثر من سنتين ويدل على مدنيتها أيضا ما أخرجه مسلم وابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال : آخر سورة نزلت في القرآن جميعا إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وآيها ثلاث بالاتفاق ، وفيها إشارة إلى اضمحلال ملة الأصنام وظهور دين اللّه عز وجل على أتم وجه وهو وجه مناسبتها لما قبلها. ويحتمل غير ذلك وهي على ما
أخرج الترمذي وغيره من حديث أنس إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ربع القرآن
ولم أظفر بوجه ذلك وسيأتي إن شاء اللّه تعالى ما يتعلق به.
[سورة النصر (110) : الآيات 1 إلى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (3)

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 492
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ أي إعانته تعالى وإظهاره إياك على عدوك وهذا معنى النصر المعدى بعلى ، وفسر به لأنه أوفق بقوله تعالى وَالْفَتْحُ وجوز أن يراد به المعدى بمن ومعناه الحفظ والفتح يتضمن النصر بالمعنى الأول فحينئذ يكون الكلام مشتملا على إفادة النصرين والأول هو الظاهر. وإِذا منصوب بسبح والفاء غير مانعة على ما عليه الجمهور في مثل ذلك وأبو حيان على أنها معمولة للفعل بعدها وليست مضافة إليه وسيأتي إن شاء اللّه تعالى قول آخر. والمراد بهذا النصر ما كان في أمر مكة من غلبته عليه الصلاة والسلام على قريش ، وذكر النقاش عن ابن عباس أن النصر هو صلح الحديبية وكان في آخر سنة ست ، وأما الفتح فقد أخرج جماعة عنه وعن عائشة أن المراد به فتح مكة وروي ذلك عن مجاهد وغيره وصححه الجمهور وكان في السنة الثامنة ، وقال ابن شهاب : لثلاث عشرة بقيت من شهر رمضان على رأس ثمان سنين ونصف من الهجرة. وخرج عليه الصلاة والسلام على ما أخرجه أحمد بسند صحيح عن أبي سعيد لليلتين خلتا من شهر رمضان ، وفي رواية أخرى عن أحمد لثمان عشرة ، وفي أخرى لثنتي عشرة وعند مسلم لست عشرة. وقال الواقدي خرج صلّى اللّه عليه وسلم يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان بعد العصر ، وضعفه القسطلاني وكان المسلمون في تلك الغزوة عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف من العرب.
وفي الإكليل اثني عشر ألفا وجمع بأن العشرة خرج بها عليه الصلاة والسلام من المدينة ثم تلاحق الألفان ، والأولى أن يحمل النصر على ما كان مع الفتح المذكور فإن كانت السورة الكريمة نازلة قبل ذلك فالأمر ظاهر وتتضمن الإعلام بذلك قبل كونه وهو من أعلام النبوة ، وإذا كانت نازلة بعده فقال الماتريدي في التأويلات : إن إِذا بمعنى إذ التي للماضي ، ومجيئها بهذا المعنى كثير في القرآن وعليه تكون متعلقة بمقدر ككمل الأمر أو أتم النعمة على العباد أو نحو ذلك لا بسبح لأن الكلام حينئذ نحو أضرب زيدا أمس. وقال بعض الأجلّة : هي لما يستقبل كما هو الأكثر في استعمالها ، وحينئذ لم يكن بد من أن يجعل شيء من ذلك مستقبلا مترقيا باعتبار أن فتح مكة كان أم الفتوح والدستور لما يكون من بعده فهو مترقب باعتبار ما يدل عليه ، وإن كان متحققا باعتباره في نفسه وجوز أن يكون الاستقبال باعتبار مجموع ما في حيّز إِذا فمنه ما هو مستقبل وهو ما تضمنه قوله سبحانه وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً ولو باعتبار آخر داخل وهو مما لا بأس به إن لم يكن النزول بعد تمام الدخول. وقيل : المراد جنس نصر اللّه تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام والمؤمنين وجنس الفتح فيعم ما كان في أمر مكة زادها اللّه تعالى شرفا وغيره وأمر الاستقبال عليه ظاهر ، وأيّا ما كان فالمراد بالمجيء الحصول وهو حقيقة فيه على ما يقتضيه ظاهر كلام الراغب. وقال القاضي : مجاز ، والظاهر أن الخطاب في رَأَيْتَ للنبيّ عليه الصلاة والسلام والرؤية بصرية أو علمية متعدية لمفعولين ، والنَّاسَ العرب ودِينِ اللَّهِ ملة الإسلام التي لا دين له تعالى يضاف إليه غيرها ، والأفواج جمع فوج وهو على ما قال الراغب : الجماعة المارة المسرعة ويراد به مطلق الجماعة. قال الحوفي : وقياس جمعه أفوج ولكن استثقلت الضمة على الواو فعدل إلى أفواج.
وفي البحر قياس فعل صحيح العين أن يجمع على أفعل لا على أفعال ومعتل العين بالعكس فالقياس فيه أفعال كحوض وأحواض ، وشذ فيه أفعل كثوب وأثوب. ونصب أَفْواجاً على الحال من ضمير يَدْخُلُونَ وأما جملة يَدْخُلُونَ فهي حال من الناس على الاحتمال الأول في الرؤية ومعفول ثان على الاحتمال الثاني فيها ، وكونها حالا أيضا بجعل رأيت بمعنى عرفت كما قال الزمخشري تعقبه أبو حيان بقوله : لا نعلم أن رأيت جاءت بمعنى عرفت ، فيحتاج في ذلك إلى استثبات والمراد بدخول الناس في دينه تعالى أفواجا أي جماعات كثيرة إسلامهم من غير قتال وقد كان ذلك بين فتح مكة وموته عليه الصلاة والسلام ، وكانوا قبل الفتح يدخلون فيه واحدا واحدا واثنين اثنين. أخرج البخاري عن عمرو بن سلمة قال : لما
كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وكانت الأحياء تتلوم بإسلامها فتح مكة فيقولون دعوه وقومه فإن ظهر عليهم فهو نبي.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 493
وعن الحسن قال : لما فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم مكة قالت الأعراب : أما إذا ظفر بأهل مكة وقد أجارهم اللّه تعالى من أصحاب الفيل فليس لكم به يدان ، فدخلوا في دين اللّه تعالى أفواجا. وقال أبو عمر بن عبد البر : لم يتوقف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وفي العرب رجل كافر بل دخل الكل في الإسلام بعد حنين والطائف منهم من قدم ، ومنهم من قد وافده وتأول ذلك ابن عطية فقال : المراد واللّه تعالى أعلم العرب عبدة الأوثان فإن نصارى بني تغلب ما أراهم أسلموا في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ولكن أعطوا الجزية. ونص بعضهم على أنهم لم يسلموا إذ ذاك فالمراد بالناس عبدة الأوثان من العرب كأهل مكة والطائف واليمن وهوازن ونحوهم. وقال عكرمة ومقاتل : المراد بالناس أهل اليمن وفد منهم سبعمائة رجل وأسلموا واحتج له بما
أخرجه ابن جرير من طريق الحصين بن عيسى عن معمر عن الزهري عن أبي حازم عن ابن عباس قال : بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في المدينة إذ قال : «اللّه أكبر اللّه أكبر جاء نصر اللّه والفتح وجاء أهل اليمن» قيل : يا رسول اللّه وما أهل اليمن؟ قال «قوم رقيقة قلوبهم لينة طاعتهم الإيمان والفقه يمان والحكمة يمانية»
وأخرج أيضا من طريق عبد الأعلى عن معمر عن عكرمة مرسلا. وقوله عليه الصلاة والسلام «الايمان يمان»
جاء في حديث أخرجه البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ «أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا ، الإيمان يمان والحكمة يمانية» فقيل : قال صلّى اللّه عليه وسلم ذلك
لأن مكة يمانية ومنها بعث صلّى اللّه عليه وسلم وفشا الإيمان. وقيل أراد عليه الصلاة والسلام مدح الأنصار لأنهم يمانون وقد تبوءوا الدار والإيمان. وقول ابن عباس في الخبر في المدينة يعارض قول من قال إن ذلك إنما قاله صلّى اللّه عليه وسلم بتبوك وكان بينه وبين اليمن مكة والمدينة وهما دارا الإيمان ومظهراه ويحتمل تكرار القول ، والظاهر أنه ثناء على أهل اليمن لإسراعهم إلى الإيمان وقبولهم له بلا سيف ، ويشمل الأنصار من أهل اليمن وغيرهم ، فكأن الإيمان كان في سنخ قلوبهم فقبلوه كما أنهى إليهم كمن يجد ضالته ومثله في الثناء عليهم
قوله عليه الصلاة والسلام : «أجد نفس ربكم من قبل اليمن»
. وقال عصام الدين : يحتمل أن يكون الخطاب في رَأَيْتَ النَّاسَ عاما لكل مؤمن ثم قال : وما يختلج في القلب أن المناسب بقوله تعالى يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً أن يحمل قوله سبحانه وَالْفَتْحُ على فتح باب الدين عليهم انتهى. وكلا الأمرين كما ترى. وقرأ ابن عباس كما أخرج أبو عبيدة وابن المنذر عنه «إذا جاء فتح اللّه والنصر» وقرأ ابن كثير في رواية يَدْخُلُونَ بالبناء للمفعول.
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أي فنزهه تعالى بكل ذكر يدل على التنزيه حامدا له جل وعلا زيادة في عبادته والثناء عليه سبحانه لزيادة إنعامه سبحانه عليك ، فالتسبيح التنزيه لا التلفظ بكلمة سبحان اللّه ، والباء للملابسة ، والجار والمجرور في موضع الحال والحمد مضاف إلى المفعول. والمعنى على الجمع بين تسبيحه تعالى وهو تنزيهه سبحانه عما لا يليق به عز وجل من النقائص وتحميده وهو إثبات ما يليق به تعالى من المحامد له لعظم ما أنعم سبحانه به عليه عليه الصلاة والسلام. وقيل : أي نزهه تعالى عن العجز في تأخير ظهور الفتح وأحمده على التأخير ، وصفه تعالى بأن توقيت الأمور من عنده ليس إلا لحمكة لا يعرفها إلّا هو عز وجل وهو كما ترى ، وأيّد ذلك بما
في الصحيحين عن مسروق عن عائشة قالت : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي»
يتأول القرآن تعني هذا مع قوله تعالى وَاسْتَغْفِرْهُ أي اطلب منه أن يغفر لك وكذا بما
في مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم عن عائشة أيضا قالت : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول : «سبحان اللّه وبحمده أستغفر اللّه وأتوب إليه» وقال : «إن ربي أخبرني أن سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره»
إلخ. وروى ابن جرير من طريق حفص بن عاصم عن الشعبي عن أم سلمة قالت : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلّا قال : «سبحان اللّه وبحمده» قال : «إني أمرت بها» وقرأ السورة
وهو غريب. وفي المسند عن أبي عبيدة عن عبد اللّه بن مسعود قال : لما نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ كان

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 494
يكثر إذا قرأها وركع أن يقول : «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم» ثلاثا
. وجوز أن تكون الباء للاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل أي سبحانه بما حمد سبحانه به نفسه. قال ابن رجب : إذ ليس كل تسبيح بمحمود ، فتسبيح المعتزلة يقتضي تعطيل كثير من الصفات وقد كان بشر المريسي يقول : سبحان ربي الأسفل تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. والظاهر الملابسة وجوز أن يكون التسبيح مجازا عن التعجب بعلاقة السببية فإن من رأى أمرا عجيبا قال : سبحان اللّه ، أي فتعجب لتيسير اللّه تعالى ما لم يخطر ببالك وبال أحد من أن يغلب أحد على أهل الحرم ، وأحمده تعالى على صنعه وهذا التعجب تعجب متأمل شاكر يصح أن يؤمر به وليس الأمر بمعنى الخبر بأن هذه القصة من شأنها أن يتعجب منها كما زعم ابن المنير. والتعليل بأن الأمر في صيغة التعجب ليس أمرا بين السقوط. نعم هذا الوجه ليس بشيء والأخبار دالة على أن ذلك أمر له صلّى اللّه عليه وسلم بالاستعداد للتوجه إلى ربه تعالى والاستعداد للقائه بعد ما أكمل دينه وأدى ما عليه من البلاغ. وأيضا ما ذكرناه من الآثار آنفا لا يساعد عليه. وقيل :
المراد بالتسبيح الصلاة لاشتمالها عليه ونقله ابن الجوزي عن ابن عباس أي فصل له تعالى حامدا على نعمه. وقد روى صلّى اللّه عليه وسلم لما دخل مكة صلى في بيت أم هانىء ثمان ركعات ، وزعم بعضهم أنه صلاها داخل الكعبة وليس بالصحيح.
وأيّا ما كان فهي صلاة الفتح وهي سنّة وقد صلاها سعد يوم فتح المدائن وقيل : الضحى ، وقيل أربع منها للفتح وأربع للضحى وعلى كل ليس فيها دليل على أن المراد بالتسبيح الصلاة والأخبار أيضا تساعد على خلافه واستغفاره صلّى اللّه عليه وسلم قيل لأنه كان دائما في الترقي فإذا ترقى إلى مرتبة استغفر لما قبلها. وقيل مما هو في نظره الشريف خلاف الأولى بمنصبه المنيف. وقيل : عما كان من سهو ولو قيل النبوة وقيل لتعليم أمته صلّى اللّه عليه وسلم ، وقيل هو استغفار لأمته عليه الصلاة والسلام أي واستغفره لأمتك وجوز بعضهم كون الخطاب في رَأَيْتَ عاما وقال : هاهنا يجوز حينئذ أن يكون الأمر بالاستغفار لمن سواه عليه الصلاة والسلام وإدخاله صلّى اللّه عليه وسلم في الأمر تغليب وهذا خلاف الظاهر جدا ، وأنت تعلم أن كل أحد مقصر عن القيام بحقوق اللّه تعالى كما ينبغي وأدائها على الوجه اللائق بجلاله جل جلاله وعظمته سبحانه وإنما يؤديها على قدر ما يعرف ، والعارف يعرف أن قدر اللّه عز وجل أعلى وأجلّ من ذلك فهو يستحي من عمله ويرى أنه مقصر ، وكلما كان الشخص باللّه تعالى أعرف كان له سبحانه أخوف وبرؤية تقصيره أبصر وقد كان كهمس يصلي كل يوم ألف ركعة ، فإذا صلى أخذ بلحيته ثم يقول لنفسه : قومي يا مأوى كل سوء فو اللّه ما رضيتك للّه عز وجل طرفة عين. وعن مالك بن دينار : لقد هممت أن أوصي إذا متّ أن ينطلق بي كما ينطلق بالعبد الآبق إلى سيده فإذا سألني قلت : يا رب إني لم أرض لك نفسي طرفة عين فيمكن أن يكون استغفاره عليه الصلاة والسلام لما يعرف من عظيم جلال اللّه تعالى وعظمته سبحانه فيرى أن عبادته وإن كانت أجل من عبادة جميع العابدين دون ما يليق بذلك الجلال وتلك العظمة التي هي وراء ما يخطر بالبال فيستحيي ويهرع إلى الاستغفار.
وقد صح أنه عليه الصلاة والسلام كان يستغفر اللّه في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة ، وللإشارة إلى قصور العابد عن الإتيان بما يليق بجلال المعبود وأن بذل المجهود شرع الاستغفار بعد كثير من الطاعات فذكروا أنه يشرع لمصلي المكتوبة أن يستغفر عقبها ثلاثا وللمتهجد في الأسحار أن يستغفر ما شاء اللّه تعالى ، وللحاج أن يستغفر بعد الحج فقد قال تعالى ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة : 199] وروي أنه يشرع لختم الوضوء ، وقالوا : يشرع لختم كل مجلس
وقد كان صلّى اللّه عليه وسلم يقول إذا قام من المجلس : «سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك»
ففي الأمر بالاستغفار رمز من هذا الوجه على ما قيل إلى ما فهم من النعي ، والمشهور أن ذلك للدلالة على مشارفة تمام أمر الدعوة وتكامل أمر الدين والكلام وإن كان مشتملا على التعليق وتقديم التسبيح ثم الحمد على الاستغفار قيل على طريقة النزول من الخالق إلى الخلق كما قيل : ما رأيت شيئا إلا ورأيت اللّه تعالى قبله

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 495
لأن جميع الأشياء مرايا لتجليه جل جلاله وذلك لأن في التسبيح والحمد توجها بالذات لجلال الخالق وكماله ، وفي الاستغفار توجها بالذات لحال العبد وتقصيراته ويجوز أن يكون تأخير الاستغفار عنهما لما أشرنا إليه في مشروعية تعقيب العبادة بالاستغفار وقيل في تقديمها عليه تعليم أدب الدعاء وهو أن لا يسأل فجأة من غير تقديم الثناء على المسئول منه.
إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً أي منذ خلق المكلفين أي مبالغا في قبول توبتهم فليكن المستغفر التائب متوقعا للقبول فالجملة في موضع التعليل لما قبلها ، واختيار تَوَّاباً على غفارا مع أنه الذي يستدعيه استغفره ظاهرا للتنبيه كما قال بعض الأجلّة على أن الاستغفار إنما ينفع إذا كان مع التوبة. وذكر ابن رجب أن الاستغفار المجرد هو التوبة مع طلب المغفرة بالدعاء والمقرون بالتوبة فأستغفر اللّه تعالى وأتوب إليه سبحانه هو طلب المغفرة بالدعاء فقط. وقال أيضا : إن المجرد طلب وقاية شر الذنب الماضي بالدعاء والندم عليه ووقاية شر الذنب المتوقع بالعزم على الإقلاع عنه وهذا الذي يمنع الإصرار كما
جاء : «ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة ، ولا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار»
. والمقرون بالتوبة مختص بالنوع الأول فإن لم يصحبه الندم على الذنب الماضي فهو دعاء محض ، وإن صحبه ندم فهو توبة انتهى. والظاهر أن ذلك الدعاء المحض غير مقبول وفيه من سوء الأدب مع اللّه تعالى ما فيه. وقال بعض الأفاضل إن في الآية احتباكا والأصل واستغفره إنه كان غفارا وتب إليه إنه كان توابا وأيّد بما قدمناه من حديث الإمام أحمد ومسلم عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها وحمل الزمان الماضي على زمان خلق المكلفين هو ما ارتضاه غير واحد. وقال الماتريدي في التأويلات : أي لم يزل توابا لا أنه سبحانه تواب بأمر اكتسبه وأحدثه على ما يقوله المعتزلة من أنه سبحانه صار توابا إذ أنشأ الخلق فتابوا فقبل توبتهم ، فأما قبل ذلك فلم يكن توابا. وردّ عليه بأن قبول التوبة من الصفات الإضافية ولا نزاع في حدوثها. واختار بعضهم ما ذهب إليه الماتريدي على أن المراد أنه تعالى لم يزل بحيث يقبل التوبة ومآله قدم منشأ قبولها من الصفات اللائقة به جل شأنه وفي ذلك مما يقوي الرجاء به عز وجل ما فيه. وصح «لو لم تذنبوا لذهب اللّه تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم. وفي الاستغفار خير الدنيا والآخرة»
أخرج الإمام أحمد من حديث عطية عن أبي سعيد مرفوعا : «من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر اللّه الذي لا إله إلّا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ، وإن كانت مثل رمل عالج ، وإن كانت عدد ورق الشجر»
. وأخرج أيضا من حديث ابن عباس : «من أكثر من الاستغفار جعل اللّه تعالى له من كل هم فرجا»
. وأنا أقول سبحان اللّه وبحمده أستغفر اللّه تعالى وأتوب إليه وأسأله أن يجعل لي من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا بحرمة كتابه وسيد أحبابه صلّى اللّه عليه وسلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 496
سورة المسد
وتسمى سورة المسد ، وهي مكية وآيها خمس بلا خلاف في الأمرين. ولما ذكر سبحانه فيما قبل دخول الناس في ملة الإسلام عقبه سبحانه بذكر هلاك بعض ممن لم يدخل فيها وخسرانه.
على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم
كذا قيل في وجه الاتصال ، وقيل هو من اتصال الوعيد بالوعد وفي كل مسرة له عليه الصلاة والسلام وقال الإمام في ذلك إنه تعالى لما قال لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون : 6] فكأنه صلّى اللّه عليه وسلم قال : «إلهي فما جزائي» فقال اللّه تعالى : لك النصر والفتح فقال : «فما جزاء عمي الذي دعاني إلى عبادة الأصنام» فقال : تبت يداه. وقدم الوعد على الوعيد ليكون النصر متصلا بقوله تعالى وَلِيَ دِينِ والوعيد راجعا إلى قوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ على حد يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ [آل عمران : 106] الآية. فتأمل هذه المجانسة الحاصلة بين هذه السور مع أن سورة النصر من آخر ما نزل بالمدينة ، وتبت من أوائل ما نزل بمكة لتعلم أن ترتيبها من اللّه تعالى وبأمره عز وجل ثم قال : ووجه آخر وهو أنه لما قال لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ فكأنه قيل : إلهي ما جزاء المطيع؟ قال : حصول النصر والفتح. ثم قيل : فما جزاء العاصي؟ قال : الخسار في الدنيا والعقاب في العقبى كما دلت عليه سورة تبت انتهى وهو كما ترى.
[سورة المسد (111) : الآيات 1 إلى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ تَبَّتْ أي هلكت كما قال ابن جبير وغيره ومنه قولهم أشابة أم تابة يريدون أم هالكة من الهرم والتعجيز أي خسرت كما قال ابن عباس وابن عمر وقتادة ، وعن الأول أيضا خابت ، وعن يمان بن وثاب صفرت من كل خير وهي على ما في البحر أقوال متقاربة. وقال الشهاب : إن مادة التباب تدور على القطع وهو مؤد إلى الهلاك ولذا فسر به. وقال الراغب : هو الاستمرار في الخسران ولتضمنه الاستمرار قيل استتب لفلان كذا أي استمر ويرجع هذا المعنى إلى الهلاك يَدا أَبِي لَهَبٍ هو عبد العزّى بن عبد المطلب عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وكان شديد المعاداة والمناصبة له عليه الصلاة والسلام ومن ذلك ما
في

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 497
المجمع عن طارق المحاربي قال : بينا أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا برجل حديث السن يقول : أيها الناس قولوا لا إله إلّا اللّه تفلحوا ، وإذا رجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه ويقول : يا أيها الناس إنه كذاب فلا تصدقوه ، فقلت : من هذا؟ فقالوا : هو محمد صلّى اللّه عليه وسلم يزعم أنه نبي ، وهذا عمه أبو لهب يزعم أنه كذاب
وأخرج الإمام أحمد والشيخان والترمذي عن ابن عباس قال : لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء : 214] صعد النبي صلّى اللّه عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي : «يا بني فهر يا بني عدي» لبطنون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو ، فجاء أبو لهب وقريش فقال : «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي»؟ قالوا : نعم ما جربنا عليك إلّا صدقا. قال : «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» فقال أبو لهب : تبا لك سائر الأيام ألهذا جمعتنا؟ فنزلت
. ويروى أنه مع ذلك القول أخذ بيديه حجرا ليرمي بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ومن هذا يعلم وجه إيثار التباب على الهلاك ونحوه مما تقدم وإسناده إلى يديه وكذا مما روى البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أيضا أن أبا لهب قال لما خرج من الشعب وظاهر قريشا : إن محمدا يعدنا أشياء لا نراها كائنة يزعم أنها كائنة بعد الموت ، فماذا وضع في يديه ثم نفخ في يديه ثم قال تبا لكما ما أرى فيكما شيئا مما يقول محمد صلّى اللّه عليه وسلم فنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ
ومما روي عن طارق يعلم وجه الثاني فقط فاليدان على المعنى المعروف والكلام دعاء بهلاكهما. وقوله سبحانه وَتَبَّ دعاء بهلاك كله وجوز أن يكونا إخبارين بهلاك ذينك الأمرين والتعبير بالماضي في الموضعين لتحقق الوقوع.
وقال الفرّاء : الأول دعاء بهلاك جملته على أن اليدين إما كناية عن الذات والنفس لما بينهما من اللزوم في الجملة ، أو مجاز من إطلاق الجزء على الكل كما قال محيي السنة والقول في رده أنه يشترط أن يكون الكل يعدم بعدمه كالرأس والرقبة واليد ليست كذلك غير مسلم لتصريح فحول بخلافه هنا ، وفي قوله تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة : 195] أو المراد على ما قيل بذلك الشرط يعدم حقيقة أو حكما كما في إطلاق العين على الربيئة واليد على المعطي أو المتعاطي لبعض الأفعال فإن الذات من حيث اتصافها بما قصد اتصافها به تعدم يعدم ذلك العضو ، والثاني إخبار بالحصول أي وكان ذلك وحصل كقول النابغة :
جزاني جزاه اللّه شر جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
واستظهر أن هذه الجملة حالية وقد مقدرة على المشهور كما قرأ به ابن مسعود. وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس في سبب النزول فنزلت هذه السورة «تبت يدا أبي لهب وقد تب» وعلى هذه القراءة يمتنع أن يكون ذلك دعاء لأن «قد» لا تدخل على أفعال الدعاء. وقيل : الأول إخبار عن هلاك عمله حيث لم يفده ولم ينفعه لأن الأعمال تزاول بالأيدي غالبا. والثاني إخبار عن هلاك نفسه. وفي التأويلات اليد بمعنى النعمة وكان يحسن إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم وإلى قريش ويقول إن كان الأمر لمحمد فلي عنده يد ، وإن كان لقريش فكذلك ، فأخبر أنه خسرت يده التي كانت عند النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم بعناده له ويده التي عند قريش أيضا بخسران قريش وهلاكهم في يد النبي عليه الصلاة والسلام فهذا معنى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ والمراد بالثاني الإخبار بهلاكه نفسه وذكر بكنيته لاشتهاره بها وقد أريد تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له وذكره بأشهر علميه أوفق بذلك. ويؤيد ذلك قراءة من قرأ «يدا أبو لهب» كما قيل عليّ بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان لئلا يغير منه شيء فيشكل على السامع ، أو لكراهة ذكر اسمه القبيح أو لأنه كما روي عن مقاتل كان يكنى بذلك لتلهب وجنتيه وإشراقهما فذكر بذلك تهكما به وبافتخاره بذلك ، أو لتجانس ذات لهب ويوافقه لفظا ومعنى.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 498
والقول بأنه ليس بتجنيس لفظي لأنه ليس في الفاصلة وهم فإنهم لم يشترطوه فيه أو لجعله كناية عن الجهنمي فكأنه قيل : تبت يدا جهنمي ، وذلك لأن انتسابه إلى اللهب كانتساب الأب إلى الولد يدل على ملابسته له وملازمته إياه كما يقال : هو أبو الخير وأبو الشر وأخو الفضل وأخو الحرب لمن يلابس هذه الأمور ويلازمها ، وملازمته لذلك تستلزم كونه جهنميا لزما عرفيا فإن اللهب الحقيقي هو لهب جهنم ، فالانتقال من أبي لهب إلى جهنمي انتقال من الملزوم إلى اللازم أو بالعكس على اختلاف الرأيين في الكناية فإن التلازم بينهما في الجملة متحقق في الخارج والذهن إلّا أن هذا اللزوم إنما هو بحسب الوضع الأول أعني الإضافي دون الثاني أعني العلمي ، وهم يعتبرون في الكنى المعاني الأصلية. فأبو لهب باعتبار الوضع العلمي مستعمل في الشخص المعين وينتقل منه باعتبار وضعه الأصلي إلى ملابس اللهب وملازمه لينتقل منه إلى أنه جهنمي فهو كناية عن الصفة بالواسطة وهذا ما اختاره العلامة الثاني فعنده كناية بلا واسطة لأن معناه الأصلي أعني ملابس اللهب ملحوظ مع معناه العلمي وأحق مع العلامة لأن أبا لهب يستعمل في الشخص المعين والمتكلم بناء على اعتبارهم المعاني الأصلية في الكنى ينتقل منه إلى المعنى الأصلي ثم ينتقل منه إلى الجهنمي ولا يلاحظ معه معناه الأصلي وإلّا لكان لفظ أبي لهب في الآية مجازا سواء لوحظ معه معناه الأصلي بطريق الجزئية أو التقييد لكونه غير موضوع للمجموع ، وما قيل إن المعنى الحقيقي لا يكون مقصودا في الكناية وأن مناط الفائدة والصدق والكذب فيها هو المعنى الثاني. وهاهنا قصد الذات المعين فليس بشيء لأن الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه فيجوز هاهنا أن يكون كلا المعنيين مرادا.
وفي المفتاح تصريح بأن المراد في الكناية هو المعنى الحقيقي ولازمه جميعا وزعم السيد أيضا أن الكناية في أبي لهب لأنه اشتهر بهذا الاسم وبكونه جهنميا فدل اسمه على كونه جهنميا دلالة حاتم على أنه جواد فإذا أطلق وقصد به الانتقال إلى هذا المعنى يكون كناية عنه ، وفيه أنه يلزم منه أن تكون الكناية في مثله موقوفة على اشتهار الشخص بذلك العلم وليس كذلك فإنهم ينتقلون من الكنية إلى ما يلزم مسماها باعتبار الأصل من غير توقف على الشهرة قال الشاعر :
قصدت أنا المحاسن كي أراه لشوق كاد يجذبني إليه
فلما أن رأيت رأيت فردا ولم أر من بنيه ابنا لديه
على أن فيه بعد ما فيه. وقرأ ابن محيصن وابن كثير «أبي لهب» بسكون الهاء وهو من تغيير الاعلام على ما في الكشاف. وقال أبو البقاء : الفتح والسكون لغتان وهو قياس على المذهب الكوفي ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ أي لم يغن عنه ماله حين حل به التباب على أن ما نافية ، ويجوز أن تكون استفهامية في محل نصب بما بعدها على أنها مفعول به أو مفعول مطلق أي أي إغناء أو أي شيء أغنى عنه ماله وَما كَسَبَ أي والذي كسبه على أن ما موصولة ، وجوز أن تكون مصدرية أي وكسبه وقال أبو حيان : إذا كان ما الأولى استفهامية فيجوز أن تكون هذه كذلك أي وأي شيء كسب أي لم يكسب شيئا. وقال عصام الدين : يحتمل أن تكون نافية ، والمعنى ما أغنى عنه ماله مضرة وما كسب منفعة ، وظاهره أنه جعل فاعل كَسَبَ ضمير المال وهو كما ترى. واستظهر في البحر موصوليتها فالعائد محذوف أي ولذي كسبه به من الأرباح والنتائج والمنافع والوجاهة والاتباع ، أو ما أغنى عنه ماله الموروث من أبيه والذي كسبه بنفسه أو ماله والذي كسبه من عمله الخبيث الذي هو كيده في عداوة النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم كما قال الضحاك ، أو من عمله الذي يظن أنه منه على

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 499
شيء كقوله تعالى وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الفرقان : 23] كما قال قتادة ، وعن ابن عباس ومجاهد ما كسب من الولد أخرج أبو داود عن عائشة مرفوعا : «إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه»
وروي أنه كان يقول : إن كان ما يقول ابن أخي حقا فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي وكان له ثلاثة أبناء عتبة ومعتب وقد أسلما يوم الفتح ، وسرّ النبي عليه الصلاة والسلام بإسلامهما ودعا لهما ، وشهدا حنينا والطائف وعتيبة بالتصغير ولم يسلم. وفي ذلك يقول صاحب كتاب الألباء :
كرهت عتيبة إذ أجرما وأحببت عتبة إذ أسلما
كذا معتب مسلم فاحترز وخف أن تسب فتى مسلما
وكانت أم كلثوم بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عند عتيبة ورقية أختها عند أخيه عتبة ، فلما نزلت السورة قال أبو لهب لهما : رأسي ورأسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد صلّى اللّه عليه وسلم فطلقاهما إلا أن عتيبة المصغر كان قد أراد الخروج إلى الشام مع أبيه فقال : لآتين محمدا عليه الصلاة والسلام وأوذينه فأتاه فقال : يا محمد إني كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا فتدلى ، ثم تفل تجاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ولم يصبه عليه الصلاة والسلام شيء وطلق ابنته أم كلثوم فأغضبه عليه الصلاة والسلام بما قال وفعل. فقال صلّى اللّه عليه وسلم : «اللهم سلط عليه كلبا من كلابك».
وكان أبو طالب حاضرا فكره ذلك وقال له : ما أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة. فرجع إلى أبيه ثم خرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من دير وقال لهم : إن هذه أرض مسبعة فقال أبو لهب : أغيثوني يا معشر قريش في هذه الليلة فإني أخاف على ابني دعوة محمد صلّى اللّه عليه وسلم فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم خوفا من الأسد ، فجاء أسد يتشمم وجوههم حتى أتى عتيبة فقتله وفي ذلك يقول حسان :
من يرجع العام إلى أهله فما أكيل السبع بالراجع
وهلك أبو لهب نفسه بالعدسة بعد وقعة بدر لسبع ليال فاجتنبه أهله مخافة العدوي وكانت قريش تتقيها كالطاعون ، فبقي ثلاثا حتى أنتن فلما خافوا العار استأجروا بعض السودان فاحتملوه ودفنوه ، وفي رواية حفروا له حفرة ودفعوه بعود حتى وقع فيها فقذفوه بالحجارة حتى واروه وفي أخرى أنهم لم يحفروا له وإنما أسندوه لحائط وقذفوا عليه الحجارة من خلفه حتى توارى فكان الأمر كما أخبر به القرآن. وقرأ عبد اللّه «وما اكتسب» بناء الافتعال سَيَصْلى ناراً سيدخلها لا محالة في الآخرة ويقاسي حرها والسين لتأكيد الوعيد والتنوين للتعظيم أي نارا عظيمة ذاتَ لَهَبٍ ذات اشتعال وتوقد عظيم وهي نار جهنم ، وجملة ما أَغْنى إلخ قال في الكشف : استئناف جوابا عما كان يقول أنا أفتدي بمالي ، ويتوهم من صدقه وفيه تحسير له وتهكم بما كان يفتخر به من المال والبنين ، وهذه الجملة تصوير للهلاك بما يظهر معه عدم إغناء المال والولد وهو ظاهر على تفسير ما كسب بالولد. وقال بعض الأفاضل : الأولى إشارة لهلاك عمله وهذه إشارة لهلاك نفسه ، وهو أيضا على بعض الأوجه السابقة فتذكر ولا تغفل. وقوله تعالى وَامْرَأَتُهُ عطف على المستكن في سَيَصْلى لمكان الفصل بالمفعول. وقوله تعالى حَمَّالَةَ الْحَطَبِ نصب على الشتم والذم وقيل على الحالية بناء على أن الإضافة غير حقيقية للاستقبال على ما ستسمعه إن شاء اللّه تعالى وهي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان.
أخرج ابن عساكر عن جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر رضي اللّه تعالى عنهما أن عقيل بن أبي طالب دخل على معاوية فقال معاوية له : أين ترى عمك أبا لهب من النار؟ فقال له عقيل : إذا دخلتها فهو على يسارك مفترش عمتك حمالة الحطب والراكب خير من المركوب
ولا أظن صحة هذا الخبر

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 500
عن الصادق لأن فيه ما فيه وكانت على ما في البحر عوراء ، ووسمت بذلك لأنها على ما أخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن زيد كانت تأتي بأغصان الشوك تطرحها بالليل في طريق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم. ، وقيل : كانت تحمل حزمة الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل في طريقه عليه الصلاة والسلام ، وكان رسول اللّه يطؤه كما يطأ الحرير. وروي عن قتادة أنها مع كثرة مالها كانت تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه وعن مجاهد أنها كانت تمشي بالنميمة. وأخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن أيضا. وروي عن ابن عباس والسدي ويقال لمن يمشي بها يحمل الحطب بين الناس أي يوقد بينهم النائرة ويؤرث الشر ، فالحطب مستعار للنميمة وهي استعارة مشهورة ومن ذلك قوله :
من البيض لم تصطد على ظهر لامة ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب
وجعله رطبا ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر ففيه إيغال حسن وكذا قول الراجز :
إن بني الأدرم حمالو الحطب هم الوشاة في الرضاء والغضب
وقال ابن جرير : حمالة الخطايا والذنوب من قولهم فلان يحطب على ظهره إذا كان يكتسب الآثام والخطايا ، والظاهر أن الحطب عليه مستعار للخطايا بجامع أن كلّا منهما مبدأ للإحراق. وقيل : الحطب جمع حاطب كحارس وحرس أي تحمل الجناة على الجنايات وهو محمل بعيد. وقرأ أبو حيوة وابن مقسم :
«سيصلّى» بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام «ومريئته» بالتصغير والهمز وقرىء «ومريته» بالتصغير وقلب الهمزة ياء وإدغامها. وقرأ الحسن وابن إسحاق «سيصلى» بضم الياء وسكون الصاد واختلس حركة الهاء في «امرأته» أبو عمر. وفي رواية وقرأ أبو قلابة «حاملة الحطب» على وزن فاعلة مضافا. وقرأ الأكثرون حَمَّالَةَ الْحَطَبِ بالرفع والإضافة وقرىء «حمالة للحطب» بالتنوين رفعا ونصبا وبلام الجر في الحطب وقوله تعالى فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ جملة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر في موضع الحال من الضمير في حَمَّالَةَ وقيل من امْرَأَتُهُ المعطوف على الضمير. وقيل : الظرف حال منها وحَبْلٌ مرتفع به على الفاعلية. وقيل له خبر لامرأته وهي مبتدأ لا معطوفة على الضمير ، وحَبْلٌ فاعل. وعلى قراءة حَمَّالَةَ بالرفع قيل امْرَأَتُهُ مبتدأ وحَمَّالَةَ خبر. وفِي جِيدِها حَبْلٌ خبر ثان أو حال من ضمير حَمَّالَةَ أو الظرف كذلك وحَبْلٌ مرتفع به على الفاعلية أو امْرَأَتُهُ مبتدأ وحَمَّالَةَ صفته لأنه للماضي فيتعرف بالإضافة والخبر على ما سمعت أو امْرَأَتُهُ عطف على الضمير وحَمَّالَةَ خبر مبتدأ محذوف أي هي حمالة وما بعد خبر ثان أو حال من ضمير حمالة على نظير ما مر. وفي التركيب غير ذلك من أوجه الاعراب سيذكر إن شاء اللّه تعالى وبعض ما ذكرناه هاهنا غير مطرد على جميع الأوجه في معنى الآية كما لا يخفى عند الاطلاع عليها على المتأمل. والمسد ما مسد أي فتل من الحبال فتلا شديدا من ليف المقل على ما قال أبو الفتح ومن أي ليف على ما قيل ، وقيل من لحاء شجر باليمن يسمى المسد وروي ذلك عن ابن زيد وقد يكون كما في البحر من جلود الإبل أو أوبارها ومنه قوله :
ومسد أمر من أيانق ليست بأنياب ولا حقائق
أي في عنقها حبل مما مسد من الحبال ، والمراد تصويرها بصور الحطابة التي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها تخسيسا لحالها وتحقيرا لها لتمتعض من ذلك ويمتعض بعلها إذ كانا في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدة. ولقد عيّر بغض الناس الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بحمالة الحطب فقال :

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 501
ماذا أردت إلى شتمي ومنقصتي أم ما تعير من حمالة الحطب
غراء شادخة في المجد غرتها كانت سليلة شيخ ثاقب الحسب
وقد أغضبها ذلك ، فيروى أنها لما سمعت السورة أتت أبا بكر رضي اللّه تعالى عنه وهو مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في المسجد وبيدها فهر ، فقالت : بلغني أن صاحبك هجاني ولأفعلن وأفعلن وإن كان شاعرا فأنا مثله أقول :
مذمما أبينا ودينه قلينا
وأمره عصينا
وأعمى اللّه تعالى بصرها عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم
فروي أن أبا بكر قال لها : هل ترين معي أحدا؟ فقالت :
أتهزأ بي لا أرى غيرك. فسكت أبو بكر ومضت وهي تقول : قريش تعلم أني بنت سيدها. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «لقد حجبني عنها ملائكة فما رأتني وكفى اللّه تعالى شرها».
وقيل : إن ذلك ترشيح للمجاز بناء على اعتباره في حمالة الحطب. وفي الكشاف يحتمل أن يكون المعنى تكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الشوك فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجرة الزقوم أو من الضريع وفي جيدها حبل مما مسد من سلاسل النار كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه ، وعليه فالحبل مستعار للسلسلة وروي هذا عن عروة بن الزبير ومجاهد وسفيان. وأمر الاعراب على ما في الكشف أنه إن نصب حَمَّالَةَ يكون حالا هو والجملة أعني فِي جِيدِها حَبْلٌ عن المعطوف على الضمير سَيَصْلى أي ستصلى امرأته على هذه الحالة أو يكون حَمَّالَةَ نصبا على الذم والجملة وحدها حالا أو امرأته في جيدها حبل جملة وقعت حالا عن الضمير ، ويحتمل عطف الجملة على الجملة على ضعف. وعلى الرفع يحتمل أن تكون الجملة حالا وأن يكون امْرَأَتُهُ عطفا على الفاعل ، وحَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها جملة لا محل لها من الإعراب وقعت بيانا لكيفية صليها ، أي هي حمالة الحطب انتهى فتأمل ولا تغفل. وعلى جميع الأوجه والاحتمالات إنما لم يقل سبحانه في عنقها والمعروف أن يذكر العنق مع الغل ونحوه مما فيه امتهان كما قال تعالى فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا [يس : 8] والجيد مع الحلي كقوله :
أو أحسن من جيد المليحة حليها ولو قال عنقها كان غثا من الكلام. قال في الروض الآنف : لأنه تهكم نحو فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران : 21 ، التوبة : 34 ، الانشقاق : 24] أي لا جيد لها فيحلى ، ولو كان لكانت حليته هذه. ولتحقيرها قيل امْرَأَتُهُ ولم يقل زوجه انتهى. وهو بديع جدا إلّا أنه يعكر على آخره قوله تعالى وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ [هود :
71] ولعله استعان هاهنا على ما قال بالمقام. وعن قتادة أنه كان في جيدها قلادة من ودع وفي معناه قول الحسن من خرز. وقال ابن المسيب : كانت قلادة فاخرة من جوهر وأنها قالت : واللات والعزّى لأنفقنها على عداوة محمد صلّى اللّه عليه وسلم ، ولعل المراد على هذا أنها تكون في نار جهنم ذات قلادة من حديد ممسود بدل قلادتها التي كانت تقول فيها لأنفقنها إلخ. وعلى ما قبله تهجين أمر قلادتها لتأكيد ذمها بالبخل الدال عليه قوله تعالى :
حَمَّالَةَ الْحَطَبِ على ما نقلناه سابقا عن قتادة ويحتمل غير ذلك ، ووجه التعبير بالجيد على ما ذكر مما لا يخفى. وزعم بعضهم أن الكلام يحتمل أن يكون دعاء عليها بالخنق بالحبل وهو من الذهن مناط الثريا. نعم ذكر أنها ماتت يوم ماتت مخنوقة بحبل حملت به حزمة حطب لكن هذا لا يستدعي حمل ما ذكر على الدعاء هذا. واستشكل أمر تكليف أبي لهب بالإيمان مع قوله تعالى سَيَصْلى إلخ بأنه بعد أن أخبر اللّه تعالى عنه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 502
بأنه سيصلى النار لا بد أن يصلاها ولا يصلاها إلّا الكافر فالإخبار بذلك يتضمن الإخبار بأنه لا يؤمن أصلا فمتى كان مكلفا بالإيمان بما جاء به النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ومنه ما ذكر لزم أن يكون مكلفا بأن يؤمن بأن لا يؤمن أصلا وهو جمع بين النقيضين خارج عن حد الإمكان. وأجيب عنه بأن ما كلفه هو الإيمان بجميع ما جاء به النبيّ عليه الصلاة والسلام إجمالا لا الإيمان بتفاصيل ما نطق به القرآن الكريم حتى يلزم أن يكلف الإيمان بعدم إيمانه المستمر ويقال نحو هذا في الجواب عن تكليف الكافرين المذكورين في قوله تعالى قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [الكافرون : 1] إلخ بالإيمان بناء على تعينهم مع قوله تعالى وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ [الكافرون :
3] إلخ بناء على دلالته على استمرار عدم عبادتهم ما يعبد عليه الصلاة والسلام. وأجاب بعضهم بأن قوله تعالى سَيَصْلى إلخ ليس نصا في أنه لا يؤمن أصلا فإن صلي النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم أبو لهب منه أن دخوله النار لفسقه ومعاصيه لا لكفره ، ولا يجري هذا في الجواب عن تكليف أولئك الكافرين بناء على فهمهم السورة إرادة الاستمرار. وأجاب بعض آخر بأن من جاء فيه مثل ذلك وعلم به مكلف بأن يؤمن بما عداه مما جاء به صلّى اللّه عليه وسلم. وأجاب الكعبي وأبو الحسين البصري وكذا القاضي عبد الجبار بغير ما ذكر مما رده الإمام وقيل في خصوص هذه الآية إن المعنى سيصلى نارا ذات لهب ويخلد فيها إن مات ولم يؤمن فليس ذلك مما هو نص في أنه لا يؤمن ، وما لهذه الأجوبة وما عليها يطلب من مطولات كتب الأصول والكلام ، واستدل بقوله تعالى وَامْرَأَتُهُ على صحة أنكحة الكفار واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 503
سورة الإخلاص
وسميت بها لما فيها من التوحيد ولذا سميت أيضا بالأساس فإن التوحيد أصل لسائر أصول الدين. وعن كعب كمال قال الحافظ ابن رجب : أسست السماوات السبع والأرضون السبع على هذه السورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. ورواه الزمخشري عن أبي وأنس مرفوعا ولم يذكره أحد من المحدثين المعتبرين كذلك ، وكيف كان فالمراد به كما قال : ما خلقت السماوات والأرضون إلّا لتكون دلائل على توحيد اللّه تعالى ومعرفة صفاته التي تضمنتها هذه السورة. وقيل : معنى تأسيسها عليها أنها إنما خلقت بالحق كما قال تعالى وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ [الأنبياء : 16] ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الدخان : 39] وهو العدل والتوحيد وهو إن لم يرجع إلى الأول لا يخلو عن نظر. وقيل : المراد أن مصحح إيجادهما أي بعد إمكانهما الذاتي ما أشارت إليه السورة من وحدته عز وجل واستحالة أن يكون له سبحانه شريك إذ لولا ذلك لم يمكن وجودهما لإمكان التمانع كما قرره بعض الأجلّة في توجيه برهانية قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء : 22] وفيه بعد. وتسمى أيضا سورة قل هو اللّه أحد كما هو مشهور يشير إليه الأثر أيضا ، والمقشقشة لما سمعت في تفسير سورة الكافرون ، وسورة التوحيد ، وسورة التفريد ، وسورة التجريد ، وسورة النجاة ، وسورة الولاية ، وسورة المعرفة لأن معرفة اللّه تعالى إنما تتم بمعرفة ما فيها. وفي أثر أن رجلا صلى فقرأها فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «إن هذا عبد عرف ربه».
وسورة الجمال قيل لما
روي أنه عليه الصلاة والسلام قال : «إن اللّه جميل يحب الجمال» فسألوه صلّى اللّه عليه وسلم عن ذلك فقال : «أحد صمد لم يلد ولم يولد»
ولا أظن صحة الخبر ، وسورة النسبة لورودها جوابا لمن قال : انسب لنا ربك على ما ستسمعه إن شاء اللّه تعالى. وقيل لما
أخرجه الطبراني من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرايفي عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «لكل شيء نسبة ونسبة اللّه تعالى قل هو اللّه أحد اللّه الصمد»
وهو كما قال الحافظ ابن رجب ضعيف جدا وعثمان يروي المناكير. وفي الميزان أنه موضوع ، وسورة الصمد ، وسورة المعوذة لما
أخرج النسائي والبزار وابن مردويه بسند صحيح عن عبد اللّه بن أنيس قال : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وضع يده على صدري ثم قال : «قل» فلم أدر ما أقول ، ثم قال : «قل هو اللّه أحد» فقلت حتى فرغت منها ثم قال : «قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق» فقلت حتى فرغت منها ، ثم قال : «قل أعوذ برب الناس» فقلت حتى فرغت منها فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :
«هكذا فتعوذ وما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط»
. وسورة المانعة قيل لما روى ابن عباس أنه تعالى قال لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم حين عرج به أعطيتك سورة الإخلاص وهي من ذخائر كنوز عرشي وهي المانعة تمنع كربات القبر ونفحات النيران. والظاهر عدم صحة هذا الخبر ، ويعارضه ما
أخرجه ابن الضريس عن أبي أمامة : «أربع آيات نزلت من

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 504
كنز العرش لم ينزل منه غيرهن أم الكتاب وآية الكرسي وخاتمة سورة البقرة والكوثر».
وحكمه حكم المرفوع بل أخرجه الشيخ ابن حبان والديلمي وغيرهما بالسند عن أبي أمامة مرفوعا وسورة المحضر قيل لأن الملائكة عليهم السلام تحضر لاستماعها إذا قرئت ، وسورة المنفرة قيل لأن الشيطان ينفر عند قراءتها ، وسورة البراءة قيل لما
روي أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلا يقرؤها فقال : «أما هذا فقد برىء من الشرك»
ولم أدر من روى ذلك. نعم
روى أبو نعيم من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة عن مهاجر قال : سمعت رجلا يقول : صحبت النبي صلّى اللّه عليه وسلم في سفر فسمع رجلا يقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ فقال : «قد برىء من الشرك» ، وسمع آخر يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال «غفر له»
وعليه فألحق بهذا الاسم سورة الكافرون ولعل الأولى أن يقال : سميت بذلك لما
في حديث الترمذي عن أنس : «من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه ثم قرأ قل هو اللّه أحد مائة مرة كتب اللّه تعالى له براءة من النار»
. وسورة المذكرة لأنها تذكر خالص التوحيد ، وسورة النور قيل لما
روي من قوله صلّى اللّه عليه وسلم : «إن لكل شيء نورا ونور القرآن قل هو اللّه أحد».
وسورة الإيمان لأنه لا يتم بدون ما تضمنته من التوحيد وقد ذكر معظم هذه الأسماء الإمام الرازي وبين وجه التسمية بها بما بيّن ، والرجل رحمه اللّه تعالى ليس بإمام في معرفة أحوال المرويات لا يميز غثها من سمينها أو لا يبالي بذلك فيكتب ما ظفر به وإن عرف شدة ضعفه وهي مكية في قول عبد اللّه والحسن وعكرمة وعطاء ومجاهد وقتادة مدنية في قول ابن عباس ومحمد بن كعب وأبي العالية والضحاك قاله في البحر. وخبر ابن عباس السابق إن صح ظاهر في أنها عنده مكية. وفي الإتقان فيها قولان لحديثين في سبب نزولها متعارضين وجمع بعضهم بينهما بتكرر نزولها ثم ظهر لي ترجيح أنها مدنية اه. وعلى ما في الكتابين لا يخفى ما في قول الدواني إنها مكية بالاتفاق من الدلالة على قلة الاطلاع. وآيها خمس في المكي والشامي ، أربع في غيرهما. ووضعت هنا قيل للوزان في اللفظ بين فواصلها ومقطع سورة المسد وقيل وهو الأولى أنها متصلة بقل يا أيها الكافرون في المعنى فهما بمنزلة كلمة التوحيد في النفي والإثبات ولذا يسميان المقشقشتين ، وقرن بينهما في القراءة في صلوات كثيرة ما قاله بعض الأئمة كركعتي الفجر والطواف والضحى وسنة المغرب وصبح المسافر ومغرب ليلة الجمعة إلّا أنه فصل بينهما بالسورتين لما تقدم من الوجه ونحوه وكان في إيلائها سورة تبت ردا على أبي لهب بخصوصه وجاء فيها أخبار كثيرة تدل على مزيد فضلها منها ما تقدم آنفا.
وروى مبارك بن فضالة عن أنس أن رجلا قال : يا رسول اللّه إني أحب هذه السورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص : 1] قال : «إن حبك إياها أدخلك الجنة».
وأخرجه الإمام أحمد في المسند عن أبي النضر عن مبارك المذكور عن أنس. وذكر البخاري أن حبها يوجب دخول الجنة تعليقا. وروى مالك عن عبد اللّه بن عبد الرحمن قال : سمعت أبا هريرة يقول : أقبلت مع النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «وجبت» قلت : وما وجبت؟ قال : «الجنة». وأخرجه النسائي والترمذي
وقال حديث صحيح لا نعرفه إلّا من حديث مالك. وأخرج أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال حسن غريب عن بريدة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم سمع رجلا يقول : إني أسألك بأني أشهد أنك أنت اللّه لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. فقال النبي صلّى اللّه عليه وسلم : «والذي نفسي بيده لقد سأل اللّه باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى»
. وفي المسند عن محجن بن الأدرع أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم دخل المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد ويقول : إني أسألك يا اللّه الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 505
أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم. فقال نبي اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ثلاث مرات : «قد غفر له قد غفر له قد غفر له»
. وأخرج البخاري ومالك وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يرددها ، فلما أصبح جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فذكر ذلك له وكان الرجل يتقالها ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :
«والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن»
. وأخرج أحمد والنسائي في اليوم والليلة من طريق هشيم عن أبيّ بن كعب أو رجل من الأنصار قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «من قرأ قل هو اللّه أحد فكأنما قرأ بثلث القرآن».
وفي رواية يوسف بن عطية الصفار بسنده عن أبيّ مرفوعا : «من قرأ قل هو اللّه أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن.
وكتب له من الحسنات بعدد من أشرك باللّه تعالى وآمن به».
وجاء أنها تعدل ثلث القرآن في عدة أخبار مرفوعة وموقوفة. وفي المسند من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال : بات قتادة بن النعمان يقرأ الليلة كله بقل هو اللّه أحد فذكر ذلك للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلم فقال : «والذي نفسي بيده إنها لتعدل نصف القرآن أو ثلثه»
وحمل على الشك من الراوي والروايات تعين الثلث. واختلف في المراد بذلك فقيل : المراد أنها باعتبار معناها ثلث من القرآن المجزأ إلى ثلاثة لا أن ثواب قراءتها ثلث ثواب القرآن وإلى هذا ذهب جماعة لكنهم اختلفوا في بيان ذلك فقيل إن القرآن يشتمل على قصص وأحكامها وعقائد وهي كلها مما يتعلق بالعقائد فكانت ثلثا بذلك الاعتبار. وقال الغزالي في الجواهر ما حاصله : هي عدل ثلثه باعتبار أنواع العلوم الثلاثة التي هي أم ما في القرآن علم المبدأ وعلم المعاد وعلم ما بينهما أعني الصراط المستقيم. وقال الجوني : المطالب التي في القرآن معظمها الأصول الثلاثة التي بها يصح الإسلام ويحصل الإيمان وهي معرفة اللّه تعالى والاعتراف بصدق رسوله صلّى اللّه عليه وسلم واعتقاد القيام بين يديه وهذه السورة تفيد الأصل الأول فهي ثلثه من هذا الوجه. وقيل القرآن قسمان خبر وإنشاء والخبر قسمان خبر عن الخالق وخبر عن المخلوق فهذه ثلاثة أثلاث ، وسورة الإخلاص أخلصت الخبر عن الخالق فهي بهذا الاعتبار ثلث وهذا كما ترى. وأيّا ما كان قيل لا تنافي بين رواية الثلث ورواية عدل القرآن كله المذكورة في الكشاف على تقدير ثبوتها لجواز أن يقال هي عدل القرآن باعتبار أن المقصود التوحيد وما عداه ذرائع إليه. ويؤيد اعتبار الأجزاء أنفسها دون الثواب ما
في صحيح مسلم من طريق قتادة عن أبي الدرداء أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال : «أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن»؟ قالوا : نعم. قال : «فإن اللّه تعالى جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فقل هو اللّه أحد ثلث القرآن».
وقيل المراد تعدل الثلث ثوابا لظواهر الأحاديث. وضعف ذلك ابن عقيل وقال : لا يجوز أن يكون المعنى فله أجر ثلث القرآن
لقوله صلّى اللّه عليه وسلم : «من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات»
فيكون ثواب قراءة القرآن بتمامه أضعافا مضاعفة بالنسبة لثواب قراءة هذه السورة ، والدواني أورد هذا إشكالا على هذا القول ثم أجاب بأن للقارىء ثوابين تفصيليا بحسب قراءة الحروف وإجماليا بسبب ختمه القرآن فثواب قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يعدل ثلث ثواب الختم الإجمالي لا غيره ، ونظيره إذا عيّن أحد لمن يبني له دارا في كل يوم دنانير وعيّن له إذا أتمه جائزة أخرى غير أجرته اليومية. وفي شرح البخاري للكرماني فإن قلت المشقة في قراءة الثلث أكثر منها في قراءتها فكيف يكون حكمه حكمها؟ قلت : يكون ثواب قراءة الثلث بعشر وثواب قراءتها بقدر ثواب مرة منها لأن التشبيه في الأصل دون الزائد وتسع منها في مقابلة زيادة المشقة. وقال الخفاجي بعد أن قال ليس فيما ذكر ما يثلج الصدر ويطمئن له البال والذي عندي في ذلك أن للناظر في معنى كلام اللّه تعالى المتدبر لآياته ثوابا وللتالي له وإن لم يفهمه ثواب آخر ، فالمراد أن من تلاها مراعيا حقوق أدائها فاهما دقيق معانيها كانت تلاوته لها مع تأملها وتدبرها تعدل ثواب تلاوة ثلث القرآن من غير نظر في معانيه أو ثلث ليس فيه ما يتعلق بمعرفة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 506
اللّه تعالى وتوحيده. ولا بدع في أشرف المعاني إذا ضم لبعض من أشرف الألفاظ أن يعدل من جنس تلك الألفاظ مقدارا كثيرا كلوح ذهب زنته عشرة مثاقيل مرصع بأنفس الجواهر يساوي ألف مثقال ذهبا فصاعدا انتهى. ولا أرى له كثير امتياز على غيره مما تقدم.
والذي اختاره أن يقال لا مانع من أن يخص اللّه عز وجل بعض العبادات التي ليس فيها كثير مشقة بثواب أكثر من ثواب ما هو جنسها وأشق منها بأضعاف مضاعفة وهو سبحانه الذي لا حجر عليه ولا يتناهى جوده وكرمه فلا يبعد أن يتفضل جل وعلا على قارئ القرآن بكل حرف عشر حسنات ويزيد على ذلك أضعافا مضاعفة جدا لقارىء الإخلاص بحيث يعدل ثوابه ثواب قارئ ثلث منه غير مشتمل على تلك السورة ، ويفوض حكمة التخصيص إلى علمه سبحانه وكذا يقال في أمثالها وهذا مراد من جعل ذلك من المتشابه الذي استأثر اللّه تعالى بعلمه وليس هذا بأبعد ولا أبدع من تخصيص بعض الأزمنة والأمكنة المتحدة الماهية بأن للعبادة منه ولو قليلة من الثواب ما يزيد أضعافا مضاعفة على ثواب العبادة في مجاوره مثلا ولو كثيرة بل قد خص سبحانه بعض الأزمنة والأمكنة بوجوب العبادة فيه وبعضها بحرمتها فيه وله سبحانه في كل ذلك من الحكم ما هو به أعلم. وقال ابن عبد البر السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها وأسلم «1» ، وكذلك حديث معاوية بن معاوية الليثي الذي افتتح به الإمام الكلام في هذه السورة الكريمة خرجه الطبراني وأبو يعلى من طرق كلها ضعيفة والأحاديث الصحيحة الواردة فيها تكفي في فضلها ، بل قيل لذلك إنها أفضل سورة في القرآن ومنهم من استدل عليه بما
روى الدارمي في مسنده عن أبي المغيرة عن صفوان الكلاعي قال : قال رجل :
يا رسول اللّه أي سور القرآن أعظم؟ قال : «قل هو اللّه أحد»
. وفي المسند من طريقي معاذ بن رفاعة وأسيد بن عبد الرحمن عن عقبة بن عامر قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن العظيم»؟ قلت : بلى. قال : فأقرأني قل هو اللّه أحد وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس. ثم قال : «يا عقبة لا تنساهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن».
وروى الترمذي بعض هذا الحديث وحسّنه ولا يدل على أنها أفضل سور القرآن مطلقا بل على أنها من الأفضل. وقال ابن الحصاد : العجب ممن ينكر الاختلاف في الفضل مع كثرة النصوص الواردة فيه ، واختلف القائلون بالتفضيل فقال بعضهم : الفضل راجع إلى عظم ومضاعفة الثواب بحسب انتقالات النفس وخشيتها وتدبرها عند أوصاف العلا. وقيل : بل يرجع لذات اللفظ فإن تضمنته سورة الإخلاص مثلا من الدلالة على الوحدانية وصفاته تعالى ليس موجودا في تبت مثلا ، فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها. ونقل الحليمي عن البيهقي أن معنى التفضيل بين الآيات
___________
(1) قوله السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها وأسلم وكذلك حديث معاوية إلخ كذا في النسخ لكن في نسخة المؤلف بعد قوله وأسلم ما نصه ثم أسند إلى إسحاق بن منصور قلت لأحمد بن حنبل
قوله صلّى اللّه عليه وسلم قل هو اللّه أحد تعدل ثلث القرآن
ما وجهه فلم يقم فيها على أمر ثم ذكر عن الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أنهما وهما إمامان بالسنة ما قاما ولا قعدا في هذه المسألة وقد سئلا عنها ومراده من ذلك تأييد ما ادعي من أن السكوت أسلم وهو كذلك لكن على الوجه الذي قررناه وقد ورد في تكرار قراءتها خمسين مرة أو أكثر من ذلك وعشر مرات عقيب كل صلاة أحاديث كثيرة فيها كما قال الحافظ ابن رجب ضعف وكذلك حديث إلخ لكنه مضروب عليه في نسخته ولا يخفى عليك الحال في كلا الأمرين اه منه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 507
والسور يرجع إلى أشياء أحدها أن يكون العمل بها أولى من العمل بأخرى وأعود على الناس وعلى هذا يقال في آيات الأمر والنهي والوعد والوعيد خير من آيات القصص لأنه إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهي والإنذار والتنشير ولا غنى للناس عن هذه الأمور وقد يستغنون عن القصص فكان ما هو أعود عليهم وأنفع لهم مما يجري مجرى الأصول خير لهم مما يجعل تبعا لما لا بد منه. الثاني أن يقال الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء اللّه تعالى وبيان صفاته والدلالة على عظمته عز وجل أفضل بمعنى أنها أسنى وأجلّ قدرا مما لا تشتمل على ذلك.
الثالث أن يقال سورة خير من سورة ، أو آية خير من آية بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل ويتأدى منه بتلاوتها عبادة كآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين فإن قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام باللّه تعالى ، ويتأدى بتلاوتها عبادة اللّه سبحانه لما فيها من ذكره تعالى بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد لها وسكون النفس إلى فضل ذلك الذكر وبركته. وأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم وإنما يقع بها علم. وقد يقال إن سورة أفضل من سورة لأن اللّه تعالى جعل قراءتها كقراءة أضعافها مما سواها وأوجب بها من الثواب ما لم يوجب سبحانه لغيرها وإن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا وهذا نظير ما يقال في تفضيل الأزمنة والأمكنة بعضها على بعض على ما سمعت آنفا. وبالجملة التفضيل بأحد هذه الاعتبارات لا ينافي كون الكل كلام اللّه عز وجل ومتحد النسبة إليه سبحانه كما لا يخفى واللّه تعالى أعلم.
[سورة الإخلاص (112) : الآيات 1 إلى 4]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ المشهور أن هو ضمير الشأن ومحله الرفع على الابتداء خبره الجملة بعده ومثلها لا يكون لها رابط لأنها عين المبتدأ في المعنى ، والسر في تصديرها به التنبيه من أول الأمر على فخامة مضمونها مع ما فيه من زيادة التحقيق والتقرير فإن الضمير لا يفهم منه من أول الأمر إلّا شأن مبهم له خطر جليل فيبقى الذهن مترقبا لما أمامه مما يفسره ويزيل إبهامه فيتمكن عند وروده له فضل تمكن.
وقول الشيخ عبد القاهر في دلائل الإعجاز : إن له مع إن حسنا بل لا يصح بدونها غير مسلّم. نعم قال الشهاب القاسمي : إن هاهنا إشكالا لأنه إن جعل الخبر مجموع معنى الجملة المبين في باب القضية أعني مجموع اللّه ومعنى أَحَدٌ والنسبة بينهما ففيه أن الظاهر أن ذلك المجموع ليس هو الشأن وإنما الشأن مضمون الجملة الذي هو مفرد أعني الوحدانية وإن جعل مضمون الجملة الذي هو مفرد فتخصيص عدم الرابط بالجملة المخبر بها عن ضمير الشأن غير متجه إذ كل جملة كذلك لأن الخبر لا بد من اتحاده بالمبتدأ بحسب الذات ، ولا يتحد به كذلك إلّا مضمون الجملة الذي هو مفرد. وأجيب باختيار الشق الأول كما يرشد إليه تعبيرهم عن هذا الضمير أحيانا بضمير القصة ضرورة أن مضمون الجملة الذي هو مفرد ليس بقصة ، وإنما القصة معناها المبين في باب القضية ، وأيضا هم يعدون مثل
قوله صلّى اللّه عليه وسلم : «أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد»
من الجمل التي هي عين المبتدأ في المعنى الغير المحتاجة إلى الضمير لذلك. ومن المعلوم أن يقال ليس المضمون الذي هو مفرد بل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 508
هو الجملة بذلك المعنى ، ولذا تراهم يوجبون كسر همزة إن بعد القول وكذا تمثيلهم لها بنطقي اللّه حسبي وكفى أي منطوقي الذي أنطق به ذلك إذ من الظاهر أن ما نطق به هو الجملة بالمعنى المعروف ، وقد دل كلام ابن مالك في التسهيل على المراد بكون الجملة التي لا تحتاج إلى رابط عين المبتدأ أنها وقعت خبرا عن مفرد مدلوله جملة وهو ظاهر فيما قلنا أيضا ، وكون ذلك شأنا أي عظيما من الأمور باعتبار ما تضمنه ووصف الكلام بالعظم ومقابله بهذا الاعتبار شائع ذائع. وقال العلامة أحمد الغنيمي : إن أريد أنها عينه بحسب المفهوم فهو مشكل لعدم الفائدة ، وإن أريد عينه بحسب المصدق مع التغاير في المفهوم كما هو شأن سائر الموضوعات مع محمولاتها فقد يقال إنه مشكل أيضا إذ ما صدق ضمير الشأن أعم من اللّه أحد والخاص لا يحمل على العام في القضايا الكلية ، ودعوى الجزئية في هذا المقام ينبو عنه تصريحهم بأن ضمير الشأن لا يخلو عن إبهام. وبعبارة أخرى وهي إن ما صدق عليه ضمير الشأن مفرد وما صدق الجملة مركب ولا شيء من المفرد بمركب ، ولذا تراهم يؤولون الجملة الواقعة خبرا بمفرد صادق على المبتدأ ليصح وقوعها خبرا والتزام ذلك في الجملة الواقعة خبرا عن ضمير الشأن ينافيه تصريحهم بأنها غير مؤولة بالمفرد وإن كانت في موقعه.
وأجيب بأن معنى قولهم هو ضمير الشأن أنه ضمير راجع إليه وموضوع موضعه وإن لم يسبق له ذكر للإيذان بأن من الشهرة والنباهة بحيث يستحضره كل أحد وإليه يشير كل مشير وعليه يعود كل ضمير ، وقولهم في عد الضمائر التي ترجع إلى متأخر لفظا ورتبة منها ضمير الشأن فإنه راجع إلى الجملة بعده مسامحة ارتكبوها لأن بيان الشأن وتعيين المراد به بها فما صدق الضمير هو بعينه ما صدق الشأن الذي عاد هو عليه فيختار الشق الثاني ، فإما أن يراد بالشأن الشأن المعهود ادعاء وتجعل القضية شخصية نظير هذا زيد ، وإما أن يراد المعنى الكلي وتجعل القضية مهملة وهي في قوة الجزئية كأنه قيل بعض الشأن اللّه أحد.
وجاء الإبهام الذي ادعي تصريحهم به من عدم تعين البعض قبل ذكر الجملة وحملها عليه وما صدق عليه الشأن كما يكون مفردا يكون جملة فليكن هنا كذلك ، واستمجد الأول واحتمال الكلية مبالغة نحو كل الصيد في جوف الفرا كما ترى فليتأمل. وجوزوا أن يكون هو ضمير المسئول عنه أو المطلوب صفته أو نسبته ،
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده والبخاري في تاريخه والترمذي والبغوي في معجمه وابن عاصم في السنة والحاكم وصححه وغيرهم عن أبيّ بن كعب أن المشركين قالوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلم : يا محمد انسب لنا ربك؟
فأنزل اللّه تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ السورة
. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني في الأوسط والبيهقي بسند حسن وآخرون عن جابر قال : جاء أعرابي إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم فقال : انسب لنا ربك ، فأنزل اللّه تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
إلخ. وفي المعالم عن ابن عباس أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبي صلّى اللّه عليه وسلم فقال عامر : إلام تدعونا يا محمد؟ قال : «إلى اللّه» قالا : صفه لنا أمن ذهب هو أم من فضة أو من حديد أو من خشب؟ فنزلت هذه السورة فأهلك اللّه تعالى أربد بالصاعقة وعامرا بالطاعون
. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أن اليهود جاءت إلى النبيّ عليه الصلاة والسلام منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب فقالوا : يا محمد صف لنا ربك الذي بعثك ، فأنزل اللّه تعالى السورة
. وكون السائلين اليهود مروي عن الضحاك وابن جبير وقتادة ومقاتل وهو ظاهر في أن السورة مدنية. وجاز رجوع الضمير إلى ذلك للعلم به من السؤال وجرى ذكره فيه وهُوَ عليه مبتدأ ، والاسم الجليل خبره ، وأَحَدٌ خبر بعد خبر. وأجاز الزمخشري أن يكون بدلا من الاسم الجليل على ما هو المختار من جواز إبدال النكرة من المعرفة ، وأن يكون

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 509
خبر مبتدأ محذوف أي هو أحد. وأجاز أبو البقاء أن يكون الاسم الأعظم بدلا من هُوَ وأَحَدٌ خبره واللَّهُ تعالى وتقدس علم على الذات الواجب الوجود كما ذهب إليه جمهور الأشاعرة وغيرهم خلافا للمعتزلة حيث قالوا : العلم في حقه سبحانه محال لأن أحدا لا يعلم ذاته تعالى المخصوص بخصوصية حتى يوضع له وإنما يعلم بمفهومات كلية منحصرة في فرد ، فيكون اللفظ موضوعا لأمثال تلك المفهومات الكلية فلا يكون علما ، ورد بأنه تعالى عالم بخصوصية ذاته فيجوز أن يضع لفظا بإزائه بخصوصه فيكون علما وهذا على مذهب القائلين بأن الوضع هو اللّه تعالى ظاهر إلّا أنه يلزم أن يكون ما يفهم من لفظ اللّه غير ما وضع له إذ لا يعلم غيره تعالى خصوصية ذاته تعالى التي هي الموضوع له على هذا التقدير ، والقول بأنه يجوز أن يكون المفهوم الكلي آلة للوضع ويكون الموضوع له هو الخصوصية التي يصدق عليها المفهوم الكلي كما قيل في هذا ونظائره يلزم عليه أيضا أن يكون وضع اللفظ لما لا يفهم منه فإنّا لا نفهم من أسمائه تعالى إلّا تلك المفهومات الكلية.
والظاهر أن الملائكة عليهم السلام كذلك لاحتجاب ذاته عز وجل عن غيره سبحانه ومن هنا استظهر بعض الأجلّة ما نقل عن حجة الإسلام أن الأشبه أن الاسم الجليل جار في الدلالة على الموجود الحق الجامع لصفات الإلهية المنعوت بنعوت الربوبية المنفرد بالوجود الحقيقي مجرى الإعلام ، أي وليس بعلم وقد مر ما يتعلق بذلك أول الكتاب فارجع إليه ، بقي في هذا المقام بحث وهو أن الاعلام الشخصية كزيد إما أن يكون كل منها موضوعا للشخص المعين كما هو المتبادر المشهور ، فإذا أخبر أحد بتولد ابن له فسماه زيدا مثلا من غير أن يبصره يكون ذلك اللفظ اسما للصورة الخيالية التي حصلت في مخيلته ، وحينئذ إذا لم يكن المولود بهذه السورة لم يكن إطلاق الاسم عليه بحسب ذلك الوضع ، ولو قيل بكونه موضوعا للمفهوم الكلي المنحصر في ذلك الفرد لم يكن علما كما سبق. ثم إذا سمعنا علما من تلك الأعلام الشخصية ولم نبصر مسماه أصلا فإنّا لا نفهم الخصوصية التي هو عليها بل ربما تخيلناه على غير ما هو عليه من الصور ، وإما أن يكون جميع تلك الصور الخالية موضوعا له فيكون من قبيل الألفاظ المشتركة بين معان غير محصورة ، وإما أن يكون الموضوع له هو الخصوصية التي هو عليها فقط فيكون غيرها خارجا عن الموضوع له فيكون فهم غيرها من الخصوصيات منه غلطا ، فإما أن يترك دعوى كون تلك الأعلام جزئيات حقيقية ويقال إنها موضوعات للمفهومات الكلية المنحصرة في الفرد ، أو يلتزم أحد الاحتمالات الأخر وكلا الوجهين محل تأمل كما ترى فتأمل. وأَحَدٌ قالوا همزته مبدلة من الواو وأصله وحد وإبدال الواو المفتوحة همزة قليل ومنه قولهم : امرأة أناة يريدون وناة لأنه من الونى وهو الفتور وهذا بخلاف أحد الذي يلازم النفي ونحوه. ويراد به العموم كما في قوله تعالى فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ [الحاقة :
47] وقوله عليه الصلاة والسلام : «أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي»
وقوله تعالى هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ [مريم : 98] وقوله سبحانه فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً [الجن : 18] وقوله عز وجل وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ [التوبة : 6] فإن همزته أصلية. وقيل الهمزة فيه أصلية كالهمزة في الآخر ، والفرق بينهما قال الراغب إن المختص بالنفي منهما لاستغراق جنس الناطقين ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق نحو ما في الدار أحد أي لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين ، ولهذا لم يصح استعماله في الإثبات لأن نفي المتضادين يصح ولا يصح إثباتهما. فلو قيل : في الدار أحد ، لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين وذلك ظاهر الإحالة ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال ما من أحد فاضلين وعليه الآية المذكورة آنفا. والمستعمل في الإثبات على ثلاثة أوجه : الأول أن يضم إلى العشرات نحو أحد عشر وأحد وعشرون. والثاني أن يستعمل مضافا أو مضافا إليه بمعنى الأول كما في

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 510
قوله تعالى أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً [يوسف : 41] وقولهم يوم الأحد أي يوم الأول. والثالث أن يستعمل مطلقا وصفا وليس ذلك إلّا في وصف اللّه تعالى وهو وإن كان أصله واحدا إلّا أن أحدا يستعمل في غيره سبحانه نحو قول النابغة :
كأن رحلي وقد زال النهار بنا بذي الجليل على مستأنس وحد
انتهى. وقال مكي : أصل أحد واحد فأبدلوا الواو همزة فاجتمع ألفان لأن الهمزة تشبه الألف فحذفت إحداهما تخفيفا. وفرق ثعلب بين أحد وواحد بأن أحدا لا يبنى عليه العدد ابتداء فلا يقال أحد واثنان كما يقال واحد واثنان ، ولا يقال رجل أحد كما يقال رجل واحد ولذلك اختص به سبحانه وفرق بعضهم بينهما أيضا بأن الأحد في النفي نص في العموم بخلاف الواحد فإنه محتمل للعموم وغيره ، فيقال : ما في الدار أحد ولا يقال بل اثنان. ويجوز أن يقال ما في الدار واحد بل اثنان ونقل عن بعض الحنفية أنه قال في التفرقة بينهما إن الأحدية لا تحتمل الجزئية والعددية بحال ، والواحدية تحتملها لأنه يقال مائة واحدة وألف واحد ولا يقال مائة أحد إلّا ألف أحد وبني على ذلك مسألة الإمام محمد بن الحسن التي ذكرها في الجامع الكبير إذا كان لرجل أربع نسوة فقال : واللّه لا أقرب واحدة منكن صار موليا منهن جميعا ولم يجز أن يقرب واحدة منهن إلّا بكفارة ، ولو قال : واللّه لا أقرب إحداهما كن لم يصر موليا إلّا من إحداهن والبيان إليه. وفرق الخطابي بأن الأحدية لتفرد الذات والواحدية لنفي المشاركة في الصفات ، ونقل عن المحققين التفرقة بعكس ذلك ولما لم ينفك في شأنه تعالى أحد الأمرين من الآخر قيل الواحد الأحد في حكم اسم واحد ، وفسر الأحد هنا ابن عباس وأبو عبيدة كما قال الجوزي بالواحد وأيد بقراءة الأعمش «قل هو اللّه الواحد». وفسر بما لا يتجزأ ولا ينقسم.
وقال بعض الأجلّة : إن الواحد مقول على ما تحته بالتشكيك ، فالمراد به هنا حيث أطلق المتصف بالواحدية التي لا يمكن أن يكون أزيد منها ولا أكمل فهو ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد خارجا وذهنا وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للألوهية ، وهو مأخوذ من كلام الرئيس أبي علي بن سينا في تفسيره السورة الجليلة حيث قال إن أحدا دال على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه وأنه لا كثرة هناك أصلا لا كثرة معنوية «1» وهي كثرة المقومات والأجناس والفصول وكثرة الأجزاء الخارجية المتمايزة عقلا كما في المادة والصورة ، والكثرة الحسية بالقوة أو بالفعل كما في الجسم وذلك يتضمن لكونه سبحانه منزها عن الجنس والفصل والمادة والصورة والأعراض والأبعاض والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما يثلم الوحدة الكاملة والبساطة الحقة اللائقة بكرم وجهه عز وجل عن أن يشبهه شيء أو يساويه سبحانه شيء. وقال ابن عقيل الحنبلي : الذي يصح لنا من القول مع إثبات الصفات أنه تعالى واحد في إلهيته لا غير. وقال غيره من السفليين كالحافظ ابن رجب : هو سبحانه الواحد في إلهيته وربوبيته فلا معبود ولا رب سواه عز وجل ، واختار بعد وصفه تعالى بما ورد له سبحانه من الصفات أن المراد الواحدية الكاملة وذلك على الوجهين كون الضمير للشأن وكونه للمسؤول عنه ، ولا يصح أن يراد الواحد بالعدد أصلا إذ يخلو الكلام عليه من الفائدة. وذكر بعضهم أن الاسم الجليل يدل على جميع
___________
(1) قوله لا كثرة معنوية إلخ كذا في النسخ ولعله سقط من قلم المؤلف ولا كثرة حسية وهي كثرة الأجزاء الخارجية وليحرر المنقول عن ابن سينا اه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 511
صفات الكمال وهي الصفات الثبوتية. ويقال لها صفات الإكرام أيضا. والأحد يدل على جميع صفات الجلال وهي الصفات السلبية ويتضمن الكلام على كونهما خبرين الإخبار بكون المسئول عنه متصفا بجميع الصفات الجلالية والكمالية. وتعقب بأن الإلهية جامعة لجميع ذلك بل كل واحد من الأسماء الحسنى كذلك لأن الهوية إلهية لا يمكن التعبير عنها لجلالتها وعظمتها إلّا بأنه هو هو ، وشرح تلك الهوية بلوازم منها ثبوتية ومنها سلبية واسم اللّه تعالى متناول لهما جميعا فهو إشارة إلى هويته تعالىو اللّه سبحانه كالتعريف لها فلذا عقب به ، وكلام الرئيس ينادي بذلك وسنشير إليه إن شاء اللّه تعالى.
وقرأ عبد اللّه وأبي «هو اللّه أحد» بغير «قل» وقد اتفقوا على أنه لا بد منها في قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [الكافرون : 1] ولا تجوز في تبت ، فقيل : لعل ذلك لأن سورة الكافرين مشاقة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ، أو موادعته عليه الصلاة والسلام لهم ومثل ذلك يناسب أن يكون من اللّه تعالى لأنه صلّى اللّه عليه وسلم مأمور بالإنذار والجهاد ، وسورة تبت معاتبة لأبي لهب والنبي عليه الصلاة والسلام على خلق عظيم وأدب جسيم ، فلو أمر بذلك لزم مواجهته به وهو عمه صلّى اللّه عليه وسلم وهذه السورة توحيد وهو يناسب أن يقول به تارة ويؤمر بأن يدعو إليه أخرى. وقيل في وجه قل في سورة الكافرون إن فيها ما لا يصح أن يكون من اللّه تعالى ك لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ [الكافرون : 3] فلا بد فيها من ذكر قل وفيه نظر لأنه لا يلزم ذكره بهذا اللفظ فافهم. وقال الدواني في وجه ترك قل في تبت : لا يبعد أن يقال إن القول بمعاتبة أبي لهب إذا كان من اللّه تعالى كان أدخل في زجره وتفضيحه. وقيل : فيه رمز إلى أنه لكونه على العلات عمه صلّى اللّه عليه وسلم لا ينبغي أن يهينه بمثل هذا الكلام إلّا الذي خلقه إذ لا يبعد أن يتأذى مسلم من أقاربه لو سبه أحد غيره عز وجل
فقد أخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر المنقول عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي اللّه تعالى عنهما قال : مرت درة ابنة أبي لهب برجل ، فقال : هذه ابنة عدو اللّه أبي لهب. فأقبلت عليه فقالت : ذكر اللّه تعالى أبي بنباهته وشرفه وترك أباك بجهالته ثم ذكرت ذلك للنبيّ صلّى اللّه عليه وسلم فخطب فقال : «لا يؤذين مسلم بكافر»
ثم إن إثبات قل على قراءة الجمهور في المصحف والتزام قراءتها في هذه السورة ونظائرها مع أنه ليس من دأب المأمور بقل أن يتلفظ في مقام الائتمار إلّا بالمقول. قال الماتريدي في التأويلات : لأن المأمور ليس المخاطب به فقط بل كل أحد ابتلي بما ابتلى به المأمور فأثبت ليبقى على مر الدهور منّا على العباد. وقيل يمكن أن يقال المخاطب بقل نفس التالي كأنه تعالى أعلم به أن كل أحد عند مقام هذا المضمن ينبغي أن يأمر نفسه بالقول به وعدم التجاوز عنه فتأمل واللّه تعالى الموفق.
وقوله تعالى اللَّهُ الصَّمَدُ مبتدأ وخبر وقيل الصَّمَدُ نعت والخبر ما بعده وليس بشيء. والصَّمَدُ قال ابن الأنباري لا خلاف بين أهل اللغة أنه السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم. وقال الزجاج : هو الذي ينتهي إليه السؤدد ويصمد إليه أي يقصده كل شيء وأنشدوا :
لقد بكر الناعي بخير بني أسد بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وقوله :
علوته بحسام ثم قلت له خذها خزيت فأنت السيد الصمد
وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال : هو السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد كمل في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والعليم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وعن أبي هريرة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 512
هو المستغني عن كل أحد المحتاج إليه كل أحد ، وعن ابن جبير هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله ، وعن الربيع هو الذي لا تعتريه الآفات ، وعن مقاتل بن حيان هو الذي لا عيب فيه ، وعن قتادة هو الباقي بعد خلقه ونحوه قول معمر هو الدائم وقول مرة الهمداني : هو الذي لا يبلى ولا يفنى ، وعنه أيضا : هو الذي يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال : لا أعلمه إلّا قد رفعه قال : «الصمد الذي لا جوف له» وروي عن الحسن ومجاهد ومنه قوله :
شهاب حروب لا تزال جياده عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود قال : الصمد الذي ليس له أحشاء وهو رواية عن ابن عباس وعن عكرمة هو الذي لا يطعم. وفي رواية أخرى الذي لم يخرج منه شيء. وعن الشعبي هو الذي لا يأكل ولا يشرب. وعن طائفة منهم أبي بن كعب والربيع بن أنس أنه الذي لم يلد ولم يولد كأنهم جعلوا ما بعده تفسير إله والمعول عليه تفسيرا بالسيد الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج والمطالب ، وتفسيره بالذي لا جوف له وما عداهما إما راجع إليهما أو هو مما لا تساعد عليه اللغة. وجعل معنى كونه تعالى سيد أنه مبدأ الكل وفي معناه تفسيره بالغنى المطلق المحتاج إليه ما سواه. وقال : يحتمل أن يكون كلا المعنيين مرادا فيكون وصفا له تعالى بمجموع السلب والإيجاب وهو ظاهر في جواز استعمال المشترك في كلا معنييه كما ذهب إليه الشافعي ، والذي اختاره تفسيره بالسيد الذي يصمد إليه الخلق وهو فعل بمعنى مفعول من صمد بمعنى قصد فيتعدى بنفسه وباللام ، وإطلاق الصمد بمعنى السيد عليه تعالى مما لا خلاف فيه وإن كان في إطلاق السيد نفسه خلاف والصحيح إطلاقه عليه عز وجل كما
في الحديث : «السيد اللّه».
وقال السهيلي : لا يطلق عليه تعالى مضافا فلا يقال سيد الملائكة والناس مثلا وقصد الخلق إياه تعالى بالحوائج أعم من القصد الإرادي والقصد الطبيعي والقصد بحسب الاستعداد الأصلي الثابت لجميع الماهيات إذ هي كلها متوجهة إلى المبدأ تعالى في طلب كمالاتها منه عز وجل وتعريفه دون أحد قيل : لعلمهم بصمديته تعالى دون أحديته.
وتعقب بأنه لا يخلو عن كدر لأن علم المخاطب بمضمون الخبر لا يقتضي تعريفه بل إنما يقتضي أن لا يلقى إليه إلا بعد تنزيله منزلة الجاهل لأن إفادة لازم فائدة الخبر بمعزل عن هذا المقام ، فالأولى أن يقال إن التعريف لإفادة الحصر كقولك : زيد الرجل ولا حاجة إليه في الجملة السابقة بناء على أن مفهوم أحد المنزه عن أنحاء التركيب والتعدد مطلقا إلى آخر ما تقدم مع أنهم لا يعرفون أحديته تعالى ولا يعترفون بها. واعترض بأنه يقتضي أن الخبر إذا كان معلوما للمخاطب لا يخبر به إلّا بتنزيله منزلة الجاهل أو إفادته. لازم فائدة الخبر أو إذا قصد الحصر وهو ينافي ما تقرر في المعاني من أن كون المبتدأ والخبر معلومين لا ينافي كون الكلام مفيدا للسامع فائدة مجهولة لأن ما يستفيده السامع من الكلام هو انتساب أحدهما للآخر ، وكونه هو هو فيجوز أن يقال هنا إنهم يعرفونه تعالى بوجه ما ويعرفون معنى المقصود سواء كان هو اللّه سبحانه أو غيره عندهم ولكن لا يعرفون أنه هو سواء كان بمعنى الفرد الكامل أو الجنس فعينه اللّه تعالى لهم. وقيل : إن أحد في غير النفي والعدد لا يطلق على غيره تعالى فلم يحتج إلى تعريفه بخلاف الصمد فإنه جاء في كلامهم إطلاقه على غيره عز وجل ، أي كما في البيتين السابقين فلذا عرف. وتكرار الاسم الجليل دون الإتيان بالضمير قيل للإشعار بأن من لم يتصف بالصمدية لم يستحق الألوهية وذلك على ما صرح به الدواني مأخوذ من إفادة تعريف الجزأين الحصر ، فإذا قلت : السلطان العادل ، أشعر بأن من لم يتصف بالعدل لم يستحق السلطنة ، وقيل ذلك لأن تعليق الصمد

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 513
باللّه يشعر بعلية الألوهية بناء على أنه في الأصل صفة وإذا كانت الصمدية نتيجة للألوهية لم يستحق الألوهية من لم يتصف بها ، وبحث فيه بأن الألوهية فيما يظهر للصمدية لأنه إنما يعبد لكونه محتاجا إليه دون العكس إلّا أن يقال المراد بالألوهية مبدأها وما تترتب عليه لا كونه معبودا بالفعل ، وإنما لم يكتف بمسند إليه واحد لأحد ، والصمد هو الاسم الجليل بأن يقال اللّه الأحد الصمد للتنبيه على أن كلّا من الوصفين مستقل في تعيين الذات ، وترك العاطف في الجملة المذكورة لأنها كالدليل عليه فإن من كان غنيا لذاته محتاجا إليه جميع ما سواه لا يكون إلّا واحد أو ما سواه لا يكون إلّا ممكنا محتاجا إليه ، أو لأنها كالنتيجة لذلك بناء على أن الأحدية تستلزم الصمدية والغنى المطلق. وبالجملة هذه الجملة من وجه تشبه الدليل ومن وجه تشبه النتيجة فهي مستأنفة أو مؤكدة. وقرأ أبان بن عثمان وزيد بن عليّ ونصر بن عاصم وابن سيرين والحسن وابن أبي إسحاق وأبو السمال وأبو عمر وفي رواية يونس ومحبوب والأصمعي واللؤلؤي وعبيد أحد اللّه بحذف التنوين لالتقائه مع لام التعريف وهو موجود في كلام العرب ، وأكثر ما يوجد في الشعر كقول أبي الأسود الدؤلي :
فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر اللّه إلّا قليلا
وقول الآخر
عمرو الذي هشم الثريد لضيفه ورجال مكة مسنتون عجاف
والجيد هو التنوين وكسره لالتقاء الساكنين. وقوله تعالى لَمْ يَلِدْ إلخ على نحو ما سبق ونفى ذلك عنه تعالى لأن الولادة تقتضي انفصال مادة منه سبحانه وذلك يقتضي التركيب المنافي للصمدية والأحدية ، أو لأن الولد من جنس أبيه ولا يجانسه تعالى أحد لأنه سبحانه واجب وغيره ممكن لأن الولد على ما قيل يطلبه العاقل إما لإعانته أو ليخلفه بعده وهو سبحانه دائم باق غير محتاج إلى شيء من ذلك والاقتصار على الماضي دون أن يقال لن يلد لوروده ردا على من قال إن الملائكة بنات اللّه سبحانه أو المسيح ابن اللّه تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
ويجوز أن يكون المراد استمرار النفي ، وعبر بالماضي لمشاكلة قوله تعالى وَلَمْ يُولَدْ وهو لا بد أن يكون بصيغة الماضي ونفي المولودية عنه سبحانه لاقتضائها المادة فيلزم التركيب المنافي للغنى المطلق والأحدية الحقيقية أو لاقتضائها سبق العدم ولو بالذات أو لاقتضائها المجانسة المستحيلة على واجب الوجود وقدم نفي الولادة لأنه الأهم لأن طائفة من الكفار توهموا خلافه بخلاف نفي المولودية أو لكثرة متوهمي خلاف الأول دون خلاف الثاني بناء على أن النصارى يلزمهم بواسطة دعوى الاتحاد القول بالولادة والمولودية فيمن يعتقدونه إلها وذلك على ما تضمنته كتبهم أنهم يقولون الأب هو الأقنوم الأول من الثالوث ، والابن هو الثاني الصادر منه صدورا أزليا مساويا بالأزلية له ، وروح القدس هو الثالث الصادر عنهما كذلك ، والطبيعة الإلهية واحدة وهي لكل من الثلاثة وكل منها متحد معها ومع ذلك هم ثلاثة جواهر لا جوهر واحد ، فالأب ليس هو الابن ، والابن ليس هو الأب ، وروح القدس ليس هو الأب ولا الابن وهما ليسا روح القدس ومع ذا هم إله واحد إذ لهم لاهوت واحد وطبيعة واحدة وجوهر واحد وكل منهم متحد مع اللاهوت وإن كان بينهم تمايز ، والأول هو الوجود الواجب الجوهري ، والثاني هو العقل الجوهري ويقال له العلم ، والثالث هو الإدارة الجوهرية ويقال لها المحبة ، فاللّه ثلاثة أقانيم جوهرية وهي على تمايزها تمايزا حقيقيا وقد يطلقون عليه إضافيا أي بإضافة بعضها إلى بعض جوهر وطبيعة واحدة هو اللّه وليس يوجد فيه غيره بل كل ما هو داخل فيه عين ذاته ، ويقولون إن فيه تعالى عما يقولون أربع إضافات أولاها فاعلية التعقيل في الأقنوم الأول ، ثانيتها

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 514
مفعولية التعقل في الأقنوم الثاني الذي هو صورة عقل الأب ، ثالثتها فاعلية الانبثاق في الأقنوم الأول والثاني اللذين لهما الإرادة ، رابعتها مفعولية هذا الانبثاق في الأقنوم الثالث الذي هو حب الإرادة الإلهية التي للأقنوم الأول والثاني وزعموا أن التعبير بالفاعلية والمفعولية في الأقانيم الإلهية على سبيل التوسع وليست الفاعلية في الأب نحو الابن إلّا الأبوة وفيه وفي الابن نحو روح القدس ليست إلّا بدء صدوره منهما وليست المفعولية في الابن وروح القدس إلّا البنوة في الابن والانبثاق في الروح ويقولون كل ذلك مما يجب الإيمان به وإن كان فوق الطور البشري ، ويزعمون أن لتلك الأقانيم أسماء تلقوها من الحواريين فالأقنوم الأول في الطبع الإلهي يدعى أبا ، والثاني ابنا وكلمة وحكمة ونورا وضياء وشعاعا ، والثالث روح القدس ومغريا وهو معنى قولهم باليونانية أراكليط. وقالوا في بيان وجه الإطلاق : إن ذلك لأن الأقنوم الأول بمنزلة ينبوع ومبدأ أعطى الأقنوم الثاني الصادر عنه بفعل يقتضي شبه فاعله وهو فعل العقل طبيعته وجوهره كله حتى أن الأقنوم الثاني الذي هو صورة الأول الجوهرية الإلهية مساو له كمال المساواة وحد الإيلاد هو صدور حي من حي بآلة ومبدأ مقارن يقتضي شبه طبيعته وهنا كذلك بل أبلغ لأن للثاني الطبيعة الإلهية نفسها فلا بدع إذا سمي الأول أبا والثاني ابنا ، وإنما قيل للثاني كلمة لأن الإيلاد ليس على نحو إيلاد الحيوان والنبات بل يفعل العقل أي يتصور الأب لا هوته وفهمه ذاته ولا شك أن تلك الصورة كلمة لأنها مفهومية العقل ونطقه ، وقيل لها حكمة لأنه كان مولودا من الأب بفعل عقله الإلهي الذي هو حكمة ، وقيل له نور وشعاع وضياء لأنه حيث كان حكمة كان به معرفة حقائق الأشياء وانكشافها كالمذكورات
،
وقيل للثالث روح قدس لأنه صادر من الأب والابن بفعل الإرادة التي هي واحدة للأب والابن ، ومنبثق منهما بفعل هو كهيجان الإرادة بالحب نحو محبوبها فهو حب اللّه واللّه نفسه هو الروح الصرف والتقدس عينه ، ولكل من الأول والثاني وجه لأن يدعى روحا لمكان الاتحاد لكن لما دعي الأول باسم يدل على رتبته وإضافته إلى الثاني والثاني كذلك اختص الثالث بالاسم المشاع ولم يدع ابنا وإن كان له طبيعة الأب وجوهره كالابن لأنه لم يصدر من الأب بفعل يقتضي شبه فاعله ، يعني بفعل العقل ، بل صدر منه فعل الإرادة فالثاني من الأول كهابيل من آدم ، والثالث كحواء منه والكل حقيقة واحدة لكن يقال لهابيل ابن ولا يقال لها بنت ، وقيل له مغزى لأنه كان عتيدا لأن يأتي الحواريين فيغريهم لفقد المسيح عليه السلام وأما الفاعلية والمفعولية فلأنهما غير موجودين حقيقة والأبوة والنبوة هاهنا لا تقتضيهما كما في المحدثات ولذا لا يقال هنا للأب علة وسبب لابنه وإن قيل هناك فالثلاثة متساوية في الجوهر والذات واستحقاق العبادة والفضل من كل وجه. ثم إنهم زعموا تجسد الأقنوم الثاني وهو الكلمة واتحاده بأشرف أجزاء البتول من الدم بقوة روح القدس فكان المسيح عليه السلام المركب من الناسوت والكلمة ، والكلمة مع اتحادها لم تخرج عن بساطتها ولم تتغير لأنها الحد الذي ينتهي إليه الاتحاد فلا مانع في جهتها من الاتحاد وكذا لا مانع في جانب الناسوت فلا يتعاصى اللّه تعالى شيء. زعموا أن المسيح عليه السلام كان إلها تاما وإنسانا تاما ذا طبيعتين ومشيئتين قائمتين بأقنوم إلهي وهو أقنوم الكلمة ومن ثم تحمل عليه الصفات الإلهية والبشرية معا لكن من حيثيتين ، ثم إنهم زادوا في الطنبور رنة وقالوا : إن المسيح أطعم يوما الحواريين خبزا وسقاهم خمرا فقال : أكلتم لحمي وشربتم دمي فاتحدتم معي وأنا متحد مع الأب. إلى رنات أخر هي أشهر من أن تذكر.
ويعلم مما ذكرنا أنه لا فرق عندهم بين أن يقال إن اللّه تعالى هو المسيح وبين أن يقال إن المسيح ابنه وبين أن يقال إنه سبحانه ثالث ثلاثة ولذا جاء في التنزيل كل من هذه الأقوال منسوبا إليهم ولا حاجة إلى جعل كل قول لقوم منهم كما قال غير واحد من المفسرين والمتكلمين ، ثم لا يخفى منافاة ما ذكروه للأحدية والصمدية

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 515
وقولهم إن الأقانيم مع كونها ثلاث جواهر متمايزة تمايزا حقيقيا جوهر واحد لبداهة بطلانه لا يسمن ولا يغني.
وما يذكرونه من المثال لإيضاح ذلك فهو عن الإيضاح بمعزل وبعيد عن المقصود بألف ألف منزل وكنا ذكرنا في ضمن هذا الكتاب ما يتعلق ببعض عقائدهم مع رده إلّا أنه كان قبل النظر في كتبهم وقد اعتمدنا فيه ما ذكره المتكلمون عنهم واليوم لنا عزم على تأليف رسالة تتضمن تحرير اعتقاداتهم في الواجب تعالى وذكر شبههم العقلية والنقلية التي يستندون إليها ويعولون في التثليث عليها حسبما وقفنا عليه في كتبهم ، مع ردها على أكمل وجه إن شاء اللّه تعالى ونسأل اللّه تعالى التوفيق لذلك وأن يسلك سبحانه بنا في جميع أمورنا أقوم المسالك فهو سبحانه الجواد الأجود الذي لم يجبه من توجه إليه بالرد.
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أي لم يكافئه أحد ولم يماثله ولم يشاكله من صاحبة وغيرها. وقيل هو نفي للكفاءة المعتبرة بين الأزواج وهو كما ترى. ولَهُ صلة كُفُواً على ما ذهب إليه المبرد وغيره والأصل أن يؤخر إلّا أنه قدم للاهتمام لأن المقصود نفي المكافأة عن ذاته عز وجل ، وللاهتمام أيضا قدم الخبر مع ما فيه من رعاية الفواصل. قيل له إن الظرف هنا «1» وإن لم يكن خيرا مبطل سقوطه معنى الكلام لأنك لو قلت لم يكن كفوا أحد لم يكن له معنى ، فلما احتيج إليه صار بمنزلة الخبر فحسن ذلك. وقال أبو حيان :
كلام سيبويه في الظرف الذي يصلح أن يكون خبرا وهو الظرف التام وما هنا ليس كذلك. وقال ابن الحاجب قدم الظرف للفواصل ورعايتها ولم يقدم على أحد لئلا يفصل بين المبتدأ وخبره وفيه نظر ظاهر ، وجوز أن يكون الظرف حالا من أَحَدٌ قدم عليه رعاية للفاصلة ولئلا يلتبس بالصفة أو الصلة وأن يكون خبرا ليكن ، ويكون كُفُواً حالا من أَحَدٌ قدم عليه لكونه نكرة أو حالا من الضمير في الظرف الواقع خبرا ، وهذا الوجه نقله أبو علي في الحجة عن بعض النحاة ورد بأنه كما سمعت آنفا عن أبي حيان ظرف ناقص لا يصح أن يكون خبرا ، فإن قدر له متعلق خاص وهو مماثل ونحوه مما تتم به الفائدة يكون كُفُواً زائدا ولعل وقوع الجمل الثلاث متعاطفة دون ما عداها من هذه السورة لأنها سيقت لمعنى وغرض واحد وهو نفي المماثلة والمناسبة عنه تعالى بوجه من الوجوه وما تضمنته أقسامها لأن المماثل إما ولد أو والد أو نظير غيرهما فلتغاير الأقسام واجتماعها في المقسم لزم العطف فيها بالواو كما هو مقتضى قواعد المعاني. وفي كُفُواً لغات ضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الفاء وضم الكاف مع ضم الفاء. وقرأ حمزة ويعقوب ونافع في رواية «كفؤا» بالهمز والتخفيف وحفص بالحركة وإبدال الهمزة واوا وباقي السبعة بالحركة مهموزا ، وسهل الهمزة الأعرج وأبو جعفر وشيبة ونافع في رواية ، وفي أخرى عنه «كفى» من غير همز نقل حركة الهمزة إلى الفاء وحذف الهمزة. وقرأ سليمان بن علي بن عبد اللّه بن عباس «كفاء» بكسر الكاف وفتح الفاء والمد كما في قول النابغة :
لا تقذفني بر كن لا كفاء له أي لا مثل له كما قال الأعلم ، وهذه السورة الجليلة قد انطوت مع تقارب قطرها على أشتات المعارف
___________
(1) قوله من رعاية الفواصل قيل له إن إلخ في نسخة المؤلف بعد رعاية الفواصل وعن سيبويه أنه اختار أن لا يقدم الظرف إذ لم يكن خبرا وفي شرح الكتاب للسيرافي إن قال قائل قد اختار سيبويه أن لا يقدم الظرف إذا لم يكن خبرا وكتاب اللّه تعالى أولى بأفصح اللغات قيل له إلخ لكنه مضروب عليه وهو كما لا يخفى محتاج إليه اه منه.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 516
الإلهية والعقائد الإسلامية ، ولذا جاء فيها ما جاء من الأخبار وورد ما ورد من الآثار ، ودل على تحقيق معنى الآلهة بالصمدية التي معناها وجوب الوجود أو المبدئية لوجود كل ما عداه من الموجودات ، ثم عقب ذلك ببيان أنه لا يتولد عنه غيره لأنه غير متولد عن غيره ، وبيّن أنه تعالى وإن كان إلها لجميع الموجودات فياضا للوجود عليها فلا يجوز أن يفيض الوجود على مثله كما لم يكن وجوده من غيره ، ثم عقب ذلك ببيان أنه ليس في الوجود ما يساويه في قوة الوجود فمن أول السورة إلى الصَّمَدُ في بيان ماهيته تعالى ولوازم ماهيته ووحدة حقيقته وإنه غير مركب أصلا ومن قوله تعالى لَمْ يَلِدْ إلى أَحَدٌ في بيان أنه ليس ما يساويه من نوعه ولا من جنسه لا بأن يكون سبحانه متولدا ، ولا بأن يكون متولدا عنه ، ولا بأن يكون متوازي في الوجود ، وبهذا المبلغ يحصل تمام معرفة ذاته عز وجل انتهى. وأشار فيه إلى أنه وَلَمْ يُولَدْ كالتعليل لما قبله وكأن قد قال قبل إن كل ما كان ماديا أو كان له علاقة بالمادة يكون متولدا من غيره فيصير تقدير الكلام لم يلد لأنه لم يتولد ، والإشارة إلى دليله بهو أول السورة فإنه لما لم يكن له ماهية واعتبار سوى أنه هو لذاته وجب أن لا يكون متولدا عن غيره وإلّا لكانت هويته مستفادة عن غيره فلا يكون هو لذاته ، وظاهر العطف يقتضي عدم اعتبار ما أشار إليه من العلية وقد علمت فيما سبق وجه ذكره وجعل بعضهم العطف فيه قريبا من عطف لا يستقدمون على لا يستأخرون.
وأشار بعض السلف إلى أن ذكر ذلك لأنه جاء في سبب النزول أنهم سألوا النبي صلّى اللّه عليه وسلم عن ربه سبحانه من أي شيء هو أمن كذا أم من كذا وممن ورث الدنيا ولمن يورثها؟ وقال الإمام : إن هو اللّه أحد ثلاثة ألفاظ ، وكل واحد منها إشارة إلى مقام من مقامات الطالبين ، فالمقام الأول مقام المقربين وهو أعلى مقامات السائرين إلى اللّه تعالى ، وهؤلاء نظروا بعيون عقولهم إلى ماهيات الأشياء وحقائقها من حيث هي فما رأوا موجودا سوى الحق لأنه الذي يجب وجوده لذاته وما عداه ممكن لذاته فهو من حيث ذاته ليس ، فقالوا : هو إشارة إلى الحق إذ ليس هناك في نظرهم موجود يرجع إليه سواه عز وجل ليحتاج إلى التمييز والمقام الثاني لأصحاب اليمين هؤلاء شاهدوا الحق سبحانه موجودا وكذا شاهدوا الخلق فحصلت كثرة في الموجودات في نظرهم فلم يكن هو كافيا في الإشارة إلى الحق بل لا بد من مميز فاحتاجوا إلى أن يقرنوا لفظة اللّه بلفظ فقيل لأجلهم هو اللّه. والمقام الثالث مقام أصحاب الشمال الذين يجوزون أن يكون واجب الوجود أكثر من واحد والإله كذلك فجيء بأحد ردا عليهم وإبطالا لمقالتهم انتهى. وبعض الصوفية عد لفظة هو من عداد الأسماء الحسنى بل قال إن هاء الغيبة هي اسمه تعالى الحقيقي لدلالته على الهوية المطلقة مع كونه من ضروريات التنفس الذي به بقاء حياة النفس وإشغار رسمه بالإحاطة ومرتبته من العدد إلى دوامه وعدم فنائه. ونقل الدواني عن الإمام أنه قال : علمني بعض المشايخ يا هو يا من هو يا من لا إله إلّا هو وعلى ذلك اعتقاد أكثر المشايخ اليوم ولم يرد ذلك في الأخبار المقبولة عند المحدثين واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 517
سورة الفلق
مكية في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر ورواية كريب عن ابن عباس ، مدنية في قول ابن عباس في رواية أبي صالح وقتادة وجماعة وهو الصحيح لأن سبب نزولها سحر اليهود كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى ، وهم إنما سحروه عليه الصلاة والسلام بالمدينة كما جاء في الصحاح فلا يلتفت لمن صحح كونها مكية وكذا الكلام في سورة الناس وآيها الخمس بلا خلاف. ولما شرح أمر الإلهية في السورة قبلها جيء بها بعدها شرحا لما يستعاذ منه باللّه تعالى من الشر الذي في مراتب العالم ومراتب مخلوقاته ، وهي والسورة التي بعدها نزلتا معا كما في الدلائل للبيهقي فلذلك قرنتا مع ما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوذتين ومن الافتتاح بقل أعوذ. وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهما عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : «أنزلت عليّ الليلة آيات لم أر مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس»
. وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة أن النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثم تمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات. وجاء في الحديث أن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثا حين يمسي وثلاثا حين يصبح كفته من كل شيء.
وفي فضلهما أخبار كثيرة غير ما ذكر. وعن ابن مسعود أنه أنكر قرآنيتهما. أخرج الإمام أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عنه أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول : لا تخلطوا القرآن بما ليس منه إنهما ليستا من كتاب اللّه تعالى إنما أمر النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم أن يتعوذ بهما. وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما قال البزار : لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة
وأثبتتا في المصحف. وأخرج الإمام أحمد والبخاري والنسائي وابن حبان وغيرهم عن زر بن حبيش قال : أتيت المدينة فلقيت أبيّ بن كعب فقلت له : يا أبا المنذر إني رأيت ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه. فقال : أما والذي بعث محمدا صلّى اللّه عليه وسلم بالحق لقد سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عنهما وما سألني عنهما أحد منذ سألت غيرك. فقال : قيل لي قل فقلت فقولوا فنحن نقول كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم
. وبهذا الاختلاف قدح بعض الملحدين في إعجاز القرآن قال : لو كانت بلاغة ذلك بلغت حد الإعجاز لتميز به غير القرآن فلم يختلف في كونه منه ، وأنت تعلم أنه قد وقع الإجماع على قرآنيتهما وقالوا إن إنكار ذلك اليوم كفر ، ولعل ابن مسعود رجع عن ذلك وفي شرح المواقف أن اختلاف الصحابة في بعض سور القرآن مروي بالآحاد المفيدة للظن ومجموع القرآن منقول بالتواتر المفيد لليقين الذي يضمحل الظن في مقابلته ، فتلك الآحاد مما لا يلتفت إليه ثم إن سلمنا اختلافهم فيما ذكر قلنا إنهم لم يختلفوا في نزوله على النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ولا

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 518
في بلوغه في البلاغة حد الإعجاز بل في مجرد كونه من القرآن وكذلك لا يضر فيما نحن بصدده انتهى.
وعكس هذا القول في السورتين المذكورتين قيل في سورتي الخلع والحفد وفي ألفاظهما روايات منها ما يقنت به الحنفية ، فقد روي أنهما في مصحف أبيّ بن كعب وفي مصحف ابن عباس وفي مصحف ابن مسعود فهما إن صح أنهما كلام اللّه تعالى منسوخا التلاوة وليسا من القرآن كما لا يخفى.
[سورة الفلق (113) : الآيات 1 إلى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قُلْ أَعُوذُ أي ألتجئ وأعتصم وأتحرز بِرَبِّ الْفَلَقِ فعل بمعنى مفعول صفة مشبهة كقصص بمعنى مقصوص من فلق شق وفرّق وهو يعم جميع الموجودات الممكنة فإنه تعالى فلق بنور الإيجاد عنها سيما ما يخرج من أصل كالعيون من الجبال والأمطار من السحاب والنبات من الأرض والأولاد من الأرحام ، وخص عرفا بالصبح وإطلاقهم المفلوق عليه مع قولهم فلق اللّه تعالى الليل عن الصبح على نحو إطلاق المسلوخ على الشاة مع قولهم : سلخت الجلد من الشاة وتفسيره بالمعنى العام أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس. ولفظه الْفَلَقِ الخلق وأخرج الطستي عنه أنه فسره بالصبح.
وأنشد رضي اللّه تعالى عنه قول زهير :
الفارج الهم مسد ولا عساكره كما يفرج غم الظلمة الفلق
وهو مروي عن جابر بن عبد اللّه ومجاهد وقتادة وابن جبير والقرطبي وابن زيد ، وعليه فتعليق العياذ باسم الرب المضاف إلى الفلق المنبئ عن النور عقيب الظلمة والسعة بعد الضيق والفتق بعد الرتق عدة كريمة بإعاذة العائذ مما يعوذ منه وإنجائه منه وتقوية لرجائه بتذكير بعض نظائره ومزيد ترغيب له في الجلد والاعتناء بقرع باب الالتجاء إليه عز وجل ، وقيل : إن في تخصيص الْفَلَقِ بالذكر لأنه أنموذج من يوم القيامة فالدور كالقبور والنوم أخو الموت ، والخارجون من منازلهم صباحا منهم من يذهب لنضرة وسرور ، ومنهم من يكون من مطالبة ديون في غموم وشرور إلى أحوال أخر تكون للعباد هي أشبه شيء بما يكون لهم في المعاد ، وفي تفسير القاضي : إن لفظ الرب هاهنا أوقع من سائر الأسماء أي التي يجوز إضافتها إلى الفلق على ما قيل لأن الإعاذة من المضار تربية وهو على تعميم الفلق ظاهر لشموله للمستعيذ والمستعاذ منه ، وعلى تخصيصه بالصبح قيل لأنه مشعر بأنه سبحانه قادر مغيّر للأحوال مقلق للأطوار فيزيل الهموم والأكدار. وقال الرئيس ابن سينا بعد أن حمل الفلق على ظلمة العدم المفلوقة بنور الوجود : إن في ذكر الرب سرا لطيفا من حقائق العلم وذلك أن المربوب لا يستغني في شيء من حالاته عن الرب كما يشاهد في الطفل ما دام مربوبا ، ولما كانت الماهيات الممكنة غير مستغنية عن إفاضة المبدأ الأول لا جرم ذكر لفظ الرب للإشارة إلى ذلك وفيه إشارة أخرى من خفيات العلوم وهو أن العوذ والعياذ في اللغة عبارة عن الالتجاء إلى الغير ، فلما أمر بمجرد الالتجاء إلى الغير وعبّر عنه بالرب دل ذلك على أن عدم الحصول ليس لأمر يرجع إلى المستعاذ به المفيض للخيرات ، بل لأمر يرجع إلى قابلها فإن من المقرر أنه ليس شيء من الكمالات وغيرها مبخولا به من جانب المبدأ الأول سبحانه ،

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 519
بل الكل حاصل موقوف على أن يصرف المستعد جهة قبوله إليه وهو المعني بالإشارة النبوية :
«إن لربكم في أيام دهرهكم نفحات من رحمته ألا فتعرضوا لها»
بين أن نفحات الألطاف دائمة وإنما الخلل من المستعد انتهى. وفي رواية عن ابن عباس أيضا وجماعة من الصحابة والتابعين أن الفلق جب في جهنم. وأخرج ابن مردويه والديلمي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال : سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن قول اللّه عز وجل قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ قال : «هو سجن في جهنم يحبس فيه الجبارون والمتكبرون ، وإن جهنم لتعوذ باللّه تعالى منه».
وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن عنبسة قال : صلى بنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقرأ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ فقال : «يا ابن عنبسة أتدري ما الفلق»؟ قلت : اللّه ورسوله أعلم. قال : «بئر في جهنم فإذا سعرت البئر فمنها تسعر جهنم لتتأذى منه كما يتأذى ابن آدم من جهنم».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن كعب قال : الفلق بيت في جهنم إذا فتح صاح أهل النار من شدة حره
وعن الكلبي أنه واد في جهنم
وقيل هو جهنم وهو على ما في الكشاف من قولهم لما اطمأن من الأرض الفلق والجمع فلقان كخلق وخلقان وتخصيصه بالذكر قيل لأنه مسكن اليهود فعن بعض الصحابة أنه قدم الشام فرأى دور أهل الذمة وما هم فيه من خفض العيش وما وسع عليهم من دنياهم فقال : لا أبالي أليس من ورائهم الفلق وفسر بما روي آنفا عن كعب ومنهم الذي سحر النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم ففي تعليق العياذ بالرب مضافا إليه عدة كريمة بإعاذته صلّى اللّه عليه وسلم من شرهم. ولا يخفى أن هذا مما لا يثلج الصدر وأظن ضعف الأخبار السالفة ويترجح في نظري المعنى الأول للفلق.
مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ أي من شر الذي خلقه من الثقلين وغيرهم كائنا ما كان من ذوات الطباع والاختيار ، والظاهر عموم الشر للمضار البدنية وغيرها. وزعم بعضهم أن الاستعاذة هاهنا من المضار البدنية وأنها تعم الإنسان وغيره مما ليس بصدد الاستعاذة ، ثم جعل عمومها مدار إضافة الرب إلى الفلق بالمعنى العام وهو كما ترى. نعم الذي يتبادر إلى الذهن أن عمومه لشرور الدنيا وقال بعض الأفاضل : هو عام لكل شر في الدنيا والآخرة وشر الإنس والجن والشياطين وشر السباع والهوام وشر النار وشر الذنوب والهوى وشر النفس وشر العمل ، وظاهره تعميم ما خلق بحيث يشمل نفس المستعيذ ولا يأبى ذلك نزول السورة ليستعيذ بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وجوز بعضهم جعل ما مصدرية مع تأويل المصدر باسم المفعول وهو تكلف مستغنى عنه ، وإضافة الشر إلى ما خَلَقَ قيل لاختصاصه بعالم الخلق المؤسس على امتزاج المواد المتباينة المستتبعة للكون والفساد وأما عالم الأمر الذي أوجد بمجرد أمر كن من غير مادة فهو خير محض منزه عن شوائب الشر بالمرة ، والظاهر أنه عنى بعالم الأمر عالم المجردات وهم الملائكة عليهم السلام.
وأورد عليه بعد غض الطرف عن عدم ورود ذلك في لسان الشرع أن منهم من يصدر منه شر كخسف البلاد وتعذيب العباد وأجيب بأن ذلك بأمره تعالى فلم يصدر إلّا لامتثال الأمر لا لقصد الشر من حيث هو شر فلا إيراد نعم يرد أن كونهم مجردين خلاف المختار الذي عليه سلف الأمة ومن تبعهم ، بل هم أجسام لطيفة نورية ولو سلم تجردهم قلنا بعدم حصر المجردات فيهم كيف وقد قال كثير بتجرد الجن فقالوا : إنها ليست أجساما ولا حالة فيها بل هي جواهر مجردة قائمة بأنفسها مختلفة بالماهية بعضها خيرة وبعضها شريرة وبعضها كريمة حرة محبة للخيرات وبعضها دنية خسيسة محبة للشرور والآفات ، وبالجملة ما خلق أعم من المجرد على القول به وغيره والكل مخلوق له تعالى أي موجد بالاختيار بعد العدم إلّا أن المراد الاستعاذة مما فيه شر من ذلك. وقرأ عمرو بن فائد على ما في البحر «من شر» بالتنوين وقال ابن عطية : هي قراءة عمرو بن عبيد وبعض المعتزلة القائلين بأن اللّه تعالى لم

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 520
يخلق الشر. وحملوا ما على النفي وجعلوا الجملة في موضع الصفة أي من شر ما خلقه اللّه تعالى ولا أوجده وهي قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل انتهى. وأنت تعلم أن القراءة بالرواية ولا يتعين في هذه القراءة هذا التوجيه بل يجوز أن تكون ما بدلا من شَرِّ على تقدير محذوف قد حذف لدلالة ما قبله عليه أي من شر شر ما خلق. وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ تخصيص لبعض الشرور بالذكر مع اندراجه فيما قبل لزيادة مساس الحاجة إلى الاستعاذة منه لكثرة وقوعه ، ولأن تعيين المستعاذ منه أدل على الاغتناء بالاستعاذة وادعى إلى الإعاذة والغاسق الليل إذا اعتكر ظلامه ، وأصل الغسق الامتلاء يقال : غسقت العين إذا امتلأت دمعا. وقيل : هو السيلان وغسق الليل انصباب ظلامه على الاستعارة وغسق العين سيلان دمعها وإضافة الشر إلى الليل لملابسته له لحدوثه فيه على حدّ نهاره صائم. وتنكيره لعموم شمول الشر لجميع أفراده ولكل أجزائه إِذا وَقَبَ أي إذا دخل ظلامه في كل شيء وأصل الوقب النقرة والحفرة ثم استعمل في الدخول ، ومنه قوله :
وقب العذاب عليهم فكأنهم لحقتهم نار السموم فأخمدوا
وكذا في المغيب لما أن ذلك كالدخول في الوقب أي النقرة والحفرة وقد فسر هنا بالمجيء أيضا والتقييد بهذا الوقت لأن حدوث الشر فيه أكثر والتحرز منه أصعب وأعسر ، ومن أمثالهم الليل أخفى للويل وتفسير الغاسق بالليل والوقوب بدخول ظلامه. أخرجه ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ومجاهد وابن أبي حاتم عن الضحاك. وروي عن الحسن أيضا وإليه ذهب الزجاج إلّا أنه جعل الغاسق بمعنى البارد وقال : أطلق على الليل لأنه أبرد من النهار. وقال محمد بن كعب : هو النهار ، ووَقَبَ بمعنى دخل في الليل وهو كما ترى ، وقيل القمر إذا امتلأ نورا على أن الغسق الامتلاء ووقوبه دخوله في الخسوف واسوداده. وقيل : التعبير عنه بالغاسق لسرعة سيره وقطعه البروج على أن الغسق مستعار من السيلان ، وقيل التعبير عنه بذلك لأن جرمه مظلم وإنما يستنير من ضوء الشمس ووقوبه على القولين المحاق في آخر الشهر والمنجمون يعدونه نحسا ولذلك لا تشتغل السحرة بالسحر المورث للمرض إلّا في ذلك الوقت. قيل : وهو المناسب لسبب نزول واستدل على تفسيره بالقمر بما
أخرجه الإمام أحمد والترمذي والحاكم وصححه وغيرهم عن عائشة قالت : نظر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يوما إلى القمر لما طلع فقال : «يا عائشة استعيذي باللّه تعالى من شر هذا فإن هذا الغاسق إذا وقب»
. ومن سلم صحة هذا لا ينبغي له العدول إلى تفسير آخر. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب أنه قال : الغاسق إذا وقب الشمس إذا غربت ، وكأن اطلاق الغاسق عليها لامتلائها نورا. ونقل ابن زيد عن العرب أن الغاسق الثريا ووقوبها سقوطها وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند ذلك ، وروى تفسيره بذلك غير واحد عن أبي هريرة مرفوعا وفي الحديث : «إذا طلع النجم ارتفعت العاهة»
. وفي بعض الروايات زيادة عن جزيرة العرب
وفي بعضها : «ما طلع النجم ذات غداة إلّا رفعت كل آفة أو عاهة أو خفت».
وفيه روايات أخر فليراجع شرح المناوي الكبير للجامع الصغير. وقيل أريد بذلك الحية إذا لدغت وإطلاق الغاسق عليها لامتلائها سما وقتل ، أريد سمها إذا دخل في الجسد ، وأطلق عليه الغاسق لسيلانه من نابها وكلا القولين لا يعول عليه. وقيل هو كل شر يعتري الإنسان ، والشر يوصف بالظلمة والسواد ، ووقوبه هجومه. وذكر المجد الفيروزآبادىّ في القاموس في مادة وقب قولا في معنى الآية زعم أنه حكاه الغزالي وغيره عن ابن عباس ولا أظن صحة نسبته إليه لظهور أنه عورة بين الأقوال وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ أي ومن شر النفوس السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ، فالنفاثات صفة للنفوس واعتبر ذلك لمكان التأنيث مع أن تأثير السحر إنما هو من جهة النفوس الخبيثة

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 521
والأرواح الشريرة وسلطانه منها. وقدر بعضهم النساء موصوفا والأول أولى ليشمل الرجال ويتضمن الإشارة السابقة ويطابق سبب النزول ، فإن الذي سحره صلّى اللّه عليه وسلم كان رجلا على المشهور كما ستسمع إن شاء اللّه تعالى.
وقيل : أعانه بعض النساء ولكون مثل ذلك من عمل النساء وكيدهن غلب المؤنث على المذكر هنا وهو جائز على ما فصله الخفاجي في شرح درة الغواص. والنفث النفخ مع ريق كما قال الزمخشري. وقال صاحب اللوامح : هو شبه النفخ يكون في الرقية ولا ريق معه فإن كان يريق فهو تفل والأول هو الأصح لما نقله ابن القيم من أنهم إذا سحروا واستعانوا على تأثير فعلهم بنفس يمازجه بعض أجزاء أنفسهم الخبيثة. وقرأ الحسن «النّفّاثات» بضم النون وقرأ هو أيضا وابن عمر وعبد اللّه بن القاسم ويعقوب في رواية «النافثات» وأبو الربيع والحسن أيضا «النفثات» بغير ألف كالحذرات ، وتعريفها إما للعهد أو للإيذان بشمول الشر لجميع أفرادهن وتمحضهن فيه وتخصيصه بالذكر لما
روى البخاري ومسلم وابن ماجة عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها قالت : سحر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حتى إنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ، حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا اللّه ثم دعا ثم دعا ثم قال : «أشعرت يا عائشة أن اللّه تعالى قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟» قلت : وما ذاك يا رسول اللّه؟ فقال : «جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي : ما وجه الرجل؟ قال : مطبوب. قال : من طبه؟ قال : لبيد بن الأعصم. قال : في أي شي ء؟ قال : في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر. قال : فأين هو؟ قال في بئر ذي أروان».
قالت : فأتاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في أناس من أصحابه ثم قال : «يا عائشة واللّه لكأن ماءها نقاعة الحناء ، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين». قالت : فقلت يا رسول اللّه أفلا أحرقته؟ قال : «لا أما أنا فقد عافاني اللّه تعالى وكرهت أن أثير على الناس شرا فأمرت بها فدفنت»
. وهذان الملكان على ما يدل عليه رواية ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس هما جبريل وميكائيل عليهما السلام ، ومن حديثهما
في الدلائل للبيهقي بعد ذكر حديث الملكين فما أصبح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم غدا ومعه أصحابه إلى البئر فدخل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت الراعوفة فإذا فيها مشط رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ومن مشاطة رأسه ، وإذا تمثال من شمع تمثال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، وإذا فيها إبر مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، فأتاه جبريل عليه السلام بالمعوذتين فقال : يا محمد قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وحل عقدة مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وحل عقدة حتى فرغ منهما وحل العقد كلها وجعل لا ينزع إلّا وجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك راحة ، فقيل : يا رسول اللّه لو قتلت اليهودي؟ قال : «قد عافاني اللّه تعالى وما يراه من عذاب اللّه تعالى أشد».
وفي رواية إن الذي تولى السحر لبيد بن الأعصم وبناته ، فمرض النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم فنزل جبريل بالمعوذتين وأخبره بموضع السحر وبمن سحره وبم سحره ، فأرسل صلّى اللّه عليه وسلم عليا كرم اللّه تعالى وجهه والزبير وعمارا فنرحوا ماء البئر وهو كنقاعة الحناء ثم رفعوا راعوثة البئر فأخرجوا أسنان المشط ومعها وتر قد عقد فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبر ، فجاؤوا بها النبي صلّى اللّه عليه وسلم فجعل يقرأ المعوذتين عليها فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ، ووجد عليه الصلاة والسلام خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة عند تمام السورتين.
فقال صلّى اللّه عليه وسلم كأنما أنشط من عقال الخبر.
والرواية الأولى أصح من هذه.
وقال الإمام المازري : قد أنكر ذلك الحديث المبتدعة من حيث إنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها ، وإن تجويزه يمنع الثقة بالشرع ، وأجيب بأن الحديث صحيح وهو غير مراغم للنص ولا يلزم عليه حط منصب النبوة والتشكيك فيها لأن الكفار أرادوا بقولهم مسحور أنه مجنون وحاشاه ، ولو سلم إرادة ظاهره فهو كان قبل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 522
هذه القصة أو مرادهم أن السحر أثر فيه وأن ما يأتيه من الوحي من تخيلات السحر وهو كذب أيضا لأن اللّه تعالى عصمه فيما يتعلق بالرسالة ، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التي لم يبعث عليه الصلاة والسلام بسببها وهي مما يعرض للبشر فغير بعيد أن يخيل إليه من ذلك ما لا حقيقة له ، وقد قيل إنه إنما كان يخيل إليه أنه وطئ زوجاته وليس بواطىء وقد يتخيل الإنسان مثل هذا في المنام فلا يبعد تخيله في اليقظة ، وقيل إنه يخيل أنه فعله وما فعله ولكن لا يعتقد صحة ما تخيله فتكون اعتقاداته عليه الصلاة والسلام على السداد. وقال القاضي عياض : قد جاءت روايات حديث عائشة مبينة أن السحر إنما تسلط على جسده الشريف صلّى اللّه عليه وسلم وظواهر جوارحه لا على عقله عليه الصلاة والسلام وقلبه واعتقاده ، ويكون معنى مافي بعض الروايات حتى يظن أنه يأتي أهله ولا يأتيهن ، وفي بعض أنه يخيل إليه أنه إلخ : أنه يظهر له من نشاطه ومتقدم عادته القدرة عليهن فإذا دنا منهن أخذته أخذة السحر فلم يأتهن ولم يتمكن من ذلك كما يعتري المسحور ، وكل ما جاء في الروايات من أنه عليه الصلاة والسلام يخيل إليه فعل شيء ولم يفعله ونحوه فمحمول على التخيل بالبصر لا لخلل تطرق إلى العقل وليس في ذلك ما يدخل لبسا على الرسالة ولا طعنا لأهل الضلالة انتهى. وبعضهم أنكر أصل السحر ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها ، ومذهب أهل السنة وعلماء الأمة على إثباته وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء لدلالة الكتاب والسنة على ذلك ولا يستنكر في العقل أن اللّه تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق أو تركيب أجسام مخصوصة.
والمزج بين قوى على ترتيب لا يعرفه إلّا الساحر وإذا شاهد الإنسان بعض الأجسام منها قاتلة كالسموم ومنها مسقمة كالأدوية الحادة ومنها مضرة كالأدوية المضادة للمرض لم يستبعد عقله أن ينفرد الساحر بعلم قوى قتالة أو كلام مهلك أو مؤد إلى التفرقة ومع ذلك لا يخلو من تأثير نفساني ، ثم إن القائلين به اختلفوا في القدر الذي يقع به فقال بعضهم : لا يزيد تأثيره على قدر التفرقة بين المرء وزوجه لأن اللّه تعالى إنما ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده وتهويلا له ، فلو وقع به أعظم منه لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلّا بأعلى أحوال المذكور ، ومذهب الأشاعرة أنه يجوز أن يقع به أكثر من ذلك وهو الصحيح عقلا لأنه لا فاعل إلّا اللّه وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها اللّه تعالى ، ولا تفترق الأفعال في ذلك وليس بعضها بأولى من بعض ، ولورود الشرع بقصوره عن مرتبة لوجب المصير إليه ولكن لا يوجد شرع قاطع يوجب الاقتصار على ما قاله القائل الأول. وذكر التفرقة بين الزوجين في الآية ليس بنص في منع الزيادة وإنما النظر في أنه ظاهر أم لا ، والفرق بين الساحر وبين النبيّ والولي على قول الأشاعرة بأنه يجوز خرق العادة على يد الساحر مبين في الكتب الكلامية وغيرها من شروح الصحاح. وقيل في الآية المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقد بنفث الريق ليسهل حلها وهو يقرب من بدع التفاسير وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ أي إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه بترتيب مقدمات الشر ومبادي الإضرار بالمحسود قولا وفعلا ومن ذلك على ما قيل النظر إلى المحسود وتوجيه نفسه الخبيثة نحوه على وجه الغضب فإن نفس الحاسد حينئذ تتكيف بكيفية خبيثة ربما تؤثر في المحسود بحسب ضعفه وقوة نفس الحاسد شرا قد يصل إلى حد الإهلاك ، ورب حاسد يؤذي بنظره بعين حسده نحو ما يؤذي بعد الحيات بنظرهن.
وذكروا أن العائن والحاسد يشتركان في أن كلّا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو
من تريد أذاه إلّا أن العائن تتكيف نفسه عند مقابلة العين والمعاينة والحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور. وأيضا العائن قد يعين من لا يحسده من حيوان وزرع وإن كان لا ينفك من حسد صاحبه والتقييد بذلك إذ لا ضرر ، بل قيل إن ضرر الحسد إنما يحيق بالحاسد لا غير كما
قال علي كرم اللّه تعالى

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 523
وجهه : للّه در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله.
وقال ابن المعتز :
اصبر على حسد الحسو د فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
وليعلم أن الحسد يطلق على تمني زوال نعمة الغير وعلى تمني استصحاب عدم النعمة ودوام ما في الغير من نقص أو فقر أو نحوه ، والإطلاق الأول هو الشائع والحاسد بكلا الإطلاقين ممقوت عند اللّه تعالى وعند عباده عز وجل آت بابا من الكبائر على ما اشتهر بينهم ، لكن التحقيق أن الحسد الغريزي الجبلي إذا لم يعمل بمقتضاه من الأذى مطلقا بل عامل المتصف به أخاه بما يحب اللّه تعالى مجاهدا نفسه لا إثم فيه بل يثاب صاحبه على جهاد نفسه وحسن معاملته أخاه ثوابا عظيما لما في ذلك من مشقة مخالفة الطبع كما لا يخفى ويطلق الحسد على الغبطة مجازا وكان ذلك شائعا في العرف الأول وهي تمني أن يكون له مثل ما لأخيه من النعمة من غير تمني زوالها وهذا مما لا بأس به ، ومن ذلك ما
صح من قوله صلّى اللّه عليه وسلم : «لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه اللّه تعالى مالا وسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه اللّه تعالى الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس».
وقال أبو تمام :
هم حسدوه لا ملومين مجده وما حاسد في المكرمات بحاسد
وقال أيضا :
وأعذر حسودك فيما قد خصصت به إن العلا حسن في مثلها الحسد
هذا وقال الرئيس ابن سينا : الغاسق القوة الحيوانية فهي ظلمة غاسقة منكدرة على خلاف النفس الناطقة التي هي المستعيذة فإنها خلقت في جوهرها نقية صافية مبرأة عن كدورات المادة وعلائقها قابلة لجميع الصور والحقائق ، وإنما تتلوث من الحيوانية والنفاثات في العقد إشارة إلى القوى النباتية من حيث إنها تزيد في المقدار من جميع جهاته الطول والعرض والعمق فكأنها تنفث في العقد الثلاث ، ولما كانت العلاقة بين النفس الإنسانية والقوى النباتية بواسطة الحيوانية لا جرم قد ذكر القوى الحيوانية على القوى النباتية والشر اللازم من هاتين القوتين في جوهر النفس هو استحكام علائق البدن وامتناع تغذيها بالغذاء الموافق لها واللائق بجوهرها وهو الإحاطة بملكوت السماوات والأرض والانتقاش بالنقوش الباقية. وعنى بقوله تعالى وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ النزاع الحاصل بين البدن وقواه وبين النفس ، فالحاسد هو البدن من حيث له القوتان والمحسود هو النفس فالبدن وبال عليها فما أحسن حالها عند الإعراض عنه وما أعظم لذتها بالمفارقة إن لم تكن تلوثت منه.
وقيل : الغاسق إشارة إلى المعدن والنفاثات إلى النباتات والحاسد إلى الحيوان ، ولما كان الإنسان لا يتضرر عن الأجسام الفلكية وإنما يتضرر عن الأجسام العنصرية وهي إما معدن أو نبات أو حيوان أمر بالاستعاذة من شر كل منها وكلا القولين كما ترى واللّه تعالى أعلم.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 524
سورة النّاس
وتسمى مع ما قبلها كما أشرنا إليه قبل بالمعوذتين بكسر الواو والفتح خطأ وكذا بالمقشقشتين وتقدم الكلام في أمر مكيتها ومدنيتها وهي ست آيات لا سبع وإن اختاره بعضهم.
[سورة الناس (114) : الآيات 1 إلى 6]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (4)
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ وقرىء في السورتين بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام كما قرىء فخذ أربعة بِرَبِّ النَّاسِ أي مالك أمورهم ومربيهم بإفاضة ما يصلحهم ودفع ما يضرهم ، وأمال الناس هنا أبو عمرو والدوري عن الكسائي وكذا في كل موضع وقع فيه مجرورا مَلِكِ النَّاسِ عطف بيان على ما اختاره الزمخشري جيء به لبيان أن تربيته تعالى إياهم ليست بطريق تربية سائر الملاك لما تحت أيديهم من مماليكهم بل بطريق الملك الكامل والتصرف الكلي والسلطان القاهر وكذا قوله تعالى إِلهِ النَّاسِ فإنه لبيان أن ملكه تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير أمور سياستهم والتولي لترتيب مبادئ حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى أمر الملوك بل هو بطريق المعبودية المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلي فيهم إحياء وإماتة وإيجادا وإعداما.
وجوزت البدلية أيضا وأنت تعلم أنه لا مانع منه عقلا ثم ما هنا وإن لم يكن جامدا فهو في حكمه ، ولعل الجزالة دعت إلى اختياره وتخصيص الإضافة إلى الناس مع انتظامهم جميع العالم في سلك ربوبيته تعالى وملكوته وألوهيته على ما في الإرشاد للإرشاد إلى منهاج الاستعاذة الحقيقية بالإعاذة فإن توسل العائذ بربه وانتسابه إليه بالمربوبية والمملوكية والعبودية في ضمن جنس هو فرد من أفراده من دواعي مزيد الرحمة والرأفة ، وأمره تعالى بذلك من دلائل الوعد الكريم بالإعاذة لا محالة ولأن المستعاذ منه شر الشيطان المعروف بعداوتهم ففي التنصيص على انتظامهم في سلك عبوديته تعالى وملكوته رمز إلى إنجائهم من ملكة الشيطان وتسلطه عليهم حسبما ينطق به قوله تعالى إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ [الحجر : 42] واقتصر بعض الأجلة في بيان وجه التخصيص على كون الاستعاذة هنا من شر ما يخص النفوس البشرية وهي الوسوسة كما قال تعالى مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ وبحث فيه بعد الإغماض عما فيه

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 525
من القصور في توفية المقام حقه بأن شر الموسوس كما يلحق النفوس يلحق الأبدان أيضا وفيه شيء سنشير إن شاء اللّه تعالى إليه. واختار هذا الباحث في ذلك أنه لما كانت الاستعاذة فيما سبق من شر كل شيء أضيف الرب إلى كل شيء أي بناء على عموم الفلق ، ولما كانت هنا من شر الوسواس لم يضف إلى كل شيء وكان النظر إلى السورة السابقة يقتضي الإضافة إلى الوسواس لكنه لم يضف إليه حطا لدرجته عن إضافة الرب إليه بل إلى المستعيذ ، وكان في هذا الحط رمزا إلى الوعد بالإعاذة وهو الذي يجعل لما ذكر حظا في أداء حق المقام. ، وربما يقال إن في إضافة الرب إلى الناس في آخر سورة من كتابه تذكير الأول أمر عرفوه في عالم الذر وأخذ عليهم العهد بالإقرار به فيما بعد كما أشار إليه قوله تعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى [الأعراف : 172] الآية فيكون في ذلك تحريض على الاستعاذة من شر الوسواس لئلا يتدنس أمر ذلك العهد ، وفيه أيضا رمز إلى الوعد الكريم بالإعاذة.
وذكر القاضي أن في النظم الجليل إشعارا بمراتب الناظر المتوجه لمعرفة خالقه فإنه يعلم أولا بما يرى عليه من النعم الظاهرة والباطنة أن له ربا ثم يتغلغل في النظر حتى يتحقق أنه سبحانه غني عن الكل وذات كل شيء له ومصارف أمره منه فهو الملك الحق ، ثم يستدل به على أنه المستحق للعبادة لا غير. ويندرج في وجوه الاستعاذة المعتادة تنزيلا لاختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات فإن عادة من ألم به هم أن يرفع أمره لسيده ومربيه كوالديه فإن لم يقدر على رفعه رفعه لملكه وسلطانه فإن لم يزل ظلامته شكاه إلى ملك الملوك ومن إليه المشتكى والمفزع ، وفي ذلك إشارة إلى عظم الآفة المستعاذ منها. ولابن سينا هاهنا كلام تتحرج منه الأقلام كما لا يخفى على من ألم به وكان له بالشريعة المطهرة أدنى إلمام. وتكرير المضاف إليه لمزيد الكشف والتقرير والتشريف بالإضافة وقيل لا تكرار فإنه يجوز أن يراد بالعام بعض أفراده فالناس الأول بمعنى الأجنة والأطفال المحتاجين للتربية ، والثاني الكهول والشبان لأنهم المحتاجون لمن يسوسهم ، والثالث الشيوخ المتعبدون المتوجهون للّه تعالى وهو على ما فيه يبعده حديث إعادة الشيء معرفة وإن كان أغلبيا. والوسواس عند الزمخشري اسم مصدر بمعنى الوسوسة والمصدر بالكسر وهو صوت الحلي والخمس الخفي ، ثم استعمل في الخطرة الردية وأريد به هاهنا الشيطان ، سمي بفعله مبالغة كأنه نفس الوسوسة أو الكلام على حذف مضاف أي ذي الوسواس. وقال بعض أئمة العربية : إن فعلل ضربان صحيح كدحرج وثنائي مكرر كصلصل ولهما مصدران مطردان فعللة وفعلال بالكسر وهو أقيس ، والفتح شاذ لكنه كثر في المكرر كتمتام وفأفأة ، ويكون للمبالغة كفعال في الثلاثي كما قالوا وطواط للضعيف وثرثار للمكثر ، والحق أنه صفة فليحمل عليه ما في الآية الكريمة من غير حاجة إلى التجوز أو حذف المضاف.
وقد تقدم في سورة الزلزال ما يتعلق بهذا المبحث فتذكر فما في العهد من قدم والظاهر أن المراد الاستعاذة من شر الوسواس من حيث هو وسواس ، ومآله إلى الاستعاذة من شر وسوسته وقيل المراد الاستعاذة من جميع شروره ولذا قيل من شر الوسواس ولم يقل من وسوسة الوسواس قيل : وعليه يكون القول بأن شره يلحق البدن كما يلحق النفس أظهر منه على الظاهر وعد من شره أنه كما في صحيح البخاري يعقد على قافية رأس العبد إذ هو نام ثلاث عقد مراده بذلك منعه من اليقظة وفي عد هذا من الشر البدني خفاء ، وبعضهم عد منه التخبط إذا لحق عند أهل السنة أنه قد يكون من مسه كما تقدم في موضعه.
وقوله تعالى الْخَنَّاسِ صيغة مبالغة أو نسبة أي الذي عادته أن يخنس ويتأخر إذا ذكر الإنسان ربه عز

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 526
وجل. أخرج الضياء في المختارة والحاكم وصححه وابن المنذر وغيرهم عن ابن عباس قال : ما من مولود يولد إلّا على قلبه الوسواس فإذا عقل فذكر اللّه تعالى خنس ، فإذا غفل وسوس ، وله على ما روي عن قتادة خرطوم كخرطوم الكلب ، ويقال إن رأسه كرأس الحية. وأخرج ابن شاهين عن أنس قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول : «إن للوسواس خطما كخطم الطائر ، فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في أذن القلب يوسوس فإن ذكر اللّه تعالى نكص وخنس فلذلك سمي الوسواس الخناس».
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ قيل أريد قلوبهم مجازا. وقال بعضهم : إن الشيطان يدخل الصدر الذي هو بمنزلة الدهليز فيلقي منه ما يريد إلقاءه إلى القلب ويوصله إليه ولا مانع عقلا من دخوله في جوف الإنسان وقد ورد السمع به كما سمعت فوجب قبوله والإيمان به ، ومن ذلك
«إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم».
ومن الناس من حمله على التمثيل وقال في الآية إنها لا تقتضي الدخول كما ينادي عليه البيان الآتي. وقال ابن سينا : الوسواس القوة التي توقع الوسوسة وهي القوة المتخيلة بحسب صيرورتها مستعملة للنفس الحيوانية ثم إن حركتها تكون بالعكس فإن النفس وجهتها إلى المبادئ المفارقة فالقوة المتخيلة إذا أخذتها إلّا الاشتغال بالمادة وعلائقها فتلك القوة تخنس أي تتحرك بالعكس وتجذب النفس الإنسانية إلى العكس فلذلك تسمى خناسا ، ونحوه ما قيل إنه القوة الوهمية فهي تساعد العقل في المقدمات فإذا آل الأمر إلى النتيجة خنست وأخذت توسوسه وتشككه ، ولا يخفى أن تفسير كلام اللّه تعالى بأمثال ذلك من شر الوسواس الخناس. والقاضي ذكر الأخير عن سبيل التنظير لا على وجه التمثيل والتفسير بناء على حسن الظن به ومحل الموصول ، إما الجر على الوصف وإما الرفع والنصب على الذم والشتم ، ويحسن أن يقف القارئ على أحد هذين الوجهين على الْخَنَّاسِ وأما على الأول ففي الكواشي أنه لا يجوز الوقف وتعقبه الطيبي بأن في عدم الجواز نظر للفاصلة وفي الكشف أنه إذا كان صفة فالحسن غير مسلم اللهم إلّا على وجه وهو أن الوقف الحسن شامل لمثله في فاصلة خاصة مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ بيان للذي يوسوس على أنه ضربان جني وإنسي كما قال تعالى شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [الأنعام : 112] أو متعلق بيوسوس ، ومِنَ لابتداء الغاية ، أي يوسوس في صدورهم من جهة الجن مثل أن يلقي في قلب المرء من جهتهم أنهم ينفعون ويضرون ، ومن جهة الناس مثل أن يلقي في قلبه من جهة المنجمين والكهان وأنهم يعلمون الغيب. وجوز فيه الحالية من ضمير يُوَسْوِسُ والبدلية من قوله تعالى مِنْ شَرِّ بإعادة الجار وتقدير المضاف والبدلية من الوسواس على أن مِنَ تبعيضية.
وقال الفرّاء وجماعة : هو بيان للناس بناء على أنه يطلق على الجن أيضا فيقال كما نقل عن الكلبي : ناس من الجن كما يقال نفر ورجال منهم ، وفيه أن المعروف عند الناس خلافه مع ما في ذلك من شبه جعل قسم الشيء قسيما له ومثله لا يناسب بلاغة القرآن وإن سلم صحته ، وتعقب أيضا بأنه يلزم عليه القول بأن الشيطان يوسوس في صدور الجن كما يوسوس في صدور الإنس ولم يقم دليل عليه. ولا يجوز جعل الآية دليلا لما لا يخفى وأقرب منه على ما قيل أن يراد بالناس الناسي بالياء مثله في قراءة بعضهم مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ [البقرة : 199] بالكسر ويجعل سقوط الياء كسقوطها في قوله تعالى يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ [القمر : 6] ثم يبين بالجنة والناس فإن كل فرد من أفراد الفريقين مبتلى بنسيان حق اللّه تعالى إلّا من تداركه شوافع عصمته وتناوله واسع رحمته. جعلنا اللّه ممن نال من عصمته الحظ الأوفى وكال له مولاه من رحمته فأوفى. ثم إنه قيل إن حروف هذه السورة غير المكرر اثنان وعشرون حرفا وكذا حروف الفاتحة وذلك بعدد السنين التي أنزل فيها القرآن فليراجع ، وبعد أن يوجد الأمر كما ذكر لا يخفى أن كون سني النزول اثنتين وعشرين سنة قول لبعضهم. والمشهور أنها ثلاث وعشرون اه. ومثل هذا الرمز ما قيل

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 527
إن أول حروفه الباء وآخرها السين كأنه قيل «بس» أي حسب ففيه إشارة إلى أنه كاف عما سواه ورمز إلى قوله تعالى ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام : 38] وقد نظم ذلك بعض الفرس فقال :
أول وآخر قرآن زجه با آمد وسين يعني اندر دو جهان رهبر ما قرآن بس
ومثله من الرموز كثير لكن قيل لا ينبغي أن يقال إنه مراد اللّه عز وجل. نعم قد أرشد عز وجل في هذه السورة إلى الاستعانة به تعالى شأنه كما أرشد جل وعلا إليها في الفاتحة بل لا يبعد أن يكون مراده تعالى على القول بأن ترتيب السور بوحيه سبحانه من ختم كتابه الكريم بالاستعاذة به تعالى من شر الوسواس الإشارة كما في الفاتحة إلى جلالة شأن التقوى والرمز إلى أنها ملاك الأمر كله وبها يحصل حسن الخاتمة ، فسبحانه من ملك جليل ما أجل كلمته وللّه در التنزيل ما أحسن فاتحته وخاتمته. وبعد فهذا والحمد للّه تأويل رؤياي من قبل ، قد جعلها ربي حقا ، فأسعدني وله الشكر بالتوفيق لتفسير كتابه العزيز الذي لا يذل من لاذ به ولا يشقى ، فإذ وفقتني يا إلهي لتفسير عبارته ، ووفقتني على ما شئت من مضمر إشارته ، فاجعلني يا رباه ممن يعتصم بمحكم حبله ، ويتمسك بعروته الوثقى ، ويأوي من المتشابهات إلى حرز معقله ، ويستظل بظلال كهفه الأوفى ، وأعذني به من وساوس الشيطان ومكائده ، ومن الارتباك بشباك غروره ومصائده ، واجعله وسيلة لي إلى أشرف منازل الكرامة وسلما أعرج فيه إلى محل السلامة ، فطالما يا إلهي أسهرتني آياته ، حتى خفقت برأسي سنة الكرى ، فلم أفق إلّا وقد لطمتني من صفاح صحائف سورة ذات سوار. وكم وكم سرت بي يا مولاي عباراته ، حتى حققت لي دعوى عند الصباح يحمد القوم السرى. فلم أشعر إلّا وقد تلفعت نواعس السوادي من فضل مئزر مهاة الصبح بخمار ، ولم أزل أسود الأوراق في تحرير ما أفضت عليّ حتى بيض نسخة عمري المشيب ، وأجدد النظر بتحديق الأحداق ، فيما أفيضت به من المشايخ إليّ حتى بلي برد شبابي القشيب. هذا مع ما قاسيته من خليل غادر ، وجليل جائر ، وزمان غشوم ، وغيوم وابلها غموم ، إلى أمور أنت بها يا إلهي أعلم ، ولم يكن لي فيها سواك من يرحم.
وأكثر ذلك يا إلهي قد كانت حيث أهلتني لخدمة كتابك ، ومننت عليّ من غير حد بالفحص عن مستودعات خطابك فاكفني اللهم بحرمته مؤنة معرة العباد ، وهب لي أمن يوم المعاد وأعذني بلطفك وأعذني بنعمتك ووفقني للتي هي أزكى ، واستعملني بما هو أرضى ، واسلك بي الطريقة المثلى ، وذودني مطيات الهدى وزودني باقيات التقى ، وأصلح ذريتي ، وبلغني بهم أمنيتي ، واجعلهم علماء عاملين وهداة مهديين ، وكن لي ولهم في جميع الأمور واحفظني واحفظهم من فتن دار الغرور وأيّد اللهم خليفتك في خليقتك ، ووفقه بحرمة كلامك لإعلاء كلمتك ، وصل وسلم على روح معاني الممكنات على الإطلاق وروح معاني قلوب المؤمنين والمؤمنات في سائر الآفاق وعلى آله وأصحابه ، وكل من سلك سنن سنته واقتفى وقال في ظلال ظليل شريعته قائلا حسبي ذلك وكفى. وقد صادف تسليم القلم ركوعه وسجوده ، في ظلم دياجي المداد ، واضطجاعه في بيت الدواة ، بعد قيامه على ساق الخدمة لكتاب رب العباد ، ليلة الثلاثاء لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ألف ومائتين وسبع وستين ، من هجرة سيد الأوائل والأواخر ، صلّى اللّه عليه وسلم ، وجاء تاريخه (أكمل تفسيري روح المعاني) والحمد للّه باطنا وظاهرا وله سبحانه الشكر أولا وآخرا.

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 528

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 529
فهرس المجلد الخامس عشر من روح المعاني

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 530

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 531
الفهرس سورة الملك الآيات : 1 - 14 3 الآيات : 15 - 30 16 سورة القلم الآيات : 1 - 22 26 الآيات : 23 - 52 35 سورة الحاقة الآيات : 1 - 24 45 الآيات : 25 - 52 55 سورة المعارج الآيات : 1 - 18 63 الآيات : 19 - 44 69 سورة نوح الآيات : 1 - 16 75 الآيات : 17 - 28 84 سورة الجن الآيات : 1 - 17 91 الآيات : 18 - 28 101 سورة المزمل الآيات : 1 - 19 112 الآية : 20 122 سورة المدثر الآيات : 1 - 31 129

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 532
الآيات : 32 - 56 144 سورة القيامة الآيات : 1 - 17 150 الآيات : 18 - 40 159 سورة الإنسان الآيات : 1 - 13 166 الآيات : 14 - 31 175 سورة المرسلات الآيات : 1 - 26 187 الآيات : 27 - 50 193 سورة النبأ الآيات : 1 - 14 201 الآيات : 15 - 40 210 سورة النازعات الآيات : 1 - 25 223 الآيات : 26 - 46 232 سورة عبس الآيات : 1 - 24 241 الآيات : 25 - 42 248 سورة التكوير الآيات : 1 - 9 253 الآيات : 10 - 29 259 سورة الانفطار الآيات : 1 - 19 267 سورة المطففين الآيات : 1 - 16 274 الآيات : 17 - 36 280 سورة الانشقاق الآيات : 1 - 25 286 سورة البروج الآيات : 1 - 10 294 الآيات : 11 - 22 301

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 533
سورة الطارق الآيات : 1 - 17 305 سورة الأعلى الآيات : 1 - 19 313 سورة الغاشية الآيات : 1 - 26 324 سورة الفجر الآيات : 1 - 30 333 سورة البلد الآيات : 1 - 20 349 سورة الشمس الآيات : 1 - 15 357 سورة الليل الآيات : 1 - 21 365 سورة الضحى الآيات : 1 - 11 372 سورة الشرح الآيات : 1 - 8 385 سورة التين الآيات : 1 - 8 393 سورة العلق الآيات : 1 - 19 400 سورة القدر الآيات : 1 - 5 411 سورة البينة الآيات : 1 - 8 424 سورة الزلزلة الآيات : 1 - 8 433 سورة العاديات الآيات : 1 - 11 441 سورة القارعة الآيات : 1 - 11 447

روح المعاني ، ج 15 ، ص : 534
سورة التكاثر الآيات : 1 - 8 451 سورة العصر الآيات : 1 - 3 457 سورة الهمزة الآيات : 1 - 9 460 سورة الفيل الآيات : 1 - 5 464 سورة قريش الآيات : 1 - 4 470 سورة الماعون الآيات : 1 - 7 474 سورة الكوثر الآيات : 1 - 3 478 سورة الكافرون الآيات : 1 - 6 484 سورة النصر الآيات : 1 - 3 491 سورة تبّت الآيات : 1 - 5 496 سورة الإخلاص الآيات : 1 - 4 503 سورة الفلق الآيات : 1 - 5 517 سورة الناس الآيات : 1 - 6 524

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 3
[الجزء السادس عشر]
الفهارس العامة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم 1 - فهرس الآيات المفسرة 5 2 - فهرس آيات الشواهد 13 3 - فهرس الأحاديث النبوية القولية 68 4 - فهرس الأحاديث النبوية الفعلية 188 5 - فهرس الآثار عن الصحابة والتابعين 205 6 - فهرس الأعلام 214 7 - فهرس القبائل والجماعات 331 8 - فهرس الأماكن والبقاع 359 9 - فهرس أيام العرب والحوادث التاريخية 373 10 - فهرس القوافي 377 11 - فهرس الأرجاز 447 12 - فهرس أنصاف الأبيات 461

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 4

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 5
فهرس الآيات المفسرة
خطبة المفسر 1/ 3 تفسير سورة الفاتحة 1/ 3
تفسير سورة البقرة
الآيات : 1 - 5 1/ 101 الآيات : 6 - 10 1/ 128 الآيات : 11 - 20 1/ 154 الآيات : 21 - 28 1/ 184 الآيات : 29 - 38 1/ 216 الآيات : 39 - 59 1/ 241 الآيات : 60 - 74 1/ 271 الآيات : 75 - 90 1/ 297 الآيات : 91 - 102 1/ 322 الآيات : 103 - 123 1/ 345 الآيات : 124 - 136 1/ 371 الآيات : 137 - 141 1/ 393 الآيات : 142 - 157 1/ 401 الآيات : 158 - 179 1/ 422 الآيات : 180 - 193 1/ 449 الآيات : 194 - 213 1/ 472 الآيات : 214 - 227 1/ 497 الآيات : 228 - 252 1/ 523 الآيات : 253 - 260 2/ 3 الآيات : 261 - 276 2/ 31 الآيات : 277 - 286 2/ 50
تفسير سورة آل عمران
الآيات : 1 - 5 2/ 72 الآيات : 14 - 26 2/ 295 الآيات : 27 - 37 2/ 111 الآيات : 38 - 47 2/ 138 الآيات : 48 - 54 2/ 159 الآيات : 55 - 82 2/ 184 الآيات : 83 - 92 2/ 204 الآيات : 93 - 97 2/ 219 الآيات : 98 - 115 2/ 230 الآيات : 116 - 137 2/ 250 الآيات : 138 - 153 2/ 279 الآيات : 154 - 164 2/ 305 الآيات : 165 - 177 2/ 326 الآيات : 178 - 188 2/ 345 الآيات : 189 - 200 2/ 365
تفسير سورة النساء
الآيات : 1 - 4 2/ 390 الآيات : 5 - 11 2/ 411 الآيات : 12 - 22 2/ 438 الآية : 23 2/ 457 الآيات : 24 - 36 3/ 3 الآيات : 37 - 43 3/ 29 الآيات : 44 - 55 3/ 43 الآيتان : 56 ، 57 3/ 56 الآيات : 58 - 70 3/ 59 الآيات : 71 - 85 3/ 76 الآيات : 86 - 93 3/ 95 الآيات : 94 - 108 3/ 113 الآيات : 109 - 125 3/ 136 الآيات : 126 - 147 3/ 152

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 6
الآيات : 148 - 151 3/ 177 الآيات : 152 - 169 3/ 180 الآيات : 170 - 176 3/ 197
تفسير سورة المائدة
الآيات : 1 - 5 3/ 222 الآيات : 6 - 11 3/ 241 الآيات : 12 - 26 3/ 257 الآيات : 27 - 37 3/ 281 الآيات : 38 - 45 3/ 300 الآيات : 46 - 58 3/ 318 الآيات : 59 - 66 3/ 339 الآيات : 67 - 81 3/ 354 الآيات : 82 - 96 4/ 3 الآيات : 97 - 120 4/ 34
تفسير سورة الأنعام
الآيات : 1 - 12 4/ 74 الآيات : 13 - 35 4/ 103 الآيات : 36 - 53 4/ 134 الآيات : 54 - 73 4/ 158 الآيات : 74 - 73 4/ 183 الآيات : 84 - 110 4/ 199 الآيات : 111 - 129 4/ 247 الآيات : 130 - 142 4/ 270 الآيات : 143 - 147 4/ 283 الآيات : 148 - 165 4/ 292
تفسير سورة الأعراف
الآيات : 1 - 18 4/ 316 الآيات : 19 - 31 4/ 338 الآيات : 32 - 53 4/ 350 الآيات : 54 - 72 4/ 371 الآيات : 73 - 87 4/ 400 الآيات : 88 - 108 5/ 3 الآيات : 109 - 142 5/ 21 الآيات : 143 - 153 5/ 43 الآيات : 154 - 168 5/ 267 الآيات : 169 - 177 5/ 89 الآيات : 178 - 188 5/ 109 الآيات : 189 - 206 5/ 128
تفسير سورة الأنفال
الآيات : 1 - 24 5/ 149 الآيات : 25 - 40 5/ 179 الآيات : 41 - 63 5/ 199 الآيات : 64 - 75 5/ 225
تفسير سورة التوبة
الآيات : 1 - 17 5/ 237 الآيات : 18 - 33 5/ 258 الآيات : 34 - 43 5/ 278 الآيات : 44 - 66 5/ 300 الآيات : 67 - 92 5/ 321 الآيات : 93 - 110 6/ 3 الآيات : 111 - 129 6/ 25
تفسير سورة يونس
الآيات : 1 - 19 6/ 56 الآيات : 20 - 41 6/ 87 الآيات : 42 - 89 6/ 117 الآيات : 90 - 109 6/ 169
تفسير سورة هود
الآيات : 1 - 5 6/ 190 الآيات : 6 - 11 6/ 203 الآيات : 12 - 49 6/ 219 الآيات : 50 - 95 6/ 276 الآيات : 96 - 123 6/ 326
تفسير سورة يوسف
الآيات : 1 - 6 6/ 363 الآيات : 7 - 22 6/ 380 الآيات : 23 - 33 6/ 403 الآيات : 34 - 52 6/ 426 الآيات : 53 - 78 7/ 3 الآيات : 79 - 95 7/ 32

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 7
الآيات : 96 - 111 7/ 52
تفسير سورة الرعد
الآيات : 1 - 18 7/ 81 الآيات : 19 - 43 7/ 131
تفسير سورة إبراهيم
الآيات : 1 - 34 7/ 170 الآيات : 35 - 52 7/ 170 الآيات : 35 - 52 7/ 219
تفسير سورة الحجر
الآيات : 1 - 44 7/ 250 الآيات : 45 - 99 7/ 300
تفسير سورة النحل
الآيات : 1 - 50 7/ 332 الآيات : 51 - 87 7/ 400 الآيات : 88 - 128 7/ 447
تفسير سورة الإسراء
الآيات : 1 - 21 8/ 4 الآيات : 22 - 72 8/ 50 الآيات : 73 - 111 8/ 121
تفسير سورة الكهف
الآيات : 1 - 27 8/ 190 الآيات : 28 - 61 8/ 248 الآيات : 62 - 73 8/ 298 الآيات : 74 - 81 8/ 324 الآيات : 82 - 85 8/ 334 الآيات : 86 - 110 8/ 351
تفسير سورة مريم
الآيات : 1 - 9 8/ 377 الآيات : 10 - 26 8/ 389 الآيات : 27 - 50 8/ 405 الآيات : 51 - 75 8/ 420 الآيات : 76 - 98 8/ 443
تفسير سورة طه
الآيات : 1 - 16 8/ 2464 الآيات : 17 - 44 8/ 488 الآيات : 45 - 58 8/ 509 الآيات : 59 - 77 8/ 530 الآيات : 78 - 95 8/ 547 الآيات : 96 - 110 8/ 562 الآيات : 111 - 135 8/ 574
تفسير سورة الأنبياء
الآيات : 1 - 13 9/ 3 الآيات : 14 - 24 9/ 17 الآيات : 25 - 36 9/ 31 الآيات : 37 - 58 9/ 46 الآيات : 59 - 87 9/ 60 الآيات : 88 - 101 9/ 80 الآيات : 102 - 112 9/ 92
تفسير سورة الحج
الآيات : 1 - 17 9/ 105 الآيات : 18 - 29 9/ 124 الآيات : 30 - 47 9/ 162 الآيات : 48 - 57 9/ 178 الآيات : 58 - 67 9/ 188
تفسير سورة المؤمنون
الآيات : 1 - 22 9/ 205 الآيات : 23 - 63 9/ 226 الآيات : 64 - 118 9/ 247
تفسير سورة النور
الآيات : 1 - 5 9/ 273 الآيات : 6 - 20 9/ 301 الآيات : 21 - 28 9/ 319 الآيات : 29 - 33 9/ 332 الآيات : 34 - 40 9/ 352 الآيات : 41 - 57 9/ 378 الآيات : 58 - 64 9/ 399
تفسير سورة الفرقان
الآيات : 1 - 20 9/ 420

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 8
الآيات : 21 - 35 10/ 3 الآيات : 36 - 59 10/ 18 الآيات : 60 - 77 10/ 39
تفسير سورة الشعراء
الآيات : 1 - 22 10/ 58 الآيات : 23 - 74 10/ 70 الآيات : 75 - 123 10/ 92 الآيات : 124 - 212 10/ 110 الآيات : 213 - 227 10/ 131
تفسير سورة النمل
الآيات : 1 - 12 10/ 151 الآيات : 13 - 21 10/ 163 الآيات : 22 - 37 10/ 181 الآيات : 38 - 55 10/ 196 الآيات : 56 - 68 10/ 213 الآيات : 69 - 84 10/ 226 الآيات : 85 - 93 10/ 239
تفسير سورة القصص
الآيات : 1 - 17 10/ 252 الآيات : 18 - 29 10/ 266 الآيات : 30 - 56 10/ 281 الآيات : 57 - 77 10/ 303 الآيات : 78 - 88 10/ 319
تفسير سورة العنكبوت
الآيات : 1 - 24 10/ 337 الآيات : 25 - 41 10/ 354 الآيات : 42 - 45 10/ 366 الآيات : 46 - 59 11/ 3 الآيات : 60 - 69 11/ 12
تفسير سورة الروم
الآيات : 1 - 24 11/ 18 الآيات : 25 - 40 11/ 36 الآيات : 41 - 60 11/ 247
تفسير سورة لقمان
الآيات : 1 - 11 11/ 65 الآيات : 12 - 25 11/ 81 الآيات : 26 - 34 11/ 95
تفسير سورة السجدة
الآيات : 1 - 9 11/ 114 الآيات : 10 - 30 11/ 122
تفسير سورة الأحزاب
الآيات : 1 - 15 11/ 140 الآيات : 16 - 30 11/ 159 الآيات : 31 - 39 11/ 183 الآيات : 40 - 49 11/ 208 الآيات : 50 - 54 11/ 229 الآيات : 55 - 73 11/ 250
تفسير سورة سبأ
الآيات : 1 - 12 11/ 277 الآيات : 13 - 24 11/ 292 الآيات : 25 - 54 11/ 314
تفسير سورة فاطر
الآيات : 1 - 14 11/ 334 الآيات : 15 - 28 11/ 355 الآيات : 29 - 45 11/ 364
تفسير سورة يس
الآيات : 1 - 27 11/ 383 الآيات : 28 - 39 12/ 3 الآيات : 40 - 58 12/ 20 الآيات : 59 - 71 12/ 38 الآيات : 72 - 83 12/ 49
تفسير سورة الصافات
الآيات : 1 - 14 12/ 63 الآيات : 15 - 61 12/ 75 الآيات : 62 - 98 12/ 91 الآيات : 99 - 132 12/ 121

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 9
الآيات : 133 - 182 12/ 136
تفسير سورة ص
الآيات : 1 - 17 12/ 154 الآيات : 18 - 31 12/ 167 الآيات : 32 - 47 12/ 183 الآيات : 48 - 68 12/ 202 الآيات : 69 - 88 12/ 211
تفسير سورة الزمر
الآيات : 1 - 7 12/ 223 الآيات : 8 - 16 12/ 234 الآيات : 17 - 23 12/ 241 الآيات : 24 - 31 12/ 249 الآيات : 32 - 45 12/ 257 الآيات : 46 - 68 12/ 266 الآيات : 69 - 75 12/ 284
تفسير سورة المؤمن
الآيات : 1 - 16 12/ 294 الآيات : 17 - 47 12/ 310 الآيات : 48 - 72 12/ 327 الآيات : 73 - 85 12/ 338
تفسير سورة فصلت
الآيات : 1 - 15 12/ 347 الآيات : 16 - 35 12/ 364 الآيات : 36 - 46 12/ 375 الآيات : 47 - 54 13/ 3
تفسير سورة الشورى
الآيات : 1 - 12 13/ 11 الآيات : 13 - 23 13/ 21 الآيات : 24 - 34 13/ 33 الآيات : 35 - 53 12/ 43
تفسير سورة الزخرف
الآيات : 1 - 22 13/ 63 الآيات : 23 - 44 13/ 275 الآيات : 45 - 64 13/ 85 الآيات : 65 - 89 13/ 96
تفسير سورة الدخان
الآيات : 1 - 14 13/ 109 الآيات : 15 - 37 13/ 118 الآيات : 38 - 59 13/ 128
تفسير سورة الجاثية
الآيات : 1 - 14 13/ 136 الآيات : 15 - 32 13/ 145 الآيات : 33 - 37 13/ 159
تفسير سورة الأحقاف
الآيات : 1 - 14 13/ 162 الآيات : 15 - 26 13/ 173 الآيات : 27 - 35 13/ 185
تفسير سورة محمد صلى اللّه عليه وسلم
الآيات : 1 - 14 13/ 193 الآيات : 15 - 19 13/ 203 الآيات : 20 - 38 13/ 221
تفسير سورة الفتح
الآيات : 1 - 7 13/ 239 الآيات : 8 - 18 13/ 250 الآيات : 19 - 29 13/ 262
تفسير سورة الحجرات
الآيات : 1 - 4 13/ 284 الآيات : 5 - 11 13/ 295 الآيات : 12 - 18 13/ 307
تفسير سورة ق
الآيات : 1 - 19 13/ 321 الآيات : 20 - 45 13/ 333
تفسير سورة الذاريات
الآيات : 1 - 17 14/ 3 الآيات : 18 - 28 14/ 10

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 10
الآيات : 29 - 53 14/ 14 الآيات : 54 - 60 14/ 20
تفسير سورة الطور
الآيات : 1 - 21 14/ 27 الآيات : 22 - 49 14/ 34
تفسير سورة والنجم
الآيات : 1 - 17 14/ 44 الآيات : 18 - 32 14/ 51 الآيات : 33 - 62 14/ 64
تفسير سورة القمر
الآيات : 1 - 28 14/ 73 الآيات : 9 - 16 14/ 80 الآيات : 17 - 55 14/ 87
تفسير سورة الرحمن عز وجل
الآيات : 1 - 28 14/ 96 الآيات : 29 - 58 14/ 109 الآيات : 59 - 72 14/ 119 الآيات : 73 - 78 14/ 123
تفسير سورة الواقعة
الآيات : 1 - 38 14/ 128 الآيات : 39 - 80 14/ 142 الآيات : 81 - 96 14/ 155
تفسير سورة الحديد
الآيات : 1 - 12 14/ 164 الآيات : 13 - 19 14/ 176 الآيات : 20 - 29 14/ 184
تفسير سورة المجادلة
الآيات : 1 - 3 14/ 197 الآيات : 4 - 7 14/ 208 الآيات : 8 - 22 14/ 219
تفسير سورة الحشر
الآيات : 1 - 6 14/ 2232 الآيات : 7 - 10 14/ 239 الآيات : 11 - 24 14/ 249
تفسير سورة الممتحنة
الآيات : 1 - 7 14/ 259 الآيات : 8 - 13 14/ 268
تفسير سورة الصف
الآيات : 1 - 6 14/ 277 الآيات : 7 - 14 14/ 282
تفسير سورة الجمعة
الآيات : 1 - 8 14/ 287 الآيات : 9 - 11 14/ 293
تفسير سورة المنافقون
الآيات : 1 - 4 14/ 303 الآيات : 5 - 11 14/ 307
تفسير سورة التغابن
الآيات : 1 - 10 14/ 314 الآيات : 11 - 18 14/ 319
تفسير سورة الطلاق
الآيات : 1 - 5 14/ 324 الآيات : 6 - 12 14/ 334
تفسير سورة التحريم
الآيات : 1 - 6 14/ 341 الآيات : 7 - 12 14/ 352
تفسير سورة الملك
الآيات : 1 - 14 15/ 3 الآيات : 15 - 30 15/ 16
تفسير سورة القلم
الآيات : 1 - 22 15/ 26 الآيات : 23 - 52 15/ 35
تفسير سورة الحاقة
الآيات : 1 - 24 15/ 45

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 11
الآيات : 25 - 52 15/ 55
تفسير سورة المعارج
الآيات : 1 - 18 15/ 63 الآيات : 19 - 44 15/ 69
تفسير سورة نوح
الآيات : 1 - 16 15/ 75 الآيات : 17 - 28 15/ 84
تفسير سورة الجن
الآيات : 1 - 17 15/ 91 الآيات : 18 - 28 15/ 101
تفسير سورة المزمل
الآيات : 1 - 19 15/ 112 الآية : 20 15/ 122
تفسير سورة المدثر
الآيات : 1 - 31 15/ 129 الآيات : 32 - 56 15/ 144
تفسير سورة القيامة
الآيات : 1 - 17 15/ 150 الآيات : 18 - 40 15/ 159
تفسير سورة الإنسان
الآيات : 1 - 13 15/ 166 الآيات : 14 - 31 15/ 175
تفسير سورة المرسلات
الآيات : 1 - 26 15/ 187 الآيات : 27 - 50 15/ 193
تفسير سورة النبأ
الآيات : 1 - 14 15/ 201 الآيات : 15 - 40 15/ 210
تفسير سورة النازعات
الآيات : 1 - 25 15/ 223 الآيات : 26 - 46 15/ 2232
تفسير سورة عبس
الآيات : 1 - 24 15/ 241 الآيات : 25 - 42 15/ 248
تفسير سورة التكوير
الآيات : 1 - 9 15/ 253 الآيات : 10 - 29 15/ 259
تفسير سورة الانفطار
الآيات : 1 - 9 15/ 267
تفسير سورة المطففين
الآيات : 1 - 16 15/ 274 الآيات : 17 - 36 15/ 280
تفسير سورة الانشقاق
الآيات : 1 - 25 15/ 286
تفسير سورة البروج
الآيات : 1 - 10 15/ 294 الآيات : 11 - 22 15/ 301
تفسير سورة الطارق
الآيات : 1 - 17 15/ 305
تفسير سورة الأعلى
الآيات : 1 - 19 15/ 313
تفسير سورة الغاشية
الآيات : 1 - 26 15/ 324
تفسير سورة الفجر
الآيات : 1 - 30 15/ 333
تفسير سورة البلد
الآيات : 1 - 20 15/ 349
تفسير سورة الشمس
الآيات : 1 - 15 15/ 357
تفسير سورة الليل
الآيات : 1 - 21 15/ 365

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 12
تفسير سورة الضحى
الآيات : 1 - 11 15/ 372
تفسير سورة الشرح
الآيات : 1 - 8 15/ 385
تفسير سورة التين
الآيات : 1 - 8 15/ 393
تفسير سورة العلق
الآيات : 1 - 19 15/ 400
تفسير سورة القدر
الآيات : 1 - 5 15/ 411
تفسير سورة البينة
الآيات : 1 - 8 15/ 424
تفسير سورة الزلزلة
الآيات : 1 - 8 15/ 433
تفسير سورة العاديات
الآيات : 1 - 11 15/ 441
تفسير سورة القارعة
الآيات : 1 - 11 15/ 447
تفسير سورة التكاثر
الآيات : 1 - 8 15/ 451
تفسير سورة العصر
الآيات : 1 - 3 15/ 2457
تفسير سورة الهمزة
الآيات : 1 - 9 15/ 460
تفسير سورة الفيل
الآيات : 1 - 5 15/ 464
تفسير سورة قريش
الآيات : 1 - 4 15/ 470
تفسير سورة الماعون
الآيات : 1 - 7 15/ 474
تفسير سورة الكوثر
الآيات : 1 - 3 15/ 478
تفسير سورة الكافرون
الآيات : 1 - 6 15/ 484
تفسير سورة النصر
الآيات : 1 - 3 15/ 491
تفسير سورة تبت
الآيات : 1 - 5 15/ 496
تفسير سورة الإخلاص
الآيات : 1 - 4 15/ 503
تفسير سورة الفلق
الآيات : 1 - 5 15/ 517
تفسير سورة الناس
الآيات : 1 - 6 15/ 524

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 13
فهرس آيات الشواهد
سورة الفاتحة
الآية [1] : (3) 312 الآية [2] : (4) 73 ، (4) 102 ، (5) 178 ، (9) 271 ، (10) 312 ، (12) 8.
الآية [4] : (7) 362.
الآية [5] : (1) 245 ، (3) 297 ، (4) 230 ، (6) 393 ، (7) 403 ، (9) 271.
الآية [6] : (14) 289 ، 320.
الآية [7] : (7) 347 ، (8) 82 ، (11) 43 ، (13) 116 ، (14) 61.
سورة البقرة
الآيتان [1 - 2] : (2) 77 ، (10) 151.
الآية [2] : (1) 101 ، 412 ، (2) 324 ، (3) 1269 ، (4) 8 ، (4) 100 ، 321 ، (6) 132 ، (8) 425 ، (9) 422 ، (12) 33.
الآية [3] : (1) 101 ، (14) 100 ، (15) 109.
الآية [4] : (2) 71 ، (13) 245.
الآية [5] : (1) 163 ، (7) 470.
الآية [6] : (5) 107 ، 134 ، 336 ، (6) 428 ، (14) 100.
الآية [7] : (1) 184 ، (6) 235 ، (7) 394 ، (10) 154.
الآية [8] : (11) 362 ، (12) 146 ، (14) 189.
الآية [9] : (9) 386.
الآية [10] : (1) 184 ، (8) 19 ، (13) 246.
الآية [14] : (1) 118 ، (2) 312 الآية [15] : (1) 151 ، (5) 139 ، (10) 142 ، (14) 177. الآية [17] : (7) 435 ، (9) 354 ، (10) 338.
الآية [16] : (5) 4 ، 216 ، 297 ، (7) 471.
الآية [18] : (1) 146 ، (4) 140 ، (16) 235.
الآية [19] : (7) 435 ، (9) 154.
الآية [21] : (4) 41 ، (4) 73 ، (7) 141.
الآية [22] : (1) 217.
الآية [23] : (5) 187 ، (6) 222 ، (11) 8 ، 225.
الآية [24] : (2) 71 ، (3) 267 ، (6) 102 ، 129 ، 224 ، (7) 368.
الآية [25] : (4) 7 ، (4) 90 ، (8) 409 ، (10) 216 ، (13) 99 ، (14) 107.
الآية [26] : (2) 24 ، (2) 84 ، (4) 8 ، 234 ، (5) 157 ، (7) 178 ، (15) 169.
الآية [27] : (6) 262 ، 329 ، (7) 452.
الآية [28] : (1) 176 ، 387 ، (2) 233 ، (3) 24 ، (9) 43 ، (10) 334 ، (12) 305 ، (13) 125 ، 181 ، (15) 328.
الآية [29] : (1) 429 ، (4) 73 ، (5) 339 ، (7) 85 ، 410 ، (8) 468 ، 477 ، (10) 62 ، (12) 357 ، 360 ، (15) 234.
الآية [30] : (2) 437 ، (3) 143 ، (8) 104 ، (11) 228 ، 307 ، (12) 213 ، 345.
الآية [31] : (12) 213.
الآية [32] : (5) 50 ، (6) 102.
الآية [33] : (4) 402 ، (12) 212.
الآية [34] : (10) 89.
الآية [35] : (1) 268 ، (4) 339 ، (5) 83 ، (7) 64 ، 291 ، (8) 580 ، (11) 289.
الآية [38] : (1) 320 ، (4) 53 ، (13) 300 ، (14)

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 14
170 ، (15) 237 ، 288.
الآية [40] : (1) 216 ، 354. (2) 132 ، (8) 132 ،
(8) 589 (13) 201.
الآية [41] : (1) 543.
الآية [43] : (6) 347 الآية [44] : (2) 239.
الآية [45] : (6) 161 ، 347 ، (8) 485 ، 524 ، 590 ، (9) 110 ، (11) 88 ، 377.
الآية [46] : (6) 437.
الآية [47] : (1) 90 ، (5) 53 ، 74 ، (13) 245.
الآية [48] : (4) 177 ، (7) 343 ، (9) 371 ، (15) 121.
الآية [49] : (6) 311 ، (10) 299.
الآية [51] : (1) 304.
الآية [52] : (9) 299.
الآية [54] : (3) 302 ، (4) 128 ، (7) 481 ، (9) 276 ، 411.
الآية [55] : (5) 70 ، (10) 90 ، (11) 269 ، (14) 117.
الآية [58] : (4) 339 ، (5) 83.
الآية [59] : (8) 328.
الآية [60] : (3) 332 ، (6) 156 ، (7) 177 ، (15) 312.
الآية [61] : (1) 29 ، 234 ، (2) 398 ، (4) 330 ، (6) 93 ، (11) 269.
الآية [62] : (15) 488.
الآية [63] : (5) 93.
الآية [65] : (3) 183 ، (8) 88 ، (10) 9.
الآية [67] : (3) 347 ، (6) 269 ، (13) 74 ، (15) 315.
الآية [68] : (1) 488 ، (6) 357 ، (7) 189 ، (9) 23.
الآية [71] : (7) 191 ، (9) 375.
الآية [72] : (1) 106 ، 285.
الآية [74] : (1) 173 ، (11) 352.
الآية [76] : (2) 312 الآية [79] : (3) 303 ، (7) 174 ، (12) 180. الآية [80] : (1) 125 ، 327 ، (2) 107 ، (6) 359.
الآية [81] : (1) 176 ، 437.
الآية [83] : (1) 238 ، (3) 261 ، (7) 57 ، (10) 343.
الآية [85] : (9) 314.
الآية [86] : (15) 437.
الآية [87] : (1) 278 ، (2) 175 ، (3) 369.
الآية [88] : (6) 109.
الآية [89] : (1) 163.
الآية [91] : (6) 178 ، (10) 39.
الآية [93] : (1) 292 ، 349 ، (3) 47 ، (5) 93 ، (7) 349.
الآية [94] : (1) 33 ، (5) 297.
الآية [95] : (5) 48.
الآية [96] : (4) 4 ، (15) 415.
الآية [97] : (5) 321.
الآية [98] : (4) 227 ، (13) 54 ، 318 ، 336 ، (14) 358.
الآية [99] : (15) 494.
الآية [102] : (1) 192 ، (7) 305 ، (9) 9 ، (10) 262 ، (15) 427.
الآية [103] : (10) 308.
الآية [104] : (1) 278.
الآية [105] : (1) 512.
الآية [106] : (1) 216 ، (8) 205 ، (11) 96.
الآية [107] : (4) 149.
الآية [108] : (2) 398.
الآية [109] : (2) 35.
الآية [111] : (1) 125 ، 327 ، (3) 53 ، 146 ، (14) 291.
الآية [112] : (10) 232 ، (13) 335.
الآية [114] : (1) 139 ، (13) 292.
الآية [115] : (1) 92.
الآية [117] : (8) 89 ، (11) 344 ، (12) 38 ، 334 ، (14) 79 ، 94 ، (15) 74 ، 170.
الآية [119] : (8) 91 ، (11) 367.
الآية [122] : (5) 53 ، 74 ، (13) 245.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 15
الآية [123] : (7) 343 ، (9) 371 ، (15) 167.
الآية [124] : (2) 17 ، (5) 74.
الآية [126] : (1) 116 ، (7) 220 ، 226.
الآية [127] : (9) 368.
الآية [128] : (7) 229 ، (9) 200.
الآية [129] : (2) 71 ، 326 ، (6) 60 ، (10) 97.
الآية [132] : (7) 32.
الآية [133] : (4) 184 ، 201 ، (7) 55.
الآية [135] : (1) 373 ، (4) 291 ، (6) 99 ، (7) 393 ، (8) 251.
الآية [136] : (1) 123 ، (2) 66 ، 71 ، (6) 376.
الآية [137] : (12) 261.
الآية [138] : (2) 171 ، (4) 64 ، (15) 231.
الآية [140] : (6) 376 ، (8) 203.
الآية [142] : (13) 245.
الآية [143] : (1) 95 ، 122 ، 434 ، (2) 284 ، (3) 34 ، 75 ، (4) 202 ، 210 ، 352 ، (6) 78 ، 153 ، 399 ، 451 ، (7) 451 ، (8) 205 ، 388 ، 427 ، 485 ، 563 ، 568 ، (9) 208 ، 406 ، (11) 302 ، (12) 43 ، 143 (13) 3 ، 57 ، 250 ، 299 ، 341 ، (14) 183 ، (15) 142.
الآية [145] : (7) 262 ، (11) 376 ، (12) 32.
الآية [146] : (4) 132 ، (12) 32.
الآية [147] : (4) 317.
الآية [152] : (1) 90 ، (10) 368.
الآية [153] : (5) 166 ، (6) 161.
الآية [154] : (1) 554 ، (7) 480.
الآية [155] : (4) 21 ، (6) 142 ، 213.
الآية [156] : (2) 174 ، (5) 76 ، (7) 38.
الآية [157] : (11) 221.
الآية [158] : (1) 128.
الآيتان : [159 - 160] : (3) 358.
الآية [162] : (8) 167.
الآية [163] : (1) 59 ، (8) 182.
الآية [164] : (13) 39 ، 139.
الآية [166] : (4) 213. الآية [167] : (9) 129 ، (11) 131.
الآية [168] : (12) 39.
الآية [170] : (11) 93.
الآية [171] : (1) 129 ، (4) 140 ، (6) 235.
الآية [172] : (9) 241.
الآية [173] : (8) 287 ، 321 ، (9) 165.
الآية [174] : (4) 331 ، 212.
الآية [175] : (5) 4 ، 216 ، 297.
الآية [177] : (2) 65 ، (6) 158 ، (7) 305 ، 391 ، (9) 349 ، (13) 252.
الآية [178] : (2) 373 ، (3) 316.
الآية [179] : (8) 68.
الآية [180] : (9) 348 ، (12) 183 ، (15) 445.
الآية [181] : (2) 398.
الآية [182] : (2) 117.
الآية [183] : (3) 149 ، 277.
الآية [184] : (1) 304 ، (4) 11.
الآية [185] : (1) 113 ، (3) 159 ، (4) 367 ، (15) 413.
الآية [186] : (4) 142 ، (10) 64 ، (12) 266.
الآية [187] : (1) 356 ، (6) 6 ، (7) 187 ، (7) 337 ، (14) 269 ، (15) 123 ، 131 ، 416.
الآية [188] : (9) 408.
الآية [189] : (2) 83 ، (8) 30 ، 571 ، (10) 28.
الآية [191] : (1) 313.
الآية [194] : (4) 24 ، (6) 250.
الآية [195] : (1) 178 ، (2) 118 ، (7) 19 ، (8) 402 ، (9) 224 ، (10) 227 ، 247 ، (14) 260 ، (15) 497.
الآية [196] : (1) 29 ، 31 ، (11) 99 ، 367.
الآية [197] : (1) 110 ، (2) 421 ، (12) 354 ، (15) 194.
الآية [198] : (2) 313 ، (8) 586.
الآية [199] : (15) 526.
الآية [200] : (1) 69.
الآية [201] : (3) 160 ، (14) 192.
الآية [203] : (8) 57 ، 478.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 16
الآية [207] : (2) 45 ، (14) 319.
الآية [210] : (10) 9 ، (12) 285.
الآية [211] : (5) 150 ، (11) 164.
الآية [212] : (10) 154.
الآية [213] : (6) 357 ، (13) 16.
الآية [214] : (7) 65 ، (11) 166.
الآية [215] : (1) 444 ، (6) 213.
الآية [217] : (8) 193 ، (12) 278 ، 353.
الآية [219] : (1) 547 ، (4) 17 ، (7) 364 ، (8) 570 ، (10) 92.
الآية [220] : (2) 426 ، (8) 570.
الآية [221] : (3) 238.
الآية [222] : (13) 164.
الآية [223] : (10) 114.
الآية [224] : (4) 15.
الآية [225] : (1) 118 ، (2) 62.
الآية [228] : (1) 129 ، 191 ، 438 ، 548 ، (2) 464 ، (14) 332.
الآية [229] : (2) 453 ، (3) 129 ، (6) 6.
الآية [230] : (1) 424 ، (9) 285 ، (13) 164.
الآية [231] : (13) 185.
الآية [233] : (1) 207 ، (2) 452 ، (4) 74 ، (7) 187 ، (13) 175.
الآية [234] : (1) 207 ، (11) 47 ، (14) 333.
الآية [235] : (9) 290.
الآية [236] : (1) 552 ، (10) 46 ، (11) 226.
الآية [237] : (3) 72 ، (8) 396 ، (9) 180 ، (11) 229 ، (12) 242.
الآية [238] : (2) 384 ، (11) 146 ، 184.
الآية [240] : (1) 350.
الآية [243] : (2) 33 ، (10) 261.
الآية [245] : (2) 33 ، 71 ، (4) 105 ، (13) 145.
الآية [247] : (13) 33.
الآية [249] : (7) 269 ، (15) 114.
الآية [251] : (15) 480.
الآية [253] : (2) 33 ، (2) 175 ، (8) 113.
الآية [254] : (1) 375 ، (2) 33 ، 373 ، (7) 210. الآية [255] : (8) 345.
الآية [255] : (2) 73 ، (3) 32 ، (7) 42 ، (10) 320 ، (14) 58.
الآية [256] : (1) 281 ، 504.
الآية [257] : (1) 151 ، 437 ، (2) 83 ، (5) 4 ، (9) 143 ، 358 ، (10) 131.
الآية [258] : (1) 196 ، (8) 205 ، 560 ، (12) 104 ، (15) 337.
الآية [260] : (1) 384 ، (4) 56 ، (5) 46 ، (8) 510 ، (10) 206 ، (12) 57.
الآية [261] : (2) 30 ، 41 ، (14) 66.
الآية [265] : (2) 45.
الآية [268] : (6) 173.
الآية [269] : (2) 44 ، (8) 146 ، 372 ، (11) 99.
الآية [270] : (2) 106.
الآية [271] : (5) 314 ، (12) 242.
الآية [273] : (8) 555 ، (12) 183.
الآية [275] : (1) 360 ، (5) 77 ، (10) 24.
الآية [276] : (11) 46 ، (15) 109.
الآية [277] : (1) 115.
الآية [278] : (9) 82 ، (12) 134 ، (14) 171.
الآية [281] : (1) 101 ، (6) 50.
الآية [282] : (1) 180 ، 307 ، (2) 464 ، (4) 112 ، (8) 475 ، (10) 69 ، (13) 245 ، (14) 256 ، 330.
الآية [283] : (2) 54.
الآية [284] : (1) 301 ، 381 ، (2) 227 ، (7) 69 ، (9) 7 ، (12) 368.
الآية [285] : (11) 32 ، 186 ، (12) 226 ، (15) 61.
الآية [286] : (2) 226 ، (3) 20.
سورة آل عمران
الآية [1] : (1) 104.
الآية [5] : (9) 358.
الآية [7] : (6) 377 ، (8) 70 ، 476.
الآية [8] : (1) 96.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 17
الآية [9] : (7) 238.
الآية [12] : (8) 102 ، (14) 23.
الآية [13] : (1) 118 ، (2) 92 ، (9) 425 ، (14) 236.
الآية [14] : (4) 73 ، (10) 154 ، (11) 67.
الآية [15] : (2) 409 ، (10) 216 ، (14) 107.
الآية [18] : (3) 74 ، (9) 305.
الآية [19] : (1) 115 ، (2) 126 ، (11) 245.
الآية [21] : (1) 94 ، 203 ، 277 ، 286 ، (2) 89.
(5) 323 ، (7) 107 ، 122 ، (11) 131 ، (15) 284 ، 501.
الآية [24] : (1) 327.
الآية [28] : (1) 150 ، 210 ، (4) 64.
الآية [29] : (2) 63 ، (12) 368.
الآية [30] : (1) 150 ، 210 ، (4) 64 ، (10) 50 ، (15) 106 ، 260.
الآية [31] : (1) 516 ، (7) 186.
الآية [32] : (9) 274 ، (10) 7.
الآية [33] : (11) 273 ، 368.
الآية [35] : (2) 127.
الآية [36] : (2) 48 ، (10) 359 ، (13) 240 ، 242 ، (15) 351.
الآية [37] : (3) 156 ، (9) 238 ، (12) 203.
الآية [38] : (8) 382 ، (10) 92.
الآية [39] : (7) 306.
الآية [40] : (2) 21.
الآية [41] : (8) 391.
الآية [43] : (3) 335 ، (9) 156 ، 198.
الآية [45] : (3) 199.
الآية [46] : (9) 409.
الآية [47] : (2) 21.
الآية [52] : (3) 243. (4) 4.
الآية [54] : (5) 114 ، (11) 349.
الآية [55] : (9) 434.
الآية [58] : (1) 108.
الآية [59] : (2) 154 ، (3) 214 ، (5) 107 ، 117 ، (7) 154 ، (8) 398 ، (12) 352 ، 359 ، (13) 94.
الآية [61] : (4) 203.
الآية [62] : (1) 108 ، (7) 277.
الآية [64] : (2) 104 ، (7) 157.
الآية [65] : (1) 397.
الآية [67] : (7) 483.
الآية [68] : (2) 16 ، (3) 361.
الآية [70] : (1) 136.
الآية [71] : (1) 136.
الآية [72] : (1) 319 ، (2) 207 ، (3) 164.
الآية [75] : (13) 132.
الآية [77] : (1) 466 ، (4) 133 ، 212 ، (14) 319.
الآية [81] : (3) 184 ، (8) 302 ، (14) 170.
الآية [83] : (4) 253 ، (5) 127.
الآية [85] : (1) 58 ، 115 ، (2) 229 ، (8) 341.
الآية [88] : (8) 167.
الآية [91] : (3) 85.
الآية [92] : (15) 171.
الآية [93] : (3) 189 ، (10) 292 ، (14) 343.
الآية [95] : (4) 347 ، (6) 99.
الآية [97] : (1) 115 ، 116 ، 476 ، (3) 111 ، (5) 241 ، (8) 507 ، 528 ، (11) 31 ، 35 ، (13) 289 ، (14) 214.
الآية [98] : (1) 136.
الآية [99] : (1) 136.
الآية [102] : (2) 83 ، (6) 139 ، (13) 207 ، (14) 322.
الآية [106] : (8) 525 ، (15) 169 ، 496.
الآية [107] : (9) 367.
الآية [110] : (1) 252 ، (2) 239 ، (13) 299.
الآية [112] : (1) 208 ، (4) 259.
الآية [114] : (2) 344.
الآية [116] : (12) 327.
الآية [117] : (1) 135 ، 177.
الآية [118] : (1) 522 ، (5) 214 ، (9) 316 ، (14) 337.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 18
الآية [119] : (5) 331 ، (7) 183.
الآية [120] : (2) 301 ، (4) 137 ، (5) 305.
الآية [122] : (1) 33.
الآية [124] : (5) 162 ، 268.
الآية [125] : (2) 301 ، (5) 163 ، 268.
الآية [126] : (13) 246.
الآية [129] : (6) 352.
الآية [130] : (1) 273 ، (2) 71 ، (2) 466 ، (10) 116 ، (13) 287 ، 304 ، (15) 183.
الآية [133] : (2) 71 ، 344 ، (9) 245 ، (12) 239.
الآية [134] : (7) 39.
الآية [137] : (1) 159 ، (4) 98.
الآية [138] : (14) 99.
الآية [139] : (13) 274 ، (15) 320.
الآية [140] : (11) 22.
الآية [144] : (10) ، 141.
الآية [145] : (6) 182 ، (8) 44.
الآية [146] : (10) ، 340.
الآية [148] : (7) 461 ، (9) 245.
الآية [152] : (2) 328 ، (4) 101.
الآية [154] : (1) 11.
الآية [158] : (3) 102 ، (10) 79 ، (15) 379.
الآية [164] : (2) 71 ، (15) 454.
الآية [167] : (1) 16 ، (2) 245 ، (9) 160 ، 314.
الآية [169] : (1) 418 ، (2) 351 ، (11) 400.
الآية [170] : (6) 216.
الآية [172] : (2) 389 ، (5) 156.
الآية [173] : (3) 256 ، (7) 134.
الآية [178] : (1) 65 ، (5) 118 ، (6) 161 ، (8) 442.
الآية [180] : (8) 384.
الآية [181] : (2) 71 ، (3) 346.
الآية [185] : (2) 40 ، (2) 234 ، 357 ، (4) 73 ، (4) 107 ، (8) 424 ، (10) 336.
الآية [186] : (2) 301 ، 352.
الآية [187] : (6) 348. الآية [188] : (3) 375 ، (13) 301 ، 336.
الآية [189] : (4) 69.
الآية [191] : (11) 24 ، (12) 103 ، 106 ، (13) 56 ، 129.
الآية [192] : (2) 106 ، (5) 191 ، (7) 367 ، 452.
الآية [194] : (9) 436.
الآية [196] : (7) 390.
الآية [197] : (13) 192.
الآية [199] : (2) 71.
الآية [220] : (2) 71.
سورة النساء
الآية [1] : (3) 221 ، (7) 72.
الآية [3] : (2) 83 ، (3) 10 ، 163 ، 374 ، (6) 336 ، (9) 211 ، 285 ، (10) 198.
الآية [4] : (3) 16.
الآية [6] : (2) 397 ، (4) 298.
الآية [7] : (11) 209.
الآية [8] : (11) 324.
الآية [10] : (1) 510 ، (2) 419 ، (5) 305 ، (15) 260.
الآية [11] : (1) 451 ، (2) 421 ، 441 ، (3) 20 ، (13) 145.
الآية [12] : (9) 211 ، 11) 209.
الآية [14] : (4) 175.
الآية [17] : (15) 170.
الآية [18] : (4) 354.
الآية [19] : (3) 17.
الآية [20] : (10) 166.
الآيتان [22 - 23] : (6) 138.
الآية [22] : (4) 309 ، (9) 287 ، (13) 134.
الآية [23] : (1) 545 ، (2) 400 ، (4) 308 ، (6) 137 ، 182 ، 247 ، (14) 61.
الآية [24] : (1) 324 ، (2) 428 ، (4) 29 ، (5) 168 ، (9) 287 ، 288.
الآية [25] : (2) 406 ، (9) 211 ، 281 ، (9) 288.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 19
الآية [26] : (4) 179 ، (11) 193.
الآية [28] : (11) 57 ، 356.
الآية [29] : (1) 232 ، 261 ، (12) 411 ، (4) 45 ، (8) 279 ، (11) 149 ، (13) 304.
الآية [30] : (2) 379.
الآية [31] : (6) 350 ، (14) 62 ، (15) 437.
الآية [34] : (8) 577 ، (13) 304.
الآية [35] : (12) 307.
الآية [36] : (1) 192 ، (14) 19.
الآية [39] : (1) 136.
الآية [41] : (10) 315 ، (15) 296.
الآية [42] : (8) 263 ، (12) 317.
الآية [43] : (1) 506 ، (3) 247 ، (4) 17 ، 150 ، (4) 401 ، (8) 396.
الآية [44] : (2) 389.
الآية [45] : (6) 36.
الآية [46] : (1) 158 ، (3) 47.
الآية [47] : (3) 56.
الآية [48] : (2) 267 ، 449 ، (3) 16 ، 112 ، 113 ، 142 ، 273 ، (6) 36 ، (8) 265 ، (12) 269 ، 270 ، (13) 41 ، 234 ، 245 ، (15) 81.
الآية [49] : (3) 142.
الآية [50] : (3) 142.
الآية [56] : (7) 239 ، (8) 167 ، (10) 162 ، (12) 367.
الآية [57] : (8) 306 ، (10) 216 ، (13) 99 ، (14) 107.
الآية [58] : (2) 389. (3) 221.
الآية [59] : (2) 80 ، (8) 222.
الآية [65] : (15) 150.
الآية [66] : (6) 306 ، (8) 529.
الآية [69] : (1) 96 ، (8) 32 ، 343 ، (13) 240.
الآية [71] : (10) 82.
الآية [73] : (14) 186.
الآية [76] : (6) 415.
الآية [77] : (13) 223. الآية [78] : (1) 120 ، 414 ، (2) 123 ، (10) 305.
الآية [79] : (6) 216.
الآية [80] : (1) 57 ، (3) 214 ، (13) 91 ، 251.
الآية [82] : (1) 31.
الآية [83] : (1) 7 ، (3) 64 ، 93.
الآية [85] : (8) 34.
الآية [88] : (2) 389 ، (4) 258.
الآية [89] : (5) 317.
الآية [90] : (5) 347 ، (15) 271.
الآية [92] : (1) 232.
الآية [94] : (4) 264.
الآية [95] : (12) 219.
الآية [97] : (10) 345 ، (12) 239.
الآية [98] : (11) 209.
الآية [100] : (6) 29.
الآية [101] : (1) 424.
الآية [102] : (7) 19 ، (8) 43 ، (9) 282.
الآية [104] : (2) 389.
الآية [105] : (7) 68 ، (9) 174 ، (12) 230.
الآية [110] : (3) 16.
الآية [102] : (1) 550 ، (3) 77.
الآية [110] : (12) 271.
الآية [112] : (2) 42.
الآية [114] : (2) 45.
الآية [115] : (3) 134 ، (7) 452 ، (15) 289.
الآية [116] : (2) 267 ، 449 ، (3) 16 ، 113 ، (6) 36 ، (8) 265 ، 419 ، (13) 41 ، (15) 81.
الآية [118] : (2) 421.
الآية [119] : (13) 335.
الآية [122] : (11) 121 ، (15) 231.
الآية [123] : (3) 112.
الآية [124] : (1) 115.
الآية [125] : (10) 248.
الآية [127] : (2) 405.
الآية [128] : (2) 117.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 20
الآية [130] : (9) 343 ، (11) 226 ، (14) 328.
الآية [135] : (2) 210 ، (2) 440 ، (8) 293 ، (14) 300.
الآية [136] : (7) 230 ، (9) 422.
الآية [139] : (4) 184 ، (11) 346.
الآية [140] : (2) 75.
الآية [141] : (8) 99.
الآية [142] : (2) 59 ، (14) 177.
الآية [145] : (11) 169 ، (15) 430.
الآية [147] : (10) 54.
الآية [152] : (3) 16 ، (11) 185.
الآية [153] : (1) 368 ، (3) 191 ، (5) 46 ، 47 ، 69.
الآية [154] : (1) 281 ، (5) 92.
الآية [155] : (1) 135.
الآية [157] : (2) 174 ، (4) 65 ، 278 ، (13) 88.
الآية [158] : (4) 109 ، (15) 279.
الآية [160] : (7) 482.
الآية [162] : (1) 32 ، (8) 533 ، 535.
الآية [163] : (6) 376.
الآية [164] : (1) 495. (6) 23 ، (8) 545 ، (12)
340.
الآية [165] : (1) 133.
الآية [167] : (1) 99 ، (6) 50 ، 263.
الآية [171] : (1) 59 ، (2) 154 ، (8) 149 ، (8) 394 ، (11) 99 ، 347 ، (13) 144 ، (14) 267.
الآية [172] : (4) 147.
الآية [173] : (2) 389.
الآية [174] : (6) 178 ، (9) 358.
الآية [176] : (1) 180 ، (4) 112 ، (14) 256.
سورة المائدة
الآية [1] : (3) 222 ، (3) 368 ، (4) 22 ، 288 ، (7) 480.
الآية [2] : (1) 512 ، 517. (3) 221 ، (4) 317 ،
(6) 438 ، (8) 488. الآية [3] : (1) 416 ، (3) 221 ، 361 ، (4) 259 ، 288 ، (7) 144 ، 480 ، (9) 141 ، 201 ، (12) 232 ، (13) 245 ، (14) 214 ، 216.
الآية [4] : (4) 4 ، 262.
الآية [5] : (1) 89 ، 505 ، 512.
الآية [6] : (1) 203 ، 218 ، (4) 56 ، 320 ، (5) 16 ، (6) 401 ، (7) 465 ، (8) 396 ، (11) 133 ، 198 ، (12) 187 ، 359 ، (13) 242.
الآية [8] : (1) 251 ، (3) 137 ، 223 ، (4) 317 ، (7) 491 ، (8) 488 ، 531 ، (11) 52 ، 146.
الآية [12] : (1) 244.
الآية [13] : (3) 184.
الآية [15] : (1) 168 ، 169 ، (4) 209 ، (8) 524 ، (9) 358.
الآية [16] : (2) 98 ، (13) 253.
الآية [18] : (1) 327 ، (2) 108 ، (3) 53 ، 342 ، (4) 69 ، (6) 352 ، (14) 291.
الآية [19] : (11) 386 ، (12) 368.
الآية [20] : (1) 252.
الآية [21] : (1) 265 ، 276 ، (3) 260 ، (5) 58 ، (14) 297.
الآية [22] : (14) 279.
الآية [24] : (1) 264 ، (3) 258 ، 260 ، (4) 4 ، (5) 160 ، (10) 237 ، (11) 269 ، (14) 279.
الآية [25] : (14) 279.
الآية [26] : (3) 277 ، (14) 279.
الآية [33] : (1) 115.
الآيتان [33 - 34] : (9) 296.
الآية [35] : (4) 57.
الآية [36] : (2) 211.
الآية [37] : (1) 435 ، (9) 129 ، (15) 215 ، 271.
الآية [40] : (12) 368.
الآية [41] : (1) 229 ، (2) 203 ، 344 ، (3) 46 ، (13) 253 ، (15) 113 ، 389.
الآية [42] : (1) 512 ، (3) 221 ، (4) 346.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 21
الآية [44] : (1) 115 ، 116 ، 139 ، (7) 83 ، (8) 524.
الآية [45] : (1) 116 ، 446 ، (8) 227.
الآية [47] : (1) 116.
الآية [48] : (12) 230 ، (13) 23 ، (14) 256.
الآية [49] : (1) 512.
الآية [59] : (3) 350.
الآية [60] : (1) 99 ، (3) 49 ، (10) 18.
الآية [61] : (10) 118.
الآية [64] : (1) 99 ، 322 ، (2) 196 ، (6) 7 ، (8) 471 ، (9) 154.
الآية [67] : (1) 229 ، (2) 121 ، 288 ، (7) 263 ، (12) 115 ، (15) 113 ، 389.
الآية [68] : (1) 118 ، (7) 491.
الآية [69] : (1) 32 ، (5) 16 ، (8) 533 ، (11) 253.
الآية [70] : (3) 261.
الآية [72] : (2) 106 ، (7) 452.
الآية [73] : (3) 71.
الآية [75] : (3) 212.
الآية [77] : (1) 99.
الآية [82] : (1) 99.
الآية [87] : (4) 73 الآية [89] : (1) 521 ، (7) 69 ، (15) 78.
الآية [90] : (7) 415.
الآية [91] : (2) 105 ، (15) 476.
الآية [95] : (1) 477 ، (7) 27 ، (12) 307.
الآية [96] : (1) 285.
الآية [97] : (1) 512 ، (2) 413.
الآية [103] : (4) 73 ، (4) 78.
الآية [106] : (1) 512 ، (6) 224.
الآية [109] : (2) 131 ، (4) 323 ، (11) 152 ، (13) 4 ، (14) 255.
الآية [110] : (1) 187 ، 317 ، (9) 218 الآية [111] : (8) 501.
الآية [112] : (1) 368.
الآية [114] : (12) 329 ، (14) 267. الآية [116] : (2) 131 ، (3) 200 ، 372 ، (6) 101 ، 247 ، (9) 44 ، 437 ، 440 ، (10) 335 ، (11) 325 ، (14) 255 ، (15) 257.
الآية [117] : (6) 102.
الآية [118] : (5) 229 ، (10) 248 ، (15) 380.
الآية [119] : (6) 8 ، 215 ، (9) 403 ، (12) 232.
الآية [120] : (4) 73.
الآية [165] : (8) 40.
الآية [341] : (7) 134.
سورة الأنعام
الآية [1] : (1) 169 ، 190 ، (2) 14 ، (7) 394 ، (10) 291.
الآية [2] : (1) 139 ، (4) 315.
الآية [4] : (8) 32 ، (14) 217 ، 319.
الآية [6] : (4) 98 ، 315 ، 368 ، (6) 398 ، (12) 156 ، (13) 184.
الآية [7] : (10) 126 ، (15) 148.
الآية [8] : (7) 374.
الآية [9] : (7) 261 ، (8) 163.
الآية [12] : (1) 150 ، (4) 73 ، 315 ، (14) 102.
الآية [13] : (4) 73 ، (4) 132.
الآية [14] : (3) 22 ، (4) 255 ، (9) 34 ، 398 ، (12) 51 ، 239.
الآية [16] : (14) 6.
الآية [17] : (6) 149 ، (12) 234.
الآية [18] : (1) 233 ، (3) 264.
الآية [19] : (2) 22 ، (3) 167 ، (4) 210.
الآية [20] : (12) 32.
الآية [21] : (1) 362.
الآية [22] : (4) 169 ، (7) 367.
الآية [23] : (2) 450 ، (3) 34 ، (4) 356 ، (6) 334 ، (7) 370 ، (8) 449 ، (12) 339 ، (13) 4 ، 52 ، 165 ، (14) 21 ، 130 ، 227.
الآية [25] : (4) 128 ، (4) 139 ، 235 ، (10) 110 ، (13) 172.
الآية [27] : (8) 52 ، (12) 273 ، (14) 173.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 22
الآية [28] : (1) 142 ، (5) 17 ، (10) 298 ، (12) 370 ، (13) 118.
الآية [29] : (9) 158.
الآية [30] : (4) 169 ، (6) 75 ، (8) 52 ، (14) 173.
الآية [35] : (6) 178 ، (9) 172 ، (13) 15.
الآية [37] : (1) 195.
الآية [38] : (1) 8 ، 10 ، 69 ، 385 ، 436 ، (2) 331 ، 425 ، 446 ، (3) 357 ، (5) 121 ، (6) 138 ، (7) 124 ، (8) 192 ، (10) 133 ، (11) 360 ، (15) 527.
الآية [40] : (1) 197.
الآية [41] : (10) 217 ، (12) 334.
الآية [42] : (10) 54.
الآية [44] : (5) 12 ، (7) 212.
الآية [45] : (11) 334.
الآية [46] : (14) ، 234.
الآية [47] : (15) 407.
الآية [48] : (4) 53.
الآية [52] : (8) 590 ، (10) 106.
الآية [54] : (4) 64 ، (9) 409 ، (10) 44 ، (12) 37.
الآية [59] : (3) 209 ، (4) 354 ، (6) 192 ، (10) 222 ، 317 ، (11) 281.
الآية [60] : (10) 29 ، (12) 262 ، (15) 206.
الآية [61] : (1) 233 ، (2) 289 ، (3) 121 ، 264 ، (11) 124.
الآية [68] : (3) 166 ، (11) 77.
الآية [69] : (2) 339.
الآية [71] : (11) 193.
الآية [74] : (8) 38 ، (9) 338 ، (10) 91 ، (11) 234.
الآية [75] : (8) 14.
الآية [76] : (1) 92 ، (4) 196 ، (8) 472 ، (10) 96 ، (14) 46.
الآية [78] : (7) 415 ، (13) 339.
الآية [79] : (1) 382 ، (2) 104. الآية [80] : (5) 6.
الآية [82] : (1) 116.
الآية [83] : (12) 133.
الآية [84] : (6) 376.
الآية [85] : (1) 136.
الآية [86] : (12) 133.
الآية [89] : (5) 344 ، (10) 297.
الآية [90] : (1) 43 ، 374 ، (2) 189 ، (3) 322 ، (4) 257 ، (8) 126 ، (8) 133 ، (13) 191 ، (15) 488.
الآية [91] : (1) 80 ، 195 ، (4) 72 ، (4) 114 ، (14) 108.
الآية [92] : (1) 108.
الآية [93] : (1) 362 ، (2) 22.
الآية [94] : (4) 46 ، (4) 115 ، (5) 89 ، (8) 274 ، 448 ، (10) 307 ، (15) 436.
الآية [95] : (11) 275.
الآية [96] : (11) 336.
الآية [99] : (8) 519.
الآية [100] : (7) 238 ، 403.
الآية [101] : (9) 424 ، (12) 143.
الآية [102] : (1) 109 ، (4) 334 ، (14) 21.
الآية [103] : (12) 232 ، (13) 55 ، (14) 53 ، (15) 108.
الآية [104] : (6) 12.
الآية [106] : (6) 233 ، (7) 145 ، (12) 335.
الآية [107] : (12) 276.
الآية [108] : (2) 184 ، (4) 143 ، 315.
الآية [109] : (6) 88 ، (13) 25 ، (15) 192.
الآية [111] : (4) 72 ، (7) 147.
الآية [112] : (9) 165 ، (12) 134 ، (15) 526.
الآية [114] : (4) 317.
الآية [119] : (1) 440.
الآية [121] : (9) 165 ، (13) 40.
الآية [122] : (1) 263 ، (7) 414 ، (11) 342.
الآية [124] : (7) 8 ، (11) 212 ، (13) 24 ، (15) 90.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 23
الآية [125] : (13) 218 ، (15) 367.
الآية [126] : (4) 299.
الآية [130] : (11) 125.
الآية [131] : (5) 11 ، (8) 40.
الآية [135] : (6) 322.
الآية [137] : (4) 143 ، 252 ، (10) 154 ، (12) 134.
الآية [138] : (6) 134.
الآية [139] : (6) 134 ، 195 ، (7) 480 ، (11) 185.
الآيتان [143 ، 144] : (14) 309.
الآية [144] : (1) 362 ، 373 ، (12) 320 ، (7) 144 ، (13) 169.
الآية [145] : (4) 259 ، 260 ، (7) 480 ، (8) 236 ، 502.
الآية [146] : (2) 220 ، (7) 482.
الآية [148] : (7) 375 ، (8) 71 ، (12) 76.
الآية [149] : (1) 133 ، (7) 375 ، (13) 74 ، 75.
الآية [151] : (3) 12 ، (4) 72 ، (7) 57 ، (8) 74 ، (9) 87 ، (11) 107 ، (12) 359.
الآية [152] : (1) 465 ، 510 ، (2) 415 ، (4) 401 ، (6) 288 ، (9) 401 ، (10) 117.
الآية [153] : (1) 43 ، 48 ، 434 ، (2) 402 ، (4) 79 ، 315 ، (8) 341 ، (15) 292 ، 481.
الآية [154] : (1) 8 ، (7) 70 ، (12) 359.
الآية [155] : (1) 43 ، 48 ، 108 ، (2) 402 ، (4) 315 ، (11) 347 ، (15) 292 ، 481.
الآية [157] : (1) 362.
الآية [158] : (3) 32.
الآية [160] : (1) 245 ، (4) 315 ، (6) 233 ، (10) 48.
الآية [161] : (1) 369 ، (2) 413 ، (4) 26 ، (6) 100.
الآية [162] : (7) 199.
الآية [163] : (14) 109.
الآية [164] : (3) 284 ، 329 ، (4) 152 ، (5) 182 ، (15) 345. الآية [165] : (4) 315.
سورة الأعراف
الآية [1] : (2) 77.
الآية [2] : (8) 579 ، (14) 312.
الآية [3] : (4) 326 ، (6) 359.
الآية [4] : (1) 175 ، (10) 36 ، 127 ، (15) 96.
الآية [6] : (4) 315.
الآية [8] : (4) 316.
الآية [9] : (14) 102.
الآية [10] : (11) 119.
الآية [11] : (1) 310 ، (8) 389 ، (14) 257.
الآية [12] : (1) 98 ، 231 ، (4) 239 ، (8) 15 ، 560 ، (9) 87 ، (14) 192 ، (15) 222.
الآية [13] : (7) 291 ، (2) 217.
الآيتان [14 - 15] : (12) 220.
الآية [16] : (4) 414. (7) 197 ، 294 ، (11) 11 ،
(12) 220.
الآية [17] : (4) 109 ، (6) 161.
الآية [18] : (6) 358.
الآية [19] : (1) 236 ، (7) 64 ، 291 ، (11) 289.
الآية [20] : (4) 148 ، (8) 582.
الآية [23] : (1) 238 ، (8) 584.
الآية [26] : (7) 353.
الآية [27] : (12) 39.
الآية [28] : (4) 353 ، (7) 481 ، (8) 41.
الآية [29] : (4) 315 ، (15) 74.
الآية [31] : (9) 336 ، (12) 116.
الآية [32] : (15) 454.
الآية [33] : (1) 437.
الآية [34] : (4) 152 ، 175 ، (6) 284 ، (14) 262.
الآية [35] : (4) 53.
الآية [36] : (1)! 261 ، (10) 165.
الآية [37] : (1) 362 ، (2) 57 ، (2) 320.
الآية [38] : (1) 174 ، (4) 315 ، (8) 124 ، (13) 83.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 24
الآية [40] : (2) 456 ، (6) 339 ، (9) 263 ، (15) 324.
الآية [43] : (1) 96 ، (11) 278.
الآية [44] : (1) 87 ، (2) 89 ، (7) 369 ، (12) 218.
الآية [45] : (3) 215.
الآية [46] : (10) 44 ، (12) 37.
الآية [48] : (13) 171.
الآية [50] : (13) 343.
الآية [52] : (7) 413.
الآية [53] : (2) 80 ، (8) 70.
الآية [54] : (1) 77 ، 132 ، 194 ، (2) 112 ، (4) 186 ، (7) 392 ، (8) 147 ، (12) 23 ، 68 ، (12) 103 ، 229 ، (14) 21.
الآية [55] : (8) 183.
الآية [56] : (1) 391 ، (6) 286 ، (11) 267 ، (13) 27 ، 322 ، (15) 145.
الآية [57] : (11) 345.
الآية [58] : (1) 135 ، (3) 42 ، (8) 142 ، (14) 359.
الآية [59] : (9) 228.
الآية [60] : (3) 275.
الآية [62] : (7) 43.
الآية [67] : (11) 212.
الآية [69] : (2) 26 ، (4) 315 ، (9) 230.
الآية [70] : (8) 23 ، (13) 185.
الآية [73] : (1) 379 ، (12) 284 ، (15) 141 ، 363.
الآية [74] : (2) 26 ، (4) 315.
الآية [75] : (7) 173 ، (10) 205.
الآية [77] : (14) 89.
الآية [78] : (6) 290 ، 323 ، (7) 319 ، (14) 17 ، (15) 46.
الآية [80] : (10) 114.
الآية [82] : (2) 298 ، (10) 350 ، 358.
الآية [83] : (5) 4.
الآية [85] : (4) 93 ، (6) 174 ، 310 ، (10) 349. الآية [88] : (1) 355 ، 498 ، (14) 238.
الآية [89] : (7) 190 ، (8) 235.
الآية [91] : (6) 290 ، 323 ، (7) 319 ، (14) 17 ، (15) 46.
الآية [93] : (14) 88.
الآية [96] : (3) 350 ، (15) 101.
الآية [98] : (15) 372.
الآية [99] : (1) 39 ، 251 ، (6) 139 ، (10) 160.
الآية [100] : (5) 58 ، (12) 30.
الآية [102] : (3) 274.
الآية [104] : (10) 39.
الآية [105] : (10) 75.
الآية [107] : (6) 153 ، (8) 492 ، (10) 159.
الآية [108] : (8) 435.
الآية [109] : (14) 16.
الآية [113] : (1) 204 ، (8) 544.
الآية [114] : (8) 537.
الآية [115] : (6) 156.
الآية [116] : (8) 539.
الآيتان [121 - 122] : (6) 170 ، 174.
الآية [123] : (10) 79 ، (13) 90.
الآية [127] : (10) 74 ، (12) 316.
الآية [128] : (1) 50 ، (7) 190 ، (8) 384 ، 593 ، (10) 287 ، (12) 316.
الآية [129] : (9) 396.
الآية [130] : (8) 172 ، (10) 80.
الآية [131] : (3) 85 ، 86.
الآية [137] : (4) 315 ، (5) 31 ، (11) 347.
الآية [138] : (1) 368 ، (3) 347 ، (8) 293 ، (9) 57.
الآية [141] : (5) 130 ، (6) 178.
الآية [142] : (4) 340 ، (5) 63.
الآية [143] : (1) 373 ، (4) 105 ، 231 ، (8) 3 ، 525 ، (9) 396 ، (11) 348.
الآية [144] : (1) 384.
الآية [145] : (1) 8 ، (7) 70.
الآية [148] : (8) 556.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 25
الآية [150] : (8) 197.
الآية [152] : (3) 70 ، (10) 356.
الآية [155] : (3) 269 ، (6) 323 ، 409 ، (7) 319 ، (8) 493 ، (14) 256.
الآية [156] : (1) 57 ، 142 ، (4) 101 ، 315 ، (6) 285 ، (8) 108.
الآية [157] : (1) 356 ، (8) 524.
الآية [158] : (1) 43 ، (5) 260 ، (11) 318 ، (13) 217.
الآية [159] : (6) 376.
الآية [160] : (1) 271 ، 272 ، (3) 332 ، (6) 376 ، (11) 393 ، (15) 84.
الآية [161] : (1) 265 ، 268 ، 269 ، 381.
الآية [162] : (1) 268.
الآية [163] : (1) 268 ، (4) 315.
الآية [165] : (6) 354 ، (12) 344.
الآية [166] : (8) 88 ، (10) 9.
الآية [169] : (3) 50 ، (8) 384 ، (10) 167.
الآية [171] : (3) 268.
الآية [172] : (1) 83 ، (2) 242 ، 248 ، 386 ، (3) 163 ، 223 ، (4) 315 ، (7) 133 ، 139 ، 213 ، (8) 209 ، (9) 182 ، (11) 62 ، (12) 39 ، 56 ، (15) 525.
الآية [176] : (2) 365 ، (8) 488.
الآية [179] : (1) 127 ، (10) 230 ، (14) 21.
الآية [180] : (1) 83 ، (4) 111 ، (11) 72 ، (15) 315.
الآية [182] : (5) 131.
الآية [183] : (5) 131.
الآية [183] : (4) 315.
الآية [186] : (14) 312.
الآية [187] : (13) 210 ، (14) 70 ، (15) 23 ، 121 ، 239.
الآية [188] : (7) 326 ، (8) 312 ، (9) 424.
الآية [189] : (12) 366.
الآية [193] : (1) 131 ، (10) 109.
الآية [199] : (4) 315 ، (5) 147. الآية [200] : (7) 300.
الآية [202] : (1) 162.
الآية [203] : (4) 241 ، (5) 147.
الآية [204] : (8) 478.
الآية [205] : (1) 11 ، (5) 213 ، (8) 478 ، 524.
الآية [206] : (8) 136 ، (14) 351.
الآية [279] : (11) 55.
سورة الأنفال
الآية [1] : (8) 570.
الآية [2] : (5) 147 ، (7) 142.
الآية [9] : (5) 159.
الآية [10] : (12) 246.
الآية [11] : (3) 252.
الآية [13] : (3) 140.
الآية [15] : (5) 210.
الآية [16] : (4) 372.
الآية [17] : (1) 94 ، 239 ، (4) 157 ، (11) 359 ، (13) 241.
الآية [19] : (7) 190.
الآية [21] : (5) 147.
الآية [23] : (1) 142 ، (8) 99 ، (11) 127.
الآية [25] : (3) 49 ، 189 ، (7) 111 ، 410 ، (8) 43 ، (9) 260 ، (10) 115 ، (11) 379.
الآية [26] : (5) 148.
الآية [28] : (13) 119.
الآية [29] : (8) 475.
الآية [30] : (5) 147 ، 255 ، 290 ، (7) 237 ، (11) 349.
الآية [31] : (4) 128 ، 210.
الآية [32] : (5) 190 ، (7) 101 ، (8) 23 ، 102 ، 284 ، (9) 47 ، (10) 118 ، (15) 23 ، 62.
الآية [33] : (1) 149 ، (8) 588 ، (12) 165 ، (13) 167 ، (15) 389.
الآية [35] : (6) 72.
الآية [38] : (3) 19 ، (6) 368 ، (7) 186 ، (13) 189 ، (14) 355 ، (15) 79.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 26
الآية [41] : (5) 151 ، (6) 38 ، (9) 55 ، (11) 202.
الآية [42] : (2) 266.
الآية [44] : (2) 262.
الآية [46] : (5) 166.
الآية [48] : (10) 154.
الآية [49] : (9) 55.
الآية [52] : (5) 147.
الآية [55] : (7) 355 ، 410 ، (11) 352.
الآية [58] : (3) 262.
الآية [61] : (1) 424.
الآية [62] : (2) 299.
الآية [64] : (1) 229 ، (5) 147 ، (8) 524 ، (15) 113 ، 389.
الآية [65] : (1) 229 ، (5) 153.
الآية [66] : (2) 93 ، 94 ، (5) ، 170 ، (6) 449.
الآية [67] : (2) 321 ، (4) 277 ، (9) 175.
الآية [70] : (1) 229.
الآية [75] : (3) 22 ، (6) 10.
سورة التوبة
الآية [1] : (5) 236.
الآية [5] : (2) 83 ، (3) 107 ، (6) 47 ، (13) 198 ، (14) 270.
الآية [6] : (7) 404 ، (13) 64 ، (15) 509.
الآية [7] : (5) 239.
الآية [8] : (1) 251.
الآية [11] : (4) 161.
الآية [14] : (8) 139 ، (10) 142.
الآية [16] : (10) 339.
الآية [19] : (13) 206.
الآية [21] : (6) 143.
الآية [20] : (1) 422.
الآيتان [23 ، 24] : (5) 236.
الآية [25] : (6) 341 ، (8) 193.
الآية [26] : (5) 291.
الآية [27] : (1) 27. الآية [28] : (3) 228 ، (4) 16 ، (6) 359 ، (9) 342.
الآية [29] : (3) 262 ، (11) 4.
الآية [30] : (1) 330 ، 512 ، (2) 189 ، (7) 152 ، 483 ، (15) 137.
الآية [31] : (2) 187 ، (4) 62.
الآية [32] : (1) 155 ، 232 ، 299 ، (2) 157 ، (8) 524 ، (13) 76 ، (14) 77.
الآية [33] : (14) 345.
الآية [34] : (1) 94 ، 203 ، 286 ، (3) 137 ، (5) 323 ، (7) 107 ، 122 ، (10) 99 ، (11) 131 ، (15) 284 ، 501.
الآية [36] : (5) 237 ، 246 ، 249.
الآية [37] : (2) 83.
الآية [38] : (1) 196 ، (8) 211 ، (11) 239 ، (13) 93 ، (15) 473.
الآية [39] : (8) 168 ، (12) 368.
الآية [40] : (1) 90 ، 142 ، (4) 255 ، (5) 5 ، 166 ، (10) 84.
الآية [43] : (1) 86 ، (3) 373 ، (9) 175 ، (11) 177 ، (14) 342.
الآية [46] : (5) 236.
الآية [50] : (2) 256.
الآية [53] : (5) 336.
الآية [54] : (1) 196 ، (5) 343 ، (12) 351 ، (13) 36 ، الآية [55] : (1) 65.
الآية [56] : (5) 323.
الآية [60] : (2) 441 ، (9) 349.
الآية [61] : (1) 146 ، 326 ، (8) 542.
الآية [62] : (2) 190 ، (5) 201 ، (9) 164 ، (11) 202 ، (13) 59.
الآية [64] : (1) 161 ، (8) 468.
الآية [69] : (1) 166 ، (2) 33 ، (4) 302 ، (9) 313.
الآية [71] : (3) 336 ، 362 ، (8) 225.
الآية [72] : (1) 486 ، (15) 346 ،

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 27
الآية [73] : (2) 14 ، (4) 185 ، (10) 33 ، (11) 267.
الآية [77] : (1) 304.
الآية [78] : (2) 131 ، (14) 255.
الآية [80] : (14) 308.
الآية [84] : (14) 308.
الآية [89] : (5) 327.
الآية [90] : (7) 106.
الآية [91] : (3) 120 ، (5) 295.
الآيتان [95 ، 96] : (6) 42.
الآية [100] : (6) 8 ، (11) 261 ، (14) 132.
الآية [102] : (4) 326.
الآية [103] : (3) 53 ، (3) 129 ، (5) 332.
الآية [107] : (7) 464.
الآية [109] : (2) 236.
الآية [111] : (1) 372 ، (3) 118 ، (9) 154 ، (13) 251 ، (14) 65 ، 319.
الآية [112] : (1) 372 ، (14) 350.
الآية [113] : (2) 321 ، (5) 235 ، 336 ، 339 ، 342 ، (6) 110 ، (8) 418 ، 419 ، (14) 266.
الآية [114] : (1) 236 ، (6) 280 ، (8) 418.
الآية [117] : (1) 64 ، (5) 235 ، (6) 17.
الآية [118] : (5) 235.
الآية [120] : (3) 119.
الآية [121] : (3) 119.
الآية [122] : (5) 295 ، (6) 109 ، (9) 122.
الآية [123] : (2) 264 ، (10) 132 ، (14) 272.
الآية [124] : (10) 153.
الآية [125] : (5) 15 ، (6) 182.
الآية [126] : (1) 161 ، (6) 12.
الآية [128] : (1) 23 ، 27 ، 54 ، 66 ، (4) 102 ، (5) 235 ، (6) 60 ، (11) 141 ، (13) 304.
الآية [174] : (7) 464.
سورة يونس
الآية [1] : (2) 78 ، (6) 189. الآية [2] : (6) 143 ، (8) 195 ، (13) 339.
الآية [3] : (1) 109 ، 132 ، 137 ، (4) 375.
الآية [5] : (1) 168 ، (6) 371 ، (9) 354 ، (12) 103.
الآية [9] : (1) 96.
الآية [10] : (1) 47 ، 70 ، (40) 322.
الآية [12] : (4) 143 ، (6) 53 ، 55.
الآية [13] : (4) 397 ، (6) 83.
الآية [14] : (6) 83.
الآية [15] : (6) 55 ، 88 ، 109 ، 110 ، 144 ، (7) 264.
الآية [16] : (15) 46.
الآية [17] : (1) 362 ، (2) 320.
الآية [18] : (4) 62 ، (4) 118 ، (6) 231 ، (12) 316 ، (13) 185.
الآية [20] : (4) 146 ، (6) 109 ، (7) 110.
الآية [22] : (1) 429 ، (6) 55 ، (7) 276 ، (10) 218.
الآية [23] : (6) 55.
الآية [24] : (2) 253.
الآية [26] : (2) 336 ، (4) 383 ، (9) 371.
الآية [27] : (15) 99.
الآية [28] : (4) 115.
الآية [30] : (12) 163 ، (13) 202.
الآية [31] : (6) 135 ، (7) 122 ، (11) 275.
الآية [32] : (3) 179 ، (6) 104 ، (8) 341.
الآية [34] : (1) 136.
الآية [37] : (2) 299 ، (9) 388 ، (11) 244.
الآية [38] : (1) 197 ، (6) 55.
الآية [41] : (6) 155 ، 144.
الآية [42] : (4) 118.
الآية [43] : (4) 118.
الآية [48] : (14) 24 ، (15) 238.
الآية [49] : (2) 290 ، 291 ، (10) 40.
الآية [53] : (6) 213.
الآية [54] : (3) 298.
الآية [57] : (8) 139.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 28
الآية [58] : (1) 252 ، (8) 88.
الآية [61] : (13) 83.
الآية [52] : (7) 489 ، (13) 169.
الآية [58] : (13) 250.
الآية [62] : (7) 492 ، (10) 7 ، (13) 167.
الآية [65] : (5) 292.
الآية [67] : (4) 220 ، (6) 445 ، (10) 26 ، (12) 342.
الآية [68] : (12) 228.
الآية [70] : (4) 133.
الآية [72] : (12) 239.
الآية [78] : (6) 176 ، (10) 21.
الآية [85] : (13) 121.
الآية [88] : (3) 167 ، (5) 110 ، 229 ، (7) 266 ، (8) 442 ، (13) 121.
الآية [90] : (12) 138.
الآية [91] : (12) 138.
الآية [92] : (8) 548.
الآية [94] : (4) 317.
الآية [96] : (11) 127 ، 386.
الآية [97] : (7) 266.
الآية [98] : (4) 143 ، (7) 307 ، (9) 24.
الآية [99] : (1) 281.
الآية [101] : (5) 340.
الآية [104] : (12) 239.
الآية [105] : (4) 255 ، (9) 398 ، (12) 51.
الآية [107] : (4) 107 ، (11) 339.
الآية [108] : (3) 337.
الآية [126] : (6) 55.
سورة هود
الآية [1] : (2) 80 ، (4) 161 ، (6) 189.
الآية [2] : (9) 227.
الآية [11] : (367).
الآية [6] : (1) 120 ، 436 ، (11) 324 ، 339.
الآية [7] : (6) 79 ، (15) 7.
الآية [12] : (1) 188 ، (4) 317 ، (6) 189 ، 191 ، 272 ، 342.
الآية [13] : (6) 231.
الآية [15] : (6) 191 ، (8) 44.
الآية [16] : (15) 437.
الآية [17] : (1) 143 ، (6) 189.
الآية [18] : (6) 191.
الآية [19] : (1) 330 ، (3) 215 ، (6) 358.
الآية [22] : (7) 474.
الآية [24] : (1) 137.
الآية [25] : (6) 278.
الآية [27] : (1) 496 ، (4) 151.
الآية [29] : (1) 435 ، (6) 319.
الآية [30] : (1) 137.
الآية [32] : (7) 190 ، (13) 185.
الآية [34] : (6) 240 ، (8) 156.
الآية [36] : (2) 22 ، (9) 228 ، (15) 89.
الآية [37] : (6) 260.
الآية [38] : (3) 330.
الآية [40] : (3) 341 ، (9) 229 ، (12) 342.
الآية [41] : (8) 316 ، 387 ، (10) 190 ، (13) 68.
الآية [43] : (7) 48 ، (9) 229.
الآية [44] : (1) 258 ، (8) 471 ، (12) 19.
الآية [45] : (5) 329 ، (10) 36 ، (14) 80.
الآية [46] : (4) 132 ، (5) 329 ، (6) 307 ، (13) 317.
الآية [48] : (6) 343.
الآية [49] : (7) 61.
الآية [50] : (4) 393 ، (6) 290.
الآية [51] : (4) 393.
الآية [52] : (3) 243.
الآية [53] : (5) 205 ، (14) 7.
الآية [54] : (4) 193.
الآية [55] : (5) 136.
الآية [58] : (3) 58 ، (9) 275 ، (11) 152.
الآية [60] : (10) 142.
الآية [61] : (6) 290 ، 310.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 29
الآية [62] : (6) 314.
الآية [63] : (15) 21.
الآية [64] : (1) 379 ، (12) 284 ، (15) 141.
الآية [65] : (6) 323 ، (10) 206 ، (14) 17.
الآية [66] : (10) 46.
الآية [67] : (15) 46.
الآية [70] : (6) 290.
الآية [71] : (6) 290 ، 362 ، (12) 128 ، (15) 501.
الآية [72] : (3) 348 ، (8) 489 ، (12) 196 ، (13) 140.
الآية [73] : (6) 362 ، (11) 194.
الآية [74] : (6) 290.
الآية [78] : (6) 382 ، (11) 211.
الآية [80] : (7) 311 ، (10) 360.
الآية [81] : (6) 323 ، (10) 360.
الآية [83] : (7) 317.
الآية [84] : (3) 248 ، (6) 290 ، (10) 349.
الآيتان [84 ، 85] : (4) 413.
الآية [86] : (6) 12.
الآية [87] : (1) 326 ، (6) 322.
الآية [88] : (1) 141 ، (9) 179.
الآية [89] : (8) 488 ، (11) 341.
الآية [90] : (11) 367.
الآية [91] : (1) 435.
الآية [94] : (5) 7 ، 8 ، (10) 362.
الآية [97] : (1) 213.
الآية [98] : (6) 174 ، (8) 437 ، (10) 243.
الآية [101] : (2) 13 ، (6) 120.
الآية [103] : (15) 296.
الآية [105] : (6) 357.
الآية [106] : (15) 12.
الآيتان [107 ، 108] : (7) 291.
الآية [107] : (3) 305 ، (5) 303 ، (11) 281 ، (13) 164 ، (15) 318.
الآية [110] : (1) 194.
الآية [112] : (1) 433 ، (9) 363 ، (11) 40. الآية [114] : (1) 437 ، (2) 379 ، (6) 189 ، (10) 183.
الآية [115] : (7) 492.
الآية [117] : (5) 188.
الآيتان [118 ، 119] : (14) 22.
الآية [119] : (10) 307.
الآية [121] : (6) 191 ، 190.
الآية [123] : (6) 221.
سورة يوسف
الآية [2] : (1) 34 ، (8) 70.
الآية [3] : (15) 381.
الآية [4] : (1) 81 ، 426 ، (7) 56 ، (10) 60 ، (12) 14.
الآية [5] : (7) 28.
الآية [6] : (6) 393.
الآية [7] : (6) 362.
الآية [8] : (13) 266.
الآية [9] : (15) 440.
الآية [13] : (1) 240 ، (7) 58.
الآية [14] : (13) 266.
الآية [15] : 167.
الآية [17] : (2) 211 ، (5) 316 ، (8) 542.
الآية [18] : (9) 310.
الآية [20] : (8) 450.
الآية [21] : (8) 224.
الآية [22] : (6) 381 ، (11) 51.
الآية [23] : (1) 81 (3) 324 ، (6) 58 ، (6) 154 ، 448 ، (8) 395 ، 582 (10) 201 ، (13) 177 ، (15) 14.
الآية [24] : (8) 395.
الآية [25] : (6) 424.
الآية [26] : (6) 450.
الآية [27] : (2) 330.
الآية [29] : (1) 202 ، 250 ، (12) 39 ، (14) 330.
الآية [30] : (13) 318.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 30
الآية [31] : (3) 299 ، (7) 460 ، (9) 340 ، (12) 93.
الآية [32] : (1) 108 ، (6) 409.
الآية [33] : (8) 395 ، (9) 435.
الآية [34] : (6) 427 ، (10) 300 ، (14) 7.
الآية [35] : (1) 167 ، (4) 213.
الآية [36] : (11) 350 ، (12) 173 ، (13) 241.
الآية [37] : (1) 330 ، (6) 399.
الآية [39] : (4) 111 ، (5) 291 ، (6) 416 ، (7) 80.
الآية [40] : (1) 55 ، (14) 57.
الآية [6] : (11) 90 ، (14) 348 ، (15) 526.
الآية [41] : (11) 186 ، (15) 510.
الآية [42] : (7) 5.
الآية [43] : (5) 68.
الآية [45] : (2) 237.
الآية [47] : (5) 281.
الآية [50] : (1) 81.
الآية [51] : (6) 407 ، 422.
الآية [52] : (1) 118 ، (4) 386 ، (5) 275 ، (6) 427 ، (7) 196.
الآية [53] : (11) 256.
الآية [56] : (7) 59.
الآية [63] : (14) 153.
الآية [64] : (3) 83.
الآية [65] : (7) 11.
الآية [75] : (1) 360.
الآية [76] : (2) 453 ، (7) 24.
الآية [77] : (1) 11 ، (5) 5 ، (12) 218 ، 234.
الآية [478] : (1) 384.
الآية [82] : (11) 48.
الآية [83] : (6) 393.
الآية [85] : (15) 379.
الآية [86] : (6) 393.
الآية [87] : (5) 13 ، (7) 306 ، (14) 159 ، (15) 418.
الآية [89] : (2) 447. الآية [90] : (7) 492.
الآية [92] : (13) 51.
الآية [93] : (8) 565.
الآية [94] : (6) 192 ، (12) 348.
الآية [95] : (10) 69.
الآية [96] : (4) 402 ، (7) 39.
الآية [97] : (7) 49.
الآية [98] : (3) 57.
الآية [54] : (13) 276.
الآية [99] : (13) 274.
الآية [100] : (1) 81 ، 308 ، (4) 374 ، (6) 77 ، 374 ، (7) 65.
الآية [101] : (7) 484 ، (9) 34.
الآية [102] : (7) 82.
الآية [103] : (3) 71 ، (7) 64 ، (9) 252 ، (10) 89.
الآية [104] : (12) 48 ، (13) 33.
الآية [105] : (6) 381 ، (7) 80.
الآية [106] : (1) 115 ، (2) 206 ، (4) 196.
الآية [107] : (12) 30.
الآية [108] : (2) 373 ، (8) 341 ، (13) 194.
الآية [109] : (1) 145 ، (6) 60.
الآية [111] : (1) 8 ، (4) 302.
الآية [113] : (8) 105.
سورة الرعد
الآية [1] : (2) 78 ، (7) 147 ، 251.
الآية [2] : (1) 132.
الآية [3] : (1) 218 ، (12) 112 ، (12) 23.
الآية [4] : (4) 225.
الآية [6] : (3) 51 ، (7) 111 ، 222.
الآية [8] : (7) 80.
الآية [10] : (8) 297.
الآية [11] : (1) 198 ، (2) 133 ، (4) 166 ، (13) 331 ، (15) 270 ، 307.
الآية [12] : (3) 301 ، (15) 180.
الآية [13] : (7) 80 ، (8) 539.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 31
الآية [14] : (7) 147.
الآية [15] : (2) 249 ، (5) 127 ، 213 ، (7) 393.
الآية [16] : (3) 118 ، (4) 334 ، (6) 106 ، (13) 143 ، (14) 8 ، 21 ، 254 ، (15) 21.
الآية [17] : (7) 147.
الآية [19] : (7) 147 ، (7) 151 ، (8) 525 ، (11) 342.
الآيتان [23 ، 24] : (6) 72 ، (11) 256.
الآية [24] : (2) 381 ، (7) 174 ، (10) 44.
الآيتان [23 ، 24] : (3) 319 ، (12) 37.
الآية [24] : (12) 37 ، (15) 192.
الآية [25] : (6) 262 ، 329 ، (14) 92.
الآية [26] : (5) 8 ، 127.
الآية [27] : (7) 172.
الآية [28] : (1) 89 ، (5) 155 ، (13) 246.
الآية [30] : (7) 169 ، (8) 162 ، (9) 231.
الآية [31] : (6) 304 ، (7) 80 ، 238 ، (8) 162.
الآية [32] : (7) 169.
الآية [33] : (1) 141 ، (2) 205 ، 453 ، (4) 244 ، (5) 294 ، (8) 479 ، (14) 114.
الآية [35] : (1) 165.
الآية [39] : (7) 80 ، 345 ، (11) 392 ، (13) 330.
الآية [40] : (12) 340.
الآية [42] : (10) 287.
الآية [43] : (7) 169 ، (11) 385.
سورة إبراهيم
الآية [3] : (3) 215.
الآية [4] : (1) 22 ، (7) 158.
الآية [5] : (1) 255.
الآية [6] : (6) 311.
الآية [7] : (8) 524 ، (10) 109.
الآية [9] : (7) 144 ، 169 ، (10) 334.
الآية [10] : (9) 34 ، (12) 298.
الآية [10] : (8) 38 ، (9) 22 ، (15) 79.
الآية [13] : (1) 355 ، (14) 238. الآية [17] : (1) 263.
الآية [18] : (15) 437 ، 445.
الآية [19] : (13) 236.
الآية [21] : (7) 327.
الآية [22] : (1) 143 ، (2) 48 ، (7) 295 ، 444 ، 466 ، (8) 387 ، (12) 303 ، (13) 335 ، 336.
الآيتان [24 - 25] : (9) 363.
الآية [24] : (7) 169.
الآية [25] : (2) 36.
الآية [26] : (8) 101.
الآية [28] : (7) 169 ، 216.
الآية [31] : (11) 265 ، (14) 284.
الآية [33] : (12) 68.
الآية [34] : (1) 96 ، (4) 233 ، (7) 169 ، (11) 353 ، (2) 235 ، (13) 52 ، (15) 248.
الآية [35] : (1) 373 ، 379 ، (10) 115 ، (15) 473.
الآية [36] : (4) 67 ، (5) 229 ، 337 ، (15) 87 ، 380.
الآية [37] : (1) 379 ، (4) 185 ، (14) 151 ، (15) 473.
الآية [39] : (2) 140.
الآية [41] : (4) 185.
الآية [43] : (10) 259.
الآية [44] : (4) 365 ، (9) 267.
الآية [45] : (2) 26 ، (6) 428 ، (11) 392.
الآية [46] : (13) 29.
الآية [47] : (6) 239.
الآية [48] : (6) 336 ، (10) 244 ، (15) 213.
الآية [50] : (3) 58 ، (15) 324.
سورة الحجر
الآية [1] : (7) 322.
الآية [2] : (15) 261.
الآية [3] : (4) 176 ، 354 ، (7) 262.
الآية [8] : (8) 229 ، 232.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 32
الآية [5] : (14) 186 ، 217 ، (14) 319.
الآية [6] : (4) 354 ، (8) 564.
الآية [6] : (3) 185 ، (7) 330.
الآية [7] : (4) 248.
الآية [9] : (3) 320 ، (4) 256 ، (7) 141 ، (9) 173 ، (15) 304.
الآية [11] : (9) 164.
الآية [21] : (1) 191 ، (4) 162 ، (12) 114.
الآية [24] : (7) 249.
الآيات [26 - 27 - 33] : (12) 74.
الآية [28] : (1) 233.
الآية [29] : (1) 234 ، (4) 327 ، 329 ، (8) 149 ، 150.
الآية [30] : (1) 233 ، (6) 345.
الآية [31] : (8) 579.
الآية [32] : (4) 329.
الآية [34] : (4) 88 ، 330 ، (8) 105 ، 584.
الآية [36] : (4) 333.
الآية [39] : (2) 132 ، (8) 104 ، (11) 386 ، (12) 145 ، 215.
الآية [40] : (2) 132.
الآية [42] : (1) 437 ، (9) 169.
الآية [44] : (1) 39.
الآية [46] : (12) 90 ، (13) 343.
الآية [47] : (3) 75 ، (4) 6 ، (6) 99 ، (12) 312.
الآية [48] : (1) 234 ، (8) 424.
الآية [49] : (1) 39 ، (6) 293 ، (8) 144 ، (11) 390.
الآية [51] : (1) 118 ، (6) 293.
الآية [52] : (6) 292 ، 294.
الآية [53] : (2) 140 ، (6) 292 ، 293.
الآية [57] : (6) 301 ، (8) 562.
الآية [58] : (6) 293.
الآيتان [58 - 59] : (6) 293.
الآية [59 ، 60] : (6) 307.
الآية [60] : (10) 214.
الآية [65] : (8) 552 ، (14) 15. الآية [66] : (10) 263 ، (13) 278.
الآية [72] : (5) 243.
الآية [74] : (4) 409.
الآية [78] : (10) 116.
الآية [81] : (7) 325.
الآيتان [87 - 88] : (8) 488.
الآية [87] : (1) 10 ، 35 ، 42 ، (7) 249 ، (15) 480.
الآية [88] : (1) 35 ، (8) 463.
الآيتان [90 ، 91] : (7) 249.
الآية [90] : (6) 196 ، (13) 170.
الآية [92] : (7) 334 ، (10) 326 ، (14) 113.
الآية [94] : (3) 363.
الآية [95] : (3) 338.
الآيتان [97 ، 98] : (15) 183.
الآية [98] : (8) 189.
الآية [99] : (7) 334.
سورة النحل
الآية [1] : (6) 215 ، (8) 41 ، (10) ، 9 ، 232 ، (14) 24 ، 216.
الآية [2] : (12) 308.
الآية [8] : (1) 82 ، 143 ، (2) 262 ، (5) 163 ، (6) 254 ، (7) 224 ، (8) 316 ، (11) 15 ، (12) ، 10 ، (13) 40 ، 67.
الآية [9] : (1) 141 ، 179 ، (9) 228 ، (15) 368.
الآية [10] : (14) 15.
الآية [12] : (3) 334 ، (12) 68 ، الآية [14] : (11) 353.
الآية [15] : (7) 274 ، (13) 326.
الآية [17] : (2) 131 ، (7) 151 ، 216 ، (10) 216.
الآية [18] : (1) 96 ، (4) 233 ، (7) 169 ، 216 ، (11) 353.
الآية [20] : (4) 105.
الآية [24] : (13) 8.
الآية [25] : (3) 375 ، (8) 34.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 33
الآية [26] : (7) 375 ، (12) 176.
الآية [27] : (13) 343.
الآية [28] : (5) 97 ، (11) 124.
الآية [30] : (7) 364 ، (10) 91.
الآية [32] : (5) 97.
الآية [33] : (1) 135 ، 142 ، (11) 388.
الآية [35] : (4) 293.
الآية [36] : (4) 98 ، (11) 117.
الآية [37] : (8) 95.
الآية [38] : (6) 83 ، (13) 25 ، (14) 144.
الآية [39] : (7) 413.
الآية [40] : (1) 180 ، (4) 112 ، (5) 87 ، (12) 55.
الآية [43] : (1) 438 ، (6) 60 ، (15) 138 ، 244.
الآية [44] : (2) 84 ، (7) 413 ، (8) 472 ، (14) 99.
الآية [48] : (7) 120.
الآية [49] : (11) 96.
الآية [51] : (8) 41 ، (11) 11 ، (12) 307.
الآية [53] : (1) 305 ، (2) 329 ، (4) 142 ، (6) 184 ، (7) 413 ، (9) 391 ، (11) 341 ، (14) 291 ، 332.
الآية [57].
الآية [58] : (13) 53.
الآية [60] : (1) 165.
الآية [64] : (7) 467.
الآية [66] : (14) 236.
الآية [68] : (5) 39 ، (8) 501 ، (13) 56 ، (15) 435.
الآية [69] : (2) 410 ، (7) 468 ، (8) 3 ، 139.
الآية [70] : (15) 396.
الآية [72] : (2) 392 ، (5) 129 ، (7) 436.
الآية [73] : (6) 84.
الآية [77] : (12) 139 ، (14) 94.
الآية [81] : (1) 113 ، 209 ، (3) 227 ، 312 ، (4) 104 ، (4) 113 ، (7) 97 ، (10) 207 ، (15) 320. الآية [85] : (7) 462 ، (15) 437.
الآية [86] : (7) 370 ، (8) 449.
الآية [87] : (1) 137.
الآية [88] : (15) 437.
الآية [89] : (1) 385 ، (2) 446 ، 447 ، (3) 357 ، (8) 30 ، (11) 73.
الآية [90] : (10) 367.
الآية [92] : (1) 25.
الآية [95] : (7) 332.
الآيتان [96 ، 97] : (7) 332.
الآية [97] : (8) 525.
الآية [98] : (3) 376 (6) 244 ، 401 ، (13) 242.
الآية [99] : (9) 169.
الآية [100] : (4) 296.
الآية [102] : (1) 316.
الآية [103] : (4) 235 ، (10) 293.
الآية [106] : (1) 99 ، 114 ، (2) 5 ، 235.
الآية [108] : (8) 85.
الآية [110] : (10) 340.
الآية [111] : (6) 334.
الآية [112] : (3) 80 ، (12) 362 ، (15) 340.
الآية [113] : (6) 60.
الآية [115] : (4) 488 ، (9) 165.
الآية [116] : (15) 409.
الآية [117] : (13) 192.
الآية [118] : (2) 13 ، (9) 28 ، (12) 227.
الآية [120] : (2) 237 ، (6) 271 ، (10) 41.
الآية [122] : (9) 245.
الآية [123] : (1) 375 ، (2) 189 ، (4) 241 ، (6) 100 ، (7) 64 ، (13) 22.
الآية [124] : (6) 386 ، (8) 3 ، (15) 151 ، 378.
الآية [125] : (1) 76 ، (2) 104 ، 373 ، (4) 185 ، (12) 296.
الآية [126] : (6) 250.
الآية [127] : (7) 340 ، (13) 246.
الآية [128] : (1) 142.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 34
سورة الإسراء
الآية [1] : 91 ، 480 ، (5) 291 ، (8) 525 ، (11) 348.
الآية [6] : (3) 371.
الآية [7] : (1) 217 ، (2) 426 ، (9) 57.
الآية [9] : (1) 94 ، (2) 370 ، (8) 15 ، 244.
الآية [11] : (1) 83 ، (5) 144 ، (13) 34 ، (14) 348.
الآية [12] : (1) 10 ، (7) 160.
الآية [13] : (4) 136 ، (11) 134 ، (14) 28.
الآية [14] : (1) 118 ، (8) 116 ، (15) 159.
الآية [15] : (3) 284 ، 329 ، (4) 112 ، 273 ، (5) 16 ، 182 ، (6) 152 ، (7) 478 ، (15) 259 ، 345.
الآية [18] : (2) 292 ، (6) 225.
الآية [19] : (6) 433 ، (10) 268 ، (11) 397.
الآية [22] : (8) 74.
الآية [23] : (2) 158 ، (3) 214 ، (7) 57 ، (9) 269 ، 293.
الآية [26] : (8) 403.
الآية [29] : (11) 389.
الآية [31] : (4) 297.
الآية [32] : (5) 169 ، (6) 405 ، (8) 3 ، (9) 214.
الآية [33] : (8) 3 ، (10) 142.
الآية [34] : (1) 465 ، 510 ، (4) 401.
الآية [37] : (8) 502.
الآية [38] : (4) 279 ، (11) 69.
الآية [40] : (11) 339.
الآية [42] : (1) 381.
الآية [44] : (1) 72 ، (4) 21 ، (4) 139 ، (5) 44 ، (8) 455 ، (9) 36.
الآية [45] : (1) 113 ، 218.
الآية [47] : (14) 217.
الآية [48] : (9) 442.
الآية [49] : (14) 146. الآية [50] : (8) 99.
الآية [51] : (8) 114 ، (9) 4.
الآية [57] : (6) 145 ، (8) 3 ، 79.
الآية [59] : (1) 111 ، (7) 149 ، (12) 366.
الآية [60] : (1) 111 ، (8) 3 ، 9 ، (13) 167.
الآية [62] : (1) 230 ، (4) 282 ، (7) 293.
الآية [63] : (12) 371.
الآية [64] : (14) 118.
الآية [65] : (1) 437 ، (9) 169.
الآية [66] : (8) 118.
الآية [67] : (6) 6 ، 174 ، (7) 117 ، (9) 8.
الآية [69] : (13) 45.
الآية [70] : (1) 256.
الآية [71] : (1) 272 ، (15) 212.
الآية [72] : (9) 160.
الآية [73] : (8) 3.
الآيتان [74 - 75] : (8) 75.
الآية [74] : (6) 345.
الآية [76] : (8) 3 ، (11) 160 ، (12) 265.
الآية [77] : (5) 192.
الآية [78] : (1) 38 ، 526 ، (5) 44 ، (8) 3.
الآية [79] : (1) 65 ، 71 ، (8) 4 ، 453 ، (11) 279 ، (15) 124 ، 295 ، 374.
الآية [80] : (8) 3.
الآية [81] : (6) 399 ، (14) 23.
الآية [82] : (1) 113 ، (7) 99 ، (8) 4.
الآية [84] : (12) 227.
الآية [85] : (6) 165 ، (7) 285 ، 337 ، (8) 189 ، 372 ، 571 ، (11) 64 ، 99 ، (12) 56 ، (14) 157.
الآية [86] : (1) 350 ، (15) 318.
الآية [88] : (1) 30 ، (8) 176.
الآية [90] : (1) 367 ، (8) 171 ، 542.
الآية [92] : (4) 248 ، 265 ، 92.
الآية [93] : (15) 148.
الآية [94] : (1) 29 ، 31 ، (6) 59 ، (8) 285.
الآية [95] : (1) 195 ، (6) 59.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 35
الآية [97] : (1) 172 ، (8) 586 ، (9) 92 ، (11) 389.
الآية [98] : (14) 146.
الآية [100] : (1) 179 ، (3) 217.
الآية [102] : (8) 515 ، (10) 39 ، 73.
الآية [104] : (5) 80 ، (8) 189.
الآية [107] : (8) 3 ، (12) 124.
الآية [109] : (6) 74 ، (12) 124.
الآية [110] : (1) 41 ، 65 ، 67 ، 184 ، (10) 190.
سورة الكهف
الآية [1] : (2) 83.
الآيتان [1 - 2] : (6) 184.
الآية [2] : (2) 341 ، (6) 192.
الآية [5] : (1) 231 ، (8) 411 ، (10) 5 ، (11) 268 ، (13) 228.
الآية [6] : (5) 86 ، (8) 466 ، 467 ، (15) 319.
الآية [7] : (12) 111.
الآية [8] : (8) 189.
الآية [9] : (10) 332.
الآية [11] : (8) 215 ، 239.
الآية [12] : (9) 6.
الآية [15] : (2) 320.
الآية [16] : (1) 118.
الآية [18] : (4) 215.
الآية [19] : (6) 48 ، 213 ، (8) 203.
الآية [22] : (14) 350.
الآية [23 ، 24] : (1) 180.
الآية [23] : (4) 112.
الآية [28] : (4) 133 ، (4) 150 ، (8) 189 ، 590.
الآية [29] : (2) 14 ، (5) 312 ، (7) 192 ، (14) 113 ، 178 ، (15) 146.
الآية [30] : (1) 280.
الآية [31] : (15) 180.
الآية [32] : (11) 300.
الآية [34] : (5) 291 ، (15) 92. الآية [35] : (8) 269.
الآية [39] : (6) 325.
الآية [42] : (5) 62 ، (6) 310 ، (8) 101.
الآية [43] : (8) 443.
الآية [46] : (8) 198 ، (4) 311.
الآية [47] : (10) 236 ، 244.
الآية [49] : (2) 10 ، 421 ، (4) 166 ، (6) 352 ، (8) 517 ، (11) 378 ، (14) 255 ، (15) 261.
الآية [50] : (7) 290 ، (8) 318.
الآية [53] : (8) 586.
الآية [54] : (2) 243.
الآية [55] : (1) 29 ، 31.
الآية [57] : (1) 362 ، (2) 349 ، (8) 85.
الآية [58] : (3) 51.
الآية [60] : (8) 211.
الآية [63] : (2) 20 ، (4) 141 ، (13) 163.
الآية [65] : (3) 33 ، (8) 475.
الآية [69] : (1) 91 ، (12) 124.
الآية [71] : (4) 228 ، (6) 254.
الآية [77] : (3) 300 ، (9) 129 ، (11) 131.
الآية [78] : (6) 58 ، (8) 303 ، (9) 84.
الآية [79] : (5) 311 ، (10) 95.
الآية [81] : (2) 398 ، (9) 208.
الآية [82] : (4) 403 ، (10) 95.
الآية [84] : (4) 90.
الآية [86] : (7) 272.
الآية [88] : (1) 330.
الآية [96] : (9) 382.
الآية [98] : (8) 189.
الآية [99] : (2) 272 ، (8) 360 ، (14) 336.
الآية [104] : (4) 118 ، 293.
الآية [105] : (4) 326 ، (9) 53.
الآية [107] : (8) 189.
الآية [108] : (5) 326.
الآية [109] : (10) 79.
الآية [110] : (9) 427 ، (10) 160 ، (12) 309 ،

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 36
(13) 22 ، (14) 19.
سورة مريم
الآية [1] : (13) 12.
الآية [3] : (4) 378.
الآية [4] : (2) 140 ، (7) 225 ، 228 ، (8) 579 ، (13) 240.
الآية [5] : (7) 368.
الآية [6] : (2) 427.
الآية [7] : (2) 140 ، 143 ، (6) 292 ، 296.
الآية [8] : (2) 21.
الآية [9] : (1) 180 ، (4) 111 ، (4) 112 ، (11) 38.
الآية [10] : (2) 145.
الآية [11] : (13) 56.
الآية [12] : (10) 296 ، (13) 176.
الآية [16] : (1) 410 ، (8) 379.
الآية [17] : (3) 201 ، (9) 84 ، 237.
الآية [18] : (14) 359.
الآيتان [18 ، 19] : (7) 306.
الآية [19] : (7) 306 ، (8) 319 ، 431.
الآية [20] : (2) 21 ، (9) 84.
الآية [21] : (11) 38 ، (13) 44.
الآية [23] : (2) 97.
الآية [25] : (7) 407.
الآية [26] : (9) 237.
الآية [27] : (7) 366.
الآية [28] : (4) 381 ، (6) 7 ، (15) 336.
الآية [30] : (1) 39 ، (2) 156 ، (13) 176.
الآية [31] : (6) 30.
الآية [33] : (6) 156.
الآية [35] : (2) 321 ، (9) 438.
الآية [38] : (8) 586.
الآية [42] : (8) 419.
الآية [43] : (1) 94.
الآية [44] : (9) 91.
الآية [46] : (6) 319 ، (14) 265 ، (15) 87. الآية [47] : (5) 124 ، (6) 34 ، (10) 44 ، (14) 265.
الآية [48] : (6) 72 ، (15) 187.
الآية [51] : (5) 75.
الآية [52] : (1) 18.
الآية [53] : (5) 64 ، (10) 18 ، (12) 122.
الآية [54] : (5) 75 ، (6) 52 ، (11) 327 ، (12) 128.
الآية [57] : (2) 4.
الآية [59] : (6) 348.
الآية [61] : (5) 326.
الآية [62] : (14) 139.
الآية [63] : (1) 109.
الآية [64] : (6) 35 ، (15) 377.
الآية [65] : (8) 385.
الآية [66] : (5) 132 ، (8) 317.
الآية [68] : (7) 240.
الآية [69] : (6) 213 ، (15) 6.
الآية [70] : (8) 387.
الآية [71] : (1) 381 ، (2) 373 ، (8) 377 ، 424 ، (11) 126 ، (13) 261 ، (14) 343.
الآية [72] : (13) 261.
الآية [73] : (15) 6.
الآية [78] : (5) 17.
الآية [80] : (4) 65 ، (14) 202.
الآية [81] : (8) 446 ، (11) 346.
الآية [82] : (6) 149 ، (8) 327.
الآية [83] : (9) 143.
الآية [85] : (4) 126 ، (12) 287.
الآية [86] : (8) 570.
الآية [90] : (11) 49.
الآية [93] : (14) 21.
الآية [95] : (1) 88.
الآية [98] : (15) 509.
سورة طه
الآية [2] : (1) 332.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 37
الآية [5] : (1) 65 ، 142 ، (2) 86 ، (4) 109 ، 374 ، (12) 355.
الآية [6] : (1) 59.
الآية [11] : (10) 283.
الآيتان [12 - 13] : (10) 64.
الآية [12] : (8) 471 ، 496.
الآية [13] : (8) 506.
الآية [14] : (8) 227 ، 480 ، (10) 367.
الآية [15] : (8) 455.
الآية [17] : (1) 178 ، 271 ، (8) 540.
الآية [18] : (4) 113 ، (5) 38 ، (11) 288.
الآية [20] : (3) 327.
الآية [21] : (5) 260 ، (8) 176.
الآية [24] : (8) 507.
الآية [25] : (7) 238.
الآية [26] : (13) 243 ، (15) 319.
الآيتان [29 - 30] : (8) 422.
الآية [36] : (8) 497 ، 510 ، (13) 243.
الآية [39] : (6) 175 ، (7) 358 ، (8) 392.
الآية [41] : (4) 64.
الآية [42] : (15) 230.
الآية [44] : (1) 188 ، (6) 174 ، (8) 176 ، 576 ، (13) 189 ، (15) 230.
الآية [45] : (8) 176 ، (11) 208.
الآية [46] : (5) 292 ، (10) 66.
الآية [47] : (8) 409.
الآية [49] : (6) 327.
الآية [50] : (1) 133 ، 135 ، (2) 371 ، (4) 256 ، (6) 120 ، (11) 121 ، (12) 227.
الآية [51] : (2) 327.
الآيتان [52 - 53] : (4) 64.
الآية [52] : (13) 66.
الآية [53] : (5) 41 ، (13) 66.
الآية [54] : (7) 350.
الآية [55] : (4) 347 ، (8) 154.
الآية [56] : (15) 231.
الآية [57] : (8) 534. الآية [59] : (15) 372.
الآية [60] : (15) 231.
الآية [63] : (1) 32.
الآية [65] : (10) 77.
الآية [66] : (5) 26.
الآية [68] : (8) 176.
الآية [69] : (10) 79.
الآية [71] : (1) 337 ، (11) 387.
الآية [73] : (4) 110 ، (8) 540.
الآية [74] : (7) 31.
الآية [78] : (8) 501 ، 540 ، (14) 7 ، 48.
الآية [81] : (1) 236.
الآية [82] : (4) 383.
الآية [83] : (5) 70.
الآية [85] : (5) 70.
الآية [87] : (5) 60.
الآية [88] : (8) 583.
الآية [90] : (5) 64.
الآية [91] : (8) 566.
الآية [93] : (14) 351.
الآية [94] : (5) 64.
الآية [98] : (8) 480.
الآية [99] : (8) 576 ، 578.
الآية [103] : (1) 542.
الآية [104] : (1) 542.
الآية [105] : (10) 244 ، (15) 213.
الآية [107] : (2) 232 ، (15) 267.
الآية [108] : (10) 244 ، (15) 213.
الآية [110] : (8) 477.
الآية [111] : (2) 72.
الآية [112] : (1) 115.
الآية [113] : (1) 34 ، (8) 105.
الآية [114] : (6) 165 ، (7) 329 ، (8) 475 ، (13) 28.
الآية [115] : (1) 146 ، 236 ، 485 ، (4) 341.
الآيتان [118 - 119] : (6) 235.
الآية [117] : (4) 341.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 38
الآية [118] : (4) 107.
الآية [120] : (4) 340.
الآية [121] : (7) 74.
الآية [123] : (1) 237.
الآية [123] : (4) 342 ، (15) 237.
الآية [124] : (8) 118.
الآية [125] : (11) 389.
الآية [126] : (8) 584.
الآية [128] : (6) 428.
الآية [130] : (8) 463.
الآية [131] : (1) 35 ، (8) 463.
الآية [132] : (6) 353 ، (8) 422.
الآية [134] : (1) 133 ، 141 ، (3) 193 ، (4) 273 ، (8) 40.
سورة الأنبياء
الآية [1] : (6) 215 ، (7) 335 ، (8) 496.
الآية [3] : (14) 67.
الآية [5] : (1) 367 ، (9) 55 ، (14) 41.
الآية [6] : (8) 32.
الآية [7] : (2) 149 ، (6) 60 ، (9) 55 ، (15) 138 ، 244.
الآية [9] : (9) 55.
الآية [10] : (9) 422.
الآية [16] : (12) 180 ، (15) 503.
الآيتان [19 - 20] : (1) 340 ، (14) 351.
الآية [20] : (3) 190.
الآية [22] : (1) 179 ، 290 ، 310 ، (4) 94 ، (8) 79 ، (9) 252 ، (11) 49 ، (12) 63 ، 102 ، (13) 77 ، 104 ، (15) 503.
الآية [23] : (1) 136 ، (2) 111 ، (8) 571 ، (10) 364.
الآية [26] : (9) 11 ، (14) 12.
الآيتان [28 ، 29] : (7) 397.
الآية [30] : (1) 257 ، (9) 385 ، (12) 360 ، (15) 235.
الآية [33] : (2) 464 (15) 233. الآية [34] : (8) 302 ، 306.
الآية [35] : (2) 357 ، (4) 73 ، (7) 181 ، (8) 424 ، (10) 336.
الآية [37] : (15) 70.
الآية [38] : (14) 24.
الآية [40] : (7) 443.
الآية [43] : (13) 29 ، (15) 20.
الآية [44] : (7) 163.
الآية [45] : (9) 50.
الآية [47] : (1) 526 ، (4) 323 ، (15) 438.
الآية [48] : (1) 168 ، 260 ، (11) 224.
الآية [50] : (7) 141 ، 279.
الآية [53] : (12) 252.
الآية [56] : (15) 279.
الآية [57] : (10) 93 ، (12) 118.
الآية [60] : (6) 154 ، (8) 211 ، (9) 46.
الآية [61] : (12) 118.
الآية [62] : (4) 61.
الآية [63] : (1) 153. (10) 96 ، (12) 98.
الآية [67] : (11) 316.
الآية [69] : (1) 192 ، (4) 184 ، (8) 471.
الآية [72] : (2) 102 ، (4) 29.
الآية [73] : (4) 382.
الآية [74] : (10) 361.
الآية [76] : (8) 203 ، (9) 56 ، 82 ، (10) 300.
الآية [77] : (9) 209.
الآية [78] : (6) 72 ، (11) 222.
الآية [79] : (12) 167.
الآية [81] : (10) 176 ، (11) 51 ، (12) 194.
الآية [83] : (6) 266 ، (12) 197.
الآية [84] : (8) 383 ، (10) 265 ، 300.
الآية [85] : (12) 128.
الآية [86] : (12) 250.
الآية [87] : (2) 453 ، (12) 138 ، (14) 29 ، (15) 41.
الآية [88] : (8) 483 ، (10) 300.
الآية [89] : (2) 140.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 39
الآية [90] : (8) 383 ، (9) 82 ، (10) 300.
الآية [91] : (7) 306 ، (9) 239.
الآية [92] : (8) 136 ، 191 ، 242.
الآية [95] : (4) 239.
الآية [96] : (8) 360.
الآية [98] : (1) 89 ، 201 ، 381 ، (4) 237 ، (6) 102 ، (7) 368 ، (8) 437 ، (9) 165 ، (13) 92 ، 93 ، 141.
الآية [101] : (6) 254 ، (8) 438 ، (9) 229 ، (12) 78 ، (13) 92 ، 93.
الآية [103] : (2) 344 ، (4) 53 ، (10) 247.
الآية [104] : (15) 253 ، 295.
الآية [105] : (1) 9 ، (7) 386 ، (8) 91 ، (9) 49.
الآية [107] : (1) 54 ، 57 ، (2) 324 ، (3) 149 ، (4) 102 ، (6) 133 ، (7) 9 ، 145 ، 454 ، (11) 385.
الآية [108] : (7) 484.
الآية [109] : (6) 108.
الآية [112] : (2) 377.
الآية [79] : (2) 453.
الآية [107] : (4) 207 ، (12) 348.
سورة الحج
الآية [3] : (9) 186.
الآية [4] : (9) 133.
الآية [5] : (4) 222 ، (6) 204 ، (15) 396.
الآية [6] : (14) 59.
الآية [10] : (5) 62.
الآية [11] : (14) 102.
الآية [18] : (15) 94.
الآية [19] : (1) 173 ، (9) 105.
الآية [22] : (9) 105.
الآية [23] : (15) 180.
الآية [25] : (1) 377 ، (9) 153.
الآية [26] : (1) 379.
الآية [27] : (9) 37.
الآية [28] : (4) 262 ، (9) 187. الآية [30] : (13) 191 ، (13) 279.
الآية [31] : (1) 392 ، (4) 178.
الآية [32] : (3) 230 ، (9) 187.
الآية [33] : (1) 477.
الآية [34] : (4) 262 ، (9) 187.
الآية [35] : (7) 142 ، (12) 218.
الآية [36] : (4) 262.
الآية [44] : (12) 89.
الآية [45] : (3) 85.
الآية [46] : (1) 295 ، (2) 425 ، (7) 31 ، (8) 586 ، (11) 143.
الآية [47] : (7) 335 ، (11) 119 ، (15) 74.
الآية [52] : (2) 144 ، (4) 173 ، (7) 66 ، (9) 105.
الآية [55] : (9) 105 ، 187.
الآية [56] : (12) 280.
الآية [60] : (1) 333.
الآية [61] : (2) 112 ، 113 ، (4) 376 ، (12) 229.
الآية [62] : (14) 59.
الآية [63] : (4) 215.
الآية [64] : (1) 59.
الآية [77] : (9) 205.
سورة المؤمنون
الآية [1] : (2) 72 ، (9) 205 ، (15) 361.
الآية [5] : (9) 273.
الآية [12] : (4) 211 ، (5) 101.
الآية [14] : (1) 187 ، (4) 211 ، (8) 149 ، (9) 114 ، (14) 149 ، (15) 165.
الآية [17] : (9) 8.
الآية [18] : (7) 348.
الآية [20] : (1) 178 ، (6) 387 ، (8) 399 ، (13) 332.
الآية [21] : (11) 106.
الآية [22] : (4) 387 ، (9) 205.
الآية [24] : (4) 94 ، (6) 59 ، (7) 64 ، (8) 285 ،

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 40
(13) 74.
الآية [25] : (4) 393.
الآية [27] : (15) 482.
الآية [29] : (6) 383.
الآية [34] : (6) 186.
الآية [36] : (15) 154.
الآية [37] : (9) 159 ، (11) 390 ، (15) 203.
الآية [40] : (5) 205.
الآية [42] : (7) 160.
الآية [43] : (4) 354 ، (14) 186 ، 217 ، 319.
الآية [44] : (12) 68.
الآية [47] : (6) 222.
الآية [50] : (11) 299.
الآية [51] : (4) 342 ، (6) 430 ، (8) 509 ، (10) 165 ، (13) 76 ، (14) 317 ، (15) 454 ..
الآية [55] : (5) 139.
الآية [60] : (10) 45 ، (15) 71.
الآية [61] : (2) 344.
الآية [64] : (9) 205.
الآية [67] : (15) 180.
الآية [76] : (9) 249.
الآية [77] : (9) 205.
الآية [78] : (11) 119.
الآية [80] : (13) 285.
الآيتان [82 ، 83] : (8) 387.
الآية [82] : (6) 121 ، (12) 74 ، (14) 146 ، 160.
الآية [83] : (4) 128 ، (7) 381.
الآية [85] : (1) 138.
الآية [91] : (10) 216.
الآية [96] : (11) 3.
الآية [97] : (1) 89 ، 286.
الآيتان [99 - 100] : (10) 237.
الآية [99] : (1) 143 ، (6) 158 ، (8) 563 ، (9) 52 ، (9) 71 ، (12) 185.
الآية [100] : (1) 143 ، (6) 319 ، (8) 446 ، (11) 59 ، 347. الآية [101] : (1) 29 ، 254 ، (6) 122.
الآية [103] : (14) 102.
الآية [106] : (7) 234 ، (12) 252.
الآية [107] : (1) 143.
الآية [108] : (1) 140 ، 143 ، (4) 133 ، (7) 234. (8) 166 ، 412 ، (12) 307 ، (15) 12.
الآية [115] : (8) 263 ، (12) 180.
الآية [117] : (8) 38.
الآية [119] : (9) 108.
سورة النور
الآية [1] : (3) 302 ، (9) 412 ، (12) 96.
الآية [2] : (1) 115 ، 116 ، (2) 446 ، (3) 301 ، (7) 137 ، (9) 353 ، (12) 122.
الآية [3] : (1) 512 ، (5) 14 ، (14) 153.
الآيتان [4 - 5] : (9) 322.
الآية [4] : (1) 533.
الآية [6] : (1) 533 ، (4) 50 ، (7) 308.
الآية [9] : (13) 120 ، (15) 77 ، 78.
الآية [11] : (9) 287.
الآية [12] : (2) 181 ، (9) 353.
الآية [13] : (9) 428.
الآية [14] : (8) 175 ، 415.
الآية [15] : (13) 129.
الآية [16] : (1) 8.
الآية [18] : (1) 180.
الآية [22] : (1) 522.
الآية [24] : (3) 57 ، (12) 41 ، (15) 156.
الآية [26] : (9) 285 ، 312.
الآية [27] : (9) 404 ، 406 ، (9) 410.
الآية [30] : (3) 263.
الآية [31] : (2) 236 ، 379 ، (3) 227 ، (9) 407.
الآية [32] : (9) 285.
الآية [33] : (9) 211.
الآية [34] : (9) 385 ، 422.
الآية [35] : (1) 170 ، (4) 112 ، (6) 65 ، (8) 261 ، 524 ، (9) 365 ، (12) 284 ، (14)

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 41
167 ، 256 ، (15) 12.
الآيتان [36 - 37] : (6) 192 ، (13) 13.
الآية [36] : (2) 441 ، (4) 46 ، (5) 213 ، (15) 299.
الآية [37] : (4) 382.
الآية [38] : (13) 27.
الآية [39] : (1) 136.
الآية [40] : (1) 26 ، 151 ، 210 ، (6) 91 ، (8) 487 ، (9) 365 ، (11) 198.
الآية [41] : (11) 396 ، (12) 64.
الآية [42] : (4) 69.
الآيتان [43 - 44] : (11) 59 ، (12) 134.
الآية [44] : (14) 236.
الآية [45] : (14) 315.
الآية [51] : (5) 318 ، (13) 129.
الآية [53] : (13) 25.
الآية [54] : (11) 197.
الآية [55] : (1) 116 ، (5) 148 ، (9) 98 ، (11) 130 ، (13) 279.
الآية [56] : (11) 197.
الآية [57] : (10) 307.
الآية [58] : (5) 17 ، (9) 273.
الآية [61] : (3) 16 ، (11) 233.
الآية [62] : (5) 302.
الآية [63] : (11) 262.
الآية [64] : (1) 180 ، (4) 112 ، (14) 256.
الآية [91] : (3) 95.
سورة الفرقان
الآية [1] : (1) 57 ، 82 ، (4) 388 ، (6) 151 ، (8) 164 ، (10) 33.
الآية [2] : (12) 360 ، (14) 93.
الآية [3] : (9) 420.
الآية [4] : (4) 435.
الآية [5] : (7) 364.
الآية [6] : (7) 102.
الآية [7] : (2) 398 ، (4) 92 ، 147 ، (7) 260 ، (10) 3 ، 4.
الآية [8] : (9) 443.
الآية [9] : (9) 442.
الآية [10] : (5) 14.
الآية [11] : (9) 429.
الآية [12] : (15) 237.
الآية [13] : (7) 174.
الآية [15] : (10) 9.
الآية [17] : (4) 61.
الآية [21] : (1) 367 ، 368 ، (4) 248 ، 307 ، (8) 91 ، (9) 426 ، (10) 14.
الآية [22] : (2) 97.
الآية [23] : (7) 164 ، 462 ، (8) 33 ، (9) 53 ، 372 ، (13) 286 ، (15) 437 ، 499.
الآية [24] : (1) 513 ، (4) 321 ، (7) 378.
الآية [25] : (15) 51 ، 109 ، 191 ، 212 ، 267 ، 286.
الآية [26] : (1) 89.
الآية [27] : (5) 62.
الآية [28] : (2) 173.
الآيتان [29 - 30] : (3) 173.
الآية [30] : (11) 141.
الآية [32] : (1) 10 ، 195 ، (2) 75 ، (15) 29.
الآية [41] : (1) 210.
الآية [43] : (2) 20 ، (10) 32.
الآية [44] : (4) 139.
الآية [45] : (1) 27.
الآية [47] : (10) 26.
الآية [48] : (3) 252 ، (10) 26.
الآية [49] : (8) 519.
الآية [51] : (10) 26.
الآيتان [52 - 53] : (4) 79.
الآية [53] : (2) 97 ، (5) 127 ، (14) 105.
الآية [57] : (4) 391 ، (11) 328.
الآية [59] : (1) 132 ، (12) 360 ، (15) 62.
الآية [60] : (1) 65 ، (7) 145.
الآية [61] : (12) 103.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 42
الآية [62] : (11) 33 ، (12) 229 ، (15) 118.
الآية [63] : (1) 488 ، (7) 135 ، (8) 460 ، (10) 302 ، (11) 90.
الآية [67] : (15) 355.
الآية [68 ، 69] : (1) 255.
الآية [68] : (9) 420.
الآية [69] : (1) 110.
الآية [70] : (2) 379 ، (7) 160 ، 239 ، (9) 420 ، (10) 162.
الآية [72] : (10) 302.
الآية [73] : (7) 56.
سورة الشعراء
الآية [3] : (10) 126.
الآية [4] : (4) 119 ، 381 ، (11) 388 ، (12) 313.
الآية [5] : (10) 89.
الآية [6] : (4) 89.
الآية [10] : (1) 18.
الآية [10] : (7) 262.
الآية [14] : (7) 228.
الآيتان [14 - 15] : (8) 446.
الآيتان [18 - 19] : (10) 251.
الآية [18] : (6) 153.
الآية [19] : (7) 189.
الآية [21] : (10) 151 ، 251 ، 264.
الآية [22] : (4) 188.
الآية [23] : (8) 515.
الآية [24] : (10) 79.
الآية [27] : (7) 259 ، (8) 174 ، 515 ، (14) 16.
الآية [28] : (10) 79 ، (14) 140.
الآية [29] : (5) 23 ، (6) 410.
الآية [32] : (8) 492 ، (10) 159.
الآية [33] : (8) 435.
الآية [34] : (14) 16.
الآية [38] : (3) 19.
الآية [42] : (7) 262. الآية [43] : (8) 88.
الآية [44] : (8) 537 ، 544.
الآية [45] : (6) 157.
الآية [49] : (5) 27.
الآية [53] : (15) 231.
الآية [59] : (13) 122.
الآية [61] : (8) 547.
الآيتان [61 - 62] : (8) 446.
الآية [61] : (13) 191.
الآية [62] : (1) 90 ، 142 ، 256 ، (5) 296 ، (13) 191.
الآية [63] : (1) 256 ، (6) 196 ، (8) 538 ، 546 ، (9) 382 ، (12) 148 ، (15) 212.
الآية [69] : (8) 413 ، (1) 63.
الآية [72] : (2) 374 ، (9) 61.
الآية [74] : (12) 252.
الآية [77] : (8) 279.
الآية [80] : (1) 120 ، (6) 89 ، (7) 379 ، (8) 139 ، (13) 207.
الآية [82] : (4) 364 ، (5) 157 ، (10) 8.
الآية [83] : (7) 484 ، (8) 419.
الآية [84] : (7) 484 ، (8) 420 ، (10) 177.
الآية [86] : (6) 33 ، (8) 417 ، (14) 265.
الآية [88] : (2) 207 ، (9) 242.
الآية [91] : (15) 343.
الآيتان [100 - 101] : (9) 410.
الآية [105] : (9) 322 ، (10) 91.
الآية [111] : (1) 113 ، (6) 241 ، (10) 91 ، (13) 165.
الآية [114] : (10) 91.
الآية [116] : (14) 81.
الآية [119] : (1) 429.
الآية [123] : (13) 76 ، (15) 448.
الآية [129] : (8) 508 ، (10) 293.
الآية [135] : (9) 228.
الآية [138] : (13) 190.
الآية [143] : (10) 155.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 43
الآية [149] : (15) 339.
الآية [154] : (10) 117.
الآية [155] : (4) 401 ، (8) 227.
الآية [165] : (1) 82.
الآية [170] : (10) 91.
الآية [172] : (10) 91.
الآية [173] : (10) 91.
الآية [176] : (7) 318 ، (10) 116.
الآية [187] : (7) 190 ، (15) 62.
الآيتان [193 - 194] : (9) 172 ، (11) 338.
الآية [193] : (7) 337 ، (8) 145.
الآيتان [195 - 196] : (1) 34.
الآية [196] : (2) 356 ، (13) 169 ، (15) 244 ، 323.
الآية [197] : (10) 58.
الآية [201] : (7) 266.
الآية [203] : (6) 144.
الآية [208] : (7) 258.
الآية [209] : (8) 37.
الآية [212] : (1) 136 ، (6) 12 ، (7) 273 ، (10) 137.
الآية [214] : (4) 210 ، (8) 422 ، (15) 497.
الآية [224] : (10) 58.
الآية [225] : (15) 337.
الآية [227] : (13) 12.
سورة النمل
الآية [1] : (2) 178.
الآية [5] : (7) 474.
الآية [6] : (10) 214 ، (11) 135.
الآية [7] : (10) 151 ، 251.
الآية [8] : (1) 18 ، (9) 303 ، (10) 283 ، 296.
الآية [9] : (1) 18.
الآيتان [10 - 11] : (6) 138.
الآية [10] : (5) 20 ، (8) 492.
الآية [12] : (5) 21 ، (8) 172 ، 494.
الآية [14] : (1) 320 ، (2) 27 ، (4) 114 ، (6) 154 ، (8) 515 ، 564.
الآية [15] : (5) 59 ، (8) 113 ، (13) 38.
الآية [16] : (2) 427.
الآية [18] : (5) 181.
الآية [19] : (10) 345.
الآية [21] : (5) 303.
الآية [22 - 23] : (10) 189.
الآية [23] : (7) 69 ، 213 ، (10) 189 ، 197 ، (13) 327.
الآية [25] : (10) 65.
الآية [27] : (10) 179.
الآية [30] : (1) 196.
الآية [34] : (7) 228.
الآية [36] : (5) 139.
الآية [39] : (13) 187.
الآية [40] : (3) 299 ، (15) 23.
الآية [44] : (3) 143 ، (6) 429 ، (12) 122.
الآية [49] : (2) 360 ، (7) 256.
الآية [52] : (2) 340.
الآية [55] : (1) 311 ، (4) 337 ، 390.
الآية [56] : (2) 298 ، (10) 350 ، 358.
الآية [59] : (3) 255 ، (4) 110 ، (14) 221.
الآية [60] : (2) 321 ، (8) 519.
الآية [62] : (6) 174.
الآية [63] : (15) 202.
الآية [65] : (1) 117 ، (3) 177.
الآية [66] : (12) 342.
الآية [68] : (4) 128 ، (7) 381.
الآية [69] : (4) 98 ، (5) 57.
الآية [71] : (14) 24 ، (15) 211 ، 238.
الآية [72] : (4) 90 ، (6) 160 ، (8) 485 ، 569 ، (13) 253.
الآية [76] : (4) 209.
الآية [80] : (4) 402.
الآية [84] : (15) 21.
الآية [86] : (6) 445.
الآية [87] : (2) 65 ، (10) 236 ، (15) 51.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 44
الآية [88] : (2) 227 ، (8) 272 ، (11) 121 ، (15) 213 ، 255.
الآية [90] : (3) 30.
سورة القصص
الآية [3] : (10) 330.
الآية [4] : (10) 337 ، (12) 105.
الآية [5] : (5) 38.
الآية [7] : (1) 33 ، (7) 57 ، (8) 501 ، 502.
الآية [8] : (4) 415 ، (7) 207 ، (9) 371 ، (11) 366 ، (12) 235 ، (14) 315.
الآية [10] : (6) 405.
الآية [11] : (2) 183 ، (8) 502.
الآية [12] : (9) 86.
الآية [15] : (2) 79 ، (7) 305 ، (8) 505.
الآية [16] : (8) 505.
الآية [22] : (12) 121.
الآية [23] : (8) 438 ، (15) 16.
الآية [25] : (8) 515 ، (10) 73.
الآية [26] : (6) 398 ، 410.
الآية [27] : (2) 408 ، (15) 115.
الآية [29] : (8) 481.
الآية [30] : (1) 18 ، (10) 157.
الآية [31] : (5) 20 ، (8) 492 ، 493.
الآية [32] : (7) 407 ، 507.
الآية [34] : (8) 497.
الآية [35] : (5) 29 ، (8) 500 ، 510 ، (10) 80.
84.
الآية [36] : (10) 164.
الآية [38] : (5) 29 ، (6) 173 ، 175 ، (7) 124 ، (10) 74 ، (12) 323.
الآية [39] : (8) 515.
الآية [40] : (1) 257 ، 335.
الآية [41] : (1) 374.
الآية [42] : (8) 352.
الآية [43] : (9) 238.
الآية [48] : (10) 302. الآية [50] : (6) 224 ، (13) 169.
الآية [52] : (10) 251 ، (14) 192.
الآية [54] : (2) 384 ، (14) 192 ، 193.
الآية [55] : (10) 44 ، 251 ، (12) 37.
الآية [56] : (1) 94 ، (3) 364 ، (7) 172 ، (15) 368.
الآية [57] : (2) 222 ، (9) 384 ، (15) 393.
الآية [58] : (10) 252.
الآية [61] : (10) 310.
الآية [62] : (7) 368 ، (13) 4 ، 343.
الآية [63] : (1) 433 ، (10) 315 ، (12) 81.
الآية [69] : (10) 314.
الآية [70] : (1) 78 ، 125.
الآية [74] : (7) 368 ، (13) 4 ، 343.
الآية [75] : (4) 52.
الآية [76] : (10) 142 ، (15) 177.
الآية [77] : (12) 29.
الآية [78] : (14) 114.
الآية [81] : (15) 18.
الآية [83] : (10) 287.
الآية [84] : (10) 252.
الآية [85] : (10) 337 ، (15) 346.
الآية [86] : (6) 144 ، (13) 289.
الآية [87] : (4) 255 ، (7) 230 ، (9) 398 ، (12) 51.
الآية [88] : (1) 363 ، (4) 111 ، 181 ، (6) 144 ، (7) 155 ، 230 ، (8) 169 ، (10) 55 ، 241 ، (11) 335 ، (12) 57.
سورة العنكبوت
الآية [1] : (1) 43 ، 50 ، 51 ، 56.
الآية [2] : (11) 15.
الآية [3] : (10) 337.
الآية [9] : (2) 20.
الآية [11] : (2) 20 ، (10) 337.
الآية [12] : (8) 20.
الآية [13] : (2) 20 ، (8) 568 ، (11) 357.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 45
الآية [14] : (7) 309.
الآية [18] : (6) 247 ، (10) 349.
الآية [20] : (4) 98.
الآية [24] : (2) 298 ، (10) 350.
الآية [25] : (12) 218.
الآية [26] : (1) 298 ، (8) 542.
الآية [28] : (10) 114 ، 361.
الآية [29] : (2) 206 ، 298 ، (10) 350.
الآيتان [31 - 32] : (6) 299.
الآية [33] : (6) 299.
الآية [36] : (10) 349.
الآية [37] : (14) 17.
الآية [38] : (6) 175.
الآية [40] : (6) 175.
الآية [42] : (11) 86.
الآية [43] : (11) 32.
الآية [45] : (6) 350 ، (11) 202.
الآية [46] : (8) 90.
الآية [52] : (7) 430.
الآية [53 ، 54] : (7) 335.
الآية [53] : (9) 161.
الآية [55] : (1) 206 ، (11) 154.
الآية [56] : (10) 337 ، (11) 15 ، (12) 239.
الآية [57] : (2) 357 ، (4) 73 ، (8) 424 ، (10) 336.
الآية [58] : (11) 15.
الآية [60] : (10) 337.
الآية [61] : (7) 352.
الآية [63] : (7) 352.
الآية [64] : (1) 329 ، (4) 127.
الآية [65] : (1) 432 ، (6) 53 ، 92 ، 254 ، (7) 120 ، (8) 270 ، (10) 54 ، (13)؟؟؟ (14) 21.
الآية [66] : (1) 283 ، (4) 98.
الآية [67] : (7) 429 ، (15) 393.
الآية [69] : (1) 94 ، (7) 376 ، (8) 136 ، 524 ، (11) 18.
سورة الروم
الآية [1] : (1) 105.
الآيات [1 - 4] : (1) 9 ، 33.
الآية [7] : (12) 344.
الآية [8] : (11) 35.
الآية [11] : (11) 31.
الآية [12] : (9) 256.
الآية [15] : (11) 64.
الآيتان [17 - 18] : (8) 17.
الآية [17] : (2) 146 ، (11) 18.
الآية [18] : (1) 80.
الآية [19] : (11) 106 ، 275.
الآية [21] : (3) 238.
الآية [27] : (4) 347 ، (7) 154 ، (11) 65.
الآية [28] : (1) 131 ، (7) 427.
الآية [30] : (14) 316.
الآية [32] : (13) 142.
الآية [33] : (11) 65.
الآية [35] : (11) 326 ، 375.
الآية [41] : (12) 41.
الآية [42] : (4) 98.
الآية [43] : (14) 137.
الآية [46] : (1) 431.
الآية [47] : (3) 296 ، (5) 205 ، (11) 54 ، (12) 299.
الآية [48] : (1) 431.
الآيتان [49 - 50] : (11) 106.
الآية [51] : (9) 259.
الآية [52] : (4) 135 ، 402.
الآية [54] : (3) 652.
الآية [55] : (9) 384 ، (12) 134.
الآية [56] : (3) 275 ، (8) 570 ، (11) 64.
الآية [58] : (11) 64.
الآية [60] : (12) 340.
سورة لقمان
الآية [2] : (4) 312.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 46
الآية [11] : (11) 64.
الآية [6] : (11) 64.
الآية [7] : (11) 64.
الآية [8] : (2) 311.
الآية [10] : (7) 274 ، (11) 35 ، (13) 326.
الآية [13] : (1) 375 ، (4) 196 ، (5) 308 ، (6) 186 ، (12) 313.
الآية [16] : (1) 414.
الآية [17] : (13) 224.
الآية [18] : (8) 502.
الآية [23] : (1) 116.
الآية [25] : (1) 187 ، 432 ، (6) 279 ، (7) 121 ، (8) 209 ، (9) 27 ، 244 ، 253 ، (10) 216 ، (11) 41 ، (12) 160 ، (13) 213 ، (14) 146.
الآيتان [27 - 28] : (8) 146.
الآية [27] : (1) 82 ، (8) 372 ، (11) 64 ، (13) 322.
الآية [28] : (1) 294 ، (2) 29 ، (11) 65.
الآية [29] : (2) 112 ، 113 ، (4) 376 ، (12) 229.
الآية [30] : (14) 59.
الآية [32] : (6) 53 ، (7) 404 ، (11) 65.
الآية [34] : (4) 84 ، 162 ، (6) 307 ، (7) 435 ، 436 ، (8) 487 ، (11) 113.
الآية [43] : (11) 64.
سورة السجدة
الآية [3] : (11) 134.
الآية [4] : (1) 132.
الآية [4] : (12) 360.
الآية [5] : (11) 113 ، (15) 65.
الآية [6] : (11) 113.
الآية [7] : (1) 135 ، (2) 227 ، (4) 327 ، (11) 113.
الآية [8] : (11) 58.
الآية [9] : (11) 119. الآية [10] : (1) 98 ، (3) 138 ، (11) 113.
الآية [11] : (1) 162 ، (2) 289 ، (11) 113.
الآية [12] : (4) 255 ، (7) 234 ، (9) 267 ، 398 ، (11) 133 ، (12) 307 ، (15) 237.
الآية [13] : (4) 249 ، (6) 356 ، (11) 113 ، 386 ، (13) 15 ، 93.
الآية [14] : (7) 234 ، (9) 267.
الآية [16] : (5) 127 ، (9) 82 ، (11) 113.
الآية [17] : (12) 267 ، (14) 117.
الآية [18] : (6) 230.
الآية [20] : (11) 326.
سورة الأحزاب
الآية [2] : (11) 178.
الآية [4] : (1) 16 ، 158 ، 232 ، (9) 437.
الآية [5] : (11) 210.
الآية [6] : (1) 29 ، (3) 362 ، (6) 303 ، (11) 141 ، 186 ، 211.
الآية [7] : (3) 183.
الآية [8] : (11) 171.
الآية [9] : (11) 171.
الآية [10] : (8) 547 ، (9) 370 ، (15) 287.
الآية [12] : (2) 109 ، (9) 55 ، (11) 170.
الآية [17] : (13) 253.
الآية [18] : (4) 296.
الآية [19] : (8) 404.
الآية [20] : (11) 96.
الآية [21] : (5) 146 ، (8) 418 ، 588 ، (12) 371 ، (14) 344.
الآية [22] : (13) 339.
الآية [23] : (1) 24 ، 146 ، (2) 175 ، (6) 52 ، (11) 308.
الآية [25] : (1) 372 ، 550.
الآية [30] : (8) 75 ، 124.
الآية [31] : (9) 327.
الآية [32] : (2) 131 ، (15) 61.
الآية [33] : (2) 429 ، (3) 321 ، (6) 298 ، (6)

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 47
403 ، (13) 147.
الآية [35] : (1) 202 ، (2) 391 ، (14) 65.
الآية [34] : (10) 261.
الآية [38] : (1) 255 ، (6) 140.
الآية [39] : (2) 121 ، (11) 363.
الآية [40] : (2) 243.
الآية [42] : (11) 30 ، 259.
الآية [43] : (1) 62 ، 115 ، (11) 252.
الآية [44] : (3) 95.
الآية [46] : (2) 374.
الآية [47] : (6) 143 ، (13) 167.
الآية [48] : (11) 148.
الآية [49] : (8) 396.
الآية [50] : (6) 253.
الآية [52] : (11) 178 ، (15) 307.
الآية [53] : (2) 321 ، (8) 589 ، (9) 410 ، (11) 189 ، 194 ، 266.
الآية [56] : (1) 26 ، (8) 57 ، 337 ، (10) 142 ، (11) 221.
الآية [57] : (3) 289 ، (8) 102.
الآية [63] : (14) 77 ، (15) 271 ، 412.
الآية [66] : (15) 287.
الآية [67] : (8) 547 ، (10) 102 ، (12) 252 ، (15) 317.
الآية [68] : (13) 83.
الآية [71] : (7) 186.
الآية [72] : (15) 269.
الآية [73] : (1) 91 ، (11) 277.
سورة سبأ
الآية [1] : (4) 77.
الآية [2] : (11) 335.
الآية [3] : (6) 137 ، (11) 335.
الآية [4] : (9) 91.
الآية [6] : (11) 277.
الآية [8] : (6) 128 ، (13) 38.
الآية [9] : (1) 381 ، (8) 160. الآية [10] : (9) 73 ، (10) 176 ، (15) 480.
الآية [12] : (10) 176.
الآية [13] : (1) 73 ، (6) 218 ، (10) 176 ، (11) 83 ، (12) 325.
الآية [16] : (2) 398.
الآية [17] : (3) 147.
الآية [20] : (3) 143 ، (4) 336.
الآية [23] : (1) 254.
الآية [24] : (1) 110 ، (5) 291 ، (10) 18 ، 313 ، (11) 9.
الآية [27] : (8) 446.
الآية [28] : (5) 284 ، (15) 130.
الآية [29] : (14) 24 ، (15) 238.
الآية [31] : (15) 156.
الآية [32] : (4) 357.
الآية [33] : (9) 106 ، (13) 159 ، (15) 117.
الآية [35] : (2) 251 ، (13) 190.
الآية [37] : (1) 330 ، (2) 90 ، (10) 53.
الآية [39] : (15) 211.
الآيتان [40 - 41] : (11) 355.
الآية [40] : (6) 101 ، 226 ، (9) 437.
الآية [41] : (12) 147 ، (13) 94.
الآية [42] : (3) 121 ، (11) 132.
الآية [43] : (13) 171.
الآية [45] : (12) 89.
الآية [48] : (2) 131 ، (14) 255.
الآية [54] : (9) 389 ، 436 ، (11) 335.
سورة فاطر
الآية [1] : (9) 34.
الآية [2] : (8) 205 ، (11) 96 ، (13) 113.
الآية [3] : (1) 136 ، (4) 285 ، (6) 104.
الآية [4] : (1) 139.
الآية [7] : (1) 120.
الآية [9] : (1) 431 ، (10) 26.
الآية [10] : (4) 109 ، (7) 277 ، (8) 525 ، (11) 119 ، (15) 448.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 48
الآية [11] : (2) 211 ، (4) 84 ، (7) 104 ، (11) 291 ، (13) 122 ، (15) 11.
الآية [12] : (5) 127.
الآية [13] : (1) 109 ، (2) 112 ، 113 ، (4) 376 ، (11) 382 ، (12) 229.
الآية [14] : (3) 132 ، (7) 199.
الآية [16] : (8) 168.
الآية [18] : (1) 28 ، (3) 284 ، 329 ، (5) 182 ، (11) 363 ، (15) 345.
الآية [19] : (6) 235 ، (12) 332.
الآية [21] : (12) 374.
الآية [22] : (11) 54 ، 52 ، (12) 332.
الآية [24] : (4) 138 ، (8) 91 ، (10) 296 ، (11) 116 ، 367 ، 386.
الآية [25] : (11) 367 ، 368.
الآية [26] : (12) 89.
الآية [27] : (8) 519.
الآية [28] : (6) 138 ، (7) 134 ، 397 ، (8) 521 ، (10) 159 ، (15) 15 ، 230 ، 431.
الآية [29] : (11) 334.
الآية [32] : (1) 39 ، (2) 429 ، (7) 410 ، (8) 384 ، (10) 167 ، (11) 334.
الآيتان [33 - 34] : (9) 131.
الآية [33] : (15) 180.
الآيتان [34 - 35] : (9) 131.
الآية [34] : (10) 312.
الآية [35] : (11) 278.
الآية [37] : (1) 97 ، (7) 234 ، (8) 442 ، (9) 267 ، (11) 382.
الآية [41] : (9) 33 ، 184 ، (15) 307.
الآية [42] : (7) 20 ، (11) 382 ، 385 ، (13) 25.
الآية [43] : (11) 349 ، 385.
الآية [45] : (1) 57 ، (2) 311 ، (6) 75 ، (8) 305 ، (12) 382 ، (14) 48.
سورة يس
الآية [1] : (12) 156. الآية [3] : (2) 13 ، (12) 156.
الآية [6] : (6) 123 ، (8) 412 ، (10) 296 ، (12) 49 ، 156.
الآية [7] : (11) 127.
الآية [8] : (15) 501.
الآية [10] : (5) 336 ، (6) 428.
الآية [11] : (7) 233.
الآية [12] : (7) 493 ، (14) 91 ، (15) 168.
الآية [14] : (3) 275.
الآيتان [20 - 21] : (10) 109.
الآية [22] : (4) 6 ، (4) 104 ، 254 ، (10) 94 ، (14) 169.
الآية [23] : (7) 4.
الآية [30] : (8) 476 ، (12) 27.
الآية [31] : (7) 160 ، (12) 49 ، 63.
الآية [32] : (6) 344.
الآية [33] : (12) 27.
الآية [35] : (12) 41.
الآية [36] : (12) 27.
الآية [37] : (1) 258 ، 430.
الآية [38] : (7) 86 ، (8) 355 ، (11) 382.
الآية [39] : (1) 104 ، (7) 87.
الآية [40] : (15) 233.
الآية [41] : (1) 375 ، 430.
الآية [48] : (14) 24 ، (15) 211 ، 238.
الآية [51] : (2) 272 ، (10) 241 ، 242 ، (12) 283.
الآية [52] : (8) 90 ، (9) 265.
الآية [65] : (9) 325.
الآية [58] : (4) 109 ، 159 ، (8) 525.
الآية [59] : (2) 241 ، (6) 173 ، (8) 412.
الآية [61] : (1) 95.
الآية [65] : (3) 49.
الآية [66] : (3) 49.
الآية [68] : (7) 425 ، (15) 396.
الآية [69] : (1) 31 ، (7) 488 ، (10) 148.
الآية [71] : (12) 9.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 49
الآية [78] : (4) 381 ، (7) 340.
الآية [81] : (11) 286 ، (12) 106 ، 332.
الآية [82] : (1) 192 ، (5) 44 ، 340 ، (7) 382 ، 383.
الآية [83] : (1) 366.
سورة الصافات
الآية [6] : (4) 143.
الآية [10] : (7) 269 ، (8) 352 ، (10) 137.
الآية [11] : (12) 143.
الآية [16] : (6) 121 ، (12) 74 ، (14) 146.
الآية [17] : (6) 334.
الآية [18] : (6) 393.
الآية [22] : (1) 343 ، (4) 115 ، (12) 36 ، (13) 343.
الآية [23] : (1) 94.
الآية [26] : (13) 218.
الآية [27] : (1) 29 ، 254 ، (9) 264 ، 265 ، الآية [28] : (9) 264.
الآية [37] : (8) 414.
الآية [41] : (12) 91.
الآيتان [45 - 46] : (12) 94.
الآية [46] : (6) 408.
الآية [47] : (1) 110.
الآية [49] : (14) 119.
الآية [50] : (9) 264.
الآية [51] : (9) 264.
الآية [56] : (15) 307.
الآية [59] : (13) 190.
الآية [61] : (15) 282.
الآية [68] : (10) 332.
الآية [77] : (2) 126 ، (3) 259 ، (8) 303.
الآية [79] : (11) 256 ، (12) 37.
الآيتان [88 - 89] : (4) 188.
الآية [89] : (1) 153 ، (10) 96 ، (15) 232.
الآية [92] : (3) 166 ، (12) 25.
الآية [96] : (1) 288 ، (3) 265 ، (12) 27 ، (14) 316.
الآية [99] : (2) 33 ، (15) 64.
الآية [100] : (7) 228 ، (8) 419 ، (12) 130.
الآية [101] : (6) 290 ، (8) 419.
الآية [102] : (1) 91 ، (6) 429 ، (8) 422 ، (13) 174.
الآية [106] : (13) 117.
الآية [109] : (11) 256.
الآية [112] : (2) 123 ، (7) 305 ، (14) 13.
الآية [113] : (1) 383.
الآية [120] : (11) 256.
الآية [142] : (15) 42.
الآية [143 ، 144] : (15) 42.
الآية [146] : (1) 236.
الآية [147] : (1) 546.
الآية [150] : (13) 71.
الآية [155] : (1) 138.
الآية [158] : (1) 231 ، (8) 158 ، (11) 325.
الآية [159] : (7) 105.
الآية [164] : (1) 228 ، (3) 22 ، (12) 64 ، (14) 54.
الآية [169] : (12) 154.
الآية [171] : (6) 253.
الآية [172] : (4) 130 ، (13) 245.
الآية [177] : (1) 124.
الآية [180] : (7) 749.
الآية [181] : (10) 214 ، (12) 37 ، (14) 221.
سورة ص
الآيتان [1 - 2] : (12) 211.
الآية [1] : (1) 108 ، (2) 85 ، (13) 322.
الآية [3] : (4) 315 ، (12) 156.
الآية [5] : (12) 210 ، (13) 218.
الآية [6] : (11) 26.
الآية [8] : (2) 98 (9) 197.
الآية [13] : (7) 318 ، (10) 116.
الآية [14] : (12) 156.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 50
الآية [15] : (10) 241.
الآية [16] : (7) 190.
الآية [21] : (14) 348.
الآية [24] : (3) 335 ، (9) 101 ، (11) 128.
الآية [26] : (2) 453.
الآية [27] : (4) 179 ، (12) 104 ، 106.
الآية [29] : (1) 7.
الآية [35] : (15) 480.
الآية [39] : (15) 480.
الآية [44] : (6) 440 ، (8) 237.
الآية [50] : (12) 288.
الآية [55] : (9) 141 ، (12) 203.
الآية [58] : (12) 36.
الآية [59] : (5) 192.
الآية [61] : (8) 124.
الآية [64] : (12) 156.
الآية [72] : (8) 149 ، 150.
الآية [73] : (6) 345.
الآية [74] : (10) 89.
الآية [75] : (1) 222 ، (4) 329 ، 328.
الآية [76] : (15) 222.
الآية [77] : (8) 105.
الآية [78] : (7) 291 ، (13) 164.
الآيتان [82 - 83] : (11) 126.
الآية [82] : (1) 137 ، (2) 132 ، (11) 386.
الآية [83] : (2) 132.
الآيتان [84 - 85] : (11) 126.
الآية [85] : (11) 386 ، (12) 65 ، 81 ، (12) 370 ، (13) 336.
الآية [78] : (4) 125.
الآية [79] : (4) 333.
الآيتان [82 - 83] : (6) 406 ، (12) 145.
الآية [82] : (7) 289 ، 293 ، (12) 215.
الآية [85] : (6) 358 ، (12) 243.
الآية [87] : (12) 48 ، 223.
الآية [88] : (12) 224.
سورة الزمر
الآية [1] : (4) 109 ، (12) 223.
الآية [2] : (12) 230.
الآية [3] : (4) 195 ، (6) 173 ، (8) 109 ، 209 ، (9) 27 ، (10) 355 ، (13) 165 ، 185.
الآية [5] : (2) 112 ، (7) 97.
الآية [6] : (1) 109 ، (7) 276 ، (14) 188.
الآية [7 - 8] : (3) 341.
الآية [7] : (3) 284 ، 329 ، (5) 182 ، (12) 320 ، (15) 345.
الآية [8] : (3) 112.
الآية [9] : (1) 338 ، (3) 118 ، (8) 525 ، (10) 271 ، (14) 254 ، (15) 345.
الآية [10] : (12) 223 ، (15) 134.
الآية [12] : (3) 254.
الآية [16] : (4) 359.
الآية [20] : (12) 223.
الآية [21] : (7) 348 ، (15) 56.
الآية [22] : (7) 151 ، (8) 525 ، (9) 362.
الآية [23] : (1) 56 ، (2) 80 ، (7) 142 ، (11) 75 ، (12) 223 ، (13) 140.
الآية [24] : (7) 242 ، (11) 186.
الآية [25] : (13) 213.
الآية [28] : (1) 34 ، (7) 223 ، (8) 105.
الآية [29] : (6) 434 ، (9) 143.
الآية [32] : (1) 362.
الآية [33] : (8) 457 ، (9) 313.
الآية [35] : (15) 379.
الآية [38] : (1) 187 ، 432 ، (6) 279 ، (7) 121 ، (9) 184 ، 244 ، 253 ، (10) 216 ، (11) 41 ، (12) 160 ، (14) 146.
الآية [40] : (6) 322.
الآية [41] : (6) 319 ، (12) 276.
الآية [42] : (1) 162 ، (2) 289 ، (4) 84 ، (5) 97 ، (7) 160 ، (8) 150 ، (10) 29 ، (11) 124.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 51
الآية [46] : (9) 34.
الآية [47] : (8) 43.
الآية [48] : (6) 336.
الآية [53] : (2) 141 ، 267 ، 275 ، (3) 50 ، (6) 14 ، (7) 186 ، (8) 144 ، 385 ، (10) 47 ، 215 ، (12) 223 ، (14) 355 ، (15) 78.
الآية [54] : (8) 524.
الآية [55] : (5) 56.
الآية [56] : (2) 87.
الآية [59] : (5) 95.
الآية [62] : (4) 334 ، (13) 143 ، (14) 21.
الآية [64] : (4) 104.
الآية [65] : (2) 204 ، (2) 321 ، (3) 135 ، (5) 138 ، (11) 180 ، (15) 318.
الآية [67] : (1) 79 ، (2) 87 ، (9) 96 ، (8) 140 ، (9) 96 ، (12) 31 ، 328.
الآية [68] : (2) 272 ، 357 ، (5) 569 ، (9) 44 ، (10) 240 ، 241 ، 242 ، (15) 51.
الآية [69] : (6) 123 ، (8) 527 ، (10) 315.
الآية [71] : (1) 381 ، (7) 258 ، (8) 43 ، (15) 288.
الآية [72] : (4) 133.
الآية [73] : (6) 255 ، (7) 258 ، (10) 44 ، (12) 37 ، 126 ، (14) ، 350 ، (15) 288.
الآية [74] : (9) 98 ، 131 ، (10) 312 ، (11) 278 ، (12) 239.
الآية [75] : (4) 73 ، (12) 223.
الآية [83] : (8) 449.
سورة غافر
الآية [1] : (2) 85 ، (15) 137.
الآية [3] : (1) 85 ، (8) 144 ، (15) 137.
الآية [4] : (12) 327 ، 334.
الآية [7] : (3) 311 ، (4) 397 ، (8) 469 ، (13) 14.
الآية [8] : (9) 436.
الآية [10] : (1) 143. الآية [11] : (7) 234 ، (8) 151 ، (9) 267.
الآية [12] : (7) 234 ، (9) 267.
الآية [15] : (1) 62 ، (11) 119.
الآية [16] : (1) 85 ، 88 ، 91 ، (8) 270 ، 412 ، (15) 203 ، 271.
الآية [17] : (1) 87.
الآية [18] : (12) 327.
الآية [21] : (2) 229.
الآية [28] : (2) 167 ، (3) 90.
الآية [30] : (8) 516.
الآية [31] : (4) 231.
الآية [34] : (6) 398.
الآية [35] : (12) 293 ، 334.
الآية [36] : (1) 193 ، (10) 203 ، 289.
الآية [37] : (12) 325.
الآية [38] : (1) 95.
الآية [40] : (12) 83.
الآية [46] : (1) 202 ، (6) 174.
الآية [49] : (1) 65.
الآية [50] : (8) 38 ، 40.
الآية [51] : (1) 278 ، (2) 296 ، (7) 238.
الآية [52] : (9) 129 ، (15) 196.
الآية [53] : (8) 556.
الآية [55] : (7) 146 ، (12) 293 ، 340.
الآية [57] : (4) 230 ، (12) 103 ، 106.
الآية [58] : (6) 235.
الآية [60] : (1) 89 ، 140 ، (2) 377 ، (4) 142 ، (7) 162.
الآية [61] : (6) 445.
الآية [62] : (1) 109 ، 136 ، (4) 230 ، (14) 21.
الآية [67] : (9) 340.
الآية [68] : (13) 285.
الآية [69] : (1) 136.
الآيتان [70 - 71] : (13) 83 ، 172.
الآية [71] : (5) 161 ، (7) 101 ، (14) 225.
الآية [75] : (10) 183.
الآية [77] : (12) 340 ، (13) 84.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 52
الآية [78] : (15) 298.
الآية [82] : (2) 229 ، (12) 347.
الآية [85] : (6) 176 ، 177.
سورة فصلت
الآية [1] : (2) 85.
الآية [3] : (1) 34 ، (13) 137.
الآية [5] : (1) 318 ، (3) 184.
الآيتان [6 - 7] : (4) 308 ، (8) 77.
الآية [6] : (1) 186.
الآية [7] : (1) 330.
الآية [9] : (1) 218 ، (8) 468 ، (15) 234.
الآية [10] : (1) 18 ، (6) 381.
الآية [11] : (1) 81 ، 218 ، 366 ، (5) 101 ، (6) 209 ، (9) 316 ، (11) 273 ، (13) 117 ، (15) 234 ، 235 ، 287.
الآية [12] : (1) 218 ، 221 ، 429 ، (8) 543 ، (12) 367.
الآية [13] : (9) 174 ، (12) 347.
الآية [14] : (7) 375.
الآية [16] : (12) 103 ، (14) 84.
الآية [17] : (1) 94 ، (7) 470.
الآية [19] : (9) 322.
الآية [20] : (12) 41.
الآية [21] : (9) 325 ، (12) 43.
الآية [22] : (15) 156.
الآية [25] : (12) 42 ، (12) 366.
الآية [26] : (10) 15 ، (12) 378.
الآية [28] : (7) 98 ، (14) 91.
الآية [30] : (2) 33 ، (6) 143 ، (7) 397 ، (10) 7 ، (11) 218 ، (13) 319 ، (15) 109.
الآية [34] : (11) 3.
الآية [36] : (7) 300.
الآية [37] : (13) 4.
الآية [39] : (13) 4.
الآية [40] : (5) 113.
الآية [41] : (8) 551 ، (13) 246. الآية [42] : (2) 4 ، (9) 173.
الآية [44] : (8) 139 ، (10) 124.
الآية [46] : (1) 331 ، (3) 55 ، (6) 110 ، (7) 452 ، (8) 73 ، (9) 21 ، 154 ، (11) 158 ، 329 ، (12) 320 ، (15) 183 ، 374.
الآية [47] : (7) 104 ، (13) 343.
الآية [49] : (7) 118.
الآية [50] : (8) 262.
الآية [51] : (5) 31 ، (8) 140.
الآية [53] : (10) 249 ، (13) 135.
سورة الشورى
الآية [1] : (2) 85.
الآية [4] : (1) 59.
الآية [6] : (6) 319 ، (12) 276.
الآية [7] : (1) 34 ، (6) 357 ، (8) 105 ، (13) 22.
الآية [11] : (1) 19 ، (2) 83 ، 85 ، 86 ، (4) 244 ، (5) 122 ، 129 ، (6) 73 ، (7) 173 ، 409 ، (8) 471 ، 473 ، (9) 34 ، (12) 49 ، (14) 257 ، (15) ، 18.
الآية [13] : (1) 250 ، (3) 322 ، 342 ، (11) 152.
الآية [14] : (8) 384.
الآية [15] : (1) 416.
الآية [17] : (9) 6 ، (15) 271 ، 412.
الآية [20] : (3) 161 ، (6) 225 ، (8) 44.
الآية [22] : (11) 224.
الآيتان [23 - 24] : (13) 11.
الآية [23] : (11) 328 ، (13) 11.
الآية [24] : (9) 206 ، (13) 11.
الآية [27] : (13) 11 ، (15) 404.
الآية [30] : (3) 86 ، (11) 48 ، (12) 41.
الآية [32] : (13) 12.
الآية [37] : (3) 137.
الآية [39] : (13) 12.
الآية [40] : (1) 437 ، 472 ، (3) 112 ، (6)

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 53
250 ، (7) 101 ، (9) 180 ، (10) 48.
الآية [41] : (13) 12.
الآية [43] : (9) 180.
الآية [49] : (4) 69.
الآية [50] : (11) 349.
الآية [51] : (7) 386 ، (14) 53.
الآية [52] : (1) 94 ، 222 ، 317 ، (8) 145 ، (9) 363 ، (15) 381.
الآية [53] : (1) 120 ، (10) 55.
الآية [70] : (15) 437.
سورة الزخرف
الآية [1] : (2) 85.
الآية [3] : (1) 34 ، (8) 105.
الآية [5] : (3) 230.
الآية [8] : (2) 229.
الآية [9] : (4) 76 ، (7) 372.
الآيتان [9 - 10] : (12) 213.
الآية [11] : (4) 65.
الآية [13] : (7) 351 ، (8) 471.
الآية [19] : (5) 65 ، (8) 78 ، (10) 225 ، 291 ، (12) 143 ، 159.
الآية [20] : (7) 377.
الآية [21] : (11) 326.
الآيتان [22 - 23] : (2) 237.
الآية [26] : (14) 264.
الآية [29] : (13) 164.
الآية [31] : (6) 59 ، (7) 259 ، (8) 91 ، (92) ، (9) 238 ، (12) 331 ، (13) 86 ، 171 ، 325 ، (14) 106.
الآية [32] : (6) 60 ، (12) 161 ، 162.
الآية [36] : (1) 139.
الآية [39] : (2) 88 ، (10) 102 ، (11) 235.
الآية [43] : (2) 13.
الآية [44] : (9) 253 ، (12) 155 ، (14) 337 ، (15) 44.
الآية [45] : (11) 135 ، (12) 143 ، 148 ، (13) 63.
الآية [48] : (8) 312.
الآية [51] : (1) 725.
الآية [51 ، 52] : (5) 95.
الآية [52] : (8) 497.
الآية [55] : (8) 197.
الآية [57] : (5) 190.
الآية [60] : (1) 196 ، (2) 90.
الآية [67] : (7) 209 ، (10) 103.
الآية [68] : (13) 101.
الآية [69] : (13) 101.
الآية [72] : (10) 177.
الآية [73] : (12) 90.
الآية [75] : (1) 427 ، (9) 207 ، 256.
الآية [76] : (6) 120.
الآية [77] : (13) 343.
الآية [80] : (1) 11 ، (8) 447.
الآية [81] : (6) 178.
الآية [88] : (13) 109.
الآية [89] : (13) 109.
الآية [91] : (7) 105 ، (9) 27.
الآية [87] : (1) 187 ، (5) 100.
سورة الدخان
الآية [1] : (2) 85 ، (13) 109.
الآية [3] : (9) 422.
الآية [4] : (8) 177 ، (15) 415 ، 416.
الآية [10] : (7) 239 ، (10) 138 ، (13) 135 ، (14) 8.
الآية [15] : (13) 109 ، 116.
الآيتان [20 - 21] : (13) 109.
الآية [22] : (13) 109 ، (15) 87.
الآية [25] : (1) 191.
الآية [26] : (3) 19 ، 269.
الآيتان [25 - 26] : (8) 556.
الآية [34] : (13) 109.
الآية [36] : (4) 248.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 54
الآية [37] : (2) 26.
الآية [38] : (12) 180.
الآية [39] : (15) 503.
الآيتان [43 - 44] : (1) 21 ، (15) 326.
الآية [43] : (13) 109.
الآية [45] : (13) 109 ، (14) 113.
الآية [49] : (8) 48 ، (12) 41 ، (15) 284.
الآية [55] : (15) 62.
الآية [56] : (1) 232 ، 553 ، (3) 48 ، (4) 271 ، (6) 137 ، 339 ، (12) 282 ، (13) 125.
سورة الجاثية
الآية [1] : (2) 85.
الآية [2] : (4) 109.
الآية [13] : (3) 200.
الآية [14] : (9) 83 ، 369 ، (13) 136 ، (14) 28.
الآية [22] : (13) 44.
الآية [23] : (1) 137 ، 138 ، 139 ، (4) 168 ، (8) 85 ، (12) 192 ، (13) 216.
الآية [24] : (9) 159.
الآية [25] : (2) 298 ، (9) 45.
الآية [28] : (1) 87 ، (8) 435.
الآية [29] : (9) 246 ، (14) 46.
الآية [32] : (10) 8 ، (15) 203 ، 277.
الآية [36] : (4) 230.
سورة الأحقاف
الآية [1] : (2) 85.
الآية [2] : (4) 109.
الآية [4] : (10) 282.
الآية [8] : (13) 253.
الآية [10] : (1) 394 ، (6) 230 ، (7) 489 ، (13) 161 ، 169.
الآية [11] : (1) 179 ، (4) 153 ، (8) 299 ، (12) 161 ، 331.
الآية [13] : (2) 33 ، (4) 53 ، (13) 319 ، (15) 109.
الآية [15] : (10) 261 ، (11) 85 ، (13) 161. الآية [17] : (13) 161.
الآية [21] : (9) 228 ، (15) 338.
الآية [24] : (4) 409.
الآية [25] : (7) 452 ، (10) 142.
الآية [26] : (4) 90.
الآية [29] : (1) 12 ، (4) 272 ، (15) 93.
الآية [31] : (5) 91 ، (10) 300 ، (15) 79.
الآية [32] : (4) 149.
الآية [33] : (13) 168 ، 328.
الآية [35] : (13) 161.
سورة محمد
الآية [2] : (11) 141.
الآية [4] : (5) 229 ، (9) 349 ، (12) 196 ، (13) 193.
الآية [7] : (8) 185.
الآية [8] : (1) 98.
الآية [11] : (4) 168 ، (6) 103.
الآية [13] : (8) 125 ، (13) 193.
الآية [14] : (11) 342.
الآية [15] : (1) 204 ، (3) 301 ، (7) 192 ، 301 ، 425 ، (13) 193.
الآية [17] : (1) 96 ، (3) 72 ، (11) 15.
الآية [19] : (1) 254 ، 386 ، (7) 146.
الآيتان [22 - 23] : (8) 102.
الآية [24] : (1) 7 ، (3) 308 ، (9) 161.
الآية [31] : (15) 111.
الآية [35] : (13) 241.
الآية [38] : (3) 159 ، 176 ، 330 ، (5) 205 ، (6) 222 ، (13) 238 ، 241 ، (15) 184.
سورة الفتح
الآيتان [1 - 2] : (4) 318 ، (5) 256 ، (13) 238 ، (14) 263.
الآية [1] : (1) 35 ، (7) 323 ، (13) 26 ، 238.
الآية [2] : (10) 96 ، (11) 224 ، (13) 167 ، 168.
الآية [4] : (1) 59 ، (2) 288 ، (5) 156.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 55
الآية [5] : (13) 167.
الآية [7] : (1) 59.
الآية [8] : (6) 229 ، (11) 225.
الآية [9] : (14) 165.
الآية [10] : (3) 168 ، 254 ، 128 ، (4) 237 ، (6) 16 ، (8) 460 ، (9) 385.
الآية [11] : (1) 16.
الآية [16] : (1) 472.
الآية [17] : (5) 295.
الآية [26] : (2) 242.
الآية [27] : (6) 339 ، (13) 241.
الآية [28] : (13) 167 ، (14) 345.
الآية [29] : (3) 172 ، (9) 392 ، (11) 141 ، (13) 284 ، (14) 189.
سورة الحجرات
الآية [1] : (5) 239 ، (13) 284.
الآية [2] : (13) 284.
الآية [6] : (7) 68 ، (9) 298 ، (13) 284.
الآية [7] : (1) 115 ، (6) 75 ، (8) 525 ، (10) 154.
الآية [9] : (1) 115 ، (2) 373 ، (3) 283 ، (4) 346 ، (14) 112.
الآية [10] : (2) 236.
الآية [11] : (1) 260 ، 261 ، 466 ، (2) 181 ، (9) 314 ، (13) 284.
الآية [12] : (13) 284.
الآية [13] : (2) 119 ، (11) 194 ، (3) 284.
الآية [14] : (1) 114 ، (2) 208.
الآية [15] : (13) 284.
الآية [16] : (4) 112 ، (14) 256.
الآية [18] : (13) 252.
الآية [17] : (11) 30 ، (13) 234 ، 251.
الآية [60] : (11) 134.
سورة ق
الآية [1] : (1) 107 ، (2) 85 ، (13) 321 ، 344 ، الآية [4] : (11) 280 ، (13) 323. الآية [6] : (12) 104.
الآية [9] : (2) 410.
الآية [10] : (14) 140 ، (15) 180.
الآية [14] : (10) 116.
الآية [15] : (13) 344.
الآية [16] : (1) 84 ، (5) 178 ، (13) 344.
الآية [17] : (3) 366.
الآية [18] : (4) 166 ، (7) 108 ، (8) 447 ، (13) 323.
الآية [19] : (9) 235.
الآية [20] : (2) 272.
الآية [21] : (12) 285 ، (15) 461.
الآية [22] : (8) 118 ، (11) 389.
الآية [24] : (13) 332 ، 343 ، (14) 104.
الآية [28] : (13) 51.
الآية [29] : (13) 323.
الآية [30] : (2) 322 ، (9) 431 ، (11) 10.
الآية [31] : (13) 332 ، (15) 260.
الآية [35] : (6) 192.
الآية [36] : (3) 258.
الآية [37] : (1) 260 ، 382 ، (9) 161 ، (13) 323 ، (14) 320.
الآية [38] : (12) 360 ، (14) 18.
الآية [39] : (13) 321.
الآية [40] : (2) 151.
الآية [41] : (8) 89.
الآية [45] : (14) 5 ، (15) 319 ، 330.
سورة الذاريات
الآية [2] : (1) 82.
الآية [4] : (12) 103 ، 105.
الآية [6] : (14) 11.
الآية [7] : (12) 24.
الآية [8] : (14) 19.
الآية [12] : (14) 11.
الآية [12] : (14) 11.
الآية [13] : (6) 159.
الآية [17] : (1) 319.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 56
الآية [19] : (1) 444 ، (15) 475.
الآيتان [20 - 21] : (4) 224.
الآية [21] : (1) 82.
الآية [22] : (14) 18 ، (15) 19.
الآية [23] : (8) 56.
الآية [25] : (6) 292.
الآية [26] : (5) 301 ، (6) 291.
الآية [27] : (12) 25.
الآية [28] : (6) 290.
الآية [29] : (12) 365.
الآية [31] : (6) 290 ، 301 ، (8) 562.
الآية [33] : (6) 309.
الآية [40] : (1) 257 ، 335.
الآية [41] : (1) 431.
الآية [47] : (12) 34.
الآية [49] : (15) 335.
الآية [50] : (8) 523.
الآية [52] : (12) 379.
الآية [55] : (8) 412.
الآية [56] : (1) 89 ، (5) 110 ، 111 ، (6) 356 ، (7) 453 ، (8) 33 ، 48 ، 485 ، (10) 54 ، (12) 180 ، (15) 429.
الآية [57] : (4) 105.
الآية [58] : (11) 13.
سورة الطور
الآية [5] : (12) 25.
الآية [13] : (1) 381.
الآية [14] : (4) 122.
الآية [16] : (12) 370.
الآية [20] : (12) 35.
الآية [21] : (12) 301 ، 302 ، (14) 44 ، 66.
الآية [22] : (5) 139.
الآية [23] : (1) 234.
الآية [24] : (12) 84.
الآية [25] : (1) 29 ، (9) 264.
الآية [28] : (14) 34. الآية [29] : (14) 41.
الآية [30] : (9) 43 ، (13) 135.
الآية [31] : (14) 41.
الآية [32] : (14) 41.
الآية [33] : (14) 42.
الآية [34] : (14) 42.
الآية [35] : (13) 144.
الآية [36] : (14) 38 ، 42.
الآية [37] : (14) 42.
الآية [38] : (4) 131 ، (14) 42.
الآية [40] : (14) 42.
الآية [41] : (14) 42.
الآية [42] : (13) 103.
الآية [48] : (8) 524 ، (9) 71.
الآية [49] : (14) 44.
سورة النجم
الآية [1] : (12) 265.
الآية [2] : (4) 334.
الآية [3] : (2) 266 ، (7) 452.
الآيتان [3 - 4] : (1) 352.
الآية [4] : (9) 174.
الآية [5] : (11) 338 ، (15) 264.
الآية [10] : (2) 13 ، (3) 356 ، (4) 8 ، (8) 501 ، (12) 115.
الآية [11] : (8) 525 ، (10) 119.
الآية [12] : (3) 73 ، (14) 56.
الآية [17] : (7) 331 ، (8) 15.
الآية [18] : (8) 14 ، (11) 337.
الآيتان [19 - 20] : (3) 59 ، (9) 174 ، 177.
الآية [20] : (3) 160 ، (9) 168.
الآية [21] : (9) 175.
الآية [22] : (7) 408.
الآية [23] : (9) 170 ، 175.
الآية [26] : (9) 170.
الآية [27] : (2) 140.
الآية [28] : (7) 66.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 57
الآية [29] : (8) 286 ، (15) 319.
الآية [30] : (12) 344.
الآية [32] : (3) 137 ، (6) 138 ، (11) 281 ، (14) 44.
الآية [33] : (14) 44.
الآية [34] : (15) 480.
الآية [35] : (1) 131.
الآية [39] : (13) 315 ، (14) 44.
الآية [40] : (1) 132 (9) 174.
الآية [42] : (1) 80 ، 258 ، (4) 191 (14) 50 ، (15) 74.
الآية [49] : (14) 45.
الآية [50] : (14) 73.
الآية [53] : (14) 73.
الآية [55] : (9) 174 ، (15) 202.
الآية [57] : (14) 73.
الآية [89] : (9) 168.
سورة القمر
الآية [1] : (7) 335 ، (9) 6 ، (14) 73 ، 98.
الآية [5] : (8) 102.
الآية [2] : (4) 88.
الآية [9] : (13) 332.
الآية [10] : (9) 70.
الآية [12] : (254 ، (6) 251 ، (8) 204 ، 216.
الآية [15] : (9) 230.
الآية [17] : (14) 98.
الآية [19] : (12) 105.
الآية [20] : (10) 112.
الآية [22] : (14) 98.
الآية [24] : (14) 316.
الآية [25] : (2) 98 ، (4) 153.
الآية [28] : (1) 118 ، (8) 227.
الآية [29] : (4) 403 ، (10) 113.
الآية [32] : (14) 98.
الآية [34] : (6) 305.
الآية [40] : (14) 98. الآية [42] : (2) 10.
الآية [44] : (14) 73.
الآية [45] : (14) 73.
الآية [46] : (12) 382 ، (14) 73 ، 96.
الآية [47] : (14) 96 ، (15) 87.
الآية [48] : (8) 166 ، (14) 96.
الآية [49] : (6) 307 ، (7) 104 ، 371.
الآية [50] : (12) 139.
الآية [54] : (14) 96.
الآية [55] : (15) 181.
سورة الرحمن
الآيتان [1 - ] : (7) 115 ، (8) 468.
الآية [1] : (1) 65 ، (8) 527.
الآية [2] : (1) 10.
الآية [4] : (8) 526.
الآية [6] : (14) 21.
الآية [7] : (5) 344.
الآية [15] : (1) 231 ، (15) 92.
الآية [17] : (12) 66 ، (14) 121.
الآية [19] : (1) 256.
الآيتان [19 - 20] : (10) 35.
الآية [20] : (15) 267.
الآية [22] : (1) 274 ، (4) 272 ، (11) 352 ، (13) 39.
الآية [24] : (4) 359 ، (12) 146.
الآية [26] : (2) 357 ، (8) 169 ، (12) 57.
الآية [29] : (2) 113 ، (2) 114 ، (12) 291 ، (14) 96.
الآية [31] : (1) 89 ، (8) 476 ، (14) 104.
الآية [33] : (5) 93 ، (10) 353.
الآية [37] : (13) 131 ، (14) 128.
الآية [39] : (1) 98 ، (4) 322 ، (10) 238 ، 326.
الآية [41] : (1) 381 ، (9) 53 ، (10) 326 ، (12) 38 ، (14) 96 ، (15) 449.
الآيتان [43 - 44] : (12) 94.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 58
الآية [43] : (4) 122.
الآية [44] : (15) 325.
الآية [46] : (13) 5 ، (14) 120 ، (15) 176.
الآية [52] : (13) 205 ، (14) 121.
الآية [54] : (12) 146 ، (14) 124.
الآية [56] : (14) 121.
الآية [58] : (12) 87 ، (14) 122.
الآية [60] : (4) 383.
الآية [68] : (9) 223 ، (14) 103.
الآية [72] : (3) 127.
سورة الواقعة
الآيتان [5 - 6] : (8) 272 ، (15) 213.
الآية [6] : (11) 81 ، (15) 50.
الآيتان [9 - 10] : (11) 194.
الآية [10] : (14) 128.
الآيتان [11 - 12] : (14) 139.
الآية [17] : (3) 248 ، (12) 84.
الآيتان [20 - 21] : (12) 83.
الآيتان [22 - 23] : (3) 248.
الآيتان [25 - 26] : (14) 159.
الآية [25] : (1) 234.
الآية [27] : (5) 98 ، (11) 194.
الآية [30] : (10) 27 ، (12) 35.
الآيتان [39 - 40] : (14) 128 ، 134.
الآية [39] : (14) 142.
الآية [41] : (5) 98 ، (11) 194 ، (14) 141.
الآية [43] : (14) 141 ، (15) 194.
الآيتان [47 - 48] : (14) 155.
الآية [47] : (6) 121 ، (12) 74 ، (14) 146.
الآية [51] : (14) 160.
الآيتان [52 - 53] : (12) 54.
الآيتان [53 - 54] : (12) 93.
الآيتان [63 - 64] : (1) 517.
الآية [64] : (10) 245.
الآية [70] : (12) 30.
الآية [؟؟؟] : (12) 105. الآية [74] : (14) 164 ، (15) 314.
الآيتان [75 - 76] : (12) 103.
الآية [75] : (3) 68 ، (14) 128 ، 156 ، (15) 59.
الآية [76] : (2) 131.
الآية [77] : (14) 99.
الآية [79] : (11) 333 ، (14) 99.
الآية [80] : (14) 142.
الآية [82] : (14) 128.
الآيتان [88 - 89] : (8) 394.
الآية [89] : (7) 472.
الآية [90] : (8) 117.
الآية [91] : (7) 472.
الآية [92] : (8) 117.
الآية [94] : (15) 289.
الآية [96] : (14) 164.
سورة الحديد
الآية [3] : (1) 247 ، (12) 333.
الآية [4] : (1) 132 ، (4) 86 ، (11) 335 ، (14) 197.
الآية [6] : (2) 113 ، (4) 376 ، (12) 229.
الآية [7] : (14) 164.
الآية [11] : (2) 33 ، (2) 71 ، 352 ، (13) 145.
الآية [12] : (14) 192.
الآية [13] : (4) 363 ، (8) 332 ، (10) 188.
الآية [15] : (3) 361.
الآية [16] : (14) 164.
الآية [18] : (1) 335 ، (2) 208.
الآية [20] : (14) 184.
الآية [21] : (2) 271 ، (7) 155.
الآية [22] : (2) 316 ، (4) 163.
الآية [23] : (10) 318 ، (15) 109.
الآية [25] : (7) 276 ، (8) 176 ، (14) 24.
الآية [26] : (8) 113 ، (14) 315.
الآية [27] : (6) 49.
الآية [28] : (2) 384 ، (3) 94.
الآية [29] : (2) 400 ، (4) 328 ، (10) 186 ،

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 59
(14) 151 ، 184 ، (15) 150.
الآية [170] : (14) 337.
سورة المجادلة
الآية [1] : (14) 197.
الآية [3] : (4) 65.
الآية [6] : (15) 237.
الآية [7] : (1) 142 ، (10) 66 ، (14) 197.
الآية [8] : (1) 16 ، 331 ، (12) 258.
الآية [14] : (4) 118.
الآية [18] : (4) 118 ، (14) 226.
الآية [21] : (4) 130 ، (7) 238 ، (13) 264 ، (14) 232.
الآية [22] : (3) 238 ، (5) 14.
الآية [22] : (1) 114 ، (3) 200 ، (6) 8 ، (9) 410.
الآية [42] : (2) 310.
الآية [45] : (12) 148.
سورة الحشر
الآية [2] : (2) 334 ، (7) 83 ، (14) 232.
الآية [4] : (3) 140.
الآية [6] : (14) 232.
الآية [7] : (4) 137 ، (8) 198 ، (13) 287.
الآية [9] : (3) 131 ، 265 ، (7) 384 ، (13) 236.
الآية [10] : (6) 8 ، 10 ، (8) 461 ، (11) 261.
الآية [11] : (13) 231.
الآية [12] : (14) 262.
الآية [13] : (6) 53.
الآية [14] : (1) 170.
الآية [20] : (6) 434.
الآية [21] : (1) 165 ، 211 ، (7) 146.
سورة الممتحنة
الآية [1] : (7) 368 ، (8) 417 ، (14) 275.
الآية [2] : (8) 417.
الآية [3] : (8) 417.
الآية [4] : (6) 34 ، 37 ، (8) 417. الآية [8] : (2) 116 ، (4) 346 ، (8) 417.
الآية [9] : (14) 275.
الآية [10] : (3) 5 ، 238 ، (7) 36 ، (8) 71.
الآية [12] : (8) 311.
سورة الصف
الآيتان [1 - 2] : (14) 277.
الآية [2] : (2) 239.
الآية [5] : (5) 58 ، (7) 255 ، 470.
الآية [6] : (14) 287.
الآية [8] : (2) 193.
الآية [9] : (14) 345.
الآيتان [10 - 11] : (7) 208.
الآية [10] : (7) 187 ، (14) 287.
الآية [11] : (6) 28.
الآية [14] : (2) 168 ، 169 ، (3) 243 ، (4) 4 ، 56 ، (9) 339.
سورة الجمعة
الآية [2] : (14) 287.
الآية [5] : (3) 48 ، (10) 364 ، (15) 148.
الآية [6] : (5) 297 ، (14) 287.
الآية [9] : (1) 417 ، (4) 12 ، (14) 9.
الآية [10] : (9) 343.
الآية [11] : (2) 42 ، (2) 313 ، (3) 137 ، (7) 209.
الآية [30] : (6) 10.
سورة المنافقون
الآية [1] : 160 ، (14) 7 ، 287.
الآية [4] : (8) 279 ، (15) 137.
الآية [5] : (2) 197.
الآية [6] : (5) 336 ، 341.
الآيتان [7 - 8] : (14) 304.
الآية [8] : (11) 346.
الآية [9] : (14) 314.
الآية [10] : (2) 409 ، (5) 29 ، 257 ، (14) 314.
الآية [11] : (3) 357.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 60
سورة التغابن
الآية [1] : (1) 76.
الآية [2] : (4) 347.
الآية [6] : (7) 187.
الآية [9] : (6) 332 ، (13) 15.
الآية [10] : (1) 243.
الآية [11] : (1) 180 ، (4) 112 ، (14) 256.
الآية [14] : (14) 314 ، 324.
الآية [15] : (14) 314.
الآية [16] : (2) 234 ، (3) 265 ، (9) 199 ، (13) 236.
سورة الطلاق
الآية [1] : (1) 526 ، (2) 303 ، (5) 138 ، (6) 136 ، (12) 253 ، (13) 250.
الآية [2] : (1) 28 ، 207 ، 512 ، (4) 57.
الآية [3] : (6) 194.
الآية [4] : (1) 543.
الآية [6] : (2) 427.
الآية [7] : (11) 339 ، (15) 390.
الآيتان [10 - 11] : (7) 386 ، (9) 9.
الآية [12] : (4) 78 ، (7) 88 ، (8) 454 ، (15) 3.
سورة التحريم
الآية [2] : (3) 128 ، (4) 15.
الآية [40] : (3) 303 ، (4) 339.
الآية [6] : (1) 340 ، 383 ، (5) 17 ، (6) 129 ، 337 ، (7) 368 ، (8) 422 ، (15) 131.
الآية [8] : (2) 373.
الآية [9] : (2) 14 ، (4) 185 ، (10) 33 ، (11) 267.
الآية [10] : (11) 392.
الآية [11] : (7) 127 ، (8) 136.
الآية [12] : (3) 373 ، (7) 306.
سورة الملك
الآية [1] : (4) 161 ، (15) 3.
الآية [2] : (1) 176 ، (6) 79 ، (9) 43 ، (11) 24. الآيتان [3 - 4] : (1) 69 ، 135 ، 218.
الآية [3] : (7) 270 ، (8) 514 ، (9) 220 ، (11) 121 ، (15) 83 ، 315.
الآية [4] : (1) 531 ، (2) 94 ، (3) 347 ، (6) 12 ، (7) 321 ، (12) 215 ، 247 ، 306.
الآية [5] : (7) 272 ، (8) 392 ، (9) 42 ، (12) 69 ، 71 ، (15) 295.
الآية [8] : (15) 454.
الآية [9] : (8) 594 ، (12) 329.
الآية [13] : (1) 16 ، 17 ، (11) 100.
الآية [14] : (12) 59 ، 114.
الآية [16] : (10) 290 ، (11) 120.
الآية [18] : (12) 89.
الآية [19] : (8) 314 ، (11) 281.
الآية [25] : (11) 280 ، (14) 24 ، (15) 211 ، 238.
الآية [27] : (8) 575.
الآية [30] : (9) 221 ، (10) 313 ، (15) 26 ، 63.
سورة القلم
الآية [1] : (15) 399.
الآية [2] : (8) 317 ، (11) 365 ، (13) 51 ، (14) 291.
الآية [4] : (1) 54 ، (3) 149 ، (8) 78.
الآية [8] : (2) 381.
الآية [10] : (1) 246.
الآية [13] : (15) 198 ، 234.
الآية [17] : (15) 26.
الآيتان [19 - 20] : (15) 26.
الآية [28] : (4) 402.
الآية [30] : (15) 36.
الآية [33] : (15) 26.
الآية [42] : (2) 252.
الآية [48] : (7) 39. (15) 26.
الآية [5] : (15) 26.
سورة الحاقة
الآية [1] : (15) 447.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 61
الآية [3] : (15) 447.
الآية [5] : (15) 362.
الآية [7] : (14) 84 ، 86 ، 306.
الآية [11] : (15) 47.
الآية [13] : (9) 24 ، (10) 244.
الآية [15] : (10) 244.
الآية [16] : (15) 286.
الآية [17] : (8) 470 ، 472.
الآية [18] : (10) 244.
الآية [19] : (8) 116 ، (12) 320 ، (15) 289.
الآية [21] : (1) 379 ، (3) 85 ، (5) 323 ، (11) 65 ، (13) 325 ، (14) 5.
الآيتان [25 - 26] : (8) 33.
الآية [25] : (12) 320.
الآية [28] : (15) 53.
الآية [29] : (15) 53.
الآية [34] : (13) 343.
الآية [30] : (13) 343.
الآية [36] : (15) 326.
الآية [40] : (8) 564.
الآية [41] : (15) 45.
الآيتان [42 - 43] : (15) 45.
الآية [47] : (1) 342 ، (8) 220 ، (9) 438 ، (11) 186 ، (15) 509.
سورة المعارج
الآية [1] : (1) 372 ، (12) 166.
الآية [4] : (4) 109 ، (11) 119 ، 120 ، (15) 75.
الآيتان [6 - 7] : (9) 5 ، 161.
الآية [8] : (13) 131 ، (14) 113.
الآية [10] : (6) 122.
الآيتان [14 - 15] : (8) 446.
الآية [19] : (15) 341.
الآية [20] : (2) 256.
الآية [21] : (3) 265 ، (15) 341.
الآية [23] : (9) 214.
الآية [24] : (1) 372 ، 373 ، (15) 62. الآية [26] : (14) 65.
الآية [30] : (3) 8.
الآية [35] : (15) 70.
الآية [36] : (15) 70.
الآيتان [38 - 39] : (8) 446.
الآية [41] : (15) 75.
الآيتان [43 - 44] : (14) 79 ، (15) 295.
الآية [43] : (10) 242 ، (12) 283 ، (14) 79.
سورة نوح
الآية [1] : (6) 189 ، (15) 75.
الآية [2] : (7) 187.
الآية [4] : (7) 187.
الآية [5] : (4) 391 ، (6) 236.
الآية [9] : (7) 31.
الآيتان [10 - 11] : (15) 91.
الآية [12] : (6) 279.
الآية [13] : (10) 4 ، (14) 169.
الآيتان [15 - 16] : (12) 24 ، (14) 106.
الآية [15] : (9) 220.
الآية [16] : (8) 524 ، (10) 41.
الآية [17] : (3) 19 ، 66 ، (4) 302 ، (6) 74 ، 194 ، 340 ، (7) 112 ، (8) 79 ، 138 ، 372 ، (9) 391 ، (10) 22 ، 62 ، 352 ، (12) 307 ، (15) 118 ، 216.
الآية [19] : (7) 355.
الآية [20] : (9) 37.
الآية [25] : (6) 136 ، (8) 442 ، (10) 282 ، (15) 91.
الآية [26] : (9) 70 ، 228 ، (12) 95.
سورة الجن
الآيتان [1 - 2] : (15) 311.
الآية [1] : (13) 187.
الآية [6] : (4) 357.
الآيتان [8 - 9] : (10) 130.
الآية [8] : (4) 91 ، (12) 72 ، 73 ، (14) 154.
الآية [9] : (7) 271.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 62
الآية [11] : (3) 22.
الآية [15] : (2) 400 ، (4) 346.
الآيتان [16 - 17] : (15) 189.
الآية [16] : (15) 91.
الآية [18] : (8) 410 ، (15) 112 ، 509.
الآية [19] : (8) 48 ، (15) 112.
الآية [23] : (15) 91.
الآيتان [26 - 27] : (2) 10 ، (10) 222.
الآية [26] : (6) 223 ، (10) 131 ، 222.
الآية [27] : (1) 198 ، (9) 172.
الآية [28] : (1) 176 ، (10) 131.
سورة المزمل
الآيتان [1 - 2] : (8) 465.
الآية [1] : (15) 389.
الآية [2] : (15) 112.
الآية [4] : (10) 16.
الآية [5] : (15) 113.
الآية [6] : (8) 525.
الآية [9] : (14) 140.
الآية [10] : (15) 112.
الآية [14] : (15) 50 ، 227.
الآيتان [15 - 16] : (6) 156.
الآية [18] : (8) 22.
الآية [20] : (2) 422 ، (5) 140 ، (10) 124 ، 142 ، (14) 9 ، (15) 112 ، 115.
سورة المدثر
الآية [1] : (10) 190 ، (13) 111 ، (15) 128 ، 389 ، 399.
الآية [3] : (2) 55 ، (13) 201 ، (15) 57 ، 128.
الآية [5] : (15) 399.
الآية [6] : (11) 46.
الآية [11] : (4) 176.
الآيتان [15 - 16] : (8) 448.
الآية [26] : (3) 57.
الآية [30] : (15) 128.
الآية [31] : (1) 82 ، 143 ، (8) 13 ، (12) 300 ، (15) 128.
الآية [32] : (8) 446 ، 447.
الآية [33] : (15) 335.
الآيتان [38 - 39] : (14) 34.
الآية [40] : (8) 545.
الآية [42 - 43] : (6) 14.
الآية [42] : (1) 186 ، (9) 229 ، (15) 454.
الآية [43] : (15) 164.
الآية [44] : (1) 186.
الآية [46] : (6) 14 ، (8) 545 ، (15) 164.
الآية [48] : (8) 573.
الآية [49] : (1) 136 ، (3) 103 ، (6) 108.
الآية [52] : (4) 265.
الآيتان [52 ، 53] : (8) 446.
الآية [53] : (15) 150.
الآيتان [54 - 55] : (7) 415.
سورة القيامة
الآية [1] : (3) 68 ، (7) 363 ، (15) 398.
الآيتان [3 - 4] : (12) 57.
الآية [4] : (5) 167.
الآية [11] : (8) 446.
الآية [16] : (15) 150 ، 318.
الآيتان [18 - 19] : (14) 126.
الآية [19] : (8) 472.
الآية [20] : (8) 446.
الآية [22] : (15) 227.
الآية [27] : (15) 227.
الآية [26] : (8) 446.
الآية [29] : (9) 153.
الآيتان [30 ، 31] : (4) 308.
الآية [31] : (15) 322 ، 354.
الآيتان [34 - 35] : (15) 140.
الآية [39] : (10) 35.
الآية [66] : (8) 577.
سورة النبأ
الآيتان [4 ، 5] : (7) 430.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 63
الآية [4] : (8) 446.
الآية [6] : (15) 201.
الآية [11] : (10) 29.
الآيتان [14 ، 15] : (15) 249.
الآية [17] : (15) 201.
الآية [19] : (15) 51 ، 191.
الآية [20] : (14) 131.
الآية [23] : (6) 336.
الآية [30] : (7) 215.
الآية [38] : (6) 334 ، (11) 310.
الآية [40] : (8) 193 ، (11) 386 ، (12) 41.
سورة المرسلات
الآية [13] : (15) 201.
الآية [16] : (15) 201.
الآية [20] : (11) 58 ، (15) 201.
الآية [25] : (15) 201.
الآية [33] : (1) 289.
الآيتان [34 ، 35] : (7) 443.
الآيتان [35 ، 36] : (6) 334.
الآية [36] : (12) 330.
الآية [38] : (13) 29.
الآية [41] : (12) 35.
الآية [48] : (3) 335.
الآية [62] : (12) 83.
سورة الإنسان
الآية [1] : (7) 46 ، (11) 114.
الآية [3] : (15) 353.
الآية [4] : (15) 13.
الآية [5] : (18) 172.
الآية [6] : (12) 232.
الآية [8] : (2) 45 ، (15) 439.
الآيتان [15 - 16] : (8) 450.
الآية [16] : (15) 328.
الآية [18] : (15) 172.
الآية [20] : (4) 46.
الآية [21] : (1) 166 ، 274 ، (8) 257 ، (10) 31. الآية [24] : (1) 546 ، (2) 192 ، (4) 291 ، 307 ، (15) 166.
الآية [30] : (8) 254.
الآية [31] : (15) 187.
سورة النازعات
الآية [5] : (1) 221 ، (6) 104 ، (11) 338 ، (12) 103 ، 105.
الآية [8] : (8) 508.
الآية [13] : (15) 232.
الآية [16] : (1) 18.
الآية [17] : (9) 237.
الآية [19] : (8) 508 ، (9) 237.
الآية [32] : (12) 358.
الآية [24] : (2) 364 ، 365 ، (5) 29 ، (6) 173 ، 175 ، (10) 73 ، 74.
الآية [26] : (6) 175.
الآية [27] : (1) 218 ، (4) 85 ، (8) 468 ، (12) 357.
الآية [32] : (1) 218 ، (5) 123.
الآية [33] : (12) 357.
الآية [40] : (11) 256.
الآية [42] : (8) 571.
الآية [45] : (1) 113 ، (7) 226 ، (8) 412 ، (15) 241.
سورة عبس
الآية [1] : (15) 113.
الآية [3] : (4) 240 ، (15) 271 ، 412.
الآية [11] : (14) 153.
الآية [13] : (8) 446.
الآية [16] : (14) 153.
الآية [17] : (5) 132.
الآية [18] : (10) 135.
الآية [19] : (15) 193.
الآية [27] : (7) 350.
الآية [31] : (7) 350.
الآية [34] : (1) 252 ، (12) 320 ، (14)

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 64
الآية [37] : (1) 252.
سورة التكوير
الآيتان [1 ، 2] : (8) 86.
الآية [1] : (8) 525.
الآية [6] : (1) 202 ، (14) 29.
الآية [7] : (7) 240.
الآية [9] : (8) 69.
الآية [14] : (4) 176 ، (11) 96 ، (13) 113 ، (14) 121 ، 253 ، (15) 296 ، 328.
الآيتان [15 - 16] : (12) 103 ، 105.
الآية [15] : (4) 321.
الآيتان [17 - 18] : (15) 359.
الآية [17] : (4) 321 ، (15) 335.
الآية [18] : (4) 218 ، (15) 334.
الآية [19] : (8) 564.
الآية [20] : (14) 337.
الآية [23] : (14) 52.
الآية [26] : (1) 136.
الآية [27] : (12) 48.
الآية [29] : (8) 254.
سورة الانفطار
الآية [1] : (15) 212.
الآية [3] : (14) 29.
الآية [5] : (15) 328.
الآية [6] : (6) 387 ، (7) 45 ، (8) 415 ، (9) 49.
الآية [9] : (8) 448 ، (15) 269.
الآيتان [10 - 11] : (4) 166 (15) 273 ، 307.
الآية [12] : (4) 166 ، (6) 292.
الآية [13 - 14] : (1) 418.
الآية [17] : (15) 412.
الآية [19] : (1) 86 ، 88.
سورة المطففين
الآية [1] : (5) 236.
الآية [3] : (6) 409.
الآية [6] : (14) 115 ، (15) 273. الآية [7] : (7) 239 ، (8) 447.
الآية [14] : (6) 14 ، (8) 447 ، (15) 162.
الآية [15] : (8) 244 ، 447.
الآية [18] : (2) 170 ، (7) 239 ، (8) 447.
الآيتان [20 ، 21] : (15) 296.
الآية [24] : (13) 97 ، (15) 327.
الآية [29] : (8) 545 ، (10) 175 ، (15) 273.
الآية [34] : (4) 271 ، (10) 175.
سورة الانشقاق
الآية [1] : (15) 191 ، 212 ، 410.
الآية [4] : (8) 273.
الآية [14] : (2) 169.
الآية [16] : (3) 68.
الآية [20] : (4) 6.
الآية [24] : (1) 94 ، 203 ، 286 ، (5) 139 ، 323 ، (7) 107 ، 122 ، (11) 131 ، (15) 284 ، 501.
سورة البروج
الآية [4] : (12) 67.
الآية [10] : (189 ، 190 ، 280 ، (3) 368 ، (15) 297.
الآية [12] : (15) 296.
الآية [13] : (7) 277.
الآية [16] : (3) 305 ، (5) 303.
الآية [20] : (4) 181 ، 244.
الآيتان [21 ، 22] : (1) 12.
سورة الطارق
الآية [1] : (12) 103 ، 105.
الآية [3] : (12) 103.
الآية [4] : (6) 344.
الآيتان [5 ، 6] : (5) 101.
الآية [9] : (2) 252 ، (15) 52.
الآية [12] : (15) 313.
الآية [13] : (4) 161.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 65
سورة الأعلى
الآية [1] : (1) 55 ، (4) 380 ، (9) 368 ، (14) 150.
الآية [2] : (15) 313.
الآيتان [4 - 5] : (8) 271 ، (15) 313.
الآية [6] : (1) 350 ، (4) 173.
الآيتان [14 - 15] : (9) 208.
الآية [14] : (2) 72 ، (15) 362.
الآية [18] : (13) 169.
سورة الغاشية
الآية [3] : (15) 333.
الآيتان [6 ، 7] : (7) 258.
الآية [6] : (15) 58.
الآية [8] : (15) 333.
الآية [17] : (10) 26 ، (12) 343 ، (15) 333.
الآية [22] : (2) 345 ، (6) 307.
الآية [24] : (6) 307.
الآية [25 ، 26] : (15) 337.
سورة الفجر
الآيتان [3 - 4] : (8) 446.
الآية [4] : (10) 351 ، (12) 174.
الآية [6] : (6) 78 ، (15) 333.
الآية [14] : (6) 282 ، (7) 294.
الآية [17] : (8) 447.
الآيتان [16 ، 17] : (8) 448.
الآية [21] : (8) 447.
الآية [22] : (1) 168 ، (10) 9 ، (15) 220.
الآية [23] : (13) 208.
الآية [24] : (8) 486.
الآية [27] : (15) 333.
الآية [28] : (4) 168 ، (15) 371.
سورة البلد
الآيتان [1 - 2] : (15) 349.
الآية [1] : (3) 68 ، (7) 363.
الآية [3] : (15) 359. الآية [10] : (12) 365 ، (15) 357 ، 360.
الآية [11] : (4) 188 ، (12) 359.
الآية [13] : (12) 359.
الآيتان [14 ، 15] : (14) 336.
الآية [16] : (5) 310 ، (12) 359.
الآية [17] : (12) 359.
سورة الشمس
الآية [1] : (15) 297.
الآية [5] : (1) 462.
الآية [6] : (8) 263.
الآية [7] : (13) 28.
الآية [8] : (1) 135 ، (6) 121 ، (8) 50 ، 150 ، (13) 61 ، (15) 357.
الآيتان [9 ، 10] : (15) 357.
الآية [9] : (2) 72 ، (3) 53 ، (9) 206 ، 208 ، (12) 156 ، (15) 297 ، 365.
الآية [10] : (13) 28.
الآية [11] : (15) 46.
الآية [13] : (1) 379 ، (12) 284.
الآيتان [14 - 15] : (8) 111.
الآية [15] : (4) 91.
سورة الليل
الآيتان [1 - 2] : (4) 321 ، (12) 66 ، 229.
الآية [1] : (1) 33 ، (2) 313.
الآية [10] : (5) 139.
الآية [14] : (6) 337 ، (10) 10.
الآية [17] : (15) 365 ، 372.
سورة الضحى
الآية [5] : (3) 57.
الآية [6] : (15) 385.
الآية [7] : (10) 69.
الآية [9] : (6) 215.
سورة الشرح
الآيتان [1 - 2] : (11) 373.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 66
الآية [1] : (1) 285 ، (7) 201 ، (8) 525 ، (15) 60 ، 385.
الآية [2] : (7) 144.
الآيتان [5 ، 6] : (15) 385.
سورة التين
الآية [2] : (14) 27.
الآية [3] : (15) 393.
الآية [4] : (11) 121.
الآيتان [5 ، 6] : (7) 425.
الآية [6] : (9) 178.
سورة العلق
الآية [1] : (6) 362 ، (10) 190 ، (13) 111 ، 188 ، (15) 26 ، 94 ، 128 ، 387 ، 399 ، 411.
الآية [4] : (7) 286.
الآيتان [6 ، 7] : (14) 322.
الآية [6] : (8) 447 ، (11) 270.
الآية [7] : (7) 368.
الآيتان [15 - 16] : (10) 153.
الآية [15] : (8) 447.
الآية [18] : (8) 447 ، (13) 34 ، (14) 348.
الآية [19] : (15) 292.
سورة القدر
الآية [1] : (14) 48 ، (15) 157 ، 411.
الآية [4] : (1) 122 ، 260 ، (9) 21.
الآية [5] : (13) 295.
سورة البينة
الآية [1] : (1) 349 ، 512 ، (13) 77.
الآية [2] : (11) 224.
الآية [3] : (8) 22.
الآية [4] : (13) 25 ، 77.
الآية [5] : (8) 22 ، (14) 21.
الآية [8] : (6) 8 ، (13) 145.
الآية [50] : (1) 115.
سورة الزلزلة
الآية [1] : (9) 107.
الآية [2] : (7) 343 ، (15) 441.
الآية [5] : (9) 4.
الآيتان [7 - 8] : (13) 234.
الآيتان [7 - 8] : (9) 244.
الآية [7] : (7) 462 ، (8) 47 ، (15) 433.
سورة العاديات
الآية [6] : (8) 586 ، (11) 270 ، (13) 52.
الآية [8] : (11) 171 ، (12) 183.
الآية [9] : (15) 441.
سورة القارعة
الآية [4] : (11) 50 ، 81.
الآية [5] : (1) 29 ، (10) 244 ، (15) 213.
الآية [6] : (3) 31.
الآية [7] : (1) 379 ، (3) 85 ، (4) 235 ، (5) 323 ، (15) 228.
الآية [8] : (14) 102.
الآية [10] : (15) 53.
سورة التكاثر
الآية [3] : (8) 447 ، (15) 486.
الآيتان [3 - 4] : (4) 20.
الآية [5] : (8) 447.
الآية [14] : (8) 447.
سورة العصر
الآية [2] : (1) 76.
سورة الهمزة
الآية [1] : (5) 236.
الآيتان [1 - 2] : (4) 100.
الآية [3] : (12) 369.
الآية [4] : (15) 464.
الآية [7] : (1) 202.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 67
سورة الفيل
الآية [1] : (6) 78.
الآية [5] : (1) 166 ، (8) 132.
سورة قريش
الآية [1] : (2) 166 ، (15) 102.
الآيتان [3 - 4] : (10) 248.
الآية [3] : (15) 102 ، 474.
الآية [4] : (15) 474.
سورة الماعون
الآية [1] : (1) 40 ، (2) 20.
الآية [2] : (15) 356.
الآيتان [9 ، 1] : (5) 28 ، (6) 90 ، (8) 146 ، 189 ، 542.
سورة الكوثر
الآية [1] : (10) 120 ، (15) 411 ، 478.
الآية [2] : (8) 486 ، (10) 43 ، (15) 478.
الآية [3] : (10) 120 ، (15) 478.
سورة الكافرون
الآية [1] : (1) 506 ، (13) 343 ، (14) 287 ، (15) 484 ، 502 ، 511.
الآية [3] : (15) 502 ، 511. الآية [5] : (12) 235.
الآية [6] : (10) 302 ، (15) 496.
سورة النصر
الآية [1] : (15) 491.
الآية [3] : (8) 189.
سورة المسد
الآيتان [1 - 2] : (10) 132.
الآية [1] : (6) 302 ، (8) 84.
سورة الإخلاص
الآية [1] : (1) 60 ، 103 ، (3) 232 ، (7) 31 ، (8) 472 ، (13) 343 ، (14) 287 ، (15) 484 ، 504.
الآية [3] : (8) 184.
الآية [4] : (1) 504 ، (6) 133 ، (15) 58.
الآية [30] : (2) 243.
سورة الفلق
الآية [1] : (12) 115.
الآية [3] : (12) 115.
سورة الناس
الآية [2] : (1) 85.
الآية [6] : (5) 119.

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 68
فهرس الأحاديث النبوية القولية
باب الألف
آخر قرية في الإسلام خرابا المدينة. : أبو هريرة : (8) 96 آخر قرية من قرى الإسلام خرابا المدينة. : أبو هريرة : (8) 96 آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو أخرى : ابن مسعود : (12) 287 آخر وطأة وطأها اللّه تعالى بوج : ابن زيد : (6) 44 آدم عليه السلام : أبو ذر : (4) 201 آمرك وإياها أن تستكثرا من قول لا حول ولا قوة إلّا باللّه : ابن عباس : (14) 331 آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأتقاهم للّه تعالى وأوصلهم للرحم : درة بنت أبي لهب : (2) 239 آمنوا ببعض وكفروا ببعض : - : (7) 323 آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار : أنس : (6) 10 آية الكرسي : - : (1) 101 آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان : أبو هريرة : (5) 334 أبا يحيى ربح البيع ربح البيع : - : (1) 492 ابدأ بنفسك ثم بمن تعول : - : (7) 350 ابدؤوا بما بدأ اللّه تعالى به : - : (3) 252 أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك : - : (6) 42 أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها : أبو سعيد الخدري : (15) 433 أبشر يا هلال قد كنت أرجو ذلك من زني : - : (9) 302 أبغض إله عبد في الأرض عند اللّه تعالى هو الهوى : - : (13) 216 أبغض الحلال إلى اللّه الطلاق : ابن عمر : (11) 226 ، (14) 328 أبغض الرجال إلى اللّه تعالى الألد الخصم : عائشة : (1) 490 أبكي على أصحابك في أخذهم الفداء : ابن عباس : (5) 230 أبوك حذافة : - : (4) 39 أبوك وأبو عائشة أولياء الناس بعدي فإياك أن تخبري أحدا : ابن عباس : (14) 346 أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني : - : (9) 301

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 69
أبيتم فو اللّه لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا المقفى آمنتم أو كذبتم : عوف بن مالك الأشجعي : (13) 170 أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا ، الإيمان يمان والحكمة يمانية : أبو هريرة : (15) 493 أتاني جبريل عليه السلام بهذه الآية كلا إذا دكت الأرض : - : (15) 343 أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع : عثمان بن العاص : (7) 456 أتاني جبريل عليه السلام فقال : إن ربك يقول : أتدري كيف رفعت ذكرك؟ : أبو سعيد الخدري : (15) 389 أتاني جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر : أبو مسعود عقبة بن عامر (8) 126 أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن : علقمة : (13) 188 أتاني داعي الجن فذهبت معه وقرأت عليهم القرآن : ابن مسعود : (15) 93 أتاني ملك الجبال وملك البحار : - : (1) 175 ، (15) 254 اتبعوا دبة قريش ولا تفارقوا الجماعة : ابن عباس : (3) 170 أتبع السيئات الحسنة تمحها : - : (2) 379 أتحب أن تراها عريانة؟ : عطاء بن يسار : (9) 330 اتخذ اللّه تعالى ابراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا : - : (3) 149 أتدرون أي يوم ذلك : عمران بن حصين : (9) 107 أتدرون بما دعا؟ : أنس : (14) 109 أتدرون ما أخبارها؟ : أبو هريرة : (15) 435 أتدرون ما الغيبة؟ : - : (13) 309 أتدرون ما الكنود؟ : أبو أمامة : (15) 445 أتدرون ما هذان الكتابان؟ : ابن عمر : (6) 341 أتدرون ما هذان الكتابان؟ : عمرو بن العاص : (4) 347 أتدرون ما يقول؟ : - : (10) 167 أتدرون ماذا قال ربكم؟ : زيد بن خالد الجهني : (4) 221 أتدرون مم ضحكت؟ : أنس : (12) 42 أتردين عليه حديقته؟ : - : (1) 535 أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ : - : (5) 95 اتركوا الترك ما تركوكم ودعوا الحبشة ما ودعوكم : - : (15) 375 أترون هذه الشاة هينة على صاحبها؟ : سهل : (5) 287 أتريد أن تخسر صفقتك ويخيب سعيك اصبر حتى يهل الهلال : - : (12) 99 أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم :
سمعنا وعصينا : أبو هريرة : (2) 62 أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك : عائشة : (1) 535 أتشفع في حد من حدود اللّه تعالى؟ : - : (9) 281 أتشهد أن لا إله إلا اللّه وأني عبد اللّه ورسوله؟ : أبو صالح : (3) 131 أتضحكون ولم يأتكم من ربهم بأنه قد غفر لكم : عائشة : (14) 179 اتق اللّه واصبر : - : (14) 331 اتق النار ولو بشق تمرة : - : (7) 343

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 70 اتقوا اللّه تعالى فإن اللّه تعالى فاتح لكم وصانع : - : (10) 246 اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح قد أهلك من كان قبلكم : جابر بن عبد اللّه : (14) 247 اتقوا الغضب فإنه جمرة تتوقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه : - : (1) 98 اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه تعالى : - : (7) 446 ، (13) 232 اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه تعالى : - : (6) 218 اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه تعالى : أبو سعيد : (7) 317 اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور من نور اللّه تعالى : - : (5) 195 اتقوا النار ولو بشق تمرة : أنس بن مالك : (15) 439 اتقوا النار ولو بشق تمرة وردّوا السائل ولو بظلف محرق : - : (2) 272 اتقوا هذه المذابح : ابن عمر : (2) 141 اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا : سعيد بن أبي وقاص : (3) 426 أجبت بالذي لو اطلع كثير منهم عليه تركوا الصلاة : أبو ذر : (4) 67 اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث : - : (1) 509 اجتنبوا السبع الموبقات : أبو هريرة : (5) 170 اجتنبوا السبع الموبقات : الإشراك باللّه تعالى والسحر وقتل النفس التي حرم اللّه تعالى إلا بالحق : علي بن أبي طالب : (14) 62 اجتنبوا السبع الموبقات ، الشرك باللّه تعالى
والسحر ... : - : (3) 18
أجرك على قدر نصبك : - : (15) 415 اجعلها مكانها ولن تجزي عن أحد بعدك : البراء : (13) 286 اجعلوها بين آية الربا وآية الدين : - : (2) 54 أجل إن شاء اللّه تعالى : - : (8) 423 أجل شيبتني سورة هود وأخواتها الواقعة والقارعة والحاقة وإذا الشمس كورت وسأل سائل : ابن عباس : (6) 189 أجل هو عبد اللّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول : - : (2) 178 أجل وما رأينا إلا خيرا واللّه ما أدري ما يصنع بي : زيد بن ثابت : (3) 167 اجلدوها ، ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ، ثم بيعوها ولو بضفير : زيد بن خالد الجهني : (3) 12 اجمع عطفي ردائك على نحرك : زيد بن أبي أوفى : (10) 163 اجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد : علي بن أبي طالب : (13) 47 أحب البيوت إلى اللّه تعالى بيت فيه يتيم مكرم : - : (15) 341 أحبوا اللّه تعالى لما يغذوكم به من نعمة وأحبوني لحب اللّه تعالى وأحبو أهل بيتي لحبي : ابن عباس : (13) 32 أحبوا العرب لثلاث لأني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي : ابن عباس : (6) 366 احتجبا منه : أم سلمة : (9) 335

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 71
احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه : يعلى بن أمية : (9) 134 أحد صمد لم يلد ولم يولد : - : (15) 503 أحد يحبنا ونحبه : - : (4) 363 الإحسان أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك : - : (7) 454 أحسنت يا عائشة : عائشة : (3) 127 أحسنكم عقلا وأورع عن محارم اللّه تعالى وأسرعكم في طاعته سبحانه : - : (8) 198 احفظوني في العباس فإنه بقية آبائي : - : (1) 388 أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى : ابن عباس : (5) 10 أحق ما بلغني عن زوجك وأصحابه : - : (4) 9 أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت : - : (15) 507 أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال : ابن عمر : (1) 439 أحلت لي ساعة من نهار : - : (1) 503 ، (13) 241 أحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي : - : (15) 509 احلف : الأشعث بن قيس : (2) 196 أحله لأن اللّه تعالى قد أحله : صفوان بن أمية : (3) 237 أحيّ والداك؟ : عبد اللّه بن عمرو : (8) 59 أخاف أن تقوم الساعة : - : (4) 106 أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز : الحسن : (14) 141 اختاروا رجلا من أنفسكم يكون حكما بيني وبينكم : سعيد بن جبير : (13) 170 اختر منهن أربعا : - : (2) 403 اختر منهن أربعا وخل سائرهن : قيس بن الحارث الأسدي : (2) 403 الاختصار في الصلاة أصل النار : أبو هريرة : (9) 207 اختلاف أمتي رحمة : - : (2) 240 اختلف من كان قبلنا على ثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاث وهلك سائرها : ابن مسعود : (14) 191 إخراج القمامة من المسجد مهور حور العين : أبو قرصافة : (5) 260 أخر عني لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها : عمر بن الخطاب : (5) 342 أخر عني يا عمر : عمر بن الخطاب : (5) 342 أخرج أنت وأصحابك حت إذا سرت يومين فافتح كتابك : عروة : (1) 502 أخرج نفس صاحبكم الشوق إلى الجنة : - : (15) 182 اخرج يا علي فقل عن اللّه لا عن رسول اللّه لعن اللّه من يقطع السدر : أبو جعفر : (11) 302 اخرجوا فصلوا على أخ لكم : جابر : (2) 383 اخرجوا
قالوا : إلى أين؟ قال : إلى أرض المحشر : - : (14) 234 اخسأ فلن تعدو قدرك : - : (10) 138 أخشى أن تقوم الساعة : - : (3) 49 (7) 161

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 72
أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها : - : (13) 38 أخيره فإن اختاركم فخذوه بغير فداء وإن اختارني فكفوا عنه : ابن عباس : (11) 146 ادعوني بألسنة لم تعصوني فيها : - : (1) 274 إذا أحب اللّه تعالى عبدا حماه الدنيا : - : (13) 39 إذا أحب اللّه تعالى عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه : أبو هريرة : (8) 458 إذا أخذت مضجعك فقولي «الحمد للّه الكافي سبحان اللّه الأعلى» : فاطمة : (8) 185 إذا أخذتم الساحر فاقتلوه : جندب بن عبد اللّه البجلي : (8) 541 إذا أدخل اللّه تعالى الموحدين النار أماتهم فيها فإذا أراد سبحانه أن يخرجوا أمسهم العذاب تلك الساعة : - : (15) 321 إذا أذنب العبد يحدث في قلبه نكتة سوداء : - : (2) 61 إذا أراد اللّه تعالى قبض عبد بأرض جعل له إليها حاجة فلم ينته حتى يقدمها : أبو غرة الهذلي : (11) 110 إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم اللّه تعالى فكل مما امسك عليك : عدي بن حاتم : (3) 236 إذا استعنت فاستعن باللّه : ابن عباس : (1) 94 إذا استعنت فاستعن باللّه تعالى : - : (3) 297 إذا استغسلتم فاغتسلوا : - : (7) 16 إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ما له وما عليه وأقيمت عليه الحدود : أنس : (2) 415 إذا أصاب أحدا منكم وحشة أو نزل بأرض مجنة فليقل أعوذ بكلمات اللّه التامات : ابن عباس : (15) 96 إذا أقضى اللّه تعالى الأمر في السماء ضربت الملائكة أجنحتها خضعانا لقوله سبحانه : أبو هريرة : (7) 273 إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون : أبو هريرة : (14) 296 إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار : - : (3) 283 إذا التقى المسلمان فتصافحا وحمدا اللّه واستغفراه غفر لهما : البراء : (13) 276 إذا التقى المؤمنان فسلم كل واحد
منهما على الآخر وتصافحا كان أحبهما إلى اللّه تعالى أحسنهما بشرا لصاحبه : عمر : (3) 99 إذا أمّن الامام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن : أبو هريرة
: (6) 350 إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه : أبو هريرة : (12) 263 إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كانا تلك الليلة من الذاكرين اللّه كثيرا والذاكرات : أبو سعيد الخدري : (11) 201 إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح : - : (13) 227 إذا بدا اللّه لشيء من خلقه خشع له : - : (12) 108 إذا تحيرتم في الأمور ما يستعينوا من اصحاب القبور : - : (15) 225 إذا تركتم الجهاد سلط اللّه تعالى عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم : - : (2) 385

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 73
إذا تكلم اللّه تعالى بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا : ابن مسعود : (11) 311 إذا توضأ العبد لصلاة مكتوبة فأسبغ الوضوء ثم خرج من باب داره يريد المسجد : سمرة بن جندب : (10) 98 إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة : أبو هريرة : (3) 253 إذا حضر الإنسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحق : جابر بن عبد اللّه : (9) 263 إذا حكم الحاكم فاجتهد وأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر : عمرو بن العاص : (2) 241 إذا حلف أحدكم على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير منه وليكفر عن يمينه : - : (3) 223 إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند اللّه تعالى موعدا يريد ان ينجزكموه : صهيب : (6) 97 إذا دخل اهل الجنة الجنة يقول اللّه تعالى تريدون شيئا أزيدكم : صهيب : (15) 160 إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده : - : (14) 33 إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وزوجته وولده : ابن عباس : (2) 437 إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح : ابن مسعود : (12) 246 إذا دعا أحدكم فلا يقل : اللهم اغفر لي إن شئت ارزقني إن شئت ليعزم مسألته فإن اللّه تعالى يفعل ما يشاء لا مكره له : - : (9) 83 إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح : - : (13) 227 إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح : - : (8) 103 ، (9) 324 إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب وإن كان صائما تلبّث : - : (1) 119 إذا ذكر الرب فانتهوا : سفيان الثوري : (14) 67 إذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا : ابن مسعود : (12) 104 إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم اللّه سبحانه بعقاب : - : (7) 111 إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنها من اللّه تعالى : أبو سعيد الخدري : (6) 373 إذا رأى أحدكم الرؤيا
يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا وليستعذ باللّه تعالى من الشيطان الرجيم وليتحول عن جنبه الذي كان عليه : جابر : (6) 373 إذا رأيت اللّه تعالى يعطي العبد في الدنيا وهو مقيم على معاصيه فإنما هو استدراج : عقبة بن عامر : (4) 143 إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان : أبو سعيد الخدري : (5) 260 إذا زلزلت تعدل نصف القرآن : ابن عباس : (15) 433 إذا سألتم اللّه تعالى فاسألوه الفردوس : أبو هريرة : (8) 370

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 74
إذا سألتم اللّه الجنة فاسألوه الفردوس : - : (2) 272 إذا سلمتم عليّ فسلموا على المرسلين : - : (11) 260 إذا سمعتم الرعد فسبحوا ولا تكبروا : عبيد بن أبي جعفر : (7) 114 إذا شغل عبدي ثناؤه علي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين : - : (6) 72 إذا صليتم علي فاسألوا اللّه تعالى لي الوسيلة : أبو هريرة : (8) 371 إذا صليتم على المرسلين فصلوا علي معهم فإني من المرسلين : - : (11) 260 إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه : ابن مسعود : (9) 277 إذا طلبت حاجة وأحببت ان تنجح فقل : لا إله إلّا هو اللّه وحده لا شريك له : أنس : (13) 192 إذا طلع النجم صباحا ارتفعت العاهة : - : (14) 45 إذا طلع النجم ارتفعت العاهة : أبو هريرة : (15) 520 إذا قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه لا يتميل تميل اليهود : أم رومان والدة عائشة : (9) 207 إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي : أبو هريرة : (5) 144 إذا قرأ - يعني الإمام - غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين بحبكم : أبو موسى الأشعري : (1) 100 إذا قرأتم أم القرآن فلا تدعوابسم اللّه الرحمن الرحيم
فإنها احدى آياتها : أبو هريرة : (1) 42 إذا قرأتم الحمد فاقرؤوابسم اللّه الرحمن الرحيم
إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم اللّه الرحمن الرحيم إحدى آياتها : أبو هريرة : (1) 45 إذا قضى اللّه تعالى الأمر في السماء ضربت الملائكة أجنحتها خضعانا لقوله تعالى : أبو هريرة : (11) 311 إذا قضى اللّه الأمر في السماء ضربت الملائكة أجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان : - : (1) 12 إذا كان أمراؤكم خياركم وأمركم شورى فظهر الأرض خير لكم من بطنها : - : (13) 47 إذا كان يوم القيامة يجاء بالأعمال في صحف محكمة : - : (4) 166 إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل اللّه أو القروح أو الجدري فيجنب فيخاف إن اغتسل ان يموت فليتيمم : ابن عباس : (3) 40 إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها : علي بن أبي طالب : (13) 110 إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس : ابن مسعود
: (14) 222 إذا لقيكم العدو فليكن شعاركم حم لا ينصرون : : إذا لم تستطع إحداكن أن تأتيه فلتبعث اليه زيتا يسرج فيه : - : (8) 13 إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي : ابن عمر : (8) 153 إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : أبو هريرة : (1) 519 إذا مات ولد العبد قال اللّه تعالى للملائكة : اقبضتم ولد عبدي : أبو موسى : (1) 420 إذا مرض العبد أو سافر كتب اللّه تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما : أبو موسى : (15) 397 إذا مشت أمتي المطيطاء وصدمتهم فارس والروم فقد جعل بأسهم بينهم وسلط شرارهم على خيارهم : - : (15) 164

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 75
إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة أتاه ملك النفوس فعرج به إلى الرب : أبو ذر : (14) 315 إذا نزلتم بحصن فطلبوا النزول على حكم اللّه تعالى فأنزلوهم على حكمكم فإنكم لا تدرون أصادفتم حكم اللّه تعالى فيهم أم لا : - : (5) 238 إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف فلينم حتى يعلم ما يقول : أنس : (3) 38 إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له ان يتزوج أمها : عمرو بن شعيب : (2) 465 إذا هم العبد بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة : - : (4) 166 إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها : - : (9) 367 إذا وجدت في نفسك شيئا فقل هو الأول : أبو زميل : (14) 168 إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ : أبو هريرة : (2) 340 إذا وقف العباد للحساب نادى مناد ليقم من أجره على اللّه تعالى فليدخل الجنة : أنس : (13) 49 أذكركم اللّه تعالى في أهل بيتي : زيد بن أرقم : (13) 32 أذكروا الفاجر بما فيه يحذره الناس : - : (13) 305 ، 309 أذن لكن ان تخرجن لحاجتكن : - : (11) 190 أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه الأرض السابعة السفلى : أبو هريرة : (12) 299 أذن لي ان أحدث عن ملك من ملائكة اللّه تعالى : أبو هريرة : (12) 299 أذن لي عن ملك من ملائكة اللّه عز وجل من حملة العرش : - : (8) 469 اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا اللّه مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة : أبو هريرة : (13) 216 اذهب فأدخلهم : - : (8) 346 اذهب فاذكرها علي : أنس : (11) 205 اذهب فاسقه عسلا : أبو سعيد الخدري : (7) 424 اذهب فخذ جارية : - : (11) 232 اذهب فغسله وكفنه وواره غفر اللّه له ورحمه : علي بن أبي طالب : (6) 32 اذهب فقد ملكتك بما معك من القرآن : سهل بن سعد : (3) 7 اذهب معه فافعل ما يريد : الحسن : (3) 106 أراه من شراب شربته عند سودة واللّه لا أشربه : ابن عباس : (14) 342 أرأيتكم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم : - : (4) 237 أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ : ابن عباس : (15) 497 أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ : ابن عباس : (10) 132 أربع آيات نزلت من كنز العرش لم ينزل منه غيرهن أم الكتاب وآية الكرسي وخاتمة سورة البقرة والكوثر : أبو أمامة : (15) 503 ، 504

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 76
أربع إذا كن فيك فلا عليك فيما فاتك من الدنيا حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة طعمة : ابن عمر : (3) 62 أربع خصال مفسدة للقلوب مجاراة الأحمق : أبو المجبر : (15) 279 أربع مقفلات النذر والطلاق والعتق والنكاح : عمر : (1) 537 أربع من كن فيه كان منافقا خالصا : ابن مسعود : (3) 170 أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصله منهن كانت فيه خصله من النفاق حتى يدعها : عبد اللّه بن عمر : (15) 71 أربع نسوة سادات عالمهن : مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد وأفضلهن عالما فاطمة : ابن عباس : (2) 149 أربعة لعنوا في الدنيا والآخرة : أبو أمامة : (2) 143 أربعة يحتجون يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة : أبو هريرة : (8) 40 أربى الربا عند اللّه استحلال عرض امرئ مسلم : عائشة : (11) 263 ارتفاعها كما بين السماء والأرض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام : أبو سعيد الخدري : (14) 141 ارجع إليهما ففيهما المجاهدة : - : (8) 59 ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما : - : (8) 59 ارجع فلن استعين بمشرك : عائشة : (2) 116 ارجعوا هذا جبرائيل عليه السلام أتاني : - : (3) 24 ارجعي لعل اللّه تعالى ينزل فيك شيئا : - : (2) 454 أرحنا يا بلال : - : (3) 174 ، (5) 330 أردنا أمرا وأراد اللّه تعالى أمرا والذي أراده اللّه تعالى خير : - : (3) 24 أرزة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين : - : (15) 132 أرسلت الي الجن : ابن مسعود : (15) 94 أرسلوا إلي أعلم رجلين منكم : جابر بن عبد اللّه : (3) 307 أرسلوا إليها : - : (9) 302 أرض أخرى وبينهما مسيرة خمسمائة عام : أبو هريرة : (4) 78 أرض المحشر والمنشر ائتوه وصلوا فيه فإن صلاة فيه بألف صلاة : ميمونة : (8) 13 الأرض من ذي قبل لهجة أصدق من أبي ذر : - : (7) 85 أرضعي سالما خمسا تحرمي بها عليه : عائشة : (2) 462 اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا
ظهرا : جابر : (9) 146 اركبوها سالمة ودعوها
سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق : معاذ بن أنس : (8) 81 ارم فداك أبي وأمي : - : (2) 286 ، (8) 306 أرني المفتاح : ابن عباس : (3) 61 أرني المفتاح يا عثمان : ابن عباس : (3) 61

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 77
الأرواح جنود مجنده فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف : عائشة : (8) 149 أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه : عوف بن مالك الأشجعي : (13) 170 أرى رؤياكم قد توطأت في السبع الأواخر : ابن عمر : (15) 421 أريت بني أمية يصعدون منبري فشق ذلك علّي : ابن المسبب : (15) 411 أسألك من اليقين ما تهون به علي مصائب الدنيا : - : (15) 134 أسائل أنت يا فلان أم تاجر : - : (15) 376 استأخروا : سعيد بن المسيب : (5) 173 استأذنت ربي أن أستغفر لها فلم يأذن لي واستأذنت أن أزور قبرها فأذن لي : أبو هريرة : (6) 33 استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا : أبو هريرة : (13) 47 استكثروا من الباقيات الصالحات : أبو سعيد الخدري : (8) 272 استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء من الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج : - : (2) 392 استووا استووا استووا والذي نفسي بيده إني لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي : أبو هريرة : (10) 134 اسفروا بالفجر فانه أعظم للأجر : - : (8) 130 اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك : - : (3) 69 اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك : - : (3) 69 اسقه عسلا : أبو سعيد الخدري : (7) 424 الإسلام يهدم ما كان قبله : - : (5) 193 أسلم سالمها اللّه تعالى وغفار غفر اللّه لها : أبو هريرة : (6) 11 أسلما : انس : (2) 74 أسلما : ابن عباس : (2) 180 أسلمت على ما سلف لك من خير : - : (15) 439 اسم اللّه الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر : ابن عباس : (14) 257 اسمع ربي قد رخص
لي فيهم فو اللّه لأستغفرن لهم أكثر من سبعين مرة : ابن عباس : (14) 308 أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم : - : (6) 27 أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل : - : (13) 41 أشركنا في دعائك : - : (1) 274 أشعرت يا عائشة ان اللّه تعالى قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ : عائشة : (15) 521 أشفع لأمتي حتى ينادي ربي أرضيت يا محمد : علي : (15) 379 أشهد أنكم أحياء عند اللّه فزوروهم وسلموا عليهم : أبو هريرة : (11) 55 اشهدوا أنه حر وأنه ابني يرثني وأرثه : ابن عباس : (11) 146 أشيروا علي أيها الناس : - : (5)

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 78
أصبت بعضا وأخطأت بعضا : أبو هريرة : (6) 378 أصبت بعضها وأخطأت بعضها : أبو بكر الصديق : (2) 63 أصبح من عبادي مؤمن وكافر : زيد بن خالد الجهني : (4) 221 اصبروا فإني لم أومر بالقتال : - : (9) 154 أصحاب الكهف أعوان المهدي : ابن عباس : (8) 217 أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم : - : (6) 379 ، (13) 32 ، (15) 167 أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم : أبو بكر الصديق : (1) 49 أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : - : (11) 347 إصلاح ذات البين : - : (3) 140 اصنع ما شئت : - : (1) 283 أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى : - : (11) 156 أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد : - : (8) 29 أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع : - : (1) 221 أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم : - : (15) 418 أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك قائم أو ساجد : - : (9) 184 أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد : - : (15) 142 الأطفال هم دعاميص الجنة : - : (2) 342 اطلبوا من معه فضل ماء : ابن مسعود : (8) 81 أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا : معاذ بن جبل : (3) 16 اعبد اللّه تعالى كأنك تراه : - : (3) 73 أعتق رقبة : سلمة بن صخر : - : أعتق عن كل واحدة رقبة : عمر بن الخطاب : (15) 257 أعتق النسمة وفك الرقبة : البراء : (15) 354 أعدت فتانا يا معاذ؟ : - : (8) 493 أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر : - : (7) 346 ، (9) 371 أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك : - : (3) 36 ، (6) 53 أعذر اللّه تعالى إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة : سهل بن سعد : (11) 373

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 79
أعط لابنتي سعد الثلثين أو أعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك : جابر : (2) 431 أعطني قبضة من حصباء الوادي : - : (5) 172 أعطوا السائل ولو جاء على فرس : - : (2) 211 أعطوا المساجد حقها : - : (9) 368 أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها وأهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به : - : (3) 320 أعطي الفهم والعبادة وهو سبع ابن سبع سنين : ابن عباس : (8) 391 أعطي يوسف شطر الحسن : - : (6) 395 أعطيت آية الكرسي من كنز تحت العرش لم يؤتها نبي قبلي : علي : (2) 12 أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم ، أن تقول عند المصيبة إنا للّه وإنا إليه راجعون : ابن عباس : (1) 421.
أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي أحلت لي الغنائم : - : (5) 60 أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض : - : (2) 243 أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئا لم تعطه الأنبياء قبلهم ، إنا للّه وإنا إليه راجعون : - : (1) 421 أعطيكم خيرا من ذلك : ابن عباس : (11) 146 أعظم النساء بركة أيسرهن صداقا : - : (2) 453 أعقل وتوكل : - : (6) 203 اعقلها وتوكل : - : (8) 219 اعملوا فكل ميسر لما خلق له : - : (1) 141 اعملوا فكل ميسر لما خلق له : علي بن أبي طالب : (15) 368 أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم : عائشة : (7) 464 أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم : - : (7) 465 أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك عن عقوبتك ، وأعوذ بك منك : - : (3) 297 أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك : - : (1) 10 أعوذ بك من البخل والكسل وأرذل العمر وعذاب القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات : أنس : (7) 426 أعوذ بك منك : - : (8) 48 أعوذ بكلمات اللّه تعالى التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة : - : (7) 16 اغتنم فراغك قبل شغلك : - : (15) 392 اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت بذلك فارجمها : - : (9) 278 افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار : عوف بن مالك : (2) 239 افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة : أبو هريرة : (4) 309 أفر من قضائه تعالى إلى قدره : - : (1) 366 أفضل الأعمال أحمزها : - : (1) 443

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 80
أفضل الحج العج والثج : - : (15) 210 أفضل الصدقة إصلاح ذات البين : عبد اللّه بن عمرو : (3) 140 أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر : أبو هريرة : (1) 443 أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح : أم كلثوم بنت عقبة : (1) 443 أفضل الدعاء الحمد اللّه : - : (13) 37 أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة صالحة تعين المؤمن على إيمانه : ثوبان : (10) 99 أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟ : أم سلمة : (9) 335 أفلا أكون عبدا شكورا : عطاء : (2) 368 أفلا شققت عن قلبه : الحسن : (3) 116 أفلح الأعرابي إن صدق : ابن عباس : (1) 120 أفلم تجد فيما أوحى اللّه إليّ ان استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم؟ : أبو هريرة : (1) 100 اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر : أبو بكر الصديق : (1) 49 اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر : ابن عباس : (7) 103 اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر : حذيفة بن اليمان : (7) 452 ، (14) 244 الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة : ابن عمر : (8) 63 أقتلته بعد ما ما قال : إني مسلم : الحسن : (3) 116 اقتلوها : ابن مسعود : (15) 187 اقتلوهم وإن وجدتموهم معلقين بأستار الكعبة : مصعب بن سعد عن أبيه : (11) 103 اقرأ عليّ : ابن مسعود : (3) 34 اقرأ القرآن يقول اللّه تعالى شفاء لما في الصدور : أبو سعيد الخدري : (6) 132 أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد : - : (7) 329 ، (12) 236 أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء : أبو هريرة : (15) 410 اقرؤوا هودا يوم الجمعة : كعب : (6) 189 أقسم ربي على نفسه أن لا يشرب عبد خمرا ولم يتب إلى اللّه تعالى منه إلا سقاه من طينة الخبال : - : (4) 64 اقسموا عنائمكم بالعدل : - : (5) 154 أقول قولي هذا وأستغفر اللّه لي ولكم : ابن عمر : (13) 314 أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم من أحصن ومن لم يحصن : علي بن أبي طالب : (9) 281 اكتب باسمك اللهم : - : (13) 270 اكتببسم اللّه الرحمن الرحيم
: - : (13)
270 اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول اللّه سهيل بن عمرو : - : (13) 270 اكتب يا زيد غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ : خارجة بن زيد : (3) 117 أكثر أهل الجنة البله : - : (3) 126 أكثر جنود اللّه تعالى لا أكله ولا أحرمه : سلمان : (5) 33

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 81
أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفات لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له : - : (6) 72 أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير : - : (13) 37 أكثروا ذكر هاذم اللذات فإنه ما ذكر في كثير إلا وقلله ولا في قليل إلا وكثره : - : (2) 357 أكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر ليلة الجمعة ويوم الجمعة : عمر : (15) 416 أكثروا الطواف بالبيت من قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه : ابن مسعود : (10) 232 أكثروا من ذكر هاذم اللذات والحياة : - : (15) 6 أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم نبي ابن نبي : - : (6) 376 أكرمهم عند اللّه أتقاهم : أبو هريرة : (13) 315 أكره أن يتحدث العرب عنا أن محمدا عليه الصلاة والسلام قاتل بقوم حتى إذا أظهره اللّه تعالى بهم أقبل عليهم يقتلهم : - : (5) 328 أكفرتم النعمة واتبعتم الهوى : - : (1) 317 ألا أبشرك بما لقي اللّه تعالى به أباك : جابر بن عبد اللّه : (2) 333 ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمعون بالأنبياء والصالحين قبلهم : المغيرة بن شعبة : - : ألا أخبرك بآية لم تنزل على أحد بعد سليمان بن داود غيري : أبو بردة عن أبيه : (1) 42 ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة : - : (3) 140 ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبرائيل : ابن عباس : (1) 333 ألا
أخبركم بالتيس المستعار : عقبة بن عامر : (1) 535 ألا أخبركم بخير من ذلكم : عطاء بن أبي رباح : (2) 271 ألا أخبركم بما يمحو اللّه تعالى به الخطايا ويرفع به الدرجات : أبو هريرة : (2) 385 ألا أخبركم لم سمى اللّه تعالى إبراهيم خليله الذي وفى : معاذ بن أنس : (11) 30 ، (14) 65 ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش؟ : أبو هريرة : (8) 265 ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك باللّه تعالى : ابن عباس : (15) 484 إلا الإذخر : - : (15) 350 ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم؟ : عقبة بن عامر : (15) 506 ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضرر : أبو هريرة : (8) 185 ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ : أبو برزة : (12) 220 ألا أنبئكم بأهل النار؟ : أبو برزة : (12) 220 إلا أن ذلك : - : (2) 46 ألا إن الزمان قد استدار : - : (5) 285 ألا إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض : - : (5) 239 ، 282 ألا إن لكم على نسائكم حقا ، ولنسائكم عليكم حقا : عمرو بن الأحوص : (1) 529

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 82
ألا إنما ذلك من الشيطان : أبو بكر بن عبد الرحمن : (9) 168 إلا أولو الضرر فإنهم يساوون المجاهدين : - : (3) 120 ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم؟ : - : (11) 173 ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها؟ : - : (14) 342 ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم : جابر بن سمرة : (12) 148 ألا رجل يضيف هذا الرجل الليلة رحمه اللّه؟ : أبو هريرة : (14) 246 ألا شققت عن قلبه وقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه : ابن زيد : (3) 108 ألا فليبلغ الشاهد الغائب : ابن عمر : (4) 45 ألا هل مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها : أسامة : (12) 35 ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب : - : (1) 137 ، (10) 119 ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فإني أنهاكم عن ذلك : - : (8) 225 ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟ : ابن عمر : (15) 451 التمسوا أبا جهل في القتلى : - : (15) 409 التمسوا الحوائج على الفرس الكميت الأرثم المحجل الثلاث المطلق اليد اليمنى : - : (5) 221 التمسوا الرزق بالنكاح : ابن عباس : (9) 343 التمسوا ليلة القدر في آخر ليلة من رمضان : معاوية : (15) 413 التمسوها الليلة : عبد اللّه بن أنيس : (15) 413 التي كانت تقم المسجد؟ : عبيد بن مرزوق : (11) 55 الحقي بأهلك : - : (11) 248 الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم : أنس : (8) 166 الذي لا يعمل للّه تعالى طاعة ولا يترك للّه تعالى معصية : أبو هريرة : (15) 369 الذي ليس له ما يغنيه ولا يعلم مكانه فيتصدق عليه فذلك المحروم : أبو هريرة : (14) 10 الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأه وهو عليه شاق له أجران : - : (15) 245 الذين إذا رؤوا ذكر اللّه تعالى : ابن عباس : (6) 141 ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم : - : (3) 361 ألست أولى بكل امرئ من نفسه : البراء : (3) 360 ألستم تعلمون أن اللّه تعالى لا يخفى عليه شيء في
الأرض ولا في السماء : الربيع : (2) 74 ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء : الربيع : (2) 74 ألستم تعلمون أن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء وأن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث : الربيع : (2) 74 ألستم تعلمون أن ربنا قيّم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟ : الربيع : (2) 74

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 83
ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة : الربيع : (2) 74 ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه : الربيع : (2) 74 ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام : ربيعة بن عامر : (14) 109 ألق الدواة وحرف القلم أذكر لك : معاوية : (1) 57 ألك بينة؟ : الأشعث بن قيس : (2) 196 اللّه اعلم بما كانوا عاملين : عائشة : (14) 136 اللّه أكبر : - : (15) 130 اللّه أكبر اللّه أكبر جاء نصر اللّه والفتح وجاء أهل اليمن : ابن عباس : (15) 493 اللّه أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضاء الرب برسالتي : أبو سعيد الخدري : (3) 234 اللّه أكبر خربت خيبر إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين : - : (12) 150 اللّه تعالى : - : (3) 256 اللّه تعالى أعلم بما كانوا عاملين : - : (8) 34 ، (15) 258 ، 259 اللّه تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع العبد يده أن يردها صفرا حتى يضع فيها خيرا : سلمان : (5) 114 اللّه تعالى سماكن السفهاء في كتابه : أنس بن مالك : (2) 413 اللّه تعالى قتلها : - : (4) 258 اللّه تعالى المزوج وجبريل الشاهد : ابن زيد الأسدي : (11) 205 اللّه تعالى المعطي وأنا القاسم : - : (9) 100 اللّه تعالى يبغض البذخين الفرحين ويحب كل قلب حزين : - : (12) 339 اللّه عز وجل : أبو صالح : (3) 131 اللّه مولانا ولا مولى لكم إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء مرزوقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون : - : (13) 199 اللهم ابعث عليه كلبك حتى يفترسه : - : (15) 246 اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة : - : (11) 260 اللهم اجعل لمنفق خلفا ولممسك تلفا : - : (2) 45 اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا : - : (1) 432 ، (7) 276 اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا : ابن عباس : (11) 51 اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف عليه السلام : - : (5) 31 اللهم احبسها عني
بما شئت : - : (7) 117 اللهم أحيني مسكينا وأمتي مسكينا واحشرني في زمرة المساكين : أبو سعيد : (5) 311 اللهم ارحم المحلقين : ابن عمر : (1) 374 ، 375 اللهم ارمهم بالدبيلة : - : (5) 328

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 84
اللهم اشدد وطأتك على مضر : - : (13) 267 اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين مثل سني يوسف : - : (9) 249 اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف : ابن جريج : (9) 255 اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف : - : (7) 478 اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف : - : (15) 33 اللهم اشف عمي : - : (4) 56 اللهم اصرعه : أنس : (5) 290 اللهم أعني على سكرات الموت : عائشة : (13) 322 اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف : مسروق : (13) 116 اللهم أعني عليهم بسنين كسني يوسف عليه السلام : - : (5) 31 اللهم أعوذ بك من أن أجهل أو يجهل علي : - : (7) 482 اللهم اغفر للمحلقين : أبو هريرة : (13) 274 اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك : - : (15) 382 اللهم اكفناه بما شئت : - : (5) 290 اللهم اكفني جاري السوء : - : (15) 152 اللهم اكفني غورث بن الحارث بما شئت : أبو صالح : (3) 131 اللهم العن أبا سفيان اللهم العن الحارث بن هشام اللهم العن سهيل بن عمرو اللهم العن صفوان بن أمية : ابن عمر : (2) 264 اللهم العن رعلا وذكوان وعصية عصوا اللّه تعالى ورسوله : - : (8) 103 ، (9) 324 اللهم أمتي أمتي : عبد اللّه بن عمر : (4) 67 ، (15) 380 اللهم امكر لي ولا تمكر بي : - : (2) 171 اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض : - : (8) 302 ، 305 اللهم إن الخير بيديك والشر ليس إليك : - : (8) 141 اللهم أنا بشر آسف واغضب كما يغضب البشر : عائشة : (8) 24 اللهم أنجز لي ما وعدتني : - : (5) 162 اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علما والحمد للّه على كل حال : أبو هريرة : (8) 577 اللهم إنه
كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس : اسماء بنت عميس : (12) 186 اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا : أبو سعيد الخدري : 3) 296 اللهم إني أسألك رحمة من عندك اللهم أرجو رحمتك يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث : - : (11) 263 اللهم إني أسألك نفسا مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك وتقنع بعطائك : أبو أمامة : (15) 248

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 85
اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع : - : (10) 92 اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر : أبو بكرة : (5) 311 اللهم بارك لأمتي في بكورها : - : (12) 108 اللهم بارك له فيما أعطى وبارك له فيما أمسك : الربيع بن أنس : (5) 335 اللهم ثبت قلبي على دينك : - : (1) 114 اللهم حاسبني حسابا يسيرا : عائشة : (15) 289 اللهم حوالينا ولا علينا : - : (13) 116 اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن : - : (14) 339 اللهم الرفيق الأعلى : - : (8) 153 اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا : عمر بن الخطاب : (9) 205 اللهم سبعا كسبع يوسف : - : (3) 116 اللهم سلط عليه كلبا من كلابك : - : (8) 215 اللهم سلط عليه كلبا من كلابك : أبو نوفل : (3) 236 ، (15) 499 اللهم صلّ على آل أبي أوفى : - : (6) 8 ، (11) 260 اللّه علمنيها : ابن عباس : (6) 362 اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل : ابن عباس : (1) 7 ، (2) 83 اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف على كل غائبة لي بخير : ابن عباس : (7) 462 اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك : - : (6) 51 اللهم لا تجعل لفاجر - وفي رواية - ولا لفاسق علي يدا ولا نعمة فيودّه قلبي : معاذ : (14) 229 اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك : ابن عمر : (7) 114 اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين : - : (8) 124 اللهم لا قوة لنا إلا بك اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر : ابن عباس : (2) 281 اللهم لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك : - : (1) 77 اللهم لك سجد سوادي وبك آمن فؤادي : ابن عمر : (5) 144 اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا : سفيان : (7) 277 اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث مني : - : (1) 541 اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان : - : (1) 388 اللهم
من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل : - : (13) 227 اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك : - : (3) 157 اللهم هؤلاء أهل بيتي : عمر بن أبي سلمة : (11) 195

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 86
اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا : - : (11) 199 اللهم هؤلاء أهلي : سعد بن أبي وقاص : (2) 182 اللهم وال من والاه وعاد من عاداه : - : (3) 361 ألم أقل الحمد للّه : النواس بن سمعان : (1) 73 ألم تروا كيف صرف اللّه تعالى عني : - : (2) 287 ألم تسمع قول اللّه تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ : علي بن أبي طالب : (15) 432 ألهم إسماعيل عليه السلام هذا اللسان العربي إلهاما : جابر : (6) 365 الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة : جعفر بن محمد عن أبيه عن جده : (5) 55 إلى أقربهما
منك بابا : عائشة : (3) 28 إلى أين المظهر يا أبا ليلى؟ : - : (8) 423 إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة : - : (3) 228 إليّ عباد اللّه إليّ عباد اللّه أنا رسول اللّه : - : (2) 304 أليس عندكما التوراة فيها حكم اللّه تعالى : جابر بن عبد اللّه : (3) 307 أليس يحرمون ما أحل اللّه تعالى : عدي بن حاتم : (5) 276 إليك نسعى ونحفد : - : (7) 427 أما إن اللّه ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها اللّه تعالى رحمة لأمتي : ابن عباس : (2) 319 أما إن الملك سيقولها لك عند الموت : ابن جبير : (15) 347 أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فمجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا اللّه تعالى : أبو بكر الصديق : (3) 146 أما أنك لم تقل ما قلت إلا حمية : - : (9) 46 أما إنكم لا تزالوا في صلاة ما انتظرتموها : المنكدر : (2) 249 أما إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب : ابن مسعود : (2) 249 أما إنها صلاة لم يصلها أحد ممن كان قبلكم من الأمم : المنكدر : (2) 249 أما أنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد : سعد بن أبي وقاص : (4) 171 أما إني أحدثكم بما حبسني عنكم الغداة : معاذ بن جبل : (12) 214 أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون : أبو سعيد : (15) 321 - 321 أما أهلها - يعني جهنم - الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون : أبو سعيد الخدري : (8) 545 أما الأول فقد أخذ برخصة اللّه تعالى وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له : الحسن : (7) 473 أما بعد ألا يا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب : - : (11) 196 أما بعد فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور فاجمعوا نساءكم وأبناءكم : ابن عباس : (14) 295 أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن شدة يجعل اللّه تعالى بعده فرجا : زيد بن أسلم : (15) 391 أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني كذا وكذا : - : (9) 310

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 87
أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة؟ : - : (13) 290 أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي : أسماء بنت عميس : (8) 500 أما الزائد فلا : - : (1) 535 أما الزنا فعليك الرجم بسببه : - : (15) 457 أما الظاهرة فالإسلام وما سوي من خلقك وما أسبغ عليك من رزقه : ابن عباس : (11) 92 أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله : عمرو بن العاص : (5) 193 - 194 أما علمت فيها مثاقيل ذر كثيرة : أنس بن مالك : (15) 439 أما قوله تعالى هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
فهي الرؤيا الحسنة ترى للمؤمن : جابر : (6) 143 أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟ : - : (6) 163 أما كانوا يحللون لكم ويحرمون فتأخذون بقولهم : عدي بن حاتم : (2) 186 أما لو جاءني لا ستغفرت له : - : (5) 183 أما هذا فقد برىء من الشرك : أبو أمامة : (15) 504 أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي اللّه تعالى فيك : - : (6) 41 أما هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضله فهنيئا له : الحسن : (2) 118 أما والذي نفس محمد بيده لجعيل خير من طلاع الأرض كلهم : محمد بن إبراهيم : (13) 294 أما واللّه إنه لنبي ابن نبي : - : (11) 213 أما واللّه إني لأمين في السماء أمين في الأرض : أبو رافع : (8) 463 أما واللّه لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما : - : (3) 328 أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد : أم كلثوم بنت الصديق : (3) 26 أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر؟ : ابن عمر : (15) 451 أما يكفي إحداكن أنها إذا حملت كان لها كأجر المرابط في سبيل اللّه تعالى : أنس بن مالك : (2) 413 الأمانة ثلاث الصلاة والصيام والغسل من الجنابة : زيد بن أسلم : (11) 271 أمانتي أني لم أومر بشيء فعدوته إلى غيره : - : (15) 264 أمتعتها : - : (1) 547 أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره : - : (14) 289 ، 290 أمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره : السائب بن يزيد : (6) 10 أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب : - : (9) 414 أمرت أن أقاتل الناس : - : (5) 247 أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام : - : (1) 119

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 88
أمسك أربعا وفارق سائرهن : - : (2) 403 أمسك عليك زوجك واتق اللّه : - : (11) 204 امضوا على اسم اللّه : - : (13) 270 امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله : - : (1) 551 أن امض حتى تنزل نخلة فأتنا من أخبار قريش ، بما اتصل إليك منهم : عروة : (1) 502 أن تجعل للّه تعالى ندا وهو خلقك : ابن مسعود : (10) 47 أن تزاني خليلة جارك : ابن مسعود : (10) 47 أن تسموا اللّه تعالى عند الابتداء وتحمدوه عز وجل عند الفراغ : - : (14) 13 أن تعبد اللّه تعالى كأنك تراه : - : (4) 20 أن تعبد اللّه تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك : - : (3) 148 ، (6) 97.
أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك : - : (1) 359 ، (4) 202 ، (12) 239 أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك : علي بن أبي طالب : (14) 120 أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك : ابن مسعود : (10) 47 أن تقول لا قوة إلا باللّه : أبو هريرة : (8) 265 أن تؤمن باللّه وملائكته : - : (1) 114 أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله : - : (1) 443 أن يكون اللّه ورسوله أحب إليه مما سواهما : - : (8) 338 أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى اللّه تعالى : ابن عباس : (14) 352 أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه : عائشة : (15) 289 إن أحببت أن أعتقك وأتزوجك فعلت وإن أحببت أن تكوني في ملكي أطؤك بالملك فعلت : أيوب بن بشير : (11) 231 إن أحببت ذلك أتيت بفرس من ياقوتة حمراء فتطير بك في الجنة حيث شئت : بريدة : (13) 99 إن اخترت اللّه ورسوله اختارك رسول اللّه لنفسه : - : (11) 231 إن أنا دعوت فآمنوا أنتم : - : (2) 181 إن أنفقته في حج أو جهاد لم يعدل جناح بعوضة إن اللّه تعالى لا يقبل إلا الطيب : - : (4) 36 إن تفعل فقد خلا أجلها : - : (14) 333 إن تؤمروا أبا بكر رضي اللّه تعالى عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة : علي : (3) 337 إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا لها الذي لها : - : (13) 198 إن شئت دعوت فعافاك اللّه تعالى وإن شئت صبرت واحتسبت ولك الجنة : - : (7) 458 إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك : عثمان بن حنيف : (3) 295

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 89
إن شئتم أخبرتكم بما سألتموني عنه وإن شئتم غير ذلك فافعلوا : - : (8) 346 إن عادوا فعد : - : (7) 472 إن غم عليكم فاقدروا له : - : (2) 207 إن فعلت تؤمنوا : ابن عباس : (14) 74 إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس : ابن عمر : (5) 221 إن كان شيء من أمر دنياكم فشأنكم وإن كان من أمر دينكم فإلي : - : (5) 127 إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته : - : (13) 309 إن لم تجديني فأتي أبا بكر : الصديق : (1) 49 إنّ وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا : - : (10) 12 إن يكن ما تذكر حقا فاللّه تعالى يجزيك : - : (5) 232 أنا ابن الذبيحين : الحسن : (4) 276 أنا أحق بموسى عليه السلام وأحق بصوم هذا اليوم : أبو هريرة : (6) 259 أنا أخشاكم للّه وأتقاكم له : - : (11) 363 أنا أفصح العرب بيد أني من قريش : - : (6) 112 أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث : سعيد بن المسيب : (11) 215 أنا أول الأنبياء خلقا : - : (7) 286 أنا أول الأنبياء خلقا وآخرهم وكنت نبيا وآدم بين الماء والطين : - : (7) 285 أنا أول من تنشق عنه الأرض : - : (10) 241 أنا أول من تنشق عنه الأرض : ابن عمر : (13) 344 أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجلس جالسا في قبري : ابن عمر : (15) 288 أنا خير الشركاء فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه وهو للذي أشرك : أبو هريرة : (8) 374 أنا سيد ولد آدم ولا فخر : - : (7) 4 ، (10) 168 ، (12) 264 أنا سيد ولد آدم ولا فخر : ابن عباس : (8) 48 أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر : أبو سعيد الخدري : (8) 134 أنا على ملة إبراهيم : - : (2) 219 أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي : - : (1) 11 أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي : - : (1) 414 أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين : ابن عمر : (5) 169 أنا محمد بن عبد اللّه ورسوله : عبد الملك بن عمير : (7) 456 أنا محمد بن عبد اللّه بن عبد
المطلب إن اللّه تعالى خلق الخلق فجعلني في خير خلقه : المطلب بن ربيعة : (6) 49 أنا مدينة العلم وعلي بابها : - : (13) 60 أنا المنذر : ابن عباس : (7) 103

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 90
نا النبي لا كذب : - : (6) 234 أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب : - : (13) 316 أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب : الربيع : (5) 267 أنا النذير العريان : - : (8) 149 ، (9) 163 أنا وأنت أبوا هذه الأمة : - : (11) 211 أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين : - : (1) 308 أنا كافل اليتيم كهاتين إذا اتقى اللّه عز وجل : ابن عباس : (15) 383 الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن الغرور والتأهب للموت قبل نزوله : ابن مسعود : (12) 246 أنبئت أنكم اتفقتم على كذا وكذا : - : (4) 9 أنت أحب بلاد اللّه تعالى إلى اللّه وأنت أحب بلاد اللّه تعالى إليّ : - : (13) 193 أنت أحب بلاد اللّه تعالى إلى اللّه وأنت أحب بلاد اللّه تعالى إلي : ابن عباس : (13) 203 أنت الذي لقيتني بمكة : - : (5) 95 أنت بالخيار إن شئت اعتقت وإن شئت كسوت : ابن عباس : (4) 15 أنت بذاك؟ : سلمة بن صخر : (14) 210 أنت صاحبي في الغار ، وأنت معي على الحوض : ابن عمر : (5) 288 أنت عتيق اللّه من النار : - : (13) 306 أنت مني بمنزلة هارون من موسى : - : (2) 466 ، (7) 222 أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي : - : (11) 212 أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي : ابن عباس : (7) 103 أنت ومالك لأبيك : - : (8) 57 أنتظر أمر ربي : - : (6) 350 أنتم أعلم بأمر دنياكم : عائشة
: (5) 127 أنتم أعلم بأمور دنياكم : - : (7) 452 ، 453 ، (8) 312 ، 372 أنتم خير أهل الأرض : جابر : (13) 261 أنتم السابقون وإنّا إن شاء اللّه بكم لا حقون : - : (13) 274 أنزل اللّه تعالى آيتين من كنوز الجنة كتبهما الرحمن بيده قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام : شداد بن أوس : (2) 69 أنزل اللّه تعالى من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار : ابن عباس : (9) 221 أنزل عليّ آنفا سورة : أنس : (10) 120 أنزل القرآن على أربعة : ابن عباس : (2) 82 - 83 أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما : أبو هريرة : (13) 130

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 91
أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين : - : (14) 152 أنزلت عليّ الليلة آيات لم أر مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس : - : (15) 517 أنشديني من شعر أخيك : - : (5) 105 الأنصار شعار والناس دثار : - : (15) 129 انصر أخاك ظالما أو مظلوما : - : (3) 260 ، (5) 77 انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كان علينا أو لنا فأتيت مكانك لا يؤتين من قبلك : - : (2) 258 انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها : علي بن أبي طالب : (14) 260 أنطوا الثبجة - أي الوسط - في الصدقة : - : (15) 478 انظر فإن رأيتهم قد قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم فإن القوم ذاهبون : - : (2) 306 انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك؟ : الحرث بن مالك الأنصاري : (5) 157 أنظرت إليها : - : (2) 406 انظروا من أتكىء عليه : - : (3) 160 أنفقه على نفسك : أبو صالح : (1) 500 أنفقها في سبيل اللّه تعالى : أبو صالح : (1) 501 أنفقهما على أهلك : أبو صالح : (1) 501 أنفقهما على خادمك : أبو صالح : (1) 501 أنفقهما على قرابتك : أبو صالح : (1) 501 أنفقها على والديك : أبو صالح : (1) 501 انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق : جابر بن عبد اللّه : (8) 477 أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه : عائشة : (13) 314 إن آخر الليل في التهجد أحب إلي من أوله : أنس : (14) 10 إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فاخرجوا إليه : جابر بن عبد اللّه : (5) 183 إن أبر صلة الولد أهل ود أبيه : عمر بن الخطاب : (8) 58 إن إبراهيم عليه السلام حرم مكة وأنا حرمت المدينة : - : (10) 248 إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي : ابن عمر : (12) 326 إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة : - : (1) 542 إن أحدنا ليجد ما يتعاظم أن يتكلم به قال الحمد للّه الذي رد كيده إلى الوسوسة : - : (7) 66 إن أحدهم يؤتى بالصحفة فيأكل منها ثم يؤتى بأخرى فيراها
مثل الأولى فيقول ذلك؟ فيقول الملك : كل فاللون واحد والطعم مختلف : الحسن : (1) 205 إن أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بالأول ولا بالآخر وإن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر : - : (2) 380 إن أخاك آمن شعره وكفر قلبه : - : (5) 105

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 92
إن الأحزاب سائرون إليكم تسعا أو عشرا : ابن عباس : (11) 166 إن إدريس كان نبيا تقيا زكيا : عمر مولى عفرة : (8) 423 إن أدنى أهل الجنة حظا أو نصيبا قوم يخرجهم اللّه تعالى من النار فيرتاح لهم الرب تبارك وتعالى : أبو هريرة : (15) 321 إن أدنى أهل الجنة منزله لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة : ابن عمر : (15) 161 إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيء ألف ببابه لبيك لبيك : - : (14) 35 إنّ أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل لا يدخل بعده أحد : - : (13) 98 إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل لا يدخل بعده أحد : أنس : (13) 98 إن الأرض أبت أن تقبله فألقوه في غار من الغيران : - : (3) 116 إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ولكن اللّه تعالى أراد أن يعظكم : ابن عمر : (3) 117 إن أرواح الشهداء عند اللّه في حواصل طيور خضر تسرح في أنهار الجنة حيث شاءت : ابن مسعود : (1) 419 إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تدور في أنهار الجنة : - : (2) 342 إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من ثمر الجنة : كعب بن مالك : (1) 419 أن أرواح الشهداء في صور طير خضر معلقة في قناديل الجنة حتى يرجعها اللّه تعالى يوم القيامة : عبد اللّه بن كعب بن مالك : (1) 418 إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم : أنس : (13) 98 إن الإسلام لا يقال : أبو سعيد : (9) 119 إن الإسلام يهدم ما قبله : - : (7) 186 إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه : عائشة : (15) 499 إن أعظم آية في القرآن آية الكرسي : - : (2) 12 إن أعمالكم تعرض
على أقاربكم وعشائركم من الأموات : أنس : (7) 450 إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرون ويساؤون : أبو الدرداء : (7) 450 إن الذي أمشاه في الدنيا على رجليه قادر على أن يمشيه في الآخرة على وجهه : ابن عباس : (15) 22 إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم : أبو هريرة : (10) 17 إن الذي ظلموا أنفسهم هم الذي يقولون : - : (11) 371 إن اللّه أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها كلكم لآدم وحواء : أبو أمامة : (13) 314 إن اللّه اصطفى كنانة من ولد إسرائيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من
قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم : واثلة بن الأسقع : (13) 315 إن اللّه افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا : جابر : (14) 295 إن اللّه أمرني أن اقرأ عليك : أبيّ : (1) 26 إن اللّه تبارك وتعالى إذا قضى بين أهل الجنة والنار ولم يبق غيرهم عجوا : عبد اللّه بن شداد : (8) 35

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 93
إن اللّه تبارك وتعالى قرأ «طه» و«يس» قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام : أبو هريرة : (8) 463 إن اللّه تبارك وتعالى يقول إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا : شداد بن أوس : (15) 397 إن اللّه تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم : - : (2) 62 إن اللّه تعالى اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا : جندب : (3) 149 إن اللّه تعالى احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار : - : (4) 243 إن اللّه تعالى أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة : ابن عباس : (5) 96 إن اللّه تعالى إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمته : - : (4) 352 إن اللّه تعالى إذا قال لأهل النار اخسؤوا فيها ولا تكلمون عادت وجوههم قطعة لحم ليس فيها أفواه ولا مناخر يتردد النفس في أجوافهم : حذيفة : (9) 266 ، 267 إن اللّه تعالى أعطاني السبع الطوال مكان التوراة : أنس بن مالك : (12) 294 إن اللّه تعالى أعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية : - : (5) 51 إن اللّه تعالى أمرني أن اقرأ عليك القرآن : أبيّ : (15) 432 إن اللّه تعالى أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض : - : (2) 118 إن اللّه تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام أن اقرأ آية الكرسي : - : (2) 12 إن اللّه تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام يا موسى سلني حتى ملح قدرك وشراك نعلك : - : (1) 69 إن اللّه تعالى بعث نبيا أسود في الحبش فهو ممن لم يقصص عليه عليه الصلاة والسلام : ابن عباس : (12) 340 إن اللّه تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل : ابن عباس : (7) 66 إن اللّه تعالى جعل السبت لموسى عليه السلام عيدا واختار لنا الجمعة فجعلها عيدا : - : (5) 56 إن اللّه تعالى جميل يجب الجمال : - : (9) 218 إن اللّه تعالى جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس : ابن مسعود : (10) 331 إن اللّه تعالى حرم شجر الحرم : - : (1) 375 إن اللّه تعالى حرّم على الأرض أجساد الأنبياء : - : (9) 97 إن اللّه تعالى حرم القينة و
بيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها : عائشة : (11) 68 إن اللّه تعالى حرّم مكه يوم خلق السموات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة : - : (15) 350 إن اللّه تعالى حرم من المسلم دمه وعرضه وإن يظن به ظن السوء : - : (13) 307 إن اللّه تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه : - : (5) 96 إن اللّه تعالى خلق آدم على صورة الرحمن : - : (8) 149 إن اللّه تعالى خلق آدم على صورته أو - على - صورة الرحمن : - : (1) 222 إن اللّه تعالى خلق آدم عليه السلام ثم أخذ الخلق من ظهره : عبد الرحمن بن قتادة : (5) 110 إن اللّه تعالى خلق الأرواح قبل الأجسام بألفي عام : - : (7) 285

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 94
إن اللّه تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم : أبو هريرة : (2) 396 إن اللّه تعالى خلق الخلق في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره : عمرو بن العاص : (12) 12 إن اللّه تعالى خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة : سلمان الفارسي : (4) 99 إن اللّه تعالى خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي أو شفاعتي فاخترت شفاعتي : أبو هريرة : (12) 129 إن اللّه تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها : ثوبان : (9) 98 إن اللّه تعالى شأنه ناجى موسى عليه السلام بمائة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام : ابن عباس : (5) 53 إن اللّه تعالى فرض على المسلمين حج البيت : عكرمه : (2) 229 إن اللّه تعالى قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب : أبو هريرة : (6) 140 إن اللّه تعالى قبض أرواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاء : أبو قتادة : (12) 263 إن اللّه تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هو هذا الطهور الذي تطهرون به؟ : عويم بن ساعدة الأنصاري : (6) 20 إن اللّه تعالى قد أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم : - : (2) 180 إن اللّه تعالى قد فرض عليكم الحج فحجوا البيت : - : (2) 229 إن اللّه تعالى قد قبلها منك : محمد بن المنكدر : (2) 214 إن اللّه تعالى قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء : عمرو بن العاص : (6) 210 إن اللّه تعالى قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما : ابن عباس : (11) 194 إن اللّه تعالى قلب العباد ظهرا وبطنا فكان خير عباده العرب : عدي بن أبي حاتم : (7) 203 إن اللّه تعالى كتب عليكم السعي فاسعوا : ابن عباس : (1) 424 إن اللّه تعالى كتب كتابا بيده لنفسه قبل أن يخلق السموات والأرض : ابن مردويه : (4) 99 إن اللّه تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام : شداد بن أوس
: (2) 69 إن اللّه تعالى لا يقبل إلا من أخلص له : يزيد الرقاشي : (12) 225 إن اللّه تعالى لا يقبل ما شورك : - : (8) 373 إن اللّه تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه : أبو أمامة : (8) 374 إن اللّه تعالى لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم : - : (8) 43 إن اللّه تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم : - : (3) 266 إن اللّه تعالى لم يبعثني بالرهبانية : - : (4) 10 إن اللّه تعالى لم يبعثني متعنتا ولكن بعثني معلما مبشرا : جابر : (11) 178 إن اللّه تعالى لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم : ابن عباس : (5) 279 إن اللّه تعالى لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك : ابن مسعود : (1) 283 إن اللّه تعالى لما وعد موسى عليه السلام أن يكلمه خرج للوقت الذي وعده : كعب بن مالك : (8) 557

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 95
إن اللّه تعالى ليجرب أحدكم بالبلاء وهو أعلم به : أبو مالك : (1) 500 إن اللّه تعالى ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن : ابن مسعود : (5) 229 إن اللّه تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته : - : (7) 390 إن اللّه تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته : أبو موسى الأشعري : (6) 332 إن اللّه تعالى منع مني بني مدلج لصلتهم الرحم وطعنهم في ألباب الإبل : - : (2) 367 إن اللّه تعالى وكل بالرحم ملكا يقول : يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة : أنس بن مالك : (11) 109 إن اللّه تعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله : أنس : (13) 331 إن اللّه تعالى وكل ملك الموت عليه السلام بقبض الأرواح إلا شهداء البحر فإنه سبحانه يتولى قبض أرواحهم : أبو أمامة : (11) 124 إن اللّه تعالى وهب لأمتي ليلة القدر لم يعطها من كان قبلهم : أنس : (15) 417 إن اللّه تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها : أبو هريرة : (12) 309 إن اللّه تعالى يحب العبد المؤمن المحترف : - : (15) 17 إن اللّه تعالى يدعو نوحا وقومه يوم القيامة أول الناس : ابن عباس : (15) 75 إن اللّه تعالى يدني المؤمن حتى يضع كنفه عليه ويستره من الناس : ابن عمر : (6) 231 إن اللّه تعالى يسمع قراءة لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا فيقول : أبشر عبدي : - : (15) 424 إن اللّه تعالى يضاعف الحسنة ألفي ألفي حسنة : أبو هريرة : (1) 555 إن اللّه تعالى يضحك من يأس عباده وقنوطهم وقرب الرحمة منهم : عائشة : (8) 475 إن اللّه تعالى يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة وفيه خفاء أيضا : أبو هريرة : (8) 438 إن اللّه تعالى يقول يوم القيامة : ليقم من كان له على اللّه تعالى أجر فلا يقوم إلا إنسان عفا : الحسن : (2) 273 إن اللّه تعالى ينادي يوم القيامة يا عبادي أنا اللّه لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين : معاذ بن جبل : (8) 273 ، 274 إن اللّه تعالى
ينشئهن خلقا غير خلقهن : عائشة : (9) 97 إن اللّه تعالى ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة اللّه الذين معكم : ابن عباس : (15) 270 إن اللّه تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بعد أن يقتل الدجال : - : (9) 88 إن اللّه جميل يحب الجمال : - : (15) 503 إن اللّه زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى عليه السلام : سعد بن جنادة : (14) 360 إن اللّه سبحانه خلق الرحمة يوم خلقها؟؟؟ : أبو هريرة : (7) 304 إن اللّه سبحانه قد حرم الخمر فمن كان عنده شيء فلا يطعمه ولا تبيعوها : - : (4) 17 إن اللّه سبحانه وتعالى لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة : أبو هريرة : (4) 137 إن اللّه صدقك يا زيد : زيد بن أرقم : (14) 304 إن اللّه طيب لا يقبل إلا طيبا : - : (1) 121 إن اللّه عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 96
لأكثر من عدد شعر غنم كلب : عائشة : (13) 110 إن اللّه قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث : أبو أمامة الباهلي : (1) 451 إن اللّه قد قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية : عمرو بن خارجة : (1) 451 إن اللّه قد منعني أن أقبل منك : أبو أمامة : (5) 332 إن اللّه لا ينظر إلى أعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم : - : (1) 366 إن اللّه لطف بالملكين الحافظين حتى أجلسهما على الناجذين وجعل لسانه قلمهما وريقه مدادهما : معاذ بن جبل : (13) 329 إن اللّه لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة : أبو هريرة : (14) 98 إن اللّه يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا منه على عباده : ابن عباس : (14) 176 إن اللّه يقبل توبة عبده - أو يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب : أبو ذر : (2) 449 إن امرأة دخلت النار في هرة : - : (13) 30 إن أمتي يكثرون سائر الأمم : - : (14) 134 إن امرأة دخلت النار في هرة : - : (3) 155 ، (9) 167 إن امرأة دخلت النار في هرة ربطتها : - : (1) 445 إن أهل الجنة إذا جامعوا نسائهم عدن أبكارا : - : (14) 141 ، 142 إن أهل الجنة لا يكون لهم ولد : أبو ذر
العقيلي : (8) 448 إن أهل الجنة لا يكون لهم ولد : أبو رزين العقيلي : (13) 99 إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين فيقرأ عليهم القرآن : بريدة : (14) 95 إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما : أبو سعيد : (8) 545 إن أول ثلاثة يدخلون الجنة لفقراء المهاجرين : ابن عمر : (2) 381 إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال : عقبة بن عامر : (12) 43 إن أول ما تنطق من الإنسان فخذه اليسرى ثم تنطق الجوارح : - : (12) 367 إن أول من يكسى حلة من النار إبليس : أنس : (9) 433 إن أولى الناس باللّه تعالى من بدأهم بالسلام : أبو الجهم : (3) 98 إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا : - : (8) 225 إن أيوب بقي في محنته ثماني عشرة سنة يتساقط لحمه حتى مله العالم ولم يصبر عليه إلا امرأته : أنس : (12) 199 إن البحر هو من جهنم : يعلى بن أمية : (8) 255 إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة فهلكت سبعون فرقة وخلصت فرقة واحدة : أنس : (2) 239 إن بين أهل الجنة وأسفلهم درجة : - : (8) 46 إن تحتها أرضا أخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة : أبو هريرة : (14) 338 إن تمرة الصدقة يربيها الرحمن حتى تصير مثل الجبل : - : (3) 33

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 97
إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرئك هذه السورة : أبو خيثمة البدري : (15) 424 إن جبريل وميكائيل أتياني فقعد جبريل على يميني وميكائيل على يساري فقال جبريل اقرأ القرآن على حرف فقال استزده حتى بلغ سبعة أحرف : - : (1) 21 إن حبك أياها أدخلك الجنة : أنس : (15) 504 إن الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت : زيد بن ثابت : (1) 476 إن الحجر ليرن سبع خلفات فيلقى في جهنم فيهوي فيها سبعين خريفا : بريدة : (2) 322 إن الخضر في البحر وإلياس في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناهذو القرنين : أنس : (8) 307 إن خلق ابن آدم يجمع في بطن أمه أربعين يوما دما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح : - : (8) 149 إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك : ابن مسعود : (14) 315 إن خير ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه تعالى : - : (1) 247 إن داود سأل ربه مسألة فقال اجعلني مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب : أبو سعيد الخدري : (12) 129 إن الدنيا حلوة خضرة : - : (2) 343 إن الدين النصيحة : تميم الداري : (4) 391 إن الربا سبعون بابا أدناها مثل أن يقع الرجل على أمه : أبو هريرة : (2) 50 إن الربا وإن كثر فعاقبته تصير إلى قل : ابن مسعود : (2) 50 إن ربكم يقدم في تحريم الخمر : الربيع : (4) 17 إن ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز : أنس : (11) 346 إن ربي أخبرني أن سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره : عائشة : (15) 493 إن ربي أعطاني سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب : عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق : (8) 452 إن ربي زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها : ثوبان : (4) 171 إن ربي ودعني وقلاني : الحسن : (15) 376 إن الرجل ليتكىء المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول منه ولا يمله يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه : الهيثم بن مالك الطائي : (8) 259
إن الرجل ليصلي ويصوم ويحج ويعتمر وإنه لمنافق : أنس : (7) 386 إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار : أبو هريرة : (2) 441 إن الرجل من أمتي ليشفع للفئام من الناس : أبو سعيد الخدري : (8) 453 إن رجلا من المنافقين شمت أن ضلّت ناقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : - : (11) 255 إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها : - : (9) 175 إن الزمان استدار كهيئة يوم خلق اللّه تعالى السموات والأرض : - : (5) 245 إن الساعة بعد أن يهلك يأجوج ومأجوج كالحامل المتم لا يدري أهلها

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 98
متى تفجأهم بولادها ليلا أو نهارا : - : (9) 88 إن السلام في السلام اسم من أسماء اللّه تعالى : أنس : (3) 98 إن السماء سقف مرفوع وموج مكفوف تجري كما يجري السهم محفوظة من الشياطين : ابن عباس : (9) 38 إن السموات والأرض كانتا شيئا واحدا ملتزقتين ففصل اللّه تعالى بينهما ورفع السماء إلى حيث هي وأقر الأرض : ابن جبير : (9) 34 إن سورة من كتاب اللّه ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له : أبو هريرة : (15) 3 إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل اللّه تعالى : - : (6) 31 إن شدة الحر من فور جهنم : - : (2) 260 إن الشمس إذا سقطت تحت الأرض سارت حتى تطلع من مكانها فإذا طال الليل كثر لبثها في الأرض فيسخن الماء لذلك : - : (8) 354 إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن : ابن عمر : (8) 134 إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه تعالى لا ينكسفان لموت
أحد أو لحياته : - : (12) 104 إن شهداء أمتي إذا لقليل من قتل في سبيل اللّه تعالى فهو شهيد ، ومن مات في الطاعون شهيد ، ومن مات مبطونا فهو شهيد : أبو هريرة : (3) 75 إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم : - : (15) 526 إن الشيطان يجر يده على وجه من زاد على الأربعين ولم يتب ويقول بأبي وجه لا يفلح : - : (13) 176 إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم : - : (4) 336 إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم : أنس : (6) 448 إن الصدقة أن تسلم على الناس وأنت منطلق الوجه : الحسن : (3) 99 إن صدقة السر تطفئ غضب الرب : - : (2) 43 إن صلاته ستنهاه : أبو هريرة : (10) 368 إن صلة الرحم تزيد في العمر : ابن عباس : (4) 84 إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوت يومها وإن هذه تسبح ربها وتسأله قوت يومها : علي بن أبي طالب : (8) 81 إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء : أبو هريرة : (15) 279 إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم : - : (11) 55 إن العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لهما لعاق فلا يزال يدعو لهما حتى يكتبه اللّه بارا : أنس : (8) 58 إن عرض كل واحدة منهما مسيرة مائة عام : عياض بن غنم : (14) 116 إن عظم دائرة فيه كعرض السماوات والأرض : أبو هريرة : (10) 240 إن عفريتا جعل يتفلت علي البارحة ليقطع علي صلاتي وإن اللّه تعالى أمكنني منه : أبو هريرة : (12) 192 إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما : - : (10) 166 ، 167

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 99
إن عليهم التيجان إن أدنى لؤلؤه منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب : أبو سعيد الخدري : (11) 371 إن عندي ما ترون إن خير القول أصدقه : المسور بن مخرمة : (5) 269 إن العير مضت على ساحل البحر : - : (5) 160 إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة : - : (2) 172 إن عيسى ينزل حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية : - : (11) 23 إن العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون : أنس : (7) 39 إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر : - : (7) 16 إن العين لتولع بالرجل بإذن اللّه تعالى حتى يصعد حالقا ثم يتروى منه : أبو ذر : (15) 43 إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام : أنس : (9) 328 إن الفلق جب في جهنم مغطى ، وسجين جب فيها مفتوح : أبو هريرة : (15) 278 إن في الجسد مضغة : - : (1) 151 إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب : - : (2) 61 إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها : - : (12) 35 إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها : أبو هريرة : (14) 140 إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند اللّه تعالى ويدعى صاحبها الشريف عند اللّه تعالى يشفع صاحبها يوم القيامة أكثر من ربيعة ومضر وهي سورة يس : عائشة : (11) 381 إن في كتاب اللّه تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى : علي بن أبي طالب : (14) 225 إن في المدينة لأقواما ما سرتم من سير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم : أنس : (3) 120 إن في المعارض لمندوحة عن الكذب : عمران بن حصين : (6) 43 إن القبر الذي جلست عنده قبر آمنة وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي : ابن مسعود : (6) 33 إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف : عثمان : (1) 21 إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا : عمرو بن شعيب : (2) 82 إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من
أصابع الرحمن : - : (8) 473 إن الكبش نزل على إبراهيم في هذا المكان : عطاء بن السائب : (12) 126 إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم : أبو هريرة : (4) 202 إن الكفار يبعثون يوم القيامة وردا عطاشا فيقولون أين الماء : - : (9) 373 إن كل قطرة من القطرات ينزل معها ملك : - : (1) 175 إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني : - : (4) 9

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 100
إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لنفحات الرحمن : - : (7) 77 إن لقمان قال لابنه يا بني عليك بمجالسة العلماء واسمع كلام الحكماء : أبو أمامة : (2) 41 إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال : كعب بن عياض : (14) 322 إن لكل شيء ملكا وإن كل قطرة من قطرات المطر ينزل معها ملك : - : (15) 254 إن لكل شيء نورا ونور القرآن قل هو اللّه أحد : أنس : (15) 504 إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير : - : (4) 56 إن لكل نبي حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردة : - : (15) 479 إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة : - : (9) 137 إن للموت سكرات : - : (9) 45 إن للّه تعالى آنية من الأرض وآنية ربكم
قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها : أبو عنبسة الخولاني : (8) 522 إن للّه تعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا : - : (5) 114 إن للّه تعالى تسعة وتسعين اسما من حفظها دخل الجنة : أبو هريرة : (5) 114 إن للّه تعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة : - : (7) 130 إن للّه تعالى عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء على مجالسهم : أبو مالك الأشعري : (6) 141 إن للوسواس خطما كخطم الطائر : - : (15) 526 إن لنفسك عليك حقا : - : (3) 173 إن له لأجر شهيدين : ابن إسحاق : (11) 175 إن له مرضعا في الجنة ولو عاش لكان صديقا نبيا ولو عاش لأعتقت أخواله من القبط : ابن عباس : (11) 211 إن لوح من نور والقلم قلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة : معاوية بن مرة : (15) 27 إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي : جبير بن مطعم : (14) 280 إن ما بعثني اللّه تعالى به من الهدى والعلم مثل غيث أصاب أرضا : أبو موسى الأشعري : (7) 125 إن مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث اللّه تعالى إليهم شعيبا عليه السلام : ابن عمر : (7) 318 إن المرأة عورة فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان : ابن مسعود : (11) 187 ، 188 إن المعونة تنزل من السماء على قدر المئونة : - : (11) 324 إن الملائكة تنزل في الغنان : عائشة : (7) 273 إن الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد اللّه تعالى : صخر بن حبيب : (15) 281 إن الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد اللّه تعالى : ابن المبارك : (4) 166 إن الملائكة يصعدون بعمل العبد من عباد اللّه تعالى فيكثرونه ويزكونه : صخر بن حبيب : (13) 331 إن من أبغض المباحات عند اللّه عز وجل الطلاق : - : (14) 328 إن من أربى الربا الاستطالة بغير حق : - : (2) 396 إن من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيت : أنس : (4) 349 إن من أفضل الدعاء قول الرجل ما شاء اللّه : عمرو بن مرة : (8) 266

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 101
إن من أكبر الذنب أن يقول الرجل لأخيه : اتق اللّه تعالى فيقول : عليك بنفسك عليك بنفسك : ابن مسعود : (1) 491 إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام : الربيع : (5) 117 إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي : عمر : (3) 70 إن من البيان لسحرا : - : (1) 339 ، (7) 17 إن من خير النساء أيسرهن صداقا : ابن عباس : (2) 453 إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت : أنس : (10) 46 إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد : - : (8) 225 إن من الشعر لحكمة : - : (9) 11 إن من الشعر لحكمة : عبد اللّه بن رواحة : (10) 144 إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا العلماء باللّه تعالى : - : (8) 343 إن المنشئات اللاتي كن في الدنيا عجائز عمشا رمصا : أنس : (14) 141 إن موسى عليه السلام عند نزول الوحي تعلق قلبه بأحوال أهله : - : (6) 203 إن موسى عليه السلام قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل أي الناس أعلم؟ : أبي بن كعب : (8) 295 إن موسى عليه السلام كان رجلا حييا ستيرا : أبو هريرة : (11) 269 إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي : أبو سعيد الخدري : (13) 99 إن المؤمن إذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى دار الدنيا : ابن جريج : (9) 262 إن المؤمن والكافر لا تتراءى نارهما : - : (9) 432 إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه : كعب بن مالك : (10) 144 إن المؤمن يفسح له مد بصره ، ويقال له نم نومة العروس : - : (1) 418 إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين يود لو خرجت نفسه واللّه تعالى يحب لقاءه : أبو هريرة : (8) 150 إن مؤمني أمتي شهداء : البراء بن عازب : (14) 183 إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه : عائشة : (8) 34 إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه : هشام عن أبيه : (11) 56 إن من قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فتخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه : خباب بن الأرت : (1) 499 إن
الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك أن يعمهم اللّه تعالى بعقاب : أبو بكر : (5) 182 إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم اللّه تعالى بعقاب : - : (4) 44 إن ناسا من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء اللّه تعالى أن يكونوا : جابر بن عبد اللّه : (7) 252 إن ناسا يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك : النعمان بن بشير : (12) 105

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 102
إن النطفة التي يخلق منها النسمة تطير في المرأة أربعين يوما وأربعين ليلة : حذيفة بن أسيد : (8) 31 إن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنيه سبحان اللّه وبحمده : ابن عمر : (8) 81 إن نوحا لم يقم عن خلاء قط إلا قال : الحمد للّه الذي أذاقني لذته وأبقى في منفعته وأذهب عني أذاه : عائشة : (8) 17 إن نور المنافق يطفأ قبل أن يأتي الصراط : - : (14) 176 إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه : سعد بن أبي وقاص : (5) 152 إن هذا عبد عرف ربه : - : (15) 503 إن هذا عدو لك ولزوجك
فلا يخرجنكما من الجنة : - : (8) 450 إن هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم : أبو هريرة : (15) 320 إن هؤلاء جاؤونا مسلمين وإنا خيرناهم بين الذراري والأموال : المسور بن مخرمة : (5) 269 إن هؤلاء في أمتي قليل إلا من عصم اللّه تعالى : أنس بن مالك : (2) 273 إن وسادك إذا لعريض إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل : عدي بن حاتم : (1) 463 إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن : عمر : (15) 383 إنّا أمّة أميّة لا نكتب ولا نحسب : - : (11) 6 إنّا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب : ابن عمر : (5) 75 ، (14) 288 إنّا في جنة حصينة : - : (2) 328 إنّا لا ندري لعل فيكم من لا يرضى فمروا عرفائكم فليرفعوا ذلك إلينا : المسور بن مخرمة : (5) 269 إنّا لم نجيء لقتال أحد ولكن معتمرين : - : (13) 270 إنّا لم نرده عليك إلا أنا حرم : - : (4) 30 إنّا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم : أبو الدرداء : (2) 118 إنك امرؤ فيك جاهلية : أبو هريرة : (5) 280 إنك لا تفضل أحدا إلا في الدين والتقوى : ابن عباس : (13) 314 إنك لست عليها : - : (6) 18 إنك لعريض القفا : - : (1) 463 إنكم تحشرون رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم : معاوية بن حيدة : (8) 166 إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسمائكم : - : (8) 89 ، 115 إنكم سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه : - : (14) 226 إنكم الشجرة الملعونة في القرآن : عائشة : (8) 102 إنكم في منازلكم : - : (11) 176 إنكم ملاقو اللّه حفاة عراة غرلا : ابن عباس : (12) 309 إنما أحكم بكتابكم : - : (2) 107 إنما أجلكم فيمن مضى قبلكم من الأمم من صلاة العصر إلى غروب الشمس : ابن عمر : (5) 125 إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه : أم سلمة : (1) 466

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 103
إنما أنا رحمة مهداة : أبو هريرة : (9) 100 إنما أنا لكم بمنزلة الوالد : - : (15) 351 إنما أنت من إخوان الكهان : - : (12) 108 إنما الإيمان بمنزلة القميص مرة تقمصه ومرة تنزعه : عتبة بن عبد اللّه بن خالد ابن معدان : (2) 87 إنما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم وخواتمه : - : (11) 8 إنما بقاؤكم فيمن سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس : سالم بن عبد اللّه عن أبيه : (15) 458 إنما التصفيق للنساء : - : (11) 73 إنما جعل الاستئذان من أجل النظر : - : (9) 330 إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا : أبو هريرة : (5) 140 إنما رأيت جبريل منهبطا : مسروق : (14) 52 ، 53 إنما سمى اللّه البيت العتيق لأنه أعتقه من الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط : ابن الزبير : (9) 140 إنما سمى اللّه تعالى نوحا عبدا شكورا : معاذ بن أنس الجهني : (8) 16 إنما السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل قرء تطليقة : ابن عمر : (1) 530 إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي : أبو هريرة : (13) 209 إنما الشؤم في ثلاث في الفرس والمرأة والدار : - : (5) 221 إنما الصبر عند أول صدقة : - : (1) 421 إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن إذا حدثتكم عن اللّه شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على اللّه تعالى : - : (7) 68 إنما قال اللّه تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما : ابن عباس : (4) 289 إنما كان يبين عنه لسانه إنما كان يعبر عنه لسانه : الحسن : (3) 116 إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه اللّه تعالى في جسده حين يبعثه : كعب بن مالك : (8) 153 إنما هلكت بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم : - : (2) 240 إنما هي أعمالكم ترد إليكم : - : (15) 288 إنما وليكم اللّه ورسوله : ابن عباس : (3) 334 إنه أنزل عليّ آنفا سورة : أنس بن مالك : (15) 478 إنه تعالى وتنزه عن سمات الحدوث ينزل إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير فيقول من
يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه : - : (2) 100 إنه جبل فيها : - : (1) 302 إنه سبحانه يسأل أهل الجنة هل رضيتم : - : (2) 99 إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان : ابن عباس : (5) 328 إنه شهد بدرا وما يدريك لعل اللّه اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم : علي بن أبي طالب : (14) 260

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 104
إنه عليه السلام حين دعا بذلك أقبلت دعوته تحف بالعرش : أنس : (9) 81 إنه قد نعيت إليّ نفسي : - : (15) 491 إنه كان إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين : - : (2) 162 إنه كان معك ملك يرد عنك : أبو هريرة : (13) 49 إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين : - : (6) 163 إنه لم يمنعني أن أرد السلام إلا أنا أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة : ابن مسعود : (1) 550 إنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت : - : (5) 51 إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من صلاة مكتوبة : - : (15) 64 إنه ليس أحد يعبد من دون اللّه تعالى فيه خير : ابن عباس : (13) 94 إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يناجز : - : (2) 328 إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله يبكون عليه الآن : هشام عن أبيه : (11) 56 إنه ليغان على قلبي فاستغفر اللّه تعالى في اليوم سبعين مرة : - : (8) 300 إنه ليغان على قلبي فأستغفر اللّه في اليوم والليلة سبعين مرة : - : (1) 95 إنه ليغان على
قلبي وإني لأستغفر اللّه كل يوم مائة مرة : الأغر المزني : (13) 211 إنه ليؤتي العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند اللّه تعالى جناح بعوضة : أبو هريرة : (4) 324 إنه ليؤخذ للشاة الجماء من الشاة القرناء : - : (5) 121 إنه ما مسخت صورهم ولكن مسخت قلوبهم فلا تقبل وعظا ولا تعي زجرا : - : (1) 283 إنه يكتب آثاركم : أبو سعيد الخدري : (11) 391 إنه يلقى العبد ربه فيقول اللّه تعالى له أي قل ألم أكرمك : أبو هريرة : (12) 42 إنها الأرض : أبو هريرة : (14) 338 إنها تصبح من ذلك اليوم تطلع الشمس ليس لها شعاع : - : (15) 414 إنها جنان في جنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى : أنس : (9) 215 إنها ستكون فتنة : علي : (15) 311 إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات : حذيفة بن أسيد : (4) 305 إنها لمشية يبغضها اللّه تعالى ورسوله إلا في هذا الموضع : - : (2) 286 إنها منزلة في الجنة جعلها اللّه تعالى لعبد من عباده وأرجو أن أكون أنا فاسألوا لي الوسيلة : - : (3) 294 انهزموا ورب الكعبة : الربيع : (5) 268 إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق : هشام عن أبيه : (11) 56 إنهم الآن يسمعون ما أقول : ابن عمر : (11) 56 إنهم قوم هذا : أبو هريرة : (3) 159 إنهم ليسوا بشيء : عائشة : (10) 136 إنهما ائتدما : أنس : (13) 310 إنهما ليعذبان وما يعذبان بكبير : أبو بكرة : (13) 311 إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني : - : (10) 95

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 105
إني أحق بذلك : أبو صالح : (13) 132 إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون : أبو ذر : (15) 186 إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضعا جبهته ساجدا للّه : أبو ذر : (12) 146 إني أريد أزوجك زيد بن حارثة فإني قد رضيته لك : ابن عباس : (11) 203 إني اشترطت على ربي فقلت إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر : جابر : (8) 25 إني أمرت بالعفو : - : (3) 83 إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي : - : (14) 111 إني تارك فيكم خليفتين كتاب اللّه عز وجل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي : زيد بن ثابت : (2) 235 إني تركت فيكم الثقلين كتاب اللّه تعالى وعترتي لا يفترقان حتى يردا على الحوض : - : (2) 150 إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم : عياض المجاشعي : (4) 387 إني دعوت اللّه تعالى أن يجعلها أذنك يا علي : - : (15) 49 إني ذاكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك : جابر : (11) 177 إني رأيت بقرا تنحر ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة : - : (2) 257 إني سألت ربي سبحانه الشفاعة فأعطانيها : أبو ذر : (4) 67 إني قد ابتعت لك غلاما ظريفا عربيا فإن أعجبك فخذيه : ابن عباس : (11) 145 إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة : معاذ : (8) 147 إني لا أبيحه لكم إلا بثمن : - : (14) 13 إني لا أحل إلا ما أحل اللّه تعالى في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم اللّه تعالى في كتابه : عائشة : (3) 357 إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة : أميمة بنت رقية : (14) 274 إني لا أملك لكم شيئا : - : (13) 253 إني لأحدث نفسي بالشيء لو تكلمت به لأحبطت أجري : أم سلمة : (4) 112 إني لأحدث نفسي بالشيء لو تكلمت به لأحبطت أجري فقال : لا يلقى ذلك
الكلام إلا مؤمن : أم سلمى : (1) 11 إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة بل أنتم نصف أهل الجنة : أبو هريرة : (14) 134 إني لأسهو : الصديق الأكبر : (2) 27 إني لأعرف أول من سيب السوائب ونصب النصب وأول من غير دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام : زيد بن أسلم : (4) 43 إني لأعرف حجرا كان يسلم عليّ قبل أن أبعث : - : (1) 296 إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا : عثمان بن عفان : (13) 271

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 106
إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب : سليمان بن صرد : (12) 376 إني لست أخاف عليكم الخطأ ولكن أخاف عليكم العمد : عائشة : (11) 147 إني لفي صحراء واسعة ابن عشر حجج : - : (15) 387 إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة : أبو هريرة : (9) 100 إني لم أؤمر بذلك : - : (4) 9 إني واللّه أعلم أنكم تعلمون أني رسول اللّه : ابن عباس : (3) 194 إني واللّه ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي : أبو بكر الصديق : (2) 48 إني واللّه ما هجوتك ما هجاك إلا اللّه تعالى : زيد بن أرقم : (15) 376 أهبط آدم وحواء عليهما السلام عريانين جميعا : أنس : (4) 343 اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ : جابر : (8) 470 اهجهم - يعني المشركين - فإن روح القدس سيعينك : عبد اللّه بن رواحة : (10) 144 اهجهم وروح اللّه معك : - : (1) 316 أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك : - : (11) 232 أوتيت جوامع الكلم : - : (1) 66 أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس : ابن عمر : (11) 108 أوثق الإيمان الحب في اللّه والبغض في اللّه : البراء بن عازب : (14) 229 أو غير وهم في أصلاب آبائهم : - : (15) 258 أو قد وجدتموه؟ : - : (7) 66 أول خصمين يوم
القيامة جاران : عقبة بن عامر : (12) 254 أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر : أبو هريرة : (12) 287 أول شيء يأكله أهل الجنة زائدة كبد الحوت : - : (7) 93 أول ما تفقدون من دينكم الخشوع : - : (9) 208 أول ما خلق اللّه نور نبيك يا جابر : - : (1) 54 ، (9) 100 أول ما خلق اللّه تعالى نوري : - : (4) 312 أول ما نبدأ به في يومنا نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا : - : (13) 286 أول ما يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت يأكل منه سبعون ألفا : - : (7) 94 أول من دخل الحمام سليمان : - : (10) 204 أول من صنعت له الحمامات سليمان : أبو موسى الأشعري : (10) 204 أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل عليه السلام وهو ابن أربع عشرة سنة : - : (6) 365 أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس : جعفر بن محمد عن أبيه عن جده : (4) 330 أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته : أبو أيوب : (12) 254 أول من يدخل الجنة من خلق اللّه تعالى فقراء المهاجرين : عبد اللّه بن عمرو : (7) 138 أول من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون على السراء والضراء : ابن عباس : (6) 30

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 107
أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه : أبو هريرة : (3) 161 أول وقت العشاء حين يغيب الأفق : أبو هريرة : (8) 129 أولا تدرين أن اللّه تعالى خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه أهلا ولهذه أهلا : عائشة : (14) 136 أولاد الكفار خدم أهل الجنة : الحسن البصري : (14) 136 أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم أحد غيري : - : (9) 201 أو مخرجي هم : - : (12) 89 أؤمن باللّه تعالى وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط : ابن عباس : (3) 341 أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك؟ : - : (9) 309 أي الربا أربى عند اللّه؟ : عائشة : (11) 263 أي شيء تحبون أن آتيكم به؟ : محمد القرظي : (4) 238 أي شيء قلت فيكن؟ : أنس بن مالك : (2) 412 أي عم قل : لا إله إلا اللّه أحاج لك بها عند اللّه : المسيب بن حزن : (6) 32 أي العمل وجدت أفضل؟ : عبيد بن مرزوق : (11) 55 أي القرآن أفضل؟ : - : (1) 101 أي والذي بعثني بالحق أنه لينقص : - : (2) 288 أي يوم هذا؟ : ابن عمر : (5) 242 إياك الذنوب التي لا تغفر : الذلول : عوف بن مالك : (2) 47 إياك والحلوب : أبو هريرة : (15) 455 إياكم وأذى المؤمن فإن اللّه تعالى يحوطه ويغضب له : - : (11) 263 أياكم والظن فإن الظن أكذب الأحاديث : ابن عباس : (7) 66 أياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا : أبو سعيد : (8) 66 أيام التشريق كلها أيام ذبح : - : (9) 138 ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه شجرة مباركة : عمر : (9) 360 ائتني بوضوء أتوضأ به : - : (8) 346 ائتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين : وهب بن منبه : (2) 198 أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم : أم كلثوم بنت الصديق : (3) 26 أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن : أبو الدرداء : (15) 505 أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا كان خرج من بيته قال :
إني تصدقت بعرضي على الناس : - : (13) 311 أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم اللّه تعالى وأسرع في طاعة اللّه عز وجل : - : (15) 6 أيكم أعلم : عكرمة : (3) 268 أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث : عبادة بن الصامت : (4) 300 أيلعب بكتاب اللّه وأنا بين أظهركم؟! : - : (14) 327 الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها : - : (9) 342

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 108
أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من اللّه تعالى في شيء : - : (9) 305 أيما امرأة أنكحت نفسها بدون ولي فنكاحها باطل باطل باطل : - : (15) 312 أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة : ثوبان : (1) 535 أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها : - : (7) 433 أيما داع دعا إلى هدي فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الذين اتبعوه : الحسن : (10) 347 أيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر ليس في نفسه أن يؤدي إليها حقها خدعها : ميمون الكردي عن أبيه : (13) 257 أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر : - : (2) 404 أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر : جابر : (3) 11 أيما لحم نبت من سحت فالنار أولى به : - : (7) 463 ، (9) 241 الإيمان أن تؤمن باللّه : - : (1) 113 الإيمان بضع وسبعون : - : (1) 104 الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق : - : (1) 117 الإيمان يمان : - : (15) 493 أين حسان بن ثابت؟ : محمد بن سيرين : (10) 144 أين السائل عمن قضى نحبه؟ : طلحة بن عبيد : (11) 168 أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا : أبو موسى الأشعري : (4) 379 أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا : ابن إسحاق : (3) 363 أيها الناس إن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد فيقبضها اللّه إذا شاء ويرسلها إذا شاء : أنس بن مالك : (12) 263 أيها الناس انصرفوا فقد عصمني اللّه تعالى : عائشة : (3) 364 أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد : - : (9) 281 أيها الناس قد فرض اللّه تعالى عليكم الحج فحجوا : أبو هريرة : (4) 39 أيها الناس قولوا لا إله إلا اللّه تفلحوا : - : (15) 497 أيها الناس لا تشكو عليا فو اللّه إنه لأخشن في ذات اللّه تعالى : أبو سعيد الخدري : (3) 360 أيها الناس هذه القبلة : ابن عباس : (3) 61 أ
يؤذيك هو أمك؟ : كعب بن عجرة : (1) 478
باب الباء
بارك اللّه لك فيما أمسكت وفيما أعطيت : عبد الرحمن بن عوف : (2) 33 بأن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك : - : (2) 273 بانت بثلاث في معصية اللّه وبقي تسعمائة وسبعة وتسعون : عبادة بن الصامت : (14) 327 باسمك اللهم هذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللّه سهيل بن عمرو : - : (14) 269 بأي شيء تستفتح القرآن إذا افتتحت الصلاة : أبو بردة عن أبيه : (1) 42

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 109
بخ بخ ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين : - : (2) 214 البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة : جابر : (9) 148 بدىء بي الخلق وكنت آخرهم في البعث : أبي بن كعب : (11) 152 بذلك أمرت الرسل قبلي أن لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا صالحا : أم عبد اللّه أخت شداد ابن أوس : (9) 241 البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا يموت فكن كما شئت كما تدين تدان : أبو قلابة : (1) 86 بريء من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة : مجمع بن يحيى : (14) 247 بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد رسول اللّه إلى أسقف نجران وأهل نجران : - : (2) 178بسم اللّه الرحمن الرحيم
حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا : - : (12) 363بسم اللّه الرحمن الرحيم
من محمد رسول اللّه إلى مسيلمة الكذاب السلام على من اتبع الهدى : - : (3) 328 بشر المشائين إلى المساجد : - : (1) 203 بشر المشائين إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة : - : (5) 138 بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن : أم سلمة : (14) 125 البطنة أصل الداء والحمية أصل كل دواء : - : (4) 350 بعث اللّه جندا من الملائكة فحملوا آدم وحواء على سرير من ذهب : ابن عباس : (1) 235 بعثت أنا والساعة جميعا وإن كادت لتسبقني : بريدة : (13) 209 بعثت أنا والساعة كهاتين : - : (7) 335 ، (11) 109 بعثت أنا والساعة كهاتين : أنس : (5) 125 ، (13) 209 بعثت أنا والساعة كهاتين : الحسن : (13) 95 بعثت أنا والساعة كهاتين إن كادت لتسبقني : - : (15) 240 بعثت بالمداراة : - : (2) 118 بعثت لأتمم مكارم الأخلاق : - : (3) 149 بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا : أبو هريرة : (6) 49 بعثني اللّه تعالى بالرسالة فضقت بها ذرعا ، فأوحى اللّه تعالى إن لم تبلغ رسالاتي عذبتك وضمن لي العصمة فقويت : الحسن : (3) 356 بالعدل قامت السماوات والأرض : - : (14) 101 البكر بالبكر : - : (9) 280 البكر تستأذن : - : (9) 280 بكى شعيب عليه
السلام من حب اللّه تعالى حتى عمي : شداد بن أوس : (6) 318 بل آمنوا باللّه تعالى ومحمد صلى اللّه عليه وسلم. وبكتابه القرآن وبكل كتاب كان قبله فقالوا : ابن عباس : 16

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 110
بل أقتله إن شاء اللّه تعالى : - : (10) 13 بل أنا أقتلك إن شاء اللّه تعالى : - : (2) 286 بل على شيء قد فرغ منه وجزت به الأقلام يا عمر ولكن كل ميسر لما خلق له : عمر بن الخطاب : (6) 341 بل لكل من عبد من دون اللّه تعالى : ابن عباس : (9) 89 بل للناس عامة : - : (2) 274 بل للناس عامة : ابن مسعود : (2) 380 بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك : - : (9) 90 بل هو من أهل الجنة : سعد بن معاذ : (13) 289 بل يتشقق عنها ثمر الجنة : ابن عمر : (8) 259 بلحم أخيكما والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين ثناياكما : أنس : (13) 310 بلغني أن جبريل إمام أهل السماء : موسى ابن عائشة : (1) 333 بلغوا عني ولو آية : - : (15) 105 بلى : - : (2) 77 بلى : ابن عباس : (9) 89 بلى : أبو ذر : (4) 67 بلى إذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فقولوا بسم اللّه : ابن عباس : (15) 455 بلى أفأخبرتك إنك تدخله هذا العام؟ : عمر : (7) 68 بلى إن اللّه تعالى قال كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ : عائشة : (9) 97 بلى إني واللّه اللّه بعثني بنيا : - : (13) 219 بلى ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ عليكم من الميثاق وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس : ابن عباس : (3) 365 بينكم وبينها خمسمائة عام : أبو هريرة : (14) 338 بها ختمت : زيد بن ثابت : (9) 219 بئر في جهنم فإذا سعرت البئر فمنها تسعر جهنم : عمرو بن عنبسة : (15) 519 بئس ابن الشعيرة - أو أخو العشيرة : عائشة : (2) 118 بئس خطيب القوم أنت : - : (8) 337 بئس خطيب القوم أنت قل ومن يعص اللّه ورسوله : - : (11) 253 بئس خطيب القوم أنت قل ومن يعص اللّه ورسوله : عدي بن حاتم : (10) 221 بئس الكلام هذا بل هو أعظم الفتح : - : (13)
240 بئسما صنعتم كانا من سليم : - : (13) 287 بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة : الحسن : (14) 223 بين كل أذانين صلاة : - : (14) 293 بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري : جابر بن عبد اللّه الأنصاري : (15) 399 بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان فأتيت بطست من ذهب فيها ماء زمزم : مالك بن صعصعة : (15) 387

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 111
بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا إليه رؤوسهم : - : (4) 109 بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم : جابر : (12) 37 بينتك وإلا فيمينه : عدي بن عميرة : (2) 196 بينكما القصاص : الحسن : (8) 577 بينما أيوب عليه السلام يغتسل عريانا : أبو
هريرة : (9) 77 بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار : ابن عمر : (8) 201 بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل مختال في مشيته إذ خسف اللّه تعالى به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة : - : (8) 77 بينه تبيينا ولا تنثره نثر الدقل : علي : (15) 116 البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه : - : (12) 170 البينة وإلا فحد في ظهرك : - : (9) 276
باب التاء
التأني من اللّه تعالى والعجلة من الشيطان : - : (4) 373 تب : ابن جبير : (14) 307 تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الضوء : أبو هريرة : (8) 257 تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والطرة تنتقل إليها الخزائن يخسف بها : - : (8) 97 التثبت من اللّه تعالى والعجلة من الشيطان : - : (13) 297 تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر : أبو هريرة : (8) 131 تجيء ألم تنزيل - وفي رواية - الم السجدة يوم القيامة لها جناحان : - : (11) 113 تحاجت الجنة والنار فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس : أبو هريرة : (13) 338 تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها : أبو هريرة : (1) 100 تحجزه - أو تمنعه - عن الظلم فإن ذلك نصره : - : (3) 260 تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان : عائشة : (15) 413 تحشرون حفاة عراة غلفا : عائشة : (9) 97 تخرج دابة الأرض من جياد فيبلغ صدرها الركن ولم يخرج ذنبها بعد وهي دابة ذات وبر وقوائم : أبو هريرة : (10) 233 تخرج الدابة من هذا الموضع فإذا شبر في : بريدة : (10) 234 تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم سليمان عليهما السلام : أبو هريرة : (10) 232 تخرج النفس وهي مشركة : أبو ذر : - : التدبير نصف المعيشة والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين : أنس : (8) 63 تدرون ما تحتكم؟ : أبو هريرة : (14) 338

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 112
تذهب لتسجد فتستأذن فيؤذن لها : أبو ذر : (12) 13 التراب طهور المؤمن : - : (10) 31 التسريح بإحسان هو الثالثة : أبو رزين الأسدي : (1) 530 تسع أعظمهن الإشراك وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار من الزحف وقذف المحصنة والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين المسلمين : الحسن : (8) 58 تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشي : عبد الرحمن الأزدي : (3) 16 تسمية اللّه تعالى في قلب كل مسلم يسمي أو لم يسم : - : (1) 50 تشترط ماذا : عمرو بن العاص : (5) 193 تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار : أبو هريرة : (8) 131 تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه : أبو سعيد الخدري : (9) 265 تصدق به : - : (11) 20 ، (14) 213 تصدقوا فإن أحدكم يعطي اللقمة أو الشيء فيقع في يد اللّه عز وجل قبل أن يقع في يد السائل : ابن عباس : (6) 16 تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا : أبو أيوب : (13) 140 تصير أصلاب المنافقين المؤمنين كصياصي البقر عظما واحدا : - : (15) 41 تطاوعا ولا تختلفا : - : (2) 240 تطهري بها : عائشة : (1) 517 تعرض أعمال بني آدم بين يدي اللّه عز وجل يوم القيامة في صحف مختمة : أنس : (8) 374 تعرف إلى اللّه في الرخاء يعرفك في الشدة : - : (6) 76 التعظيم لأمر اللّه تعالى : - : (7) 204 تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض : ابن مسعود : (2) 443 تعلموا ق والقرآن المجيد : أبو العلاء : (13) 321 تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ثم انتبهوا : ابن عمر : (4) 221 تفكر ساعة يعدل عبادة سبعين سنة : - : (6) 212 تفكروا في آلاء اللّه تعالى ولا تفكروا في اللّه تعالى : ابن عمر : (2) 369 تفكروا في آلاء اللّه تعالى ولا تفكروا في ذاته فإنكم لن تقدروا قدره : - : (9) 193 تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق : عمرو بن مرة : (2) 369 تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لن تقدروه : ابن
عباس : (14) 67 تفكروا في خلق اللّه ولا تفكروا في اللّه فتهلكوا : أبو ذر : (14) 67 التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه : أنس : (9) 367 تقاد سبعين ألف زمام كل زمام يقوده سبعون ألف ملك : - : (15) 343 تقرأهن عن ظهر قلبك؟ : سهل بن سعد : (3) 7 تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى : - : (13) 112

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 113
تقول الأرض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتني : - : (15) 435 تقول النار للمؤمن يوم القيامة جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي : يعلى بن أمية : (8) 438 تقوم الساعة والرجلان يحلبان النعجة والرجلان يطويان الثوب : أبو سعيد : (13) 97 التكبير والتهليل والتسبيح ولا حول ولا قوة إلا باللّه : أبو سعيد الخدري : (8) 272 تكفل اللّه تعالى لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله : أبو هريرة : (5) 306 تكفه عن الظلم : - : (5) 77 تكلم أربعة في المهد وهم صغار : - : (6) 411 تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة : أبو سعيد الخدري : (12) 281 تلبثون ما لبثتم ثم يتوفى نبيكم ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصائحة : لقيط بن عامر : (8) 136 تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعقابهم : - : (9) 265 تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانات الذهب والفضة : - : (15) 434 تلك السكينة تنزل القرآن : - : (14) 180 تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر أربعا لا يذكر اللّه تعالى فيها إلا قليلا : أنس : (3) 169 تلك العزى : - : (14) 55 تلك العزى ولن تعبد أبدا
:
- : (14) 55 تلكم الكلمة من الحق يحفظها الجني فيقذفها في أذن وليه : عائشة : (10) 136 تلك الملائكة : - : (5) 269 تمام النعمة دخول الجنة : معاذ بن جبل : (1) 416 تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم ثم لا يكون لابن آدم منها إلا موضع قدميه : جابر : (15) 287 تنام عيني ولا ينام قلبي : - : (10) 120 تنزيه للّه تعالى عن كل سوء : طلحة : (8) 5 تنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها : أبو هريرة : (1) 513 تنهوهن عما نهاكم اللّه عنه وتأمروهن بما أمركم اللّه : عمر : (14) 351
باب الثاء
ثلاث تؤدين إلى البر والفاجر الرحم توصل برة كانت أو فاجرة : - : (3) 62 ثلاث كتبت عليّ ولم تكتب عليكم : الضحى والأضحية والوتر : - : (15) 481 ثلاث لا يحاسب بهن العبد ظل خص يستظل به وكسرة يشد بها صلبه ، وثوب يواري به عورته : الحسن : (15) 456 ثلاث اللاعب فيها كالجاد ، النكاح ، والطلاق والعتاق : أبو الدرداء : (1) 537 ثلاث من الحق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها اللّه تعالى إلا أعز اللّه عز وجل بها نصره : أبو هريرة : (13) 49 ثلاث من كن فيه وجد بهن طعم الإيمان من كان اللّه تعالى ورسوله أحب

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 114
إليه مما سواهما : أنس : (10) 221 ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان : أبو هريرة : (3) 62 ثلاث هزلهن جد : النكاح والطلاق والرجعة : أبو هريرة : (1) 537 ثلاث هن رواجع أهلها المكر والنكث والبغي : أنس : (6) 94 ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير : أبو ذر : (1) 495 ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا : - : (9) 164 ثلاثة حق على اللّه تعالى عونهم الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الأداء والغازي في سبيل اللّه تعالى : أبو هريرة : (9) 343 ثمرة طيبة وماء طهور : ابن مسعود : (13) 188 الثيب بالثيب جلد مائة ورمي الحجارة : - : (9) 278 الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا : سلمة بن مرثد الجعفي : (14) 141
باب الجيم
جاءني جبرائيل فقال : اجعلوها على رأس مائتين وثمانين آية من البقرة : - : (2) 54 جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا منه شيء : - : (15) 386 جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي : عائشة : (15) 521 جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح : أنس : (1) 514 جاورت بحراء فلما قضيت جواري هبطت فنوديت : يحيى بن أبي كثير : (15) 128 جرح العجماء جبار : - : (9) 72 جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا : - : (1) 363 ، (3) 253 ، (6) 160 جعلت لي الأرض والسماء مسجدا طهورا : - : (15) 102 جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة : - : (4) 164 الجمعة حق واجب على كل مسلم : - : (14) 297 جنان الفردوس أربع جنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما : - : (14) 125 جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من ورق لأصحاب اليمين : أبو موسى : (14) 120 جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم : واثلة بن الأسقع : (9) 736 الجنة : عدي بن عميرة : (2) 196 الجنة تحت ظلال السيوف : - : (6) 27 الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين ما بين السماء والأرض والفردوس أعلى الجنة : أبو عبيدة بن الجراح : (8) 370 الجهاد في سبيل اللّه تعلى : أبو سعيد : (3) 119 جيئوني بقوس غيرها : عبد الرحمن بن جبير : (5) 173

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 115
الجيران ثلاثة : فجار له ثلاثة حقوق : حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام ... : جابر بن عبد اللّه : (3) 28
باب الحاء
حافظ على العصرين : فضالة بن وهب الليثي : (8) 588 حب الدنيا رأس كل خطيئة : - : (12) 187 حبّ عليّ عبادة : - : (11) 192 حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة : - : (7) 329 حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس : علي : (1) 549 حتى أنا إلا أن يتغمدني اللّه تعالى برحمته : - : (2) 242 الحج جهاد والعمرة تطوع : - : (1) 475 الحج عرفة : - : (1) 483 الحج عرفة : علي : (5) 242 الحج فريضة والعمرة تطوع : - : (1) 475 حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره : - : (8) 246 حجابها النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه : أبو موسى الأشعري : (8) 482 الحجر يمين اللّه تعالى في أرضه : - : (5) 101 حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني : - : (1) 477 «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش» موضوع : - : (5) 260 ، (11) 66 ، 67 الحرام لا يحرم الحلال : عائشة : (9) 286 الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت : أبو هريرة : (3) 13 الحرب خدعة : - : (1) 148 ، (5) 169 حربك حربي : ابن عمر : (13) 303 حرم اللّه تعالى الخمر بعينها القليل منها والكثير : - : (7) 419؟؟؟ الخمر حين حرمت : أنس : (1) 507 حسبنا اللّه ونعم الوكيل : ابن زيدان : (2) 337 حسبي اللّه ونعم الوكيل : عائشة : (2) 340 حسبي اللّه ونعم الوكيل أمان كل خائف : شداد بن أوس : (2) 340 حسبي لا أبالي أن لا أسمع من القرآن غيرها : صعصعة بن معاوية : (15) 348 حسنات الأبرار سيئات المقربين : - : (5) 49 الحسنة مائة ألف حسنة : - : (9) 137 حق اللّه تعالى على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا : - : (3) 296

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 116
حق لي فإنما أنزل القرآن علي بلسان عربي مبين : محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه : (6) 366 الحمد للّه الذي أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتكبرها : ابن عمر : (13) 314 الحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات : عائشة : (6) 30 ، 31 الحمد للّه الذي جعلك شبهة سيدة نساء بني إسرائيل : جابر : (2) 137 الحمد للّه الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا : أبو جعفر : (14) 149 الحمد للّه بالأمس تزعمون أن على قلوبكم غلفا : ابن عمر : (12) 350 الحمد للّه رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته : أبو سعيد المعلى : (7) 322 الحمد للّه على كل حال : عائشة : (6) 31 الحمى من فيح جهنم : - : (8) 438 الحنطة بالحنطة مثلا بمثل : - : (13) 20 الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام : - : (5) 105 الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع : - : (12) 294 حور العين خلقهن من تسبيح الملائكة عليهم السلام : عائشة : (13) 134 حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ومماتي خير لكم تعرض علي أعمالكم : - : (7) 450 حين يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : ابن عمر : (10) 232
باب الخاء
الخاشع المتضرع الدعاء : عبد اللّه بن شداد : (6) 34 خبز ولحم وتمر وبسر ورطب : ابن عباس : (15) 455 خذه فأطعمه أهلك : - : (14) 213 خذوا ثلثي دينكم عن الحميراء : أبو جعفر : (2) 150 خذوا زينة الصلاة : أبو هريرة : (4) 349 خذوا ساحل البحر حتى تلقوني : عبد اللّه بن أبي قتادة عن أبيه : (4) 31 خذوا عثكولا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة : أبو أمامة بن سهل بن حنيف : (2) 200 خذوا عني : أبو سليمان الخطابي : (2) 445 خذوا عني قد جعل اللّه تعالى لهن سبيلا البكر بالبكر : - : (9) 280 خذوا عني قد جعل اللّه لهن سبيلا الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة : - : (2) 444 خذوا من العمل ما تطيقون فإن اللّه تعالى لا يمل حتى تملوا : أبو سلمة : (15) 70 خذوها يا بني طالحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم : - : (3) 62 خذي فرصة من مسك فتطهري بها : عائشة : (1) 517 خشيت أن تفرض عليكم : - : (4) 106 ،

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 117
(11) 351 خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها : - : (7) 161 الخصاف والماء وفلق الكسر : ثابت البناني : (15) 454 خصلتان لا يجتمعان في جوف مسلم البخل وسوء الخلق : أبو سعيد الخدري : (14) 247 خفف اللّه عن هذه الأمة : علي بن أبي طالب : (14) 225 خلق آدم طوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده : أبو هريرة : (8) 303 خلق آدم على صورة الرحمن : - : (1) 419 خلق اللّه تعالى آدم على صوته : - : (9) 271 خلق اللّه تعالى الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر عليها دخان ملتصق بها ثم أصعد الدخان وخلق منه السموات وأمسك الفهر في موضعها وبسط منها الأرض : الحسن : (9) 34 ، 35 خلق اللّه تعالى الأرض يوم الأحد والاثنين : ابن عباس : (12) 358 خلق اللّه تعالى الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال وما فيهن من المنافع يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب : - : (1) 218 خلق اللّه تعالى الأرض يوم الأحد والاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء : أبو بكر الصديق : (12) 358 خلق اللّه تعالى الأرض يوم السبت : أبو هريرة : (12) 358 خلق اللّه تعالى التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد : أبو هريرة : (4) 372 خلق اللّه تعالى جنة عدن وغرس أشجارها بيده : أنس : (14) 247 خلق اللّه تعالى الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه منه اهتدى ومن اخطأه ضل : - : (9) 378 خلق اللّه تعالى الخلق وقضى القضية وأخذ ميثاق النبيين : أبو أمامة : (5) 98 خلق اللّه تعالى كفتي الميزان مثل السموات والأرض : عائشة : (4) 325 خلق اللّه تعالى هذه النجوم لثلاث جعلها زينة للسماء ورجوما للشياطين : - : (14) 4 خلق اللّه تعالى يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا وخلق فرعون في بطن أمه كافرا : ابن مسعود : (10) 292 خلق الحور العين من زعفران : أبو أمامة : (13) 133 خلقت أنا وعلي من نور واحد : - : (3) 352 خلق اللّه تعالى الأرض فجعلت تميد فوضع عليها الجبال
فاستقرت : - : (15) 205 خمروا آنيتكم : - : (1) 506 خمس لا يعلمهن إلا اللّه إن اللّه عنده علم الساعة : بريدة : (11) 108 خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن : ابن عمر : (4) 29 خمس يقتلن في الحل والرحم الحدأة والغراب والعقرب والفأرة والكلب العقور : - : (4) 22

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 118
خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا : أبو هريرة : (13) 315 الخير اتباع القرآن وسنتي : الباقر : (2) 237 خير الأصحاب أربعة وخير السرايا أربعمائة : الربيع : (5) 267 خير الأمور أوساطها : أبو قلابة : (8) 183 خير أنت أخي وصاحبي في الغار وأنت معي على الحوض : أبو بكر : (5) 240 خير الصدقة ما أبقت غنى واليد العليا خير من اليد السفلى : ابن خزيمة : (1) 509 خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى : أبو هريرة : (1) 509 خير القرون قرني ثم الذين يلونهم : - : (11) 72 خير القرون قرني ثم الذي يلونهم : سلمان : (6) 77 خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة : سويد بن هبيرة : (8) 42 خير مساجد النساء قعر بيوتهن : أم سلمة : (9) 369 خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها : أبو هريرة : (3) 24 خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على بعل في ذات يده : أبو هريرة : (2) 149 خيركم خيركم لنسائه : - : (14) 347 الخيل معقود بنواصيها الخير : - : (10) 183 الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : - : (5) 221 ، (12) 184 الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا : أبو موسى الأشعري : (14) 122
باب الدال
دخلت أنا وأبو بكر الغار فاجتمعت العنكبوت فنسجت بالباب فلا تقتلوهن : علي بن أبي طالب : (10) 365 دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ : أنس : (15) 479 درهم ربا أشد على اللّه تعالى من ست وثلاثين زنية : ابن عباس : (2) 50 درهم ربا أعظم عند اللّه تعالى من سبعين زنية : الحسين بن علي : (2) 50 دع ما يريبك إلى ما لا يريبك : - : (1) 44 ، (11) 75 ، (15) 125 دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم : - : (5) 309 دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه : جابر بن عبد اللّه : (14) 310 دعها لهم ولك بدلها محل في الجنة : ابن عباس : (15) 365 دعهما : - : (11) 69 دعوا لي أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد - أو مثل الجبال - ذهبا ما بلغتم أعمالهم : أنس : (14) 173 ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا : - : (1) 28

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 119
دعوت اللّه سبحانه لأمتي : أبو ذر : (4) 67 دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له : ابن أبي وقاص : (9) 81 دعوها فإنها مأمورة : - : (4) 138 دعوة المظلوم مستجابة وإن كان كافرا : - : (4) 332 الدنيا أحقر من ذراع خنزير ميت بال عليه كلب في يد مجذوم : علي بن أبي طالب : (13) 80 الدنيا سجن المؤمن : - : (7) 303 الدنيا عرض حاضر : - : (5) 228 الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر : - : (5) 297 الدنيا ملعونه ملعون ما فيها إلا ما أريد به وجه اللّه تعالى : - : (8) 591 دونك فانتصري : عائشة : (3) 284
باب الذال
ذاك من أحب اللّه تعالى ورسوله وأحب أهل بيتي صادقا غير كاذب : علي : (7) 142 ذاك وأد خفي : - : (4) 298 الذبيح إسحاق : العباس بن عبد المطلب (12) 129 الذبيح إسحاق : ابن مسعود (12) 129 ذروا الحبشة ما ذروكم : - : (7) 256 ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه : - : (4) 39 ذريني أتعبد لربي : عطاء : (2) 368 ذكرك أخاك بما يكره : - : (13) 309 ذلك إلى اللّه تعالى إن شاء فعل بكم ذلك : - : (8) 162 ذلك بيننا وبينك إن شاء اللّه تعالى : - : (2) 337 ذلك جبريل عليه السلام بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم : - : (11) 173 ذلك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه : ابن عباس : (4) 412 ذلك صريح الإيمان : - : (7) 66 ذلك ضرب الملائكة : الحسن : (5) 213 ذلك العرض يعرضون ومن نوقش الحساب هلك : عائشة : (15) 289 ذلك عيسى ابن مريم سلم عليّ : أنس : (11) 218 ذلك نبي ضيعه قومه : سلمان : (3) 275 ذلك يوم يقول اللّه تعالى لآدم عليه السلام ابعث بعث النار : عمران بن حصين : (9) 107
باب الراء
رأت على كل ورقة من ورقها ملكا قائما يسبح اللّه تعالى : سلمة : (14) 51 الراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه : - : (2) 337 راحموا ترحموا واغفروا يغفر لكم : ابن عمر : (2) 276

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 120
رأس العقل بعد الإيمان باللّه تعالى مداراة الناس : - : (2) 118 رأس العقل المداراة : - : (2) 118 رأيت بني أمية على منابر الأرض ويسلمونكم فتجدونهم أرباب سوء : يعلى بن مرة : (8) 102 رأيت ربي : - : (14) 53 رأيت ربي في أحسن صورة : أنس : (5) 50 رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة الصدقة بعشر أمثالها : أنس : (11) 6 رأيت نورا : عبد اللّه بن عمرو : (14) 53 رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة : ابن عمر : (8) 102 رأيت يوسف ليلة المعراج كالقمر ليلة البدر : أبو سعيد الخدري : (6) 419 رأيتم ما يقول سلمان : أبيّ : (2) 109 رأيته بفؤادي مرتين ولم أره بعيني ثم قرأ ما كذب الفؤاد ما رأى : - : (14) 53 رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على اللّه تعالى لأبره : - : (7) 446 رب اغفر لي وتب علي إنك أن التواب الرحيم : ابن عمر : (13) 211 رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟ : ابن عمر : (5) 189 رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه : - : (11) 365 رباط يوم في سبيل اللّه خير من الدنيا وما عليها : سهل بن سعد : (2) 384 ربك أعلم بما كانوا عاملين والذي نفسي بيده إن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار : عائشة : (8) 34 الربوة الرمة : مرة البهزي : (9) 239 رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر : - : (3) 120 رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر : ابن مسعود : (15) 392 رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر : أبو عبيدة بن الجراح : (2) 105 رجل من بني مدلج كانت له ناقتان فجدع آذانهما وحرم ألبانها وظهورهما : زيد بن أسلم : (4) 43 رحم اللّه تعالى أخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد : أبو هريرة : (6) 304 رحم اللّه تعالى أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد : - : (5) 299 رحم اللّه تعالى أخي يوسف لو لم يقل اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ لما لبث في السجن سبعا بعد خمس : - : (6) 437 رحم اللّه تعالى أمرأ قال خيرا فغنم أو سكت فسلم : - : (8) 526 رحم اللّه رجلا قال : يا أهلاه
صلاتكم صيامكم زكاتكم مسكنكم : - : (14) 351 رحمك اللّه وغفر لك لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني اللّه تعالى : عمرو بن دينار : (6) 33 رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما : - : (1) 64 رحمة اللّه تعالى على موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر : - : (5) 310 رحمة اللّه تعالى عليك فإنك كنت ما علمت وصولا للرحم فعولا للخيرات : أبو هريرة : (7) 490 رحمة اللّه علينا وعلى موسى لو صبر على صاحبه لرأى العجب : - : (8) 325 رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في : - : (3) 97

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 121
رده من حيث أخذته : سعد بن أبي وقاص : (5) 152 ردوا على أبي العباس : - : (4) 184 الرشوة في الحكم : ابن عمر : (3) 309 رضا اللّه تعالى في رضا الوالدين وسخط اللّه تعالى في سخط الوالدين : - : (8) 57 رفع عن أمتي الخطأ : - : (8) 67 رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه : حسن البصري : (2) 68 الروح بيد ملك يمشي به مع الجنازة يقول له : أتسمع ما يقال لك؟ فإذا بلغ حفرته دفنه معه : عبد الرحمن بن أبي ليلى (11) 55 الروح جند من جنود اللّه تعالى ليسوا ملائكة لهم رؤوس وأيد وأرجل : ابن عباس : (15) 220 رؤيا المسلم جزء من سبعين جزءا من النبوة : ابن مسعود : (7) 280 الرؤيا من اللّه تعالى والحلم من الشيطان : - : (6) 373 ، 441 الريح من روح اللّه تعالى تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب : أبو هريرة : (4) 384
باب الزاي
زملوني زملوني : - : (15) 113 زويت لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها : - : (9) 393
باب السين
السابق في ولدي خديجة هما في النار : - : (15) 259 سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له : أنس : (11) 369 سأخبركم بأول أمري ، أنا دعوة إبراهيم وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني : العرباض : (1) 384 سأخبركم غدا : - : (15) 376 سافروا تصحوا وتغنموا كل نفس ذائقة الموت فلا يمنعنكم خوف الموت من السفر : ابن عمر : (11) 17 سألت اللّه تعالى فاسأله العافية : معاذ بن جبل : (6) 425 سألت اللّه تعالى لآجالي مضروبة وأيام معدودة : عبد اللّه بن مسعود : (11) 350 سألت جبريل عن الإخلاص ما هو؟ فقال : سألت رب العزة عنه فقال :
سرّ من أسراري استودعته قلب من أحببته من عبادي : - : (1) 397 سألت ربي أربعا فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة : أبو بصرة الغفاري : (4) 171 سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم : سمرة : (12) 95 سأنظر في ذلك : - : (3) 133 سبحان الذي يخرج الحي من الميت : عبيد اللّه : (11) 233 سبحان اللّه إذا لا تطيق ذلك ولا تستطيعه فهلا قلت ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار : أنس : (1) 486 سبحان اللّه تطهري بها : عائشة : (1) 517

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 122
سبحان اللّه العظيم سبحان مصرف القلوب : - : (11) 204 سبحان اللّه فأين الليل إذا جاء النهار : - : (2) 272 سبحان اللّه! هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة : - : (1) 354 سبحان اللّه وبحمده سبحان اللّه العظيم : ابن عباس : (7) 114 سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم : ابن عباس : (12) 276 سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه هن الباقيات الصالحات : أبو الدرداء : (8) 272 سبحان خالق النور تبارك اللّه أحسن الخالقين : - : (11) 204 سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه رب العالمين : أبو سعيد الخدري : (12) 151 سبحان من سبحت له الريح اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا : أبو هريرة : (7) 114 سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم : - : (15) 494 سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك : أبو برزة الاسلمي : (14) 40 سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك : سعيد : (7) 464 سبحانك اللهم وبلى : - : (15) 165 سبحانك حيث كنت : - : (10) 158 سبحانك فبلى : - : (15) 165 سبحانك فبلى : أبو هريرة : (15) 398 سبحانك ما عرفناك حق معرفتك : - : (2) 293 ، (9) 192 سبعة يظلهم اللّه تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله : - : (2) 43 سبقت رحمتي غضبي : - : (1) 10 ، 54 ، (4) 313 ، (8) 95 ، (14) 102 سبيها : عائشة : (13) 49 ست خصال من السحت : رشوة الإمام وهي أخبث ذلك كله : أبو هريرة : (3) 309 ستخرج نار من حضر موت أو من بحر حضر موت قبل يوم القيامة تحشر للناس : - : (8) 97 سترونها : - : (2) 328 ستكون فتن : - : (3) 357 ستكون من بعدي ولاة يستحلون الخمر بالنبيذ : عائشة : (3) 309 ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم : - : (9) 68

روح المعاني ، ج
16 ، ص : 123
ستة لعنتهم وفي رواية : لعنهم اللّه وكل نبي مجاب الدعوة : - : (13) 228 سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره : - : (5) 144 سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل : ابن عمر : (6) 341 سددوا وقاربوا فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها : أبو هريرة : (3) 146 سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن : ابن عباس : (10) 43 سرق يوسف عليه السلام صنما لجده أبي أمه من ذهب وفضة فكسره وألقاه على الطريق فعيره إخوته بذلك : ابن عباس : (7) 30 ، 31 سقف الجنة عرش الرحمن : - : (10) 243 السفر قطعة من العذاب : - : (7) 391 سقتني حفصة شربة عسل : - : (14) 342 السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء اللّه تعالى بكم لاحقون : - : (3) 294 السلام عليكم دار قوم مؤمنين : ابن عمر : (8) 153 السلام عليكم كتب اللّه تعالى له عشر حسنات : سهل بن حنيف : (3) 96 السلام قبل الكلام : جابر بن عبد اللّه : (9) 329 سلاني : - : (2) 101 سلمان من أهل البيت : - : (11) 196 ، (13) 317 سلوا اللّه تعالى من فضله فإن اللّه تعالى يحب أن يسأل وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج : - : (3) 21 سلوني فإني لين القلب صغير في نفسي : - : (8) 408 سماء وإن بعد ما بينها خمسمائة سنة : أبو هريرة : (14) 338 سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده : جرير بن عبد البجلي : (11) 390 ، 391 سورة البقرة : - : (1) 101 سورة الواقعة سورة الغنى فاقرؤوها وعلموها أولادكم : أنس : (14) 128 سورة يس تدعى في التوراة المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة : حسان بن عطية : (11) 381 ، 382 سوّ بين الخصمين في لحظك ولفظك : علي : (3) 63 سيأتيكم ركب مبغضون فإذا جاؤوكم فرحبوا بهم : - : (2) 118 سياحة هذه الأيام الصيام : عائشة : (6) 31 سيحان ، وجيحان ، والفرات ، والنيل كل من أنهار الجنة : أبو هريرة : (7) 95 السيد اللّه : - : (15) 512 سيد الشهداء مهجع وهو أول من يدعى إلى
باب الجنة : ابن عمير : (10) 340

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 124
سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ، ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون : ابن عباس : (2) 149 سيروا على بركة اللّه تعالى فإن اللّه تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين : - : (5) 160 سيفتح على أمتي باب من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء : سليم بن جابر الجهيني : (14) 187 سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل : - : (10) 237 سيكون قوم يعتدون في الدعاء وحسب المرء أن يقول اللهم إني أسألك الجنة : سعد بن أبي وقاص : (4) 379
باب الشين
شر الناس من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده : - : (9) 411 شراركم عزابكم وأراذل موتاكم عذابكم : - : (4) 10 الشرك باللّه تعالى والسحر وقتل النفس التي حرم اللّه تعالى : أبو هريرة : (5) 170 الشرك باللّه تعالى واليأس من روح اللّه والأمن من مكر اللّه وهذا أكبر الكبائر : ابن عباس : (5) 14 شغل الناس عن ذلك : سودة بنت زمعة : (15) 251 شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر : - : (1) 549 ، (15) 457 شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ اللّه تعالى بيوتهم نارا : علي : (1) 548 الشفق الحمرة فإذا غاب وجبت الصلاة : - : (8) 129 الشقي شقي في بطن أمه : - : (11) 41 الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه : - : (6) 341 شكت النار إلى ربها فقالت : رب أكل بعضي بعضا : - : (9) 431 شم سيفك فإني أرى السيوف ستسل اليوم : - : (2) 258 شمروا شمروا : الحسن : (6) 345 شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك : - : (5) 328 شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة : أبو بكرة : (5) 283 شيبتني هود : ابن عباس : (6) 346 شيبتني هود وأخواتها : سعد بن أبي وقاص : (6) 189 شيبتني هود وأخواتها من المفصل والواقعة : عمران بن حصين : (6) 190 شيبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبلي : جعفر بن محمد عن أبيه : (6) 346 شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت : ابن عباس : (6) 189
باب الصاد
صح بالناس : الربيع : (5) 268 صدق اللّه : نَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
إني لما نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ويعثران لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلت إليهما : بريدة : (14) 322 صدق اللّه تعالى وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلا : أبو سعيد الخدري : (7) 424 صدقت : - : (3) 233

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 125
صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة : ابن عباس : (5) 166 صدقت يا أبا بكر : عامر بن عبد اللّه بن الزبير : (3) 70 صدقت يا حسان هو كما قلت : أنس : (5) 288 الصدقة تحل للغازي الغني : - : (5) 313 الصدقة تزيد في العمر : - : (11) 350 صدقة تصدق اللّه تعالى بها عليكم فاقبلوا صدقته : الحسن : (7) 45 صدقة سر إلى فقير أو جهد من مقل : أبو أمامة : (2) 43 صدقة السر في التطوع تفضل على علانيتها سبعين ضعفا : ابن عباس : (2) 43 الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة : سلمان بن عامر : (1) 443 الصديقون ثلاثة ، حبيب النجار مؤمن آل يس : أبو ليلى الأنصاري : (8) 460 صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون : - : (4) 202 الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه كذلك أبدا : أبو سعيد الخدري : (15) 136 صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب : - : (2) 229 الصلاة بأرض الرباط بألف ألفي صلاة : أنس : (2) 384 الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر : عمران بن حصين : (15) 335 صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ : - : (1) 91 صلاة في مسجد قباء كعمرة : أسيد بن ظهير : (6) 19 صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها : فضالة بن وهب الليثي : (8) 589 الصلاة نور : - : (1) 168 صلوا على أنبياء اللّه ورسله فإن اللّه تعالى بعثهم كما بعثني : أبو هريرة : (11) 260 صلوا في نعالكم : أنس : (4) 349 الصلوات الخمس مكفرة لما بينها ما اجتنبت الكبائر : - : (3) 19 الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن : - : (6) 350 الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينها ما اجتنبت الكبائر : - : (2) 379 الصلوات كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر : أبو هريرة : (6) 352 صليت يا علي؟ : أسماء بنت عميس : (12) 186 صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام واحلق رأسك : - : (1) 478 الصمد الذي لا جوف له : عبد اللّه بن بريدة عن أبيه : (5) 512 صنفان من أمتي ليس لهما في
الإسلام نصيب المرجئة والقدرية : ابن عباس : (14) 93 صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته : - : (1) 468 ، (6) 51 صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما : - : (15) 334
باب الضاد
الضبع صيد وفيه شاة : - : (4) 24

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 126
ضربت ضربتي الأولى فبرق لي الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى : أبيّ : (2) 109 الضريع شيء في النار شبه الشوك أمرّ من الصبر ، وأنتن من الجيفة ، وأشد حرا من النار : ابن عباس : (15) 326 ضع يدك على رأسك فإن جبريل عليه السلام لما نزل بها إلي قال : ضع يدك على رأسك : - : (14) 258 ضمن اللّه تعالى خلقه أربعا الصلاة والزكاة وصوم رمضان والغسل من الجنابة : أبو الدرداء : (15) 310
باب الطاء
الطابع معلق بقائمة العرش : ابن عمر : (3) 185 الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل : أسامة بن زيد : (5) 35 الطاعون من وخز أعدائكم الجن : - : (2) 48 طلب العلم فريضة على كل مسلم : أبو سعيد : (6) 46 طلاق الأمة تطليقتان ، وعدتها حيضتان : عائشة : (1) 527 طلحة ممن قضى نحبه : معاوية : (11) 168 طلق أيتهما شئت : فيروز الديلمي : (2) 469 طوبى لأهل الشام : زيد بن ثابت : (9) 68 طوبى للشام : زيد بن ثابت : (5) 37
باب الظاء
الظلم ظلمات يوم القيامة : - : (9) 373 ، (12) 284 ظنتم أنا نغلّ ولا نقسم لكم : - : (2) 321
باب العين
العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه تعالى : - : (13) 150 العالم من عقل عن اللّه تعالى فعمل بطاعته واجتنب سخطه : - : (10) 367 العالم هلكى إلا العالمون : - : (7) 269 العالم هلكى إلا العالمون والعالمون هلكى إلا العاملون : - : (7) 299 العالمون هلكى إلا العالمون ، والعالمون هلكى إلا العاملون ، والعاملون هلكى إلا المخلصون والمخلصون على خطر : أبو عمرو : (1) 309 عدن دار اللّه تعالى لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر : - : (5) 326 عذاب الكافر في قبره يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا هل تدرون ما التنين؟ : أبو هريرة : (8) 585 عرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني : ابن عباس : (15) 377 - 378

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 127
عرضت علي الأمم يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي ليس معه أحد : ابن عباس : (8) 452 عرضت علي أمتي في صورها كما عرضت على آدم وأعلمت من يؤتى بي ومن يكفر : - : (2) 349 عرضت عليّ ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها : - : (14) 154 عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا : الحسن : (9) 69 عشرة أصناف قد ميزهم عز وجل من جماعة المسلمين : البراء بن عازب : (15) 212 العظمة إزاري والكبرياء ردائي : - : (4) 102 عفوت لكم صدقة الخيل والرقيق : - : (3) 43 عقارب أمثال النخل الطوال ينهشونهم في جهنم : البراء : (7) 449 علام تشتمني أنت وأصحابك : - : (14) 226 علام يضحك أحدكم مما يفعل؟ : عبد اللّه بن زمعة : (8) 276 علامات المنافق ثلاث : أبو سعيد الخدري : (13) 233 علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نساءكم سورة النور : - : (9) 273 علموا نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى : أنس : (14) 128 على أي حال أعطاك : ابن عباس : (3) 334 على رسلك فإني أرجو أن يؤذن : - : (5) 294 على الصراط : - : (10) 245 على مصافكم : معاذ بن جبل : (12) 214 على ملة ابراهيم ودينه : - : (2) 107 عليك بذات الدين : - : (4) 44 عليك بالشام فإنه خيرة اللّه تعالى من أرضه يجتبي إليه خيرته من عباده : - : (5) 37 عليك بالشام فإنها صفوة بلاد اللّه تعالى يسكنها خيرته من عباده : واثلة بن الأسقع : (5) 37 عليك بالصعيد فإنه يكفيك : عمران بن حصين : (3) 43 عليك بقراءة القرآن : واثلة بن الأسقع : (6) 132 عليك بكثرة السجود فإنه لا تسجد للّه تعالى إلّا رفعك اللّه تعالى بها درجة وحط عنك بها خطيئة : ثوبان : (15) 410 عليكم بأرضكم : - : (3) 43 عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي : - : (7) 452 عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي : الصديق : (1) 49 عم الرجل صنو أبيه : - : (1) 388 عمدا فعلته يا عمر : - : (3) 242 عمرو بن لحي أخو بني كعب لقد رأيته يجر قصبه في النار يؤذي
أهل النار ريح قصبه : زيد بن أسلم : (4) 43 عند اللّه تعالى احتسبك : ابن عباس : (15) 238 العنكبوت شيطان مسخها اللّه تعالى فمن وجدها فليقتلها : يزيد بن مرثد : (10) 365

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 128
العين حق : - : (7) 18 العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم : الهيثمي : (7) 17 العينان دليلان والأذنان قمعان واللسان ترجمان : أبو سعد : (1) 17
باب الغين
غدا أخبركم : - : (8) 235 الغدو والرواح إلى المسجد من الجهاد في سبيل اللّه تعالى : أبو أمامة : (5) 260 غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك : - : (15) 172 غفر له : مهاجر : (15) 504 الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل : ابن مسعود : (11) 68 ، 75 الغيبة أشد من الزنا : - : (8) 66 غير ذي عوج غير مخلوق : أنس : (12) 251
باب الفاء
فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهنبسم اللّه الرحمن الرحيم
: أبو هريرة : (1) 42 فاحلق رأسك واطعم فرقا بين ستة مساكين : كعب بن عجرة : (1) 478 فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني : عائشة : (15) 399 فإذا أجبته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به : - : (2) 137 فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا : - : (2) 128 فإذا عمل العبد حسنة كتبت له بعشر أمثالها : أبو أمامة : (13) 330 فاذهب فأتني بأبيك : - : (8) 57 فاذهب وانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا : - : (2) 406 فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما : أبو سعيد الخدري : (8) 59 فاستأذن عليها : عطاء بن يسار : (9) 330 فاطعم ستين مسكينا : سلمة بن صخر : (14) 210 فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها وإن الأنساب كلها تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري : المسور بن مخرمة : (13) 315 فاعتزلها حتى تكفّر : - : (14) 207 فأكرم الناس يوسف نبي اللّه ابن نبي اللّه ابن خليل اللّه : أبو هريرة : (13) 315 فأكون أول من يفيق : - : (10) 242 فأماتهم اللّه تعالى إماتة : - : (15) 321 فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها : أبو هريرة : (15) 435 فإن اللّه تعالى جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فقل هو اللّه أحد ثلث القرآن : أبو الدرداء : (15) 505 فإن فعلت تصدقوني؟ : - : (4) 238 فإن فعلت بعض ما تقولون أتصدقونني؟ : - : (4) 238 فإن لم تكن تراه فإنه يراك : - : (3) 73 فإن هذا مولى وأنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه : البراء : (3) 360

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 129
فأنت من أهل الجنة إنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك ... : ثابت بن قيس بن شماس : (3) 29 فأنشدكم بالذي فلق البحر لبني إسرائيل : جابر بن عبد اللّه : (3) 307 فإنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم : - : (1) 469 فإنكم ترونه كذلك يجمع اللّه الناس يوم القيامة : أبو هريرة : (12) 287 فإنه قد أذن لي بالخروج : - : (5) 294 فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش : أبو ذر : (8) 355 ، 354 فإنها تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة تنبت على ساق واحد ثم ينتشر أعلاها : عتبة بن عبد : (7) 143 فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف : أبو هريرة : (14) 338 فإنها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته : ابن عباس : (7) 271 فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد : ابن عباس : (10) 132 ، (15) 497 فاهد عن كل واحدة بدنة : عمر بن الخطاب : (15) 257 فإياك أن تكوني يا حميراء : - : (11) 192 فأين الذي دفنت أنت وأم الفضل : - : (5) 232 فتن كوجوه البقر : - : (1) 289 فتنة القاعد فيها خير من القائم : خباب بن الأرت : (3) 283 فجاءني طائر كأنه جمل قبعتري فاحتملني على خافية من خوافيه : - : (2) 48 فحق اللّه أحق بالقضاء : ابن عباس : (14) 65 فذاك إلى سعد بن معاذ : - : (11) 173 فذلكم الرباط : أبو هريرة : (2) 386 الفرار من الطاعون كالفرار من الزحف : عائشة : (14) 292 فرخ الزنا أي ولده لا يدخل الجنة : - : (15) 31 الفردوس مقصورة الرحمن : أبو موسى الأشعري : (8) 370 فرغ ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير : ابن عمر : (6) 341 الفرقتان في أمتي فسابق أول الأمة فله وسابق سائرها إلى يوم القيامة قليل : - : (14) 135؟؟؟ اللّه تعالى أسد وموساه أحد : - : (7) 116 فصم شهرين متتابعين : سلمة بن صخر : (14) 210 فضل اللّه تعالى قريشا بسبع خصال لم يعطها أحد قبلهم ولا يعطاها أحد بعدهم : أم هانىء بنت أبي طالب : (15) 470 فضل اللّه القرآن ورحمته أن جعلكم من أهله : أنس : (6) 133 فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام : أبو جعفر : (2) 150
فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين : عمار بن سعد : (2) 150 فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا

روح المعاني ، ج 16 ، ص : 130
الأرض مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء : حذيفة : (12) 148 فطرة اللّه التي فطر الناس عليها دين اللّه تعالى : أنس بن مالك : (11) 41 فعن معادن العرب تسألونني؟ : أبو هريرة : (13) 315 ففيهما فجاهد : عبد اللّه بن عمرو : (8) 59 فقد أنبأني اللّه من أخباركم وسيغني اللّه سبحانه عنكم : - : (5) 345 الفقر فخري : - : (14) 243 ، (15) 382 فقف مكانك لا تتركن أحدا يلحق بنا : أنس : (5) 290 فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن : - : (5) 140 فكرة ساعة خير من عبادة ستين سنة : أبو هريرة : (2) 370 فكلوا ما بقي من لحمها : - : (4) 31 فكيف بلا إله إلا اللّه : ابن زيد : (3) 108 فكيف ذلك؟ : أبو هريرة : (9) 305 فكيف يكون هذا كما زعمتم : الربيع : (2) 74 فلعل هذا نزعه عرق : أبو هريرة : (9) 305 فليأت الذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه : - : (4) 12 فليأت الذي هو خير وليكفر : - : (4) 15 فليبلغ الشاهد الغائب : جابر بن عبد اللّه : (13) 314 فليتبوأ مقعده من النار : - : (1) 277 فما تقولان أنتما : - : (3) 328 فمن الذي أعددته لرغبتك ورهبتك : - : (6) 104 فمن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إليّ ذراعا ، تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة : - : (1) 269 فمن وجد خيرا فليحمد اللّه : - : (1) 134 فمن وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه : - : (9) 28 فمن وفى بهن فأجره على اللّه تعالى : عبادة بن الصامت : (4) 300 فمنهم راكع لا يقيم صلبه وساجد لا يرفع رأسه : - : (12) 146 فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهت العدة : أبو بكرة : (1) 21 فنحن أحق
بموسى منكم : ابن عباس : (15) 334 فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ : أبو حيان : (14) 210 فهل مع ذلك غير؟ : أنس : (6) 20 فهل فيها أروق؟ : - : (9) 305 فهل لك إلى ما هو خير : - : (111) 232 فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا إلا ما علم : الربيع : (2) 74 فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟ : الربيع : (2) 74

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمة ابن الصلاح تقي الدين عثمان بن عبدالرحمن المعروف بابن الصلاح

     مقدمة ابن الصلاح  تقي الدين عثمان بن عبدالرحمن المعروف بابن الصلاح  يعد هذا الكتاب أشهر كتاب في علم مصطلح الحديث على الإطلاق ذكر في...